يا ظبي عودي ( فصحى )
فِيْ رَوْضَةٍ مَا سَقَاهَا مُزْنُهَا أَوْ بَرَقْ
إِلَّا وَأَجْيَادُ أَشْجَارٍ بِهَا تُخْتَنَقْ
ولَيْلَةٍ مَا حَكَى غَيْرُ النَّسِيْمِ بِهَا
ظَلْمَاءَ وَالنَّجْمُ يَلْتَمُّ بِكَفِّ الْأَرَقْ
بَاتَتْ عَصَافِيْرُهَا وَالدَّوْحُ يَحْلُوْ لَهَا
فِيْ الْعَرْجِ لَمَّا تَقَابَلْنَا جَنُوْبَ الْعِمَقْ
سَامَرْتُ ظَبْيًا بِهَا وَاسْتَوْحَشَتْ حِيْنَهَا
وَصَوْتُهَا يَسْرِقُ السَّمْعَ لَهَا وَاعْتَنَقْ
قَلْبًا خَلَا حُبُّهُ مِنْ قَبْلُ وَاسْتَوْطَنَتْ
دَارًا بِهَا الْبَابُ رُدَّ دُوْنَهَا وَانْغَلَقْ
وَضَاعَ مِفْتَاحُهُ وَالْقُفْلُ لَا يُنْزَعُ
إِلَّا إِذَا الرُّوْحُ لَاقَتْ رَبَّهَا فِيْ رَمَقْ
كَلَامُهَا دُرَّةٌ مِنْ دُرَّةٍ خِلْتُهَا
مِنْ بُعْدٍ السُّحْبَ فَوْقَ الْبَحْرِ وَقْتَ الشَّفَقْ
وَنَشْوَةُ الْخَمْرِ فُوْهَا أَذْهَبَ الْعَقْلَ حِيْ
نَمَا الْتَقَيْنَا وَسَلَّمْنَا وَلَمْ نَتَّفِقْ
وَالْخَدُّ وَالْأَنْفُ وَالْعَيْنَانِ فِيْ رَسْمِهَا
مَنْظُوْمَةُ الدُّرِّ فِيْ تَاجِ الْمُلُوْكِ الْتَصَقْ
مَا جَمَّلَ الرَّأْسَ إِلَّا جِيْدُهَا مِثْلَمَا
يُجَمِّلُ الْجِذْعُ نَخْلًا طَلْعُهُ يُسْتَبَقْ
وَكُلَّمَا بَانَ لِيْ مِنْ نَحْرِهَا فَجْأَةً
كَأَنَّمَا الصُّبْحُ مِنْ جَوْفِ الظَّلَامِ انْفَلَقْ
وَلِلنَّسِيْمِ عَلَى سُوْدِ الذَّوَائِبِ مَا
يَلُفُّ أَطْرَافَهَا كَمَا تُلَفُّ الْحِلَقْ
وَطَابَ لَيْلٌ كَبَرْقٍ لَاحَ فِيْ مُزْنَةٍ
وَأَشْرَقَتْ شَمْسُنَا وَوَدَّعَتْ فِيْ قَلَقْ
قَفَّتْ وَفِيْ نَفْسِهَا شَيْءٌ وَقُلْتُ لَهَا
لَمَّا اسْتَدَارَتْ أَيَا ظَبْيُ اسْمَعِيْ مَنْ عَشِقْ
لِلْبُعْدِ حَقٌّ عَلَيْنَا مَا صَبَرْنَا كَمَا
لِلْقُرْبِ فِيْ حَقِّ مَنْ تَهْوَاه يَا ظَبْيُ حَقْ
يَزْدَادُ شَوْقُ الْحَبِيْبَيْنِ إِذَا مَا تَبَا
عَدَا وَكُلٌّ عَلَى عَهْدِ الْوَفَاءِ سَبَقْ
يَا ظَبْيُ عُوْدِيْ لِهَذَا الرَّوْضِ فِيْ لَيْلَةٍ
ظَلْمَاءَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ عَلَّنَا نَغْتَبِقْ
هَزَّتْ لِيَ الرَّأْسَ لَا ، وَالشَّوْقُ فِيْ عَيْنِهَا
يُدَافِعُ الدَّمْعَ فِيْ أَجْفَانِهَا وَاخْتَنَقْ
وَدَّعْتُهَا وَعُيُوْنِي حَائِرٌ دَمْعُهَا
خَتْمٌ لِمِيْثَاقِ حُبٍّ قَبْلَمَا نَفْتَرِقْ