القصيدة(22)
لشاعر مجنون ليلى
شَكَوتُ إِلَى سِربِ القَطا إِذ مَرَرنَ بِي
فَقُلـتُ وَمِثلـي بِالبُكـاءِ جَديـرُ
أَسِربَ القَطا هَل مِن مُعيـرٍ جَناحَـهُ
لَعَلِّي إِلَى مَن قَـد هَوَيـتُ أَطيـرُ
فَجاوَبنَنِي مِن فَوقِ غُصـنِ أَراكَـةٍ
أَلا كُلُّنـا يـا مُستَعيـرُ مُعـيـرُ
وَأَيُّ قَطـاةٍ لَـم تُعِـركَ جَناحَهـا
فَعاشَت بِضُـرٍّ وَالجَنـاحُ كَسِيـرُ
وَإِلاَّ فَمَـن هَـذا يُـؤَدِّي رِسالَـةً
فَأَشكُـرَهُ إِنَّ الـمُحِـبَّ شَكـورُ
إِلَى اللهِ أَشكُو صَبوَتِي بَعـدَ كُربَتِـي
وَنيـرانُ شَوقِـي مَا بِهِـنَّ فُتـورُ
فَإِنِّي لَقاسِي القَلبِ إِن كُنتَ صابِـراً
غَـداةَ غَـدٍ فِيمَن يَسيـرُ تَسيـرُ
فَإِن لَم أَمُت غَمّـاً وَهَمّـاً وَكُربَـةً
يُعـاوِدُنِـي بَعـدَ الزَّفيـرِ زَفيـرُ
إِذا جَلَسوا فِي مَجلِسٍ نَدَروا دَمِـي
فَكَيـفَ تُراهـا عِنـدَ ذَاكَ تُجيـرُ
وَدُونَ دَمِي هَـزُّ الرِّمـاحِ كَأَنَّهـا
تَـوَقَّـدُ جَمـرٍ ثاقِـبٍ وَسَعيـرُ
وَزُرقُ مَقيلِ المَوتِ تَحـتَ ظُباتِهـا
وَنَبـلٌ وَسُمـرٌ مَـا لَهُـنَّ مُجِيـرُ
إِذَا غُمِـزَت أَصلابُهُـنَّ تَـرَنَّمَـت
مُعَطَّفَـةٌ لَيسَـت بِهِـنَّ كُـسُـورُ
قَطَعنَ الحَصَى وَالرَّملَ حَتَّى تَفَلَّقَـت
قَـلائِـدُ فِـي أَعناقِهـا وَضُفـورُ
وَقالَت أَخافُ المَوتَ إِن يَشحَطِ النَّوى
فَيا كَبِـداً مِن خَـوفِ ذَاكَ تَغـورُ
سَلوا أُمَّ عَمروٍ هَل يُنَـوَّلُ عاشِـقٌ
أَخو سَقَـمٍ أَم هَـل يُفَـكُّ أَسيـرُ
أَلا قُل لِلَيلَـى هَل تُرَاهـا مُجِيرَتِـي
فَإِنِّـي لَهـا فِيمَـا لَـدَيَّ مُجِيـرُ
أَظَلُّ بِحُـزنٍ إِن تَغَنَّـت حَمامَـةٌ
مِنَ الوُرقِ مِطرابُ العَشِـيِّ بَكـورُ
بَكَت حِينَ دَرَّ الشَّوقُ لِي وَتَرَنَّمَـت
فَلا صَحَـلٌ تُربِـي بِـهِ وَصَفيـرُ
لَهـا رُفقَـةٌ يُسعِدنَهـا فَكَـأَنَّمـا
تَعـاطَيـنَ كَأسـاً بَينَهُـنَّ تَـدُورُ
بِجِزعٍ مِنَ الـوَادِي فَضـاءٍ مَسيلُـهُ
وَأَعـلاهُ أَثـلٌ ناعِـمٌ وَسَـديـرُ
بِهِ بَقَـرٌ لا يَبـرَحُ الدَّهـرَ ساكِنـاً
وَآخَـرُ وَحشِـيُّ السِّخـالِ يَثـورُ