العودة   ®°·.¸.•°°·.¸منتديات عيال الحمايل¸.•°°·.¸.•°® > ღღ الأقسام التراثية والشعبية والسياحية ღღ > ღღ الموروث الشعبي والأصالـة ღღ
التسجيل روابط مفيدة



رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
قديم 29-03-2012, 07:17 PM   رقم المشاركة :[8]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







ثانياً :



ساجر الرفدي



ساجر الرفدي ـ نسبه ـ خمول أسرته ـ أخوه عسكر يشد من عضده ـفرسيتهما ـ النزاع بينهما وبين أخوالهما وقتل عسكر ـ حرب ساجر مع أخواله البجايده ـ بروز ساجر ـ شعره ـ الأمير عبدالله الرشيد لا يطمئن الى ساجر ويستعدي عليه الأمام عبدالله الفيصل بن سعود ـ عبدالله الفيصل يهاجم ساجر وبرجس بن مجلاد ـ نزوح ساجر بعدها مع قبيلة العمارات الى وديان عنزة ـ غاراته على نجد ـفروسيته جعلت منه زعيماً متبوعاً ـ شاعره سليمان اليمني ـ الخلاف بين آل شعلان وبروز شخصية ساجر فيه ـ غارته على أبل أبن رشيد وقتله لأبن زويمل وأخذ الأبل ـ الخلاف بين ساجر والسمن وبن قعيشيش وبن غبين من مشايخ عنزة ـ ساجر وقصة الشويهات ـ الخ........

ساجر من قبيلة ( السلقا ) بطن من قبيلة العمارات من عنزة ، وكان والده من بين أفراد هذه القبيلة خامل الذكر ، الا أنه تزوج فتاة من أسرة عريقه ، هي بنت أبي الخساير ، من قبيلة البجايده من السلقا ، وقد رزق منها بولدين ، أحدهما ساجر والأخر عسكر ، وعندما أكتملت رجولتهما برزا بين قبيلة السلقا ، واخذت الأنظار تتجه نحوهما ، على عكس ماكان عليه والدهما من الخمول ، وقد اشتهرا وهما في مقتبل العمر ، لم يتجاوز عمرهما العشرين سنة ، وقد أثبتا وجودهما بين قبيلتهما ، وكانا مضرب الأمثال بين القبائل ، وقد أشادا بيتاً كبيراً لأنفسهما ، وأصبح كل واحد منهما فارساً مغواراً ، وكانت نشأتهما في منتصف القرن الثالث عشر الهجري تقريباً ، وقد حصل بينهما وبين أخوالهما البجايده ، عقد أجتماع في بيتهما ، فدارت مناقشه بينهما وبين أخوالهما أدت الى نزاع مسلح ، قتل فيه عسكر شقيق ساجر ، فانصرف البجايدة الى مواقعهم ، أما ساجر فقد دفن أخاه ، ورحل عن مواطنهم ، الى أراضي القصيم ، أما البجايده فبقوا في أرضهم التي هي قريبة من ( الشملي ) في أعالي بلاد طي ، وكان القصد من رحيله هو أن ينتحي عنهم ، ثم يكر عليهم ، ليأخذ بثأر أخيه ، وبعد مدة أغار على أخواله البجايدة ، وهاجمهم ليلاً ، ولكنه لم يقتل الا عبدا لشخص يسمى سودان ، من رؤساء البجايدة ( وسودان المذكور هو المتهم بقتل أخيه عسكر ) ، ثم أغار عليهم مرة ثانية ، وقتل سودان نفسه قاتل أخيه ، وبعد هذه الجرأة برز ساجر ساجر الرفدي ، والتفت حوله جماعة من أقاربه الشملان ، وأخذ يغزو بهم القبائل المعادية ، وبدأ سعده يطلع ، وأتجهت اليه الأنظار أكثر ، وأخذوا ينظرون اليه كقائد موفق ، وأخذت سمعته تزداد بين القبائل باواسط نجد ، وأنتشر صيته ، الى أن أشتهر ، وعرف بالقائد ساجر الرفدي ، وتزعم قبيلة الشملان ، وكان محبوباً عند كل من عرفه ، وبدأ يقول الشعر ، وينظمه بقومه ، ويحرضهم ، ويشحذ من هممهم حتى أصبح شاعراً مجيداً ، وله أشعار كثيره لم أستطع جمعها ، ولكنني سأورد ماظفرت به من شعره ، الذي يحكي واقع حياته ، ويبين الحوادث التي حصلت له في سيرته ، وكان من المعاصرين لساجر الرفدي الشيخ برجس بن مجلاد شيخ الدهامشه من عنزة ، وكان الأثنان يشكلان خطراً على أمير حائل عبد الله بن رشيد ، ولم يكن أبن رشيد مرتاحاً لموقف الأثنين ، ولذلك بعث أخاه عبيد الى الأمام عبدالله الفيصل بالرياض ، فسأله الأمام عن ما وراءه من أخبار البلاد الشمالية من نجد ، فانتهز أبن رشيد الفرصة ليشي بساجر الرفدي ، وبرجس بن مجلاد ، وقال الأبيات التالية :
:





يا شيخ أنا جيتك مسير وبلاس
وباغ أشوفك يا مضنة فـوادي


وأخبرك بأحوال ناس من الناس
ناسٍ على حكمك تدور الفسادي


يا شيخنا ما حركوا طبلة الراس
وعندك خبر يقزا البعير القرادي


أنا وربعي بين الأثنا والأخماس
ألفين من غبر الفلا والعيـادي








هذا ما ظفرت به من هذه القصيدة الطويلة . فسأله الأمام عبدالله عمن يعني بهذه الأبيات ، فقال له هما ساجر الرفدي وبرجس بن مجلاد اللذان يقومان بغزوات متتالية بنجد ، ويفسدان القبائل ويخلان بالأمن ، وأخذ يحرض الأمام عليهما وفعلاً تأثر الأمام عبدالله بكلام أبن رشيد ، فأمر بتجريد حملة لتأديبهما ، فداهمهم وهما بأراضي القصيم ، وبعدها نزحت قبيلة العمارات مضطرة الى وديان عنزة المعروفة في شمال المملكة ، وهناك أستقروا وأخذ ساجر يشن غاراته على أواسط نجد ، وألتفت القبائل من حوله .
وقد قال هذه القصيدة بمناسبة ما حصل عليه من الأمام عبدالله :
:





الله مـن عيـنٍ تزايـد حزنهـا
والقلب م ضكات الأيـام مسمـور


من شوفتـي دارٍ تغيـر وطنهـا
من عقب ماني داله القلب مسرور


دنولي الحمـرا ومـدوا رسنهـا
وهاتوا ذلولي وانسفوا فوقها الكور


ياما حلا المسلاف بـاول ظعنهـا
مستجنبين الخيل يبرا لهن خـور


يوم أنها نجدٍ وانـا مـن سكنهـا
واليوم مايسكن بها كـل ممـرور


شامت لعبدالله وانا شمـت عنهـا
اللي يصبح به على شقـة النـور


وانا أحمد الله سالمٍ مـن شطنهـا
ومكيفٍ ما بين عرعر وأبا القـور






وبعد هذا أخذ يضاعف غاراته على نجد ، وعرف بالشيخ ساجر ، ولم يبق رئيساً لقبيلة الشملان فقط ، بل ترأس عموم قبيلة السلقا ، التي يعتبر الشملان بطناً من بطونها ، وأصبح يشكل خطراً على جميع القبائل المعادية ، وكان في غزواته يتبعه أعداد هائلة من الخيل والهجن ، وكان ميمون النقية ، ومعروفاً بغزواته شجاعاً لا يهاب الموت ، ومع هذا كريم الى أبعد الحدود ، ودمث الأخلاق ومتسامح عن خطايا من حوله من رفاقه ، وكان يفضل قومه على نفسه ، وينصفهم بحقوقهم ويعف عندما يغنم ، وليس للجشع في نفسه مدخل ، وهذه السجايا هي من مقومات زعامته ، الأمر الذي حدا بأكثر قبائل عنزة وبعض قبائل شمر الى الأنضمام اليه في غزواته ، وكان قد أعد صانعاً يسمى خليفاً ، وأسكنه في راس هضبة تسمى ( اللبيد ) وليس لهذا الصانع مهمة سوى صنع حذاء الخيل وتركيبها عندما يغزو ساجر ، ويرجع اليه ، وبهذه المناسبة قال قصيدته المشهورة وهي كما يلي : :





يا خليف قطـع للسبايـا مساميـر
عن الحفا يا شوق موضي جبينـه


ياما حلا يا خليف تشييـدة الكيـر
براس اللبيد بيـن خضـرا ولينـه


وياما حلا يا خليف خز المعاشيـر
خلجٍ تـوال الليـل تسمـع حنيـه


كم عزبةٍ زحناه مع نوضـة الكيـر
وكم شيخ قومٍ عندهـن جادعينـه


من حد حايل لين سنجـار والديـر
كـم خيـرٍ بارماحنـا عاثريـنـه


ومن نجد جبنا الصفر هي والمغاتير
والذيب مـن عدواننـا مشبعينـه


وحنا على شهب النواصي مناحيـر
ان طار عن جرد السبايـا يقينـه


مـرٍ مسانيـد ومــرٍ محـاديـر
وكـم جـو قـومٍ ناثريـنٍ قطينـه


وكم عايل جنـه سـواة الشنانيـر
واصبـح فقيـر خاليـات يدينـه


من فوقهن فعالـة الشـر والخيـر
أهـل العلـوم البينـة والسمينـه








وبهذه القصيدة لمح عن الأراضي التي يغزوها ويصل اليها ، وقال أنه وجماعته يذهبون على الهجن الى أعالي نجد ، ثم ينحدرون ويصلون الى سنجار والى الدير بسورية ، وقال أنه وجماعته يفعلون الشر والخير ، أي أنهم حرب على أعداهم ، وسلم لمن صادقهم . لاشك أن ساجر الرفدي قوي العزيمة ، شديد الشكيمة ، طموح الى أبعد حد ، وقد أوجد نفسه من لاشئ ، وفي بعض غزواته قيلت هذه القصيدة ويقال أنها للشاعر اليمني شاعر ساجر الرفدي :





غنـام هـام ويـم طلعـه جذبـنـا
طير الحباري لا برق الريش عفـار


وشفنا واغرنـا فوقهـن وانتدبنـا
وشالن ابن لامي على الوجه حـدار


وهمنا الدويـش بديرتـه وانقلبنـا
جيانهم ما تروي الخيـل واعسـار


صبح أربعٍ من جو خضـرا شربنـا
وتشاوروا للراي صليبين الاشـوار


والصبح من فوق الركايـب ركبنـا
ومـرن رجـم للهيـازع وسـنـار


وابن علي قلـط لنـا البيـت يبنـا
وجينا كشافٍ عقب الأضحى والأفكار


ومن فوق زينـات السبايـا هذبنـا
بيومٍ عبوسٍ فيه عج الدخـن ثـار


ولبن علي وابـن طوالـة ضربنـا
واقفـن بريـاد العشاشيـق عبـار


حنـا ليـا منـا عديـنـا غلبـنـا
وعدونا نسقيـه كاسـات الامـرار


أقفن سلايل خيلهـم مـن غضبنـا
غلبـا مدلهـة العشايـر بالأقفـار


وحنـا ليـا منـا زعلنـا حربـنـا
ونذر الدخيل ونكرم الضيف والجار


ويامـا غضبناهـم ولحـدٍ غضبنـا
وهذي عوايدنا على الهجن وامعـار


وعدواننـا تشكـي فعايـل سربنـا
نـوبٍ مسانيـدٍ ونوبـات حــدار









ويقصد الشاعر اليمني بكلمة غنام هو ساجر الرفدي قائدهم مشبهاً اياه بالصقر ، لأن غنام من أسماء أسماء الصقور ، وقال أنهم أبصروا عربان أبن لامي ، فأغاروا عليهم ، وأخذوهم ، ثم صمموا على مهاجمة الدويش ، وأخيراً تراجعوا لأن مناهلهم قليلة الماء ، لا تروي الخيل ، وعسار ، أي عميقة . وفي صبيحة اليوم الرابع وصلوا منهل ( خضرا ) المعروف وشربوا منه ، وهناك تبادلوا الراي ، ثم مشوا باليوم الخامس ومروا برجم ( الهيازع ) و ( سنار ) وهناك وجدوا ان أبن علي زعيم قبيلة عبده من شمر قد علم بهم ، وقطع عليهم الطريق ، متصدياً لهم ، وقد أنظم الى ابن علي ابن طواله زعيم قبيلة الأسلم من شمر ، وذكر الشاعر أنهم هاجموهم وهزموهم هم ومن معهم ، وان خيلهم هاربة ومن فوقها الشبان الذين يعشقون البنات ، وقال أنهم ( يقصد جماعة ساجر ) يغلبون كل من يحاربهم ، ولا يغلبون ،
وكأنه معني ببيت عمرو بن كلثوم حيث قال :
:





فان نغلب فغلابون قدما
وان نغلب فغير مغلبينا








ثم قال في آخر قصيدته : وهو ولا شك يتكلم بلسان ساجر : أنه اذا تحداه أحد حاربه ، وانه يجير من أستجار به ، ويكرم ضيفه وجاره ، ثم قال أنه يغتصب الناس ، ولا يستطيعون أغتصابه وهذه هي عادته على صهوات الجياد ، وأكوار الأبل ، وقال ان اعداءنا يشكون الضيم من كراديس خيلنا ، واننا نسير بنجد جيئه وذهاباً لا نخشى من أعترض طريقنا . :
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 02:55 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:18 PM   رقم المشاركة :[9]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







وفي سنة من السنين ، وفي عنفوان زعامة ساجر الرفدي ، وبروز شخصيته بين زعماء قبائل نجد ، حصل بين آل شعلان خلاف على الزعامة وهم عائلة آل نايف وعائلة آل مشهور ، وكان شيخ آل شعلان وقبائل الرولة آنذاك هو فيصل بن نايف الشعلان ، ويسانده أخوه هزاع بن نايف ، وأبنا أخيه وهما فواز وسطام أبناء حمد النايف ، وقد حصلت بين العائلتين معركة ، تغلب فيها آل مشهور على آل نايف ، وقتلوا فيصل بن نايف شيخ القبيلة ، وأبن أخيه فواز ، وجرح هزاع جرحاً بليغاً .. على أثر ذلك عابت رجله ، أما سطام بن حمد فكان صبياً صغيراً ، لم يبلغ سن الرشد ، وكان عمره يقارب ثلاث عشر سنة ، ففر به عبيد آل نايف ، والتجأوا به الى الشيخ ساجر الرفدي ، أما آل مشهور فقد أخذوا راية الشعلان المشهورة وهي عبارة عن هودج مجلل بريش النعام ، ومن أخذ هذه الراية من عائلة الشعلان يصبح هو رئيس القبيلة ، وكانوا يحملونها في ساعات الحروب ، يتكاتفون من حولها ، وفعلاً ترأس آل مشهور بقبائل الرولة . أما سطام بن شعلان فعندما التجأ الى ساجر الرفدي هو وعبيده ، سألهم ساجر عن القصد من لجوئهم ، فأخبروه بما وقع بينهم وبين أبناء عمهم ابناء مشهور ، وأن شيخ الرولة فيصلا قد قتل ، وكذلك ابن أخيه فواز ، وان أبن مشهور غدر بهم ، وطلبوا من ساجر أن يعينهم بنفسه وبقومه ، لأخذ الثأر من آل مشهور ، وأستعادة الراية ، وقد لبى طلبهم ، وقال : اطمئنوا فأنا معكم ، وأعطيكم عهد الله على ذلك ، ولكن لابد من أن اتوجه أنا وياكم للشيخ أبن هذال ، شيخ العمارات ، لنعرض عليه الأمر ، ونخبره بكل ماحصل ، ونطلب منه ان يكون بجانبنا لتنفيذ ما طلبتموه ، وانا اؤكد لكم انني سأكون معكم حتى ولو أعتذر ابن هذال ، ثم توجه ساجر ومعه الصبي الصغير الى أبن هذال وأخبروه بالأمر، وطلب منه ساجر أن يقود قبائل العمارات ، لأخذ ثأر آل نايف من آل مشهور ، وارجاع رايتهم اليهم ، وقد أستعد أبن هذال لذلك ، وطمأن الشيخ الصغير سطام بن شعلان ،بأنه سيسير معهم ، وعمم الأمر على جميع قبائل العمارات ، ثم ألتفوا من حوله ، ومعه ساجر الرفدي وقبائله ، وسطام معهم ، ومن معه من العبيد ، وقيل أن معهم قسماً من قبائل الرولة ، وزحفوا على آل مشهور ، وقبائل الرولة ، وكان آل مشهور ومن معهم نازلين في وادي
( أبا القور) المعروف ، وقد أرسل أبن هذال جواسيس ليسبروا قوة الرولة ، وبعد أن عاد اليه الجواسيس وأخبروه أن الرولة مجتمعون عن بكرة أبيهم مع آل مشهور ، وبعد أن تأكد أبن هذال من ذلك أستصعب الأمر ، والتفت الى ساجر الرفدي وسطام بن شعلان وقال لهما : لابد من الرجوع والتأني ، الى أن يتفرق عربان الرولة عن آل مشهور ، ثم نغزوهم مرة ثانية ، وهم وحدهم ، وننفذ ما طلبه سطام بن شعلان ، وعندما لاحظ عبيد سطام تردد ابن هذال ، وجهوا سطاماً بأن يستثير ساجر الرفدي بالنخوة العربية ، ولما فعل سطام قام ساجر الرفدي غاضباَ ، وركب قلوصه ، وصاح بفرسان قبائل العمارات ، وقال من يريد أن يتبعني فأنا ذاهب لمهاجمة آل مشهور ومن معهم ، لأخذ ثأر من أستجار بي ، ومن يرد منكم أن يرجع فهو حر ، ثم دفع مطيته مسرعاَ ، ومستجنباَ جواده ،وذهبت فرسان العمارات خلفه ، ولم يتأخر أحد عنه ، وعندما لاحظ الشيخ ابن هذال ذلك صمم على الأستمرار معهم ، لتنفيذ الخطه ، فهاجموا آل مشهور ومن معهم من الرولة ، الا أنهم لم يظفروا بعائلة آل مشهور ، لأنهم دافعوا عن ظعينتهم الخاصة ، وعن راية الزعامة ، وحموها من القوم المغيرين ، وتوجهوا الى أراضي دومة الجندل ، وبعد ذلك قرر ابن هذال الأكتفاء بهذه المعركة ، وأمر القوم بالرجوع ،ولكن ساجر لم يكتف بذلك بل أصر على مناصرة سطام بن شعلان ، وعارض ابن هذال بالراي ، واستمر بمطاردة آل مشهور، وتبعه العمارات ، ولم يتأخر منهم أحد ، ثم كر على آل مشهور مرة ثانية ، وهم في دومة الجندل ، وقتل من فرسانهم عدداَ كبيراَ وأسر الكثير ،واسترجع الراية ، وسلمها لسطام بن حمد الشعلان، وعادوا الى منصبهم الذي سلب منهم . أما ساجر فهو لم يكتف بهذا النصر ، بل كان حافزاَ له على مواصلة غاراته على جهات اخرى ، فأغار على الشيخ ابن زويمل أحد مشايخ شمر وهو المسئوول عن أبل طلال ابن رشيد حاكم حائل ، وكان في الدهناء وقد قتل ابن زويمل ، واخذ كل ماعنده لأبن رشيد من المواشي ، وكذلك أخذ جميع حلال قبيلة بن زويمل ، وبهذه الحادثه أثبت ساجر الرفدي جرأته الفائقه ، حيث تجرأ على مهاجمة المسؤول لحاكم حائل ، متحدياَ بذلك الحاكم نفسه ، وقد رجع بهذه الغنائم العديده الى أهله ،
وقال هذه القصيدة واصفاَ قومه مفاخراَ بهم :
:





مزنٍ تزبر عم عرعر وابا القـور
سيله على كل المشاريف ضافـي


أول خياله صار فوق أبن مشهور
جاهم على وضح النقا مع كشافـي


ياما أقبلن باخوات ربدا تقل سور
وياما أنتحن باخوات ربدا مقافـي


كسيرة فيها أحمـر الـدم منثـور
وقفواعليهـم لابسيـن الغدافـي


وخيل ضبابه وانتحى السيل بحدور
وبن زويمل شاله السيـل طافـي


فاجاه من فوق الرمك كل مصطور
خيال ذروه يـوم هـي بالعوافـي


ذروات أخذناهن ويبرى لهن
مالـك ياربيـع الضعافـي


غرنا على ذروات مع فجة النـور
وتخززوهـن ناقليـن الشـلافـي


والفاطر اللي عندكم فات لـه دور
حنت ولا تالـي حنينـه عوافـي


هذي عوايد مدبـة كـل صابـور
قول علـى فعـل وكـاد يشافـي


وسطام خليناه يركب على الكـور
وعقب العنا والكود شاف العوافي


والمركب اللي فوقه الدل منشـور
جانا بضرب مصقـلات الرهافـي








وفد شبه ساجر قومه بالمزن وأن سيله غطى كل كل مرتفع ، وأنه أمطر أول ما أمطر على نزل أبن مشهور ، وأنه أتى اليهم جهاراً ولم يأتهم غدراً ، وقد أثنى على فرسان آل مشهور، حيث قال أن فرسانهم بكرون مرة ويفرون مرة أخرى ، بعد أن يسيل الدم منهم ، وقال أن هذا المزن بعد أن أمطر على آل مشهور أتجه الى أبن زويمل ، المسؤول لأبن رشيد و( ذروات ) أخذناها قسراً ويعني أبل طلال بن رشيد التي يغزو عليها ، وأن من ضمنها خوراً أي أنه أخذ القلائص ومعها أبل غيرها من أبل بن رشيد ، وقال في آخر قصيدته : أن هذه عوائدنا نؤدب الرجال بالرجال ، ولا نقول شيئاً الا ونفعله ، وكل الناس تشهد بفعلنا ، ثم قال : أننا نصرنا الشيخ سطام بعد أن لحقه العناء والكود ، وقال في آخر بيت : أننا أسترجعنا ( المركب ) وهي راية آل نايف بضرب مرهفات السيوف 0 وبهذه المناسبة قال شاعره سليمان اليمني هذه القصيدة :





حر شلع مـن مرقـب مرقبينـه
طلعه بعيد وصيدته حص الأوبـار


غنـام صيـاد الشـواة السمينـة
بمصافق الغـارات للضـد دمـار


صك أبن مشهور وفـرق ظعينـه
وخلى حريمه قاعدات على الـدار


ردد ردوده ثـم صـدر يميـنـه
وأدلى على نزل الزميلي بالأصحار


ساجر ضربهم ضربة فـي يمينـه
وحلنا على ذروات بالموقف الحار


كون الضياغم من بخت حاضرينه
طرش كثير وباغي الهجن يحتـار


ذروات جن أبهن من الوضح عينه
وضح تخافق وسطهن تقل نـوار


راعي البويضا خبـروا جاهلينـه
كم حلةٍ خلي عمدها علـى الـدار


ساجر حلف حلـفٍ وتمـم لدينـه
وخوات بتلا للعدو كسـر تغبـار


طلال قـل للعبـد بينـك وبينـه
وش لون يا من والعمارات عمار


وش لون تقبل لذة النـوم عينـه
ووراه ربعٍ مايهابـون الأخطـار


من بـاب بغـداد لبـاب المدينـه
يلقى بني وايل على الكود صبـار


من فوق الأنضا ما بغو واصلينـه
مستجنبين قرح الخيـل وأمهـار


كم خفرةٍ تنعـى وتبكـي جنينـه
خلي لسمحان الضواري بالأقفـار


وكم خايعٍ وقت الخطـر نازلينـه
عاداتهم نزل الخطر سر وأجهـار


وكم حلةٍ فوق الرمـك ساهجينـه
باقفار نجـد وكـل دار لهـم دار


وكم عايل بارماحهم جـاد عينـه
من ضيمهم يشرب قراطيع الأمرار







وفي هذه القصيدة يقول لطلال بن رشيد : أسأل عمك عبيد كيف ينام وقبيلة العمارات على الوجود ، ولازالت قوية ، وأن ساجر معهم ، لايهاب الأخطار ، ثم قال : من مدينة بغداد الى المدينة المنورة وبنو وائل موجودون على خيولهم ، وأنهم يصلون الى أي شئ يريدونه ، وكم أشبعوا الذئاب الجائعة ، من جثث القتلى ، وكم أرض قفرة رتعوا بها ، دون مبالاة بأحد ، وأنهم يتنقلون في كل بلاد نجد ، وينزلون حيث ما أرادوا ، سراً وجهاراً ، وكل عائل مستكبر يؤدبونه ، ثم أشاد بقائدهم ساجر الرفدي ورمز اليه بالصقر ، وأن نظرته بعيدة ، وأنه بالمعارك يدمر الأضداد ، ثم قال أنه فرق شمل آل مشهور وترك نساءهم على الأرض ، وقال أنهم ردوا ماغنموه من آل مشهور من الأبل لأهلهم ،ثم أستمر بغزوته وأغار على أبن زويمل المسؤول لأبن رشيد ، وأنه قتل أبن زويمل وأخذ حلال بن رشيد وأخذوا ذروات ، وهذا هو أسم قلائص ابن رشيد التي يغزو عليها ، وقال أن من بينها أبلا وضح أي بيض الألوان ، وشبهها بالنوار ، يقصد زهر الأقحوان ، وقال أن ساجر أخذهم بيوم حار ، أي بمعركة حامية ، وأنه أعطى قومه الخيار من أبل بن رشيد لأنها كلها من أصائل القلائص ، وقال أن هذه هي أفعال صاحب البويضا ، ويقصد ساجر الرفدي فالذي لا يعرفه يجب أن يعرفه ، وقال أنه أقسم يميناً أن يخلص راية سطام من أبناء عمه آل مشهوروقد أوفى بقسمه ، وبعد ذلك أثنى على أخوات بتلى ، ويقصد مشائخ العمارات آل هذال 0
بعد هذه الوقائع التي فاز بها ساجر زادت شهرته علواً ، وصيته أنتشاراً ، وأخذت تنظر اليه القبائل نظرة أعجاب ، وكان يساعده الحظ في كل غزوة يغزوها ،ولذلك أخذ زعماء القبائل ينظرون اليه نظرة الكراهية ، أصبح مصدر خطر على زعامتهم بين قبائلهم ، خاصة مشائخ
( ضنى بشر ) من عنزه 0
:
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 02:57 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:18 PM   رقم المشاركة :[10]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







وقد نشب الخلاف بين ساجر وشيخ من الخرصة من الفدعان يسمى السمن ، ويقال ان هذا الشيخ قام لدهام بن قعيشيش شيخ قبيلة عموم الخرصة من الفدعان محرضاً اياه على أن يغزو ساجر الرفدي وجماعته السلقا ، لسلب أموالهم وتحويلهم الى فلاليح ، يزرعون بالأرض ، هذه الكلمات أثارت ساجر فشن الحرب على السمن ، وقال هذه القصيدة :






يالسمن ما ربعي لربعـك فلاليـح
ربعـي مقزيـن العـدو بالفعايـل


ربعي هل الطولة على الفطر الفيح
مستردفيـن مبشمـات الفتـايـل


ان درهم الصابور ما من تصافيـح
منـا ومنكـم يرملـن الحـلايـل


والله ما تسرح على الحمض وتريح
ما دام مـا حطـوا علـي النثايـل


مادام ماغـزت علـي الصلافيـح
ما نشرب الفنجال والحـق مايـل


حنـا بعـون الله عـداة مفاليـح
تشهد لنـا بالطيـب كـل القبايـل


على النضا والخيل دايم مشاويـح
ما نتقي بـرد الشتـاء والقوايـل


نسعى بدنيانا نبـي هبـة الريـح
ونخوض غبـاة ونكسـب جمايـل


ياما عدينا يم أبا الهيـل وشبيـح
وياما وطـن فينـا قفـار وحايـل


ومن الشعب جبنا نياق المصاليـح
وردن واغرنا يـم بيضـا نثايـل


وهل الحفر فاجيتهـم بالمصابيـح
وجبنـا حـلال الطيبيـن الحمايـل


يوم العفون أهل السوالف مدابيـح
أنا على الطفقات صايـل وجايـل









وبعد ذلك تطورت القضية وثار الشيخ دهام بن قعيشيش ، والشيخ نايف بن غبين ، وكذلك مشايخ قبيلة سبيع ، ثار كل هؤلاء متالبين ضد ساجر الرفدي ، ولكن ساجر أخذ يشن عليهم الغارات المتتابعه ، وحاصرهم حصاراً شديداً ، حتى حمى عليهم الرعي بالفلوات التي ينبت بها الحمض ، وقصد بهذه المناسبة الشاعر البليعان الذي هو من ضنا عبيد ( السبعة) والفدعان خصوم ساجر الرفدي ، وقد أثنى على ساجر ثناء عاطراً ومدحه بما يستحقه ، وهذه من فضائل العرب ، ولاشك أن الشاعر البليعان من المعجبين ببطولة ساجر ، وقد طلب له البليعان بالقصيدة التوفيق والعز ، وأشار الى كراهية المشايخ لساجر ، وقال : أن ساجر أغنى قومه بالغزوات ، وأن كل بلاد من بلاد الاعداء شرب مائها ، ووصل اليها ، وقال : أنه يكسب الأبل الوضح أي البيض في الوقت الذي كان الزعماء غيره نايمين عنها ، الى أن قال بقصيدته : أن ساجر يمتطي الخيل والأبل بغزواته الى أن يسيل الدم من خفاف الأبل ، من شدة الهجير بالصيف ، ثم ذكر أن ساجر حرم على ضنا عبيد المرتع في أراضيهم التي كانوا يملكونها من قبل ، وقد بينها في قصيدته وحددها ، وقال : أن أبناء وايل لايقربونها خوفاً من ساجر ووصفه بالأسد المطل على الذئاب من فوق مرتفع ، وهذه هي القصيدة :
: [/size]







يا راكـب حمـرا تـذب الطواريـق
جدعيـة قطـع الفيـافـي منـاهـا


مدت من الضلعان وقـت التشاريـق
تلفي لساجر هـو محـاري عشاهـا


عساه مـع ربعـه بعـز وتوافيـق
اللابـه اللـي كـل شيـخ جفـاهـا


ساجر جموعه عاشهـا بالتصافيـق
كـم ديـرة قـد وردوا بـرد ماهـا


كم ديـرة جوهـا العيـال المطاليـق
هـدوا رواسيهـا وداسـوا حماهـا


فوق الرمـك ومجاذبـات الخنانيـق
كـم طامـح فكـوا حبـال وراهــا


الوضح جابوهـا تـذب الطواريـق
يـوم أن كـل نايـم مـا نصـاهـا


من فوق قب من طـوال السماحيـق
وهجن بحـر القيـظ يدمـي حفاهـا


الله يا عشـب بالأكـوام مـا ذيـق
في قفرةٍ راعـي البويضـا حماهـا


التنف وأرض شبيح وأرض الزرانيق
أولاد وايـل مـا تقـرب حمـاهـا


من خوف ساجر يدب القوم ويويـق
سبع الذياب اللي ظهر مـع شفاهـا






وعندما تبين لساجر أن ضنا عبيد قد أجمعوا أمرهم على حربه قال قصيدة لم أظفر منها بسوى الخمسة الأبيات التالية : :







يا عيال يللي فوق النضا مواريد
خوذوا سباياكم وخوذوا قراكـم


خوذوا مهانيد النمش والبواريد
الله لا يخيب رجا مـن رجاكـم


يا لابتي ما عاد فيها تصاديـد
والعز بتالي خطوةٍ من خطاكـم


يا لابتي نبي نطارد ضنا عبيـد
حتى يبين طيبكم مـن رداكـم


اللي يلفون الضماير على الكيد
بين خطاهم واستحقوا خطاكـم






[size=4]لقد أستحث ساجر فرسانه وأمرهم بأخذ قلائصهم وخيولهم ، وأمرهم بأخذ سلاحهم من السيوف والبنادق ، وقال أن الحرب واقعه لا محالة بيننا وبين ضنا عبيد ، وأكد لهم أن عزهم عندما ينجزون مهمتهم ، بأتلى خطوة من خطاهم الثابتة ، وقال أننا سنتجاول نحن وضنا عبيد على الخيل ، حتى تثبت لهم شجاعتكم ، ويعرفونكم تماماً بميدان الحرب ، وأكد لجماعته أن خصومهم تنطوي ضمائرهم على الكيد والخبث ، وأنهم بدأوكم بالخطا ولذلك فقد أستحقوا خطاكم فيجب تأديبهم ، وبعد ذلك شن ساجر غاراته على ضنا عبيد ، بعد أن تجهز هو وفرسانه ، وأخذ أبلا لأحد كبارهم ، وعندما علم بذلك ضنا عبيد الذين هم السبعة والفدعان ركبوا خيولهم ولحقوا
بساجر ليخلصوا أبلهم منه ، فاحتدم الصراع بينهم وبينه عند الأبل ، وقام فرسان ( ضنا عبيد ) بمجهود كبير ، وهاجموا بشجاعة المستميت ، ولكن ساجر وأبطاله صمدوا وأثخنوا فرسان
( ضنا عبيد ) بالضربات القاتلة وتراجعوا عاجزين بعد أن قتل منهم عدد كبير ، وتم أستيلاء ساجر على الأبل . وبهذه المناسبة قال شاعر ساجر سليمان اليمني هذه القصيدة ، وقد فصل فيها تفصيلاً وافياً :
:





حرٍ شلع من راس سفـان وأنهـام
يهوي على ناحٍ ويصطي على نـاح


هام العراق وقالـوا الـدرب قـدام
وطالع على يمنـاه خلفـات ولقـاح


ونوى على درب المقاديـر جـزام
براس اللوى أدلى على المال سراح


وأقفوا هل الطوعات عجلات الولام
بقطعان ابن كردوش كساب الأمداح


صكوا بهن صكت على الزاد صيـام
حل الفطور وقال سمـوا بالأفـلاح


ولحقوا هل العرفا وطابـور الأروام
فزعة قطين وبه عشاشيـق طمـاح


وهازوا وردوا والدخـن ينهـم زام
وشافوا سهوم الموت من دونهم لاح


وتلافتن حـرش العراقيـب سجـام
شرهن على مركاض مهدين الأرواح


وغدا لهم عقـب النواديـة نمنـام
وأنيابهم من حامـي السـو كـلاح


وقفوا معيفينٍ بعد ضـرب وزحـام
كم من عديمٍ باللقـا قفوهـم طـاح


أنذرتكم يا بشر فـي عامنـا العـام
عن طاري الفزعة ليا صاح صيـاح


مادام ساجر كنـه السيـع ضرغـام
عن صيدتة ما نزحـه كـل نبـاح


مصطور قطـاع الفيافـي وجـزام
عيـى عنيـد للطوابيـر نـطـاح


من راس البلقا الـى نقـرة الشـام
منه الدول خافت علـى كـل فـلاح






وهنا أكد الشاعر سليمان اليمني وصف وصف سيده وزعيمه بالصقر الذي أعتلى مرتفعاً من الأرض ، وأخذ يتحفز لأقتناص صيدته ، وأوهم أعداءه أنه يريد غيرهم لينقض عليهم على غرة ، والحرب خدعة ، وقال أنه فاجأهم وأخذ أبل بن كردوش ، وشهد له الشاعر أنه من الذين يكسبون المدح ، أي من الرجال الطيبين ، ثم ذكر أنهم أحاطوا بالأبل من كل جانب أحاطة السوار بالمعصم ، أو كأحاطة الصائمين بفطورهم بعد أن غربت الشمس وحل الفطور ، ثم انه قال : أنهم لحقوا أهل ( العرفا ) وطابور الأروام ، اما هل العرفا فهم قبيلة السبعة وكانوا ينتخون بالعرفا ، والعرفا المذكورة هي الأكمه الصغيرة التي تقع شرق مطار الطائف ، أما الأروام فهم الخرصة من قبيلة الفدعان جماعة بن قعيشيش وهم ينتخون بالروم وهذه عادتهم , وفي نفس البيت قال : انهم هبطوا من القطين أي من المنهل الكبير الذي تجتمع فيه قبائلهم ، وهنا يبين أنهم ليسوا بقلة ، بل أن عددهم كثير ، وقال أنهم هاجموهم بعد تردد وبعد ان ثار ملح البارود من بنادقهم ، وكذلك رأوا الموت يحول بينهم وبين أبلهم ، ثم قال أن الأبل ألتفتت اليهم ساجمة أي ذاهلة حسيرة وكانت مؤ ملة أن أصحابها يخلصونها ، ولكن أنيابهم كلحت ، وظهر عجزهم ، وأخذوا يتقهقرون ، ورجعوا يائسين من فكها ، بعد أن شاهدوا عدد القتلى على الأرض دونها ، ثم قال الشاعر أنني نصحتكم بالعام الماضي ولم تقبلوا نصيحتي ، وقلت لكم أن شيئاً يغنمه ساجر لا تفكروا بأرجاعه ، وأنه لا يضيره نباح الكلاب ، وقال أن ساجر مصطور أي صلب القناة ، وأنه يقطع الفيافي الموحشة ولا يرهبها ، وعنيد بالحروب ويقابل الطوابير أي الكراديس من الخيل ، ثم قال بالبيت الأخير أن دولة الأتراك أخذت تخشى على كل فلاح من ساجر ، لأنه أخذ يتوغل بين قرى العراق وسورية ، وقام بغارات قرب المدن .
لقد نجح ساجر في أول معركة على ( ضنا عبيد ) وأخذ يوالي غاراته عليهم ، وفي أحدى المناسبات قال هذه القصيدة في خصومه ( ضنا عبيد ) :
:





يامن لعين كلمـا قلـت نام
ـتفزت وقامـت ماتريـد منـام


ويامن لقلب كل ماقـول دالـه
يجيه من بين الضلـوع وهـام


يحس ضيم من الرفاقه وغدره
مربعٍ عليهـم كـل يـوم مـلام


تشاوروا بالغدر ناوين حربنـا
نايف وبلاص الرجـال دهـام


يبون غرتنـا وحنـا عذابهـم
ومن قال أنا ضيم الرجال يضام


عليهم مشاويل السبايا نجرهـ
ابربعٍ على خوض الحروب هيام


يامـا وردنـا عقلـةٍ جاهليـة
وطيرت من جال القليب حمـام


حريبنا يشكي مصاطي سيوفنـا
أن ثار من تحت الكتـام كتـام


وعدونا نسقيه كاسٍ من الطنـا
ونجيه فوق الراهمـات شمـام


كم غارةٍ وجهتها يمـة العـدا
وخذت من عقب الجهام جهـام


كمٍ خيرٍ شاف العنا عقب فعلنـا
تذكـر لعـزه بالمنـام حـلام


ما دام أنا حي فهـذي فعايلـي
وأن مت للجنة بـرد وسـلام







بين ساجر بهذه القصيدة أنه يشعر بأن ( ضنا عبيد ) يتآمرون عليه وخص بذلك الشيخ نايف والشيخ دهام بن قعيشيش ، ولكنه قال اذا كانوا يهتمون بغدرنا فنحن على أهبة الأستعداد لهم ، ومن أعتقد أنه سيضيم الرجال ، فالرجال سيضيمونه ، وسوف نقابلهم على صهوات الجياد ، ثم أخذ يفخر بنفسه وبقومه ، ويوضح أعمالهم ، وقال في آخر بيت أنه سيواصل أفعاله ما دام حيا ، الى أن قال : وان توفاني الله فأنا أرجوا رحمته وجناته .
وبهذه الفتره أحس ساجر أن أبن هذال شيخ العمارات لا يطمئن له ، وأنه أخذ يعمل ضده ، ورفض أن يساعده على حربه مع ( ضنا عبيد ) وقال هذه الأبيات :
:






أن بعتنا ياشيـخ حنـا ذكرنـاكب
الخير يا رامـي عباتـه لغيـره


ياشيخ مـا حنـا هـذولا وذولاكحنا
معادينـا علـى كـل ديـره


صابورنا ياطا على حوض الأدراك
وخيـل مكاميـن وخيـل مغيـره


كانك تبي فضخة عيونك بيمنـا
كأضرب عليها يا قليـل البصيـره



__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:07 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:18 PM   رقم المشاركة :[11]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







لقد طال حرب ساجر مع قبائل ( ضنا عبيد ) وحصل بينهم معارك دامية ، وكان ساجر مضرب الأمثال بالأقدام ، والطموح ، وقد عاش عمراً طويلاً ، وعندما طعن بالسن وشعر أن قواه بدأت تضعف وأحس أن سعده لم يكن كما كان .. قال هذه القصيدة متغزلاً بمحبوبة له وهو يقصد دنياه التي عاش فيها :
:





عيني قزت عن نومها وأسهرتنـي
ماهي مريضه مار بالقلـب ولـوال


واحسرتي مـن عشقتـي عايفتنـي
وشامت ونسيت ما مضى لي بالأفعال


تعطـرت يـوم أنـهـا باغيتـنـي
واليوم ما حطت علومي على البـال


وقرونهـا جـرد السبايـا تلتـنـي
وعطورهـا دم النشامـا ليـا سـال


عاهدتهـا بالله وهـي عاهدتـنـي
واليوم أشوف أفعولها أقفاي واقبال


دنيـاي بحمـول العنـا ضاهدتنـي
والكبر يرث بالرجـل كـل غربـال


من مدهـا بالجـود يامـا عطتنـي
وياما ركبنا فـوق عجـلات الأزوال


وياما على طيـب الفعايـل هدتنـي
وخليت عيرات النضا تهذل أهـذال


نمشي على ما كـاد لـو ساعفتنـي
وأن عاضبت نذكر بها زين الأمثـال


وكـم سربـةٍ نجـرهـا تابعتـنـي
وخليت غارتها على القـوم تنهـال


والله لخوض بحورها لـو عصتنـي
ما دام جسمي باقـي مـا بعـد زال


مالـي حسايـف كانهـا خالفتنـي
للي يخلـط الخيـر والشـر عمـال






لقد أشتكى ساجر من الأرق ، وبين أسباب أرقه ، ليس من مرض في عينه ولكن لما بقلبه من الولوال، وما يخالجه من الفكير .. ثم أشار متحسراً على محبوبته التي لمس أنها بدأت تنفر منه ، وتناست ماضي فعاله ، وعاملته بالصدود ، وذكر أنها أيام كانت مقبله عليه ، تتعطر وتتجمل ، أما الأن فلم يعد يخطر لها على بال ، ثم وصف ذوائب هذه المحبوبة ، وبين أنها جرد السبايا أي ضمر الخيل ، وأن عطرها دم الأبطال المسفوك ، وذكر أن بينه وبينها عهداً مؤكداً ولكنها أخذت تنكث العهد ، وبدأت تعرض عنه ، وأشتكى بأنه تحمل الغبن من دنياه ، بأسباب الكبر، لما وهن العظم منه ، وشتعل الراس شيباً ، ولطالما مدته بالجود وأعطته من خيراتها ، على صهوات الخيل ، باحثاً عن الرزق ، وكم أهوال لطيب الأفعال وركوب الأبل واجهوها لنيل مقاصدهم ، الى أن قال : سوف أتجشم الصعاب ، لو أنه ساعفتني ، أما اذا أصرت وأعرضت فسأذكرها بالأمثال ، أي الأشعار ، ثم رجع الى ماضيه وقال : كم كوكبه من الخيل قادها وأغار بها على القوم ، ثم أقسم على نفسه رغم كبر سنه أنه سيخاطر بآخر حياته مادام جسمه باقياً ، وفي آخر بيت قال : أنه لا ولن يأسف اذا هي خالفته شريطة أن تتجه الى كفئ يخلط الخير والشر .
ولاشك أن ساجر قد ضرب مثلاً عالياً بالشجاعة والأقدام ، وتزعم قبيلة ( السلقا ) وتضائل أكثر زعماء القبائل أمامه ، ولازالت زعامة قبيلة السلقا يتوارثها أحفاده ، وهم يسكنون بقرية الشملي في أعلي بلاد طئ .
ومن القصص الغريبة التي أتفقت للشيخ ساجر أنه كان نازلاً في أحد مضاربهم ، وله جار يمتلك ستين شاة من الغنم ، وجاء نذير لساجر بأنهم غداً مصبحون من أعدائهم فأصدر أمره الى جماعته بالتحول عن هذا المضرب تفادياً لمفاجأة العدو ، وكانت مواشيهم من الأبل والخيل وليس معهم من الشياه سوى الستين التي يمتلكها جارهم ،وقبل أن يغادروا مقرهم ، فاجأتهم غارة العدو وكان من الممكن أن ينجوا بالخيل والأبل ولكنه من الصعب أن بنجوبالشياه ، وكبر على الشيخ ساجر أن تنجوا قبيلته بابلهم وخيلهم وأن تكون شياه جاره هي كبش الفداء ، وهاله الأمر ثم فكر ماذا يكون حديث الناس عنهم اذا تخلوا عن جارهم وشياهه ، وآخيراً صمم على أن يحملوا شويهات جارهم وأن يقدموها على أموالهم وأولادهم .. فدبر خطة تدل على أن ساجر الى جانب جرأته وشجاعته كان من دهاة الرجال ، شطر خيل أصحابه شطرين لتنفيذ هذه الخطة وكان عدد فرسانه نحو مائة وعشرين فارساً ، فأمر ستين منهم أن يلتقط كل واحد منهم شاة من تلك الغنم ، ثم ينحونها أمام ظعنهم ، بينما الستين الآخرين يقفون مستميتين في وجه العدو المغير ، ثم يعود اللذين نحو الشياه ليشتركوا في المعركة ويخففوا عن أخوانهم ويفسحوا لهم المجال لينوبوا عنهم هذه المره في نقل الشياه وأبعادها مرة ثانية عن المعترك .. وهكذا أستمر أنصار ساجر وفرسانه يتبادلون نقل الشياه ويكافحون العدو المغير في كر وفر معه ، وطراد ونزال ، حتى تم لهم النجاة بشياه جارهم ولم ينقصوا من أموالهم شيئاً ، وعاد المغيرين بخفي حنين ، يجرون أذيال الفشل والخيبة ، كل ذلك فعله ساجر في سبيل حماية الجار ، التي هي من شيم العرب .
ومن ذلك التاريخ أستحق ساجر وجماعته أن يطلق عليهم لقب أصحاب الشويهات ، وهم الى الأن يعرفون بهذا اللقب ، ومعناه أنهم الذين نجوا بشويهات جارهم .
وقصه أخرى طريفه وقف فيها عند قوله وأظهر صوامته وقوة ارادته ،
أن قدرة الأنسان الحقيقية لا تكمن في فعله فقط .. كما أن ذكاءه وأخلاقه لايمكن أن تحدد بأقواله ومعتقداته ، وأن أصعب شئ قد يواجه الأنسان – أي أنسان – هو التوفيق بين ما يهدف اليه
وما يقوله وما يصنعه ، وبمعنى أصح (( أن يقف عند كلمته )) نعم أن الوقوف عند الكلمة ، قد حملت الأنسان الشجاع الكثير الكثير من التضحيات الجسيمة ، ولكنه مع ذلك أعطى بنفس سخية
لا تبخل ، ونفس أبية لا تجزع ، ونفس عزيزة لا تتطامن ، وجنى فوق ذلك كله راحة البال والضمير ، وقد علمنا التاريخ أنه ما من أنسان وقف عند أقواله وقوف المؤمن الصادق ، والمحارب المستميت ، الا وتفتحت أمامه أبواب النصر باباً بعد آخر .. ومثل هذا الرجل انما يغزو قلوب الناس قبل أراضيهم ، ويكسب حبهم قبل أموالهم ، ويضرب الأمثال الشريفة على معنى الوفاء بالعهد .
وامامنا الآن مثال رائع جسد واقع الوفاء بالقول أبلغ تجسيد ، ان قصة ( ساجر الرفدي ) التي تعطينا أبعادها وملامحها قصيدته المشهورة التي تقول :
:





وامهرتي وأنا عليهـا شفـاوى
ان قيل يا هل الخيل تطري عليه


ماني معودها لكسب الشـواوي
ولا رددت فرق البقر بالزويـه


أبرهـا لمكسريـن الـعـزاوي
والحق عليها كل راعي رديـه


يوم الملاقى تعترض بالاهـاوي
الـى تنـادوا بينهـم بالحميـه


وأنا على جدع المدرع رهاوي
وياما جدعت الشيخ والا حليـه


وياما تحملنـا كبـار البـلاوي
وننطح وجيه أهل العزوم القويه


وانا لعصمين الشوارب فـداوي
حماية الساقات فـي كـل هيـه


وليا اجتمع حس الغنا والنعاوي
يا طراد هاك اليوم عيدٍ عليـه







وقدر لساجر الرفدي أن يغزو قبائل الشويان الغزالات .. وقد تغلب عليهم وغنم منهم من الأغنام مايزيد على عشرة آلاف راس .. وعندما أخذ يوزع الغنايم على قومه ، أتى اليه رجل من الشويان المهزومين وقال لساجر : ألست القائل لهذا البيت : :







ماني معودها لكسب الشواوي
ولا رددت فرق البقر بالزويه







ففوجئ ساجر وبهت ، وأجابه ينعم أنا القائل لهذا البيت .. فرد عليه الشاوي ، اذن لماذا تأخذنا ولم تفي بكلامك . فهب ساجر قائماً ونادى في قومه أن تخلوا عن المكاسب جميعها ويجب أن تعاد الى أهلها بدون نقصان – ولاشك بأن هذا الفعل انما يدل على ما يتمتع به ساجر من أحترامه لنفسه قبل أي شئ آخر .. ومعنى أن تحترم نفسك ، أي تصونها وترفعها ولا تجعلها مستنقعاً مليئاً بالمتناقضات والأكاذيب .
وحقاً لقد وفى ساجر و ( وقف عند كلمته ) بكل شجاعة وتضحية ، واستحق بذلك أن يكون رجلاً وبطلاً يصنع التاريخ .
:
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:10 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:19 PM   رقم المشاركة :[12]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







ثالثاً : شالح بن هدلان

نسبه – مكانته في قومه – فروسيته – أخوه الفديع – شجاعته – الالفه بينه وبين أخيه – تبادل الشعر بينهما – قتل الفديع وحزن شالح عليه – أبناء شالح – قتل عبيد بن حميد في ثأر الفديع – الشعر بين شالح والجمدة حول ذلك – بروز ذيب بن شالح وفروسيته النادره – شعره – لطفه مع أبيه –كسبه لجواد نادر – أبوه يبكيه حياً – القبائل تتحاشى الأغاره على قومه خوفاً منه – اغارة الملك عبدالعزيز على ظعينة والده – دفاعه المستميت دونها – شعر والده في ذلك – قتل ذيب وحزن والده عليه وشعره في رثائه – كيف قتل ؟ الهويدي وطيره وشعر شالح فيه .. الخ ...

هو الفارس شالح بن حطاب بن هدلان ، نشأ بين أفراد قبيلة الخنافره التي هي فخذ من قبيلة آل محمد القحطانيه ، وعاش الى سنة 1340هـ تقريباً ، وكان مثالياً بشجاعته وأمانته وصدقه وحسن أخلاقه وكرمه ووفاءه ، وكان يحكم لحل المشاكل سواء كانت على مستوى قبلي أو فردي ، وكان محبوباً عند قبائل قحطان وعند القبائل الآخرى 0 نشأ شالح بين أفراد قبيلة الخنافره ، وكان له أخ يسمى الفديع كان أصغر منه كثيراً ، شقيقاً له ، وكان مثالياً بشجاعته وأخلاقه ، ويماثل أخاه شالح في كل شئ ، الا أنه كان مغامراً بفروسيته الى أبعد الحدود ، وكان وفياً مع أخيه شالح ، وخادماً اميناً له ، يرى أن تفانيه في خدمة أخيه الأكبر فضيلة من الفضائل لا يعادلها شئ ، وبعد كملت رجولته تحمل كل مشاق الحياة عن أخيه شالح وأصبح هو حامي ظعينتهم ، وكانت ابلهم لا تذهب للمرعى الا وهو معها مدججاً بالسلاح على صهوة جواده ، وكان حصناً حصيناً لها ، ولأبل الحي ، ولا يخطر ببال أي عدو أن يغير عليها مادام الفديع عندها ، وأذا تجرأ أحد من الأعداء وأغار عليها فلا بد أن يرجع مدحوراً ، وذات يوم مع بزوغ الشمس ، وأخوه شالح جالس حول ناره يحتسي القهوة 00 ألتفت الي الأبل وهي في مباركها قرب البيت رآها تعتب بعقلها ولم يرى الفديع ، فنادى شالح قائلاً : الأبل تعتب بعقلها والفديع غائب عنها أين هو ؟ فقيل له : أن زوجتك تنظف رأسه أي تغسله وترجله داخل البيت ، فقام غاضباً ورأى زوجته تغسل رأس أخيه كعادتها فقال : الأبل حائره في مباركها ولم تذهب للمرعى وأنت عند النساء تغسل رأسك ، فأخذ من التراب ووضعه على راس أخيه ، فقام الأخ البار خجلاً من أخيه وأخذ يمسح التراب عن رأسه ، وهو يردد كلمته العفو يا أخي ، ثم طلب من زوجة أخيه أن تسرج جواده ، وتحضر سلاحه ، وذهب للأبل مسرعاً ، وأخذ يطلق عقالها ، أما شالح فقد رجع الى قهوته ، وجلس من حولها ، وعندما أطلق الفديع عقل الأبل رجع وأخذ سلاحه ولبس عدته ، ثم أتى الى أخيه يمشي بحذر وبخفه متناهية من حيث لايشعر به فقبل رأسه وقبل مابين عينيه ، وقال : في أمان الله يا أخي 0 وركب جواده وأتبع أبله ، التي لا يطمئن شالح الا بوجود أخيه معها 0 وعندما رجع الفديع بعد غروب الشمس أتى الى أخيه شالح وسلم عليه ، وقبل ما بين عينيه ، وجلس في مكان أخيه عند القهوه ، وأخذ يصب لأخيه شالح ، ويقص عليه أخبار يومه الفائت ، ويداعبه بالنكت المضحكه ، ويحاول أن يثبت لأخيه شالح أنه لا يحمل في نفسه عليه أي عتب ، وأنه لم يغتظ من حثو التراب على رأسه ، وكل ما يهمه هو أن يكون أخوه راضياً عنه ، وكان الفديع على عادته آتياً بعدد من الغزلان أصطادها بالفلا فأخذ يقدم لأخيه من طيب لحمها ، وعندما أراد شالح أن يأوي الى مضجعه ، همست زوجته بأذن الفديع وقالت : أن الماءالذي عندنا نفذ ، ولا بد أن أخاك عندما ينتبه من نومه سيطلب ماء للقهوة ، وسأخبره أنه لا يوجد عندنا ماء ، فقال الفديع : الحذر أن يعلم أخي بذلك وطلب منها أن تذهب لأحد الجمال وتنيخه بعيداً عن الأبل وتضع رحله عليه وأن تضع عليه مزادتين وركب الفديع جواده ، وأستاق الجمل أمامه ، وراح يبحث عن منهل يستقي منه الماء ، وعند طلوع الفجر الأول ، وقبل أن يستيقظ أخوه عاد محملاً الجمل بالماء ، وحط الرحل وسكب من الماء في دلال أخيه لتكون جاهزه لأعداد القهوة عندما يستيقظ ، ونام هو قليلاً الى قبل طلوع الشمس ، وقام كعادته وصبح أخاه بالخير ، وأنطلق بأبله كعادته للفلا ، وبعد ذلك أسرت أمرأة شالح لزوجها بما فعله الفديع ، وعندما عاد الفديع بعد غروب الشمس ، وسلم على أخيه وجلس عنده ، لاحظ الفديع أن أخاه شالحاً كثير التفكير ، ومشدوه البال ، فسأله قائلاً : ما بك هذه الليلة ، عسى أن لا تشكو من ألم ؟ أخبرني لأن ما رأيته من تفكيرك أساءني ؟ فقال : ياأخي ليس بي شيئ الا أنني أفكر في حالتك لأنني أتعبتك في هذه الدنيا ، وأنت وحدك متحمل مشاق هذه الحياة ، وكل أيامك وأنت على صهوة جوادك ، وأنا أعرف أن هذا شئ يضني 0 وكم أود أن يكون أبنائي كبارا ليساعدونك ويخدموك ، ولكنك أنت متكفل بهذه العائلة الكبيرة 0 فقال الفديع : أنا سعيد بأن أقوم بخدمتك ، وكل ما أوده بهذه الحياة أن أكون وفياً معك ، وأن أحوز رضاك ، وأن أخدمك كما يجب علي ، وأن لا يحصل مني شئ يكون سبباً في أزعاجك 0وأنشد



:





يا بو ذعار أكفيك لونـي لحالـي
وأصبر على الدنيا وباقي تعبهـا


وأن غم أخوه معثريـن العيالـي
أنا لخويه سعـد عينـه عجبهـا


وأن جن مثل مخزمات الجمالـي
كم سابقٍ تقزي وأنا من سببهـا


كم خفـرةٍ قـد حرمـت للدلالـي
لبست سوادٍ عقب لـذة طربهـا


وأن جيت لي قفرٍ من النشر خالي
يفرح بي الحواز يوم أقبـل بهـا


أفديك يا شالـح بحالـي ومالـي
يا فارس الفرسان مقدم عربهـا


يا متيه أبلـه بـروس المفالـي
ياللي حميت حدودها يـا جنبهـا








قال هذه الأبيات لأخيه فتأثر شالح بها ، وأجابه بهذه القصيده :







لا واخوٍ لي عقب فرقـاه باضيـع
كني بما يجري على العمـر داري


أخوي يا ستـر البنـي المفاريـع
ومطلق لسان الي بأهلهـا تمـاري


ما قط يـومٍ شـد بيـن الفراريـع
يا كود ما بين الكمـي والمشـاري


ليته عصاني مرةٍ قـال مـا طيـع
كود أني أصبر يوم تجري الجواري


أنا أشهد أنه لي سريـع المنافيـع
عبدٍ مليـك لـي ولانـي بشـاري


تشهد عليه مناتـلات المصاريـع
وأعداه من كفه تشوف العـزاري


يمناه تنثر مـن دماهـم قراطيـع
وعوق العديم اللي بدمـه يثـاري


جداع سفرين الوجيـه المداريـع
مخلي سروج الخيل منهم عـواري


القلب ما ينسـى بعيـد المناويـع
ليثٍ على صيد المشاهير ضـاري






وكأن شالحاً قد توقع بهذه القصيده مستقبل أخيه الفديع ، لأن الفديع كان مغامراً بقتاله ، وكان أخوه شالح يخشى عليه دائماً من مغامراته ، لأنه يراه هو كل شئ بالنسبة له ، وكان يفضله على نفسه ، ويفاخر به عند القبائل ، وذات يوم كان شالح راحلاً بظعينته ، وكان أخوه الفديع أرمد العينين ، وجواده يقاد مع الظعينه ، وهو في هودج ، معصوبة عيناه ، فأغار على ظعينتهم كوكبة من الخيل ، وتبين لهم أن هذه الخيل المغيرة هي خيل الحمدة زعماء قبيلة عتيبه ، الشجعان المشهورين بالفروسية ، والذين يضرب المثل بشجاعتهم ، فأخذ شالح وحده يدافع عن الظعينة بكل بسالة ، وكان الحرب بينه وبين المغيرين سجالاً ، فمره يهزمهم ويبعدهم عن الظعينة ، ومره يكثرون عليه ويهزمونه الى أن يصل الى ظعينته ، ثم تتصاعد صيحات النساء ، وزغاريدهن حافزات له على القوم ، فيلقى القوم بقلب أقوى من الحديد ، الى أن يبعدهم عن الظعينة ، فطال القتال وهم على هذا المنوال ، وقد لاحظت والدة شالح والفديع ، أن شالح أعياه الطراد ، فنزلت من هودجها وأسرجت جواد الفديع الأصفر ، وأحضرت سلاحه ، وقالت : أنزل وهب لمساعدة أخيك ، لأن القوم سيغلبونه 0 فقال : يا أماه أنا أذوب كمداً وأحترق حسرة من حين سمعت غارة الخيل ، ولكن كيف أرى حتى أساعد أخي ؟ فقالت : أنا سأجعلك تبصر ، وكان متلهفاً لأن يرى بعينيه ، حتى يهب لمساعدة أخيه ، وعندما أنزلته أمه من الهودج أتت بماء وغسلت عينيه وأخذت تفتحهما بشدة ، ويقال أنه عندما أنفصل كل جفن عن الأخر نزل الدم والصديد معاً من عينيه ، فوثب كأنه النمر ، وركب جواده وهو لا يبصر الا قليلاً ، وكانت خيل الأعداء آتية بأخيه ، فستقبلهم الفديع المغامر غير مبال ، فجندل أول فارس ، ورجعت الخيل هاربة فجندل الآخر ثم جندل الثالث ، وعندما أنغمس بين الخيل ، رشقوه بعدد كثير من الرماح دفاعاً عن النفس ، فأصاب الفديع رمح أخترق رأسه فخر قتيلاً ، ولكن الأعداء أستمروا بالأدبار ، لأنه قد أعياهم القتال ، ونزل شالح عن جواده وقلب أخاه فاذا هو ميت ، وكانت نكبة موجعه لشالح وكانت لحظات ألم أحس وكأن خنجراً مزقت أحشاءه دون أن يستطع ايقاف ألمها الا بالدموع التي
تسابقت متناثرة على وجنتيه ، اللتين علاهما غبار المعركة ، وبعد أن قبل أخاه القبلة الأخيرة ، نظر الى ذلك الجبين المعفر بالتراب ، الذي طالما لامس الارض من خشية الله ، ونظر الى تلك العينين اللتين طالما سهرتا عليه الليالي الطوال ، ونظر الى ساعديه اللذبن طالما أنطلقت منهما الرماح لتصافح صدور الأعداء ، ذائدة عنه وعن محارمه وأمواله 00 وهكذا دارت الأفكار برأس الأمير المنكوب شالح ، ثم مسح التراب عن أخيه بكف مرتعشه ، وطبق جفنيه وأمر من حوله أن يكفنوه ، وكانوا في واد بنجد يسمى ( خفا ) وكان على جانب الوادي هضبة تسمى هضبة ( خفا ) فدفن الفديع على مقربة من هذه الهضبة 00 وهكذا طويت صفحة من التاريخ ، سجلت مثلاً رائعاً للشجاعة والوفاء وكيف كان بر الأخوين لبعضهما ، والمعاملة بينهما التي هي من شيم العرب وأحدى مفاخرهم 0
لقد رثا شالح أخاه بقطرات من دم قلبه في هذه المقطوعة :





أمس الضحى عديت روس الطوي
لاتوهيضت في راس الحجا ماطرا لي


وتسابقن دمـوع عينـي غزيـرا
توصفقت بالكـف اليميـن الشمالـي


وجريت من خافي المعاليـق ونـات
والقلب من بيـن الصناديـق جالـي


واخوي ياللي يم قـارة خفـا فـات
من عاد من عقبـه بيستـر خمالـي


ليته كفانـي سـو بقعـا ولا مـات
وانـا كفيتـه سـو قبـرٍ هيـالـي


وليته مع الحيين راعـي الجمـالات
وأنا فـداً لـه مـن غبـون الليالـي


واخوي ياللي يوم الأخـوان فـلات
من خلقته ما قال : ذا لـك وذا لـي


تبكيه هجـن تالـي الليـل عجـلات
ترقب وعدها يـوم غـاب الهلالـي


وتبكي على شوفـه بنـي عفيفـات
من عقـب فقـده حرمـن الدلالـي


عوق العديم ان جا نهـار المثـارات
والخيل من حسـه يجيهـن جفالـي



__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:12 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:19 PM   رقم المشاركة :[13]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







وكان لشالح ثلاثة من الصبية أكبرهم ذعار وأوسطهم ذيب وأصغرهم عبدالله ، فأخذ شالح يربيهم ويعلمهم الفروسية ، وتبين له وهم في سن الطفولة ، أن من بينهم صبياً سيعوضه أخاه الفديع ، لمع بعينه معاني الفروسية والرجولة ، وكان أديباً طائعاً لأبيه ، فأصبح شالح لا يحب أن يغيب عن ناظره لحظه واحدة ، الى أن برز بميدان الفروسية ، وكان مثلاً للشجاعة ، وكان مضرب الأمثال بين قبائل نجد ، ولم يكن أخوا ذيب ذعار وعبدالله الا فارسين معدودين من أفرس الرجال بين قبيلة قحطان ، وكانا يتقدمان الغزاة الى بلاد الأعداء ، ولهم أفعال مجيدة بين قومهم ، ولكن شهرة ذيب وشجاعته النادرة غطت على أخويه ، وعلى غيرهم ، وقبل أن يأتي دور ذيب بقي شالح يترقب الفرص بالحمدة رؤساء قبيلة عتيبة ، لأخذ ثأر أخيه الفديع ، وقد أعد العدة لذلك ، وبعد مرور الأيام سنحت الفرصة لشالح لأخذ الثأر من الحمدة بعد أن تقابلوا بالميدان ، وكان أحد أقارب شالح يسمى مبارك بن غنيم بن هدلان قد تعهد بأخذ ثأر الفديع ، فعمد الى عبيد أبن الأمير تركي بن حميد الفارس المشهور ، عمد اليه في حومة الوغى فجندله بثأر الفديع ، فكبر المصاب على الحمده بفقدان عبيد بن تركي بن حميد ، وكان خسارة مؤلمة لهم ، وأخذ أخوه ضيف الله بن تركي يتمثل بهذه الأبيات راثياً أخاه عبيد ، ومتوعداً قبيلة قحطان التي قتلت أخاه ، ومحرضاً الأمير محمد بن هندي بن حميد على ذلك فقال :







ياونتـي ونـة كسيـر الجـبـارة
الى وقف ما احتال وليـا قعـد ون


عليك يـا شبـاب ضـو المنـارة
عليـك ترفـات الصبايـا ينوجـن


من مات عقب عبيـد قلنـا وداره
لا باكـي عقبـه ولا قايـل مــن


تبكيـك صفـرٍ البسوهـا غيـاره
تبكيـك يـوم أن السبايـا يعنـن


وتبكيك وضـحٍ ربعـت بالزبـاره
اليا قزن مـن خايـع مـا يـردن


الخيـل عقـب مـا بـه نـمـاره
وش عاد لو راحن وش عاد لو جن


يا شيخ ما تامـر عليهـم بغـاره
كود الجروح اللي على القلب يبرن


يقطع صبـي مـا ينـادي بثـاره
الى أقبلـن ذولـي وذوليـك قفـن


ياهل الرمك كـل يعسـف مهـاره
والمنع ما نطريـه لاهـم ولا حـن





فأجابه شالح بن هدلان بقوله :



ضيف الله أشرب ما شربنا مـراره
اصبر وكنـك شالـح يـوم حـزن


راح الفديع اللـي علينـا خسـاره
واخذ قضاه عبيـد حامـي ثقلهـن


يمنى رمت به ما تجيهـا الجبـاره
اللي رمت بعبيـد فـي معتلجهـن


من نسل أبوي وضاري للشطـاره
يصيب رمحه يوم الأرمـاح يخطـن


وعبيـد خلـي طايـحٍ بالمـغـاره
عليـه عكفـان المخالـب يحومـن


وعاداتنـا بالصيـد ناخـذ خيـاره
ثلاثة الجذعان غصبـن بـلا مـن


يا قاطع الحسى ترى العلـم شـاره
لا بـد دورات الليالـي يــدورن


حريبنـا كنـه رقـيـد الخـبـاره
خطرٍ عليه اليا توقـظ مـن الجـن


مانـي بقـصـادٍ بلـيـا نـمـاره
أجدع نطيحي بالسهـل وأن تلاقـن


من حل دار النـاس حلـوا ديـاره
لا بد مـا تسكـن ديـاره ويغبـن


ومن شق ستر الناس شقوا ستاره
ومن ضحك بالثرمان يضحك بل سن


وان كان ضيف الله يعسف مهـاره
فمهارنا من عصـر نـوح يطيعـن


تدنـا لصبيـان سـواة النـمـاره
شهـب لماضيـن الفعايـل يعنـن





وهنا نوه شالح بن هدلان عن مقتل عبيد بن تركي بن حميد ، وأنه أخذ ثأر الفديع منه ، وكذلك أشار الى مقتل الثلاثة الجذعان أي الثلاثة الشبان وهم : سلطان بن محمد بن هندي ، ونائف بن محمد بن هندي ، وأبن عم لهم ، وقد قتل الجميع بثأر الفديع 0
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:14 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:19 PM   رقم المشاركة :[14]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







نرجع الى الصبي ذيب بن شالح بن هدلان ، فعندما بلغ سن الرابعة عشر ، وكان بهذا السن قد تدرب على ركوب الخيل ، وقد رباه أبوه أحسن تربية ، وذات يوم أجتمع مشايخ الحي من أقارب شالح ، وهم أبناء عمه السفارين ، أجتمعوا لرأي ، ولم يدعوا شالح لحضوره ، وفي آخر اجتماعهم أرسلوا اليه رسولاً يدعونه ، وكان عنده علم بأجتماعهم ، فقال لرسولهم : أخبرهم أنني لن أحضر أجتماعهم ، لأنهم أجتمعوا قبل أن يخبروني ، وأنا سأرحل حالاً الى قبيلة الدواسر ، وقد رحل فعلاً وحاولوا أن يرضوه وأن يعدل عن رأيه ، ولكنه أصر على الرحيل وأرسل

لهم هذه القصيدة :




أنا ليا كثرت لشاويـر مـا شيـر
وحلفت ما تي بارزاً مـا دعانـي


وأنا صديقه في ليالي المعاسيـر
والا الرخـا كـلٍ يسـد بمكانـي


وشوري ليا هجت توالي المظاهير
شلفا عليهـا رايـب الـدم قانـي


شلفا معودهـا لجـذع المشاهيـر
يـوم السبايـا كنهـا الديدحانـي


ماني بخبل ما يعـرف المعابيـر
قدني على قطع الفرج مرجعانـي


أن سندوا حدرت يـم الجوافيـر
وأن حـدروا سنـدت لمريغانـي


ناخذ بخيـران المريبـخ مساييـر
وما دبر المولى على العبد كانـي





فرحل الى قبيلة الدواسر ، وعندما وصل اليهم أكرموه وأعزوه ، فصادف ذات يوم وهو عندهم أن أغار عليهم فرسان من قبيلة عتبة آخر النهار ، وكان ذيب بن شالح قد بلغ من العمر أربعة عشر عاماً ، ولكن والده قد أعد له جواداً من الخيل ، وقد دربه على فنون القتال ، لأنه يعلق على ذيب آمالاً جساماً ، وعندما علم الدواسر بغارة الفرسان على أبلهم ، ركبوا خيولهم وكروا على القوم المغيرين ، وكان جارهم الصغير ذيب معهم ، وعندما تجاولوا على الخيل عند الأبل ، منع الدواسر أبلهم ، وراحوا يطاردون المغيرين من قبيلة عتيبة ، وكانت الشمس قد غربت ، فدفع ذيب جواده بسرعة البرق على فارس من قبيلة عتيبة كان في مؤخرة الفرسان ،يدافع عن جماعته فلكزه برمحه الصغير ، فرماه عن جواده ، وأخذ الجواد غنيمة ، وكانت صفراء اللون ، أي بيضاء ، وكانت غريبة الشكل ، لا يعادلها من الخيل شئ ، فرجع فرسان الدواسر منتصرين ، بعد أن هزموا القوم ، وأخذوا منهم عدداً من الخيل ، ورجع ذيب مع جيرانه منتصراً ، وغانماً أجود جواد في نجد وكانت هذه أول وقعة يحضرها ذيب ، فأسرع أحد فرسان الدواسر ليبشر جارهم شالح أن أبنه بخير ، وأنه غنم جواداً لا يعادلها جواد في نجد ، ولما وصل الفارس الى شالح وجده واقفاً أمام بيته يترقب أخبار أبنه الغالي ، الذي يعلق عليه آمالاً كبيرة ، فبشر الدوسري جاره بما فعل أبنه ذيب ، وأثنى على ذيب بما هو أهل له ، فتهلل وجه شالح بشراً ولما وصل أبنه ذيب ترجل عن الجواد الذي غنمه من القوم ، وجاء يمشي نحوأبيه بخطوات ثابته كأنه النمر فسلم عليه وقبل جبينه ، وسلم له عنان الجواد الغنيمة فشكره أبوه وقال : هذا ظني فيك ياذيب ، وعندما رأى شالح الجواد عرف أن له شأناً عظيماً0 وفي الصباح أعاد النظر في الجواد ، فاذا هي التي يضرب بها المثل عند قبيلةعتيبة ، وقبائل نجد ، وكانت تسمى ( العزبة ) وعندما علم بها الأمير محمد بن سعود بن فيصل ، وعلم بها أمير حائل محمد بن رشيد ، أرسل كل منهما رسله يطلبون الجواد من شالح ، فأعتذر من الرسل ، وقال لهم بصريح العبارة : أن هذه الفرس أخذها ذيب من الأعداء ، وهي لا تصلح الا له ، وأنشد :



يا سابقي كثرت علوم العرب فيـك
علوم الملوك مـن أول ثـم تالـي


لا نيب لا بايـع ولانـي بمهديـك
وأنا اللي أستاهل هدو كـل غالـي


وانتي من الثلث المحرم ولا أعطيك
وأنتي بها الدنيـا شريـدة حلالـي


ياما حلا خطوى القلاعـة تباريـك
أفرح بها قلب الصديـق الموالـي


وياما حلا زين الندى من مواطيـك
في عثعثٍ توه من الوسـم سالـي


وياحلو شمشولٍ من البـدو يتليـك
بقفر به الجازي تربـي الغزالـي


الخير كله نابـتٍ فـي نواصيـك
وأدله ليا راعيـت زولـك قبالـي


بالضيق لوجيـه المداريـع نثنيـك
وعجله وريضة خـلاف التوالـي


حقك علي أني مـن البـر أبديـك
وعلى بدنك الجوخ أحطه جلالـي


أبيه عـن بـرد المشاتـي يدفيـك
وبالقيظ أحطك في نعيـم الظلالـي


يا نافدا اللي حصلك مـن مجانيـك
جابك عقاب الخيل ذيـب العيالـي


جابك صبي الجود من كف راعيك
في ساعةٍ تذهل عقـول الرجالـي


يا سابقـي نبـي نبعـد مشاحيـك
والبعـد سلـم مكرميـن السبالـي


يم الجنوب وديرتـه ننتحـي فيـك
لربعٍ من الأونـاس قفـرٍ وخالـي





وبعد أن قال هذه القصيده رحل الى الربع الخالي كما ذكر في القصيدة ، وابتعد عن الأمير أبن
سعود ومحمد بن رشيد لئلا يأخذا جواد أبنه قسراً ، وعاد بعد أن أطمأن على جواد أبنه ، وبهذه الفتره بدأ يلمع نجم ذيب الخيل أبن شالح ، فأخذت الأنظار تتجه الى الفارس الشاب ، وزادت أخبار شجاعته أنتشاراً ، وأخذ الناس يتحدثون عنه ، وكان ذيب يسأل أباه ورجال الحي من قبيلة الخنافرة عن مصدر الخطر الذي يتوقعونه ومن أي جهة يمكن للعدو أن يفاجئنا منها ؟ فيقولون له من ناحية قبيلة عتيبه ، من الناحية الشمالية ، حيث تكون قبيلة عتيبه شمالاً عن الجهات التي تقطنها قبيلة قحطان ، فيقول ذيب لراعي أبله : أذهب بأبلي الى الشمال أي الى ناحية الخطر الذي يمكن أن يكون من قبيلة عتيبه ، ويتفوه بفخر وأعتزاز قائلا : سأحمي أبلي وأبل قبيلة الخنافرة من أي غاز كائناً من كان ، سواء من قبيلة عتيبة أو من غيرها 00 فتذهب أبله وترجع سالمه ، ولا يمكن لأحد أن يتجرأ عليها مادام ذيب موجوداً عندها 0 ومما قيل عن شالح والد ذيب أنه اذا جلس في مجلسه وحوله رجال القبيلة ينادي أبنه ذيب فيأتيه الأبن البار المطيع مسرعاً ، ثم يقبله الأب الطيب كأنه طفل صغير ، وبعدما يقبله ينفجر باكياً ، وقد لامه قومه مراراً قائلين له : كيف تقبل ذيب بين الرجال كأنه طفل ثم تبكي ؟ فيجيبهم : دعوني أقبل ذيباَ وأبكي عليه وأودعه كل يوم ، لأنني أتخيل أن الدنيا ستحرمني منه ، لأن من كان يخوض غمار الحروب الطاحنة ويندفع مثل أندفاع ذيب المعركة لا يمكن أن يكون من أصحاب الأعمار الطويلة ولابد أن تختطفه يد المنون0 ثم قال قصيدته المشهورة :




ما ذكر به حي بكى حي يـا ذيـب
واليوم أنا بابكيك لـو كنـت حيـا


وياذيب يبكونك هل الفطر الشيـبأن
لا يعتهـم مثـل خيـل المحيـا


وتبكيك قطعـانٍ عليهـا الكواليـب
وشيال حمـل اللـي يبـون الكفيـا


وتبكيك وضـحٍ علقوهـا دباديـب
أن رددت من يمـة الخـوف عيـا


ويبكيك من صكت عليـه المغاليـب
ان صاح باعلى الصوت ياهل الحميا


تنزل بك الحزم المطـرف لياهيـب
ان رددوهـن ناقلـيـن العصـيـا


انا اشهد انك بيننـا منقـع الطيـب
والطيب عسـرٍ مطلبـه مـا تهيـا





ويلاحظ القارئ بيتاً من قصيدة أبيه حيث يقول :



تبكيك وضحٍ علقوها دباديـب
أن رددت عن يمة الخوف عيا





فالواضح هي أبل ذيب بن هدلان ، ولونها أبيض ويسمونها الوضح ، أما الدباديب فهي شئ من الزينة يضعونه على سنام كل حائل من الأبل ، لقد زادته قصيدة أبيه شهرة في نجد ، وسارت بها وبأشعاره الأخرى الركبان ، وبعد أن أستفاض ذكر ذيب في نجد ، أخذت الغزاة يتحاشون الغارة على قبيلة الخنافرة خوفاً من ذيب حتى أن الأمير محمد بن هندي بن حميد قال لفرسان قبيلة عتيبة
أنا أوصيكم بأنكم اذا أغرتم على أبل العدو وسمعتم عندها من يعتزي بقوله : خيال البلها وأنل أبن دراج فلا تطمعوا بالأبل أنجوا بأنفسكم ، لأن هذه هي نخوة قبيلة الخنافرة من قحطان ، التي هي قبيلة ذيب بن هدلان ،وهذا دليل واضح بأن ذيب حامٍ لقبيلته ، مثل ما كان عنترة العبسي حامياً لقبيلة بني عبس 0



ويقال أن الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه ) أغارت فرسانه على شالح بن هدلان ولم يعرف أن هذه أبل شالح ، وأبنه ذيب ، وكان فرسان الملك عبدالعزيز يعدون بالمئات ، أغارت هذه الفرسان على ظعينة شالح وأبنه ولم يكن حاضراً من القبيلة سوى ذيب ووالده وأخوته ، فأخذ ذيب يصد الخيل ببسالة متناهية بل وشجاعة فذة ، وقد أغارت عليه الخيل قبل بزوغ الشمس ، وأخذ ذيب يدافع عن ظعن أبيه وأبله000 الى بعد صلاة العصر ، وهزم الخيل ، بعد أن قتل الأمير فهد بن جلوي ، أبن عم الملك عبدالعزيز ، الشجاع المعروف ، والأمير فهد بن جلوي هو صاحب
( الشلفا ) التي حربتها لا زالت في باب قصر عجلان المسمى ( المصمك ) بمدينة الرياض ، في اليوم الذي هاجم فيه الملك عبدالعزيز قوة بن رشيد التي بالقصر المذكور 0
وأيضاً رمى ذيب بالأمير تركي بن عبدالله آل سعود أبن عم الملك عبدالعزيز رمى به على الأرض وجرحه بجنبه ، وجندل معه تسعة من الفرسان ، وكان ذيب في أوج المعركة يأمر رعيان أبله بأن لا يصلفوا بهجيجهم لئلا يتأثر أبوه ، وكان أبوه طاعناً في السن 0
تخلص ذيب من فرسان الملك عبدالعزيز بفروسية لا يضاهيها أية فروسية ، فمن الذي يستطيع أن يحمي نفسه من فرسان الملك عبدالعزيز منفرداً حمى ظعينة أبيه بقوة ساعده ، وبضرباته الهائلة ، لا شك أن هذه المعجزة تجلت بصحراء نجد ، سجلها شاب من قبيلة قحطان ، القبيلة العريقة ، لقد نشأ هذا الشاب وترعرع بصحراء نجد القاسية ، وسجل هذه المفخرة وعمره لا يتجاوز الثانية والعشرين سنة ، على أول طرة شاربه ، لا شك أنه ينطبق على هذا الشاب بيت عنترة العبسي حيث يقول :




خلقت من حديد أشد قلب
اًوقد بلى الحديد وما بليت






وعندما رجعت خيول الملك عبدالعزيز التي أغارت بدون علمه وأخبره رجالها أنهم رجعوا تحت ضربات ذيب الهائلة ، تأسف الملك عبدالعزيز وقال : لو عرفت أن الظعينة هي ظعينة شالح بن هدلان لأمرتهم بالرجوع عنها ، لأنه شخص طيب ، ولا أحب أن أفاجئه هو وأبناؤه عند محارمهم وعند أبلهم ، وأرسل الى شالح كتاباً يقول فيه : أنني قد عفوت عنه ، وله الأمان ، وعليه أن يرجع بالسمع والطاعة ، فرجع شالح بعد أن أمنه الملك عبدالعزيز وحماه ، وحذر أقاربه من آل سعود بأن لا يفكروا بأخذ الثار من ذيب بن شالح ، وسمح لذيب أن يأتي ويسلم عليه وفعلاً حماه وأكرمه ، ولم يمس بسوء ، وقال الملك عبدالعزيز : أنني كنت أود أن أرى هذا الشاب العجيب ، ولا شك أنه دافع عن والده ، وعن محارمه وأبله ، وكان مظلوماً 0 هذه عبقرية الملك عبدالعزيز ، لقد عفا عن ذيب قاتل أبناء عمه ، وهازم فرسانه ، نعم عفا عنه وقال : أنه مظلوم ، مظلوم ، لأنه لم يبدر منه أي ذنب يستحق التأديب عليه 0 ان الملك كان منصفاً ، فهو يقول الحق ولو كان على نفسه ، ويعترف بالفضيلة ويسعى اليها ، لا شك أن عبدالعزيز عظيم ، ويعفو عن العظائم ، لقد ضرب مثلاً رائعاً للعفو ، ولا شك أن ما قاله أبو الطيب المتنبي يتطبق على الملك عبدالعزيز :




على قدر أهل العزم تأتي العزائمو
تأتي على قدر الكرام المكـارم


وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم






وقد أكد لي بعض الحاضرين أن الملك عندما أغارت خيله على شالح وأولاده ، ما كان عنده علم
بهم ، بل يظن أنهم من الأعداء الأخرين 0 وعندما أنتهت المعركه بين ذيب وفرسان الملك عبدالعزيز ، أناخ ذيب ظعينة أبيه وقبله بين عينيه ، وهنأه بالنصر ، وقال له الوالد الطيب : هذا بمشيئة الله ثم بساعدك ياذيب ، بارك الله فيك ، وأسأل الله أن لا يفجعني بك ، وأخذ شالح ينشد أبياتاً قائلاً : انك يا عبدالعزيز أفرحت علينا أعدائنا ، قاصداً قبيلة عتيبة ، لأنه يشعر أنهم هم أعداؤه وأعداء قبيلة قحطان ، لأن الحروب كانت بينهم مستمره آنذاك ، والأبيات هي :




ياشيـخ فرحتـوا علينـا الـعـداة
اللي بذمـة حكمكـم مـا يـدارون


غرتوا علينا الفجر قبـل الصـلاة
وحنا عددنا خمسـةٍ أو بعـد دون


من صلب أبوي وباللـوازم شفـاة
ماهم فريـق هديه
ـدٍ يـوم يأتـون


يانا فدا اللي مـا يضيـع وصاتـي
ما يسند الا عقب طاعن ومطعـون


سـو علـى ركابـة المكـرمـاتوب
ظهورهن يروي شبا كل مسنـون


ويلكـد ملاكيـد العديـم الـزنـاة
وياويلكـم يللـي بوجهـه تقيفـون


خلـي عشـا للجـوع الحايمـات
من فعل ذيب أهل الرمك عنه يقفون


وياشيـخ لا تسمـع كـلام العـداة
أسفه كلام المبغضه لـو يقولـون


أطلب لحكمـك بالسعـد والثبـاتب
جـاه معبـود لبيـتـه يحـجـون


لعـل مــا يبكـنـك النايـحـات
ياللي على عورات أهل نجد مامون




ولم ينسى ذيب الأبن البار أباه ، فعندما حط رحالهم بعد المعركة ، عمد الى أبله وعقر حائلاً منها وأخذ يشوي من طيب لحمها لأبيه ، ولجاره الدوسري ، ويقدمه لهما وهما يحتسيان القهوة ، وكان
هذا الدوسري صديقاً لشالح بن هدلان منذ عهد بعيد ، وكان شالح لايحب أن يفارقه ، والصداقه بينهما قوية الروابط ، وفي أثناء المعركة ، عندما يكر فرسان الملك عبدالعزيز على ذيب يصيح شالح بأعلى صوته وينادي أخيه الفديع ، الذي مضى على وفاته أكثر من عشرين سنة ، وينخاه ولم يتكلم عن ذيب ، وفروسيته الفذه ، وعندما أنتهت المعركة جعل الدوسري يلوم شالحاً ويقول له : كيف تنخى أخاك وهو ميت منذ عشرين سنة ولا تنخى أبنك الذي أبلى بلاء حسناً ، وهزم خيول الملك عبدالعزيز ؟ فيجيبه شالح قائلاً : أن ذيب حتى الأن لم يلحق ما لحقه عمه من الشجاعة ، لذلك فأنا سأبقى ذاكراً أخي الفديع في كل ملمة الى أن أقنع بشجاعة أبني ذيب ، ويثبت لي أنه أكفا من عمه ، هذا ما يقوله شالح 0 أما أنا فأقول للقارئ : ان الذي دافع عن ظعينته وأبله وحماها من فرسان الملك عبدالعزيز أنه لا يعادله أي فارس من الفرسان في زمانه 0
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:17 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT +4. الساعة الآن 09:08 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.