حديث لا يصح رغم اشتهاره و انتشاره :

(( من آذى ذمّياً فقد آذاني ))

فقد ذكر المُلَّا علي القاري في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة مجموعةً من الأحاديث الباطلة و قال:
و منها حديث: من أذى ذميا فقد أذاني .

و مع ذلك فقد وردت أحاديث صحيحة بهذا المعنى ،
منها ما رواه البخاري أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد
من مسيرة أربعين عاماً.

قد يلتبس على البعض بأنَّ حديث البخاري يتحدّث عن
المعاهدين و ليس عن أهل الذمّة ,, لذا فإنّه يقتضي التنبيه
أولاً على الفرق بين المعاهد و الذمّي و ما هو معنى المعاهد
في الأحاديث الشريفة؟

أمّا أهل الذمّة فهم غير المسلمين الذين بقوا على دينهم
في بلاد المسلمين مقابل دفع الجزية فاستحقّوا بذلك الذمّة
و العهد بحمايتهم و حفظ حقوقهم .

و أمّا أهل العهد فهم الذين صالحهم إمام المسلمين على
إنهاء الحرب مدَّة معلومة لمصلحة يراها.

و مع ذلك فإنَّ لفظ المعاهد يعني أهل الذمّة في أكثر الأحاديث
فيكون المعاهد بمعنى الذمّي .

قال ابن الأثير: المعاهد أكثر ما يُطلق في الحديث على أهل الذمة، وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب مدة ما.

إذن ,,,

حديث البخاري الذي يتوعّد به النبي صلّى الله عليه و سلّم من يعتدي على أهل العهد يُقصد به أهل الذمّة عموماً .

وبهذا الحديث الصحيح نستغني عن حديث _ من آذى ذمّياً فقد آذاني _ الضعيف ,, بل إنَّ الوعيد فيه أشدّ .

و نحن أُمرنا بالإحسان الآخرين و العدل معهم .

قال الله تعالى (( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من ديارهم أنْ تبرّوهم و تُقسِطوا إليهم إنَّ الله يحبّ المقسطين )) و في هذا المعنى آيات عديدة .

و الله تعالى أعلم و أحكم .

______ __DEFINE_LIKE_SHARE__