بندر
09-12-2006, 01:02 PM
هو:
الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي النجدي، لقد عرف الناس هذا الإمام ولا سيما علماؤهم ورؤساؤهم وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز ومطول، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات حتى المستشرقين كتبوا عنه كتابات كثيرة، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم، وبأنه مجدد للإسلام، وبأنه على هدى ونور من ربه، وتعدادهم يشق كثيراً، من جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الأحسائي، فقد كتب عن هذا الشيخ فأجاد وأفاد وذكر دعوته، وذكر سيرته وذكر غزواته، وأطنب في ذلك وكتب كثيراً من رسائله واستنباطاته من كتاب الله - عز وجل-، ومنهم الشيخ الإمام عثمان بن بشر في كتابه (عنوان المجد)، فقد كتب عن هذا الشيخ، وعن دعوته، وعن سيرته، وعن تاريخ حياته، وعن غزواته وجهاده، ومنهم خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه (زعماء الإصلاح)، فقد كتب عنه وأنصفه، ومنهم الشيخ الكبير مسعود عالم الندوي، فقد كتب عنه، وسماه المصلح المظلوم، وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك، وكتب عنه أيضاً آخرون، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني، فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته، فلما بلغه دعوة الشيخ سر بها وحمد الله عليها. وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني صاحب (نيل الأوطار) ورثاه بمرثية عظيمة، وكتب عنه جمع غفير غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء، ولأجل كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الإمام وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حاله وما كان عليه من سيرة حسنة، ودعوة صالحة، وجهاد صادق، وأن أشرح قليلاً مما أعرفه عن هذا الإمام حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لبس، أو شيء من شك في حاله ودعوته، وما كان عليه.
ولد هذا الإمام في عام ( 1115 ) هجرية هذا هو المشهور في مولده - رحمة الله عليه-، وقيل: في عام ( 1111 ) هجرية، والمعروف الأول أنه ولد في عام (1115) هجرية - على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية-. وتعلم على أبيه في بلدة العيينة (وهذه البلدة هي مسقط رأسه - رحمة الله عليه-، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو متراً تقريباً أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب) ولد فيها -رحمة الله عليه - ونشأ نشأةً صالحة، وقرأ القرآن مبكراً. واجتهد في الدراسة والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان (وكان فقيهاً كبيراً وعالماً قديراً، (وكان قاضيا في بلدة العيينة)، ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام، وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف. ثم توجه إلى المدينة - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام-، فاجتمع بعلمائها، وأقام فيها مدة، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت، وهما: الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي، أصله من المجمعة، وهو وأخذ أيضاً عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة، هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة، ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف.
ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام-، وناقش وذاكر في ذلك، وناظر هنالك من العلماء، واشتهر من مشايخه هناك شخص يقال له: الشيخ محمد المجموعي، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى، فخرج من أجل ذلك، وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك؛ لعدم وجود النفقة الكافية، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الأحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين، ثم توجه إلى بلاد حريملاء، وذلك والله أعلم في العقد الخامس من القرن الثاني عشر؛ لأن أباه كان قاضياً في العيينة، وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها، واستقر هناك ولم يزل مشتغلاً بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به. وقيل: إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة - رحمة الله عليه - وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء، ومن جملتهم هؤلاء السفلة الذين يقال لهم: العبيد هناك، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم وأنه لا يرضى بأفعالهم، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم، والحد من شرهم غضبوا وهموا أن يفتكوا به، فصانه الله وحماه، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر، فنزل عليه ورحب به الأمير، وقال: قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير، والمحبة والموافقة على ما هو عليه، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله - عز وجل-، وتوجيه الناس إلى الخير، والمحبة في الله، رجالهم ونسائهم، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة.
وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان: دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب - رضي الله عنه - فإنها أسست على غير هدى، وأن الله - جل وعلا - لا يرضى بهذا العمل، والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد، وحصل بها الشرك فيجب هدمها، فقال الأمير عثمان: لا مانع من ذلك، فقال الشيخ: إني أخشى أن يثور لها أهل الجبيلة، والجبيلة قرية هناك قريبة من القبر، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغ 600 مقاتل لهدم القبة، ومعهم الشيخ - رحمة الله عليه - فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها. فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك، فباشر الشيخ هدمها لإزالتها فأزالها الله - عز وجل - على يديه - رحمة الله عليه-.
ولنذكر نبذة عن حال نجد قبل قيام الشيخ - رحمة الله عليه - وعن أسباب قيامه ودعوته:
كان أهل نجد قبل دعوة الشيخ على حالة لا يرضاها مؤمن، وكان الشرك الأكبر قد نشأ في نجد وانتشر حتى عبدت القباب وعبدت الأشجار، والأحجار، وعبدت الغيران، وعبد من يدعي بالولاية، وهو من المعتوهين، وعبد من دون الله أناس يدعون بالولاية، وهم مجانين مجاذيب لا عقول عندهم، واشتهر في نجد السحرة والكهنة، وسؤالهم وتصديقهم وليس هناك منكر إلا من شاء الله، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وشهواتها، وقل القائم لله والناصر لدينه وهكذا في الحرمين الشريفين وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك وبناء القباب على القبور، ودعاء الأولياء والاستغاثة بهم، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى، ما بين قبر وما بين غار، وبين شجرة وبين مجذوب ومجنون يدعى من دون الله ويستغاث به مع الله، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة بهم وذبح الذبائح لهم وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجدتهم، وخوف شرهم، فلما رأى الشيخ الإمام هذا الشرك وظهوره في الناس وعدم وجود منكر لذلك وقائم بالدعوة إلى الله في ذلك شمر عن ساعد الجد وصبر على الدعوة وعرف أنه لا بد من جهاد، وصبر، وتحمل للأذى. فجد في التعليم والتوجيه والإرشاد وهو في العيينة، وفي مكاتبة العلماء في ذلك والمذاكرة معهم رجاء أن يقوموا معه في نصرة دين الله، والمجاهدة في هذا الشرك وهذه الخرافات، فأجاب دعوته كثيرون من علماء نجد وعلماء الحرمين، وعلماء اليمن، وغيرهم وكتبوا إليه بالموافقة، وخالف آخرون وعابوا ما دعا إليه وذموه ونفروا عنه وهم بين أمرين، ما بين جاهل خرافي لا يعرف دين الله ولا يعرف توحيد الله، وإنما يعرف ما هو عليه وآباؤه وأجداده من الجهل والضلال والشرك والبدع والخرافات , وطائفة أخرى ممن ينسبون إلى العلم ردوا عليه عناداً وحسداً لئلا يقوم العامة: ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء؟! لماذا جاء ابن عبد الوهاب وصار على الحق وأنتم علماء ولم تنكروا هذا الباطل؟! فحسدوه وخجلوا من العامة، وأظهروا العناد للحق إيثاراً للعاجل على الآجل، واقتداء باليهود في إيثارهم الدنيا على الآخرة - نسأل الله العافية والسلامة-.
أما الشيخ فقد صبر وجد في الدعوة وشجعه من شجعه من العلماء والأعيان في داخل الجزيرة، وفي خارجها، وعزم على ذلك، واستعان بربه - عز وجل-، وعكف على الكتب النافعة ودرسها، وعكف قبل ذلك على كتاب الله، وكانت له اليد الطولى في تفسير كتاب الله، والاستنباط منه، وعكف على سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرة أصحابه، وجد في ذلك وتبصر فيه حتى أدرك من ذلك ما أعانه الله به وثبته على الحق فشمر عن ساعد الجد، وصمم على الدعوة وعلى أن ينشرها بين الناس ويكاتب الأمراء والعلماء في ذلك وليكن في ذلك ما يكون، فحقق الله له الآمال الطيبة، ونشر به الدعوة، وأيد به الحق، وهيأ الله له أنصاراً ومساعدين وأعواناً حتى ظهر دين الله وعلت كلمة الله، فاستمر الشيخ في الدعوة في العيينة بالتعليم والإرشاد، ثم شمر عن ساعد الجد إلى العمل وإزالة الشرك بالفعل لما رأى الدعوة لم تؤثر في بعض الناس فباشر الدعوة عملياً ليزيل بيده ما تيسر وما أمكن من آثار الشرك. فقال الشيخ للأمير عثمان بن معمر: لا بد من هدم هذه القبة على قبر زيد - وزيد بن الخطاب - رضي الله عنه - هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين - رضي الله تعالى عن الجميع-، وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية، فكان ممن قتل هناك وبني على قبره قبة فيما يذكرون، وقد يكون قبر غيره، لكنه فيما يذكرون أنه قبره - فوافقه عثمان - كما تقدم وهناك قبور أخرى منها قبر يقال: إنه قبر ضرار بن الأوزر كانت عليه قبة هدمت أيضاً، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله - عز وجل-، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله - جل وعلا - فأزيلت وقضي عليها وحذر الناس عنها. والمقصود أن الشيخ استمر - رحمة الله عليه - على الدعوة قولاً وعملاً - كما تقدم - ثم إن الشيخ أتته امرأة واعترفت عنده بالزنا عدة مرات، وسأل عن عقلها، فقيل: إنها عاقلة ولا بأس بها، فلما صممت على الاعتراف، ولم ترجع عن اعترافها، ولم تدع إكراهاً ولا شبهة وكانت محصنة، أمر الشيخ - رحمة الله عليه - بأن ترجم فرجمت بأمره حالة كونه قاضياً بالعيينة، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة وبرجم المرأة وبالدعوة العظيمة إلى الله وهجرة المهاجرين إلى العيينة، وبلغ أمير الأحساء وتوابعها من بني خالد سليمان بن عريعر الخالدي أمر الشيخ، وأنه يدعو إلى الله، وأنه يهدم القباب، وأنه يقيم الحدود فعظم عليه أمر الشيخوخاف على سلطانه ؛ فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة، وقال: إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا، وكذا!! فإما أن تقتله، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه، فقال للشيخ: إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا، وأنه لا يحسن منا أن نقتلك وإنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت، فقال له الشيخ: إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله، وتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فأبشر فسينصرك الله ويحميك منه ومن وغيره، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته، فقال: أيها الشيخ إنا لا نستطيع محاربته، ولا صبر لنا على مخالفته، فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية، جاء إليها ماشياً فيما ذكروا حتى وصل إليها في آخر النهار، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشياً على الأقدام لم يرحله عثمان، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له: محمد بن سويلم العريني فنزل عليه، ويقال: إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ، وقال له: أبشر بخير، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله، وسوف يظهره الله، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد، ويقال: إن الذي أخبره به زوجته جاء إليها بعض الصالحين، وقال لها: أخبري محمداً بهذا الرجل، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته وكانت امرأة صالحة طيبة، فلما دخل عليها محمد ابن سعود أمير الدرعية وملحقاتها، قالت له: أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك، رجل داعية يدعو إلى دين الله، ويدعو إلى كتاب الله، يدعو إلى سنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام - يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته، ولا تقف في ذلك أبداً، فقبل الأمير مشورتها، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه، ويقال: إن المرأة أيضاً هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين، وقالوا له: لا ينبغي أن تدعوه إليك، بل ينبغي أن تقصده في منزله، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير - رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه-، فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم، وقصده وسلم عليه وتحدث معه، وقال له: يا شيخ محمد أبشر بالنصرة، وأبشر بالأمن، وأبشر بالمساعدة، فقال له الشيخ: وأنت أبشر بالنصرة أيضاً والتمكين والعاقبة الحميدة، هذا دين الله من نصره نصره الله، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعاً، فقال: يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على أعداء الإسلام، أن تبتغي غير أرضنا، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى، فقال: لا أبايعك على هذا... أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبداً، فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده، ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله، وتمت البيعة على ذلك. وتوافد الناس إلى الدرعية من كل مكان، من العيينة، وعرقة، ومنفوحة، والرياض، وغير ذلك، من البلدان المجاورة، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان، وتسامع الناس بأخبار الشيخ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه، فأتوا زرافات ووحدانا. فأقام الشيخ بالدرعية معظماً مؤيداً محبوباً منصوراً، ورتب الدروس في الدرعية في العقائد، وفي القرآن الكريم، وفي التفسير، وفي الفقه، وأصوله، والحديث، ومصطلحه، والعلوم العربية، والتاريخية، وغير ذلك من العلوم النافعة، وتوافد الناس عليه من كل مكان، وتعلم الناس علمه في الدرعية الشباب وغيرهم، ورتب للناس دروساً كثيرة للعامة والخاصة، ونشر العلم في الدرعية واستمر على الدعوة، ثم بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان وإزالة الشرك الذي في بلادهم، وبدأ بأهل نجد، وكاتب أمراءها وعلماءها، كاتب علماء الرياض وأميرها دهام بن دواس، كاتب علماء الخرج وأمراءها، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم وحائل والوشم، وسدير وغير ذلك، ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم. وهكذا علماء الأحساء وعلماء الحرمين الشريفين، وهكذا علماء الخارج في مصر، والشام، والعراق، والهند، واليمن، وغير ذلك، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين، بل هناك أنصار، والله - جل وعلا - قد ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة. ولكن الحديث الآن عن نجد، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله - عز وجل - مع أن فيها علماء فيهم خير، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي، وهناك أيضاً في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد؛ لأسباب كثيرة، منها: عدم تيسر الناصر المساعد لهم. ومنها: عدم الصبر لكثير من الدعاة وتحمل الأذى في سبيل الله. ومنها: قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة، والعبارات اللائقة، والحكمة والموعظة الحسنة. ومع اشتهار الدعوه وانتشار صيت الشيخ صار له اعداء وخصوم وكانوعلى قسمين: قسم عادوه باسم العلم والدين، وقسم: عادوه باسم السياسة ولكن تستروا بالعلم، وتستروا باسم الدين، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء الذين أظهروا عداوته، وقالوا: إنه على غير الحق، وإنه كيت وكيت. والشيخ - رحمة الله عليه - مستمر في الدعوة يزيل الشبه، ويوضح الدليل، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي عليه من كتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - وطوراً يقولون: إنه من الخوارج، وتارة يقولون: يخرق الإجماع، ويدعي الاجتهاد المطلق ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منه وطائفة أخرى قلدت غيرها واعتمدت عليها، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة وتستتر باسم الإسلام والدين، واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين. واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية على ذلك،
ورفعت راية الجهاد وبدأ الجهاد من عام 1158 هـ.
بدأ الجهاد بالسيف، وبالكلام والبيان، والحجة، والبرهان، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف، ومعلوم أن الداعي إلى الله - عز وجل - إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته، ثم يقل أنصاره. ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة، وقمع المعارضين ونصر الحق، وقمع الباطل، ولقد صدق الله العظيم في قوله - عز وجل - وهو الصادق - سبحانه - في كل ما يقول: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحديد:25) فبين - سبحانه وتعالى - أنه أرسل الرسل بالبينات، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق، ويدفع بها الباطل، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان، والهدى والإيضاح، وأنزل معهم الميزان، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط، وأنزل الحديد فيه بأس شديد، فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة وتؤثر فيه البينة، فهو الملزم بالحق، وهو القامع للباطل، وكان مبداء الجهاد ان العاقل ذو الفطرة السليمة، ينتفع بالبينة، ويقبل الحق بدليله، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف، فجد الشيخ - رحمه الله - في الدعوة والجهاد، وساعده أنصاره من آل سعود - طيب الله ثراهم - على ذلك، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريباً من خمسين عاماً جهاد، ودعوة، ونضال، وجدال في الحق، وإيضاح لما قاله الله ورسوله، ودعوة إلى دين الله، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله - عليه الصلاة والسلام-. حتى التزم الناس بالطاعة، ودخلوا في دين الله، وهدموا ما عندهم من القباب، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور، وحكموا الشريعة، ودانوا بها، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد وقوانينهم، ورجعوا إلى الحق. وعمرت المساجد بالصلوات، وحلقات العلم، وأديت الزكوات، وصام الناس رمضان، كما شرع الله - عز وجل-، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وساد الأمن في الأمصار، والقرى والطرق والبوادي، ووقف البادية عند حدهم، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق، ونشر الشيخ فيهم الدعوة. وأرسل الشيخ إليهم المرشدين، والدعاة في الصحراء والبوادي، كما أرسل المعلمين، والمرشدين، والقضاة إلى البلدان والقرى، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجداً كلها وانتشر فيها الحق، وظهر فيها دين الله - عز وجل-. ولم تزل دعوته - بحمد الله - قائمة منتشرة إلى يومنا هذا، حتى بعد سقوط الدوله السعودية الاولى في عام 1233هـ. فإن الجنود المصرية لما عثت في نجد، وقتلت من قتلت، وخربت ما خربت ، لم يمض على ذلك إلا سنوات قليلة ثم قامت الدعوة بعد ذلك وانتشرت، ونهض بالدعوة بعد ذلك بنحو خمس سنين الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود - رحمة الله عليه - فواصل في نشر الدعوة في نجد وما حولها، وانتشر العلماء في نجد وأخرج من كان هناك من الأتراك والمصريين في عام 1240هـ،
مهم
عند نقل الموضع فضلا اشر للموقع حفاضا على الحقوق الادبيه مع ذكر الرابط .
المراجع/ *كلمة صوتيه مسجله للشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله.
المراجع/* عنوان المجد في تاريخ نجد لأبن بشر
الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي النجدي، لقد عرف الناس هذا الإمام ولا سيما علماؤهم ورؤساؤهم وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز ومطول، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات حتى المستشرقين كتبوا عنه كتابات كثيرة، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم، وبأنه مجدد للإسلام، وبأنه على هدى ونور من ربه، وتعدادهم يشق كثيراً، من جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الأحسائي، فقد كتب عن هذا الشيخ فأجاد وأفاد وذكر دعوته، وذكر سيرته وذكر غزواته، وأطنب في ذلك وكتب كثيراً من رسائله واستنباطاته من كتاب الله - عز وجل-، ومنهم الشيخ الإمام عثمان بن بشر في كتابه (عنوان المجد)، فقد كتب عن هذا الشيخ، وعن دعوته، وعن سيرته، وعن تاريخ حياته، وعن غزواته وجهاده، ومنهم خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه (زعماء الإصلاح)، فقد كتب عنه وأنصفه، ومنهم الشيخ الكبير مسعود عالم الندوي، فقد كتب عنه، وسماه المصلح المظلوم، وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك، وكتب عنه أيضاً آخرون، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني، فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته، فلما بلغه دعوة الشيخ سر بها وحمد الله عليها. وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني صاحب (نيل الأوطار) ورثاه بمرثية عظيمة، وكتب عنه جمع غفير غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء، ولأجل كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الإمام وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حاله وما كان عليه من سيرة حسنة، ودعوة صالحة، وجهاد صادق، وأن أشرح قليلاً مما أعرفه عن هذا الإمام حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لبس، أو شيء من شك في حاله ودعوته، وما كان عليه.
ولد هذا الإمام في عام ( 1115 ) هجرية هذا هو المشهور في مولده - رحمة الله عليه-، وقيل: في عام ( 1111 ) هجرية، والمعروف الأول أنه ولد في عام (1115) هجرية - على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية-. وتعلم على أبيه في بلدة العيينة (وهذه البلدة هي مسقط رأسه - رحمة الله عليه-، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو متراً تقريباً أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب) ولد فيها -رحمة الله عليه - ونشأ نشأةً صالحة، وقرأ القرآن مبكراً. واجتهد في الدراسة والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان (وكان فقيهاً كبيراً وعالماً قديراً، (وكان قاضيا في بلدة العيينة)، ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام، وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف. ثم توجه إلى المدينة - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام-، فاجتمع بعلمائها، وأقام فيها مدة، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت، وهما: الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي، أصله من المجمعة، وهو وأخذ أيضاً عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة، هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة، ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف.
ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام-، وناقش وذاكر في ذلك، وناظر هنالك من العلماء، واشتهر من مشايخه هناك شخص يقال له: الشيخ محمد المجموعي، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى، فخرج من أجل ذلك، وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك؛ لعدم وجود النفقة الكافية، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الأحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين، ثم توجه إلى بلاد حريملاء، وذلك والله أعلم في العقد الخامس من القرن الثاني عشر؛ لأن أباه كان قاضياً في العيينة، وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها، واستقر هناك ولم يزل مشتغلاً بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به. وقيل: إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة - رحمة الله عليه - وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء، ومن جملتهم هؤلاء السفلة الذين يقال لهم: العبيد هناك، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم وأنه لا يرضى بأفعالهم، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم، والحد من شرهم غضبوا وهموا أن يفتكوا به، فصانه الله وحماه، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر، فنزل عليه ورحب به الأمير، وقال: قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير، والمحبة والموافقة على ما هو عليه، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله - عز وجل-، وتوجيه الناس إلى الخير، والمحبة في الله، رجالهم ونسائهم، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة.
وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان: دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب - رضي الله عنه - فإنها أسست على غير هدى، وأن الله - جل وعلا - لا يرضى بهذا العمل، والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد، وحصل بها الشرك فيجب هدمها، فقال الأمير عثمان: لا مانع من ذلك، فقال الشيخ: إني أخشى أن يثور لها أهل الجبيلة، والجبيلة قرية هناك قريبة من القبر، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغ 600 مقاتل لهدم القبة، ومعهم الشيخ - رحمة الله عليه - فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها. فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك، فباشر الشيخ هدمها لإزالتها فأزالها الله - عز وجل - على يديه - رحمة الله عليه-.
ولنذكر نبذة عن حال نجد قبل قيام الشيخ - رحمة الله عليه - وعن أسباب قيامه ودعوته:
كان أهل نجد قبل دعوة الشيخ على حالة لا يرضاها مؤمن، وكان الشرك الأكبر قد نشأ في نجد وانتشر حتى عبدت القباب وعبدت الأشجار، والأحجار، وعبدت الغيران، وعبد من يدعي بالولاية، وهو من المعتوهين، وعبد من دون الله أناس يدعون بالولاية، وهم مجانين مجاذيب لا عقول عندهم، واشتهر في نجد السحرة والكهنة، وسؤالهم وتصديقهم وليس هناك منكر إلا من شاء الله، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وشهواتها، وقل القائم لله والناصر لدينه وهكذا في الحرمين الشريفين وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك وبناء القباب على القبور، ودعاء الأولياء والاستغاثة بهم، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى، ما بين قبر وما بين غار، وبين شجرة وبين مجذوب ومجنون يدعى من دون الله ويستغاث به مع الله، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة بهم وذبح الذبائح لهم وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجدتهم، وخوف شرهم، فلما رأى الشيخ الإمام هذا الشرك وظهوره في الناس وعدم وجود منكر لذلك وقائم بالدعوة إلى الله في ذلك شمر عن ساعد الجد وصبر على الدعوة وعرف أنه لا بد من جهاد، وصبر، وتحمل للأذى. فجد في التعليم والتوجيه والإرشاد وهو في العيينة، وفي مكاتبة العلماء في ذلك والمذاكرة معهم رجاء أن يقوموا معه في نصرة دين الله، والمجاهدة في هذا الشرك وهذه الخرافات، فأجاب دعوته كثيرون من علماء نجد وعلماء الحرمين، وعلماء اليمن، وغيرهم وكتبوا إليه بالموافقة، وخالف آخرون وعابوا ما دعا إليه وذموه ونفروا عنه وهم بين أمرين، ما بين جاهل خرافي لا يعرف دين الله ولا يعرف توحيد الله، وإنما يعرف ما هو عليه وآباؤه وأجداده من الجهل والضلال والشرك والبدع والخرافات , وطائفة أخرى ممن ينسبون إلى العلم ردوا عليه عناداً وحسداً لئلا يقوم العامة: ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء؟! لماذا جاء ابن عبد الوهاب وصار على الحق وأنتم علماء ولم تنكروا هذا الباطل؟! فحسدوه وخجلوا من العامة، وأظهروا العناد للحق إيثاراً للعاجل على الآجل، واقتداء باليهود في إيثارهم الدنيا على الآخرة - نسأل الله العافية والسلامة-.
أما الشيخ فقد صبر وجد في الدعوة وشجعه من شجعه من العلماء والأعيان في داخل الجزيرة، وفي خارجها، وعزم على ذلك، واستعان بربه - عز وجل-، وعكف على الكتب النافعة ودرسها، وعكف قبل ذلك على كتاب الله، وكانت له اليد الطولى في تفسير كتاب الله، والاستنباط منه، وعكف على سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرة أصحابه، وجد في ذلك وتبصر فيه حتى أدرك من ذلك ما أعانه الله به وثبته على الحق فشمر عن ساعد الجد، وصمم على الدعوة وعلى أن ينشرها بين الناس ويكاتب الأمراء والعلماء في ذلك وليكن في ذلك ما يكون، فحقق الله له الآمال الطيبة، ونشر به الدعوة، وأيد به الحق، وهيأ الله له أنصاراً ومساعدين وأعواناً حتى ظهر دين الله وعلت كلمة الله، فاستمر الشيخ في الدعوة في العيينة بالتعليم والإرشاد، ثم شمر عن ساعد الجد إلى العمل وإزالة الشرك بالفعل لما رأى الدعوة لم تؤثر في بعض الناس فباشر الدعوة عملياً ليزيل بيده ما تيسر وما أمكن من آثار الشرك. فقال الشيخ للأمير عثمان بن معمر: لا بد من هدم هذه القبة على قبر زيد - وزيد بن الخطاب - رضي الله عنه - هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين - رضي الله تعالى عن الجميع-، وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية، فكان ممن قتل هناك وبني على قبره قبة فيما يذكرون، وقد يكون قبر غيره، لكنه فيما يذكرون أنه قبره - فوافقه عثمان - كما تقدم وهناك قبور أخرى منها قبر يقال: إنه قبر ضرار بن الأوزر كانت عليه قبة هدمت أيضاً، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله - عز وجل-، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله - جل وعلا - فأزيلت وقضي عليها وحذر الناس عنها. والمقصود أن الشيخ استمر - رحمة الله عليه - على الدعوة قولاً وعملاً - كما تقدم - ثم إن الشيخ أتته امرأة واعترفت عنده بالزنا عدة مرات، وسأل عن عقلها، فقيل: إنها عاقلة ولا بأس بها، فلما صممت على الاعتراف، ولم ترجع عن اعترافها، ولم تدع إكراهاً ولا شبهة وكانت محصنة، أمر الشيخ - رحمة الله عليه - بأن ترجم فرجمت بأمره حالة كونه قاضياً بالعيينة، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة وبرجم المرأة وبالدعوة العظيمة إلى الله وهجرة المهاجرين إلى العيينة، وبلغ أمير الأحساء وتوابعها من بني خالد سليمان بن عريعر الخالدي أمر الشيخ، وأنه يدعو إلى الله، وأنه يهدم القباب، وأنه يقيم الحدود فعظم عليه أمر الشيخوخاف على سلطانه ؛ فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة، وقال: إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا، وكذا!! فإما أن تقتله، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه، فقال للشيخ: إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا، وأنه لا يحسن منا أن نقتلك وإنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت، فقال له الشيخ: إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله، وتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فأبشر فسينصرك الله ويحميك منه ومن وغيره، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته، فقال: أيها الشيخ إنا لا نستطيع محاربته، ولا صبر لنا على مخالفته، فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية، جاء إليها ماشياً فيما ذكروا حتى وصل إليها في آخر النهار، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشياً على الأقدام لم يرحله عثمان، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له: محمد بن سويلم العريني فنزل عليه، ويقال: إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ، وقال له: أبشر بخير، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله، وسوف يظهره الله، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد، ويقال: إن الذي أخبره به زوجته جاء إليها بعض الصالحين، وقال لها: أخبري محمداً بهذا الرجل، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته وكانت امرأة صالحة طيبة، فلما دخل عليها محمد ابن سعود أمير الدرعية وملحقاتها، قالت له: أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك، رجل داعية يدعو إلى دين الله، ويدعو إلى كتاب الله، يدعو إلى سنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام - يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته، ولا تقف في ذلك أبداً، فقبل الأمير مشورتها، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه، ويقال: إن المرأة أيضاً هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين، وقالوا له: لا ينبغي أن تدعوه إليك، بل ينبغي أن تقصده في منزله، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير - رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه-، فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم، وقصده وسلم عليه وتحدث معه، وقال له: يا شيخ محمد أبشر بالنصرة، وأبشر بالأمن، وأبشر بالمساعدة، فقال له الشيخ: وأنت أبشر بالنصرة أيضاً والتمكين والعاقبة الحميدة، هذا دين الله من نصره نصره الله، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعاً، فقال: يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على أعداء الإسلام، أن تبتغي غير أرضنا، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى، فقال: لا أبايعك على هذا... أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبداً، فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده، ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله، وتمت البيعة على ذلك. وتوافد الناس إلى الدرعية من كل مكان، من العيينة، وعرقة، ومنفوحة، والرياض، وغير ذلك، من البلدان المجاورة، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان، وتسامع الناس بأخبار الشيخ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه، فأتوا زرافات ووحدانا. فأقام الشيخ بالدرعية معظماً مؤيداً محبوباً منصوراً، ورتب الدروس في الدرعية في العقائد، وفي القرآن الكريم، وفي التفسير، وفي الفقه، وأصوله، والحديث، ومصطلحه، والعلوم العربية، والتاريخية، وغير ذلك من العلوم النافعة، وتوافد الناس عليه من كل مكان، وتعلم الناس علمه في الدرعية الشباب وغيرهم، ورتب للناس دروساً كثيرة للعامة والخاصة، ونشر العلم في الدرعية واستمر على الدعوة، ثم بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان وإزالة الشرك الذي في بلادهم، وبدأ بأهل نجد، وكاتب أمراءها وعلماءها، كاتب علماء الرياض وأميرها دهام بن دواس، كاتب علماء الخرج وأمراءها، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم وحائل والوشم، وسدير وغير ذلك، ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم. وهكذا علماء الأحساء وعلماء الحرمين الشريفين، وهكذا علماء الخارج في مصر، والشام، والعراق، والهند، واليمن، وغير ذلك، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين، بل هناك أنصار، والله - جل وعلا - قد ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة. ولكن الحديث الآن عن نجد، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله - عز وجل - مع أن فيها علماء فيهم خير، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي، وهناك أيضاً في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد؛ لأسباب كثيرة، منها: عدم تيسر الناصر المساعد لهم. ومنها: عدم الصبر لكثير من الدعاة وتحمل الأذى في سبيل الله. ومنها: قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة، والعبارات اللائقة، والحكمة والموعظة الحسنة. ومع اشتهار الدعوه وانتشار صيت الشيخ صار له اعداء وخصوم وكانوعلى قسمين: قسم عادوه باسم العلم والدين، وقسم: عادوه باسم السياسة ولكن تستروا بالعلم، وتستروا باسم الدين، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء الذين أظهروا عداوته، وقالوا: إنه على غير الحق، وإنه كيت وكيت. والشيخ - رحمة الله عليه - مستمر في الدعوة يزيل الشبه، ويوضح الدليل، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي عليه من كتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - وطوراً يقولون: إنه من الخوارج، وتارة يقولون: يخرق الإجماع، ويدعي الاجتهاد المطلق ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منه وطائفة أخرى قلدت غيرها واعتمدت عليها، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة وتستتر باسم الإسلام والدين، واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين. واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية على ذلك،
ورفعت راية الجهاد وبدأ الجهاد من عام 1158 هـ.
بدأ الجهاد بالسيف، وبالكلام والبيان، والحجة، والبرهان، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف، ومعلوم أن الداعي إلى الله - عز وجل - إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته، ثم يقل أنصاره. ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة، وقمع المعارضين ونصر الحق، وقمع الباطل، ولقد صدق الله العظيم في قوله - عز وجل - وهو الصادق - سبحانه - في كل ما يقول: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحديد:25) فبين - سبحانه وتعالى - أنه أرسل الرسل بالبينات، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق، ويدفع بها الباطل، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان، والهدى والإيضاح، وأنزل معهم الميزان، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط، وأنزل الحديد فيه بأس شديد، فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة وتؤثر فيه البينة، فهو الملزم بالحق، وهو القامع للباطل، وكان مبداء الجهاد ان العاقل ذو الفطرة السليمة، ينتفع بالبينة، ويقبل الحق بدليله، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف، فجد الشيخ - رحمه الله - في الدعوة والجهاد، وساعده أنصاره من آل سعود - طيب الله ثراهم - على ذلك، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريباً من خمسين عاماً جهاد، ودعوة، ونضال، وجدال في الحق، وإيضاح لما قاله الله ورسوله، ودعوة إلى دين الله، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله - عليه الصلاة والسلام-. حتى التزم الناس بالطاعة، ودخلوا في دين الله، وهدموا ما عندهم من القباب، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور، وحكموا الشريعة، ودانوا بها، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد وقوانينهم، ورجعوا إلى الحق. وعمرت المساجد بالصلوات، وحلقات العلم، وأديت الزكوات، وصام الناس رمضان، كما شرع الله - عز وجل-، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وساد الأمن في الأمصار، والقرى والطرق والبوادي، ووقف البادية عند حدهم، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق، ونشر الشيخ فيهم الدعوة. وأرسل الشيخ إليهم المرشدين، والدعاة في الصحراء والبوادي، كما أرسل المعلمين، والمرشدين، والقضاة إلى البلدان والقرى، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجداً كلها وانتشر فيها الحق، وظهر فيها دين الله - عز وجل-. ولم تزل دعوته - بحمد الله - قائمة منتشرة إلى يومنا هذا، حتى بعد سقوط الدوله السعودية الاولى في عام 1233هـ. فإن الجنود المصرية لما عثت في نجد، وقتلت من قتلت، وخربت ما خربت ، لم يمض على ذلك إلا سنوات قليلة ثم قامت الدعوة بعد ذلك وانتشرت، ونهض بالدعوة بعد ذلك بنحو خمس سنين الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود - رحمة الله عليه - فواصل في نشر الدعوة في نجد وما حولها، وانتشر العلماء في نجد وأخرج من كان هناك من الأتراك والمصريين في عام 1240هـ،
مهم
عند نقل الموضع فضلا اشر للموقع حفاضا على الحقوق الادبيه مع ذكر الرابط .
المراجع/ *كلمة صوتيه مسجله للشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله.
المراجع/* عنوان المجد في تاريخ نجد لأبن بشر