المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر بدوي الجبل


نــجــم
17-04-2011, 01:10 PM
بدوي الجبل هو الشاعر السوري الكبير محمد سليمان الأحمد ابن العلامة الشيخ سليمان الأحمد (عضواً مجمع اللغة العربية في دمشق و شارح ديوان المكزو) جده الأكبر (المكزون السنجاري) وهو واحدا من أعلام الشعر العربي في القرن العشرين. ولد سنة 1900 في قرية ديفة في محافظة اللاذقية بسوريا، و"بدوي الجبل" لقب أطلقه عليه المرحوم (يوسف العيسى) صاحب جريدة "ألف باء" الدمشقية في العشرينات. إنغمس بدوي الجبل في حقل السياسة فأنتخب نائباً في مجلس الشعب السوري 1937 وأعيد انتخابه عدة مرات ثم تولى عدة وزارات منها الصحة 1954 والدعاية والأنباء. غادر سوريا 1956 متنقلاً بين لبنان وتركيا و تونس قبل أن يستقر في سويسرا. عاد إلى سوريا 1962 حتى توفي يوم 19 أغسطس سنة 1981. كان من أنصار الرئيس القوتلي، مدح الفرنسيين ثم ذمهم، هاجم حزب البعث أثناء هزيمة حزيران كما أشاد بأبطال سوريين مثل ابراهيم هنانو و يوسف العظمة .. وقد سطر أروع وابدع القصائد.

شعره

يمثل شعر بدوي الجبل السقف الأعلى في الشعر الكلاسيكي من حيث حقق التوازن بين الخيال والفكرة، من الناحية الروحية تأثر شعرياً بجده المكزون حيث إنعكست بعض الإشارات الصوفية في ثنايا شعره، شعره السياسي المقاوم للإستعمار الفرنسي يصلح اليوم لمقاومة الإستعمار الغربي، تغنى في شعره بحضارة الأمويين معتزاً بعروبتهم وتغنى بدمشق ومنها قوله عن دمشق:

بنت مروان إصطفاها ربها لا يشاء الله إلاّ ما تشاء

شعره الجميل دليل على أن الشعر العربي مطبوع وليس مصنوعاً إلاّ لدى الشعراء المتكلفين، وبدوي الجبل علم في عالم الشعر العربي قصائده الجميلة فذة تفيض بالمعاني وجمال الكلمات.

يعتبر بدوي الجبل والأخطل الصغير وعمر أبو ريشة والجواهري رموز الشعر الكلاسيكي العربي، ورغم كثرة الدراسات عن شعره حتى الآن لم ينصف بشكل مناسب فهو مدرسة من مدارس الشعر العربي.

مع أنه ينتمي إلى الطائفة الإسلامية العلوية وربيب بيت ديني عريق في تدينه إلا أنه تجاوز حدود الطائفة وحلق في سماء الدين الإسلامي الرحب فقال:

مسلمٌ كلما سجدت لربي..................فاح من سجدتي الهدى والعبير

وكان يعتز بعروبته حيث قال:

عربيٌ فلا حماي مباحٌ................عند حقدي ولا دمي مهدور

اجمل قصائده: اللهب القدسي، الكعبة الزهراء، البلبل الغريب، ابتهالات، خالقة، شقراء، حنين الغريب، من وحي الهزيمة.

تأثر بالمتنبي شعرياً حتى قيل انه متنبي القرن العشرين. كتب عنه العضيمي دراسة تحت عنوان "هذا هو بدوي الجبل" وهي دراسة متحاملة عليه تفتقر إلى الموضوعية.

نــجــم
17-04-2011, 01:10 PM
(فطال عليك الليل)

أحبّك حبّا لا تطوف به المنى
عرائس في حلي الملاح العرائس
أحبّك عن يأس و ما حبّ آمل
بأقرب في نجواه من حبّ يائس
و أهمس في سمع النسيم رسالة
فهل دغدغت نهديك من ثغر هامس
رويدك تهفو بي إلى الكأس خطرة
من الذكر مرّت في خيالات هاجس
تعيد لعيني كلّ ما فات و انطوى
و ترفع من بالي كلّ الطلول الدوارس
فالمح في الذكرى غديرا ترفّه
مع البدر أثداء الظباء الأوانس
و نهرا تعرّى البدر فيه كرامة
لبعض القدود العاريات الموائس
و ألمح في الذكرى جنونا و سورة
من الحبّ في تلك الجفون النواعس
فيالك كنزا راح يسخر ربّة
فمتّع من لألائه عين بائس
لقد خنت حتّى لا يغار أخو هوى
أحبّك من وجد طريف ملابس
ففي كلّ غضّ منك آثار قاطف
و في كلّ بضّ منك آثار لامس
فطال عليك الليل تأوي مع الدجى
بجفنيك أشباح الرؤى و الهواجس

نــجــم
17-04-2011, 01:10 PM
آلام ...

ألفت حرّك لا شكوى و لا سهد
يا جمرة في حنايا الصدر تتّقد
مرّي على كبدي حمراء دامية
يبقى الحنين إذا تسلم الكبد
و ما أضيق بهمّ حين يطرقني
لقد تقاسم حبّي البؤس و الرّغد
إنّي أدلّل آلامي و أمسحها
مسح الشفيق و أجلوها و أنتقد
حتّى تطلّ على الدنيا بزينتها
حسناء تبدو عليها نعمة ودد
بعض الخطوب ظلام لا صباح له
و بعضها الفجر فيه النّور و الرشد
تفجّر الخير منه روضة أنفا
تدعو إلى ظلّها وانين قد جهدوا
إذا هم جرعوا من مائها جرعا
توثّبت عزمات فيهم جدد
و مدلجين أضاء الحزن ليلهم
حتّى إذا انطفأت أحزانهم قعدوا
حادوا عن المحنة الكبرى و لو صحبوا
نيرانها الحمر ما ضلّوا و لا انفردوا
فيم التنكّر للآلام قاسية
إذا تباعد في ميدانها الأمد
ألطالعون على الدنيا بنصرهم
لولا الفواجع هل شدّوا و هل نهدوا
إذا ونوا راح يذكي من عزائمهم
حقد هو العدّة الشهباء و العدد
سقاهم خمرة الآلام فاضطرموا
يستلهمون من الآلام و احتشدوا
أمّا الشعوب و قد ضجّت عواصفها
فصلحب النّصر فيها الثاكل الحرد
لقد تلاقى على الغايات من ظفروا
بالملك في زحمة الدنيا و من حقدوا
إنّ الألى أنكر الأحزان سامرهم
لغو من الناس لا ذموّا و لا حمدوا
إذا تباكوا من البلوى فما عرفوا
حزن المحبّين في البلوى و لا وجدوا
الظامئون و ظنّوا أنّهم ثملوا
و الغائبون و ظنّوا أنّهم شهدوا
***
لا يبعد الله أحبابا فجعت بهم
و ما علالة قلبي بعدما بعدوا
الناشئون علة نعماء مترفة
تقيّلوا الرمل في الصحراء و اتّسدوا
تلك الجسوم التي حزّ الحرير بها
حريرها في العراء الموحش الزرد
صادين للموت إيمانا و موجدة
فكلّما لاح منه منهل وردوا
على الصحاصح هامات معطّرة
و في الرّمال بنان أفردت و يد
في كلّ منزلة قبر تلمّ به
هوج الرّياح و ينأى الأهل و الولد
مشتّتين فمن أجسادهم مزق
على الأديم و من مرّانهم قصد
مصارع بعطور الحقّ زاكية
كأنّما سكبوا فيها اعتقدوا
حنا السراب عليها و هي ظاكئة
حرّى الجوانح لا غمر و لا ثمد
بموحش من رمال البيد منبسط
يضلّ في شاظئيه الصّبر و الجلد
مسحت دمعي من ذكراهم بيد
و أمسكت كبدي ألاّ تذوب يد
***
يا خمرة الحزن هذي الكأس مترعة
للشاربين و هذا الشاعر الغرد
إنّ الندامى على عهد الحبيب بهم
لا جانبوا النّشوة الكبرى و لا زهدوا
لا أوحش الله قلبي من مواجعه
و لا تحوّل عن نعمائها الحسد
و لا شفى الله جرحا في سريرته
نديان ينطف منه الخمر و الشهد
فجّرت قلبي رثاء ما وفين به
حقّ الزعيم قواف كالضحى شرد
الناقلات إلى الأجيال ما ظلموا
من الأباة و ما راعوا و ما اضطهدوا
صلى الاله على قبر يطوف به
كبيت مكة من حجّوا و من قصدوا
أغفى أبو طارق بعد السّهاد به
و خلّف الهمّ و البلوى لمن سهدوا
ضاو من السقم ضجّت في شمائله
عواصف الحقّ و الأمواج و الزبد
إذا أثير نضا عنه مواجعه
كما تفلّت من أشراكه الأسد
يروع في مقلتيه بارق عجب
و عالم عبقريّ السحر منفرد
يغالب البشر أسقاما نزلن به
يأبى له الكبر أن يأسى لها أحد
داء ملح و نفس لا تذلّ له
حرب تكافأ فيها البأس و العدد
تلك البشاشة أبلى الدّاء نضرتها
فراح يلمح في نعمائها الكمد
كالغيم يحجب حسن الشمس طالعة
و ما تحوّل عنها الحسن و الرأد
نعمت منك بساعات معطّرة
كأنّها الحلم دان و هو مبتعد
و صحبة كقديم الرّاح لو جليت
لليائسين حميّا كأسها سعدوا
***
يا خدنة من قراع الدهر دامية
ألا يهدهد من آلامك الأبد
خيل الزعيم تنزّى في شكائمها
ما فاتها قنص في الحيّ أو طرد
عرينة الحقّ في الشهباء منجبة
يروع أنّى التفتّ الظفر و اللّبد
إذا الزعيم تولّى عن شبولتها
حمى الشبولة إخوان له نجد ...
أمّا الشباب فما خانوا رسالته
عند الكفاح و لا حادوا و لا جحدوا
إذا دجت ظلمات اليأس حالكة
شقّ الدجى كوكب من ذكره يقد
حول الزعامة فتيان غطارفة
لا ينقض الدّهر ما شدّوا و ما عقدوا
الساخرون من الأقزام يضحكهم
أن راح يلبس جلد الضيغم النقد
المؤمنون إذا ما بايعوا صدقوا
و الصابرون فإن جدّ الوغى صمدوا
***
سقتهم كفّ إبراهيم صافية
من خمرة الحقّ تروي كلّ من يرد
ففي الدّماء سعير من سلافتها
عجلان يهدأ أحيانا و يتّئد
بين الجوانح إلاّ أنّه أنف
و في الشمائل إلاّ أنّه صيد
أذكى أبو طارق في الشرق جمرتها
حمراء تلتهم الجلّى و تزدرد
إذا ونت و هتفنا باسمه جمحت
تعيد سيرتها الأولى و تطّرد
فذكره الأمل الهادي إذا انتبهوا
و طيفه الحلم الهاني إذا رقدوا
زعامة الحقّ لا شوهاء يرفعها
على الرّمال الهوى و الزور و الفند
***
مالي أرى الفرس الشقراء عارية
على المرابط لا تطغى فتنجرد
آب المغيرون جنّت خيلهم مرحا
و آن أن يستريح الفارس النجد

نــجــم
17-04-2011, 01:11 PM
أي أمر سآءها ؟

إنّي استعرت من الكواكب في الدّجى لألاءها
و من الغزالة و هي تركع في السماء ضياءها
و من الحمائم في الغصون نواحها و غناءها
و أخذت من نجل العيون فتورها و صفاءها
و من الخمائل حين باكرها الحيا أنداءها
و سرقت من لعس الشفاه على الهوى صهباءها
و من الورود عبيرها و من العقود سناءها
لأصوغ منها حلية و قفت عليك رواءها
تغضي العيون لحسنها أو لم تري إغضاءها
و تودّ تيجان الملوك لو اغتدين إماءها
***
واحسرتاه فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بحايتي النفيسة : أيّ أمر ساءها
***
من رنّة العيدان و هي جوامد تتكلّم
من ضحكة الأطفال و هي بنطقها تتلعثم
من شدو ورقاء تنوح و بلبل يترنّم
و من النسيم العذب يهمس بكرة و يتمتم
ألّفت ألحاني لأسعد أنفسا تتألّم
و رفعتها لك و هي أنفس ما لديّ و أوسم
أهديتها لك ربّما أهدى المقلّ المعدم
هي للقلوب الدّاميات و حقّ حسنك مرهم
يسلو الحزين بها و يرتاح الكئيب المغرم
و يعود للقلب الشباب و عصره المتقدّم
***
واحسرتاه فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بألحاني الرفيعة : أيّ أمر ساءها
***
ألذلّ لست أطيقه أترى سواي يطيقه
ماذقته قبل الهوى لكنّني سأذوقه
قلبي بحبّك خافق فمتى يقرّ خفوقه
شرّدت عنك و ضمّني نائي المزار سحيقه
فأرقت دمع أخي هوى في الخطب قلّ صديقه
إن كنت لم ترضي به هذا دمي سأريقه
أعلمت أنّي شاعر حرّ البيان طليقه
يوحى إليّ من القريض بديعه و رقيقه
هذي قلائده و ذا ياقوته و عقيقه
فتقبّليها و اسمعي شعرا يدار رحيقه
***
واحسرتاه . فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بأشعاري النفيسة : أيّ أمر ساءها

نــجــم
17-04-2011, 01:11 PM
أخا الجلّى ..

أأكرم حبّنا أصفى و أسمى
على عتت الخطوب من العتاب
و ما عزّيت حين ألمّ خطب
مصابك في جلاته مصابي
أخا الجلّى : و رب أخ تعرّى
لدى الجلّى عن الحسب القراب
أحبّك للنبيل من المعالي
و للعطر السّريّ من الرغاب
و أنت إذا تحدتك الرزايا
ضياء الشمس يسخر بالسحاب
تحنّ إليك عند البعد روحي
حنين الورد للنّطف العذاب
و حبّك نعمة الدنيا و أحلى
من النّعمى شمائلك السوابي

نــجــم
17-04-2011, 01:11 PM
أين أين الرعيل من أهل بدر ؟

لا تسلها فلن تجيب الطلول
ألمغاوير مثخن أو قتيل
موحشات يطوف في صمتها
الدّهر فللدّهر وحشة و ذهول
غاب عند الثرى أحبّاء قلبي
فلثرى وحده الحبيب الخليل
***
و سقوني على الفراق دموعي
كيف يروي من الجحيم الغليل
خيّمت وحشو الفراغ على
الأحياء فالقبر وحده المأهول
في الثرى من أحبّتي ولداتي
ظفر أبلج و فتح جليل
نزلت بالقبور أسمى اللّبانات
و طاف الرجاء و التأميل
و تهبّ القبول تحمل أشواقي
فهل رشّت الطيوب القبول
الدي نال جبهة اللّيث في
غمر الضّحى ناله جبان ذليل
يا أخا الفتكة الصراح كأنّ
الشمس من فوق فرعها إكليل
لم تفاجئ بها عدوّا فقد
أنذر منها زماجر و صهيل
و زحوف على العدو كما تخبط
بالعاصف المرنّ السيول
ألف هيجاء خضتها لم تجدّلك
أحقا أنت الصريع الجديل
سيفك السيف لا يخاتل في
الروع وزكّاه أنّه المختول
و إذا النّصر كان عارا فأرضى
للمروءات أنّك المخذول
لقطاف الوغى شمائل كالنّاس
فنصر وغد و نصر نبيل
هتف الهاتفون : أين رياض
فانتخى في الثرى حسام صقيل
و بكت أمّة و أجهش تاريخ
و ناح القرآن و الإنجيل
يا لستّين في الكفاح طوال
حاليات و كلّ جلّى تطول
من راه يخرّ في فجأة الغدر
رأى الرّاسيات كيف تميل
إنّ موت العظيم محنة التاريخ
و دنيا تفنى و كون يزول
***
إنّ سيفا أرداك غدرا و حقدا
لهو بين الظبى دعيّ دخيل
لم يذد في الوغى عدوّا و لم
يهززه في الرّوع ساعد مفتول
مغمد في معارك الحقّ ناب
و على الحقّ مصلت مصقول
شاهت العرب تحت كلّ سماء
حين أغضت و شلوك المأكول
يا لذلّ العلى فهل هجع الثأر
و طاح الدم الزكيّ الطليل
عقر الله بعد فارسها الخيل
و لا عطّر الفتوح االصهيل
ينكر الشوط نفسه حين تجري
عاريات من الكمأة الخيول
ما لأمجادنا و ما لعبيد
الأساطير مجدهم و الطلول
بئس قوميّة يؤرّخها
الظنّ و يبني أحسابها التأويل
كيف تسمو بين الشعوب
ثمالات شعوب و عابرون فلول
أبغضونا على العروبة و الفتـ
ـح و يلقى عند الهجين الأصيل
و سبايا الفتوح لا بدع إن هرّ
على الفتح حقدها و الذحول
***
نحن كون لا كائنان ضعيفان
ألحّ الهوى و تم ّالوصول
سالف الشرق ملك قحطان
و اليوم لقحطان و الغد المأمول
و له هذه الجبال المنيفات
و تلك الرّبى و هذي السهول
و السماوات و الكواكب في الشرق
لقحطان موطن و قبيل
و النبوّات و الفنون و ملك
في شباب الدّنيا عريض طويل
أريحيّ تكاد نورق بالنعمى
لأعدائه القنا و النصول
قد ورثنا البحار من عبد شمس
و عليها الغزاة و الأسطول
أرز لبنان أيكة في ذرانا
و الفراتان ماؤنا و النيل
و رياحيننا على تونس الخضراء
خضراء أين منها الذبول
ما شكت جرحها على البعد إلاّ
رفّ قلبي على الجراح يسيل
و لثمت الجراح فهي ثغور
يشتهى عطورها التقبيل
هادرات بخطبة المجد بتراء
و يؤذي البلاغة التطويل
حلف القيد أنّه من نضار
كلّ قيد على الرّقاب ثقيل
يا صديد الجراح بوركت طيبا
يتملّى ريّاه جيل فجيل
كلّ روض في الشرق من
دم آبائي مندّى معطّر مطلول
و لبناتهم على كلّ صحراء
غدير صاف و ظلّ ظليل
حيث يحنو الصفصاف نعمى
على الواني و يبكي على الشهيد النخيل
كلّ تكبيرة على الرّمل نفح
و عبير سكب و أيك بليل
ذكر الله فالهجير شفاه
قانيات و الليل طرف كحيل
***
لفّني و الدّجى على هذه الصحـ
ـراء سحر منمنم مجهول
لفّني و الدّجى فأفنت كلينا
سعة من جلاله و شمول
أيّ سرّ نريد في الكون
و الكون معنّى بسرّنا مشغول
تلك واحاتها الظليلة
و الظلّ غريب على الرّمال نزيل
زهرات السّماء حيّا بها
قومي من الحور في السماء رسول
فعلى كلّ نهلة من شذاها
شفّة عندم و خدّ أسيل
و حنين إلى السماء كما حنّ
إلى نعمة الشفاء العليل
ربّ روحي طليقة في سماواتك
و الجسم موثّق مغلول
بعد الفرق بين روحي و جسمي
جسدي آثم و روحي بتول
أنت يل ربّ غاية و إلى
الغاية أنت الهدى و أنت السبيل
لك حبّي و منك حبّي فهل
يعطي من السائل الكريم المنيل
لك حبّي فهل لفقري إذا
أهدى إلى كنزك الغنيّ قبول
عبراتي عبادة و ابتهال
و شهيقي التكبير و التهليل
و صلاتي تأمّل و مناجاتي
خشوع و زقزقتي ترتيل
و بلائي أنّ النعيم الذي
أرجو نعيم مسوّف ممطول
لم يضع في الظلام نورك عن
قلبي فقلبي إلى سناك الدليل
معدن الخير و الجمال المصفّى
وجهك الخيّر الكريم الجميل
و أنا السائل الملحّ و يجلو
وحشة الذلّ أنّك المسؤول
و بيمناي ألف كنز عطاياك
و ما في يديّ إلاّ القليل
ربّ ! نعماك أن تنضّر قلبي
بمحيّاك فهو صاد محيل
ربّ ! قلبي زيّنته لحميّاك
فمر تنسكب بقلبي الشمول
هيّئت في سريرتي لك ربّي
سدرة المنتهى و طاب النّزول
جوهر القلب و هو إبداع كفّيك
على ما به كريم أصيل
و بقلبي رضوان يهفو لمرآك
و ندّى سريرتي جبريل
يا لدات الشباب لو ينفع الدمـ
ـع جزتكم مدامعي و العويل
و كهولا أبلت شبابهم الجلّى
فهم في الصبا الوسيم كهول
روّعت سربنا المنايا و أمّ
المجد في الغوطتين أمّ ثكول
راع قلبي الرّحيل حتّى تولّيتم
فأشهى المنى إليّ الرّحيل
لوعتي – و الثرى يهال عليكم -
كوفائي ، مقيمة لا تحول
لوعة الحرّ حين أفرده الدّهر
فمن يتّقيه حين يصول
و أناجي قبوركم أعذب النجـ
ـوى و أشكو معاتبا و أطيل
و كأنّ القبور تسمع شكواي ..
و تدري حصباؤها ما أقول
عيّروا بالفلول بيض ظبانا
من قراع الزمان هذي الفلول
و إذا السيف كلّ من هبره الهام
فقد شرّف السيوف الكليل
الدجى عذر منكرينا و تخفى
غرر الخيل في الدّجى و الحجول
ذلّ مجد لم ينتسب لكفاح
فهو مجد رثّ المعالي هزيل
***
غوطة الشام هل شجاك بيان
من قريضي كأنّه التنزيل
و عتاب كالجمر صنتك عنه
جزعا أن ينال منك عذول
كلّ مجد يفنى و يبقى لشعري
شرف باذخ و مجد أثيل
***
غوطة الشام منك صدّ و حرمـ
ـان و منّا العطاء و التنويل
ألذي شرّدته عنك المعالي
آب و هو المكفّن المحمول
غربة في العلى و ينأى عن
الغمد فيبلى المهنّد المسلول
مثخن بالجراح يهفو إلى
الأمّ فأين الترحيب و التأهيل
ربّ فنح ترويه للدّهر
أشلاء قناة و صارم مفلول
ضنّت الشام بالوفاء علينا
طلعة سمحة و ودّ بخيل
أيسر الجهد أن تضجّي و تشكي
قد يرجّ الطغيان قال و قيل
و اعذري الهامسين خوفا فما يهدر
عند الصّيال إلاّ الفحول
لامنا الأّئمون في حبّ حسناء
ملول و كلّ نعمى ملول
لا تحاسب أخا هوى في هواه
كلّ ثغر على الهوى معسول
أيّ بدع في ثورة من محبّ
قد يثور المقيّد المكبول
لك منّي الهوى كما رنّح الفجر
نسيم في غوطتيك عليل
***
يا رفاقي بكيت فيكم شبابي
كلّ عيش بعد الشباب فضول
من تملّى بقلبه الضاحك الهاني
فقلبي الممزّق المتبول
أين سعد و عادل و رياض
ما لركب الرّدى المجدّ قفول
و نجيب و أين منّي نجيب
غال قومي من المنيّة غول
كيف أغفى أبو رياض و حقّي
في الشام المضيّع المخذول
و تلاقيتم على البعد في قلبي
فلا روّع اللدات رحيل
***
حال بيني و بين دنياي أنّي
بكم في سريرتي مشغول
و أراكم حتّى لأسأل نفسي
أيقين رؤاي أم تخييل
بوركت نعمة الخيال و يرضيني
خداع الخيال و التعليل
أجهدتنا الضحى على زحمة الرّوع
فهل يسعد الطلاح الأصيل
أين أين الرّعيل من أهل بدر
طوي الفتح و استبيح الرعيل
***

نــجــم
17-04-2011, 01:11 PM
أيّها المعرض عني

أيّها المعرض عنّي ما الذي رابك منّي
أنت حلو في الرضى السمح و حلو في التجنّي
دع يقيني – و هو الجمر – إلى أفياء ظنّي
لي كنوز الحبّ ، يستغني بها قلبي و يغني
و المنى ضاعت فهبني منك نعماء التمنّي
تعدل الدنيا طيوف علقت منك بخفني
و أنا البلبل في الأيك و في الأسر يغنّي
ترف الإحسان أن أضفي على دنياي حسني
قد جلاني الله من نعماه إشراقه يمن
أنا و الأنجم أغفينا على مهد و حضن
و ابتدعنا ألف دنيا و خلقنا ألف فنّ
أنا و الأنجم لا نفنى على الدّهر ... و نفني
أنا إن أدن من الله فإنّ الشوق يدني
ناعم النور نماني و الأعاصير نمتني
يظمأ العقل فأسقي العقل أسطورة جن
لم يضق حبّي بما ألقاه من حقد و غبن
أنزل الآثام أضيافا علة جنّة عدني

نــجــم
17-04-2011, 01:11 PM
أيّكما الرّبيع

ثنائي عن لقائك يا أميري
عثار الجدّ و القدم الوجيع
فخفّ من الجموع إليك قلبي
يرافقها و ما درت الجموع
و مزّقه الحنين فكلّ جرح
هوى يشكو و غالية تضوع
***
أميري و العلى حسب رفيع
يمكّن مجده أدب رفيع
جمعت كليهما فزكت أصول
على نعمائها و زكت فروع
تنمّر كلّ خوّان لئيم
و تاه النذل و اختال الوضيع
و نالت من حرائرنا بغيّ
لكلّ هوى مسخّرة تبوع
و ربّة حرّة جاعت و تغنى
بثدييها البغيّ فلا تجوع
رأيت الكفر يكتمه ذووه
و كفر القوم عريان خليع
و أوصدت الشام السمع عنّا
فما في الشام للبلوى سميع
عنوا للخائنين و دلّلوهم
و ما بالوا بأرحام تضيع
و ما صرعوا عدوّهم بنعمى
و لكنّ الوفاء هو الصريع
فلو درت الضلوع صنيع قلبي
لما غفرت جريرته الضلوع
يطيع أحبّة جاروا عليه
و يأمره الزمان فلا تطيع
تشفّع في ذنوبهم وفائي
ففاز الحبّ و انتصر الشفيع
***
أميري هذه شكوى ألحّت
فضاق بجمرها الصدر الوسيع
و عندك مثلها و لدى كلينا
لأسرار العلى حرم منيع
و أهلا بالامير فكلّ قلب
على لقياك خفّاق نزوع
نزلت مع الربيع على ربانا
فقال الناس : أيّكما الرّبيع

نــجــم
17-04-2011, 01:12 PM
أغنية البردوني

يا شاعر الأزهار و شاعر الأقمار
من غيد لبنان
تعيد أغنيّه للحبّ سحريّة
فترقص الأغصان
أدرت أقداحك تزفّ لي راحك
فرحت سكران
تهزّ أعطافي في ظلّك الضّافي
للحسن ألوان
الرّوضة المئناف و الحور و الصفصاف
و هذه الغزلان
من خمرة الثغر و خمرة النهر
أصبحت نشوان
آمنت بالوادي و نهره الشّادي
و ريمه الفتّان
الشعر مسدول و الثغر معسول
و الغصن ريّان
و روحي النشوى لا تقبل الصحوا
للصّحو أحيان
غافلت جلاّسي مفرّغا كاسي
ليشرب الرّيحان
أنحتسي الخمرا و نرتوي سكرا
و الورد ظمآن
أضفّر الآسا و أرشف الكاسا
و الكأس ملآن
بحضن جنيّة هيفاء حوريّة
أضاعها رضوان
قبّلت خدّيها دغدغت نهديها
فالبدر غيران
و الروض يخفينا عن عين واشينا
يا ربّ لاكان
و أنت يا هدّار تردّد الأشعار
رقيقة الألحان

نــجــم
17-04-2011, 01:12 PM
أهوى الشام

قف بالشام مسائلا آثارها
مرحى لمن أمّ الشام و زارها
أهوى أزهارها . أحنّ لعهدها
أشتاق بلبلها ، أحبّ هزارها
قضّيت أيّامي القصار بظلّها
جادت مدامع مقلتيّ قصارها
أفدي مهفهفة القوام أسيرة
تشكو القيود فمن يفكّ إسارها
غلّوا الأسود الصيد من أبطالها
في الغوطتين و حجّبوا أقمارها
و كسوا مناكبها فلا أنجادها
تركوا لقاطنها و لا أغوارها
***
هذي الشام فحيّ ليث عرينها
يوم النزال لبابها مختارها
إن كان قد هجر الشام فإنّه
أبكى الشام و هزّها و أثارها
حزنت قبور الفاتحين و أطلقت
حمر الدموع و أرسلت مدرارها
و بكت غياض الغوطتين أما ترى
أنّ المدامع بلّلت أزهارها
يا ابن الصناديد الألى قد عفّروا
هام الملوك و نكّسوا جبّارها
ألموقدي نار الضيافة أرسلت
مثل الجبال الراسيات شرارها
من كلّ وضّاح الجبين مغامر
يغشى المعامع مستثيرا نارها
كأس المنيّة في فرند حسامه
فإذا التقت حلق البطان أدارها
قد أرقلت بك في الخضمّ مطيّة
هوجاء ما نكث الخضمّ مغارها
ظمأى تسير على الخضمّ مجرجرا
سير الذلول و لا تبلّ أوارها
فإذا بلغت الغرب و هو ممالك
بالسيف تمنع مجدها و ذمارها
رفعت على حدّ السيوف عروشها
و بنت بأشلاء الضعاف ديارها
قل إن جلست مخاطبا طاغوتها
و محاورا في بغيه جزّارها
ما للشام نسيتم ميثاقها
و خفرتم بعد العهود جوارها
قرّبتم للطيّبات عبيدها
و حرمتم حتّى الكرى أحرارها
عزّ العزاء فكفكفوا عبراتها
و خلا النديّ فأطلقوا أطيارها
***
لا تكذب الأمم القويّة ، إنّها
باسم الحضارة ثقّفت خطّارها
و لتهنأ الأمم القوية . إنّها
قد أدركت ممّن تخادع ثارها
قالت : لقد بلّغتكم أوطاركم
و هي التي بلغت بنا أوطارها
يا عصبة الصيد الغطاريف الألى
حفظوا الجدود و خلدوا آثارها
هذي سيوف الفاتحين من البلى
قذ صنتم أجفانها و شفارها
جدّدتم عهد الحفاظ لأمّة
الله طهّر خيمها و نجارها
ارجعتم صور العروبة غضّة
فكأنكم ارجعتم إعصارها
و بعثتم أمم الجزيرة بعدما
طويت و حلل فذكم أطوارها
أنطقتم الصّور الجماد فخبّرت
عن شأنها و رويتم أخبارها
و سللتم صمصامها من غمده
متألّقا و جلوتم دينارها
و رفعتم ركن القضية عاليا
بجهادكم و كشفتم أسرارها
***
مرحى لناشئة الشام و مرحبا
بالنشء إن عثرت أقال عثارها
ألناهضين ليمنعوا ميراثها
و يجدّدوا علياءها و فخارها
هذي الرّبوع سررتم غيّابها
بجهادكم و حرستم حضّارها
أسهرتم جفن العدوّ و رحتم
ندمان كلّ فضيلة سمّارها
أرجعتم صور العروبة غضّة
فكأنّكم أرجعتم عصارها
و رفعتم ركن القضيّة عاليا
بجهادكم و كشفتم أسرارها
و أرى العدوّ دعاكم أغرارها
أفدي الذين دعاهم أغرارها
لا تفنطوا فلقد غرستم جنّة
تجني أكفّكم إذا أثمارها
و خذوا شعاركم القلى لعصابة
تخذت مولاة الغريب شعارها
نسيت عروبتها و لم تعشق بها
مئناف جنّات الحمى معطارها
أغفت على أعذارها ، فتريّثوا
ألله ليس بقابل أعذارها
حسب العروبة أنّكم لبّيتم
يوم النداء و كنتم أنصارها
بردى أدار عليكم صهباء
و جلت عرائسه لكم نوّارها
و اخجلتي للناكرين جميلها
و الثالمين مع العدوّ غررها
عقّوا البنين و ما سمعت بناقة
وطئت على مهد الصعيد حوارها

نــجــم
17-04-2011, 01:12 PM
أنا و هي

أقبل اللّيل فقومي وانثري
فوق هذا الرّوض من وجهك نورا
واقطفي لي وردة قبّلها
لؤلؤ الصبح نظيما ونثيرا
واملأي كأسك لي من ريقة
تسكر الأرواح طيبا و عبيرا
ورد خدّيك نضير مستح
فدعيني ألثم الورد النّضيرا
طهّر الحبّ فؤادي فغدا
كفؤاد الطفل يا ميّ طهورا
عمر النفس شعورا بالأسى
و الأسى يخلق في النفس الشعورا
***
إملأي المصباح زيتا و اتركي
لعبيد الوهم نور الكهرباء
وتغنّي بأناشيد الهوى
تسكر الأرواح ألحان الغناء
وارفعي للأفق عينيك تري
أيّ حسن و جلال في السماء
كوخنا يا ميّ في هذي الربى
لا تساميه قصور الأمراء
قد أمنّا قوّة الناس به
أيّ كسب عندنا للأقوياء
صعفاء نحن يا ميّ و ذا
كلّ ما نملك كفّ الضعفاء
***
إسمعي أخبار جنّات الرّبى
ودعينا من أحاديث البشر
بلبلي اليوم حزين صامت
ليت شعري أيّ ألف قد ذكر
و الرّياحين زهت و ابتسمت
حينما غازلها جفن المطر
ذلك الدّوح الذي ظلّلنا
داعبته الريح ليلا فانتثر
أشرق الصبح على زهر الربى
ناثرا لؤلؤه فيما نثر
فاقطفي ما شئت منها و ارفعي
فوق ذا المفرق تيجان الزّهر
***
لا تقولي : قصّ أنباء الورى
حسبنا أنباء هذي الزهرات
و اربإي بالسّمع عن أخبارهم
إنّها تدمي قلوب الفتيات
أمّة تقتل ظلما أختها
و غنيّ مستبدّ بالعفاة
ودماء خضبت وجه الثرى
ودموع كالغوادي جاريات
و شعوب باكيات تشتكي
عنت الأسر و أخرى ضاحكات
وحياة كلّ ما فيها أذى
لا سقى عهد الحيا هذي الحياة
***
إسمعي : لن تسمعي في أرضهم
غير أصوات عويل و بكاء
والد يبكي ابنه أودت به
في الوغى أطماع قوم أقوياء
ورؤوم فقدت واحدها
فتعزّت فيه عن حسن العزاء
ضحكات الأقوياء ارتفعت
و علا بالنوح صوت الضعفاء
أفسدوا الماء على شاربه
فغدا حسرة أكباد ظماء
كيف يروي غلّة الصادي و قد
مزجوه بشابيب الدماء
***
ميّ : عفوا ما لعينيك و هي
فيهما سلك اللآلي فانفرط
أما أحزنتك يا ميّ فهل
يغفر الرحمن لي هذا الشطط
إحسبيني كاذبا وابتسمي
ودعيني أرتشف هذي النقط
أدمع طاهرة ، ذوب الندى
فوق أكمام الأزاهير سقط
لا رعى الله قويّا فاتحا
المنايا ناشطات ما نشط
أنّت الثكلى فولّى ضاحكا
ورأى الأسياف تدمى فاغتبط
***
كفكفي دمعك يا ميّ فقد
جرحت قلبي هذي الأدمع
و تناسي عالم الشرّ فما
في هدى هذي البرايا مطمع
و اتركي القصر منيعا عاليا
حسبنا هذا الفضاء البلقع
و اقنعي : أشقى البرايا طامع
سادر في غيّه لا يقنع
تحت أغصان الدوالي بالربى
هيكل الحبّ الطّهور الأرفع
هيكل الحبّ الذي أجثو به
خاشعا : ما حبّ من لا يخشع ؟
***
ها هنا في الروض و الروض شذى
بيعة الله تضمّ المؤمنينا
فالبسي الإكليل يا ميّ فقد
أشرق الصبح على الدنيا مبينا
حفلة العرس و من زهر الربى
قد دعونا يا ابنة الخير مئينا
و طيور الروض يا فاتنتي
قد أقمناها مقام المنشدينا
أقبل البلبل فاجثي و اخشعي
و اتركي الأزهار يلثمن الجبينا
يا له من مؤمن يمنحنا
بركات الأتقياء الصالحينا

نــجــم
17-04-2011, 01:13 PM
أني لا شمت بالجبار

يا سامر الحيّ هل تعنيك شكوانا
رقّ الحديد و ما رقّوا لبلوانا
خلّ العتاب دموعا لا غناء بها
و عاتب القوم أشلاء و نيرانا
آمنت بالحقد يذكي من عزائمنا
و أبعد الله إشفاقا و تحنانا
ويل الشعوب التي لم تسق من دمها
ثاراتها الحمر أحقادا و أضغانا
ترنّح السوط في يمنى معذّبها
ريّان من دمها المسفوح سكرانا
تغضي على الذلّ غفرانا لظالمها
تأنّق الذلّ حتّى صار غفرانا
ثارات يعرب ظمأى في مراقدها
تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا
ألا دم يتنزّى في سلافتها
أستغفر الثأر بل جفّت حميّانا
لا خالد الفتح يغزو الروم منتصرا
و لا المثنّى على رايات شيبانا
أمّا الشام فلم تبق الخطوب بها
روحا أحبّ من التعمى و ريحانا
ألمّ و اللّيل قد أرخى ذوائبه
طيف من الشام حيّانا فأحيانا
حنا علينا ظماء في مناهلها
فأترع الكأس بالذكرى و عاطانا
تنضّر الورد و الريحان أدمعنا
و تسكب العطر و الصهباء نجوانا
السامر الحلو قد مرّ الزّمان به
فمزّق الشمل سمّارا و ندمانا
قد هان من عهدها ما كنت أحسبه
هوى الأحبّة في بغداد لا هانا
فمن رأى بنت مروان انحنت تعبا
من السلاسل يرحم بنت مروانا
أحنو على جرحها الدامي و أمسحه
عطرا تطيب به الدّنيا و إيمانا
أزكى من الطيب ريحانا و غالية
ما سال من دم قتلانا و جرحانا
هل في الشام و هل في القدس والدة
لا تشتكي الثكل إعوالا و إرنانا
تلك القبور و لو أنّي ألمّ بها
لم تعد عيناي أحبابا و إخوانا
يعطي الشّهيد فلا و الله ما شهدت
عيني كإحسانه في القوم إحسانا
و غاية الجود أن يسقي الثرى دمه
عند الكفاح و يلقى الله ظمآنا
و الحقّ و السّيف من طبع و من نسب
كلاهما يتلقّى الخطب عريانا
***
و الحزن في النّفس نبع لا يمرّ به
صاد من النّفس إلاّ عاد ريّانا
و الخير في الكون لو عرّيت جوهره
رأيته أدمعا حرّى و أحزانا
سمعت باريس تشكو زهو فاتحها
هلاّ تذكّرت يا باريس شكوانا
و الخيل في المسجد المحزون جائلة
على المصلّين أشياخا و فتيانا
و الآمنين أفاقوا و القصور لظى
تهوي بها النّار بنيانا فبنيانا
رمى بها الظالم الطاغي مجلجلة
كالعارض الجون تهدارا و تهتانا
أفدي المخدّرة الحسناء روّعها
من الكرى قدر يشتدّ عجلانا
تدور في القصر عجلي و هي باكية
و تسحب الطيب أذيالا و أردانا
تجيل و النوم ظلّ في محاجرها
طرفا تهدهده الأحلام و سنانا
فلا ترى غير أنقاض مبعثرة
هوين فنا و تاريخا و أزمانا
تلك الفضائح قد سمّيتها ظفرا
هلاّ تكافأ يوم الرّوع سيفانا
نجابه الظلم سكران الظّبى أشرا
و لا سلاح لنا إلا سجايانا
إذا انفجرت من العدوان باكية
لطالما سمتنا بغيا و عدوانا
عشرين عاما شربنا الكأس مترعة
من الأذى فتملّي صرفها الآنا
ما للطواغيت في باريس قد مسخوا
على الأرائك خدّاما و أعوانا
الله أكبر هذا الكون أجمعه
لله لا لك تدبيرا و سلطانا
ضغينة تتنزّى في جوانحنا
ما كان أغناكم عنها و أغنانا
***
تفدى الشموس بضاح من مشارقها
هلال شعبان إذ حيّا بشعبانا
دوّت به الصرخة الزهراء فانتقضت
رمال مكّة أنجادا و كثبانا
و سال أبطحها بالخيل آبية
على الشكيم تريد الأفق ميدانا
و بالكتائب من فهر مقنّعة
تضاحك الشمس هنديّا و مرّانا
تململ الفاتحون الصيد و ازدلفوا
إلى السيوف زرافات و وحدانا
و للجياد صهيل في شكائمها
تكاد تشربه الصحراء ألحانا
السابقات و ما أرخوا أعنّتها
و الحاملات المنايا الحمر فرسانا
سفر من المجد راح الدهر يكتبه
و لا يضيق به جهرا و أمعانا
قرأت فيه الملوك الصيد حاشية
و الهاشميّين طغراء و عنوانا
شدّ الحسين على الطغيان مقتحما
فزلزل الله للطغيان بنيانا
نور النّبوة في ميمون غرّته
تكاد ترشفه الأجفان فرقانا
لاث العمامة للجلّى و لست أرى
إلاّ العمائم في الإسلام تيجانا
يا صاحب النّصر في الهيجاء كيف غدا
نصر المعارك عند السلم خذلانا
ترى السياسة لونا واحدا و يرى
لها حليفك أشكالا و ألوانا
لا تسأل القوم أيمانا مزوّقة
فقد عيينا بهم عهدا و أيمانا
أكرمت مجدك عن عتب هممت به
لو شئت أوسعته جهرا و تبيانا
***
ما للسّفينة لم ترفع مراسيها ؟
ألم تهيئ لها الأقدار ربّانا ؟
شقّي العواصف و الظلماء جارية
باسم الجزيرة مجرانا و مرسانا
ضمّي الأعاريب من بدو و من حضر
إنّي لألمح خلف الغيم طوفانا
يا من يدلّ علينا في كتائبه
نظار تطلع على الدنيا سرايانا

نــجــم
17-04-2011, 01:13 PM
أنني قدمت روحي في الضحايا

يا صبابا طال عهدي بالهوى
أو ترضين بهذا يا صبايا
إنّ في قلبي زوايا للمنى
هل يثور الحبّ من تلك الزّوايا
أرجعي كأسي يا فاتنتي
إنّ في كأسي من الخمر بقايا
رقدت روحي على أغنيّة
لخيالات الأماني و المنايا
فتلاشت مع صدى أنشودة
فرغت منها إلاهات الخطايا
يا إلهات الهوى لا تغضبي
إنّني قدّمت روحي في الضحايا

نــجــم
17-04-2011, 01:13 PM
إلى أستاذي مصطفى الغلاييني

أتسمع أنّه صوت الشباب
فدته النفس من داع مجاب
و ما غير الشباب حمى عزيز
يرجّى للثواب و للعقاب
أبا النشء الجديد بنيت نشأ
من الأخلاق و الأدب اللباب
هنيئا ما أصابك من خطوب
و ما لاقيت من محن صعاب
و ما غالبت من زمن و ناس
و أنت الليث ينهد للغلاب
و أعوام الشبيبة و هي تطوى
على شمل شتيت و اغتراب
تجاهر بالحقيقة لا تداري
و تصدع بالنصيحة لا تحابي
تعهّدت الشباب فمن قصيد
سقيت به البيان إلى كتاب
دعوتهم إلى الفصحى فلبّوا
و بورك في الدعاء المستجاب
جلوت فتونها فهفوا إليها
و فلّت حدّة النّفر الغضاب
و ما اختلفوا على الأنساب إلاّ
هديتهم إلى النسب القراب
تؤلّف بينهم و تذود عنهم
ذياد الليث عن أشبال غاب
***
أتذكر في الشام لنا عهودا
معطّرة كأنفاس الكعاب
بدمّر لا السفوح معطّلات
من الغزل النديّ و لا الروابي
و هل عند الخمائل ما قطفنا
من الفتن المنوّرة العذاب
نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي
إل أفنانها النضر الرطاب
و ننشدها النسيب على ذبول
فيغنيها النسيب عن الرباب
ورود الشام تسكرها القوافي
و تهفو للتوجّع و العتاب
و تطرب للنديّ من المعاني
فتجزي بالظلال ز بالملاب
لئن نضرت خمائلها فإنّي
خلعت على خمائلها شبابي
و ودّعت الصبى فيها حميدا
و رحت أغشّ قلبي بالتّصابي
أحنّ إلى شبابي حين أهفو
إلى تلك المعالم و القباب
و من ينعم بصحبته فإنّي
جنى مرّ الإباء على صحابي
لدات طفولتي ذهبوا تباعا
و عاقتني الخطوب عن الذهاب
أسائل عنهم فأرى وجوما
فأغضي ، قد عثرت على الجواب
و أسمع للقبور صدى وجيعا
حنين الغائبين إلى الإياب
سقى تلك القبور دمي و دمعي
و جلّ القبر عن سقيا السحاب
و من فوق التراب فدى بدور
خبا لألآؤها تحت التراب
***
أتعذلني و قلبي في وجيب
من الذكرى و دمعي في انسكاب
فديتك إن بكيت أسى و ذكرى
فهذا الدمع لم يك في حسابي
و عيدك بهجة الدنيا عليه
رواء من شمائلك السوابي
صحبتك في الشام و كنت برّا
تخاطبني و تلطف في خطابي
تعلّمني الوسيم من القوافي
و تهديني القويم من الشّعاب
و تكرم مشهدي و تذود عنّي
إذا الحسّاد أنطقها غيابي
فتاك و إن تأوّلت الأعادي
و لجّت في أذاي و في اغتيابي
و غسّان العلى قومي و لكن
إلى أدابك الغرّ انتسابي
***

نــجــم
17-04-2011, 01:13 PM
إلى الحبيبة الصغيرة

أنا إن بعدت عن الدّيار فإنّني
يا ميّ قلبي في ديارك باقي
حبّي و إنّ شطّ النوى بمزاركم
حبّي و اشواقي لكم أشواقي
لا ترقبوا منّي تناسي عهدكم
إنّ الوفاء المحض من أخلاقي
أنا لست أخلف بالنوى ميثاقكم
أو تخلفون على النوى ميثاقي
و يريق أدمعي الصدود و إن يكن
دمعي لهول الموت غير مراق
أنا كالحسام إذا جلاه صاقل
يزداد إشراقا على إشراق

نــجــم
17-04-2011, 01:13 PM
إيه حكيم الدّهر

حلي النديّ كرامة للرّاح
عجيا اتسكرنا و أنت الصاحي
لك في السرائر بدعة مرموقة
أنس المقيم و جفوة النزّاح
مجد كآفاق السماء اذا انتهت
منه نواح بادهت بنواحي
الدّهر ملك العبقريّة وحدها
لا ملك جبّار و لا سفّاح
و الكون في أسراره و كنوزه
للفكر لا لوغى و لا لسلاح
ذرت السّنون الفاتحين كأنّهم
رمل تناوله مهبّ رياح
لا تصلح الدّنيا و يصلح امرها
إلاّ بفكر كالشعاع صراح
مرح على كيد الحياة و أهلها
يلقى شدائدها بأزهر ضاح
خير العقائد في هواي عقيدة
شمّاء ذات توثّب و جماح
تبني الحياة على هدى إيمانها
و العقل مثبت غيرها و الماحي
سكرى العقيدة أين من آفاقه
سكر العيون و أين سكر الراح
ملك الحياة فخلف كلّ ثنيّة
لليأس يكمن منه ألف طماح
شرف المعارك بالجراح و بالردى
فبدار قسطك من أذى و جراح
و احمل بكفّيك الحياة تحدّيا
منها لأول معتد بالسّاح
ألعمر من غيب القضاء خبيئة
فابسط مصون كنوزه بالرّاح
لا تشك من قصر الحياة فربّما
أغنت إشارتها عن الإفصاح
سفر الحياة إذا اكتفيت بمتنه
أغناك موجزه عن الشرّاح
و اختر لنفسك ميتة مرموقة
بين النّجوم على الأديم الصاحي
للموت في اللجج العميقة رهبة
شمخت بسؤددها على الضحضاح
حوّطت بالله العقيدة من أذى
خرقاء فاجرة اليمين وقاح
سكرت على كرم النديّ و عربدت
فاليوم لا خمري و لا أقداحي
لهو العيون و لا أقول قذاتها
و كل تكلّف زهوة المجتاح
مترنّح العطفين من خيلائه
ماذا تركت لغارة و كفاح
الله يعلم ما أردت شماتة
بمصرّعين من العياء طلاح
تأبى الشماتة في الضّعيف شمائلي
و تعفّ عن شلو الجريح صفاحي
و أنا الذي وسع الهموم حنانه
و بكى لكلّ معذّب ملتاح
أشقى لمن حمل الشقاء كأنّما
أتراح كلّ أخي هوى أتراحي
غسل الأسى قلبي و حسبك بالأسى
من غاسل حقد القلوب و ماحي
و وددت حين هوى جناح حمامة
لو حلّقت من خافقي بجناح
حبّ قد انتظم الوجود بأسره
أسد الشرى و حمامة الأدواح
***
أعمى تلفّتت العصور فما رأت
عند الشموس كنوزه اللّماح
نفذت بصيرته لأسرار الدّجى
فتبرّجت منها بألف صباح
من راح يحمل في جوانحه الضّحى
هانت عليه أشعّة المصباح
***
أمصوّر الدنيا جحيما فائرا
يرمي العصور بجمره اللّفّاح
هوّن عليك ففي النّفوس بقيّة
من رحمة و مروءة و سماح
خلف الخجير و عنفه و لهيبه
ما شئت من ظلّ و طيب نفاح
ضجّت ملائكة السّماء بساخر
مرّ الدعابة شاتم مدّاح
السخر فيه إذا أخذت بكفره
كالسخر حين تراه في النصّاح
نكب العقائد و الطّباع فيا لها
فتكات حتف كالقضاء متاح
و عدا على حرم السماء فيا له
فنحا أطلّ به على الفتّاح
عرّى السرائر و النّفوس ممزّقا
عنهنّ كلّ غلالة و وشاح
و جلا المصون من الضمائر فانتهى
همس النّفوس لضجّة و صياح
إن يقس في نقد الطباع فلم تكن
ترجى لرحمتها يد الجرّاح
إيه رهين المحبسين ألم يئن
إطلاق مأسور وفكّ سراح
ظفرت برحمتك الحياة وصنتها
عن كلّ ناعسة الجفون رداح
أتضيق بالأنثى و حبّك لم يضق
بالوحش بين سباسب و بطاح
يا ظالم التّفاح في وجناتها
لو ذقت بعض شمائل التفّاح
عطر أحبّ من المنى و غلالة
بدع فمن وهج و من أفراح
هي صورة لله عزّ و جلّ جلاله
عزّت نظائرها على الألواح
***
منحت بقدرته النعيم و لوّنت
أنواره جلّت يد المنّاح
ليت الهموم العبقريّة هدهدت
بحنان طيّبة اللّمى ممراح
لو أنّها نزلت على نعمى الهوى
نزلت مدلّلة بأكرم ساح
حرم على عسر الزمان و يسره
و حمى أمين السرب غير مباح
ما أحوج العقل الحكيم و همّه
و سع الحياة لصبوة و مراح
و لمن تدلّله و تسكر روحه
عند الهجير بظلّها النفّاح
أنثى إذا ضاقت سريرة نفسه
طلعت بآفاق عليه فساح
تسقى الهموم إذا وردن حنانها
بمعطّر كالسلسبيل قراح
وتردّهنّ عرائسا مجلوّة
كندى الصباح و كنّ غير صباح
للعبقريّة قسوة لولا الهوى
عصفت بكلّ عقيدة و صلاح
رعناء إن ترك الجمال عنانها
طاحت بفارس متنها الجحجاح
ما للشراع على العواصف حلية
إن لم تصرّفه يد الملاّح
***
إيه حكيم الدّهر أيّ مليحة
ضنّت عليك بعطرها الفوّاح
أسكنتها القلب الرّحيم فرابها
ما فيه من شكوى و رجع نواح
جرحت إباءك و الحياء فأقفلا
باب المنى و رميت بالمفتاح
لو أنصفت لسقتك خمرة ريقها
سكر العقول و فتنة الأرواح
و لأسعفتك على الهوى بمعطّر
بالحسن لا بشقائق و أقاح
لا تخف حبّك بالضغينة و الأذى
الحبّ جوهر حقدك الملحاح
و أطل هجاءك ما تشاء فخلفه
غرر منضّرة من الأمداح
العبقريّة و الجمال تحدّرا
من نبعة و تسلسلا من راح
أخوان ما طلع الضّحى لولاهما
إلاّ على العبرات و الأتراح
الظاّلمان المالكان و نعمة
ما أسلفا من زلّة و جناح
إنّ التي حرمتك نعمة حبّها
و أبيك عار كواعب و ملاح
لو كان في يديّ الزّمان و سرّه
و أعنّة الإمساء و الإصباح
في مشهد تكسو الوفود رحابه
و يغصّ بالغادين و الروّاح
لنزعت فتنتها و سحر جفونها
و محوت نور جبينها الوضّاح
و نثرت جوهر ثغرها من عقده
فصحاحه العطرات غير صحاح
و رددت للسبعين ريّق عمرها
و الحاليات من الصبا الممراح
و جلوت مرآتي .... فندّت صرخة
كلمى و غطّت خزيها بالرّاح
حتّى إذا أتمت ذلك كلّه
أشرفت انظر نظرة المرتاح
فثأرت من ظلم الجمال و ربّما
شمتت جراح في الثرى و أضاح
و إذا رأيتك ضقت فيه تنكّرت
للجدّ منه دعابتي و مزاحي
***
الوحدة الكبرى تهلّل فجرها
بظلال أبلج ذائد نفّاح
هذي العروبة في حماك مدلّة
ريع العدوّ بها و ضاق اللاّحي
الأزرق الرجراج حنّ لرملة
في الدّجلتين نديّة مسماح
و رأى الكنانة إن تماجد ما جدت
بالعاص لا بمنى و لا بفتاح
سمعا حكيم الدّهر فهي قصيدة
و أبيك بدع مغرّد صدّاح
عصماء إن شهد النديّ خطيبها
تركت فصاح القوم غير فصاح
بدهت شواردها العدى بكتيبة
خضراء تلمع بالحديد رداح
هل في ثراك على المعرّة موضع
بين العيون لدمعي السحّاح
حنت النّفوس عليه تسكب حبّها
فجلت براح البيد غير براح
ما للجياد الأعوجيّة حسّرا
صرعى الهجير على المدى الفيّاح
فاعذر إذا لم أوف مجدك حقّه
لجج الخضمّ طغت على السبّاح

نــجــم
17-04-2011, 01:14 PM
المعبد المسحور

أيّها الضاحك الطّروب ألا تأسى
لهذي الدموع في عينيّا
أنا أبكي و كرّم الله و الحسن
عن الدّمع خدّك الورديّا
شوّه العاذلون عندك حبّي
لا عليهم فعار حبّي عليّا
قسموه بين البراءة و الإثم
و وحّدته أثيما بريّا
***
يا حبيبي دعني أقبّل خدّيك
و أشتفّ ثغرك اللؤلؤيّا
و تبذّل للحبّ سكرا و عريا
جسدا فاتنا و روحا غويّا
ألهوى جنّة بقلبي و الشهوة
نار حمراء في شفتيّا
***
مهرجان لمتعة الجسم حال
يرحم الله حبّنا العذريا
طاف بي طائف من المعبد المسحور
يدعو فقالت النفس هيّا
يا حبيبي و سحر عينيك يغنيني
أشاهدت سحره البابليّا
معبد للهوى الأثيم بنينا
الفجر فيه و المشرق الذهبيّا
و أقمنا على الكهانة فيه
و العبادات شاعرا عبقريّا
يتغنّى سكران بين عوار
رضيت عريها كسا و حليّا
و إذا يشتهي الأغانيّ يسمع
معبدا و الغريض و الموصليّا
و إذا حنّ للكرى فذراعان
و نهدان و ابتسام و ريّا
حالم فالزمان يرقب أمري
و المنى الحاليات طوع يديّا
و الرؤى عالم خفيّ أراه
عالما ضاحك السنا مرئيا
صوّرت قدرة الخيال من العسجد
و النّور كأسي الخزفيّا
ربّ حلم تناقلته اللّيالي
و الخيالات فاستحال نبيّا

نــجــم
17-04-2011, 01:14 PM
اللهب القدسي

يحبّ قلبي خباياه و يعبدها
إذا تبرّأ قلب من خباياه
طفولة الروح أغلى ما أدلّ به
و الحبّ أعنفه عندي و أوفاه
قلبي الذي لوّن الدنيا بجذوته
أحلى من النور نعماه و بؤساه
غرّ و أرفع ما فيه غرارته
و أنذل الحبّ – جلّ الحبّ – أدهاه
ما الحسن إلاّ لبنات منمّقة
لكن يؤلهه أناّ عشقناه
لم يرده ألف جرح من فواجعه
حتّى أصيب بسهم منك أرداه
***
آمنت باللّهب القدسيّ مضرمه
أذكى الألوهة فينا حين أذكاه
نزيّن الروح قربانا لفتنته
و قد يضنّ فتستجدى مناياه
و لو أقام الضحايا من مصارعها
لآثرت موتها فيه ضحاياه
ألعبقرّيات وهج من لوافحه
و الشمس مجلوّة إحدى هداياه
و تلئهين بهدي من عقولهم
لو يمّموا اللّهب القدسيّ ما تاهوا
ما راعنا الدهر بالبلوى و غمرتها
لكنّنا بالإباء المرّ رعناه
إن نحمل الحزن لا شكوى و لا ملل
غدر الأحبّة حزن ما احتملناه
و ما رعانا على عصف الخطوب بنا
هوى حبيب رعيناه و نرعاه
ليت الذين و هبناهم سرائرنا
في زحمة الخطب أغلوا ما وهبناه
و لا وفاء لقلب حين نؤثره
حتى تكون رزايانا رزاياه
أشامت عند جلاّنا و ما نزلت
إلاّ على الحبّ و الإيثار جلاّه
هان و محنتي العصماء دامية
راو و من لوعتي الشمّاء سقياه
ما ضجّ في قلبه جرح فكابده
و لا ألمّ به وجد فعاناه
تضنّ باللّهفة الحرّى جوانحه
و القلب أخضبه بالنور أسخاه
فما ترشّفت إيمانا بمعبده
و لا شممت طيوبا في مصلاّه
ناء عن النّار لو طاف اللّهيب به
لوهّجت هذه الدّنيا شظاياه
قد هان حتّى سمت عنه ضغينتنا
فما حقدنا عليه بل رحمناه
يرضيه أن يتشفّى من مدامعنا
لم نبك منه و لكنّا بكيناه
حسب الأحبّة ذلاّ عار غدرهم
و حسبنا عزّة أنّا غفرناه
يهنيك أنّك في نعمى لمحنته
و أنّ غدرك قبل الدهر أشقاه
جاه خلقناه من ألوان قدرتنا
فكيف بكفر فينا من خلقناه
لو رفّ حبك في بيداء لاهبة
على الظماء رحيقا ما وردناه
حلوت طيفك عن عيني فأسلمه
إلى الدجى و إلى الإعصار مأواه
فيا لكنز شكت منه جواهره
و ضاع عن نفسه لمّا أضعناه
صحا الفؤاد الذي قطّعته مزقا
حرّى الجراح و لملمنا بقاياه
***

نــجــم
17-04-2011, 01:14 PM
الذكرى

لهيب من الذكرى و حقّك لا يخبو
متى يتلاقى بعد نأيهم الصحب
أحبّه قلبي إن بعدتم فما نأى
عن القلب لا الذكر الملحّ و لا الحبّ
على طيفكم أغمضت عيني و التقى
صيانا له في مقلتي الهدب و الهدب
جلوت القذى عنها وفاء لطيفكم
فأحلامها نعمى و مدمعها عذب
نزلتم من الذكرى بقلبي منزلا
يرفّ عليه النّور و الظلّ و الخصب
أراكم على بعد المزار فياله
حنينا تلاقى عنده البعد و القرب
و يدنيكم منه خيال مجنّح
هراقت عليه نورها الأنجم و الشهب
خيال يجوز الدّهر و الكون و المنى
و يطوي الغيوب النائيات و لا يكبو
فيا بعدها من غاية لم ترح بها
مطيّ و لا حطّ الرّحال بها ركب
و لله ما أوفى الخيال فبيننا
و بينكم منه الرّسائل و الكتب
يلمّ فيلقاكم و يشكو اليكم
من البعد ما نشكو و يصبو كما نصبو
و نظمأ لولا نهلة من رحيقه
أديرت فلا الساقي أفاق و لا الشرب
سلاف من الذكرى أديرت كؤوسها
فما شرب الندمان لكنّهم عبّوا
نعيتم فلم يخلص إلى القلب نعيكم
و لم تتقبّله البصيرة و اللّبّ
إذا مرّ وجه عابر رحت أجتلي
أساريره بشر عليهنّ أم رعب
لعلّ الذي ينعاكم كان كاذبا
فيا نعمة قد كان يحملها الكذب
يجسّ الطبيب النّبض حيران ذاهلا
و هيهات لا يغني الطبيب و لا الطبّ
و يرجو على اليأس المرير و إنّه
خداع الأماني و التعلّة و الحبّ
و للأهل أبصار روان تعلّقت
بعينيه إيجاب هنالك أم سلب
و صمت مرير دون ما فيه من أسى
بكاء الثكالى و التفجّع و الندب
فوارحمتا للنّاهلات من الصّبي
ألم يتهيّب من براءتها الخطب
غرائر من نعمى الدلال تلفّتت
فأعوزها عطف الأبوّة و الحدب
فيا للصّبي الهاني شجاني أنّه
حزين و من طبع الصبي اللهو اللّعب
فيا ربّ لا راع الطفولة رائع
و يا ربّ لا ألوى بنعمائها كرب
و يا ربّ للأطيار و الفجر و الندى
إذا شئت لا للعاصف الغصن الرطب
إذا نهلّ غرب من صغير جرى له
من الملإ الأعلى على صفوة غرب
إذا عبرات الطفل مرّت بمجدب
من النفس روّته ففارقه الجدب
دموع كعفو الله لو مرّ بردها
على الرّملة الحرّى لنضّرها العشب
و يا ربّ مر تصبح نسيما معطّرا
على كلّ محزون زعازعها النكب
و يا ربّ عندي من كنوزك حفنة
من الحبّ أذريها و لكنّها تربو
تمنّيت لو فاضت حنانا و رحمة
من الظالمين الخنزوانة و العجب
فلا يعوز الإنسان حبّ و نعمة
و لا يعوز الطّير الجداول و الحبّ
أرى الفرد لا يبقى و إن طال حكمه
و يبقى بقاء الحقّ و الزمن الشعب
و أشهد أنّ الظلم يردي فلو طغى
على السفح هضب شامخ زلزل الهضب
شكت جبروت الكثب حبّات رملها
إلى الله فانهارت مع العاصف الكثب
***
أبا أحمد هل يرفع الستر مرّة
عن الملأ الأعلى و تنكشف الحجب
و فزنا من النور المصون بلمحة
تقرّ بها عين و يندى بها قلب
و كشّف للأخرى صفاء مغيّب
حبيب إلى قلبي و لكنّه صعب
و لحت لنا في عالم الحقّ بدعة
من النّور يخبو كلّ حسن و لا تخبو
فرحنا نحيّي من نحبّ تحيةّ
تنازعها الشوق المبرّح و العتب
أتنأى فهلاّ وقفة يشتفي بها
خليل و يقضي حقّ لوعته صبّ
أتنأى و ما ودّعت أهلا و لا حمى
فأين الحنان السمح و الخلق الرّحب
***
أبا أحمد هذي المواكب أقبلت
يضيق بها شرق المنازل و الغرب
رأت بشرك المرموق في وجه أحمد
فللعين من نعمى طلاقته شرب
أبا أحمد في ذمّة الله صارم
من الحقّ لا يشكو الضراب و لا ينبو
يمان محلّى فهو في السلم زينة
و تكشف عنف الموت في حدّة الحرب
سقى الله بالذكرى على غير حاجة
و لا حاد عن أطيابها الغدق السكب
عهودا لنا كالنور أمّا نعيمها
فسمح لمن يهوى مفاتنه نهب
لبسن الصبى بردا فلا خزّ فارس
يدلّ و لا الديباج و الوشي و العصب
عهود نجيبات الأصائل و الضحى
و إن قلّ في الإنسان و الزّمن النجب
و لله ما أحلى مرابع لهونا
ينادم تربا في خمائلها ترب
ينيخ ذوو الحاجات فيها رحالهم
و تصهل في أفيائها الضمّر القبّ
أحنّ إذا فارقتني بعض ساعة
و تحمد في الحبّ اللّجاجة لا الغبّ
شببنا على محض الوفاء وصفوه
كذلك آبائي و آباؤكم شبّوا
و يجمعنا نجر قريب سمت به
لغسّان أقيال غطارفة نجب
و حب رمته في اللّهيب لصهره
صروف الليالي و القطيعة و الذنب
و كأس تساقينا ثلاثين حجّة
عذوبتها طبع و تقطيبها كسب
أشمّ عبيرا من ترابك عاطرا
أمنك استعار العطر و النضرة الترب
فحيّت ثراك المزن كفّك لا الحيا
و جادته بالسّقيا يمينك لا السحب

نــجــم
17-04-2011, 01:14 PM
البلبل الصريع

بلبلي مات حبيسا باكيا
لوعة الشعر على ذاك الحبيس
فقد الصبح أناشيد الهوى
بعده و أنفرط العقد النفيس
عطّلوا المجلس يا سمّاره
و أريقوا يا نداماي الكؤوس
قد قضى اليوم جليسي و مضى
لا تطيب الخمر من غير جليس
ما لأغصان الرّبى من بعده
تتهادى عاريات و تميس
و عروس الزهر هل يضحكها
مشرق الشمس و قد مات العريس
ويل أمّ الظلم ثكلى دائما
فنيت طسم و لم تبق جديس
إنّما الدّنيا لمن كافحها
و مشى مستلئما وسط الخميس
بلبلي مات و لم تنج به
وصفه ((الرازي)) و لا طبّ ((الرئيس))
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا مالذي
أبقت الأحزان منّي للميس
***
عاش ما عاش طليقا بالربى
و الربى حسن و لون و عبير
يتغنّى بأناشيد الهوى
ناعما بالعمر و العمر قصير
يرسل الأشعار في الأيك كما
أرسل الشعر حبيب و جرير
فغدا اليوم أسيرا بعدما
كان حرا بين روض و غدير
إرحموه و اعطفوا ما شئتم
فأحقّ الناس بالعطف الأسير
هو يبكي و أنا أبكي أسى
و كلانا ذو شجون و شعور
من لباب البرّ قد أطعمته
و لقد أرشفته الماء النمير
و كسوت القفص الرحب الذرى
بالقباطيّ الموشّى و الحرير
غير أنّ الطير فاضت روحه
بين حزن و شهيق و زفير
***
بلبلي مات و لم تنجع به
وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عني لميسا ما الذي
ابقت الأحزان مني للميس
***
أيّها الصيّاد لا تنصب له
شركا و اسمح بتقطيع الشرك
أيّها الصيّاد ما أعجزه
أيّها الصيّاد بل ما أقدرك
دعه حرا و استمع تغريده
هلّة الصبح و قل : ما أشعرك
دعه حرا فلقد صوّره
خالق الكون الذي قد صوّرك
جارك الأدنى دعاه ظما
و هجير فتفيّا شجرك
أنت سكران و لم تشرب طلا
إنّما البغي الذي أسكرك
تعس الصيّاد من ذي قسوة
جرّب الدنيا طويلا و عرك
مذ رأى البلبل في غفلته
صوّب السهم إليه و برك
فارتمى الطير صريعا و هوى
تاركا أفراخه فيما ترك
***
بلبلي مات و لم تنجع به
وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا ما الذي
ابقت الأحزان منّي للميس

نــجــم
17-04-2011, 01:15 PM
البلبل الغريب

سلي الجمر هل غالى وجنّ و عذّبا
كفرت به حتّى يشوق و يعذبا
و لا تحرميني جذوة بعد جذوة
فما اخضلّ هذا القلب حتّى تلهّبا
و ما نال معنى القلب إلاّ لأنّه
تمرّغ في سكب اللّظى و تقلّبا
هبيني حزنا لم يمرّ بمهجة
فما كنت أرضى منك حزنا مجرّبا
و صوغيه لي وحدي فريدا و أشفقي
على سرّه المكنون أن يتسرّبا
مصونا كأغلى الدرّ عزّ يتيمه
فأودع في أخفى الكنوز و غيّبا
و صوغيه مشبوب اللّظى و تخيّري
لآلامه ما كان أقسى و أغربا
و صوغيه كالفنّان يبدع تحفه
و يرمقها نشوان هيمان معجبا
فما الحزن إلاّ كالجمال ، أحبّه
و أترفه ، ما كان أنأى و أصعبا
خيالك يا سمراء ، مرّ بغربتي
فحيّا و رحّبنا طويلا و رحّبا
جلاك لعيني مقلتين و ناهدا
و ثغرا كمطول الرياحين أشنبا
فصانك حبّي في الخيال كرامة
و همّ بما يهواه لكن تهيّبا
و بعض الهوى كالغيث إن فاض تألّق
و بعض الهوى كالغيث إن فاض خرّبا
أرى طيفك المعسول في كلّ ما أرى
وحدت و لكن لم أجد منه مهربا
سقاني الهوى كأسين : يأسا و نعمة
فيالك من طيف أراح و أتعبا
و خالط أجفاني على السّهد و الكرى
فكان إلى عيني من الجفن أقربا
شكونا له السّمراء حتّى رثى لنا
و جرّأنا حتّى عتبنا فأعتبنا
و ناولني من أرز لبنان نفحة
فعطّر أحزاني و ندّى و خضّبا
و ثنّى بريّا الغوطتين يذيعها
فهدهد أحلامي وأغلى و طيّبا
و هل دلّلت لي الغوطتان لبانة
أحبّ من النعمى و أحلى و أعذبا
وسيما من الأطفال لولاه لم أخف
_ على الشيب_ أن أنأى و أن أتغرّبا
تودّ النّجوم الزهر لو أنّها دمى
ليختار منها المترفات و يلعبا
و عندي كنوز من حنان و رحمة
نعيمي أن يغرى بهنّ و ينهبا
يجور و بعض الجور حلو محبّب
و لم أر قبل الطفل ظلما محبّبا
و يغضب أحيانا و يرضى و حسبنا
من الصفو أن يرضى علينا و يغضبا
و إن ناله سقم تمنّيت أنّني
فداء له كنت السقيم المعذّبا
و يوجز فيما يشتهي و كأنّه
بإيجازه دلاّ أعاد و أسهبا
يزفّ لنا الأعياد عيدا إذا خطا
و عيدا إذا ناغى و عيدا إذا حبا
كزغب القطا لو أنّه راح صاديا
سكبت له عيني و قلبي ليشربا
و أوثر أن يروى و يشبع ناعما
و أظمأ في النعمى عليه و أسغبا
و ألثم في داج من الخطب ثغره
فأقطف منه كوكبا ثمّ كوكبا
ينام على أشواف قلبي بمهده
حريرا من الوشي اليمانيّ مذهبا
و أسدل أجفاني غطاء يظلّه
و ياليتها كانت أحنّ و أحدبا
و حمّلني أن أقبل الضيم صابرا
و أرغب تحنانا عليه و أرهبا
فأعطيت أهواء الخطوب أعنّتي
كما اقتدت فحلا معرق الزّهو مصعبا
تأبّى طويلا أن يقاد .. و راضه
زمان فراخى من جماح و أصحبا
تدلّهت بالإيثار كهلا و يافعا
فدلّلته جدّا و أرضيته أبا
و تخفق في قلبي قلوب عديدة
لقد كان شعبا واحدا فتشعّبا
***
و يا ربّ من أجل الطفولة وحدها
أفض بركات السلم شرقا و مغربا
و ردّ الأذى عن كلّ شعب و إن يكن
كفورا و أحببه و إن كان مذنبا
و صن ضحكة الأطفال يا ربّ إنّها
إذا غرّدت في موحش الرمل أعشبا
ملائك لا الجنّات أنجبن مثلهم
و لا خلدها _ أستغفر الله _ أنجبا
و يا ربّ حبّب كلّ طفل فلا يرى
و إن لجّ في الإعنات وجها مقطّبا
و هيّئ له في كلّ قلب صبابة
و في كلّ لقيا مرحبا ثمّ مرحبا
و يا ربّ : إنّ القلب ملكك إن تشأ
رددت محيل القلب ريّان مخصبا
***
و يا ربّ في ضيق الزّمان و عسره
أرى الصّبر آفاقا أعزّ و أرحبا
صليب على غمز الخطوب و عسفها
و لولا زغاليل القطا كنت أصلبا
و لي صاحب أعقيته من موّدتي
و ما كان مجنون الغرور ليصحبا
غريبان لكنّي وفي و ما وفى
و نازع حبل الودّ حتّى تقضّبا
و با ربّ هذي مهجتي و جراحها
سيبقين إلاّ عنك سرّا محجّبا
فما عرفت إلاّ قبور أحبّتي
و إلاّ لداتي في دجى الموت غيّبا
و ما لمت في سكب الدّموع فلم تكن
خلقت دموع العين إلاّ لتسكبا
و لكنّ لي في صون دمعي مذهبا
فمن شاء عاناه و من شاء نكّبا
***
و يا ربّ لأحزاني وضاء كأنّني
سكبت عليهنّ الأصيل المذهّبا
ترصّد نجم الصبح منهنّ نظرة
و أشرف من عليائه و ترقّبا
فأرخيت آلاف الستور كأنّني
أمدّ على حال من النّور غيهبا
فغوّر نجم الصّبح يأسا و ما أرى
على طهره _ حتّى بنانا مخضّبا
و قد تبهر الأحزان و هي سوافر
و لكنّ أحلاهنّ حزن تنقّبا
***
و يا ربّ : درب الحياة سلكته
و ما حدت عنه لو عرفت المغيّبا
و لي وطن أكبرته عن ملامة
و أغليه أن يدعى _ على الذّنب مذنبا
و أغليه حتّى قذ فتحت جوانحي
أدلّل فيهنّ الرّجاء المخيّبا
تنكّر لي عند المشيب _ و لا قلى _
فمن بعض نعماه الكهولة و الصبا
و من حقّه أن أحمل الجرح راضيا
و من حقّه أن لا ألوم و أعتبا
و ما ضقت ذرعا بالمشيب فإنّني
رأيت الضحى كالسّيف عريان أشيبا
يمزّق قلبي البعد عمّن أحبّهم
و لكن رأيت الذلّ أخشن مركبا
و أستعطف التاريخ ضنّا بأمّتي
ليمحو ما أجزى به لا ليكتبا
و يا ربّ : عزّ من أميّة لا انطوى
و يا ربّ : نور وهّج الشرق لا خبا
و أعشق برق الشام إن كان ممطرا
حنونا بسقياه و إن كان خلّبا
و أهوى الأديم السّمح ريّان مخصبا
سنابله نشوى و أهواه مجدبا
مآرب لي في الرّبوتين و دمّر
فمن شمّ عطرا شمّ لي فيه مأربا
***
سقى الله عند اللاذقيّة شاطئا
مراحا لأحلامي و مغنى و ملعبا
و أرضى ذرى الطّود الأشمّ فطالما
تحدّى و سامى كلّ نجم و أتعبا
و جاد ثرى الشهباء عطرا كأنّه
على القبر من قلبي أريق و ذوّبا
و حيّا فلم يخطئ حماة غمامه
وزفّ لحمص العيش ريّان طيّبا
و نضّر في حوران سهلا و شاهقا
و باكر بالنّعمى غنّيا و متربا
و جلجل في أرض الجزيرة صيّب
يزاحم في السّقيا و في الحسن صيّبا
سحائب من شرق و غرب يلمّها
من الريح راع أهوج العنف مفضبا
له البرق سوط لا تندّ غمامة
لتشرد إلاّ حزّ فيها و ألهبا
يؤلفها حينا و تطفر جفّلا
و حاول لم يقنط إلى أن تغلّبا
أنخن على طول السماء و عرضها
يزاحم منها المنكب الضخم منكبا
فلم أدر هل أمّ السماء قطيعه
من الغيم أو أمّ الخباء المطنّبا
تبرّج للصحراء قبل انسكابه
فلو كان للصحراء ريق تحلّبا
و تعذر طلّ الفجر لم يرو صاديا
و لكنّه بلّ الرّمال و رطّبا
و يسكرها أن تشهد الغيم مقبلا
و أن تتملاّه و أن تترقّبا
كأنّ طباع الغيد فيه فإن دنا
قليلا . نأى حتّى لقد عزّ مطلبا
و يطمعها حتّى إذا جنّ شوقها
إليه انثنى عن دربها و تجنّبا
تعدّ ليالي هجره و سجيّة
بكلّ مشوق أن يعدّ و يحسبا
و يبده بالسقيا على غير موعد
فما هي إلاّ لمحة وتصبّبا
كذلك لطف الله في كلّ محنة
و إن حشد الدّهر القنوط و ألّبا
إلى أن جلاها كالكعاب تزيّنت
لتحسد من أترابها أو لتخطبا
***
و مرّت على سمر الخيام غمامة
تجرّ على صاد من الرّمل هيدبا
نطاف عذاب رشّها الغيم لؤلؤا
وتبرا فما أغنى و أزهى و أعجبا
حبت كلّ ذي روح كريم عطائها
فلم تنس آراما و لم تنس أذؤبا
و جنّت مهاة الرّمل حتّى لغازلت
و جنّ حمام الأيك حتّى لشبّبا
و طاف الحمام السمح في البيد ناسكا
إلى الله في سقيا الظماء تقرّبا
عواطل مرّ المزن فيهنّ صائغا
ففضّض في تلك السّهول و ذهّبا
و ردّ الرّمال السمر خضرا و حاكها
سماء و أغناها و رشّ و كوكبا
و ردّ ضروع الشاء بالدرّ حفّلا
لترضع حملانا جياعا و تحلبا
و حرّك في البيد الحياة و سرّها
فما هامد في البيد إلا توثّبا
و لا عب في حال من الرّمل ربربا
و ضاحك في غال من الوشي ربربا
و جمّع ألوان الضياء و رشّها
فأحمر ورديّا و أشقر أصهبا
و أخضر بين الأيك و البحر حائرا
و أبيض بالوهج السماوي مشربا
و لونا من السّمراء صيغت فتونه
بياضا نعم لكن بياضا تعرّبا
أتدري الرّبى أنّ السماوات سافرت
لتشهد دنيانا فأغفلت على الربى
ألمّ بكفي النجوم و أنتقي
مزرّرها في باقتي و المعصّبا
دياري و أهلي بارك الله فيهما
و ردّ الرّياح الهوج أحنى من الصبا
و أقسم أنّي ما سألت بحبّها
جزاء و لا أغليت جاها و منصبا
و لا كان قلبي منزل الحقد و الأذى
فإنّي رأيت الحقد خزيان متعبا
***
تغرّب عن مخضلّة الدوح بلبل
فشرّق في الدنيا وحيدا و غرّبا
و غمّس في العطر الإلهيّ جانحا
و زفّ من النّور الإلهيّ موكبا
تحمّل جرحا داميا في فؤاده
و غنّى على نأي فأشجى و أطربا

نــجــم
17-04-2011, 01:15 PM
الدمية المحطّمة

أيا دمية أنشأتها و عبدتها
كما عبد الغاوون منحوت أحجار
سكبت بها روحي و أهواء صبوتي
و ألوان أحلامي و بدعة أطواري
جمعت بها الدّنيا فكانت سلافتي
و كأسي و ندماني و أهلي و سمّاري
و نامت على الحلم المريح بمقلتي
و هدهدها عطري و حبّي و إيثاري
***
و يا دمية أنشأتها ثمّ حطّمت
يداي الذي أنشأت تحطيم جبّار
جمالك من سحري و عطرك من دمي
و فتنتك الكبرى خيالي و أشعاري
و ثغرك من حاني فيا لمنمنم
نديّ بأنفاس الرّياحين معطار
ألمّ به إثمي فندّاه بالمنى
و مرّ به و هنا فطيّبه عاري
خلقتك من أهواء نفسي و نوّعت
بك الحسن أهوائي و حبّي و أوطاري
فما يشتهى خدّاك إلا لأنّني
تركت على خدّيك إثمي و أوزاري
و ما أسكرت عيناك إلا لأنّني
سكبت بجفنيك الغويّين أسراري
***
أينكرني حسن خلقت فتونه
فيخنقني عطري و تحرقني ناري
و تنكرني : يا غضبة الشعر و الهوى
و يا غضبة الدنيا و يا غضبة الباري
***
رددتك للطين الوضيع و ما حنا
على روضك الهاني هبوبي و إعصاري
و فارقت إذ فارقتك الطين وحده
و عادت إلى نفسي عطوري و أنواري
***

نــجــم
17-04-2011, 01:15 PM
الحبّ و الله

تأنّق الدوح يرضر بلبلا غردا
من جنّة الله قلبانا جناحاه
يطير ما انسجما حتّى إذا اختلفا
هوى . و لم تغن عن يسراه يمناه
ألخافقان معا فالنجم أيكهما
و سدرة المنتهى و الحبّ : أشباه
أسمى العبادة ربّ لي يعذّبني
بلا رجاء و أرضاه و أهواه
و أين من ذلّة الشكوى و نشوتها
عند المحبّين عزّ الملك و الجاه
تقسّم الناس دنياهم و فتنتها
و قد نفرّد من يهوى بدنياه
ما فارق الريّ قلبا أنت جذوته
و لا النعيم محبّا أنت بلواه
غمرت قلبي بأسرار معطّرة
و الحبّ أملكه للروح أخفاه
و ما امتحنت خفاياه لأجلوها
و لا تمنّيت أن تجلى خفاياه
الخافقان _ و فوق العقل سرّهما
كلاهما للغيوب : الحبّ و الله
كلاهما انسكبت فيه سرائرنا
و ما شهدناه لكنّا عبدناه
أرخصت للدمع جفني ثم باكره
في هدأة الفجر طيف منك أغلاه
و أسكرتني دموعي بعد زورته
أطيف ثغرك ساقاها حميّاه
طيف لشقراء كاس من متارفه
لو لم أصنه طغى وجدي فعرّاه
حمنا مع العطر ورّادا على شفة
فلم نغر منه لكنّا أغرناه
تهدّلت بالجنى المعسول و اكتنزت
و الثغر أملؤه للثغر أشهاه
نعبّ منه بلا رفق و يظمؤنا
فنحن أصدى إليه ما ارتشفناه
في مقلتيك سماوات يهدهدها
من أشقر النور أصفاه و أحلاه
و رنوة لك راح النجم يرشفها
حتّى ترنّح سكر في محيّاه
أطلّ خلف الجفون الوطف موطنه
بعد الفراق فحيّاه و فدّاه
يضيع عنّي وسيم من كواكبها
فحين أرنو إلى عينيك ألقاه
قلبي و للشقرة المغناج – لهفته
ليت الحنين الذي أضناه أفناه
تضفّر الحور غارا من مواجعه
و تستعير روءاها من خطاياه
أغفين فيه لماما ثمّ عدن إلى
جنّاتهنّ و قد لملمن ريّاه
يسألن باللهفة الغيرى على خجل :
من فجّر العطر منه حين أدماه ؟
لم تعرف الحور أشهى من سلافتنا
رفّ الهجير ندى لما سقيناه
مدلّه فيك ، ما فجر و نجمته !
مولّه فيك ، ما قيس و ليلاه !
من كان يسكب عينيه و نورهما
لتستحمّ روءاك الشقر لولاه
سما بحسنك عن شكواه تكرمة
و راح يسمو عن الدنيا بشكواه
يريد بدعا من الأحزان مؤتلقا
و من شقاء الهوى يختار أقساه
سكبت قلبك في وجدانه فرأت
يا عزّ ما شئت لا ما شاء عيناه
أنت السراب عذاب و قده و ردى
و تؤنس العين أفياء و أمواه

نــجــم
17-04-2011, 01:15 PM
الرّوح الثائرة

أملّت ضجيج الحياة ففرّت
تريد الحياة بظلّ السكون
تغاف القصور و جنّاتها
و تأوي إلى دوحة الزيزفون
فتشرب ماء الغدير نقيّا
و تسكر من أرج الياسمين
و تسمع لحن الطيور شجيّا
رقيقا على مائسات الغصون
فتذكر عالم قدس نمت
به حرّة بين حور و عين
هيولي تفيض ضياء مبينا
طليقا تراه جميع العيون
و تذكره عالما طاهرا
قضت في رباه ألوف السنين
تحنّ إليه و ماذا يفيد
بعيد الأحبّة طول الحنين
لقد ذكرته فما كفكفت
بيمنى يديها عقود الشؤون
بكت و هي في سجنها حرّة
و لا عجب من بكاء السجين
***
حنوت عليها و قد بكّرت
لتتلو كتاب الحياة القديم
فقلت لها : مزّقيه كتابا
يثير الشجون و يذكي الهموم
فإنّ الشقيّ يزيد شقاء
إذا راح يذكر عهد النّعيم
مقيّدة أنت صاغ القيود
ليمناك كفّ القضاء الأثيم
تريدين منّي نسيم عليلا
و هيهات عزّ علينا النسيم
تريدين منّي نسيم الجنان
نقيّا .. و هذا نسيم الجحيم
فلا تنشقيه ففيه سموم الهجير
و من ذا يطيق السموم
***
عذرتك فرّي من الأرض و ابغي
هناك المقام الرفيع الكريم
بقرب النجوم فإنّ الحياة
معطّرة الدنّ بين النجوم
و لا ترحمي الجسم فهو تراب
يعود لمعدنه بعد حين
***
غدا هو بين الربى زهرة
كستها الطبيعة لون الشروق
يقبّلها الصبح في ثغرها
و يلثم في شفتيها العقيق
و تسري الصّبا من بعيد إليها
و قد هوّن الحبّ حزن الطريق
إلى أن تمرّ عليها فتاة
فتنزعها نزع برّ رفيق
و تنزلها منزلا هانئا
على النّور لا يشتكى فيه ضيق
فحينا تقبّل نهدا و حينا
تقبّل خدّا يلون الشقيق
و تبعثها بعد ذاك رسولا
يؤدّي رسالة صبّ مشوق
فنعم الرسالة بين العشيقة
ذات الدلال و بيت العشيق
فيا روح من بين تلك النجوم
أطلي عليها و لا تنكريني
***
أطلّي عليها و قد أشرقت
على صدر خود عروس و ساما
أطلّي عليها و قد ألقيت
بقايا شذا ثمّ عادت رغاما
أطلّي عليها رفيقا قديما
و قولي سلاما تردّ السلاما
ألا و اذكري عهدنا و اذكري
زمانك في الأرض عاما فعاما
أأنكرت شكلا جديدا لجسم
غدا لك قيل الفناء مقاما
و أنكرت ألوانها جمّة
و عطرا نديّا كعطر لخزامى
فلا تعجبي إنّ هذا الذبول
بأوراقها كان فيّ سقاما
و ذا الاحمرار دموعي
و هذا الشذا كان فيّ غراما
و أفناني الدهر إلا شقاء
تأبى عليه و إلاّ هياما
تلاشيت في هذه الكائنات
و لم يتلاش إليك حنيني

نــجــم
17-04-2011, 01:15 PM
الشاعر و البؤس

خلق الشاعر و البؤس معا
فهما خلاّن لم يفترقا
***
ذهب العمر و لم تمسك بدي
بين أترابي صفيّا أو خليلا
أنا في الكون شقيّ حائر
لا أرى نورا و لا أهدى سبيلا
أنا طير لم يغرّد فاسمعوا
بالدجى منه نواحا و عويلا
أنا إنسان غريب أمره
شرب السمّ و عاف السلسبيلا
أنا روح حرّة طائرة
رضيت بين الراري مقيلا
تومق الدنيا فتبكي جزعا
و تناجي أهلها جيلا فجيلا
شاركت في الحزن من ذاق الأسى
و أبت حين نوى الإلف الرحيلا
بورك الحبّ و ما أعدله
ملك الروح و لم ينس الهيولي
***
قد سرى في الكون حتّى لم يدع
في قلوب الناس قلبا مغلقا
هو حزن هادئ في غبطة
و هو لو ذقت نعيم في شقا
***
إيه يا موج سلاما هكذا
يرسل الصبّ مع الموج سلامه
أنا مظلوم فمن هذا الذي
يرفع الغمّة عنّي و الظلامه ؟
مرّ بي الدهر فأدمى مقلتي
بعد أن اثبت في قلبي سهامه
لم يغيّرني سقاما و هوى
إن يكن غيّرني وجها و قامه
هات حدّثني عن العهد الذي
كان في ثغر لياليّ ابتسامه
لا أرى من بعد عشرين مضت
عجبا إن عاود القلب غرامه
ذكر الشام سقاها صيّب
طاهر المزن وحيّتها غمامه
لا تلمه حين يصفيها الهوى
إنّما الشام بوجه الدّهر شامه
***
كيف لم أقض حنينا و أسى
يوم فارقت برغمي جلّقا
للّقا : قالت : و من أعلمها
أنّني أحيا إلى يوم اللّقا
***
أنشقي أزهار شعري غضّة
إنّني ألقيتها بين يديك
و اعذريني حين أبكي و اذرفي
دمعة طاهرة من مقلتيك
حرت في الحبّ إلى أن لاح لي
سرّه مجتجبا في ناظريك
قوّة قاهرة تجذبني
حيثما يمّمت مضطرّا إليك
هذه الموجة فرّت بعدما
قبّلت بالسرّ إحدى قدميك
لا تلوميها فما في قبلة
طهرت إثم عليها أو عليك
و نسيم الصبح ما أسعده
حين ترويه حميّا شفتيك
ويح شنفيك قد اهتزّا هوى
حينما شمّا الشذى من وجنتيك
كلّ ما في الكون يهواك فهل
حلية الزندين تهوى معصميك
***
إنّ في نهديك طيبا عبقا
أنشقي الشاعر هذا العبقا
و اذكري الشاعر و البؤس معا
فهما خلاّن لم يفترقا

نــجــم
17-04-2011, 01:16 PM
السراب المظلم

حنا السراب على قلبي يخادعه
بالوهم من نشوة السقيا و يغريه
فكيف رحت و لي علم ببطاله
أهوى السراب و أرجوه و أغليه
ويح السراب على الصحراء تسلمه
رمالها السمر من تيه إلى تيه
يزوّر الماء للسقيا و لهفته
حرّى إلى منهل يحنو فيسقيه
جلا النمير و ما ابتلّت جوانحه
من النمير و لا ابتّلت مآقيه
أيّامه خدع الركب ضاحكة
سخرا و للعدم القاسي لياليه
صرعاه لو عرفوا الأسرار ما جزعوا
ممّا يعانون بل ممّا يعانيه
ألا يملّ السراب الغمر وحدته
ألا يحنّ إلى نعمى تندّيه
هيمان لهفان لا مأوى لوحشته
قلبي الذي وسع الأكوان يؤويه
أبكي لبلواه تحنانا و مغفرة
روح الألوهة روحي حين أبكيه
إذا خدعت فقد جازيت خدعته
بالعذر أبسطه و الذنب أطويه
ادعو السراب إلى روحي فقد حليت
بها اللبانات ترضيه و تغويه
لهفي عليه أسيرا في يدي قدر
يميته كلّ يوم ثمّ يحييه
يغيض قبل رفيف الجفن زاخرة
أقلبه جفّ أم جفّت سواقيه
ماء و لا ريّ يندي في شمائله
كأنّه القول فاتته معانيه
يزوّق الحسن ألوانا و ما عصفت
بروحه سورة للحسن تصيبه
هذي مراعيه عطل من بشاشتها
حنّت لشبّابة الراعي مراعيه
لو صعّد القصب الولهان زفرته
لنوّرت بيده و اخضلّ واديه
ما للسّراب دنا حتّى إذا اكتحلت
بسحر دنياه عيني شطّ دانيه
أنت السراب و لكني على ظمأي
بأنهر الخمر في الفردوس أفديه
محوت من قلبي الدنيا فما سلمت
إلاّ طيوف هوانا وحدها فيه

نــجــم
17-04-2011, 01:16 PM
الشّهيد

وفاؤك لا عسر الحياة و لا اليسر
و همّك لا الدّاء الملحّ و لا العمر
إذا المرء لم يملك و ثوبا على الأذى
فمن بعض أسماء الرّدى الحقّ و الصبر
إذا ملكوا الدنيا على الحرّ عنوة
ففي نفسه دنيا هي العزّ و الكبر
و إن حجبوا عن عينيه الكون ضاحكا
أضاء له كون بعيد هو الفكر
فليلته صبح و عسرته غنى
و أحزانه نعمى و آهاته شعر
أنزّه آلامي عن الدّمع و الأسى
فتؤنسها منّي الطلاقة و البشر
و أضحك سخرا بالطغاة و رحمة
و في كبدي جرح و في أضلعي جمر
كفاء لعسف الدّهر أنّي مؤمن
و عدل لطغيان الورى أنّني حرّ
و ما ضرّني أسر و نفسي طليقة
مجنّحة ما كفّ من شأوها أسر
أهدهد من أحزانها كلّما ونت
و يسلس بعد المري للحالب الدرّ
أطلّ على الدنيا عزيزا : أضمّني
إليه ظلام السجن أم ضمّني القصر
و ما حاجتي للنّور و النّور كامن
بنفسي لا ظلّ عليه و لا ستر
و ما حاجتي للأفق ضحيان مشرقا
و نفسي الضحى و الأفق و الشمس و البدر
و ما حاجتي للكائنات بأسرها
و في نفسي الدّنيا و في نفسي الدّهر
يريدون أسراري و للّيل سرّه
إذا نقّبوا عنه و ما للضّحى سرّ
لعمرك للضعف الخفاء و كيده
و للقوّة الكبرى الصّراحة و الجهر
و ما أكبرت نفسي سوى الحقّ قوّة
و إن كان في الدّنيا لها النّهي و الأمر
ة كنت إذا الطّاغي رماني رميته
فلا نصرتي همس و لا غضبي سرّ
و أحمل عن إخواني العسر هانئا
و يبعدني عنهم إذا أيسروا اليسر
فليت الذي عاطيته الودّ صافيا
تجاوزني من كأسه الآجن المرّ
و أشقى إذا أعرضت عمّن أحبّه
و لكن دواء الكبر عندي هو الكبر
و نفسي لو أنّ الجمر مسّ إباءها
على بشرها الريّان لاحترق الجنر
و يا خيبة الطاغي يدلّ بنصره
و من سيفه لا روحه انبثق النّصر
يغالي بدنياه و يجلو قتونها
و دنياه في عينيّ موحشة قفر
رأيت بزهدي ما رأى بغروره
فأعوامه ساع و آماده فتر
شكا حبّه لي و هو ريّان من دمي
و أنيابه حمر و أظفاره حمر
و صانع يستجدي الولاء فياله
غنى ملك الدّنيا و معدنه الفقر
***
تلّفّت لا شملي جميع و لا الهوى
قريب و لا فرع الصبى عبق نضر
و يا سامر الأحباب مالك موحشا
معاذ الهوى بل أنت يؤنسك الذكرا
أديماك من حب القلوب تمزّقت
عليه فسال الحبّ و الشوق و الطّهر
إذا ظمئت في قطعها البيد نسمة
ألمّت به وهنا فرنّحها السّكر
فبا للصّبا العجلى إذا عبرت به
تأنّت كما يرتاح في الواحة السّفر
تمنّيت إجلالا له و كرامة
لو أنّ حصاه ـنجم الفلك الزّهر
و أجزع إن مرّت به الرّيح زعزعا
و أسرف حتّى جاوز الغاية القطر
فليت الرّبيع الطلق عاطاه كأسه
مدّى الدّهر لا برد عليه و لا حرّ
لقد ساءني غاد عليه و رائح
فمن كبدي فوق الثرى قطع حمر
و لو قدرت صانته عيني كرامة
كما صين في أغلى خزائنه الدرّ
تطوف بك الأحلام سكرى كعهدها
و ينطف من أفيائك الحبّ و العطر
و يضحك لي وجه نديّ منوّر
كأن لم يغيّب من طلاقته القبر
و حتّى كأن لم يطوه عنّي الرّدى
فهل بعث الأموات أم ردّه السحر
تلمّ به الذكرى فيحيا كبارق
طواه الدّجى عنّي ليطلعه الفجر
و يبعثه حبّي و في كلّ خافق
صحيح الهوى بعث الأحبّة و النشر
فيا قلب فيك الرّاحلون و إن نأوا
و فيك النّدامى و الرّياحين و الخمر
خلعت على الموتى الحياة و سرّها
و طالعهم منك القيامة و الحشر
وفاء يصون الرّاحلين من الرّدى
إذا راح يدني من مناياهم الغدر
و يا سامر الأحباب طيف و لا كرى
و سكر و لا راح و ريّا و لا زهر
كلانا على ما كلف النفس من رضى
أضرّ به نأي الأحبّة و الهجر
أبا طارق هذي سراياك أقبلت
يرفّ على أعلامها العزّ و النصر
لقد قدنها حيّا و ميّتا فما ثنى
شكيمتها عنف و لا هدّها ذعر
فمر تشمع الدنيا هواك و ينطلق
إلى الفتح بعد الفتح عسكرك المجر
و مر يتمزّق كلّ قيد أبيته
و يسرف على طغيانه الحطم و الكسر
تبرأت في دنياك من كلّ ناكث
ذليل فلا عرف لديه و لا نكر
و من زاهد لمّار رأى الصّيد مكثبا
تمزّق عنه الزهد و افتضح المكر
و ممّن يظنّ الفقر عذرا لكفره
و ما أقنع الإيمان إلاّ الرّدى عذر
يدلّ بماضيه فهل راح شافعا
بذي ردّة نسك تقدّم أو برّ
عصابة شر راح يبرأ منهم
إلى الله إبقاء على نفسه الشرّ
رويدك شرّ الكافرين موحّد
ألحّ عليه بعد إيمانه الكفر
عباديد شتّى ألّف الوزر بينهم
فلا رحم إلاّ الضراعة و الوزر
و بين اللئام العاثرين و إن نأت
مناسبهم قربى السجيّة و الصهر
***
تمنّيت أنّ الغيب شفّ فلم يعق
عن الملأ الأعلى حجاب و لا ستر
و لحت لنا في عالم الحقّ و التقى
على الموعد الهاني المقيمون و السفر
فقرّت بما تلقاه عيناك و انطوت
على النشوة الكبرى الجوانح و الصّدر
أتعلم أنّ الشام فكّت إسارها
فلا قيد بعد اليوم فيها و لا أسر
يصرّف أمر النّاس فيها موفّقا
معاوية الدنيا و صاحبه عمرو
و أنّ رياضا هزّ لبنان فانتخت
شمائل في لبنان ميمونة غرّ
رمى كلّ برد أجنبيّ مزوّر
و عادت لقحطان المناسب و النجر
و لمّا شكى لبنان ضجّت أميّة
و جنّت له بغداد و التهبت مصر
أبا طارق أبقيت للحقّ سنّة
هي العزّة القعساء و الفتكة البكر
بنيت عليها كتلة و طنيّة
من الصيد ما خانوا هواك و لا فرّوا
لقد حملوا عنك الجهاد و ما ونى
و حقّك ناب للخطوب و لا ظفر
فإن أقسموا أن يفتدوا بنفوسهم
أمانتك الكبرى لديهم فقد برّوا
نماك و سيف الدولة الدار و الهوى
و غنّاكما أندى ملاحمه الشعر
و أقسم بالبيت المخرّم ما احتمت
بأمنع من كفّيكما البيض و السمر
فإن تفخر الشهباء فالكون منصت
و حقّ بسيفي دولتيها لها الفخر
***
أحبّاي لو غير الردى حال بيننا
دنا البرّ في عينيّ و انكشف البحر
بأسماعكم وقر و قد رحت شاكيا
و حاشا ففي سمع الثرى وحده الوقر
و أوحشتم الدنيا كأن لم تدس بكم
على الهام في الرّوع المحجّلة الشقر
و حتّى كأنّ الرّمل لم يروه دم
كريم المصفّى لا أجاج و لا نزر
فوارحمتاه للنّائمين على الطوى
و أتخم من قتلاهم الذئب و النسر
تهدّهم الصحراء هدّا و للرّدى
سلاحان في البيد : الهواجر و القرّ
و لا ماء إلاّ ما يزوّره بها
سراب نديّ اللّمح منبسط غمر
إذا سقطوا صرعى الجراح تحاملوا
على نفسهم و استؤنف الكرّ و الفرّ
و لو آثروا الدنيا لقد كان جاهها
تليدا لديهم و القسامة و الوفر
***
فمن مبلغ عنّي الشباب قصيدة
يحلّى بها ملك و يحمى بها ثغر
تطوّف في الدنيا الوساع كأنّما
هي الخضر أو يروي شواردها الخضر
هززت بها نوّامهم مترفّقا
و يؤذي الشباب المرتجى اللّوم و الزجر
إذا كنت في نصحي لهم غير موجع
فلي بالذي يرضي شمائلهم خبر
و عندي من زهز الشباب بقيّة
يرفّ الصبا فيها و أفياؤه الخضر
ألمّت بي الأيّام حمرا نيوبها
فما شاب لي قلب و لا شاب لي شعر
دروب العلى للسالكين عديدة
و أقربها للغاية الموحش الوعر
فلا تقنطوا من غاية المجد لا يرى
لها العقل إمكانا فقد ينبع الصخر
***
أعيذ من اليأس المرير نفوسكم
تلاقى على إعاناتها الظلم و القهر
إذا ركدت بعد الهبوب فإنّها
لكالبحر من أخلاقه المدّ و الجزر
أرى العفو و النسيان من خلق الصّبا
و لم ينس عند الشّيب حقد و لا ثأر
و ما أكرم النسيان و العفو منكم
إذا لم يضع حق و لم يحتسب وتر
و أنتم على دلّ الشباب و زهوه
و أهوائه ركن القضيّة و الذخر

نــجــم
17-04-2011, 01:16 PM
العذراء الخائنة

أحببتها ساخرة كالرؤى
مبهمة غامضة كالظنون
مجنونة و الحسن لم تكتمل
فتنته إلاّ ببعض الجنون
طروبة ضحّاكة كالصّبا
كئيبة قاتمة كالمنون
اليأس في أجفانها و المنى
و الضحك في ألحانها و الأنين
و خفّة الأيّام في ثغرها
لكن بعينيها وقار السنين
قد مزّق الفجر و لم تثنه
شفاعة الحبّ و نجوى الفتون
غلالة شفّافة عذبة
على لماها من رؤى الحالمين
تثير في قلبي شكوك الهوى
لاذعة ثمّ تريد اليقين
هيهات قلبي قد غدا كافرا
و كان فيها أوّل المؤمنين
يا صورة أبدع تكوينها
في مطلع الفجر إله الفنون
و نغمة من بعض ألحانها
همس اللّيالي و ارتعاش الغصون
و نفحة لله عطريّة
ندّية حيّا بها البائسين
و زهرة أخشى على حسنها
من خطرة الفكر و نجوى العيون
لا تخدعيني إنّني عالم
بما تبينين و ما تكتمين
أرى على خدّيك فيما أرى
بألف لون قبل العاشقين
من قبلة خائنة مرّة
و قبلة وادعة في الجبين
و قبلة حمراء مثل اللّظى
و قبلة بيضاء مثل اليقين
تأبين إلاّ محو آياتها
و هنّ يا ليلاي لا يمّحين
***
لا تنكري حبّك لي إنّني
أستشهد الريحان و الياسمين
و النهر إذ تنظر أمواجه
لا أستحي منها و لا تخجلين
و الأيكة الخضراء إذ أبصرت
تبذّل الحسن الشهيّ المصون
و أنّه بحت بها للدجى
فعطّر اللّيل عبير الأنين
دامية موجعة وقّعت
ألحانها يمنى الرّجيم اللّعين
سأسكب الدمعة فيها الأسى
و الشعر و الحبّ الشجيّ الحزين
لعلّني يشفع بي عندها
هذا الهوى الباكي و هذا الحنين
سا صورة أبدع تكوينها
في مطلع الفجر إله الفنون

نــجــم
17-04-2011, 01:16 PM
النبع المسحور

بردك فوق الخصر جار الرؤى
فخلفه تطفر جنّيّتان
شيطانتان اصطفتا جنّة
قد تؤنس الجنّة شيطانتان
دارت على الظمأى حميّاهما
فاللهو في الجنّة طلق العنان
يدنيهما الشوق و لم تدنوا
فهل هما نهدان أم نجمتان
تموج ألحان الصبا فيهما
كأنّما نهداك أغرودتان
عشّان لا للطّير بل للهوى
عشّان ، بل للمسك قاروتان
عندي طيوب لك أعددتها
عطر لباناتي و عطر البيان
رشّا على حسنك ريّاهما
فهل درى عطراي ما يفعلان
حسنك عطر العطر في جنّتي
على غناها و لبان اللبان
فاغدي على الرمل و روحي يضع
ورد و يفرش طيبه أقحوان
عيناك بحر حين أغفى انحنت
فلملمت أحلامه الضفّتان
تغفو بعينيك طيوف المنى
عيناك للأشواق أرجوحتان
قلبي و قرطاك حليفا ضنى
ألم يئن أن يتعب الخافقان
و خصلتان ارتاحتا في يدي
من الدجى المخمور مسكوبتان
شذاهما باق و إن غابتا
كأنّما فرعاك ريحانتان
تغامزين البدر في موعد
فغرت لمّا التقت الغمزتان
ينمنم الأحلام فضّيّة
و تنسج الشمس لك الأرجوان
و ملكك البدر و شمس الضحى
و ما يصوغان و ما يغزلان
قد باح جفناك بسرّ الدجى
جفناك من سرّ الدجى مترعان
تضحك عيناك و إن جدّتا
لا سحر في عينين لا تضحكان
تنطق عيناك و لم تنطقي
و قد تطيلان و قد توجزان
و لم تضيقا بمعاني الهوى
ألا تلومان ألا تتعبان
***
رشيقة الأحزان و القدّ . هل
ينبت في جمر الغضا غصن بان
نزلت قلبي سدرة المنتهى
ما أرز لبنان و ما الغوطتان
و بيننا قربى الشذى للشذى
ألحسن و الشعر رضيعا لبان
ترشف من نهديك إغفاءتي
كأسين قد أترعتا بنت حان
طافت بك الكأس فرنّحتها
و جنّ لمّا شمّك الزعفران
نبع الصبا المسحور يشتفّه
قلبي و السمراء و الفرقدان
نشتفّه حتّى ثمّالاته
فنحن لا نفنى و يفنى الزمان
نشتفّه حتّى يعود الصبا
و اللّمّة السوداء و العنفوان
و بيننا في ربوة سمحة
حلو السفوح الخضر ، حلو الرعان
و غابة يغفو الضحى عندها
و شمسها تغرب قبل الأوان
قبورنا فيها بلا وحشة
يؤنسها في الوحدة السنديان
و قبّة تحرس كنز الدجى
كأنّها في الغابة الديدبان
و النبع و القبّة في هدأة
يسرع دهر و هما وانيان
ما هزّت الدنيا أناتيهما
فتغرب الدنيا و لا يدهشان
و لوّحت من بعض أفيائنا
كفّان بالحنّاء مخضوبتان
حضنت في السمراء دنيا المنى
حين التقينا كبّر العالمان
جزنا حدودو الكون ، لا مشرقان
في جلوة النّور ، و لا مغربان
جزنا حدود الكون ، حتّى التقى
كلّ مغيب عندنا بالعيان
و عاد للأنجم ما ضاع من
أضوائها و اعتنق الأزهران
و اختصر الدنيا شذا مسكر
أو لهفة عذراء أو قبلتان
بحت بأسراري فعبّوا الشذى
فضّت عن الراح العتيق الدنان
نا غاب عن أعراسنا أهلنا
ألشمس و الأنجم في المهرجان
و الناس لا تعرف أحزاننا
يرثى لنا الشوق و يبكي الحنان
يرفعني الموج . إلى شاهق
و حطّني .. لا تهدأ الكفّتان
زلزلت الأمواج زلزالها
و احتضنتها دجنة من دخان
قد رجّها العاصف حتى طغى
لؤلؤها – طوع يدي و الجمان
و محنة طالت و أكرمتها
بالصبر حتّى ملّ دهر فلان
لا يقنط الحرّ و لا يشتكي
لكلّ بحر هائج شاطئان
فتّشت عن خوفي فلم ألفه
كيف أرى الخوف و أنت الأمان
***
قرّبنا الله ففوق الزمان
نحن مع النور و فوق المكان
يضوّئ الظلمة إيماننا
و يسكر الفجر رحيق الأذان
نحن و قلبانا و أسرارنا
شوق إلى الله و أغنيّتان
أوجهها أم بيته قبلتي
أستغفر الله فلي قبلتان
نريد جمرا لبخور الهوى
في النار هذا الجمر لا في الجنان
صلاتنا النور فمن وهجها
شعّ الضحى و أتلق النيّران
من وردنا الأفلاك تسبيحة
و الصبح و النجمة تكبيرتان
تغمزني الشمس عناق الهوى
فلفّني من فرعها خصلتان
وجهي – و لم تخدع أساريره -
و القلب مرآتان مجلوّتان
كتبت ( بسم الله ) فالطرس من
عدن ( و بسم الله ) حوريّتان
لم يعنني عسر و لا شدّة
الله و السمراء لي المستعان
عرّيت فقري عند بابيهما
و تعذّب الشكوى و يحلو الهوان

نــجــم
17-04-2011, 01:16 PM
امّا الشباب

أمّا الشباب فربّما نادمته
ريّان من حبّي و من عبراتي
صاحبته عشرين أذنب في الهوى
دلاّ و تغتفر الملاح هناتي
قصرت لياليه و كلّ قصيرة
في الطّيبات عريضة اللّذاّت
في ذمّة الحدق المراض عهوده
سكرى المنى قدسيّة النّفحات
أصبحت لا لعس الشفاه كعهدها
كأسي و لا حدق المها مرآتي
***
يا من يلحّ هواي في استعطافها
و تلحّ في ظلمي و في إعناتي
أنكرتني بعد الشباب و ما خبت
نار على شفتيك من قبلاتي
أيّام أرشف من لماك سلافتي
و أعلّ من آهاتك العطرات
و أمدّ أشراك الغواية و الهوى
لأثير فيك كوامن الشهوات
فتثور و هي عنيفة صخّابة
هوجاء بعد رويّة و أناة
هيهات يرجعها إلى اطمئنانها
إلاّ هوى شرس الشمائل عات
و حلفت ثغرك ما تقبّل رشفة
من عابديك أحبّ من رشفاتي
و نعم تنكّر لي الشباب و فاتني
ما فات من أيّامه النضرات
فتقبّلي ذكرى هواي بقيّة
منه ترفّ لماك في نغماتي

نــجــم
17-04-2011, 01:17 PM
الكآبة الخرساء

أتركيني بوحدتي و عنائي
و اهربي من تأوّهي و بكائي
أنت عذراء . و النعيم و صفو الحبّ
حقّ المليحة العذراء
ما بقلبي غير الجراح و هل يرضيك
مأوى مدنّس بالدّماء
إن هذا الورى بيوت قصيد
أنا فيها يا ميّ بيت الرثاء
لست أهواك فازدريني و الخائن
أهل للهجر و الازدراء
كذبة تسعدين فيها و أشقى
أنا في كذبتي من الشهداء
قد يخطّ القضاء سطرا و في
تضحية المرء محو خط القضاء
يا دوائي من الأسى أنا أجللتك
عن قرحة الأذى يا دوائي
باسم و الهموم تحفر دمعي
أنا في الابتسام عين المرائي
و الكآبات ألف نوع و ما
يقتل الكآبة الخرساء

نــجــم
17-04-2011, 01:17 PM
الكعبة السمراء

نائية القطوف كلّ نجمة
من شفتي دانية القطوف
و يا ربيعا من فتون و هوى
طاف الربيع بالهوى فطوفي
زارت طيوف منك ثمّ لم تعد
إليك ، جفني شرك الطيوف
و يا خطوب الدّهر لا تهوّلي
روّضك الحبّ فلن تخيفي
كلّ لباناتي طيوف و رؤى
كأنّهنّ شطحات صوفي
تحملني غمامة مسحورة
كالبرق عبر أفق مكشوف
خمريّة الحرير و الشذا معا
تعجّ من مناي بالألوف
تلثّم الأنجم من أحلامها
بالأرجوان العبق الشفيف
على غناء و رؤى و وتر
ترنّحت ترنّح النزيف
و لا تتيه في الدّجى غمامتي
شوقي دليلي و الضحى رديفي
أسأل عنك كوكبا فكوكبا
بنزق المعذّب الملهوف
ألفرقدان أنزلاك منهما
على النديم و على الوصيف
كعبتي السمراء قد لقيتها
بين عويل الجنّ و العزيف
فلن تحنّ بعدها لوثن
عبادتي الولهى و لا عكوفي
أمرّ فيه و كأنّي لم أكن
أفديه بالتليد و الطريف
كعبتي السمراء أنت قبلتي
على بليل بالندى و ريف
حسنك لم يؤلف و لا ألومه
تكبّر الحسن على المألوف
تبرّجت لك الشفوف دلّها
يا من رأى تبرّج الشفوف
و الأيك حنّ و انحنت و سلّمت
غصونه على القدود الهيف
تحيّة القربى و ما أرقّها
و حنّة الألوف للألوف
طارت إليك كبدي محمولة
على جناح الرجز الخفيف
ألمرقص السماء في عرس الهوى
و الحور ينقرن على الدفوف
الناثر الأنجم في فرحته
دراهما نهبا على الضيوف
و ضنّ بالشمس فضمّ يده
حرصا على دينارها المشوف
النغم الناعم في اختصاره
أحلى من المطوّل العنيف
و رنوة الحييّ ألف قصّة
عن الهوى و غمزة العفيف
***
نائية القطوف ، كلّ نجمة
من شفتي دانية القطوف
الأقحوان ثغرك المندّى
و نحن بالعطر و بالرفيف
دعي النصيف و أطلّي (جنّة)
هل تستر الجنّة بالنصيف
شربت أقداري في مصفّى
سهدك حتّى سكرت حتوفي
تسأل كلّ أيكة جارتها
عن قدّك المهفهف النحيف
تمّ رشيقا أملدا و لقيت
منه الفضول نظرة العيوف
قدّك و الضمير من سجّية
بورك بالرهيف و الرهيف
و الناهدان و ثبا كرصد
على الكنوز الحالمات يوفي
تحالفا تصوّنا و عزّة
و امتنع الحليف بالحليف
مضمّخان خمرة و شهدا
أهكذا يصمد للزحوف
أذكى بقلبي إن خبا لهيبه
جمر الغضا أو دمعه اللهيف
هل يسمح الضحى ببعض ظلّه
قد طال في هجيره وقوفي
أحمل في مجامري بخورها
هديّة المشرّد الضعيف
و لبنا من فضّة و لبنا
من ذهب لقصرك المنيف
تعطّري فهذه صبابتي
و اكتحلي فهذه حروفي

نــجــم
17-04-2011, 01:17 PM
الكعبة الزهراء

بنور على أم القرى و بطيب
غسلت فؤادي من أسى و لهيب
لثمت الثّرى سبعا و كحّلت مقلتي
بحسن كأسرار السماء مهيب
و أمسكت قلبي لا يطير إلى (منى)
بأعبائه من لهفة و وجيب
فيا مهجتي : وادي الأمين محمد
خصيب الهدى : و الزرع غير خصيب
هنا الكعبة الزّهراء . و الوحي و الشذا
هنا النور. فافني في هواه و ذوبي
و يا مهجتي : بين الحطيم و زمزم
تركت دموعي شافعا لذنوبي
و في الكعبة الزهراء زيّنت لوعتي
و عطّر أبواب السماء نحيبي
***
و ردّدت الصحراء شرقا و مغربا
صدى نغم من لوعة و رتوب
تلاقوا عليها ، من غني و معدم
و من صبية زغب الجناح و شيب
نظائر فيها : بردهم برد محرم
يضوع شذا : و القلب قلب منيب
أناخوا الذنوب المثقلات لواغبا
بأفيح – من عفو الإله – رحيب
و ذلّ لعزّ الله كلّ مسوّد
ورقّ لخوف الله كلّ صليب
***
و لو أنّ عندي للشّباب بقيّة
خففت إليها فوق ظهر نجيب
و لي غفوة في كلّ ظلّ لقيته
و وقفة سقيا عند كلّ قليب
هتكت حجاب الصّمت بيني و بينها
(بشبّابة) سكرى الحنين خلوب
حسبت بها جنّيّة (معبدية)
و فرّجت عن غماّئها بثقوب
***
و ركب عليها ، وسم أخفاق عيسهم
وهام تهاوت للكرى و جنوب
و ألف سراب ، ما كفرت بحسنها
و إن فاجأت غدرانها بنضوب
و ضجّة صمت جلجلت . ثمّ وادعت
و رقّت ، كأخفى همسة و دبيب
و أطياف جنّ في بحار رمالها
تصارع حالي طفوة و رسوب
و تعطفني آلآرام فيها نوافر
إلى رشأ في الغوطتين ربيب
يعلّلني – و الصدق فيه سجية
بوعد مطول باللقاء كذوب
و بدّلت حسنا ضاحك الدلّ ناعما
بحسن عنيف في الرّمال كئيب
و من صحب الصحراء هام بعالم
من السحر جنّي الطيوف رهيب
و للفلك الأسمى ، فضول لسرها
ففي كلّ نجم منه عين رقيب
***
أرى بخيال السّحب – خطو محمد
على مخصب من بيدها و جديب
و سمر خيام مزّق الصمت عندها
حماحم خيل بشّرت بركوب
و نارا على نجد من الرمل أوقدت
لنجدة محروم و غوث حريب
و تكبيرة في الفجر سالت مع الصّبا
نعيم فياف و اخضلال سهوب
أشمّ الرمال السمر : في كلّ حفنة
من الرّمل ، دنيا من هوى و طيوب
على كلّ نجد منه نفح ملائك
و في كلّ واد منه سرّ غيوب
توحّدت بالصحراء . حتّى مغيبها
و مشهدها من مشهديّ و مغيبي
ومن هذه الصحراء ، أنوار مرسل
و رايات منصور . و بدع خطيب
و من هذه الصحراء ، شعر تبرّجت
به كلّ سكرى بالدلال عروب
تعطّر في أنغامه و رحيقه
وريّاه :عطري مبسم و سبيب
ترشّ النجوم النور فيها ممسّكا
فأترع أحلامي و أهرق كوبي
و ما أكرم الصحراء .. تصدى .. و نـمنمت
لنا برد ظل كالنعيم رطيب
و يغفو لها التاريخ . حتّى ترجّه
بداهية صلب القناة أريب
شكا الدّهر ممّا أتعبته رمالها
و لم تشك فيه من ونى و لغوب
و صبر من الصحراء ، أحكمت نسجه
سموت به عن محنتي و كروبي
و من هذه الصحراء .. صيغت سجيّتي
فكلّ عجيب الدّهر غير عجيب
يرنّح شعري باللوى كلّ بانة
و يندى بشعري فيه كلّ كثيب
و لولا الجراح الداميات بمهجتي
لأسكر نجدا و الحجاز نسيبي
و هيهات ما لوم الكريم سجيّتي
و لا بغضه عند الجفاء نصيبي
نقلت إلى قلبي حياء و عفّة
أسارير وجهي من أسى و قطوب
و عرّتني الأيّام ممّن أحبّهم
كأيك – تحاماه الرّبيع – سليب
و رب ّ بعيد عنك أحلى من المنى
و ربّ قريب الدّار غير قريب
و ويح الغواني : ما أمنت خطوبها
و قد أمنت بعد المشيب خطوبي
و كيف و ثوبي للزّمان و أهله
و للشيّب أصفاد يعقن و ثوبي
أفي كلّ يوم لوعة بعد لوعة
لغربة أهل أو لفقد حبيب
و يارب : في قلبي ندوب جديدة
تريد القرى من سالفات ندوب
يريد حسابي ظالم بعد ظالم
و ما غير جبّار السماء حسيبي
و يا رب : صن بالحبّ قومي مؤلفا
شتات قلوب لا شتات دروب
و يا رب : لا تقبل صغاء بشاشة
إذ لم يصاحبه صفاء قلوب
تداووا من الجلىّ بجلىّ .. و خلّفوا
وراءهم الإسلام خير طبيب
***
و يا رب : في الإسلام نور و رحمة
و شوق نسيب نازح لنسيب
فألّف على الإسلام دنيا تمزّقت
إلى أمم مقهورة و شعوب
وكلّ بعيد حجّ للبيت أو هفا
إليه- و إن شطّ المزار – قريبي
سجايا من الإسلام : سمح حنانها
فلا شعب عن نعمائها بغريب
***
و آمنت أنّ الحبّ خير ونعمة
و لا خير عندي في وغى و حروب
و كلّ خصيب الكف فتحا وصولة
فداء لكف بالعبير خضيب
و آمنت أنّ الحب و النور واحد
و يكفر بالآلاء كلّ مريب
و لو كان في وسعي حنانا و رحمة
لجنّبت أعدائي لقاء شعوبي
***
و يا رب : لم أشرك و لم أعرف الأذى
و صنت شبابي عنهما و مشيبي
و إنّي – و إن جاوزت هذين سالما
لأكبر لولا جود عفوك حوبي
و أهرب كبرا أو حياء لزلّتي
و منك ، نعم ، لكن إليك هروبي
و أجلو عيوبي نادمات حواسرا
و أستر إلاّ في حماك عيوبي
و أيّ ذنوب ليس تمحى لشاعر
معنى بألوان الجمال طروب
و لو شهدت حور الجنان مدامعي
ترشّفن في هول الحساب غروبي
***
مدحت رسول الله أرجو ثوابه
و حاشا الندى أن لا يكون مثيبي
وقفت بباب الله ثمّ ببابه
وقوف ملحّ بالسؤال دؤوب
صفاء على اسم الله غير مكدّر
و حب لذات الله غير مشوب
و أزهى بتظليل الغمام لأحمد
و عذب برود من يديه سروب
فإن كان سرّ الله فوق غمامة
تظلّ و ماء سائغ لشروب
ففي معجز القرآن و الدولة التي
بناها عليه مقنع للبيب
***
و يا رب عند القبر قبر محمد
دعاء قريح المقلتين سليب
بجمر هوى عند الحجيج لمكّة
و دمع على طهر ( المقام ) سكوب
بشوق على نغماه ، ضمّ جوانح
و وجد على ريّاه زرّ جيوب
ترفّق بقومي و احمهم من ملمّة
لقد نشبت أو آذنت بنشوب
وردّ الحلوم العازبات إلى الهدى
فقد ترجع الأحلام بعد عزوب
وردّ القلوب الحاقدات إلى ند
من الحبّ فوّاح الظلال عشيب
***
تدفقت الأمواج و اللّيل كافر
و هبّ جنون الرّيح كلّ هبوب
رمى اليمّ انضاء السفين بمارد
من اليمّ تيّاه الحتوف غضوب
يزلزلها يمنى و يسرى مزمجرا
و يضغمها من هوله بنيوب
يرقّصها حينا و حينا يرجّها
و يوجز حالي هدأة و وثوب
و ترفعها عجلى و عجلى تحطّها
لعوب من الأمواج جدّ لعوب
و أيقن أنضاء السفينة بالردى
يطالعهم في جيئة و ذهوب
و لمّا استطال اليأس يكسو وجوههم
بألوانه من صفرة و شحوب
دعوا : يا أبا الزهراء و الحتف زاحف
عليهم : لقد وفّقتم بمجيب
و أسلست الرّيح القياد كأنها
نسيم هفا من شمأل و جنوب
و باده لطف الله من يمن أحمد
ببرد على عري الرّجاء – قشيب
***
و أقعدني عنك الضّنى فبعثتها
شوارد شعر لم ترع بضريب
و ترشدها أطياب قبرك في الدجى
فتعصمها من حيرة و نكوب
و عند أبي الزهراء حطّت رحالها
بساح جواد للثناء كسوب
***
جلوت على وادي العقيق فريدتي
ففاز حسيب منهما بحسيب
تتيه حضارات الشعوب بشاعر
و تكمل أسباب العلى بأديب
و عند أبي الزهراء حطّت رحالها
بساح جواد للثناء كسوب
***
جلوت على وادي العقيق فريدتي
ففاز حسيب منهما بحسيب
تتيه حضارات الشعوب بشاعر
و تكمل أسباب العلى بأديب

نــجــم
17-04-2011, 01:17 PM
الكنز المقدّس

بثغرك من ذكرى شبابي صحيفة
مطرّزة بالحبّ و الأمل السامي
و في لحظك الساجي من الشعر و الهوى
تركت خيالاتي و سكري و أحلامي
و لي قبلات بين نهديك أودعت
شبابي و آمالي العذاب و آلامي
فلا يمتهن نهداك كنزا مقدّسا
خبأت به روحي و بهجة أيّامي
خذوا فاغسلوا يا آثمين ذنوبكم
ألم يجر دمع الله من قلبي الدّامي

نــجــم
17-04-2011, 01:17 PM
ابتهالات

لا الغوطتان و لا الشباب أدعو هواي فلا أجاب
أين الشام من البحيرة و المآذن و القباب
و قبور إخواني و ما أبقى من السيف الضراب
الصامتات و للطيور على مشارفها اصطخاب
الغافيات فلم ترع منها الزماجر و الوثاب
أشتاق أحضنها و ألثمها و للدمع انسكاب
تحنو الدموع على القبور فتورق الصمّ الصلاب
و لها إلينا لهفة و لطول غربتنا انتحاب
يا شام : يا لدة الخلود و ضمّ مجدكما انتساب
من لي بنزر من ثراك و قد ألحّ بي اغتراب
فأشمّه و كأنّه لعس النواهد و الملاب
و أضمّه فترى الجواهر كيف يكتنز التراب
هذا الأديم شمائل غرّ و أحلام عذاب
و أمومة و طفولة و رؤى كما عبر الشهاب
و تحيّة مسكيّة من سالفين هووا و غابوا
و من الأبوّة و الجدود لأهل ودّهم خطاب
هذا الأديم أبي و أمّي و البداية و المآب
و وسائدي و قلائدي و دمى الطّفولة و السخاب
ودد يباع له الوقار و لا ندامة و الصواب
أغلى عليّ من النجوم و لا ألام و لا أعاب
الروح من غيب السماء و منك قد نسج الإهاب
أشتاق شمسك و الضحى أنا و البحيرة و الضباب
و مضفّرات بالثلوج كأنّما نصل الخضاب
تعوي الرّياح فما القساور في الفلاة و ما الذئاب
و الثلج جنّ فلم تبن سبل و لم تعرف شعاب
أخفى المعالم لا السفوح هي السفوح و لا الهضاب
يا شمس غبت فكيف تمّ – و لا طلوع لك – الغياب
إن كنت مسلمة الهوى فتألّقي رفع الحجاب
ملّ السحاب من السماء وقرّ في الأرض السحاب
و كأنّ ملء الأرض ملء الأفق آلهة غضاب
حسن يهاب و ما سما حسن يحبّ و لا يهاب
***
دوح البحيرة أين سامرك المعطّر و الشراب
و الراقصون ونوا فحين دعاهم النغم ، استجابوا
و القاطفون شفاههم كورودهم حمر رطاب
ثغر على ثغر . تسرّب فيه ، فاختلط الرضاب
قبل ، أغاريد الشفاه فتستعاد و تستطاب
و تكاد تقطف كالرّياحين المجانة و الدعاب
أهي العقود على الرّقاب بل المعاصم و الرقاب
بيني و بين الدوح في أحزانه النسب القراب
من كلّ موحشة فأين الطيب و الوهج المذاب
و غدا يعود لك الشباب و لن يعود لي الشباب
الدّهر ملك يمينه و الشمس من يسراه قاب
طابت سلافته تدار على سكارها و طابوا
لهفي عليه فطالما أشقاه لوم و اغتياب
نعم الملائك بالشباب فما لنعمته استلاب
و يزورنا لمع البروق فما للامعه اصطحاب
و العمر أيام قد اختصرت و آمال رحاب
ليت الملائك يشفقون على الألى عبثوا و خابوا
قدر تعجّل أن نعاقب مؤمنين و أن يثابوا
عد يا شباب و لن أطامن من جماحك يا شباب
***
في غربة أنا و الإباء المرّ و الأدب اللباب
كالسيف حلّته الفتوح و ربّما بلي القراب
طود أشمّ فكيف ترشقني السّهام و لا أصاب
يخفي البغاث فلا تلمّ به و لا يخفى العقاب
الكبر عندي للعظيم إذ تكبّر لا العتاب
عندي له زهد يدلّ على الكواكب و اجتناب
يزهو الكريم و قلبه قطع تمزّقها الحراب
أغلى المروءة شيمة طبعت و أرخصها اكتساب
***
أنا ما عتبت على الصحاب فليس في الدنيا صحاب
خرس و لكن قد تفاصحت الخواتم و الثياب
عقمت مروءتهم و تطمع أن يدغدغها احتلاب
و اعفّ عن سبّ اللئيم و ربّما نبل السباب
حيّا فبشر سلامه نزر و بسمته اغتصاب
يا من يمنّ بودّه و الشهد . حين يمنّ – صاب
أنا كالمسافر لاح لي أيك و أغرتني قباب
و تفتّحت حولي الرياض الخضر و اصطفق العباب
و وثقت أنّ النهر ملك يدي ففاجأني السراب
***
أنا لا أرجّي غير جبّار السماء و لا أهاب
بيني و بين الله من ثقتي بلطف الله باب
أبدا ألوذ به و تعرفني الأرائك و الرّحاب
لي عنده من أدمعي كنز تضيق به العياب
***
يا ربّ : بابك لا يردّ اللائذين به حجاب
مفتاحه بيديّ يقين لا يلمّ به ارتياب
و محبّة لك لا تكدّر بالرّياء و لا تشاب
و عبادة لا الحشر أملاها عليّ و لا الحساب
وإذا سألت عن الذنوب فإن ّ أدمعي الجواب
هي في يميني حين أبسطها لرحمتك الكتاب
إنّي لأغبط عاكفين على الذنوب و ما أنابوا
لو لم يكونوا واثقين بعفوك الهاني لتابوا
منهم غدا لكنوز رحمتك اختطاف و انتهاب
و لهم غدا بيقينهم من فيء سدرتك اقتراب
و سقيت جنّتك الدموع فروّت النطف العذاب
و سكبت في نيرانك العبرات فابترد العذاب
تنهل في عدن فنوّر كوكب و نمت كعاب
قرّبتها زلفى هواك فلا الثواب و لا العقاب
أنت المرجّى لا تناخ بغير ساحتك الركاب
الأفق كأسك و النجوم الطافيات به حباب
أنا من بحارك قطرة مّما تحمّله الرباب
ألقى بها بعد السّفار فضمّها قفر يباب
ألبحر غايتها فلا واد يصدّ و لا عقاب
يا دمعة المزن اغتربت و شطّ أهلك و الجناب
حثّي خطاك فللفروع إلى أرومتها انجذاب
حثّي خطاك فشاهق يرقى و موحشة تجاب
ألبحر معدنك الأصيل و شوق روحك و الحباب
و غدا للجّته و إن بعدت يتمّ لك انسياب
***
أنا لا أطيل إذا ابتهلت و قد تحدّتني الصّعاب
لا أشتكي و بمهجتي ظفر يمزّقها و ناب
مسح الحياء على الدموع و أكرم الشكوى اقتضاب
تكفي ببابك وقفة و أسى تجمّل و اكتئاب
***
يا شام عطر سريرتي حبّ لجمرته التهاب
أنت اللبانة في الجوانح لا النوار و لا الرباب
لك مهجتي و قبولها منك الهديّة و الثواب
و النور في عيني و لا منّ عليك و لا كذاب
أنا من عرفت : تجلّد عند النوائب و احتساب
و لئن عثرت فربّما عثرت مجليّة عراب
يعيا بحقّك من يسوّفه و لا يعيا الطلاب
غالبت أشواقي إليك و يضرم الشوق الغلاب
و وددت لو عمرت رباك و ألف عامرة خراب
أنا طيرك الشادي و للأنغام من كبدي انسراب
سكبت أغاريدي و للأمواج زأر و احتراب
فصغت تسمعها الريّاح و قرّ في الموج اضطراب
أنا و الربيع مشرّدان و للشذا معنا ذهاب
لا الأيك بعد غيابنا غرد الطيوب و لا الرباب
و النور يسأل و الخمائل و الجمال متى الإياب ؟

نــجــم
17-04-2011, 01:18 PM
اتسألين عن الخمسين ؟

أتسألين عن الخمسين ما فعلت
يبلى الشباب و لا تبلى سجاياه
في القلب كنز شباب لا نفاد له
يعطي و يزداد ما ازدادت عطاياه
فما انطوى واحد من زهو صبوته
إلاّ تفجّر ألف في حناياه
هل في زواياه من راح الصبا عبق
كلّ الرحيق المندّى في زواياه
يبقى الشباب نديّا في شمائله
فلم يشب قلبه إن شاب فوداه
تزيّن الورد ألوانا ليفتننا
أيحلف الورد أنّا ما فتنّاه
صادي الجوانح في مطلول أيكته
فما ارتوى بالندى حتّى قطفناه
هذا السلاف أدام الله سكرته
من الشفاه البخيلات اعتصرناه
جلّ الذي خلق الدنيا و زيّنها
يالشعر أصفى المصفّى من مزاياه
نحن الذين اصطفانا من أحبّته
فلو تدار الطلى كنّا نداماه
و شرّف الشعر لما صاغه ترفا
فكنت نعمته النشوى و معناه
و راح ينشدنا عصماء شفّة
و مقلة و جننّا فاستعدناه
***
روحي فدى و ثن ما كان أفقرنا
إليه في عزّة النعمى و أغناه
إن كان يذكر أو ينسى فلا سلمت
عيني و لا كبدي إن كنت أنساه
يا من سقانا كؤوس الهجر مترعة
بكى بساط الهوى لما طويناه

نــجــم
17-04-2011, 01:18 PM
اطلّ من حرم الرؤيا فعزاني

منازل الخلد لا أرباع لبنان
و فتنة السحر لا آيات فنّان
جنان لبنان حسبي منك وارفة
فيها النديّان من روح و ريحان
شبّ النبيّون في أفيائها و حبت
فيها خيالات إنجيل و قرآن
بليلة بدموع الله ما و شنت
إلاّ و بين خوافيها حبيبان
يغفو بها الفجر في أحضان مورقة
مديدة الظلّ أحلام سكران
و دغدغته فللأغصان هيمنة
كأنّها بثّ غيران لغيران
و ما تنبّه حتى راعه وهج
و الشمس حلي ربى خضر و وديان
صحبت فيك شبابي و الهوى و منى
لعس الشفاه و ظلا غير ضحيان
فأسبغي نعمة النسيان تغمرني
عسى يخفّف من بلواي نسياني
أمسيت لا ريقها المعسول أسعدني
و لا الجنون : جنون الحبّ واتاني
ألحّ بي السقم حتّى لا يفارقني
و راح ينسج قبل الشيب أكفاني
عفّى على نزوات النفس جامحة
إلاّ اهتزاز خليع الحسن نشوان
و صبوة للعيون النجل هانئة
من الشباب بظلّ العاطف الحاني
يثير بي كلّ حسن فتنة و هوى
فما أمرّ بماء غير صديان
و يا ربى الحسن في لبنان هل عريت
مخضلّة الدوح من ظلّ و أغصان
و من لبناتي السكرى مصرّعة
من الونى بين أفياء و أفنان
و يا ربى الحسن هل من نفحة حملت
شذى النّهود لصادي القلب حرّان
و هل صباك نموم العطر ناقلة
بعدي أحاديث أذيال و أردان
و يا ربى الحسن في لبنان هل ثملت
بعدي الرّياحين من صهباء نيسان
و يا ربى الحسن في لبنان لا انبسطت
يمنى الهجير على أفياء لبنان
مدّي ظلالك ينعم في غلائلها
صرعى الردى من أحبّائي و أخداني
النّائمين بظلّ الأرز ينشدهم
رواية الدّهر في نعمى سليمان
أمّا البلابل فلتؤنس قبورهم
من كلّ ساجعة في الدّوح مرنان
أعيذ بالحبّ و الذكرى هوى نفر
بيض الوجوه من النّعماء غرّان
***
قد صوّر الوحي ألوان النّعيم على
مثال ما فيك من حسن و ألوان
و زاد فيها خلودا ما عنيت به
أشهى اللبانات في حكم النّهى الفاني
لا يعذّب الوصل إلاّ أن يخامره
خوف المحبّين من نأي و هجران
و لا هناء بنعمى لا تخاف لها
فقدا و لا تبتلى منها بحرمان
لو يعلمون مناحي النّفس ما خلعوا
ثوب الخلود على نعمى و أحزان
فأصبح الكون لغوا لا حياة به
من رغبة في مجاليه و غنيان
ما للخلود و ما للحسن يزعمه
هيهات عرّي من حسن و إتقان
يضفي الجمال على الأيام مقتدر
من (التحوّل) ذو غزّ و سلطان
عنا له الكون مأخوذا بفتنته
من أنجم و مكانات و أزمان
و عاطفات و أرواح و أخيلة
تغزو الوجود و آراء و أديان
و ربّما فقهت من أمره عجبا
قبل الهداة عصا موسى بن عمران
***
ليؤمن النّاس ما شاؤا بربّهم
فبالتحوّل بعد الله إيماني
تسمو إلى أفقه القدسيّ طاهرة
طهر الدّموع تسابيحي و ألحاني
كفرت بالرّوح بعد الرّيب آونة
و كان زلفى إلى نجواه كفراني
و قرّب النّاس ما شاؤا لمذبحه
فما تقبّل منهم غير قرباني
أعلنت حين أسرّوا أمرهم فرقا
يا بعد ما بين أسرار و إعلان
***
إنّ الخلود و ما تروي مزاعمهم
عن السعادة في الأخرى نقيضان
لا يخدع الله قوما يؤمنون به
فتلك خدعة إنسان لإنسان
جنان ربّك في سرّ الخلود غدت
و كلّ آو إليها رازح وان
ملّ المقيمون فيها من هناءتهم
كم يملّ السقام المدنف العاني
تمضي العصور عليهم و هي واحدة
اليوم كالأمس فيها ضاحك هاني
تزجي السآمة تفكيرا و عاطفة
إلى عقول و أهواء و وجدان
لا يرقبون جديدا في خلودهم
لرثّ من قدم العهد الجديدان
و لا يحبّون لكن تلك طائفة
من ماجنات خليعات و مجّان
و لا يناجون في أحلامهم أملا
محبّبّا بين إنكار و إيقان
و لا يحسّون لا حزنا و لا جذلا
فالقوم ما بين مشدوه و سهوان
يا شقوة النفس تخلو بعد أن عمرت
من حسرة و لبانات و أضغان
و ضيعة القلب لا تأوي إليه منى
كالنحل تأخذ من روض و بستان
من كلّ من أبلت الأدهار جدّته
فما يحرّكه تدليل رضوان
ينادم الحور لكن غير مغتبط
و يشرب الراح لكن غير ظمآن
لودّ في كلّ مل يجريه من عسل
و من خمور و من درّ و عقيان
هنيهة من شقاء يطمئنّ بها
إلى مناجاة آلام و أشجان
إذا تذكرّ دنياه هفا ولعا
إلى حبيب و صهباء و ندمان
و راح يبحث في المجهول عن أمل
و عن شقاء و عن أهل و خلاّن
لعلّ بين زوايا النفس قد تركت
ثمالة من صبابات و تحنان
***
أماّ الغواني فصخر لا يحرّكها
نجوى محبّ و لا تدليل ولهان
لا تعرف الحبّ إلاّ محض تلبية
لعابرين من الأبرار فتيان
و لا تحنّ إلى روح و عاطفة
فالحبّ في ملكوت الله جثماني
من كلّ مرتجّة الأرداف حالية
بالحسن أخّاذة بالسحر مفتان
خبا لهيب المنى في روحها فغدت
و حسنها في حلاه حسن أوثان
جنى الخلود عليها فهي شاكية
إلى الأنوثة ذاك الخائن الجاني
***
و للخلود على أهل الجحيم يد
تجزي مع الدّهر إحسانا بإحسان
الكافرون لطول العهد قد ألفوا
بقاعها نضج أرواح و أبدان
و قد تزفّ بها و الحفل محتشد
سجينة من ضحاياها لسجّان
فأصبحت و هي من ماء و من مدر
شيطانة تتصبّى كلّ شيطان
و ربّما صحبوا فيها زبانية
بعد القلى إلف إخوان لإخوان
لا يألمون و لا تشكو جسومهم
من اللظى فهي نيران بنيران
***
مليحة الدلّ من غسّان لا بليت
شمائل الصيد من أقيال غسّان
أتأذنين بإنشاد فما جليت
إلاّ لحسنك أشعاري و أوزاني
طوّفت في هذه الدنيا على مهل
طواف أشعث ماضي العزم يقظان
تظلّلني مصر أحيانا و آونة
أعاقر الخمر في جنّات بغدان
و قد صحبت شعوب الأرض من عرب
شمّ الأنوف إلى روم و كلدان
مفتّشا عن عزاء النفس لا لعبي
أدّى إليه و لا حلمي و عرفاني
مسائلا عنه حتّى قد عييت به
إرث الفلاسف من هند و يونان
فما رأيت له عينا و لا أثرا
و لا فاد طوافي غير خذلاني
إذا ندبت جهودي و هي ضائعة
أطلّ من حرم الرؤيا . فعزّاني
***
ثمّ انثنيت و ركبي جدّ متّئد
من الونى و رفيقي جدّ حيران
و البيد أوسع من صدر الحليم مدى
و للسّراب بها آلاف غدران
ظمأى حيارى و خلف الركب طائفة
حمر اللواحظ من أسد و ذؤبان
فأيقن القوم بالجلىّ و قد صمتوا
لهيبة الموت و هو المقبل الدّاني
حتّى إذا اليأس لم تترك مرارته
إلاّ بقيّة صبر غير خزيان
لاحت خيامك بالصحراء مونقة
أبهى و أزين من عرش و إيوان
فكبّر الرّكب مرتاحا إلى أمل
عذب المجاجة حالي الوشي ريّان
مبادرا للظلال الخضر قد كسيت
نثير ورد و نمام و سوسان
فما فتحت جفوني و هي دامية
من الرّمال أعان الله أجفاني
حتّى لمحتك خلف الستر ضاحكة
إلى جوار و حجّاب و غلمان
فقرّت النفس لا شكوى و لا تعب
و لا لجاجة إيمان و كفران
و ابصرت بعد طول البحث غايتها
فاذعنت لهواها أيّ إذعان
رأت بعينيك يا ليلى و قد يئست
عزاءها لا بإنجيل و فرقان
فقبّلت شفة حمراء دامية
و اهتزّ من نشوات اللثم نهدان
سرّ السعادة في الدّنيا و إن خفيت
تجلوه منك على الأكوان عينان
آمنت بالحبّ ما شاءت عذوبته
آمنت بالحبّ فهو الهادم الباني

نــجــم
17-04-2011, 01:18 PM
بدعة الذل

عاصف باده الرّبى و دخان
أين منك الشّقيق و الأقحوان
أين منك الرّبيع ينفح بالعطر
و أين السّلاف و الندمان
بورك الفرد حين يدمي فؤاد
عبقريّ أو حين تدمي بنان
محيت أشهر الرّبيع فلا أيّار
من دهرنا و لا نيسان
لا شقيق النّعمان في غوطة الشام
و لا عطره و لا النعمان
يعرف الفجر أنّ دمعي أصفى
من نداه و يعرف الريحان
هبّ ندى الفجر كالدموع صفاء
أين منه البلوى و أين الحنان
يعرف الطّيب أنّ دمعي أذكى
منه عطرا و تعرف الأردان..
تعرف الراح أنّ دمعي سلاف
و جفوني كؤوسها و الدّنان
أنا أبكي للّيل أوحشه البدر
و للقلب هدّه الحرمان
أنا أبكي للهمّ يأوي إلى القلب
فيقسو على الغريب المكان
أنا أبكي لكلّ طاغ فما يستر
إلاّ الضراعة الطغيان
أنا أبكي للعين لا تدرك الحسن
و للحسن فاته الإحسان
أنا أرثي للمترفين فما يبدع
إلاّ الشّقاء و الأحزان
و أنا المترف الأنيق و لكن
ترفي صاغ فنّه الرحمن
أنا أبكي لكلّ قيد فأبكي
لقريضي تغلّه الأوزان
أدمعي في السّماء أنجمها
الزّهر و في البحر درّه و الجمان
أيّها الكافرون هذي دموعي
من رسالات وحيها الإيمان
أيّها المذنبون هذا فؤادي
من معاني جراحه الغفران
من همومي ما ينعم العقل في
دنيا أساه و يهنأ الوجدان
من همومي ما لا يفيق على
البعث و منها المدلّه السهران
من همومي ما يغمر الكون بالعطر
و منها مزاهر و قيان
و همومي معطّرات عليها
من شبابي الطّموح و الريعان
كالغواني ، لكلّ عذراء لون
من جمال و نفحة و افتتان
لم أضق بالهموم فلبا و هل
ضاق بشتّى عطوره البستان
و الهموم الحسان تفعل في الأنفس
ما تفعل الغواني الحسان
و أنا الوالد الرّحيم و أبنائي
هموم الحياة و الأشجان
إنّ حلمي حلم النّجوم و ما
زوّق في الحلم نورها الوسنان
و أعير الحزين سحر بياني
فيعزّيه لو يعار البيان
عقّني الأقربون من غمرة الخطب
و عقّ اللّدات و الإخوان
سوف يملي التاريخ عنّي ما يملي
فتخزى بظلمي الأوطان
ينصف العبقريّ دهر فسيّان
و في أصفياؤه أم خانوا
نعمة الشعر نعمة الشمس لا يعذر
فيها الجحود و النكران
و أسرّ الشكوى حياء و كبرا
ربّ شكوى إسرارها إعلان
***
كيف أغضي على الهوان لجبّار
و عندي الشباب و العنفوان
ما لسلطانهم على الحرّ حكم
كلّ نفس إباؤها سلطان
فلكي ثابت و لا خير في الأفلاك
يملي نظامها الدوران
لا مني اللاّئمون في الصّمت
و الصّمت على القبر لوعة لا هوان
كيف تشدو بلابل الدّوح
للفجر و في الدّوح عاصف مرنان
أخرستني الشّام تحفر للقبر عليها
الطيوب و الأكفان
يا لها ميتة و من صور الموت
همود الإباء و الإذعان
إنّه الموت لا اختلاف عليه
فعزاء بالشام يا مروان
لم يميّز محبّبا من بغيض
في الدّجى لا تميّز الألوان
***
بدعة الذلّ حين لا يذكر الانـ
ـسان في الشام أنّه إنسان
بدعة الذلّ أن يصاغ من الـ
ـفرد إله مهيمن ديّان
أيّها الحاكمون ما ضاعت الحجّة
منكم و لا انطوى البرهان
حقّ هذي النفوس أن ترفع
الأصنام فيها و تعبد الأوثان
***
يالها دولة تعاقب فيها
كالجناة العقول و الأذهان
أين حرّيتي فلم يبق حرّا
من جهير النّداء إلاّ الأذان
سبّة الدّهر أن يحاسب فكر
في هواه و أن يغلّ لسان
ألضحى و الشجاع حلفا كفاح
ما احتمى بالظّلام إلاّ جبان
حرنوا و الشعوب في موكب السّبق
و من شيمة الهجين الحران
يعثر الدّهر و الشعوب و تشقى
بالمناكير أمّة و زمان
قبروا في المهود ما سلّ سيف
في رداهم و لا تعرّى سنان
لم تنلهم يد المنيّة ظلما
و لدوا قبل أن يحين الأوان
سائلوا زحمة العواصف لمّا
رجّت الأرض أين كنّا و كانوا
و سلوا ظلمة السّجون فلن
ينبئ عنهم سجن و لا سجّان
كتب المجد ما اشتهت غرز المجد
و نحن الكتاب و العنوان
نحن تاريخ هذه الأمّة الفخم
و نحن المكان و السكّان
شرف الشوط بالمجلّي من الخيل
و يخزي بغيره الميدان
من غوالي دموعنا الخمر و العطر
و نعمى دمائنا الأرجوان
قد سقينا من قلبنا الموت حتى
نبت الضرب في الرّبى و الطّعان
تخجل الخيل بالذليل إذا صالت
و يشقى سرج و يشكو عنان
يتلوى على الحبال فنونا
أوزير في الدّست أم بهلوان ؟
أنسوا منه بالنّعومة و اللّين
و لا بدع إنّه أفعوان
ليس خلف البرود إلاّ هباء
فاحكم النّاس أيّها الطيلسان
ما على الحكم و هو مرعى و ماء
أن تعود الخماص و هي بطان
يظلم القلب لا مروءة فيه
فهو كالقبر موحش حرّان
كيف تسمو القلوب لولا المروءات
و تغفو على المنى الأجفان
حسبوا ضحكة الشعوب ارتياحا
و اللّظى حين يضحك البركان
لا يهين الشعوب إلاّ رضاها
رضى النّاس بالهوان فهانوا
ما لشمّ الذرى تغضّ من الذلّ
فأين النسور و العقبان
يا وزيرا يطلّ بعد وزير
و العلى في ركابه و الزّمان
ربّ نعمى تضيع منّا إذا
زرت و لا ضجّة و لا ديدبان
و إذا فتّ أعين النّاس دلاّ
فلمن صاغ حسنك الرّحمن
أيّ بدع في المهرجانات يصنعن
فحقّ المتوّج المهرجان ....
و لمن تحشد الجموع فهل زار
ولايات ملكه الخاقان
لكم لا لقيصر أو لكسرى
رصّع التّاج و ازدهى الإيوان
و كفى هذه الرّعيّة عزّا
أنّها في رحابكم ضيفان
***
قلبي الواحة الطروب بصحراء
جفتها الظلال و الغدران
تتراءى الأفياء يومئن للـ
ـركب و تحنو على الونى الأفنان
و يعلّ الهجير ما شاء من قلبي
فقلبي المعطّر الريّان
جنّتي نعمة السكينة و الدّنيا
جحيم و الحرب حرب عوان
جنّتي الزهو و النّعيم ففي النـ
ـفس وثوق بالله و اطمئنان
الغوالي أديمها و اللآلي
و حصاها الياقوت و المرجان
و لاحيق تكاد تشتفّه العين
و يروي بلمحه الظمآن
و تمنّ كما تشاء الخيالات
و طوع الأمنيّة الإمكان
هذه جنّتي فلا تخدع الركب
فراديس زوّرت و جنان
إنّ للشرّ جنّة يغمز الإغراء
فيها و يضحك الشّيطان
جنّة الشرّ لا تخادعك ريّاها
ففي كلّ أيكة ثعبان
لا يغرّنك سحرها و رؤاها
جنّتي وحدها الرضى و الأمان
***
يا أبا طارق تحيّة شعب
زلزلته الخطوب و الحدثان
زحف البحر بالجبال من الموج
دراكا و جرجر الطوفان
لطف الله بالسّفينة لم يسلم
شراع و لا نجا سكّان
تخبط اللّيل و العواصف و الرّكب
حيارى دليلهم حيران
حولها اليمّ كالجبال و أطيا
ف الرّدى و البروق و اللّمعان
و ظلام غمر رهيب فما
تبصر إلاّ الظنون و الآذان....
و عزيف للجنّ تنقله الريح
و أدّى الأمانة الترجمان
و انطوى تحتها الجحيم فللأمواج
من حرّ ناره فوران
سخرت بالسّفينة اللّجة
الخضراء و اختار قبره الربّان
و اطمأنت إلى القنوط فما تلمح
حتّى بالخاطر الشطآن

نــجــم
17-04-2011, 01:18 PM
بين الأمير و الشاعر

أيا شاعر العرب الذي سار شعره
يدوّي فلا يثنيه برّ و لا بحر
تذكّر بثغر اللاذقيّة صاحبا
إذا دبّ فيه اليأس أنعشه الذكر
الأمير مصطفى الشهابي
أمير الندى و الأريحيّة و العلى
أحبّ من النعمى شمائلك الغرّ
بيانك لا عطر الجنان و سحرها
و طبعك لا الشهد المصفّى و لا الخمر
صحبتك من عشرين تجنع بيننا
من الأدب الأعلى الشمائل و الفكر
و أنّا تحدّينا الطغاة فلم يضيق
بطغيانهم منّا كفاح و لا صبر
و أنّت اناخ الدهر حينا بعسفه
علينا فلم يسلس شكائمنا الدهر
و أنّا تقاسمنا الإمارة بيننا
لك النثر في آفاقها و لي الشعر
أقارب لا من أسرة أو عشيرة
فمن صور القربى الشمائل و النجر
و أهل على بعد الجدود و إنّما
أخو الحرّ في الدّنيا هو الماجد الحرّ
فدلّل وفائي ما قدرت فإنّه
و حقّك نعم الذخر إن فقد الذخر

نــجــم
17-04-2011, 01:18 PM
تلك الأقانيم الثلاثة

الليل بعد الرّاحلين طويل
او ما لصبغك يا ظلام نصول
يطوي الزمان النابغين فتنطوي
لذهابهم أمم و يهلك جيل
و لربّ نعش غاب في طيّاته
فتح أغرّ و موطن و قبيل
و الناس أسياف فمنها مغمد
صديء و منها الصارم المسلول
و الخطب خطب النابغين فحقّه
بالمشرقين تفجّع و عويل
***
في كلّ يوم للعروبة كوكب
يهوي و سيف يعتريه فلول
قبر باصمة الرّشيد و آخر
في مصر حق ستوره التقبيل
بدران قد بكر الأفول عليهما
و لكلّ بدر مشرق و أفول
و مشيّعان إلى الثرى بمواكب
يرتدّ عنها الطرف و هو كليل
فيها رعيل من ملائكة العلى
و من الجدود الأكرمين رعيل
عيسى و أحمد و الكليم و عصبة
فيها الأمين المنتقى جبريل
يا للعروبة : أين نور نبوغها
ألزيت جفّ و أطفئ القنديل
بغداد شاكية و مصر مرنّة
و الشام حاسرة القناع ثكول
تلك الأقانيم الثلاثة واحد
بردى الشام و دجلة و النيل
قالوا : السياسة قلت : رغم دهاتها
ظلّ العروبة في الربوع ظليل
نسب أغرّ و ذروة مضريّة
نبت الربيع بها قنا و نصول
و عقيدة وطنيّة عربيّة
فيها نصول على العدى و نطول
هذا هو الحقّ الصّراح فحسبكم
قول السياسة كلّه تدجيل
***
يا غصبي حقّ العروبة حسبكم
منّا فروع للعلا و أصول
أسهبتم بوعودكم و أطلتم
ضد البلاغة ذلك التطويل
و رفعتم المنديل و هي خديعة
هزم السّلام و مزّق المنديل
قد ضاع في الـاويل صدق عهودكم
ألكلّ عهد عندكم تأويل
لا تنكروا حقّ الحياة لأمّة
فيها النّبوغ على الحياة دليل
و تداركوا هذا السلام بطبّكم
و دوائكم إنّ السلام عليل
طعنته أطماع السياسة طعنة
نفذت فراح السلم و هو قتيل
و لقد جزعت من السياسة ، إنّها
غول و هل تلد السلامة غول
دين السياسة، جاء فيه مبشّرا
بالمشرقين : الجيش و الأسطول
قولوا لمن غصب القويّ حقوقه
ألسيف باستردادهنّ كفيل
وإذا تكلّمت الصوارم والقنا
سكت الضعيف ولجلج المكبول
وإذا علا صوت الضعيف فربّما
أخفى صداه زماجر وصهيل
وأرى القويّ يطاع غير مخالف
و يخالف القرآن و الإنجيل
ألشرع ما سنّ القويّ بسيفه
فلسيفه التحريم و التحليل
إن قال ، صدّقه الزمان فقوله
و حي و زور حديثه تنزيل
و الدهر أعدل من عرفت حكومة
و الشاهدون على الزمان عدول
دول تدول و لا مرّد لأمره
يحمى الكناس و يستباح الغيل
و لربّما هزّ اللواء مظفّر
ماضي العزيمة أصيد بهلول
من آل يعرب لا تلين قناته
أنف أشمّ و ساعد مفتول
***

نــجــم
17-04-2011, 01:19 PM
تحية فيصل الصغير

رمقتك العيون حبّا و وجدا
و فتحنا قلوبنا لك مهدا
رنوات من مقلتيك إلى الصحراء
رفّت بها عطورا و وردا ...
نوّرت ضحكة الطفولة و الملك
بأحلى من النعيم و أندى
***
ضجّت البيد بالسؤال فنجد
من ذراها العذراء يسأل نجدا
لمن الرّكب كالنبوّة عطرا
و كنعمائها فتوحا و رشدا
بورك الطّفل يعشب الرّمل يمنا
و يضوع الهجير ظلاّ و بردا
نفحة الملك و النوّة و الفتح
فمن ساقها إلينا و أهدى
موكب مرّ فالرّمال عيون
تنسب القادمين خالا و جدّا
و إذا مشرف من الرّمل عال
شهد الفاتحين جندا فجندا
مرّ في جفنه سنا الملك الطّفل
فثنّى بلمحة و استردّا
عرف الأصيد المتوّج نورا
من أبيه الهادي و فرقأ و خدّا
فدوّت في الظلام زغردة البشرى
تجوب الصحراء قربا و بعدا
و أفاق الغزاة فالفارس المعلم
يبلو سيفا و يمسح غمدا
و حنا عالم من الفتح و الذكرى
على فيصل و حيّا و فدّى
***
يا بناة الحدود لا تعرف الصحراء
في زحمة الأعاصير حدّا
لا تغرّوا فإنّ في النفس كبرا
يتنزّى و إنّ في الصّدر حقدا
و سجايا الرّمال فينا فما
يرقب إلاّ طغيانها حين تهدا
الرّنال السّمراء ظمأى إلى
الماء و تسقي الدّنيا إباء و مجدا
***
ملك الشام لا أدري عدوّا
جمعت كفّه الحتوف فشدّا
زيّن الفصر قصر جدّك و اطلع
في الرّحاب الزهراء يمنا و سعدا
و أذن الشّعر يسكب العطر في
القصر وفاء و كبرياء و حمدا
زغردت باسمك النديّ العذارى
فجرى في الشفاه خمرا و شهدا
هاشم و العزيز من عبد شمس هيّآ حلم فيصل و أعدّا

نــجــم
17-04-2011, 01:19 PM
تحيّة الملك

ألف أهلا بأمير المؤمنين
سيّد البطحاء و البيت الأمين
مرحبا بالتاج مرموق السنى
و بربّ التاج و العرش المكين
بربيب المروتين المنتقى
و فتى زمزم و الركن الركين
خادم الكعبة إرثا طاهرا
عن أبيه و الجدود الأوّلين
قائد الأبطال شوسا للوغى
حامل الأعباء و الله المعين
بابن أقمار العلى من هاشم
و أبى البيض الملوك الفاتحين
ألبهاليل الصناديد الألى
رفعوا راية فهر باليمين
يعرف البيت إذا طاف به
أنّه ابن الطائفين العاكفين
يعرف البيت إذا مرّ به
أنّه ابن الطّيبين الطاهرين
تعرف الأستار إذ يلثمها
أنّه ابن الساجدين الراكعين
تعرف البيض و ما أغمدها
أنّه ابن الطاعنين الضاربين
***
لمن الموكب جبريل به
من جنود الله يمشي من مئين
و من المقبل يعلوه سنّا
من سناء الخلفاء الرّاشدين
شيبة الحمد أرى أم هاشما
أم عليّ الطهر زين العابدين
أم أرى سيّد غمدان مشى
في ظلال البيض وضّاح الجبين
حوّطوا الموكب باسم المصطفى
و بنيه من عيون الحاسدين
و افرشوا الأكباد يمشي فوقها
و اتركوا الورد و خلّوا الياسمين
و انثروا الدمع على موكبه
و دعوا المسك لحور و لعين
أدمع البشر و قد يبكي الفتى
سرّه الدّهر كما يبكي الحزين
و أذنوا للغيد أن تشهده
سافرات في صفوف الشاهدين
سيّد البطحاء في أبنائه
ألف أهلا بالملوك القادمين
تتهادى الأعوجيّات بهم
إنّها تعرف قدر الرّاكبين
ذكرت إذ مسحوا أعرافها
بأكفّ الكرماء المنعمين
هاشما و البيض من أبنائه
ألمطاعين الطوال المطعمين
***
أيّها الآتي إلينا من ذرى
طالما عطّرها الروح الأمين
بيتك الشام و فيه نخبة
من بنيك الأوفياء الصادقين
بردى حنّ غراما و هوى
للأحبّاء الكرام الهاجرين
و ربى الفيحاء أنّت و شكت
فرقة الأحباب لو يغني الأنين
صاحب التاج أجبني هل أتى
ععرشك العالي حديث الكاذبين
الألى أهدوا إلى التاج الأذى
و أرادوا أن يضلّوا المهتدين
حدّثوا عنك كذابا و افتروا
لا يحبّ الله سعي المفترين
و أتوا بالغشّ لكن أقسموا
أنّهم جاءوا إلينا ناصحين
زعموا أنّك تهوى لندنا
و تحبّ النفر المستعمرين
و تطيع القوم فيما أمروا
و هم تالله شرّ الآمرين
نحن نهواك على رغم العدى
و نجلّ التاج رغم المبغضين
يدك البيضاء لا ننكرها
سوّد الله وجوه المنكرين
***
لح على عمّان بدرا نوره
يكشف اللّيل و يهدي التّائهين
و على الغوطة أقبل يوسفا
حسنه يجلو عيون النّاظرين
و على بغداد أشرق رحمة
تسعد المأمون فيها و الأمين
وحّد العرب و أسعد أمّة
سادت العالم في ماضي السنين
و أعد أيّام هارون و قد
ملأ الدنيا رجالا و سفين
بردى جفّ و ما في دجلة
نغبة تروي الظماء الواردين
***
كلّما هبّ نسيم من منى
أيقظ الأشواق و الوجد الدّفين
لم ألن للدّهر لكن زعمت
عاديات الدّهر أنّي سألين
لم أخن ((لا و الصّفا )) عهدكم
أيّ خير في وجوه الخائنين
أنا بالروح جواد فاغفروا
زلّتي إن رحت بالدمع ضنين
لا ترى الأعداء دمعي جاريا
إنّني أبغض عطف الشامتين
و أنا شاعركم في موطن
ما لمن و الأكم فيه خدين
ناطق فيكم و لو أنّ الظبى
جرّدت فوق رقاب الناطقين
فتقبّلها عروسا و استمع
ما يثير الشوق و الحبّ الكمين
صنتها عن خاطبيها غادة
لفتى البيت إمام المسلمين
***

نــجــم
17-04-2011, 01:19 PM
تحيّة الشباب

غضّ الشباب و أن تلن عذباته
خلقت لإدراك المنى عزماته
الله أكبر للشباب صليبة
للغامزات من الخطوب قناته
الله أكبر للشباب جلاله
ملء العيون و حسنه و سماته
لا يجزع الوطن المدلّ بحقّه
ألباسمون مع الشباب حماته
في ذمّة الفتيان رابة مجده
إنّ الشباب وفيّة ذمّاته
***
خلّوا الأناة و أسرعوا لمناكم
عار الشباب العبقريّ أناته
تاج الجزيرة و هي مهد جدودكم
نزل القضاء فنكّست راياته
يشكو و أنتم سامعون فماله
لا يستجاب ، و للشباب شكاته
إنّي لتبكيني الجزيرة . ما نوى
عنها العدوّ و لا ونت غاراته
و إذا الحزين بكى و لم يك شاعرا
فالشعر ما نطقت به عبراته
***
نفحات لبنان الأشمّ عليلة
و حمى الجزيرة عذبة نفحاته
تشتاق ناضرة الشام رماله
و تحبّ خضرة أرزكم فلواته
يشكو جراحته إلى أعدائه
اين الشفاء و جارحوه أساته
هيهات ينجح في القضيّة مدّع
و خصومه يوم الحساب قضاته
***
واضيعة الوطن الصغير . تعدّدت
أديانه و عروشه و لغاته
و لربّ مختال تناساه الرّدى
ووددت لو بكرت عليّ نعاته
صلّى لتفريق الشعوب فبغّضت
عندي الديانة والتقى صلواته
هذا أسيرك يا مذاهب ملّه
عضّ القيود ، ألم يئن إفلاته ؟
هيهات بعد اليوم يهدم مذهب
صرح العروبة و الشباب بناته
إنّي عبدت الله ، لا نيرانه
سرّ التقى عندي و لا جنّاته
و العقل دلّ عليه لا قرآنه
في آية الكبرى و لا توراته
الدين دين الحبّ فهو عقيدتي
و لو أنّه في الشرق قلّ دعاته
و الأفق أقرأه كتابا منزلا
نعم الكتاب نجوم آياته
بيت العروبة حين أسجد قبلتي
لا طوره قصدي و لا عرفاته
من بعض أسماء العروبة أرزه
يوم الفخار و نيله و فراته
كالروض ملتفّ الخمائل ناضرا
ما ضرّه لو نوّعت زهراته
***
حسبي إذا ذكر القريض و أهله
شعر شباب الغوطتين رواته
أنا جمرة الغمرات ، ملء جوانحي
همم الشباب تثيرها نزواته
سكروا و قد أنشدت غرّ قصائدي
فهي الرّحيق طهورة رشفاته
قالوا : الجديد فقلت : من أنصاره
قلم الحكيم وزقّه ودواته
فيه هنات لا أقول ذميمة
بعض الملاحة في الجمال هناته
وأرى القديم يحول حسناته
فتضيع بين ذنوبه ، حسناته
لا تتركوا المرأة غير صقيلة
الشعب روح شبابه مرآته

نــجــم
17-04-2011, 01:19 PM
تحيّة وفاء

إن تهتف الشام : ميخائيل : أنجدها
كأنّه قدر يحمي به القدر
إذا الوجوه عنت لليأس حالكة
أضاء في وجهك الإيمان و الظفر
عففت عن قدرة عصماء باذخة
وربّما عفّ أقوام و ما قدروا
صعب الشكيمة و الأعناق مسلسة
قاس من الحقّ لكن لست تنكسر
لك الشمائل من نور و من كرم
لها على النجم ذيل مترف عطر
رأي كأنّ بنات الغيب تعشقه
فعنده السرّ و الأطياف و الصور
و جرأة في العلى و الحقّ لوجبهت
ليثا تبرأ منه النّاب و الظفر
زينتها بوسيم جلّ مبدعه
من الحياء فلا زهو و لا بطر
و ما استباح عرين الحقّ طاغية
إلاّ وصرح عن أنيابه النّمر
و لم تهادن قويّا في تحكمه
و لا غدرت و شرّ النّاس من غدروا
إذا تأرج ذكر منك أو نبأ
تهلّلت حلب الشهباء تنتظر
أنت اللبانة في نجوى ضمائرها
و فيك عطّر جوّ السامر السّمر
أصفيتك الحبّ لا منّا و لا كدرا
و من هنات المحبّ المنّ و الكدر
و ما اصطفيتك عن خوف و عن ملق
و لا لأنّي إلى نعماك أفتقر
لكن وفاء لنعمى منك سابقة
و أنّك الكنز للأوطان يدّخر
و بلبل الدّوح يرضيه بأيكته
سرّ الجمال . و يرضي غيره الثمر

نــجــم
17-04-2011, 01:19 PM
تعالوا نعدّ الصّيد

أهذي مغاني جلّق و المعالم
لك الخير أم هل أنت و سنان حالم
بلى هذه أمّ العواصم جلّق
و هذه ليوث الغوطتين الضراغم
هنا عرش أقمار العلى من أميّة
هنا ارتكزت سمر العوالي اللّهادم
هنا ابن أبي سفيان أشرق تاجه
تؤيّده البيض الرقاق الصوارم
هنا اليعربيّون الألى عزّ جارهم
فليس له في غوطة الشام هاضم
هنا النفر البيض الميامين ، للعلى
ملامح في غرّاتهم و علائم
هنا العرب الأنجاد إن قام ظالم
مشوا بالقنا أو يرجع الحقّ ظالم
من القوم ما زفّت لغير كرامهم
حسانهم البيض الغواني الكرائم
إذا انتسبوا في ندوة المجد حلّقت
بهم للعلى قيس و ذهل و دارم
بني الغرب هاتوا شاهدا عند زعمكم
بغير دليل لا تقوم المزاعم
تعالوا نعدّ الصيد منّا و منكم
ففي الناس مقبول الحكومة عالم
أفيكم لسيف الله و الحقّ خالد
إذا عدّت الأفذاذ ندّ مزاحم
و هاتوا غداة الفخر أنداد خالد
و يحكم فيما بيننا اليوم حاكم
و هاتوا لنا أنداد موسى و طارق
لنعرف من تخزيه منّا المواسم
فلا تفخروا : ألفخر للعرب وحدهم
و للعرب قعساء العلى و المكارم
***
لقد زعموا أني بجلّق هائم
أجل والهوى إنّي بجلّق هائم
وفيت بعهد الغوطتين وهذه
شهودي القوافي و الدموع السواجم
و أصفيت أبناء الشام مودّتي
صغيرا و ما نيطت عليّ التمائم
إذا رضيت عنّي صناديد جلّق
فأهون شيء ما تقول اللّوائم
إذا ظلّ مجد العرب في الشام سالما
فمجد بني قحطان في الشرق سالم
***
سلاما عروس المشرقين و لا مشت
بظلّ مغانيك الخطوب الغواشم
خذي قلّدي ماشت جيدا و معصما
من اللؤلؤ الرطب الذي أنا ناظم
سليني دمي يا أمّ أسفكه راضيا
و ما أنا هيّاب و لا أنا نادم
طلاسم هذا الذلّ دقّت و إنّما
تفكّ بحدّ السيف هذي الطلاسم
و للبطل صولات على الحقّ جمّة
و تسفر عن فوز المحقّ الخواتم
يفوز بأوطار الحياة محارب
و يرجع بالخذلان فيها مسالم
أرى الناس هذا ضاحك متفائل
غرورا ، و هذا نادب متشائم
فقل لضعيف راح يسأل رحمة
رويدك ما للضعف في الناس راحم
و قل للّذي جافي على القرب أهله
رويدك تقوى بالخوافي القوادم

نــجــم
17-04-2011, 01:20 PM
ثكل الأمومة

ما للمنيّة أدعوها و تبتعد
أمرّ من كل حتف بعض ما أجد
ظمآن أشهد ورد الموت عن كثب
و الواردون أحبّائي و لا أرد
علّلت بالصبر أحزاني فيا لأسى
بالجمر من نفحات الجمر يبترد
دعوت خدنيّ من دمع و من جلد
فأسعف الدمع لكن خانني الجلد
أصبحت أعزل و الهيجاء دائرة
لا السيف ردّ الأذى عنّي و لا الزرد
أردّ رشق الظبى عن مهجتي بيد
و تمسح الدمع من نزف الجراح يد
***
أبا جميل سلام الله لا كتب
إليك تحمل أشواقي و لا برد
لقيت في الحق ما لاقى به
نفر من الهداة و ما عانوا و ما جهدوا
و العبقريّ غريب في مواطنه
يدور حيث يدور الحقد و الحسد
و حاملين رسالات مقدّسة
توحّدوا بالجهاد السمح و انفردوا
مشتّتين بعصف الرّيح و لا وطن
يلمّ أشتات بلواهم و لا بلد
معارك الحقّ من أجسادهم مزق
على ثراها و من مرّانهم قصد
و ربّ شاك فساد العصر يظلمه
لم يفسد العصر لكن أهله فسدوا
***
أذاكر لي على صيداء هانئة
من الزّمان عليها نعمة ودد
يمشي بك المجد في أفياء وارفة
من الأمانيّ لا تلوي بما تعد
فيها صباك عطور عبقريّة
و لي شباب طريف العمر متّئد
و نحن بين الدّروب الحاليات يد
تضمّها في ظلال البرتقال يد
و أستعيدك شعري حين تنشده
حتّى يقوّم في إنشاده الأود
حبّ أبوك تولاّه و دلّله
و راح يكرم الإرث الوالد الولد
***
يا مبدع السحر إلاّ أنّه كلم
و ساقي الرأي إلاّ أنّه شهد
يا ناقدا ، حبّه يملي فرائده
حتّى ليندى حنانا حين ينتقد
يا مانح النّور من تاهت دروبهم
و مانح الحبّ و الغفران من حقدوا
يفنى المزوّر من مجد و من خدعت
به الشعوب و تبقى أنت و الأبد
لن يعدم القبر لا ريّا و لا عبقا
فلي جفون نديّات و لي كبد
أحنو على دمك المطلول ألثمه
أزكى من الورد ما جادت به الورد
دماء قلبك إيمان و غالية
فليس ينكرها بدر و لا أحد
دماء قلبك ما من قطرة نزفت
إلاّ تمنّت سناها نجمة تقد
يا من نحبّ و لولا الحبّ لا لعس
و لا لمى عبق السقيا و لا غيد
سهرت في زحمة الجلّى و مزّقني
أنّي شهدتهم أغفوا و ما سهدوا
و في ضناي و في أحزاني ازدلفوا
يحرّضون عليّ الدّهر و اتحدوا
حتى بكت محنتي من ظلمهم و غدت
بالدّمع تنهش من قلبي و تزدرد
***
أمّاه ، دمعك تبكي من مواجعه
شمّ البواذخ و الأفلاك ترتعد
أمّاه لم يبق لي روح فأغدقه
على أساك و لا دمع و لا كبد
تطوف عينك في الزوار سائلة
عن الحبيب الذي ولّى و تفتقد
و طاف ثكلك في عدن فهل سألت
مساحب النّور أين النّور و الرّغد
ثكل الأمومة في التسعين حين بكى
عند الملائك في جنّانهم سجدوا
ثكل الأمومة عند الله حرمته
كحرمة الحقّ لا ستر و لا بعد
ثكل الأمومة عند الله فاتحة
من الكتاب و إيمان و معتقد
ثكل الأمومة حفّ الأنبياء به
يهدهدون من الآلام و احتشدوا
يدعو فتفتح أبوا ب السماء له
و يمسح الدمعتين الواحد الأحد
***
و أنت أمّ جميل أيّ نازلة
لم تبق رفدا لحزن جاء يرتفد
ما قبل يومك يوم رحت أشهده
له لواء على الأحزان منعقد
لبنان أين ربيع كنت أيكته
يبكي الرّبيع إذا جافى و يفتقد
لا الشمّ كالعهد فيه لهفة و قرى
على النسور و لا الأمواج و الزبد
لا الأرز بعد نوانا مائس عطر
و لا الغصون عليها الطائر الغرد
جيرانك الأنجم الزهراء عاتبة
و كلّ نجم حزين ثاكل حرد
يطلّ فيك دم للنور بعد دم
و لا حماة و لا ثأر و لا قود
لي فيك شعر رواه العطر فازدحمت
منك السّفوح على ريّاه و النجد
لبنان فيك قبور للسّيوف حمى
هان ففي كلّ قبر صارم فرد
تألّقوا في سماء المجد ما خمدت
رغم العواصف ذكراهم و ما خمدوا
حتّى إذا ضفرت غارا لمفرقهم
أنامل الخلد زان الخلد من خلدوا
***
أبا جميل .. و قربى بيننا اتّصلت
إلى الجنان .. فدان و هو مبتعد
عدنان عندك في النعمى و لي كبد
عليه بالجمر و الأحزان يتّقد
أحبابنا في جنان الله قد نعموا
لقد شقينا بهم لكنّهم سعدوا
هشّوا إلى ابن أخيهم و هو بينهم
بحاليات صباه كوكب يقد
يا للنجوم قديمات السنى نزلت
على قراها نجوم طلّع جدد
حمّلت عدنان أطياب الحنين فهل
أدّى أمانة ما أشكو و ما أجد
لم أرثه و هو روحي فارقت جسدي
و كيف يبكي و يرثي روحه الجسد
ألمّ بالقبر أغليه و ألثمه
و حولي الساخران : الغيب و الأبد
أحبّتي كلّما غامت طيوفهم
هتفت : لا تبتعدوا عنّي و قد بعدوا
***
روح الشهيد كنور الله ما همدت
لبث قليلا الظلاّم قد همدوا
حرب على الكفر و الطغيان يضرمها
رأي على الحجّة الزّهراء يعتمد
رموك غدرا و لو صالوا مجابهة
لمزّق الصائدين الضيغم الحرد
سلاحك النّور و الإسلام وحدهما
و منهما العون عند الفتح و المدد
رسالة من أبي الزهراء خالدة
عديدك الفاتح المنصور و العدد
حتّى إذا انهزمت شتّى فلولهم
و مرّغ الجبن زهو الحقّ و الصيد
أشرفت و الدم شمس – راح يحجبها
بكفّه و يواري وجهها الرّمد
لا يخدعنّك زهو الظالمين و إن
تاهت على الفلك الأبراج و العمد
ثلاثة لهوان الدّهر قد خلقوا
ألظالمون و عير الحيّ و الوتد
تكبّر الحقّ أن تلقاه مضطهدا
ألظلم في عنفوان الظلم مضطهد
***
شمائل الصّيد من قومي معطّرة
بمترف الحق لا غالوا و لا جحدوا
سمحاء لم تدر تهريجا و لا عقدا
فكيف شوّهها التهريج و العقد
تنكرّوا لقديم المجد و هو ضحى
يؤذي العيون و لا يؤذي الضحى الرمد
خطوبهم لا خطوب الدّهر ضاربة
على العروبة إن حلّوا و إن عقدوا
ألهانئون بسلم لا حماة له
فداء من زحموا الجلّى و من نهدوا
القدس سيناء لحد هبّ منتفضا
به الكمأة و خيل الحقّ تطّرد
و رمل سيناء لحد هبّ منتفضا
بكلّ من سقطوا غدرا و ما لحدوا
يصيح ألف صدى في الرّمل منتظرا
أن يستثير الصحارى فارس نجد
***
أرى الأذلاّء و الهيجاء ساخرة
توعّدوا بالوغى لكنّهم وعدوا
ردّ الأباة على الطغيان غارته
و لم يسلّموا ظبى لكنّهم حقدوا
و كيف أرضى بقوم ألّهوا صنما
و كفّروه و ذمّوا بعد أن حمدوا
حتى إذا راع قصف الرّعد من سمعوا
و راع برق الدّجى أحلام من شهدوا
تكشّف النقع عن أشلاء طاغية
و راح يخطر في غاباته الأسد
***
أبا جميل أناجي فيك حالية
من الشمائل أغليها و أفتقد
تحوّلت أفقا غير الذي عرفوا
و أنجما في الدّجى غير التي رصدوا
فسلّم الفلك الأسمى على فلك
فيه الكواكب و الأسحار و الرأد
هذي السماء كتاب من شتيت رؤى
فكلّ نجم بها رأى و معتقد
لي عالم يغمر الدنيا و تغمره
و عالم عطر الأسرار منفرد
تخفّ روحي لحاقا في حتوفكم
و يحكم القدر العاتي فتتّئد
ألعيش بعدكم لغو فلا طرب
فيه و لا أمل هان و لا كمد
فيا شقاء فتى آماله رجعت
لأمسه و انطوى يوم و مات غد

نــجــم
17-04-2011, 01:20 PM
جمرة الدنيا

عهد عليه من الضحايا رونق
ألحق من لبناته و المنطق
بنت الدموع به فمكّن صرحه
جرح ينزّ و عبرة تترقرق
و دم سقى ظمأ الصباح ففجره
ثمل و مشرقه نديّ مشرق
و زكا فعند الغوطتين تحيّة
منه تمرّ على الصخور فتورق
من خالد أو من عهود أميّة
ما انفكّ يزكو بالشام و يعبق
و حلفت قد كتب البقاء لها دم
قان و عهد للحليف و موثق
***
رافقتها من أربعين تصونها
و تردّ عنها النازلات و تشفق
تفني شبابك في الشام و حبّها
و شبابها في جدّة لا تخلق
غسّان جنّ بها و هام أميّة
و هفا إليها الهاشميّ المعرق
لم ينصفوا لمّا شكوا نزواتها
هي جمرة الدنيا تضيء ة تحرق
تبغي المزيد من الصبّابة و الهوى
و تلحّ لا تحنو و لا تترفّق
فاعذر إذا ملكت هواك فإنّها
و أبيك أملح من يحبّ و يعشق
***
من مبلغ عنّي الرئيس قصيدة
تحمي الثغور فكلّ بيت فيلق
و أنا الذي غنّى الشام فهزّها
منه البيان العبقريّ المونق
دلّلت محنتها بسحر قصائدي
أيّام يستحذي الكميّ فيطرق
و جبهت بالحقّ العنيف عدوّها
و عدوّها ثمل الضغائن أخرق
ألقى الأذى فيها و أطرب للأذى
فمشرّد حينا و حينا موثق
رنت العيون إلى جلالك خشّعا
و البدر يلثم في العيون و يرمق
حوّطته باسم النبيّ و آله
ممّن يفيء إلى الظلام و يرشق
في موكب تتدفّق الذكرى به
و الخيل في جنباته تتدفّق
مروان آب إلى الحمى فتزيّنت
للقائه بعد القطيعة جلّق
و كأنّ فتحا من فتوح أميّة
حملت بشائره الجياد السبّق
***
ذاك البناء تكاملت أجزاؤه
إلاّ طرائف في يديك تنسّق
و يزيد في حسن القصور و سحرها
فنّ يرفّ إطارها و يزوّق
إن تعي بالزمن الطويل فربّما
صحب الأناة الصّانع المتأنّق
إنّ الأولى محضوك صفو و لائهم
غير الألى محضوه و هو مرنّق
من عرفت بلاءه و وفاءه
أهوى فأسرفت في هواي و أصدق

نــجــم
17-04-2011, 01:20 PM
جلونا الفاتحين

تمنّى الرّكب وجهك و الصباحا
فجنّ اللّيل من فجرين لاحا
وحنّ إلى ظلالك عبد شمس
يريح شجونه ظمأى طلاحا
حمى الله الكواكب من معدّ
وصانك بينها قمرا لياحا
و طمأن للجواري كلّ بحر
و بلّغها السعادة و النجاحا
بطاح القدس دنّسها مغير
فهل صانت كتائبنا البطاحا
و هل جبهت بحدّ السيف دعوى
كعرض القوم فاجرة وقاحا
و لم نغضب لها أيّام كانت
حمى نهبا و شعبا مستباحا
و لا صدّت سرايانا عدوا
و لا هاجت حمّيتنا كفاحا
و لا اهتزّت صوارمنا انتخاء
و لا صهلت صوافننا مراحا
نجابه باليهود دما و نارا
فنغضي لا إباء و لا طماحا
***
جلونا الفاتحين فلا غدوّا
نرى للفاتحين و لا رواحا
إذا انفصفت أسنّتنا وصلنا
بأيدينا الأسنّة الصفاحا
إذا خرس الفصيح فقد لقينا
من النيران ألسنة فصاحا
زماجر دكّت الطّغيان دكّا
و أخرست الزلازل و الرّياحا
و تعرف هذه الحصباء منّا
دما سكبا و هامات وراحا
و أشلاء مبعثرة تمنّت
على البيد الشقائق و الأقاحا
تتيه بها الرّمال و تصطفيها
من الفردوس ريحانا و راحا
يرفّ على خمائل غوطتيها
هوى بطل على الغمرات طاحا
فألمح في السّراب منى شهيد
تخيّل في الوغى الماء القراحا
فلا حرم الشهيد بروض عدن
على بردى غبوقا و اصطباحا
***
حمى دنيا أميّة أريحيّ
متين الأسر قد فرع الرّماحا
أبو حسّان إن طغت الرزايا
تحدّى الدّهر و القدر المتاحا
أشمّ الأنف أبلج سمهريّ
كأنّ على محيّاه صباحا
تمرّس بالخطوب فما شكاها
و لولا كبره لشكا وباحا
تذكّرت الشام أخاك سعدا
و من ذكر الحبيب فلا جناحا
أرقّ النّاس عاطفة و طبعا
و أعنفهم على الطّاغي جماحا
ينافح ، لا تروّعه المنايا
فإن شتم اللئيم فلا نفاحا
إذا بكت الشام أخاك سعدا
فقد بكت المروءة و السّماحا
زحمنا النجم منه على جناح
و فيّأنا مروءته و هوى صراحا
***
جراح في سريرتك اطمأنّت
لقد أكرمت بالصبر الجراحا
كأنّ الهمّ ضيفك فهو يلقى
على القسمات بشرا و ارتياحا
و قبلك ما رأت عيني هموما
مدلّلة و أحزانا ملاحا
و قد ترد الهموم على كريم
فترجع من صباحته صباحا
و يا دنيا أميّة لا تراعي
شبابك يغمر الرحب الفساحا
طلعت على العصور هدى و خيرا
غداة طلعت غزوا و اقتتاحا
و ما نبل الصّلاح على ضعيف
فبعض الذلّ تحسبه صلاحا
و علّمت الحضارة فهي فجر
على الأكوان ينساح انسياحا
و ربّ حضارة طهّرت و طابت
و ربّ حضارة ولدت سفاحا
و علّمت المروءة فهي عطر
من الفردوس يسكرنا نفاحا
و علّمت العروبة فهي عرض
لربك لن يهان و لن يباحا
أساح المجد حسبك لن تكوني
لغير شبابك المأمول ساحا
خذي ما شئت و اقترحي علينا
كرائم هذه الدنيا اقتراحا
***
أبا حسّان رفّ كريم ودّي
على نعماك فخرا و امتداحا
بلائي ما شهدت و ليس منّا
إذ عدّدتها غررا و ضاحا
إذا زحمتني الجلّى بروع
جمعت لها الإباء فلا براحا
و لو زحمت ثبيرا حين شدّت
عليّ لضجّ غاربه و زاحا
و أوجع من مصائبها خليل
أغار على المروءة و استباحا
يكتّم بغضه حقدا و جمرا
و يسمعني حنينا و التياحا
و يزعم كيده سرّا خفيّا
لقد جهر الزّمان به افتضاحا
تنكر و هو لو كشّفت عنه
أسفّ مجانة و هوى مزاحا
و ذلّ فلا نسمّيه عداء
و هان فلا نسمّيه نطاحا
و لو شئنا جزيناه و نرضي
شمائلنا فنوسعه سماحا
***
أتنكرني الشام و في فؤادي
تلقّيت الصوارم و الرماحا
إذا نسيت على الجلّى وفائي
فقد عذروا على الغدر الملاحا
و غنّيت الشام دما و ثأرا
فلا شكوى عرفت و لا نواحا
و أكرم عهدك الميمون شعري
فقلّده جواهري الصحاحا

نــجــم
17-04-2011, 01:20 PM
حياة أسير القيد لفظ بلا معنى

أتغني و ما أجدى الحسام و لا أجدى
قواف من الأشعار تبقى و لا تفنى
أدرت على الأسماع منها سلافة
و ارضيت فيها الله و العرب و الفنّا
تحذّرني قرض القريض مهذّبا
عصابة شرّ لا تقيم له وزنا
و هدّدني بالسجن قوم سفاهة
فتى العرب الأنجاد لا يرهب السجنا
سأبعث من شعري جيادا مغيرة
عليها كماة تحسن الضرب و الطعنا
و أذري على الأطلال أطلال يعرب
مدامع حرّ تستحيل قنا لدنا
هل الشعر إلا بسمة تمنح الفتى
هناء المنى أو دمعة تبعث الحزنا
يظنّون أنّ الشعر وزن و طالما
قرأت من الأشعار ما خالف الوزنا
من الشعر – أصفى الشعر
بيت منمنم
من الشعر – أحلى الشعر – ثغر مقبّل
رشفت به السّلوى و لم أحرم المنّا
و في عين سلمى قد تلوت قصيدة
من الشعر لم تترك لضرّاتها حسنا
و للشعر آي في النهود قرأتها
و في الشفة اللمياء و المقلة الوسنى
نأيت عن الفيحاء – لا عن ملالة
وحيدا و دمعي يوم فرقتها مثنى
فللّه مغنى الغوطتين و لا سقت
على البعد إلاّ أدمعي ذلك المغنى
يقولون : عنّ الغوطتين و هل رأوا
محبّا على مثوى حبيبته غنّى
فيا جنّة الفردوس لو لم يعث بها
شياطين إنس روّعوا الإنس و الجنّا
و يا جنّة الفردوس ، لكن قطوفها
بغير أكفّ الصيد من أهلها تجنى
حننت إلى ريّاك و السيف مصلت
و قد يعذر النائي الغريب إذا حنّا
و ذكّرني ريّاك روح شممته
كأنّ شذاه من خمائلك الغنّا
فيا واردي ماء الشام رويتم
فللّه ما أصفى و لله ما أهنى
و يا ناظري غيد الشام نعمتم
فللّه ما ابهى و للّه ما أسنى
و يا عصبة في الغوطتين ، فتاهم
إذا جاد لم يتبع عطيّته منّا
أرى أنّ هذا الأمر قد جدّ جدّه
فكونوا لنا حصنا نكن لكم حصنا
و لا تثن من هذي الأعنّة قوّة
فإنّ عنان اليعربين لا يثنى
و لا تقنطوا من بارق الفوز إنّني
أرى الفوز منكم قاب قوسين أو أدنى
لقد زعم الواشون أنّي نسيتكم
شروط الهوى : أن لا تعيروهم أذنا
يريدون هذا البعد بيني و بينكم
فلا نعموا بالا و لا صحبوا يمنا
هم حجبوا عنّا نسيم حماكم
و هم نقلوا زور الحديث لكم عنّا
أسئوا بهم ظنّا و إن لان مسّهم
فوا الله ودّوا أن تسيؤا بنا ظنّا
و إنّا على جور الخطوب و عنفها
و حقّ هواكم ما غدرنا و لا خنّا
لسرّ من الأسرار لا تجهلونه
تخلّت عن اليسرى شقيقتها اليمنى
***
لئن خان عهد الغوطتين عصابة
رأوا بيعهم ربحا و ألفيته غبنا
ففي الجبل النائي لعصبة جلّق
من القوم خدن لم يحن في الهوى خدنا
أمين على عهد الشام كأنّه
يرى و هي قيس الحبّ جلّق لبنى
إذا همّ أمضى همّه غير جازع
و راح و لم يقرع لفعلته سنّا
نمته إلى أبناء جفنه فتية
ميامين لم تألف سيوفهم جفنا
إذا طرقوا باب الملوك فإنّهم
بغير العوالي السمر لم يسألوا إذنا
خذوا حذركم يا ناقمين مع العدى
على النفر الأدنين من أهلكم جبنا
خذةا حذركم يا دافني رأي قومهم
فللشمس نور لن تطيقوا له دفنا
دعونا و هذا الأمر ننهض بعبئه
فما نحن منكم لا و لا أنتم منّا
رقدتم و ما نمنا غرارا على الأذى
و دنتم لأعداء الشام و ما دنّا
إذا أغمضوا جفنا عن الشرّ رحتم
تودّون أنّ القوم لم يغمضوا جفنا
فلا تكبروا هذي البرود نواعما
و إن فوّقت ذيلا و إن وسّعت ردنا
فليست تزين المرء حلّة سيّد
إذا كان عبدا في شمائله قنّا
لأهنأ من ربّ القصور مقيّدا
طليق من الأطيار أبقوا له وكنا
***
أديري عليّ الكأس صرفا و علّلي
فتاك فقد أفنى الهوى منه ما أفنى
و غنّى على لحن الشباب فإنني
لأعشق هذا الثغر و الناي و اللّحنا
لئن أطفئت يا ميّ نيران يعرب
هوانا فإنّا سوف نضرمها إنّا
و لا بدّ من يوم أغرّ محجّل
تطير الجبال الراسيات به عهنا
يصافح فيه قائم السيف خالد
فيضرب حتّى يكسر السيف أو يحنى
و كم في بطون اليعربيّات خالد
سيرجع ظهر الأرض من خنق بطنا

نــجــم
17-04-2011, 01:20 PM
حيرة النفس

شجاها من عهودك ما شجاها
وجنّ الليل فأدركت أساها
هفت لشبابها و صبت إليه
ورقّ لها النصيح فما لحاها
و هيهات الشباب و أين منه
منى للنّفس تعثر في وجاها
كبا و ركائب الأعوام فيه
من العشرين لم تنقل خطاها
أيخذلني الشباب ضنى و سقما
أفول الشمس تغرب في ضحاها
و ما عذر الشباب كبرت فيه
و لي نفس فتيّات مناها
سقاها من سلافته كؤوسا
و حنّت للمزيد فما سقاها
يراخي بالعنان لها وريدا
فإن وثبت لغايتها ثناها
و تدعوها الفتون و هنّ سحر
فتطرق لا تلبّي من دعاها
تريد و لا يرد و كلّ نفس
يجاريها الشباب على هواها
يريها للمنى صورا ملاحا
فما همّت بها إلاّ أباها
فبا ظلّ الشباب أتتك غرثى
فكان أذى القطيعة من قراها
أطلّت هوانها فاذهب حبيبا
رعته على المغيب و ما رعاها
و ضمّ إليك عقدك و هو درّ
لأزين من سوارك معصماها
معذّبة إذا لمحت جمالا
هفت و جدا و عاودها ضناها
و تنشد حبّها الأسمى و تأوي
إذا عيي السهاد إلى كراها
فتلمح في الرؤى حسنا طريفا
و جلّ الحسن تخلقه روءاها
تبّنته فجاء يهزّ عطفا
ببردتها و يخطر في حلاها
و كدت و سحره سحر خفيّ
أرى فيه المحبّب من صباها
***
هداها الله من حيرى أضاعت
لبانتها و بارك من هداها
نسائل عن أخيها من تلاقي
و كلّ أخيّة وجدت أخاها
و أحسب أنّه أغفى كلالا
و مرّت في الظلام فما رآها
أأخت الدّوح حسبك لا تغنّي
فأخت السّرب قد فقدت طلاها
***
و يا نفسي عبدتك عن يقين
و حسبي قد عبدت بك الإلها
أحبّ الحسن في الحدق الرّواني
و في ثغر الفتاة و في لماها
و في عطف يثير هوى ملحّا
إذا رفّت عليه ذوءابتاها
و في نهدي منعّمة لعوب
و في ماء الخدود و في لظاها
و في ضحك الطفولة و هو سحر
و في مرح الصّغار و في دماها
أعانق قامة فيه و غصنا
و ألثم فيه سالفة وفاها
برئت إلى الحقيقة من غواة
تفرّ من الصباح إلى دجاها
تريد رضاك تقييدا و أسرا
و أين رضاك ربّي من رضاها
و أنكر قدرة الخلاّق روح
رأى صور الجمال و ما اشتهاها
لمن جليت بزينتها عروسا
و فيم أحبّها و لمن براها
***
عبدتك في الجمال و لا أبالي
ضلال النفس ذلك أم هداها
ففي نفسي جحيمك من سيصلى
بها لشقائه و من اصطلاها
و في نفسي السماء و فرقداها
و من سمك السماء و من رقاها
و هل من أنّة خفيت و دقّت
أسى إلاّ و في نفسي صداها
فيا لك من عمى و سلمت عينا
لو اختارت لما تركت عماها
و يا لك حيرة عرضت لموسى
فضلّ سبيل غايتها و تاها
أراد جلاءها نفر كريم
فجلّلها الغموض و ما جلاها
فتحت سريرتي صفحات نور
و قد خبر الصحيفة من تلاها
و زحزحت الحجاب عن الخفايا
و قلنا شقوة بلغت مداها

نــجــم
17-04-2011, 01:21 PM
حنين الغريب

وفاء كمزن الغوطتين كريم
و حبّ كنعماء الشام قديم
و شعر كآفاق السماء تبرّجت
شموس على أنغامه و نجوم
يلمّ (شفيق) كوكبا بعد كوكب
و نسّق منها العقد فهو نظيم
معان بألوان الجمال غنيّة
كما زفّ ألوان الطيوب نسيم
و وشي كأحلام الشباب يصوغه
أنيق بأسرار البيان عليم
سقاني سلاف الشعر حتّى ترنّحت
دموع و غنّت لوعة و كلوم
ففي كلّ بيت ريقة أو سلافة
و ريحانة شاميّة و نديم
***
تطوّحني الأسفار شرقا و مغربا
و لكنّ قلبي بالشام مقيم
و أسمع نجواها على غير رؤية
كأنّي على طور الجلال (كليم)
و ما نال من إيماني السّمع أنّني
أصلّي لها في غربتي و أصوم
و لا نال من قدري اغتراب و عسرة
يصان و يغلي الدرّ و هو يتيم
و للمجد أعباء و لكنّها منى
و للمكرمات الغاليات هموم
و خاصمني من كنت أرجو وفاءه
و للشّمس بين النيّرات خصوم
يلاقي العظيم الحقد في كلّ أمّة
فلم ينج من حقد الطّغام عظيم
و يقذى بنور العبقريّة حاسد
و يخزى بمجد العبقريّ لئيم
و تشقى على الحقد النّفوس كما انطوت
قلوب على جمر الغضا و حلوم
و لم يدر نعماء الكرى جفن حاقد
و هل قرّ عينا بالرّقاد سليم
و يزعم أنّ الحقد يبدع نعمة
و هيهات من نعمى البنين عقيم
و ما بنيت إلاّ على الحبّ أمّة
و لا عزّ إلاّ بالحنان زعيم
و لا فوق نعماء المحبّة جنّة
و لا فوق أحقاد النّفوس جحيم
هو الحبّ حتّى يكرم العدم موسر
و يأسى لأحزان الغنيّ عديم
و حتّى يريح الذّنب من حمل وزره
حنان بغفران الذّنوب زعيم
و يا ربّ قلبي ما علمت . محبّة
و عطر و وهج من سناك صميم
و آمنت حتّى لا أروم لبانة
تخالف ما تختاره و تروم
جلا نورك الدنيا لعيني وسيمة
فلم يبق حتّى في الهموم دميم
و سلّمت أمري لا من اليأس بل هوى
أصيل و إرث طاهر و أروم
فررت إلى قلبي من العقل خائفا
كما فرّ من عدوي المريض سليم
تألّه عقل أنت يا ربّ صغته
و كاد يردّ الميت و هو رميم
و ضاقت به الدنيا ففي كلّ مهجة
هواجس من كفرانه و غموم
و أبدعت هذا العقل نعمى قطافها
فنون كأطياب الهوى و علوم
ترفّ حضارات عليه وضيئة
و خير كإغداق السماء عميم
و غرّد في عدن لحورك شاعر
و غازل أسرار السماء حكيم
فما بال هذا العقل جنّ جنونه
فردّ ملاك الطّهر و هو أثيم
و زلزل منه البرّ و البحر كافر
بنعماك مرهوب الحتوف غشوم
و في كأسه عند الصّباح سلافة
و في كأسه عند المساء سموم
و يعطي المنى ما تشتهي فهو محسن
و ينهب ما أعطاه فهو غريم
تحدّاك حتّى كاد يزعم أنّه
شريك لجبّار السّماء قسيم
و حاول غزو النّيرين فردّه
عن الذروة العصماء و هو رجيم
و كفّ عنان العقل قسرا فربّما
أثير بإلحاح السّفين حليم
جلت هذه الدّنيا لعيني كنوزها
لوامع يغري برقها فأشيم
أفانين من حسن وجاه و نعمة
معادن نور كلّهنّ كريم
و وشي به الألوان حيرى كأنّها
سماء فتصحو لمحة و تغيم
و لم أتردّد و انتقيت .. و حبّها
و أحلامها ما اخترت حين تسوم
قد اختصرت دنيا بقلبي و عالم
كما اختصر العلم الشتيت رقيم
و توجز في قارورة العطر روضة
و توجز في كأس الرّحيق كروم
و أعرض إعراض الخليّ من الهوى
و بي من هواها مقعد و مقيم
و ما حيلتي إن نمّ عن نفسه الهوى
هو العطر و العطر الزكي ّ نموم
تشابهت السّمراء و الدّهر شيمة
كلا القادرين القاهرين ظلوم
و أكرمها عن كلّ لوم وأنثني
أعاتب قلبي وحده و ألوم
و لو أنّ شعري دلّل الرّيم نافرا
تلفّت يجزيني الصبابة ريم
***
تبادهني عند البحيرة دمّر
و روض على أفيائها و شميم
و ورق على شطّ البحيرة حوّم
و ورق على قلب الغريب تحوم
خيال جلا لي الشام حتّى إذا انطوى
تنازع قلبي عبرة و وجوم
و قرّبها ما شئت حتّى احتضنتها
و غابت بحار بيننا و تخوم
و حيّت من الرّوح الشاميّ نفحة
ولوع بأشتات الطّيوب لموم
و لاح صغاري كالفراخ و أمّهم
حنون كورقاء الغصون رؤوم
فراخ و إن طاروا و للريح ضجّة
و للرعد زأر في الدّجى و هزيم
فطرنا على حبّ البنين ، سجيّة
تلاقى عليها عاذر و مليم
يشبّ الفتى منهم و يبقى لرحمتي
كما كان في عينيّ و هو فطيم
و هان بنعماء الطفولة ما درى
أهادن دهر أم ألحّ خصيم
غرير يبيّن القول بل لايبينه
طفور كأطلاء الظّباء بغوم
نزعت سهام القلب لمّا خلعته
عليه و نزع المصميات أليم
و جرت على قلبي فأخفيت أنّه
مدمّى بأنواع السّهام كليم
و لولاهم ماروّضتني شكيمة
و لا لان منّي في الصّعاب شكيم
***
و هيهات منّي في البحيرة دمّر
و سجع بوادي الرّبوتين رخيم
إذا لاح لي وجه البحيرة قاتما
ألحّ عليه عاصف و غيوم
فوجه أديم الشام طلق منوّر
و وجه بحيرات السماء قسيم
تعلّلت لا أشكو سقاما و لا أذى
بلى كلّ ناء عن هواه سقيم
و يحزنني دوح البحيرة عاريا
و أوراقه الخضراء و هي هشيم
و أبسط كفّي أقطف الماء عابثا
كأنّ المويجات الصّغار جميم
و تلك الظلال الحاليات عواطل
على كلّ أيك وحشة و سهوم
تعرّت من الغيد الملاح و طالما
تغطّى بأسراب الملاح أديم
رسوم هوى ما استوقفت خطو عابر
كما استوقفت ركب الفلاة رسوم
و لا لثم الحصباء فيها متيّم
يشمّ الهوى من عطرها فيهيم
يجلّلها اللّيل البهيم و مثله
ضحى كالدّجى غمر السواد بهيم
و شمس الضحى خود كعاب يضمّها
لغيران من صيد الملوك حريم
يردّ و يجلى عن كوى الغيم وجهها
كما ردّ عن باب البخيل يتيم
و يشكو الضحى من هجرها متوجّعا
و يوحشه هجرانها و يضيم
تأبّت على جهد الضحى فكأنّها
من الغيد مكسال الدلال نؤوم
و ضمّ الظلام السكب ظلاّ لجاره
كأنّ الظلال المغفيات جسوم
***
يطارحني دوح البحيرة شجوه
كلانا معنّى بالزّمان هضيم
و أشكو له البلوى و يشكو كأنّنا
حميم يساقيه العزاء حميم
أتشكو و لكن عندك الريح و الدجى
و للجنّ من شتّى الظلال نجوم
و عندك آلاف الطّيوف حوائم
روان لأسرار البحيرة هيم
تلملم أسرار البحيرة شرّدا
و يفتنها سكب الشذا فتريم
هنا كلّ أسرار البحيرة و الرؤى
طوافر في دنيا الخفاء تهيم
هنا عرس الأطياف يفترش الدّجى
و يقعد في أحضانه و يقوم
خفاء يضجّ الصمت فيه و بلبل
تحدّى ضجيج الصمت فهو نغوم
و لفّ الخفاء الحسن حتّى شكى الهوى
و غار حرير مترف و رقوم
فدع لومه إن لم يلح لك سحره
خيالك لا سحر الخفاء ملوم
هنا ألف الأطيار و الناس رحمة
فللطير أنس فيهم و لزوم
إذا انبسطت راح فللطير فوقها
حنين إلى سمح القرى و جثوم
فيا خجلة الصحراء لم ينج جؤذر
و لا قرّ عينا بالأمان ظليم
و لم تهن بالعشّ البعيد حمامة
فصيّادها صعب المراس عزوم
شكا الطّير من ظلم الأناسيّ و اشتكت
ظباء و عشب في الفلاة نجيم
فبا ربّ لا أقوى من الطّير عشّه
و لا راع أسراب الظباء غريم
و لا أوحشت رمل الفلاة جاذر
و ورد يندّي حرّها و فغوم
و كلّ غمام مرّ في الرّمل ديمة
و كلّ كنّاس للظباء مديم
رمال كبرد عاطل الوشي حاكه
صناع معنّى بالبرود سؤوم
فزوّقه بالوشي غاد ورائح
و عدو جياد ضمّر و رسيم
و يا ربّ في الإنسان و الطير احتمى
بغيرك مقصوص الجناح ظليم
و صن كلّ زرع أن ينازع خصبه
هجير و ريح – لا ترقّ – حطوم
سنابل وفّت للطيور زكاتها
فحنّت إليها جنّة و نعيم
و يا ربّ تدري الشام أنّي أحبّها
و أفنى و حبّي للشام يدوم
و لي في ثراها من لداتي أعزّة
حماة إذا استخذى الشجاع قروم
تهاووا تباعا واحدا بعد واحد
عليه انفراط العقد و هو نظيم
تساقوا مناياهم ضحى العمر و انطوى
شبابهم الريّان و هو تميم
و أسرف في الذكرى لأنزح نبعها
و لكنّ نبع الذكريات جموم
إذا قلت غاضت بعد لأيّ تدفّقت
و للموج فيها كرّة و هجوم
و تسدل أحيانا شفيف لثامها
كما لثم الفجر الضحوك سديم
و في كلّ أيك لي على الشام منسك
و في كلّ دوح زمزم وحطيم
و كلّ مقام فيك حتى على الأذى
حميد و كلّ النأي عنك ذميم
حوالي الصبا إن لم تدرك عواطل
و ريح الصّبا ما لم تزرك سموم
و يا ربّ إن سبّحت و الشام قبلتي
فأنت غفور للذنوب رحيم
تهلّل عفو الله للذنب عندما
أطلّ عليه الذنب و هو وسيم

نــجــم
17-04-2011, 01:21 PM
خمرة الأحزان

لا الحقد خمرة أحزاني و لا الحسد
من جوهر الله صيغ الشاعر الغرد
سقيت أحزان قلبي من غقيدته
فأسكر الحزن ما أغلي و أعتقد
و الهمّ يعرف كيف اختاره كبدي
و كيف تكرم جمر اللوعة الكبد
نعم العطاء و حسبي أنّها انغمست
تمزّق العطر من جرحي يد و يد
يا من ألحّ على قلبي يقطّعه
ألحّ منه عليك الخمر و الشهد
دام و يعبق صهباء و غالية
سجيّة في الأراك العطر و الملد
عندي الوسيم من الغفران أسكبه
عطرا على كلّ من آذوا و من حقدوا
أكبرت عن أدمعي من كان مضطهدا
و رحت أبكي لمن يطغى و يضطهد
الحاصدون من الدنيا شماتتها
لولا الذي زرعوا بالأمس ما حصدوا
ظمئت و الشمس من كبر و من أنف
و رحت و الشمس لا نعنو و لا نرد
أعلّها من فؤادي بعض لوعته
فرنّح الشمس ما أشكو و ما أجد
للشعر و الشمس هذا الكون لا عدد
يطغى على النّور في الدنيا و لا عدد
لقد حلفنا على الجلّى و زحمتها
أن لا يفارقنا عزّ و لا صيد
قرى الخطوب إذا ضجّت زعازعها
صبر الكريم على البأساء و الجلد
و ضاق قوم بأشعاري و موكبها
في موكب الشمس يخزى الحقد و الرمد
***
يؤنّق الظلم من أعذاره نفرا
كأنّهم من هوان الذلّ ما وجدوا
الشّاتمين من الأعراض ما مدحوا
و الثالبين من الطغيان ما حمدوا
البائعين لدى الجلّى و ليّهم
و الرائجين و لولا ذلّهم كسدوا
إذا المغانم لاحت و هي آمنة
هبّوا فإن حميت نار الوغى همدوا
إذا تبلّج فجر النّصر بعد دجى
و قرّ بعض الضراب الصارم الفرد
طوى الشجاع على صمت بطولته
و جرجرت ناقة و استأسدت نقد
سكبت في الكأس أشجاني فتلك يدي
من عبء ما حملته الكأس ترتعد
أين الذوائب من قومي و ما اقتحموا
من الفتوح و ما حلّوا و ما عقدوا
أفدي القبور الني طاف الرجاء بها
يا للقبور غدت ترجى و تفتقد
و لي قبور على الصحراء موحشة
فلا تزار و لا يدري بها أحد
الحاليات و لا ماء و لا زهر
و الثاكلات و لا ثأر و لا قود
طوت جفون الردى بيضا غطارفة
لو أنّهم ما وجدوا شمس الضحى مجدوا
لم أعرف الحقد إلاّ في مصارعهم
و لم أجز قبلها أعذار من حقدوا
تلك القبور و قلبي لا يضيق بها
ضاقت بزحمتها الأغوار و النجد
مصارع الصيد من قومي فكلّ ثرى
بدر و كلّ أديم موحش أحد
لو كان يعلم سعد الله ما ابتدعت
بي الخطوب تنزّى الفارس النجد
و لو درى هاشم حزني لدلّلني
و ردّ عني العوادي الصيغم الحرد
أحبّتي الصيد شلّ الموت سرحهم
و قد حننت إلى الورد الذي وردوا
السّالكون من العلياء أخشنها
و القاحمون و غير الشمس قصدوا
أكذّب الموت فيهم حرمة و هوى
و للأماني طريق هيّن جدد
لعلّهم من عناء الفتح قد نزلوا
عن الصّوافن فوق الرّمل و اتّسدوا
لعلّها غفوة الواني فإن رويت
جفونهم من لبانات الكرى نهدوا
ترفّقي يا خطوب الدّهر و اتّئدي
لا تجفلي النّوم في أجفان من سهدوا
و حاذري أن تثيري من مواجدهم
لم يصرعوا بالرّدى لكنّهم رقدوا
يصونهم من حتوف النّاس مجدهم
كأنّهم من جلال المجد ما فقدوا
طال انتظار المذاكي في مرابطها
ألا يرقّ لها فرسانها النجد
***
يا شاعرا زحم الدنيا بمنكبه
كالسيل يهدأ حينا ثمّ يطّرد
تراقصت في لهيب من فريحته
ثلوج لبنان و الأمواج و الزبد
حلو الشمائل لم يجهد بشاشتها
عبئ السنين و لا أزرى بها الكمد
عرار نجد شميم من سلافته
و الحور و الدعج المخمور و الغيد
و للهوى ألف قصر في جوانحه
و كلّ قصر له من عبقر رصد
و في العقيق على الوادي و ضفّته
حنت و حنّت قواف كالضحى شرد
فمن نسيب كما ناحت مطوّقة
و الفجر يسرع و الظلماء تتّئد
ألمسكر القدّ حتّى كلّه هبف
و المسكر الريق حتّى كلّه برد
على نهود العذارى من فرائده
عطر و في الجيد من أغزاله جيد
و من حماس إذا ريعت عرينته
كما زمجر دون الغابة الأسد
من كلّ مبرقة بالحقّ مرعدة
كالموج في العاصف المجنون يحتشد
يجلجل الهول فيها فالظبى مزق
من الحديد المدمّى و القناقصد
و الصّافنات و قد ضجّت سناكبها
و ضجّ فوق الجياد الضمّر الزرد
***
أبا الكوكب من شعر و من ولد
تقاسم النّور منك الشعر و الولد
فمن قواف على أنغامها عبق
و من قواف على غرّاتها رأد
بيني و بينك عهد الأوفياء فهل
أدّى المحبّون للأحباب ما وعدوا
عهد على إهدن الخضراء .. نبعتها
و الشعر و البدر حفّاظ لما شهدوا
بتنا صفّيين لم نسلف قديم هوى
بشاشة النور تغري كلّ من يرد
أبا الكواكب عهدي أنت تعرفه
لا ينطوي العهد حتّى ينطوي الأبد
***
من شاعر رنّح الدنيا فما ازدحمت
إلاّ به و له الأخبار و البرد
غضون وجه .. سطور خطفها قلم
لاه فيسرف أحيانا و يقتصد
و قامة تحمل التسعين لا وهن
فيها على الرحلة الكبرى و لا أود
و للعيون بريق كاد يحسده
زهو الشباب و أبراد الصبا الجدد
و العبقريّ شباب عمره و هوى
و جذوة في زوايا قلبه ودد
تلك الطيوف كنوز من رؤى و منى
ألروح مثرية و المملق الجسد
لبنان يا حلم الفردوس أبدعه
على غرار ذراك الواحد الصمد
و زاهدين بحسن أنت غرّته
لو آمنوا بجمال الله ما زهدوا
حسن أتمّ على لبنان نعمته
محسّد و تمام النعمة الحسد
يا جنّة الفكر يسمو كبف شاء و لا
أفق يحدّ و لا شأو و لا أحد
يا مكرم النجم في معسول غربته
لكلّ نجم ذراك الأهل و البلد
كأنّما الشمّ من لبنان في سفر
البدر يقرب و الغبراء تبتعد
أرائك لنجيمات مدلّلة
ينازع النوم في أجفانها السهد
كأنّها من ملوك الجنّ قد سحروا
و هم قيام فما همّوا و لا قعدوا
كأنّها هجّد طال الوقوف بهم
حتّى انجلى للقلوب الواحد الأحد
كأنّهم من جلال الله قد شدهوا
عند اللقاء فما خرّوا و لا سجدوا
ألحسن منسجم فيه و مختلف
و الحسن مجتمع فيه و منفرد
جرى سنى البدر ماء في خمائله
فرحت بالموجة الزهراء أبترد
***
صانت مسوحكم الفصحى و كان لها
منكم بمحنتها الأركان و العمد
قرّت بأديرة الرّهبان يغمرها
شوق البنين و حبّ مترف رغد
الزاحمون بها الدنيا إذا انتهبوا
و الزاحمون بها الأخرى إذا هجدوا
ألمنزلوها على أندى سرائرهم
كأنّها عطر ما صلّوا و ما عبدوا
لم يخذلوا لغة القرآن أمّهم
و كيف يخذل قربى كفّه العضد
و للأذان و للنّاقوس من قدم
عهد على الحبّ و الغفران ينعقد
تعانقت مريم فيه و آمنة
و حنّ للرشد الإيمان و الرشد
أبا الكواكب في الخلد مكرمة
أو نعمة كنت ترجوها و تفتقد
تنحّت الحوار إجلالا لشاعرها
و استقبلتك عذارى شعرك الخرد
من كلّ سمراء معسول مراشفها
و لا تلوّح بالسقيا و لا تعد
لا تخطئ العين أنّ الأرز منبتها
و أنّ والدها قحطان أو أدد
و نسمة من صبا لبنان أوفدها
لك الأحبّة و الأنباء و الحفد
هل في ربى الخلد ما ينسيك أرزته
و النور و الحسن في أفيائها بدد
أحقّ بالشوق للأوطان من نزحوا
و بالحنين لريّاها من ابتعدوا
يزيدها ألف حسن بعد فرقتها
قلب و يفتنّ في تلوينها خلد
هل جنّة الله عن لبنان مغنية
أستغفر الله لا كفر و لا فند
***
حملت من بردى للأرز مرقصة
فيها الصّبابة و الأشواق تحتشد
عروبة الشام يا لبنان صافية
سمحاء كالنّور لا مكر و لا عقد
تنزّه الحبّ عن منّ و عن نكد
و قد ينغّص حسن النعمة النكد
نحن المحبّين نهواكم و نؤثركم
هل كان من دلّلوا بالقربى كمن و أدوا
نحن الظماء و نسقي الحبّ أرزكم
ألحبّ في الشام لا نزر و لا ثمد
***

نــجــم
17-04-2011, 01:21 PM
خلع الحياة على البلى

لا الأمس يسلبك الخلود و لا الغد
هيهات أنت على الزمان مخلّد
تتجدّد الدّنيا و قلبك وحده
دنيا تعيد شبابها و تجدّد
لك من خيالك عالم متناسق
بهج تعاود خلقه و تدوّد
أمّا البسيطة فهي فيه خميلة
ولع الرّبيع بها و رحت تغرّد
و سكبت في الأنغام قلبك دمعة
لا كالدّموع و رحمة تتنهّد
خلع الحياة على البلى فكأنّه
للبعث من قبل الأوان يمهّد
قيس و ليلى بعد طول كراهمت
ثغر يرفّ ووجنو تتورّد
بعثا كعهدهما القديم فمن رأى
تلك العيون يرفّ فيها الإثمد
في كلّ قلفية حياة تجتلى
و منى تضوع و زفرة تتردّد
صور الجزيرة ما جلوت من العلى
و الحسن لا ما أوّلته الحسّد
الحبّ و الخيم المنيفة و القرى
و لبانة عند الغدير و موعد
و سكينة الصحراء إلاّ هازجا
مرحا يعيد حداءه و يردّد
***
يا شاعر الدّنيا لقد أسكرتها
ماذا تغنّيها و ماذا تنشد
خفّت بزينتها إليك مشوقة
سكرى تعبّ كؤوسها و تعربد
و جلت على الشعراء قبلك حسنها
لكن أراك شهدت ما لم يشهدوا
الزاهدين بها ولو كشفت لهم
سرّ الحياة المجتلى لم يزهدوا
نظروا إلى خير الوجود و حسنه
شزرا كما نظر الضياء الأرمد
أطريت فتنتها فدع في غيّه
من راح يعذل حسنها و يفنّد
العبقريّة شعلة من نارها
حمراء ناضرة اللّظى تتوقّد
و الشّعر و النّغم الشجيّ و رحمة
تسع الوجود و نقمة تتوعّد
***
يا فتنة الدنيا يذمّك معشر
و الحقّ كلّ الحقّ في أن يحمدوا
ألهب نبوغك في الحياة و حبّها
و أنا الضمين بأنّه لا يخمد
الكنز بين يديك فانثر درّه
إنّي أراه يزيد حين يبدّد
ظلم الجمال أبا عليّ من رأى
أنّ الجمال غواية تتودّد
و سموت في صور النعيم تعدّها
من نعمة الله التي لا تجحد
الحقّ و الإبداع من نفحاتها
و الهير من أسمائها و السؤدد
حبّ الجمال عبادة مقبولة
و الله يلمح في الجمال و يعبد
***
يا شاعر الدّنيا نديّك حافل
و الجمع مصغ و المواكب حشّد
ينتظرون السّحر من جبّاره
هيهات دون السّحر باب موصد
يشكى إليك و أنت رهن منيّة
و تزار في عنت الخطوب و تقصد
و لقد يرجّى السيف و هو ملثّم
و لقد يهاب اللّيث و هو مصفّد
فاذهب كما ذهب الرّبيع على الرّبى
منه يد و على القلوب له يد
و لك الإمارة في البيان يقرّها
أمس الزّمان و لا يضيق بها الغد
***

نــجــم
17-04-2011, 01:21 PM
خالقه

من نعمياتك لي ألف منوّعة
و كلّ واحدة دنيا من النور
رفعتني بجناحي قدرة و هوى
لعالم من رؤى عينيك مسحور
تعبّ من حسنه عيني فإن سكرت
أغفت على سندسيّ من أساطير
أخادع النّوم إشفاقا على حلم
حان على الشفة اللمياء مخمور
وزار طيفك أجفاني فعطّرها
يا للطيوف الغريرات المعاطير
طيوبها في زيارات الرؤى نزلت
من مقلتيّ على أصفى القوارير
كأنّ همسك في ريّاه وشوشة
دار النسيم بها بين الأزاهير
تندى البراءة فيه فهو منسكب
من لغو طفل و من تغريد عصفور
رشفت صوتك في قلبي معتّقة
لم تعتصر و ضياء غير منظور
لو كنت في جنّة الفردوس واحدة
من حورها لتجلىّ الله للحور
خلقتني من صبابات مدلهة
ظمأى الحنين إلى دلّ و تغرير
فكيف اغفلت قلبي من تجلّده
لمّا تولّيت أبداعي و تصويري ؟
و كيف تشكين من حبّي غوايته
و أنت كوّنت تفكيري و تعبيري
و هل تريدين روحي هدأة و ونى
فكيف أنشأت روحي من أعاصير ؟
ألفت نفسي على ما صغت جوهرها
يا غربتي عند تحويري و تغييري !
***
كبّرت للطلعة النشوى أسبّحها
أكان لله أم للحسن تكبيري
يا طفلة الروح : حبّات القلوب فدى
ذنب لحسنك عند الله مغفور
آثامك الخفرات البيض لو جليت
لطور موسى لندّت ذروة الطور
كأنّها أقحوانات منضّرة
بمخضب عبق الريحان ممطرة
يا نجمة تختفي حينا و تشرق لي
حينا أفانين تعريف و تنكير
لقد هجرت أخاك الفجر و انتبهت
شمس الصباح على أنّات مهجور
من موطن النّور هذا الحسن أعرفه
حلو الشمائل قدسيّ الأسارير
ففي السماء على مطلول زرقتها
أرى مساحب ذيل منك مجرور
***
لا تجزعي من مقادير مخبّأة
حنا يدلّلنا ظلم المقادير
عندي كنوز حنان لا نفاد لها
أنهبتها كلّ مظلوم و مقهور
أعطي بذلّة محروم فوا لهفي
لسائل يغدق النعماء منهور
جواهري في العبير السكب مغفية
من الونى بعد تغليس و تهجير
تاهت عن العنق الهاني فأرشدها
إلى سناه حنين النور للنور

نــجــم
17-04-2011, 01:22 PM
دمعة على الشام

حيّ الرئيس إذا نزلت بساحه
رحبا تهلّل للوفود فساحا
و اقرأ له شعري ترنّح عطفه
غرر البيان وجوّد الأمداحا
و اهتف إذا هدأ النديّ و لم تجد
إلاّ الأحبّة فيه و النصّاحا
يا شارب الماء القراح : بجلّق
لم يشربوا إلاّ الدّموع قراحا
عرس الشام طغى عليه ظالم
فطوى البساط و حطّم الأقداحا
نكث العهود و راح يحمل غدرة
بلقاء فاجرة اليمين و قاحا
***
قل للرّئيس تحيّة من شاعر
لم يقو بالبلوى فضجّ و باحا
جليت له الدنيا و زوّق حسنها
فزوى بحرّ جبينه و أشاحا
كتم الأباة دموعهم و أذعتها
حرقا مجلجلة البيان فصاحا
و لأهتفنّ بها فأسمع فيصلا
و أحرّك المنصور و السفّاحا
و أعزّ من عبد الإله بغضبة
لحمى أميّة بالشام مباحا
***
أمّا لداتك بالشام فإنّهم
حملوا الإباء سلاسلا و جراحا
نزلوا السجون فعطّروا ظلماتها
أنفا و عزّا كالضحى و جماحا
يا نازلين على السجون فأصبحت
بهم أعزّ حمى و أكرم ساحا
الله يعلم ما ذكرت عهودكم
إلا انفجرت تفجّعا و نواحا
و إذا ذكرتكم شربت مدامعي
فكأنّني ثمل أعبّ الراحا
إنّي ليحملني الخيال إليكم
فأجوب فيه سباسبا و بطاحا
و أخال أنّ البدر يحمل منكم
نبأ إليّ إذا أطلّ و لاحا
و أراكم و أكاد أسمع ضجّة
للديدبان و غدوة و رواحا
حسّ أشارككم به آلامكم
و أكاد أحمل عنكم الأتراحا
شيخ العروبة في القيود إباؤه
يخفي السنين و عبئها الفضّاحا
عنف الطغاة به و يسخر كبره
بالشامتين طلاقة و مراحا
حمل القضية و السنين فياله
من منكب زحم الردى و أزاحا
و إذا ذكرت أبا رياض عادني
شجن الغريب طغى هواه فناحا
الذائد الحامي كأنّ بيانه
أي السماء تنزّلت ألواحا
يا راكب الوجناء أخمل عهدها
إبلا ظماء في الفلاة طلاحا
مرّت كلامعة البروق فهجّنت
غرر العراب الشقر و الأوضاحا
لا تعد عند اللاّذقيّة شاطئا
غزلا كضاحكة الصّبا ممراحا
نديان من أشر الصّبا و جنونه
طلق الفتون مجانة و مزاحا
بالله إن كحلت جفونك موجه
ضمّ الشراع و قبّل الملاّحا
و اسرق من الكنز المقدّس مغربا
حلو الأصيل و مشرقا لمّاحا
و انزل على خير الأبوّة رحمة
تسع الحياة و عفّة و صلاحا
يشكو السقام فإن هتفت أمامه
باسمي تهلّل وجهه و ارتاحا
و أطل حديثك يستعده تعلّلا
بالذكر لا لتزيده إيضاحا
و إذا ألحّ فللحنان عذوبة
في مقلتيه تحبّب الإلحاحا
و الثم أحبّتي الصغار و رفّها
غررا نواعم كالورود صباحا
و احمل لإخوان الجهاد تحيّة
كالروض رفّ عباهرا و أقاحا
و إذا نزلت ببانياس فحيّها
عنّي و ضمّ عبيرها الفوّاحا
و اسكب على قبر هناك معطّر
بالذكريات فؤادك الملتاحا
و أنا الوفيّ و إن نزحت و ربّما
لجّ الحنين فأتلف النزّاحا
إنّ الفراخ على نعومة ريشها
ريعت ففارق سربها الأوداحا
***
فتّ العدوّ بمهجتي و تركتهم
حنقا عليّ يقلّبون الرّاحا
عزم فجأت به العدى لم أستشر
نجما عليه و لا أجلت قداحا
مالي أكافح بالبيان و إنّه
جهد المقلّ عزيمة و كفاحا
و من الغضاضة أنّني أرضى به
بعد الظماء المرهفات سلاحا
فلئن سلمت لأهتفنّ بغارة
شعواء أحكمها ظبى و رماحا
و لأشهدنّ بكل فجّ معقلا
للظلم زعزعه القضاء فطاحا
***
خلّوا جناحا في العراق لنسره
و تخوّفوه في الشام جناحا
و لو أنّهم خلّوا عنان جناحه
لغدا به بين النّجوم و راحا
***
أمّا اللواء فللعراق و ربّما
زحم الكواكب نجدة و طماحا
آسي الجراح الداميات حنانه
و هفا ورقّ طلاقة و سماحا
النازلون على العراق تفيّأوا
ظلّ العراق معطّرا نفّاحا
الله أطلع في مخائل فيصل
عند الخطوب الزّاحفات صباحا

نــجــم
17-04-2011, 01:22 PM
دمعة على الشاعر عبد الحميد الرافعي

لا تعيدي ألحانه لا تعيدي
جلّ ذاك الهوى عن التقليد
نعم البلبل الأسير فقد عاد
إلى أفقه الفسيح المديد
شاعر لا يحدّه الكون ملّت
نفسه ضيق عالم محدود
و رأت جسمه على كرم العنصر
سجّان كنزها المرصود
فهي تقسو عليه ، تمعن في الهدم
و تأسى لركنه المهدود
فإذا هدّها الصراع اطمأنّت
و نجت في خيالها المصفود
لم يكن موته فراقا و لكن
هذه أوبة الخيال البعيد
عاد للفن ذلك النغم العذب
و آبت حنّانة التغريد
و انطوى في شذى الرّبيع و قد
ضمّ فنون العبير عطر الورد
قوّة من هوى و سحر رمتها
ربّة الشعر في يدي (كوبيد)
كلّما آذن الفناء تنادت
بوجود يطلّ خلف وجود
ملهم الشعر من هوى كلّ نفس
و لبنات كلّ قلب عميد :
يتمت بعدك القوافي و ضجّت
باكيات بيومك المشهود
بعض نجواك للمشيب و إن
نزّهت نجواك عن أذى و حقود
يجمع الدّهر من غدائر بيض
حين يسطو و من غدائر سود
و لعلّ الردى أحنّ على الشعر
و أحنى على الصّريع الشهيد
***
رزئ الشعر فيك عبد الحميد
عبقري القديم عذب الجديد
غزل يسكر النفوس و يدني
ما نأى من خيالها المنشود
و أغان تعيد حبّا و عطرا
ما روته العصور عن داوود
فترشّف منهنّ خمر ثغور
و تنشّق فيهنّ عطر خدود
من قواف كأنّها بسمات
حاليات على شفاه اللغيد
قيّدت بالرويّ بعد انطلاق
نزوات الحنين و التّغريد
كلّما ردّد المغنّون رقّت
و هفا السامعون للترديد
و أطلّت منها فتون ثغور
و لبانات أعين و نهود
و جراحات كلّ قلب ظمئ
و ابتسامات كلّ ثغر برود
و المنى العاريات ألهبها
الشوق فجنّت و لوّحت بالبرود
و حنت تنشد الخلود ليغفو
بين أحضانها إله الخلود
عمر في القصيد من آل نعم
و سليمان قبله في النشيد
و المحبّون بسمة عند ثغر
يتملّى و معصم عند جيد
طال عهدي بالشعر إلاّ لماما
زورة الطيف بعد طول الصدود
و أنا شاعر الشباب و عندي
ما يشاؤون من منى و قصيد
لم أخن عهدهم فحبّي على ما
ألفوه و ذمّتي و عهودي
و الميامين آل جفنة و التّاج
عليهم أبوّتي و جدودي
لا تغرّنك ضحكة من حزين
ضحكات البروق سرّ الرّعود
***
حبّذا عهدنا على الغوطة الخضراء
و الحسن دائم التجديد
و ليال لنا على الرّبوة المئناف
سكرى نعيمها الموعود
نتهادى على عيون الأقاحي
و نعفو على شفاه الورود
أنشد الشعر و الشباب سكارى
من معيد منهم و من مستزيد
لا أبالي و قد قسوت على الظالم
عسف الدجى و عضّ الحديد
و لئن نالني الشباب بلوم
فبنعمى الشباب أورق عودي

نــجــم
17-04-2011, 01:22 PM
دموع و دموع

غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
أنت أولى بالهوى و الشّعر منّي
لك سحر مثل سحري عجب
أترى عندك حزنا مثل حزني
فترنّم بأناشيد الهوى
ناعما ما شئت من غصن لغصن
و تعلّم كيف يبكي شاعر
ضاع ما بين صدود و تجنّ
إنّما الدنيا و في أمثالها
عبر الدنيا و أصداء التمنّي
غارة لم أهيّب جمرها
فنبا سيفي و لم يسلم مجنّي
ربّ دهياء أناخت بالحمى
-غاب حاميه – و خطب مرجحنّ
بين سمع و عيان ، ليتني
لا ترى عيني و لا تسمع أذني
ما على لحني و قد أرسلته
يلهب الدنيا على الغاضب لحني
فإذا لم أستثرها همما
لا ورى زندي و لا ظلّل ركني
***
غنّ يا بلبل فوق الدوح غنّ
أنت أولى بالهوى و الشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ
أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
***
تاج هارون خبا لألاؤه
فبكت دجلة حزنا و الفرات
وذرى الزّهراء خرّت بعدما
طاولت زهر النجوم النيّرات
وبنو مروان ولّوا وانطووا
و تخلّوا عن متون الصافنات
قل لجيش الروم ماذا تتّقي
طاح ريب الدهر غدرا بالغزاة
لا بنو العبّاس في زخم الوغى
لا ولا أبناء حمدان الأباة
عقلت بين خيام المنحنى
و الفراتين عتاق السابقات
و هي الأسياف في أغمادها
صدئت يا ويلتي للمرهفات !
***
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
أنت أولى بالهوى والشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ
أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
***
قف على اليرموك و اخشع باكيا
و تيمّم من صعيد القادسيّة
تربة طيبة طاهرة
و قبور من حيا الدمع رويّه
ها هنا مثوى الصناديد الألى
قد لووا قسرا عنان الجاهليّة
دوّخوا الروم وثلّوا عرشها
وطووا حمر البنود الفارسيّة
و قضوا الأحجار والثمه ثرى
طاهرا واعقر على القبر المطيّة
يا قبورا محيت واندثرت
أنت نبراس الهدى والوطنيّة
لك من دمعي إذا ضنّ الحيا
ديمة تبكي ووطفاء روّيه
***
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
أنت أولى بالهوى والشّعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ
أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
***
قد رأوا ليلاي تذري دمعها
كرّم الله الدموع الطاهره
حرس الله جفونا عطّرت
بالندى تلك الخدود الناضره
كفكفي دمعك لا يشهده
ناظر حتى النجوم الزاهره
إنّ لي يا ابنة ودّي همّة
تخضد الخطب ونفسا ثائره
وأراني في غد مقتحما
مستظلا بالسيوف الباتره
ملقيا نفسي في غمرتها
كيفما دارت هناك الدائره
فإذا متّ غريبا نائيا
و أنا في التسع بعد العاشره
أذكريني واحفطي عهد الهوى
واندبي شؤم الجدود العاثره
لست تالله محبّا غادرا
لا تكوني بعد موتي غادره
***
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
أنت أولى بالهوى والشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ
أيهّا الطير دروس الهمّ عني

نــجــم
17-04-2011, 01:22 PM
سيذكرني

سيذكرني بعد الفراق أحبّتي
و يبقى من المرء الأحاديث و الذكر
ورود الرّبى بعد الرّبيع بعيدة
و يدنيك منه قواريره العطر

نــجــم
17-04-2011, 01:22 PM
سكب المروءات

لي أخ سكب المرؤات إذا الداعي دعاه
اريحيّ اليد و الفكر ، و للفكر نداه
ما حاكاه الهندوانيّ و لا أغنى غناه
أكرم الودّ تفيأنا على الجلىّ حماه
صاغه الخير من الخير لبابا و اصطفاه
معرق الأمجاد و الأنساب ، طابت نبعتاه
فاذا عدّت أساطين النّهى فاذكر أخاه
و إذا الميدان جلّى الشوط كان ابن جلاه
ضاحك ما شئت تخفي عزّة الكبر أساه
عبقريّ القلب و العقل ترشّفنا سناه

نــجــم
17-04-2011, 01:23 PM
شعاع العيون

حدّثيني عن الهوى حدّثيني
و أثيري كوامن الأشجان
عن ليالي نعمان جادت دموعي
ما جفاه الرباب من نعمان
عن كؤوس الصبا تدار علينا
و الندامى نواعس الأجفان
يا سليمى : و في الأحاديث سلوى
حدّثيني عمّا مضى حدّثيني
***
ذبلت هذه الخميلة حزنا
و سقاها من الردى ساقيها
كيف تذوي غصونها ظامئات
و أنا من مدامعي أرويها
هي في حاجة لعطف فتاة
فاذرفي دمعة الأسى تحييها
لا تضنّي بالدمع يوما عليها
من شروط الوفاء أن تبكيها
واذرفيه شعرا و طيبا و خمرا
إنّ فيه الدمع راحة للحزين
قد جفاها النسيم منذ ليال
آه ممّا جنى عليها النسيم
ضنّ في لحنه الرقيق عليها
بعد جود و قد يضنّ الكريم
فاحملي الناي و اتبعيني إليها
فمن البرّ أن يواسي الكليم
أسمعيها صوت الملائك يرجع
زهوها صوتك النديّ الرخيم
و اعيدي لحن الربيع ففيه
ماتمنّته من هوى و حنين
***
ذرفت دمعها سليمى فأحيت
ذابلات الغصون و الأوراق
و تغنّت ألحانها فأثارت
كامنات الشجون و الأشواق
زيّنت عاطل الخميلة جودا
بلال تجري من الآماق
و أعادت عهد الرّبيع إليها
مذ سقتها بالمدمع الرقراق
و حبتها من عطرها نفحات
تسكر الطير و عي فوق الغصون
عاطفات الحنان في صدر سلمى
كرّم الله هذه العاطفات
أيّ شعر لم يستكن للقوافي
مرقص في ألحانها المسكرات
ما أشدّ الظلام لولا شعاع
يرسل النور في عيون الفتاة
يا شعاع العيون وطفاء نجلا
أنت في ظلمة الأسى تهديني
***
يا شعاع العيون فيك قرأنا
سرّ هذي الحياة وهو دقيق
نعمة الله أنت في الكون لولاك
لعمّ الوجود حزن و ضيق
في ليالي الهموم ترسل نورا
بدعة العطر و الهوى فنفيق
خالق الكون قد براك عزاء
ليداوي آلامه المخلوق
ما عشقنا الحياة وهي شقاء
الناس لولاك يا شعاع العيون
دمعة من عيون هيفاء خود
تخلق العطف في قلوب القساة
بسمة في الحياة من شفتيها
تبعث النور في ظلام الحياة
لمسة من بنانها وهو رخص
برد تلك الجوانح الظامئات
نفحة من نهودها سرّ ما
ننشق بين الربى من النفحات
هي سرّ الحياة ، انشودة الله
شفاء الداء العصيّ الكمين
***
أنا أهوى بلا رجاء وما
حال محبّ يهوى بغير رجاء
بائس يا ابنة الصباح شقيّ
كفكفي من مدامع البؤساء
و ارحميني ففي غد يهب الله
ضياء لأوجه الرحماء
وهبيني خميلة جدت ما
جدت عليها بالنور و الأنداء
أنا أشقى منها و أظمأ روحا
أسعديني فالعدل أن تسعديني
***
ذا اعترافي أمام كاهنة الحبّ
فهل يغفر الخطايا اعترافي
لإله الهوى صلاتي و نسكي
و حوالي بيت الغرام طوافي
هيكل الحبّ طاف فيه جدودي
و جثت حول ركنه أسلافي
أنا راض بنظرة أو بوعد
منك للعلة الكمينة شافي
فعديني و لا تبرّي فحسبي
من نعيم الحياة أن تعديني

نــجــم
17-04-2011, 01:23 PM
شقراء

هدهد همومك عندي
على حيائي و صدّي
حور النعيم تمنّت
نعمى هواي و وجدي
هل عندهنّ رحيقي
و هل لديهنّ شهدي
يا ساكب الشعر خمرا
من شعر ربّك خدّي
و من معانيه عطري
و من قوافيه وردي
تأنّق الله دهرا
يعيد فيّ و يبدي
حتّى جلاني شعرا
يا حسرة الشعر بعدي!
خياله السمح نديّ
ثغري و نمنم عقدي
و قلبه كان كأسي
و جفنه كان مهدي
و الأنجم الزهر حولي
دمى للهوى و عدّي
فغارت الحور منّي
و كلّ زهو و مجد
و هبّ في روض عدن
عليّ عاصف حقد
فكان لله حكم
لشقوتي بل لسعدي
و اختار بعدي عنه
و راح يبكي لبعدي
***
دنياي أحلى و أغلى
من ألف جنّة خلد
أنّا الربيع المندّى
قارورة العطر نهدي
يهيم حسني بحسني
و يجتلي و يفدّي
و جنّ ثغري بريقي
و حنّ جيدي لزندي
و كلّ وشي حرير
يودّ لو لفّ قدّي
و كلّ عطر تشتهي
أن أسفح العطر وحدي
شقراء تحلم شمس الـ
ـضحى بخدّي و بردي
رفّت خصيلات شعري
بأشقر النور جعد
سكران تيه و دلّ ....
مخمور وهج و وقد
يا شاكيا زور و عدي
أحلى من الوصل و عدي
هيامنا يا حبيبي
أريد حلما لسهدي
كلّ المحبّين ملكي
و أنت وحدك نديّ
و كبرياء جمالي
تريد منك التحدّي
***
شقراء يا لون حسن
محبّب مستبد
و يا جمالا غريبا
على ظباء معدّ
لا وسم ليلاي فيه
و لا ملامح هندي
و لا اسمرار الغريرات
بالعقيق و نجد
ظمآن أنشد وردا
و عند عينيك وردي
يا سكرة بعد صحوي
و فتنة بعد رشدي
يا رغبة العين و القلب
بعد يأس و زهد
بيني و بينك حرب
و هول أخذ وردّ
صراع روحين فيه
عنف العدوّ الألدّ
و غزو قلب لقلب
فتح يبيد و يردي
فناء دنيا بدنيا
و طيّ بند ببند
الحبّ لا حكم شورى
لكنّه حكم فرد
فهيّئي فتنة الحسن
كلّها و استعدّي

نــجــم
17-04-2011, 01:23 PM
صهرت من الخطوب

أأكرم ما تضوّعت الغوالي
بأعطر منك مأثرة و عرفا
صهرت من الخطوب فزدت قدرا
و تلك سجيّة الذهب المصفى

نــجــم
17-04-2011, 01:23 PM
طمع الأقوياء

لا تلمه إذا أحبّ الشاما
طابت الشام مربعا و مقاما
ما رأينا الشام إلاّ رأينا
منزلا طيّبا و أهلا كراما
بردى و الورود في ضفّتيه
مصغيات لشعره و الخزامى
هات حدّث عن الشام و حدّث
وأطل في الحديث عنها الكلاما
عن رباها ، عن غيدها سارحات
يتهادين في الحمى آراما
ما عرفت الغرام لولا رباها
من ربى جلّق عرفت الغراما
من أغاني طيورها ساجعات
قد تعلّمت هذه الأنغاما
أعطني في ربوع جلّق يوما
يا خليلي و خذ من العمر عاما
و أعد ذكرها رحيقا مصفّى
وأدره عليّ جاما فجاما
يا بني أمّ والحياة زحام
ذلّ و الله من يخاف الزحاما
يابني أمّ هبّة بعد نوم
كشف الصبح بالضياء الظلاما
نظرة للشعوب و هي تحيّي
بالأهازيج فجرها البسّاما
أمم تكسر القيود و أخرى
يرهف القين سيفها الصمصاما
طالبت بالحياة طعنا و ضربا
بعد أن طالبت بها استرحاما
لا تظنّوا السلام في الأرض حيّا
بعد أن طالبت بها إسترحاما
طمع لو أطاق – فاخشوا أذاه
حبس النور عنكم و الغماما
ليش شعري و للسياسة دين
يرسل النار حجّة و الحساما
أيعدّون قتل شعب حلالا
و يعدّون قتل فردا حراما
عبثوا بالنظام بغيا و قالوا
قد اتيناكم لنحمي النظاما
حطّموا المرهفات و هي رقاق
ثمّ شاؤوا فحطّموا الأقلاما
يالشكوى تغصّ دجلة بالدمع
حنانا و تحزن الأهراما
لو تلاها بأرض يثرب حاد
أبكت الركن و الصفا و المقاما
***
أيّها الأقوياء لينا و عطفا
أشعوبها ترعونها أم سواما
في رماد الضعيف نار فمهلا
أن ظلم القويّ يذكي الضراما
أنا أخشى من الضعيف عليكم
بعد حين تمرّدا و انتقاما
أنا أخشى من الضعيف عليكم
ثورة تبعث الخطوب الجساما
ثورة تهدم القصور و تبني
فوقها الكوخ عاليا و الخياما
ثورة تترك المتوّج عبدا
و أخا الرّق سيدا قمقاما
شدّة البغي و الأذى علّمته
كيف يغشى يوم الصدام الصداما
أرهقونا ما شئتم و اظلمونا
و امنعونا حتى الكرى و الطعاما
و اسلبوا ما ترونه من حطام
لكم وحدكم جمعنا الحطاما
و املأوا هذه السجون إلى أن
تشتكي من ضيوفها الازدحاما
ثمّ سوموا السجود كبرا و تيها
إذ تمرّون : شيخنا و الغلاما
و احكموا بالعسف حتّى كأنّا
قد مثلنا أمامكم أنعاما
لا إخال الأرواح تكسر قيد الأسر
إن لم تعذّبوا الأجساما
يفتك الظلم بالضعيف و يردى
بعد حين بشؤمه الظلاّما

نــجــم
17-04-2011, 01:23 PM
ظمأ الى السراب

يرافقني سرابك أريحيّا
فأغمر بالرحيق و بالملاب
سراب أسمر القسمات هان
نديّ اللمح ورديّ الحباب
يزوّق لي الرّمال جنى و ظلاّ
و يغمز بالكؤوس و بالشراب
و قطّف ما ينور من طيوف
على أجفان ناهدة كعاب
و علّل بالرجاء فكان أحنى
عليّ من الأحبّة و الصحاب
محا حقد الهجير على الصحارى
و وحدتي المريرة و اغترابي
فيا نعمى القلوب و لا أداري
و يا نعمى العيون و لا أحابي
سرابك رحمة و منى حسان
سكبن طيوبهنّ على عذابي
أحثّ خطاي في اللّهب المدمّى
إلى أفيائه الخضر الرطاب
سقى عيني متارفه و روّى
ظماء الرمل بالنطف العذاب
فلو كان الشباب كما عهدنا
و هبت جزاء نعمته شبابي
بكيت من السراب فحين ولّى
و أوحدني . بكيت على السراب
و أشقاني اليقين فيا حنيني
إلى الخدع المنضّرة السوابي
مغان للسراب خفين إلاّ
طيوف الجنّ في الةهج المذاب
أتمحو يا سراب خطاك ... هوج
مواح للمعالم و القباب
يدلّ على خطاك شذا و حبّ
فأرشف ما وطئن من التراب
سقى اللخ السراب وفاء قلبي
و عطر سريرتي و صبا ربابي
و نضّره بأندى من دموعي
و دللّه بأنعم من عتابي
بما بين الجوانح من حنين
ملحّ في الشهود و في الغياب
بنار تدلّهي ، برؤى جنوني
بإيماني بحبّك ، بارتيابي
بوجهك و هو نور في صلاتي
بهمسك و هو ورد في كتابي
بعزّة لوعتي ، بحياء حزني
بسكري عند لمحك و اضطرابي
بأنداء الصّباح منمنمات
بما سكب الربيع على الروابي
سقى الله السراب منى بروحي
على الحرمان زاخرة العباب
فيصبح و هم نعمته يقينا
و تستغني الرمال عن السحاب
و تلثم ما أسبّح من شفاه
و ترشف ما أقدّس من رضاب
***
هواي سجيّة و شباب قلب
و جلّ صبا القلوب عن التصابي
خضبت بلون سمرتك المصفّى
حياتي و المحبّب من رغابي
و لامك عندنا قوم و عابوا
يجلّ النور عن لوم و عاب
و أنت النور في عيني و قلبي
على حاليك من شهد و صاب
سريرتك الضياء بلا غروب
و عيناك الغيوب بلا حجاب
وقفت بباب جاهك مطمئنا
كأنّ الدّهر و الدنيا ببابي

نــجــم
17-04-2011, 01:24 PM
على أطلال الجزيرة العربية

عفت الديار و أنكرت قصّادها
حيّا الحيا تلك الديار و جادها
أبلت بشاشتها الخطوب و أقصدت
فرسانها و تخرّمت أجوادها
و أباد فتيتها الزمان و طالما
مرّ الزمان بفتية فأبادها
هي حسرة فازدد و أنت أخو هوى
حقّ الوفاء عليك أن تزدادها
حيّيتهنّ منازلا مهجورة
سبت المنيّة هندها و سعادها
و حبست فيهنّ المطيّ مسائلا
عن أهل ودّك نؤيها و ثمادها
و سكبت ما شاء الهوى بطلولها
حمر الدّموع . أما تخاف نفادها ؟
تلك الدموع قصيدة قد جوّدت
عيناك يوم فراقهم إنشادها
من أنّه الثكلى أخذت رويّها
و من القلوب قد استعرت مدادها
جاءت مهذّبة القوافي ما اشتكت
إبطاءها و زحافها و سنادها
فإذا تلتها العين و هي نديّة
سكر الزمان بلحنها فأعادها
الحزن أرسلها و وقّع لحنها
واختار في شوط القريض جيادها
غرّاء هذّبها و أحكم صنعها
صنع البيان فأتعبت نقّادها
الشعر ما ملك النفوس و هزّها
و أثار ثائرها الكمين وقادها
تتلو الطبيعة في الصباح قصائدا
بذّت بهنّ لبيدها وزيادها
إنّي لتطربني الحمامة أنشدت
فوق الغصون فرنّحت ميّادها
و يهزّني لحن النسيم مقبّلا
نور الخمائل لاثما أورادها
و الصبح مرّ على الربى بحنانه
فكسى بلؤلؤ دمعه أجيادها
والموج يخطب في الصخور مثرثرا
حنقا و ينقم كبرها و عنادها
و الليل غطّى في رداء سكونه
جسم البسيطة شمّها ووهادها
***
يا نفحة حملت إليّ من الربى
غبّ الرّبيع شقيقها و زبادها
أمّي الجزيرة و اسرقي من غيدها
برد الثغور على الصبا و برادها
ما للجزيرة. لا تفيق من الكرى
طلع الصباح فنبّهي آسادها
ملّ الشعوب من الرقاد و بكّروا
للطيّبات فهل تملّ رقادها
بنت الغزاة الفاتحين تحكّمت
فيها العداة و أحكمت أصفادها
ملكوا عليها الدجلتين و حرّموا
بردى وذادوا بالظبى ورّادها
و كست جنودهم العواصم فارتدّت
ثوب الحداد وودّعت أعيادها
يا للعواصم خطّة مغزوّة
ملك الغريب بياضها و سوادها
الدهر فلّ سيوفها هنديّة
بيضا و حطّم بالقراع صعادها
مدّت إلى الفيحاء كفّ رجائها
متروكة و ترقّبت إسعادها
ما أسرع الفيحاء ، لولا أنّها
طغت الخطوب فرّيثت أنجادها
و شكت لبغداد الخطوب و ما درت
أنّ الخطوب تعرّقت بغدادها
حبست مياه الرّافدين و حلاّت
عن ورد دجلة لخمها و إيادها
و يح العروبة ! حلّمت أحبابها
ريب الزمان و نزّقت حسّادها
هي جنّة ما ارتادها ذو شرّة
إلاّ و أطمع حسنها مرتادها
كالطير أسكر لحنها صيّادها
فمشى إليها بالردى و اصطادها
ذاك الجمال جنى على أبنائها
ظلما و جلّل بالأذى أحفادها
و لقد أقول لغاصبين مشوا بها
مرحا و أثقلها الشقاء و آدها
هي جذوة حاولتم إطفاءها
و الظلم راح محولا إيقادها
أقبلتم كالمرشدين و ساءكم
بعد الكرى أن تستبين رشادها
قلتم نؤيّد منعة استقلالها
لكنكم أيّدتم استبعادها
إنّ الغزالة لو ملكتم أمرها
لحبستم عن جلّق آرادها
***
يا عصبة الأمم القوية . حاذري
بأس الضعاف و حزمها و كيادها
لا تأمني بأس الأعراب إنّهم
كادت تفارق بيضهم أغمادها
و كأنّني بالصيد من أمرائها
يوم الحميّة أنكرت أحقادها
و كأنّني بالتاج ألّف شملها
نظما و لمّ نثيرها و بدادها
هلّلت للنشء الجديد و قد مشى
يصلى الحياة و حربها و جهادها
و خشعت للنشء الجديد و قلت ذا
جند الشام فمن يطيق جلادها
حيّيت فيه حماتها أبطالها
يوم النزال كماتها قوّادها
تلك المهار و لا أكابد لوعة
إن مدّ في عمري شهدت طرادها

نــجــم
17-04-2011, 01:24 PM
عاد الغريب

حلفت بالشام هذا القلب ما همدا
عندي بقايا من الجمر الذي اتّقدا
لثمت فيها الأديم السمح فالتهبت
مراشف الحور من حصبائها حسدا
قد ضمّ هذا الثرى من صيدها مزقا
إرث الفتوح و من مرّانها قصدا
ألملم الجمرات الخضر من كبدي
و أستردّ الصّبا و الحبّ و الكبدا
و أرشف الكأس من عطر و من غيد
فأسكر المترفين العطر و الغيدا
فديت سمراء و من لبنان ساقية
حنانها ما اختفى من غربتي و بدا
تحنو على اليأس في قلبي فتغمره
نورا و تبدع فيه الصّبر و الجلدا
حوريّة طاف جبريل بجنّته
يريد ندّا لريّاها فما وجدا
فديت جفنين من سكب الدّجى اكتحلا
إذا سهدت على جمر الغضا سهدا
***
سقيت خمرة أشعاري لمى شفة
بخيلة فسقتني الشّهد و البردا
و إن كبرت فلي كنزا هوى و صبا
نهدان من نغمات الله قد نهدا
أودعت عندهما بعض الشّباب فما
خانا وديعة أيّامي و لا جحدا
قد ادّخرت لقلبي عند كبرته
ما صانه كادح للشّيب و اجتهدا
كنزا يضمّ لباناتي منوّرة
و ما اطمأنّ من النّعمى و ما شردا
أمدّ كفّي إلى كنزي فيغمرها
بما أحبّ شبابا جامحا وددا
عاد الغريب و لم تظمأ سريرته
فقد حملت بها في غربتي بردى
من روع البلبل الهاني و أجفله
عن أبكيه و سقاه الحتف لو وردا
جلاني الظّلم أشلاء ممزّقة
و احتزّ أكرمهنّ : القلب و الولدا
تصغي النّجوم إلى نوحي فيسكرها
يبكي الهزّاز و يبقى مسكرا غردا
ألحانيين على قلبي و لوعته
يبدّدان من الأحزان ما احتشدا
قلبي الذي نضّر الدّنيا بنعمته
رأى من الحقد أقساه و ما حقدا
فيا لقلب غنيّ النور مزّقه
على النوى حقد أحباب و حقد عدى
إنّي لأرحم خصمي حين يشتمني
و كنت أكبره لو عفّ منتقدا
عانيت جهد محبّ في الوفاء له
و الغدر بي كلّ ما عانى و ما جهدا
قرّت عيون العدى و الأصفياء معا
فلست أملك إلاّ العطر و الشّهدا
دعوا كرامتي العصماء نازلة
على الشموس تذيع الحسن و الرأدا
كرامتي الحجر الصوّان ما ازدردت
إلاّ لتهشم أنياب الذي ازدردا
كغابة اللّيث إن مرّ العدوّ بها
رأى الزّماجر و الأظفار و اللّبدا
و كيف أعنو لجبّار و قد ملكت
يميني القمرين : الشّعر و الصيدا
إذا دجا النّور في غمر الضحى ائتلقا
و إن سطا الظّلم مخمور الظّبى صمدا
عروبتي فوق فرق الشمس ساخرة
من لؤم ما زوّر الواشي و ما سردا
تفرّد الله بالأرواح لا ملأ
جلاله سرّها الأعلى و لا بلدا
و ميّز الشام بالنعمى و دلّلها
فمن ثرى الشام صاغ الرّوح و الجسدا
أولى المدائن أخت الشمس قد شهدت
روما و غار الضّحى منها فما شهدا
ثراك و الدّر ما هانا و إن ظلما
و أنت و النّور ما ضاعا و إن جحدا
***
يسومنا الصّنم الطّاغي عبادته
لن تعبد الشام إلاّ الواحد الأحدا
وجه الشام الذي رفّت بشاشته
من النّعيم لغير الله ما سجدا
تفنّن الصّنم الطّاغي فألف أذى
و ألف لون من البلوى و ألف ردى
أنحى على الشّام أريافا و حاضرة
فلم يدع سبدا فيها و لا لبدا
جهد العفاة من العمّال جزيته
و كلّ ما قطف الفلاّح أو حصدا
هذا المدلّ على الدّنيا بصولته
ما صال إلاّ على قومي و لا حشدا
و مرعد مبرق ضجّت صواعقه
حتّى إذا قامت الجلّى له قعدا
الظامئ القلب من خير و مرحمة
فإنّ ألحّ سقاه الحقد و الحسدا
لو استطاع محا أمجادنا بطرا
لم يبق لا بدرا و لا أحدا
***
دع الشام فجيش الله حارسها
من يقحم الغاب يلق الضيغم الحردا
عزّت على كلّ فرعون عرينتها
ما روّضت و يروض القانص الأسدا
إذا العدوّ تحدّاها بصولته
نهدت أرخص روحي كلّما نهدا
تقحّمت كبريائي بوم محنتها
ما سامع االمحنة الكبرى كمن شهدا
أهوال ما أوعد الطاغي ليصرفني
عن الشام و نعمى كلّ ما و عدا
***
ماذا يريد الألى أصفوه ودّهم
و سخّروا لهواه المال و العددا
يكاد تمثالهم يحمرّ من خجل
و قد غدا للطغاة العون و المددا
يا مشعل النور كم حرّية ذبحت
على يديك و نور مات بل وئدا
قد أنكر المشعل الهادي رسالته
فإنّ يماجد خصيما بعدها مجدا
يبكي لحرّية الدنيا و يذبحها
على هواه و لا ثأرا و لا قودا
و من حمى ظلم فرعون لأمّته
فقد تفرعن طغيانا و معتقدا
تحمّلوا وزر هذا الشرق مزّقه
جنون طاغ فأضحى شمله بددا
لا أكذب الله قد أضحت كنوزكم
لصرح طغيانه الأركان و العمدا
لا أكذب الله من أموالكم صقلت
خناجر طعنت حريّتي و مدى
***
يا راقد الثأر لم يأرق لجمرته
جيش الشام عن الثارات ما رقدا
جيشي و فوق ذرى حطّين رايته
غدا و يملي على الدنيا الفتوح غدا
ألمطمئن و جمر الثأر في دمه
خابت رياحك هذا الجمر ما همدا
ألحامل الغار أمجادا منضّرة
و المدرك الثأر لا زورا و لا فندا
تبرّجت في السّماء الشمس حالية
لتشهد العدّة الشهباء و العددا
جيشي و إيمانه بالحكم مجتمعا
شورى و قد داس حكم الفرد منفردا
لبّى الشام و قد ريعت كرامتها
و ثار للشعب منهوبا و مضطهدا
إنّ الكرامة و الحرّية احتلفا
و لن يفارق حلف حلفه أبدا
من هديه صاغها الإسلام فانسكبت
توزّع النّور و النعماء و الرشدا
هذي الحنيفيّة السمحاء قاهرة
لا اللات عزّت و لا فرعونها عبدا
تألّه الفرد حينا ثمّ عاصفة
هدّارة فكأنّ الفرد ما وجدا
كنز الحنيفة من حبّ و مرحمة
كالنور قد غمر الدّنيا و ما نفدا
نبع من الحبّ لو مرّ الجحيم به
لقطّف الظلّ من ريّاه و ابتردا
لا الفقر حقد و لا النّعماء غاشمة
كلاهما انسجما بالحبّ و اتّحدا
كلاهما أملت السمحاء حرمته
على أخيه فما ابتزّا و لا حقدا
تبنى الشعوب على فربى و مرحمة
و ما بنى الحقد لا شعبا و لا رغدا
آمنت بالفرد حرّا في عقيدته
و كلّ فرد و ما والى و ما اعتقدا
أفدي الشام لنعماها و عزّتها
من أربعين أقاسي الهول و النّكدا
***
ضمّ الثرى من أحبائي ليوث شرى
و غاب تحت منهم شموس هدى
لداتي الصيد ، شلّ الموت سرحهم
ليت النّجوم و روحي للّدات فدى
الرّاقدون و جفني من طيوفهم
في سامر ضجّ في جفني فما رقدا
قبور أهلي و إخواني و غافية
من الطيوف و أسرار و رجع صدى
و الليل و الصمت و الذكرى و كنز رؤى
لمحت مارد جنّ حوله رصدا
و وحشة لفّت الدّنيا برهبتها
و لفّت الغيب و الأحلام و الأبدا
ألحانيات على تلك القبور معي
و نبّه الفجر طيرا غافيا فشدا
حتّى بكيت فذابت كلّ واحدة
منهنّ في أدمع النائي الذي وفدا
هشّت إلىّ قبور ، أدمعي عبق
على الرّياحين في أفيائها و ندى
ضمّتني الشام بهد النأي حانية
كالأمّ تحضن بعد الفرقة الولدا
ردّت إليّ شبابي في متارفه
و هيّأت للصيال الفارس النجدا
أنا الوفيّ و تأبى الغرّ من شيمي
كفران نعمة من أسدلا إليّ يدا

نــجــم
17-04-2011, 01:24 PM
عاطفتي

عاطفتي حزن طويل على
ماض من العمر و مستقبل
عاطفتي أنّه مضنى بكى
على زمان للصبا أوّل
عاطفتي لحن يثير الأسى
و يخلق الهمّ بقلب الخلي
عاطفتي حبّ بعيد المدى
أصاب في رميته مقلتي
عاطفتي زفرة حرّ كليم
ثار على الدّهر و لم يحفل
من يشتري عاطفتي منكم
بغيرها من هذه العاطفات
***
لا تعذلوني حين أبكي أسى
العدل كلّ العدل أن أعذر
سبّب لي هذا الشعور الأسى
مصيبة الإنسان أن يشعرا
من يشتريه منكم خاسرا
أولى بشاري الدمع أن يخسرا
قضى عليّ الدهر و اشقوتي
بالدّهر – أن أبكي و أن أسهرا
من يشتري منّي عقود النظيم
ببسمة تسلمني للكرى
من يشتري الشعر و ألحانه
ببسمة واحدة في الحياة
***
عاطفتي ... مرحمة و اذهبي
لم يبق من عمري غير القليل
أبليت من جدّة عهد الصبا
ظلما و عجّلت أوان الرحيل
أنا عليل بائس فاهربي
لا خير في صحبة نضو عليل
ماذا جاد يا عاطفتي . و الكريم
يضنّ عند الفقر ضنّ البخيل
لم يبق فيه ويحه من قرى
يرضى صروف الدّهر و العاديات
***
سألت قربانا فقدّمته
للهيكل الأقدس قربانا
و فوق ذا المذبح ضحيّته
و ما درى الناس ببلوانا
ويحي تلاشت فيك أجزاؤه
كأنّه بالأمس ما كانا
أعطاك ما شئت و أعطيته
ما لم يشأ همّا و أحزانا
أهكذا يجزى المحبّ القديم
و يوسع الآمل حرمانا
أفنيته ظالمة فارقبي
غدا عقاب الله للظالمات
***
أكلّما أنّ أخو لوعة
كلّفتني الحزن و طول الأنين
أكلّما ناح محبّ أسى
حشرتني في زمرة النائحين
أكلّما مرّت على خاطري
صورة بؤس رحت في البائسين
أشقى مع الأيتام مستعبرا
و أسهر الليل مع العاشقين
كتبت آيات العذاب الأليم
غضون همّ فوق هذا الجبين
تتلى و لا يخطئها قارئ
فيا لآيات الأسى البيّنات
***
عاطفتي رحماك و استبدلني
بجسمي الناحل جسما صحيح
جسم فتى لم يدر معنى الأسى
و لا مشى يوما بقلب جريح
و لا حبته بالأسى مقلة
دعجاء أو وجه بهيّ صبيح
دعيه يحيا بعض ساعاته
بمهجة حرّى و جفن قريح
جرّر ما شاء ذيول النعيم
و لم يطمع بالكأس نصح النصيح
فعلّميه كيف يشقى الفتى
و كيف ترعى سرحه النائبات
***
رأيتها صبحا و قد أرسلت
ذكاء في الأفق نثير الذهب
و هبّ في الروض نسيم الصبا
محمّلا طيب الربى حين هب
و للرياحين شذا مسكر
يفعل ما تفعل بنت العنب
عروسة الأحلام أحببتها
و هل يلام المرء في من أحب
أحببتها جمرا على مهجتي
و للهوى في الناس شأن عجب
و همت فيها و أنا ذرّة
هائمة في هذه الكائنات
***
ألصّبر محمود و لكنّني
لم يرضني الصبر و لم أرضه
أهوى نعم أهوى و لي ناظر
فارق مذ فارقته غمضه
ضعي على حرّ فؤادي يدا
كأنّها من خالص الفضّه
و ابتسمي عن لؤلوء و اسفري
عن بشرة ناعمة بضّه
في خدّك القاني الشهيّ الوسيم
تفاحة مترفة غضّه
حكمك الحسن بأهل الهوى
حسبي الهوى ما أظلم الحاكمات

نــجــم
17-04-2011, 01:24 PM
عيد الجلاء

ألزغاريد فقد جنّ الإباء
من صفات الله هذي الكبرياء
بأبي العزلاء في غمرتها
آلة الحرب جراح و دماء
بنت مروان اصطفاها ربّها
لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
هي في غسان لا بأس و ندى
و هي في الإسلام فتح و بلاء
جمرة الحق سبحان الذي
صاغ هذا الجمر من ظل و ماء
الأديم السّمح عطر و رؤى
ربّما أغفى عليه الأنبياء
و على كلّ مكان جدّة
تأسر العين و نعمى و رواء
خالف المشهد فيها جاره
فلدات الحسن شتّى غرباء
كلّ حسن بدعة مفردة
ليس بين الحسن و الحسن إخاء
تندر الأشباه ممّا اختلفت
صور الحسن و تخفى النظراء
ألورود الحمر ذكرى و هوى
و طيوف من جراح الشّهداء
نفحة الصّبح على غوطتنا
خبر عنهم و أطياب المساء
حملت زغردة العرس لكم
فانتشى الأفق و لم يصح الهواء
أيّها الدنيا ارشفي من كأسنا
إنّ عطر الشام من عطر السماء
شهداء الحقّ في جنّتهم
هزّهم للشام وجد و وفاء
تضحك (الرّبوة) في أحلامهم
هل عن الرّبوة في عدن غناء
كلّما هبّت صبا من (دمّر)
رنّح الجنّة طيب و غناء
خيلاء الحقّ في عدن لكم
يغفر الله لقومي الخيلاء
و اعذروا عدنا على غيرتها
إنّها و الشام في الحسن سواء
شهداء الحقّ هل يسكركم
في نعيم الله شعر و غناء
فسلوا الله بما قدّمتم
يكشف الله عم السرّ الغطاء
و إذا الفردوس مجلو على
مفرق الشمس فما فيه خفاء
عربيّ الدّار و الأهل معا
و الرحيق المشتهى و الندماء
حمحمات الخيل في أفيائه
و قرى الضيف و ترجيع الحداء
عمر الفردوس ظلا و قرى
و تجلّى للوفود الخلفاء
آل مروان جلال و ندى
و بنو العبّاس هدي و ضياء
متصافين على نعمائه
ليس في الجنّة إلاّ الأصفياء
سكب الله على أحقادهم
من نديّ الحبّ ما شاؤوا و شاء
و على السدّة قحطانية
جلي الملك و قيل : الشعراء
و تغّنيت فمرّت صور
لذّة الأحلام من دنيا الفناء
كلّما سلسلت من ألحانها
مسحوا الدمع على فضل الرّداء
أنت ميراث لنا من عمر
يسأل الديّان عنه الورثاء
***
يا فلسطين هوى مسعر
من ربى الشام و نصر و ولاء
و تحيّات الرضى من دجلة
و سلام الله من غار حراء
أين من ثأرك و الثأر دم
خالد الفتح و أين الأمراء
اليهود استأسدوا فيك فمن
جرّأ الضعف و أشلى الضعفاء
هان عن شكواي عبدان العصا
أنا أشكو من عهود الحلفاء
و تغنّيت فجنّت طربا
أريحيات و نعمى و حياء
جنّة الفردوس أنتم أهلها
و سواكم في حماها غرباء
أنا أشعاري من أحسابكم
غرر الأحساب و الشعر وضاء
هفت الحور و ألقت خمرها
أين رضوان و أين الرقباء
كلّ حوراء على أجفانها
يحلم السّحر و يغفو الإشتهاء
تمّ صفو الدّهر لولا محنة
في فلسطين و بلوى و شقاء
يا ربى القدس و ما أندى الرّبى
دمنا فيها ربيع و نماء
هذه الأطياف في جنّاتها
أريحيّات الجدود القدماء
همس الفردوس هل من نبأ
عن ربى الغوطة معسول الرّجاء
و نعم عندي بشرى عطّرت
بالزغاريد وجوه البشراء
إنتزعنا الملك من غاصبه
و كتبنا بالدم الغمر الجلاء
و سقانا كأسه مترعة
و سقينا و في الكأس امتلاء
و اقتحمنا حديدا و لظى
و جزيناه اعتداء باعتداء
سكرت ممّا ارتوت من دمه
غصص حرّى و ثارات ظماء
كلّما جدّل منّا بطل
زغردت في زحمة الهول النّساء
الظباء الأمويّات و في
خدرها الدّنيا : حمى الله الظّباء
كلّما نادين فتيان الحمى
كبّر الفتيان و ارتدّ النداء
نحن للغوطة في الجلّى فدى
و لهذا الكحل في العين فداء
سقت الجرحى فلم يظمأ فتى
رشف الكوثر من هذا السقاء
شهداء الحقّ لا أبكيكم ...
جلّت الغوطة عن ضعف البكاء
جلّ هذا الدم أن يرثى له
عار سفّاكيه أولى بالرّثاء
الرّبى في ميسلون استعبرت
أين دمع الحزن من دمع الهناء
أقبل الدّهر عليها تائبا
وعفا يوسف عن جور القضاء
يا ظباء الأمويّين اضحكي
تضحك الدّنيا و يغمرها الصفاء
و اغمزي الأنجم هذي أعين
شأنها في الدّهر لمح و اجتلاء
أعين حبّك قد سهّدها
فاغمريها بالمنى تغف السّماء
و على السدّة و النقع دجى
أموي الفتح مرموق البهاء
من عليّ فيه طهر و هدى
و من الفاروق بأس و مضاء
كيف أنسى يا زعيمي ليلة
عصفت نيرانها بالأبرياء
غوطة الشام جحيم فائر
و الميادين طعان و رماء
ما شكى الشاكون فيها ظمأ
أكؤس الحقد روّيات ملاء
ملك الطاغي الثنايا عنوة
و استحرّ القتل و اشتدّ البلاء
و تجارى الأمويّون إلى
غمرة الموت و فاز السعداء
***
جنّت النّخوة قحطانيّة
و هي عزلاء و جنّ الأقوياء
***
تخرس الأنباء ممّا حملت
فهي همس في شفاه السّفراء
***
عنف باريس شجاني أمره
بدعة الأقدار عنف الجبناء
قد عذرناهم على غدرهم
و استرحنا و استراح الطلقاء
سهّل الغدر على صاحبه
أنّه من كلف المجد براء
لم ينل من عزمك اليأس و لا
عنت الدّهر و لا الدّاء العياء
بورك الإيمان نورا و هدى
نعمة الله و سرّ العظماء
يصنع الدنيا و لا تصنعها
صور العقل و ألوان الدّهاء
كتب الله لك النّصر به
فعلى الظلاّم و الظلم العفاء
حقّ يوم الشام أن تكتبه
قدرة الله على وجه ذكاء
هذه الأرض لفرسانكم ...
و لعقبانكم هذا الفضاء
ملك مروان لكم وحدكم
قد جلا الإيمان كلّ الشركاء
ألغد الميمون في الدنيا لكم
فاقتحم يا جيش و اخفق يا لواء

نــجــم
17-04-2011, 01:24 PM
غربة الرّوح

أترعي الكأس أدمعا و رحيقا
حقّ بعض الهموم أن لا نفيقا
سلم الجمر لي و عاش بقلبي
أريحيّ اللّهيب عذبا أنيقا
يا شامي يا قبلة الله للدنيا
و يا راحها المصفّى العتيقا
أترع الكأس من هواك لتروى
كبدي من هواك لا لتذوقا
مزّقيها تغمرك طيبا و نورا
لا تملّي الطيوب و التمزيقا
لملم الفجر ذكرياتي دما سكبا
و مجدا غمرا و عهدا و ثيقا
لملم الفجر ذكرياتي فما لملم
إلاّ أقاحيا و شقيقا
كبريائي فوق النجوم و لولاها
لما كنت بالنجوم خليقا
جلّ شعري – أقيه الرّوح من كلّ
هوان – و الشعر كالعرض يوقى
ما شكوت العدو كبرا و لكنّي
شكوت المبرّأ الموثوقا
و أخا لي سقيته الودّ صرفا
فسقاني من ودّه الممذوقا
طبعي الحبّ و الحنان فما أعرف
للمجد غير حبّي طريقا
و كنوزي – و ليس تحرسها الجنّ
تنادي المحروم و المرزوقا
لم يضق بالعدوّ حلمي و غفراني
و أفدي بمقلتي الصديقا
لا أريد الإنسان إلاّ رحيما
باختلاف الهوى و إلاّ شفيقا
***
لي قبور كنزت فيها شبابي
و صبوحي على المنى و الغبوقا
يا قبور اللدات : كل شقيق
حاضن في الثرى أخاه الشقيقا
وسعت هذه القبور فؤادي
كيف تشكو – و هي في السماوات – ضيقا
كيف لا تنبت الرّياحين و الشوق
و قلبي على ثراها أريقا
مقلتي يستحمّ في دمعها الطيف
و تحنو فلا يموت غريقا
ينزل الجرح من فؤادي على الحبّ
و يلقى التدليل و التشويقا
***
شامة الفتح نام ( فارسك) النجد
و حقّ الوفاء أن يستفيقا
سبقته أحبابه للمنايا
فرحمت المجلّى المسبوقا
و نعم عدت ( للعقيق ) و لكن
فارق الأهل و اللدات (العقيقا )
أنا كالطّير ألف صحراء لفّته
مهيض الجناح شلوا مزيقا
مات أيكي و مات وردي فلا تعجيل
أعنى به و لا تعويقا
غربتي قد سئمت غربة روحي
و مللت التّغريب و التّشريقا
غربتي غربتي على النّأي و القرب
أراني إلى دجاها مسوقا
حدت عنها غربا و شرقا و طوّفت
فما اجتزت سهمها المرشقا
***
(فارس) المجد لم تزغرد
عذارى المجد إلاّ انتخى و كان و السّبوقا
و له الطّرفة المليحة تغني
عن نقاش و تسكت المنطيقا
و بيان تخاله الوشي و الأطيا
ب شتّى و اللؤلؤ النسوقا
فيه عمق البحار تزخر بالدرّ
و فيه متارف الموسيقا
و ضمير يكاد يسرف في الحسّ
فيجزي حتّى الخفيّ الدّقيقا
عالم يسكب العذوبة في العلم
فتستاف عنبرا مسحوقا
يا لنسر تقحّم الشمس حتّى
ملّ عزّ الشموس و النحليقا
حقّ عبئين من سنين و مجد
أن يكفّا من شأوه و يعوقا
يهرم النسر فالطريق عثار
ذكريات الصبا زحمن الطريقا
عبّ منها النسر الحبيس فردّته
لدنيا الشموس حرّا طليقا
غمرت قلبه حنينا و أشواقا
و يمناه لؤلؤا و عقيقا
عالم الذكريات نمنمه الخالق
حتّى يدلّل المخلوقا
هو من أريحيّة الله ماشئنا
رحيقا صفوا و مسكا فتيتا
***
حال بيني و بين لقياك دهر
سامني عبئه فكنت المطيقا
أنزلتني على فروق رزاياه
فحيّا عطر السماء (فروقا)
ضاق لبنان بي و كان رحيبا
و تنزّى حقدا و كان رفيقا
ما للبنان رحت أسقيه حبّي
و سقاني مرارة و عقوقا
أنا أغليته بلؤلؤ أشعاري
و طوّقت جيده تطويقا
و زرعت النّجوم في ليل لبنان
فرفّ الدّجى نديّا و ريقا
دلهتني (سمراء لبنان ) أطيابا
و قدّا مهفهفا ممشوقا
و جمالا غالى بزينته الله
و ثنّى و ثلّث التدقيقا
و عفافا ذاد الشفاه و خلىّ
للعيون السّلاف و التّحديقا
جنّ قلب الدّجى بأهدابها الوطف
فأغنى جفنا و كحلّ موقا
***
قد أرادوا لبنان سفحا ذليلا
و أردناه شامخا مرموقا
و حمدت الجلىّ بلبنان لمّا
كشفت لي اليقين و التلفيقا
إن عتبنا على الكنانة إدلالا
فقد يعتب الصّديق الصّديقا
و هبتنا فرعونها و وهبناها
على العسر يوسف الصدّيقا
كيف يشري العبيد كافور
بالمال و كافور كان عبدا رقيقا
أرز لبنان لن يكون لكافور
متاعا و للأرقّاء سوقا
***
يا قبور في الشام ربّ قبور
أنزلتها النوى مكانا سحيقا
موحشات : إلاّ عزيفا من الجـ
ـنّ يرجّ الدّجى و إلاّ نعيقا
هائمات كالنور طارت صبابا
تي إليها فما استطعن اللحوقا
غرّبتنا العلى قبورا و أحياء
و عاثت بشملنا تفريقا
و اغتراب القبور من حيل المـ
ـوت ليخفى كنوزه و العلوقا
تسمع الرّيح حين تصغي حنينا
من فؤادي على الثرى و شهيقا
ما لقومي غال الحمام فريقا
منهم و العقوق غال فريقا
ظلم الكنز أهله فتمنّى
أن يكون المبدّد المسروقا
فارقوني معطّرين من الفتح
و خلّوا لي الأسى و الشهيقا
أظمأتني وجوههم حين غابت
فأردت الذكرى سلافا و ريقا
عهدها بالخلوق عهد قديم
ألفت غرّة المجلّى الخلوقا
***
يا لدات الفتوح ، نسقي منايانا
و يسقينا الهوى ترنيقا
بيننا صحبة الاّباء و عزّ
أمويّ يطاول العيّوقا
و كفاح كعصف ضجّ في الدّنيا
رعودا هدّارة و بروقا
و المروءات كالغرائر في الرّيف
ملاح لا تعرف التزويقا
و عقود من السنين نظمناها
سجونا و كبرياء و ضيقا
نحن كنّا الزلزال نعصف بالشرق
نرجّ الشعوب حتّى تفيقا
فابتدعنا من ألرؤى واقع الحقّ
و من غمرة الظلام البريقا
نقحم الغامض الأشمّ من المجد
و نأبى الممهّد المطروقا
نحن عطر السجون عطر المنايا
نحمل الجرح مطمئنا عميقا
نحن كالشمس جرحها وهّج الدّنيا
غروبا منوّرا و شروقا
نحن و الشام و الفتوحات و الأحزان
دنيا تزيّنت لتروقا
ما درى الشرق قبلنا سكرة الحقّ
و لا خمرها و لا الراووقا
نحن عشق للغوطتين براه الله
حتّى يؤلّه المعشوقا
نحن في الكأس نغمة ، نحن في النـ
ـغمة صهباء : صفّقت تصفيقا
خمرة النّور خمرة الثأر و الإيمان
طابت بردا و طابت حريقا
يعرف الحقّ قيمة الجوهر
الفرد و يغلى جديده و العتيقا
يعذر الحرّ حين لا يخطئ العزم
و إن كان اخطأ التوفيقا
يا رئيسي من أربعين زحمناها
إباء مرّا و بأسا حنيقا
أنت نشّأتني على الصبر و العزّ
كما تلاهف الحسام الذليقا
مننتدى الشام و الوزارة ضماّنا عريقا
يفي هواه عريقا
و هموم كأنّهن الأمانيّ جمـ
ـالا و نشوة و سموقا
مترفات ترعرعت في فؤادينا
و طابت شمائلا و عروقا
يرد الخطب منك قلبا سريّا
و بيانا عفّا و وجها طليقا
من يعلّ النديّ بعدك بالشهـ
ـد المصفّى و من يسدّ الفتوقا
هدرت بالنديّ خطبتك الشمّاء
و الريق لا يبلّ الحلوقا
أنكرتك الحياة بالشيب و السقـ
ـم فهيّء للفارك التطليقا
حمل الموت من لداتك شوقا
يستحثّ الخطى و عتبا رقيقا
و كتابا من الهوى نمّوقه
فأجادوا البيان و التنميقا
و طيوفا تبرّجت لكرى جفنيك
حتّى يرضى و حتّى تليقا
***
غيّب القبر منك شمّاء مجد
وعرة تزحم النجوم سحوقا
يتلقّاك (هاشم) في ربى عدن
و يستقبل المشوق المشوقا
حيّ عنّي سعدا و قبّل محيّا
الضحى باهر السنى مرموقا
و أبا أسعد سقته دموعي
و سليمان ( و النّديم ) الصّدوقا
و اسق (قدري) و (عادلا) و (جميلا)
من حنيني طيب الهوى و الرّحيقا
و اشك حزني (لمظهر) و (نجيب)
راع دهر أخاكما فأفيقا
لي حقوق على القبور الغوالي
و يوفّى قبر الكريم الحقوقا

نــجــم
17-04-2011, 01:25 PM
فلسفة الحقيقة

أهنيهة قطع الضحى أم جيلا
يوم العفاة لقد خلقت طويلا
ما ضرّ فجرك لو تلألأ وانيا
فلعلّها تغفو العيون قليلا
عاجلت أحلام الدّجى فطويتها
و الرّوح ترشف ثغرها المعسولا
ما كان أهنأها يلوّن سحرها
صور المنى و يرفّها تدليلا
و يثير فيهنّ الحياة شهيّة
و الحبّ أرعن و الشباب منيلا
راض الشفاه الشامسات على الهوى
فضحكن يهمسن الحوار عليلا
و حنا على بؤس العفاة فما رأوا
من عثرة إلاّ رأوه مقيلا
خلع النضارة و الشباب عليهم
و الحبّ و المتع العذاب الأولى
نعم و إن كانت تحول على الضحى
أيّ المباهج لم تكن لتحولا
تحنو على القلب الجريح فينثني
ريّان من رحماتها مطلولا
و ترفّ إن حمى الهجير غمامة
و ندى و ظلاّ في الهجير ظليلا
و تحوّل البيد الظماء خمائلا
سكرى و ربعا ضاحكا مأهولا
فكأنّها فيما تزخرف من منى
آس تحاول كفّه التجميلا
***
إنّ الذي خلق الحقيقة علقما
خلق المنى للواردين شمولا
تتصارعان و لا ترى إحداهما
ظفرا لتبسط حكمها و تطولا
تدعو المنى زمر القلوب و أختها
تدعو بصائر في الوغى و عقولا
و الكون بين الضرّتين مقسّم
فاشهد قبيلا يستبيح قبيلا
و اعذر على البغي القلوب فطالما
قيدت و ذلّل صعبها تذليلا
أماّ الدّجى و الفجر من أعدائه
فاقد بصرت به يخرّ جديلا
***
قل للحقيقة إن قسوت فربّما
فكّ الزمان أسيرك المكبولا
إن تملكي الدنيا و سرّ كنوزها
لم تملكي الأحلام و التأميلا
أفق المنى أحنى و أرحب عالما
و أحنّ أفياء و أزين سولا
صوني الكنوز عن العفاة فلا ترى
عين إلى تلك الكنوز سبيلا
و تخيّريها للقوي سلافة
و غنى و طرفا ناعسا مكحولا
و إذا شكا العافي فسوطك و اسمعي
نغم الألوهة زفرة و عويلا
و تنكّري للنائمين على الطّوى
الله قد خلق المنى لتديلا
ما كان جودك للسعادة ضامنا
صدقا و بخلك بالشقاء كفيلا
هذي الحياة عنت لبأسك رهبة
فتسمّعي لجبا بها و صهيلا
و زماجرا قامت على غمّائها
من حكمك العاتي القويّ دليلا
ملكت يداك هواءها و بحارها
و الكون أجمع عرضه و الطولا
ألعلم يحكم وحده متعسّفا
لا قلب في سلطانه و ميولا
و العلم إن ملك القلوب فسمّه
وحشيّة و ادع الحضارة غيلا
و العلم إن ملك القلوب فسمّها
صخرا تنوء بعبئه محمولا
لا نبض ما خفقت به لكنّه
صوت الحديد غدا يصلّ صليلا
أمّا الأكفّ فخيرها ذو جنّة
حطمّ الرّباب و عالج الإزميلا
ألعلم سخّرها و حسب العلم أن
تزن الأمور جميعها و تكيلا
عفى على حرم الخيال و قدسه
أو ما ترى حرم الخيال أزيلا
و لقد وقفت به أناشد غائبا
قفل الخليط و ما أطاق قفولا
و بكيت _ أجزيه _ و ربّ مدامع
خفّفن كربا أو شفين غليلا
***
عهدي به و الشعر في أدواحه
ندّى القلوب أغانينا و هديلا
خضل العطور ترفّ أنداء المنى
فيه السرائر بكرة و أصيلا
و جلا لك الدنيا على ما تشتهي
منها يملّق حسّك المختولا
و أعاد مطويّ العصور و آدما
يحنو بأدمعه على هابيلا
منح الخلود و لا ميول و لا هوى
فأبى و آثر غربة و رحيلا
غزل يفارق من أحبّ و سرّه
أن فارق التكبير و التهليلا
تتغيّر الألوان تغمر نفسه
بالحسن لا نزرا و لا مملولا
و تبدّل الألوان نعمة خالد
لم يدر في فردوسه التبديلا
***
و ترى بأفياء النخيل بثينة
تحنو لتحتضن النهود جميلا
فانعم برؤية عاشقين تلاقيا
سحرا و قد هوت النجوم أفولا
و اعذر جميلا حين جنّ جنونه
فسطا و لا غزلا و لا تأهيلا
نشوان يهصرها إليه و لا يرى
إثما و يلهب عريها تقبيلا
يترشّف الثغر الشهيّ سلافة
و يرفّه كالأقحوان بليلا
***
و دملا و ردن على الغدير و ما اتّقت
حسناؤهنّ الشاعر الضلّيلا
حتّى إذا أخفى البرود و سامها
أمرا رأته من الحياء جليلا
عطفت تناشده العفاف و أتلعت
جيدا كلألاء الصّباح أسيلا
فأبى و تسرع نحوه عريانة
خجلى لقد حبّ الجمال خجولا
و تطالع المجنون في أسماله
شلوا بأنياب السقام أكيلا
خذلته نعماء العيون و سخّرت
للعبقريّة ذلك المخذولا
فهوى صريعا بالرمال مكفّنا
بمدامع الصبح البليل غسيلا
***
و فتى قريش و هو يقتل طرفه
ليرى الثريّا والها مخبولا
عبثت لتشهد منه أيّة لوعة
تجزى و أيّ هوى ملحّ تولى
***
و سكينة و الشعر ضيف نديّها
و الحسن يبعث شجوه فيقولا
نشوى الدلال تعبّ من خمر الهوى
سكرا و يمنعها الحياء تميلا
ملء العيون مفاتنا لكنّها
ملء القلوب علا أعزّ أثيلا
وقف العفاف يذود عن ذاك اللّمى
إلاّ المنى شرس الذياد بخيلا
و تذيع حمّتها عبيرا ربّما
أخذ الشذى القدسيّ عن جبريلا
***
و أبا نواس في مجالس لهوه
قسم الليالي سكرة و ذهولا
حلو الدّعاب هفا و علّل ذنبه
للآثمين فأحسن التّعليلا
حسب الحياة سافة و مهفهفا
و الباقيات من الحياة فضولا
لم يهو عزّ الحسن في خفراته
و أحبّه عند القيان ذليلا
من كلّ نافرة فإن جمّشتها
ألفيت عقد نطاقها محلولا
تأبى فيصرفه الملال و لو حنت
تبغي لبانته لكان ملولا
***
و ترى ابن برد و هو في نزواته
ليثا تحاماه الورى معزولا
هتك الفضائح بعد صون و انتضى
للمالكين بيانه المصقولا
فرموه بالإشراك ثمّ تلمّسوا
من حاسديه شاهدا مقبولا
حتّى إذا عزّ الشهود تمحّلوا
فرأوا شهودا في القريض عدولا
زعمته أهواء السياسة كافرا
نالله ما بالكفر راح قتيلا
***
متجاورين ترى بكلّ خميلة
عند الغدير خليلة و خليلا
متنادمين على السلافة أنشدوا
غرر النسيب و رتّلوا التنزيلا
***
سقيا لنعماء لخيال و لا رأت
عيناي ربعا من هواه محيلا
أثمت بزينته الحضارة و اقتضت
شرّ التقاضي دينها الممطولا
شوهاء تحلم بالجمال و لا ترى
إلاّ الأسى و الثكل و الترميلا
و يعدّ منطقها الضجيج تناسقا
و الحبّ علما قد أعدّ فصولا
فإذا أردت الحبّ فابغ أموره
عند الكتاب و حاذر التأويلا
و تعلّم الحرقات من صفحاته
و الدمع كيف تروضه فيسيلا
و احذق معاتبة النجوم و لومها
متوجّعا و تعمّد التطويلا
فمن الكياسة في كتابك أن ترى
بين النجوم على هواك عذولا
***
حرم الخيال فدى رؤاك حضارة
قد مثّلتك لتخطئ التمثيلا
هيهات حسنك من جمال خادع
غشّ العيون و احكم التضليلا
إنّي لألمح في الغيوب رسالة
و أرى وراء الغيب منك رسولا
و كتاب حقّ لا يبالي بالهوى
إن خالف المعقول و النقولا
إنجيل عيسى في الحنان و إن يكن
في غير ذاك يخالف الإنجيلا
و بيان أحمد : قوّة و عذوبة
و نهى و رأيا في الحياة جميلا
عفّى على مدنيّة صخّابة
يذر الخليّ ضجيجها مشغولا
جبّارة لا عطف في أقدارها
عجلى و ما خلق الزمان عجولا
يمنى تعدّ لك المتاع و أختها
تلد الشقاء و تخلق التنكيلا
تبني و تهدم كالحياة وربّما
غزلت لتنكث خيطها المغزولا
لا عطف يخفق في الصّدور و لا هوى
كذبتك عينك بل رأيت طلولا
و العلم ويل العلم يوم حسابه
إن كان عن نزواتها مسؤولا
***
هذا كتاب الغيب فيه رحمة
تسع البريّة نترفا و معيلا
غسل الوجود من الضغائن و الهوى
لتحلّ روح الله فيه حلولا
و تألّف الانساب يغمر عطفه
منها فروعا سمحة و أصولا
ساوت بساطته الشعوب فما ترى
فيها هجينا أو تعدّ أصيلا
و حنت على النفس الأثيم فابصرت
إثم النفوس على النفوس دخيلا
ولدته أخيلة الشرائع فكرة
فنما بأحضان الحضارة غولا
خلقت له الأسماء و هو كناية
و تخيّلت ألوانه تخييلا
و رمت به الإنسان في نعمائه
فتصّيدته مكبّلا مغلولا
لم ترض تعذيب الحياة فسخّرت
بعد الردى لعقابه المجهولا
فكأنّما تلك الشرائع تقتضي
عند النفوس ضغائنا و ذحولا

نــجــم
17-04-2011, 01:25 PM
فترقبوا الغارات من أيتامها

خلّوا الشام و داميات كلاهما
لا تهتكوا الأستار عن آلامها
عربيّة الأنساب تطرب للوغى
في جاهليّتها و في إسلامها
فإذا أراد زمامها ذو قّوّة
شمست على الباغي بفضل زمامها
عطفت عليه بالسّيوف كأنّها
من حزمها صيغت و من إقدامها
السمر حول قبابها مركوزة
و البيض لامعة بظلّ خيامها
و لقد أراد بها القويّ تحكّما
فتنمّرت أنفا على حكّامها
إن صدّها ذو التاج عن حاجاتها
سألته حاجتها بحدّ حسامها
ألغارة الشعواء عيد كماتها
و دم اللطّلى المشبوب كأس مدامها
ورأيتها ظمأى الجوانح للعلى
فعلى الدم المهراق بلّ أوامها
الروض محتاج لقطر دمائها
يوم الحميّة لا لقطر غمامها
و الحق تبلغه ببأس حماتها
لا باستكانتها و لا استرحامها
البأس كلّ البأس كالأشجّ فباهها
أو كالأعزّ الوائليّ فسامها
يا ابن الشام و ما نظمت قصائدي
إلاّ لهزّ عراقها و شامها
تشدو الحمائم في الشّام و إنّما
أنغام هذا الشعر من أنغامها
الحرّ يؤسر و الحمائم حرّة
يا ليت لي في الشام حظّ حمامها
أليوم معركة الحياة فما الذي
أعددت من عدد ليوم صدامها
من ليس يمنع حقّه في حربها
هيهات يمنع حقّه بسلامها
و إذا تنكّبت الزحام ففترة
و تخرّ منجدلا غداة زحامها
للأقوياء شريعة مكتوبة
بالسيف شيب حلالها بحرامها
أمنّول الأمم الضعيفة حقّها
و مديلها القهّار من ظلاّمها
فصل الخطاب دنا فأيّد أمّة
لم تبغ إلاّ حقّها بقيامها
و اسمح لنصرك أن يرفرف فوقها
و يطاول الجوزاء في أعلامها
يا ربّ علّمها المسير إلى الردى
بسبيل عزّتها و نيل مرامها
هذي دماء كرامها مطلولة
فاقبل ضحيّتها دماء كرامها
لا ترتجي إلاّ حياة حرّة
يا ربّ ، أجر صلاتها و صيامها
إن لم ترجّ الفوز قبل حمامها
فاسمح به يا ربّ بعد حمامها
فتراه بعد الموت في أرواحها
إن لم تكن شهدنه في أجسامها
***
هيهات تنخذل الشام و قد بدا
أثر القراع على شبا صمصامها
ووراء حقّ الغوطتين عصابة
آساد غابتها شموس ظلامها
ألباذلون دماءهم يوم الوغى
و الثائرون بها على أخصامها
ما للذئاب مدلّة في حيّها
أو لا تخاف الشرّ من ضرغامها
النار خامدة اللهيب فحاذروا
يا ظالمي قحطان من إضرامها
إن تقتلوا آباءها بسيوفكم
قترقّبوا الغارات من أيتامها

نــجــم
17-04-2011, 01:25 PM
فرعون

يا نجد جنّات و بيد بكليهما سكر النشيد
ألرملة الظمأى حنين الشّوق و الرّوض المجود
أرجت صباك . يجيد _ حين يشمّها _ من لا يجيد
و عرائس الأحلام نعمان الجزيرة و النفوذ
و قوافل بمتاهة ، ألنجم قائدها الوحيد
و هوادج لحمى السيوف و حولها العدد العديد
رنّ الحليّ بها و جرجر في مباركه قعود
ألجهد هدّ قلوصها بالرّمل و المرعى الجهيد
و الشيح قاطعة النسيم فلا يميل و لا يميد
و أشعّة كالنار . تبر ، ما لسائله جمود
ثمّ الضّحى فاذا عيوا فبظلّ عيسهم الرّقود
حتّى إذا أخفى الضّياء غدائر لليل سود
فالبدر و الحادي و خطو بين سحرهما وئيد
و على الرّبى النيران عطّر وهجها غار وعود
هي و الصباح له عمود ضاحك و لها عمود
و صهيل أفراس و راغية و اضياف وجود
و نسيمة هفهافة ثم المناهل و الورود
و مدلّهان نأت ديارهما و ما نأت الكبود
حملت حنينهما الصبا بأبي الرسالة و البريد
رضوى خيال قصائدي و طيوف أجفاني زرود
أنا ملك إلهامي فلا أبدي هناك و لا اعيد
ما رحت أحكم بالقصيد و راح يحكمني القصيد
إن شاء تمّ لنا اللقاء و إن يشأ كتب الصدود
و الأمر ما يختاره هو سيّد و أنا المسود
و أريده فيفوتني و يزور ساعة لا أريد
سرّي و اجهل كنهه فقديم صحبتنا جديد
و الرّوح أقرب ما إليك و غيبها الدّاني البعيد
***
ألشعر أنغام معطّرة و لؤلؤة و جيد
فيه الهوى و الأريحية و السلافة و المزيد
فرح مقيم في سرائرنا و قافية شرود
و أوزانه عقد الحرير على العرائس لا القيود
الصائنات له كما صينت بعفّتها النهود
نور تحدّده الحروف و تخطئ النور الحدود
أحلة الصّعاب قصائد و نواعم كالورد خود
و من التّمنّع ما يدلّه بالجمال و ما يزيد
الشعر و الحسن المدلّ كلاهما طاغ عنيد
***
أنا من تغنّيه النجوم على السلاف فيستعيد
و على المشيب و عبئه ممّا يؤود و لا يؤود
لتصيدني نجل العيون و قد أغير و قد أصيد
ما كان يقنعني اللقاء فصرت تقنعني الورود
سمراء كالأحلام : جفناها و جفن اللّيل سود
ألحسن يحسد نفسه فيها ، لقد كرم الحسود
و يغار من شهديّها جاراه : سالفة و جيد
***
سمراء حبّك صحوي السكران و الغيّ الرّشيد
لفّي على الجسد البرود تؤرج الدّنيا البرود
ألروح فيك فريدة يزهو بها جسد فريد
ذ**** إن عزّ اللّقاء للوعتي كأس وعود
***
أنا ساحر لمس الغصون و ضمّها فهي القدود
ة من الشقائق حين أقطفها المراشف و الخدود
و من الدّموع و قد ضننت بها اللآليء و العقود
و غمزت عطر الأقحوان فنوّرت شفة برود
عندي الكنوز فكيف تسألني النّجوم و لا أجود
أعطي و تسأل _ لا نملّ _ فتستزيد و أستزيد
شهب السّماء تفرّقت في الأفق تنقص و تزيد
كتب الضّياء لبعضها و لبعضها كتب الهمود
و العبقريّة كالضحى من بعض نعمته الوجود
و أنا الغريب بموطني و أنا المشرّد و الطريد
***
قل للّدات بتدمر عزّ المفاخر و النديد
سجن تضيق كهوفه و السهل منبسط مديد
ألدهر أقعدني و لم يك من شمائلي القعود
و السقم فوّت أن أشارككم و ذروته كؤود
شرفا على عضّ القيود فشارة الشرف القيود
أسمى القلوب هو الرّحيب على النوازل و الجليد
نحن الحماة الأوّلون . قبور صرعانا الشهود
نحن العقيدة و الرسالة و المعارك و الحشود
إن يصرع البطل النجيد تقدّم البطل النّجيد
و تقاسم الكوخ الوديع النصر و الفصر المشيد
أيّام لا الطبقات مزّقت الصفوف و لا الحقود
كفرت جهود كالضحى لله و الوطن الجهود
أنا و العهود فلم يضع حبّ و لم تنكث عهود
عيني الضنينة بالدموع و قلبي المضنى العميد
ماد الطغاة بكم ، فيا فلك السماء ألا تميد ؟
فلك يدور و لم أجد فلكا أتيح له الرّكود
بيني و بين الظّلم نار وغى يشبّ لها وقود
ألحبّ عدّتي الوحيدة لا السّلاح و لا الجنود
و تهون عندي النائبات فلا ألين و لا أحيد
يا ربّ عفوك إن سألت و أنت تعلم من أريد
من أيّ طين أنشئ الظمآن للدم و الحقود
أللّينون على العدوّ و بأسهم فينا شديد
جلّ الوداد فكان من أسماء عزّتك الودود
ألغير وجهك في كنانتك العبادة و السجود
فرعون عاد فكيف كيف و قد عصفت به يعود ؟
ما للطّغاة سيادة ، يخشى الظلام و لا يسود
دنيا العروبة رجّها بالهول شيطان مريد
صبغت بألوان الأذى فخطوبها حمر و سود
أرض الكنانة ما بها إلاّ المتوّج و العبيد
***
فرعون مصر : و أنت من رشق المصاحف لا الوليد
فرعون مصر : و أنت من قتل الهواشم لا يزيد
سمّيت فرعون الكنانة و هي تسمية كنود
فرعون ذلّ به اليهود و أنت عزّ بك اليهود
طامن غرورك . لم تدم عاد و لا بقيت ثمود
و لئن ذكرت فإنّ ذكرك لا الزكيّ و لا الحميد
و لئن حكمت فإنّ عيشك لا الهنيّ و لا الرّغيد
تتناهب الأشلاء نومك و العواصف و الرّعود
و هواجس اليمن السّعيد . و رجّك اليمن السّعيد
***
مغرى بحبّ الإمّعات طريف حكمك و التّليد
من كلّ أبله عاثر وغد يضرّ و لا يفيد
الغدر طبعك و الدسائس و الخيانة و الجحود
يتسلّل النذل الجبان دجى و تقتحم الأسود
***
أميتّم الأطفال : لا جدّ عناك و لا حفيد
أمّ ممزّقة و في أحضانها هشم الوليد
شكت الأرامل و الثّكالى و الطفولة و المهود
يا قاتلا بأخ أخاه . كلا قتيليك الشّهيد
أولا تخاف على بنيك و قد تعثّرت الجدود
أن يستجاب دعاء ثاكلة و أدمعها تجود
فترى بنيك مصرّعين و لا تضمّهم اللحود
كد للنّبي و دينه ألله فوقك إذ تكيد
باد الطّغاة جميعهم أمّا الشعوب فلا تبيد
خلّ الكرامة و شأنهم خلق الكرام لكي يسودوا

نــجــم
17-04-2011, 01:25 PM
كافور

كافور قد جنّ الزّمان و إليك آل الصولجان
خجل السّرير من الدّعيّ و كاد يبكي الأرجوان
أين الأهلّة و الكواكب و الشوامح و الرّعان ؟
الهاشميّون انطووا و أميّة كانوا فبانوا
كافور جمّع حول عرشك كلّ من حقدوا و هانوا
مجد البغيّ تعاف بهرجه المخدّرة الرزان
حرّك دماك فإن أردت قسوا و إن آثرت لانوا
الخاضعون لما تشاء و ما دروه و ما استبانوا
النّاعمون على اليهود على رعيّتك الخشان
للعفّ تخوين بدولتهم و للصّ ائتمان
***
أشبعت بالخطب الجياع فكل هادرة خوان
حفل السماط و من فرائدك الموائد و الجفان
خطب الرئيس هي الكرامة و العلى ، و هي الضمان
هي للجياع الطيبات و للعراة الطيلسان
هي للعفاة النازحين لبانة و هوى و حان
خطب مصبّغة و تعرف من مباذلها القيان
من كلّ عاهرة و تحلف أنّها الخود الحصان
إلحن و كرّر ما تشاء فإنّها الخطب الحسان
و إذا رطنت فإنّها عرباء خالصة هجان
كافور قد عنت الوجوه فكيف لا يعنو البيان ؟
***
الفكر من صرعى هواك و من ضحاياك الحنان
يغني الشام عن الكرامة و النعيم المهرجان
حشدت لطلعتك الجموع فهوّن الخبر العيان
هتفوا فبين شفاههم و قلوبهم حرب عوان
غرثى و يتخم من لحوم الأبرياء الخيزران
عضّت ظهورهم السياط فكلّ سوط أفعوان
الرّاكعون ، السّاجدون عنوا لك و المناهل و الجنان
القاطفون كرومهم و لك السلافة و الدنان
الحاضنون شقاءهم و لك المتارف و اللّين
الظامئون و يومهم شرس الهواجر إضحيان
المالكون قبورهم لمّا عصفت بهم فحانوا
لك عذرة العرس الحزين فما تعز و لا تصان
و لك الظلال فبعض جودك أن يفيّئهم مكان
و دماؤهم لك و البنون فما الأباطح و الرّعان
و لك العبادة لا لغيرك و التشهّد و الأذان
كافور أنت خلقتهم كونوا _ هتفت بهم _ فكانوا
كافور من بعض الإماء زبيدة ... و الخيزران
مروان عبد من عبيدك لا يزان و لا ... يشان
للسّوط جبهته إذا استعلى و للقيد البنان
يا مكرم الغرباء و العربي محتقر ... مهان
تاريخ قومي في يديك يدان حسبك ما يدان
زوّرته وسطا على الأقداس أرعن ألعبان
ما عفّ في الموتى هواه و لا الضمير و لا اللّسان
يا عبقري الظّلم فيه لك ابتداع و افتنان
***
نحن العبيد فلا تحرّكنا الضغينة و اللعان
لا الفقر يلهب في جوانحنا الإباء و لا الهوان
فاسجن و عذّب و استبح حرماتنا و لك الأمان
همدت حميّتنا على الجلىّ و مات العنفوان
من رقّ فتحك حازنا سيف و أحرزنا سنان
و الذلّ أطياب العبيد فما البخور و ما اللّبان
و الظلم من طبع الجبان و كلّ طاغية جبان
***
يا أيّها الصنم المدلّ فما مناه و ما المدان
إن الّهوك فربّما فضح الألوهة ثعلبان
***
بأبي السّهول جمالها كرم و نعمتها اختزان
المذهبات كما تموّج في الضّياء الزعفران
عهدي بها أخت الرّبيع و للمهور بها إران
تلك المروج شذا وافياء و ساجعة و بان
و سنابل للطّير ينقذها فينفرط الجمان
و ثغاء ماشية و يصهل في مراعيها ... حصان
لا خصبها غبّ و لا سقيا غمامتها ... دهان
زهراء تجذب كلّ أرض و هي مخصبة عوان
وشي الغمام فما الطنافس و الحرير و أصفهان
سلمت جباتك، قطننا عاف و حنطتنا و الهيلمان
سلمت جباتك لا الخماص من الشياه و لا السمان
أغلى من الفرس الجواد _ و لا شمات به _ العنان
لا الزرع يضحك في المروج و لا يضوع الأقحوان
خرس البلابل و الجداول دلّه الشكوى حزان
***
الضارعات إلى السماء و لا تجاب و لا تعان
كالأمهات الثّاكلات فعزّ شم ... و احتضان
و أد الهجير بناتهنّ فكل روض صحصحان
بين السماء و بينها ثدي الأمومة و اللبان
نسيت أمومتها السماء فما يلمّ بها حنان
***
أممزّقّ الأرحام لا يبني على الحقد الكيان
غرّب و شرّق في هواك و خن فمثلهم يخان
و اغز الكواكب بالغرور فأنت منصور معان
بالخطبة العصماء تقتحم المعاقل و القنان
و الشتم من آلات نصرك لا الضراب و لا الطّعان
و لك الفتوح المعلمات و من بشائرها عمان
كافور طاغية و في بعض المشاهد بهلوان
من أنت في الحلبات تقحمها إذا احتدم الرّهان
فضح الهجين بشوطه لؤم المنابت و الحران
من أنت ؟ لا المجد الأصيل و لا شمائله اللّدان
لا العبقرية فيك مشرقة و لا الخلق الحسان
لا الفكر مؤتنف العطور و لا البيان و لا الجنان
لا السرّ عندك أريحي المكرمات و لا العلان
من أنت ؟ .. إن ذكر العظام ورنّح الدّنيا افتنان
من أنت ؟ .. لولا صوبة الطّغيان ، أنت إذن فلان
***
كافور عرشك للفناء و ربّما آن الأوان
الخالدان _ و لا أعد الشمس _ شعري و الزّمان
***

نــجــم
17-04-2011, 01:25 PM
لا تذكري الماضي

هل نسيت هند زمان الصبا
لله ما أحلى زمان الصبا
إذ نحن كالأطيار في شدوها
طفلان يختالان بين الربى
نلعب في الكرم و لا بدعة
سعادة الطفلين أن يلعبا
أحذر أن تغضب من هفوة
و تحذر الحسناء أن أغضبا
يا هند عفوا و اغفري زلّتي
إن أنا هيّجت لهيبا خبا
إن كانت الذكرى تثير الأسى
لا تذكري الماضي و لا تحزني
***
الكرم هل أطياره لم تزل
تشدو على أغصانه الناعمة
و الروض هل أزهاره لم تزل
ثغورها مفترّة باسمة
صفصافة الجدول هل مسّها
داعي الردى أم لم تزل قائمة
يا طالما غنّى بألحانه
و أنت في أفيائها نائمة
لا تنفري منّي و لا تغضبي
و لا تكوني في الهوى ظالمة
إن كانت الذكرى تثير الأسى
لا تذكري الماضي و لا تحزني
***
مررت بالغابة مستعبرا
و الليل قد أرخى سدول الظلام
فقلت و الذكرى أثارت هوى
خبا بقلبي منذ عام و عام
هنا تساقينا كؤوس الهوى
هنا تعانقنا عناق الغرام
هنا تلاقينا هنا ودّعت
هنا أشارت كفّها بالسلام
مالي أرى دمعك واحسرتي
منسجما يا هند أيّ انسجام
إن كانت الذكرى تثير الأسى
لا تذكري الماضي و لا تحزني
من أين هذا القرط قد نلته
و ذلك العقد البهيّ الفريد
من ذا الذي قبلته أثّرت
بورد خدّيك فدته الورود
إستقبلي يا هند فتّانة
ضاحكة عهد غرام جديد
أنا أشقي في الهوى فابسمي
بسمة عطف لمحب سعيد
و ذلك الحبّ القديم الذي
مات تناسيه ، و تلك العهود
إن كانت الذكرى تثير الأسى
لا تذكري الماضي و لا تحزني
***
يا هند و الموت مشى مسرعا
إلى شبابي مؤذنا بالفراق
قضى على جسمي يا ليته
قضى على اللّوعة و الإشتياق
حين تمدّين يدا بضّة
ناعمة مترفة للعناق
فيلتقي الثغران في قبلة
تسكر كالخمر نديّ المذاق
إن كانت الذكرى تثير الأسى
لا تذكري الماضي و لا نحزني
***
و حين تمشين الهوينا و قد
أقبلت الشمس تريد المغيب
بين ورود ضحكت للندى
ثغورها نشوى اخضلال و طيب
لا تدخلي الغابة لا تدخلي
فإنّ في الغابة قبر الغريب
قبرحبيب قد تناسيته
أهكذا ينسى الحبيب الحبيب
و اجتنبي الغابة لا تخرقي
حرمة ذيّاك السكون المهيب
فإنّما الذكرى تثير الأسى
لا تذكري الماضي و لا تحزني

نــجــم
17-04-2011, 01:26 PM
لا تحبّيني

لا تحبّيني ففي حبّي الشقاء يا فتاة
و اطرديني تطردي عنك البلاء في الحياة
***
قلبك القلب الذي يخفق لي وحده
دمعك الدّمع الذي ينهلّ لي عقده
أنت من يرثى لدمع البؤساء يا فتاة
أنت من يشقى لحزن الأشقياء في الحياة
***
قد تناساني أمّي و أبي و الشقيق
و صديقي قد جفاني يا له من صديق
إنّما الشاعر في هذا الأسى لخليق
غير أنّي و أمامي و الوراء ظلمات
شمت في عينيك أنوار الوفاء يا فتاة
***
كففت دمعي حبّا و هوى راحتاها
آه ما أحلى الذي فاهت به شفتاها
كلم تشفى بها نفس الفتى من أساها
لا أرى بيت عطايا الكرماء و الهبات
ما يوازي مسح دمع البؤساء و البكاة
***
ربّ في الكون نفوس جمّة تتألّم
تحمل البؤس حزينات و لا تتكلّم
هي من جور البرايا فاحمها تتظلّم
عزّ يا ربّ لجرحاها الدواء و الأساة
ربّ عدلا ما المطيعون سواء و العصاة
***
منعوها كلّ ما عند البشر من نعيم
لو أطاقوا منعوا عنها المطر و النسيم
و لكانوا حجبوا شمس الضحى و النجوم
راقبوا ربّكم يا أقوياء يا قساة
و ارحمونا نحن حزب الضعفاء و العفاة
***
من نثير الدمع ذا الشعر النظيم فاقرأيه
رنّة الثكلى و أنّات السليم فاسمعيه
ها هو البؤس بشخصي ماثل فالمسيه
لا تحبيني ففي حبّي الشقاء يا فتاة
و اطرديني تطردي عنك البلاء في الحياة

نــجــم
17-04-2011, 01:26 PM
لبنان و الغوطتان

لي موطن في ربى لبنان ممتنع
و لي بنو العمّ من أبنائه النجب
إن فاتهم معقل يوم الوغى أشب
بنوا من السمر صرح المعقل الأشب
و لو مشى الموت في شهباء معلمة
مشوا إلى الموت في الهنديّة القضب
لبنان و الغوطة الخضراء ضمّهما
ما شئت من أدب عال و من نسب
ما في اتّحادهما تالله من عجب
هذا الفراق لعمري منتهى العجب
للخلف في الناس أنواع و أغربها
خلف الشقيقين من قومي بلا سبب
كلّ الربوع ربوع العرب لي وطن
ما بين مبتعد منها و مقترب
للضّاد ترجع أنساب مفرّقة
فالضاد بحلق غريب الدار مغتصب
***
من مبلغ فتية الحيّين مألكة
كالسهم ريش فإن سدّدته يصب
فيم التخاذل لا فلّت جموعكم
و الدهر يزحف بالأرزاء و النوب
مالي و للناس جدّ الناس كلّهم
و ضاع قومي بين الجدّ و اللعب
هل لابن دجلة حقّ غير مغتصب
أم لابن جلّق إرث غير منتهب
أين الشباب و فتيان غطارفة
كالأسد في الغيل ما واثبها تثب
اليعربيّون لا حقد و لا غضب
قد يسلب الحقّ بين الحقد و الغضب
***
غنّيت قومي بالأشعار أطربهم
لو يسمع القوم شدو الشاعر الطرب
و أحزن الشعر بيت راح ينشده
دمع تحدّر من أجفان مكتئب
خير القصائد ما أوحته عاطفة
فسار في كلّ دنيا غير مغترب
و للطبيعو شعر راح يسكرني
فهل جرت في قوافيه لبنة العنب
قرأته في النجوم الزهر عن كثب
و في صفاء العيون النجل عن كثب
***
قد كان لي أرب طاح الزمان به
فيا شقاء فتى يحيا بلا أرب
و كان لي مقول كالسيف منصلتا
فحطّم الظلم حدّ المقول الذّرب
لأرحلنّ فلي في الأرض متّسع
إن ضاق بي صدر هذا الموطن الرحب

نــجــم
17-04-2011, 01:26 PM
ما شأن هذا الأشعث الجواب

هل عند أنجمك الضواحك ما بي
يا ليل إشراكي و صبح متابي
طهّرت آثامي البريئة في لظى
قبل كأحلام النّعيم عذاب
فأدر عليّ سلاف ريقك و اسقني
و اسق النّديم سلافة الأعناب
و إذا عتبت على لماك فربّما
سمح الحبيب برشفة الأعتاب
و سّدتك اليمنى لعلّي في غد
أرد الحساب و وجنتاك كتابي
و نعمت ألمح في جفونك رغبة
خجلى صريعة نشوة و دعاب
لا تغف تحلم بالنجوم فيرتمي
منها لرشف لماك ألف شهاب
لا تغف و أثم في هواك و لا تخف
نسكي أمانك في غد و ثوابي
هيهات وزرك لا أنوء بحمله
إن صحّ أمر قيامة و حساب
يا ربّ عفوك قد ثملت فخلّني
لغوايتي و تهتّكي و شرابي
و جنون أحلامي تثور عنيفة
حمراء بين معالم و قباب
سفكت دمي و ألحّ في إرضائها
فتعافه و تلحّ في إغضابي
أحلام جبّار السماوات العلى
نزلت عليّ و ضمّها جلبابي
خلقت ببيدائي الظميئة جنّة
ثرثارة الألوان و الأطياب
يأوي إلى رحماتها و حنانها
قلم الحكيم و منجل الحطّاب
فإذا الحياة على جلالة قدرها
داري و هذا الأفق بعض رحابي
و إذا الكواكب من لدات طفولتي
و الكون و الأجيال من أصحابي
نزلت على فقري و أعوزها القرى
هذا دمي و لبانتي و شبابي
و ثمالة في الكأس أغفلها الهوى
لمصرّعين غطارف أنجاب
صرفا و أشفق من عنيف خمارها
ساقي الكؤوس فشجّها برضاب
***
ذاك البيان على مرارة كأسه
سكر العقول و فتنة الألباب
و تخاله قطع الرّياض تفتّحت
فيها الخمائل عن أغرّ عجاب
نشوى بأنداء الصباح يديرها
ساقي الرّبيع مزعفر الجلباب
و الحكمة الغرّاء في كلماته :
نور البيان و حلية الآداب
أفضى إلى الأخلاق و هي مصونة
أتراه يكتم سرّها و يحابي
مالي و للأخلاق يغمر سرّها
عنت الغبيّ و خدعة المتغابي
ألغدر في داود بعد مشيبه
و رعاية الأضياف من راحاب
ظمأى إلى القبل الأثيمة عذبة
كالبابليّ مريرة كالصّاب
قامت بأعباء الوفاء و لم تقم
فيه جلال الملك و الأحساب
و أبت لضيفيها الحبائل بعدما
وردا حبائل عريها الجذّاب ؟
***
مرحى لبائعة السرور و لا انطوت
ذ**** من نشوى الدّلال كعاب
أزرى بعفّتك الجمال و خلفه
سكران سكر هوى و سكر شباب
مرحى و إن عصر الشقاء سلافة
من وجنتيك أثيمة الأكواب
مرحى و في عينيك من صور الهوى
ما لا يعدّ و من رؤى الأحباب
محراب حسنك قد وقفت ببابه
و سجدت أعبد دمية المحراب
و لمحت فيه جلال حسنك راقدا
فوق الشفاه اللّعس و الأهداب
و سكرت من أحلامه بسلافة
عجب و من آهاته بملاب
جبت الظلام فلم أدع من دجنة
إلاّ غدائر شعرك المنجاب
و لقد تبيّنت الهوى لم يخفه
في مخدع الشهوات ألف نقاب
في ذمّة الذكرى بقايا ليلة
عريانة مجنونة الآراب ...
***
و يريغه عنّي النعيم فأنثني
لأراه في العبرات و الأوصاب
و سخرت بالأوهام عصر شبيبتي
و حسبت فيض الماء لمع سراب
فاليوم تخشع للخرافة حكمتي
و يطوف حول قبابها إعجابي
و أرى به طيف الحقيقة كامنا
خلف الحجاب ولات حين حجاب
قتلت هواي و حكمتي و تجاربي
فأنا الشّهيد و هذه أسلابي
حسناء تلتفع البرود قديمة
يا ليتها رضيت جديد إهابي
فاخشع لحالية الشباب و ربّما
شهدت و كان الدّهر في الغيّاب
تفنى لتقتبل الحياة نضيرة
سمجاء بعد تنازع و غلاب
عبدت و سبّت فهي منذ تبرّجت
للكون بين عبادة و سباب
مثل الحقيقة كالجمال و ربّما
متّت إليه بأقرب الأسباب
للمشرق الضاحي الأغرّ قلادة
من و للشفق المريض الخابي
الصبح مرموق الضياء منوّر
و الليل ريّان الملاحة سابي
سبحان من نثر الحقيقة حفنة
قدسيّة من حكمة و صواب
تذري الرّياح بها مدامع رحمة
بين العقائد أو سياط عذاب
فالمح نثير ضيائها فيما ترى
من دعوة و خرافة و كتاب
لولا التقى لرأيت بعض جلالها
جمالها برسالة ( الكذّاب)
***
يا سيّد الصرح الممردّ دونه
حجب المنون و قسوة الحجّاب
رفعته من جنّ السماء عصابة
فبدا أشمّ على أشمّ عقاب
العدل و التوحيد في ذرواته
و عبادة الأزلام و الأنصاب
بيت الحقيقة طاف في أركانه
ذلّ العبيد و عزّة الأرباب
و علت مع الأوراد في غلس الدّجى
أغنيّة للحبّ من زرياب
و تعانق البغضاء حول قبابه
يتألّقون شوارد الأحساب
و حنا اليقين على الجحودو ما حنا
إلا على الخلصاء و الأتراب
تتخايل الأسرار فيه و تختفي
معها طيوف السحر و الإغراب
و ترى على الشرفات أشباح الرؤى
تصغي و ينشدها إله الغاب
و تحسّ بالنغمات تعتنق الدجى
و تثير من وجد و من إطراب
نغم الخفاء تجاوبت أصداؤه
في موحش غمر الرّمال يباب
و إلهة الوادي تثور بعريها
وثبا للجّة نهره المنساب
فيضمّها عريانة مقرورة
نشوى بعنف غرامه الصخّاب
لو أنّ خدّيها إليك و ثغرها
لقطفت من ورد و من عنّاب
***
أشرق بلألاء اليقين و سرّه
فالأنبياء و آلهم في الباب
عيسى و رحمته و أحمد و الرؤى
و الوحي نور مفاوز و شعاب
و ربيب مصر تطوف حول جماله
ريب الغيور و خدعة المغتاب
يدعو أفانين الهوى فتجيبه
و دعا هواك فلم يفز بجواب
و الفاتحون من الملوك كأنّهم
عقبان جوّ أو قساور غاب
ألدرّة البيضاء دون جمالها
سود المنون بزخرة و عباب
حملوا اللألي و السلافة و المنى
و غرائب الألطاف و الأجلاب
و حملت أسمالي إليك و شافعي
لهوى فتاتك غربتي و عذابي
فاسخر بإدلالي عليك و قل لها :
ما شأن هذا الأشعث الجوّاب ؟

نــجــم
17-04-2011, 01:26 PM
ماك سويني

أحقّا ما روت عنك الرّواة
ترى أم قي حديثهم هنات
و هل نبأ رواه البرق صدق
أم الأسلاك فيه كاذبات
غلبت الموت فيه و ذاك أمر
ستكبره القرون الآتيات
و هوّنت المنون لشاربيها
فلا ألم هناك و لا شكاة
سلكت صعابها ما فلّ حدّ
لعزمك لا و لا غمزت قناة
و أرخصت الحياة فيا لكنز
أزالته المقاديم الأباة
بسطت يديك بسطة أريحيّ
فكانت من عطاياك الحياة
و كنت هناك أجرأهم جنانا
إذا طاشت من القوم الحصاة
و أثبتهم لدى الجلّى فؤادا
إذا ما أعوز القوم الثبات
***
بلغت من العدى بالموت ما لم
تبلّغه السيوف المرهفات
لقد و قفوا لديك و هي حيارى
فراعهم سكونك و الأناة
رأوك تهشّ في وجه المنايا
و حولك في الحياة الطّيبات
و تبتسم للمنون و قد تسنّت
لو اخترت النجاة لك النجاة
و تقتبل الردى ظمأ و جوعا
ليذكو الغرس بعدك و النبات
فأكبرك العداة و ربّ حرّ
تغنّت في بطولته العداة
***
عصيت العاطفات فمتّ جوعا
و من بعض القيود العاطفات
و لم تبخل بنفسك و هي كنز
متى بخلت بأنفسها الكماة
لقد حرّرتعا فسمت صعودا
كما سمت النجوم النّيرات
علوت بها عن الأعراض حتّى
تساوى الموت عندك و الحياة

نــجــم
17-04-2011, 01:26 PM
مي في وطنها

يا أرز لبنان و قد أقبلت
ميّ و سرب الغانيات الملاح
و انحنت الهامات من هيبة
لمجدك البادي بتلك البطاح
أمّا قرأت الحبّ في سورة
خطّت على تلك الوجوه الصباح
كافحت إعصار الردى ظافرا
فمن محا آثار ذاك الكفاح
و جرّد الدّهر عليك الظبى
فانخذل الدهر و فلّ السلاح
غالبته تسخر من صرفه
كبرا و لا تخشى القضاء المتاح
ما نال منك الدهر إلاّ الذي
نالت من الصخر الأصمّ الرياح
أين سليمان و بلقيسه
اخت هلال الأفق بنت الصباح
و أين ذاك الهيكل المرتجى
هيضت خوافيه و قصّ الجناح
فاتل على ميّ أحاديثه
من يوم شادوه إلى اليوم طاح
***
يا بردى الشام و قد أقبلت
ميّ الفتاة الغادة الشاعرة
لا تنكر الشّوق فقد صفّقت
من وجدها أمواهك الطاهرة
تلا عليها بردى ما جرى
عليه في أيّامه الغابرة
فاستعبرت تذكر آلامه
يا حبّذا المحبوبة الذاكره
خاطبها الماء و لا بدعة
فإنّها يا بردى ساحره
حدّث عن الماضي و أعراسه
و عن صروف الزمن الغادره
و عن جدود فيك ميمونة
و عن جدود بعدها عاثره
و عن عروش حسدت مجدها
في الأفق هذي الأنجم الزاهره
و اتل على ميّ رواياتهم
فإنّها مبكية زاجره
***
يا بعلبك ابتسمي إنّها
ميّ و سرب الغانيات الدمى
و استقبلي الوحي فوحي النّهى
سلّم في السرب الذي سلّما
بنيانك الخالد ما باله
أصبح لغزا غامضا مبهما
ها شاده أهل الثرى معجزا
أم شاده في الأرض أهل السما
لم يدر هذا العصر من سرّه
شيئا فما أبهى و ما أعظما
و اخجل الإنسان في كبره
لا كرّم الحقّ و لا كرّما
لقد سما الأجداد من قبله
كما سما أو فوق ما قد سما
هل عنده من يبتني تذمرا
أمغرما في الفنّ أو مرغما
فقدسيّ مبدعها مالكا
لا ينقض الأمر إذا صمّما
واتلي على ميّ أعاجبه
فالمرء مذكور بما قدّما
***
يا ميّ ، و الأرزاق مقسومة
سبحان من قسّمها في الأنام
من مصر لبّيت نداء الهوى
فزرت لبنان و زرت الشام
ثمّ تهاديت على سابح
ممتنع الجانب عند الصدام
تبغين أرض النيل مشتاقة
لمنهل عذب و أهل كرام
قبر ((التنوخي)) الطّهور الثرى
ما ضرّ لو حيّيته بالسّلام
ما أحوج القبر إلى دمعة
من جفن ميّ لا جفون الغمام
فابكي على القبر الذي ضيّعت
أمجاده الفرقة و الإنقسام
و اتلي على القوم أحاديثه
فإنّ فيها عبرة للأنام

نــجــم
17-04-2011, 01:27 PM
مرابع الأحباب

أمرباع الأحباب بقلبي لمن ظعنوا مرابع
فسلي الأضالع عن هواه .. فسرّه عند الأضالع
أتبعته ركب الحبيب ميمّما ذات الأجارع
و سألت عن الراجعين فقيل قلبك غير راجع
***
بعد الذين أحبّهم و الوجد يذكيه البعاد
ويل الجياد فقد نأت بأحبّتي تلك الجياد
بعثوا خيالهم و كيف به لمن حرم الرقد
أتراهم علموا بمن أصفاهم صدق الوداد
***
يا ساكني القصر المهيب عفت ، و حقّكم ، القصور
و تغيّر الزمن الخؤون فما وفى لكم عشير
نقضت عهودكم و خانكم المقرّب و السمير
و تنكّر الإخوان حين تنكّر الدهر الغدور
***
أبوابكم هجرت فلا نور هناك و لا ازدحام
قد كان يؤنسها الضياء فصار يوحشها الظلام
واحسرتاه ! لمت الخطوب فما انتفعت من الملام
جدّ تنبّه ثمّ أدركه الكرى طفلا فنام
***
أحبابنا أين الألى نظموا بمدحكم الجواهر
أين القصائد تزدهي متباهيات كالضرائر
أين المغنّي و النديم و أين ذو الغرر السوائر
صمت الجميع و لم يفه غيري من الشعراء شاعر
***
غنّيت ما شاء القريض لديكم مترنّما
و نطقت عن سرّ القلوب معبّرا و مترجما
حتّى إذا نزل القضاء معبّسا متجهّما
ردّدت شعري في حماكم باكيا متألّما
***
أنا لا يغيّرني الصدود و لا الجفاء و لا النوى
ولع بسكّان اللوى مرحى لسكّان اللّوى
و الله قلبي ما تنكّب عن هواه و لا ارعوى
لا خان عهدكم الوثيق على البعاد و لا نوى
***
يسمات شعري حوّلتها الفاجعات إلى دموع
فإذا بكيت على الرّبوع فإنّ ذا حقّ الربوع
الفاخرات على الزمان التائهات على الرّبيع
سلب الزّمان جلالها و جمال فرقدها الرفيع
***
أحبابنا لا تضعفوا فالضعف داعية الفناء
و تعلّموا أنّ الحياة وصفوها للأقوياء
النّاهدين إلى النزال الصابرين على البلاء
القاحمين على الخطوب عرينها و على القضاء
***
أين الشرائع ؟ لم يعد في الأرض ظلّ للشرائع
درست و قام بنا على أنقاضها دين المطامع
الصدق ما نطقت به في الناس أفواه المدافع
و الحقّ ما قامت تؤيّده الظبى البيض القواطع
***
ضلّ الذي زعم الأنام عن القديم تقدّموا
الناس في كلّ العصور كما علمت هم هم
يشقى الضعيف و يستبدّ به الكميّ المعلم
و تحلّل الأطماع ما تختاره و تحرّم
دول تدول و غيرها نبنى على أنقاضها
و ممالك مرضت فحار الطبّ في أمراضها
قصّت قوادمها فمن يحنو على منهاضها
ترمي الليالي الخطوب و نحن من أغراضها

نــجــم
17-04-2011, 01:27 PM
مصرع الشمس

زهزوة الفتح و الشباب النّجيد ،
من سقى الفجر من دماء الشهيد !
خضبت غرّة الصّباح فقد
نمّ عليها بالعطر و التوريد
قد أنزل الكميّ عن السرج
و ألوى بالفارس المعدود
مصرع الشمس في الضحى هل ينال
الشمس في أفقها عثار الجدود
دم غازي ياحمرة الفجر فاسقي
و أرشفي من ضيائه و استزيدي
عرس في الجنان فالحور يطفرن
على ميعة الضياء البديد
سدرة المنتهى نعيم و أفياء
و أغرودة على أملود
و حنت فاطم تضمّ فتاها
لهفة الأمّ فوجئت بالوحيد
من رأى روعة الحنان أطلّت
من عيون و لألأت في خدود
و هفا بالنعيم غازي لبغداد
و للجند و القنا و البنود
***
إيه دنيا الرّشيد تفنى الحضارات
و تبقى ، كالدهر دنيا الرّشيد
صور للعلى القديم وضّاء
زوّقتها رؤى الخيال الشرود
صور للقديم تعرضها الدّنيا
ضياء و روعة في الجديد
هذه دجلة و هذي البساتين
و شدو القمريّة الغرّيد
و الأماسيّ و النخيل و ملاّح
طروب الحداء حلو النّشيد
و الليالي القمراء في النّهر
و الأنغام أصداء زورة و صدود
و القيان الملاح يخطرن في
الشطّ سكارى مرنّحات القدود
آهة بعد آهة من عريب
تخلق الظلّ للضحى المكدود
كلّما هلهلت صبا أو حجازا
ضاع حلم المتوّج المحسود
و جوار يمرحن في الزورق الساجي
و يضحكن عن نديّ برود
رفّ مجدافه على الماء و انساب
بأحلى معاصم و زنود
فانتشى من طيوفهنّ و جنّت
قطرات علقن بين النّهود
و القصور البيضاء و الحلم
اللذّ جلاه دخان ندّ و عود
حملته هفهافة العطر نشوان
إلى جنّة الخيال البعيد
همدت ثورة الشهيد و قرّت
يا دويّا مجلجلا في الهمود
***
إيه دنيا الرّشيد تفنى الحضارات
و تبقين من لدات الخلود
قصر هارون ما عهدت من الألاء
و العزّ و ازدحام الوفود
حمل التّاج مفرق الملك الطفل
و ما ناء بالجليل الشديد
تاج بغداد و الشام و لبنان
و بحر للروم طاغ عنيد
أيّها البحر ! بعض تيهك و اذكر
نسبا بيننا قديم العهود
لست للروم أنت للملك الطفل
نضار في تاجه المعقود
أيّها البحر ! أنت مهما افترقنا
ملك آبائنا و ملك الجدود
***
و انحنى الكون يلثم الملك الطفـ
ـل و يفديه بالطّريف التليد
***
صاحب التّاج ! دمعة من دموع
الشام ذوّبت عطرها في قصيدي
و أنا الشاعر المدلّ على الدنيا
بغيب في حبّكم و شهود
هاشمي الهوى أحبّ فما دارى
و عادى على هواكم و عودي
حليت في نعيم جدّك أشعاري
و نمنمت في ذراه عقودي
حاطني بالحنان صقر قريش
و سقى دوحتي و نضّر عودي
لكم نعمة عليّ و ما كنت
لنعماء بيتكم بالجحود
فيّئ الشام باللواء و نضّر
شاطئيها بظلّك الممدود
ليس بين العراق و الشام حدّ
هدم الله ما بنوا من حدود
بايعت جدّك الشام فسلها
تتحدّث عن يومه المشهود
بيعه في رقابنا لأبي غازي
و للإبن بعده و الحفيد
***
قل كما قال للغمامة هارون
و في الجوّ زمزمات الرّعود
قل لها : أيّها الغمامة جودي
شاطئ الرّافدين أو لا تجودي
حوّمي ما أردت شرقا و غربا
في تجوم الكون الفسيح المديد
سترفّين مخصبا من سفوحي
أو تروّين ظامئا من نجودي
أمطري حيث شئت فالكون ملكي
و بنوه قبائلي و جنودي
***
لا تسلني عن الشام فقد حزّ
بجيد الشام عضّ الحديد
لوّحوا بالقيود فابتدر الموت
أباة تنمّروا للقيود
روّعوا الأمّهات في حلّك الليل
و راعوا صغراها في المهود
فتنمّر و اغضب لقومك و ارجم
بالشّهاب اللّمّاح كلّ مريد
و اغز بالجيش قبّة الفلك الدائر
و اقحم به عرين الأسود
جيشك الجيش لو تنكّر للنوم
لضاقت به جفون الرّقود
فإذا هجته ترنّحت الأعلام
و ازّيّنت لفتح جديد
و إذا هجته تلفّتت الدنيا
و همّت أفلاكها بالسجود
***
شقيت باليهود أرض فلسطين
و ضاقت رحابها باليهود
بنفايا الدنيا ، على كلّ وجه
منهم ، سبّة اللعين الطريد
أدب القوم بالسّياط و نزّه
سيف هارون عن دماء العبيد
***
بنت مروان لا تراعي و خلّي
عنك تهويل عدّة و عديد
أنت في ذمّة الوصيّ على التاج
و في ذمة المليك الوليد
أنت في ذمّة العراق و في
ذمّة أنجاده الأباة الصيد
***
قيل من للشام ؟ قالت : أعزّ
العرب جارا و أومأت (للسعيد))

نــجــم
17-04-2011, 01:27 PM
من وحي الهزيمة

رمل سيناء قبرنا المحفور
و على القبر منكر و نكير
كبرياء الصحراء مرّغها الذلّ
فغاب الضحى و غار الزّئير
لا شهيد يرضي الصحارى ، و جلّى
هارب في رمالها و أسير
أيّها المستعير ألف عتاد
لأعاديك كلّ ما تستعير
هدّك الذعر لا الحديد و لا النار
و عبء على الوغى المذعور
أغرور على الفرار ؟! لقد ذاب
حياء من الغرور الغرور !
ألقلاع المحصّنات – إذا الجبن
حماها – خورنق و سدير !
لم يعان الوغى ((لواء)) و لا عانى
((فريق)) أهوالها و ((مشير))
رتب صنعة الدواوين .. ما شارك
فيها قرّ الوغى و الهجير
و تطير النسور من زحمة النّجم ،
و في عشّه البغاث يطير
جبن القادة الكبار و فرّوا
و بكى للفرار جيش جسور
تركوه فوضى إلى الدور ، فيحاء ،
لقد ضمّت المساء الخدور !
هزم الحاكمون – و الشعب في
الأصفاد ، فالحكم وحده المكسور
هزم الحاكمون . لم يحزن الشعب
عليهم ، و لا انتخى الجمهور
يستجيرون ! و الكريم لدى الغمرة
يلقى الردى و لا يستجير !
***
لا تسل عن نميرها غوطة الشام
ألحّ الصدى و غاض النمير
و انس عطر الشام ، حيث يقيم
الظلم تنأى .. و لا تقيم العطور
أطبقوا .. لا ترى الضياء جفوني
فجفوني عن الضياء ستور
بعض حرّيتي السّماوات و الأنجم
و الشمس و الضحى و البدور
بعض حرّيتي الملائك و الجنّة
و الراح و الشذا و الحبور
بعض حرّيتي الجمال الإلهيّ
و منه المكشوف و المستور
بعض حرّيتي و يكتحل العقل
بنور الإلهام ، و التفكير
بعض حرّيتي . و نحن القرابين
لمحرابها ، و نحن النذور
بعض حرّيتي ، من الصّبح أطياب
و من رقّة النسيم حرير
نحن أسرى ، و لو شمسنا على القيد
لما نالنا العدوّ المغير
لاقتحمنا على الغزاة لهيبا
و عبرنا و ما استحال العبور
سألوني عن الغزاة فجاوبت :
رمال تسفى و نحن الصّخور
سألوني عن الغزاة فجاوبت :
ليال تمضي و نحن الدّهور !
***
هل درت عدن أن مسجدها الأقصى
مكان من أهله مهجور
أين مسرى البراق ، و القدس و المهد
و بيت مقدّس معمور ؟
لم يرتّل قرآن أحمد فيه
و يزار المبكى و يتلى الزّبور
طوي المصحف الكريم ، و راحت
تتشاكى آياته و السطور
تستبى المدن و القرى هاتفات
أين .. أين الرّشيد و المنصور !
يالذلّ الإسلام . إرث أبي
حفص بديد مضيّع مغمور
يا لذلّ الإسلام : لا الجمعة الزهـ
ـراء نعمى . و لا الأذان جهير
كلّ دنيا المسلمين مناحات
و ويل لأهلها و ثبور
لبست مكّة السّواد ، و أبكت
مشهد المرتضى و دكّ الطور
هل درى جعفر ؟ فرفّ جناحاه
إلى المسجد الحزين يطير !
ناجت المسجد الطّهور و حنّت
سدرة المنتهى و ظلّ طهور
أين قبر الحسين ؟ قبر غريب !
من يضمّ الغريب أو من يزور
أين آي القرآن تتلى على الجمع
و أين التهليل و التكبير ؟
أين آي الإنجيل ؟ فاح من الإنجيل
عطر و ضوّأ الكون نور
أين روما ؟ و جلّ حبر بروما
مهد عيسى يشكو و يشكو البخور
ألنصارى و المسلمون أسارى
و حبيب إلى الأسير الأسير
صلب الرّوح مرّتين الطّواغيت !
جراح كما يضوع العبير
يا لذلّ الإسلام و القدس نهب
هتكت أرضه فأين الغيور
قد تطول الأعمار لا مجد فيها
و يضمّ الأمجاد يوم قصير
من عذولي على الدّموع ؟ و في المروة
و الرّكن و الصفا لي عذير
و حرام عليّ أن ينزل البشر
بقلبي و أن يلمّ الحبور
كحلت بالثّرى الخصيب جفون
و هفت للثرى الحبيب ثغور
لا تشقّ الجيوب في محنة القدس
و لكنّها تشقّ الصدور
حبست أدمع الأباة من الخوف
و يبكي الشذا و تبكي الطيور
أنا حزن شخص يروح و يغدو
و مسائي مع الأسى و البكور
أنا حزن يمرّ في كلّ باب
سائل مثقل الخطى منهور
طردتني الأكواخ ، و البؤس قربى
و تعالت على شقائي القصور
يحتويني الهجير حينا ، و لا يرحم
أسمال فقري الزمهرير
و على الجوع و الضنى و الرّزايا
في دروبي أسير ثمّ أسير
نقلتني الصحراء حينا .. و حينا
نقلتني إلى الشعوب البحور
حاملا محنتي أجرّر أقدامي
و يومي سمح الغمام مطير
حاملا محنتي أوزّعها في
كلّ دنيا و شرّها مستطير
محنتي الغيث إن أرادوا و إلاّ
فهدير البركان و التدمير
حاملا محنة الخيام ، فتزورّ
وجوه عنّي و تغلق دور !
ألخيام الممزّقات و أمّ
في الزّوايا و كسرة و حصير
و فتاة أذلّها العرى و الجوع
و يلهو بالرمل طفل صغير
كلما أنّ في الخيام شريد
خجل القصر و الفراش الوثير
خجل الحاكمون شرقا و غربا
و رئيس مسيطر و وزير
هيئة للشّعوب تمعن في الذنب
و لا توبة و لا تكفير
شارك القوم كلّهم في أذانا
و من القوم غيّب و حضور
من قوانينها المداراة للظلم
و منها التغريب و التهجير
و يقام الدستور ، أضحوكة الساخر
منّا و يوأد الدستور
كلّ علم يغزو النجوم و يغزو
بالمنايا الشعوب علم حقير
و الحضارات بعضهنّ بشير
يتهادى و بعضهنّ نذير
نعميات الشعوب شتّى ، فنعمى
حمدت ربّها و نعمى كفور
***
لن يعيش الغازي و في الأنفس
الحقد عليه ، و في النّفوس السّعير
يحرق المدن ، و العذارى سبايا
و صغير لذبحه و كبير
دينه الحرق و الإبادة و الحقد
و شتم الأعراض و التشهير
صوّرته التوراة بالفتك و التدمير
حتى ليفزع التصوير
من طباع الحروب كرّ و فرّ
و المجلّي هو الشجاع الصبور
ليس يبنى على الفجاءات فتح
علمي في غد هو المنشور
تنتخي للوغى سيوف معدّ
و يقوم الموتى و تمشي القبور
عربيّ فلا حماي مباح
- عند حقدي – و لا دمي مهدور
***
نحن أسرى ، و حين ضيم حمانا
كاد يقضي من حزنه المأسور
كلّ فرد من الرّعية عبد
و من الحكم كلّ فرد أمير
و مع الأسر نحن نستشرف الأفلاك
و الدائرات كيف تدور
نحن موتى ! و شرّ ما ابتدع الطغيان
موتى على الدّروب تسير
نحن موتى ! و إن غدونا و رحنا
و البيوت المزوّقات قبور
نحن موتى . يسرّ جار لجار
مستريبا : متى يكون النشور
بقيت سبّة الزمان على الطاغي
و يبقى لنا العلى و الضمير
***
سألوا عن ضناي ، محض تشفّ
هل يصحّ المعذّب الموتور
أمن العدل أيّها الشاتم التاريخ
أن تلعن العصور العصور ؟
أمن النبل أيّها الشاتم الآباء
أن يشتم الكبير الصغير
و إذا رفّت الغصون اخضرارا
فالذي أبدع الغصون الجذور
إشتراكيّة ؟! و كنز من الدرّ
و زهو و منبر و سرير
إشتراكيّة تعاليمها : الإثراء
و الظّلم و الخنا و الفجور
إشتراكيّة ! فإنّ مرّ طاغ
صفّ جند له و دوّى نفير
كلّ وغد مصعّرالخدّ لا سابور
في زهوه و لا أزدشير
يغضب القاهر المسلّح بالنّار
إذا أنّ أو شكا المقهور
ينكر الطّبع فلسفات عقول
شأنهنّ التعقيد و التعسير
كلّ شيء متمّم لسواه
ليس فينا مستأجر و أجير
بارك الله في الحنيفيّة السمحاء
فيها التسهيل و التيسير
***
و رقيب على الخيال .. فهل يسلم
منه المسموع و المنظور ؟
عازف عن حقائق الأمر لوّما
و كفى أن يلفّق التقرير
فيجافي أخ أخاه و يشقى
بالجواسيس زائر و مزور
لصغار النّفوس كانت صغيرات
الأماني و للخطير الخطير
يندر المجد ، و الدروب إلى المجد
صعاب ، و يكثر التزوير
علموا أنّه عسير فهابوه
و لا بدع فالنفيس عسير
محنة الحاكمين جهل و دعوى
جبن فاضح و مجد عثور
نهبوا الشعب ، و استباح حمى المال
جنون النعيم و التبذير
كيف يغشى الوغى و يظفر فيها
حاكم مترف و شعب فقير
مزّقوه ، و لن يمزّق ، فالشعب
عليم بما أرادوا خبير
حكموه بالنّار فالسيف مصقول ،
على الشعب حدّه مشهور
محنة العرب أمّة لم تهادن
فاتحيها و حاكم مأجور
***
هنكوا حرمة المساجد لا جنكيز
باراهم و لا تيمور
قحموها على المصلّين بالنّار
فشلو يعلو و شلو يغور
أمعنوا في مصاحف الله تمزيقا
و يبدو على الوجوه السّرور
فقئت أعين المصلّين تعذيبا
و ديست مناكب و صدور
ثم سيقوا إلى السّجون ، و لا تسأل ،
فسجّانها عنيف مرير
يشبع السوط من لحوم الضحايا
و تأبّى دموعهم و الزفير
مؤمن بين آلتين من الفولاذ
دام ، ممزّق ، معصور
هتفوا باسم أحمد فعلى الأصوات
عطر و في الأسارير نور
هتفوا باسم أحمد فالسّياط الحمر
نعمى و جنّة و حرير
طرف اتباع أحمد في السّماوات
و طرف الطاغي كليل حسير
***
عبرة للطغاة مصرع طاغ
و انتقام من عادل لا يجور
ألمصلّون في حمى الله يرديهم
مدلّ بجنده مخمور
جامع شاده في حمى الله يرديهم
أمويّ معرّق منصور
لم ترع فيه قبل حكم الطّواغيت -
طيور و لا استبيحت و كور
مطلق النّار فيه ، في الجمعة الزهراء
شلو دام و عظم كسير
و الذي عذّب الأباة رأي التعذيب
حتّى استجار من لا يجير
قدماه لم تحملاه إلى الموت
فزحف على الثرى لا مسير
و خزته الحراب و هو مسوق
لرداه ، محطّم مجرور
و يجيل العينين في إخوة الحكم
و أين الحاني و أين النّصير ؟
كلّ فرد منهم لقتل أخيه
يصدر الرأي منه و التدبير
و إذا يذبح الرّفيق رفيق
منهم و العشير فيهم عشير
يأكل الذئب ، حين يردى ، أخوه
و يعضّ العقور كلب عقور
***
إرجعوا للشّعوب يا حاكميها
لن يفيد التهويل و التّغرير
صارحوها فقد تبدّلت الدّنيا
وجدّت بعد الأمور أمور
لا يقود الشعوب ظلم و فقر
و سباب مكرّر مسعور
و الإذاعات ! هل تخلّعت العاهر ؟
أم هل تقيّأ السكيّر ؟!
صارحوها .. و لا يغطّ على الصدق
ضجيج مزوّر و هدير
و اتّقوا ساعة الحساب إذا دقّت
فيوم الحساب يوم عسير
يقف المتّهمان وجها لوجه
حاكم ظالم و شعب صبور
كلّ حكم له – و إن طالت
الأيّام – يومان : أوّل و أخير
كلّ طاغ – مهما استبدّ – ضعيف
كلّ شعب – مهما استكان – قدير
و هب الله بعض أسمائه
للشعب ، فهو القدير و هو الغفور
***
يبغض الظّلم ناصحيه ، و إنّي
لملوم في نصحكم معذور !
يشهد الله ما بقلبي حقد
شفّ قلبي كما يشفّ الغدير
و جراحي ينطفن شهدا و عطرا
أدمعي رحمة و شعري شعور
يرشف النّور من بياني فإنّ
غنّيت فهو المدلّه المخمور
و طباعي على ازدحام الرزايا-
لم ينلها التبديل و التغيير
مسلم .. كلّما سجدت لربّي
فاح من سجدتي الهدى و العبير
و مع الشيب و الكهولة قلبي
- كعهود الصّبا – بريء غرير
بي حرّيتي و إيماني السمح
فحلمي هان و جفني قرير !
لم أهادن ظلما و تدري اللّيالي
في غد أيّنا هو المدحور !

نــجــم
17-04-2011, 01:27 PM
من كسعد ؟

سأل الصبح عن أخيه المفدّى
أيّها الصبح لن تشاهد سعدا
غيّب الدّهر من سيوف نعدّ
مشرفيّا حمى وزان معدّا
كلّما عارضوا الصّوارم فيه
كان امضى شبا و أصفى فرندا
***
حاسنوا غرّة الصباح بسعد
فعلمنا أيّ الصباحين أهدى
طلعة تفرح العيون و تسبيها
و تغزو القلوب كبرا و مجدا
و حديث كأنّه قطع الروض
تنوّعن أقحوانا و وردا ....
بدعة الظرف و الأناقة يرضيك
دعابا عفا و يرضيك جدّا
تنهل العين من بشاشة سعد
ريّها و العيون تروى و تصدى
الحضارات في شمائل سعد
إذا سمته الهوان تبدّى
مترف في رجولة و اعتداد
راع زيّا و راع وجها و قدّا
زعم الخصم أنّه مستبد
حبّذا الحكم عادلا مستبدّا
إنّ شرّ الأمور ظلم الجماهير
و أهون بالظلم إن كان فردا
***
من كسعد و للشباب هواه
قدرة تتعب الخيال و زهدا
يا صفيّ الأحزان تسقي البرايا
كأسها مرّة و تسقيك شهدا
رضيت نفسك الهموم رفيقا
اريحيّا على الشدائد جلدا
بورك الهمّ عبقريّا جوادا
لا كهمّ أعطى قليلا و أكدى
قل لمن يحسد العظيم ترفّق
إنّ خلف الأمجاد همّا و سهدا
***
من كسعد الملاحم جنّت
و تلقّى حدّ من الهول حدّا
و على راية الشام كميّ
يقحم الدرعين أشقر نهدا
هتكوا حرمة العرين فهاجوا
أسدا دامي البراثن وردا
حشدوا جندهم و أقبل سعد
يحشد البأس و العقيدة جندا
ضاحك الثغر و الضحى مكفهرّ
روّعوه قصفا و برقا و رعدا
و التقينا لا و إيمان سعد
ما تحدّوا بالموت إلاّ تحدّى
ضرب الظلم ضربة رنّحته
فتداعى مزمجرا فتردّى
زعموا أنّه جلاء و ما كان
جلاء بل كان خزيا و طردا
ما على العبد أن يسوّد عار
بدعة العار أن ترى الحرّ عبدا
***
من كسعد و للنديّ احتدام
جمرة الحرب عنفوانا و وقدا
حمم كالجحيم مستعرات
ردّها حلمه سلاما و بردا
ما حملت الجراح داء ملحّا
بل حملت الجراح غدرا و صدّا
حزّ في قلبك الوفيّ صديق
صار في الندوة الخصيم الألدّا
***
من يهزّ النديّ بعدك بالخطبة
عصماء تحشد البأس حشدا
ملهم حاضر البديهة تغريه
بأحلى ممّا اصطفى و أعدّا
مترف الفكر و البيان غنيّ
بالآلي يصوغ عقدا فعقدا
يجمع الحقّ و البيان على الخصم
فلمّا تملّك الأمر شدّا
يطعن الطّعنة العفيفة لا
تدمي و لكنّه أباد و أردى
***
برّأ الله قلب سعد من الحقد
وفاء للكبرياء و حمدا
خدع الحقد أهله فهو ذلّ
نكّروا وجهه و سمّوه حقدا
و بنات الصدور يتعبها الذ
لّ خفاء عن العيون و وأدا
و القويّ النبيل يحنو على الدنيا
و يسمو بها وفاء و ودّا
حنّت الغوطة الرؤوم لسعد
و رواح له عليها و مغدى
طالما باكر الرياحين فيها
و سقاها الندى حنينا و وجدا
و شكى همّه فيا لك شكوى
نوّرت في الرّبى أقاحا و رندا
قال لي و الرّبيع غاف على الزّهر
يذيع الأحلام عطرا و ندّا
و الغروب النديّان في الغوطة المعطار
يحنو على الظلال فتندى
و قطيع من الشياه و رعيان
و أغنّية ترقّ فتردى
ما أحبّ الحياة في غوطة الشام
و أفجع الموت هجرا و فقدا
أيّ ورد للحسن تشتفّه عيني
و يبقى بقدرة الله وردا ..
هل رأت هذه الخمائل فبلي
من رآها عينا و ثغرا و خدّا
هي عندي شمائل و عطور
و قلوب تهوى و دلّ يفدّى
أعشق الحسن دوحة و غديرا
و بيانا سمحا و فجرا مندّى
***
ما رأى السقم قبل سعد حنانا
و حياء من السّقام و رفدا
كبقايا السيف اطمأنّت إلى الجفن
و راحت تبلى الهويني و تصدا
روعة الشمس في الغروب و لا أعشق
للشمس عنفوانا و رأدا
***
رنّح الشعر و الكريم طروب
ذكر سعد لا يبعد الله سعدا
و حدونا به المعاني فحنّت
حنّة العيس بالأغاريد تحدى
ما لسعد في الموت يزداد قربا
من فؤادي ما ازداد هجرا و بعدا
و إذا رفّ طيفه في خيالي
رفّ ريحانة من الله تهدى
أنت في خاطري و عيني و قلبي
و على الهجر لا أرى منك بدّا
صور لو ينال من حسنها النّور
لكانت بنور عينيّ تفدى
و أصون الطيوف بين جفوني
لو تطيق الجفون للطّيف ردّا
و أنا الصاحب الوفيّ فما خنت
حبيبا و لا تناسيت عهدا
لم يرعك الزّمان في حالتيه
و تحدّيته و عيدا و وعدل
ما وفيناك بعض حقّك فاعذر
إنّ عذر الكريم أسمى و أجدى
إنّ دين العظيم في كلّ شعب
لا يوفّى و حقّه لا يؤدّى ...
شغل الناس بالعظيم و أرضوا
نزوات النفوس هدما و نقدا
حسدوه على المزايا فكان الـ
ـموت بين الأهواء و الحقّ حدّا
إنّ من ينكرونه و هو حيّ
ربّما ألهوه رمزا و لحدا
***
عيّروا بالمشيب إخواني الصيد
سفاها و هل عن الشيب معدى
أيّ لوم على الكهول و خاضوا
غمرات العلى شبولا و أسدا
ما لأبنائنا تجنّوا علينا
و غفرنا ما كان سهوا و عمدا
أنكرونا على المشيب كأنّا
لم نكن قبلهم غرانيق مردا
حاسبونا على هنات المعالي
ثمّ غالوا بها حسابا و عدّا
نحن روّادكم طلعنا الثنايا
و زحمنا الصعاب غورا و نجدا
و بنينا لكم و نعلم أنّا
لن نملّى به بقاء و خلدا
أيّها النازل المقيم تعهّد
بالرضى و الحنان ركبا مجدّا
***
قل لشكري العظيم أشرقت في
السدّة يمنا و كبرياء و رشدا
يا أبا الدّولة الفتيّة تبنيها
و يلقى الباني عناء و جهدا
إن حضنت استقلالها و هو في
المهد فما اختار غير نعماك مهدا
لا تخف عثرة عليه و وهنا
بلغ الطفل في حماك الأشدّا
يا وريث الشموس من عبد شمس
ملكوا العالمين روما و هندا
بفتوح هنّ الملوك من العزّ
و بعض الفتوح غرثى عبدّى
أسلم القدس من يحجّ إلى القدس
و يتلو الإنجيل وردا فوردا
إن يناموا عنها نبّه الثأر
على الغوطتين أروع نجدا
مدن القدس كالعذارى سبوها
و أرادوا لكلّ عذراء وغدا
كالسّبايا لطمن خدّا و مزّقن
شفوف الحرير بردا فبردا
ضجّ سوق الرقيق في ندوة القوم
و نخّاسه طغى و استبدّا
يعرضون الشعوب عرض الجواري
عرّيت للعيون نحرا و نهدا
غيرة الله ! أين قومي و عهدي
بهم ينهدون للشرّ نهدا
نعشق القدّ للعوالي و أحببنا
لهنديّة الصوارم هندا
و دفنّا الكنوز يوم دفنّا
في ثراها الآباء جدّا فجدّا
رضي الله عن أخ لك كالسيف
المحلّى يروع نضلا و غمدا
أين سعد ؟ و لا ألوم اللّيالي
و هب الدّهر غاليا و استردّا
أيّ بدع إذا بكيت لسعد
إن بكى السيف حدّه ما تعدّى
لو رأى هذه الدّموع الغوالي
لبكى رحمة وحيّا و فدّى
غاب سعد عن العيون و ما
غاب ضياء يهدي القلوب فتهدى
ثورة في الحياة و الموت جلّت
ثورة الحقّ أن تقرّ و تهدأ

نــجــم
17-04-2011, 01:28 PM
نم بقلبي

أدموعا تريدها أم رحيقا
لا ونعماك ما عرفت العقوقا
تتجلّى عند المغيب لعيني
ضياء عذب الحنان رفيقا
و جلاك الشروق حتّى تبيّنت
محيّاك فاحتضنت الشروقا
و تزور البروق تخبرني عنك
و لولاك ما استزرت البروقا
كلّ حسن أرى محيّاك فيه
فأطيل الإمعان و التحديقا
طرق الطيف بعد أن غاب وهنا
أنت أحلى من النعيم طروقا
مرّ في وحشتي نعيما و أنسا
و محا أدمعي رحيما شفيقا
كلّما غبت عنه و غاب عنّي
لاح في خاطري وسيما أنيقا
إن رعى صحبتي و أوردها الصفو
فقد كان بالمعالي خليقا
نم بقلبي و لو قدرت منعت الـ
ـقلب حتّى تقرّ فيه الخفوقا
نم بقلبي و حرمة لك لن
تسمع منّي تأوّها و شهيقا
نم بعيني فقد فرشت لك الأحلام
مخضلّة الورود طريقا
نم بعيني إذا اصطفيت رؤاها
همّ عيني أن تصطفى و تروقا
زيّن الجفن دمعه لك فانهل
سلافا عذبا و مسكا فتيقا
***
إنّ قلبي خميلة تنبت الأحزان
وردا و نرجسا و شقيقا
لو على الصّخر نهلة من جراحي
راح مخضوضل الظلال و ريقا
همّي الهمّ لو تكشّف للنّاس
لأغرى حسنا و راع بريقا
أترع الكأس للرّبيع فغنّى
و انتشى بانه فماس رشيقا
نجمتي و الطريق تيه و ليل
و رفيقي إذا فقدت الرفيقا
إنّ بعض الأحزان يخطب بالمجد
و بعض يشرى رقيقا
من جراح الضّحى سنى أريحيّ
نضّر الكائنات حين هريقا
أنا و الهمّ كلّما أقبل الهمّ
مشوق يلقى أخاه المشوقا
أيّها الناعمان في الغفوة النشوى
أفيقا على الصّباح أفيقا
سكر الشعر من سلافي و عبّت
من دناني فجنّت الموسيقا
***
وحدتي عالم من السّحر و الفتنة
حلو القطاف خمرا و ريقا
و أديم يغفو ثراه على العطر
و يغريه عنبرا مسحوقا
طف بقلبي تجد به ألف دنيا
لا يلاقي الشقيق فيها الشقيقا
سكنته الشموس من كلّ أفق
و تحدّى أشتاتها أن يضيقا
حفي الفكر في عوالمها الفيح
و لم يبلغ المكان السّحيقا
كلّ أفق تضيق فيه أسيرا
سعة الأفق أن تكون طليقا
***
لا تلمنا إذا تركنا الميادين
سمّوا بحقّنا و وثوقا
فالأصيل العتيق يأنف شوطا
لم يشاهد فيه أصيلا عتيقا
ذلّ شوط يكون بين البراذين
فلا سابقا و لا مسبوقا
لم تحمحم تختال بالحسن و القوّة
بل حمحمت تريد العليقا
ما نزلنا عن السروج عياء
لو ركبنا لما أطاقوا اللحوقا
و لنا السبق فامسحوا غرر
الخيل بأيمانكم تشمّوا الخلوقا
أيّها الزاعمون أنّا فرقنا
صائد الليث لا يكون فروقا
كيف يرمى بالخوف من زحم
الأسد و أعيا أنيابها و الحلوقا
أنكرونا يشهد حطيم قيود
و سمت منكم رقابا و سوقا
سدّة الحكم بعد آساد خفّان
تضمّ الأحلاف شاء و نوقا
أبطر الحاقدين حلم أبي حسّان
و الحلم أن تقيل الصديقا
جحدوا فضله و لا لوم عندي
إنّ فضل الرئيس ضلّ الطريقا
إنّ نعمى الكريم دين على
الحرّ و تجزى من اللئيم عقوقا
نامت الشام فاستغلّوا كراها
موعد الهول بيننا أن تفيقا
لا أغالي بلومها فهي حسناء
تحبّ الدّلال و التلميقا
إنّ عنف العتاب يؤذي أحبّا
ي و أحلاه ما يكون رقيقا
***
جمرة الحقد في السرائر لولا
ذلّ أصحابها لشبّت حريقا
قد أرقدنا دمائنا فسلوه
أيّ دمع من مقلتيه أريقا
حمّلوه ما لا يطيق و كانت
بدعة تخجل العلى أن تطيقا
دعك من زحمة العواصف و اترك
للعقاب السماء و التحليقا
خلق الله للعظائم و المجد
فريقا و للصّغار فريقا
يا زعيمي عند الدّعاء و لو شئت
لناديت في الزّعيم الصّديقا
كيف تغفو ألم تر الشام في
النزع و تشهد لواءها المخنوقا
مزّق القبر فالشام تناديك
و تبكي مكانك المرموقا
مزّق القب فالجلاء يتيم
بدّدوا إرثه و غالوا الحقوقا
ألسّري العريق هان على
الدّهر كأنّ لم يكن سريّا عريقا
***
من راى في السّقام سعدا رأى
الفجر وديع السّنا وسيما طليقا
يتنزّى و لا يطيق وثوبا
حسرة الشّمس لا تطيق الشروقا
سألوا يوم سبقه كيف جلّى
من سجاياه أن يكون سبوقا
راودتك الدّنيا على الحسن
و الجاه فكنت المبرّأ الصدّيقا
سألتني عنك الخمائل في الغوطة
تشتاق عطرك المرموقا
و دروب خضر عليها خطى
الشاء تعيد التغريب و التشريقا
و ظلال سكرى و فوضى من الزّهر
تحدّى جمالها التنسيقا
ما تبرّجن للعيون فغالي
الحسن يأبى الإغراء و التشويقا
ودّت الورق لو خلعن من الحزن
عليك البياض و التطويقا
***
تيّمت قلبك الطبيعة
بالحسن بريئا معطّرا موثوقا
كرّم الله دنهّا و الندامى
و صبوحا على الهوى و غبوقا
للنّبي ّ الإشراق من حسنها
السمح و أرضى منه الخفيّ الدقيقا
حملت قوسها فهيّأت قلبي
و ترّقبت سهمها المرشوقا
***
مر أرنّح عطفيك بالشّعر
من عيني و قلبي منمنما منسوقا
حضريّ الخيال إن ذكر المنبت
سمّى نجدا و سمّى العقيقا
عندي الكنز لا يضير غناه
أن يكون المنهوب و المسروقا
و كؤوس من السماء تشهّت
حور رضوان عطرها و الرّحيقا
عاب كأسي و لم يذق عطر كأسي
لا تعبها بالله حتّى تذوقا
يا صحيح الإخاء قد كشف النّاس
إخاء مموّها ممذوقا
أتمنّى اللّحاق فيك و أشكو
للقضاء التأخير و التعويقا

نــجــم
17-04-2011, 01:28 PM
نشوة اليأس

غيّضّ الدهر أدمعي وا حنيني إلى البكاء
شقّ قلبي و لم تسل من جراحاته الدماء
أيّها المبغض الشقاء أنا أعشق الشقاء
شاعر الحزن أين من سحره شاعر الهناء
إنّ لليأس نشوة ضلّ عن مثلها الرجاء
***
أنا لم أدر قيمة الدّمع حتّى فقدته
هو كنز عرفت ما فيه لمّا أضعته
و إله من بعد كفري به قد عبدته
أرجعي يا خطوب من أدمعي ما سكبته
و خذي الإبتسام منّي فإنّي مللته
***
لا تلمه على الحنين فقد أقوت الربوع
جفّ ما في عيونه و ذكرت جمرة الضلوع
و إذا جفّت الأصول فما تورق الفروع
ما أنا الشاعر الذي وشيه بسمة الرّبيع
شاعرا كنت عندما كان في مقلتي دموع

نــجــم
17-04-2011, 01:28 PM
نغمات عودي

نغمات عودي لا تملّ لأنّها
شعر يفيض عواطفا و شعورا
نغمات عودي لا تملّ لأنّها
لغو الملائك إذ تناجي الحورا
همست بها الأرواح في ملكوتها
شدوا أرقّ من الصّبا و زفيرا
يدني إليّ من الخيال شواردا
و يهزّ أعطافي هوى و سرورا
في ظلمة الأحزان من نغماته
نفسي الحزينة تستعير النورا
أحنو عليه معانقا متنهدا
فكأنني أمّ تضمّ صغيرا
و أبثّه شكوى الهوى فإخاله
يبكي عليّ متيّما مهجورا
سله عن الزمن الخؤون و أهله
تره عليما بالزمان خبيرا
شهد العصور السالفات و هدهدت
أوتاره السفّاح و المنصورا
و رأى حضارة جلّق و جلالها
و الملك في تلك الربوع كبيرا
إذ ماء جلّق كالرحيق عذوبة
و ظباء جلّق كالشموس سفورا
سلب الزمان بها ملوك أميّة
تاجا يشعّ ضياؤه و سريرا
يا لاثما فيها الثرى من حبّه
أعلمت أنّك تلثم الكافورا
و معانقا أغصانها من وجده
دلّل هواك فقد ضممت خضورا
هذا صلاح الدين فاخشع إنّه
ملك الكلوك مسالما و مغيرا
طاف الجلال به مليكا فاتحا
حيّا و طاف بلحده مقبورا
فالثم ثراه فقد لثمت خميلة
للمكرمات و قد شممت عبيرا
و اهتف لدى القبر النديّ مردّدا
بفنائه التهليل و التكبيرا
ليث المعامع و هو أوّل آسر
صيد الفوارس كيف صار أسيرا

نــجــم
17-04-2011, 01:28 PM
هواجس

هواجسي فيك إيمان و غالية
و أنجم و فراش تعبد اللّهبا
و سالفات رؤى حين اشتهيت لنا
في البيد خيمتها السمراء و الكثبا
هواجس أنت دنياها و معدنها
فكيف تبدع إلاّ النّور و الطربا
النازلات على قلبي و نعمته
حورا من الأفق القدسيّ لا ريبا
المترفات و أحلاها و أملحها
طيف مع الفجر من أهدابك انسربا
روى لنا عنك ما ندّى سرائرنا
من المنى السمر إن صدقا و إن كذبا
تصوّف القلب تدليلا لساكنه
فما شكى عنت البلوى و لا عتبا
و كيف يوحش قلبي من سلافته
و قد أدرت عليه الحبّ و الأدبا
يا عذبة الثغر .. لو طاف الخيال به
قرأت في وجهك الإشفاق و الغضبا
إذا تمنّاك قلب لا نجوم به
تململ الفلك الغيران و اضطربا
يردّ حسنك أهواء النفوس تقى
و يسكب الخير و الأطياب و الشهبا
كأنّه الكعبة الزهراء ، ما اجترحت
منى الحجيج بها إثما و لا لعبا
***
غيب لحبّك من نعمى اليقين به
كأنّني كاشف عن سرّه الحجبا
بيني و بينك أنساب موثّقة
هذا اللهيب بقلبي خيرها سببا
فلو بخلت بنعماء العذاب لما
نشدت عندك إلاّ جمره أربا
لم يشهد الله قلب لا لهيب به
و يشرق الله في القلب الذي التهبا
أعيذ مؤنس ، روحي ، بعد وحشتها
أن يستردّ من النعماء ما وهبا
يا ضيعة النغم الأسمى و لوعته
إذا محى الخالق الفنّان ما كتبا
شفّعت عندك حبّي في مواجعه
و ما تمزّق من قلبي و ما سلبا
أخفيت ظلمك عن نفسي لأرحمها
ثمّ ابتدعت له الأعذار و السببا
***
هواك عندي مقيم في مواطنه
فإن تحوّل عن نعمائها اغتربا
أحبّك الحبّ تأليها خلعت به
على تدلّهي الإجلال و الرهبا
***
سكبت في دربك الأطياب والهة
و جلّ كأسك عن عطري الذي انسكبا
لعلّه – و الخطى السمراء تسلكه
يعلّها من حنيني بعض ما شربا
أغليت نعمى الهوى عندي و محنته
فحبّ ما مرّ منه حبّ ما عذبا
مدامعي فيك لو أكرمت جوهرها
أكرمت فيها الهوى و الشعر و العربا
أجلّ بابك عن طول الوقوف به
فقر الكريم تجلّى صمته طلبا

نــجــم
17-04-2011, 01:28 PM
و انجلت نفسي في النور

أين أمي ؟ فرّ لا يلوي به
مجتلى بدر و لا لألاء شمس
حازه الدّهر و مرّت فوقه
لجج أخطأها عدّي و حدسي
***
يالأمسي و هو يجتاز المدى
بين أشباح من الأيّأم خرس
مرّ في الآباد فاستوقفه
من لييلات شبابي ألف أمس
عرفت فيه أخاها آيبا
من ربوع عافيات الذكر درس
و انتحت فيه مكانا موحشا
هو مع وحشته ذروة رمس
***
قال أمس هات عن صاحبنا
و ابعث الذكرى فطول العهد ينسي
قد تملّيت به غضّ الصّبى
زير حسناء و ورقاء و كأس
كمنت للغيد في أشعاره
زينة الشيطان من غيّ و رجس
خالعا بردى عفاف و تقى
سادرا يصبح في الغيّ و يمسي
يقطف الحسن على أوراقه
من شفاه عذبة الملمس لعس
***
قال أمس و أنا عهدي به
نضو أوراد و تسبيح و درس
يعبد الله ففي محرابه
كعبة زهراء من نور و قدس
رضي الصوف فما يعرفه ...
ناعم الخزّ و لا غالي الدمقس
***
ضحك الأمس فرنّت في الدّجى
ضحكة الثاكل في ليلة عرس
و انثنى يخطب فيهم خطبة
أبلغ المنطق في أعذب جرس
أين ما تروون عن صاحبنا
عري الحقّ فلا عذر للبس
أتقيّ و هو ينفي كلّ ما
لم يؤيّد بيقين أو بحسّ
أخليع و الضنى يسلمه
في ربيع العمر من برء لنكس
هو _ يعفو الله عن آثامه
ساخر صوّر من سقم و يأس
***
مزّق الحقّ حجابا للدّجى
و انجلت نفسي في النّور لنفسي

نــجــم
17-04-2011, 01:29 PM
و ذرني أحيّي الصباحا

شبح الموت : ما يخيف البرايا
من حتوف تعانق الأرواحا
وجد النّاس في كؤوسك سمّا
غير أنّي وجدت فيهنّ راحا
فاسقنيها قد طال صحوي و مكثي
و تمنّيت سكرة و رواحا
لا تبادر بها و قد نصل اللّيل
و ذرني حتّى أحيّي الصباحا
و تمّهّل حتّى أودّ نور الشمس
إذ همّ أن يلوح فلاحا
ثمّ خذني إليك يا موت جذلان
طروبا إلى الردى مرتاحا
ذاك مصباح صبوتي وشبابي
فتعجّل و أطفئ المصباحا

نــجــم
17-04-2011, 01:29 PM
وفاء القبور

إنّي أكرّم شعري في متارفه
كما تكرّم عند المؤمن السور
هديّة الله فيها عطر جنّته
و الخمر و اللّعس النشوان و الحور
و قد أحنّ إلى حسن يدلّلني
كما يحنّ إلى أندائه الزّهر
و بلبل الدّوح ترضيه بأيكته
نعمى الجمال و يرضي غيره الثمر
أريد حبّا كنار الحقّ ماتهبا
كمزبد الموج من شمّاء ينحدر
نزر الهوى ليس يرضي جائعا شرها
إلى الصّبابة لا يبقي و لا يذر
و العبقريّ و إن جلّت موهبه
طفل السّريرة لا حقد و لا حذر
طفل فإن نال ضيم من كرامته
ما البحر يزأر . ما البركان ينفجر
ذنوبه خفرات من براءته
أحلى الغواية ما يندى به الخفر
و ما تمنّى خيالي أنّني ملك
فوق الملائك زهوا أنّني بشر
أقيم ما شئت في عدن و أتركها
و أخلع الجسم أحيانا و أتّزر
أطلّ و الشعر من عصماء باذخة
و في السّفوح غرور الحكم و البطر
نحن النّسور و من نعمى جوانحنا
أنّا رأينا صغارا كلّ من كبروا
و ربّ هجر سولء في مواجعه
أكباد من هجروا ظلما و من هجروا
***
أدعو قبور أحبّائي لتسمعني
و هل تجيب دعاء الثاكل الحفر
قبر بضاحية الشهباء طاف به
فلملم الطيب من حصبائه السحر
و استودعت حمص قبرا لو مررت به
لهشّ لي منه حبّ مترف عطر
و لي قبور على الفيحاء غافية
زوّارها الطير و الأشواق و القمر
ظمأى و يندى ثراها لوعة و هوى
إذا ألمّ بها من غربتي خبر
تلك المصارع ردّ الموت نجدتها
عنّي فكاد الأديم السمح يعتذر
طاح الزمان بإخواني و أوردهم
على الحتوف فلا عين و لا أثر
أصبحت بعدهم حيران منفردا
و الريح معولة و اللّيل معتكر
أحنو على كلّ قبر من قبورهم
أبكيه .. حتّى بكى من لوعتي الحجر
قد عقّني الصحب حتّى لا أضيق به
إن عقّني الأقربان السمع و البصر
ألوّن الخطب أضواء و غالية
و أبدع الفقر عزّا حين أفتقر
و ما وفى لي ممّن كنت أوثرهم
إلاّ القبور و إلاّ الأيك و النّهر

نــجــم
17-04-2011, 01:29 PM
يا جارتي

يا وردتي أين الشذى و النّدى
يا كبدي أين الهوى و الحنين
يا روحي الثكلى ألم تأخذي
عن ربّة الألحان أين الأنين
يا أمّ أحلامي و أمّ المنى
في فجرها أين قبرت البنين
لمحت في كأسي و قد شعشعت
طيف الأماني و الهوى و السنين
و ذكرياتي و هي عريانة
تبدو و تخفى بين حين و حين
و تلك الحسناء بلون الضحى
و تلك شوهاء بلون الدّجون
يقفزن في كأسي فلا أنثني
عن خمرة الكأس و لا ينثنين
هذا جنون النفس في سكرها
و العقل من خدّام هذا الجنون
***
جارتي الحسناء ثرثارة
سكرى الهوى نشوى الصبى و الفتون
رأيت من أحزانها ما اختفى
و دقّ حتّى ما تراه الظنون
كلّ الأسى الصاخب يا جارتي
فداء حزن صامت في العيون
هاتي من الأحزان ما شئته
لا يفهم الأحزان غير الحزين
يا جارتي الحسناء هل تعلمين
يا جارتي ليتك لا تعلمين

نــجــم
17-04-2011, 01:29 PM
يا شاعر التاج

يا شاعر التاج المضيء على جبين أغرّ فاتح
و فتى القريحة أعطيت عرش الإمارة في القرائح
طيب العراق و إنّه ... للمسك من برديك فائح
نح ما تشاء على العراق فإنّني بالشام نائح
و اسفح دموعك إنّها أخوات أدمعي السوافح
لا الخطب قلّ عن البكاء و لا معين الدمع نازح
هذا النظيم من المدامع ذوّب أكباد قرائح
***
حمي الوطيس فمن يجالد عن هواه و من ينافح
شمّ الأنوف تفرّقوا ما بين منعفر و نازح
ألشامخون إذا الهوان بد بأعناق قوامح
رقدوا رقادهم الأخير و أغمدت بيض الفائح
ويح المطاوح . عطّرت بشذا جراحهم المطاوح
فلتكسر البيض الرّقاق و تعقر الشقر السّوابح
و سل الأباطح عن دماء القوم تنبئك الاباطح
رويت بأكنف العراق و جلّق ظمأى الصحاصح
هوت الجحاجح فاستفق ... يا ثأر قد هوت الجحاجح
أهوى العراق و إن تكن طاحن بسؤدده الطوائح
و أحبّ جنّات العراق و طيبها غاد و رائح
و عيون آرام الفرات على شواطئه سوارح
جرحت قلوب العاشقين : كذاك تصطاد الجوارح
مرضى صحائح ، و القريض صنيعة المرضى الصحائح
***
حدّث فقد طاب الحديث و نام عن نجواك كاشح
و اذكر لنا عبر الحياة فأنت مأمون النصائح
هذي الحياة لمت مضى كالليث مرهوب الجوائح
و العيش معناه الكفاح فهالك من لم يكافح
عرش يطوح ، فتعتلي شرفات عرش غير طائح
و ممالك طارت لغايتها فخانتها الجوانح
و مسيطر ينهى و يأمر في الجزيرة باسم ناصح
باسم الحضارة جاء يزرع ما يشاء من الفضائح
لغو القويّ فهل لما فيها من الأسرار شارح
لغة توارب في الحديث فليتها كانت تصارح
جادت بأسماء المحاسن كلّهنّ على القبائح
***
لا تبطر الأمم القويّة فالعواقب بالفواتح
إن تهن في سعد السّعود فلم يفتها سعد ذابح
و هو الزمان سوانح تمضي فتخلفها بوارح
و لكلّ ناطحة سيصمد من نتاج الدهر ناطح
و اربّ أعزل في الحياة أديل من بطل مشايح
و لربّما شمس الذلول فراح يأرن و هو جامح
كمنت عزائم يعرب فمتى يثير النّار قادح
***

نــجــم
17-04-2011, 01:29 PM
يا نديمي

يا نديمي إلى متى الإغفاء
بسم الكون حين حيّت ذكاء
لا تمل بي إلى الرجاء فقد
أودى بنفسي طموحها و الرجاء
و دع اليأس ينتحيني ففي الـ
ـيأس لداء النفس الطموح دواء
فقد رضيت الأكواخ و هي نعيم
و هجرت القصور و هي شقاء
و من الهون أن يقيم كريم
في مكان هانت به الكرماء
***
أترع الكأس و اسقني بمكان
ضلّ عنه الوشاة و الرقباء
حبّذا كوخي النديّ و إن لم
يكتنفه الإعجاب و الخيلاء
لم يشنه في ناظري أن عداه
زخرف في بنائه و رواء
أنا حرّ به .. و ما بعد هذا
عند باغي سرّ الحياة هباء
***
يا نديمي لا تأس بالله و اشرب
لذّة العيش هذه الصهباء
و تمتّع بالنور إذ ربّ قوم
منع الكأس عنهم و الضياء
و استمع : هذه البلابل غنّت
فأثار الشجون ذاك الغناء
لا تخاف الصيّاد ، إذ عصمتها
من دواهيه هذه الصحراء
ذكّرتك الديار جرّ عليها
ذيله بعد قاطنيها العفاء
و حماة الدّيار و هي عبيد
و غواني الديار و هي إماء
***
يا نديمي تعزّ واسل فقبلا
قد عفت بعد أهلها الحمراء
و عفت من ظباء صقر قريش
و أغاني قيانه الزهراء
و تناست قساور العرب في
المرية الخمائل الخضراء
و تعزّت عن ابن عبّاد روض
و قصور في باحة قوراء
بعد أن كان في رباها من العنبر و الزعفران طين و ماء
***
يا نديمي إليّ نبكي فقد يسعد
قلب النائي الحزين البكاء
أنت أوفى منّي و أوثق عهدا
يا نديمي و أين أين الوفاء
فوق شعري بلاغة و بيانا
منك هذي المدامع الحمراء
ترجمت عن أساك فهي قصيد
لم يفته البيان و الانتقاء
إنّما الحزن مرسل الشعر شعرا
و الحزانى هم هم الشعراء

نــجــم
17-04-2011, 01:29 PM
يا وحشة الثأر !

شاد على الأيك غنّانا فأشجانا
تبارك الشعر أطيابا و ألحانا
ترنّح البان و اخضّلت شمائله
فهل سقى الشعر من صهبائه البانا
هل كنت أملك لولا عطر نعمته
قلبا على الوهج القدسيّ نديانا
أيطمع الشعر بالإحسان يغمره
و الشعر يغمر الدّنيا الله إحسانا
لو شاء عطّر هذا اللّيل غالية
و نضّر الرمل أشواقا و ريحانا
لو شاء نمنم هذا النجم قافية
و نغّم الفجر أحلاما و أوزانا
لو شاء أنزل بدر التمّ فاحتقلت
به الندامى سرجا في زوايانا
و لو سقى الشمس من أحزانه نديت
على هجير الضّحى حبّا و تحنانا
تضيع في نفسي الجلّى و قد نزلت
من كبريائي آفاقا و أكوانا
و ما رضيت بغير الله معتصما
و لا رأيت لغير الله سلطانا
و لا عكفت بقرباني على صنم
أكرمت شعري لنور الله قربانا
تبرّجت للشذى الأعلى مجامرنا
و زيّنت للهوى الأغلى خفايانا
نبع من النّور عرّانا لموجته
فكحّل النّور أجفانا و وجدانا
تفجّر الحسن في دنيا سرائرنا
هل عند ربّك من دنيا كدنيانا
حضارة الدّهر طيب من خلاعتنا
و جنّة الله عطر من خطايانا
من الغواية سلسنا هدايتنا
فكان أرشدنا للنور أغوانا
***
يا وحشة الكون لولا لحن سامرنا
على النديّ المصفّى من حميّانا
نشارك الله _ جلّ الله _ قدرته
و لا نضيق بها خلقا و اتقانا
و أين إنسانه المصنوع من حمأ
ممّن خلقناه أطيابا و ألحانا
و لولا جلا حسنه إنسان قدرتنا
لودّ جبريل لو صغناه إنسانا
و لو غمرنا نجوم الليل مغفية
أفاق أترفها حسنا و غنّانا
ناجى على الطّور موسى الندام لنا
فكيف أغفل موسى حين ناجانا
إن آنس النّار بالوادي فقد شهدت
عيني من اللّهب القدسيّ نيرانا
نطلّ من أفق الدّنيا على غدرها
فنتجلى الرّاسيات الشمّ كثبانا
و ما دهتنا من الجبّار عادية
إلاّ جزينا على الطّغيان طغيانا
أديم حصبائنا درّ و غالية
ما أفقر النّاس للنعمى و أغنانا
و أيّ نعمى نرجّيها لدى البشر
و الله قرّبنا منه و أدنانا
تبكي السّماء و تبكي حورها جزعا
للحسن و الشعر في الدّنيا إذا هانا
يا خالق القلب : أبدعنا صبابته
يا خالق الحسن : أبدعناه ألوانا
ألقلب قصرك زيّنا عواريه
بالحسن حينا و بالإحسان أحيانا
ألعاطلات من الأبهاء قد كسيت
شتّى اللّبانات أصناما و أوثانا
قلب شكا للخيال السمح و حشته
فراح يغمره نعمى و أشجانا
يا سيّد القصر لولانا لما عرفت
أفياؤه الخضر سمّارا و ندمانا
يمنى السراب على الصحراء حانية
تضاحك الرّكب واحات و غدرانا
قاع البحار أضاءته عرائسنا
و ندّت العدم القاسي عذارانا
ننضّر البؤس عند البائسين منى
و العقل عاطفة و الثكل إيمانا
و كلّ ذنب سوى الطغيان ننزله
على جوانحنا حبّا و غفرانا
و همّ كلّ عفاة الأرض نحمله
كأنّنا أهله همّا و حرمانا
نشارك النّاس بلواهم و إن بعدوا
و لا نشارك أدناهم ببلوانا
ضمّت محبّتنا الأشتات و اتّسعت
تحنو على الكون أجناسا و أديانا
سبحان من أبدع الدّنيا فكان لنا
أشهى القوارير من أطياب سبحانا
ستنطوي الجنّة النشوى فلا ملكا
و لا نعيما و لا حورا و ولدانا
يفنى الجميع و يبقى الله منفردا
فلا أنيس لنور الله لولانا
لنا كلينا بقاء لا انتهاء له
و سوف يشكو الخلود المرّ أبقانا
***
تأنّق الشعر للأعياد حالية
و قطّف الورد من عدن و حيّانا
سمح فبالريقة العذراء نادمنا
نهلا و بالشفة اللمياء عاطانا
صاغ الهلال لتاج الملك لؤلؤة
و أنجم اللّيل ياقوتا و مرجانا
يا صاحب التّاج لا تاج العراق على
كريم أمجاده بل تاج عدنانا
جبريل حوّطه بالله فانسكبت
عطور جبريل أورادا و قرآنا
لك الكنوز فتوحات منضّرة
فاغمر من الفتح يمنانا و يسرانا
سدّت الغطاريف فتيانا وسادهم
أبوك في جنّة الفردوس فتيانا
تبارك الله ما أسمى شمائلكم
لكم زعامة دنيانا و أخرانا
فتحت عيني على حبّ صفا و زكا
فصنته لضياء العين إنسانا
و في ظلال أبي غازي منضّرة
مرّ الشّباب مرور الطيف عجلانا
نعمى لصقر قريش طوّقت عنقي
فكيف أوسع نعمى الله نكرانا
و حين شرّدنا الطاغي و أرخصنا
حنا العراق فآوانا و أغلانا
و من تقيّأ نعماء العراق رأى
بالأهل أهلا و بالجيران جيرانا
إذا العواصف جنّت فيه هدهدها
عبد الإله و أرسى الملك أركانا
نعمى الوصيّ كنعمى جدّه حليت
على ضحى النّور أفياء و أفنانا
***
يا صاحب التّاج دنيا الله ما عرفت
إلاّ عمائمكم في الشرق تيجانا
لم يقبل الله إلاّ في محبّتكم
يا آل فاطم إسلاما و أيمانا
غنّيت جدّك أشعاري و نحت بها
في مصرع الشمس إعوالا و إرنانا
أصفيت آل رسول الله عاطفتي
و كنت شاعركم نعمى و أحزانا
و ما رضيت جزاء مودّتكم
لا يعدم الحرّ أقواتا و أكفانا
***
أيكرم العيد شكوانا نزلت
عليك يا ابن رسول الله شكوانا
ندّى شمائلنا بالذكريات كما
ندّى الخيال بنعمى الماء ظمآنا
يروعني العيد ديّانا لأمّته
من أغضب العيد حتّى صار ديّانا
تغرّب العيد في قومي و أنكرهم
على الميادين أحرارا و عبدانا
مالي أرى الشمّ في لبنان مغضية
تطامنت للرزايا شمّ لبنانا
لا صيد غسّان و الهيجاء ضارية
على السروج و لا أقيال مروانا
و أكرم العيد عن عتب هممت به
لو شئت أوسعته جهرا و تبيانا
قد استردّ السبايا كلّ منهزم
لم تبق في رقّها إلاّ سبايانا
دم بتونس لم يثأر له و دم
بالقدس _ هان على الأيّام _ لا هانا
و ما لمحت سياط الظلم دامية
إلاّ عرفت عليها لحم أسرانا
و لا نموت على حدّ الظبى أنفا
حتّى لقد خجلت منّا منايانا
لو يعلم البدر في شعبان محنتنا
لما أطلّ حياء بدر شعبانا
لو كان يعلم قتلانا ، بكت مزق
على الصحاصح من أشلاء قتلانا
تهلهلت أمتّي حتّى غدت أمما
وزوّر الزطن المسلوب أوطانا
و قد عرفت الرزايا و هي منجبة
فكيف لم تلد الجلّى رزايانا
كفرت بالحسب السّامي إلى مضر
استغفر المجد إنكارا و كفرانا
تطوى القبور على الموتى فتسترهم
و في القصور و في السلطان موتانا
دعوا الجراح لوهج النّار سافرة
فالجرح يقتل إنكارا و كتمانا
ذلّ الدّهاء أكاذيبا مزوّقة
فكان أكذبنا بالقول أدهانا
ثارات يعرب ظمأى في مصارعها
تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا
يا وحشة الثأر لم ينهد له أحد
فاستنجد الثأر أجداثا و أكفانا
أفدي شمائل قومي ثورة و لظى
و عاصفا زحم الدّنيا و بركانا
من أطفأ الجذوة الكبرى بأنفسنا
أدهرنا حال أم حالت سجايانا
هي الكؤوس و لكن أين نشوتنا
و هي الحروف و لكن أين معنانا
***
ما للرمال الصوادي لا نبات بها
و تنبت المجد هنديّا و مرّانا
عبدت فيها إله الشمس منتقما
معذبا و إله اللّيل رحمانا
اللّيل يخلق فيها الحور مترفة
و تخلق الشمس جنّانا و غيلانا
على الرّمال طيوف من كتائبنا
نشوى الفتوح و نفح من سرايانا
لابن الوليد على كثبانها عبق
سقى الهجير من الذكرى فندّانا
و في النسيم على الصحراء نرشفه
طيب المثنّى على رايات شيبانا
***
يا فيصلا في يمين الله تحسده
بيض الظبى هاشميّ الفتح ريّانا
يا فيصلا في يمين الله منسكبا
كجدّه المرتضى يمنا و إيمانا
يا فيصلا و حنت في الخلد فاطمة
تودّ لو قبّلت خدّا و أجفانا
يا فيصلا و انتخت كبرا صوارمنا
و زغردت باسمك الحالي صبايانا
يا فيصلا و رنا نجم لصاحبه
يقول : فيصل أحلانا و أسمانا
كتائب الله من فهر و إخوته
فعطّر المجد ميدانا فميدانا
لواء عدنان أنت اليوم صاحبه
فاقحم به الشرق : هذا الشرق دنيانا
ما في االعراق و لا في الشام موعدنا
على الثنيّة من حطّين لقيانا

نــجــم
17-04-2011, 01:30 PM
يا قمر

هات حدّثني فقد طاب السمر
و أنر ظلمة نفسي يا قمر
سور الحسن فلا تبخل بها
إنّ للشاعر ألحان السور
***
أنا نشوان و من خمر الهوى
قد ترشّفت رحيقا بابليّا
سكرة الحبّ في عهد الصبا
كيف لا يعذر من كان صبيّا
في ظلال الورد أحسو خمرتي
مشركا في كأسي الزهر النديّا
نهلة منّي و منه نهلة
هكذا نرتشف الكأس هنيّا
لامني الناس على حبّ الطلى
فاعذر الشاعر فيها يا قمر
***
آه للأزهار من شاعرة
تجهل الأوزان و الشّعر شعور
آه للأزهار في أوراقها
كتب الدّهر روايات العصور
هذه الأغصان هزّتها الصّبا
نضرات كنّ بالأمس خصور
و ثغور الورد في أكمامه
كنّ للغيد المعاطير ثغور
هذه أسرار جنّات الرّبى
فاسمع السرّ وصنه يا قمر

يارا العامرية
17-04-2011, 07:07 PM
صح لســآنه ..
واشكرك نجم ع جهودك ..
تقديري ~

نــجــم
17-04-2011, 08:36 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

صعبة المنال
25-04-2011, 02:58 PM
نجم
أج ــمل وأرق باقات ورودى
لموضوعك الجميل وطرحك الرائع
صح لسان الشاعر وتسلم يمينك
كل الود والتقدير
دمت برضى من الرح ــمن
لك خالص احترامي وتقديري

نــجــم
25-04-2011, 09:09 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

العنيــــدهـ
01-05-2011, 05:31 AM
صح لسان شاعرها
ولاهنت ع الإختيار الرائع
يعطيك العافيه

نــجــم
01-05-2011, 10:31 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

سلطانة
04-05-2011, 09:52 PM
http://www.halauae.com/uploads/images/alsaher-3814931317.gif

نــجــم
05-05-2011, 01:38 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ