العودة   ®°·.¸.•°°·.¸منتديات عيال الحمايل¸.•°°·.¸.•°® > ღღ الأقسام التراثية والشعبية والسياحية ღღ > ღღ الموروث الشعبي والأصالـة ღღ
التسجيل روابط مفيدة



رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
قديم 29-03-2012, 07:20 PM   رقم المشاركة :[15]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







وهنا يطيب لي أن أذكر طرفاً من بر ذيب بوالده : ان بر ذيب بوالده شالح لم يسبقه أحد اليه ، ولابد أن القارئ قد عرف أن ذيباً قد ذبح لأبيه حائلاً ليشوي من لحمها له ، ولم يثنه عن ذلك عناء المعركة وما لحقه من الأجهاد ، والآن أحدث القارئ عن سيرته التي أستقيتها من المعاصرين لذيب ، كان ذيب لا ينام أبداً وأبوه لم ينم ، وكان يجلب لأبيه الحليب من الأبل وعندما يأتي به اليه ويجده نائماً يبقى واقفاً وواضعاً الاناء على يده وربما حام حول أبيه وذكر الله بصوت منخفض
الى أن يستيقظ أبوه ، ثم يقبل جبينه ، ويناوله الحليب ، ولا يرضى أحد غيره يقدم أي شي من الغذاء بل هو المسئول الوحيد عن تقديم طعام ابيه وخدمته ، ويقال أنه عندما يرحل الظعن يركب مطيته ويذهب أمام ظعينة أبيه ، وعندما يصل الجهة القابلة للمنزل يصطاد من الغزلان أو من الأرانب أو من الحباري ثم يعده لأبيه قبل أن يصل وكذلك يعد له القهوة ، وكان دائماً يحمل أنية طعام أبيه وآنية القهوة على راحلته وعندما يقبل الظعن يستقبل أباه ويهلي ويرحب به كأنه ضيف عزيز عليه ، ويمسك بخطام راحلته وينيخها عند محل جلوسه المعد مسبقاً ، وعندما يترجل والده يقبل جبينه ثم يجلسه تحت ظل شجرة قد أختارها ، واذا لم يجد شجرة يقال أنه يعمل مظلة من الأعشاب لتظل أباه من حرارة الشمس ، الى أن يعدوا بيوتهم ، وعندما يجلس شالح يقدم له أبنه القهوة وبعدها يقدم له لحم الصيد ويقول لأبيه بهذه اللهجة تناول يا أبن هدلان حياك الله فيجيب شالح أبنه : بارك الله فيك ياذيب ،
وذات يوم لم يصطد من الصيد شيئاَ ، وقد أقبل أبوه يتقدم الظعينة ، وبقي ذيب حائراً متحسراً بماذا يقابل أباه وأخيراً أستقر رأيه على أن ينحر مطيته ( الأصيل ) التي يعادل ثمنها خمساً من الأبل ، وفعلاً أخفاها بين الشجر لئلا يراها والده ونحرها ، وأخذ من طيب لحمها وطهاه بالاناء الذي عاده يقدم به لحم الصيد لوالده ،وعندما وصل شالح وأستقبله أبنه كعادته قدم له الأكل ، بعد أن صب له من القهوة ، وعندما تصاعدت رائحة لحم البعير عرف شالح أن هذا ليس بلحم صيد ، فقال لأبنه : ماهذا يا ذيب ؟ قال ذيب : ( شبب يابه ) وهذه لغة قحطان ،أي أن هذا رزق من الله يا أبت ، فكرر أبوه السؤال وكرر الأبن الأجابة ثم عرف الوالد النتيجة فقال لأبنه : ذبحتها يا ذيب
فقال ذيب : هي تفديك يا أعز والد وعوضها سيكون من حلال القوم آتي به اليك ، ثم قال لأبيه : أنا لا أستطيع أن أستقبلك مالم أقدم لك شيئاً من الأكل ، وأقسمت على نفسي أن أستمر على هذه الحالة الى أن يتوفاني الله ، فتأوه والده ثلاث مرات وقال : يا لهفي بعد فرقاك يا ذيب ،
لقد أشتهر ذيب ببره لوالديه ، ووفائه مع أصدقائه ، وعطفه على جيرانه ، وكرمه الحاتمي ،
وذات ليلة كان هو ووالده ساهرين ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار
فأنشد عليه هذه الأبيات :




ياذيب أنا يا بوك حالـي تـردى
وأنا عليك من المواجيب يا ذيب


تكسب لي اللي لا قح عقب عدا
طويلة النسنوس حرشا عراقيب


تجر ذيـل مثـل حبـل المعـدا
وتبرى لحيرانٍ صغارٍ حباحيـب


وأشري لك اللي ركضها ما تقدا
ما حدٍ لقى فيها عيوب وعذاريب


قبا على خيل المعـادي تحـدى
مثل الفهد توثب عليهم تواثيـب


أنا أشهد أنـك باللـوازم تسـدا
وعز الله أنك خيرة الربع بالطيب


ياللي على ذيب السرايـا تعـد
الو حال من دونه عيال معاطيب


ليثٍ على درب المراجل مقـدى
ما فيك يا ذيب السبايا عذاريـب




وبعد أن قال والده هذه الأبيات بطريقة المزاح أسرها الأبن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفية وركب قلوصه ، وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه ، فشدوا مطاياهم وركبوا مع ذيب ، وعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيب الى أين نحن ذاهبون ؟ فقال : الى ديار القوم ، وأشار الى قبيلة عتيبة لنكسب منهم أبلاً لأهلنا ، وقال : لا بد أن آتي لوالدي من خيار أبل عتيبة ، وأستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار عتيبة ليستقوا منها الماء ، ويسقوا رواحلهم ، وهذا البئر يسمى ( ملية ) وهو يقع غرباً عن جبل ذهلان ، بأواسط نجد ، وعندما أنحدروا عليه من جبل يطل عليه ، رأوا عليه ورد من عتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن
يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيلة بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه الى الوادي الذي أنحدر منه ذيب ورفاقه باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته أختفى تحت شجرة وأطلق عليهم عياراً نارياً ، فأراد الله أن تصيب ذيب أصابة مميته ،
لقد حلت الكارثة الكبرى على الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، أنه فقد كل أمل في الحياة ، فقد كل ركن على وجه الأرض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الأبن البار ، فقد الأبن المطيع ، لقد خر ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها ، وودع الأبل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة الى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع ذيب قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الأبطال ، ودع ذيب نجداً العزيزة ورياضها ، وودع غزلان الريم والأرانب وطيور الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد أنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيلة التي ضربت أروع مثلاً بين الأبناء والأباء ، بعدما سقط ذيب على الأرض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا اليه وضموه على صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وأنهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنة ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين الى أهليهم ،
أما الصياد الذي أطلق النار على ذيب فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، الى أن رأى الركب قد ولى فأتى الى مكانهم ووجد الدم يلطخه ، ثم عمد الى ذيب وهو بكهفه ، وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعة ، وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه ، وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزة فرجع الى جماعته الذين يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال أن ركباً من الأعداء أنحدروا من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا ما دلك على أنه زعيم ؟ فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وأن في خنصره خاتماً فضياً فقالوا : هيا بنا لنراه ، وكانوا من قبيلة برقا أحد جذمى عتيبة ، وكان معهم فتاة فد جلا أهلها منذ سنة الى قبائل قحطان لأسباب حادثة وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيب بالكهف ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها وقالت : ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقة ولهذا السبب صحتِ بأعلى صوتك ، فقالت : لا والله لم يكن بيني وبينه أي شي من هذا ، ولكن أكرمنا وأعزنا وأجارنا وكان لا يأتي من الفلا الا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده ، وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره الى الأرض ثم يضع ماجاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بأمرأة من جيرانه ، وهذه طريقته بالحياة ، وعليكم أن تسألوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيلة ،
ما أكبر المصاب على شالح ، لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم ، وأن وقع نبأ مصرع أبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولا شك أنه سيجرع ويلات الحزن ومرارته ، ومآسي الفراق ولوعاته 00




واذا المنية أنشبت أظافرها
ألفيت كل تميمةٍ لا تنفـع





أنها كارثة كبرى ، ليست على شالح فقط ، بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة الخنافرة وعلى قبيلة قحطان الكبرى ، وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة أبنه ، وأول ما قال هذه القصيدة :






يا ربعنا ياللي على الفطـر الشيـب
عز الله أنه ضـاع منكـم وداعـه


رحتوا على الطوعات مثل العياسيب
وجيتوا وخليتـوا لقلبـي يضاعـة


خليتـوا النـادر بـدار الأجانيـب
وضاقت بي الأفاق عقـب أتساعـه


تكدرن لـي صافيـات المشاريـب
وبالعون شفت الذل عقب الشجاعـة


يا ذيب أنا بوصيك لا تأكل الذيـب
كم ليلـةٍ عشـاك عقـب المجاعـة


كم ليلةٍ عشـاك حـرش العراقيـب
وكم شيخ قومٍ كزتـه لـك ذراعـه


كفـه بعدوانـه شنيـع المضاريـب
ويسقي عدوه بالوغى سـم ساعـه


ويضحك ليا صكت عليه المغاليـب
ويلكد على جمـع العـدو باندفاعـه


وبيته لجيرانه يشيد علـى الطيـب
وللضيف يبني في طويـل الرقاعـه


جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب
وأفخت حبل الوصل عقب أنقطاعه


كني بعد فقـده بحامـي اللواهيـب
وكني غريب الدار مالـي جماعـه


من عقب ذيب الخيل عرج مهاليـب
ياهل الرمك ما عاد فيهـن طماعـه


قالوا تطيب وقلت وش لون أبا طيب
وطلبت من عند الكريـم الشفاعـه




وأردفها بهذه القصيدة وعلى نفس البحر والقافية ، وقد رويتها عن الأمير عمر بن سلطان أبا العلا وأكد لي أنه رواها عن والده سلطان الذي عاصر شالح وأبنه ذيب ، وبهذه القصيدة الأخيره لم يخف آلامه ولواعجه ، فجاوب الذئاب بعويلها ، ثم رجع الى خالقه وطلب منه الفرج ، ثم لام نفسه وأعترف بأنه هو السبب بتحريض أبنه على غزوته المشؤومه ، وبعد ذلك عزى نفسه بركوبه الهجن ، وأنه يتقدم بها على أعدائه حتى ينيخها على مقربة من بيوت الكبار ، ويتخطى الأطناب ، ويكسب الناقه الحائل التي تهاوي الجمل ، وتجعل منه خليلاً لها ، وأخيراً أخذ يوصي جماعته بأن يختاروا ( المناسب ) الطيبة ليأتيهم أولاد طيبون نجباء وقال لهم : ان الردي تأتي بولد لا يهمه أكثر من نفسه ، وأن يشبع بطنه ، ردي الهمه ميت الأنفه ، تافه الشخصية ،
وهذه هي القصيدة :




ذيب عوى وأنا على صوتـه أجيـب
ومن ونتي جضَت ضواري سباعـه


عز الله أني جاهل ما أعلـم الغيـب
والغيب يعلـم بـه حفيـظ الوداعـه


يالله يـا رزاق عكـف المخالـيـب
يا محصـي خلقـه ببحـره وقاعـه


تفرج لمن صابه جـروح معاطيـب
وقلبه مـن اللوعـات غـادٍ ولاعـه


ان ضاق صدري لذت فوق المصاليب
مانيب مـن يشمـت فعايـل ذراعـه


صار السبب مني على منقع الطيـب
ونجمي طمن بالقاع عقـب أرتفاعـه


يا طول ما هجيتهـن مـع لواهيـب
ولاني بداري كسرها مـن ضلاعـه


ويا طول ما نوختها تصـرخ النيـب
وزن البيـوت اللـي كبـار رباعـه


وأضوي عليهم كنهم لـي معازيـب
اليـا رمـى زيـن الوسايـد قناعـه


أضوي عليهم وأتخطـى الأطانيـب
وآخـذ مهاويـة الجمـل باندفاعـه


أبا أنذر اللي من ربوعي يبا الطيـب
لا ياخذ الا مـن بيـوت الشجاعـة


يجي ولدهـا مـذرب كنـه الذيـب
عز لبـوه وكـل مـا قـال طاعـه


وبنت الردي يأتي ولدها كما الهيـب
غبـنٍ لبـوه وفاشـلـه بالجمـاعـة


ياكبر زوله عنـد بيـت المعازيـب
متحـري مـتـى يـقـدم متـاعـه




وبقي شالح حزيناً كظيماً يسهر أيامه ولياليه ، ولا يفارق نار قهوته ، وذات ليلة وهو ساهر مع أحزانه ، كان شخص من قحطان يسمى الهويدي قد ضاع صقره ، وأخذ يبحث عنه بالليل ويسأل رافعاً صوته كلما مر بنار قطين منادياً ( من عين الطير ) فعرفه شالح وسكت عنه أول مرة ، ثم عاد اليه مرة ثانية ماراً ببيته ، بعد أن مر بنيران الحي وسأل عن طيره ، ثم أستمر بسؤاله ماراً بكل نار يراها ، وعاد لشالح للمره الثالثه فناداه شالح والهويدي لا يعرف أن النار هي نار شالح ، وعندما دعاه لكز هجينه بعقب رجله وجاء مسرعاً ظناً منه أن المنادي سيبشره بصقره ، وعندما أناخ هجينه وأقترب من المنادي ، تبين له أنه الأمير شالح بن هدلان والد ذيب ، الذي لا زال يصارع أحزانه ، فأعتذر الهويدي لشالح ، وأقسم له بالله أنه لا يعرف أن هذه النار هي ناره ، ثم قبل جبينه معتذراً وطالباً السماح ، فأذن له بالجلوس من حوله ، وأخذ شالح يصب له القهوة ، ثم قال هذه الأبيات :




أن كان تنشد يالهويدي عن الطير
الطير والله يالهويدي غـدا لـي


طيري عذاب معسكرات المسامير
أن خل عنـد قطيهـن الجفالـي


أن جا نهار فيه شر بـلا خيـر
وغدا لهن عند الطريح أجتوالـي


ان دبرن خيـل وخيـلٍ مناحيـر
وغدن مثل مخزمـات الجمالـي


على الرمك صيده عيالٍ مناعيـر
وشره على نشر الحريب الموالي


يضحك ليا صكت عليه الطوابير
طير السعد قلبه من الخوف خالي


خيالنا وان عرجـدن المظاهيـر
وزيزوم عيراتٍ طواها الحيالـي


غيثٍ لنا وان جت ليالي المعاسير
وبالشح ريفٍ للضعوف الهزالـي


يسقي ثراه من الروايح مزابيـر
تمطر على قبرٍ سكن فيه غالـي




لا شك أن طير شالح يصيد أفذاذ الرجال ، كما قاله في أشعاره ، اما طير الهويدي فهو لا يصيد الا الأرانب والكروان ،
رحم الله شالحاً وأبنه ذيباً ، لأنهما سجلا مفاخر قيمة لكل من يقطن نجد ،، أننا نودعهما بالرحمة ودعوات الغفران ، ونشيعهما بما يشيع الأبطال المغاوير ، الذين أبقوا لهم ذكراً في الآخرين ، شجاعة وكرماً وشمماً وطيب أحدثوه .
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:22 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:20 PM   رقم المشاركة :[16]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







رابعاً : محدى الهبداني



نسبه – حياته – فروسيته – شخصيته القوية – طموحه – شعره وهجائه لقومه – أبتعاده عن قومه ولد سليمان – غارته على الشوايا – حربه مع بن قعيشيش – لجوؤه لأبن سمير – شعره فيه – أنتقاله الى أبن مهيد وآل غبين – صلته بالسيد حجو وتأليبه اياه – ثورة السيد حجو – الشعرفي ذلك – رحيله الى الشيخ عبدالكريم الجربا واكرام الجربا له – قصته مع الشمري في مجلس الجربا – وفاء عبدالكريم معه وعدوله عن مهاجمة قوم محدى من اجله – عودته لجدعان بن مهيد بدعوه منه ورجاء للعودة – انابته – حجه ......الخ


هو محدى بن فيصل الهبداني عاش الى تاريخ 1300 هجرية تقريباً ، وهو من قبيلة الفضيل التي يرأسها الشيخ أبن رشدان وهي فخذ من أفخاذ قبيلة الجعافرة من ولد سليمان ( من ضنا عبيد )
من بشر ، وبشر هو أبن عناز بن وايل وهو شقبق مسلم بن عناز الذي تتفرع منه قبيلة
( ضنا مسلم ) ، نشأ هذا الشاعر وترعرع بين قبيلة ولد سليمان المشهورين بالشجاعة ، وكثرة العدد ، شيخها العواجي وعائلته ، والعواجية لا زالوا هم شيوخ هذه القبيلة ، نشأ في وقت التطاحن بين قبيلته والقبائل المحيطه بها ، وأمه ( ذكر ) بنت مشل العواجي الفارس المشهور ، ووالده فيصل الهبداني ليس مرموقاً بين أفراد هذه القبيلة ، ولكن أبنه ( محدى ) نشأ ثائراً وذكياً وطموحاً ، يطمع بالزعامه ، ولكنه لم يلق مجالاً لزعامته مع وجود أخواله الأبطال العواجيه ، وبعد أن لاحظ أخواله طموحه وتدخله بالقبيله وتحريضه لهم وترفعه عن مسلك أبيه ضغطوا عليه ، لهذا لم يستطع أن يبرز بينهم ، وضاقت به الأرض بما رحبت ، أخذ يتألم ويقول الشعر محرضاً أقاربه من آل فضيل وهاجياً لهم أحياناً ، وقال قصائد كثيرة بهذا المعنى ، لم أعرف منها سوى القليل ومنها :




هنيكـم ياهـل القلـوب المريحـة
يالدالهـيـن عـلـى بـركــة الله


هنيـكـم بقلوبـكـم مستـريـحـة
وياليت قلبـي كـل ماجـاه ينسـاه


ينسى هواجيس الضميـر المشيحـة
ويرضى على غوال حلقه الى أرخاه


خطو الولد يرضى العلوم القبيحـة
ويقفي ويقبل كالهنـوف المرضـاه


وانا دليلـي مـا يطيـع النصيحـة
يا ناس عياني دليلـي وأنـا أنهـاه





ثم قال هاجياً قومه :



يا فضيل يا قلوب الغنم ما تحام
ونيـا ليتهـا والله تحسـن لحاكـم


يا طولكم يا عرضكم يوم تاتـون
يا قل حمراكم على مـن بغاكـم


اليا اجتمعتوا للمراجـل تذيبـون
والناس عرفوا طيبكم من رداكـم


الكل منكـم دائمـاً يتبـع الهـون
يا لعن أبوكم كيف توخـذ نساكـم


ترضون بالذلـه عساكـم تهبـون
واشوف بالرجلين كـل ٍ وطاكـم


يا فضيل بالورور بغيتوا تباعـون
ويلقى المذله خائف وان نصاكـم





ثم قال هذه القصيدة متبرئاً من قومه :




ليتني من الصلبان والأصل ما بيـه
لا سايـل عنـي ولانـي بسايـل


أقعد علـى مقـرٍ خفـيٍ مواريـه
برهراهةٍ ما ياصلـه كـود حايـل


من الوسم رويان مع الصيف مطغيه
تلقى الخصـاب مكـومٍ للزمايـل


ألوذ عـن دحـشٍ كبـارٍ علابيـه
يهـوش كنـه بـاشـةٍ للقبـايـل


متباركيـن بالمولـد بنـي خـيـه
على النـزول يكثـرون الضوايـل


أنا أن بغيت الصبر قلت مشاحيـه
ونفسي عيوف ولا رضيت الفشايل


نويت أهوم وكافـل العبـد واليـه
والبعـد طـب للقلـوب الغلايـل






فاجابته أمه (ذكر) أخت مشل العواجي بالقصيده الآتيه :



أشوف سلم أبليس (محدى) يسويه
يلعب على ظهر اللعين القوايـل


عزي لنزلٍ قام (محدى) يشظيـه
لعب بكم يـا ذاهبيـن الحمايـل


مطاوعٍ لبليـس وبليـس مغويـه
لا تتبعونه يـا القلـوب الهبايـل


هذا جزا خـالٍ يعـزه ويغليـه
لا واحسايف قولةٍ : يا بن وايـل





لقد قرر محدى أن يبتعد عن أخواله ، وعن قبيلة ( ولد سليمان ) ورحل من نجد مع قسم من قبيلته آل فضيل الذين ألتفوا حوله ، أتجه الى قبيلة الفدعان من عنزة ، لأن الفدعان أقرب قبائل عنزة لولد سليمان ودخل الأراضي السورية وقد أنشأ هذه القصيدة :


يا راكـب سربالـةٍ تقطـع البيـد
حمرا ولا فوقـه رديـفٍ محنهـا


أول نهـاره خـل مشيـه تفاديـد
وفهق الى البردين عقبيـك عنهـا


مثل النعامه يوم تقفي مـع الحيـد
أو تقل شيهانٍ دنـا الليـل منهـا


تلفي لمن جيشه سـواة المعاويـد
كـم عزبـةٍ ذوق ربوعـه لبنهـا


يا خال ياللي مـا بفعلـك مناقيـد
رفعت نـاسٍ مـا عرفنـا لحنهـا


لا أكراد لا هم ترك لا سلم أجاويد
يبون يقزون العرب عـن وطنهـا


يا خال لولا نصف ربعي لهاميـد
أن كان جاكم صادق العلـم منهـا


أخترت عن دار المهونات بالبيـد
وخليت دار الـذل للـي سكنهـا


دارٍ بـدار ولا علينـا تحـاديـد
وأرزاقنا رب الخلايـق ضمنهـا


نروح عـن دار العنـا للاجاويـد
لا هل بيوتٍ من تجلـوى زبنهـا


عيال الغبين المنتخيـن المواريـد
على ظهور الخيل يذكـر طعنهـا


ان جاء نهارٍ فيه فهـق وتوريـد
يسنى على كل المـوارد شطنهـا




ولما دخل الأراضي السورية قاصداً آل غبين قال هذه القصيدة :



الله من قلـبٍ بـدا فيـه عمسـيي
ميع لو باسـه حجـر قرطيانـي


يميع ميعة شمعٍ من حـر شمسـي
والا الشحم من فوق جمر أضهياني


نصبـح مكاظيـم وبالهـم نمسـي
وكـن الطعـام ملـوثٍ ديدمانـي


يا راكبٍ من عندنا فـوق عنسـي
سحوان قطـاع الفيافـي عمانـي


عنسٍ سبرس بالسواد الوغطسـي
قطـاع دوٍ هوذلـي سوسحـانـي


هزته بعود اللوز من غيـر لمـس
وياما قطع من نـازح السهمدانـي


قطعى قطا ومذيره حـس ونسـي
من اللال ورد ديـرة الريهجانـي


فوقه دلالٍ نسج من كـل جنسـي
القرمـزان مخالـطٍ بازرقـانـي


يمد من حفرة خنيصـر ويمسـي
لأهـل بيـوتٍ شيـدت بالبيانـي


ياما عطوا من سابقٍ قود خمسـي
غبينات يعطونـه ولا بـه مثانـي


وان صار بالفرسان طعنٍ وغمسي
ما مثلهم يركب بنـات الحصانـي





وفي أثناء طريقه هو ومن معه من قبيلة آل فضيل ، صادفوا قبائل من ( الشوايا ) الذين يربون الأغنام ، في حماية الشيخ أبن قعيشيش ، يأخذ عليهم الأتاوه ويتكفل بحمايتهم من نائبات الزمن ، وعندما رآهم محدى الهبداني وجماعته أرادوا نهب أموالهم لضعفهم ، فأغاروا عليهم وأخذوا أموالهم ومواشيهم ، وعندما علم الشيخ ابن قعيشيش شيخ الخرصة من الفدعان ثارت ثائرته وأغار على محدى الهبداني وجماعته بفرسانه ورجاله وقصدهم تخليص الغنائم التي أخذوها من الشويان ، ولكن محدى وجماعته أبوا أن يسلموا ما غنموا فحصلت معركة بينهم وبين ابن قعيشيش هزم فيها ابن قعيشيش هو وقومه ، ثم أنحرف محدى الهبداني عن قبيلة الغبين ، لأن الغبين أقارب قبيلة ابن قعيشيش والجميع من قبيلة الفدعان من بشر الكبيرة ، واتجه محدى وقومه الى الشيخ محمد بن سمير الذي هو من قبيلة ( ضنا مسلم ) بن عناز ، وقبل أن يصل الى الشيخ أبن سمير أرسل اليه هذه القصيدة موضحاً فيها المعركة التي حصلت :




يـا راكبيـن مقولمـات الخفافـي
ما دنقـوا عـن الحفـا يرقعونـه


يلفن أخو خزنـه زبـون المقافـي
اللي بوقت العسر تنـدى صحونـه


الروم جتنـا جـردةٍ يـا السنافـي
يبـون ستـر بيوتـنـا ينهبـونـه


صاح الصياح وقال : ما من عوافي
وحتى جواب المنع مـا يذكرونـه


صكوا علينـا ناهضيـن الشلافـي
فزعـة وكـلً مجـرب يزهمونـه


وصحنا عليهم صيحةٍ مع كشافـي
ولعيون (صيته) جيشهم يسهجونـه


الشيخ (ثامر) مرتـكٍ تقـل غافـي
يا حيف سلبت جوخته مع زبونـه


( جعافره ) ما يشتهـون العوافـي
والشر لو هو غايـبٍ يحضرونـه


وردوا علينا مـار صرنـا عيافـي
مانـا همـاج وربعنـا يملحـونـه


لا عاد ما ناخذ من الحـق وافـي
اللي تحلوى الناس مـا يرحمونـه




وأتبع ذلك بقصيدة أخرى طالباً فيها من محمد بن سمير لجوءه اليه وحمايته وهي كالآتي :





دنوا بعيدات المماشـي ركابـي
عرندسـاتٍ يقطعـن المحاويـل


عروات لين أسهيل بين وغابـي
حتى غدا فوق الأباهر زهاميـل


يرعن من الربلة ورجل الغرابي
با طرافهن تلقى الخزامى تقل نيل


حثوا مناكب جيشكـم بالعقابـي
قلايصٍ مـا لاغمـن المخاليـل


أن روحن مع سهلةٍ له سرابـي
عوصٍ يشادن روس ربد الهراقيل


لمحمد بن سمير ريـف التعابـي
بدر الدجا نوار عشب الهماليـل


لصديقه أحلى من هتوف السحابي
ولعداه مفتول الحديـد الزناجيـل


يا شيخ لو شال الجمل مثل مابي
أزرا بليهي الرحايل عن الشيـل


ويا شيخ من دبت عليه الدوابـي
يعاف لـذات الونـس والتعاليـل


أن حط بالغليون مثل الخضابـي
وصينيةٍ تلعب بوضـح الفناجيـل


عده من الأوناس خلـو الجنابـي
أن لافه الداكوك بالعدل والميـل


ويا شيخ يا مدمي لروس الحرابي
جينا لكـم يـا كاسبيـن التنافيـل


نبي جنابك يـا نزيـه الجنابـي
يوم الرفاقه صار منهم غرابيـل





فأجاره محمد بن سمير هو وقبيلته الفضيل ، وحماه من ابن قعيشيش ، ومكث فتره طويلة في جوارأبن سمير ، الى أن عفت عنه قبيلة الفدعان بما فيهم آل قعيشيش والغبين ، بعد أن أرسل هذه القصيدة لجدعان بن مهيد شيخ قبيلة ( الولد ) من الفدعان :



يا راكـب حمـرا كتـومٍ رغاهـا
ممشى ثمان أيـام تطويـه مشـوار


جدعيـةٍ قطـع الفيافـي منـاهـا
تشدي لشاحوفٍ مع الشـط عبـار


يا رسل ياللـي لايـذٍ فـي قراهـا
خلك مع أول فجة الصبـح نشـار


والعصر أبو تركي محاري مساهـا
لغضى البخيل لغالي الـزاد دمـار


عيني قزت من نومهـا وش بلاهـا
كن النويفـج لا يفـه عقـب ذرار


قـزت وقزاهـا عظايـم بـلاهـا
عوجٍ نمضيهن وهن كارهـن كـار


وكبدي من الرهوند يخلـط عشاهـا
أو تقل يقرض من معاليقهـا فـار


علـى نجـوعٍ فـرق الله شظاهـا
ناخذ بها حق ونـذري بهـا جـار


يـا مدبـر السلقـا عليـك التقاهـا
تفرج لعبـدٍ تايـه الفكـر محتـار


يوم أخرجوه وقربتـه قـد ملاهـا
عندك لها ياوالـي العـرش تدبـار


أطلبك نفسـي لا تخيـب رجاهـا
ياعالـم باحوالهـا وانـت جـبـار


والروح منـي مسعـلاتٍ حذاهـا
حذوه رجل ما قاضبه كود مسمـار


نجدٍ يعـزي عـن غثاهـا عذاهـا
لوهي مقر ابليس في ماضي الأذكار


نركض ومن صاد الجرادة شواهـا
وللنار من عقب من المـال دينـار





بعد ذلك دعاه شيوخ الفدعان آل غبين وآل مهيد ، فرحل من عند أبن سمير شاكراً له ما لاقاه من حماية واعزاز واكرام ، وتوجه لقبيلة الفدعان لأنه أقرب الناس اليه ، وبقي بين ابن غبين وابن مهيد معززاً مكرماً الى أن حصل بينه وبين أبن غبين بعض الخلاف ، يعود ذلك الى نفسه الطموح ، التي لا تقف عند حد ، فقال القصيدة الآتيه في آل غبين هاجياً لهم :




عساك يـا دارٍ بـك الحيـف تلويـن
عسى الولي يسعى لساسك بالاخراب


يسقـي جنابـك مثـل دارٍ بداريـن
سهساه رملٍ من سمهـلات وتـراب


لا عاد ما ناخـذ وفـا حقنـا زيـن
الا بسـل مصقـل الهنـد وحـراب


عسـاك يـادار المـذلـة تخيبـيـن
وعسى الولي يسعى لنزلك بالأذهاب


ناسٍ تشيل البغض مـا هـم خفييـن
القلب فيه الريب لو يضحـك النـاب


يا حليسس وان ما شفت انا شافٍ شين
أشوف ناسٍ قوم بهـدوم الأصحـاب


يا حليس صاب القلب ما تنظر العيـن
شوف البغيض بنونها تقـل مشهـاب


ان كان ربعـك مـا لحقـك وفييـن
مسمارهم يبخص بلا قـاز وكـلاب


عنهم تنحـوا يـا قلـوب البعاريـن
في دبـرة الخـلاق فتـاح الأبـواب


عن المهونـة نجعـل النـار ناريـن
نبعد عن الأصحاب لديـار الأجنـاب




__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:30 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:21 PM   رقم المشاركة :[17]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







ثم انحا ز عن ابن غبين كليا إلى جدعان بن مهد ، وبقي صديقاً
حميماً لجدعان بن مهيد ، وكان هناك شخص من شيوخ الفلاحين يدعى
السيد ( حجو ) بن غانم وله قرى كثيرة ، وقبيلة كبيرة ورغم ذلك فهو يدفع أتاوة لجدعان بن مهيد وكان السيد حجو على جانب من القوة بقبيلته كثيرة العدد ، وحصل بينه وبين محدى الهبداني صداقة ، وبعد أن رآى محدى دفع الأتاوه لجدعان بن مهيد ، وهو على هذا الجانب من القوة أبت نفسه الثائرة الا أن يوغر صدر حجو على بن مهيد وقال له : لماذا ترضى هذا الخنوع وهذه الذلة وأنت رجل عربي ، وعندك من العدد والعدة ما يفوق ابن مهيد ، وعندك القصور الشامخه التي تستطيع فيها أن تحمي نفسك بالسلاح وتعز قومك من دفع الأتاوة ، وأتبع كلامه هذه القصيدة :




قولوا لحجو ريف هزل الركايـب
عندي لهم عن لمسة الخشم حيلـه


قصرٍ يشـادي نايفـات الجذايـب
ورصاص قبسٍ مولـعٍ لـه فتيلـه


والا أصبروا صبر على غير طايب
صبر الجمال اللـي ثقلهـا تشيلـهٍ


وألا أزبنوا للروم شقر الشـوارب
وفضوا عن الويلان طرقا طويلـه


ما يترك الهسات لـو قـال تايـب
ما طول مسحون الدوى ما عبي له


أنتم عرب من روس قومٍ عرايـب
وش لون ترضون الخنا والرذيلـه


هـذي عليكـم يالسنافـي غلايـب
وش لون ترضون الردى والفشيله


من مالكم يوخذ خـراف وحلايـب
يـا خونكـم يـا كسبيـن النفيلـه


لو هم بني عمي ولو هـم قرايـب
ممشي الخطا نشوف به كل عيلـه





بعد ذلك ثار السيد ( حجو ) وأعد عدته ، وأطلق النار على رسل جدعان بن مهيد اللذين جاؤوا ليأخذوا الأتاوة ، ورفض أن يستجيب لمطلب بن مهيد ، وبعد أن عرف جدعان بن مهيد أن السبب لذلك هو محدى الهبداني عرض أمره على موظيفي الدولة العثمانية الذين يحكمون البلاد آنذاك ، وقال أن هذا رجل شرير جاء من نجد ليفسد البلاد ، فألقوا القبض عليه ، وزجوه بالسجن ، وبعد أن مكث مدة طويلة به ، قال هذه الأبيات بالسيد حجو صديقه الحميم :



قولوا لحجو قبل يسعى بنـا الـدو
دحيثـه فهيـم الطيبـة مـا تفوتـه


يالله يـا خـلاق يـا خيـر معبـود
يا مظهر ذا النون من بطـن حوتـه


ترحم غريبٍ دونه البـاب مـردود
توازنـت عنـده حياتـه ومـوتـه


أطلبك ترزقنا بيسرك عـن الكـود
هـذا زمـانٍ شيبتـنـي وقـوتـه


أشوف أنا بالناس حاسد ومحسـود
ولقيت لي نـاسٍ تضيـع سموتـه


العدل ضاع وزايد الحيف ماجـود
ومن صاح يبي الحق ما سمع صوته





فأخذ السيد حجو كمية من الذهب على غفلة وراح للموظفين الأتراك ورشاهم فأطلق محدى الهبداني من السجن ، ولكن محدى بعدما حصل له من الشيخ جدعان بن مهيد ما حصل ، أبت نفسه أن يسكن بينهم ، فقال هذه الأبيات بالشيخ محمد بن سمير صديقه القديم ، الذي أجاره من آل قعيشيش في أول الأمر وهي كما يلي :





ياراكب سمح المذرع من القـود
أشعل طويل المتن نبـه شناحـي


يشدي لهيقٍ جفله حـس بـارود
عليه زعر منومل الملـح فاحـي


وشديده من عاج والنطع ماهـود
ومفصلٍ باجواز ريش المداحـي


تلفي أخو عذرا من الربع مقصود
زبن الهليب اللي له المنع شاحي


قل له ترى دنياي ما تازن العـود
مر بيات ومـر كونـه صباحـي


وافطن ترى دنياك خوانة عهـود
صفاقةٍ عرقوبهـا بـا رتماحـي


ويا شيخ ما دامت لكسرى وداود
كم دور ربعٍ كيفوا بـه وراحـي


ياما صبرنا ياخو عذرا على الكود
نصبر ولا نطلب ايدينٍ شحاحـي


عزي لمن مثلي من الغبن ملهـود
وعما تريد النفس يقصر جناحـي


من يوم بانـن المغاتيـر بالسـود
بطل جهلنا يوم بـان الوضاحـي


ويا شيخ با مبعد عنا كل مضهود
يا مزبنه وان ضاق فيه البياحـي


ياما لجينابك عن الحيف والـزو
ديوم أنها قلـت علينـا المشاحـي


والله مادامي على القاع ماجـود
منساك يا طير السعد والفلاحـي






ثم قال قصيدة أخرى بالشيخ عبدالكريم الجربا شيخ قبائل شمر بالعراق :





يالله يا خـلاق صبـحٍ بثـر ليـل
باذنك عسى تسمع لعبدك سوالـه


تفزع لمضهودٍ وطا راسه الشيـل
ما بين كاف ونون تنعـش حوالـه


يا دارنا عفناك من زايـد الميـل
عيفة عديمٍ شاف نقـص لجلالـه


يا دار يا دار الخطـا والتهاويـل
حقـك لمقلـول الرفاقـه نوالـه


يا دار ما يسكن بك الا قوي حيـل
يقضي لحاجاتـه بسيفـه لحالـه


يا ربعنـا هيـا نوينـا المحاويـل
نروح عن دار العيـا والضلالـه


سموا وطيعوني على الزمل ونشيل
لعبدالكريـم اللـي تذكـر فعالـه


للشيـخ نطـاح الوجيـه القبابيـل
ومن صكته غبر الليالـي عنالـه


الدار دار وكـل دارٍ بهـا كيـل
والرزق عند اللي عظيـم جلالـه





ثم رحل الى الشيخ عبدالكريم الجربا ، والتجأ اليه فأكرمه الشيخ اكراماً بالغاً ، وذات يوم وهو جالس عند الشيخ عبدالكريم في مجلسه ، أهدي للشيخ عبدالكريم جواد من الخيل الأصايل وقبلها وفي الحال قدمها الى محدى الهبداني وكانت جواداً من أحسن جياد العرب ، فقام واحد من الجالسين من شمر الى محدى وقال له : أسألك بالله يامحدى أن تخبرني أي من عبدالكريم الجربا اوجدعان بن مهيد أحب الى نفسك ؟ فقال محدى : ويحك لا تسألني بالله ، فكرر عليه الشمري ثلاث مرات ومحدى يتهرب من السؤال ، وبعد ذلك قال محدى : أقسم لك بما سألتني به أن (غليون ) جدعان بن مهيد عندما ينفث منه الدخان ويعطيني أمزه يسوى عندي عبدالكريم الجربا وقبيلة شمر ، وعندما سمع ذلك الشيخ عبدالكريم ثارت ثائرته وقال للشمري الذي سأل محدى : أنا أحرم عليك أن تسكن منازل شمر ، وان علمت أنك ساكن في منازل شمر سوف أقطع راسك ، وطرده من مجلسه ، والتفت الى محدى وقال له : أشكرك على ما قلت ، ولو قلت غير ذلك لاستهجنتك ، فأمر رجاله أن يحضروا خمسة عشر ناقة من الأبل الوضح ، أي البيض ، وقال هذه هديه مني لك مع الجواد الأبيض ، تقديراً لموقفك من شيخك جدعان بن مهيد ، الذي هو شيخ الفدعان ، وبقي عند الشيخ عبدالكريم الجربا معززاً مكرماً ،، وذات يوم كان الشيخ عبدالكريم الجربا غازياً قبيلة عنزة التي هي قبيلة الهبداني وكان محدى برفقته ، وأثناء سيرهم لحق بهم شخص من شمر على قلوصه ، مبشراً عبدالكريم أنه رزق بمولود ، فقال له بعض أصحاب عبدالكريم أذهب وبشر محدى الهبداني بالمولود ، وكان محدى منتحياً من طرف القوم ، وعندما بشره الرسول أجابه قائلاً : لا بشرك الله بخير ، وأسأل الله أن المولود الذي بشرتني به لا يبلغ سن الفطام ، فقال البشير ويحك يامحدى لماذا تقول هذا بأبن الشيخ عبدالكريم ؟ فقال : نعم أقول ذلك لأنني أخشى أن يترعرع وينمو وتكتمل رجولته ثم يكون مثل ابيه فيقضي على البقية الباقية من عنزة ، فضحك القوم من قول محدى ففي الكلمة نكته وأعجاب ، وعندما علم الشيخ عبدالكريم كلام محدى مع الذي جاء يبشره بالمولود ضحك كثيراً وقال : ما يقوله محدى مقبول عندي ، وقد دار الحديث هذا وهم في مواطن عنزة ، وكانت قبائل عنزة قبل سنة تقطن هذه الأماكن ، وصدفه أمر عبدالكريم على القوم أن يحطوا الرحال ، ويناموا ليلتهم لأنهم كانوا آخر النهار ، وعندما نزلوا لا حظ الشيخ عبدالكريم أن محدى لم يقر له قرار ، وكان يسير على قدميه من حول القوم وكأنه يبحث عن ضالة ، فدعاه الشيخ عبدالكريم قائلاً له تفضل يا محدى لأن القهوة والشاي قد حضرا فأتى محدى عابس الوجه ، تبدو عليه علامات التفكير والذهول ، لاحظ منه ذلك الشيخ فقال له : ما بك يامحدى ؟ فقال : لا شئ يا سكران المجانين ، وكان هذا الأسم يطلق على الشيخ عبدالكريم عند قبيلة شمر ، وقبيلة عنزة ، فكرر عليه الشيخ السؤال ، فقال : هل تعرف هذه الأماكن التي نحن الآن بها ؟ فقال : نعم أعرفها ، قال محدى : أنها منازل عنزة بالعام الماضي ، وهذه حدودهم ، وكنت بالعام الماضي أقطنها معهم ، وقد عرفت منزل كل شيخ منهم حولنا ، فقال الشيخ عبدالكريم : وهل قلت شيئاً يا محدى بذلك ؟ فقال : نعم قلت ، فأنشد هذه الأبيات :




يا دار وين اللي بك العام كاليـوم
ما تقل مرك عقب خبري نجوعي


خالٍ جنابك بس يلعي بـك البوم
ما كن وقف بك من الناس دوعـي


شفت الرسوم وصار بالقلب مثلوم
وهلت من العبرة غرايب دموعـي


وين الجهام اللي بك العام مـردوم
وظعون مع قدوة سلفهـا تزوعـي


أهل الرباع مزبنة كـل مضيـوم
وأهل الرماح مظافرين الدروعـي


راحوا لنا عدوان وحنا لهـم قـوم
ولا ظنتي عقب التفرق رجوعـي


وان صاح صياحٍ من الضد مزحوم
تجيك دقـلات السبايـا فزوعـي


صفرٍ يكاظمن الأعنـه بهـن زوم
يخلن سكـران المجانيـن يوعـي


يركب عليهن باللقى كـل شغمـوم
فريس والله ما تهـاب الجموعـي


خيالهم ينطح مـن الخيـل حثلـوم
يوم الأسنه بالنشامـى شروعـي


ويا شيخ أنا عندك معزز ومحشوم
ويمضي علي العام كنه سبوعـي


لا شك قلبي بالوفا صار ما سـوم
لربعي وأنا يا شيخ منهم جزوعـي


وعيني لشوف الحيف ما تقبل النوم
والقلب يجزع بين هدف الضلوعي


ويا شيخ ابا وصفك يا مفني الكوم
يالصاطي القطاع حسن الطبوعـي


حلياك حرًيفنـي الصيـد ملحـوم
متفهق الجنحـان حـر قطوعـي


حر علم بالصيد من غيـر تعلـوم
يودع بداد الريش شـت مزوعـي





وعندما أكمل الهبداني قصيدته ، قال الشيخ عبدالكريم أطمئن ياصديقي ، أننا في الصباح راجعون الى ديارنا لأنني لا أحب أن أجد قبيلة عنزة ويحصل بيني وبينهم صطدام وأنت معي ، لأنك منهم ولأنك جار عزيز عندنا وأنني أقدر هذه الحمية فبك ، ولا ألومك بما قلت بقومك ، وعندما بلغ الشيخ جدعان بن مهيد ما حصل من سؤال الشمري في مجلس الشيخ عبدالكريم الجربا ، وعن هذه القصيدة الأخيرة التي قالها عند عبدالكريم الجربا ، أرسل الى محدى وفداً يدعونه ليرجع اليهم وأن له كل ما يطبه ، وأنه سيبقى عندهم معززاً مكرماً ، ولن يعصوا له أمراً ، ولا توجه اليه اهانة ، فاعتذر محدى من الشيخ عبدالكريم الجربا ، واستأذنه بالرحيل ، فسمح له بعد أن أنعم عليه وأكرمه ، ورجع الى الشيخ جدعان بن مهيد شاكراً لعبدالكريم الجربا فضائله وكرمه وأخلاقه ، وبقي عند جدعان زمناً طويلاً مكرماً الى أن تذكر بلاده نجد وحن اليها ، واشتاق أن يحج لبيت الله العتيق ، ويزور مسجد نبيه الكريم ، فاستأذن من الشيخ جدعان ورحل من بلادهم الى بلاد نجد مع قبيلته آل فضيل ، ورجع الى موطنه ومسقط رأسه نجد العزيزه ، وحج بيت الله وزار مسجد نبيه بعد أن قال هذه الأبيات :




يالله ياللي مـا دخيلـك يضامـي
ياللي عفيت وحل لطفك على أيوب


أطلبك يا محيي هشيـم العظامـي
والي ولا غيرك ولـي ومطلـوب


يالله تجمـع شملـنـا بالتمـامـي
يا عاقل يوسف على أبوه يعقـوب


بجاه من صلى لوجهك وصامـي
تفتح لنا من باب لطفك لنـا بـوب


وبجاه من لبى ولبـس الحرامـي
ورقى على الجبل قاضي النـوب


يا عالمٍ باللي خفى مـن كلامـي
تبهج فواد اللي على البيت منعوب


يالله يـا مسقـي كبـود ظوامـي
من مي زمزم نافل كل مشـروب


هيا ودنوا لـي ركـابٍ همامـي
نبي نزور اللي على القلب محبوب


نبينـا نضفـي عليـه السلامـي
وحنا علينا الحج فرضٍ ومكتـوب





هذه ترجمة محدى بن فيصل الهبداني أستقيتها من الطاعنين بالسن من رجال قبيلة عنزة وغيرهم كم بها من جوانب عامره وفضائل معجبة .
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:36 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:21 PM   رقم المشاركة :[18]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







خلف الأذن



نسبه – فروسيته – شعره – الوضيحي مع خلف وشعره في ذلك – الشاعر بن قويفل – خلف الأذن مع مشائخ قومه آل شعلان – حروب قبيلته مع أبن مهيد – قتل تركي بن مهيد – أبن مهيد من أبرز الشخصيات وأكرمها – الشعر في مقتل بن مهيد – أسر محدى الهبداني – شعر في ذلك – قتل مشائخ بني صخر – فهد بن جزاع وعداوته لخلف الأذن – قصة جواد خلف – خلافه مع النوري – شعره في ذلك – وفادته على سعود بن رشيد – قصته مع زامل وشعره في ذلك – قتله من قبل غزاة من شمر – لجوء أبن عدلان من شمر الى خلف وأكرامه له وهو مقطوع الأيدي – اغارة آل زيد من آل شعلان قبيلة خلف على التومان من شمر وقتلهم فيصل بن سند الربع زعيم التومان ........ الخ .

هو الفارس الصنديد والشاعر المجيد ، خلف الزيد الأذن الشعلان من عائلة آل شعلان الكبيرة رؤساء قبيلة الرولة المشهوره من عنزة ، هذه العائلة تنقسم الى أربعة أفخاذ ، آل نايف والرئاسة متسلسله فيهم الى الآن ، وآل مشهور وآل مجول وآل زيد الذين منهم خلف الأذن ، وعائلة الشعلان مشهوره بين القبائل وقد برز منهم عدد من الأبطال كانوا مضرباً للامثال بالشجاعة ، وقد قال شاعر شمر بصري الوضيحي متحدياً معرضاً هذه الأبيات وذكر فيها مجولاً والدريعي ، مجول جد آل مدول ، والدريعي جد آل مشهور ، والأبيات كما يلي :




أبا أتمنـى كـان هـي بالتمانـي
صفرا صهاة اللون قبـا طليعـي


وسروال تومان ومثل الشطانـي
ومصقلٍ مثل الثغب لـه لميعـي


أبي ليا لحق الطلب لـه غوانـي
والخيل معها مجـول والدريعـي


أردها وان كـان ربـي هدانـي
من المعرقة ياتي على الخد ريعي


أردها لعيـون صافـي الثمانـي
بيض النحور مهلكات الرضيعي


قدام شمر مثل زمـل الصخانـي
اللي يخلون المخالـف يطيعـي






وقد قدر للوضيحي أن يغزو مع بنيه الجربا شيخ شمر على الرولة من عنزة ، قبيلة آل شعلان التي منها مجول والدريعي ، فقد أغار (بنيه ) هو وفرسانه على أبل الرولة وأخذوها ، ولحقهم الدريعي ومجول كما تمنى الشاعر بصري الوضيحي ، ومعهم فرسان من قبيلة الرولة ليخلصوا الأبل من شمر ، ففكوا الأبل وراحوا يطاردون الجربا وفرسان شمر وقد حمي الوطيس بينهم ، ويقال أن الدريعي بن شعلان ضرب فارساً من فرسان شمر بالسيف وطار رأسه من على منكبيه وعندما رآه بصري الوضيحي دهش من هول الضربة ، فولى هارباً وترك قومه ، وقد دافع فرسان شمر دفاعاً بطولياً وتخلصوا من فرسان الشعلان ، وعندما وصل ( بنيه ) الجربا مضارب عشيرته ، كان غاضباً على بصري الوضيحي لما رآه من جبنه وفراره ، فدعاه ليحقق معه وليؤنبه على فراره ، وعندما سأله أجاب الوضيحي بهذين البيتين على بحر وقافية الأبيات
التي قبلها :


أنا بلاية لا بسيـن القطانـي
اللي يخلون المخالف يطيعي


من فوق قب مكرمات سماني
يشدن شياهين تخطف مريعي






وبعد أن سمع كلامه ، حكم عليه أن يغسل جواده بالصابون ثلاث مرات بين فرسان شمر ، ليطهر جسمها ، لأنه لا بستحق ركوبها ، وكانت هذه الفرس من الخيل الخاصة ( لبنيه ) الجربا ، ثم قال فيهم أحد شعراء شمر المسمى أبن قويفل :




يا مزنـة غـرا تقافـي رعدهـا
تمطر على دار الدريعي ونايـف


خله على الوديان تذهـب ولدهـا
بديار مكدين المهـار العسايـف


تملا الخباري للدريعـي بردهـا
بقطعان عجلات على الما زهايف


يا ذيب يا شاكٍ من الجوع عدهـا
كان أنت لرماح الشعالين ضايف


تلقى العشا صفراً صخيفٍ جسدها
من كف ستر معطرات العطايف


وكم سابقٍ بالكف عاقوا جهدهـا
مضرابها بالجوف ما هو مسايف


من كف شغموم ورد من هددهـا
أو شايبٍ شيبه من الخيل هايـف


كم قالةٍ قفـوا بهـا مـا بعدهـا
راح يتولاهـا الدريعـي ونايـف


حالوا وراها ودونها هـم لددهـا
وقد عوضوا طلابها بالحسايـف


تنشبـت محـدٍ يحلـل عقـدهـا
ومن دونها يروون بيض الرهايف






ثم قال فيهم أبن قويفل أيضاً هذه القصيدة وذكرهم جميعاً :




اللي يكفون الشـوارب بالأيمـان
هبيت يـا حـظٍ تنحيـت عنهـم


أقفيت عن ربعك عيال أبن شعلان
اللي كما شـل الروايـا طعنهـم


مـا ينتخـون الا بعليـا وعليـان
وأن حل ضرب مخلصٍ جيز منهم


لباسـةٍ عنـد المظاهيـر شيـلان
صديق عينك ما يطيـح بحضنهـم


نزل الخلا ما هم فراقين سكسـان
ما سقسقو للعنـز تتبـع ظعنهـم


قطعانهم وان شرقت تقل غـزلانوان
غربت مثل البرد هاك عنهـم


القلب ما ينسى طويليـن الأيمـان
اللي يقزون العدو عـن وطنهـم






وقد قيل في آل شعلان أشعار كثيرة ، ولهم تاريخ حافل بالبطولات والكرم الفياض .
ونرجع الى الشيخ خلف الأذن ، فالمذكور عاصر ثلاثة من أبناء عمه آل نايف الذين فيهم الرئاسة وهم سطام الحمد ، وفهد الهزاع ، والنوري الهزاع ، وقبل هؤلاء المشايخ وفي مطلع شبابه كان قد ادرك آخر حياة الشيخ فيصل بن نائف الشعلان شيخ قبيلة الرولة ، وغزا معه مرة واحدة ، قتل فيها الشيخ العواجي ، وكان هؤلاء المشايخ لم ينسجم معهم خلف الاذن ، ودائماً والخلافات قائمة بينهم ، والسبب لذلك هو شخصية خلف الفذة وطموحه وشجاعته ، فأبناء عمه الرؤساء يأمرون احياناً بأوامر لايستسيغها ويرفضها ، ولذلك فهم يحقدون عليه وليس باستطاعتهم ان ينفذوا أوامرهم عليه بالقوة ، لانه لايمكن ان يتجرأ عليه احد ، ثابت الجنان ، وشجاع فذ ، وصارم فتاك ويلتف حوله ابناء عمه آل زيد ، وكلهم ابطال ، ومن ناحية اخرى فهم يحترمونه لهذه الخصال التي ذكرناها ويذخرونه للملمات ، لانه برز بشجاعته وتفوق بفروسيته ، وجندل من اعدائه عدداً كبيراً ، وكان لا يقتل إلا الفارس الذي له شهرة وقد قتل عدداً من شيوخ القبائل وسوف نأتي بذكرهم ، وبعد أن قتل هؤلاء المشائخ سميي بأبي الشيوخ ، أي قاتل الشيوخ ، ولازال معروفاً بنجد بهذا الاسم ، فإذا قيل الشيخ خلف الأذن ، أضافوا إليه أبا الشيوخ .
وفي عهد مشيخة سطام بن شعلان أغار الشيخ تركي بن مهيد شيخ قبيلة الفدعان ، على إبل عائلة الزيد الشعلان ، وهم غائبون عنها ، وأخذ أبلاً كثيرة منهم ، ومن ضمنها ، إبل ابن عم خلف الأذن ، المسمى ( عرسان أبو جذلة ) آل زيد ، وهذه الإبل مشهورة بنجد ، وتسمى ( العلي ) وألوانها وضح أي بيض ، وقد تأثر عموم الشعلان لهذا الأمر، إلا أن الشيخ سطام بن شعلان رئيسهم يعارضهم بذلك ، لأنه مصاهر للشيخ تركي بن مهيد ، زوجته تركيه أخت الشيخ تركي بن مهيد ، ولا يحب أن يقع بينه وبين أصهاره خلاف ، ويود أن يفاوض تركي بن مهيد ويحل القضية حلاً سلمياً ، ولكن تركي بن مهيد رفض كل عرض عرضه سطام الشعلان ، وتأزمت القضية وأصر خلف الأذن وأبن عمه عرسان أبو جدله وبقية آل زيد على أن يأخذوا ثأرهم من أبن مهيد بالقوة ، وأخيراً أنضم إليهم عموم آل شعلان ، وأنضم إليهم عموم مشائخ الرولة ، وقد تحير في الأمر الشيخ سطام ، لأنه يكره أن يهاجم صهره الشيخ تركي بن مهيد ، بصفته هو رئيسهم ، وإن لم يعمل بذلك فليطلبوا من النوري بن شعلان أن يقودهم لمهاجمة تركي بن مهيد وأخذ الثأر منه ، وأسترجاع الأبل منه ، ولابد من تنفيذ أحد الأمرين .. وعندما أتوا الشيخ سطام وعرضوا عليه ماقرروه ، وعرف أن الأمر جد ، وكان الشيخ سطام من أدهى الرجال وأذكاهم ، ومن أحذرهم وأحذقهم وكان مخفياً لأسراره ، وقد قال به أبن عمه محمد بن مهلهل بن شعلان قصيدة هذا بيت منها :



يمشي مع الضاحي ويخفي مواطيه
ويكمى السحابه وأنت توحي رعدها






يعد أن لاحظ تصميم عموم آل شعلان أبناء عمه قرر أن يكون معهم ، وأن يكون زحفهم الصباح ، وكان بن مهيد على مقربة منهم ، وأرسل شخصاً بصفة سريه لينذر أبن مهيد ، ولكن ابن مهيد عندما وصل إليه الرسول وأخبره بكلام صهره سطام قال له أرجع إلى سطام وأخبره بأنني لست ممن يقعقع له بالشنان ... فلن أبرح مكاني هذا حتى أردهم خاسرين ، وكان شجاعاً ومقداماً ، وقد سبق السيف العذل ، وحصل الهجوم الكبير من قبائل الرولة ، وظهرت كراديس الخيل ، وفي مقدمتهم فرسان آل شعلان ، وأولهم النوري الهزاع ، وخلف الأذن أبا الشيوخ ، وحصلت المعركة وحمي الوطيس ، وكان تركي بن مهيد لابساً درعاً وخوذة ، وقد وقف بالميدان موقف الأبطال ، وعجز الفرسان أن يتغلبوا عليه ، وقد أختار خلف الأذن تلاً عالياً ووقف عليه ، على صهوة جواده المسماة ( خلفة ) ولم يشترك بالمعركة إلا بعد أن لاحظ عجز الفرسان عن التغلب على تركي بن مهيد ، عندها أنقض عليه واختطفه من فوق جواده وترجل به على الأرض وضربه بسيفه ( شامان ) على أنفه ، إلى أن طار أنفه ، وتركه وراح يطارد بقية الفرسان ، بعد أن قال لمن حوله من فرسان قبيلة الرولة : إن هذا تركي بن مهيد ، وقصده من ذلك أن يقتله من كان حاقداً عليه ، وقد تداعى عليه فرسان الرولة وقتلوه وكان خسارة كبرى على قبيلة الفدعان ، وهو من أشجع الرجال ، وكان يضرب به المثل بالكرم الحاتمي ، ويسمونه ( مصوت بالعشا ) ، أي أنه بعد المغرب يأمر أحد رجاله فيعلو مرتفعاً من حوله ثم يرفع صوته منادياً من كان يريد العشا فليتفضل ، هذه من خصال المرحوم الشيخ تركي بن مهيد ، وبعد أنتصار الشعلان وقتلهم أبن مهيد وأخذهم جميع أمواله ، وأموال قبيلة الفدعان ، وسترجاع الإبل ( العلي ) إبل
( عرسان أبو جذلة ) أبن عم خلف الأذن قال خلف هذه القصيدة ، مفاخراً بها ، وملمحاً بها عن الموقف :




حنا عصينا شيخنـا مـن جهلنـا
الشيـخ شيـال الحمـول الثقيلـه


وارخص غلاهم واشتري به زعلنا
الله يمهـل بـه سنيـن طويـلـه


وأنا أحمد الله طـار عنـا فشلنـا
جعل مصبه فـوق راس الغليلـه


إن قدم المركـب وعنـده حقلنـا
كم راس شيخٍ عن كتوفـه نشيلـه


هذي فعول جدودنـا هـم وأهلنـا
بالسيـف نقـدي تايهيـن الدليلـه


ما ننعشق للبيض لـو مـا فعلنـا
ولا تلكـد بعقوبنـا كـل أصيلـه






وعندما علم محدى الهبداني الشاعر المشهور بمقتل الشيخ تركي بن مهيد ، وكان محدى من أصدقاء والد تركي الشيخ جدعان ، قال هذه القصيدة يتوعد خلف الأذن بأخذ الثأر :




يـا خلـف الآذان بالـك تغبـا
يذكر لنا عندك قعـودٍ جلابـه


بالحرب عندي لك حمولٍ تعبـا
وبيني وبينك يالرويلي طلابـه


إن ما خذينا الثـار وإلا نهبـا
ويبقى علينا عقب تركي جنابـه


نصبر ولا بـد الهبايـب تهبـا
ونجيك فوق القحص مثل الذيابه


نريد ثار اللـي ببطنـك مسبـا
شيخ الشيوخ اللي عزيزٍ جنابه






فأجابه خلف الأذن بهذه القصيدة :




كان أنت يا محدى لعلمـي تنبـا
عيبٍ على اللي ما يثمن جوابـه


أنشد وتلقاني علـى سـرج قبـا
مع سربـة الآذان والا الشيابـه


قب لعصمين الشـوارب تربـى
يا ما غدا بظهورهن من طلابـه


كم شيخ قومٍ مـن طعنـا تكبـا
وعدونا سـم الأفاعـي شرابـه


أشبع عيالك جعـل قلبـك يهبـا
شاعر نور تلعب على أبو عتابه


لو أنت من حصن الرمك ما تشبا
من عذرة الساجور واللي ربابه






ومن الصدف الغريبة أن محدى الهبداني غزا قبيلة الروله مع غزية من قبيلة الفدعان ، وهاجموهم وأخذوا منهم عدداً من الإبل ، وهبت قبيلة الروله لتخليص أبلهم ، وفعلاً هزموا قبيلة الفدعان المغيرين ، وخلصوا ابلهم ، وأسروا عدداً من فرسان الفدعان ، ومن بين المأسورين
( محدى الهبداني ) ، أسره أحد فرسان الروله ، وأخذ جواده منه ، وكان محدى الهبداني صديقاً للشيخ محمد بن سمير شيخ قبيلة ( ولد علي ) من عنزة ، وبعد أن علم بذلك خلف الأذن أرسل إلى محمد بن سمير هذه القصيدة :




يا راكبين أكوار حيـلٍ عراميـس
يقطعن ميد مساهمـات الحزومـي


حيلٍ تـذب أكوارهـا بالنسانيـس
ياحلو مرواح الضحا عقب نومـي


إن روحن مثل الحمام المماريـس
ركابهن مـا يستضـف الهدومـي


صبح أربع في غيبة الجن وابليـس
يلفـن لبيـوت الرفاقـه لزومـي


يلفن محمد زبن خيـل المراويـس
الوايلي زبن الحصـان العزومـي


قل له ترى حنا خذينـا النواميـس
بسعود مولانـا قـوي العزومـي


وتجارتك يا شيخ ضاعت من الكيس
تفرقـت لمقطعـيـن الخـرومـي


وراحن عليمات الهبيـدي بسابيـس
خلوه بقياع الشجـر تقـل بومـي


كيف الوهم يرمي عرود القرانيـس
ما به صواب وعاجـزٍ لا يقومـي


عاقوه ربـعٍ يبعـدون المناطيـس
أهل المهار منزحيـن الخصومـي


وان جا نهارٍ فيه جـدع الملابيـس
يابنت عن مثله هاك اليوم شومـي




__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:46 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:21 PM   رقم المشاركة :[19]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







وحيث أن الخلاف بين خلف الأذن والشيخ سطام بن شعلان لا زال قائماً ، وبالرغم مما بينهم من جفوه ، فعندما حصل بين الشيخ سطام بن شعلان وبين مشائخ بني صخر خصام أدى إلى أن زحف عليهم سطام بقبائل الرولة من الأراضي السورية ، وكان مشائخ بني صخر مع قبائلهم بأراضي البلقا ، والسبب لذلك أن آل فايز رؤساء بني صخر أخذوا إبل النيص عبد أبن شعلان بطريق الغدر ، ومشائخ بني صخر كانوا أعداء ألداء للشيخ خلف الأذن ، فقد أعجبه تصميم أبن عمه سطام على زحفه على بني صخر ، وكان به شئ من تحقيق رغبته وقد حصلت المعركة بين آل شعلان وبني صخر وهزم بني صخر وشردوا عن بلادهم ، وبعضهم هرب إلى جهات الغور وفي هذه المعركة قتل خلف الأذن عدداً من مشائخ بني صخر ، ومن المعروفين منهم الشيخ طه ، والشيخ مناور ، والشيخ سطعان ، وقد قال خلف الأذن بهذه المعركة قصيدتين ، الأولى أثنى على الشيخ سطام بن شعلان ، رغم ما بينهما من الجفوة ، ولكنه كان راضياً عنه ، لأنه شفى غليله من أعدائه آل فايز وآل زبن رؤساء بني صخر ، وهذه القصيدة الأولى :




عيا الفهد ما كل الأشـوار طاعـه
قصَار من شارب خصيمه ليـا زاد


من صافي البالـود فيـه القطاعـه
مفراص بولاد الدول هم والأكـراد


علمـان زاع وسمَـح الله ذراعـه
قواطر يهز الريش من غيـر قـواد


بين الفدين وبيـن بصـري مزاعـه
غصبِ على شبلي وعسمٍ على طراد


نبي نـدور اعويـس راع البياعـه
إن جو من الكروه على الملح مـداد


يا عويس لك عندي بالأيـام ساعـه
يوم يعيـف سابقـك كـل الأفـواد


اللي نحر حـوران حـط الرتاعـه
واللي تقلع من ورا الهيش من غـاد


أبا الظهور اللـي يحفـظ الوداعـه
مثل صباح ارميح والطرش ما قـاد


سرنا علـى نـزلٍ تلافـح رباعـه
للطـرش قهـار وللـلـم جــلاد


باولاد عـم كـل أبوهـم جماعـه
عاداتهم بالكون ضكـات الأضـداد


كم سابـقٍ جتنـا بالأيـادي قلاعـه
وكم راس شيخ طاح بسيوف الأولاد


وقطعانهم صارت لربعـي طماعـه
وقمنا نعـزَل بيننـا شقـح الأذواد






أما القصيدة الأخرى فقد ذكر فيها مقتل الشيوخ من بني صخر ، وقال : إنكم يابني صخر شجعان وكرماء ولكنكم تمتازون ( بالبوق ) والغدر والخيانة ، وهذه صفات غير محموده بين العرب ، ثم قال : إن جديكم فرج وأسعد عثر حظهم وما فادوكم رغم أنكم تتباركون بهم ، وهاهم شيوخكم قتلى على الأرض ، ولم ينجدكم أجدادكم ، وهو يقصد من ذلك أن بني صخر كانوا يعقرون العقائر على قبور أجدادهم ومنهم فرج وأسعد ، ويتباركون بهما ، ويدعونهما بالملمات أن يفرجوا كربهم ، ويستنصرون بهم على أعدائهم ، وهذا شرك ولا شك فالمعين هو الله سبحانه وتعالى ، وهذه هي القصيدة :




يا رميح لولا البوق ما أنتم ردييـن
بذبـح العديـم وصبكـم للأدامـي


يا رميح وضح النيص ما عقبن شين
هنف الخشوم ونابيـات السنامـي


بنيت بيوت الحرب حـد اللبابيـن
وشقح تنـازي بالمشاتـي مظامـي


وثار الدخن ما بين كـل القبيليـن
بمزربط يكسـر متيـن العظامـي


وجبنا حلي الريش زين على زيـن
وبنت الشيوخ يصدغه بالخزامـي


وطه ومناور والشيـوخ المسميـن
ذباحهم مـا هـو بحـال الأثامـي


ياذيب صوت للنسـور المجيعيـن
أرع الشيوخ مجدعـه بالكزامـي


وفرج مع أسعد لا يعوهم شياطيـن
ويا رميح حظ أجدودكم بانخدامـي


جوكم هل ( العليا ) عيال الشعالين
فوق المهـار مثـورات العسامـي


ياما فجوا غـرات بـدوٍ عزيزيـن
وياما وقع بنحورهم مـن غلامـي


على طراد الضد يا رميح قاسيـن
ومكلليـن سيوفـهـم بالهـوامـي


دجنا بوسط دياركـم يـا مساكيـن
ومنـا تقلدتـم قلـوب النعـامـي


تقلعـوا للغـور يـم العـداويـن
وعيونكم مـن همنـا مـا تنامـي






وبعد هذا لم يترك شيوخ بني صخر خلف الأذن ، بل أخذوا يتربصون به لعلهم يأخذون ثأرهم منه لأنه ذبح عدداً من شيوخهم ، وكان من عادة الشعلان إذا رحلوا من نجد الى الأراضي السورية لا يمشون مجتمعين بل كل عائلة منهم يكون معهم قسم من قبيلة الرولة ، وكان من عاداتهم أن أول من يتقدم بالمسيرة هم عائلة آل مجول ومعهم قسم من الرولة ، ثم عائلة آل المشهور ومعهم قسم منهم ، ثم عائلة آل نايف الرؤساء ومعهم قسم منهم ، ثم عائلة آل زيد ومعهم قسم منهم وهذه عائلة خلف الأذن ، وكان شيوخ بني صخر بقيادة الشيخ طراد بن زبن قد فهموا عنهم هذه الطريقة في المسير فكمنوا في موقع قرب آبار ميقوع ، المنهل المعروف في وادي السرحان لأخذ الثأر من خلف ألأذن ، وقد أستنجد طراد بن زبن بفرسان قبيلة السردية ، بقيادة الشيخ الجنق ، ومعه الشيخ شلاش بن فايز ، وشلاش المذكور شجاع مقدام ويسمى الضمان أي أنه يضمن إبل قبيلة بني صخر من الأعداء ، إذا كان حاضراً عندها ، وعندما قرب خلف الأذن من الماء المذكور في طريقهم إلى سورية سبقتهم الأبل لتشرب وكان الشيخ خلف على أثرها بالظعينة ، ومعه أبناء عمه آل زيد ومن معهم من قبيلة الرولة ، وكان كل واحد منهم على هجينة مستجنباً جواده آمنين وهم يتقدمون الظعائن ، وقد مروا على نسر قشعم نازل الأرض وعندما قربوا منه راح يمشي على رجليه عاجزاً عن الطيران من شدة الجوع ، فألتفت إليه خلف الأذن وقال : كم أتمنى لو يكون معركة قرب هذا النسر العاجز عن الطيران من الجوع ليعتاش من القتلى ليطير فضحك رفاقه ، وبعد مضي دقائق من كلامه أشرفوا على آبار ميقوع ، وإذا بالخيل قد أخذت إبلهم وحالت بينهم وبين الإبل فنزلوا عن هجنهم وراحوا يلبسون دروعهم وركبوا خيلهم ، وأغاروا على الفرسان الذين أخذوا إبلهم وتبين لهم أنهم من بني صخر وآل سردية غرمائهم المشهورين ، وقد حمي الوطيس ، ودارت رحى المعركة بضراوة، وكان يوماً عبوساً ، وبعد عناء طويل خلص الشعلان إبلهم من العدو ، وراحوا يطاردونهم ، إلى أن قتل خلف الأذن الشيخ شلاش ، ثم قتل الشيخ الجنق أما الشيخ طراد فقد نجا لأن جواده كان سريعاً جداً فلاذ بالفرار ، وعجز الشعلان عن اللحاق به ، وقد غنموا خيولاً كثيرة ، وقد أنتصروا أنتصاراً رائعاً على بني صخر وأعوانهم ثم قال خلف الأذن هذه القصيدة بعد أنتصارهم :




الله يكـون جـرى عـنـد ميـقـوع
كونٍ ينشـر بـه غيـارات واقمـاش


يوم التهينـا نلبـس الجـوخ ودروع
واعرض لنا الطابور من دون الادباش


المنـع يـا ركابـة الخيـل مرقـوع
من نيش باطراف المزاريج ما عـاش


كم راس شيخ مـن تراقيـه مشلـوع
وأول سعدنا وطية الحمـر لشـلاش


والجنق أخذ من رايب الدم قرطـوع
من عقب شربه للقهاوي على فـراش


خللي عشاً لمهرفل الذيـب مجـدوع
والضبعه العرجا تدور بـه عـراش


والشايب اللي قفونا يشكـي الجـوع
لو هو حضرنا نفض الريش وعتـاش


زيزومهم عقب الصعاله غـدا طـوع
عقب الهدير أستثفر الذيـل ونحـاش


وأنا على اللي تكسر الذيـل مرفـوع
تشوش وان سمعت مع الخيل شوباش




لقد تحققت أمنية الشيخ خلف الأذن حينما تمنى أن تقع معركة حتى يأكل النسر القشعم ، وفعلاً سقطت الضحايا على الأرض وما أكثرها ومن بينها الشيوخ .
أما الشيخ طراد بن زبن فهو لم ييأس من أخذ الثار ، وقد تابع عدوانه على قبيلة الرولة ، ويقال أنه غزا وهاجم الرولة في أرض الحماد ، بالقرب من حرة عمود الحماد التي تقع شرقاً من وادي لسرحان ، وصادف أن غارته في صباح أحد الأعياد وقد هزمه الرولة وأثناء رجوعه صادفه النوري بن شعلان وخلف الأذن ومعهم عدداً من الفرسان فطاردوه وقتلوا وأسروا قسماً كبيراً من الفرسان ، أما طراد فقد نجا في المعركة ، وقد قال خلف الأذن في هذه المناسبة هذه القصيدة :




يالله يالمطلوب يـا عـادل الصـاع
إن كـان عنـدك للأجاويـد ثـابـه


أنك تمشينـا علـى درب الأسنـاع
ياللي لداع الخيـر مـا صـك بابـه


الضرس يعباله عن السهـر مقـلاع
حتى تنام العيـن مـا هـي طلابـه


يا طراد حلوا بك مواريـث هـزاع
عايـدت قـومٍ وعايـدوك الشيابـه


صغيرهم لو هو على الديد رضـاع
سنـه شطيـر يكسـر العظـم نابـه


يا طراد راحت بك طويلات الأبواع
والشيب حل بسربتـك والتهـى بـه


وردوا هل العليا كما ورد الأقطـاع
علـى غديـرٍ مـا كفاهـم شرابـه


ذيب المحيضر مخصب عقب ما جاع
مكيـف يلعـب علـى أبـو عتابـه


يبون جـل بكارنـا شقـح الأقطـاع
وشرهوا على هاك البيوت المهابـه


وصحنا عليهم صيحةٍ تبري الأوجاع
وصارت قلايعهـم بالأيـدي نهابـه


وطراد عقب سيوفنا صـار مطـواع
ضاعت عزومه عقب هاك الصعابـه


ياما عملنا الطيب لا شك بـه ضـاع
ماشٍ علـى درب الـردا والخيابـه






وأردف خلف الأذن قائلاً هذه القصيدة :




حرً شلع من راس عال الطويلات
للصيدة اللي حط خمسـه وراهـا


غز المخالب بالثنـادي السمينـات
وتل القلـوب وبالضمايـر فراهـا


يلعن أبو هاك الوجيـه الرديـات
أبرد من الزرقا على صقع ماهـا


وفنخور أبو جبهه كبير المطيرات
رجلٍ قطع مـن شقتـه واكتساهـا


بايع منيعـه بالثمـن للحويطـات
من العيب وافر لحيته مـا حماهـا


وابن جريد مـن هـل المقعديـات
ما حاشت الصفحه لعيـنٍ ثواخـا


يا طراد ما عيت ذود النصيـرات
عيت سواعد لحيتك مـن رداهـا


أجيك باللي يدركـون الجمـالات
ربـعٍ معاديهـم طـوالٍ خطاهـا


إلـى تنـادوا بينهـم بالمثـارات
كم قالـةٍ وقفـوا علـى منتهاهـا


شعلان فاجوكم على الخيل عجلات
فوق المهار اللي تساعـل حذاهـا






وبعد هذه المعركة لم تقم لطراد وجماعته قائمة ، خاصه مع قبائل الرولة .
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 03:50 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:21 PM   رقم المشاركة :[20]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







وبهذه الفترة تولى الشيخ فهد الهزاع شقيق النوري ، بعد أن توفى الشيخ سطام بن شعلان ، وورث كراهية خلف الأذن عن سطام ، وقد حصل خلاف بين خلف الأذن وجماعة من الرولة ، أستفحل إلى أن قتل خلف أثنين منهم ، ولم يستطع غرماؤه أن يتجرأوا عليه ، ويأخذوا ثأرهم منه عجزوا عن ذلك ، وأخيراً توسط الشيخ فهد الهزاع على أن خلف يدفع دية لأقارب المقتولين ، وأشترط أن يدفع على الديه جواده ( خلفه ) وقبل خلف أن يدفع ديتين ، ولكنه رفض أن يدفع فرسه ( خلفه ) ولاحظ خلف من أبن عمه فهد ميلاً مع غرمائه ، وأنه لم يشترط دفع الفرس إلا ليأخذها لنفسه ، عندما حصل ذلك وهم بالأراضي السورية أمر خلف جماعته آل زيد بأن يرحلوا لنجد ، وبعد أن تحرك ظعنهم من سورية إلى نجد ركب جواده ( خلفه ) بعد أن لبس لباس الحرب وجاء إلى بيت الشيخ فهد الهزاع وكان فهد جالساً في مجلسه ، فوقف على جواده أمام البيت ، وأرتجل هذه الأبيات موجهها إلى الحارس المقرب للشيخ وهو ( أبو دامان ) وقال :


البدو عنا شرقـوا يابـو دامـان
وكل من النقرة تقضـى حوالـه


إن جيت ملعون الكديد أبن جدلان
إن ما رضي والله فلاني بحالـه


أدخل على الله يوم مكنونها بـان
ورزقي على اللي سامكات جباله


مانيب أنا ولد الحدب وابن ضبان
اللي يتالونه علـى شـان مالـه


ربعي هل العليا طويلين الأيمـان
أهل النقا والطيب إن جا مجالـه


معهم بني عمي عيال أبن شعلان
ياما كلوا من عيـن قالـة وقالـه


فهود الزراج ليا غشى الجو دخان
إن ضيعت وضح العشاير عيالـه


(خلفه) معديها مع أولاد جمعـان
اللي يعرفـون الثنـا والجمالـه


باغ عليها يوم روغات الأذهـان
وكلٍ هفا به فعـل جـده وخالـه


ألكد عليها واجعل العمر ما كـان
والشيخ وأن شافن يصيبه جفالـه


أنا على (خلفه) وبالكف (شامان)
وكم راس شيخٍ عن تراقيه شالـه





قال هذه القصيدة غير مبالي بأحد ، ثم لحق بظعينته ، وقد سكت الشيخ فهد كأن شيئاً لم يكن .
هذه من نوادر خلف الأذن وما أكثرها ، وعندما عرف غرماء خلف أنه تجرأ على الشيخ بهذه القصيدة ،عرفوا أن الحق ليس بالسهل تحصيله من خلف ، أرسلوا له صاغرين وطلبوا منه أن يدفع دية رجالهم بالطريقه المتبعه بين قبائلهم وتنازلوا عن طلبهم للجواد ( خلفه ) .
وفي بعض الأيام مرضت جواده خلفه وأخذ مدة لم يستطع ركوبها ، فأنشد هذه الأبيات :




أنا برجوى الله ورجوى العبيـه
أنا على ركبه غشيشٍ رعا كبس


وبالكف من صنع الهنادي قضيه
عليه من دم المخالف تقل دبـس


أجي مع أول سربـةٍ مرعضيـه
واصير بنحور النشامى لهم حبس


قـدام ربـعٍ كـل ابوهـم دنيـه
الكد ملاكيدٍ لفارس بنـي عبـس


الله على يومٍ ضحـاه اعشويـه
عج السبايا في نهاره تقل قبـس


قلبـي عليهـم واردات دلـيـه
والكبد من ضيم الرفاقه بها يبس





ولابد للقارئ أن يلاحظ آخر بيت في القصيدة حيث يقول :



قلبـي عليهـم واردات دليـه
والكبد من ضيم الرفاقه بها يبس





فهو بذلك يشير إلى الشيخ فهد لأنه شعر بحيفه عليه ، ولذلك فهو يحس بالضيم منه ، لقد طالت الكراهيه والجفوه بين فهد الشعلان وأبن عمه خلف الأذن ، الى أن أخذ خلف يبتعد عن الشيخ فهد حتى تولى الشيخ النوري الشعلان رئاسة قبائل الرولة ، وأستمر الخلاف والكراهية بينه وبين خلف الأذن ، وعندما رأى خلف أن الشيخ النوري بن شعلان يبتعد عنه ولا يأخذ الرأي منه قال
هذه القصيدة :



يا شيخ يا شيخ الشيوخ أبن شعلان
عندك صليب الراي ما تستشيـره


خمسين سيف ما يسـدن بشامـان
خلـه لعجـات السبايـا ذخـيـره


إنشد هل العادات ذربيـن الأيمـان
ويخبرك عني من يعرف السريـره


إن ثار عج الخيل في كـل ميـدان
تلقى علومي يابـن عمـي كبيـرة


أقلط على الفارس بروغات الأذهان
واخوض غبات البحور الخطيـرة


أشيل راسه من مزابيـر الأمتـان
ولا عاد يذكر كل شـره وخيـره


السيف يشهد لي ويشهد لي الـزان
ويشهد بفعلي من سكن بالجزيـره


ما يختفـي فعـلٍ تقفـاه برهـان
والعين مـا شافـت بليـا نظيـره


ربعي هل العليا اليـا ثـار دخـان
مثل الزمول اللي تقاصف هديـره


إن رددوا بالكـون عليـا وعليـان
حريبهم ترجـع علومـه صغيـره


ربعٍ على جرد الرمك شانهم شـان
ويرعون بحدود النمش كل ديـره





وقد تطور الخلاف حتى أن أحد أبناء خلف الأذن المسمى ذياباً أطلق النار على النوري بن شعلان والأسباب هي كما يلي :
أدعى الشيخ النوري أن خلف الأذن تعدى على شئ كان بوجهه ، وأخذ يطالب خلف الأذن بإرجاعه ، وخلف أصر على العصيان ، ثم جاء النوري ومعه جماعه على خيولهم جاء الى خلف وهو في بيته ، ولم يكن عنده أحد من أبنائه ، أو أبناء عمه ، وقد وصل إليه النوري بدون أن يشعر به ، وغير متأهب له ، فوقف النوري على جواده بالقرب من خلف ، وأخذ يوبخ خلفاً ويتهدده ، وكان أبنه منتحياً بعيداً عن البيت ، ولكنه عندما رأى الخيل واقفه بالقرب من بيت ابيه ، ولاحظ أن الرجال الذين على ظهورها لم يترجلوا وأنهم مسلحون فقد أرتاب منهم وجعل البيت بينه وبين أهل الخيل متقياً به ، وأسرع إلى أن دخل البيت من خلفه وتناول بندقيته ، وسمع توبيخ النوري لوالده ، وكان والده بغاية الحرج ، فظهر عليهم من البيت وعندما أبصره والده ناداه ناخياً له ، وقال : أذبح الرجال يا ذياب ، فأطلق النار على النوري مصوباً البندقية إلى جبينه ، ولكن الطلقة أصابت عقال النوري من فوق رأسه ، فولى النوري على جواده مسرعاً ، وأتبعه رفاقه ، ومر بخيل خلف الأذن وهن يرعن بعيداً عن البيت ، فأخذهن وذهب بهن ، وعندما أراد ذياب أن يلحق النوري مسلحاً قال له أبوه : لا تلحق النوري لأننا لا نحب مداماة أبناء عمنا ، ويمكن أن نسترجع الخيل بطريقة أسهل من هذه ، وعندما وصل النوري إلى بيته أرسل بعض خدامه بالخيل التي أخذها من خلف إلى خيوله لترتع معهن ، وكان ذياب بن خلف قد لاحظ ذلك عن بعد ، وعندما رأى خدم الشيخ النوري ذهبوا بالخيل تقدم قبلهم وأخذ لهم الطريق الذي يمكن أن يسلكوه هذا وهم لم يشعروا به ، وعندما قربوا منه رفع راسه إليهم وقال : هل تعرفونني ؟ قالوا : نعم أنت عمنا ذياب ، وكان مشهوراً بالشجاعة ، وبإصابة الهدف ، فقال لهم : أقسم بالله أن تنزلوا مع مؤخرة الخيل مرغمين وإذا حاول احداً منكم أن ينزل مع جنب جواده فسيلقى منيته ، فاعتمدوا أوامره ونزلوا مع مؤخرة الخيل وذهب بها لوالده خلف ، وبعد هذه المشكلة ابتعد خلف عن النوري ، وبقي أكثر من ثلاث سنين لم يرى النوري وقال هذه القصيدة :



البارحـه والعيـن عيـت تغفـي
عيت تـذوق النـوم لا واغليلـه


النار شبت ما لقت مـن يطفـي
أوجس على كبدي سواة المليلـه


تبينـت مـا عـاد فيهـا تخفـي
ومن ربعنا شفنـا بالأيـام عيلـه


خسران من يتبـع رفيـقٍ مقفـي
والقلب يجفل كل ما شاف ميلـه


ما ينفع الخايـف كثيـر التخفـي
واللي قسم للعبد لازم يجـي لـه


كـم سربـةٍ خليتهـا تستخـفـي
وأرويت عطشان السيوف الصقيله


وأقلط على اللي بين ربعه مشفي
والخيل من فعلي تزايـد جفيلـه


يالله لا تقطـع مـرادي بشـفـي
صفرا صهاة اللون تنهض شليلـه


ومحضرٍ صنع العجم مـا يعفـي
الراس من فوق المناكـب يشيلـه


ومزرجٍ يالقـرم يصلـح لكفـي
منقيه من سبع الكعوب الطويلـه


مع ربعـةٍ بالبيـت دايـم تهفـي
يجـوز للربـع النشامـى مقيلـه


ودلال ما عنهن سنا النـار كفـي
حميلهـن بالبيـت مثـل النثيلـه


وذودٍ مغاتير على الحوض صفي
بين الأباهـر خططوهـن بنيلـه


مع بنت عم ٍ أصلهـا مـا يهفـي
إن درهم المظهور فأنـا دخيلـه




__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 04:01 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-03-2012, 07:22 PM   رقم المشاركة :[21]
معلومات العضو
نائب المشرف العام

 

أحصائيات العضو
 

 نــجــم غير متصل

مزاجي  


عدد الأوسمة:

من مواضيعي
 


افتراضي رد: :::كتاب أبطال من الصحراء :::







وفي آواخر أيام خلف الأذن ذهب إلى الأمير سعود بن عبدالعزيز بن رشيد أمير حائل ليزوره ويتعرف عليه ، وكان سعود بن رشيد حديث سن ، وكل الأمور بحائل يديرها الأمير زامل بن سبهان المعروف ، وقد أكرم آل رشيد خلف الأذن الشعلان إكراماً جيداً ، وصدفه جاء شاعر من إحدى القبائل زائراً لأبن رشيد ، وعندما كان أبن رشيد في مجلسه وعنده زامل السبهان وكان خلف بين الجالسين وكان الشاعر الذي جاء لأبن رشيد أيضاً جالساً معهم وكان زامل السبهان هو كل شيئ لأبن رشيد وهو الذي يتكلم بالمجلس ، التفت زامل السبهان إلى خلف الأذن وقال : نحب أن تساجل هذا الشاعر لنعرف مقدرتك يابن شعلان بالشعر ؟ فغضب خلف الأذن ، واعتبر هذه إهانه له من زامل ، لأنه يرى نفسه أكبر من أن يساجل شاعراً في مجلس بن رشيد ، خاصه أن هذا الشاعر ليس بمستواه ، فقام من المجلس وأرسل هذه القصيدة لزامل يهجوه فيها ، ويطلب إحضار هجينه ليسافر إلى بلاده وقومه بالشمال ، وقد حاول أبن رشيد كثيراً أن يسترضي خلف ، ولكنه رفض وأصر ، والقصيدة كما يلي :




زامل ينشدني وأنا ويـن وينـيه
بيـت يـا هـرجٍ بليـا لباقـه


الشين شين وماكر الشين شينـي
عـدو جـد ولا بقلبـك صداقـه


الله يخونك كـان مـا تشتهينـي
لو تحكي لـي بالعلـوم الدقاقـه


غديت مثـل معايـد القريتينـي
لا جبت خير ولا تبعت الرفاقـه


أنا بلايـه مـن صديـقٍ بطينـي
بقعا تصفقني علـى غيـر فاقـه


فنجال طين ولا نت فنجال صيني
تبرك مباريك الجمل وانت ناقـه


إرخص لنا وارسل لسمحه تجين
ياعتـاق عبـدٍ مشتهيـن فراقـه






وبعد مدة غير طويله كان خلف الأذن نازلاً في أطراف الحره التي بين الحماد ووادي السرحان ، وكان نائماً في بيته هاجمهم غزاة من قبيلة شمر في منتصف الليل ، وقبل أن يعلموه أطلقوا عدداً من العيارات الناريه على خلف في فراشه داخل بيته فقتل هو وزوجته وهما نائمان ، وكان مريضاً وقد طعن بالسن .... وهكذا أنطوت صفحة ( أبا الشيوخ ) الفارس المغوار خلف الأذن ، وكان هذا في النصف الأول من القرن الرابع عشر ، وكان خلف الأذن رحمه الله مشهوراً بالكرم وحسن الضيافة ، وإكرام الجار ، وقد أثنى عليه الشيخ عجلان بن رمال الشمري بهذه القصيدة وبين فيها أن الجار خلف دائماً عزيز مكرم وهي كما يلي :


يا راكبٍ حمرا عليهـا الهتيمـي
حط القطيمي فـوق ساقـه وداره


حمرا تضيم الدو مـا تستضيمـي
تلقى العتاري حاشيـات عـذاره


مشتاه من عذفا إلى أم الصريمي
ومرباعهـا اللبـه تقطـف قـاره


تمشي من المركوز وقت الجهيمي
والظهر حط رعون كبـدٍ يسـاره


حمرا وكن ظلالها لـه جريمـي
تخطـف الثايـه بتالـي نهـاره


ملفاك صياد الشيـوخ العديمـي
إن ضيعت شقح العشاير حـواره


اللي قصيره كل يـومٍ حشيمـي
ما يقهر الرحلي إلى جا مـداره


والضيف عنده في جنان النعيمـي
يلقى الكرامه قبل يبـدي خبـاره


وإن صار بالمشتى ليال الصريمي
ذباح نابيـة القـرا مـن بكـاره


وعوق العديم ولا يهاب الغريمـي
كم فارسٍ اهفاه مـا وخـذ ثـاره


عيال الشيوخ منوخين الخصيمـي
يزين طبعه عقب هاك الصطـاره


وقبُ إلى جا الصبح جاله رهيمي
عليهن اللي يدمحـون السمـاره






وعائلة الزيد مشهوره بالكرم وإعزازهم لجارهم ، وقد ألتجأ عندهم شخص من شمر يقال أن أسمه أبن عدلان وهو مبتور اليدين ، ويقال أن الذي بترهما هو أحد حكام آل رشيد ، وبقي جاراً لهم فترة طويلة ، وكان مستجيراً بالشيخ خلف الأذن وأخويه ضامن وشاهر ، وقد أعزوه وأقسموا على أنفسهم أن يقوموا بإطعام جارهم بأيديهم ، وعندما يحضر الطعام لجارهم يأتون بملعقه ويناولونه طعامه ، ويشاركونه بأكله ، وقد أشار إليهم الشيخ عجلان بن رمال في قصيدته المذكوره أعلاه ، ومما يبدو لي أن نهاية حياة خلف الذن تشابه نهاية حياة الشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي والمكان الذي قتل به خلف قريب من الموقع الذي قتل به المتنبي وفي مقتلهما نوع من التشابه ، إلا أن خلف الأذن يمتاز بالشجاعة ، وحسبما فهمته من الرواة أن عدد المشايخ الذين قتلهم خلف الأذن بحومة الوغى كما يلي :

الشيخ ( تركي بن مهيد ) من الفدعان
الشيخ ( شلاش ) بن بخيت بن فايز من بني صخر
الشيخ ( الجنق ) شيخ قبيلة السرديه
الشيخ ( مناور ) من شيوخ بني صخر
الشيخ ( طه ) من شيوخ بني صخر
الشيخ ( سطعان ) بن زبن من شيوخ بني صخر
الشيخ ( دريبي ) من الزبن
وشيخ من آل هذال
والشيخ العواجي .

حيث قال أحد شعراء الرولة المسمى ( مغب الدريعي ) هذه القصيدة بالمعركة التي حصلت بين الشعلان والعواجي ( بنقرة الحيران ) وكان قائد الشعلان فيصل بن شعلان وبهذه المعركة قتل الشيخ خلف الأذن العواجي ، وهذه القصيدة :




حرٍ شلع يـوم البواشـق مخاميـر
عدل المناكب مسفهـل الحجاجـي


شهر من الوديان وأسند مع الشيـر
وفي نقرة الحيران صاد العواجـي


أيمن مكاسيبه وطا الجوف وصوير
وايسر مكاسيبـه وطـن النباجـي


بشرقي جبال غنيم جبنـا المغاتيـر
وضحٍ تلاعج كنهـا عظـم عاجـي


راجوا بروس الشلف مثل العصافبر
وعلى صنمهم محمل الخيل راجي


وادلى خلف فيهم كما يدلي الطيـر
وصاد العواجي في مثار العجاجي


راجت عليه معسكرات المساميـر
قـبً تعلوهـن فهـود الزراجـي






ومن أجل ذلك سمي بأبي الشيوخ .
ولم يترك آل زيد الشعلان أقارب خلف الأذن ثأرهم ، فعندما علموا أن التومان من شمر قتلوا خلفاً ذهبوا إلى الأمير نواف النوري الذي كان مضطلعاً بشؤون قبائل الرولة ، ويخلف والده بقيادة القبيلة ، ذهبوا إليه وطلبوا منه أن يقودهم إلى مهاجمة شمر ، لأخذ ثأر الشيخ خلف الأذن ، وفعلاً أجاب ندائهم وألتفت حوله قبائل الرولة وغزا من أراضي الحماد قاصداً مهاجمة شمر الذين يقطنون بالقرب من منهل الدويد المعروف ، وفعلاً أغار على قبائل شمر هناك وكان يرأسهم فيصل بن سند الربع من مشايخ قبيلة التومان من شمر ، وقد أخذ الشعلان إبلهم وقتل قريطان بن شاهر الزيد الذي هو أبن أخي خلف الأذن قتل فيصل بن سند الربع زعيم التومان وغنم جواده وأخذ إبله وكانت هي إبل والده من قبله سند الربع المعروف ، وبهذه المعركة شفى آل زيد غليلهم وثأروا للشيخ خلف الأذن .
هكذا حدثنا الرواة من الرولة ومن قبائل عنزة الأخرى ومن شمر عن حياة هذا البطل المغوار والشاعر المبدع .. وهكذا طويت صفحة مشرقة حيه من نماذج فرسان العرب المعلمين .
__DEFINE_LIKE_SHARE__




التعديل الأخير تم بواسطة : نــجــم بتاريخ 30-03-2012 الساعة 04:04 PM

توقيع : نــجــم
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
نــجــم غير متصل   رد مع اقتباس
رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT +4. الساعة الآن 04:19 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.