بسم الله الرحمن الرحيم.
الحَمْدُ لله وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ وَعَلَيَّ اِلَهُ وَصَحْبُهُ.
سُؤَالٌ: يَعِيبُ بَعْضُ عُلَمَاءَ المُسْلِمِينَ عَلَى المُسْلِمِ الَّذِي يَصُومُ وَلَا يُصَلِّي, فَمَا دَخَلَ الصَّلَاةُ فِي الصِّيَامِ, فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَصُومَ لِأَدْخُلَ مَعَ الدَّاخِلَيْنِ مِنْ بَابِ الرّيّان, وَمَعْلُومٌ أَنَّ رَمَضَان إِلَى رَمَضَانَ مكفرات لِمَا بَيْنَهِنَّ, أَرْجُو التَّوْضِيحَ وَفْقُكُمْ اللهُ?
الِإِجَابَةٍ: الَّذِينَ عَابُوا عَلَيْكَ أَنْ تَصُومَ وَلَا تَصِلِي عَلَى صَوَابٍ فِيمَا عَابُوهُ عَلَيْكَ, وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَمُودُ الإِسْلَامِ, وَلَا يَقُومُ الإِسْلَامُ إِلَّا بِهَا, والتارك لَهَا كَافِرٌ خَارِجَ عَنْ مِلَّةِ الإِسْلَامِ, وَالكَافِرِ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صِيَامًا, وَلَا صَدَقَةً, وَلَا حجًا وَهَا مِنْ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةُ لِقَوْلٍ اللّه تَعَالَى: { وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) } [ التوبة:54 ].
وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كُنْتِ تَصُومُ وَلَا تُصَلِّي, فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكَ أَنَّ صِيَامَكَ بَاطِلُ غَيْرٍ صَحِيحٍ, وَلَا يَنْفَعُكِ عِنْدَ اللهِ, وَلَا يُقَرِّبُكَ إِلَيْهُ. وَأَمَّا مَا وَهِمَّتُهِ مَنَّ أَنَّ رَمَضَان إِلَى رَمَضَانَ مكفرًا لِمَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكَ:
إِنَّكِ لَمْ تَعْرِفْ الحَدِيثَ الوَارِدَ فِي هَذَا فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ وَالجَمَعَةُ إِلَى الجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مكفرات لَمَّا بَيْنَهِنَّ مَا اِجْتَنَبَتْ الكبائر". فَاِشْتَرَطَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَلَاةُ وَالسَلَامُ لِتَكْفِيرِ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ أَنْ تَجْتَنِبَ الكبائر, وَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّجُلَ الَّذِي لَا يُصَلِّي وَيَصُومُ لَمْ تَجْتَنِبْ الكبائر, فَأَيٌّ كَبِيرَةٌ أَعْظَمُ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ, بَلْ إِنَّ تَرَكَ الصَّلَاةَ كَفَرٍّ,
فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُكَفِّرَ الصِّيَامُ عَنْكَ, فَتَرَكَ الصَّلَاةَ كَفَرٍّ. وَلَا يَقْبَلُ مِنْكَ الصِّيَامُ. فَعَلَيْكَ يَا أَخِي أَنْ تَتُوبَ إِلَى رَبَكٍ, وَأَنْ تَقُومَ بِمَا فَرْضَ اللهِ عَلَيْكَ مِنْ صَلَاتِكَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَصُومُ. وَلِهَذَا بَعَثَ اللهُ النَّبِيَّ معاذًا إِلَى اليَمَنِ قَالَ: "لِيَكُنْ أَوَّلُ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهُ شَهَادَةٌ أَنَّ لَا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ, فَإِنَّ هُمْ أَجَابُوكَ لِذَلِكَ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ اللهَ اِفْتَرَضَ عَلَيْهُمْ خَمْسُ صَلَوَاتٍ لِكُلِّ يَوْمٍ وَ"لَيْلَةٍ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ الزَّكَاةُ, بَعْدَ ذِكْرِ الشَّهَادَتَيْنِ..
الشيخ محمد بن صالح العثيمين