المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر ... أبو ماضي


الصفحات : [1] 2 3

نــجــم
15-06-2011, 07:17 AM
نشأته

أجبره الفقر أن يترك دراسته بعيد الابتدائية، فغادر لبنان إلى مصر ليعمل في تجارة التبغ، وكانت مصر مركزاً للمفكرين اللبنانيين الهاربين من قمع الأتراك، نشر قصائد له في مجلاتٍ لبنانية صادرة في مصر، اهمها "العلم" و"الاكسبرس"، وهناك، تعرف إلى الأديب أمين تقي الدين، الذي تبنى المبدع الصغير ونشر أولى اعمال إيليا في مجلته "الزهور".

مسيرته الأدبية

وفي مصر، أصدر أبو ماضي أول دواوينه الشعرية عام 1911، بعنوان "تذكار الماضي"، وكان يبلغ من العمر 22 عاماً، شعره السياسي والوطني جعله عرضةً لمضايقات السلطة الرسمية، فهاجر عام 1912 إلى امريكا الشمالية، وصل أولاً إلى مدينة سينسيناتي، وهناك عمل مع أخيه مراد في التجارة، وتنقل بعدها في الولايات المتحدة إلى ان استقر في مدينة نيويورك عام 1916 وهناك عمل نائباً لتحرير جريدة مرآة الغرب وتزوج من ابنة مالكها السيدة دورا نجيب دياب وأنجبت له ثلاثة أولاد.

تعرف إلى عظماء القلم في المهجر، فأسس مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة الرابطة القلمية، التي كانت أبرز مقومات الأدب العربي الحديث، وتعتبر هذه الرابطة أهم العوامل التي ساعدت أبي ماضي على نشر فلسفته الشعرية.

في 15 أبريل 1919، قام إيليا أبو ماضي بإصدار أهم مجلة عربية في المهجر، وهي" مجلة السمير" التي تبنت الأقلام المغتربة، وقدمت الشعر الحديث على صفحاتها، واشترك في إصدارها معظم شعراء المهجر لا سيما أدباء المهجر الأمريكي الشمالي، وقام بتحويلها عام 1936 إلى جريدة يومية. امتازت بنبضها العروبي.

لم تتوقف "السمير" عن الصدور حتى وفاة شاعرنا بنوبة قلبية أسكتت قلبه المرهف بالشعر في 13 نوفمبر 1957.

أهم الأعمال

تفرغ إيليا أبو ماضي للأدب والصحافة، وأصدر عدة دواوين رسمت اتجاهه الفلسفي والفكري أهمها:

1. تذكار الماضي (الاسكندرية 1911): تناول موضوعات مختلفة أبرزها الظلم، عرض فيها بالشعر الظلم الذي يمارسه الحاكم على المحكوم، مهاجماً الطغيان العثماني ضد بلاده.
2. إيليا أبو ماضي (نيويورك 1918): كتب مقدمته جبران خليل جبران، جمع فيه إيليا الحب، والتأمل والفلسفة، وموضوعات اجتماعية وقضايا وطنية كل ذلك في إطار رومانسي حالم أحياناً وثائر عنيف أحياناً أخرى، يكرر شاعرنا فيه تغنيه بجمال الطبيعة.
3. الجداول (نيويورك 1927): كتب مقدمته ميخائيل نعيمة.
4. الخمائل (نيويورك 1940): من أكثر دواوين أبي ماضي شهرةً ونجاحاً، فيه اكتمال نضوج ايليا أدبياً، جعله شعر التناقضات، ففيه الجسد والروح، والثورة وطلب السلام، والاعتراف بالواقع ورسم الخيال.
5. تبر وتراب
6. الغابة المفقودة

أهم العوامل المؤثرة في شعر أبي ماضي:

أحاطته الطبيعة في طفولته، وكانت قرية المحيدثة تحاصر إيليا أبو ماضي بأشكال الجمال الأخضر والجداول المغردة للجمال، فتعلم حب الطبيعة وتعلق بمناجاتها. الفقر، فنشأته في قسوة الفقر، جعلت منه رسولاً للفقراء، فكتب دوماً عن المساواة الاجتماعية، فكلنا من تراب، لا غني ولا فقير.

الهجرة، والاغتراب، كان التشرد في الغربة ثاني مدماك في اتجاه أبي ماضي، ومن التشرد تعلم الوفاء للوطن، فأغزر في الشوق اليه والعناية بطيفه الباق في قلبه. الاختلاط بالنخب، ففي المهجر، كان أبي ماضي منغمساً في علاقته برواد النهضة العربية وقادة الفكر التحرري الأدبي، فاستفاد منهم، وبنى منهجه الشعري وأسلوبه الأدبي.

في دراسة شعره

يسميه النقاد: شاعر الأمل والتفاؤل (قال السماء كئيبةً وتجهمَ، قلت ابتسم يكفي التجهم في السما، قال الصبا ولّى فقلت له ابتسم، لن يرجع الأسف الصبا المتصرّما)كان الجمال حاضراً في أغلب أعمال أبي ماضي، وامتاز بعشقه للطبيعة (يا ليتني لصٌ لأسرق في الضحى، سرَّ اللطافة في النسيم الساري، وأَجسَّ مؤتلق الجمالِ بأصبعي، في زرقة الأفقِ الجميلِ العاري) وجعله قريناً بكل شيء، ويوصف بأنه كان يحمل روح الشرق في المهجر، حمل هم أمته، فكتب لمصر عندما هددها الطغيان: (خَلِّني أستصرخُ القومَ النياما، أنا لا أرضى لمصرٍ أن تُضاما، لا تلُم في نصرة الحقِ فتىً، هاجه العابثُ بالحق فلاما).

كما لم ينس أوجاع الفقراء والمسحوقين فكتب لهم كثيراً وجعلهم من ثوابت قلمه المبدع (وإن هم لم يقتلوا الأشقياء، فيا ليت شعريَ من يقتلونْ ، ولا يحزننكمُ موتُهمْ، فإنهمُ للردى يولدونْ ، وقولوا كذا قد أراد الإله، وإن قدر الله شيئًا يكونْ).

أما الوطن، فلم يغب، فكان لبنان محور يوميات ايليا أبو ماضي ، (اثنان أعيا الدهر أن يبليهما، لبنان والأمل الذي لذويه) وأجاد مع الحرب العالمية في ترجمة الحنين إلى العائلة والأرض شعراً: (يا جارتي كان لي أهلٌ وإخوان، فبتت الحرب ما بيني وبينهم، كما تقطع أمراس وخيطان، فاليوم كل الذي فيه مهجتي ألم، وكل ما حولهم بؤس وأحزان، وكان لي أمل إذا كان لي وطن)

نصل إلى الحب، كانت تجارب أبي ماضي قاسيةً عاطفياً، ولكنه احتفظ بالأمل الذي لم يفارق كتاباته، فكان يخرج دوماً حالماً مبرراً القسوة والانكسار جاعلاً منه قلعة تفاؤل وتمسك بالحب، رغم انه لم ينف الحزن في قلبه، الا انه ميزه عن اليأس، (إنما تلك أخلفت قبل ليلين من موعدي، لم تمت لا وإنما أصبحت في سوى يدي).

فلسفته

إيليا أبو ماضي، هو الشاعر الفيلسوف، كان ذو رؤيةٍ فلسفية لكل شيء، فله في الموت فلسفة وفي الكون والوجود، وفي السياسة وفي المجتمع وفي الحب، آمن أن الانسان خالد وأن الموت ليس آخر المطاف، بل تكملة للمسيرة، شارك جبران خليل جبران في ايمانه بالتقمص والعودة بأشكالٍ حياتية أخرى، خصص مساحةً من شعره للماورائيات، عادى التعصب والطائفية، ونبذها في قصائده مبشراً بديانة الانسان!

خلاصة:

اذاً، نستطيع أن نجزم أخيراً، ان ما تعرضنا له، هو أحد أهم معالم الشعر الحديث، ومادة النقد الدسمة التي احتار فيها النقاد، فإيليا أبو ماضي طوب بفلسفته وحكمته وعبقرية عباراته ونظرياته، طوب نفسه قديس الشعر، والمغامر الذي جعل الشعر رسالةً فلسفية، وكسر جماد الشعر القديم وكيفه مع الحداثة، في مزيجٍ حضاري بين الغرب والشرق. كما نجزم أن أبو ماضي، هو شاعر القضية، قضية الوطن والجمال والثورة الاجتماعية والحب.

نــجــم
15-06-2011, 07:17 AM
ليالي بوسطى

إن أغبِ ، يا صحبُ ، عن ذاك الحمى
لم أزلْ معكُم كما أنتم معي
فإذا الأنجمُِ شعت في السما
قلتُ هذي أنتمُ في مجمعِ
وإذا الشادي بلحنٍ رنَّما
خلتهُ أصواتكُم في مسمعي

نــجــم
15-06-2011, 07:17 AM
آه لو يُغني خيالٌ عن عيانِ
كانَ كالمنهلِ رسم المنهلِ
ولعاشَ المرءُ في دينا الأماني
يقطعُ الدينا ولم ينتقلِ
وسلونا عن مكانٍ بمكانِ
ولأغنى آخرٌ عن أوّلِ

نــجــم
15-06-2011, 07:17 AM
ولنابت عن نجومٍ نيّراتْ
صُورٌ مطبوعةٌٌ في الورقِ
واكتفينا بخريرِ الساقياتْ
في الدُّجى عن مائها المندفقِ

نــجــم
15-06-2011, 07:17 AM
***
ياليالي ((بوسطنٍ)) هل ترجعينْ
فأرى صحبي الكرامَ البرره ؟
ويزولُ الهمُ عن قلبي الحزينْ
بالوجوهِ المشرقاتِ النضرهْ
إنه يسألني في كلَّ حينْ
أين تلك الجنَّةُ المختصرهْ ؟

نــجــم
15-06-2011, 07:18 AM
ذهبتْ ، يا قلبُ ، إلا ذكرياتْ
كبروقٍ ضحكت ْ في الغسقِ
تأنسُ العينُ بها في الظلماتْ
وهي تفنى في رحابِ الأفقِ
ياليالي بوسطنٍ ليتَ الحياةُ
عدَلتْ فينا فلم نفترقِ

نــجــم
15-06-2011, 07:18 AM
..!يا صاح

يا صاح كم تفاحة غضة
يحملها في الروض غصن رطيب
ناضجة ترتج في جوها
مثل ارتجاج الشمس عند المغيب
حرضك الوجد على قطفها
لما غفا الواشي ونام الرقيب
لكن لأمر أنت أدرى به
رجعت عنها رجعة المستريب
تقول للنفس الطموح اقصري
ما سرقه التفاح شأن الأريب

نــجــم
15-06-2011, 07:18 AM
*
ورب صفراء كلون الضحى
ينفي بها أهل الكروب الكروب
دارت على الشرب بها غادة
كأنها ظبي الكناس الربيب
في طرفك الساجي هيام بها
وبين أحشائك شوق مذيب
لكن لأمر أنت أدرى به
رجعت عنها رجعة المستريب
تقول للنفس الطموح اقصري
ما غر بالصهباء يوماً لبيب
إياك إياك وأكوابها
أخت الخنا هذي وأم الذنوب
وكم شفاه أرجوانية
كأنها مخضوبة باللهيب
ساعدك الدهر على لثمها
ورشف ما خلف اللهيب العجيب
لكن لأمر أنت أدرى به
رجعت عنها رجعة المستريب
تعنف القلب على غيه
وتعذل العين في الحب حتى الحبيب

نــجــم
15-06-2011, 07:18 AM
والآن لما انجاب عنك الصبى
ولاح في المفرق ثلج المشيب
واستسلم القلب كما استسلمت
نفسك لليأس المخوف الرهيب
أراك للحسرة تبكي كما
يبكي على النائي الغريب الغريب
تود لو أن الصبى عائد
ههيات قد مر الزمان القشيب

نــجــم
15-06-2011, 07:18 AM
خل البكا يا صاحبي والأسى
الليل لا يقصيه عنك النحيب
لا خير في الشيء انقضى وقته
ما لقتيل حاجة بالطبيب !!!

نــجــم
15-06-2011, 07:18 AM
طوي العام كما يطوى الرقيم
وهوى في لجة الماضي البعيد

نــجــم
15-06-2011, 07:18 AM
لم يكن.. بل كان لكن ذهبا
وانقضى حتى كأن لم يكن
لو درى حين أتى المنقلبا
لتمنى أنه لم يبن
أي نجم شارق ما غربا
أي قلب خافق لم يسكن
جاهل من حسب الآتي يدوم
أحمق من حسب الماضي يعود

نــجــم
15-06-2011, 07:19 AM
ما لنا يأخذ منا الطرب
كلما عام تلاشى واضمحل
أفرحنا أننا نقترب
من غد ؟ إن غداً فيه الأجل
عجب هذا ومنه أعجب
إننا نفنى ولا يفنى الأمل
فكأنا ما سمعنا بالحتوم
أو كأنا قد نعمنا بالوجود

نــجــم
15-06-2011, 07:19 AM
يا رعاه الله من عام خلا
فلقد كان سلاماً وأمان
صافح الجحفل فيه الجحفلا
واستراح السيف فيه والسنان
ما انجلى حتى رأى النقع انجلى
وخبت نار الوغى في " البلقان "
لست أنسى نهضة الشعب النؤوم
إن فيها عبرة للمستفيد

نــجــم
15-06-2011, 07:19 AM
والتقى البحران فيه بعدما
مرت الأجيال لا يلتقيان
أصبح السد الذي بينهما
ترعة يزخر فيها الأزرقان
فلتدم ( آميركا ) ما التطما
ما لهذا الفتح في التاريخ ثان
ولتعش رايتها ذات النجوم
أجمل الرايات أولى بالخلود !

نــجــم
15-06-2011, 07:19 AM
واعتلى الناس به متن الهواء
فهم حول الدراري يمرحون
يمخر المنطاد فيهم في الفضاء
مثلما يمخر في البحر السفين
معجزات ما أتاها الأنبياء
لا ولم يطمح اليها الأقدمون
سخر العلم لهم حتى الغيوم
فهم ، مثلهم ، فوق الصعيد

نــجــم
15-06-2011, 07:19 AM
حلق الغربي فوق السموات
ولبثنا نندب الرسم المحيل
فاذا ما قال أهل المكرمات
ما وجدنا ، وأبيكم ، ما نقول
لو فقهنا مثلهم معنى الحياة
ما أضعناها بكاء في الطلول
ألفت أنفسنا الضيم المقيم
مثلما يستعذب الظبي الهبيد !.

نــجــم
15-06-2011, 07:19 AM
أدركت غاياتها كل الشعوب
نهض الصيني وما زلنا نيام
عبثت فينا الرزايا والخطوب
مثلما يعبث بالحر اللئام
صودر الكاتب منا والخطيب
منعت ألستنا حتى الكلام
نحن في الغفلة أصحاب الرقيم
نحن في الذلة إخوان اليهود

نــجــم
15-06-2011, 07:20 AM
ليت أنا حين مات الشمم
لحقت أرواحنا بالغابرين
ما تمردنا على من ظلموا
لا ولم نفكك وثاقاً عن سجين
ليس يمحو عارنا إلا الدم
فالى كم نذرف الدمع السخين؟
قام فينا ألف جبار غشوم
غير أنا لم يمت منا شهيد

نــجــم
15-06-2011, 07:20 AM
يا لقومي بلغ السيل الزبى
واستطال البغي واستشرى الفساد
فاجعلوا أقلامكم بيض الظبى
واستعيروا من دم الباغي المداد
كتب السيف .. اقرأوا ما كتبا
لا ينال المجد إلا بالجهاد
أي رجال الشرق أبناء القروم
لا تناموا . آفة الماء الركود !!!

نــجــم
15-06-2011, 07:20 AM
كمْ ، قبلَ هذا الجبلِ ، ولى جيلُ
هيهاتَ ، ليسَ إلى البقاءِ سبيلُ
ضحكَ الشَّبابُ من الكُهُولِ فأغرقوا
واستيقظوا ، فإذا الشبابُ كُهُولُ
نأتي ونمضي والزَّمانُ مُخلَّدٌ
الصبحُ صُبحٌ والأصيلُ أصيلُ
حرٌّ وقرٌ يبليان جُسُومنا
ليتَ الزمانَ ، كما نحولُ ، يحُولُ
إن التحول في الجمادِ تقلصٌ
في الحيّ موتٌ ، في النباتِ ذبولُ
قفْ بالمقابر صامتاً مُتأملاً
كم غابَ فيها صامتٌ وسؤولُ
وسلِ الكواكبَ كم رأتْ من قبلنا
أمماً ، وكم شهدَ النجومِ قبيلُ
تتبدَّلُ الذُّنيا تبدُّلَ أهلها
واللهُ ليسَ لأمرهِ تبدْيلُ

نــجــم
15-06-2011, 07:20 AM
يا طالعاً لفتَ العُيونَ طُلُوعهُ
بعدَ الطَّلوعِ ، إن جهلت ، أفولُ
عطفاً ورفقاً بالقلوبِ فإنما
حقدُ القلوب على أخيكَ طويلُ
أنظرْ فوجهُ الأرضِ أغبرُ شاحبٌ
واسمع ! فأصواتُ الرَّياحِ عويلُ
ومن الحديد صواعقٌ ، ومن العجاج
غمائمٌ ، ومن الدَّماءِ سُيُولُ
ماكنتُ أعلمُ قبلما حمس الوغى
أنَّ الضَّواري والأنامَ شُكُولُ
يا أرضَ أوربا ويا أبناءها
في عنق من هذا الدَّمُ المطلولُ ؟
في كلَّ يومٍ منكُمُ أو عنكمُ
نبأ تجيءُ بهِ الرُّواةُ مهُولُ
مزقتم أقساكم وعهودكمُ
ولقد تكونُ كأنها التنزيلُ
وبعثتمُ الأطماعَ فهي جحافلٌ
من خلفهنَّ جحافلٌ وخيولُ
ونشرتمُ الأحقادَ فهي مدافعٌ
وقذائفٌ وأسنةٌ ونصُولُ
لو لم تكن أضغانكم أسيافكم
أمسى بها ، مما تُسامُ ، فلولُ
علمتُمُ ((عزريل)) في هذي الوغى
ما كان يجهلُ علمهُ عزريلُ
إن كانَ هذا ما يُسمى عندكمْ
علماً ، فأينَ الجهلُ والتضليلُ
إن كانَ هذا ما يُسمى عندكم
ديناً فأينَ الكفرُ والتعطيلُ
عوداً إلى عصرِ البداوةِ ، إنهُ
عصرٌ جميلٌ أن يقالَ جميلُ
قابيلُ ، ياجدَّ الورى ، نم هانئاً
كُلُّ امرئِ في ثوبهِ قابيلُ
لا تفخروا بعقولكُمْ ونتاجها
كانتْ لكمْ ، قبل القتالِ ، عُقولُ
لا أنتمُ أنتمْ ولا أرباضكُمْ
تلكَ التى فيها الهناءُ يقيلُ
لا تطلبوا بالمرهفاتِ ذخولكُمْ
في نيلها بالمرهفاتِ ذحولُ
إن الأنام على اختلافِ لغاتهم
وصفاتهم ، لو تذكرونَ ، قبيلُ

نــجــم
15-06-2011, 07:20 AM
يا عامنا ! هل فيك ثمةَ مطمعُ
بالسلمِ أم هذا الشقاءُ يطولُ
مرت عليها حجتانِ ولم تزلْ
تتلو الفصولَ مشاهدٌ وفصولُ
لم يعشقِ الناسُ الفناءَ وإنما
فوق البصائر والعقولِ سُدولُ
أنا إن بسمتُ ، وقد رأيتكَ مُقبلا
فكما يهشُّ لعائديه عليلُ
وإذا سكنتُ إلى الهُمومِ فمثلما
رضي القيودَ الموثقُ المكبُولُ
لا يستوي الرَّجلانِ ، هذا قلبُه
خلٍ وهذا قلبهُ ( لجهولُ )
لا يخدعنَّ العارفونَ نفوسهمْ
إن المخادعَ نفسهُ لجهولُ
في الشرقَ قومٌ لم يسلُّوا صارماً
والسيفُ فوق رؤوسهمْ مسلولُ
جهلوا ولم تجهل نفوسهمُ الأسى
أشقى الأنامِ العارفُ المجهولُ
أكبادهُم مقروحةٌ كجفونهم
وزفيرهُم بأنينهم موصُولُ
أما الرجاءُ ، وطالما عاشوا ب
فالدمعُ يشهدُ أنهُ مقتولُ
واليأسُ موتٌ غير أن صريعهُ
يبقى ، وأما نفسهُ فتزولُ
رباهُ ، قد بلغ الشقاءُ أشدهُ
رحماك إن الراحمين قليلُ

نــجــم
15-06-2011, 07:21 AM
****
في الله والوطن العزيزِ عصابةٌ
نكبُوا ، فذا عانٍ وذاكَ قتيلُ
لو لم يمتْ شممُ النفوسِ بموتهمْ
ثار الشأمُ ، لموتهمْ ، والنَّيلُ
يا نازحينَ عن الشآمِ تذكروا
من في الشآمِ وما يليه نزولُ
همُّ الممالكِ في الجهادِ ، وهمُّكمْ
قالٌ تسيرُ بهِ الطُّروسُ وقيلُ
هُبوا ، اعملوا لبلادكُمْ ولنسلكم
بئس الحياةُ سكينةٌ وخمولُ
لا تقبضوا الأيدي فهذا يومُكُمْ
شرُّ الورى جعدُ البنانِ بخيلُ
وعدَ الآلهُ المحسنينَ ببرهِ
وكما علمتم ، وعدُهُ تنويلُ

نــجــم
15-06-2011, 07:21 AM
ليطرب من شاء أن يطربا
فلست بمستمطر خلبا
عرفت الزمان قريب الأذى
فصرت إلى خوفه أقربا
وهذا الجديد أبوه القديم
ولا تلد الحية الأرنبا
أرى الكون يرمقه ضاحكاً
كمن راء في تيهه كوكبا
ولو علم الخلق ما عنده
أهلوا إلى الله كي يغربا
ولو علم العبد ما عندهم
أبى أن يمزق عنه الخبا
ألا لا يغرك تهليلهم
وقولتهم لك يا مرحبا
فقد لبسوك لكي يخلعوك
كما تخلع القدم الجوربا
ولوعون بالغدر من طبعهم
فمن لم يكن غادراً جربا
وكائن فتى هزني قوله
أنا خدنك الصادق المجتبى
أرافق من شكله ضيغماً
يرافق من نفسه ثعلبا
هم القوم أصحبهم مكرها
كما يصحب القمر الغيهلا
أراني أوحد من ناسك
على أنني في عداد الدبى
وأمرح في بلد عامر
وأحسبني قاطناً سبسبا
وقال خليلي : الهناء القصور
وكيف وقد ملئت أذوبا
ألفت الهموم فلو أنني
قدرت تمنعت أن أطربا
كأن الجبال على كاهلي
كأن سروري أن أغضبا
وكيف ارتياح أخي غربة
يصاحب من همه عقربا
عتبت على الدهر لو أنني
أمنت فؤادي أن يعتبا

نــجــم
15-06-2011, 07:21 AM
وجدتك والشيب في مفرقي
وودعني وأخوك الصبى
فليس بكائي عاماً خلا
ولكن شبابي الذي غيبا
فيا فرحاً بمجيء السنين
تجيئ السنون لكي تذهبا
عجيب مشيبي قبل الأوان
وأعجب أن لا أرى أشيبا
فإن نوائب عاركتها
ترد فتى العشر محدودبا
ويا بنت (( كولمب )) كم تضحكين
كأنك أبصرت مستغربا
أليس البياض الذي تكرهين
يحببني ثغرك الأشنبا
فمن كان يكره إشراقه
فإني أكره أن يغضبا
أحبك يا أيها المستنير
وإن تك أشمت بي الربربا
وأهوى لأجلك لمع البروق
وأعشق فيك أقاح الربى
***
ويا عام هل جئتنا محرماً
فنرجوك أم جئتنا محربا
تولى أخوك وقد هاجها
أقل سلاح بنيها الظبى
يجندل فيا الخميس الخميس
ويصطرع المقنب المقنبا
إذا ارتفع الطرف في جوها
رأى من عجاجتها هيدبا
وجياشة برقها رعدها
تدك من الشاهق المنكبا
يسير بها الجند محمولة
قضاء على عجل ركبا
يود الفتى أنه هارب
ويمنعه الخوف أن يهربا
وكيف النجاة ومقذوفها
يطول من الشرق من غربا ؟
ولو أنه في ثنايا الغيوم
لما أمن الغيم أن يطلبا
تسح فلو أن تهتانها
حياً أنبت القاحل المجدبا
فما المنجنيق وأحجاره
وما الماضيات الرقاق الشبا ؟

نــجــم
15-06-2011, 07:21 AM
إن شكت الأرض حر الصدى
سقاها النجيع الورى صيبا
فيا للحروب وأهوالها
أما حان يا قوم أن تشجبا
هو الموت آت على رغمكم
فالقوا المسدس والأشطبا
وللخالق الملك والمالكون
فلا تبتغوا فيكم أشعبا

نــجــم
15-06-2011, 07:22 AM
ولم أنسى مصرع (( تيتانك ))
ومصرعنا يوم طار النبا
فمن شدة الهول في صدقه
رغبنا إلى (( البرق )) أن يكذبا
ليالي لا نستطيب الكرى
ولا نجد الماء مستعذبا
وبات فؤادي ، به صدعها
وبت أحاذر أن يرأبا
ولي ناظر غرق مثلها
من المع بالبحر مستوثبا
إذا ما تذكرتها هجت بي
أسى تتقيه الحشا مخلبا
فأمسي على كبدي راحتي
أخاف مع الدمع أن تسربا
خطوب يراها الورى مثلها
لذلك أشفق أن تكتبا
لقد نكب الشرق نكباته
وحاول أن ينكب المغربا
وأشقى نفوس بني آدم
ليرضي السراحين والأعقبا
ولو جاز بين الضحى والدجى
لقاتل فيه الضحى الغيبا
لعلك تمحو جناياته
فتنسى بك الذنب والمذنبا
إذا كنت لا تستطيع الخلود
فعش بيننا أثراً طيبا
فإنك في إثره راحل
مشيت السواك أو الهيدبى !

نــجــم
15-06-2011, 07:22 AM
أبصرتها ، والشمس عند شروقها
فرأيتها مغمورة بالنار
ورأيُتها عند الغُروب غريقةً
في لُجةٍ من سُندُس ونضار
ورأيتُها تحت الدُجى ، فرأيتها
في بُردتين : سكينةٍ ووقارِ
فتنبهت في النفس أحلامُ الصبى
وغرقتُ في بحرٍ من التذكارِ

نــجــم
15-06-2011, 07:22 AM
...
نفسي لها من جنةٍ خلاَّبة
نسجت غلائلها يدُ الأمطار
أنى مشيت نشقت مسكاً أزفراً
في أرضها وسمعت صوتَ هزارِ

نــجــم
15-06-2011, 07:22 AM
ذات الجبال الشّامخاتِ الى العُلا
ياليت في أعلى جباللكِ داري
لأرى الغزالة قبلَ سُكانِ الحِمى
وأعانق النسماتِ في الاسحارِ
لأرى رُعاتك في المروجِ وفي الرُبى
والشاء سارحة مع الأبقار
لأرى الطُّيور الواقعاتِ على الثرى
والنحل حائمة على الأزهارِ
لأساجل الورقاءَ في تغريدها
وتهزُ روحي نفحة المزمار
لأسامر الأقمار في أفلاكها
تحت الظلام إذا غفا سُمَّاري
لأُراقب (( الدلوار )) في جريانهِ
وأرى خيال البدرِ في (( الدلوار ))

نــجــم
15-06-2011, 07:22 AM
بئس المدينةُ إنَّها سجنُ النُهى
وذوي النهى ، وجهنم الأحرار
لا يملكُ الإنسان فيها نفسهُ
حتى يروعهُ ضجيجُ قطار
وجدت بها نفسي المفاسِد والأذى
في كلّ زاويةٍ وكلّ جدارِ
لا يخدعن الناظرين بروجها
تلك البروجُ مخابئُ للعارِ
لو أن حاسد أهلها لاقى الذي
لا قيتُ لم يحسُد سوى (( بشَّار ))
غُفرانك اللُّهم ما أنا كافرٌ
فلم تُعذب مُهجتي بالنار ؟
...

نــجــم
15-06-2011, 07:22 AM
لله ما أشهى القُرى وأحبَّها
لفتًى بعيدِ مطارحِ الأفكار
إن شئت تعرى من قيودك كلها
فانظر إلى صدرِ السماءِ العاري
وامشِ على ضوءِ الصَّباحِ ، فإن خبا
فامشِ على ضوءِ الهلالِ السَّاري
عش في الخلاءِ تعِش خليَّا هانئاً
كالطيَّر ... حُراً ، كالغديرِ الجاري
عش في الخلاءِ كما تعيشُ طيورُهُ
الحُرُّ يأبى العيش تحت ستار !

نــجــم
15-06-2011, 07:22 AM
شلال (( ملفرد )) لا يقر قراره
وأنا لشوقي لا يقرُ قراري
فيه من السيف الصقيل بريقُهُ
ولهُ ضجيجُ الجحفل الجرَّارِ
أبداً يرُشُ صخورهُ بدُموعهِ
أتراهُ يغسلُها من الأوزار ؟
فاذا تطاير ماؤهُ متناثراً
أبصرت حول السَّفح شبه غيارِ
كالبحر ذي التيار يدفعُ بعضهُ
ويصول كالضرغام ذي الأظفارِ
من قمةٍ كالنَّهد ، أيُّ فتى
نهداً يقيضُ بعارض مدرار
فكأنما هي منبرٌ وكأنه
(( ميرابُ)) بين عصائب الثوَّارِ
من لم يشاهد ساعة وثباتهِ
لم يدرِ كيف تغطرس الجبَّار
مازلتُ أحسب كلٍّ صمت حكمة
حتى بصرتُ بذلك الثرثارِ
أعددتُ ، قبل أراهُ ، وقفة عابرٍ
لاهٍ فكانت وقفة استعبار ! ..
...
يا أخت دار الخلد ، يا أم القرى .
ياربة الغابات والأنهار
لله يومٌ فيكِ قد قضيت
مع عصبة من خيرة الأنصار
نمشي على تلك الهضاب
بحر من الأغراسِ
تنسابُ فيه العينُ بينَ جداو
وخمائل ومسالك وديار
.. آناً على جبلٍ مكينٍ راسخٍ
راس ، وىناً فوق جُرفٍ هارِ
تهوي الحجارة تحتنا من حالقِ
ونكاد أن نهوي مع الأحجارِ
لو كنت شاهدنا نهرولُ من علٍ
لضحكت منَّا ضحكة استهتارِ
الريحُ ساكنةٌ ونحنُ نظننا
للخوف مندفعين مع إعصار
والأرض ثابتةٌ ونحنُ نخالها
تهتزُ مع دفع النسيم السَّاري
مازال يسند بعضُنا بعضاً كما
يتماسك الروادُ في الأسفار
ويشدُ هذا ذاك من أزرارِهِ
فيشدني ذياك من أزراري
حتى رجعنا سالمين ولم نعُد
لو لم يمُدَّ الله في الأعمار ِ
ولقد وقفتُ حيال نهرك بُكرة
والطيرُ في الوكنات والأوكار
متهيباً فكأنني في هيكلٍ
وكأنهُ سفرٌ من الأسفارِ
ما كنتُ من يهوى السكوت وإنما
عقلت لساني رهبة الأدهار
مرَّ النسيمُ به فمرَّت مقلتي
منه بأسطار على أسطارٍ
فالقلبُ مُشتغل بتذكاراته
والطرفُ مُندفعٌ مع التيار
حتى تجلت فوق هاتيك الرُّبى
شمس الصباح تلوحُ كالدّينار
فعلى جوانبه وشاح زبرجدٍ
وعلى غواربه وشاح بهار
لو أبصرت عيناك فيه خيالها
لرأيت مِرآةً بغير إطارِ
يمَّمتهُ سحراً وأسرارِي معي
ورجعتُ في أعماقهِ أسراري ! ..

نــجــم
15-06-2011, 07:24 AM
إني حسدتُ على القُرى أهل القرى
وغبطتُ حتَّى نافخ المزمار
ليلٌ وصُبحٌ بين إخوان الصَّفا
ما كان أجمل ليلتي ونهاري !

نــجــم
15-06-2011, 07:24 AM
أما أنا

لا تنثني في الرّوض أغصانُ الشَّجر
حتى ُتدغدغهاالنسائمُ في السَّحر
وأنا كذلك لا يُفارقني الضَّجر
حتَّى ُتداعبَ لمتى بيديها

نــجــم
15-06-2011, 07:24 AM
الشمسُ ُتلقي في الصَّباحِ حبالها
وتبيتُ تنظرُ في الغدير خيالها
أمَّا أنا فإذا وقفتُ حيالها
أبصرتُ نور الشمس في خديها
...

نــجــم
15-06-2011, 07:25 AM
الطود يقرأ في السماءِ الصَّافيه
سفراً ، جميلٌ متنهُ والحاشيه
أما أنا فإذا فقدت كتابيه
أتلُو كتاب الحب في عينيها

نــجــم
15-06-2011, 07:25 AM
الطيرُ إن عطشت ولج بها الظما
هبطت إلى الأنهار من علوِ السما
أمَّا انا فإذا ظمئت فإنَّما
ظمأي الشديدُ إلى لمى شفتيها

نــجــم
15-06-2011, 07:25 AM
الندُّ يطلبهُ الخلائق في الرُّبى
بين الورُود وفي ُنسمات الصَّبا
أمَّا أنا فألذ من نشر الكبا
عندي ، الذي قد فاح من نهديها
...

نــجــم
15-06-2011, 07:25 AM
الرّاحُ تصرفُ ذا العناء عن العنا
وتطيرُ بالصّعلوك في جوّ المنى
فيرى الكواكب تحتهُ ، أمَّا أنا
فتظلُّ أفكاري تحوم عليها

نــجــم
15-06-2011, 07:25 AM
فيها ومنها ذلتي وسقامي
وبها غرامي ، القاتلي ، وهيامي
أشتاقها في يقظتي ومنامي
واطول شوق المستهام إليها

نــجــم
15-06-2011, 07:26 AM
جعت والخبز وثير في وطابي
والسنا حولي وروحي في ضباب
وشربت الماء عذباً سائغاً
وكأني لم أذق غير سراب
محنة ليس لها مثل سوى
محنة الزورق في طاغي العباب
ليس بي داء ولكني امرؤ
لست في أرضي ولا بين صحابي
مرت الأعوام تتلو بعضها
للورى ضحكي ولي وحدي اكتئابي
كلما استولدت نفسي أملاً
مدت الدنيا له مف اغتصاب
أفلتت مني حلاوات الرؤى
عندما أفلت من كفي شبابي
بت لا الإلهام باب مشرع
لي ولا الأحلام تمشي في ركابي
أشتهي الخمر وكأسي في يدي
وأحس الروح تعرى في ثيابي
رب هبني لبلادي عودة
وليكن للغير في الأخرى ثوابي
أيها الأتون من ذاك الحمى
يا دعاة الخير ، يا رمز الشباب
كم هششتم وهششنا للمنى
وبكيتم وبكينا في مصاب
واشتركنا في جهاد أو عذاب
والتقينا في حديص أو كتاب
وعرفتم وعرفنا مثلكم
أنما الحق لذي ظفر وناب
كل أرض نام عنها أهلها
فهي أرض لاغتصاب وانتهاب
زعموا الإنسان بالعلم ارتقى
وأراه لم يزل إنسان غاب
إنه الثعلب مكراً وهو كالسر
طان غدراً وحكيم كالغراب
يا رفاقي حطموا أقداحكم
ليس في الدنيا رحيق لانسكاب
جف ضرع الشعر عندي وانطوى
ولكم عاش لمرعى واحتلاب

نــجــم
15-06-2011, 07:26 AM
أيها السائل عني من أنا
أنا كالشمس إلى الشرق انتسابي
لغة الفولاذ هاضت لغتي
لا يعيش الشدو في بحر اصطخاب
لست أشكو إن شكا غيري النوى
غربة الأجسام ليست باغتراب
أنا في نيويورك بالجسم وبالر
وح في الشرق على تلك الهضاب
في ابتسام الفجر في صمت الدجى
في أسى (( تشرين )) في لوعة (( آب ))
أنا في الغوطة زهر وندى
أنا في لبنان نجوى وتصابي
أنني ألمح في أوجهكم
دفقة النور على تلك الروابي
وأرى أشباح أيام مضت
في كفاح ونضال ووثاب
وأرى أطياف عصر باهر
طالع كالشمس من خلف الحجاب
ليته يسرع كي أبصره
قبل أن أغدو تراباً في تراب

نــجــم
15-06-2011, 07:26 AM
أبو غازي السلامُ عليكَ منّا
وعفواً أيُّها الملكُ الهمامُ
فما ضاقَ الكلامُ بنا ، ولكنْ
وجدنا الحزنَ أرخصهُ الكلامُ
وخطبكَ لا يفيهِ دمعُ باكٍ
ولو أنَّ الذي يبكي الغمامُ
ونحنُ أحقُّ أنْ نُبكى ونرثى
فموتُكَ من بني العُربِ انتقامُ
خبا نبراسُنا ، والليلُ داجٍ ،
وموجُ الحادثاتِ لهُ التطامُ
وكنتَ لنا الدليلَ ، فغبتَ عنّا
وكنتَ حسامنا ، فنبا الحُسامُ !
كأنَّكَ قد وترتَ الموتَ قِدماً
وهابكَ في كنانتكِ السهامُ
فدبَّ إليكَ مثلَ اللصَّ ليلاً
وكانَ الموتُ ليسَ لهُ ذمامُ
طوىَ الدينا نعُّكَ في ثوانٍ
فريعَ البيتُ والبلدُ الحرامُ
و (دجلةُ) كالطعينِ لهُ أنينٌ
وفي (بردى) التياعٌ واضطرامُ
ورحنا بين مصعوقٍ وساهِ
كمنْ صرعتْ عقولهُم المدامُ
كأنَّ الأرضَ قد مادتْ وفضت
عن الموتى الصفائحُ والرجامُ
فمنْ للبيضِ والجردِ المذاكي ؟
و (فيصلُ) باتَ يحويهِ الرّغامُ
ومنْ للحقَّ ينشرهُ لواءَ
بهِ للناسِ هذيٌ واعتصامُ
توارى المجدُ في كفنٍ ولحدٍ
وغابتْ في الترابِ منّى عظامُ
مضى وحديثهُ في الناسِ باقٍ
كعمرِ الشمسِ ليسَ لهُ انصرامُ
فيا جدثاً حواهُ لستَ قبراً
ولكنْ أنتَ في الدينا وسامُ

نــجــم
15-06-2011, 07:26 AM
حياتكَ ( يا أبا غازي) حياةٌ
كفصلِ الصَّيفِ: زهرٌ وابتسامُ
وقد تحصى الكواكبُ والأقاحي
ولا تُحصى أياديكَ الجسامُ
مددتَ إلى منىَ العربِ الغوافي
يداً ، فتفقتْ عنها الكمامُ
وأمسى بندهُمْ ولهُ خفوقٌ
وأمسى عقدهمْ ولهُ نظامُ
وكم أسقمتَ جسمكَ كي يصحوا
وحالفتَ السهادَ وهمْ نيامُ
وكم جازيتَ عن شرَّ بخيرٍ
وكم جازاكَ بالغدرِ الأنامُ
خذلتَ فما عتبتَ على صديقٍ
ولم تحنقْ وقد كثرَ الملامُ
وكم قد فزتَ في حربٍ وسلمٍ
فلم يلعبْ بعطفيكَ العُرامُ
خلائقُ من لهُ عرقٌ كريمٌ
وخطةُ من لهُ قلبٌ عصامُ
خذوا الخُلقَ الرفيعَ من الصحارى،
فإنَّ النفسِ يُفسدها الزحامُ
وكم فقدتْ حلالتها قصورٌ
ولم تفقدْ مروءتها الخيامُ

نــجــم
15-06-2011, 07:26 AM
وقالوا اندكَّ عرشُكَ في دمشقٍ
كأنَّ العرشَ أخشابٌ تُقامُ
وكيفَ تهدُّ سدَّتكَ العوالي
ولم يسلبكها الموتُ الزؤامُ ؟
فما كانَ انتصارهمُ علاءِ
ولا كانَ انكساركَ فيهِ ذامُ
إذا لم تنصُر الأرواحُ مُلكاً
فأحسنُ ما حوى جثثٌ وهامُ
وما زالتْ لكَ الأرواحُ فيها
وما زالتْ عشيرتُكَ الشآمُ
تصفقُ لاسمكَ الأمواهُ فيها
ويهتفُ في خمائلها الحمامُ
ويذكرُ أهلها تلكَ السجايا
فيشرقُ من تذكرها الظلامُ
وليسَ أحبَّ من حُرَّ مؤاسٍ
إلى شعبٍ يُساءُ ويُستضامُ

نــجــم
15-06-2011, 07:26 AM
فقلُ للساخطينَ على الليالي
ومن سكنوا على يأسٍ وناموا
سينحسرُ الضبابُ عن الروابي
ويبدو الوردُ فيها والخزامُ
ويصفو جونا بعد انكدارٍ
ويسقي أرضننا المطرُ الرّهامُ
ونرجعُ أمةًَ تُرجى وتخشى
وإنْ كرهَ الزعانفُ والطغامُ

نــجــم
15-06-2011, 07:27 AM
ألحسن حولك في الوهاد وفي الذرى
فانظر ، ألست ترى الجمال كما أرى ؟
(( أيلولُ )) يمشي في الحقول وفي الربى
والأرضُ في أيلولَ أحسنُ منظرا
شهرٌ يوزعُ في الطبيعة فنه
شجراً يُصفقُ أو سناً متفجّرا
فالنورُ سحرٌ دافقٌ ، والماء شعرٌ
رائق ، والعطر أنفاس الثرى
لاتحسب الأنهار ماء راقصاً
هذي أغانيه استحالت أنهرا
وانظر إلى الأشجار تخلعُ أخضراً
عنها ، وتلبس أحمراً أو أصفرا
تعرى وُتكسى في أوانٍ واحد
والفن في ما ترتديه وفي العرا
فكأنما نارٌ هناك خفية
تنحلُّ حين تهم أن تستشعرا
وتذوبُ أصباغاً كألوانِ الضحى
وتموجُ ألحاناً وتسري عنبرا
صورٌ وأطيافٌ تلوحُ خفيفةٌ
وكأنها صورٌ نراها في الكرى
لله من (أيلول ) شهر ساحرٍ
سبق الشهور وغن أتى متأخرا
من ذا يدبج أو يحوك كوشيه
أو من يصور مثلما قد صورا؟
لمست أصابعهُ السماء فوجهها
ضاح ، ومرَّ على التراب فنورا
رد الجلال إلى الحياة وردَّني
من أرض نيويورك إلى أم القرى

نــجــم
15-06-2011, 07:27 AM
ولقد عِلقتُ من الحسانَ مليحةً
تحكي الهلالَ بحاجبٍ وجبينِ
كلفتْ بها نفسي ودونَ وصولها
وصلُ المنونِ وثمَّ ليثُ عرينِ
حسناءُ أضحى كلُّ حسنٍ دونها
ولذاكَ عُشاقُ المحاسنِ دوني
قد روَّعتْ حتى لتخشى بُردَها
من أن يبوحَ بسرها المكنونِ
وتُريبها أنفاسُها ويُخيفها
عندَ اللقاءِ اتنهُّدُ المحزونِ
هجرتْ فكلُّ من هجرها
عندي تُعدُّ بأشهرٍ وسنينِ
يا هذهِ لا تجحدي حقي فقد
أصليتِ قلبي بالنَّوى فصليني
أطلقتِ دمعاً كانَ قبلُ مقيَّداً
وسجنتِ قلباً كانَ غيرَ سجينِ
أشبهتِ (ليلى العامرية) فاكتمي
خبرَ الذي صارَ (كالمجنونِ)

نــجــم
15-06-2011, 07:27 AM
شهور العام أجملها "ربيعٌ"
وأبغضها إلى الدُّنيا "جمادى"
وخير المال ما أمسى زكاة ً
وخير النـّاس من نفعَ العِبادا
بـِربِّكَ قل لنا وخلاك ذمٌّ
أعيسى كان يَذ َّخِرُ العتادا؟
تنبَّه أيُّها الرّاعي تنبّه
فـَمَن حَفِظ َالورى حَفِظ َالعبادا
خِرافـُك بين أشداق الضّواري
ومثلكَ من حمى ووقى النقادا
تبدّل أمنـُهُم رُعباً وخوفاً
وصارت نار أكثرهم رمادا
لقد أكل الجرادُ الأرض حتى
تمنـّوا أنـّهم صاروا جرادا
فمالك لا تجود لهم بشيءِ
وقد رقَّ العَدُوُّ لهم وجادا؟
ومالك لا تـُجيبُ لهم نِداءً
كأنَّ سِواكَ، لا أنت، المنادى؟

نــجــم
15-06-2011, 07:27 AM
ورُبَّتَ ساهر ٍ في "بعلبكِّ"
يُشَاطِرُ جفنـُهُ النـّجم السّهادا
يزيدُ الليل كربتهُ اشتداداً
وفرط ُ الهمِّ ليلتهُ سوادا
إذا مال النُّعاس بأخدعيه
ثنى الذعر الكرى عنه وذادا
بهِ الدَّاءان من سَغـَبٍ وخوفٍ
فما ذاق الطـّعام ولا الرُّقادا
تطوفُ به أصَيبـِيَة ٌصِغارٌ
كأنَّ وجوهمم طليت جسادا
جياعٌ كلـَّما صاحوا وناحوا
توهّم أنّ بعض الأرض مادا
إذا ما استصرخوه وضاقَ ذرعاً
نبا عنهم وما جهل المرادا
ولكن لم يدع بُؤسَ الليالي
طريفاً في يديه ولا تِلادا
ولو تركَ الزّمانُ لهُ فؤاداً
لما تركت له البلوى فؤادا

نــجــم
15-06-2011, 07:28 AM
أتفترشُ الحرير وترتديه
ويفترشُ الجنادلَ والقتادا
ويطلب من نباتِ الأرضِ قـُوتاً
وَتـَأبى غير لحم الطـَّير زادا
وتهجع هانئاً جذلاً قريراً
وقد هجر الكرى وجفا الوسادا
عجيب أن تكون كذا ضنيناً
ولم تبصِر بنا إلاَّ جوادا
أما تخشى مقالة ذي لسان:
أمات النـّاسَ كي يُحْيي الجمادا

نــجــم
15-06-2011, 07:28 AM
لداتكَ همهم نفعُ البرايا
وهمُّكَ أن تكيدَ وأن تـُكادا
نزلت بنا فأنزلناك سهلاً
وزدناك النضار المستفادا
فكان جزاؤنا أن قمت فينا
تُعلـِّمُنا القطيعة َ والبعادا
فلمّا ثار ثائرُ كل حُرٍّ
رجعتَ اليوم تمتدح الحيادا
أتدفع بالغويِّ إلأى التـّمادي
وتعجبُ بعد ذلك إن تمادى؟
سكتَّ فقام في الأذهانِ شكٌّ
وقلت فأصبحالشَّكُّ اعتقادا
تجهّمت القريض ففاض عتباً
وإن أحرجته فاض انتقادا
ولولا أن أثرت الخلف فينا
وَدِدنا لو محضناك الودادا

نــجــم
15-06-2011, 07:28 AM
أيها القلم

ماذا جنيتَ عليهمْ ، أيها القلمُ
واللهِ ما فيكَ الا النُّصحُ والحكمُ
اني ليحزنني ان يسجنوكَ وهم
لولاكَ في الأرضِ لم تثبتْ لهم قدمُ
خلقتَ حراً كموجِ البحرِ مندفعاً
فما القيودُ وما الأصفادُ واللجمُ ؟
ان يحسبوا الطائرَ المحكيَّ في قفصٍ
فليسَ يُحبسُ منه الصوتُ والنغمُ
أللهُ في أمةٍ جارَ الزمانُ بها
يفنى الومانُ ولا يفنى لها ألمُ
كأنما خصَّها بالذُّلَّ بارثها
أو أقسم الدهرُ لا يعلو لها علمُ
مهضومةُ الحقَّ لا ذنبَ جنتهُ سوى
أنَّ الحقوقَ لديها ليسَ تنهضم
مرَّتْ عليها سنونٌ كلُّها نقمٌ
ما كانَ أسعدها لو أنها نعمُ ؟
عدّوا شكايتها ظلماً وما ظلمتْ
وانما ظلموها بالذي زعموا
ما ضرَّهمْ أنها باتتْ تُسائُلهُمْ
أينَ الموثيقُ ، أين العهد والقسمُ ؟
أما كفى أنَّ في آذانهمْ صمماً
حتى أرادوا بأنْ ينتابها الصَّممُ ؟
كأنما سئموا أن لا يزالَ بها
روحٌ على الدَّهرِ لم يظفرْ بها السَّأمُ
فقيّدوها لعلّ القيدَ يُسكتها
وعزَّ أن يسكتَ المظلومُ لو علموا
وأرهقوا الصحفَ والأقلامَ في زمنٍ
يكادُ يعبدُ فيهِ الطرسُ والقلمُ
ان يمنعوا الصحفَ فينا بث لوعتنا
فكلنا صحفٌ في مصرَ ترتسمُ
إنا لقومٌ لنا مجدٌ سنذكرهُ
ما دامَ فينا لسانٌ ناطقٌ وفمُ
كيفَ السبيلُ الى سلوانِ رفعتنا
وهي التي تتمنى بعضها الأممُ ؟
يأبى لنا العزُّ أن نرضى المذلةَ في
عصرٍ رأينا بهِ العبدانَ تُحترمُ
للموتُ أجملُ من عيشٍ على مضضٍ
انَّ الحياةَ بلا حريةٍ عدمُ

نــجــم
15-06-2011, 07:28 AM
أخو الورقاء


لله من عبث القضاء وسخره
بالناس والحالات والأشياء
كم درة في التاج ألف مثلها
في القاع لم تخرج من الظلماء
ولكم تعثر بالغباء سميذع
وانداحت الأطواد للجبناء
ولكم جنى علم على أربابه
وجنى الهناء جماعة الجهلاء
أرأيت أعجب حالة من حالنا
أزف الرحيل ولم نفز بلقاء !
عاشت شهوراً بالرجاء قلوبنا
وبلحظة أمست بغير رجاء
ماتت أمانينا الحسان أجنة
لم تكتحل أجفانها بضياء
فكأنها برق تألق وانطوى
في الليل لم تلمحه مقلة راء
وكأننا كنا نحلق في الفضا
صعداً لنلمس منكب الجوزاء
حتى إذا حان الوصول .. رمت بنا
نكباء عاتية إلى الغبراء !
وكأن (( تكسس )) وهي في هذا الحمى
صقع (( كسانبول )) قصي ناء
طوبى لها ، إن كان يعلم أهلها
أن النزيل بها أخو الورقاء
كانت مسارح (( للرعاة )) فأصبحت
لما أتاها كعبة الشعراء
وهو بلبل عبق النبوة في أغا
نيه ، وفيها نكهة الصهباء
وجلال لبنان ، وقد غمر المسا
هضباته ، وانسال في الأوداء
غنى ، ففي النسمات ، والأوراق
والغدران ، أعراس بلا ضوضاء
وبكى ، فشاع الحزن في الأزهار،
والأظلال ، والألوان ، والأضواء
هو نفحة قديسة هبطت إلى
هذا الثرى من عالم اللألاء
لو عاد للدنيا البراق وحزته
ما كان إلا نحوه إسرائي
أشكو البعاد وليس لي أن أشتكي
فسماؤه موصولة بسمائي
ما حال بين نفوسنا ، ما حال بين جسومنا من أجبل وفضاء
فلكم نظرت إلى الربى فلمحته
في الأقحوان الخير المعطاء
وسمعت ساقية تئن فخلتني
لبكائه أوطانه إصغائي
وإذا تلوح لي الجبال ذكرته
فالشاعر القروي طود إباء
من كان يحلم بالغدير فإنه
يبدو له في كل قطرة ماء
إن كنت لم أره فقد شاهدته
بعيون أصحابي ، وذلك عزائي

نــجــم
15-06-2011, 07:29 AM
أفتى القوافي كالشواظ على العدى
وعلى قلوب الصحب كالأنداء
سارت إليك تحيتي ولو أنني
خيرت ، كنت تحيتي ودعائي

نــجــم
15-06-2011, 07:29 AM
مالي وما للرشإ الأغيد
خلت من الحب ومنه يدي
نأى ، فما في قربه مطمع
لا تصل الكف إلى الفرقد
قدعت باليأس خيوط المنى
وقلت للسلوان - لا تبعد
وصرت لا يطربني منشد
ولا أنا أصبو إلى منشد
أسير في الروضة عند الضحى
حيران كالمدلج في فدفد
أمامي الماء ولا أرتوي،
وحولي النور ولا أهتدي
يا ليت شعري ، أين عهد الصبا
وأين أحلام الفتى الأمرد
ولى وولت كخيال الكرى
يلوح في الذهن ولم يوجد
فيا قلوب الكاشحين اسكني
ويا عيون الحاسدين ارقدي
ويا شياهاً تتقي صولتي
قلمت أظفاري فاستأسدي
*

نــجــم
15-06-2011, 07:29 AM
يا سائلي عن أمس كيف انقضى
دعه وسلني ، يا أخي ، عن غد
أروح للنفس وأهنا لها
أن تحسب الماضي لم يولد

نــجــم
15-06-2011, 07:29 AM
أهلها عرب

أقاح ذاك أم شنب
وريق ذاك أم ضرب
ووجه ذاك أم قمر
وخد ذاك أم ذهب
جمال غير مكتسب
وبعض الحسن يكتسب
ثكلت الظرف ، عاذلتي
أهذا الحسن يجتنب؟
عددت لها العيوب وليـ
ـس إلا الظرف والأدب
فتاة بين مبسهما
وبين عقودها نسب
لواحظها نمتها الهند
لكن أهلها عرب
مرنحة إذا خطرت
رأيت الغصن يضطرب
مشت وونت روادفها
فكاد الخصر ينقضب
يسر العاذلون إذا
نأت ويعودني الوصب
ويصطخبون إن قربت
وعندي يحسن الطرب
فأبكي كلما ضحكوا
وأضحك كلما غضبوا!

نــجــم
15-06-2011, 07:30 AM
أنا


حر ومذهب كل حر مذهبي
ما كنت بالغاوي ولا المتعصب
إني لأغضب للكريم ينوشه
من دونه وألوم من لم يغضب
وأحب كل مهذب ولو أنه
خصمي ، وأرحم كل غير مهذب
يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى
حب الأذية من طباع العقرب
لي أن أرد مساءة بمساءة
لو أنني أرضى ببرق خلب
حسب المسيء شعوره ومقاله
في سره : يا ليتني لم أذنب

نــجــم
15-06-2011, 07:31 AM
أنا لا تغشني الطيالس والحلى
كم في الطيالس من سقيم أجرب؟
عيناك من أثوابه في جنة
ويداك من أخلاقه في سبسب
وإذا بصرت به بصرت بأشمط
وإذا تحدثه تكشف عن صبي
أني إذا نزل البلاء بصاحبي
دافعت عنه بناجذي وبمخلبي
وشددت ساعده الضعيف بساعدي
وسترت منكبه العري بمنكبي
وأرى مساوئه كأني لا أرى
وأرى محاسنه وإن لم تكتب
وألوم نفسي قبله إن أخطأت
وإذا أساء إلي لم أتعتب
متقرب من صاحبي فإذا مشت
في عطفه الغلواء لم أتقرب
أنا من ضميري ساكن في معقل
أنا من خلالي سائر في موكب
فإذا رآني ذو الغباوة دونه
فكما ترى في الماء ظل الكوكب

نــجــم
15-06-2011, 07:31 AM
أنا و النجم

مثلي هذا النجم في سهده
مثله المحبوب في بعده
يختال في عرض السما تائهاً
كأنما يختال في برده
إن شئت فهو الملك في عرشه
أو شئت فهو الطفل في مهده
يرمقني شذراً كأني به
يحسبني أطمع في مجده
يسعى ولا يسعى إلى غاية
كمن يرى الغاية في جده
كأنما يبحث عن ضائع
لا يستطيع الصبر من بعده
طال سراه وهو في حيرة
كأنه المحزون في وجده
في جنح ليل حالك فاحم
كأن حظي قد ضل عن قصده
ساورني الهم وساورته
ما أعجز الإنسان عن رده!
ما أعجب الدهر وأطواره
في عين من يمعن في نقده؟
جربته دهراً فما راقني
من هزله شيء ولا جده
أكبر منه أنني زاهد
ما زهد الزاهد في زهده
أكبر مني ذا وأكبرت أن
يطمع، أن أطمع في رفده
وعدني أعجوبة في الورى
مذ رحت لا أعجب من حقده
يا رب خل كان دوني نهى
عجبت من نحسي ومن سعده
وعائش يخطر فوق الثرى
أفضل منه الميت في لحده
أصبح يجني الورد من شوكه
وبت أجني الشوك من ورده
أكذب إن صدقته بعدما
عرفت منه الكذب في وعده
لا أشتكي الضر إذا مسني
منه، ولا أطرب من رغده
أعلم أن البؤس مستنفد
والرغد ما لا بد من فقده
إذا الليالي قربت نازحاً
وكنت مشتاقاً إلى شهده
أملك عنه النفس في قربه
خوفاً من الوحشة في صده
وإن أر الحزن على فائت
أضر بي الحزن ولم يجده

نــجــم
15-06-2011, 07:31 AM
أنا وأخت المهاة والقمر


آه من الحب كله عبر
عندي منه الدموع والسهر
وويح صرعى الغرام إنهم
موتى ، وما كفنوا ولا قبروا
يمشون في الأرض ليس يأخذهم
زهو ولا في خدودهم صعر
لو ولج الناس في سرائرهم
هانت ، وربي ، عليهم سقر
ما خفروا ذمة ، ولا نكثوا
عهداً ، ولا مالاًوا ولا غدروا
قد حملوا الهون غير ما سأم
لولا الهوى للهوان ما صبروا
لم يبق مني الضنى سوى شبح
يكاد ، لولا الرجاء ، يندثر
أمسى وسادي مشابهاً كبدي
كلاهما النار فيه تستعر
أكل صب ، يا ليل ، مضجعه
مثلي فيه القتاد والإبر
لعل طيفاً من هند يطرقني
فعند هند عن شقوني خبر
ما بال هند علي غاضبة
ما شاب فودي وليس بي كبر
ما زلت غض الشباب لا وهن
يا هند في عزمتي ولا خور
لا در در الوشاة قد حلفوا
أن يفسدوا بيننا وقد قدروا
واهاً لأيامنا .. أراجعة ؟
فانهن الحجول والغرر
أيام لا الدهر قابض يده
عني ، ولا هند قلبها حجر

نــجــم
15-06-2011, 07:32 AM
لم أنس ليلاً سهرته معها
تحنو علينا الأفنان والشجر
غفرت ذنب النوى بزورتها
ذنب النوى باللقاء يغتفر
بتنا عن الراصدين يكتمنا
الأسودان : الظلام والشعر
ثلاثة للسرور ما رقدوا
أنا وأخت المهاة والقمر
فما لهذي النجوم ساهية
ترنو إلينا كانها نذر؟..
إن كان صبح الجبين روعها
فإن ليل الشعور معتكر
أو انتظام العقود أغضبها
فإن در الكلام منتثر
وما لتلك الغصون مطرقة
كأنها للسلام تختصر
تبكي كأن الزمان أرهقها
عسراً ، ولكن دموعها الثمر
طوراً على الأرض تنثني مرحاً
وتارة في الفضاء تشتجر
فأجلفت هند عند رؤيتها
وقد تروع الجآذر الصور
هيفاء لو لم تلن معاطفها
عند التثني خشيت تنكسر
من اللواتي - ولا شبيه لها -
يزينهن الدلال والخفر
في كل عضو وكل جارحة
معنى جديد للحسن مبتكر
تبيت زهر النجوم طامعة
لو أنها فوق نحرها درر
رخيمة الصوت إن شددت لفتت
لها الدراري وأنصت السحر
أبثها الوجد وهي لاهية
أذهلها الحب فهي تفتكر
يا هند كم ذا الأنام تعذلنا
وما أثمنا ولا بنا وزر
فابتدرت هند وهي ضاحكة :
ماذا علينا وإن هم كثروا
فدتك نفسي لو أنهم عقلوا
واستشعروا الحب مثلنا عذروا
ما جحد الحب غير جاهله
أيجحد الشمس من له بصر ؟
ذرهم وغن جلبوا وإن صخبوا
ولا تلمهم فما هم بشر!
سرنا الهويناء ما بنا تعب
وقد سكتنا وما بنا حصر
لكن فرط الهيام أسكرنا
وقبلنا العاشقون كم سكروا
فقل لمن يكثر الظنون بنا
ما كان إلا الحديث والنظر
حتى رأيت النجوم آفلة
وكاد قلب الظلام ينفطر
ودعتها والفؤاد مضطرب
أكفكف الدمع وهو ينهمر
وودعتني ومن محاجرها
فوق العقيق الجمان ينحدر
قد أضحك الدهر ما بكيت له
كأنما البين عنده وطر
كانت ليالي ما بها كدر
والآن أمست وكلها كدر
إن نفد الدمع من تذكرها
فجادها بعد أدمعي المطر
عسى الليالي تدري جنايتها
على قتيل الهوى فتعذر

نــجــم
15-06-2011, 07:32 AM
أنا وهي


جلست إليها والتزام بنا يعدو
إلى حيث لا واش هناك ولا ضد
قد انتظت هذي القطارات في الثرى
كأن الثرى جيد وتلك لها عقد
بلى ، هي عقد بل عقود، ألا ترى
على الأرض أسلاكاً تدور فتمتد؟
يسير فيطوي الأرض طياً كأنما
دواليبه أيدي، كأن الثرى برد
فكالطود إلا أن ذياك ثابت
وكالريح إلا أن هاتيك لا تبدو
توهمته من سرعة السير راكداً
وأن الدنى فيمن على ظهرها تعدو
تحوم عليه المركبات كأنه
مليك وتلك المركبات له جند
تقصر عنه الريح إما تسابقا
فكيف تجاريه المطهمة الجرد؟
على أنه في كف عبد زمامه
فيا من رأى ملكاً يصرفه عبد
كأني به، يا صاح، دار ضيافة
يغادره وفد ويقصده وفد
خلوت بمن أهوى به رغم عاذلي
ولم يك غير القرب لي ولها قصد
فسار بنا في الأرض وخداً كأنما
درى أن ما نبغيه منه هو الوخد
فما راعني والله إلا وقوفه
فقد كنت أخشى أن يفاجئنا وغد
ولما انتهى من سيره وإذا بنا
على شاطئ البحر الذي ما له حد
هناك وقفنا والشفاه وصوامت
كأن بنا عياً وليس بنا وجد
سكننا ولكن العيون نواطق
أرق حديث ما العيون به تشدو
سكرنا ولا خمر ولكنه الهوى
إذا اشتد في قلب امرئ ضعف الرشد
فقالت وفي أجفانها الدمع جائل
وقد عاد مصفراً على خدها الورد
ألا حبذا، يا صاحبي،الموت ههنا
إذا لم يكن من تذوق الردى بد
فيالك من فكر مخيف وهائل
ويا لك من مرآى يرق له الصلد
فقلت لها إني محب لكل ما
تحبين ، إن السم منك هو الشهد
فقالت أمن أجلي تحن إلى الردى؟
دع الهزل إن المرء حليته الجد
فقالت لها لو كنت في الخلد راتعاً
ولست معي والله ما سرني الخلد
فإن لم يكن مهد إليك يضمني
فيا حبذا، يا هند، لو ضمنا لحد
فقالت لعمر الحق إنك صادق
فدمت على ود ودام لك الود
فلو لم أكن من قبل أعشق حسنها
لهمت بها والله حسبي من بعد

نــجــم
15-06-2011, 07:32 AM
أنت والكأس


أنت والكأس في يدي
فلمن أنت في غد
فاستشاطت لقولتي
غضباً في تمرد
وأشاحت بوجهها
وادعت أنني ردي!
كاذب في صبابتي
ماذق في توددي
قلت:عفواً،فإنها
سورة من معربد
وجرى الصلح، والتقى
ثغرها ثغري الصدي
أذعن القلب طائعاً
بعد ذاك التمرد
فنعمنا هنيهة
بالولاء المجدد
بين ماء مصفق
وهزار مغرد
ثم عادت وساوسي
فانا في تردد
راعها مني السكو
ت فذمت تبلدي
قالت : الحب سرمد
قلت : لا شيء سرمدي
أتحبيني إذا
زال مجدي وسؤددي؟
فأجابت لفورها
أنت ، لا المجد ، مقصدي
قلت: هل تحفظين عهـ
ـدي إذا ضاع عسجدي؟
فأجابت برقة
أنت ، ما عشت ، سيدي
كنت كالشمس في الغنى
أم فقيراً كجدجد
حسناً .. قلت ضاحكاً:
يا ملاكي وفرقدي
إنما هل يدوم لي
حبك المشرق الندي
إن حنى الدهر قامتي
ومحا الشيب بفدفد؟
قالت: الشك آفة الحـ
ـب فانبذه تسعد
ليس حبيبك للصبا
لست فيه بأوحد
بل لما فيك من صفا
ت ،ومن طيب محتد
قلت، والشك رائح
فمي ضميري ومغتد:
وإذا غالتي الحما
م وأصبحت في غد
جثة لفها الثرى
بالظلام المؤبد
ليس فيها لصاحب
أرب أو لحسد
وسرى الدود حولها
يتغذى ويعتدي
ومررت الغداة بي
فمررت بجلمد
ونظرت فلم تري
غير عظم مجرد
بعثرته يد البلى
كنافيات موقد
هل تحبيني إذن
لخلالي ومحتدي؟
ويك! صاحت ودمعها
كجمان مبدد
كم تظن الظنون بي
أيها الزائغ اهتد
أشهد الصبح فائضاً
في مروج الزبرجد
أشهد الليل لابساً
طيلسان التمرد
أشهد الغيث معطياً،
أشهد الحقل يجتدي
وذوات الجناح من
باغم أو مغرد
والأزاهير والشذى
في وهاد وأنجد
أشهد الأرض والسما
أشهد الله موجدي
سوف أحيا كما ترى
للهوى والتوجد
فأناجيك في الضحى
وهو أمراس عسجد
و أناجيك في المسا
والأصيل المورد
في الربى تخلع الجما
ل بروداً وترتدي
والسواقي لها غنا
ء كألحان معبد
والعصافير أقبلت
نحوها للتبرد
أسهر الليل وحشة
بفؤاد مشدد
وإذا نمت نمت كي
يطرق الطيف مرقدي
فيظل الهيام بي
ينتهي حيث يبتدي
وبحزن تنهدت
فاستجاشت تنهدي
فاعتنقا سويعة
مثل جفن مسهد

نــجــم
15-06-2011, 07:32 AM
أفلت الأمس هارباً
وغد؟ ليس من غد؟
صرت وحدي وليس لي
أرب في التوحد
يا نديمي إلى الكؤو
س ، ويا منشد انشد
زد لي الخمر كلما
قلت: (( يا صاحبي زد ))
لا تقل أي موسم
ذا ، فذا يوم مولدي!
أنا ، مازلت في الحيا
ة ، لي شبابي وسؤودي
ولجيني وعسجدي،
وخلالي ومحتدي
إنما ((تلك)) أخلفت
قبل ليلن موعدي
لم تمت.. لا ، وإنما
أصبحت في سوى يدي!

نــجــم
15-06-2011, 07:33 AM
آفة الحب أنه
في قلوب وأكبد
فهو كالنار لم تدم
في هشيم لموقد

نــجــم
15-06-2011, 07:33 AM
أنت...


مهبط الوحي مطلع الأنبياء
كيف أمسيت مهبط الأرزاء؟
في عيون الأنام عنك نبوٌّ
لم يكن في العيون ِ لو لم تسائي
أنت كالحرّة التي انقلب الدّهْـ
ـرُ عليها فأصبحت في الإماء
أنت كالبردة الموشّاة أبلى الـ
ـطّيّ والنّشر ما بها من وراء
أنت مثل الخميلة الغنّاء
عرّيت من أوراقها الخضراء
أنت كاللـّيث قلـّم الدّهر ظفريـ
ـه وأحنى عليه طول الثـّواء
أنت كالشّاعر الذي ألف الوحـ
ـدة... في محفل من الغوغاء
أنت مثل الجبّار يرسف في الأغـ
ـلال في مشهدٍ من الأعداء
لو تشائين كنت أرفه حالاً
أو لست قديرة أن تشائي
أنا ما زلت ذا رجاءٍ كثيرٍ
ولئن كنت لا أرى ذا رجاءٍ
قد بكى التَارِكوك منك قنوطاً
فبكى الساكنوك خوف التّنائي
كثر النّائحون حولك حتّى
خلت أني في حاجةٍ للعزاء
بدلوا دمعهم وصنت دموعي
إنّما اليائسون أهل البكاء
لو تفيد الدُّموع شيئاً لأحيت
كلّ عافٍ مدامع الشُّعراءِ
أنت في حاجةٍ إلى مثل (موسى)
لست في حاجةٍ إلى (أرمياء)

نــجــم
15-06-2011, 07:33 AM
مقلة الشّرق! كم عزيز علينا
أن تكوني رميّة الأقذاءِ
شرّدت أهلك النّوائب في الأر
ض وكانوا كأنجم الجوزاء
وإذا المرء ضاق بالعيش ذاعاً
ركب الموت في سبيل البقاء
لا يُبالي مُغرّبٌ في ذويهِ
أن يراهُ ذووه في الغرباء

نــجــم
15-06-2011, 07:33 AM
أرضَ آبائنا عليك سلامٌ
وسقى الله أنفس الآباء
ما هجرناك إذ هجرناك طوعاً
لا تظنّي العقوق في الأبناء
يسأم الخُلدُ والحياة نعيمٌ
أفتررضى الخلود في البأساء؟
هذه أرضنا بلاقع، تمشي
فوقها كلّ عاصف هوجاء
هذه جورنا منازل للبُو
م ِ وكانت منازل الورقاء
بدّلتها السّنون شوكاً من الزّهـ
ـر وبالوحش من بني حوّاء
ما طوت كارثاً يد الصُّبح إلا
نثرته لنا يد الإمساء
نحن في الأرض تائهون كأنّا
قوم موسى في اللّيلة اللّيلاء
تترامى بنا الرّكائب في البيـ
ـداءِ طوراً؛ وتارة ً في الماء
ضعفاءٌ محقـّرون كأنّا
من ظلام ٍ والنّاس من لألاء
واغتراب القويّ عزٌّ وفخرٌ
واغترابُ الضّعيف بدء الفناء
عبنا البيض أنّنا غير عجم ٍ
والعِبَدّى بالسّحنةِ البيضاء
ويح قومي قد أطمع الدّهر فيهم
كلّ قوم ٍ حتى بني السّوداء
فإذا فاتنا عدُوٌ تجنى
فأرانا الأحباب في الأعداء
أطربتنا الأقلام لمّا تغنّت
بالمساواة بيننا والإخاء
فسكرنا بها فلمّا صحونا
ما وجدنا منها سوى أسماء!!

نــجــم
15-06-2011, 07:33 AM
نحن في دولةٍ تلاشت قواها
كالنّضار المدفون في الغبراء
أو كمثل الجنين ماتت به الحا
مل حياً يجول في الأحشاء
عجباً كيف أصبح الأصل فرعاً
والضّحى كيف حلّ في الظّلماء
ما كفتنا مظالم التّرك حتى
زحفوا كالجراد أو كالوباء
طردوا من ربوعهم فأرادوا
طردنا من ربوعنا الحسناء
ما لنا، والخطوب تأخذ منّا
نتلهّى كأنّنا في رخاء
ضيم أحرارنا وريع حمانا
وسكتنا، والصّمت للجبناء
نهضة تكشف المذلّة عنّا
فلقد طال نومنا في الشّقاء
نهضة تلفت العيون إلينا
إنّ خوف البلاء شرّ بلاء
نهضة يحمل الأثير صداها
للبرايا في أوّل الأنباء
مخضة تبلغ النفوس مناها
فهي مشتاقة إلى الهيجاء
إن ذا المللك هيكلٌ نحن فيه الـ
ـقلب والقلب سيد الأعضاء
زعم الخائنون أنّا بما نبغـ
ـيه نبغي الوصول للعنقاء
سوف يدرون أنما العرب قومٌ
لا يبالون غير رب السماء
يوم لا تنبت السّهول سوى النّا
س وغير الأسنّة السّمراء
يوم تمشي على جبال من الأشـ
ـلاء تمشي في أبحر من دماء
يوم يستشعر المراؤون منّا
إنّماالخاسرون أهل الرّياء

نــجــم
15-06-2011, 07:58 AM
أنفس العشاق

بالأمسِ باردني صديقٌ حائرُ يستفهمُ
أجهنمٌ نارٌ ؟ كم زعمَ الهداةُ وعلّموا ؟
أم زمهريرٌ قارسٌ قاسٍ وكونٌ مظلمُ ؟
فأجبتهُ ، ما الزمهريرُ وما اللظى المتضرمُ
بجهنمٍ ! .. لكنما أن لا تُحبَّ جهنمُ
يا صاحبي ، إنَّ الخواءَ هو العذابُ الأعظمُ
ألقلبُ إلاَّ بالمحبةِ منزلٌ متردمُ
هي للجراحةِ مرهمٌ ، هي للسعادةِ سلمُ
هي في النجومِ تالقٌ ، هيَ في الحياةِ ترنُّمُ
هي انفسُ العشاقِ في غسقِ الدُّجى تتبسمُ

نــجــم
15-06-2011, 07:58 AM
أقوى من الشيب والهرم

ما زلتُ أحسبُ أنَّ الحُبَّ زايلني
حتَّى نظرتُ إليها وهي تبتسمُ
فاهتزَّ قلبي كما تهتزُّ نابتةٌ
في القفرِ مرَّ عليها النُّورُ والنَّسمُ
يا حُبّها لا تخف شيباً ولاَ هرَماً
فلَيسَ يقوى عليكَ الشيبُ والهَرمُ

نــجــم
15-06-2011, 08:06 AM
إلى الفاتح


"ألا نبى"، لو طبعنا الشّمس يوماً
وقلّدنا كها سيفاً صفيحا
ورصّعناه بالشُّهب الدّراري
لما زدناك فخراً أو مديحا
لأنّك أشجع الأبطال طرأ
وأعظم قادة الدّنيا فتوحا
إذا ما مرّ ذكرك بين قوم ٍ
رأيت أشدهم عيّاً فصيحا
فكم داويت سورياً مريضاً
وكم أسقمت تركياً صحيحا
وكم قد صنت في بيروت عرضاً
وكم أمنت في الشهباء روحا
غضبت على " الهلال " فخر ذعراً
ولحت له فحاذر أن يلوحا
عصفت بهم فأمسى كل حصن
لخيل النصر ميداناً فسيحا
مشت بك همة فوق الثريا
فزلزلت المعاقل والصروحا
من الوادي إلى صحراء سينا
إلى أن زرت إياك الضريحا
إلى بحر الجليل إلى دمشق
تطارد دونك التركي القبيحا
فكان الجند كلهم يشوعاً
وكانت كل سورية " أريحا "
فإن يكن المسيح فدى البرايا
فإنك أنت أنقذت المسيحا !

نــجــم
15-06-2011, 08:06 AM
إلى صديق

يا من قربت من الفؤاد
وأنت عن عيني بعيد
شوقي إليك أشد من
شوق السليم إلى الهجود
أهوى لقاءك مثلما
يهوى أخو الظمإ الورود
وتصدني عنك النوى
وأصد عن هذا الصدود
وردت نميقتك التي
جمعت من الدر النضيد
فكأن لفظك لؤلؤ
وكأنما القرطاس جيد
أشكو إليك ولا يلام
إذا شكى العاني القيود
دهراً بليداً ما ينيل
وداده إلا بليد
ومعاشراً ما فيهم
إن جئتهم غير الوعود
متفرجين وما التفرج
عندهم غير الجحود
لا يعرفون من الشجاعة
غير ما عرف القرود
سيان قالوا بالرضى
عني أو السخط الشديد
من ليس يصدق في الوعود
فليس يصدق في الوعيد
نفر إذا عد الرجال
عددتهم طي اللحود
تأبى السماح طباعهم
ما كل ي مال يجود
أسخاهم بنضاره
أقسى من الحجر الصلود
جعد البنان بعرضه
يفدي اللجين من الوفود
ويخاف من أضيافه
خوف الصغير من اليهود
تعس امرئ لا يستفيد
من الرجال ولا يفيد
وأرى عديم النفع ان
وجوده ضرر الوجود

نــجــم
15-06-2011, 08:13 AM
الماهدون في المجهر

ألاربعونَ لو انها تتكلمُ
لروتْ لنا قِصصَ الغطائمِ عنكمُ
ولحدثتنا كيفَ عن أعشاشكمُ
طرتمِْ بأجنحةِ المنى إذ طرتمُ
يومُ الفراقِ كظتمُ آلامكُمْ
وأخفُّ من ألمِ الفِراقِ جهنمُ
وبكى الأحبةُ حولكُمْ وجفونكُمْ
تعصي البكا ، حُزنُ الجبابر أبكُم
أيدٍ تودّعُ موطناً وعشيرةً
ومطامحٌ خلفَ البحارِ تسلمُ
ضاقتْ على أحلامِهمْ تلكَ القرى
فاخترتُم الدينا الوساعَ لتحلموا
وغزوتُمُ الآفاقَ لا زادَ لكُمْ
إلا الصبا المتوثبُ المتضرمُ
كالليثِ ليسَ لهُ سلاحٌ في السَّرى
إلا مخالبهُ التي لا تثلم
تتخيلونَ البحرَ شُقَّ لتعبروا
وانداحَ بينَ الشاطئينِ لتسلموا
والدرُّ مخبوءاً لكُمْ في قاعهِ
كي تخرجوهُ وتغنموا ما شئتمُ
والموجُ إذ يطغى ويهدرُ حولكُمْ
جوقاً لطردِ همومكُمْ يترنمُ
وإذا النجوم تُألقتْ تحتَ الدجى
خلتم لأجلكُم تضيء الأنجمُ
وحسبتمُ شمَّ الجبالِ سلالماً
نصبتْ لكم كي تصعدوا فصعدتمُ
والشمسُ منجمُ عسجدٍ متكشفٍ
لذوي الطموحِ وأنتمُ أنتمْ هُمُ
ولكم تلثمتِ الحقائقُ بالرؤى
كالأرضِ يغشاها السرابُ الموهمُ
لتطلَّ من أرواحنا أشواقها
فتطوفُ حولَ خدورها ونحومُ
لم تقنعوا كالخاملينَ بأنكُمْ
لكمُ شرابٌ في الحياةِ ومطعمٌ
لو أن تكون حياتُكُمْ كحياتهم
عبثاً يموتُ بهِ الوقارُ ويعدمُ
وتأففاً في الليلِ وهو منورٌ
وتبرماً في الصبحِ وهو يبتسمُ
لو أن يكونَ تراثكم كتراثهم
قصرٌ عفا أو هيكلٌ متردمُ
وحديث أسلافٍ قد التحفوا الفنا
فهُمُ سواءٌ في القياسِ وجرْهُمْ
من يقتربْ من أمسِ يبعدُ عن غدٍ
ويعشْ مع الموتى ويصبح منهمُ !
وكرهتمُ أن تنقضي أيامُكُمْ
شكوى لمن يرثي ومن لا يرحمُ
أو أن يبيتَ على الحضيضِ مُقامكُمْ
والدودُ يزحفُ فوقهُ والأرقمُ
فنفرتمُ كالنحلِ ، ما من زهرةٍ
فيها جنى ، إلا وفيها مغنمُ
في كل شطَّ ماردٌ ، في كلَّ طودٍ
قشعمٌ ، في كل وادٍ ضيغمُ
ألمجدُ مطلبكُمْ وأنتمْ سَّهدٌ
والمجدُ حامكُمُ وأنتمْ نُوَّمُ
لا شيءَ صعبٌ عندكُمْ حتى الردى
ألصعبُ عند نفوسكمُ أن تجحموا
يا بضعةً من أمةٍ ، هي أمَّةٌ
في ذاتها ، ولها طرازٌ مُعْلمُ
فيكُمْ جميعُ صفاتها وخلالها
والروضُ يحويهِ عطوراً قمقمُ
إنَّ الألى عابوا الجهادَ عليكُمُ
علكوا مداركُهمْ ولم يستطعموا ...
طلبوا السلامةَ في القعودِ ففاتهُمْ
دركُ الثراءِ وبعدَ ذا لم يَسلموا
هؤلاءُ دودُ القزَّ أحسنُ منهمُ
وأجلُّ في نظر الحياةِ وأفهمُ !
قالوا كهولٌ قد تضرمَ عصرهمْ
ليت الشبابَ منَ الكهولِ تعلموا !
إنْ لم تشيدوا كالأوائلِ (تدُمراً)
أو (بعلبكَّ) فإنكُمْ لم تهدموا
ولكُمْ غدٌ وجماُلهُ وبهاؤهُ
ولكُمْ من الأمسِ النفيسِ القيَّمُ

نــجــم
15-06-2011, 08:13 AM
حدثتُ نفسي والقطارُ يخبُّ بي
عجلانَ يخترقُ الدَّجى ويدمدمُ
فسألتُها مستفهماً ، ولربما
سألَ العليمُ سواهُ عمَّا يعلمُ
ما أحسنَ الأيامَ ؟ قالتْ: يومكُمْ !
والناسَ؟ فابتدرتْ وقالتْ: أنتمُ
والدورَ؟ قالتْ: دوركُمْ: والمالَ؟
قالتْ: إنَّ أحسنهُ الذي أنفقتمُ
والحسنَ؟ قالتْ: كلُّ ما أحببتمُ
والأرضَ؟ قالتْ: أينما استوطنتمُ
ما كانَ أكملَ يومكُمْ وأتمهُ
لو لم يكُنْ في مهدِ عيسى مأتمُ
وكذا الحياةُ ، قديُمها وحديثُها ،
ذكرى نُسرُّ بها وذكرى تؤلمُ

نــجــم
15-06-2011, 08:13 AM
المدخن

وقعت نحلة على الأقحوان
فإذا في الفقير شهد
ومشت بعدها على الأغصان
دودة فالغصون جرد
وهمى الغيث في الحقول ففيها
شجر وارف وزهر
وأصاب الرمال كي يحييها
فها ميت وقبر
أنا غيث ، فإن وجدتك حقلاً
فأنا العشب والشجر
غير أني، إذا لقيتك رملاً،
لست شيئاً حتى المطر
وأنا الأقحوان سيان عندي
عشت يوماً أو بعض يوم
لا أبالي الفناء إن كان مجدي
في فنائي أو مجد قومي
إن تغب في فراشة ألواني
فأنا زهرة تطير
وإذا انحل في الشعاع كياني
فأنا في الضحى عبير
جنبوني الفناء في الديدان
إنه المصرع الكريه
وانعدام الأريج والألوان
واندثار لا مجد فيه
كن شعاعاً يبين فيه كياني
لا ظلاماً ولا رغام
ولأعش في الشعاع بضع ثوان
فهي خير من ألف عام

نــجــم
15-06-2011, 08:13 AM
المجنون

أطار عني النومَ صوتٌ في الدجى
كأنه دمدمةُ الشلالِ
يصرخُ ، والريحُ تردّد الصدى
في أذنِ الفضاءِ والتلالِ
ياليلُ قفْ هنيهةً قبالي
تر البرايا وأر الليالي
أنا الشادي ، أنا الباكي ،
أنا العاري ، أنا الكاسي
أنا الخمرةُ والدنُّ ،
أنا الساقي ، أنا الحاسي

نــجــم
15-06-2011, 08:13 AM
خلعتُ ثوباً لم تفصلهُ يدي
وهمتُ في الوادي بلا سربالِ
وخلتني انطلقتُ من سلاسلي
وخلصتْ ذاتي من الأوحالِ
فلم أزل أرسفُ في أغلالي
ولم أزل في حندسِ المحالِ
فما أبكي من الغربةِ
عن جارٍ وعن خدنِ
فقد يرجعُ جيراني
وتبقى غربتي عني

نــجــم
15-06-2011, 08:13 AM
عرفتُ في النهار كل مقبلٍ
ومدبرٍ ، وما عرفتُ حالي
واستترتْ عني السهولُ والربى
تحتَ الدجى ، والبحرُ ذو الأهوالِ
لكنما لم تستتر آمالي
عني ولا نقصي ولا كمالي
ولا ضعفي ، ولا عزمي ،
ولا قبحي ، ولا حسني
فكم أهربُ من نفسي
وما لي مهربٌ مني

نــجــم
15-06-2011, 08:13 AM
فقلتُ من هذا ؟ فقالَ صحبي
موسوسٌ يهذي من الخبالِ
يأوي إلى الأدغال في نهارهِ
كأنه جزءٌ من الأدغالِ
وفي الدجى لهُ صراخٌ عالِ
كأنهُ والليلِ في نضالِ
كأنَّ الليلَ يوثقهُ
بأغلالِ وأمراسِ
ويضربُ جسمهُ العاري
بسوطِ الظالم القاسي

نــجــم
15-06-2011, 08:14 AM
ما أن رآهُ أحدٌِ إلا رآهُ
شاخصَ الطرفِ إلى الاعالي
كأنما يرقبُ ركباً صاعداً
أو هابطاً وليسَ غير الآلِ
كأنما يخشى على الهلالِ
وسائرِ الشهبِ من الزوالِ
فصاحَ الصوتُ : ما أرجوهُ
في نفسي وما أحذرُ
فمهما رحبَ الأفقُ
فنفسي الأفقُ الأكبرُ

نــجــم
15-06-2011, 08:14 AM
ليس جلالُ الليلِ ما أدهشني
وإنما أدهشني جلالي
ولا جمالُ الشهبِ ما حيرّني
وإنما حيَّرني جمالي
إن كانَ بي شوقٌ إلى وصالِ
فإنما شوقي إلى خيالي
توشحتُ الضحى والليلَ
في أنسي وفي حزني
فما زادَ الدجى خوفي
ولا ذادَ الضحى أمني

نــجــم
15-06-2011, 08:14 AM
لم أهجرِ الناسَ فأصنافُ الورى
من السلاطينِ إلى الموالي
إلى ذوي العلم ، إلى أهلِ الغنى
من واصلِ وهاجرٍ وسالِ
وحاضرٍ وسابقٍ وتالِ
في قبضتي ( اليمنى ) بلا جدال
تلاقى الأحمقُ الجاهلُ
والعلمُ في كفي
ومن كانَ لهُ إلفٌ
ومن كانَ بلا إلفِ

نــجــم
15-06-2011, 08:14 AM
وفي يدي ( الشمالُ ) أشكالُ المنى
وصورُ اليقينِ والضلالِ
وكلُّ ما لعاقلِ أو جاهلٍ
من لذةٍ أو ألم قتالِ
وسائرُ الأمورِ والأحوالِ
وكلُّ شيءِ قالَ شخصٌ : ذا لي
وكانَ الليلُ قد أزمعَ
أن يحدو مطاياهُ
فسادَ الصمتُ في الوادي
كأن الموتَ يغشاهُ

نــجــم
15-06-2011, 08:14 AM
فسرتُ والفجرُ دليلي باحثاً
في الغابِ والسفوحِ والتلالِ
فلم أجدْ غير صريعٍ هامدٍ
منطرحٍ في جانبِ الشلالِ
(لا شيءَ) في قبضتهِ الشمالِ
وليس في اليمنى سوى (صلصالِ)

نــجــم
15-06-2011, 08:15 AM
المرأة والمرآة

أقامتْ لدى مرآتها تتأمَّلُ
على غفلةٍ مَّمنْ يلومُ ويعذلُ
وبين يديها كلَّما ينبغي لمنْ
يُصورُ أشباح الورى ويمثلُ
من الغيدِ تقلي كل ذاتِ ملاحةٍ
كما باتَ يقلي صاحب المالِ مُرملُ
تغارُ إذا ما قبلَ تلك مليحةٌ
يطيبُ بها للعاشقينَ التغزُّلُ
فتحمرُّ غيظاً ثُمَّ تحمرُّ غيرةً
كأنَّ بها حَّمى تجيءُ وتُقفلُ
وتضمرُ حقداً للمحدثِ لو درى
بهِ ذلكَ المسكينُ ما كادَ يهزلُ
أثارَ عليهِ حِقدها غير عامدٍ
وحقدُ الغواني صارمٌ لا يفلُلُ
فلو وجدتْ يوماً على الدَّهرِ غادةً
لأوشك من غلوائهِ يتحوَّلُ
فتاةٌ هي الطاووسُ عُجباً وذيلُها ،
ولمْ يكُ ذيلاً ، شعرُها المتهدَّلُ
سعتْ لاحتكارِ الحُسنِ فيها بأسرهِ
وكم حاولتْ حسناءُ مالا يؤمَّلُ
وتجهلُ أنَّ الحُسن ليسَ بدائمٍ
وإنْ هوَ إلاَّ زهرةٌ سوف تذبلُ
وأنَّ حكيمَ القومِ يأنفُ أنْ يرى
أسيرَ طلاءِ بعد حينٍ سينصلُ
وكلُّ فتى يرضى بوجهِ مُنمقٍ
من الناعماتِ البيضِ فهو مُغفلُ
إذا كان حُسنُ الوجهِ يُعى فضليةً
فإنَّ جمالَ النفسِ أسمى وأفضلُ
ولكنما أسماء بالغيدِ تقتدي
وكلُّ الغواني فعلُ أسماء تفعلُ
فلو أمنتْ سُخطَ الرّجالِ وأيقينتْ
بسخطِ الغواني أوشكتْ تترجلُ
قد اتخذتْ مرآتها مُرشداً لها
إذا عنَّ أمرٌ أو تعرّض مُشكلُ
وما ثمَّ من أمرٍ عغويصٍ وإنّما
ضعيفُ النُّهى في وهمهِ السهلِ مُعضلِ
تُكتمُ عَّمنْ يعقلُ الأمرَ سرَّها
ولكنَّها تفشيهِ ما ليسَ يعقلُ
فلو كانتِ المرآةُ تحفظُ ظلَّها
رأيتَ بعينيكَ الذي كُنتَ تجهلُ
وزادَ بها حبُّ التبرُّجِ أنَّهُ
حبيبٌ إلى فتيانِ ذا العصرْ أوَّلُ
ألموا بهِ حتى لقدْ أشبهوا الدُّمى
فما فاتهمْ ، واللهِ ، إلا التكحلُ
فتى العصرِ أضحى في تطريهِ حجةً
تُقاتلنا فيها النساءُ فتقتلُ
إذا ابتذلتْ حسناءُ ثُمَّ عذلتها
توَّلتْ وقالتْ كلُّكم متبذَّلُ

نــجــم
15-06-2011, 08:15 AM
المودة

ما لهندٍ وكل حسناء هند
كل يوم ٍ تبدو بزيٍّ جديدِ
تلبس الثّوب يومها وهي تطريــه، وتطريه عندها كل خود
فإذا جاء غيرهُ أنكرتهُ
فرأينا الحميد غير حميد
أولعت نفسها بكلِّ طريفٍ
ليتها أولعت ببعض التّليد
أصبحت تعشق المشدَّ ولم أبــصر طليقاً متيّماً بالقيود
رحمة ً بالخصور أيتها الغيــد ورفقاً رفقا

نــجــم
15-06-2011, 08:15 AM
الابريق

ألا أيها الابريقُ ما لك والصلفْ
فما أنت بلورٌ ولا أنت من صدف
وما أنتَ إلاَّ كالأباريقِ كلَّها
ترابٌ مهينٌ قد ترقَّى إلى خزفْ
أرى لك أنفاً شامخاً غيرَ أنهُ
تلفع أثوابَ الغُبارِ وما أنفْ
ومستهُ أيدي الأدنياء فما شكا
ومصتهُ أفواه الطغامِ فما وجف
وفيك اعتزازٌ ليسَ للديكِ مثلهُ
ولست بذي ريشٍ تضاعف كالزغفْ
ولا لك صوتٌ مثلهُ يصدعُ الدجى
وتهتفُ فيه الذكرياتُ إذا هتفْ

نــجــم
15-06-2011, 08:15 AM
وأنصتُّ أستوحيهِ شيئاً يقولهُ
كما يسكتُ الزوارُ في معرض التحفْ
وبعد ثوانٍ خلتُ أني سمعتهُ
يُثرثِرُ مثل الشيخِ أدركهُ الخرفْ
فقالَ : (( سقيتُ الناسَ )) ، قلتُ له : أجلْ
سقيتهمُ ماءَ السحابِ الذي وكَفْ
ودمعَ السواقي والعيونِ الذي جرى ،
وماءَ الينابيعِ الذي قد صفا وشفْ
فقالَ : ليذكُرْ فضليَ الماءُ وليُشدْ
بمدحي ، ألم أحِملهُ ؟ قلتَ : لك الشرف !
فقالَ : ألم أحفظهُ؟ قلتُ : ظلمتهُ
فلولاهُ لم تُنقل ، ولولاك ما وقف !

نــجــم
15-06-2011, 08:15 AM
الاشباح الثلاثة

راودني النومُ وما برحا
حتى طأطأتُ له راسي
أطبقتُ جفوني فانفتحا
باب الرؤيا والوسواس
أبصرتُ كأني في موضع
ما فيه غيرُ الأرواح
فوقفتُ بعيداً أتطلّع
فلمحتُ لاثة أشباح
ولدٌ يتهادى في العشر
وفتًى في بُرد العشرينا
والثالثُ شيخٌ في طمرِ
ذو جسمٍ يحكي العرجونا
وإذا بالأوَّل يقترب
مني كالطائر في الوثب
فشعرتُ كأني أضطرب
وكأنَّ خطاهُ على قلبي
يا نفسي ما هذا الفرقُ ؟
لا رمحٌ معه ولا نبلُ
ولماذا الخشيةُ والقلقُ
والخلقُ أحبهُم الطفلُ
وإذا بالطفلِ يخاطبني
بكلام ٍ لا يتكلفهُ
ويمازحني ، ويداعبني ،
فكأني شخصٌ يعرفهُ
((مابالك منكمشاً كمدا؟
ُقم نلعب في فيء الشجر
ونهزُّ الأغصن والعُمدا
ونذودُ الطير عن الثمر
أو نصنعُ خيلاً من قصب
أو طيَّاراتٍ من ورق
ومدى وسوفاً من خشب
ونجول ونركضُ في الطرق
أو نأتي بالفحم القاتم
ونصورُ فوق الأبوابِ
تنيناً في بحرٍ عائم
أو ليثاً يخطرُ في غاب
أو كلباً يعدو ، أو حملا
يرعى ، أو نهراً ، أو هضبه
أو ديكا ينقدُ ، أو رجلا
يمشي ، أو مهراً ، أو عربه
أو نجبلُ ماء وترابا
ونشيدُ بيوتاً وقبابا
أو نجعلُ منه أنصابا
أو نصنعُ حلوى وكبابا
مثلتُ الطفل ودنياهُ
فاحبَّت نفسي دنياه
ووددتُ لو أني إياه
بل خلتُ كأني إيَّاه
فضحكت ولج بي الضحك
حتى استلقيت على ظهري
فاستيقظ في الولد الشك
فتوقف يعجبُ من أمري
ويقولُ : أيا هذا قدكا
فوحقك ذا الطيشُ الأكبر
ما تضحكُ مني بل منكا
إيَّاك أنا لو تتذكر !
وتوارى عني واحتجبا
كالموجةِ في عرض النهر
فتضايق قلبي واضربا
وارتجت روحي في صدري

نــجــم
15-06-2011, 08:15 AM
وإذا الشبحُ الثاني أقبل
يترنحُ مثل المخمورِ
ألليل على الدينا مُسدل
وعليه وشاحٌ من نور
معصوب المقلةِ والدربُ
وعرٌ وكثير ُالآفاتِ
كسفينٍ لسير لها ربُّ
تجري في بحر الظلُمات
ماذا في الأفقِ؟ فقد وقفا
يتأمَّلُ فيه ويبتسمُ
هل لاح له وجهُ عرفا
أم هزَّ جوارحهُ نغم؟
أم أبصر آلهة الحب
تدعوهُ إليها إيماء
لا شيء في الأفق الرحب
وكأن هنالك أشياءَ
ألطيرُ تغني للزهر
ويظنُّ الطير تساجلهُ
والزهرُ ترحبُ بالفجر
ويظنُّ الزهر تغازلهُ
ونظرتُ إليه في البرّ
يتمنى لو خاض البحرا
ونظرتُ إليه في البحرِ
يتمنى لو بالغ البرّا
يتأففُ من بطء الدهرِ
والدهرُ يسيرُ به وثبا
وينامُ ليحلم بالفجرِ
والفجرُ يضيء له الدربا
ويسائلُ عن كأس الخمر
ويسألهُ عنها الناسُ
في الليلِ ، وفي وضح الفجر
والخمرةُ فيه الكأسُ
فصبرت ولازمتُ الصمتا
حتى دانى الظلّ الظل
فأشرتُ إليهِ : من أنتا ؟
فأجاب : أنا ذاك الطفل
ومضى كالظلّ إذا انتقلا
وانا أرجو لو لم يمض
فأعدتُ لنفسي ما ارتجلا
فتعجب بعضي من بعضي

نــجــم
15-06-2011, 08:15 AM
3
ألشمسُ تزلُّ عن الأفقِ
كالروحِ المحتضر الساجي
غمرتها أمواجُ الغسق
فتوارت خلف الأمواجِ
والغيمُ الأسودُ يحتشدُ
طبقاً في الجوَّ على طبقِ
والليلُ يطولُ ويطَّردُ
والأرضُ كسارٍ في نفق
وإذا شيخٌ في صحراء
كالزورقِ في عرض البحر
أعياهُ الصلحُ مع الماءِ
وأضاع الدرب إلى البرَّ
يمشي في الرض على مهلٍ
وعلى حذر ، لكن يمشي
كالشاة تساقُ إلى القتل
بعصا جبَّارٍ ذي بطش
ياشيخُ ... لماذا لا تقف ؟
دميت رجلاك من الركض
فأجاب بصوتٍ يرتجف
ألأرضُ تسيرُ على الأرض !
ياشيخُ ... رويداً فالبدر
سيضيء الدرب فتسهدي
فأجاب : ويتلوهُ الفجرُ
لكن سيضيءُ لمن بعدي
أيلذُ لغصنِ منكسرٍ
عرَّتهُ الريحُ من الورق
أن يبصر في ضوءِ القمر
ما كان عليه على الطرُق ؟
ما لذةُ ميتٍ في الرمسِ
بالزَّهر الفوَّاح العطر
نور لا يشرق في النفس
كغباءِ في أذنِ الحجرِ
ما استخفت عني الأفلاكُ
والشهب ، بل استخفى حبي
لم تملأ دربي الأشواكُ
إن الأشواكلفي قلبي
يا شيخُ : شجاني ما قلتا
وزرعت بنفسي آلامك
من أنت ؟ أجاب : أنا أنتا
أنا ذاتك تمشي قدَّامك

نــجــم
15-06-2011, 08:16 AM
كم أبحث بين الأجرامِ
عني وأنقبُ في الأرض
أحلامي تطمر ُ أحلامي
بعضي مدفونُ في بعضي
لم أبصر ذاتي بالأمس
في لوح زجاجٍ أو ماء
بل لاحت نفسي في نفسي
فهي المرئية والرائي

نــجــم
15-06-2011, 08:17 AM
الاسرار

يا ليتني لصّ لأسرقَ في الضحى
سرَّ اللطاقةِ في النسيمِ الساري
وأجسَ مؤتلقَ الجمالِ بإصبعي
في زرقة الأفق الجميلِ العاري
ويبينَ لي كنهُ المهابة في الرُّبى
والسرُّ في جذل الغديرِ الجاري
والسحرُ في الألوان والأنغام وا
لأنداءِ والأشذاءِ والأزهار ِ
وبشاشةُ المرجِ الخصيبِ، ووحشةُ
الوادي الكئيب ، وصولةُ التيارِ
وإذا الدجى أرخى عليَّ سُدولهُ
أدركتُ ما في الليلِ من أسرارِ
فلكم نظرتُ إلى الجمالِ فخلتهُ
أدنى إلى بصري من الأشفارِ
فطلبتهُ فإذا المغالقُ دونهُ
وإذا هنالك ألفُ ألفِ ستارِ
بادٍ ويعجزُ خاطري إدراكهُ
وفتننتي بالظاهر المتواري !

نــجــم
15-06-2011, 08:17 AM
الذئاب الخاطفة

مابالُهم نقضوا العهود جهارا
وتعمدوا الإيذاء والإضرارا ؟
واستأسدوا لما رأوا ليث الشرى
عاف الزئير وقلم الأظفارا
داروا به والشرَّ في أحداقهم
ذا يدّعي حقاً وذلك ثارا
لؤمٌ لعمرُ أبيك لم ير مثلهُ
التاريخُ منذ استقراً الأخبارا
وخيانةٌ ما جاءها القومُ الألى
تخذوا مع الوحشِ القفار ديارا
أمس يحرضُ عاهل الألمان عن
أمسى يحرضُ في الخفا البلغارا
أمعاشر الإفرنج ليس شهامةً
ماتفعلون إذا أمنتم عارا
أمن المروءةِ أن يساء جوارنا
في حين انا لا نسيءُ جوارا؟
أمن المروءةِ أن يُطاطئ تاجه
ملكٌ ليملك في الثرى أشبارا؟
ألبغي مرتعهُ وخيم فاعلموا
والظلمُ يعقبُ للظلوم دمارا
إن تحرجوا الرئبال في عرينه
يذرُ السكوت ويركبُ الأخطارا
وكما علمتم ذلك الجيشُ الذي
يأبى ويأنفُ أن يرى خوارا
فالويلُ للدينا إذا نقض الكرى
والويلُ للايامِ إمّا ثارا
إني أرى ليلاً يخيمُ قوقنا
لا ينجلي حتى يشبُّ النارا
فحذار ثمَّ حذار من يومٍ به
يجري النجيعُ على الثرى أنهارا
يومٌ تباعُ به النفوس رخيصة
يوم يقصر هوله الأعمارا
يومٌ يكونُ به الجميعُ عساكراً
والكلُ يدخلُ في الوغى مختارا

نــجــم
15-06-2011, 08:18 AM
التمثال

من المرمرِ المسنون صاغوا مثالهُ
وطافوا به من كلَّ ناحيةٍ زمر
وقالوا - صنعناه لتخليد رسمه،
فقلتُ - ألا يفنى كما فني الأثر ؟
وقالوا - نصبناه اعترافاً بفضله ،
فقلتُ إذن من يعرف الفضل للحجر؟
وقالوا - غنيٌ كان يسخو بمالهِ
فقلتُ لهم هل كان أسخى من المطر؟
وقالوا - قويٌ عايش يحمي ذمارنا
فقلتُ لهم هل كان أسخى من المطر ؟
أكان غنياً أم قوياً فإنهُ
بمالكمُ استغنى وقوتكم ظفر
فلم يتعشقكم ولا همتم به
كما خلتم لكنه النفع والضرر
ولم ترفعوا التمثال للبأسِ والندى
ولكن لضعفٍ في نفوسكُم استتر
فلستم تحبون الغني إذا افتقر
ولستم تحبون القوي إذا اندحر
رأيتكمُ لا تعرجون بروضةٍ
إذا لم يكن في الروض فيء ولاثمر
ولا تعلفون الشاة إلا لتسمنوا ،
ولا تقتنون الخيل إلا على سفر
إذا كان حب الفضل شأنكم
ولم تخطئوا في الحسَّ والسمعِ والبصر
فما بالكم لم تكرموا الليل والضحى
ولم تنصبوا التمثال للشمس والقمر ؟

نــجــم
15-06-2011, 08:18 AM
التينة الحمقاء

وتينة غضة الأفنان باسقة
قالت لأترابها والصيف يحتضر
" بئس القضاء الذي في الأرض أوجدني
عندي الجمال وغيري عنده النظر "
لأحبسن على نفسي عوارفها
فلا يبين لها في غيرها أثر "
" كم ذا أكلف نفسي فوق طاقتها
وليس لي بل لغيري الفيء والثمر "
" لذي الجناح وي الأطراف بي وطر
وليس في العيش لي فيما أرى وطر "
" إني مفصلة ظلي على جسدي
فلا يكون به طول ولا قصر "

نــجــم
15-06-2011, 08:18 AM
" ولست مثمرة إلا على جسدي
إن ليس يطرقني طير ولا بشر "

نــجــم
15-06-2011, 08:18 AM
عاد الربيع إلى الدنيا بموكبه
فازينت واكتست بالسندس الشجر
وظلت التينة الحمقاء عارية
كأنها وتد في الأرض أو حجر
ولم يطق صاحب البستان رؤيتها ،
فاجتثها ، فهوت في النار تستعر
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به
فغنه أحمق بالحرص ينتحر

نــجــم
15-06-2011, 08:18 AM
الى الشبان المتفرنجين

يا أيها الشرقُ التعيسُ انظُرْ إلى
القومِ الذين شددتَ أزركَ فيهمُ
ما زلتَ تكلأهُمْ بطرفِ ساهرٍ
يُحيي الظلامَ وهُمْ هجودٌ نُومُ
والغربُ يرنو خائفاً أن يخلفوا
أجدادهُمْ ويودَّ لو لم ينعموا
حتى اذا طرَّتْ شواربهُمْ وباتَ
من الشبابِ لهمْ طرازٌ مُعلمُ
خرجوا عليكَ وأنتَ لا تدري وهُمْ
لا يشعرونَ ولو دروا لتندموا
يا طالما مثلوا لديكَ كأنَّهم
أسدُ الشَّرى فنسيتُ أنَّكَ تحلمُ
ورجوتَ ما يرجوهُ كلُّ أبٍ لدى
أبنائهِ ، إنَّ العقوق مُذَّممُ
ولطالما شِدتَ القصورَ من المنى
خابَ الرجاءُ وساءَ ما تتوهمُ
ألهتمُ الدينا فهذا بالطلى
صبٌّ وهذا بالحسانِ مُتيّمُ
قد أصبحوا وقفاً على شهواتهِمْ
يستسلمونَ لها ولا تستسلمُ
لم يهموا معنى الحياةِ وكنهها
انَّ البليةَ أنهمْ لم يفهموا
فليقلعوا عن غيّهمْ اني أرى
خورَ الشيوخِ بهم ولما يهرموا
قد قلدوا الغربيَّ في آفاقهِ
تقليدُهُ الشرقيُّ فيما يُِعصمُ
فتنتهُمُ لغةُ الأعاجمِ انما
لغةُ الأعاجمِ منهمُ تتبرمُ
أمسى الذي تُهدى اليه لآلئ
وكأنما هو بالحجارةِ يُرجمُ
لا تعذلِ الشعراءَ ان بخلوا بهِ
ان القريضَ على الغبيّ مُحرمُ
بتنا وباتَ الشَّرقُ يمشي القهقرى
مع ذاكَ نحسبُ أننا نتقدّمُ

نــجــم
15-06-2011, 08:19 AM
الخمر والدينا

يشربُ بنتَ الكرمِ بعض الناسِ
لكربةٍ في النفسِ أو وسواسِ
وبعضهمْ لأنهُ قد ظفرا
وبعضهمْ لأنهُ قد خسرا
وبعضهمْ لأنهُ في فرحِ
وبعضهمْ لأنهُ في ترحِ
وبعضهمْ كي يستردَّ الأمسا
وبعضهمْ يجرعها كي ينسى
وبعضهمْ ليستفيدَ قوَّهْ
وبعضهمْ لسورةِ الفتوَّهْ
وبعضهمْ كيما يحلُّ مشكلهْ
وبعضهمْ لأنهُ لا شغلَ لهْ
وبعضهمْ عن رغبةٍ وعن هوىَ
وبعضهم لعلهُ يرضي السَّوى
وبعضهمْ من حبَّهِ للبائعِ
وبعضهمْ نكايةً للمانعِ
وبعضهم يشربها أحيانا
وبعضهمْ في أيَّ وقتٍ كانا
وبعضهمْ مع صحبهِ في الدارِ
وبعضهمْ في حانةِ الخمَّارِ
وبعضهمْ مع زمرةِ الندمانِ
وبعضهمْ في وحدةِ الرهبانِ
وبعضهمْ في الصيفِ ذي الرمضاءِ
وبعضهمْ في زمنِ الشتاءِ
وبعضهمْ عند انجيابِ الظلمهْ
وبعضهمْ عند طلوعِ النجمة
وبعضهمْ يذُّمها استهجانا
وبعضهمْ يمدُحها استحسانا
لكنَّهم كلّهمُ يحسوها
ألمادحوها والمقبحّوها
فما وجدتُ في زماني رجُلا
وقلتُ : هل تحبُّها ؟ فقال: لا
وسرُّ هذا أنها كالدينا
تؤذي ولكن مع أذاها تُهوى

نــجــم
15-06-2011, 08:19 AM
الدمعة الخرساء


سمعت عويل النائحات عشية
في الحي يبتع الأسى ويثير
يبكين في جنح الظلام صبية
إن البكاء على الشباب مرير
فتجهمت وتلفتت مرتاعة
كالظبي أيقن أنه مأسور
وتحيرت في مقلتيها دمعة
خرساء لا تهمي وليس تغور
فكأنها بطل تكتفه العدى
بسيوفهم وحسامه مكسور
وجمت ، فأمسى كل شيء واجماً
ألنور، والأطلال، والديجور
ألكون أجمع ذاهل لذهولها
حتى كأن الأرض ليس تدور
لا شيء مما حولنا وأمامنا
حسن لديها والجمال كثير
سكت الغدير كأنما التحف الثرى
وسها النسيم كأنه مذعور
وكأنما الفلك المنور بلقع
والأنجم الزهراء فيه قبور
كانت تمازحني وتضحك فانتهى
دور المزاج فضحكها تفكير

نــجــم
15-06-2011, 08:19 AM
قالت وقد سلخ ابتسامتها الأسى :
صدق الذي قال - الحياة غرور !
أكذا نموت وتنقضي أحلامنا
في لحظة ، وإلى التراب نصير؟
وتموج ديدان الثرى في أكبد
كانت تموج بها المنى وتمور
خير إذن منا الألى لم يولدوا
ومن الأنام جلامد وصخور
ومن العيون مكاحل ومراود
ومن الشفاه مساحق وذرور
ومن القلوب الخافقات صبابة
قصب لوقع الريح فيه صفير !

نــجــم
15-06-2011, 08:20 AM
وتوقفت فشعرت بعد حديثها
أن الوجود مشوش مبتور
ألصيف ينفث حره من حولنا
وأنا أحس كأنني مقرور
ساقت إلى قلبي الشكوك فنغصت
ليلي ، وليس مع الشكوك سرور
وخشيت أن يغدو مع الريب الهوى
كالرسم لا عطر وفيه زهور
وكدمية المثال حسن رائع
ملء العيون وليس ثم شعور
فأجبتها : لتكن لديدان الثرى
أجسامنا إن الجسوم قشور

نــجــم
15-06-2011, 08:20 AM
لا تجزعي فالموت ليس يضيرنا
فلنا إياب بعده ونشور
إنا سبقنا بعد أن يمضي الورى
ويزول هذا العالم المنظور
فالحب نور خالد متجدد
لا ينطوي إلا ليسطع نور
وبنو الهوى أحلامهم ورؤاهم
وخلا الدجى منا وفيه بدور
فسترجعين خميلة معطارة
أنا في ذراها بلبل مسحور
يشدو لها ويطير في جنباتها
فتهش إذ يشدو وحين يطير
أو جدولاً مترقرقاً مترنماً
أنا فيه موج ضاحك وخرير
أو ترجعين فراشة خطارة
أنا في جناحيها الضحى الموشور
أو نسمة أنا همسها وحفيفها
أبداً تطوف في الربى وتدور
تغشى الخمائل في الصباح بليلة
وتؤوب حين تؤوب وهي عبير
أو تلتقي عند الكئيب ، على رضى
وقناعة ، صفصافة وغدير
تمتد فيه خيالها فيلفه
ويشف فهو المنطوي المنشور
يأوي إذا اشتد الهجير إليهما
ألناسكان : الظبي والعصفور
لها سكينتها ووارف ظلها
والماء إن عطشا لديه وفير
أعجوبتان - زبرجد متهدل
نام وتدفق تحته البلور
لا الصبح بينهما يحول ولا الدجى
فكلاهما بكليهما مغمور
تتعاقب الأيام وهي نضيرة
محضرة الأوراق ، وهي نمير
فالدهر أجمعه لديها غبطة
والدهر أجمعه لديه حبور
...

نــجــم
15-06-2011, 08:20 AM
فتبسمت وبدا الرضى في وجهها
إذا راقها التمثيل والصوير
عالجتها بالوهم فهي قريرة
ولكم أفاد الموجع التخدير
ثم افترقنا ضاحكين إلى غد
والشهب تهمس فوقنا وتشير
هي كالمسافر آب بعد مشقة
وأنا كاني قائد منصور
لكنني لما أويت لمضجعي
خشن الفراش علي وهو وثير
وإذا سراجي قد وهت وتلجلجت
أنفاسه فكأنه المصدور
وأجلت طرفي في الكتاب فلاح لي
كالرسم مطموساً وفيه سطور
وشربت بنت الكرم أحسب راحتي
فيها ، فطاش الظن والتقدير
فكأنني فلك وهت أمراسها
والبحر يطغى حولها ويثور
سلب الفؤاد رواه والجفن الكرى
هم عرا ، فكلاهما موتور
حامت على روحي الشكوك كأنها
وكأنهن فريسة وصقور
ولقد لجأت إلى الرجاء فعقني
أما الخيال فخائب مدحور
يا ليل أين النور؟ إني تائه
مر ينبثق ، أم ليس عندك نور؟
...

نــجــم
15-06-2011, 08:20 AM
" أكذا نموت وتنقضي أحلامنا
في لحظة وغلى التراب نصير؟ "
" خير إذن منا الألى لم يولدوا
ومن الأنام جنادل وصخور "

نــجــم
15-06-2011, 08:20 AM
الحاجة الى الخرس

ما كان أحوجني يوماً إلى أذنٍ
صماءَ إلا عن المحبُوب ذي الأنس
كي لا يصدع رأسي صوت نائحةٍ
ولا تقطع قلببي أنةُ التعيسِ
ولا يمرر نفسي الأدعياءُ ولا
ذم الأفاضل من ذي خسةٍ شرسِ
أقولُ هذا عسى حرٌ يقولُ معي
ما كان أحوج بعض النَّاس للخرس

نــجــم
15-06-2011, 08:20 AM
الحجر الصغير


سمع الليل ذو النجوم أنيناً
وهو يغشى المدينة البيضاء
فانحنى فوقها كمسترق الهمـ
ـس يطيل السكوت والإصغاء
فرأى أهلها نياماً كأهل الـ
ـكهف لا جلبة ولا ضوضاء
ورأى السد خلفها محكم البنـ
ـيان والماء يشبه الصحراء
كان ذاك الأنين من حجر في السـ
ـد يشكو المقادر العمياء
أي شأن يقول في الكون شأني
لست شيئاً فيه ولست هباء
لا رخام أنا فأنحت تمثا
لاً ، ولا صخرة تكون بناء
لست أرضاً فأرشف الماء ،
أو ماء فأروي الحدائق الغناء
لست دراً تنافس الغادة الحـ
ـسناء فيه المليحة الحسناء
لا أنا دمعة ولا أنا عين ،
لست خالاً أو وجنة حمراء
حجر أغبر أنا وحقير
لا جمالا ، لا حكمة ، لا مضاء
فلأغادر هذا الوجود وأمضي
بسلام ، إني كرهت البقاء
وهوى من مكانه ، وهو يشكو
الأرض والشهب والدجى والسماء
فتح الفجر جفنه .. فإذا الطوفان يغشى (( المدينة البيضاء ))

نــجــم
15-06-2011, 08:20 AM
الحرب العظمى

لو استطيعُ كتبتُ بالنيرانِ
فلقدْ عييتُ بكُمْ وعيَّ بياني
ولكدتُ أستحي القريضَ وأتقي
أنْ يستريبَ يراعتي وجناني
أمسى يُعاصيني لما جشَّمتُهُ
فيكُمْ وكنتُ وكانَ طوعَ بناني
يشكو إليَّ واشتكي إعراضكُمْ
الله في عانٍ يلوذُ بعانِ
عاهدتُهُ أنْ لا أثير شُجُونهُ
أو يستثير كوامنَ الأشجانِ
يا طالما استبكيتهُ فبكى لكُمْ
لولا الرّجاءُ بكيتهُ وبكاني
كم ليلةٍ احييتها مُتململاً
طرفي وطرفُ النَّجمِ مُلتقيانِ
تحنُو على قلمي يميني والدُّجى
حانٍ على الفتياتِ والفتيانِ
أجلو عرائسهُ لكُمْ وأزفها
ما بينَ بكرٍ كاعبٍ وعوانِ
مُتألماً فيكُمْ وفي أبنائكُمْ
وهُمُ وأنتمُ نائمو الأحزانِ
ما غالَ نومي حُبُّ معسولِ اللَّمى
ممنوعهِ ، لكنْ هوى الأوطانِ
أنفقتُ أيَّامِ الشبابِ عليكُمُ
في ذمةِ الماضي الشَّبابُ الفاني
***

نــجــم
15-06-2011, 08:21 AM
كمْ تسألوني أنْ أعيدَ زمانه
يا قومُ ،مرَّ زمانهُ وزماني
هانَ اليراعُ على البواتر والقنا
ما تصنعُ الأقلامُ بالمرّانِ
ليسَ الكلامُ بنافعٍ أو تغتدي
حُمرُ المضاربِ خلفَ كُلَّ لسانِ
والشعبُ ليسَ بمدركٍ آمالهُ
حتَّى يسير على النجيعِ القاني !..

نــجــم
15-06-2011, 08:21 AM
صَلَّ الحديدُ وشمرتْ عن ساقِها
وتنكَّرَ الإخوانُ للإخوانِ
فالخيلُ غاضبةٌ على أرسانها
والبيضُ غاضبةٌ على الأجفانِ
والموتُ من قدامِهمْ وورائِهمْ
والهولُ كلَّ ثنيةٍ ومكانِ
بسطت جناحيها ومدّتْ ظلها
فإذا جناحا السّلمِ مقصوصانِ
تغشى مواكبُها ثلاث غياهبٍ
من قسطلٍ ودُجنةٍ ودُخانِ
ويرُدُّ عنها كلَّ خائضٍ ُلجةٍ
سيلانِ : من ماءِ ومن نيرانِ
أنى التفتَّ رأيتَ رأساً طائراً
أو مُهجةً مطعونة بسنانِ
يمشي الرَّدى في إثر كلَّ قذيفةٍ
فكأنما تقتادُهُ بعنانِ
فالجوُّ مَّما فاضَ من أرواحِهم
لا تستبينُ نُجومهُ عينانِ
والنَّهرُ مما سالَ من مُهجاتِهمْ
يجري على أرضِ منَ المرجانِ
والأرضُ حمراءُ الأديمِ كأنَّها
خذُّ الحييةأو خضيبُ بنانِ
كمْ من مُبيحٍ للضيوفِ طعامهُ
أمسى طعامَ الأجدلِ الغرثانِ
ومُقاتلٍ ناشَ الكتيبةَ ،ناشهُ
طُفرُ العُقابِ ومخلبُ السَّرحانِ
ومُحلقٍ بين المجرةِ والسُّها
صعد الحِمامُ إليهِ في الطيرانِ
ومُشيدٍ وقفَ الزمانُ حيالهُ
مُتحيراً بجمالهِ الفتانِ
أخنى على ذكر (الخورنق) ذكرُهُ
وسما على (الحمراءِ) و (الإيوانِ)
وقضى العُصورَ الناسُ في تشييدهِ
أودتْ بهِ مقذفةٌ وثوانِ
ومدينةٍ زهراءَ آمنةِ الحمى
هُدمتْ منازلها على السُّكانِ
خرستْ بلابلُها الشوادي في الضُّحى
وعلا صياحُ البُومِ والغربانِ
وتعطلتْ جنانها وقصُورُها
ولقدْ تكونُ بغبطةٍ وأمانِ
حربٌ أذلَّ بها التمدن أهلُهُ
وجنى الشيوخُ بها على الشُبانِ
سحقَ القويُّ بها الضعيفَ وداسهُ
ومشى على أرضِ منَ الأبدانِ
بئسَ الوغى يجني الجُنودُ حُتُوفهم
في ساحِها والفخرُ للتيجانِ
ما أقبحَ الإنسانَ يقتلُ جارهُ
ويقولُ هذي سُنةُ العمرانِ
يلبي الزمانُ وأنتَ مثلكَ قبله
يا شرعةً قد سنَّها الجدانِ
فالقاتلُ الآلاف غارٍ فاتحٌ
والقاتلُ الجاني أثيمٌ جانِ
لا حقَّ إلاَّ ما تؤيدُهُ الظبى
ما دامَ حُبُّ الظلمِ في الإنسانِ
لو خُيرَّ الضعفاءُ لا ختاروا الرَّدى
لكنَّ عيشَ الأكثرينَ أماني

نــجــم
15-06-2011, 08:21 AM
ما بالْ قومي نائمينَ عن العُلى
ولقد تنبَّهَ للعُلى الثقلانِ
تُباعُ أحمدَ والمسيحَ ، هواد’ً
ما العهدُ أنْ يتنكرَ الأخوانِ
الله ربُّ الشرعتينِ وربُّكُمْ
فإلى متى في الدَّينِ تختصمانِ
مهما يكُنْ مِن فارقٍ فكلاكُما
يُنمى إلى قحطانَ أو غسَّانِ
فخُذُوا بأسبابِ الوفاقِ وطهروا
أكبادكمِ من لوثةِ الأضغانِ
في ما يُحيقُ بارضكُم ونفوسكُمْ
شُغلٌ لمشتغلٍ عنِ الأديانِ
نمتُم وقد سهر الأعادي حولكُمْ
وسكُنتمُ والأرضُ في جيشانِ
لا رأي يجمعُكم إذا اختلفتَ القنا
وتلاقتِ الفُرسانُ بالفُرسانِ
لا رايةٌ لكُم يُدافعُ دونها
مُردُ العوارضِ ، والحُتوفُ دواني
لا ذنب للأقدارِ في إذلالكم
هذا جزاءُ الغافلِ المتواني
لو لم يعزُّ الجهلُ بين ربُوعكُم
ما هانَ جمعُكمُ على الحدثانِ
المرءُ ، قيمتهُ المعارفُ والنهى
ما نفعُ باصرةٍ بلا إنسانِ
ما بالكم لا تغضبونَ لمجكُم
غضباتِ ملطُومِ الجبينِ مُهانِ
أو لستُمُ كالناسِ أهلَ حفائظٍ
أم أنتمُ لستُمْ منَ الحيوان ؟
أبناؤكُم ، لهفي على أنبائكم
يلهُو بهم أبناءُ جنكيزْ خانِ
النازعونَ المُلكَ مِنْ أيديكُم
العابثونَ بكُمْ وبالقُرآنِ
أو كُلما طلعتْ عليهمْ أزمةٌ
هاجُوا ضغائنكُم على الصلبان
لا تخدعنكمُ السياسةُ إنّها
شتى الوجوهِ كثيرةُ الألوانِ
لو تعقلونَ عملتمُ لخلاصكم
من دولةِ القيناتِ والخصيانِ
عارٌ على نسلِ الملوكِ بني العُلى
أن يستذلهُم بنو الرَّعيانِ
ثوروا عليهمْ واطلبوا استقلالكمْ
وتشبهوا بالصّربِ واليونانِ
ماذا يروعُ نُفوسكمْ ، ما فيكمُ
وكلٌ ولا في التركَ غيرُ جبانِ
وهبُوهُمُ الرُّومانَ في غلوائهمْ
أفما غلبتُمْ أمَّة الرُّومان
ما الموتُ ما أعيا النَّطاسي ردَّهُ
موتُ الذَّليلِ وعيشُهُ سيَّانِ

نــجــم
15-06-2011, 08:23 AM
الحسن لا يشرى ولا يستجلب


سفرت فقلت لها أهذا كوكب
قالت أجل وأين مني الكوكب؟
وتبسمت فقلت رئماً ضاحكاً
عن لؤلؤ يكنه لا يوهب
وتمايلت فالسمهري مصمم
ورنت فأبصرت السهام تصوب
أنشبت ألحاظي بورد خدودها
لما رأيت لحاظها في تنشب
قد كلمت قلبي ولم ترفق به
واللحظ لو درت المليحة مخلب
بيضاء ناصعة كأن جبينها
صبح وطرتها عليه غيهب
يا طالما اكتسب الحرير ملاحة
منها ويكسب غيرها ما يسكب
ولطالما بعض النساء حسدنها
ولطالما حسد السليم الأجرب
بين الطلاء وبينهن قرابة
مشهورة عنها الجميلة تنكب
إن الملاحة عندها عربية
وجمال هاتيك الدمى مستعرب
قل للغواني إنها خلقت كذا
ألحسن لا يشرى ولا يستجلب
فإذا بلغتن الجمال تطرياً
فاعلمن أن بقاءه مستصعب
هيهات ما يغني الملاح الحسن إن
كانت خلائقهن لا تستعذب
إني بلوت الغانيات فلم أجد
فيهن قط مليحة لا تكذب
وصحبتهن فما استفدت سوى الأسى
ما يستفاد من الغواني يتعب
وخبرتهن فما لبكر حرمة
وترعى وأغدر من رأيت الثيب
لا يخدعنك ضعفهن فإنما
بالضعف أهلكت الهزير الأرنب

نــجــم
15-06-2011, 08:24 AM
الخطب الفادح

هيهاتِ بعدك ما يفيد تصبُّرُ
ولئن أفاد فأيُّ قلبٍ يصبرُ؟
إنّ البكاء من الرجال مذ َّممٌ
إلا عليكَ فتركُهُ لا يشكر
لو كان لي قلبٌ لقلت له ارعوي
إني بلا قلبٍ فإني أزجرُ
لا زمت قبركَ والبكاءُ ملازمي
والليلُ داج ٍ والكواكب سُهَّرُ
أبكي عليكَ بأدمع ٍ هطـّالةٍ
ولقد يقلُ لك النجيعُ الأحمرُ
ووَدِدْتُ من شجوي عليكَ وحسرتي
لو ان الحدكَ في فؤادي يُحفرُ
إني لأعجبُ كيف يعلوكَ الثـَّرى
أنّي ثوى تحتَ الرغام النيِّرُ
أمسيتُ مستتراً به لكنّما
آثارُ جودك فوقهُ لا تسترُ
مرضَ النّدى لما مرضتَ وكاد أن
يقضي من اليأس الملمُّ المعسرُ
يرجوكَ أنَّكَ جابرٌ كسرهُ
فإذا فقدت فكسره لا يُجبرُ
وعلـَت على تلك الوجوهِ سحابة ٌ
كدراءُ لا تصفو ولا تـُستمطرُ
كم حولوا كتمَ الأسى لكنَّهُ
قد كان يخرقُ الجسوم فيظهرُ
حامتْ حواليكَ الجموعُ كأنّما
تبغي وقاء الشَّرق ِ مما يحذرُ
والكلُّ يسألُ كيفَ حالُ إمامنا
ماذا رأى حُكمائنا، ما أخبروا؟
والدَّاءُ يقوى ثم يضعفُ تارةً
فكأنَّهُ يبلو القلوبَ ويسبرُ
أوردتهُ عذباً فأوردكَ الرّدى
تـَبَّت يداه فذنبُهُ لا يغفرُ
هيهاتِ ما يثني المنـَّية جحفلٌ
عمَّن تؤمُ ولا يفيد العسكرُ
رصدَ الرَّدى أرواحنا حتى لقد
كدنـَا نعزّي المرء قبلُ يصورُ
ونظنُّ ضحكَ الدَّهر فاتحة َ الرِّضى
والدهرُ يهزأ بالأنام ويسخر
أفقيدَ أرض النيل أقسم لو درى
بالخطبِ أوشكَ ماؤهُ يتعسَّرُ
وضعوكَ في بطن التُّرابِ وما عهد
تُ البحرَ قلبكَ في الصَّفائح يذخرُ
ورأوا جلالكَ في الضَّريح فكلهُّم
يهوى ويرجو لو مكانكَ يُقبرُ
لم تخلُ من أسف عليكَ حشاشة ٌ
أبداً فيخلو من دموع ٍ محجرُ
آبو وما آبَ العزاءُ إليهمُ
والحزنُ يُنظمُ والمدامعُ ينشرُ
والكلُّ كيف يكون حالُ بلادهم
من بعدِ ما ماتَ الإمام يفكرُ
لم يبلنا هذا الزمانُ بفقدهِ
لو كانَ مَّمن بالرزيةِ يشعرُ

نــجــم
15-06-2011, 08:24 AM
اليك عني

كم تستثير بي الصبابة والهوى
عني إليك ، فإنَّ قلبي من حجر
مالي وللحسناءِ أغري مُهجتي
بوصالها ، والشيبُ قد وخط الشعر ؟
كم ((بالجزيرة)) لو يتاحُ لي الهوى
من غادة ٍتحكي بطلعتها القمر ؟
ولكم بها من جدولٍ وحديقةٍ
من صنعةِ الرحمن لا صنع البشر
فيها اللواتي إن رمت ألحاظها
شلَّت يد الرامي وقطعت الوتر
قد كان لي في كلَّ خودٍ مطمعٌ
ولكل رائعةِ المحاسنِ بي وتر
أيامُ شعري كالدُّجى محلولكٌ ،
أيامُ عيشي لا ُيخالطهُ كدر
...

نــجــم
15-06-2011, 08:24 AM
ذرني وأشجاني ، وجسمي ، والضَّنى،
ويدي ، وأقلامي ، وطرفي ، والسهر
أأبيت الهو والهمومُ تُحيطُ بي
وأنامُ عن قومي ، وقومي في خطر ؟
صوتُ المصفّق موعدٌ ما بيننا
ماذا أقولُ لهم إذا لديكُ استحر ؟

نــجــم
15-06-2011, 08:24 AM
الرأي الصواب

يا نفس هذا منزل الأحباب
فانسي عذابك في النوى وعذابي
وتهللي كالفجر في هذا الحمى
وتألقي كالخمر في الأكواب
ولتسمح البشرى دموعك مناماً
يمحو الصباح ندى عن الأعشاب
واسترجعي عهد البشاشة والرضى
فالدهر عاد تضاحكاً وتصابي
أنا بين أصحابي الذين أحبهم
ما أجمل الدنيا مع الأصحاب
قد كنت مثل الطائر المحبوس في
قفص،ومثل النجم خلف ضباب
يمتد في جنح الظلام تأوهي
ويطول في أذن الزمان عتابي
وأهز أقلامي فترشح حدة
وأسى ، ويندى بالدموع كتابي
حتى لقيتكم فبت كأنني
لمسرتي استرجعت عصر شبابي
ليس التعبد أن تبيت على الطوى
وتروح في خرق من الأثواب
لكنه إنقاذ نفس معذب
من ربقة الآلام والأوصاب
ليس التعبد عزلة وتنسكاً
في الدير أو القفر أو في الغاب
لكنه ضبط الهوى في عالم
فيه الغواية جمة الأسباب
وحبائل الشيطان في جنباته
والمال فيه أعظم الأرباب
هذا هو الرأي الصواب وغيره
مهما حلا للناس غير صواب

نــجــم
15-06-2011, 08:24 AM
الرجل والمرأة


يا رب قائلة والقول أجمله
ما كان من غادة حتى ولو كذباً
إلى م تحتقر الغادات بينكم
وهن في الكون أرقى منكم رتبا
كن لكم سبباً في كل مكرمة
وكنتم في شقاء المرأة السببا
زعمتم أنهن خاملات نهى
ولو أردن لصيرن الثرى ذهبا
فقلت لو لم يكن ذا رأي غانية
لهاج عند الرجال السخط والصخبا
لم تنصفينا وقد كنا نؤمل أن
لا تنصفينا لهذا لا نرى عجبا
هيهات تعدل حسناء إذا حكمت
فا الظلم طبع على الغادات قد غلبا

نــجــم
15-06-2011, 08:24 AM
يحارب الرجل الدنيا فيخضعها
ويفزع الدهر مذعوراً إذا غضبا
يرنو فتضطرب الآساد خائفة
فإن رنت ذات حسن ظل مضطربا
فإن تشأ أودعت أحشاءه برداً
وإن تشأ أودعت أحشاءه لهبا
يفني الليالي في هم وفي تعب
حذار أن تشتكي من دهرها تعبا
ولو درى أن هذي الشهب تزعجها
أمسى يروع في أفلاكها الشهبا
يشقى لتصبح ذات الحلي ناعمة
ويحمل الهم عنها راضياً طربا
فما الذي نفحته الغانيات به
سوى العذاب الذي في عينه عذبا؟
هذا هو المرء ياذات العفاف فمن
ينصفه لا شك فيه ينصف الأدبا
عنفته وهو لا ذنب جناه سوى
ان ليس يرضى بأن يغدو لها ذنبا

نــجــم
15-06-2011, 08:25 AM
الرزء الأليم

عدمت قلبي إذا لم يعدم الجلدا
ونال نفسي الردى إن لم تذب كمدا
آهاً ولو نفعت آه أخا شجن
لم يبتغ غيرها عند الأسى عضدا
آه ولو لم يكن خطب ألم بنا
ما سطرتها يدي في كاغد أبدا
ألمرء مجتهد والموت مجتهد
أن ليس يترك فوق الأرض مجتهدا
ساوى الرضيع به من شاب مفرقه
والعبد سيده والثعلب الأسدا
قد غادر الفضل بالأحزان منفرداً
من كان بالفضل دون الناس منفردا
مات ( البيان ) بموت ( اليازجي ) فمن
لم يبك هذا بكى هذا الذي فقدا
والله ما ولدت حواء أطهر من
هذا الفقيد فؤاداً لا ولن تلدا
أين ( الضياء ) الذي زان البلاد كما
يزين البدر في جنح الدجى الجلدا؟
أين اليراع الذي قد كان يطربنا
صريره في أديم الطرس منتقدا؟
وأين أين سجاياه التي حسدت
من أجله وكذا من أجلها حسدا؟
حق على العلم أن يبكي عليه كما
يبكي الشقيق أخاً والوالد الولدا
أقسمت ما اهتز فوق الطرس لي قلم
إلا جعلت له دمعي البتبت مددا
ولا تخذت أخاً في الدهر يؤنسني
بعد الجليل سوى الحزن الذي وجدا

نــجــم
15-06-2011, 08:25 AM
السماء

لا تسلني عن السماء فما عندي
إلا النعوت والأسماء
هي شيءٌ، وبعض شيءٍ، وحيناً
كلُّ شيءٍ، وعند قوم ٍ هباء

نــجــم
15-06-2011, 08:25 AM
فسماءُ الراعي كما يتمناها
مروجٌ فسيحة ٌ خضراء
تلبسُ التبر مئزرا ووشاحاً
كلما أشرقت وغابت ذكاء
أبداً في نضارةٍ، لا يجفُّ العشب فيها؛ ولا يغيض الماء

نــجــم
15-06-2011, 08:25 AM
وهي عند الأم التي اخترم الموت بنيها، وضلَّ عنها العزاءُ
موضعٌ لا ينالهم فيه ضيمٌ
لا، ولا يدرك الشباب الفناءُ
وكذا يولد الرّجاء من اليأس
إذا مات في القلوب الرجاء

نــجــم
15-06-2011, 08:25 AM
وهي عند الفقير أرضٌ وراء الأفق، فيها ما يشتهي الفقراء
لا يخاف المثري، ولا كلبه الضاري، ولا لامرئ به استهزاء
وهي عند المظلوم أرضٌ كهذي الأرض لكن قد شاع فيها الرخاء
يجمع العدل أهلها في نظام ٍ
مثلما يجمع الخيوط الرداء
لا ضعيفٌ مستعبدٌ، ولا قويٌ
مستبدٌ، بل كلهم أكفاء
كلّ شيءٍ للكلّ ملكٌ حلالٌ،
كلّ شيء فيها كما الكلّ شاءوا

نــجــم
15-06-2011, 08:25 AM
وهي عند الخليع أرض تميسُ الحور فيها، وتدفق الصهباء
كلّ ما النفس تشتهي مباحٌ
لا صدودٌ، لا جفوة ٌ، ولا إباء
أكبر الإثم قولة المرءِ هذا الأمر إثمٌ، وهذه فاحشاء
ليس بين الصّلاح والشرّ حدٌ
كالذي شاء وضعه الأنبياء
وإذا لم يكن عفاف وفسقٌ
لم تكن حشمة ٌ ولا استحياء

نــجــم
15-06-2011, 08:26 AM
كلّ قلبٍ له السماء الذي يهوى، وإن شئت كلّ قلبٍ سماء
صورٌ في نفوسنا كائناتٌ
ترتديها الأفعال والأشياء
ربَّ شيءٍ كالجوهر الفرد فذ ّ
عدّدته الأغراض والأهواء
كلّ ما تقصر المدارك عنه
كائنٌ مثلما الظنون تشاء

نــجــم
15-06-2011, 08:26 AM
الزمان

يمشي الزمان بمن ترقب حاجة
متثاقلاً كالخائف المتردد
حتى ليحسبه أسيراً موثقاً
ويراه أبطأ من كسيح مقعد
ويخال حاجته التي يصبو لها
في دارة الجوزاء أو في الفرقد
ويكون ما يرجوه زورة صاحب
ويكون أبعد ما يرجي في غد

نــجــم
15-06-2011, 08:26 AM
فإذا تولى النفس خوف في الضحى
من واقب تحت الدجى أو معتد
طارت بها خيل الزمان ونوقه
نحو الزمان الملهم الأسود
فكأنها محمول في بارق ،
أو عارض ، أو عاصف في فدفد

نــجــم
15-06-2011, 08:26 AM
ويكون أقصر ما يكون إذا الفتى
مدت له الدنيا يد المتودد
فتوسط اللذات غير منفر
وتوسد الأحلام غير منكد
فإذا لذيذ العيش نغبة طائر
وإذا طويل الدهر خطوة مرود

نــجــم
15-06-2011, 08:26 AM
وإذا الفتى لبس الأسى ومشى به
فكأنما قد قال للزمن اقعد
فإذا الثواني أشهر، وإذا الدقا
ئق أعصر، والحزن شيء سرمدي
وإذا صباح أخي الأسى أو ليله
متجدد مع همه المتجدد
قهر الورى وأذلهم أن الورى
متعلل ، أو طامع ، أو متجد
جعلوا رغائبهم قياس زمانهم
والدهر أكبر أن يقاس بمقصد
وقتلت في نفسي الرغائب والمنى
فقهرته بتجردي وتزهدي
يشكو الذي يشكو السهاد جفونه
لو لم يكن ذا ناظر لم يسهد
إن كان شيء للنفاد أعده
فيما انقضى ومضى وإن لم ينفذ
ما أن رأيت الكحل في حدق المهى
إلا لمحت الدود خلف الأثمد
من ليس يضحك والصباح مورد
لم يكتئب والصبح غير مورد
سيان أحلام أراها في الكرى
عندي ، وأشياء بها اشتملت يدي
أنا في الزمان كموجة في زاخر
أنا فيه إن يزبد وإن لم يزبد
مهما تلاطم فهو ليس بمغرقي،
أو مخرجي منه،ولا بمبددي
هيهات ما أرجو ولا أخشى غداً
هل أرتجي وأخاف ما لم يوجد
والأمس في فكيف أحسبه انتهى
أفما رأيت الأصل في الفرع الندي؟
قبل كبعد حالة وهمية
أمسي أنا، يومي أنا، وأنا غدي

نــجــم
15-06-2011, 08:26 AM
الشاب أبو المعجزات


سلامٌ عليكم رجال الوفاء
وألف سلام على الوافيات
ويا فرح القلب بالناشئين
ففي هؤلاء جمال الحياة
هم الزهر في الأرض إذ لا زهورٌ
وشهبٌ إذ الشهب مستخفيات
إذا أنا أكبرت شأن الشباب
فإنَّ الشباب أبو المعجزات
حصون البلاد وأسوارها
إذا نام حرّاسها والحماة
غدٌ لهم وغدٌ فيهم
فيا أمس فاخر بما هو آت
ويا حبّذا الأمهات اللواتي
يلدن النوابغ والنابغات
فكم خلدت أمة ٌ بيراع
وكم نشأت أمّة ٌ في دواة

نــجــم
15-06-2011, 08:26 AM
أنا شاعرٌ أبداً تانقٌ
إلى الحسن في الناس والكائنات
أحبُّ الزهور، وأهوى الطيور،
وأعشقُ ثرثرة الساقيات
ورقص الأشعة فوق الروابي،
وضحك الجداول والقهقهات
تطالع عيناي في ذا المكان
روائع فاتنة ً ساحرات
كأنّ الفضاء وفيه الطيور
بحورٌ بها سفنٌ سابحات
كأنّ الزهور ترقرق فيها
سقيط الندى أعين باكيات
ومن بلبل ٍ ساجع لمغنِّ،
ومن زهرةٍ غضةٍ لفتاة

نــجــم
15-06-2011, 08:26 AM
فما أجمل الصيف في اخلوات
وأروع آياته البينات
نضا الستر عن حسنات الوجدد
وكانت كأسراره المضمرات
وأحيا رغائبنا الذابلات
فعاشت وكانت كأرض ٍ موات
ففي الأرض سحرٌ، وفي الجوِّ عطرٌ،
فيا للكريم، ويا للهبات
أمامكم العيش حرّ رغيدٌّ
ألا فاغنموا العيش قبل الفوات

نــجــم
15-06-2011, 08:27 AM
الشاعر

قالت وصفت لنا الرحيق وكوبَها
وصريعها ومُديرها والعاصرَا
والحقل والفلاح فيه سائراً
عند المسا يرعى القطيع السائرا
ووقفت عند البحر يهدرُ موجُه
فرجعت بالألفاظ بحراً هادرا
صوَّرت في القرطاسِ حتى الخاطرا
فخلبتنا وسحرتَ حتى الساحرا
وأريتنا في كلّ قفرٍ روضةً
وأريتنا في كلَّ روضٍ طائرا
لكن إذا سأل امروءُ عنك امرءاً
أبصرت محتاراً يخاطب حائرا
من أنت ياهذا؟ فقلت لها: أنا
كالكهرباء أرى خفياًَّ ظاهرا
قالت : لعمرُك زدت نفسي ضلة
ما كان ضرَّك لو وصفت الشاعرا؟

نــجــم
15-06-2011, 08:27 AM
فأجبتُها : هو من يسأئلُ نفسه
عن نفسه في صُبحه ومسائهِ
والعين سر سُهادها ورقادِها
والقلبَ سرَّ قنوطهِ ورجائهِ
فيحارُ بين مجيئهِ وذهابهِ
ويحارُ بين أمامهِ وورائهِ
ويرى أفول النجمِ قبل أفولهِ
ويرى فناء الشيءِ قبل فنائهِ
ويسير في الروض الأغن فلا ترى
عيناهُ غير الشوك في أرجاء
إن نام لم ترقد هواجسُ روحه
وإذا استفاق رأيتهُ كالتائه
ما إن يُبالي ضحكنا وبكاءنا
ويخيفنا في ضحكه وبكائه
كالنار يلتهمُ العواطف عقلهُ
فيميتُها ويموتُ في صحرائهِ!!

نــجــم
15-06-2011, 08:27 AM
قالت : أتعرفُ من وصفت؟ فقلت: من؟
قالت : وصفت الفيلسوف الكافرا
يا شاعر الدَّنيا وفيك حصاقةٌ
ما كان ضرَّك لو وصفت الشاعرا؟

نــجــم
15-06-2011, 08:27 AM
فقلتُ: هو امروءُ يهوى العُقارا
كما يهوى مُغازلة العذارى
إذا فرغت من الرَّاح الدنانُ
توهم أنما فرغ الزمانُ
يعاقرُها على ضوء الدَّراري
فإن غربت ، على ضوء النهار
ويحسبُ مهرجان الناسِ مأتم
بلا خمرٍ ، وجنتهم
ملولٌ لا يدومُ على ولاءِ
ولكن لا يدومُ على عداء
أخو لب ولكن لا إراده
وذو زهدٍ ولكن بالزَّهاده
يميلُ إلى الدُعابة واُلمزاح
ولو بين الأسنةِ والصّفاح
ويوشك أن يُقهقه في الجنازه
ويرُقص كالعواصف في المفازه
إذا بصرت به عين الأديب
فقد وقعت على رجلٍ مُريبِ
يعنقهُ الصحابُ فلا ينيبُ
ويزجرهُ المشيب فلا يتوبُ
فقالت: جئت بالكلمِ البديع
ولكن ما وصفت سوى ((الخليعِ))
...

نــجــم
15-06-2011, 08:27 AM
وخفت إعراضها عني فقلتُ: إذن
هو الذي أبداً يبكي من الزمن
كأنما ليس في الدَّنيا سواهُ فتى
معرضٌ لخطوب الدهر والمحن
يشكو السَّقام وما في جسمه مرضٌ
والسُّهد وهو قريبُ العهدِ بالوسنِ
والهجر، وهو بمرأى من أحبَّته
والأسر، وهو طليقُ الروحِ والبدنِ
ولا يرى حسناً في الأرض يألفهُ
أو يشتهيهِ وكم في الأرضِ من حسنِ
ينوحُ في الروضُ والأشجارُ مورقةٌ
كما ينوحُ على الأطلالِ والدِمنِ
فقاطعتني وقالت: قد بعدت بنا
ما ذي الصفاتُ صفات الشاعرِ الفطنِ

نــجــم
15-06-2011, 08:27 AM
قلتُ: مهلاً إذا ضللتُ وعُذراً
ربما أخطأ الحكيمُ وضَّلا
هو من ترسمُ الجمالَ يداه
فتراهُ في الطرسِ أشهى وأحلى
لوذعيُّ الفؤاد يلعبُ بالألبابِ
لعباً إن شاء أن يتسلى
ويُرينا ما ليس يبقى سيبقى
ويُرينا ما ليس سيبلى
يطبع الشُّهب للأنامِ نقوداً
وهو يشكو الإملاق كيف توَّلى
أفما. ذا من تبتغين وأبغي
وصفه؟ قالت المليخةُ: كلا !..

نــجــم
15-06-2011, 08:28 AM
يا هذه إني عييتُ بوصفهِ
وعجزتُ عن إدراكِ مكنوناتهِ
لا تستطيع الخمُر سرد صفاتها
والروضُ وصف زهوره ونباتهِ
هو من تراهُ سائراً فوق الثرى
وكأنَّ فوق فؤاده خطواتهِ
إن تاح فالأرواح في عبراته
وإذا شدا فالحبُّ في نغماتهِ
يبكي مع النائي على أوطانه
ويشاركُ المحزون في عبراتهِ
وتغيرُ الأيامُ قلب فتانه
ويظلّ ذا كلفٍ بقلب فتاتهِ
هو من يعيشُ لغيره ويظنهُ
من ليس يفهمُهُ يعيشُ لذاته!!!

نــجــم
15-06-2011, 08:28 AM
الشاعر في السماء

رآني الله ذات يوم
في الأرض أبكي من الشقاء
فرق ، والله ذون حنان
على ذوي الضر والعناء
وقال : ليس التراب داراً
للشعر ، فارجع إلى السماء !
وشاد فوق السماك بيتي
ومد ملكي على الفضاء
فالتفت الشهب حول عرشي
وسار في طاعتي الضياء
وصرت لا ينطوي صباح
إلا بأمري ولا مساء
ولا تسوق الغيوم ريح
إلا ولي فوقها لواء
فالأمر بين النجوم أمري
لي الحكم فيها ولي القضاء
...

نــجــم
15-06-2011, 08:28 AM
لكنني لم أزل حزيناً
مكتئب الروح في العلاء
فاستغرب الله كيف أشقى
في عالم الوحي والسناء
وقال : ما زال آدمياً
يصبو إلى الغيد والطلاء
ومس روحي واستل منها
شوقي إلى الخمر والنساء
وظن أني انتعى بلائي
فلم يزدني سوى بلاء
واشتد نوحي وصار جهراً
وكان من قبلي في الخفاء
وصار دمعي سيول نار
وكان قبلاً سيول ماء

نــجــم
15-06-2011, 08:28 AM
...
يا أيها الشاعر المعنى
حيرني دواك العياء
هل تشتهي أن نكون طيراً ؟
فقلت : كلا ، ولا غناء !
هل تشتهي أن تكون نجماً ؟
أجبت : كلا ، ولا بهاء !
هل تبتغي المال ؟ قلت : كلا
ما كان من مطلبي الثراء
ولا قصوراً ، ولا رياضاً
ولا جنوداً ولا إماء
وليس ما بي ، يا رب ، داء
ولا احتياجي إلى دواء
ولا حنيني إلى القناني
ولا اشتياقي إلى الظباء
ولا أريد الذي لغيري
ذا حكمة كان أم مضاء
لكن أمنية بنفسي
يسترها الخوف والحياء !
فقال : يا شاعراً عجيباً
قل لي إذن ما الذي تشاء ؟
فقلت : يا رب، فصل صيف
في أرض لبنان أو شتاء
فإنني ههنا غريب
وليس في غربة هناء !
فاستضحك الله من كلامي
وقال : هذا هو الغباء
لبنان أرض ككل أرض
وناسه والورى سواء
وفيه بؤسى وفيه نعمى
وأردياء وأتقياء
فأي شيء تشتاق فيه؟
فقلت: ما سرني وساء
تحن نفسي إلى السواقي،
إلى الأقاحي، إلى الشذاء
الى الروابي تعرى وتكسى،
إلى العصافير والغناء
إلى العناقيد، والدوالي،
والماء ، والنور، والهواء!
فأشرف الله من علاه
يشهد (( لبنان )) في المساء
فقال : ما أنت ذو جنون
وإنما أنت ذو وفاء
فإن لبنان ليس طوداً،
ولا بلاداً ، لكن سماء !

نــجــم
15-06-2011, 11:56 AM
الشاعر والأمة

خير ما يكتبه ذو مرقم
قصة فيها لقوم تذكره

نــجــم
15-06-2011, 11:56 AM
كان ماضي الليالي أمة
خلع العز عليها حبره
يجد النازل في أكنافها
أوجهاً ضاحكة مستبشره
ويسير الطرف من أرباضها
في مغان حاليات نضره
لم يقس شعب إلى أمجادها
مجده الباذخ إلا استصغره
همها في العم تعلي شأنه
بينها ، والجهل تمحو أثره
ما تغيب الشمس إلا أطلعت
للورى محمدة أو مأثره
فتمنى الصبح تغدو شمسه
وتمنى الليل تغدو قمره
ومشى الدهر إليها طائعاً
فمشت تائهة مفتخره

نــجــم
15-06-2011, 11:57 AM
كان فيها ملك ذو فطنة
حازم يصفح عند المقدره
يعشق الأمر الذي يعشقه
فاذا ما استنكرته استنكره
حوله عصبة سوء ، كلما
جاء إداً أقبلت معتذره
حسنت في عينه آثامه
وإليه نفسه المستكبره
وتمادى القوم في غفلتهم
فتمادى في الملاهي المنكره
زحزح الأمة عن مركزها
وطوى رايتها المنتشره
ورأت فيها الليالي مقتلا
فرمتها فأصابت مدبره
فهوت عن عرشها منعفره
مثلما ترمي بسهم قبره
...
كان فيها شاعر مشتهر
ذو قواف بينها مشتهره
كلما هزت يداه وتراً
هز من كل فؤادٍ وتره
تعس الحظ ، وهل أتعس من
شاعر في أمة محتضره؟
يقرأ الناظر في مقلته
ثورة طاهرة مستتره
مايراه الناس إلا واقفاً
في مغاني قومه المندثره
حائراً كالريح في أطلالها
باكياً والسحب المنهمره
وهي في أهوائها لاهية
وكذاك الأمة المستهتره
ما رأت مهجته المنفطره
لا ولا أدمعه المنحدره
فشكاه الشعر مما سامه
وشكاه الليل مما سهره
ثم لما عبث اليأس به
مزق الطرش وشج المحبره !!

نــجــم
15-06-2011, 11:57 AM
مر يوماً فرأى أشياخها جلسوا يبكون عند المقبره
قال مالكم ؟.. ما خطبكم
أي كنز في الثرى أو جوهره ؟
ومن الثاوي الذي تبكونه
قيصر ، أم تبع ، أم عنتره ؟
قال شيخ منهم محدودب
ودموع اليأس تغشى بصره
إن من نبكيه لو أبصره
قيصر أبصر فيه قيصره
كيف ياجاهل لا تعرفه
وحداة العيس تروي خبره ؟
هو ملك كان فينا ومضى
فمضت أيامنا المزدهره
ولبثنا بعده في ظلم
داجيات فوقنا معتكره
والذي كان بنا (( معرقة ))
لصروف الدهر أمسى ((نكره))
فانتهى التاج إلى معتسف
لم يزل بالتاج حتى نثره
كل ما تصبوا إليه نفسه
معصر أو خمرة معتصر
مستهين بالليالي وبنا
مستعين بالطغام الفجره
كلما جاء إليه خائن
واشياً قربه واستوزره
فإذا جاء إليه ناصح
شك في نيته فانتهره
مستبد باذل في لحظة
ما اذخرناه له واذخره
يهب المء وما يملكه
وعلى الموهوب أن يستغفره
هزأ الشاعر منهم قائلاً :
بلغ السوس أصول الشجره
رحمة الله على أسلافكم
إنهم كانوا نقاة برره
رحمة الله عليهم إنهم
لم يكونوا أمة منشطره
إن من تبكونهُ يا سادتي
كالذي تشكون فيكم بطره
إنما بأسُ الألى قد سلفوا
قتل النهمة فيه والشره
فأحبسوا الأدمع في آماقكم
واتركوا هذي العظام النخره
لو فعلتُم فعل أجدادكُم
ما قضى الظالمُ منكم وطره
ما لكم تشكون من محتكتم
رضم ألسنكم أن تشكره ؟
وجعلتم منكمُ عسكره
وحلفتم أن تطيعوا عسكره ؟
كيف لا يبغي وبطغى آمرٌ
يتقي أشجعكم أن ينظره ؟
ما استحال الهرُ ليثاً إنما
أسدُ الآجام صارت هرره
وإذا الليثُ وهت أظفارهُ
أنشب السنور فيه ظفره !!

نــجــم
15-06-2011, 11:57 AM
الشباب والحب

بكيتَ الصبا من قبلِ أن يذهب الصبا
فيا ليتَ شعري ما تقولُ اذا ولَّى ؟
توهَّمتهُ يبقى اذا أنتَ صنتهُ
عن الشفةِ الحمراء والمقلةِ الكحلا
وخلتَ الهوى جهلاً فلم يكُنِ الهدى
أخيراً سوى الأمرِ الذي خِلتهُ جهلا
خشيتَ عليهِ أن يطوَّحهُ الهوى
فألقاكَ هذا الخوفُ في الهوةُ السفلى
أتلجمُ ماء النهر عن جريانهِ
مخاقة أن يفنى ؟ اذن، فاشرب الوحلا
سيبلى الصَّبا مهما حرصتَ على الصبا
فدعهُ يذوقُ الحبُّ من قبلِ أن يبلى

نــجــم
15-06-2011, 11:57 AM
فما ديمةٌ صَّبت على الصخرِ ماءها
فما أنبتتْ زهراً ولا أطلعتْ بقلا
بأضيعَ من بردِ الشبابِ على امرئ
اذا استطعمتهُ النفسُ أطعمها العذلا

نــجــم
15-06-2011, 11:57 AM
فلا تكُ مثل الأقحوانةِ راعها
من الحقلِ أن تجنى فلم تسكنِ الحقلا
وأعجبها الوادي فلاذت بقاعهِ
فجاء عليها السيلُ في الليلِ واستتلى
فما عانقتْ نور الكواكبِ في الدجى
ولا لثمتْ فجراً ولا رشفتْ طلا
وزالتْ فلم يستشعرِ النورُ والندى
على فقدها غماً كأنْ لم تكُنْ قبلا
ولا تكُ كالصداحِ اذخالَ أنهُ
اذا اذدخر الألحانَ أكسبها نبلا
فضنَّ بها والشمسُ تنثرُ تبرها
وفضتها والأرضُ ضاحكةٌ جذلى
فلما مضى نورُ الربيعِ عن الربى
ودبَّ الى أزهارها الموتُ منسلا
تحفز كي يشدو فلم يلقَ حولهُ
سوى الورقِ الهاوي كأحلامهِ القتلى

نــجــم
15-06-2011, 11:57 AM
السيد المجتبى

سلام على السيد المجتبى
كقطر الغمام ونشر الكبا
ويا مرحباً بأمير السلام
وقل له قولنا مرحبا
قدومك بدد عنا الأسى
كما يكشف القمر الغيهبا
وأحيا المنى في فؤاد الفتى
ورد إلى الشيخ عهد الصبى
كأني (( بأيار )) خير الشهور
أتاه البشير بذاك النبا
فوشى الرياض ، وحلى الحقول ،
وزان الوهاد ، وزان الربى
وقال لأغصانه صفقي
وللطير في الأرض أن تخطبا
وللنسمات تجوب البلاد
وتملأها أرجاً طيبا
ورنت بأذني أغاريدها
فقلت لكفي أن تكتبا
فهذا القريض حفيف الغصون
وشدو الطيور ، ونفح الصبا
طلعت فطال خفوق الفؤاد
كأن به هزة الكهربا
وليس به هزة الكهرباء
ولكن رأى التائه الكوكبا
وألقت إليك مقاليدها
نفوس تخيرت الأنسبا
فيا صاحب الشيم الباهرات
ويا من تحل لديه الحبا
تقول عنك صغار النفوس
لأمر فما أدركوا مأرباً
ومن يسلب الشمس أنوارها
ومن ذا الذي يمسك الصيبا ؟
فأحسن إليهم وإن أخطأوا
وكن كالحيا يمطر السبسبا
إذا لم تسامح وأنت الكريم
فمن ذا الذي يرحم المذنبا؟

نــجــم
15-06-2011, 11:57 AM
لقد طرب التاج والصولجان
وحق لهذين أن يطربا
فإن هنأوك بما نلته
فإني أهني بك المنصبا

نــجــم
15-06-2011, 11:58 AM
السجينة

لعمرك ما حزني لمال فقدته
ولا خان عهدي في الحياة حبيب
ولكنني أبكي وأندب زهرة
جناها ولوع بالزهور لعوب
رآها يحل الفجر عقد جفونها
ويلقي عليها تبره فيذوب
وينفض عن أعطافها النور لؤلؤاً
من الطل ما ضمت عليه جيوب
فعالجها حتى استوت في يمينه
وعاد إلى مغناه وهو طروب
وشاء فأمست في الإناء سجينة
لتشبع منها أعين وقلوب
ثوت بين جدران كقلب مضيمها
تلمس فيها منفذاً فتخيب
فليست تحيي الشمس عند شروقها
وليست تحيي الشمس حين تغيب
ومن عصبت عيناه فالوقت كله
لديه ، وإن لاح الصباح ، غروب

نــجــم
15-06-2011, 11:58 AM
لها الحجرة الحسناء في القصر إنما
أحب إليها روضة وكئيب
وأجمل من نور المصابيح عندها
حباحب تمضي في الدجى وتؤوب
ومن فتيات القصر يرقصن حولها
على نغمات كلهن عجيب
تراقصن أغصان الحديقة بكرة
وللريح فيها جيئة وذهوب
وأجمل منهن الفراشات في الضحى
لها كالأماني سكنة ووثوب
وأبهى من الديباج والخز عندها
فراش من العشب الخضيل رطيب
وأحلى من السقف المزخرف بالدمى
فضاء تشع الشهب فيه رحيب
تحن إلى مرأى الغدير وصوته
وتحرم منه ، والغدير قريب
وليس لها البؤس في نسم الربى
نصيب، ولم يسكن لهن هبوب
إذا سقيت زادت ذبولاً كأنما
يرش عليها في المياه لهيب
وكانت قليل الطل ينعش روحها
وكانت بميسور الشعاع تطيب
بها من أنوف الناشقين توعك
ومن نظرات الفاسقين ندوب
تمشى الضنى فيها وأيار في الحمى
وجفت وسربال الربيع قشيب
ففيها كمقطوع الوريدين صفرة
وفيها كمصباح البخيل شحوب

نــجــم
15-06-2011, 11:58 AM
أيا زهرة الوادي الكئيبة إنني
حزين لما صرت إليه كئيب
وأكثر خوفي أن تظني بني الورى
سواء ، وهم مثل النبات ضروب
وأعظم حزني أن خطبك بعده
مصائب شتى لم تقع وخطوب
سيطرحك الإنسان خارج داره
إذا لم يكن فيك العشية طيب
فتمسين للأقذار فيك ملاعب
وفي صفحتيك للنعال ضروب
إسارك ، يا أخت الرياحين ، مفجع
وموتك ، يا بنت الربيع ، رهيب
ولكنها الدنيا ، ولكنه القضا
وهذا، لعمري ، مثل تلك غريب
فكم شقيت في ذي الحياة فضائل
وكم نعمت في ذي الحياة عيوب
وكم شيم حسناء عاشت كأنها
مساوئ يخشى شرها وذنوب

نــجــم
15-06-2011, 11:58 AM
السر في الأرواح

قال الغراب وقد رأى كلف الورى
وهيامهم بالبلبل الصّدّاح
لم لا تهيم بي المسامع مثله
ما الفرق بين جناحه وجناحي؟
إني أشدُّ قوى وأمضى مخلباً
فعلى مَ نام النّاس عن تمداحي؟
أمفرِّق الأحباب عن أحبابهم
ومكدِّر اللـّذاتِ والأفراح
كم في السّوائل من شبيهٍ للطلا
فعلى م ليس لها مقام الرّاح؟
ليس الحظوظ من الجسوم وشكلها
السِرُّ كلّ السير في الأرواح
والصّوت من نعم السّماء ولم تكن
ترضى السّماء إلا عن الصلاح
حكم القضاء فإن نقمت على القضا
فاضرب بعنقك مدية الذبّاح!!!

نــجــم
15-06-2011, 11:59 AM
الشعر والشعراء

بعيشك هل جزيت عن القوافي
بغير (أجدتَ) أو (لافضَّ فوك)؟
جزاؤكَ من كريم أو بخيل
رقيقاً كان شعرك أو ركيكا
كلام ليس يغني عنك شيئاً
إذا لم يقتل الأمال فيكا
وربتما يمنُّ عليك قومٌ
كأنك قد عدوت بهم مليكا
إذا أرسلت قافيةً شروداً
فقد أيقظت في الناس الشكوكا
وقد تبلى بأحمق بدعيها
فإن تعضب لذلك يدعيكا

نــجــم
15-06-2011, 11:59 AM
العليقة

ذات شوك كالحراب أو كأظفار العقاب
ربضت في الغاب كاللص ، لفتك واستلاب
تقطع الرب على الفلاح والمولى المهاب
صنت عنها حر وجعي ، فتصدت لثيابي
كلما أفلت من ناب تلقتني بناب
فلها نهش الأفاعي ، ولها لسع الذئاب
وأذاها في سكوتي ، كأذها في اضطرابي
وهي كالقيد لساقي ، ولجيدي كالسخاب
فكأنها في عناق ، لا نضال ووثاب

نــجــم
15-06-2011, 11:59 AM
قلت : يا ساكنة الغاب ، وبا ينت التراب
لا تلجي في اجتذابي ، أو فلجي في اجتذابي
إن عوداً فيه ماء ليس عوداً لاحتطاب
أنا في فجر حياتي ، أنا في شرخ شبابي
الهوى ملء فؤادي ، والصبى ملء إهابي
والمنى تنبت في دربي وتمشي في ركابي
أنا لم أضجر من العيش ولم أملل صحابي
لم أزل ألمح طيف المجد حتى في السراب
لم أزل أستشعر اللذة حتى في العذاب
لم أزل أستشرف الحسن ولو تحت نقاب

نــجــم
15-06-2011, 11:59 AM
ما بنفسي خشية الموت ولا منه ارتهابي
أنا للأرض ، وإن طال عن الأرض اغترابي
غير أني لم يزل ضرعي لمري واحتلاب
لم أهب كل الذي عندي ، ولم يفرغ وطابي

نــجــم
15-06-2011, 12:00 PM
أنا نهر لم أتمم بعد في الأرض انسيابي
أنا روض لم أذع كل عبيري وملابي
أنا نجم لم يمزق بعد جلباب الضباب
أنا فجر لم تتوج فضتي كل الروابي
لي رغاب لم تلد بعد فتبلى بالتباب ؟
وبنفسي ألف معنى لم يضمن في كتاب

نــجــم
15-06-2011, 12:00 PM
فإذا استنفذت ما في دن نفسي من شراب
وإذا أنجم آمالي توارت في الحجاب
وإذا لم يبق في غيمي ماء لانسكاب
وإذا ما صرت كالعليق تمثال اكتئاب
لا يرجيني محتاج ، ولا يطمع ساب
فاجذبيني .. إن يكمن مني نفع للتراب

نــجــم
15-06-2011, 12:00 PM
العاشق المخدوع

أبصرتُها في الخمس والعشر
فرأيتُ أخت الرئمِ والبدرِ
عذراءُ ليس الفجرُ والدها
وكأنها مولودةُ الفجرِ
بسّامةٌ في ثغرها درر
يُهفو إليها الشاعرُ العصري
ولها قوامٌ لو أشبههُ
بالغصن باء الغُصنُ بالفجرِ
مثل الحمامِة في وداعتها
وكزهرةِ النسرينِ في الطهر
مثل الحمامةِ غير أن لها
صوت الهزارِ ولفتة الصقرِ

نــجــم
15-06-2011, 12:00 PM
شاهدتُها يوماً وقد جلست
في الرّوض بين الماءِ والزهرِ
ويدُ الفتى (( هنري )) تطوقها
فحسدتُ ذاك الطوق في الخصرِ
وحسدتُ مقلته ومسمعهُ
لجمالها وكلامِها الدّرّي
أغمضتُ أجفاني على مضضٍ
وطويتُ أحشائي على الجمرِ
وخشيتُ أن الوجد يسلبني
حلّمي ، ويغلبُني على أمري
فرجعتُ أدراجي أغالبُِهُ
باليأسِ آويةً وبالصّبرِ
ثمّ انقضى عامٌ وأعقبه
ثان وذاك السرّ في صدري
فعجبتُ ، متي كيف أذكرها
وقد انقضى حولانِ من عمري
خلتُ الليّالي في تتابعيها
تُزري بها عندي فلم تزر
زادت ملاحتها فزدتُ بها
كلفاً ، وموجدةً على (( هنري ))

نــجــم
15-06-2011, 12:00 PM
وسئمتُ داري وهي واسعةٌ
فتركتُها وخرجتُ في أمر
فرأيتُ فتيان الحمى انتظمُوا
كالعقد ، أو كالعسكر المجرِ
يتفكهون بكلّ نادرةٍ
وعلى الوجوه علائمُ البشرِ
ساروا فأعجبني تدفقهم
فتبعتهم أدري ولا أدري
ما بالهم ؟ ولأيةٍ وقفوا ؟
لمن البناء يلوح كالقصرِ
أواهُ ! هذي دارُ فاتنتي
من قال ما للشمس من خدر ؟
وعرفتُ من (( فرجين)) جارتها
ما زادني ضُراً على ضرّ
ورأيتُ ساعدها بساعده
فوددتُ لو غيبتُ في قبرِ
وشعرتُ أن الأرض واجفةٌ
تحتي ، وأنّ النار في صدري
وخشيتُ أن الوجد يسلبني
حلمي ويغلبُني على أمري
فرجعتُ أدراجي أغالبهُ
باليأس آونة وبالصبر

نــجــم
15-06-2011, 12:00 PM
قالوا : الكنيسة خير تعزية
لمن ابتلي في الحب بالهجر
فنذرت أن أقضي الحياة بها
وقصدتها كما أفي نذري
لازمتها بدرين ما التفتت
عيني إلى شمس ولا بدر
أتلو أناشيد الني ضحى
وأطالع الإنجيل في العصر
حيناً مع الرهبان ، آونة
وحدي ، وأحياناً مع الحبر
في الغاب فوق العشب مضطجعاً
في السفح مستنداً إلى الصخر
في غرفتي ، والريح راكدة
بين المغارس ، والصبا تسري
حتى إذا ما القلب زايله
تبريحه ، وصحوت من سكري
عاد القضاء إلى محاربتي
ورجعت للشكوى من الدهر

نــجــم
15-06-2011, 12:01 PM
في صخوة وقف النسيم بها
متردداً في صفحة النهر
كالشاعر الباكي على طلل
أو قارئ حيران في سفر
والشمس ساطعة ولامعة
تكسو حواشي النهر بالتبر
والأرضُ حاليةٌ جوانبها
بالزهرِ من قانٍ ومصفرٌ
فكأنها بالعشب كاسية
حسناء في أثوابها الخصرِ
وعلا هتافُ الطير إذ أمنت
بأس العُقاب وصولة النسرِ
تتلو على أهل الهوى سُوراً
ليست بمنظومٍ ولا نثر
وانساب كلّ مصفقٍ عذبٍ
واهتزّ كل مهفهف نضر
فتذكرت نفسي صبابتها
ما أولع المهجور بالذكر
أرسلتُ طرفي رائداً فجرى
وجرى على آثاره فكري
وإذا بنا نلقى كنيستنا
بالوافدين تموج كالبحر
وإذا ((بها)) وإذا الفتى هنري
في حلةٍ بيضاءَ كالفجر
ياقلب ذب ! يا مهجتي انفطري
يا طرف فض بالأدمع الحمر
أغمضت أجفاني على مضض
وطويت أحشائي على الجمر
وخشيت أن الوجد يسلبني
حلمي ، ويغلبني على أمري
فرجعت أدراجي أغالبه
باليأس آونة وبالصبر
وخرجت لا ألوي على أحدٍ
ورضيت بعد الزهد بالكفر

نــجــم
15-06-2011, 12:01 PM
أشفقت من همي على كبدي
وخشيت من دمعي على نحري
فكلفت بالصبهاء أشربها
في منزلي ، في الحان ، في القفر
أبغي الشفاء من الهموم بها
فتزيدني وقراً على وقر
وتزيدني ولعاً بها وهوى
وتزيدني حقداً على
قال الطبيب وقد رأى سقمي :
لله من فعل الهوى العد
مالي بدائك يا فتى قبل
السحر محتاج إلى سحر
ومضى يقلب كفه أسفاً
ولبثت كالمقتول في الوكر
ما أبصرت عيناي غانية
إلا ذكرت إلى الدمى فقري

نــجــم
15-06-2011, 12:02 PM
وسئمت داري وهي واسعة
فتركها وخرجت في أمر
فرأيتها في السوق واقفة
ودموعها تنهل كالقطر
في بردة كالليل حالكة
لهفي على أثوابها الحمر
فدنوت أسالها وقد جزعت
نفسي ، وزلزل حزنها ظهري
قالت : قضى هنري! فقلت : قضى
من كاد لي كيداً ولم يدر
لا تكرهوا شراً يصيبكم
فلرب خير جاء من شر
وهفا هواها بي فقلت لها:
قد حل هذا الموت من أسري
قالت : ومن أسري ! فقلت : إذن
لي أنت؟ قالت: أنت ذو الأمر
فأدرتُ زندي حول منكبها
ولثمتُها في النحر والثغر
وشفيتُ نفسي من لواعجها
وثارت بالتصريح من سري
ثم انثيتُ بها على عجلٍ
باب الكنيسةِ جاعِلاً شطري
وهناك باركني وهناني
من هناوا فبلي الفتى هنري

نــجــم
15-06-2011, 12:02 PM
من بعد شهر مر لي معها
أبصرتُ وضح الشيب في شعري
ما كنتُ أدري قبل صُحبتها
أن المشيب يكون في شهرِ
فكرت في هنري وكيف قضى
فوجدت هنري واضح العذرِ
يا طالما قد كنتُ أحسدُهُ
واليوم أحسدُهُ على القبر

نــجــم
15-06-2011, 12:02 PM
الغبطة فكرة

أقبل العيدُ ، ولكن ليس في الناس المسرة
لا أرى إلا وُجوهاً كالحاتٍ مكفهرَّه
كالركايا لم تدع فيها يدُ الماتحِ قطره
أو كمثيل الروضِ لم تترك به النكباءُ زهره
وعيوناً دنقت فيها الأماني المستحره
فهي حيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى وتكره
وخدوداً باهيات قد كساها الهم صفره
وشفاهاً تحذرُ الضحك كأنَّ الضحك جمره
ليس للقوم حديثٌ غيرُ شكوى مستمره
قد تساوى عندهم لليأسِ نفع ومضره
لا تسل ماذا عراهُم كلهم يجهلُ أمره
حائرٌ كالطائر الخائفِ قد ضيَّع وكره
فوقهُ البازيُّ ، والأشراكُ في نجدٍ وحفره
فهو إن حطَّ إلى الغبراء شكَّ السهمُ صدره
وإذا ما طار لاقى قشعم الجوَّ وصقره
كلهم يبكي على الأمسِ ويخشى شرَّ ((بُكره))
فهمُ مثلُ عجوزٍ فقدت في البحر إبره

نــجــم
15-06-2011, 12:02 PM
...
أيُّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فكره
ربَّما استوطنتِ الكوخ وما في الكوخ كسره
وخلت منها القصور العالياتُ المشمخرَّه
تلمس الغصن المعرى فإذا في الغصن نضره
وإذا رفت على القفر استوى ماء وخضره
وإذا مست حصاة صقلتها فهي دره
لك ، ما دامت لك ، الأرضُ وما فوق المجرَّه
فإذا ضيَّعتها فالكون لايعدل ذره
أيَّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغره
أيُّها العابسُ لن تُعطى على التقطيبِ أجره
لا تكن مُراً ، ولا تجعل حياة الغير مرَّه
إن من يبكي لهُ حولٌ على الضحك وقدره
فتهلَّل وترنم ، فالفتى العابسُ صخره
سكن الدهرُ وحانت غفلةٌ منهُ وغرَّه
إنهُ العيدُ ... وإن العيد مثلُ العُرس مرَّه

نــجــم
15-06-2011, 12:02 PM
الغد لنا

تبدل قلبي من ضلالته رشدا
فلا أرب فيه لهند ولا سعدى
ولم تخب نار الوجد فيه ولا انطوت
ولكن هيامي صار بالأنفع الأجدى
وما الزهد في شيء سوى حب غيره
أشد الورى نسكاً أشدهم وجدا
أحب سواي العيش لهواً وراحة
وانكرته لهواً فأحببته كدا
وما دام في الدنيا سمو ورفعة
فما أنا من يرضى ويقنع بالأردا

نــجــم
15-06-2011, 12:03 PM
هو الموت أن نحيا شياهاً وديعة
وقد صار كل الناس من حولنا أسدا
وأن نكتفي بالأرض نسرح فوقها
وقد ملكوا من فوقنا البرق والرعدا
وأن ينشروا في كل أفق بنودهم
وأن لا نرى فوق السماك لنا بندا
تأملت ماضينا المجيد الذي انقضى
فزلزل نفسي أنه انهار وانهدا
وكيف امحت تلك الحضارات كلها
وصارت بلاد أنبتتها لها لحدا
وصرنا على الدنيا عيالاً وطالما
تعلم منا أهلها البذل والرفدا
ونحن الألى كان الحرير برودهم
على حين كان الناس ملبسهم جلدا

نــجــم
15-06-2011, 12:03 PM
إذا الأمس لم يرجع فإن لنا غداً
نضيء به الدنيا وتملأها حمدا
وتلبسنا في الليل آفاقه سناً
وتنشرنا في الفجر أنسامه ندا
فإن نفوس العرب كالشهب ، تنطوي
وتخفى ، ولكن ليس تبلى ولا تصدا
ومثل اللآلي لا يخيس جمالها
وإن هي لم ترصف ولم تنتظم عقدا
إذا اختلفت رأياً فما اختلفت هوى ،
أو افترقت سعياً فما افترقت قصدا

نــجــم
15-06-2011, 12:03 PM
الغدير الطموح


قال الغدير لنفسه
يا ليتني نهر كبير
مثل الفرات العذب أو
كالنيل ذي الفيض الغزير
تجري السفائن موقرات
فيه بالرزق الوفير
ههيات يرضى بالحقير
من المنى إلا الحقير
وانساب نحو النهر لا
يلوي على المرج النضير
حتى إذا ما جاءه
غلب الهدير على الخرير

نــجــم
15-06-2011, 12:04 PM
العيون السود

ليت الذي خلق العيون السودا
خلق القلوب الخافقات حديدا
لولا نواعسها ولولا سحرها
ما ود مالك قلبه لو صيدا
عود فؤادك من نبال لحاظها
أو مت كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم
كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا
وإذا طلبت مع الصبابة لذة
فلقد طلبت الضائع الموجودا
يا ويح قلبي إنه في جانبي
وأظنه نائي المزار بعيدا
مستوفز شوقاً إلى أحبابه
المرء يكره أن يعيش وحيدا
برأ الآله له الضلوع وقاية
وأرته شقوته الضلوع قيودا
فإذ هفا برق المنى وهفا له
هاجت دفائنه عليه رعودا
جشمته صبراً فلما لم يطق
جشمته التصويب والتصعيدا
لو أستطيع وقيته بطش الهوى
ولو استطاع سلا الهوى محمودا
هي نظرة عرضت فصارت في الحشا
ناراً وصار لها الفؤاد وفودا
والحب صوت ، فهو أنة نائح
طوراً وآونة يكون نشيدا
يهب البواغم السنا صداحة
فإذا تجنى أسكت الغريدا
ما لي أكلف مهجتي كتم الأسى
إن طال عهد الجراح صار صديدا
ويلذ نفسي أن تكون شقية
ويلذ قلبي أن يكون عميدا
إن كنت تدري ما الغرام فدواني
أو ، لا فخل العذل والتفنيدا

نــجــم
15-06-2011, 12:04 PM
يا هند قد أفنى المطال تصبري
وفنيت حتى ما أخاف مزيدا
ما هذه البيض التي أبصرتها
في لمتي إلا الليالي السودا
ما شبت من كبر ولكن الذي
حملت نفسي حملته الفودا
هذا الذي أبلى الشباب ورده
خلقاً وجعد جبهتي تجعيدا
علمت عيني أن تسح دموعها
بالبخل علمت البخيل الجودا
ومنعت قلبي أن يقر قراره
ولقد يكون على الخطوب جليدا
دلهتني وحميت جفني غمضه
لا يستطاع مع الهموم هجودا
لا تعجبي أن الكواكب سهد
فأنا الذي علمتها التسهيدا
أسمعتها وصف الصبابة فانثنت
وكأنما وطئ الحفاة صرودا
متعثرات بالظلام كأنما
حال الظلام أساوداً وأسودا
وأنها عرفت مكانك في الثرى
صارت زواهرها عليك عقودا
أنت التي تنسي الحوائج أهلها
وأخا البيان بيانه المعهودا
ما شمت حسنك قط إلا راعني
فوددت لو رزق الجمال خلودا
وإذا ذكرتك هز ذكرك أضلعي
شوقاً كما هز النسيم بنودا
فسقطت سقط الطل ذوب محاجري
لو كان دمع العاشقين نضيدا
وظننت خافقة الغصون أضالعاً
وثمارهن القانيات كبودا
وأرى خيالك كل طرفة ناظر
ومن العجائب أن أراه جديدا
وإذا سمعت حكاية عن عاشق
عرضاً حسبتني الفتى المقصودا
مستيقظ ويظن أني نائم
يا هند ، قد صار الذهول جمودا
ولقد يكون لي السلو عن الهوى
لكنما خلق المحب ودودا

نــجــم
15-06-2011, 12:04 PM
الغراب والبلبل


قال الغراب وقد رأى كلف الورى
وهيامهم بالبلل الصدّاح
لم لا تهيم بي المسامع مثله
ما الفرق بين جناحه وجناحي؟
إني أشدُّ قوى وأمضى مخلباً
فعلام نام الناس عن تمداحي؟

نــجــم
15-06-2011, 12:04 PM
أمفرّق الأحباب عن أحبابهم
ومكدّرَ اللذات والأفراح
كمفي السوائل من شبيه بالطلا
فعلام ليس لها مقام الراح؟
ليس الحظوظ من الجسوم وشكلها
ألسرُّ كلُّ السرّ في الأرواح
والصوت من نعم السماء ولم تكن
ترضى السما إلا عن الصدّاح
حكم القضاء فإن نقمت على القضا
فاضرب بعنقك مدية الجراح

نــجــم
15-06-2011, 12:04 PM
العنقاء

أنا لستُ بالحسناءِ أولَ مولعِ
هي مطمعُ الدينا كما هي مطمعي
فاقصصْ عليَّ إذا عرفت حديثها
واسكنْ إذا حدَّثتَ عنها واخشع
ألمحتها في صورةٍ ؟ أشدتها
في حالةٍ ؟ أرأيتها في موضعِ؟
إني لذو نفسٍ تهيمُ وإنها
لجميلةٌ فوق الجمال الأبدعِ
ويزيدُ في شوقي إليها أنها
كالصوتِ لم يُسفر ولم يتقنع
فتشتُ جيب الفجرِ عنها الدجى
ومددتُ حتى للكواكبِ إصبعي
فاذا هما متحيرانِ كلاهما
في عاشقٍ متحيرٍ متضعضع
وإذا النجومُ لعلمها أو جهلها
مترجرجاتٌ في الفضاءِ الأوسعِ
رقصت أشعتُها على سطحِ الدجى
وعلى رجاءِ فيَّ غير مشعشعِ

نــجــم
15-06-2011, 12:04 PM
والبحرُ ... كم سائلتهُ فتضاحكتْ
أمواجهُ من صوتي المنقطعِ
فرجعتُ مرتعش الخواطر و المنى
كحمامةٍ محمولةٍ في زعزعِ
وكأنَّ أشباح الدهورِ تألبتْ
في الشطَّ تضحكُ كلُّها من مرجعي

نــجــم
15-06-2011, 12:04 PM
ولكم دخلتُ إلى القصور مفتشاً
عنها ، وعجتُ بدارسات الأربعِ
إن لاحَ طيفٌ قلتُ : ياعينُ انظري،
أو رنَّ صوتٌ قلتُ : يا اذن اسمعي
فإذا الذي في القصرِ مثلي حائرٌ
وإذا الذي في القفرِ مثلي لا يعي

نــجــم
15-06-2011, 12:05 PM
قالوا : تورَّع ، إنها محجوبةٌ
إلا عن المتزهّد المتورَّعِ
فوأدتُ أفراحي وطلقتُ المنى
ونسختُ آيات الهوى من أضلعي
وحطمتُ أقداحي ولما أرتوِ
وغففتُ عن زادي ولما أشبعِ
وحستُني أدنو إليها مسرعاً
فوجدتث أني قد دنوتُ لمصرعي
ما كان أجهلَ نصحتي وأضلَّني
لما أطعمتهمُ ولم أتمنعِ
إني صرفتُ غن الطماعةِ والهوى
قلبي، ولا ظفرٌ لمن لم يطمعِ
فكأنني البستانُ جردَّ نفسهُ
من زهرهِ المتنّوع ِ المتضوعِ
ليحسَّ نور الشمسِ في ذارتهِ
ويقابلَ النسماتِ غير مقنع
فمشى عليه من الخريف سرادقٌ
كالليلِ خيّم في المكانِ البلقعِ
وكأنني العصفورُ عرىّ جسمهُ
من ريشهِ المتناسقِ المتلمعِ
ليخفَّ محملهُ ، فخرَّ إلى الثرى
وسطا عليهِ النملُ غير مروّعِ

نــجــم
15-06-2011, 12:05 PM
وهجعتُ أحسب أنها بنت الروءى
فصحوتُِ أسخرُ بالنيامِ الهجّعِ
ليستْ حبوراً كلها دنيا الكرى
كم مؤلمٍ فيها بجانبِ مفزعِ
تخفي أمانَّي الفتى كهمومهِ
عنهُ ، وتحجبُ ذاتهُ في برقعِ
ولربما التبستْ حوادثُ يومهِ
بالغابر الماضي وبالمتوقَّعِ
يا حبذا شطط الخيال وإنما
تمحى مشاهدهُ كأن لم تُطبعِ
لما حلمتُ بها حلمتُ بزهرةٍ
لا تُجتنى ، وبنجمةٍ لم تطلعِ
ثم انتبهتُ فلم أجد في مخدعي
إلا ضلالي والفراش ومخدعي
من كان يشربُ من جداولِ وهمهِ
قطعَ الحياةَ بغلةٍ لم تُنقع

نــجــم
15-06-2011, 12:05 PM
ذهب الربيعُ فلم تكن في الجدول الشادي
ولا الروضِ الأغنَّ الممرعِ
وأتى الشتاءُ فلمْ تكنْ في غيمهِ
الباكي ، ولا في رعدهِ المتفجعِ
ولمحتُ وامضةَ البروقِ فخلتها
فيها ، فلم تكُ في البروقِ اللمعِ
صفرتْ يدي منها وبي طيشُ الفتى
وأضلني عنها ذكاءُ الألمعي
حتى إذا نشرَ القنوطُ ضبابهُ
فوقي ، فغيبني وغيب موضعي
وتقطعتْ أمراسُ آمالي بها
وهي التي من قبل لم تتقطعِ
عصرَ الأسى روحي فسالتْ أدمعاً
فلمحتها ولمستها في أدمعي
وعلمتُ حين العلمُ لا يجدي الفتى
أنّ التي ضيعتّها كانت معي !

نــجــم
15-06-2011, 12:05 PM
الفتى الافضل

مضى زمنٌ كانَ فيهِ الفتى
يباهي بما قومهُ أثلوا
ويرفعهُ في عيونِ الأنامِ
ويخفضُ من قدرهِ المنزلُ
فلا تقعدنْ عن طلابِ العلى
وتعذلْ بلادكَ إذ تُعذلُ
فإنَّ الخلائقَ حتى عِداكَ
متى ما سبقتهمُ هلَّلوا
فثابرْ بجدَّ على نيلها
فليسَ يخيبُ الذي يعملُ
وكن رجلاً ناهضاً ينتمي
إلى نفسهِ عندما يُسألُ
فلستَ الثيابَ التي ترتدي
ولستَ الأسامي التي تحملُ
ولستَ البلادَ التي أنبتتكَ
ولكنَّما أنتَ ما تفعلُ
إذا كنتَ من وطنٍ خاملٍ
وفزتَ فأنتَ الفتى الأفضلُ

نــجــم
15-06-2011, 12:05 PM
الفيلسوف المجنح


يا أيها الشادي المغرد في الضحى
أهواك إن تنشد وإن لم تنشد
الفن فيك سجية لا صنعة
والحب عندك كالطبيعة سرمدي
فإذا سكت فأنت لحن طائر
وإذا نطقت فأنت غير مقلد
لله درك شاعراً لا ينتهي
من جيد إلا صبا للأجواد
مرح الأزهار في غنائك والشذى
وطلاقة الغدران والفجر الندي
وكأن وزرك فيه ألف كمنجة
وكأن صدرك فيه ألف مردد
كم زهرة في السفح خادرة المنى
سكنت على يأس سكون الجلمد
غنيتها ، فاستيقظت وترنحت
وتألقت كالكوكب المتوقد
وجرى الهوى فيها وشاع بشاشة
من لم يحب فإنه لم يولد
وكأنني بك حين تهتف قائل
للزهر : إن الحسن غير مخلد
فاستنفدي في الحب أيام الصبا
واسترشديه فهو أصدق مرشد
واستشهدي فيه، فمن سخر القضا
أن لا تذوقيه وأن تستشهدي!

نــجــم
15-06-2011, 12:05 PM
يا فيلسوفاً قد تلاقى عنده
طرب الخلي وحرقه المتوجد
رفع الربيع لك الأرائك في الربى
وكسا حواشيها برود زبرجد
أنت المليك له الضياء مقاصر
وتعيش عيش الناسك المتزهد
مستوفزاً فوق الثرى، متنقلاً
في الدوح من غصن لغصن أملد
متزوداً من كل حسن لمحة
شأن المحب الثائر المتمرد
وإذا ظفرت بنفحة وبقطرة
فلقد ظفرت بروضة وبمرود
تشدو وتبهت حائراً متردداً
حتى كأنك حين تعطي تجتدي
وتمد صوتك في الفضا متلهفاً
في ذلة المسترحم المستنجد
فكأنما لك موطن ضيعته
خلف الكواكب في الزمان الأبعد
وطن جميل كنت فيه سيداً
فمضى ودام عليك هم السيد
طوردت عنه إلى الحضيض فلم تزل
متلفتاً كالخائف المتشرد
يبدو لعينك في العتيق خياله
وتراه في ورق الغصون الميد
صور معددة لغير حقيقة
كالآل لاح لمعطش في فدفد
فتهم أن تدنو إليه وتنثني
حتى كأنك خائف أن تهتدي
وكأنه حلم يصح مع الكرى
فإن انتهيت من الكرى يتبدد
كم ذا تفتش في السفوح وفي الذرى
عنقاء أقرب منه للمتصيد

نــجــم
15-06-2011, 12:06 PM
يا أيها الشادي المغرد في الضحى
أهواك إن تنشد وإن لم تنشد
طوباك إنك لا تفكر في غد
بدء الكآبة أن تفكر في غد
إن كنت قد ضيعت إلفك إنني
أبكي على إلفي الذي لم يوجد

نــجــم
15-06-2011, 12:06 PM
الفراشة المحتضرة

لو كان غيرُ قلبي عند مرآك
لما أضافَ إلى بلواهُ بلواكِ
فيمَ ارتجاجكِ هل في الجوَّ زلزلةٌ
أم أنتِ هاربةٌ من وجهِ فتَّاكِ ؟
وكم تدروينَ حول البيتِ حائرةً
بنتَ الربى ليس مأوى الناسِ مأواكِ
قالوا فراشةُ حقلٍ لا غناءَ بها
ماافقر الناسَ في عيني وأغناكِ !
سيماءُ غاويةٍ ، أطوارُ شاعرةٍ ،
على زهادةِ عبادٍ ونسَّاكِ
طغراءُ مملكةٍ وشَّى حواشيها
من ذوَّب الشمس ألواناً ووشَّاكَ
رأيتُ أحلامَ أهل الحبَّ كلَّهمِ
لّما مثلتِ أمامي عندَ شبَّاكي
من نائمينَ على ذُلَّ ومتربةٍ
ومن تجارٍ وأشرافٍ وأملاكِ
وقصَّ شكواكِ قلبي قصةً عجباً
من قبلُ أن سمعتْ أذناي شكواكِ
أليسَ فيكِ من العُشاق حيرتهم ؟
فكيفَ لا يفهمُ العشَّاقُ نجواكِ ؟

نــجــم
15-06-2011, 12:06 PM
حلمتُ أنَّ زمانَ الصّيفِ منصرمُ
ويلاهُ ! حققَّتِ الأيامُ رؤياكِ
فقد نعاهُ إليكِ الفجرُ مرتعشاً
وليسَ منعاهُ إلاَّ بعضَ منعاكِ
فالزهرُ في الحقلِ أشلاءُ مبعثرةٌ
والطيرُ ؟... لا طائرٌ إلاَّ جناحاكِ
مدّ النهارُ إليهِ كفَّ مختلسٍ
وفتَّحَ الليلُ فيهِ عين سفَّاكِ
شاءَ القضاءُ بأن يشقى فجردَّهُ
من الحليّ وأنْ تشقي فأبقاكِ
لم يبقَ غيرُكِ شيءُ من محاسنهِ
ولا من العابدينَ الحسنَ إلاَّكِ
تزوَّد الناسُ منه الأنسَ وانصرفوا
وما تزوَّدَ إلاَّ اليأسَ جفناكِ

نــجــم
15-06-2011, 12:06 PM
ياروضةً في سماءِ الروضِ طائرةً
وطائراً كالأقاحي ذا شذًى ذاكِ
مضى مع الصيفِ عهدٌ كنتُ لاهية
على بساطٍ من الأحلامِ ضحَّاكِ
تمسينَ عند مجاري الماءِ نائمةً
وللأزاهرِ والأعشابِ مغداكِ
فكلّما سمعتْ أذناكِ ساقيةً
حثثتِ للسفحِ من شوقٍ مطاياكِ
وكلما نورَّتْ في السفحِ زنبقةٌ
صفقتِ من طربٍ واهتزَّ عطفاكِ
فما رشفتِ سوى عطرٍ ولا انفتحتْ
إلا على الحسنِ المحبوبِ عيناكِ
وكم لثمتِ شفاهَ الوردِ هائمةً
وكم مسحتِ دموعَ النرجسِ الباكي
وكم ترجّحتِ في مهدِ الضياءِ على
توقيعِ لحن الصبا أو رجعهِ الحاكي

نــجــم
15-06-2011, 12:06 PM
وكم ركضت فأغريتِ الصغارَ ضُحى
بالركضِ في الحقلِ ملهاهمْ وملهاكِ
منُّوا بأسرهمِ إياكِ أنفسهمْ
فأصبحوا بتمنيهم أساراك
جروا قُصاراهمُ حتى إذا تعبوا
وقفتِ ساخرةً منهمْ قُصاراك
لولا جناحاكِ لم تسلمْ طريدتُهُمْ ،
قد نجياكِ ، ولكن أين منجاك ؟
ها أنتِ كالحقلِ في نزعٍ وحشرجةٍ
وهتْ قواك كما استرخى جناحاك
أصبحتِ للبؤس في مغناكِ تائهةً
كأنهُ لم يكُنْ بالأمسِ مغناكِ

نــجــم
15-06-2011, 12:06 PM
فراشة الحقلِ ... في روحي كآبتهُ
مما عراهُ ومما قد تولاَّكِ
أحببتُهُ وهو دارٌ تلعبينَ بها
وسوف تهواهُ نفسي وهو مثواكِ
قد باتَ قلبيَ في دنيا مشوَّشةٍ
منذُ التفتُّ إلى آثارِ دنياكِ
لا يستقرُّ بها إلاَّ على وجلٍ
كالطيرِ بين أحابيلٍ وأشراكِ

نــجــم
15-06-2011, 12:06 PM
خلتْ أرائكُ كانتْ أمسِ آهلةً
غناءَ ، فاليومُ لا شادٍ ولا شاكِ
أرضٌ خلاءٌ وجوُّ غيرُ ذي ألقٍ
بلى ، هناكَ ضبابٌ فوقَ أشواكِ
فيا رياحَ الخريفِ العاتياتِ كفى
عصفاً فقد كُثرتْ في الأرض قتلاكِ
كيف اعتذارُكِ إن قالَ الآلهُ غداً :
هل الفراشةُ كانتْ من ضحاياكِ ؟
يا نغمةً تتلاشى كلَّما بعُدتْ
إن غبتِ عن مسمعي ما غابَ معناكِ
ما أقدرَ الله أن يُحييك ثانيةً
مع الربيعِ كما من قبلُ سوّاكِ
فيرجعُ الحقلُ يزهو في غلائلهِ
وترجِعينَ وأغشاهُ فألقاكِ !

نــجــم
15-06-2011, 12:07 PM
الفقير


هم ألم به مع الظلمـــاء
فنأى بمقلته عن الاغفاء
نفس أقام الحزن بين ضلوعه
والحزن نار غير ذات ضياء
يرعى نجوم الليل ليس به هوى
ويخالـه كلفاً بهـن الرائي
في قلبه نار ( الخليل ) وإنما
في وجنتيه أدمع (الخنساء)
قد عضه اليأس الشديد بنابه
في نفسه والجوع في الأحشاء
يبكي بكاء الطفل فارق أمه
ما حيلة المحزون غير بكاء
فأقام حلس الدار وهـو كأنه
- لخلو تلك الدار - فـي بيداء
حيران لا يدري أيقتل نفسه
عمداً فيخلص من أذى الدنياء
أم يستمرعلى الغضاضة والقذى
والعيش لا يحلو مع الضراء
طرد الكرى وأقام يشكو ليله
يا ليل طلت وطال فيك عنائي
يا ليل قد أغريت جسمي بالضنا
حتى ليؤلم فقـــده أعضائي
ورميتني يا ليـل بالهـم الذي
يفري الحشا، والهم أعسر داء
يا ليل ما لك لا ترق لحالتي
أتراك والأيام من أعدائي ؟
يا ليل حسبي مالقيت من الشقا
رحماك لست بصخرة صماء
بن يا ظلام عن العيون فربما
طلع الصباح وكان فيه عزائي
وا رحمتا للبائسين فأنهم
موتى وتحسبهم من الأحياء
إني وجدت حظوظهم مسودة
فكأنما قدت من الظلماء
ابداً يسر بنو الزمان وما لهم
حظ كغيرهم من السراء
ما في أكفهم من الدنيا سوى
ان يكثروا الأحلام بالنعماء
ندنو بهم آمالهم نحو الهنا
هيهات يدنو بالخيال النائي
بطر الأنام من السرور وعندهم
ان السرور مرادف العنقاء
إني لأحزن أن تكون نفوسهم
غرض الخطوب وعرضة الارزاء
أنا ما وقفت لكي اشبب بالطلا
ما لي وبالتشبيب بالصهباء؟
لا تسألوني المدح أو وصف الدمى
إني نبذت سفاسف الشعراء
باعوا لأجل المال ماء حياتهم
مدحاً وبت أصون ماء حياتي
لم يفهموا ما الشعر ، إلا أنه
قد بات واسطة إلى الاثراء
فلذاك ما لقيت غير مشبب
بالغانيات وطالب لعطاء
ضاقت به الدنيا الرحيبة فانثنى
بالشعر يستجدي بني حواء
شقي القريض بهم وما سعدوا به
لولاهم اضحى من السعداء
نادوا علينا بالمحبة والهوى
وصدورهم طبعت على البغضاء
ألفو الرياء فصار من عاداتهم
لعن المهيمن شخص كل مرائي!
إن يغضبوا مما أقول فطالما
كره الأديب جماعة الغوغاء
أو ينكروا أدبي فلا تتعجبوا
فالرمد يؤلمهم طلوع ذكاء
أو كلما نصر الحقيقة فاضل
قامت عليه قيامة السفهاء
أنا ما وقفت اليوم فيكم موقفي
إلا لأندب حالة التعساء
علي أحرض بالقلوب قلوبكم
ان القلوب مواطن الاهواء
لهفي على المحتاج بين ربوعكم
يمسي ويصبح وهو قيد شقاء
امسى سوى ليله وصباحه
شتان بين الصبح والامساء
قطع القنوط عليه خيط رجائه
والمرء لا يحيا بغير رجاء
لهفي! ولو أجدى التعيس تلهفي
لسفكت دمعي عنده ودمائي
قل للغني المستعز بماله
مهلاً لقد اسرفت في الخيلاء
جبل الفقير أخوك من طين ومن
ماء ، ومن طين جبلت وماء
فمن القساوة ان تكون منعماً
ويكون رهن مصائب وبلاء
وتظل ترفل بالحرير أمامه
في حين قد أمسى بغير كساء
اتضن بالدينار في اسعافه
وتجود بالآلاف في الفحشاء
انصر أخاك فإن فعلت كفيته
ذل السؤال ومنة البخلاء
أذوي اليسار وما اليسار بنافع
إن لم يكن أهلوه أهل سخاء
كم ذا الجحود ومالكم رهن البلا
وبم الغرور وكلكم لفناء؟
ان الضعيف بحاجة لنضاركم
لا تقعدوا عن نصرة الضعفاء
انا لا اذكر منكم أهل الندى
ليس الصحيح بحاجة لدواء
ان كانت الفقراء لا تجزيكم
فالله يجزيكم عن الفقراء

نــجــم
15-06-2011, 12:07 PM
الناسكة

أبصرت في الحقل قبيل المغيب
سنبلة في سفح ذاك الكثيب
حانية مطرقة الرأس
كأنما تسجد الشمس
أو أنها تتلو صلاة الماء

نــجــم
15-06-2011, 12:07 PM
فملت عن راهبة الحقل
وسرت لا ألوي على أظلي
ألتقط الحب وأذريه
وتارة في النار ألقيه
مستخرجاً منه لجسمي غذاء

نــجــم
15-06-2011, 12:07 PM
قد غابت الشمس وراء القمم
وسكت الطير الذي لم ينم
لكن ناري لم تزل ترعج
ولم أزل آكل ما تنضج
يا حبذا النار ونعم الشواء

نــجــم
15-06-2011, 12:07 PM
وإنني في مرحي والدد
إذ صاح بي صوت بلا موعد
ما الحب ، يا هذا ، ولا السنبل
ما تأكل النار وما تأكل
وإنما أسلافك الاصفياء

نــجــم
15-06-2011, 12:07 PM
لا بشر ، لا طائر مائل
يا عجبا ! نطق ولا قائل
من اين جاء الصوت؟ لا أدري لكنما ناسكة البر
قد رفعت هامتها للعلاء

نــجــم
15-06-2011, 12:08 PM
الطلاسم


جئت ، لا أعلم من أين ، ولكني أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت
وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:08 PM
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حر طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنى أنني أدري ولكن ...
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:08 PM
وطريقي ، ما طريقي ؟ أطويل أم قصير
هل أن أصعد أم أهبط فيه وأغور
أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسير
أم كلانا واقف والدهر يجري ؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:08 PM
ليت شعري وأنا في عالم الغيب الأمين
أتراني كنت أدري أنني فيه دفين
وبأني سوف أبدو وبأني سأكون
أم تراني كنت لا أدرك شيئاً ؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:08 PM
*
أتراني قبلما أصبحت إنساناً سويا
أتراني كنت محواً أم تراني كنت شيا
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبديا
لست أدري .. ولماذا لست أدري؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:08 PM
البحر :
قد سألت البحر يوماً هل أنا يا بحر منكا؟
هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟
أم ترى ما زعموا زوراً وبهتاناً وإفكا؟
ضحكت أمواجه مني وقالت :
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:09 PM
أيها البحر ، أتدري كم مضت ألف عليكا
وهل الشاطئ يدري أنه جاث لديكا
وهل الأنهار تدري أنها منك إليكا
ما الذي الأمواج قالت حين ثارت ؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:09 PM
أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك
أنت مثلي أيها الجبار لا تملك أمرك
أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك
فمتى أنجو من الأسر وتنجو ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:09 PM
ترسل السحب فتسقي أرضنا والشجرا
قد أكلناك وقلنا قد أكلنا الثمرا
وشربناك وقلنا قد شربنا المطرا
أصواب ما زعمنا أم ضلال ؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:09 PM
قد سألت السحب في الآفاق هل تذكر رملك
وسألت الشجر المورق هل يعرف فضلك
وسألت الدر في الأعناق هل تذكر إصلك
وكأني خلتها قالت جميعاً :
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:09 PM
يرقص الموج وفي قاعك حرب لن تزولا
تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا
قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا
ليت شعري أنت مهد ام ضريح ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:10 PM
كم فتاة مثل ليل وفتى كابن الملوح
أنفقا الساعات في الشاطئ، تشكو وهو يشرح
كلما حدث أصغت وإذا قالت ترنح
أحفيف الموج سر ضيعاه ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:10 PM
كم ملوك ضربوا حولك في الليل القبابا
طلع الصبح ولكن لم نجد إلا الضبابا
ألهم يا بحر يوماً رجعة أم لا مآبا
أم هم في الرمل ؟ قال الرمل إني ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:10 PM
فيك مثلي أيها الجبار أصداف ورمل
إنما أنت بلا ظل ولي في الأرض ظل
إنما أنت بلا عقل ولي ، يا بحر ، عقل
فلماذا ، يا ترى، أمضي وتبقى ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:10 PM
يا كتاب الدهر قل لي أله قبل وبعد
أنا كالزورق فيه وهو بحر لا يحد
ليس لي قصد فهل للدهر في سيري قصد
حبذا العلم ، ولكن كيف أدري ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:10 PM
إن في صدري ، يا بحر ، لأسراراً عجابا
نزل الستر عليها وأنا كنت الحجابا
ولذا ازداد بعداً كلما ازدادت اقترابا
وأراني كلما أوشكت أدري ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:10 PM
إنني ، يا بحر ، بحر شاطئاه شاطئاكما
الغد المجهول والأمس اللذان اكتنفاكا
وكلانا قطرة، يا بحر، في هذا وذاك
لا تسلني ما غد ، ما أمس ؟ .. إني ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:10 PM
الدير:
قيل لي في الدير قوم أدركوا سر الحياة
غير أني لم أجد غير عقول آسنات
وقلوب بليت فيها المنى فهي رفات
ما انا أعمى فهل غيري أعمى ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:11 PM
قيل أدري الناس بالأسرار سكان الصوامع
قلت إن صح الذي قالوا فإن السر شائع
عجباً كيف ترى الشمس عيون في البراقع
والتي لم تتبرقع لا تراها ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:11 PM
إن تك العزلة نسكاً وتقى فالذئب راهب
وعرين الليث دير حبه فرض وواجب
ليت شعري أيميت النسك أم يحيي المواهب
كيف يمحو النسك إنما وهو إثم ؟ ..
لست أدري !
إنني أبصرت في الدير وروداً في سياج
قنعت بعد الندى الطاهر بالماء الأجاج
حولها النور الذي يحيي ، وترضى بالدياجي
أمن المحكمة قتل القلب صبرا ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:11 PM
قد دخلت الدير عند الفجر كالفجر الطروب
وتركت الدير عند الليل كالليل الغضوب
كان في نفسي كرب ، صار في نفسي كروب
أمن الدير أم الليل اكتئابي؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:11 PM
قد دخلت الدير أستنطق فيه الناسكينا
فإذا القوم من الحيرة مثلي باهتونا
غلب اليأس عليهم ، فهم مستسلمونا
وإذا الباب مكتوب عليه ..
لست أدري

نــجــم
15-06-2011, 12:11 PM
عجباً للناسك القانت وهو اللوذعي
هجر الناس وفيهم كل حسن المبدع
وغدا يبحث عنه في المكان البلقع
أرأى في القفز ماء أم سرابا ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:11 PM
كم تمارى ، أيها الناسك ، في الحق الصريح
لو أراد الله أن لا تعشق الشيء المليح
كان إذ سواك سواك بلا عقل وروح
فالذي نفعل إثم .. قال إني ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:11 PM
أيها الهارب إن العار في هذا الفرار
لا صلاح في الذي تفعل حتى للقفار
أنت جان أي جان ، قاتل في غير ثار
أفيرضى الله عن هذا ويعفو ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:12 PM
بين المقابر :
ولقد قلت لنفسي ، وأنا بين المقابر
هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائر؟
فأشارت : فإذا للدود عيث في المحاجر
ثم قالت : أيها السائل إني ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:12 PM
أنظري كيف تساوى الكل في هذا المكان
وتلاشى في بقايا العبد رب الصولجان
والتقى العاشق والقالي فما يفترقان
أفهذا منتهى العدل ؟ فقالت ...
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:12 PM
إن يك الموت قصاصاً ، أي ذنب للطهاره
وإذا كان ثواباً ، أي فضل للدعاره
وإذا كان وما فيه جزاء أو خساره
فلم الأسماء إثم أو صلاح ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:12 PM
أيها القبر تكلم ، واخبريني يا رمام
هل طوى أحلامك الموت وهل مات الغرام
من هو المائت من عام ومن مليون عام
أيصير الوقت في الأرماس محواً ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:12 PM
إن يك الموت رقاداً بعده صحو طويل
فلماذا ليس يبقى صحونا هذا الجميل ؟
ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرحيل ؟
ومتى ينكشف السر فيدري ؟..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:12 PM
إن يك الموت هجوعاً يملأ النفس سلاما
وانعتاقاً لا اعتقالاً وابتداء لا ختاما
فلماذا أعشق النوم ولا أهوى الحماما
ولماذا تجزع الأرواح منه ؟...
لست أدري !
*

نــجــم
15-06-2011, 12:13 PM
أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور
فحياة فخلود أم فناء ودثور
أكلام الناس صدق أم كلام الناس زور
أصحيح أن بعض الناس يدري ؟..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:13 PM
إن أكن أبعث بعد الموت جثماناً وعقلاً
أترى أبعث بعضاً أم أبعث كلاً
أترى أبعث طفلاً أم ترى أبعث كهلا
ثم هل أعرف بعد الموت ذاتي ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:13 PM
يا صديقي ، لا تعللني بمتزيق الستور
بعدما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور
إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري
كيف أدري بعدما أفقد رشدي ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:13 PM
القصر والكوخ :
ولقد أبصرت قصراً شاهقاً عالي القباب
قلت ما شادك من شادك إلا للخراب
أنت جزء منه لكن لست تدري كيف غاب
وهو لا يعلم ما تحوي، أيدري؟..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:14 PM
*
يا مثالا كان وهماً قبلما شاء البناة
أنت فكر من دماغ غيبته الظلمات
أنت أمنية قلب أكلته الحشرات
أنت بانيك الذي شادك لا .. لا ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:14 PM
كم قصور خالها الباني ستبقى وتدوم
ثابتات كالرواسي خالدات كالنجوم
سحب الدهر عليها ذيله فهي رسوم
ما لنا وما نبني لهدم ؟ ..
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:14 PM
كم أجد في القصر شيئاً ليس في الكوخ المهين
أنا في هذا وهذا عبد شك ويقين
وسجين الخالدين الليل والصبح المبين
هل أنا في القصر أم في الكوخ أرقى ؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:14 PM
ليس في الكوخ ولا في القصر من نفسي مهرب
إنني أرجو وأخشى ، إنني أرضى وأغضب
كان ثوبي من حرير مذهب أم كان قنب
فلماذا يتمنى الثوب عاري ؟...
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:14 PM
سائل الفجر : أعند الفجر طين ورخام ؟
واسأل القصر ألا يخيفه ، كالكوخ ، الظلام
واسأل الأنجم والريح وسل صوب الغمام
أترى الشيء كما نحن نواه ؟...
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:14 PM
الفكر :
رب فكر لاح في لوحة نفسي وتجلى
خلته مني ولكن لم يقم حتى تولى
مثل طيف لاح في بئر قليلاً واضمحلا
كيف وافى ولماذا فر مني ؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:14 PM
أتراه سابحاً في الأرض من نفس لأخرى
رابه مني أمر فأبى أن يستقرا
أم تراه مر في نفسي كما أعبر جسرا
هل رأته قبل نفسي غير نفسي ؟
لست أدري !

نــجــم
15-06-2011, 12:15 PM
أم تراه برقاً أومض حيناً وتوارى
أم تراه كان مثل الطير في سجن فطارا
أم تراه انحل كالموجة في نفسي وغارا
فأنا ابحث عنه وهو فيها ،
لست أدري !