عــ الهوى ــز
04-01-2006, 06:03 AM
هذه قصة جميلة لشاعر جميل سمعت عنه كثيرا لكني اليوم أقرأ عنه مما يجعلني أدمن العاطفة أكثر مما أنا فيه الآن وبالأصح يجعلني أهوى الإبحار في قصص الأولين التي نجدها ملاذا لنا في بعض الأحيان.
(شاعر مي) من هو؟ محمد بن قاسم بن محمد بن عبد الوهاب الفيحاني من فخذ (الفياحين) من قبيلة (السبيع) وقد سكنوا قطر في قديم الزمان، ولد في (الفويرط) التي تقع شمال قطر حوالي سنة 1325 هـ , ووالدتة من (البوكوارة).
عاش شاعرنا قصة حب مؤثره تناقلها الرواة إلى يومنا هذا .، فقد هوى ابنة خاله ( مـي ) وكانت إحدى أفضل نساء عصرها حسناً وخلقاً وذات جمال باهر وأدب ظاهر تعلقا ببعضهما منذ الصغر وشبّا على هذا الحب الطاهر العفيف حتى أخذ منهم العشق كل مأخذ؛ فتعاهدا
على الوفاء لبقية العمر وقررا الزواج، لكن اللحظات الجميلة سرعان ماتتحطم على صخرة الزمن والحظ عندما أيقظتهما الأعراف القبلية من غفلتهما وسرقت حلم الحب من أجفانهما عندما قرر والد ( مـي ) تزويجها من ابن عمها حيث أنها محجوزة له.
دافع الفيحاني عن حبه الضائع وعن أمنياته المسروقة وحبيبته؛ أذهلته الصدمة وشلت كل شيءٍ به إلا حبه لمـي، لم يجد شاعرنا أمامه إلا البوح بأحزانه عند عم والدته الذي رق قلبه لحاله وعلى الفور ذهب إلى والد(مـي) يحاول جاهداً لكن دون جدوى.
وعندما علم برد والدها سقطت دموعه وبكى بحرقه .. لم يصدق أن
محبوبته الغالية ستكون لغيره، وظل ينظم القصائد ويبعث بها إلى أصدقائه من الشخصيات المرموقة في عصره، تزوجت ( مـي ) من ابن عمها وعندما علم شاعرنا حزن واهتز قلبه وكاد أن ينخلع من صدره .. بعدها أغلق على نفسه الأبواب واعتزل الناس واعتقل عواطفه وأصبح منأحبكأحبكراً مهزوماً وقرر في قرارة نفسه أن يعيش على ذكرى ( مـي ) وكأنها تقاسمه حياته .. حيث أن الحب الصادق لا يموت ابداً .. وبدأ شاعرنا يكتب قصائده التي مزجت بدمه ودموعه وكأنه يعزف أنشودة عمره وفؤاده ..
بعد شهور من زواج ( مـي ) شحب لونه كثيراً وغامت عيناه اكثر ومن فرط الإرهاق والسهر هاجمه المرض وأصبح كل يوم يمر عليه كأنه يمضي به على طريق مفروش بالأشواك وفي هدوء سافر إلى البحرين دون أن يعلم به أحد وعند وصوله ذهب إلى الدكتور / ديـم صديق والده والذي كان يعمل في مستشفى الإرسالية الأميركية بالمنامة وبعد الكشف؛ اتضح أنه يشكو من مرض عضال في جسمه لم يستطع الدكتور ديم أن يخبره به ..
بعدها علم شقيقه ( فهد ) المقيم في البحرين بوجوده في المستشفى وحضر على الفور وظل بجانبه يواسيه طوال أيام مرضه ويخفف من آلامه .. وبينما هو في غيبوبة فجأه استيقظ ونظر إلى من حوله كان يبدو وكأنه استرد كل صحته وفي هذه اللحظة تذكر ( مـي ) فطلب ورقه وقلم وكتب آخر قصائده وهو على فراش الموت وعنوانها ..
( مذبوح الوريد ) ويقول فيها ..
مـا سمـع قلـبـي يــروح ولا يــرى
............... زول محبوبه ولو هو من بعيد
"
آه واويـــــلاه يـالـيــتــه درى
............... كيف حبه في حشا روحي يزيد
"
او درى انـي منـه قـد حـالـي بــرى
............... ذايب بالي عقب ماهـو حديـد
"
وان مــن الابـعـاد مـوحـي المقـبـرا
............... يحفرونه لي وموقن بالوعيـد
"
يالزيـمـي قـــول لـلــي يـحـفـرا
............... يوسع اللحد على شان اللحيـد
"
وانــت يـادفــان يـالـلـي تـقـبـرا
............... يامهيل الترب بالسرعه مجيـد
"
حـط مـن فـوق القبـر حـتـى يــرى
............... بنيتين كالنصايب لـه شهيـد
"
يعرفـون القـبـر مــن جــا ينـظـرا
............... يعرفونه قبر مذبـوح الوريـد
"
قبـر مـن صــان الـمـوده واسـتـرا
............... قبر من لا خان عهـد للعهيـد
كانت هذه وصية (الفيحاني) لأخيه فهد وكأنه كان يعلم أنه يحتضر مرت اللحظات ثقيلة وعادت الغيبوبة إليه مرة آخرى ولم يسمع منه غير اسم ( مـي ) وبعدها حضر (د/ ديـــم) وطلب من شقيقه مغادرة الغرفة، وجلس فهد ينتظر وكأن عقارب الساعة قد توقفت خرج ديـم بعيون دامعة وهمس في حزن عميق : مات صديقي محمد.
وحول شاعريته كان شاعرا تناولا جميع الفنون الشعرية وأجاد في الغزل والمديح والمساجلات ولعل مأساته هي الدافع الأساسي لإجادته للفنون الشعرية التي ذكرناها والمتمعن في شعره سيجد ذلك واضحاً.
وحول وفاته اختلف الكثير من الرواة حول تحديد وفاته لكن يذكر أن المرحوم يوسف بن عبدالله المالكي قال إنه أدركه وهو في الأربعين من العمر وقيل أن وفاته كانت في يوم الجمعة الموافق17/1/1939م عن عمر لا يتجاوز اثنين وثلاثين عاماً .. وانتهت قصة الشاعر المعذب وأسدل الستار عن أجمل قصة حب في الخليج وقيل عن مي إنها قبل وفاتها طلبت أن تدفن قرب قبر (الفيحاني)، وقيل أيضاً أن شجره نبتت بين القبرين وظلت تظللهما لفترة من الزمن.
من قصائده ( أمانتكم )
ويقول فيها شبعنا من عناهـم وارتوينـا
............... وعند رسوم منزلهم بكينـا
وعـقـب فراقـهـم شـنـا وحـنــا
............... وحنينـا وثـم ان عوينـا
وسايـمـنـا وساقـمـنـا وحـنــت
............... لنا حتى المنازل والعنينـا
ونـاديـنـا وقـلـنـا خـبـروهــم
............... ترانا من محبتهـم نعينـا
وثـرنـا مــن مفارقـهـم نحـلـنـا
............... وكان فراقهم طول فنينـا
الــى جيـتـم منازلـهـم فـقـولـوا
............... لهـم باقوالنـا ياراحلينـا
ولا تـنـسـون مـاقـالـه مـحـمـد
............... امانتكـم لهـا ياحاملينـا
تـرانـا لـلـذي قـالــوا سمـعـنـا
............... وباللي هم بغوا منا رضينا
ارى راعـي الهـوى مــازال يلـعـي
............... ولو تحت الثرى يلعي دفينا
بـرب البـيـت وبالكعـبـه وزمــزم
............... اله العرش رافع طور سينا
منقوول
(شاعر مي) من هو؟ محمد بن قاسم بن محمد بن عبد الوهاب الفيحاني من فخذ (الفياحين) من قبيلة (السبيع) وقد سكنوا قطر في قديم الزمان، ولد في (الفويرط) التي تقع شمال قطر حوالي سنة 1325 هـ , ووالدتة من (البوكوارة).
عاش شاعرنا قصة حب مؤثره تناقلها الرواة إلى يومنا هذا .، فقد هوى ابنة خاله ( مـي ) وكانت إحدى أفضل نساء عصرها حسناً وخلقاً وذات جمال باهر وأدب ظاهر تعلقا ببعضهما منذ الصغر وشبّا على هذا الحب الطاهر العفيف حتى أخذ منهم العشق كل مأخذ؛ فتعاهدا
على الوفاء لبقية العمر وقررا الزواج، لكن اللحظات الجميلة سرعان ماتتحطم على صخرة الزمن والحظ عندما أيقظتهما الأعراف القبلية من غفلتهما وسرقت حلم الحب من أجفانهما عندما قرر والد ( مـي ) تزويجها من ابن عمها حيث أنها محجوزة له.
دافع الفيحاني عن حبه الضائع وعن أمنياته المسروقة وحبيبته؛ أذهلته الصدمة وشلت كل شيءٍ به إلا حبه لمـي، لم يجد شاعرنا أمامه إلا البوح بأحزانه عند عم والدته الذي رق قلبه لحاله وعلى الفور ذهب إلى والد(مـي) يحاول جاهداً لكن دون جدوى.
وعندما علم برد والدها سقطت دموعه وبكى بحرقه .. لم يصدق أن
محبوبته الغالية ستكون لغيره، وظل ينظم القصائد ويبعث بها إلى أصدقائه من الشخصيات المرموقة في عصره، تزوجت ( مـي ) من ابن عمها وعندما علم شاعرنا حزن واهتز قلبه وكاد أن ينخلع من صدره .. بعدها أغلق على نفسه الأبواب واعتزل الناس واعتقل عواطفه وأصبح منأحبكأحبكراً مهزوماً وقرر في قرارة نفسه أن يعيش على ذكرى ( مـي ) وكأنها تقاسمه حياته .. حيث أن الحب الصادق لا يموت ابداً .. وبدأ شاعرنا يكتب قصائده التي مزجت بدمه ودموعه وكأنه يعزف أنشودة عمره وفؤاده ..
بعد شهور من زواج ( مـي ) شحب لونه كثيراً وغامت عيناه اكثر ومن فرط الإرهاق والسهر هاجمه المرض وأصبح كل يوم يمر عليه كأنه يمضي به على طريق مفروش بالأشواك وفي هدوء سافر إلى البحرين دون أن يعلم به أحد وعند وصوله ذهب إلى الدكتور / ديـم صديق والده والذي كان يعمل في مستشفى الإرسالية الأميركية بالمنامة وبعد الكشف؛ اتضح أنه يشكو من مرض عضال في جسمه لم يستطع الدكتور ديم أن يخبره به ..
بعدها علم شقيقه ( فهد ) المقيم في البحرين بوجوده في المستشفى وحضر على الفور وظل بجانبه يواسيه طوال أيام مرضه ويخفف من آلامه .. وبينما هو في غيبوبة فجأه استيقظ ونظر إلى من حوله كان يبدو وكأنه استرد كل صحته وفي هذه اللحظة تذكر ( مـي ) فطلب ورقه وقلم وكتب آخر قصائده وهو على فراش الموت وعنوانها ..
( مذبوح الوريد ) ويقول فيها ..
مـا سمـع قلـبـي يــروح ولا يــرى
............... زول محبوبه ولو هو من بعيد
"
آه واويـــــلاه يـالـيــتــه درى
............... كيف حبه في حشا روحي يزيد
"
او درى انـي منـه قـد حـالـي بــرى
............... ذايب بالي عقب ماهـو حديـد
"
وان مــن الابـعـاد مـوحـي المقـبـرا
............... يحفرونه لي وموقن بالوعيـد
"
يالزيـمـي قـــول لـلــي يـحـفـرا
............... يوسع اللحد على شان اللحيـد
"
وانــت يـادفــان يـالـلـي تـقـبـرا
............... يامهيل الترب بالسرعه مجيـد
"
حـط مـن فـوق القبـر حـتـى يــرى
............... بنيتين كالنصايب لـه شهيـد
"
يعرفـون القـبـر مــن جــا ينـظـرا
............... يعرفونه قبر مذبـوح الوريـد
"
قبـر مـن صــان الـمـوده واسـتـرا
............... قبر من لا خان عهـد للعهيـد
كانت هذه وصية (الفيحاني) لأخيه فهد وكأنه كان يعلم أنه يحتضر مرت اللحظات ثقيلة وعادت الغيبوبة إليه مرة آخرى ولم يسمع منه غير اسم ( مـي ) وبعدها حضر (د/ ديـــم) وطلب من شقيقه مغادرة الغرفة، وجلس فهد ينتظر وكأن عقارب الساعة قد توقفت خرج ديـم بعيون دامعة وهمس في حزن عميق : مات صديقي محمد.
وحول شاعريته كان شاعرا تناولا جميع الفنون الشعرية وأجاد في الغزل والمديح والمساجلات ولعل مأساته هي الدافع الأساسي لإجادته للفنون الشعرية التي ذكرناها والمتمعن في شعره سيجد ذلك واضحاً.
وحول وفاته اختلف الكثير من الرواة حول تحديد وفاته لكن يذكر أن المرحوم يوسف بن عبدالله المالكي قال إنه أدركه وهو في الأربعين من العمر وقيل أن وفاته كانت في يوم الجمعة الموافق17/1/1939م عن عمر لا يتجاوز اثنين وثلاثين عاماً .. وانتهت قصة الشاعر المعذب وأسدل الستار عن أجمل قصة حب في الخليج وقيل عن مي إنها قبل وفاتها طلبت أن تدفن قرب قبر (الفيحاني)، وقيل أيضاً أن شجره نبتت بين القبرين وظلت تظللهما لفترة من الزمن.
من قصائده ( أمانتكم )
ويقول فيها شبعنا من عناهـم وارتوينـا
............... وعند رسوم منزلهم بكينـا
وعـقـب فراقـهـم شـنـا وحـنــا
............... وحنينـا وثـم ان عوينـا
وسايـمـنـا وساقـمـنـا وحـنــت
............... لنا حتى المنازل والعنينـا
ونـاديـنـا وقـلـنـا خـبـروهــم
............... ترانا من محبتهـم نعينـا
وثـرنـا مــن مفارقـهـم نحـلـنـا
............... وكان فراقهم طول فنينـا
الــى جيـتـم منازلـهـم فـقـولـوا
............... لهـم باقوالنـا ياراحلينـا
ولا تـنـسـون مـاقـالـه مـحـمـد
............... امانتكـم لهـا ياحاملينـا
تـرانـا لـلـذي قـالــوا سمـعـنـا
............... وباللي هم بغوا منا رضينا
ارى راعـي الهـوى مــازال يلـعـي
............... ولو تحت الثرى يلعي دفينا
بـرب البـيـت وبالكعـبـه وزمــزم
............... اله العرش رافع طور سينا
منقوول