المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : :::كتاب أبطال من الصحراء :::


نــجــم
29-03-2012, 07:14 PM
( بســــــــــــم الله الرحــمــــــــــن الــــــرحـــيـــــــــــم )


الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم ,,,,,,,,, أما بعد
أخواني أداريين ومراقبين ومشرفين وأعضاء وزوار منتدى شبكة ويلان العربية ، يطيب لي أن أنقل لكم كتاب أبطال من الصحراء للشاعر المرحوم الامير محمد بن أحمد السديري ، على أجزاء متتاليه ، ليتمكن القارئ من الاطلاع عليه دون ملل ، وأوردناه كما جاء في الكتاب دون نقص أو زيادة أو تحريف وخلافه .

نبذه مختصرة عن الكتاب والمؤلف

الكتاب من الحجم المتوسط يحتوى على 251 صفحة طبع مرتين الطبعة الثانية كانت عام 1420هـ
وهو الذي بين أيدينا الآن .
يحتوى كتاب ابطال من الصحراء على الإهداء و مقدمة عن الكتاب ومؤلفه بقلم الأديب عبد الله بن خميس عام 1398هـ ،ومقدمة المؤلف ، ثم يتحدث عن سعدون العواجي وأبنائه عقاب وحجاب، وساجر الرفدي ، وشالح بن هدلان ، ومحدى الهبداني ، وخلف الأذن ، ثم الفهارس ، وإيضاح لبعض الكلمات العامية .
اما مؤلف الكتاب غنى عن التعريف فهو الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري رحمه الله .



اولأ : { سعدون العواجي }



الشيخ سعدون العواجي هو شيخ عموم قبيلة (ولد سليمان ) التي هي من أفخاذ قبيلة عنزه الكبيره ، له شأن بين قبائله ، ورئاسته لهذه القبيله عريقه، مطاعاَ بين افراد القبيله ، شجاعاَ ومشهوراَ بفروسيته، وشاعراَمجيداَ، اشعاره حماسيه....وكثيرة الفخر وكان محترماَ حتى عند أعدائه ، وله أبناء كثيرون ولكن لم يشتهر منهم سوى أبنيه عقاب وحجاب، وهما شقيقان.... أما بقية أبنائه فلم يشتهروا. وشهرة عقاب قد زادت على شهرة أبيه ، وكان من الابطال القلائل بنجد.
ولكن قبل أن يبرز أبناه وقبل أن يبلغا سن الرجوله ، حصل بين الشيخ سعدون وبين زوجته والدة عقاب وحجاب خلاف أدى الى طلاقها ، وذهبت الى أهلها في بلاد سوريه ، ومعها ابناها ، وهي من قبيلة الفدعان من عنزه الموجودين في سوريه ، وكان أخوال الشابين –عقاب وحجاب – مشهورين بين أفراد قبيلة الفدعان ، وقد تربيا في اخوالهما أحسن تربيه ، وبعد ان بلغا سن الرجوله خيلوهما وأصبحا فارسين يضرب بهما المثل ، رغم أنهما بعيدان عن والدهما ، وقد ألتف حولهما بعض من جماعتهما (ولد سليمان) من النازحين الى سوريه مع قبيلة الفدعان ،واصبح عقاب وحجاب يترأسان قسماَ من عشائرهما في سوريه ، أما الشيخ سعدون فقد بقي شيخاَ لجماعته (ولد سليمان ) في نجد ، الى أن برز شخص من أبناء عمه يسمى شامخ العواجي ،وأخذ ينازع سعدون الزعامه ،ويعرقل نفوذه على قبيلة (ولد سليمان ) ، مستهتراَ بأوامر الشيخ ، وأخذ يتحداه في كل مناسبه ن ويقـلل من قيمته عند القبيله ، ويضع العراقيل في وجهه ، واخيراَ أخذ مكان سعدون ،وتزعم القبيله ، وأخذ يعامل الشيخ سعدون معامله سيئه ، وقد وصل به الامر الى حقره وحظر عليه أن يورد أبله على أي منهل ترده قبائل (ولد سليمان ) قبل أن ترد أبل شامخ وأبل كل القبيله، ولم يجد الشيخ سعدون من قبيلة (ولد سليمان ) أي نصير ،أو سند يدفع عنه الضيم ، وبقي بينهم محتقراَ يتجرع ويلات الذل ...... وقد قال أشعاراَ بهذا كثيره ، سأورد منها البعض ..وهو الذي استقيته من رجال عنزه الطاعنين بالسن ، وهذه من بعض أشعاره :







الله مـن هـم بكبـدي سعره
ـادلَى يمل القلـب مـل الشواتـي


وش خانة الدنيا سريـع دورهـ
الـو أقبلـن سنينهـا مقفيـاتـي


ومن عقب ماني مقفيٍ عن نحره
االيوم بين القين هـو والحذاتـي


ومن عقب مانلبس غرايب شهره
امن فوق قـبٍ عندنـا مكرماتـي


يوم أن خيـال النـدم ماقصرهـ
اعمن جذت به نفهـق الاولاتـي


واليوم طيبنا على الشيـل مره
ـاياحيـف مانستاهـل المعسراتـي


حـلال عقـدات كبـار عبـره
ـاوخالق نجوم بالسمـا ساهراتـي


مامـال الا فـارغ مـن زبره
ـا.ولا حـي الا مقتفيـه الممـاتـي


يارازق اللـي مابعشـه ذخره
ـاطيور الهوى في قدرتك عأيشاتي


تفرج لمن عينه تزايـد سهرهـ
األطـف بنـا ياعالـم الخافياتـي


ياللي خلقت أقفارها مـع بحره
ـايامن بحكمـك تجـري الكايناتـي


أوجست من حر الليالي سعره
ـا.وذكرت طيـب أيامنـا الفايتاتـي


ونشدت وين اللي ينثـر حمره
ـاوقمت أتذكر وين حروة شفاتـي


اللي الـى الخيـل خبـث كدره
ـاصوته ذعار القـرح الصافناتـي


عقاب السبايا كان جاهـا ذعره
ـاعوق العديم ومشبـع الحايماتـي







لقد تألم بهذه القصيده ،وذكر الدنيا وميلاتها ، وتذكر ركوبه للجياد ، وأنه يرجع على الخيل الكاره ، ويهزم السابقات من خيل الاعداء ،وينقذ من تخلفت به جواده من رفاقه ، أنه لايستحق المعسرات ، لأنه اصبح العوز به ضاراً، حتى انه لا يستطيع ان يجد ما يحمل عليه امتعته ، ثم رجع الى ربه وطلب منه الفرج ، وقال هو الذي سبحانه يرزق الطير بأوكارها ، وهو الذي بأمره تجري الكائنات، ثم تذكر أبنه عقاباً ، وأشاد به ، وأخذ يسأل عنه وقال : من الذي ينثر الأحمر ؟ يقصد دماء الأبطال . أين الذي يرعب الخيل ، ويكدر صفوها ؟ أين الذي من زأرته تنفر الصافنات , ويدخل الرعب في قلوبها ، وقلوب فرسانها ؟ أنه عقاب الخيل ، ومشبع الطير من لحومهم ثم أردف بهذه القصيده الأخرى ، بين فيها أنه قد عزم على الرحيل ، ليفارق شامخاً وغطرسته ، وعندما لاحظه بعض الذين يعطفون عليه ، يجمع أمتعته ويحملها على رواحله أخذوا يلومونه وحاولوا أن يثنوا عزمه ، ولكنه أصر على الرحيل ، وقال في قصيدته أن شامخاً لاينصاع للحق ، لذلك فهو سيبتعد عنه ، ويعالج آلامه بالفراق، لأن في البعد سلوى له :





قالوا تحورف قلت يالربـع نجـاع
وقالوا تقيم وقلت يالربع مـا قيـم


قالوا علامك قلت من قل الأفـزاع
صيحة خلا ماعنـدي الا الهذاريـم


والى بغيت الحق من شامخ ضـاع
يطرم علي دايـخ الـراس تطريـم


يبعد عن الفالات طقـه بالاصبـاع
من قلة اللـي يضربـه باللهازيـم


ليا صار ما توفي عميلك من الصاع
ما ينقعد لك عند حصـن النواهيـم


شبرٍ من البيدا يعوضـك الأفـزاع
وسود الليالي يبعدنك عن الضيـم





ولكن هذا لم يكن به حل لامره ، فهو اذا ابتعد عن قبيلة (ولد سليمان ) سيكون لاجئــاً عند أحدى القبائل ، وهذا يرى ان فيه نقصاً عليه بعد العز الرفيع الذي كان عايشاً فيه ، واذا أنفرد وحده في فيافي نجد فسوف يكون لقمه سائغه لبعض الغزاة من الصعاليك ، وهو لايستطيع وحده حماية نفسه ، ولذالك فقد رجع بعد ان رحل مرغما ، بهذه الظروف زاد شامخ بطغيانه وتجبره على سعدون ، الرجل الطيب الوقور الشجاع ، جرى هذا كله على سعدون ، وأبناه عقاب وحجاب عند أخوالهما بالاراضي السورية ، ولهما (مخصصات ) عند الدوله العثمانية ، مثل بقية مشائخ عنزة الموجودين بسورية . والمواصلات بينهم مقطوعة ، وأخيراً لفت نظر سعدون شخص من الذين يعطفون عليه ، ان يكتب لأولاده ويشكو اليهم ويخبرهم بأعتداء شامخ على جميع سلطاته ، فكتب سعدون لأبنيه هذه القصيدة :






ياراكـب مـن عندنـا فـوق مهـذاب
مامـون قطـاع الفيافـي الـى أنويـت


عند الفضيلـة عـد يوميـن بحسـاب
أول قراهـم قـول ياضيـف حيـيـت


حـرٍ صغيـر وتومـا شـق لـه نـاب
وعقب القرا ودع رجـالٍ لهـم صيـت


وليـا ركبتـه ضربـه خـل الاجنـاب
وأنحر لنجم الجـدي وان كـان مديـت


وأسلم وسلم لي علي عقـاب وحجـاب
سلم على مضنون عينـي الـى ألفيـت


بالحال خـص عقـاب فكـاك الأنشـاب
ينجيك كان أنـك عـن الحـق عديـت


قل له ترى شامخ شمخ عقب ما شـاب
ويـا عقـاب والله ذللونـي وذلـيـت


ويا عقاب حدوني على غير مـا طـا
بوقالوا تودر من ورى المـاء وتعديـت


من عقب ماني سترهم عنـد الأجنـاب
وليـا بلتهـم قـالـةٍ مــا تتقـيـت


ما دام شامـخ مالـكٍ جـرد الأرقـاب
لو زيـن الفنجـال لـي مـا تقهويـت


ياعقاب حـط بثومـة القلـب مخـلاب
من العام فـي نـوم العـرب ماتهنيـت


عقب المعزة صرت ياعقـاب مرعـاب
والنـاس حييـن وأنـا عقبكـم ميـت


من الضيم ياعقاب السرب عارضي شاب
واذويت مـن كثـر العنـا وأستخفيـت


فاتـن ثـلاث سنيـن والنـوم ماطـاب
وشكواي من صدري عبـار وتناهيـت


البيت مـا يبنـى بـلا عمـد وأطنـاب
متى يجينـا عقـاب يبـي لنـا البيـت


مالي جـدا الا عضـة البهـم بالنـاب
وراعيت كثر الحيف بالعين وأغضيـت


أرجي بشيـر الخيـر مـع كـل هبـاب
ومتى يجونا أخوان نمشه على الصيـت





ولا بد أن القاري لاحظ مرارة شكوى سعدون لأبنيه ، وحرارة الذلة، وكيف أنه أصبح مهاناً بين قومه، بعد ماكان يحمي حماه ويقوم بنائبات القبيلة ، وقد شكى لأولاده وبين كل ما يلاقيه من شامخ ، ثم أثنى على عقاب ، وناداه ليجلي الضيم عنه ، ويفرج كربته ، وأخيراً قال أنه يرجو البشير الذي يبشره بمقدم أبنيه مع الرياح المنطلقه
وتساءل متى يصل أخوان أبنته نمشه اللذان كان لهما صيت .

نــجــم
29-03-2012, 07:15 PM
أبطال من الصحراء ( 2 )


وبعد أن وصلت هذه القصيدة لأبنيه عقاب وحجاب ، ثارت ثائرة عقاب ، وأمر أخاه أن يهيئ نفسه للرحيل من بلاد سورية
، ويترك مقرراته التي أستحصل عليها من دولة الأتراك هناك ، مادام أن والدهما قد لحق به الأمر، ثم قال عقاب هذه الأبيات مناجياً صديقه عيداً
، وكان عيد يمتلك فرساً ليست من الخيل الأصائل ، وأشار عليه عقاب بالقصيده أن يبيعها لأنهم ذاهبون لنجد ، وليس في نجد الا الخيل العتاق
، والرماح والطعن ، وخشي على صديقه عيد أن يخوض معمعة على جواده الهجين ، ويكون ضحية بالميدان ، أو ينهزم ثم يعد من الجبناء
، وقال: ياصديقي عيد سأهدي لك أول جواد أصيل أول جواد أصيل أخذه غنيمه في أول معركة نخوضها بنجد . :






ياعيد جلب مهرتك عفنـة الذيـل
لا عاد ما تكسب حذا قـول خيـال


رحنا لنجـد ولا بنجـد محاصيـل
نطعن ونطعن فوق عجلات الأزوال


ان طعتني ياعيد بـدل بهـا كيـل
ودور لها من غاية السـوق دلال


ان نرت قالوا عيد عيل هل الخيل
وأن هشت قالوا رد منهم بخيـال





قال الفارس عقاب هذه الأبيات ، فأطاعه صديقه عيد وباع الفرس ، وأشترى لأولاده زاداً ، ورحل عقاب وأخوه وصديقهم عيد ومعهم بعض الخدم ، وترك جماعته الذين من (ولد سليمان) بسورية ، ومشى بظعينته الى نجد وقد أستغرقت رحلته ثلاثين يوماً ، وصل بعدها بالقرب من منهل يسمى (الحيزا) من ديار قبيلة (ولد سليمان ) وقد باتوا على مقربه منها ، بعد أن تأكدوا أن أبل قبائل (ولد سليمان ) وارده على هذا المنهل ، في الليلة المذكورة وبعد طلوع الفجر الأول ، قام عقاب وتأبط سيفه ، وأمر أخاه ومن معه أن يتبعوه بظعينتهم ، ثم مشى على قدميه متجهاً الى العرب الذين على (الحيزا) مختفياً ، وأخذ يبحث عن بيت والده سعدون ، وكان قد أستوصف من الناس مايدله على بيت أبيه وقد قيل له .. أن شامخاً أمر على أبيه بأن لايرفع بيته بين بيوت القبيلة ، أذلالاً له وكذلك أمر راعي أبله قليلة العدد ، أن لا ترد على الماء الا بعد أن ترد أبل الحي بأكملها ، وعندما وصل بيت والده قبل طلوع الشمس ، وقبل أن يرد أحد على البئر ، وجد والده نائماً ، وكذلك راعي أبل والده نائماً بين الأبل ، فأيقظ الراعي ، وقال له: قم أورد أبلك الماء ، فقال له الراعي: لا أستطيع ياعماه ، لأن الشيخ شامخاً سيضربني ، وقد أمرني أن لا أرد الماء الا بعد أن ترد القبيلة ، فنهره عقاب بشده ، وحاول الراعي أن يعتذر لأنه لايعرفه ، فأكد عليه ، وقال له: أورد أبلك وأنا معك ولاتخف ، ومشى الراعي قسراً بالأبل الى البئر ، وأختفى عقاب بين الأبل ، وعندما وصلوا قرب البئر ، شاهد شامخ أن راعي أبل سعدون قد ورد الماء ، عاصياً لأمره فثارت ثائرته ، ونادى الراعي ، وتهدده ، فقال عقاب للراعي بصوت لايسمعه شامخ : أمض لسبيلك ولا تجبه ، وعند ذلك أشتد غضب شامخ ، وأخذ عصاه ، وأقبل من بيته يعدو ،ليشبع الراعي ضرباً كعادته ، وعندما قرب شامخ منه ، خرج عليه عقاب من بين الأبل ، كأنه الأسد ، مجرداً سيفه ، ووثب على شامخ ليقتله ، وعندما رآه شامخ عرف أن هذا عقاب ، الذي خبر أوصافه ، وتأكد من شاربيه اللذين يلامسان أذنيه ، فصعق شامخ ، وعرف أنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه ، ولا يتمكن من الهرب الى بيته ، ففضل أن يرمي نفسه بالبئر الفريبه منه ، وفعلاً رمى نفسه ، وأطل عليه عقاب ، وأدلى عليه الرشا ، وقال: أخرج ، فقال: هذا هو قبري ،لا يمكن أن أخرج الا أن تعفو عني ، فقال عقاب: أن جبنك الذي رأيته سيجعلني أعفو عن قتلك مشروطاً ذلك بعفو الشيخ سعدون أي أبيه فترك عقاب راعي الأبل يسقيها ، وأمر من حوله أن يخرجوا شامخاً الجبان الذي أختار أن يرمي نفسه بالبئر ، ورجع عقاب بعد أن رأى أخاه حجاباً قد وصل بالظعينه ، فأومأ اليه نحو بيت والده ، وأمرهم أن يبنوا البيت الكبير ، وأن يرفعوا عماده ، وبعد أن سلموا على والدهم ، تهلل وجهه بشراً ، وسر برؤية أبنائه ، وبعد أن بنى البيت أثثوا مجلسه بأحسن الأثاث ، وهيئوا مقعداً وثيراً لوالدهم من أحسن المفروشات التي تنسج بسورية آنذاك ، وطلبوا من والدهم أن يجلس عليه ، ثم أمر عقاب صديقه عيدا أن يركب أحدى الخيل ، ويبلغ القبيلة بأن يحضروا للسلام على الشيخ وولديه عقاب وحجاب ، فراح صديقهم مسرعاً وبلغ القبيلة بعد طلوع الشمس فجائت قبائل (ولد سليمان) وسلموا على سعدون وأبنيه وتمت البيعه لسعدون من جديد ، وقد أعجبوا بعقاب وحجاب ، وكان أعجابهم بالشيخ عقاب عظيماً جداً ، حيث تأكدوا من رؤية الرجل الذي سارت بأخبار شجاعته الركبان من بلاد سورية ، وقد تم التحول بهذه الطريقة البسيطة ، وأشاد أبناء سعدون مجد والدهما من جديد ، وراح شامخاً نسياً منسياً ، وقد عفا عنه الشيخ سعدون ، لأنه رآه لا يستحق أن يجازيه على أفعاله ، لما ظهر من جبنه ، لقد رفع عقاب وحجاب والدهما الى القمة ، وأخذ الشيخ سعدون يصول ويجول في بلاده ، لايخشى أحداً من القبائل ، وزاد به الأمر أن أجلى بعض قبائل شمر عن بلادهم ..... ولا شك أن هذا يسواعد أبنائه ، خاصه أبنه عقاب الفارس الشجاع .
وذات يوم بلغ سعدون أن أراضي ( بيضا نثيل ) مخصبه ، وهذه يملكها مسلط التمياط ، شيخ قبيلة التومان من شمر، فالتفت سعدون الى ولديه عقاب وحجاب ، وقال لهما : أنني أحب أن أرحل الى (بيضا نثيل ) وآخذها عنوة من مسلط التمياط وجماعته ،فأجاب أبناه بالسمع والطاعه ، وقالوا : عليك أن تأمر ، ونحن سنأخذها قسراً ، فأمر سعدون العرب بالرحيل ، لأخذ (بيضا نثيل ) من التمياط ، وقال سعدون : سأرسل له هذه القصيدة أن يترك (بيضا نثيل ) بدون حرب . لأنه يحب أن يدلل أبله بها ، لأنها مخصبه .
:

وهذه هي القصيدة :




ياراكب اللي مـا لهجهـا الجنينـا
ماهي وحدها ثامنـة لهـا ثمانـا


فـج النحـور محجـلات اليدينـا
من ساس عيرات وابوهم عمانـا


بلفـن لمسلـط ترثـة الغانمينـا
قل أرحلوا عن جوكم صـار مانـا


نبـي ندلـه مقرعـات الحنيـنـا
أذواد من رعي المخافـه سمانـا


ماهم بـورث أجدودنـا المقدمينـا
كسب بالأيدي من حلايـب عدانـا


نفكهـن مـن لا بـة معتديـنـا
ومن دونهن عود العريني عصانا


يرعن بظل عقاب مروي السنينـا
اللي ليـا صـارت علينـا حمانـا


وقولوا لهم ترانا يمهـم مقبلينـا
ويقصر عن الطولات كانـه بغانـا


عدونـا نجيـه لـو مـا يجينـا
ونضفي على عدونا مـن خطانـا


ونركب على اللي كنهـن الشنينـا
خيل الصحابة ما أعترضهن حصانا


والموت عند أقطيهن وان حدينـا
وياسرع رد وجيههن مـع قفانـا





وفعلاً اخذوا (بيضا نثيل ) من ( مصلط التمياط ) ، وأتسعت حدود سعدون العواجي هو وقبيلتة ، الى أن بلغت من (خيبر ) الى قرب طي وشمالاً (تيماء) والنفود. ومع كون عقاب أشتهر بالشجاعة والفتك ، فقد هام بغرام أحدى بنات الحي وتسمى ( نوت) هذه الفتاة كانت أجمل فتاة بين قبائل عنزه ،ويضرب المثل بجمالها ، وقد قال عقاب فيها الاشعار الكثيرة ، وقد بحثت عن أشعاره بمحبوبته ( نوت ) ولكني لم أظفر الا بأربع قصائد ، أدونها للقارئ تباعاً وهي كما يلي ::





يا ونتي با قصى الضماير سندهـا
لا رقبت مشذوب المراقيب تـزداد


ونة عجوزِ مـات عنهـا ولدهـا
رملى ضعيفة مالهـا غيـره اولاد


على الذي مثنـاة قلبـي عقدهـا
حبه بمكنون الحشا يسنـد أسنـاد


وعروق قلبـي يبستهـن بيدهـا
صارن كما شن على الـدار بيـاد


أن أبعدت عينـي يجيهـا رمدهـا
ودموعها تسقي قناطيـش الاذواد


وان قربت كبـدي يجيهـا لددهـا
مرٍ هنـوع ومـرٍ ماتقبـل الـزاد


اللي كما الفنجـال غـزة نهدهـا
والثوب عن روس الثمر غادٍ ابجاد


ذكرت ربي يـوم قضـت جعدهـا
خلاقهـا رب لـه النـاس سجـاد


ريميـه مـا ترتـع الاوحـدهـا
تقطف زما ليق الخزامى بالاجـراد




ثم قال قصيد ته الثانية شاكيا غرامه ب( نوت ) وشاكيا لواعجه وما يقاسيه بحبها وهذه هي ::






واكبدي اللي كن به حمـو لا لـيب
القيظ والا حامـي الجمـر نالـه


تفـوح فـوح مبهـرات الدلال
ـيجزل حطبهـا ركـده ثـم شالـه


والعين جابـت دمعهـا بانتلالـ
ييشدي هماليل المطر مـن خيالـه


من واحد يتعب على شـده بالـ
يلو ماعنت رجلي فقلبـي عنالـه


عينـه تشـادي قلتـه بالظلال
ـيفي حـد لـوح ماتنولـه حبالـه


وقذيلتـه يلعـب بهـا الهملالـ
يبدف الظليم ويتعب الـي حبالـه


اللي بميدان المـوده مشـى لـي
يرخص كلامـه ويتغالـى حلالـه


أنا أشهد انه بالهوى سـم حالـي
ويبس عروق الجسم واذوى خياله


عندي غلاه مرخص كـل غالـي
طفـلٍ معذبنـي بزايـد دلالــه

نــجــم
29-03-2012, 07:15 PM
نرجع الى الشيخ سعدون والد عقاب ، بعد أن أستولى على ( بيضا نثيل ) من التومان ، حصل بينه وبين قبائل شمر معارك هائلة ، حتى أجلاهم عن بعض مساكنهم ، وقد دافعوا دفاعاً بطولياً خاصة قبيلة الغيثه من عبده ، أما مصلط التمياط وقبائله ، فقد جلوا عن ديارهم واستولى عليها سعدون وأبناؤه ، ولم تزل يملكها العواجية الى الأن
بعد أنتصار سعدون العواجي على مصلط التمياط وقتله أبن أخيه ، قال الشيخ سعدون هذه القصيده:
:






ياراكب من عندنا فـوق نسنـاس
يشدي ظليـم جافـل مـع خمايـل


زين القفا ناب القرا مقعد الـراس
ومعرب من ساس هجـنٍِِِِ اصايـل


لامــد رواي ولا راح عـسـاس
عروٍ الى ما فـات حمـو القوايـل


اليا جيتهم في ربعة الشيخ جـلاس
ينشدك من هولي صديـق يسايـل


قل صبحونا أجرودهم ما لها اقياس
سكن الجبل جانا مع الصبح صايـل


وانا أحمد اللي عاضهم كسرة الباس
كسيـرة وصلـت قفـار وحـايـل


في روضة التنهات قرطن الألبـاس
وذبحٍ ليامـا جيـت بيضـا نثايـل


وكم جثـةٍ مجدوعـةٍ مابهـا راسب
سيوف يشفـن الطنـا والغلايـل


وكم سابقٍ راكبها طـاح منحـاس
من المعركه يجيـك للقـاع مايـل


والصبح جانا مصلط دايخ الـراس
وجاه العقاب الصيرمي فوق حايـل


وأعذر بنقل السيف واعذر بالألباس
وراحت تقمز بـه زبـار المسايـل


وجرس خلي في زواقيـب حـراس
وياويل مسلط عقب واف الخصايل


وليا قعد بالبيت يزهـي بالألبـاس
عمره صغير وماضـي لـه فعايـل






بعد هذا ارسل مفتاح الغيثي الى قبائل شمر يستحميهم ويطلب منهم النجده ، فحضر عدد منهم ووقفوا في وجه سعدون ، وقفة الابطال ، وحصلت بينهم وبين سعدون معركه هائله على المنهل المسمى ( بظفره ) وهو من مياه شمر ، انتصرت فيها شمر على العواجي وقبائله ، وقال شاعر شمر رشيد بن طوعان هذه القصيدة يصف المعركه ::





يامزنةٍ غـرا نشـت لـه رفاريـف
هلت على ظفره مطرهـا انهشامـي


زبيديهـا روس المهـار المزاعيـف
وعشبه قرون مسيحيـن الاودامـي


تصرخ بها حدب السيوف المهاديـف
وتفتح بهـا بقـع النسـور الاثامـي


دزٍ بـعـودان البلـنـزا وتنجـيـف
وروحوا وراكـم يافـروخ الجلامـي


ظعاينٍ تسري وتجري مـن السيـف
ومن (واقصة) ما شيعـوا للمقامـي


زمـل الطواليـات جنـك مزاهيـف
على جنـاح الكـود يمشـن همامـي


يتلون عـدوان زبـون المشاعيـف
كسابـة العيـدان ريـش النعـامـي


نهجت اسـر جموعهـم بالتواقيـف
الـن وجيـه جموعهـم بالنخدامـي


ونظرت ربعي عايزيـن التواصيـف
الى الخيل بالزهـام والجمـع زامـي


ونعمٍ من العصـلان وأولاد اباسيـف
وعيـال عليـا كانـهـا بالتحـامـي


ان فات مـا بقفوشهـم والتطاريـف
ردوا لنصـب مفكـكـات اللجـامـي


انا أشهد ان قلوبهم صمـع ياخليـف
وردوا حياض الموت ورد الظوامـي


وديارنـا حنـا لنـا بـه تصاريـف
(سلمى) و(رمان) و(اجا) و(العصامي)


عينـاك يارمـان زيـن الهفاهيـف
يامـا ذبحنـا دونهـا مـن غلامـي


نطعن ونطعن عند هـاك الكراشيـف
وتسعَـر دونـه عـمـار تسـامـي


نبـي نقلـط ميرهـن للضيايـيـف
ان صكـت البيبـان دون الطعامـي





ورغم أن شمر أنتصروا بهذه المعركه فأن سعدون العواجي وأبناءه لم يفقدوا شيئاً من أراضي شمر التي كسبوها .
لقد أتفقت شمر على أن يصبوا فنجان من البن ، ويضعوه بينهم ، ويقولون لفرسانهم : الذي يشربه في مجتمعهم هو المسئول عن قتل عقاب ، في أول معركه نخوضها معه ، أنه لا يمكن أن يتجرأ على شربه ، الا من كان قوي الجنان ، وعنده الثقة بنفسه ، فقام شاب من بين الصفوف يسمى ( أبا الوقي ) ولم يكن من عائلة لها ماض بالفروسيه ، فأخذ الفنجال وشربه ، في مجلس شمر ، وقال : أنا شارب فنجال عقاب ، وسأقابله على ظهور الخيل ، وعندما التحم شمر في معركة مع (ولد سليمان) جماعة عقاب العواجي ، وعندما رأى (أبا الوقي) عقاباً بين الخيل ، دفع جواده ، وكان عقاب لا يظن أن أحداً يتجرأ ويهجم عليه ، خاصة مثل هذا الشاب الصغير ، فلقيه عقاب ولما أقترب كل واحد من الآخر أطلق كل منهما سهمه على الآخر ، ولكن لم يصب أحدهما ، والتصقت جوادهما ، وتماسكا بالأيدي على ظهور الخيل ، ثم وقعا على الارض ، فهجمت فرسان عنزة لتخليص عقاب وهجمت فرسان شمر لتخليص ابا الوقي ، الشاب الذي ضرب أروع مثل بالبطوله ، ونفذ ما التزم به ، ودارت المعركة وحمي الوطيس ، وثار غبار الخيل ، وغطى كل شئ ، حتى أن الفارس لا يبصر الآخر ،وتخلص عقاب من الشاب أبا الوقي ، وقام من الارض والغبار يحجب كل واحد عن الاخر ووقعت يد عقاب على سيف بالارض وامسك بجواد واقف فوق رأسه ، وكذالك أبا الوقي هو الاخرأخذ سيفاً ، ووجد جواداً من حوله، فأخذه وعندما أفترقا اذا بالسيف الذي مع عقاب هو سيف ابا الوقي وكذالك الجواد كان جواده ، وابا الوقي وجد ان السيف الذي معه والجواد هما سيف وجواد عقاب ، وانفصلت المعركة بعد ذلك ، وكانت النتيجة خيبة امل للشيخ سعدون ، لأنه رأى بالأمر غضاضة عليه ، حيث أن جواد وسيف أبنه يأخذهما شاب صغير من قبيلة شمر ، ليس معروفاً، ولم يكن له ماض ، وليس كفواً لمقابلة عقاب في نظره ، وقد قلق للأمر وسهر ليلته ولم ينم ، فجاء اليه شيوخ قبيلة (ولد سليمان) وقالوا له لا تقلق يا ابا عقاب ، على فقدان جواد وسيف ، فكل خيلنا وسيوفنا نقدمها لعقاب عوضاً عن جواده وسيفه ، فقال: أنا لا يهمني جواد عقاب وسيفه ، ولكن الذي يشغل بالي ويحز في نفسي وأخشى منه ، هو أن شاعر شمر مبيريك التبيناوي ، قد يقع على بيت من الشعر ، عالق في ذهني الآن ، فقالوا: ماهو البيت ياسعدون الذي تخشى ان يجده شاعر شمر ؟ فقال لهم هو هذا البيت :
:





السيف من يمنى عقابٍ خذينا
هوالخيل بدل كدشها بالاصايـل





وفعلاً وقع ما كان يخشاه سعدون ، حيث بعد أنفصال المعركة ، قال شاعر شمر مبيريك التبيناوي
قصيدة من ضمنها البيت الذي أشار اليه سعدون ، وهو ثاني بيت من القصيدة الآتية :
:





أبا الوقي يالبيض خضبـن يمنـاه
وانا شهد انه من عيـال الحمايـل


السيف من يمنى عقـاب خذينـاه
والخيل بـدل كدشهـا بالاصايـل


هـذي سلـوم بيننـا يالقـرابـاه
يازين بيع المنسمح يابـن وايـل


وعقاب ما سبه ولا سـب حليـاه
ان جو على قب المهار الاصايـل


يركض على الصابور ما به مراواه
شئ تعرفـه كـل سمـو القبايـل


لا شك عندي لـه فهـود مغـذاه
عيال شمـر فـوق قـب سلايـل

نــجــم
29-03-2012, 07:16 PM
وفي بعض السنين نزل على سعدون وأبنائه الشيخ مجول بن شعلان ، ومعهم قسم من قبائل الرولة أيام الربيع ، وقد أتفق مجول بن شعلان وسعدون العواجي أن يغيروا على قبائل حرب الموجودين بأراضي ( رخا ) الماء المعروف ، وفعلاً غزوا حرباً وأغاروا عليهم بالمكان المذكور ، وأخذوا منهم مواشي كثيرة ، من بينها أبل مشهورة تسمى ( بشملا ) وكان زعيم قبائل حرب أبن فرهود ، وكان غائباً عندما أغاروا عليهم ، وبعد أن رجعوا الى ديارهم غانمين رحلوا جميعاً الى الشمال ، بديار سورية ، لأنها باردة في أيام الصيف ، وعندما علم أبن فرهود شيخ قبائل حرب ، برحيل سعدون العواجي وأبنائه وعربانهم مع الشيخ مجول بن شعلان ، أرسل لهم هذه القصيدة يتهددهم ويقول : أرجعوا لدياركم محاولاً أن يأخذ ثأره منهم ، ومبيناً ندمه أنه لم يحضر عندما أخذت الابل المشهورة ( شملا ) وهذه قصيدته ::





يامجول الغيبات يقضا بها دين
غيبة جنبها يوم جاها الزوالـي


لا واخسارة لبسنـا للتواميـن
يوم أن شملا غربت للشمالـي


ياعقاب لا تقفي بثار الشعاليـن
أنكس لدارك يا كريم السبالـي


نجي على قب سواة الشياهيـن
سوٍ على اللي ينزلون الجبالـي


نبي نطارد شاربيـن الغلاويـن
وناخذ عوض شملا بكارٍ جلالي


أما جدعنا عقاب ليث الغلامين
والا جدعنا حجاب ريف الهزالي





وعندما وصلت هذه القصيدة سعدون أجابه بهذه القصيدة :




أثاري كذبك يابن فرهود بالحيـل
تقول من خوفك نحرنا الشمالـي


لولا علومك ما نكسنا عن الكيـل
من ديرة اللي شفها شـف بالـي


ياناشـدٍ عنـا ترانـا مقابـيـل
ننزل لكم ( رخا ) وناخـذ ليالـي


نبي نطاردكم على شـرد الخيـل
ونشوف منهـو للسبايـا يوالـي


واللي يطارد خيلكم صفوة الخيـل
بايمانهم مثل المحـوص المدالـي


وعقاب فوق مشمر تكسر الذيـل
شلايعه من خيلكـم كـل غالـي


اليا عدا فيكم عـدا فيكـم الويـل
ويروي حدود مصقلات السلالـي


نطاح قاسين الرجـال المشاكيـل
وبالفعل تشهد له جميع الرجالـي


ياويلكم مـن زايـدات الغرابيـل
ان طار عن قحص المهار الجلالي


انشد وتلقانا على قـرح الخيـل
بايماننا ريش الغلب لـه ظلالـي


عدونا نسقيه ويـل بثـر ويـل
وصديقنا يشـرب قـراح زلالـي





ورجع سعدون بقبائله متحدياً ابن فرهود ، ونزل منهل رخا وأغارعلى قبائل حرب ، وأخذ أموالاً وخيلاً كثيرة ، بعد أن توارى عنه أبن فرهود ، وهرب طالباً لنفسه النجاة .. ثم قال سعدون هذه القصيدة مفاخراً ومشيداً بفعل أبنه عقاب وقومه وقال أن حرباً نفرت منهم مثل ما تنفر الأغنام من الذئاب ، وهاهي القصيدة ::





ان كان ابن فرهود يطلب لقانـا
جينا على الزرفات خيل الصحابة


جينا وربعه قوطره فـي نحانـا
مثل القطيع اللي نحتـه الذيابـه


وشملا تزايد نيها فـي حمانـا
ويا ما خذينا غيرها من جلابـه


وجبنا البكار المكرمات السمانـا
وطرش كثيرٍ ولا عرفنا حسابـه


حنا ليا صلنـا طـوال خطانـا
وهذي عوايدنا نهـار الحرابـه


نجيك فـوق مكاظمـات العنانـ
اصفرٍ عليهن لا بسين العصابـه


عاداتنا وان كان شفنـا أقبلانـا
من دمهم (رخا) نـروي ترابـه


وعقاب فـوق مشمـر بمعدانـا
الخيل في يوم الملاقـى تهابـه


منكم يروي حربتـه والسنانـا
وفرسانكم قفت ذعرهـا عقابـه


جاكم سريعٍ بالعجل مـا توانـا
ومن يوم حل بخيلكم جا ذهابـه


منكم خذينـا يالحريبـي قرانـا
كل أبلجٍ حنـا قصرنـا شبابـه


نرقد بامان الله وتسهر عدانـا
ومن فعلنا يسهر كبير المهابـه


حريبنا يقضـي ويلقـى عيانـا
مثل الخشوم الطايله من هضابه





بعد أن رجع سعدون وقبائله الى موطنهم ، كان عقاب لا يكفيه أن يهاجم عرباناً بعربانه ، ولكنه كان دائماً يغزو غزوات بعيدة المدى ، يغنم فيها أموالاً من مواشي الأعداء البعيدين ، وكان يغزو أحياناً جهات القصيم ، وأواسط نجد .
وفي غزوه من غزواته صادف ثلاثمائة فارس من فرسان حرب وان معه ثمانون فارساً فوقع الطراد بينه وبينهم وحصل خسائر بين الجميع ، ولم يغنم أبلاً من حرب ، رغم أنه لم يغزو الا من أجلها ، وأثناء رجوعه وعند وصوله الى أحياء قبائله ، أعترضته فتاه تسأله عن حليلها وكان من الفرسان المرافقين له :






يا عقاب يا حبس الظعن باللقا الشين
ياللـي حريبـك بالهزيمـة يمـنـا


عينت ذيب الخيـل يـوم الأكاويـن
نور العيون بغيبـة الشمـس عنـا


هـو سالـم والا رمـوه المعاديـن
يا عقـاب خبرنـي تـراي أتمنـا




فأجابها :





يا بنت يللي عن حليلـك تسأليـن
حنـا لنـا حـي يسألـون عـنـا


خمسة عشر ليلة على الوجه مقفين
نـدور وضـحٍ بالأباهـر تحـنـا


وسفنا هل البل شاربين الغلاويـن
مـن دون رخـم للحوبـر تحنـا


جونـا ثلاثميـه وحنـا ثمانـيـن
مثل المحوص الشلف منهم ومنـا


وبانت رديتهـن وشفنـا الردييـن
وكل عرفنـا عزوتـه يـوم كنـا


ليتك تراعي يا عـذاب المزاييـن
يـوم أن عيـدان القنـا يطعننـا


منا حليلك طـاح بيـن المثاريـن
في ديـرةٍ فيهـا الوضيحـي تثنـا


ومنهم جدعنا عند شوقك ثلاثيـن
وكم خيرٍ من راس رمحـي يونـا


في ساعةٍ فيها تشيـب الغلاميـن
أنطح نحـور الخيـل يـوم أقبلنـا


ياما نقلت الدين وألحقتـه الديـن
وحريبنـا فـي نومتـه مـا تهنـا


أرسي لهم يا بنت وأنتي تعرفيـن
لياما حمام النصر رفـرف وغنـا

واردهـا والحـق ربـوع مخليـن
بوجيـه قـومٍ يطلقـون الأعـنـا


عاداتنا نخلـي سـروج المسميـن
ونروي حـدود مصقـلات تحنـا


وقلايعي من نقوة الخيل عشريـن
قـبٍ ولا فيهـن ثـبـارٍ ودنــا




بهذا أنبأها عقاب أن حليلها قد قتل .

نــجــم
29-03-2012, 07:16 PM
أما قبائل شمر فلم ينسوا ماخسروه من ديارهم ، لقد أرسلوا رسلهم لقبائل شمر النائيه يستنجدونهم على سعدون وأبنائه ، وفي هذا الأثناء غزا هايس القعيط شيخ قبيلة آل بريك - شمر- من الجزيرة بالعراق، ومعه سبعون فارساً غزا بلاد ( ولد سليمان ) جماعة سعدون العواجي ، وعندما كمن بالقرب من مغالي أبل ( ولد سليمان ) رآهم شخص من قبيلة آل سويد من شمر ، وكانت والدته من جماعة سعدون العواجي وهم أخواله ، فذهب لهم وأنذرهم هجوم شمر أهل الجزيرة الذين يترأسهم هايس القعيط ، وسميت بعد ذلك عائلة هذا الشخص ( بالنذرة ) ولا زالوا بهذا الأسم حتى الأن بين شمر ، وعندما علم (ولد سليمان) أن هايس القعيط ومن معه قد كمنوا لأبلهم هبوا وركبوا خيولهم ، وراحوا للأبل بالمفلى من ليلتهم ، وفي الصباح أغار عليهم جماعة هايس القعيط ، يتقدمهم زعيمهم البطل الشجاع هايس ، وحصلت المعركة بينهم ، وهزم هايس وجماعته وجماعته ، وألقوا القبض على سبعين شخصاً كانوا من جماعة القعيط يحملون الماء والشعير، للسبعين الجواد التي عليها الفرسان ، وهؤلاء يسمون ( زماميل الخيل ) ، وراح عقاب يطارد فرسان شمر المنهزمين ، وأتبعه أخوه حجاب ، وعندما أبصر هايس القعيط عقاب وحده وأخوه يتبعه بعيداً عنه ، التفت الي جماعته وقال : اليوم هذا يوم الثأر ، أنظروا عقاباً وحده ، والذي أتى به اليوم هو حظكم يا فرسان شمر ، ويجب علينا أن نهب عليه جميعاً لعلنا نظفر به ، وأذا أراد الله وقتلناه فقد أخذنا ثأر شمر جميعها ، وذكرهم بفارس شجاع قتله عقاب بالعام الماضي ، وهو هذلول الشويهري ، وكان عزيزاً على كل قبائل شمر ، وفقدانه كان خسارة عليهم ، فشحذ هممهم
وأستثارهم ، فصمموا أن يهبوا هبة رجل واحد ، وفعلاً جرى ذلك عندما أقتربوا من كثبان من الرمل تسمى ( زبار وريك ) ، وكان عقاب على مقربه منهم ، فرجعوا شاهرين سلاحهم صفاً واحداً ورشقوا عقاب بسهامهم فقتلوا جواده ، فخر على الأرض ، ثم نزلوا عليه وقتلوه ، وأستمروا يطاردون أخاه حجاب فظفروا به وقتلوه ، حصل هذا وفرسان (ولد سليمان) لا يعلمون عما حصل على زعمائهم عقاب وحجاب ، وكانوا منشغلين عند السبعين الذين أسروهم ، وبقوا يتقاسمون غنيمتهم ، وما علموا أنهم خسروا بذلك عقاب الخيل وأخاه حجاب ، وبهذا أنهدم عز الشيخ سعدون ، وتداعت أركان مجده ، بفقدان أعز أبنائه .
أما قبائل شمر فقد شفوا غليلهم بمقتل عقاب وحجاب ، وطاب نومهم ، وأخذ شعراؤهم يفخرون ويدبجون الشعر ، أسجل هنا ثلاث قصائد من شعرهم ، منها قصيدتان لمبيريك التبيناوي ، وواحده لأبن طوعان ، وهما من شعراء شمر البارزين : وهذه أحدى قصائد مبيريك التبيناوي:






أن كان ( هيفا ) تزعج العام الأصوات
( نوت ) يروع اليوم جضـة قطينـه


عقاب رمنه يوم الأفـراس عجـلات
وكلـن حثـات البـراثـن وتيـنـه


فـوات قبـل مدوريـن الجـمـالات
يـا ليـت عقـال المـلا حاضرينـه


وحجاب ياما قال بالبيت : قـم هـا
تعـزي لكـم يـا لابــةٍ فاقديـنـه


من زوبـعٍ والا السناعيـس الافـات
فـوات ماعـود عـلـى مرتجيـنـه


خلوه زينيـن ( المياحـه )و(الأرات)
وينام سعـدون علـى سهـر عينـه


هـاذي سلـومٍ بينـنـا يالقـرابـات
ياحلـو ردات الجـزا قبـل حيـنـه




وهذه قصيدة التبيناتوي الثانية :






ياعقاب عقبان المنيصب لون لـك
واستلحقن ياعقاب راسك معه راس


لا تحسب أن الخيل قافٍ عطن لـك
أرقابهن عوجٍ لكم عقب مـرواس


أحذر من اللي بالقدح غذيـن لـك
شهب النواصي فوقهن كل مدبـاس


هايس على صم الرمك عابيٍ لـك
عيال زوبع مرويـة كـل عبـاس


بغربي زبار أوريك يوم أوجهن لك
راحت تدهدا جثتك مـا بهـا راس




وهذه قصيدة الشاعر رشيد بن طوعان :






حرٍ شهـر بـس الزماميـل والخيـل
يـدور صيداتـه بغـراة الأجـنـاب


باول شبابـه عـذب الكنـس الحيـل
وخبط بيمناه البحـر عقـب ماشـاب


راح النذيـر وصبـح النـزل بالليـل
وتكافحـت فزعاتهـم قـبـل الأداب


وتوافقـوا بالعـرق حـد الغراميـل
متكاظميـن مثـل أبازيـد وذيــاب


وغشا زبار أوريـك مثـل الهماليـل
ونشبت رماح القوم باقطي الأصحـاب


وترايعـوا للهرش ربـع مشاكـيـل
حمايـة التاليـن والخيـل هــراب


عيـال الشيـوخ معربيـن الأخاويـل
ردوا على ربـعٍ تدانـوا بالأنسـاب


وان كان (نوت) تزعج الصوت بالحيلل
عيون (هيفا) نردع الشيـخ بحجـاب


أربـع ليـالٍ مالقـتـه المراسـيـل
عليت وجـه كـوح العصـر بتـراب


حريمنـا لجـن بزيـن الهلاهـيـل
متحريـاتٍ شلعـة الـحـر لعـقـاب


وحريمهم تصرخ صريـخ المحاحيـل
جاهن عليمٍ مع هـل الخيـل ماطـاب


ياضبيب لـو ذبحـت كـل الزماميـل
ذبحة دخيـل البيـت ماترفـع البـاب


دنيـاك هـاذي يالعواجـي غرابيـل
من شق جيب الناس شقوا له أجيـاب




لقد أشار شعراء شمر الى (هيفا) والى (نوت) : أما هيفا فهي والدة هذلول الشويهري ، وأما نوت فهي زوجة عقاب العواجي ، أشار شاعر شمر الى ضبيب وذبحته (للزماميل) فضبيب المذكور هو أبن عم لعقاب العواجي ، ويقال أنه هو الذي تجرأ وقتل السبعين شخص الذين أسروهم من جماعة هايس القعيط .
وعندما رجع فرسان (ولد سليمان) مع أبلهم بالليل أخذ سعدون العواجي يقابل كل كوكبة من الخيل يسأل عن عقاب وحجاب ، فيقولون له عهدنا بعقاب والخيل هاربة عنه وهو يطاردها ، وبقي سعدون على هذا الحال يسأل عن أبنيه ، وعندما قرب الصباح وعقاب وأخوه لم يرجعا ، كان سعدون ساهراً طوال ليله يخامر نفسه ، فقال هذه القصيدة :







البارحه نومي بـروس الصعانيـن
طـوال ليلـي ماتهنيـت بـمـراح


كبـد نعالجهـا بعـوج الغـلاويـن
وروابـعٍ ماتـودع القلـب ينسـاح


بلاي والله يـا مـلا خابـرٍ شيـن
تظهر علينـا مرمسـاتٍ الـى راح


اللي يكف الخيـل كـف البعاريـن
ويرخص بروحه يوم يغلون الأرواح


خيالنـا يـوم أكتـراب الميـازيـن
ويرعى بظله بالخطر كـل مصـلاح


حالوا عليه اللي على الموت جسرين
لا وابعينـي مـا يجاجـون ذبـاح




وبعد أن تأخر رجوع عقاب وحجاب ، رجع فرسان (ولد سليمان) يبحثون عن زعيميهما فوجدوهما قتيلين عند ( زبار أوريك ) فدفنوهما على قمة كثيب من الرمل سمي ( بأبرق الشيوخ) ولا زال بهذا الأسم حتى الأن .
ورجعوا حزانى فقتل (ضبيب) الأسرى بثأر عقاب وحجاب ، وهذا لم يكن مستحسناً بعادات القبائل في الجزيرة العربية ، وقد أشير عن مقتل السبعين شخص بالقصائد سالفة الذكر .
أما الشيخ سعدون فقد كبر مصابه بعد مقتل أبنيه ، الذين أشادا مجده ، وسجلا له مفاخر لازالت باقية لعائلة العواجية ، وملكا قبيلتهم دياراً لازالوا عائشين بها ، وقد قال الشيخ سعدون أشعاراً كثيرة بأبنيه ، وهاتان قصيدتان منها أولها :






ياونـةٍ ونيتهـا تـسـع ونــات
مع تسع مع تسعين مع عشر الوفي


مع كثرهن باقصى الحشى مستكنات
عداد خلـق الله كثيـر الوصوفـي


ونة طريح طاح والخيـل عجـلات
كسره حدا الساقين غـادٍ سعوفـي


على سيـوفٍ بالملاقـى مهمـات
سيفين أغلى ما غدا مـن سيوفـي


وعلى محوص بالمـوارد قويـات
أسقى بهن لـو القبايـل صفوفـي


أحشم بحشمتهن ولو هن بعيـدات
وانام لـو أن الضـواري تحوفـي


خليتني ياعقاب مـا بـه مـراوات
عيالك صغارٍ والدهر بـه جنوفـي


من عفبكم ما نبكي الحي لو مـات
ولاني على الدنيا كثيـر الحسوفـي


وياطول ماجريت بالصـدر ونـات
على فـراق معطريـن السيوفـي


وياعقاب عقبك شفت بالوقت ميلات
واوجست انا من ضيم بقعا حفوفي


مرحوم يانطـاح وجـه المغيـرات
ان جن كراديس السبايـا صفوفـي


مرحوم يامشبـع سبـاعٍ مجيعـات
وعز الله أنـه عقبكـم زاد خوفـي


الخيل تدري بك نهـار المثـارات
ياللي على كل المـلا فيـك نوفـي


والخيل تقفي من فعولـك معيفـات
تاطا شخانيـب الرضـم ماتشوفـي




لاشك أن الشيخ سعدون فقد ساعدين من سواعده ، بنيا له أرفع قمة من المجد بفيافي نجد بين قبائلها ، وقد أشتهر أبناه عقاب وحجاب بين القبائل ، وكانا محل أعجابهم بالجزيرة ، ويضرب بهما المثل حتى الأن ، فان الناس اذا أعجبوا بشخص أو بعدد من الأشخاص يقولون كأن فلاناً عواجي أو كأن هؤلاء من العواجيه ، نسبة الى عقاب وحجاب ، ولا زال هذا المثل سارياً في نجد الى الأن .
ولابد للقارئ أن يلاحظ أن الشيخ سعدون أشار الى أبنيه وقال سيفين أغلى ماغدا من سيوفي ، فهو يرى أنهما سيفان من أعز مايملك ، ثم قال أنه يطمئن وينام لو أن الوحوش الكاسرة تحوم من حوله ، فهو مطمئن بأن أبنيه هما درعه الامين وأنه مكرم ومعزز بحمايتهما .
وهذه القصيدة الثانية :






يا علي وين اللي رعينا بهم هيـت
حال اللحد من دونهـم والظلامـي


البارحة يا شمعـة الربـع ونيـت
ونة صويبٍ ومكسـره بالعظامـي


أوما الشجر وأنا بعد مثله أوميـت
أومـاي صقـار لطيـره وحامـي


طيرٍ لياجا الصيد يشبع هل البيـت
جته هبـوبٍ مـع جـرادٍ تهامـي


عز الله أني تو يـا علـي ذليـت
تبينت وانا علـى النـاس كامـي


وعز الله أني مع شفا البير هفييت
هفة قفـيٍ مـن عجـوز المقامـي


واليوم من باقـي حياتـي تبريـت
عقب الشيوخ معدليـن الجهامـي


ويا علي عفت الحي من كثر ماريت
وجريت للونـات والقلـب دامـي


وعذبت قلبي في كثيـر التناهيـت
والعين عيت مـن بلاهـا تنامـي


راح العقاب الصيرمي شايع الصيت
يا علي من عقبه تراعـد عظامـي




وهذه القصيدة شكي بها الى صديق له يسمى علياً ، يسأل عليه ويقول أين الذين كنا نرتع بهم بالفيافي ، الآن أصبحوا من أصحاب اللحود ، وأصبحت الظلمة تحول بينه وبينهما ، أنه يسهر الليالي ، ويئن مثل كسير العظام ، أنه يرتجف ويومئ كما تومئ الشجرة ، أنه الآن يحس بالخيفه ، ويذل من كل شي ، وقد ظهر ذلك للناس ، ولم يستطع أن يخفي خوفه لقد أخذ يتبرأ من حياته بعد أبنائه ، أنه أباح بما يخفيه ، بعدما تزلزلت الجبال التي كان يلتجئ في حماها ، أنه بعد أن فقد عقاباً بدأت ترتعد عظامه ، وفرائصه ، أنه فقد بطلين لا يمكن أن يقاضي بهما .

نــجــم
29-03-2012, 07:17 PM
لم يبق لسعدون بعدهما من يعتقد فيه خيراً ، الا حفيديه الصغيرين أبني عقاب وحجاب الحبيبين لقد أخذ يربيهما ، ويعلمهما فنون القتال ، آملا أن يأخذا ثأر أبويهما ، من هايس القعيط .
وعندما كملت رجولتهما طلب أن يقول كل واحد منهما قصيدة ، يبين فيها أنه سيأخذ ثأر والده ، وعمه ، واذا أجاد أحدهما القول فسوف يعطيه المهره بنت فرس عقاب المسماه ( فلحا ) وهذه آصل فرس عند قبائل ( ولد سليمان ) فقال أبن حجاب قصيدة لم تعجب جده ، ثم قال أبن عقاب قصيدة أعجب بها وهذه هي القصيدة :







ياليت من هو جـذ فلحـا ثنيـة
والا رباع مسودسه بالمساميـر


أبي الى ما قيـل زيعـت رعيـة
وتوايقن مـع الحنـي الغناديـر


أنطـح عليهـا سربـةٍ زوبعيـة
يجهر لميع سيوفها والمشاهيـر


متقلـدٍ سيـفٍ سـواة الحنيـة
أدور أبويه عند روس الخواوير


ان كان ما لينـت بالحبـل ليـة
ماني عشير اللي نهوده مزاميـر


لابـد مـن يـوم يزفـل كميـة
وكل يحسب مربحه والمخاسيـر


ثارٍ لبوي عقاب فـرضٍ عليـه
عليه وصاني زبـون المقاصيـر


سعدون جدي هو خلـف والديـه
شيخ الجهامه والسلف والمظاهير


دينٍ علي هايس زبـون الونيـه
يجيبه المعبود والـي المقاديـر


أن ما نطحت الخيل عيبٍ عليـه
أن وردوهن مثل أثامي الخنازير


عيـبٍ علـي العـزوة الوايليـة
وأحرم من الفنجال وسط الدواوير





وعندما سمع شاعر شمر بقصيدة ولد عقاب أجابه بهذه الابيات :







وش عاد لو جذيت فلحـا ثنيـة
شمر يجونك فوق قبٍ عياطيـر


أبوك ضرب بحربـةٍ شوشليـة
كزه حبيبي كزة الدلـو بالبيـر


صابه غلامٍ ما يعـرف اللويـة
ما صدها يوم السبايـا مناحيـر


له عادةٍ بالفعل فـي كـل هيـة
عشى ثنادي أبوك عوج المناقير


وعيال زوبع ملحقيـن الرديـة
اللي تهزع بالحروب الطوابيـر

نــجــم
29-03-2012, 07:17 PM
لقد فاز بالجائزة أبن عقاب فأعطاه جده الجواد بنت ( فلحا ) وأخذ سعدون ينظر الى أبن عقاب بأعجاب ، ويداعبه الأمل أنه سيشفي غليله ، ويأخذ الثأر من الشيخ هايس القعيط .

ومن الفرص الغريبة التي قدر فيها لأبن عقاب أن يأخذ بثأر أبيه وعمه ويقضي على هايس القعيط ، أنه حصل بين غنيم ( الربضا ) بن بكر شيخ السويلمات من العمارات ، وبين هايس القعيط تصادم في وديان عنزة ، وطال الحرب بينهما ، وأرسل غنيم بن بكر الربضا لقبائل عنزة يطلب منهم النجدة والعون ، وكذلك هايس القعيط أرسل لقبائل شمر يستنجدهم ، فأخذت الأمدادات من كل القبيلتين تترى على موقع المعركة ، وقد سنحت الفرصة لسعدون العواجي ، فعندما علم بذلك ، أمر حفيدة وأمله الوحيد أبن عقاب بالشخوص فوراً الى المكان الذي تدور فيه رحى الحرب بين غنيم وبين هايس .. وأوصاه بأن لا ينسى ثأره من قاتل أبيه وعمه .
لقد سارع أبن عقاب الى أمنيته التي كان يترقبها ، فأشترك بخوض المعركة ، وكل ما يهمه هو أن يرى غريمه وقاتل أبيه وعمه ، وبعد أن رآه بأم عينه ، وتأكد من شخصيته ، وليست بخافية ، لأن شخصية هايس القعيط معروفة ، مقداماً جريئاً لا يرهب الموت ، ودائماً هو في مقدمة الفرسان ، رغم تقدمه بالسن ، وعندما هجم هايس على فرسان عنزة ، يتقدم فرسان شمر ،
أنقض عليه أبن عقاب مثل النمر الكاسر ، وأغمد ذبابة سيفه بخاصرته ، وأنتحى به عن مكان المعركة ، الى أن أبتعد عن الفرسان ، ثم أمسك رقبته وترجل به على الأرض ، وألتفت اليه هايس القعيط ، فقال له أبن عقاب : هل تعرفني ؟ فقال : أنت أبن عقاب العواجي ، ولا شك أنك تشبهه ، ولكن لم أقتله أنا ، فالذي قتله غيري ، فقال له أبن عقاب : أنا لا أسألك عن ذلك ، ولكنني أسألك بالله أن تبلغ سلامي والدي اذا وصلته في الدار الآخرة ، وتخبره بأنني أخذت بثأره ، وتشرح له كل ما رأيته بعينك ، ثم علا رأسه بالسيف ، وفصله عن جثته ، وبعد ذلك طارت البشائر الي الشيخ سعدون العواجي ، بأن حفيده قد قتل هايس القعيط ، وقد أجتمع رجال الحي يهنئونه ، وقد عقر الأبل ، وعمل الأعياد عند قبائل (ولد سليمان ) وكان يوماً مشهوراً عندهم ، وأخذن النساء يزغردن ، بعد أن لبسن زيناتهن ، وطاب نوم الشيخ سعدون ، وبات قرير العين وأخذ ينشد :






يا سابقي رد البرا مات راعيـه
الجيش حزب والرمك موفلاتـي


يا ناس زول عقاب ماني بناسيه
عقبه فلا تسوى ريـال حياتـي


لو من إذا جروٍ لقا ما هقا فيـه
كان العرب كله تسوي سواتـي


الورع ورع عقاب لا خاب راجيه
حول بهايس ما تناسى وصاتـي


كزه لبوه ويذكر أنـي موصيـه
بعد ما شافـت عيونـه ثباتـي


الخيل تثقل لين تسمع عزاويـه
ومن يوم سمعنه وهن مقفياتـي


لعل ورعٍ ما مشى درب أهاليـه
تشلق عليه جيوبها المحصناتـي





وبهذه الفتره عين الأمير عبدالله بن علي بن رشيد أميراً لحائل من قبل الأمام فيصل بن سعود ، بعد أن عزل أميرها الأول أبن علي ، وظل عبدالله أبن علي بن رشيد أميراً على حائل ، والمناطق الشماليه من المملكة ، وعندما علم بذلك مشائخ قبائل الشمال توافدوا اليه ، وكل منهم يقدم الهدابا للأمير الجديد ، ومن بين الذين قدموا اليه غنيم بن بكر الربضا ، وكان مهدياً الى أبن رشيد ثلاثاً من الخيل ، وقد قبلها ابن رشيد ، وعندما كان غنبم الربضا جالساً عند أمير حائل، وكان مع الجالسين شاعر شمر بن طوعان ، وكان مكفوف البصر ، وطاعن بالسن فقال له الأمير عبدالله بن رشيد : هذا غنيم الربضا يابن طوعان قم وسلم عليه ، وعلى الفور أجابه بن طوعان بهذين البيتين من الشعر ، موجهها لغنيم الربضا يحرض فيها عبدالله بن رشيد عليه :






يا غنيم عندك هايس نطلبك دين
خيال تالـي شمـر بالسنـودي


ان كان ما جازاك عنها صباحين
ما هو ولد علي عريب الجدودي





وبعد ان سمع أمير حائل هذين البيتين من أبن طوعان ، ألتفت الى غنيم الربضا ، وأمره أن يرجع الى أهله ، وقال له : أننا أمرنا بأرجاع خيلك التي أهديتها لنا اليك ، وأنت في أمان الى أن تصل
أهلك ، وبعد ذلك أعتبر نفسك من من الأعداء ،ولا بد لنا أن نأخذ ثأر هايس القعيط منك لأنك أنت
زعيم المعركة ، التي قتل فيها هايس القعيط ، ولذلك فأنت المطلوب بدمه ، وقيل أن أبن رشيد غزاه بعد ذلك ، وأنه قتله في وديان عنزة .
وأسجل هنا نبذة للتاريخ عن قبيلة آل بريك ، التي يرأسها هايس القعيط ، ولم يزل أحفاده رؤساء لهذه القبيلة ، ولا زالت هذه القبيلة مع شمر ، والواقع أن هذه القبيلة هي قسم من قبيلة آل بريك التي هي من قبيلة الدواسر ، ولكن حصل بينهم حادثة أدت الى قتال ودماء ، وعلى أثر ذلك رحل جماعة هايس القعيط عن ابناء عمهم ، والتجأوا عند الجربان شيوخ قبيلة شمر ، عندما كانوا يقطنون شمالي المملكة ، وقد أعزهم الجربان ، وأكرموهم وبقوا طويلاً معهم ، وأخيراً حالفوا الجربان ، وقد قربوهم دون سواهم ، ولم يزالوا ساعد الجربان الأيمن بالملمات ، وحتى الأن وهم عند الجربان من المقربين ، بل ويعتزون بوجودهم عندهم ، وكانوا مشهورين بالأقدام ، ولهم شهرة عظيمة ، ومعروف عند أهل نجد الأن أنهم فخذ من فخوذ قبيلة الدواسر ، ولم ينزحوا الا بأسباب الدم الذي حصل بينهم وبين أخوانهم آل بريك ، وكان لجوؤهم الى شمر قبل ثلاثمئة سنه تقريباً.

نــجــم
29-03-2012, 07:17 PM
ثانياً :



ساجر الرفدي



ساجر الرفدي ـ نسبه ـ خمول أسرته ـ أخوه عسكر يشد من عضده ـفرسيتهما ـ النزاع بينهما وبين أخوالهما وقتل عسكر ـ حرب ساجر مع أخواله البجايده ـ بروز ساجر ـ شعره ـ الأمير عبدالله الرشيد لا يطمئن الى ساجر ويستعدي عليه الأمام عبدالله الفيصل بن سعود ـ عبدالله الفيصل يهاجم ساجر وبرجس بن مجلاد ـ نزوح ساجر بعدها مع قبيلة العمارات الى وديان عنزة ـ غاراته على نجد ـفروسيته جعلت منه زعيماً متبوعاً ـ شاعره سليمان اليمني ـ الخلاف بين آل شعلان وبروز شخصية ساجر فيه ـ غارته على أبل أبن رشيد وقتله لأبن زويمل وأخذ الأبل ـ الخلاف بين ساجر والسمن وبن قعيشيش وبن غبين من مشايخ عنزة ـ ساجر وقصة الشويهات ـ الخ........

ساجر من قبيلة ( السلقا ) بطن من قبيلة العمارات من عنزة ، وكان والده من بين أفراد هذه القبيلة خامل الذكر ، الا أنه تزوج فتاة من أسرة عريقه ، هي بنت أبي الخساير ، من قبيلة البجايده من السلقا ، وقد رزق منها بولدين ، أحدهما ساجر والأخر عسكر ، وعندما أكتملت رجولتهما برزا بين قبيلة السلقا ، واخذت الأنظار تتجه نحوهما ، على عكس ماكان عليه والدهما من الخمول ، وقد اشتهرا وهما في مقتبل العمر ، لم يتجاوز عمرهما العشرين سنة ، وقد أثبتا وجودهما بين قبيلتهما ، وكانا مضرب الأمثال بين القبائل ، وقد أشادا بيتاً كبيراً لأنفسهما ، وأصبح كل واحد منهما فارساً مغواراً ، وكانت نشأتهما في منتصف القرن الثالث عشر الهجري تقريباً ، وقد حصل بينهما وبين أخوالهما البجايده ، عقد أجتماع في بيتهما ، فدارت مناقشه بينهما وبين أخوالهما أدت الى نزاع مسلح ، قتل فيه عسكر شقيق ساجر ، فانصرف البجايدة الى مواقعهم ، أما ساجر فقد دفن أخاه ، ورحل عن مواطنهم ، الى أراضي القصيم ، أما البجايده فبقوا في أرضهم التي هي قريبة من ( الشملي ) في أعالي بلاد طي ، وكان القصد من رحيله هو أن ينتحي عنهم ، ثم يكر عليهم ، ليأخذ بثأر أخيه ، وبعد مدة أغار على أخواله البجايدة ، وهاجمهم ليلاً ، ولكنه لم يقتل الا عبدا لشخص يسمى سودان ، من رؤساء البجايدة ( وسودان المذكور هو المتهم بقتل أخيه عسكر ) ، ثم أغار عليهم مرة ثانية ، وقتل سودان نفسه قاتل أخيه ، وبعد هذه الجرأة برز ساجر ساجر الرفدي ، والتفت حوله جماعة من أقاربه الشملان ، وأخذ يغزو بهم القبائل المعادية ، وبدأ سعده يطلع ، وأتجهت اليه الأنظار أكثر ، وأخذوا ينظرون اليه كقائد موفق ، وأخذت سمعته تزداد بين القبائل باواسط نجد ، وأنتشر صيته ، الى أن أشتهر ، وعرف بالقائد ساجر الرفدي ، وتزعم قبيلة الشملان ، وكان محبوباً عند كل من عرفه ، وبدأ يقول الشعر ، وينظمه بقومه ، ويحرضهم ، ويشحذ من هممهم حتى أصبح شاعراً مجيداً ، وله أشعار كثيره لم أستطع جمعها ، ولكنني سأورد ماظفرت به من شعره ، الذي يحكي واقع حياته ، ويبين الحوادث التي حصلت له في سيرته ، وكان من المعاصرين لساجر الرفدي الشيخ برجس بن مجلاد شيخ الدهامشه من عنزة ، وكان الأثنان يشكلان خطراً على أمير حائل عبد الله بن رشيد ، ولم يكن أبن رشيد مرتاحاً لموقف الأثنين ، ولذلك بعث أخاه عبيد الى الأمام عبدالله الفيصل بالرياض ، فسأله الأمام عن ما وراءه من أخبار البلاد الشمالية من نجد ، فانتهز أبن رشيد الفرصة ليشي بساجر الرفدي ، وبرجس بن مجلاد ، وقال الأبيات التالية :
:






يا شيخ أنا جيتك مسير وبلاس
وباغ أشوفك يا مضنة فـوادي


وأخبرك بأحوال ناس من الناس
ناسٍ على حكمك تدور الفسادي


يا شيخنا ما حركوا طبلة الراس
وعندك خبر يقزا البعير القرادي


أنا وربعي بين الأثنا والأخماس
ألفين من غبر الفلا والعيـادي







هذا ما ظفرت به من هذه القصيدة الطويلة . فسأله الأمام عبدالله عمن يعني بهذه الأبيات ، فقال له هما ساجر الرفدي وبرجس بن مجلاد اللذان يقومان بغزوات متتالية بنجد ، ويفسدان القبائل ويخلان بالأمن ، وأخذ يحرض الأمام عليهما وفعلاً تأثر الأمام عبدالله بكلام أبن رشيد ، فأمر بتجريد حملة لتأديبهما ، فداهمهم وهما بأراضي القصيم ، وبعدها نزحت قبيلة العمارات مضطرة الى وديان عنزة المعروفة في شمال المملكة ، وهناك أستقروا وأخذ ساجر يشن غاراته على أواسط نجد ، وألتفت القبائل من حوله .
وقد قال هذه القصيدة بمناسبة ما حصل عليه من الأمام عبدالله :
:






الله مـن عيـنٍ تزايـد حزنهـا
والقلب م ضكات الأيـام مسمـور


من شوفتـي دارٍ تغيـر وطنهـا
من عقب ماني داله القلب مسرور


دنولي الحمـرا ومـدوا رسنهـا
وهاتوا ذلولي وانسفوا فوقها الكور


ياما حلا المسلاف بـاول ظعنهـا
مستجنبين الخيل يبرا لهن خـور


يوم أنها نجدٍ وانـا مـن سكنهـا
واليوم مايسكن بها كـل ممـرور


شامت لعبدالله وانا شمـت عنهـا
اللي يصبح به على شقـة النـور


وانا أحمد الله سالمٍ مـن شطنهـا
ومكيفٍ ما بين عرعر وأبا القـور





وبعد هذا أخذ يضاعف غاراته على نجد ، وعرف بالشيخ ساجر ، ولم يبق رئيساً لقبيلة الشملان فقط ، بل ترأس عموم قبيلة السلقا ، التي يعتبر الشملان بطناً من بطونها ، وأصبح يشكل خطراً على جميع القبائل المعادية ، وكان في غزواته يتبعه أعداد هائلة من الخيل والهجن ، وكان ميمون النقية ، ومعروفاً بغزواته شجاعاً لا يهاب الموت ، ومع هذا كريم الى أبعد الحدود ، ودمث الأخلاق ومتسامح عن خطايا من حوله من رفاقه ، وكان يفضل قومه على نفسه ، وينصفهم بحقوقهم ويعف عندما يغنم ، وليس للجشع في نفسه مدخل ، وهذه السجايا هي من مقومات زعامته ، الأمر الذي حدا بأكثر قبائل عنزة وبعض قبائل شمر الى الأنضمام اليه في غزواته ، وكان قد أعد صانعاً يسمى خليفاً ، وأسكنه في راس هضبة تسمى ( اللبيد ) وليس لهذا الصانع مهمة سوى صنع حذاء الخيل وتركيبها عندما يغزو ساجر ، ويرجع اليه ، وبهذه المناسبة قال قصيدته المشهورة وهي كما يلي : :






يا خليف قطـع للسبايـا مساميـر
عن الحفا يا شوق موضي جبينـه


ياما حلا يا خليف تشييـدة الكيـر
براس اللبيد بيـن خضـرا ولينـه


وياما حلا يا خليف خز المعاشيـر
خلجٍ تـوال الليـل تسمـع حنيـه


كم عزبةٍ زحناه مع نوضـة الكيـر
وكم شيخ قومٍ عندهـن جادعينـه


من حد حايل لين سنجـار والديـر
كـم خيـرٍ بارماحنـا عاثريـنـه


ومن نجد جبنا الصفر هي والمغاتير
والذيب مـن عدواننـا مشبعينـه


وحنا على شهب النواصي مناحيـر
ان طار عن جرد السبايـا يقينـه


مـرٍ مسانيـد ومــرٍ محـاديـر
وكـم جـو قـومٍ ناثريـنٍ قطينـه


وكم عايل جنـه سـواة الشنانيـر
واصبـح فقيـر خاليـات يدينـه


من فوقهن فعالـة الشـر والخيـر
أهـل العلـوم البينـة والسمينـه







وبهذه القصيدة لمح عن الأراضي التي يغزوها ويصل اليها ، وقال أنه وجماعته يذهبون على الهجن الى أعالي نجد ، ثم ينحدرون ويصلون الى سنجار والى الدير بسورية ، وقال أنه وجماعته يفعلون الشر والخير ، أي أنهم حرب على أعداهم ، وسلم لمن صادقهم . لاشك أن ساجر الرفدي قوي العزيمة ، شديد الشكيمة ، طموح الى أبعد حد ، وقد أوجد نفسه من لاشئ ، وفي بعض غزواته قيلت هذه القصيدة ويقال أنها للشاعر اليمني شاعر ساجر الرفدي :






غنـام هـام ويـم طلعـه جذبـنـا
طير الحباري لا برق الريش عفـار


وشفنا واغرنـا فوقهـن وانتدبنـا
وشالن ابن لامي على الوجه حـدار


وهمنا الدويـش بديرتـه وانقلبنـا
جيانهم ما تروي الخيـل واعسـار


صبح أربعٍ من جو خضـرا شربنـا
وتشاوروا للراي صليبين الاشـوار


والصبح من فوق الركايـب ركبنـا
ومـرن رجـم للهيـازع وسـنـار


وابن علي قلـط لنـا البيـت يبنـا
وجينا كشافٍ عقب الأضحى والأفكار


ومن فوق زينـات السبايـا هذبنـا
بيومٍ عبوسٍ فيه عج الدخـن ثـار


ولبن علي وابـن طوالـة ضربنـا
واقفـن بريـاد العشاشيـق عبـار


حنـا ليـا منـا عديـنـا غلبـنـا
وعدونا نسقيـه كاسـات الامـرار


أقفن سلايل خيلهـم مـن غضبنـا
غلبـا مدلهـة العشايـر بالأقفـار


وحنـا ليـا منـا زعلنـا حربـنـا
ونذر الدخيل ونكرم الضيف والجار


ويامـا غضبناهـم ولحـدٍ غضبنـا
وهذي عوايدنا على الهجن وامعـار


وعدواننـا تشكـي فعايـل سربنـا
نـوبٍ مسانيـدٍ ونوبـات حــدار








ويقصد الشاعر اليمني بكلمة غنام هو ساجر الرفدي قائدهم مشبهاً اياه بالصقر ، لأن غنام من أسماء أسماء الصقور ، وقال أنهم أبصروا عربان أبن لامي ، فأغاروا عليهم ، وأخذوهم ، ثم صمموا على مهاجمة الدويش ، وأخيراً تراجعوا لأن مناهلهم قليلة الماء ، لا تروي الخيل ، وعسار ، أي عميقة . وفي صبيحة اليوم الرابع وصلوا منهل ( خضرا ) المعروف وشربوا منه ، وهناك تبادلوا الراي ، ثم مشوا باليوم الخامس ومروا برجم ( الهيازع ) و ( سنار ) وهناك وجدوا ان أبن علي زعيم قبيلة عبده من شمر قد علم بهم ، وقطع عليهم الطريق ، متصدياً لهم ، وقد أنظم الى ابن علي ابن طواله زعيم قبيلة الأسلم من شمر ، وذكر الشاعر أنهم هاجموهم وهزموهم هم ومن معهم ، وان خيلهم هاربة ومن فوقها الشبان الذين يعشقون البنات ، وقال أنهم ( يقصد جماعة ساجر ) يغلبون كل من يحاربهم ، ولا يغلبون ،
وكأنه معني ببيت عمرو بن كلثوم حيث قال :
:






فان نغلب فغلابون قدما
وان نغلب فغير مغلبينا







ثم قال في آخر قصيدته : وهو ولا شك يتكلم بلسان ساجر : أنه اذا تحداه أحد حاربه ، وانه يجير من أستجار به ، ويكرم ضيفه وجاره ، ثم قال أنه يغتصب الناس ، ولا يستطيعون أغتصابه وهذه هي عادته على صهوات الجياد ، وأكوار الأبل ، وقال ان اعداءنا يشكون الضيم من كراديس خيلنا ، واننا نسير بنجد جيئه وذهاباً لا نخشى من أعترض طريقنا . :

نــجــم
29-03-2012, 07:18 PM
وفي سنة من السنين ، وفي عنفوان زعامة ساجر الرفدي ، وبروز شخصيته بين زعماء قبائل نجد ، حصل بين آل شعلان خلاف على الزعامة وهم عائلة آل نايف وعائلة آل مشهور ، وكان شيخ آل شعلان وقبائل الرولة آنذاك هو فيصل بن نايف الشعلان ، ويسانده أخوه هزاع بن نايف ، وأبنا أخيه وهما فواز وسطام أبناء حمد النايف ، وقد حصلت بين العائلتين معركة ، تغلب فيها آل مشهور على آل نايف ، وقتلوا فيصل بن نايف شيخ القبيلة ، وأبن أخيه فواز ، وجرح هزاع جرحاً بليغاً .. على أثر ذلك عابت رجله ، أما سطام بن حمد فكان صبياً صغيراً ، لم يبلغ سن الرشد ، وكان عمره يقارب ثلاث عشر سنة ، ففر به عبيد آل نايف ، والتجأوا به الى الشيخ ساجر الرفدي ، أما آل مشهور فقد أخذوا راية الشعلان المشهورة وهي عبارة عن هودج مجلل بريش النعام ، ومن أخذ هذه الراية من عائلة الشعلان يصبح هو رئيس القبيلة ، وكانوا يحملونها في ساعات الحروب ، يتكاتفون من حولها ، وفعلاً ترأس آل مشهور بقبائل الرولة . أما سطام بن شعلان فعندما التجأ الى ساجر الرفدي هو وعبيده ، سألهم ساجر عن القصد من لجوئهم ، فأخبروه بما وقع بينهم وبين أبناء عمهم ابناء مشهور ، وأن شيخ الرولة فيصلا قد قتل ، وكذلك ابن أخيه فواز ، وان أبن مشهور غدر بهم ، وطلبوا من ساجر أن يعينهم بنفسه وبقومه ، لأخذ الثأر من آل مشهور ، وأستعادة الراية ، وقد لبى طلبهم ، وقال : اطمئنوا فأنا معكم ، وأعطيكم عهد الله على ذلك ، ولكن لابد من أن اتوجه أنا وياكم للشيخ أبن هذال ، شيخ العمارات ، لنعرض عليه الأمر ، ونخبره بكل ماحصل ، ونطلب منه ان يكون بجانبنا لتنفيذ ما طلبتموه ، وانا اؤكد لكم انني سأكون معكم حتى ولو أعتذر ابن هذال ، ثم توجه ساجر ومعه الصبي الصغير الى أبن هذال وأخبروه بالأمر، وطلب منه ساجر أن يقود قبائل العمارات ، لأخذ ثأر آل نايف من آل مشهور ، وارجاع رايتهم اليهم ، وقد أستعد أبن هذال لذلك ، وطمأن الشيخ الصغير سطام بن شعلان ،بأنه سيسير معهم ، وعمم الأمر على جميع قبائل العمارات ، ثم ألتفوا من حوله ، ومعه ساجر الرفدي وقبائله ، وسطام معهم ، ومن معه من العبيد ، وقيل أن معهم قسماً من قبائل الرولة ، وزحفوا على آل مشهور ، وقبائل الرولة ، وكان آل مشهور ومن معهم نازلين في وادي
( أبا القور) المعروف ، وقد أرسل أبن هذال جواسيس ليسبروا قوة الرولة ، وبعد أن عاد اليه الجواسيس وأخبروه أن الرولة مجتمعون عن بكرة أبيهم مع آل مشهور ، وبعد أن تأكد أبن هذال من ذلك أستصعب الأمر ، والتفت الى ساجر الرفدي وسطام بن شعلان وقال لهما : لابد من الرجوع والتأني ، الى أن يتفرق عربان الرولة عن آل مشهور ، ثم نغزوهم مرة ثانية ، وهم وحدهم ، وننفذ ما طلبه سطام بن شعلان ، وعندما لاحظ عبيد سطام تردد ابن هذال ، وجهوا سطاماً بأن يستثير ساجر الرفدي بالنخوة العربية ، ولما فعل سطام قام ساجر الرفدي غاضباَ ، وركب قلوصه ، وصاح بفرسان قبائل العمارات ، وقال من يريد أن يتبعني فأنا ذاهب لمهاجمة آل مشهور ومن معهم ، لأخذ ثأر من أستجار بي ، ومن يرد منكم أن يرجع فهو حر ، ثم دفع مطيته مسرعاَ ، ومستجنباَ جواده ،وذهبت فرسان العمارات خلفه ، ولم يتأخر أحد عنه ، وعندما لاحظ الشيخ ابن هذال ذلك صمم على الأستمرار معهم ، لتنفيذ الخطه ، فهاجموا آل مشهور ومن معهم من الرولة ، الا أنهم لم يظفروا بعائلة آل مشهور ، لأنهم دافعوا عن ظعينتهم الخاصة ، وعن راية الزعامة ، وحموها من القوم المغيرين ، وتوجهوا الى أراضي دومة الجندل ، وبعد ذلك قرر ابن هذال الأكتفاء بهذه المعركة ، وأمر القوم بالرجوع ،ولكن ساجر لم يكتف بذلك بل أصر على مناصرة سطام بن شعلان ، وعارض ابن هذال بالراي ، واستمر بمطاردة آل مشهور، وتبعه العمارات ، ولم يتأخر منهم أحد ، ثم كر على آل مشهور مرة ثانية ، وهم في دومة الجندل ، وقتل من فرسانهم عدداَ كبيراَ وأسر الكثير ،واسترجع الراية ، وسلمها لسطام بن حمد الشعلان، وعادوا الى منصبهم الذي سلب منهم . أما ساجر فهو لم يكتف بهذا النصر ، بل كان حافزاَ له على مواصلة غاراته على جهات اخرى ، فأغار على الشيخ ابن زويمل أحد مشايخ شمر وهو المسئوول عن أبل طلال ابن رشيد حاكم حائل ، وكان في الدهناء وقد قتل ابن زويمل ، واخذ كل ماعنده لأبن رشيد من المواشي ، وكذلك أخذ جميع حلال قبيلة بن زويمل ، وبهذه الحادثه أثبت ساجر الرفدي جرأته الفائقه ، حيث تجرأ على مهاجمة المسؤول لحاكم حائل ، متحدياَ بذلك الحاكم نفسه ، وقد رجع بهذه الغنائم العديده الى أهله ،
وقال هذه القصيدة واصفاَ قومه مفاخراَ بهم :
:






مزنٍ تزبر عم عرعر وابا القـور
سيله على كل المشاريف ضافـي


أول خياله صار فوق أبن مشهور
جاهم على وضح النقا مع كشافـي


ياما أقبلن باخوات ربدا تقل سور
وياما أنتحن باخوات ربدا مقافـي


كسيرة فيها أحمـر الـدم منثـور
وقفواعليهـم لابسيـن الغدافـي


وخيل ضبابه وانتحى السيل بحدور
وبن زويمل شاله السيـل طافـي


فاجاه من فوق الرمك كل مصطور
خيال ذروه يـوم هـي بالعوافـي


ذروات أخذناهن ويبرى لهن
مالـك ياربيـع الضعافـي


غرنا على ذروات مع فجة النـور
وتخززوهـن ناقليـن الشـلافـي


والفاطر اللي عندكم فات لـه دور
حنت ولا تالـي حنينـه عوافـي


هذي عوايد مدبـة كـل صابـور
قول علـى فعـل وكـاد يشافـي


وسطام خليناه يركب على الكـور
وعقب العنا والكود شاف العوافي


والمركب اللي فوقه الدل منشـور
جانا بضرب مصقـلات الرهافـي







وفد شبه ساجر قومه بالمزن وأن سيله غطى كل كل مرتفع ، وأنه أمطر أول ما أمطر على نزل أبن مشهور ، وأنه أتى اليهم جهاراً ولم يأتهم غدراً ، وقد أثنى على فرسان آل مشهور، حيث قال أن فرسانهم بكرون مرة ويفرون مرة أخرى ، بعد أن يسيل الدم منهم ، وقال أن هذا المزن بعد أن أمطر على آل مشهور أتجه الى أبن زويمل ، المسؤول لأبن رشيد و( ذروات ) أخذناها قسراً ويعني أبل طلال بن رشيد التي يغزو عليها ، وأن من ضمنها خوراً أي أنه أخذ القلائص ومعها أبل غيرها من أبل بن رشيد ، وقال في آخر قصيدته : أن هذه عوائدنا نؤدب الرجال بالرجال ، ولا نقول شيئاً الا ونفعله ، وكل الناس تشهد بفعلنا ، ثم قال : أننا نصرنا الشيخ سطام بعد أن لحقه العناء والكود ، وقال في آخر بيت : أننا أسترجعنا ( المركب ) وهي راية آل نايف بضرب مرهفات السيوف 0 وبهذه المناسبة قال شاعره سليمان اليمني هذه القصيدة :






حر شلع مـن مرقـب مرقبينـه
طلعه بعيد وصيدته حص الأوبـار


غنـام صيـاد الشـواة السمينـة
بمصافق الغـارات للضـد دمـار


صك أبن مشهور وفـرق ظعينـه
وخلى حريمه قاعدات على الـدار


ردد ردوده ثـم صـدر يميـنـه
وأدلى على نزل الزميلي بالأصحار


ساجر ضربهم ضربة فـي يمينـه
وحلنا على ذروات بالموقف الحار


كون الضياغم من بخت حاضرينه
طرش كثير وباغي الهجن يحتـار


ذروات جن أبهن من الوضح عينه
وضح تخافق وسطهن تقل نـوار


راعي البويضا خبـروا جاهلينـه
كم حلةٍ خلي عمدها علـى الـدار


ساجر حلف حلـفٍ وتمـم لدينـه
وخوات بتلا للعدو كسـر تغبـار


طلال قـل للعبـد بينـك وبينـه
وش لون يا من والعمارات عمار


وش لون تقبل لذة النـوم عينـه
ووراه ربعٍ مايهابـون الأخطـار


من بـاب بغـداد لبـاب المدينـه
يلقى بني وايل على الكود صبـار


من فوق الأنضا ما بغو واصلينـه
مستجنبين قرح الخيـل وأمهـار


كم خفرةٍ تنعـى وتبكـي جنينـه
خلي لسمحان الضواري بالأقفـار


وكم خايعٍ وقت الخطـر نازلينـه
عاداتهم نزل الخطر سر وأجهـار


وكم حلةٍ فوق الرمـك ساهجينـه
باقفار نجـد وكـل دار لهـم دار


وكم عايل بارماحهم جـاد عينـه
من ضيمهم يشرب قراطيع الأمرار






وفي هذه القصيدة يقول لطلال بن رشيد : أسأل عمك عبيد كيف ينام وقبيلة العمارات على الوجود ، ولازالت قوية ، وأن ساجر معهم ، لايهاب الأخطار ، ثم قال : من مدينة بغداد الى المدينة المنورة وبنو وائل موجودون على خيولهم ، وأنهم يصلون الى أي شئ يريدونه ، وكم أشبعوا الذئاب الجائعة ، من جثث القتلى ، وكم أرض قفرة رتعوا بها ، دون مبالاة بأحد ، وأنهم يتنقلون في كل بلاد نجد ، وينزلون حيث ما أرادوا ، سراً وجهاراً ، وكل عائل مستكبر يؤدبونه ، ثم أشاد بقائدهم ساجر الرفدي ورمز اليه بالصقر ، وأن نظرته بعيدة ، وأنه بالمعارك يدمر الأضداد ، ثم قال أنه فرق شمل آل مشهور وترك نساءهم على الأرض ، وقال أنهم ردوا ماغنموه من آل مشهور من الأبل لأهلهم ،ثم أستمر بغزوته وأغار على أبن زويمل المسؤول لأبن رشيد ، وأنه قتل أبن زويمل وأخذ حلال بن رشيد وأخذوا ذروات ، وهذا هو أسم قلائص ابن رشيد التي يغزو عليها ، وقال أن من بينها أبلا وضح أي بيض الألوان ، وشبهها بالنوار ، يقصد زهر الأقحوان ، وقال أن ساجر أخذهم بيوم حار ، أي بمعركة حامية ، وأنه أعطى قومه الخيار من أبل بن رشيد لأنها كلها من أصائل القلائص ، وقال أن هذه هي أفعال صاحب البويضا ، ويقصد ساجر الرفدي فالذي لا يعرفه يجب أن يعرفه ، وقال أنه أقسم يميناً أن يخلص راية سطام من أبناء عمه آل مشهوروقد أوفى بقسمه ، وبعد ذلك أثنى على أخوات بتلى ، ويقصد مشائخ العمارات آل هذال 0
بعد هذه الوقائع التي فاز بها ساجر زادت شهرته علواً ، وصيته أنتشاراً ، وأخذت تنظر اليه القبائل نظرة أعجاب ، وكان يساعده الحظ في كل غزوة يغزوها ،ولذلك أخذ زعماء القبائل ينظرون اليه نظرة الكراهية ، أصبح مصدر خطر على زعامتهم بين قبائلهم ، خاصة مشائخ
( ضنى بشر ) من عنزه 0
:

نــجــم
29-03-2012, 07:18 PM
وقد نشب الخلاف بين ساجر وشيخ من الخرصة من الفدعان يسمى السمن ، ويقال ان هذا الشيخ قام لدهام بن قعيشيش شيخ قبيلة عموم الخرصة من الفدعان محرضاً اياه على أن يغزو ساجر الرفدي وجماعته السلقا ، لسلب أموالهم وتحويلهم الى فلاليح ، يزرعون بالأرض ، هذه الكلمات أثارت ساجر فشن الحرب على السمن ، وقال هذه القصيدة :







يالسمن ما ربعي لربعـك فلاليـح
ربعـي مقزيـن العـدو بالفعايـل


ربعي هل الطولة على الفطر الفيح
مستردفيـن مبشمـات الفتـايـل


ان درهم الصابور ما من تصافيـح
منـا ومنكـم يرملـن الحـلايـل


والله ما تسرح على الحمض وتريح
ما دام مـا حطـوا علـي النثايـل


مادام ماغـزت علـي الصلافيـح
ما نشرب الفنجال والحـق مايـل


حنـا بعـون الله عـداة مفاليـح
تشهد لنـا بالطيـب كـل القبايـل


على النضا والخيل دايم مشاويـح
ما نتقي بـرد الشتـاء والقوايـل


نسعى بدنيانا نبـي هبـة الريـح
ونخوض غبـاة ونكسـب جمايـل


ياما عدينا يم أبا الهيـل وشبيـح
وياما وطـن فينـا قفـار وحايـل


ومن الشعب جبنا نياق المصاليـح
وردن واغرنا يـم بيضـا نثايـل


وهل الحفر فاجيتهـم بالمصابيـح
وجبنـا حـلال الطيبيـن الحمايـل


يوم العفون أهل السوالف مدابيـح
أنا على الطفقات صايـل وجايـل








وبعد ذلك تطورت القضية وثار الشيخ دهام بن قعيشيش ، والشيخ نايف بن غبين ، وكذلك مشايخ قبيلة سبيع ، ثار كل هؤلاء متالبين ضد ساجر الرفدي ، ولكن ساجر أخذ يشن عليهم الغارات المتتابعه ، وحاصرهم حصاراً شديداً ، حتى حمى عليهم الرعي بالفلوات التي ينبت بها الحمض ، وقصد بهذه المناسبة الشاعر البليعان الذي هو من ضنا عبيد ( السبعة) والفدعان خصوم ساجر الرفدي ، وقد أثنى على ساجر ثناء عاطراً ومدحه بما يستحقه ، وهذه من فضائل العرب ، ولاشك أن الشاعر البليعان من المعجبين ببطولة ساجر ، وقد طلب له البليعان بالقصيدة التوفيق والعز ، وأشار الى كراهية المشايخ لساجر ، وقال : أن ساجر أغنى قومه بالغزوات ، وأن كل بلاد من بلاد الاعداء شرب مائها ، ووصل اليها ، وقال : أنه يكسب الأبل الوضح أي البيض في الوقت الذي كان الزعماء غيره نايمين عنها ، الى أن قال بقصيدته : أن ساجر يمتطي الخيل والأبل بغزواته الى أن يسيل الدم من خفاف الأبل ، من شدة الهجير بالصيف ، ثم ذكر أن ساجر حرم على ضنا عبيد المرتع في أراضيهم التي كانوا يملكونها من قبل ، وقد بينها في قصيدته وحددها ، وقال : أن أبناء وايل لايقربونها خوفاً من ساجر ووصفه بالأسد المطل على الذئاب من فوق مرتفع ، وهذه هي القصيدة :
: [/size]








يا راكـب حمـرا تـذب الطواريـق
جدعيـة قطـع الفيـافـي منـاهـا


مدت من الضلعان وقـت التشاريـق
تلفي لساجر هـو محـاري عشاهـا


عساه مـع ربعـه بعـز وتوافيـق
اللابـه اللـي كـل شيـخ جفـاهـا


ساجر جموعه عاشهـا بالتصافيـق
كـم ديـرة قـد وردوا بـرد ماهـا


كم ديـرة جوهـا العيـال المطاليـق
هـدوا رواسيهـا وداسـوا حماهـا


فوق الرمـك ومجاذبـات الخنانيـق
كـم طامـح فكـوا حبـال وراهــا


الوضح جابوهـا تـذب الطواريـق
يـوم أن كـل نايـم مـا نصـاهـا


من فوق قب من طـوال السماحيـق
وهجن بحـر القيـظ يدمـي حفاهـا


الله يا عشـب بالأكـوام مـا ذيـق
في قفرةٍ راعـي البويضـا حماهـا


التنف وأرض شبيح وأرض الزرانيق
أولاد وايـل مـا تقـرب حمـاهـا


من خوف ساجر يدب القوم ويويـق
سبع الذياب اللي ظهر مـع شفاهـا





وعندما تبين لساجر أن ضنا عبيد قد أجمعوا أمرهم على حربه قال قصيدة لم أظفر منها بسوى الخمسة الأبيات التالية : :








يا عيال يللي فوق النضا مواريد
خوذوا سباياكم وخوذوا قراكـم


خوذوا مهانيد النمش والبواريد
الله لا يخيب رجا مـن رجاكـم


يا لابتي ما عاد فيها تصاديـد
والعز بتالي خطوةٍ من خطاكـم


يا لابتي نبي نطارد ضنا عبيـد
حتى يبين طيبكم مـن رداكـم


اللي يلفون الضماير على الكيد
بين خطاهم واستحقوا خطاكـم





لقد أستحث ساجر فرسانه وأمرهم بأخذ قلائصهم وخيولهم ، وأمرهم بأخذ سلاحهم من السيوف والبنادق ، وقال أن الحرب واقعه لا محالة بيننا وبين ضنا عبيد ، وأكد لهم أن عزهم عندما ينجزون مهمتهم ، بأتلى خطوة من خطاهم الثابتة ، وقال أننا سنتجاول نحن وضنا عبيد على الخيل ، حتى تثبت لهم شجاعتكم ، ويعرفونكم تماماً بميدان الحرب ، وأكد لجماعته أن خصومهم تنطوي ضمائرهم على الكيد والخبث ، وأنهم بدأوكم بالخطا ولذلك فقد أستحقوا خطاكم فيجب تأديبهم ، وبعد ذلك شن ساجر غاراته على ضنا عبيد ، بعد أن تجهز هو وفرسانه ، وأخذ أبلا لأحد كبارهم ، وعندما علم بذلك ضنا عبيد الذين هم السبعة والفدعان ركبوا خيولهم ولحقوا
بساجر ليخلصوا أبلهم منه ، فاحتدم الصراع بينهم وبينه عند الأبل ، وقام فرسان ( ضنا عبيد ) بمجهود كبير ، وهاجموا بشجاعة المستميت ، ولكن ساجر وأبطاله صمدوا وأثخنوا فرسان
( ضنا عبيد ) بالضربات القاتلة وتراجعوا عاجزين بعد أن قتل منهم عدد كبير ، وتم أستيلاء ساجر على الأبل . وبهذه المناسبة قال شاعر ساجر سليمان اليمني هذه القصيدة ، وقد فصل فيها تفصيلاً وافياً :
:






[size=4]حرٍ شلع من راس سفـان وأنهـام
يهوي على ناحٍ ويصطي على نـاح


هام العراق وقالـوا الـدرب قـدام
وطالع على يمنـاه خلفـات ولقـاح


ونوى على درب المقاديـر جـزام
براس اللوى أدلى على المال سراح


وأقفوا هل الطوعات عجلات الولام
بقطعان ابن كردوش كساب الأمداح


صكوا بهن صكت على الزاد صيـام
حل الفطور وقال سمـوا بالأفـلاح


ولحقوا هل العرفا وطابـور الأروام
فزعة قطين وبه عشاشيـق طمـاح


وهازوا وردوا والدخـن ينهـم زام
وشافوا سهوم الموت من دونهم لاح


وتلافتن حـرش العراقيـب سجـام
شرهن على مركاض مهدين الأرواح


وغدا لهم عقـب النواديـة نمنـام
وأنيابهم من حامـي السـو كـلاح


وقفوا معيفينٍ بعد ضـرب وزحـام
كم من عديمٍ باللقـا قفوهـم طـاح


أنذرتكم يا بشر فـي عامنـا العـام
عن طاري الفزعة ليا صاح صيـاح


مادام ساجر كنـه السيـع ضرغـام
عن صيدتة ما نزحـه كـل نبـاح


مصطور قطـاع الفيافـي وجـزام
عيـى عنيـد للطوابيـر نـطـاح


من راس البلقا الـى نقـرة الشـام
منه الدول خافت علـى كـل فـلاح





وهنا أكد الشاعر سليمان اليمني وصف وصف سيده وزعيمه بالصقر الذي أعتلى مرتفعاً من الأرض ، وأخذ يتحفز لأقتناص صيدته ، وأوهم أعداءه أنه يريد غيرهم لينقض عليهم على غرة ، والحرب خدعة ، وقال أنه فاجأهم وأخذ أبل بن كردوش ، وشهد له الشاعر أنه من الذين يكسبون المدح ، أي من الرجال الطيبين ، ثم ذكر أنهم أحاطوا بالأبل من كل جانب أحاطة السوار بالمعصم ، أو كأحاطة الصائمين بفطورهم بعد أن غربت الشمس وحل الفطور ، ثم انه قال : أنهم لحقوا أهل ( العرفا ) وطابور الأروام ، اما هل العرفا فهم قبيلة السبعة وكانوا ينتخون بالعرفا ، والعرفا المذكورة هي الأكمه الصغيرة التي تقع شرق مطار الطائف ، أما الأروام فهم الخرصة من قبيلة الفدعان جماعة بن قعيشيش وهم ينتخون بالروم وهذه عادتهم , وفي نفس البيت قال : انهم هبطوا من القطين أي من المنهل الكبير الذي تجتمع فيه قبائلهم ، وهنا يبين أنهم ليسوا بقلة ، بل أن عددهم كثير ، وقال أنهم هاجموهم بعد تردد وبعد ان ثار ملح البارود من بنادقهم ، وكذلك رأوا الموت يحول بينهم وبين أبلهم ، ثم قال أن الأبل ألتفتت اليهم ساجمة أي ذاهلة حسيرة وكانت مؤ ملة أن أصحابها يخلصونها ، ولكن أنيابهم كلحت ، وظهر عجزهم ، وأخذوا يتقهقرون ، ورجعوا يائسين من فكها ، بعد أن شاهدوا عدد القتلى على الأرض دونها ، ثم قال الشاعر أنني نصحتكم بالعام الماضي ولم تقبلوا نصيحتي ، وقلت لكم أن شيئاً يغنمه ساجر لا تفكروا بأرجاعه ، وأنه لا يضيره نباح الكلاب ، وقال أن ساجر مصطور أي صلب القناة ، وأنه يقطع الفيافي الموحشة ولا يرهبها ، وعنيد بالحروب ويقابل الطوابير أي الكراديس من الخيل ، ثم قال بالبيت الأخير أن دولة الأتراك أخذت تخشى على كل فلاح من ساجر ، لأنه أخذ يتوغل بين قرى العراق وسورية ، وقام بغارات قرب المدن .
لقد نجح ساجر في أول معركة على ( ضنا عبيد ) وأخذ يوالي غاراته عليهم ، وفي أحدى المناسبات قال هذه القصيدة في خصومه ( ضنا عبيد ) :
:






يامن لعين كلمـا قلـت نام
ـتفزت وقامـت ماتريـد منـام


ويامن لقلب كل ماقـول دالـه
يجيه من بين الضلـوع وهـام


يحس ضيم من الرفاقه وغدره
مربعٍ عليهـم كـل يـوم مـلام


تشاوروا بالغدر ناوين حربنـا
نايف وبلاص الرجـال دهـام


يبون غرتنـا وحنـا عذابهـم
ومن قال أنا ضيم الرجال يضام


عليهم مشاويل السبايا نجرهـ
ابربعٍ على خوض الحروب هيام


يامـا وردنـا عقلـةٍ جاهليـة
وطيرت من جال القليب حمـام


حريبنا يشكي مصاطي سيوفنـا
أن ثار من تحت الكتـام كتـام


وعدونا نسقيه كاسٍ من الطنـا
ونجيه فوق الراهمـات شمـام


كم غارةٍ وجهتها يمـة العـدا
وخذت من عقب الجهام جهـام


كمٍ خيرٍ شاف العنا عقب فعلنـا
تذكـر لعـزه بالمنـام حـلام


ما دام أنا حي فهـذي فعايلـي
وأن مت للجنة بـرد وسـلام






بين ساجر بهذه القصيدة أنه يشعر بأن ( ضنا عبيد ) يتآمرون عليه وخص بذلك الشيخ نايف والشيخ دهام بن قعيشيش ، ولكنه قال اذا كانوا يهتمون بغدرنا فنحن على أهبة الأستعداد لهم ، ومن أعتقد أنه سيضيم الرجال ، فالرجال سيضيمونه ، وسوف نقابلهم على صهوات الجياد ، ثم أخذ يفخر بنفسه وبقومه ، ويوضح أعمالهم ، وقال في آخر بيت أنه سيواصل أفعاله ما دام حيا ، الى أن قال : وان توفاني الله فأنا أرجوا رحمته وجناته .
وبهذه الفتره أحس ساجر أن أبن هذال شيخ العمارات لا يطمئن له ، وأنه أخذ يعمل ضده ، ورفض أن يساعده على حربه مع ( ضنا عبيد ) وقال هذه الأبيات :
:







أن بعتنا ياشيـخ حنـا ذكرنـاكب
الخير يا رامـي عباتـه لغيـره


ياشيخ مـا حنـا هـذولا وذولاكحنا
معادينـا علـى كـل ديـره


صابورنا ياطا على حوض الأدراك
وخيـل مكاميـن وخيـل مغيـره


كانك تبي فضخة عيونك بيمنـا
كأضرب عليها يا قليـل البصيـره

نــجــم
29-03-2012, 07:18 PM
لقد طال حرب ساجر مع قبائل ( ضنا عبيد ) وحصل بينهم معارك دامية ، وكان ساجر مضرب الأمثال بالأقدام ، والطموح ، وقد عاش عمراً طويلاً ، وعندما طعن بالسن وشعر أن قواه بدأت تضعف وأحس أن سعده لم يكن كما كان .. قال هذه القصيدة متغزلاً بمحبوبة له وهو يقصد دنياه التي عاش فيها :
:






عيني قزت عن نومها وأسهرتنـي
ماهي مريضه مار بالقلـب ولـوال


واحسرتي مـن عشقتـي عايفتنـي
وشامت ونسيت ما مضى لي بالأفعال


تعطـرت يـوم أنـهـا باغيتـنـي
واليوم ما حطت علومي على البـال


وقرونهـا جـرد السبايـا تلتـنـي
وعطورهـا دم النشامـا ليـا سـال


عاهدتهـا بالله وهـي عاهدتـنـي
واليوم أشوف أفعولها أقفاي واقبال


دنيـاي بحمـول العنـا ضاهدتنـي
والكبر يرث بالرجـل كـل غربـال


من مدهـا بالجـود يامـا عطتنـي
وياما ركبنا فـوق عجـلات الأزوال


وياما على طيـب الفعايـل هدتنـي
وخليت عيرات النضا تهذل أهـذال


نمشي على ما كـاد لـو ساعفتنـي
وأن عاضبت نذكر بها زين الأمثـال


وكـم سربـةٍ نجـرهـا تابعتـنـي
وخليت غارتها على القـوم تنهـال


والله لخوض بحورها لـو عصتنـي
ما دام جسمي باقـي مـا بعـد زال


مالـي حسايـف كانهـا خالفتنـي
للي يخلـط الخيـر والشـر عمـال





لقد أشتكى ساجر من الأرق ، وبين أسباب أرقه ، ليس من مرض في عينه ولكن لما بقلبه من الولوال، وما يخالجه من الفكير .. ثم أشار متحسراً على محبوبته التي لمس أنها بدأت تنفر منه ، وتناست ماضي فعاله ، وعاملته بالصدود ، وذكر أنها أيام كانت مقبله عليه ، تتعطر وتتجمل ، أما الأن فلم يعد يخطر لها على بال ، ثم وصف ذوائب هذه المحبوبة ، وبين أنها جرد السبايا أي ضمر الخيل ، وأن عطرها دم الأبطال المسفوك ، وذكر أن بينه وبينها عهداً مؤكداً ولكنها أخذت تنكث العهد ، وبدأت تعرض عنه ، وأشتكى بأنه تحمل الغبن من دنياه ، بأسباب الكبر، لما وهن العظم منه ، وشتعل الراس شيباً ، ولطالما مدته بالجود وأعطته من خيراتها ، على صهوات الخيل ، باحثاً عن الرزق ، وكم أهوال لطيب الأفعال وركوب الأبل واجهوها لنيل مقاصدهم ، الى أن قال : سوف أتجشم الصعاب ، لو أنه ساعفتني ، أما اذا أصرت وأعرضت فسأذكرها بالأمثال ، أي الأشعار ، ثم رجع الى ماضيه وقال : كم كوكبه من الخيل قادها وأغار بها على القوم ، ثم أقسم على نفسه رغم كبر سنه أنه سيخاطر بآخر حياته مادام جسمه باقياً ، وفي آخر بيت قال : أنه لا ولن يأسف اذا هي خالفته شريطة أن تتجه الى كفئ يخلط الخير والشر .
ولاشك أن ساجر قد ضرب مثلاً عالياً بالشجاعة والأقدام ، وتزعم قبيلة ( السلقا ) وتضائل أكثر زعماء القبائل أمامه ، ولازالت زعامة قبيلة السلقا يتوارثها أحفاده ، وهم يسكنون بقرية الشملي في أعلي بلاد طئ .
ومن القصص الغريبة التي أتفقت للشيخ ساجر أنه كان نازلاً في أحد مضاربهم ، وله جار يمتلك ستين شاة من الغنم ، وجاء نذير لساجر بأنهم غداً مصبحون من أعدائهم فأصدر أمره الى جماعته بالتحول عن هذا المضرب تفادياً لمفاجأة العدو ، وكانت مواشيهم من الأبل والخيل وليس معهم من الشياه سوى الستين التي يمتلكها جارهم ،وقبل أن يغادروا مقرهم ، فاجأتهم غارة العدو وكان من الممكن أن ينجوا بالخيل والأبل ولكنه من الصعب أن بنجوبالشياه ، وكبر على الشيخ ساجر أن تنجوا قبيلته بابلهم وخيلهم وأن تكون شياه جاره هي كبش الفداء ، وهاله الأمر ثم فكر ماذا يكون حديث الناس عنهم اذا تخلوا عن جارهم وشياهه ، وآخيراً صمم على أن يحملوا شويهات جارهم وأن يقدموها على أموالهم وأولادهم .. فدبر خطة تدل على أن ساجر الى جانب جرأته وشجاعته كان من دهاة الرجال ، شطر خيل أصحابه شطرين لتنفيذ هذه الخطة وكان عدد فرسانه نحو مائة وعشرين فارساً ، فأمر ستين منهم أن يلتقط كل واحد منهم شاة من تلك الغنم ، ثم ينحونها أمام ظعنهم ، بينما الستين الآخرين يقفون مستميتين في وجه العدو المغير ، ثم يعود اللذين نحو الشياه ليشتركوا في المعركة ويخففوا عن أخوانهم ويفسحوا لهم المجال لينوبوا عنهم هذه المره في نقل الشياه وأبعادها مرة ثانية عن المعترك .. وهكذا أستمر أنصار ساجر وفرسانه يتبادلون نقل الشياه ويكافحون العدو المغير في كر وفر معه ، وطراد ونزال ، حتى تم لهم النجاة بشياه جارهم ولم ينقصوا من أموالهم شيئاً ، وعاد المغيرين بخفي حنين ، يجرون أذيال الفشل والخيبة ، كل ذلك فعله ساجر في سبيل حماية الجار ، التي هي من شيم العرب .
ومن ذلك التاريخ أستحق ساجر وجماعته أن يطلق عليهم لقب أصحاب الشويهات ، وهم الى الأن يعرفون بهذا اللقب ، ومعناه أنهم الذين نجوا بشويهات جارهم .
وقصه أخرى طريفه وقف فيها عند قوله وأظهر صوامته وقوة ارادته ،
أن قدرة الأنسان الحقيقية لا تكمن في فعله فقط .. كما أن ذكاءه وأخلاقه لايمكن أن تحدد بأقواله ومعتقداته ، وأن أصعب شئ قد يواجه الأنسان – أي أنسان – هو التوفيق بين ما يهدف اليه
وما يقوله وما يصنعه ، وبمعنى أصح (( أن يقف عند كلمته )) نعم أن الوقوف عند الكلمة ، قد حملت الأنسان الشجاع الكثير الكثير من التضحيات الجسيمة ، ولكنه مع ذلك أعطى بنفس سخية
لا تبخل ، ونفس أبية لا تجزع ، ونفس عزيزة لا تتطامن ، وجنى فوق ذلك كله راحة البال والضمير ، وقد علمنا التاريخ أنه ما من أنسان وقف عند أقواله وقوف المؤمن الصادق ، والمحارب المستميت ، الا وتفتحت أمامه أبواب النصر باباً بعد آخر .. ومثل هذا الرجل انما يغزو قلوب الناس قبل أراضيهم ، ويكسب حبهم قبل أموالهم ، ويضرب الأمثال الشريفة على معنى الوفاء بالعهد .
وامامنا الآن مثال رائع جسد واقع الوفاء بالقول أبلغ تجسيد ، ان قصة ( ساجر الرفدي ) التي تعطينا أبعادها وملامحها قصيدته المشهورة التي تقول :
:






وامهرتي وأنا عليهـا شفـاوى
ان قيل يا هل الخيل تطري عليه


ماني معودها لكسب الشـواوي
ولا رددت فرق البقر بالزويـه


أبرهـا لمكسريـن الـعـزاوي
والحق عليها كل راعي رديـه


يوم الملاقى تعترض بالاهـاوي
الـى تنـادوا بينهـم بالحميـه


وأنا على جدع المدرع رهاوي
وياما جدعت الشيخ والا حليـه


وياما تحملنـا كبـار البـلاوي
وننطح وجيه أهل العزوم القويه


وانا لعصمين الشوارب فـداوي
حماية الساقات فـي كـل هيـه


وليا اجتمع حس الغنا والنعاوي
يا طراد هاك اليوم عيدٍ عليـه






وقدر لساجر الرفدي أن يغزو قبائل الشويان الغزالات .. وقد تغلب عليهم وغنم منهم من الأغنام مايزيد على عشرة آلاف راس .. وعندما أخذ يوزع الغنايم على قومه ، أتى اليه رجل من الشويان المهزومين وقال لساجر : ألست القائل لهذا البيت : :








ماني معودها لكسب الشواوي
ولا رددت فرق البقر بالزويه






ففوجئ ساجر وبهت ، وأجابه ينعم أنا القائل لهذا البيت .. فرد عليه الشاوي ، اذن لماذا تأخذنا ولم تفي بكلامك . فهب ساجر قائماً ونادى في قومه أن تخلوا عن المكاسب جميعها ويجب أن تعاد الى أهلها بدون نقصان – ولاشك بأن هذا الفعل انما يدل على ما يتمتع به ساجر من أحترامه لنفسه قبل أي شئ آخر .. ومعنى أن تحترم نفسك ، أي تصونها وترفعها ولا تجعلها مستنقعاً مليئاً بالمتناقضات والأكاذيب .
وحقاً لقد وفى ساجر و ( وقف عند كلمته ) بكل شجاعة وتضحية ، واستحق بذلك أن يكون رجلاً وبطلاً يصنع التاريخ .
:

نــجــم
29-03-2012, 07:19 PM
ثالثاً : شالح بن هدلان

نسبه – مكانته في قومه – فروسيته – أخوه الفديع – شجاعته – الالفه بينه وبين أخيه – تبادل الشعر بينهما – قتل الفديع وحزن شالح عليه – أبناء شالح – قتل عبيد بن حميد في ثأر الفديع – الشعر بين شالح والجمدة حول ذلك – بروز ذيب بن شالح وفروسيته النادره – شعره – لطفه مع أبيه –كسبه لجواد نادر – أبوه يبكيه حياً – القبائل تتحاشى الأغاره على قومه خوفاً منه – اغارة الملك عبدالعزيز على ظعينة والده – دفاعه المستميت دونها – شعر والده في ذلك – قتل ذيب وحزن والده عليه وشعره في رثائه – كيف قتل ؟ الهويدي وطيره وشعر شالح فيه .. الخ ...

هو الفارس شالح بن حطاب بن هدلان ، نشأ بين أفراد قبيلة الخنافره التي هي فخذ من قبيلة آل محمد القحطانيه ، وعاش الى سنة 1340هـ تقريباً ، وكان مثالياً بشجاعته وأمانته وصدقه وحسن أخلاقه وكرمه ووفاءه ، وكان يحكم لحل المشاكل سواء كانت على مستوى قبلي أو فردي ، وكان محبوباً عند قبائل قحطان وعند القبائل الآخرى 0 نشأ شالح بين أفراد قبيلة الخنافره ، وكان له أخ يسمى الفديع كان أصغر منه كثيراً ، شقيقاً له ، وكان مثالياً بشجاعته وأخلاقه ، ويماثل أخاه شالح في كل شئ ، الا أنه كان مغامراً بفروسيته الى أبعد الحدود ، وكان وفياً مع أخيه شالح ، وخادماً اميناً له ، يرى أن تفانيه في خدمة أخيه الأكبر فضيلة من الفضائل لا يعادلها شئ ، وبعد كملت رجولته تحمل كل مشاق الحياة عن أخيه شالح وأصبح هو حامي ظعينتهم ، وكانت ابلهم لا تذهب للمرعى الا وهو معها مدججاً بالسلاح على صهوة جواده ، وكان حصناً حصيناً لها ، ولأبل الحي ، ولا يخطر ببال أي عدو أن يغير عليها مادام الفديع عندها ، وأذا تجرأ أحد من الأعداء وأغار عليها فلا بد أن يرجع مدحوراً ، وذات يوم مع بزوغ الشمس ، وأخوه شالح جالس حول ناره يحتسي القهوة 00 ألتفت الي الأبل وهي في مباركها قرب البيت رآها تعتب بعقلها ولم يرى الفديع ، فنادى شالح قائلاً : الأبل تعتب بعقلها والفديع غائب عنها أين هو ؟ فقيل له : أن زوجتك تنظف رأسه أي تغسله وترجله داخل البيت ، فقام غاضباً ورأى زوجته تغسل رأس أخيه كعادتها فقال : الأبل حائره في مباركها ولم تذهب للمرعى وأنت عند النساء تغسل رأسك ، فأخذ من التراب ووضعه على راس أخيه ، فقام الأخ البار خجلاً من أخيه وأخذ يمسح التراب عن رأسه ، وهو يردد كلمته العفو يا أخي ، ثم طلب من زوجة أخيه أن تسرج جواده ، وتحضر سلاحه ، وذهب للأبل مسرعاً ، وأخذ يطلق عقالها ، أما شالح فقد رجع الى قهوته ، وجلس من حولها ، وعندما أطلق الفديع عقل الأبل رجع وأخذ سلاحه ولبس عدته ، ثم أتى الى أخيه يمشي بحذر وبخفه متناهية من حيث لايشعر به فقبل رأسه وقبل مابين عينيه ، وقال : في أمان الله يا أخي 0 وركب جواده وأتبع أبله ، التي لا يطمئن شالح الا بوجود أخيه معها 0 وعندما رجع الفديع بعد غروب الشمس أتى الى أخيه شالح وسلم عليه ، وقبل ما بين عينيه ، وجلس في مكان أخيه عند القهوه ، وأخذ يصب لأخيه شالح ، ويقص عليه أخبار يومه الفائت ، ويداعبه بالنكت المضحكه ، ويحاول أن يثبت لأخيه شالح أنه لا يحمل في نفسه عليه أي عتب ، وأنه لم يغتظ من حثو التراب على رأسه ، وكل ما يهمه هو أن يكون أخوه راضياً عنه ، وكان الفديع على عادته آتياً بعدد من الغزلان أصطادها بالفلا فأخذ يقدم لأخيه من طيب لحمها ، وعندما أراد شالح أن يأوي الى مضجعه ، همست زوجته بأذن الفديع وقالت : أن الماءالذي عندنا نفذ ، ولا بد أن أخاك عندما ينتبه من نومه سيطلب ماء للقهوة ، وسأخبره أنه لا يوجد عندنا ماء ، فقال الفديع : الحذر أن يعلم أخي بذلك وطلب منها أن تذهب لأحد الجمال وتنيخه بعيداً عن الأبل وتضع رحله عليه وأن تضع عليه مزادتين وركب الفديع جواده ، وأستاق الجمل أمامه ، وراح يبحث عن منهل يستقي منه الماء ، وعند طلوع الفجر الأول ، وقبل أن يستيقظ أخوه عاد محملاً الجمل بالماء ، وحط الرحل وسكب من الماء في دلال أخيه لتكون جاهزه لأعداد القهوة عندما يستيقظ ، ونام هو قليلاً الى قبل طلوع الشمس ، وقام كعادته وصبح أخاه بالخير ، وأنطلق بأبله كعادته للفلا ، وبعد ذلك أسرت أمرأة شالح لزوجها بما فعله الفديع ، وعندما عاد الفديع بعد غروب الشمس ، وسلم على أخيه وجلس عنده ، لاحظ الفديع أن أخاه شالحاً كثير التفكير ، ومشدوه البال ، فسأله قائلاً : ما بك هذه الليلة ، عسى أن لا تشكو من ألم ؟ أخبرني لأن ما رأيته من تفكيرك أساءني ؟ فقال : ياأخي ليس بي شيئ الا أنني أفكر في حالتك لأنني أتعبتك في هذه الدنيا ، وأنت وحدك متحمل مشاق هذه الحياة ، وكل أيامك وأنت على صهوة جوادك ، وأنا أعرف أن هذا شئ يضني 0 وكم أود أن يكون أبنائي كبارا ليساعدونك ويخدموك ، ولكنك أنت متكفل بهذه العائلة الكبيرة 0 فقال الفديع : أنا سعيد بأن أقوم بخدمتك ، وكل ما أوده بهذه الحياة أن أكون وفياً معك ، وأن أحوز رضاك ، وأن أخدمك كما يجب علي ، وأن لا يحصل مني شئ يكون سبباً في أزعاجك 0وأنشد



:






يا بو ذعار أكفيك لونـي لحالـي
وأصبر على الدنيا وباقي تعبهـا


وأن غم أخوه معثريـن العيالـي
أنا لخويه سعـد عينـه عجبهـا


وأن جن مثل مخزمات الجمالـي
كم سابقٍ تقزي وأنا من سببهـا


كم خفـرةٍ قـد حرمـت للدلالـي
لبست سوادٍ عقب لـذة طربهـا


وأن جيت لي قفرٍ من النشر خالي
يفرح بي الحواز يوم أقبـل بهـا


أفديك يا شالـح بحالـي ومالـي
يا فارس الفرسان مقدم عربهـا


يا متيه أبلـه بـروس المفالـي
ياللي حميت حدودها يـا جنبهـا







قال هذه الأبيات لأخيه فتأثر شالح بها ، وأجابه بهذه القصيده :








لا واخوٍ لي عقب فرقـاه باضيـع
كني بما يجري على العمـر داري


أخوي يا ستـر البنـي المفاريـع
ومطلق لسان الي بأهلهـا تمـاري


ما قط يـومٍ شـد بيـن الفراريـع
يا كود ما بين الكمـي والمشـاري


ليته عصاني مرةٍ قـال مـا طيـع
كود أني أصبر يوم تجري الجواري


أنا أشهد أنه لي سريـع المنافيـع
عبدٍ مليـك لـي ولانـي بشـاري


تشهد عليه مناتـلات المصاريـع
وأعداه من كفه تشوف العـزاري


يمناه تنثر مـن دماهـم قراطيـع
وعوق العديم اللي بدمـه يثـاري


جداع سفرين الوجيـه المداريـع
مخلي سروج الخيل منهم عـواري


القلب ما ينسـى بعيـد المناويـع
ليثٍ على صيد المشاهير ضـاري





وكأن شالحاً قد توقع بهذه القصيده مستقبل أخيه الفديع ، لأن الفديع كان مغامراً بقتاله ، وكان أخوه شالح يخشى عليه دائماً من مغامراته ، لأنه يراه هو كل شئ بالنسبة له ، وكان يفضله على نفسه ، ويفاخر به عند القبائل ، وذات يوم كان شالح راحلاً بظعينته ، وكان أخوه الفديع أرمد العينين ، وجواده يقاد مع الظعينه ، وهو في هودج ، معصوبة عيناه ، فأغار على ظعينتهم كوكبة من الخيل ، وتبين لهم أن هذه الخيل المغيرة هي خيل الحمدة زعماء قبيلة عتيبه ، الشجعان المشهورين بالفروسية ، والذين يضرب المثل بشجاعتهم ، فأخذ شالح وحده يدافع عن الظعينة بكل بسالة ، وكان الحرب بينه وبين المغيرين سجالاً ، فمره يهزمهم ويبعدهم عن الظعينة ، ومره يكثرون عليه ويهزمونه الى أن يصل الى ظعينته ، ثم تتصاعد صيحات النساء ، وزغاريدهن حافزات له على القوم ، فيلقى القوم بقلب أقوى من الحديد ، الى أن يبعدهم عن الظعينة ، فطال القتال وهم على هذا المنوال ، وقد لاحظت والدة شالح والفديع ، أن شالح أعياه الطراد ، فنزلت من هودجها وأسرجت جواد الفديع الأصفر ، وأحضرت سلاحه ، وقالت : أنزل وهب لمساعدة أخيك ، لأن القوم سيغلبونه 0 فقال : يا أماه أنا أذوب كمداً وأحترق حسرة من حين سمعت غارة الخيل ، ولكن كيف أرى حتى أساعد أخي ؟ فقالت : أنا سأجعلك تبصر ، وكان متلهفاً لأن يرى بعينيه ، حتى يهب لمساعدة أخيه ، وعندما أنزلته أمه من الهودج أتت بماء وغسلت عينيه وأخذت تفتحهما بشدة ، ويقال أنه عندما أنفصل كل جفن عن الأخر نزل الدم والصديد معاً من عينيه ، فوثب كأنه النمر ، وركب جواده وهو لا يبصر الا قليلاً ، وكانت خيل الأعداء آتية بأخيه ، فستقبلهم الفديع المغامر غير مبال ، فجندل أول فارس ، ورجعت الخيل هاربة فجندل الآخر ثم جندل الثالث ، وعندما أنغمس بين الخيل ، رشقوه بعدد كثير من الرماح دفاعاً عن النفس ، فأصاب الفديع رمح أخترق رأسه فخر قتيلاً ، ولكن الأعداء أستمروا بالأدبار ، لأنه قد أعياهم القتال ، ونزل شالح عن جواده وقلب أخاه فاذا هو ميت ، وكانت نكبة موجعه لشالح وكانت لحظات ألم أحس وكأن خنجراً مزقت أحشاءه دون أن يستطع ايقاف ألمها الا بالدموع التي
تسابقت متناثرة على وجنتيه ، اللتين علاهما غبار المعركة ، وبعد أن قبل أخاه القبلة الأخيرة ، نظر الى ذلك الجبين المعفر بالتراب ، الذي طالما لامس الارض من خشية الله ، ونظر الى تلك العينين اللتين طالما سهرتا عليه الليالي الطوال ، ونظر الى ساعديه اللذبن طالما أنطلقت منهما الرماح لتصافح صدور الأعداء ، ذائدة عنه وعن محارمه وأمواله 00 وهكذا دارت الأفكار برأس الأمير المنكوب شالح ، ثم مسح التراب عن أخيه بكف مرتعشه ، وطبق جفنيه وأمر من حوله أن يكفنوه ، وكانوا في واد بنجد يسمى ( خفا ) وكان على جانب الوادي هضبة تسمى هضبة ( خفا ) فدفن الفديع على مقربة من هذه الهضبة 00 وهكذا طويت صفحة من التاريخ ، سجلت مثلاً رائعاً للشجاعة والوفاء وكيف كان بر الأخوين لبعضهما ، والمعاملة بينهما التي هي من شيم العرب وأحدى مفاخرهم 0
لقد رثا شالح أخاه بقطرات من دم قلبه في هذه المقطوعة :






أمس الضحى عديت روس الطوي
لاتوهيضت في راس الحجا ماطرا لي


وتسابقن دمـوع عينـي غزيـرا
توصفقت بالكـف اليميـن الشمالـي


وجريت من خافي المعاليـق ونـات
والقلب من بيـن الصناديـق جالـي


واخوي ياللي يم قـارة خفـا فـات
من عاد من عقبـه بيستـر خمالـي


ليته كفانـي سـو بقعـا ولا مـات
وانـا كفيتـه سـو قبـرٍ هيـالـي


وليته مع الحيين راعـي الجمـالات
وأنا فـداً لـه مـن غبـون الليالـي


واخوي ياللي يوم الأخـوان فـلات
من خلقته ما قال : ذا لـك وذا لـي


تبكيه هجـن تالـي الليـل عجـلات
ترقب وعدها يـوم غـاب الهلالـي


وتبكي على شوفـه بنـي عفيفـات
من عقـب فقـده حرمـن الدلالـي


عوق العديم ان جا نهـار المثـارات
والخيل من حسـه يجيهـن جفالـي

نــجــم
29-03-2012, 07:19 PM
وكان لشالح ثلاثة من الصبية أكبرهم ذعار وأوسطهم ذيب وأصغرهم عبدالله ، فأخذ شالح يربيهم ويعلمهم الفروسية ، وتبين له وهم في سن الطفولة ، أن من بينهم صبياً سيعوضه أخاه الفديع ، لمع بعينه معاني الفروسية والرجولة ، وكان أديباً طائعاً لأبيه ، فأصبح شالح لا يحب أن يغيب عن ناظره لحظه واحدة ، الى أن برز بميدان الفروسية ، وكان مثلاً للشجاعة ، وكان مضرب الأمثال بين قبائل نجد ، ولم يكن أخوا ذيب ذعار وعبدالله الا فارسين معدودين من أفرس الرجال بين قبيلة قحطان ، وكانا يتقدمان الغزاة الى بلاد الأعداء ، ولهم أفعال مجيدة بين قومهم ، ولكن شهرة ذيب وشجاعته النادرة غطت على أخويه ، وعلى غيرهم ، وقبل أن يأتي دور ذيب بقي شالح يترقب الفرص بالحمدة رؤساء قبيلة عتيبة ، لأخذ ثأر أخيه الفديع ، وقد أعد العدة لذلك ، وبعد مرور الأيام سنحت الفرصة لشالح لأخذ الثأر من الحمدة بعد أن تقابلوا بالميدان ، وكان أحد أقارب شالح يسمى مبارك بن غنيم بن هدلان قد تعهد بأخذ ثأر الفديع ، فعمد الى عبيد أبن الأمير تركي بن حميد الفارس المشهور ، عمد اليه في حومة الوغى فجندله بثأر الفديع ، فكبر المصاب على الحمده بفقدان عبيد بن تركي بن حميد ، وكان خسارة مؤلمة لهم ، وأخذ أخوه ضيف الله بن تركي يتمثل بهذه الأبيات راثياً أخاه عبيد ، ومتوعداً قبيلة قحطان التي قتلت أخاه ، ومحرضاً الأمير محمد بن هندي بن حميد على ذلك فقال :








ياونتـي ونـة كسيـر الجـبـارة
الى وقف ما احتال وليـا قعـد ون


عليك يـا شبـاب ضـو المنـارة
عليـك ترفـات الصبايـا ينوجـن


من مات عقب عبيـد قلنـا وداره
لا باكـي عقبـه ولا قايـل مــن


تبكيـك صفـرٍ البسوهـا غيـاره
تبكيـك يـوم أن السبايـا يعنـن


وتبكيك وضـحٍ ربعـت بالزبـاره
اليا قزن مـن خايـع مـا يـردن


الخيـل عقـب مـا بـه نـمـاره
وش عاد لو راحن وش عاد لو جن


يا شيخ ما تامـر عليهـم بغـاره
كود الجروح اللي على القلب يبرن


يقطع صبـي مـا ينـادي بثـاره
الى أقبلـن ذولـي وذوليـك قفـن


ياهل الرمك كـل يعسـف مهـاره
والمنع ما نطريـه لاهـم ولا حـن




فأجابه شالح بن هدلان بقوله :




ضيف الله أشرب ما شربنا مـراره
اصبر وكنـك شالـح يـوم حـزن


راح الفديع اللـي علينـا خسـاره
واخذ قضاه عبيـد حامـي ثقلهـن


يمنى رمت به ما تجيهـا الجبـاره
اللي رمت بعبيـد فـي معتلجهـن


من نسل أبوي وضاري للشطـاره
يصيب رمحه يوم الأرمـاح يخطـن


وعبيـد خلـي طايـحٍ بالمـغـاره
عليـه عكفـان المخالـب يحومـن


وعاداتنـا بالصيـد ناخـذ خيـاره
ثلاثة الجذعان غصبـن بـلا مـن


يا قاطع الحسى ترى العلـم شـاره
لا بـد دورات الليالـي يــدورن


حريبنـا كنـه رقـيـد الخـبـاره
خطرٍ عليه اليا توقـظ مـن الجـن


مانـي بقـصـادٍ بلـيـا نـمـاره
أجدع نطيحي بالسهـل وأن تلاقـن


من حل دار النـاس حلـوا ديـاره
لا بد مـا تسكـن ديـاره ويغبـن


ومن شق ستر الناس شقوا ستاره
ومن ضحك بالثرمان يضحك بل سن


وان كان ضيف الله يعسف مهـاره
فمهارنا من عصـر نـوح يطيعـن


تدنـا لصبيـان سـواة النـمـاره
شهـب لماضيـن الفعايـل يعنـن




وهنا نوه شالح بن هدلان عن مقتل عبيد بن تركي بن حميد ، وأنه أخذ ثأر الفديع منه ، وكذلك أشار الى مقتل الثلاثة الجذعان أي الثلاثة الشبان وهم : سلطان بن محمد بن هندي ، ونائف بن محمد بن هندي ، وأبن عم لهم ، وقد قتل الجميع بثأر الفديع 0

نــجــم
29-03-2012, 07:19 PM
نرجع الى الصبي ذيب بن شالح بن هدلان ، فعندما بلغ سن الرابعة عشر ، وكان بهذا السن قد تدرب على ركوب الخيل ، وقد رباه أبوه أحسن تربية ، وذات يوم أجتمع مشايخ الحي من أقارب شالح ، وهم أبناء عمه السفارين ، أجتمعوا لرأي ، ولم يدعوا شالح لحضوره ، وفي آخر اجتماعهم أرسلوا اليه رسولاً يدعونه ، وكان عنده علم بأجتماعهم ، فقال لرسولهم : أخبرهم أنني لن أحضر أجتماعهم ، لأنهم أجتمعوا قبل أن يخبروني ، وأنا سأرحل حالاً الى قبيلة الدواسر ، وقد رحل فعلاً وحاولوا أن يرضوه وأن يعدل عن رأيه ، ولكنه أصر على الرحيل وأرسل

لهم هذه القصيدة :





أنا ليا كثرت لشاويـر مـا شيـر
وحلفت ما تي بارزاً مـا دعانـي


وأنا صديقه في ليالي المعاسيـر
والا الرخـا كـلٍ يسـد بمكانـي


وشوري ليا هجت توالي المظاهير
شلفا عليهـا رايـب الـدم قانـي


شلفا معودهـا لجـذع المشاهيـر
يـوم السبايـا كنهـا الديدحانـي


ماني بخبل ما يعـرف المعابيـر
قدني على قطع الفرج مرجعانـي


أن سندوا حدرت يـم الجوافيـر
وأن حـدروا سنـدت لمريغانـي


ناخذ بخيـران المريبـخ مساييـر
وما دبر المولى على العبد كانـي




فرحل الى قبيلة الدواسر ، وعندما وصل اليهم أكرموه وأعزوه ، فصادف ذات يوم وهو عندهم أن أغار عليهم فرسان من قبيلة عتبة آخر النهار ، وكان ذيب بن شالح قد بلغ من العمر أربعة عشر عاماً ، ولكن والده قد أعد له جواداً من الخيل ، وقد دربه على فنون القتال ، لأنه يعلق على ذيب آمالاً جساماً ، وعندما علم الدواسر بغارة الفرسان على أبلهم ، ركبوا خيولهم وكروا على القوم المغيرين ، وكان جارهم الصغير ذيب معهم ، وعندما تجاولوا على الخيل عند الأبل ، منع الدواسر أبلهم ، وراحوا يطاردون المغيرين من قبيلة عتيبة ، وكانت الشمس قد غربت ، فدفع ذيب جواده بسرعة البرق على فارس من قبيلة عتيبة كان في مؤخرة الفرسان ،يدافع عن جماعته فلكزه برمحه الصغير ، فرماه عن جواده ، وأخذ الجواد غنيمة ، وكانت صفراء اللون ، أي بيضاء ، وكانت غريبة الشكل ، لا يعادلها من الخيل شئ ، فرجع فرسان الدواسر منتصرين ، بعد أن هزموا القوم ، وأخذوا منهم عدداً من الخيل ، ورجع ذيب مع جيرانه منتصراً ، وغانماً أجود جواد في نجد وكانت هذه أول وقعة يحضرها ذيب ، فأسرع أحد فرسان الدواسر ليبشر جارهم شالح أن أبنه بخير ، وأنه غنم جواداً لا يعادلها جواد في نجد ، ولما وصل الفارس الى شالح وجده واقفاً أمام بيته يترقب أخبار أبنه الغالي ، الذي يعلق عليه آمالاً كبيرة ، فبشر الدوسري جاره بما فعل أبنه ذيب ، وأثنى على ذيب بما هو أهل له ، فتهلل وجه شالح بشراً ولما وصل أبنه ذيب ترجل عن الجواد الذي غنمه من القوم ، وجاء يمشي نحوأبيه بخطوات ثابته كأنه النمر فسلم عليه وقبل جبينه ، وسلم له عنان الجواد الغنيمة فشكره أبوه وقال : هذا ظني فيك ياذيب ، وعندما رأى شالح الجواد عرف أن له شأناً عظيماً0 وفي الصباح أعاد النظر في الجواد ، فاذا هي التي يضرب بها المثل عند قبيلةعتيبة ، وقبائل نجد ، وكانت تسمى ( العزبة ) وعندما علم بها الأمير محمد بن سعود بن فيصل ، وعلم بها أمير حائل محمد بن رشيد ، أرسل كل منهما رسله يطلبون الجواد من شالح ، فأعتذر من الرسل ، وقال لهم بصريح العبارة : أن هذه الفرس أخذها ذيب من الأعداء ، وهي لا تصلح الا له ، وأنشد :




يا سابقي كثرت علوم العرب فيـك
علوم الملوك مـن أول ثـم تالـي


لا نيب لا بايـع ولانـي بمهديـك
وأنا اللي أستاهل هدو كـل غالـي


وانتي من الثلث المحرم ولا أعطيك
وأنتي بها الدنيـا شريـدة حلالـي


ياما حلا خطوى القلاعـة تباريـك
أفرح بها قلب الصديـق الموالـي


وياما حلا زين الندى من مواطيـك
في عثعثٍ توه من الوسـم سالـي


وياحلو شمشولٍ من البـدو يتليـك
بقفر به الجازي تربـي الغزالـي


الخير كله نابـتٍ فـي نواصيـك
وأدله ليا راعيـت زولـك قبالـي


بالضيق لوجيـه المداريـع نثنيـك
وعجله وريضة خـلاف التوالـي


حقك علي أني مـن البـر أبديـك
وعلى بدنك الجوخ أحطه جلالـي


أبيه عـن بـرد المشاتـي يدفيـك
وبالقيظ أحطك في نعيـم الظلالـي


يا نافدا اللي حصلك مـن مجانيـك
جابك عقاب الخيل ذيـب العيالـي


جابك صبي الجود من كف راعيك
في ساعةٍ تذهل عقـول الرجالـي


يا سابقـي نبـي نبعـد مشاحيـك
والبعـد سلـم مكرميـن السبالـي


يم الجنوب وديرتـه ننتحـي فيـك
لربعٍ من الأونـاس قفـرٍ وخالـي




وبعد أن قال هذه القصيده رحل الى الربع الخالي كما ذكر في القصيدة ، وابتعد عن الأمير أبن
سعود ومحمد بن رشيد لئلا يأخذا جواد أبنه قسراً ، وعاد بعد أن أطمأن على جواد أبنه ، وبهذه الفتره بدأ يلمع نجم ذيب الخيل أبن شالح ، فأخذت الأنظار تتجه الى الفارس الشاب ، وزادت أخبار شجاعته أنتشاراً ، وأخذ الناس يتحدثون عنه ، وكان ذيب يسأل أباه ورجال الحي من قبيلة الخنافرة عن مصدر الخطر الذي يتوقعونه ومن أي جهة يمكن للعدو أن يفاجئنا منها ؟ فيقولون له من ناحية قبيلة عتيبه ، من الناحية الشمالية ، حيث تكون قبيلة عتيبه شمالاً عن الجهات التي تقطنها قبيلة قحطان ، فيقول ذيب لراعي أبله : أذهب بأبلي الى الشمال أي الى ناحية الخطر الذي يمكن أن يكون من قبيلة عتيبه ، ويتفوه بفخر وأعتزاز قائلا : سأحمي أبلي وأبل قبيلة الخنافرة من أي غاز كائناً من كان ، سواء من قبيلة عتيبة أو من غيرها 00 فتذهب أبله وترجع سالمه ، ولا يمكن لأحد أن يتجرأ عليها مادام ذيب موجوداً عندها 0 ومما قيل عن شالح والد ذيب أنه اذا جلس في مجلسه وحوله رجال القبيلة ينادي أبنه ذيب فيأتيه الأبن البار المطيع مسرعاً ، ثم يقبله الأب الطيب كأنه طفل صغير ، وبعدما يقبله ينفجر باكياً ، وقد لامه قومه مراراً قائلين له : كيف تقبل ذيب بين الرجال كأنه طفل ثم تبكي ؟ فيجيبهم : دعوني أقبل ذيباَ وأبكي عليه وأودعه كل يوم ، لأنني أتخيل أن الدنيا ستحرمني منه ، لأن من كان يخوض غمار الحروب الطاحنة ويندفع مثل أندفاع ذيب المعركة لا يمكن أن يكون من أصحاب الأعمار الطويلة ولابد أن تختطفه يد المنون0 ثم قال قصيدته المشهورة :





ما ذكر به حي بكى حي يـا ذيـب
واليوم أنا بابكيك لـو كنـت حيـا


وياذيب يبكونك هل الفطر الشيـبأن
لا يعتهـم مثـل خيـل المحيـا


وتبكيك قطعـانٍ عليهـا الكواليـب
وشيال حمـل اللـي يبـون الكفيـا


وتبكيك وضـحٍ علقوهـا دباديـب
أن رددت من يمـة الخـوف عيـا


ويبكيك من صكت عليـه المغاليـب
ان صاح باعلى الصوت ياهل الحميا


تنزل بك الحزم المطـرف لياهيـب
ان رددوهـن ناقلـيـن العصـيـا


انا اشهد انك بيننـا منقـع الطيـب
والطيب عسـرٍ مطلبـه مـا تهيـا




ويلاحظ القارئ بيتاً من قصيدة أبيه حيث يقول :




تبكيك وضحٍ علقوها دباديـب
أن رددت عن يمة الخوف عيا




فالواضح هي أبل ذيب بن هدلان ، ولونها أبيض ويسمونها الوضح ، أما الدباديب فهي شئ من الزينة يضعونه على سنام كل حائل من الأبل ، لقد زادته قصيدة أبيه شهرة في نجد ، وسارت بها وبأشعاره الأخرى الركبان ، وبعد أن أستفاض ذكر ذيب في نجد ، أخذت الغزاة يتحاشون الغارة على قبيلة الخنافرة خوفاً من ذيب حتى أن الأمير محمد بن هندي بن حميد قال لفرسان قبيلة عتيبة
أنا أوصيكم بأنكم اذا أغرتم على أبل العدو وسمعتم عندها من يعتزي بقوله : خيال البلها وأنل أبن دراج فلا تطمعوا بالأبل أنجوا بأنفسكم ، لأن هذه هي نخوة قبيلة الخنافرة من قحطان ، التي هي قبيلة ذيب بن هدلان ،وهذا دليل واضح بأن ذيب حامٍ لقبيلته ، مثل ما كان عنترة العبسي حامياً لقبيلة بني عبس 0



ويقال أن الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه ) أغارت فرسانه على شالح بن هدلان ولم يعرف أن هذه أبل شالح ، وأبنه ذيب ، وكان فرسان الملك عبدالعزيز يعدون بالمئات ، أغارت هذه الفرسان على ظعينة شالح وأبنه ولم يكن حاضراً من القبيلة سوى ذيب ووالده وأخوته ، فأخذ ذيب يصد الخيل ببسالة متناهية بل وشجاعة فذة ، وقد أغارت عليه الخيل قبل بزوغ الشمس ، وأخذ ذيب يدافع عن ظعن أبيه وأبله000 الى بعد صلاة العصر ، وهزم الخيل ، بعد أن قتل الأمير فهد بن جلوي ، أبن عم الملك عبدالعزيز ، الشجاع المعروف ، والأمير فهد بن جلوي هو صاحب
( الشلفا ) التي حربتها لا زالت في باب قصر عجلان المسمى ( المصمك ) بمدينة الرياض ، في اليوم الذي هاجم فيه الملك عبدالعزيز قوة بن رشيد التي بالقصر المذكور 0
وأيضاً رمى ذيب بالأمير تركي بن عبدالله آل سعود أبن عم الملك عبدالعزيز رمى به على الأرض وجرحه بجنبه ، وجندل معه تسعة من الفرسان ، وكان ذيب في أوج المعركة يأمر رعيان أبله بأن لا يصلفوا بهجيجهم لئلا يتأثر أبوه ، وكان أبوه طاعناً في السن 0
تخلص ذيب من فرسان الملك عبدالعزيز بفروسية لا يضاهيها أية فروسية ، فمن الذي يستطيع أن يحمي نفسه من فرسان الملك عبدالعزيز منفرداً حمى ظعينة أبيه بقوة ساعده ، وبضرباته الهائلة ، لا شك أن هذه المعجزة تجلت بصحراء نجد ، سجلها شاب من قبيلة قحطان ، القبيلة العريقة ، لقد نشأ هذا الشاب وترعرع بصحراء نجد القاسية ، وسجل هذه المفخرة وعمره لا يتجاوز الثانية والعشرين سنة ، على أول طرة شاربه ، لا شك أنه ينطبق على هذا الشاب بيت عنترة العبسي حيث يقول :





خلقت من حديد أشد قلب
اًوقد بلى الحديد وما بليت





وعندما رجعت خيول الملك عبدالعزيز التي أغارت بدون علمه وأخبره رجالها أنهم رجعوا تحت ضربات ذيب الهائلة ، تأسف الملك عبدالعزيز وقال : لو عرفت أن الظعينة هي ظعينة شالح بن هدلان لأمرتهم بالرجوع عنها ، لأنه شخص طيب ، ولا أحب أن أفاجئه هو وأبناؤه عند محارمهم وعند أبلهم ، وأرسل الى شالح كتاباً يقول فيه : أنني قد عفوت عنه ، وله الأمان ، وعليه أن يرجع بالسمع والطاعة ، فرجع شالح بعد أن أمنه الملك عبدالعزيز وحماه ، وحذر أقاربه من آل سعود بأن لا يفكروا بأخذ الثار من ذيب بن شالح ، وسمح لذيب أن يأتي ويسلم عليه وفعلاً حماه وأكرمه ، ولم يمس بسوء ، وقال الملك عبدالعزيز : أنني كنت أود أن أرى هذا الشاب العجيب ، ولا شك أنه دافع عن والده ، وعن محارمه وأبله ، وكان مظلوماً 0 هذه عبقرية الملك عبدالعزيز ، لقد عفا عن ذيب قاتل أبناء عمه ، وهازم فرسانه ، نعم عفا عنه وقال : أنه مظلوم ، مظلوم ، لأنه لم يبدر منه أي ذنب يستحق التأديب عليه 0 ان الملك كان منصفاً ، فهو يقول الحق ولو كان على نفسه ، ويعترف بالفضيلة ويسعى اليها ، لا شك أن عبدالعزيز عظيم ، ويعفو عن العظائم ، لقد ضرب مثلاً رائعاً للعفو ، ولا شك أن ما قاله أبو الطيب المتنبي يتطبق على الملك عبدالعزيز :





على قدر أهل العزم تأتي العزائمو
تأتي على قدر الكرام المكـارم


وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم





وقد أكد لي بعض الحاضرين أن الملك عندما أغارت خيله على شالح وأولاده ، ما كان عنده علم
بهم ، بل يظن أنهم من الأعداء الأخرين 0 وعندما أنتهت المعركه بين ذيب وفرسان الملك عبدالعزيز ، أناخ ذيب ظعينة أبيه وقبله بين عينيه ، وهنأه بالنصر ، وقال له الوالد الطيب : هذا بمشيئة الله ثم بساعدك ياذيب ، بارك الله فيك ، وأسأل الله أن لا يفجعني بك ، وأخذ شالح ينشد أبياتاً قائلاً : انك يا عبدالعزيز أفرحت علينا أعدائنا ، قاصداً قبيلة عتيبة ، لأنه يشعر أنهم هم أعداؤه وأعداء قبيلة قحطان ، لأن الحروب كانت بينهم مستمره آنذاك ، والأبيات هي :





ياشيـخ فرحتـوا علينـا الـعـداة
اللي بذمـة حكمكـم مـا يـدارون


غرتوا علينا الفجر قبـل الصـلاة
وحنا عددنا خمسـةٍ أو بعـد دون


من صلب أبوي وباللـوازم شفـاة
ماهم فريـق هديه
ـدٍ يـوم يأتـون


يانا فدا اللي مـا يضيـع وصاتـي
ما يسند الا عقب طاعن ومطعـون


سـو علـى ركابـة المكـرمـاتوب
ظهورهن يروي شبا كل مسنـون


ويلكـد ملاكيـد العديـم الـزنـاة
وياويلكـم يللـي بوجهـه تقيفـون


خلـي عشـا للجـوع الحايمـات
من فعل ذيب أهل الرمك عنه يقفون


وياشيـخ لا تسمـع كـلام العـداة
أسفه كلام المبغضه لـو يقولـون


أطلب لحكمـك بالسعـد والثبـاتب
جـاه معبـود لبيـتـه يحـجـون


لعـل مــا يبكـنـك النايـحـات
ياللي على عورات أهل نجد مامون



ولم ينسى ذيب الأبن البار أباه ، فعندما حط رحالهم بعد المعركة ، عمد الى أبله وعقر حائلاً منها وأخذ يشوي من طيب لحمها لأبيه ، ولجاره الدوسري ، ويقدمه لهما وهما يحتسيان القهوة ، وكان
هذا الدوسري صديقاً لشالح بن هدلان منذ عهد بعيد ، وكان شالح لايحب أن يفارقه ، والصداقه بينهما قوية الروابط ، وفي أثناء المعركة ، عندما يكر فرسان الملك عبدالعزيز على ذيب يصيح شالح بأعلى صوته وينادي أخيه الفديع ، الذي مضى على وفاته أكثر من عشرين سنة ، وينخاه ولم يتكلم عن ذيب ، وفروسيته الفذه ، وعندما أنتهت المعركة جعل الدوسري يلوم شالحاً ويقول له : كيف تنخى أخاك وهو ميت منذ عشرين سنة ولا تنخى أبنك الذي أبلى بلاء حسناً ، وهزم خيول الملك عبدالعزيز ؟ فيجيبه شالح قائلاً : أن ذيب حتى الأن لم يلحق ما لحقه عمه من الشجاعة ، لذلك فأنا سأبقى ذاكراً أخي الفديع في كل ملمة الى أن أقنع بشجاعة أبني ذيب ، ويثبت لي أنه أكفا من عمه ، هذا ما يقوله شالح 0 أما أنا فأقول للقارئ : ان الذي دافع عن ظعينته وأبله وحماها من فرسان الملك عبدالعزيز أنه لا يعادله أي فارس من الفرسان في زمانه 0

نــجــم
29-03-2012, 07:20 PM
وهنا يطيب لي أن أذكر طرفاً من بر ذيب بوالده : ان بر ذيب بوالده شالح لم يسبقه أحد اليه ، ولابد أن القارئ قد عرف أن ذيباً قد ذبح لأبيه حائلاً ليشوي من لحمها له ، ولم يثنه عن ذلك عناء المعركة وما لحقه من الأجهاد ، والآن أحدث القارئ عن سيرته التي أستقيتها من المعاصرين لذيب ، كان ذيب لا ينام أبداً وأبوه لم ينم ، وكان يجلب لأبيه الحليب من الأبل وعندما يأتي به اليه ويجده نائماً يبقى واقفاً وواضعاً الاناء على يده وربما حام حول أبيه وذكر الله بصوت منخفض
الى أن يستيقظ أبوه ، ثم يقبل جبينه ، ويناوله الحليب ، ولا يرضى أحد غيره يقدم أي شي من الغذاء بل هو المسئول الوحيد عن تقديم طعام ابيه وخدمته ، ويقال أنه عندما يرحل الظعن يركب مطيته ويذهب أمام ظعينة أبيه ، وعندما يصل الجهة القابلة للمنزل يصطاد من الغزلان أو من الأرانب أو من الحباري ثم يعده لأبيه قبل أن يصل وكذلك يعد له القهوة ، وكان دائماً يحمل أنية طعام أبيه وآنية القهوة على راحلته وعندما يقبل الظعن يستقبل أباه ويهلي ويرحب به كأنه ضيف عزيز عليه ، ويمسك بخطام راحلته وينيخها عند محل جلوسه المعد مسبقاً ، وعندما يترجل والده يقبل جبينه ثم يجلسه تحت ظل شجرة قد أختارها ، واذا لم يجد شجرة يقال أنه يعمل مظلة من الأعشاب لتظل أباه من حرارة الشمس ، الى أن يعدوا بيوتهم ، وعندما يجلس شالح يقدم له أبنه القهوة وبعدها يقدم له لحم الصيد ويقول لأبيه بهذه اللهجة تناول يا أبن هدلان حياك الله فيجيب شالح أبنه : بارك الله فيك ياذيب ،
وذات يوم لم يصطد من الصيد شيئاَ ، وقد أقبل أبوه يتقدم الظعينة ، وبقي ذيب حائراً متحسراً بماذا يقابل أباه وأخيراً أستقر رأيه على أن ينحر مطيته ( الأصيل ) التي يعادل ثمنها خمساً من الأبل ، وفعلاً أخفاها بين الشجر لئلا يراها والده ونحرها ، وأخذ من طيب لحمها وطهاه بالاناء الذي عاده يقدم به لحم الصيد لوالده ،وعندما وصل شالح وأستقبله أبنه كعادته قدم له الأكل ، بعد أن صب له من القهوة ، وعندما تصاعدت رائحة لحم البعير عرف شالح أن هذا ليس بلحم صيد ، فقال لأبنه : ماهذا يا ذيب ؟ قال ذيب : ( شبب يابه ) وهذه لغة قحطان ،أي أن هذا رزق من الله يا أبت ، فكرر أبوه السؤال وكرر الأبن الأجابة ثم عرف الوالد النتيجة فقال لأبنه : ذبحتها يا ذيب
فقال ذيب : هي تفديك يا أعز والد وعوضها سيكون من حلال القوم آتي به اليك ، ثم قال لأبيه : أنا لا أستطيع أن أستقبلك مالم أقدم لك شيئاً من الأكل ، وأقسمت على نفسي أن أستمر على هذه الحالة الى أن يتوفاني الله ، فتأوه والده ثلاث مرات وقال : يا لهفي بعد فرقاك يا ذيب ،
لقد أشتهر ذيب ببره لوالديه ، ووفائه مع أصدقائه ، وعطفه على جيرانه ، وكرمه الحاتمي ،
وذات ليلة كان هو ووالده ساهرين ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار
فأنشد عليه هذه الأبيات :





ياذيب أنا يا بوك حالـي تـردى
وأنا عليك من المواجيب يا ذيب


تكسب لي اللي لا قح عقب عدا
طويلة النسنوس حرشا عراقيب


تجر ذيـل مثـل حبـل المعـدا
وتبرى لحيرانٍ صغارٍ حباحيـب


وأشري لك اللي ركضها ما تقدا
ما حدٍ لقى فيها عيوب وعذاريب


قبا على خيل المعـادي تحـدى
مثل الفهد توثب عليهم تواثيـب


أنا أشهد أنـك باللـوازم تسـدا
وعز الله أنك خيرة الربع بالطيب


ياللي على ذيب السرايـا تعـد
الو حال من دونه عيال معاطيب


ليثٍ على درب المراجل مقـدى
ما فيك يا ذيب السبايا عذاريـب



وبعد أن قال والده هذه الأبيات بطريقة المزاح أسرها الأبن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفية وركب قلوصه ، وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه ، فشدوا مطاياهم وركبوا مع ذيب ، وعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيب الى أين نحن ذاهبون ؟ فقال : الى ديار القوم ، وأشار الى قبيلة عتيبة لنكسب منهم أبلاً لأهلنا ، وقال : لا بد أن آتي لوالدي من خيار أبل عتيبة ، وأستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار عتيبة ليستقوا منها الماء ، ويسقوا رواحلهم ، وهذا البئر يسمى ( ملية ) وهو يقع غرباً عن جبل ذهلان ، بأواسط نجد ، وعندما أنحدروا عليه من جبل يطل عليه ، رأوا عليه ورد من عتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن
يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيلة بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه الى الوادي الذي أنحدر منه ذيب ورفاقه باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته أختفى تحت شجرة وأطلق عليهم عياراً نارياً ، فأراد الله أن تصيب ذيب أصابة مميته ،
لقد حلت الكارثة الكبرى على الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، أنه فقد كل أمل في الحياة ، فقد كل ركن على وجه الأرض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الأبن البار ، فقد الأبن المطيع ، لقد خر ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها ، وودع الأبل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة الى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع ذيب قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الأبطال ، ودع ذيب نجداً العزيزة ورياضها ، وودع غزلان الريم والأرانب وطيور الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد أنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيلة التي ضربت أروع مثلاً بين الأبناء والأباء ، بعدما سقط ذيب على الأرض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا اليه وضموه على صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وأنهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنة ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين الى أهليهم ،
أما الصياد الذي أطلق النار على ذيب فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، الى أن رأى الركب قد ولى فأتى الى مكانهم ووجد الدم يلطخه ، ثم عمد الى ذيب وهو بكهفه ، وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعة ، وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه ، وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزة فرجع الى جماعته الذين يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال أن ركباً من الأعداء أنحدروا من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا ما دلك على أنه زعيم ؟ فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وأن في خنصره خاتماً فضياً فقالوا : هيا بنا لنراه ، وكانوا من قبيلة برقا أحد جذمى عتيبة ، وكان معهم فتاة فد جلا أهلها منذ سنة الى قبائل قحطان لأسباب حادثة وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيب بالكهف ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها وقالت : ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقة ولهذا السبب صحتِ بأعلى صوتك ، فقالت : لا والله لم يكن بيني وبينه أي شي من هذا ، ولكن أكرمنا وأعزنا وأجارنا وكان لا يأتي من الفلا الا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده ، وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره الى الأرض ثم يضع ماجاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بأمرأة من جيرانه ، وهذه طريقته بالحياة ، وعليكم أن تسألوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيلة ،
ما أكبر المصاب على شالح ، لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم ، وأن وقع نبأ مصرع أبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولا شك أنه سيجرع ويلات الحزن ومرارته ، ومآسي الفراق ولوعاته 00





واذا المنية أنشبت أظافرها
ألفيت كل تميمةٍ لا تنفـع




أنها كارثة كبرى ، ليست على شالح فقط ، بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة الخنافرة وعلى قبيلة قحطان الكبرى ، وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة أبنه ، وأول ما قال هذه القصيدة :







يا ربعنا ياللي على الفطـر الشيـب
عز الله أنه ضـاع منكـم وداعـه


رحتوا على الطوعات مثل العياسيب
وجيتوا وخليتـوا لقلبـي يضاعـة


خليتـوا النـادر بـدار الأجانيـب
وضاقت بي الأفاق عقـب أتساعـه


تكدرن لـي صافيـات المشاريـب
وبالعون شفت الذل عقب الشجاعـة


يا ذيب أنا بوصيك لا تأكل الذيـب
كم ليلـةٍ عشـاك عقـب المجاعـة


كم ليلةٍ عشـاك حـرش العراقيـب
وكم شيخ قومٍ كزتـه لـك ذراعـه


كفـه بعدوانـه شنيـع المضاريـب
ويسقي عدوه بالوغى سـم ساعـه


ويضحك ليا صكت عليه المغاليـب
ويلكد على جمـع العـدو باندفاعـه


وبيته لجيرانه يشيد علـى الطيـب
وللضيف يبني في طويـل الرقاعـه


جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب
وأفخت حبل الوصل عقب أنقطاعه


كني بعد فقـده بحامـي اللواهيـب
وكني غريب الدار مالـي جماعـه


من عقب ذيب الخيل عرج مهاليـب
ياهل الرمك ما عاد فيهـن طماعـه


قالوا تطيب وقلت وش لون أبا طيب
وطلبت من عند الكريـم الشفاعـه



وأردفها بهذه القصيدة وعلى نفس البحر والقافية ، وقد رويتها عن الأمير عمر بن سلطان أبا العلا وأكد لي أنه رواها عن والده سلطان الذي عاصر شالح وأبنه ذيب ، وبهذه القصيدة الأخيره لم يخف آلامه ولواعجه ، فجاوب الذئاب بعويلها ، ثم رجع الى خالقه وطلب منه الفرج ، ثم لام نفسه وأعترف بأنه هو السبب بتحريض أبنه على غزوته المشؤومه ، وبعد ذلك عزى نفسه بركوبه الهجن ، وأنه يتقدم بها على أعدائه حتى ينيخها على مقربة من بيوت الكبار ، ويتخطى الأطناب ، ويكسب الناقه الحائل التي تهاوي الجمل ، وتجعل منه خليلاً لها ، وأخيراً أخذ يوصي جماعته بأن يختاروا ( المناسب ) الطيبة ليأتيهم أولاد طيبون نجباء وقال لهم : ان الردي تأتي بولد لا يهمه أكثر من نفسه ، وأن يشبع بطنه ، ردي الهمه ميت الأنفه ، تافه الشخصية ،
وهذه هي القصيدة :





ذيب عوى وأنا على صوتـه أجيـب
ومن ونتي جضَت ضواري سباعـه


عز الله أني جاهل ما أعلـم الغيـب
والغيب يعلـم بـه حفيـظ الوداعـه


يالله يـا رزاق عكـف المخالـيـب
يا محصـي خلقـه ببحـره وقاعـه


تفرج لمن صابه جـروح معاطيـب
وقلبه مـن اللوعـات غـادٍ ولاعـه


ان ضاق صدري لذت فوق المصاليب
مانيب مـن يشمـت فعايـل ذراعـه


صار السبب مني على منقع الطيـب
ونجمي طمن بالقاع عقـب أرتفاعـه


يا طول ما هجيتهـن مـع لواهيـب
ولاني بداري كسرها مـن ضلاعـه


ويا طول ما نوختها تصـرخ النيـب
وزن البيـوت اللـي كبـار رباعـه


وأضوي عليهم كنهم لـي معازيـب
اليـا رمـى زيـن الوسايـد قناعـه


أضوي عليهم وأتخطـى الأطانيـب
وآخـذ مهاويـة الجمـل باندفاعـه


أبا أنذر اللي من ربوعي يبا الطيـب
لا ياخذ الا مـن بيـوت الشجاعـة


يجي ولدهـا مـذرب كنـه الذيـب
عز لبـوه وكـل مـا قـال طاعـه


وبنت الردي يأتي ولدها كما الهيـب
غبـنٍ لبـوه وفاشـلـه بالجمـاعـة


ياكبر زوله عنـد بيـت المعازيـب
متحـري مـتـى يـقـدم متـاعـه



وبقي شالح حزيناً كظيماً يسهر أيامه ولياليه ، ولا يفارق نار قهوته ، وذات ليلة وهو ساهر مع أحزانه ، كان شخص من قحطان يسمى الهويدي قد ضاع صقره ، وأخذ يبحث عنه بالليل ويسأل رافعاً صوته كلما مر بنار قطين منادياً ( من عين الطير ) فعرفه شالح وسكت عنه أول مرة ، ثم عاد اليه مرة ثانية ماراً ببيته ، بعد أن مر بنيران الحي وسأل عن طيره ، ثم أستمر بسؤاله ماراً بكل نار يراها ، وعاد لشالح للمره الثالثه فناداه شالح والهويدي لا يعرف أن النار هي نار شالح ، وعندما دعاه لكز هجينه بعقب رجله وجاء مسرعاً ظناً منه أن المنادي سيبشره بصقره ، وعندما أناخ هجينه وأقترب من المنادي ، تبين له أنه الأمير شالح بن هدلان والد ذيب ، الذي لا زال يصارع أحزانه ، فأعتذر الهويدي لشالح ، وأقسم له بالله أنه لا يعرف أن هذه النار هي ناره ، ثم قبل جبينه معتذراً وطالباً السماح ، فأذن له بالجلوس من حوله ، وأخذ شالح يصب له القهوة ، ثم قال هذه الأبيات :





أن كان تنشد يالهويدي عن الطير
الطير والله يالهويدي غـدا لـي


طيري عذاب معسكرات المسامير
أن خل عنـد قطيهـن الجفالـي


أن جا نهار فيه شر بـلا خيـر
وغدا لهن عند الطريح أجتوالـي


ان دبرن خيـل وخيـلٍ مناحيـر
وغدن مثل مخزمـات الجمالـي


على الرمك صيده عيالٍ مناعيـر
وشره على نشر الحريب الموالي


يضحك ليا صكت عليه الطوابير
طير السعد قلبه من الخوف خالي


خيالنا وان عرجـدن المظاهيـر
وزيزوم عيراتٍ طواها الحيالـي


غيثٍ لنا وان جت ليالي المعاسير
وبالشح ريفٍ للضعوف الهزالـي


يسقي ثراه من الروايح مزابيـر
تمطر على قبرٍ سكن فيه غالـي



لا شك أن طير شالح يصيد أفذاذ الرجال ، كما قاله في أشعاره ، اما طير الهويدي فهو لا يصيد الا الأرانب والكروان ،
رحم الله شالحاً وأبنه ذيباً ، لأنهما سجلا مفاخر قيمة لكل من يقطن نجد ،، أننا نودعهما بالرحمة ودعوات الغفران ، ونشيعهما بما يشيع الأبطال المغاوير ، الذين أبقوا لهم ذكراً في الآخرين ، شجاعة وكرماً وشمماً وطيب أحدثوه .

نــجــم
29-03-2012, 07:20 PM
رابعاً : محدى الهبداني



نسبه – حياته – فروسيته – شخصيته القوية – طموحه – شعره وهجائه لقومه – أبتعاده عن قومه ولد سليمان – غارته على الشوايا – حربه مع بن قعيشيش – لجوؤه لأبن سمير – شعره فيه – أنتقاله الى أبن مهيد وآل غبين – صلته بالسيد حجو وتأليبه اياه – ثورة السيد حجو – الشعرفي ذلك – رحيله الى الشيخ عبدالكريم الجربا واكرام الجربا له – قصته مع الشمري في مجلس الجربا – وفاء عبدالكريم معه وعدوله عن مهاجمة قوم محدى من اجله – عودته لجدعان بن مهيد بدعوه منه ورجاء للعودة – انابته – حجه ......الخ


هو محدى بن فيصل الهبداني عاش الى تاريخ 1300 هجرية تقريباً ، وهو من قبيلة الفضيل التي يرأسها الشيخ أبن رشدان وهي فخذ من أفخاذ قبيلة الجعافرة من ولد سليمان ( من ضنا عبيد )
من بشر ، وبشر هو أبن عناز بن وايل وهو شقبق مسلم بن عناز الذي تتفرع منه قبيلة
( ضنا مسلم ) ، نشأ هذا الشاعر وترعرع بين قبيلة ولد سليمان المشهورين بالشجاعة ، وكثرة العدد ، شيخها العواجي وعائلته ، والعواجية لا زالوا هم شيوخ هذه القبيلة ، نشأ في وقت التطاحن بين قبيلته والقبائل المحيطه بها ، وأمه ( ذكر ) بنت مشل العواجي الفارس المشهور ، ووالده فيصل الهبداني ليس مرموقاً بين أفراد هذه القبيلة ، ولكن أبنه ( محدى ) نشأ ثائراً وذكياً وطموحاً ، يطمع بالزعامه ، ولكنه لم يلق مجالاً لزعامته مع وجود أخواله الأبطال العواجيه ، وبعد أن لاحظ أخواله طموحه وتدخله بالقبيله وتحريضه لهم وترفعه عن مسلك أبيه ضغطوا عليه ، لهذا لم يستطع أن يبرز بينهم ، وضاقت به الأرض بما رحبت ، أخذ يتألم ويقول الشعر محرضاً أقاربه من آل فضيل وهاجياً لهم أحياناً ، وقال قصائد كثيرة بهذا المعنى ، لم أعرف منها سوى القليل ومنها :





هنيكـم ياهـل القلـوب المريحـة
يالدالهـيـن عـلـى بـركــة الله


هنيـكـم بقلوبـكـم مستـريـحـة
وياليت قلبـي كـل ماجـاه ينسـاه


ينسى هواجيس الضميـر المشيحـة
ويرضى على غوال حلقه الى أرخاه


خطو الولد يرضى العلوم القبيحـة
ويقفي ويقبل كالهنـوف المرضـاه


وانا دليلـي مـا يطيـع النصيحـة
يا ناس عياني دليلـي وأنـا أنهـاه




ثم قال هاجياً قومه :




يا فضيل يا قلوب الغنم ما تحام
ونيـا ليتهـا والله تحسـن لحاكـم


يا طولكم يا عرضكم يوم تاتـون
يا قل حمراكم على مـن بغاكـم


اليا اجتمعتوا للمراجـل تذيبـون
والناس عرفوا طيبكم من رداكـم


الكل منكـم دائمـاً يتبـع الهـون
يا لعن أبوكم كيف توخـذ نساكـم


ترضون بالذلـه عساكـم تهبـون
واشوف بالرجلين كـل ٍ وطاكـم


يا فضيل بالورور بغيتوا تباعـون
ويلقى المذله خائف وان نصاكـم




ثم قال هذه القصيدة متبرئاً من قومه :





ليتني من الصلبان والأصل ما بيـه
لا سايـل عنـي ولانـي بسايـل


أقعد علـى مقـرٍ خفـيٍ مواريـه
برهراهةٍ ما ياصلـه كـود حايـل


من الوسم رويان مع الصيف مطغيه
تلقى الخصـاب مكـومٍ للزمايـل


ألوذ عـن دحـشٍ كبـارٍ علابيـه
يهـوش كنـه بـاشـةٍ للقبـايـل


متباركيـن بالمولـد بنـي خـيـه
على النـزول يكثـرون الضوايـل


أنا أن بغيت الصبر قلت مشاحيـه
ونفسي عيوف ولا رضيت الفشايل


نويت أهوم وكافـل العبـد واليـه
والبعـد طـب للقلـوب الغلايـل





فاجابته أمه (ذكر) أخت مشل العواجي بالقصيده الآتيه :




أشوف سلم أبليس (محدى) يسويه
يلعب على ظهر اللعين القوايـل


عزي لنزلٍ قام (محدى) يشظيـه
لعب بكم يـا ذاهبيـن الحمايـل


مطاوعٍ لبليـس وبليـس مغويـه
لا تتبعونه يـا القلـوب الهبايـل


هذا جزا خـالٍ يعـزه ويغليـه
لا واحسايف قولةٍ : يا بن وايـل




لقد قرر محدى أن يبتعد عن أخواله ، وعن قبيلة ( ولد سليمان ) ورحل من نجد مع قسم من قبيلته آل فضيل الذين ألتفوا حوله ، أتجه الى قبيلة الفدعان من عنزة ، لأن الفدعان أقرب قبائل عنزة لولد سليمان ودخل الأراضي السورية وقد أنشأ هذه القصيدة :



يا راكـب سربالـةٍ تقطـع البيـد
حمرا ولا فوقـه رديـفٍ محنهـا


أول نهـاره خـل مشيـه تفاديـد
وفهق الى البردين عقبيـك عنهـا


مثل النعامه يوم تقفي مـع الحيـد
أو تقل شيهانٍ دنـا الليـل منهـا


تلفي لمن جيشه سـواة المعاويـد
كـم عزبـةٍ ذوق ربوعـه لبنهـا


يا خال ياللي مـا بفعلـك مناقيـد
رفعت نـاسٍ مـا عرفنـا لحنهـا


لا أكراد لا هم ترك لا سلم أجاويد
يبون يقزون العرب عـن وطنهـا


يا خال لولا نصف ربعي لهاميـد
أن كان جاكم صادق العلـم منهـا


أخترت عن دار المهونات بالبيـد
وخليت دار الـذل للـي سكنهـا


دارٍ بـدار ولا علينـا تحـاديـد
وأرزاقنا رب الخلايـق ضمنهـا


نروح عـن دار العنـا للاجاويـد
لا هل بيوتٍ من تجلـوى زبنهـا


عيال الغبين المنتخيـن المواريـد
على ظهور الخيل يذكـر طعنهـا


ان جاء نهارٍ فيه فهـق وتوريـد
يسنى على كل المـوارد شطنهـا



ولما دخل الأراضي السورية قاصداً آل غبين قال هذه القصيدة :




الله من قلـبٍ بـدا فيـه عمسـيي
ميع لو باسـه حجـر قرطيانـي


يميع ميعة شمعٍ من حـر شمسـي
والا الشحم من فوق جمر أضهياني


نصبـح مكاظيـم وبالهـم نمسـي
وكـن الطعـام ملـوثٍ ديدمانـي


يا راكبٍ من عندنا فـوق عنسـي
سحوان قطـاع الفيافـي عمانـي


عنسٍ سبرس بالسواد الوغطسـي
قطـاع دوٍ هوذلـي سوسحـانـي


هزته بعود اللوز من غيـر لمـس
وياما قطع من نـازح السهمدانـي


قطعى قطا ومذيره حـس ونسـي
من اللال ورد ديـرة الريهجانـي


فوقه دلالٍ نسج من كـل جنسـي
القرمـزان مخالـطٍ بازرقـانـي


يمد من حفرة خنيصـر ويمسـي
لأهـل بيـوتٍ شيـدت بالبيانـي


ياما عطوا من سابقٍ قود خمسـي
غبينات يعطونـه ولا بـه مثانـي


وان صار بالفرسان طعنٍ وغمسي
ما مثلهم يركب بنـات الحصانـي




وفي أثناء طريقه هو ومن معه من قبيلة آل فضيل ، صادفوا قبائل من ( الشوايا ) الذين يربون الأغنام ، في حماية الشيخ أبن قعيشيش ، يأخذ عليهم الأتاوه ويتكفل بحمايتهم من نائبات الزمن ، وعندما رآهم محدى الهبداني وجماعته أرادوا نهب أموالهم لضعفهم ، فأغاروا عليهم وأخذوا أموالهم ومواشيهم ، وعندما علم الشيخ ابن قعيشيش شيخ الخرصة من الفدعان ثارت ثائرته وأغار على محدى الهبداني وجماعته بفرسانه ورجاله وقصدهم تخليص الغنائم التي أخذوها من الشويان ، ولكن محدى وجماعته أبوا أن يسلموا ما غنموا فحصلت معركة بينهم وبين ابن قعيشيش هزم فيها ابن قعيشيش هو وقومه ، ثم أنحرف محدى الهبداني عن قبيلة الغبين ، لأن الغبين أقارب قبيلة ابن قعيشيش والجميع من قبيلة الفدعان من بشر الكبيرة ، واتجه محدى وقومه الى الشيخ محمد بن سمير الذي هو من قبيلة ( ضنا مسلم ) بن عناز ، وقبل أن يصل الى الشيخ أبن سمير أرسل اليه هذه القصيدة موضحاً فيها المعركة التي حصلت :





يـا راكبيـن مقولمـات الخفافـي
ما دنقـوا عـن الحفـا يرقعونـه


يلفن أخو خزنـه زبـون المقافـي
اللي بوقت العسر تنـدى صحونـه


الروم جتنـا جـردةٍ يـا السنافـي
يبـون ستـر بيوتـنـا ينهبـونـه


صاح الصياح وقال : ما من عوافي
وحتى جواب المنع مـا يذكرونـه


صكوا علينـا ناهضيـن الشلافـي
فزعـة وكـلً مجـرب يزهمونـه


وصحنا عليهم صيحةٍ مع كشافـي
ولعيون (صيته) جيشهم يسهجونـه


الشيخ (ثامر) مرتـكٍ تقـل غافـي
يا حيف سلبت جوخته مع زبونـه


( جعافره ) ما يشتهـون العوافـي
والشر لو هو غايـبٍ يحضرونـه


وردوا علينا مـار صرنـا عيافـي
مانـا همـاج وربعنـا يملحـونـه


لا عاد ما ناخذ من الحـق وافـي
اللي تحلوى الناس مـا يرحمونـه



وأتبع ذلك بقصيدة أخرى طالباً فيها من محمد بن سمير لجوءه اليه وحمايته وهي كالآتي :






دنوا بعيدات المماشـي ركابـي
عرندسـاتٍ يقطعـن المحاويـل


عروات لين أسهيل بين وغابـي
حتى غدا فوق الأباهر زهاميـل


يرعن من الربلة ورجل الغرابي
با طرافهن تلقى الخزامى تقل نيل


حثوا مناكب جيشكـم بالعقابـي
قلايصٍ مـا لاغمـن المخاليـل


أن روحن مع سهلةٍ له سرابـي
عوصٍ يشادن روس ربد الهراقيل


لمحمد بن سمير ريـف التعابـي
بدر الدجا نوار عشب الهماليـل


لصديقه أحلى من هتوف السحابي
ولعداه مفتول الحديـد الزناجيـل


يا شيخ لو شال الجمل مثل مابي
أزرا بليهي الرحايل عن الشيـل


ويا شيخ من دبت عليه الدوابـي
يعاف لـذات الونـس والتعاليـل


أن حط بالغليون مثل الخضابـي
وصينيةٍ تلعب بوضـح الفناجيـل


عده من الأوناس خلـو الجنابـي
أن لافه الداكوك بالعدل والميـل


ويا شيخ يا مدمي لروس الحرابي
جينا لكـم يـا كاسبيـن التنافيـل


نبي جنابك يـا نزيـه الجنابـي
يوم الرفاقه صار منهم غرابيـل




فأجاره محمد بن سمير هو وقبيلته الفضيل ، وحماه من ابن قعيشيش ، ومكث فتره طويلة في جوارأبن سمير ، الى أن عفت عنه قبيلة الفدعان بما فيهم آل قعيشيش والغبين ، بعد أن أرسل هذه القصيدة لجدعان بن مهيد شيخ قبيلة ( الولد ) من الفدعان :




يا راكـب حمـرا كتـومٍ رغاهـا
ممشى ثمان أيـام تطويـه مشـوار


جدعيـةٍ قطـع الفيافـي منـاهـا
تشدي لشاحوفٍ مع الشـط عبـار


يا رسل ياللـي لايـذٍ فـي قراهـا
خلك مع أول فجة الصبـح نشـار


والعصر أبو تركي محاري مساهـا
لغضى البخيل لغالي الـزاد دمـار


عيني قزت من نومهـا وش بلاهـا
كن النويفـج لا يفـه عقـب ذرار


قـزت وقزاهـا عظايـم بـلاهـا
عوجٍ نمضيهن وهن كارهـن كـار


وكبدي من الرهوند يخلـط عشاهـا
أو تقل يقرض من معاليقهـا فـار


علـى نجـوعٍ فـرق الله شظاهـا
ناخذ بها حق ونـذري بهـا جـار


يـا مدبـر السلقـا عليـك التقاهـا
تفرج لعبـدٍ تايـه الفكـر محتـار


يوم أخرجوه وقربتـه قـد ملاهـا
عندك لها ياوالـي العـرش تدبـار


أطلبك نفسـي لا تخيـب رجاهـا
ياعالـم باحوالهـا وانـت جـبـار


والروح منـي مسعـلاتٍ حذاهـا
حذوه رجل ما قاضبه كود مسمـار


نجدٍ يعـزي عـن غثاهـا عذاهـا
لوهي مقر ابليس في ماضي الأذكار


نركض ومن صاد الجرادة شواهـا
وللنار من عقب من المـال دينـار




بعد ذلك دعاه شيوخ الفدعان آل غبين وآل مهيد ، فرحل من عند أبن سمير شاكراً له ما لاقاه من حماية واعزاز واكرام ، وتوجه لقبيلة الفدعان لأنه أقرب الناس اليه ، وبقي بين ابن غبين وابن مهيد معززاً مكرماً الى أن حصل بينه وبين أبن غبين بعض الخلاف ، يعود ذلك الى نفسه الطموح ، التي لا تقف عند حد ، فقال القصيدة الآتيه في آل غبين هاجياً لهم :





عساك يـا دارٍ بـك الحيـف تلويـن
عسى الولي يسعى لساسك بالاخراب


يسقـي جنابـك مثـل دارٍ بداريـن
سهساه رملٍ من سمهـلات وتـراب


لا عاد ما ناخـذ وفـا حقنـا زيـن
الا بسـل مصقـل الهنـد وحـراب


عسـاك يـادار المـذلـة تخيبـيـن
وعسى الولي يسعى لنزلك بالأذهاب


ناسٍ تشيل البغض مـا هـم خفييـن
القلب فيه الريب لو يضحـك النـاب


يا حليسس وان ما شفت انا شافٍ شين
أشوف ناسٍ قوم بهـدوم الأصحـاب


يا حليس صاب القلب ما تنظر العيـن
شوف البغيض بنونها تقـل مشهـاب


ان كان ربعـك مـا لحقـك وفييـن
مسمارهم يبخص بلا قـاز وكـلاب


عنهم تنحـوا يـا قلـوب البعاريـن
في دبـرة الخـلاق فتـاح الأبـواب


عن المهونـة نجعـل النـار ناريـن
نبعد عن الأصحاب لديـار الأجنـاب

نــجــم
29-03-2012, 07:21 PM
ثم انحا ز عن ابن غبين كليا إلى جدعان بن مهد ، وبقي صديقاً
حميماً لجدعان بن مهيد ، وكان هناك شخص من شيوخ الفلاحين يدعى
السيد ( حجو ) بن غانم وله قرى كثيرة ، وقبيلة كبيرة ورغم ذلك فهو يدفع أتاوة لجدعان بن مهيد وكان السيد حجو على جانب من القوة بقبيلته كثيرة العدد ، وحصل بينه وبين محدى الهبداني صداقة ، وبعد أن رآى محدى دفع الأتاوه لجدعان بن مهيد ، وهو على هذا الجانب من القوة أبت نفسه الثائرة الا أن يوغر صدر حجو على بن مهيد وقال له : لماذا ترضى هذا الخنوع وهذه الذلة وأنت رجل عربي ، وعندك من العدد والعدة ما يفوق ابن مهيد ، وعندك القصور الشامخه التي تستطيع فيها أن تحمي نفسك بالسلاح وتعز قومك من دفع الأتاوة ، وأتبع كلامه هذه القصيدة :





قولوا لحجو ريف هزل الركايـب
عندي لهم عن لمسة الخشم حيلـه


قصرٍ يشـادي نايفـات الجذايـب
ورصاص قبسٍ مولـعٍ لـه فتيلـه


والا أصبروا صبر على غير طايب
صبر الجمال اللـي ثقلهـا تشيلـهٍ


وألا أزبنوا للروم شقر الشـوارب
وفضوا عن الويلان طرقا طويلـه


ما يترك الهسات لـو قـال تايـب
ما طول مسحون الدوى ما عبي له


أنتم عرب من روس قومٍ عرايـب
وش لون ترضون الخنا والرذيلـه


هـذي عليكـم يالسنافـي غلايـب
وش لون ترضون الردى والفشيله


من مالكم يوخذ خـراف وحلايـب
يـا خونكـم يـا كسبيـن النفيلـه


لو هم بني عمي ولو هـم قرايـب
ممشي الخطا نشوف به كل عيلـه




بعد ذلك ثار السيد ( حجو ) وأعد عدته ، وأطلق النار على رسل جدعان بن مهيد اللذين جاؤوا ليأخذوا الأتاوة ، ورفض أن يستجيب لمطلب بن مهيد ، وبعد أن عرف جدعان بن مهيد أن السبب لذلك هو محدى الهبداني عرض أمره على موظيفي الدولة العثمانية الذين يحكمون البلاد آنذاك ، وقال أن هذا رجل شرير جاء من نجد ليفسد البلاد ، فألقوا القبض عليه ، وزجوه بالسجن ، وبعد أن مكث مدة طويلة به ، قال هذه الأبيات بالسيد حجو صديقه الحميم :




قولوا لحجو قبل يسعى بنـا الـدو
دحيثـه فهيـم الطيبـة مـا تفوتـه


يالله يـا خـلاق يـا خيـر معبـود
يا مظهر ذا النون من بطـن حوتـه


ترحم غريبٍ دونه البـاب مـردود
توازنـت عنـده حياتـه ومـوتـه


أطلبك ترزقنا بيسرك عـن الكـود
هـذا زمـانٍ شيبتـنـي وقـوتـه


أشوف أنا بالناس حاسد ومحسـود
ولقيت لي نـاسٍ تضيـع سموتـه


العدل ضاع وزايد الحيف ماجـود
ومن صاح يبي الحق ما سمع صوته




فأخذ السيد حجو كمية من الذهب على غفلة وراح للموظفين الأتراك ورشاهم فأطلق محدى الهبداني من السجن ، ولكن محدى بعدما حصل له من الشيخ جدعان بن مهيد ما حصل ، أبت نفسه أن يسكن بينهم ، فقال هذه الأبيات بالشيخ محمد بن سمير صديقه القديم ، الذي أجاره من آل قعيشيش في أول الأمر وهي كما يلي :






ياراكب سمح المذرع من القـود
أشعل طويل المتن نبـه شناحـي


يشدي لهيقٍ جفله حـس بـارود
عليه زعر منومل الملـح فاحـي


وشديده من عاج والنطع ماهـود
ومفصلٍ باجواز ريش المداحـي


تلفي أخو عذرا من الربع مقصود
زبن الهليب اللي له المنع شاحي


قل له ترى دنياي ما تازن العـود
مر بيات ومـر كونـه صباحـي


وافطن ترى دنياك خوانة عهـود
صفاقةٍ عرقوبهـا بـا رتماحـي


ويا شيخ ما دامت لكسرى وداود
كم دور ربعٍ كيفوا بـه وراحـي


ياما صبرنا ياخو عذرا على الكود
نصبر ولا نطلب ايدينٍ شحاحـي


عزي لمن مثلي من الغبن ملهـود
وعما تريد النفس يقصر جناحـي


من يوم بانـن المغاتيـر بالسـود
بطل جهلنا يوم بـان الوضاحـي


ويا شيخ با مبعد عنا كل مضهود
يا مزبنه وان ضاق فيه البياحـي


ياما لجينابك عن الحيف والـزو
ديوم أنها قلـت علينـا المشاحـي


والله مادامي على القاع ماجـود
منساك يا طير السعد والفلاحـي





ثم قال قصيدة أخرى بالشيخ عبدالكريم الجربا شيخ قبائل شمر بالعراق :






يالله يا خـلاق صبـحٍ بثـر ليـل
باذنك عسى تسمع لعبدك سوالـه


تفزع لمضهودٍ وطا راسه الشيـل
ما بين كاف ونون تنعـش حوالـه


يا دارنا عفناك من زايـد الميـل
عيفة عديمٍ شاف نقـص لجلالـه


يا دار يا دار الخطـا والتهاويـل
حقـك لمقلـول الرفاقـه نوالـه


يا دار ما يسكن بك الا قوي حيـل
يقضي لحاجاتـه بسيفـه لحالـه


يا ربعنـا هيـا نوينـا المحاويـل
نروح عن دار العيـا والضلالـه


سموا وطيعوني على الزمل ونشيل
لعبدالكريـم اللـي تذكـر فعالـه


للشيـخ نطـاح الوجيـه القبابيـل
ومن صكته غبر الليالـي عنالـه


الدار دار وكـل دارٍ بهـا كيـل
والرزق عند اللي عظيـم جلالـه




ثم رحل الى الشيخ عبدالكريم الجربا ، والتجأ اليه فأكرمه الشيخ اكراماً بالغاً ، وذات يوم وهو جالس عند الشيخ عبدالكريم في مجلسه ، أهدي للشيخ عبدالكريم جواد من الخيل الأصايل وقبلها وفي الحال قدمها الى محدى الهبداني وكانت جواداً من أحسن جياد العرب ، فقام واحد من الجالسين من شمر الى محدى وقال له : أسألك بالله يامحدى أن تخبرني أي من عبدالكريم الجربا اوجدعان بن مهيد أحب الى نفسك ؟ فقال محدى : ويحك لا تسألني بالله ، فكرر عليه الشمري ثلاث مرات ومحدى يتهرب من السؤال ، وبعد ذلك قال محدى : أقسم لك بما سألتني به أن (غليون ) جدعان بن مهيد عندما ينفث منه الدخان ويعطيني أمزه يسوى عندي عبدالكريم الجربا وقبيلة شمر ، وعندما سمع ذلك الشيخ عبدالكريم ثارت ثائرته وقال للشمري الذي سأل محدى : أنا أحرم عليك أن تسكن منازل شمر ، وان علمت أنك ساكن في منازل شمر سوف أقطع راسك ، وطرده من مجلسه ، والتفت الى محدى وقال له : أشكرك على ما قلت ، ولو قلت غير ذلك لاستهجنتك ، فأمر رجاله أن يحضروا خمسة عشر ناقة من الأبل الوضح ، أي البيض ، وقال هذه هديه مني لك مع الجواد الأبيض ، تقديراً لموقفك من شيخك جدعان بن مهيد ، الذي هو شيخ الفدعان ، وبقي عند الشيخ عبدالكريم الجربا معززاً مكرماً ،، وذات يوم كان الشيخ عبدالكريم الجربا غازياً قبيلة عنزة التي هي قبيلة الهبداني وكان محدى برفقته ، وأثناء سيرهم لحق بهم شخص من شمر على قلوصه ، مبشراً عبدالكريم أنه رزق بمولود ، فقال له بعض أصحاب عبدالكريم أذهب وبشر محدى الهبداني بالمولود ، وكان محدى منتحياً من طرف القوم ، وعندما بشره الرسول أجابه قائلاً : لا بشرك الله بخير ، وأسأل الله أن المولود الذي بشرتني به لا يبلغ سن الفطام ، فقال البشير ويحك يامحدى لماذا تقول هذا بأبن الشيخ عبدالكريم ؟ فقال : نعم أقول ذلك لأنني أخشى أن يترعرع وينمو وتكتمل رجولته ثم يكون مثل ابيه فيقضي على البقية الباقية من عنزة ، فضحك القوم من قول محدى ففي الكلمة نكته وأعجاب ، وعندما علم الشيخ عبدالكريم كلام محدى مع الذي جاء يبشره بالمولود ضحك كثيراً وقال : ما يقوله محدى مقبول عندي ، وقد دار الحديث هذا وهم في مواطن عنزة ، وكانت قبائل عنزة قبل سنة تقطن هذه الأماكن ، وصدفه أمر عبدالكريم على القوم أن يحطوا الرحال ، ويناموا ليلتهم لأنهم كانوا آخر النهار ، وعندما نزلوا لا حظ الشيخ عبدالكريم أن محدى لم يقر له قرار ، وكان يسير على قدميه من حول القوم وكأنه يبحث عن ضالة ، فدعاه الشيخ عبدالكريم قائلاً له تفضل يا محدى لأن القهوة والشاي قد حضرا فأتى محدى عابس الوجه ، تبدو عليه علامات التفكير والذهول ، لاحظ منه ذلك الشيخ فقال له : ما بك يامحدى ؟ فقال : لا شئ يا سكران المجانين ، وكان هذا الأسم يطلق على الشيخ عبدالكريم عند قبيلة شمر ، وقبيلة عنزة ، فكرر عليه الشيخ السؤال ، فقال : هل تعرف هذه الأماكن التي نحن الآن بها ؟ فقال : نعم أعرفها ، قال محدى : أنها منازل عنزة بالعام الماضي ، وهذه حدودهم ، وكنت بالعام الماضي أقطنها معهم ، وقد عرفت منزل كل شيخ منهم حولنا ، فقال الشيخ عبدالكريم : وهل قلت شيئاً يا محدى بذلك ؟ فقال : نعم قلت ، فأنشد هذه الأبيات :





يا دار وين اللي بك العام كاليـوم
ما تقل مرك عقب خبري نجوعي


خالٍ جنابك بس يلعي بـك البوم
ما كن وقف بك من الناس دوعـي


شفت الرسوم وصار بالقلب مثلوم
وهلت من العبرة غرايب دموعـي


وين الجهام اللي بك العام مـردوم
وظعون مع قدوة سلفهـا تزوعـي


أهل الرباع مزبنة كـل مضيـوم
وأهل الرماح مظافرين الدروعـي


راحوا لنا عدوان وحنا لهـم قـوم
ولا ظنتي عقب التفرق رجوعـي


وان صاح صياحٍ من الضد مزحوم
تجيك دقـلات السبايـا فزوعـي


صفرٍ يكاظمن الأعنـه بهـن زوم
يخلن سكـران المجانيـن يوعـي


يركب عليهن باللقى كـل شغمـوم
فريس والله ما تهـاب الجموعـي


خيالهم ينطح مـن الخيـل حثلـوم
يوم الأسنه بالنشامـى شروعـي


ويا شيخ أنا عندك معزز ومحشوم
ويمضي علي العام كنه سبوعـي


لا شك قلبي بالوفا صار ما سـوم
لربعي وأنا يا شيخ منهم جزوعـي


وعيني لشوف الحيف ما تقبل النوم
والقلب يجزع بين هدف الضلوعي


ويا شيخ ابا وصفك يا مفني الكوم
يالصاطي القطاع حسن الطبوعـي


حلياك حرًيفنـي الصيـد ملحـوم
متفهق الجنحـان حـر قطوعـي


حر علم بالصيد من غيـر تعلـوم
يودع بداد الريش شـت مزوعـي




وعندما أكمل الهبداني قصيدته ، قال الشيخ عبدالكريم أطمئن ياصديقي ، أننا في الصباح راجعون الى ديارنا لأنني لا أحب أن أجد قبيلة عنزة ويحصل بيني وبينهم صطدام وأنت معي ، لأنك منهم ولأنك جار عزيز عندنا وأنني أقدر هذه الحمية فبك ، ولا ألومك بما قلت بقومك ، وعندما بلغ الشيخ جدعان بن مهيد ما حصل من سؤال الشمري في مجلس الشيخ عبدالكريم الجربا ، وعن هذه القصيدة الأخيرة التي قالها عند عبدالكريم الجربا ، أرسل الى محدى وفداً يدعونه ليرجع اليهم وأن له كل ما يطبه ، وأنه سيبقى عندهم معززاً مكرماً ، ولن يعصوا له أمراً ، ولا توجه اليه اهانة ، فاعتذر محدى من الشيخ عبدالكريم الجربا ، واستأذنه بالرحيل ، فسمح له بعد أن أنعم عليه وأكرمه ، ورجع الى الشيخ جدعان بن مهيد شاكراً لعبدالكريم الجربا فضائله وكرمه وأخلاقه ، وبقي عند جدعان زمناً طويلاً مكرماً الى أن تذكر بلاده نجد وحن اليها ، واشتاق أن يحج لبيت الله العتيق ، ويزور مسجد نبيه الكريم ، فاستأذن من الشيخ جدعان ورحل من بلادهم الى بلاد نجد مع قبيلته آل فضيل ، ورجع الى موطنه ومسقط رأسه نجد العزيزه ، وحج بيت الله وزار مسجد نبيه بعد أن قال هذه الأبيات :





يالله ياللي مـا دخيلـك يضامـي
ياللي عفيت وحل لطفك على أيوب


أطلبك يا محيي هشيـم العظامـي
والي ولا غيرك ولـي ومطلـوب


يالله تجمـع شملـنـا بالتمـامـي
يا عاقل يوسف على أبوه يعقـوب


بجاه من صلى لوجهك وصامـي
تفتح لنا من باب لطفك لنـا بـوب


وبجاه من لبى ولبـس الحرامـي
ورقى على الجبل قاضي النـوب


يا عالمٍ باللي خفى مـن كلامـي
تبهج فواد اللي على البيت منعوب


يالله يـا مسقـي كبـود ظوامـي
من مي زمزم نافل كل مشـروب


هيا ودنوا لـي ركـابٍ همامـي
نبي نزور اللي على القلب محبوب


نبينـا نضفـي عليـه السلامـي
وحنا علينا الحج فرضٍ ومكتـوب




هذه ترجمة محدى بن فيصل الهبداني أستقيتها من الطاعنين بالسن من رجال قبيلة عنزة وغيرهم كم بها من جوانب عامره وفضائل معجبة .

نــجــم
29-03-2012, 07:21 PM
خلف الأذن



نسبه – فروسيته – شعره – الوضيحي مع خلف وشعره في ذلك – الشاعر بن قويفل – خلف الأذن مع مشائخ قومه آل شعلان – حروب قبيلته مع أبن مهيد – قتل تركي بن مهيد – أبن مهيد من أبرز الشخصيات وأكرمها – الشعر في مقتل بن مهيد – أسر محدى الهبداني – شعر في ذلك – قتل مشائخ بني صخر – فهد بن جزاع وعداوته لخلف الأذن – قصة جواد خلف – خلافه مع النوري – شعره في ذلك – وفادته على سعود بن رشيد – قصته مع زامل وشعره في ذلك – قتله من قبل غزاة من شمر – لجوء أبن عدلان من شمر الى خلف وأكرامه له وهو مقطوع الأيدي – اغارة آل زيد من آل شعلان قبيلة خلف على التومان من شمر وقتلهم فيصل بن سند الربع زعيم التومان ........ الخ .

هو الفارس الصنديد والشاعر المجيد ، خلف الزيد الأذن الشعلان من عائلة آل شعلان الكبيرة رؤساء قبيلة الرولة المشهوره من عنزة ، هذه العائلة تنقسم الى أربعة أفخاذ ، آل نايف والرئاسة متسلسله فيهم الى الآن ، وآل مشهور وآل مجول وآل زيد الذين منهم خلف الأذن ، وعائلة الشعلان مشهوره بين القبائل وقد برز منهم عدد من الأبطال كانوا مضرباً للامثال بالشجاعة ، وقد قال شاعر شمر بصري الوضيحي متحدياً معرضاً هذه الأبيات وذكر فيها مجولاً والدريعي ، مجول جد آل مدول ، والدريعي جد آل مشهور ، والأبيات كما يلي :





أبا أتمنـى كـان هـي بالتمانـي
صفرا صهاة اللون قبـا طليعـي


وسروال تومان ومثل الشطانـي
ومصقلٍ مثل الثغب لـه لميعـي


أبي ليا لحق الطلب لـه غوانـي
والخيل معها مجـول والدريعـي


أردها وان كـان ربـي هدانـي
من المعرقة ياتي على الخد ريعي


أردها لعيـون صافـي الثمانـي
بيض النحور مهلكات الرضيعي


قدام شمر مثل زمـل الصخانـي
اللي يخلون المخالـف يطيعـي





وقد قدر للوضيحي أن يغزو مع بنيه الجربا شيخ شمر على الرولة من عنزة ، قبيلة آل شعلان التي منها مجول والدريعي ، فقد أغار (بنيه ) هو وفرسانه على أبل الرولة وأخذوها ، ولحقهم الدريعي ومجول كما تمنى الشاعر بصري الوضيحي ، ومعهم فرسان من قبيلة الرولة ليخلصوا الأبل من شمر ، ففكوا الأبل وراحوا يطاردون الجربا وفرسان شمر وقد حمي الوطيس بينهم ، ويقال أن الدريعي بن شعلان ضرب فارساً من فرسان شمر بالسيف وطار رأسه من على منكبيه وعندما رآه بصري الوضيحي دهش من هول الضربة ، فولى هارباً وترك قومه ، وقد دافع فرسان شمر دفاعاً بطولياً وتخلصوا من فرسان الشعلان ، وعندما وصل ( بنيه ) الجربا مضارب عشيرته ، كان غاضباً على بصري الوضيحي لما رآه من جبنه وفراره ، فدعاه ليحقق معه وليؤنبه على فراره ، وعندما سأله أجاب الوضيحي بهذين البيتين على بحر وقافية الأبيات
التي قبلها :



أنا بلاية لا بسيـن القطانـي
اللي يخلون المخالف يطيعي


من فوق قب مكرمات سماني
يشدن شياهين تخطف مريعي





وبعد أن سمع كلامه ، حكم عليه أن يغسل جواده بالصابون ثلاث مرات بين فرسان شمر ، ليطهر جسمها ، لأنه لا بستحق ركوبها ، وكانت هذه الفرس من الخيل الخاصة ( لبنيه ) الجربا ، ثم قال فيهم أحد شعراء شمر المسمى أبن قويفل :





يا مزنـة غـرا تقافـي رعدهـا
تمطر على دار الدريعي ونايـف


خله على الوديان تذهـب ولدهـا
بديار مكدين المهـار العسايـف


تملا الخباري للدريعـي بردهـا
بقطعان عجلات على الما زهايف


يا ذيب يا شاكٍ من الجوع عدهـا
كان أنت لرماح الشعالين ضايف


تلقى العشا صفراً صخيفٍ جسدها
من كف ستر معطرات العطايف


وكم سابقٍ بالكف عاقوا جهدهـا
مضرابها بالجوف ما هو مسايف


من كف شغموم ورد من هددهـا
أو شايبٍ شيبه من الخيل هايـف


كم قالةٍ قفـوا بهـا مـا بعدهـا
راح يتولاهـا الدريعـي ونايـف


حالوا وراها ودونها هـم لددهـا
وقد عوضوا طلابها بالحسايـف


تنشبـت محـدٍ يحلـل عقـدهـا
ومن دونها يروون بيض الرهايف





ثم قال فيهم أبن قويفل أيضاً هذه القصيدة وذكرهم جميعاً :





اللي يكفون الشـوارب بالأيمـان
هبيت يـا حـظٍ تنحيـت عنهـم


أقفيت عن ربعك عيال أبن شعلان
اللي كما شـل الروايـا طعنهـم


مـا ينتخـون الا بعليـا وعليـان
وأن حل ضرب مخلصٍ جيز منهم


لباسـةٍ عنـد المظاهيـر شيـلان
صديق عينك ما يطيـح بحضنهـم


نزل الخلا ما هم فراقين سكسـان
ما سقسقو للعنـز تتبـع ظعنهـم


قطعانهم وان شرقت تقل غـزلانوان
غربت مثل البرد هاك عنهـم


القلب ما ينسى طويليـن الأيمـان
اللي يقزون العدو عـن وطنهـم





وقد قيل في آل شعلان أشعار كثيرة ، ولهم تاريخ حافل بالبطولات والكرم الفياض .
ونرجع الى الشيخ خلف الأذن ، فالمذكور عاصر ثلاثة من أبناء عمه آل نايف الذين فيهم الرئاسة وهم سطام الحمد ، وفهد الهزاع ، والنوري الهزاع ، وقبل هؤلاء المشايخ وفي مطلع شبابه كان قد ادرك آخر حياة الشيخ فيصل بن نائف الشعلان شيخ قبيلة الرولة ، وغزا معه مرة واحدة ، قتل فيها الشيخ العواجي ، وكان هؤلاء المشايخ لم ينسجم معهم خلف الاذن ، ودائماً والخلافات قائمة بينهم ، والسبب لذلك هو شخصية خلف الفذة وطموحه وشجاعته ، فأبناء عمه الرؤساء يأمرون احياناً بأوامر لايستسيغها ويرفضها ، ولذلك فهم يحقدون عليه وليس باستطاعتهم ان ينفذوا أوامرهم عليه بالقوة ، لانه لايمكن ان يتجرأ عليه احد ، ثابت الجنان ، وشجاع فذ ، وصارم فتاك ويلتف حوله ابناء عمه آل زيد ، وكلهم ابطال ، ومن ناحية اخرى فهم يحترمونه لهذه الخصال التي ذكرناها ويذخرونه للملمات ، لانه برز بشجاعته وتفوق بفروسيته ، وجندل من اعدائه عدداً كبيراً ، وكان لا يقتل إلا الفارس الذي له شهرة وقد قتل عدداً من شيوخ القبائل وسوف نأتي بذكرهم ، وبعد أن قتل هؤلاء المشائخ سميي بأبي الشيوخ ، أي قاتل الشيوخ ، ولازال معروفاً بنجد بهذا الاسم ، فإذا قيل الشيخ خلف الأذن ، أضافوا إليه أبا الشيوخ .
وفي عهد مشيخة سطام بن شعلان أغار الشيخ تركي بن مهيد شيخ قبيلة الفدعان ، على إبل عائلة الزيد الشعلان ، وهم غائبون عنها ، وأخذ أبلاً كثيرة منهم ، ومن ضمنها ، إبل ابن عم خلف الأذن ، المسمى ( عرسان أبو جذلة ) آل زيد ، وهذه الإبل مشهورة بنجد ، وتسمى ( العلي ) وألوانها وضح أي بيض ، وقد تأثر عموم الشعلان لهذا الأمر، إلا أن الشيخ سطام بن شعلان رئيسهم يعارضهم بذلك ، لأنه مصاهر للشيخ تركي بن مهيد ، زوجته تركيه أخت الشيخ تركي بن مهيد ، ولا يحب أن يقع بينه وبين أصهاره خلاف ، ويود أن يفاوض تركي بن مهيد ويحل القضية حلاً سلمياً ، ولكن تركي بن مهيد رفض كل عرض عرضه سطام الشعلان ، وتأزمت القضية وأصر خلف الأذن وأبن عمه عرسان أبو جدله وبقية آل زيد على أن يأخذوا ثأرهم من أبن مهيد بالقوة ، وأخيراً أنضم إليهم عموم آل شعلان ، وأنضم إليهم عموم مشائخ الرولة ، وقد تحير في الأمر الشيخ سطام ، لأنه يكره أن يهاجم صهره الشيخ تركي بن مهيد ، بصفته هو رئيسهم ، وإن لم يعمل بذلك فليطلبوا من النوري بن شعلان أن يقودهم لمهاجمة تركي بن مهيد وأخذ الثأر منه ، وأسترجاع الأبل منه ، ولابد من تنفيذ أحد الأمرين .. وعندما أتوا الشيخ سطام وعرضوا عليه ماقرروه ، وعرف أن الأمر جد ، وكان الشيخ سطام من أدهى الرجال وأذكاهم ، ومن أحذرهم وأحذقهم وكان مخفياً لأسراره ، وقد قال به أبن عمه محمد بن مهلهل بن شعلان قصيدة هذا بيت منها :




يمشي مع الضاحي ويخفي مواطيه
ويكمى السحابه وأنت توحي رعدها





يعد أن لاحظ تصميم عموم آل شعلان أبناء عمه قرر أن يكون معهم ، وأن يكون زحفهم الصباح ، وكان بن مهيد على مقربة منهم ، وأرسل شخصاً بصفة سريه لينذر أبن مهيد ، ولكن ابن مهيد عندما وصل إليه الرسول وأخبره بكلام صهره سطام قال له أرجع إلى سطام وأخبره بأنني لست ممن يقعقع له بالشنان ... فلن أبرح مكاني هذا حتى أردهم خاسرين ، وكان شجاعاً ومقداماً ، وقد سبق السيف العذل ، وحصل الهجوم الكبير من قبائل الرولة ، وظهرت كراديس الخيل ، وفي مقدمتهم فرسان آل شعلان ، وأولهم النوري الهزاع ، وخلف الأذن أبا الشيوخ ، وحصلت المعركة وحمي الوطيس ، وكان تركي بن مهيد لابساً درعاً وخوذة ، وقد وقف بالميدان موقف الأبطال ، وعجز الفرسان أن يتغلبوا عليه ، وقد أختار خلف الأذن تلاً عالياً ووقف عليه ، على صهوة جواده المسماة ( خلفة ) ولم يشترك بالمعركة إلا بعد أن لاحظ عجز الفرسان عن التغلب على تركي بن مهيد ، عندها أنقض عليه واختطفه من فوق جواده وترجل به على الأرض وضربه بسيفه ( شامان ) على أنفه ، إلى أن طار أنفه ، وتركه وراح يطارد بقية الفرسان ، بعد أن قال لمن حوله من فرسان قبيلة الرولة : إن هذا تركي بن مهيد ، وقصده من ذلك أن يقتله من كان حاقداً عليه ، وقد تداعى عليه فرسان الرولة وقتلوه وكان خسارة كبرى على قبيلة الفدعان ، وهو من أشجع الرجال ، وكان يضرب به المثل بالكرم الحاتمي ، ويسمونه ( مصوت بالعشا ) ، أي أنه بعد المغرب يأمر أحد رجاله فيعلو مرتفعاً من حوله ثم يرفع صوته منادياً من كان يريد العشا فليتفضل ، هذه من خصال المرحوم الشيخ تركي بن مهيد ، وبعد أنتصار الشعلان وقتلهم أبن مهيد وأخذهم جميع أمواله ، وأموال قبيلة الفدعان ، وسترجاع الإبل ( العلي ) إبل
( عرسان أبو جذلة ) أبن عم خلف الأذن قال خلف هذه القصيدة ، مفاخراً بها ، وملمحاً بها عن الموقف :





حنا عصينا شيخنـا مـن جهلنـا
الشيـخ شيـال الحمـول الثقيلـه


وارخص غلاهم واشتري به زعلنا
الله يمهـل بـه سنيـن طويـلـه


وأنا أحمد الله طـار عنـا فشلنـا
جعل مصبه فـوق راس الغليلـه


إن قدم المركـب وعنـده حقلنـا
كم راس شيخٍ عن كتوفـه نشيلـه


هذي فعول جدودنـا هـم وأهلنـا
بالسيـف نقـدي تايهيـن الدليلـه


ما ننعشق للبيض لـو مـا فعلنـا
ولا تلكـد بعقوبنـا كـل أصيلـه





وعندما علم محدى الهبداني الشاعر المشهور بمقتل الشيخ تركي بن مهيد ، وكان محدى من أصدقاء والد تركي الشيخ جدعان ، قال هذه القصيدة يتوعد خلف الأذن بأخذ الثأر :





يـا خلـف الآذان بالـك تغبـا
يذكر لنا عندك قعـودٍ جلابـه


بالحرب عندي لك حمولٍ تعبـا
وبيني وبينك يالرويلي طلابـه


إن ما خذينا الثـار وإلا نهبـا
ويبقى علينا عقب تركي جنابـه


نصبر ولا بـد الهبايـب تهبـا
ونجيك فوق القحص مثل الذيابه


نريد ثار اللـي ببطنـك مسبـا
شيخ الشيوخ اللي عزيزٍ جنابه





فأجابه خلف الأذن بهذه القصيدة :





كان أنت يا محدى لعلمـي تنبـا
عيبٍ على اللي ما يثمن جوابـه


أنشد وتلقاني علـى سـرج قبـا
مع سربـة الآذان والا الشيابـه


قب لعصمين الشـوارب تربـى
يا ما غدا بظهورهن من طلابـه


كم شيخ قومٍ مـن طعنـا تكبـا
وعدونا سـم الأفاعـي شرابـه


أشبع عيالك جعـل قلبـك يهبـا
شاعر نور تلعب على أبو عتابه


لو أنت من حصن الرمك ما تشبا
من عذرة الساجور واللي ربابه





ومن الصدف الغريبة أن محدى الهبداني غزا قبيلة الروله مع غزية من قبيلة الفدعان ، وهاجموهم وأخذوا منهم عدداً من الإبل ، وهبت قبيلة الروله لتخليص أبلهم ، وفعلاً هزموا قبيلة الفدعان المغيرين ، وخلصوا ابلهم ، وأسروا عدداً من فرسان الفدعان ، ومن بين المأسورين
( محدى الهبداني ) ، أسره أحد فرسان الروله ، وأخذ جواده منه ، وكان محدى الهبداني صديقاً للشيخ محمد بن سمير شيخ قبيلة ( ولد علي ) من عنزة ، وبعد أن علم بذلك خلف الأذن أرسل إلى محمد بن سمير هذه القصيدة :





يا راكبين أكوار حيـلٍ عراميـس
يقطعن ميد مساهمـات الحزومـي


حيلٍ تـذب أكوارهـا بالنسانيـس
ياحلو مرواح الضحا عقب نومـي


إن روحن مثل الحمام المماريـس
ركابهن مـا يستضـف الهدومـي


صبح أربع في غيبة الجن وابليـس
يلفـن لبيـوت الرفاقـه لزومـي


يلفن محمد زبن خيـل المراويـس
الوايلي زبن الحصـان العزومـي


قل له ترى حنا خذينـا النواميـس
بسعود مولانـا قـوي العزومـي


وتجارتك يا شيخ ضاعت من الكيس
تفرقـت لمقطعـيـن الخـرومـي


وراحن عليمات الهبيـدي بسابيـس
خلوه بقياع الشجـر تقـل بومـي


كيف الوهم يرمي عرود القرانيـس
ما به صواب وعاجـزٍ لا يقومـي


عاقوه ربـعٍ يبعـدون المناطيـس
أهل المهار منزحيـن الخصومـي


وان جا نهارٍ فيه جـدع الملابيـس
يابنت عن مثله هاك اليوم شومـي

نــجــم
29-03-2012, 07:21 PM
وحيث أن الخلاف بين خلف الأذن والشيخ سطام بن شعلان لا زال قائماً ، وبالرغم مما بينهم من جفوه ، فعندما حصل بين الشيخ سطام بن شعلان وبين مشائخ بني صخر خصام أدى إلى أن زحف عليهم سطام بقبائل الرولة من الأراضي السورية ، وكان مشائخ بني صخر مع قبائلهم بأراضي البلقا ، والسبب لذلك أن آل فايز رؤساء بني صخر أخذوا إبل النيص عبد أبن شعلان بطريق الغدر ، ومشائخ بني صخر كانوا أعداء ألداء للشيخ خلف الأذن ، فقد أعجبه تصميم أبن عمه سطام على زحفه على بني صخر ، وكان به شئ من تحقيق رغبته وقد حصلت المعركة بين آل شعلان وبني صخر وهزم بني صخر وشردوا عن بلادهم ، وبعضهم هرب إلى جهات الغور وفي هذه المعركة قتل خلف الأذن عدداً من مشائخ بني صخر ، ومن المعروفين منهم الشيخ طه ، والشيخ مناور ، والشيخ سطعان ، وقد قال خلف الأذن بهذه المعركة قصيدتين ، الأولى أثنى على الشيخ سطام بن شعلان ، رغم ما بينهما من الجفوة ، ولكنه كان راضياً عنه ، لأنه شفى غليله من أعدائه آل فايز وآل زبن رؤساء بني صخر ، وهذه القصيدة الأولى :





عيا الفهد ما كل الأشـوار طاعـه
قصَار من شارب خصيمه ليـا زاد


من صافي البالـود فيـه القطاعـه
مفراص بولاد الدول هم والأكـراد


علمـان زاع وسمَـح الله ذراعـه
قواطر يهز الريش من غيـر قـواد


بين الفدين وبيـن بصـري مزاعـه
غصبِ على شبلي وعسمٍ على طراد


نبي نـدور اعويـس راع البياعـه
إن جو من الكروه على الملح مـداد


يا عويس لك عندي بالأيـام ساعـه
يوم يعيـف سابقـك كـل الأفـواد


اللي نحر حـوران حـط الرتاعـه
واللي تقلع من ورا الهيش من غـاد


أبا الظهور اللـي يحفـظ الوداعـه
مثل صباح ارميح والطرش ما قـاد


سرنا علـى نـزلٍ تلافـح رباعـه
للطـرش قهـار وللـلـم جــلاد


باولاد عـم كـل أبوهـم جماعـه
عاداتهم بالكون ضكـات الأضـداد


كم سابـقٍ جتنـا بالأيـادي قلاعـه
وكم راس شيخ طاح بسيوف الأولاد


وقطعانهم صارت لربعـي طماعـه
وقمنا نعـزَل بيننـا شقـح الأذواد





أما القصيدة الأخرى فقد ذكر فيها مقتل الشيوخ من بني صخر ، وقال : إنكم يابني صخر شجعان وكرماء ولكنكم تمتازون ( بالبوق ) والغدر والخيانة ، وهذه صفات غير محموده بين العرب ، ثم قال : إن جديكم فرج وأسعد عثر حظهم وما فادوكم رغم أنكم تتباركون بهم ، وهاهم شيوخكم قتلى على الأرض ، ولم ينجدكم أجدادكم ، وهو يقصد من ذلك أن بني صخر كانوا يعقرون العقائر على قبور أجدادهم ومنهم فرج وأسعد ، ويتباركون بهما ، ويدعونهما بالملمات أن يفرجوا كربهم ، ويستنصرون بهم على أعدائهم ، وهذا شرك ولا شك فالمعين هو الله سبحانه وتعالى ، وهذه هي القصيدة :





يا رميح لولا البوق ما أنتم ردييـن
بذبـح العديـم وصبكـم للأدامـي


يا رميح وضح النيص ما عقبن شين
هنف الخشوم ونابيـات السنامـي


بنيت بيوت الحرب حـد اللبابيـن
وشقح تنـازي بالمشاتـي مظامـي


وثار الدخن ما بين كـل القبيليـن
بمزربط يكسـر متيـن العظامـي


وجبنا حلي الريش زين على زيـن
وبنت الشيوخ يصدغه بالخزامـي


وطه ومناور والشيـوخ المسميـن
ذباحهم مـا هـو بحـال الأثامـي


ياذيب صوت للنسـور المجيعيـن
أرع الشيوخ مجدعـه بالكزامـي


وفرج مع أسعد لا يعوهم شياطيـن
ويا رميح حظ أجدودكم بانخدامـي


جوكم هل ( العليا ) عيال الشعالين
فوق المهـار مثـورات العسامـي


ياما فجوا غـرات بـدوٍ عزيزيـن
وياما وقع بنحورهم مـن غلامـي


على طراد الضد يا رميح قاسيـن
ومكلليـن سيوفـهـم بالهـوامـي


دجنا بوسط دياركـم يـا مساكيـن
ومنـا تقلدتـم قلـوب النعـامـي


تقلعـوا للغـور يـم العـداويـن
وعيونكم مـن همنـا مـا تنامـي





وبعد هذا لم يترك شيوخ بني صخر خلف الأذن ، بل أخذوا يتربصون به لعلهم يأخذون ثأرهم منه لأنه ذبح عدداً من شيوخهم ، وكان من عادة الشعلان إذا رحلوا من نجد الى الأراضي السورية لا يمشون مجتمعين بل كل عائلة منهم يكون معهم قسم من قبيلة الرولة ، وكان من عاداتهم أن أول من يتقدم بالمسيرة هم عائلة آل مجول ومعهم قسم من الرولة ، ثم عائلة آل المشهور ومعهم قسم منهم ، ثم عائلة آل نايف الرؤساء ومعهم قسم منهم ، ثم عائلة آل زيد ومعهم قسم منهم وهذه عائلة خلف الأذن ، وكان شيوخ بني صخر بقيادة الشيخ طراد بن زبن قد فهموا عنهم هذه الطريقة في المسير فكمنوا في موقع قرب آبار ميقوع ، المنهل المعروف في وادي السرحان لأخذ الثأر من خلف ألأذن ، وقد أستنجد طراد بن زبن بفرسان قبيلة السردية ، بقيادة الشيخ الجنق ، ومعه الشيخ شلاش بن فايز ، وشلاش المذكور شجاع مقدام ويسمى الضمان أي أنه يضمن إبل قبيلة بني صخر من الأعداء ، إذا كان حاضراً عندها ، وعندما قرب خلف الأذن من الماء المذكور في طريقهم إلى سورية سبقتهم الأبل لتشرب وكان الشيخ خلف على أثرها بالظعينة ، ومعه أبناء عمه آل زيد ومن معهم من قبيلة الرولة ، وكان كل واحد منهم على هجينة مستجنباً جواده آمنين وهم يتقدمون الظعائن ، وقد مروا على نسر قشعم نازل الأرض وعندما قربوا منه راح يمشي على رجليه عاجزاً عن الطيران من شدة الجوع ، فألتفت إليه خلف الأذن وقال : كم أتمنى لو يكون معركة قرب هذا النسر العاجز عن الطيران من الجوع ليعتاش من القتلى ليطير فضحك رفاقه ، وبعد مضي دقائق من كلامه أشرفوا على آبار ميقوع ، وإذا بالخيل قد أخذت إبلهم وحالت بينهم وبين الإبل فنزلوا عن هجنهم وراحوا يلبسون دروعهم وركبوا خيلهم ، وأغاروا على الفرسان الذين أخذوا إبلهم وتبين لهم أنهم من بني صخر وآل سردية غرمائهم المشهورين ، وقد حمي الوطيس ، ودارت رحى المعركة بضراوة، وكان يوماً عبوساً ، وبعد عناء طويل خلص الشعلان إبلهم من العدو ، وراحوا يطاردونهم ، إلى أن قتل خلف الأذن الشيخ شلاش ، ثم قتل الشيخ الجنق أما الشيخ طراد فقد نجا لأن جواده كان سريعاً جداً فلاذ بالفرار ، وعجز الشعلان عن اللحاق به ، وقد غنموا خيولاً كثيرة ، وقد أنتصروا أنتصاراً رائعاً على بني صخر وأعوانهم ثم قال خلف الأذن هذه القصيدة بعد أنتصارهم :





الله يكـون جـرى عـنـد ميـقـوع
كونٍ ينشـر بـه غيـارات واقمـاش


يوم التهينـا نلبـس الجـوخ ودروع
واعرض لنا الطابور من دون الادباش


المنـع يـا ركابـة الخيـل مرقـوع
من نيش باطراف المزاريج ما عـاش


كم راس شيخ مـن تراقيـه مشلـوع
وأول سعدنا وطية الحمـر لشـلاش


والجنق أخذ من رايب الدم قرطـوع
من عقب شربه للقهاوي على فـراش


خللي عشاً لمهرفل الذيـب مجـدوع
والضبعه العرجا تدور بـه عـراش


والشايب اللي قفونا يشكـي الجـوع
لو هو حضرنا نفض الريش وعتـاش


زيزومهم عقب الصعاله غـدا طـوع
عقب الهدير أستثفر الذيـل ونحـاش


وأنا على اللي تكسر الذيـل مرفـوع
تشوش وان سمعت مع الخيل شوباش



لقد تحققت أمنية الشيخ خلف الأذن حينما تمنى أن تقع معركة حتى يأكل النسر القشعم ، وفعلاً سقطت الضحايا على الأرض وما أكثرها ومن بينها الشيوخ .
أما الشيخ طراد بن زبن فهو لم ييأس من أخذ الثار ، وقد تابع عدوانه على قبيلة الرولة ، ويقال أنه غزا وهاجم الرولة في أرض الحماد ، بالقرب من حرة عمود الحماد التي تقع شرقاً من وادي لسرحان ، وصادف أن غارته في صباح أحد الأعياد وقد هزمه الرولة وأثناء رجوعه صادفه النوري بن شعلان وخلف الأذن ومعهم عدداً من الفرسان فطاردوه وقتلوا وأسروا قسماً كبيراً من الفرسان ، أما طراد فقد نجا في المعركة ، وقد قال خلف الأذن في هذه المناسبة هذه القصيدة :





يالله يالمطلوب يـا عـادل الصـاع
إن كـان عنـدك للأجاويـد ثـابـه


أنك تمشينـا علـى درب الأسنـاع
ياللي لداع الخيـر مـا صـك بابـه


الضرس يعباله عن السهـر مقـلاع
حتى تنام العيـن مـا هـي طلابـه


يا طراد حلوا بك مواريـث هـزاع
عايـدت قـومٍ وعايـدوك الشيابـه


صغيرهم لو هو على الديد رضـاع
سنـه شطيـر يكسـر العظـم نابـه


يا طراد راحت بك طويلات الأبواع
والشيب حل بسربتـك والتهـى بـه


وردوا هل العليا كما ورد الأقطـاع
علـى غديـرٍ مـا كفاهـم شرابـه


ذيب المحيضر مخصب عقب ما جاع
مكيـف يلعـب علـى أبـو عتابـه


يبون جـل بكارنـا شقـح الأقطـاع
وشرهوا على هاك البيوت المهابـه


وصحنا عليهم صيحةٍ تبري الأوجاع
وصارت قلايعهـم بالأيـدي نهابـه


وطراد عقب سيوفنا صـار مطـواع
ضاعت عزومه عقب هاك الصعابـه


ياما عملنا الطيب لا شك بـه ضـاع
ماشٍ علـى درب الـردا والخيابـه





وأردف خلف الأذن قائلاً هذه القصيدة :





حرً شلع من راس عال الطويلات
للصيدة اللي حط خمسـه وراهـا


غز المخالب بالثنـادي السمينـات
وتل القلـوب وبالضمايـر فراهـا


يلعن أبو هاك الوجيـه الرديـات
أبرد من الزرقا على صقع ماهـا


وفنخور أبو جبهه كبير المطيرات
رجلٍ قطع مـن شقتـه واكتساهـا


بايع منيعـه بالثمـن للحويطـات
من العيب وافر لحيته مـا حماهـا


وابن جريد مـن هـل المقعديـات
ما حاشت الصفحه لعيـنٍ ثواخـا


يا طراد ما عيت ذود النصيـرات
عيت سواعد لحيتك مـن رداهـا


أجيك باللي يدركـون الجمـالات
ربـعٍ معاديهـم طـوالٍ خطاهـا


إلـى تنـادوا بينهـم بالمثـارات
كم قالـةٍ وقفـوا علـى منتهاهـا


شعلان فاجوكم على الخيل عجلات
فوق المهار اللي تساعـل حذاهـا





وبعد هذه المعركة لم تقم لطراد وجماعته قائمة ، خاصه مع قبائل الرولة .

نــجــم
29-03-2012, 07:21 PM
وبهذه الفترة تولى الشيخ فهد الهزاع شقيق النوري ، بعد أن توفى الشيخ سطام بن شعلان ، وورث كراهية خلف الأذن عن سطام ، وقد حصل خلاف بين خلف الأذن وجماعة من الرولة ، أستفحل إلى أن قتل خلف أثنين منهم ، ولم يستطع غرماؤه أن يتجرأوا عليه ، ويأخذوا ثأرهم منه عجزوا عن ذلك ، وأخيراً توسط الشيخ فهد الهزاع على أن خلف يدفع دية لأقارب المقتولين ، وأشترط أن يدفع على الديه جواده ( خلفه ) وقبل خلف أن يدفع ديتين ، ولكنه رفض أن يدفع فرسه ( خلفه ) ولاحظ خلف من أبن عمه فهد ميلاً مع غرمائه ، وأنه لم يشترط دفع الفرس إلا ليأخذها لنفسه ، عندما حصل ذلك وهم بالأراضي السورية أمر خلف جماعته آل زيد بأن يرحلوا لنجد ، وبعد أن تحرك ظعنهم من سورية إلى نجد ركب جواده ( خلفه ) بعد أن لبس لباس الحرب وجاء إلى بيت الشيخ فهد الهزاع وكان فهد جالساً في مجلسه ، فوقف على جواده أمام البيت ، وأرتجل هذه الأبيات موجهها إلى الحارس المقرب للشيخ وهو ( أبو دامان ) وقال :



البدو عنا شرقـوا يابـو دامـان
وكل من النقرة تقضـى حوالـه


إن جيت ملعون الكديد أبن جدلان
إن ما رضي والله فلاني بحالـه


أدخل على الله يوم مكنونها بـان
ورزقي على اللي سامكات جباله


مانيب أنا ولد الحدب وابن ضبان
اللي يتالونه علـى شـان مالـه


ربعي هل العليا طويلين الأيمـان
أهل النقا والطيب إن جا مجالـه


معهم بني عمي عيال أبن شعلان
ياما كلوا من عيـن قالـة وقالـه


فهود الزراج ليا غشى الجو دخان
إن ضيعت وضح العشاير عيالـه


(خلفه) معديها مع أولاد جمعـان
اللي يعرفـون الثنـا والجمالـه


باغ عليها يوم روغات الأذهـان
وكلٍ هفا به فعـل جـده وخالـه


ألكد عليها واجعل العمر ما كـان
والشيخ وأن شافن يصيبه جفالـه


أنا على (خلفه) وبالكف (شامان)
وكم راس شيخٍ عن تراقيه شالـه




قال هذه القصيدة غير مبالي بأحد ، ثم لحق بظعينته ، وقد سكت الشيخ فهد كأن شيئاً لم يكن .
هذه من نوادر خلف الأذن وما أكثرها ، وعندما عرف غرماء خلف أنه تجرأ على الشيخ بهذه القصيدة ،عرفوا أن الحق ليس بالسهل تحصيله من خلف ، أرسلوا له صاغرين وطلبوا منه أن يدفع دية رجالهم بالطريقه المتبعه بين قبائلهم وتنازلوا عن طلبهم للجواد ( خلفه ) .
وفي بعض الأيام مرضت جواده خلفه وأخذ مدة لم يستطع ركوبها ، فأنشد هذه الأبيات :





أنا برجوى الله ورجوى العبيـه
أنا على ركبه غشيشٍ رعا كبس


وبالكف من صنع الهنادي قضيه
عليه من دم المخالف تقل دبـس


أجي مع أول سربـةٍ مرعضيـه
واصير بنحور النشامى لهم حبس


قـدام ربـعٍ كـل ابوهـم دنيـه
الكد ملاكيدٍ لفارس بنـي عبـس


الله على يومٍ ضحـاه اعشويـه
عج السبايا في نهاره تقل قبـس


قلبـي عليهـم واردات دلـيـه
والكبد من ضيم الرفاقه بها يبس




ولابد للقارئ أن يلاحظ آخر بيت في القصيدة حيث يقول :




قلبـي عليهـم واردات دليـه
والكبد من ضيم الرفاقه بها يبس




فهو بذلك يشير إلى الشيخ فهد لأنه شعر بحيفه عليه ، ولذلك فهو يحس بالضيم منه ، لقد طالت الكراهيه والجفوه بين فهد الشعلان وأبن عمه خلف الأذن ، الى أن أخذ خلف يبتعد عن الشيخ فهد حتى تولى الشيخ النوري الشعلان رئاسة قبائل الرولة ، وأستمر الخلاف والكراهية بينه وبين خلف الأذن ، وعندما رأى خلف أن الشيخ النوري بن شعلان يبتعد عنه ولا يأخذ الرأي منه قال
هذه القصيدة :




يا شيخ يا شيخ الشيوخ أبن شعلان
عندك صليب الراي ما تستشيـره


خمسين سيف ما يسـدن بشامـان
خلـه لعجـات السبايـا ذخـيـره


إنشد هل العادات ذربيـن الأيمـان
ويخبرك عني من يعرف السريـره


إن ثار عج الخيل في كـل ميـدان
تلقى علومي يابـن عمـي كبيـرة


أقلط على الفارس بروغات الأذهان
واخوض غبات البحور الخطيـرة


أشيل راسه من مزابيـر الأمتـان
ولا عاد يذكر كل شـره وخيـره


السيف يشهد لي ويشهد لي الـزان
ويشهد بفعلي من سكن بالجزيـره


ما يختفـي فعـلٍ تقفـاه برهـان
والعين مـا شافـت بليـا نظيـره


ربعي هل العليا اليـا ثـار دخـان
مثل الزمول اللي تقاصف هديـره


إن رددوا بالكـون عليـا وعليـان
حريبهم ترجـع علومـه صغيـره


ربعٍ على جرد الرمك شانهم شـان
ويرعون بحدود النمش كل ديـره




وقد تطور الخلاف حتى أن أحد أبناء خلف الأذن المسمى ذياباً أطلق النار على النوري بن شعلان والأسباب هي كما يلي :
أدعى الشيخ النوري أن خلف الأذن تعدى على شئ كان بوجهه ، وأخذ يطالب خلف الأذن بإرجاعه ، وخلف أصر على العصيان ، ثم جاء النوري ومعه جماعه على خيولهم جاء الى خلف وهو في بيته ، ولم يكن عنده أحد من أبنائه ، أو أبناء عمه ، وقد وصل إليه النوري بدون أن يشعر به ، وغير متأهب له ، فوقف النوري على جواده بالقرب من خلف ، وأخذ يوبخ خلفاً ويتهدده ، وكان أبنه منتحياً بعيداً عن البيت ، ولكنه عندما رأى الخيل واقفه بالقرب من بيت ابيه ، ولاحظ أن الرجال الذين على ظهورها لم يترجلوا وأنهم مسلحون فقد أرتاب منهم وجعل البيت بينه وبين أهل الخيل متقياً به ، وأسرع إلى أن دخل البيت من خلفه وتناول بندقيته ، وسمع توبيخ النوري لوالده ، وكان والده بغاية الحرج ، فظهر عليهم من البيت وعندما أبصره والده ناداه ناخياً له ، وقال : أذبح الرجال يا ذياب ، فأطلق النار على النوري مصوباً البندقية إلى جبينه ، ولكن الطلقة أصابت عقال النوري من فوق رأسه ، فولى النوري على جواده مسرعاً ، وأتبعه رفاقه ، ومر بخيل خلف الأذن وهن يرعن بعيداً عن البيت ، فأخذهن وذهب بهن ، وعندما أراد ذياب أن يلحق النوري مسلحاً قال له أبوه : لا تلحق النوري لأننا لا نحب مداماة أبناء عمنا ، ويمكن أن نسترجع الخيل بطريقة أسهل من هذه ، وعندما وصل النوري إلى بيته أرسل بعض خدامه بالخيل التي أخذها من خلف إلى خيوله لترتع معهن ، وكان ذياب بن خلف قد لاحظ ذلك عن بعد ، وعندما رأى خدم الشيخ النوري ذهبوا بالخيل تقدم قبلهم وأخذ لهم الطريق الذي يمكن أن يسلكوه هذا وهم لم يشعروا به ، وعندما قربوا منه رفع راسه إليهم وقال : هل تعرفونني ؟ قالوا : نعم أنت عمنا ذياب ، وكان مشهوراً بالشجاعة ، وبإصابة الهدف ، فقال لهم : أقسم بالله أن تنزلوا مع مؤخرة الخيل مرغمين وإذا حاول احداً منكم أن ينزل مع جنب جواده فسيلقى منيته ، فاعتمدوا أوامره ونزلوا مع مؤخرة الخيل وذهب بها لوالده خلف ، وبعد هذه المشكلة ابتعد خلف عن النوري ، وبقي أكثر من ثلاث سنين لم يرى النوري وقال هذه القصيدة :




البارحـه والعيـن عيـت تغفـي
عيت تـذوق النـوم لا واغليلـه


النار شبت ما لقت مـن يطفـي
أوجس على كبدي سواة المليلـه


تبينـت مـا عـاد فيهـا تخفـي
ومن ربعنا شفنـا بالأيـام عيلـه


خسران من يتبـع رفيـقٍ مقفـي
والقلب يجفل كل ما شاف ميلـه


ما ينفع الخايـف كثيـر التخفـي
واللي قسم للعبد لازم يجـي لـه


كـم سربـةٍ خليتهـا تستخـفـي
وأرويت عطشان السيوف الصقيله


وأقلط على اللي بين ربعه مشفي
والخيل من فعلي تزايـد جفيلـه


يالله لا تقطـع مـرادي بشـفـي
صفرا صهاة اللون تنهض شليلـه


ومحضرٍ صنع العجم مـا يعفـي
الراس من فوق المناكـب يشيلـه


ومزرجٍ يالقـرم يصلـح لكفـي
منقيه من سبع الكعوب الطويلـه


مع ربعـةٍ بالبيـت دايـم تهفـي
يجـوز للربـع النشامـى مقيلـه


ودلال ما عنهن سنا النـار كفـي
حميلهـن بالبيـت مثـل النثيلـه


وذودٍ مغاتير على الحوض صفي
بين الأباهـر خططوهـن بنيلـه


مع بنت عم ٍ أصلهـا مـا يهفـي
إن درهم المظهور فأنـا دخيلـه

نــجــم
29-03-2012, 07:22 PM
وفي آواخر أيام خلف الأذن ذهب إلى الأمير سعود بن عبدالعزيز بن رشيد أمير حائل ليزوره ويتعرف عليه ، وكان سعود بن رشيد حديث سن ، وكل الأمور بحائل يديرها الأمير زامل بن سبهان المعروف ، وقد أكرم آل رشيد خلف الأذن الشعلان إكراماً جيداً ، وصدفه جاء شاعر من إحدى القبائل زائراً لأبن رشيد ، وعندما كان أبن رشيد في مجلسه وعنده زامل السبهان وكان خلف بين الجالسين وكان الشاعر الذي جاء لأبن رشيد أيضاً جالساً معهم وكان زامل السبهان هو كل شيئ لأبن رشيد وهو الذي يتكلم بالمجلس ، التفت زامل السبهان إلى خلف الأذن وقال : نحب أن تساجل هذا الشاعر لنعرف مقدرتك يابن شعلان بالشعر ؟ فغضب خلف الأذن ، واعتبر هذه إهانه له من زامل ، لأنه يرى نفسه أكبر من أن يساجل شاعراً في مجلس بن رشيد ، خاصه أن هذا الشاعر ليس بمستواه ، فقام من المجلس وأرسل هذه القصيدة لزامل يهجوه فيها ، ويطلب إحضار هجينه ليسافر إلى بلاده وقومه بالشمال ، وقد حاول أبن رشيد كثيراً أن يسترضي خلف ، ولكنه رفض وأصر ، والقصيدة كما يلي :





زامل ينشدني وأنا ويـن وينـيه
بيـت يـا هـرجٍ بليـا لباقـه


الشين شين وماكر الشين شينـي
عـدو جـد ولا بقلبـك صداقـه


الله يخونك كـان مـا تشتهينـي
لو تحكي لـي بالعلـوم الدقاقـه


غديت مثـل معايـد القريتينـي
لا جبت خير ولا تبعت الرفاقـه


أنا بلايـه مـن صديـقٍ بطينـي
بقعا تصفقني علـى غيـر فاقـه


فنجال طين ولا نت فنجال صيني
تبرك مباريك الجمل وانت ناقـه


إرخص لنا وارسل لسمحه تجين
ياعتـاق عبـدٍ مشتهيـن فراقـه





وبعد مدة غير طويله كان خلف الأذن نازلاً في أطراف الحره التي بين الحماد ووادي السرحان ، وكان نائماً في بيته هاجمهم غزاة من قبيلة شمر في منتصف الليل ، وقبل أن يعلموه أطلقوا عدداً من العيارات الناريه على خلف في فراشه داخل بيته فقتل هو وزوجته وهما نائمان ، وكان مريضاً وقد طعن بالسن .... وهكذا أنطوت صفحة ( أبا الشيوخ ) الفارس المغوار خلف الأذن ، وكان هذا في النصف الأول من القرن الرابع عشر ، وكان خلف الأذن رحمه الله مشهوراً بالكرم وحسن الضيافة ، وإكرام الجار ، وقد أثنى عليه الشيخ عجلان بن رمال الشمري بهذه القصيدة وبين فيها أن الجار خلف دائماً عزيز مكرم وهي كما يلي :



يا راكبٍ حمرا عليهـا الهتيمـي
حط القطيمي فـوق ساقـه وداره


حمرا تضيم الدو مـا تستضيمـي
تلقى العتاري حاشيـات عـذاره


مشتاه من عذفا إلى أم الصريمي
ومرباعهـا اللبـه تقطـف قـاره


تمشي من المركوز وقت الجهيمي
والظهر حط رعون كبـدٍ يسـاره


حمرا وكن ظلالها لـه جريمـي
تخطـف الثايـه بتالـي نهـاره


ملفاك صياد الشيـوخ العديمـي
إن ضيعت شقح العشاير حـواره


اللي قصيره كل يـومٍ حشيمـي
ما يقهر الرحلي إلى جا مـداره


والضيف عنده في جنان النعيمـي
يلقى الكرامه قبل يبـدي خبـاره


وإن صار بالمشتى ليال الصريمي
ذباح نابيـة القـرا مـن بكـاره


وعوق العديم ولا يهاب الغريمـي
كم فارسٍ اهفاه مـا وخـذ ثـاره


عيال الشيوخ منوخين الخصيمـي
يزين طبعه عقب هاك الصطـاره


وقبُ إلى جا الصبح جاله رهيمي
عليهن اللي يدمحـون السمـاره





وعائلة الزيد مشهوره بالكرم وإعزازهم لجارهم ، وقد ألتجأ عندهم شخص من شمر يقال أن أسمه أبن عدلان وهو مبتور اليدين ، ويقال أن الذي بترهما هو أحد حكام آل رشيد ، وبقي جاراً لهم فترة طويلة ، وكان مستجيراً بالشيخ خلف الأذن وأخويه ضامن وشاهر ، وقد أعزوه وأقسموا على أنفسهم أن يقوموا بإطعام جارهم بأيديهم ، وعندما يحضر الطعام لجارهم يأتون بملعقه ويناولونه طعامه ، ويشاركونه بأكله ، وقد أشار إليهم الشيخ عجلان بن رمال في قصيدته المذكوره أعلاه ، ومما يبدو لي أن نهاية حياة خلف الذن تشابه نهاية حياة الشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي والمكان الذي قتل به خلف قريب من الموقع الذي قتل به المتنبي وفي مقتلهما نوع من التشابه ، إلا أن خلف الأذن يمتاز بالشجاعة ، وحسبما فهمته من الرواة أن عدد المشايخ الذين قتلهم خلف الأذن بحومة الوغى كما يلي :

الشيخ ( تركي بن مهيد ) من الفدعان
الشيخ ( شلاش ) بن بخيت بن فايز من بني صخر
الشيخ ( الجنق ) شيخ قبيلة السرديه
الشيخ ( مناور ) من شيوخ بني صخر
الشيخ ( طه ) من شيوخ بني صخر
الشيخ ( سطعان ) بن زبن من شيوخ بني صخر
الشيخ ( دريبي ) من الزبن
وشيخ من آل هذال
والشيخ العواجي .

حيث قال أحد شعراء الرولة المسمى ( مغب الدريعي ) هذه القصيدة بالمعركة التي حصلت بين الشعلان والعواجي ( بنقرة الحيران ) وكان قائد الشعلان فيصل بن شعلان وبهذه المعركة قتل الشيخ خلف الأذن العواجي ، وهذه القصيدة :





حرٍ شلع يـوم البواشـق مخاميـر
عدل المناكب مسفهـل الحجاجـي


شهر من الوديان وأسند مع الشيـر
وفي نقرة الحيران صاد العواجـي


أيمن مكاسيبه وطا الجوف وصوير
وايسر مكاسيبـه وطـن النباجـي


بشرقي جبال غنيم جبنـا المغاتيـر
وضحٍ تلاعج كنهـا عظـم عاجـي


راجوا بروس الشلف مثل العصافبر
وعلى صنمهم محمل الخيل راجي


وادلى خلف فيهم كما يدلي الطيـر
وصاد العواجي في مثار العجاجي


راجت عليه معسكرات المساميـر
قـبً تعلوهـن فهـود الزراجـي





ومن أجل ذلك سمي بأبي الشيوخ .
ولم يترك آل زيد الشعلان أقارب خلف الأذن ثأرهم ، فعندما علموا أن التومان من شمر قتلوا خلفاً ذهبوا إلى الأمير نواف النوري الذي كان مضطلعاً بشؤون قبائل الرولة ، ويخلف والده بقيادة القبيلة ، ذهبوا إليه وطلبوا منه أن يقودهم إلى مهاجمة شمر ، لأخذ ثأر الشيخ خلف الأذن ، وفعلاً أجاب ندائهم وألتفت حوله قبائل الرولة وغزا من أراضي الحماد قاصداً مهاجمة شمر الذين يقطنون بالقرب من منهل الدويد المعروف ، وفعلاً أغار على قبائل شمر هناك وكان يرأسهم فيصل بن سند الربع من مشايخ قبيلة التومان من شمر ، وقد أخذ الشعلان إبلهم وقتل قريطان بن شاهر الزيد الذي هو أبن أخي خلف الأذن قتل فيصل بن سند الربع زعيم التومان وغنم جواده وأخذ إبله وكانت هي إبل والده من قبله سند الربع المعروف ، وبهذه المعركة شفى آل زيد غليلهم وثأروا للشيخ خلف الأذن .
هكذا حدثنا الرواة من الرولة ومن قبائل عنزة الأخرى ومن شمر عن حياة هذا البطل المغوار والشاعر المبدع .. وهكذا طويت صفحة مشرقة حيه من نماذج فرسان العرب المعلمين .

fille aînés
29-03-2012, 09:59 PM
دمت بهذآ الع ـطآء أإلمستمـر
يسع ـدني أإلـرد على مـوضوعكـ
وأإألتلـذ بمـآ قرأإت وشآهـدت
تـقبل خ ـآلص احترامي
***

الرسامة شجن
29-03-2012, 10:05 PM
يسسسلمو عالتقرير الرائع .

نــجــم
30-03-2012, 12:06 AM
دمت بهذآ الع ـطآء أإلمستمـر
يسع ـدني أإلـرد على مـوضوعكـ
وأإألتلـذ بمـآ قرأإت وشآهـدت
تـقبل خ ـآلص احترامي
***
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

نــجــم
30-03-2012, 12:06 AM
يسسسلمو عالتقرير الرائع .
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

ذيب الغدراء
30-03-2012, 12:36 AM
شكرآ لك ع الانتقاء المميز

الوتين الروقي
30-03-2012, 02:27 AM
**
كتآب رآئع رآئع رآئع جدآ آستفدنآ منه
كثير و عرفت آشيآء رآئعه عن آبطآلنآ
لا عدمنآ موآضيعك آلرآئعه يآ آنيق
يستحق ***** + تثبيت آلموضوع
أخذتَ أقلبَ صفحآتِيَ ..
فلمَ أجدَ إبدآعَ يظآهي " إبدآعك"
و لـآ جمآل يفوق جمآلَ ..
طرحكَ
أنآرَ آلله بصيرتكَ ..
و إلى آلآمآمَ
**

فهدالخيال
30-03-2012, 02:43 AM
يعطيك العافيه اخوي نجم ولواللماضينا اكيد هو حاضرنا شي عايش بداخلنا وهو معاصر زمانا وتستحق التميز علي موضوعق الشيق

طيرالوله؟
30-03-2012, 06:06 AM
الله يعطيك العافيه على الطرح القيم بارك الله فيك

نــجــم
30-03-2012, 04:06 PM
شكرآ لك ع الانتقاء المميز
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

نــجــم
30-03-2012, 04:06 PM
**
كتآب رآئع رآئع رآئع جدآ آستفدنآ منه
كثير و عرفت آشيآء رآئعه عن آبطآلنآ
لا عدمنآ موآضيعك آلرآئعه يآ آنيق
يستحق ***** + تثبيت آلموضوع
أخذتَ أقلبَ صفحآتِيَ ..
فلمَ أجدَ إبدآعَ يظآهي " إبدآعك"
و لـآ جمآل يفوق جمآلَ ..
طرحكَ
أنآرَ آلله بصيرتكَ ..
و إلى آلآمآمَ
**
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

نــجــم
30-03-2012, 04:06 PM
يعطيك العافيه اخوي نجم ولواللماضينا اكيد هو حاضرنا شي عايش بداخلنا وهو معاصر زمانا وتستحق التميز علي موضوعق الشيق
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

نــجــم
30-03-2012, 04:06 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح القيم بارك الله فيك

يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

العنيــــدهـ
11-09-2012, 04:58 AM
سسسلمت يمناك على الإيراد
يعطيك العافيه
!..❥

دانــه
06-10-2012, 05:12 AM
سسسلمت يمناك على الإيراد
يعطيك العافيه

نــجــم
06-10-2012, 08:42 PM
سسسلمت يمناك على الإيراد
يعطيك العافيه
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

نــجــم
06-10-2012, 08:42 PM
سسسلمت يمناك على الإيراد
يعطيك العافيه
!..❥
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

طير شلوى
24-03-2013, 03:02 PM
كتاب من التراث القيم
و جهد تشكر عليه استاذنا نجم

جهز العطاوي
03-07-2013, 02:46 PM
طرح جميل وبيض الله وجهك يانجم

جميل ما أوردت , كل الشكر

نــجــم
03-07-2013, 04:12 PM
طرح جميل وبيض الله وجهك يانجم

جميل ما أوردت , كل الشكر
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

نــجــم
03-07-2013, 04:12 PM
كتاب من التراث القيم
و جهد تشكر عليه استاذنا نجم
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

ط§ظ„ظٹط§ط³ظ…ظٹظ†
20-02-2014, 05:55 AM
سلمت يمناك نجم

الفهدهـ
16-05-2014, 07:54 PM
موسوعة رائعة عن هؤلاء الابطال ويستحقون ذلك
شكري وتقديري نجم لشخصك على النقل الممتع

نــجــم
17-05-2014, 08:25 PM
سلمت يمناك نجم
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ