المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر محمد القيسي و أعماله


نــجــم
19-04-2011, 12:54 AM
نبذة حول الشاعر: محمد القيسي




ولد في كفر عانة (فلسطين) عام 1945.
عمل في حقل الصحافة والمقاومة.
عضو جمعية الشعر.

مؤلفاته:
1- راية في الريح- شعر- دمشق 1969.
2- خماسية الموت والحياة- شعر- بيروت 1971.
3- رياح عز الدين القسام- مسرحية شعرية- بغداد 1974.
4- الحداد يليق بحيفا- بيروت 1975.
5- إناء لأزهار سارا، زعتر لأيتامها- شعر- بيروت 1979.
6- اشتعالات عبد الله وأيامه- شعر- بيروت 1981.
7- كم يلزم من موت لنكون معاً- شعر- بيروت 1982.
8- أغاني المعمورة- شعر- عام 1982.
9- أرخبيل المسرات الميتة- شعر- عمان 1982.

نــجــم
19-04-2011, 12:54 AM
في المنفى



ترى من سيخبر الأحباب أنّا ما نسيناهم

وأنّا نحن في المنفى نعيش بزاد ذكراهم

وأنّا ما سلوناهم

فصحبتنا بفجر العمر ما زالت تؤانسنا

وما زالت بهذي البيد في المنفى ترافقنا

ونحن بهذه الغربة

تعشّش في زوايانا عناكب هذه الغربة

تمدّ خيوطها السوداء في آفاقنا الغبراء أحزانا

تهدهد جفننا الأحلام تنقلنا على جنح من الذكرى

إلى عهد مضى حيث السكون يثير نجوانا

وحيث الشوق أغنية نردّدها على ربوات قريتنا

وحيث الحبّ في بلدي كلام صامت الّنبرة

كلام صادق الإحساس والنظرة

وحلم أخضر في القلب يروي سرّ نشوتنا ,

ويحضننا ويرعانا

ترى من يخبر الأحباب أنّا ما نسيناهم

فكيف يغيب من في القلب محفوظ له تذكار

ومن في الغور في طيّ الحنايا شعلة من نار

تجدّد صفحة الماضي

فينهار المدى النائي

وتحذف بيننا الأبعاد

ويجمعنا بجوف الليل حلم ينثر النّوار

فنصحو والفؤاد يلملم الذكرى

يجفّف دمعة حرّى

وهل بثّوا بقلب الليل للغيّاب نجواهم

وهل عرجوا ترى يوما على عشّ الهوى المهجور

وهل ذرفوا دموع الصمت , هل أدمتهم الذكرى

وهل خففت جوانحهم وقالوا مثلنا شعرا ؟

فإنّ البعد أدمانا , أحال حياتنا تنّور

يعذّبنا خفوق القلب , تملك روحنا الرعشة

وفي أحداقنا تنمو جذور الحزن والآلام والوحشة

***

يمرّ الليل عن جفني ويسألني

متى تشفى من الشجن ؟

أحبائي سؤال الليل يؤلمني

ويحزنني

لأنّي كلّ ما أدريه أنّي بتّ منفيّا

وأنّي لم أزل حيّا

تعذّبني وتقلقني

طيوف الأمس والذكرى تعذّبني

فأجترّ الأسى والصمت والحيرة

وأقتات الفراغ الرحب أنحر فيه أيامي

وتقضم عشب أحلامي

نيوب الوحشة المرّة

وتملأ خافقي بالحزن , تفعم عالمي حسرة

فأطوي صفحة الماضي , وأغفو علّني أصحو

على ربواتنا أعدو

وأحضن في ثراها الشوق , ألمسه بتحنان

ويغرقني عبير الأرض , يسكرني بلا خمرة

وأحيا حلمي المنشود , ألمح فيه إنساني

وأدفن فيه أشجاني

ولكّني أحبائي أفيق وبيننا سدّ

غريب في بلاد النفي ينهش عمره البعد

ويسقم قلبه الوجد

يداعبه سنا أمل , بدا في أفقه واه

***

غدا يمضي بنا التّيار يجمعنا بمن نهوى

ويدري الناس والأحباب أنّا ما سلوناهم

وأنّا لم نزل في مركب الأشواق نبحر صوب دنياهم

ترى من يخبر الأحباب أنّ ما نسيناهم

وأنّا لم نزل في مركب الأشواق نبحر صوب دنياهم

ويدفعنا جنون الوجد يسبقنا للقياهم

ترى من يخبر الأحباب أنّ ما نسيناهم

وأنّا لم نزل في مركب الأشواق نبحر صوب دنياهم

ويدفعنا جنون الوجد يسبقنا للقياهم

ترى من يخبر الأحباب أنّ ما نسيناهم

نــجــم
19-04-2011, 12:54 AM
مشهد الدخان

ودخان على القلب هذا الدخان

دخان،

دخان

خرجت من النور أم خانني النص،

حتى ليزداد أو يتجدد هذا الغياب،

وتنأى ظلال النهار،

وينأى الأمان

دخان

دخان

تدور بي الدائرات بعيدا

رماد الهواجس يومي

ويكسر قلبي الرهان

دخان

دخان

ويظلم دوني المكان

درجت هنا عزلة عزلة

ورماني الحنان

وقلت أمرن حالى على الاحتمال،

ويصقل روحي المران

دخان،

دخان

فلا حصدت كلماتي سوى الكلمات،

ولا خف في جانبي اعتمال

ولا واصل الأقحوان

سكينة من بات في الظل،

مكتفيا بالقليل،

وأيامه جيشان

دخان،

دخان،

ويكتب ما يفلق الصخر حزنا

يململ هذا الفضاء

ويهفو له الخفقان

هوى إذ روى

واستبد الجوى

بمجامعيه،

وتقاطيعه،

وانتهى المهرجان

دخان

دخان

رعيت الأوز وأطعمت بين يديك الحمام،

وما شاب قمحي زؤان

وأعرف ما كنت إلا الغلام القتيل،

وسياف نفسي أفردت جدا

فمن أين يأتي ائتمان

دخان،

دخان

يموت الندى كل يوم

ويذبل في حبه البيلسان

دخان على القلب هذا الدخان

دخان،

دخان.

نــجــم
19-04-2011, 12:54 AM
قصيدة يونانية

(إلى هنري ميللر)

مشبع بالرنين

مشبع بتفاصيلها

وبسيط كخيط الأنين

وهي حبلى بأشياء غامضة،

غالبا ما أجيء نضارتها بعد حين

مشبع بالرنين

قرب سورلبيت

يظل بمكنونه لا يبين،

وآنا يبين

كيف أملأ هذا الفراغ إلهي

وأخفر ساحل أهدابها

برياش الحنين!

إنني ميت لا محالة من فرحي

وأسيف

وبي نفحة مثلما قيل لي

من سلالة قوم،

قضوا

عاشقين

مشبع بالرنين

نــجــم
19-04-2011, 12:54 AM
الليل والقنديل المطفأ


الليل وقنديلي المطفأ

والصمت المطبق والجدران

وصرير الريح الضائع في جوف الليل

ونجوم شاحبة تغرب , صفراء اللون

وبقايا أغنية يلفظها مذياع

سكبت في قلبي الأحزان

جمعت في بيدر إحساسي الأشجان

وانثالت في روحي شلاّل عذاب وهوان

وأنا والقلب وهدبي المبتل

نجترّ الحزن ونقتات الحرمان

نركض خلف الحلم الهارب منّا

الحلم النائم في إيوان الغيب

ما زلنا نحلم أن نلقاه

في درب العمر ولو مرّة

كي يملأ دنيانا فيض سناه

فلقد أعيانا عبء الصخرة

عبء يرسب في أعماق منانا الحسرة

يرمي بالسهد طيور القلب

ونظلّ نطارد في الوهم خيالا

ونجوس التيه ونعبر غابات الموت

ويظلّ القنديل بلا زيت

وأنا والليل المطبق

أشلاء ضائعة تتمزّق

تضنينا الأشواق فلا نشكو

ونموت إذا عرّتنا الشمس

أو سبرت منّا الأغوار

ننشد في ظلّ دروب الغربة والترحال

نهرا يغسل فينا الأحزان

ننشد شمسا تدحو عن درب العودة أشباح الظلمة

ننشد نجمة

تحضننا في ليل اليأس

تهدي خطوات القلب

للحلم الضائع , للطفل الغافي في حضن الغيب

علّ جراحات الأمس

تخمد جذوتها ويجفّ غدير الأحزان

ونذوب صلاة

ونعود كمن يحرث في الملح

لا نجني غير عذاب الجرح

غير ضياع الأحلام

لنعيش كأغراب تحت الشمس

***

ما زلنا نحمل فوق الصدر بقايا الأحزان

نصرخ في وجه الأيام

نتحدّى في إصرار جلاّد العصر

وسياط الغربة تدّمي فينا الوجدان

ما زلنا نمخر في الليل دياجير العمر

ننهل من كأس الصبر

ومع الخفقات ونوح الآه

تورق أزهار محبّة

تولد رغبة !

نــجــم
19-04-2011, 12:55 AM
عن الصمت والكلمات


أضمّ يدي على جرحي

وأخنق في قرار القلب تنهيدة

وأمضي في الأسى وحدي

وليل الصمت يطويني

وأشرب خيبة الكلمة

وأجرع غصّتي والحزن يضنيني

وفي قلبي نداء لاهف ما زال يدعوني

يشبّ حرائقا في أضلعي ويشدّني للخلف

ويزرع في عيوني الخوف

فأوغل في متاهاتي

أواري الحزن في طيّات أغواري

وأطمر في رمال الغيب أسراري

على شفتيّ قد صلبوا حنين الحرف

أهانوا عفّة الكلمة

أرادوا الموت للكلمة

أرادوا الصمت للشاعر

وما حسبوا بأنّ الحرف بحر ما له آخر

وأنّ المجد للشاعر

نــجــم
19-04-2011, 12:55 AM
لعابر


كان يمشي واهي الخطو حزينا

شارد الطرف رهيبا في خطاه

وجهه المغبّر يطوي ,

في تجاعيد الأسى بوح جراحه

كان في أحداقه سيل دموع

ولقد كان سجينا

بإسار الصمت , باستغراقه في الحزن ,

والتحديق في الأفق البعيد

ومضى عنّا وما عدنا نراه

دون أن نفلح في إدراك أغوار أساه

ظلّ لغزا في العيون

مثل وهم لا يصدّق

ظلّ باب في ضمير الغيب مغلق

***

نحن كم جئنا إليه

وابتهلنا أن يعرّي ,

حزنه المدثور بالكتمان والصمت الرهيب

وفتحنا شرفة القلب له ,

وغمرناه بسيل من حنان

كان لا يعرف معنى الإبتسام

كان يحيا عمره دون كلام

فهو دوما صامت الحرف يعيش الكلمة

في أتون الشوق في عينيه في قلب الحياة

***

أمس والظلمة كانت تحضن البلدة والليل حزين

كنت وحدي ,

أعبر الدرب إلى بيتي القديم

أنقل الخطو وفي الأعماق ينمو ,

ألف إحساس كئيب

ينسج الليل مع الوحشة والخوف طريقي

كنت وحدي وخيالات من الأمس القريب

زاحمت فكري وهزّت ,

خافقي الثاوي بعمق اللاقرار

وتحقّقت يقينا

أنّ درب الغربة السوداء دربي

أنّني أمخر في المنفى بحارا وبحار

مرفأي ضيّعته , والمركب المهزوم تنئيه الرياح

فجأة لاح أمامي ,

ذلك العابر يمشي واهي الخطو حزينا

جفّت البسمة في قلبي ,

وكأن الليل ينساب كئيبا

يسكب الحزن الأصيلا

في وعاء الروح , في عمق قراري

ذلك العابر قد عانق ظلّي

يوقظ الأمس فلا يجدي فراري

من خيوط نسجت في الحلم في ليل السهاد

جعبة الأحلام ضاعت بين أكوام الضباب

وتلاشيت وحيدا في الزحام.

نــجــم
19-04-2011, 12:55 AM
أغنية في الطريق



أحبابنا ,

هل يبسم الزمان مرّة لنا

وهل يعود حبّنا

يعانق الحياة , يسكب المنى

في غور أعماقنا ؟

أحبابنا ,

هل يفرح المعذّبون في متاهة الضياع ؟

وهل نظلّ نمضغ السؤال

ونذرع الطريق في ابتهال ؟

وفي المسير نحو موعد تزفّه لنا الصدف

إن كان يا أحبابنا الجواب أن نظلّ سائرين

يا ويلنا ,

يا ويل أعمارنا

من طول ما نسير

في دربنا المغبرّ الحزين

في ليلنا الطويل دونما سنا

***

الله يا أحبابنا

يا بؤسنا وعذابنا

ويا احتراق الشوق في أحداقنا

ترى يطول بيننا البعاد ؟

ترى تظلّ هذه الأسوار بيننا

تحيل حلمنا رماد

تمزّق الفؤاد ؟

أحبابنا وأنتمو هناك في البعيد

فوق احتمال الوعد واللقاء

وفوق أن يضمنّا مكان

نعيش رغم قسوة الجدار

نعيش في انتظار

بشارة بوعد

بكلمة تضمّ في حروفها الحنان

***

أحبابنا سيضحك الزمان

رغم امتداد السور بيننا

فرعشة الحياة في الفؤاد

خفّاقة المنى ,

تمدّنا ببسمة الأمل

تنير دربنا

نــجــم
19-04-2011, 12:56 AM
أيار والأحزان

لو مرّة أيار تأتينا وفي شفتيك وعد أو بشارة

لو مرّة تحنو , تعانقنا , ومن كفّيك تمنحنا الشرارة

لو تطفأ الأحزان في عينيك يا ذلاّ حملنا ,

في دروب النفي عاره

كنّا ورغم الغربة السوداء نبسم , نستفيق ,

يشعّ في كلماتنا نور العبارة

كنّا هدمناها جسور الوهم أبحرنا إلى عينيك يا وطني

كنّا نسيناها أغاني السهد والحزن

كنّا زرعنا الأفق يا أيار أنغاما

كانت مواويل العتابا , ميجنا

تندي روابينا حنينا دافئا , خصبا , سلاما

لكنّما أيار أنت تثير بي شجني

نــجــم
19-04-2011, 12:56 AM
الإبحار والمركب


تتلفّت العينان حولي لا أرى

إلاّ صحابا ها هنا متفرقّين

تتجسّد المأساة في نظراتهم

صورا من الأحزان والألم الدفين

ويروح يمخر في عباب البحر مركبنا الحزين

ونظّل نغرق في دياجير السنين

والليل يا أيار في بلدي ,

جدار يصفع اللحظات من أعمارنا

سوداء إذ تأتي ولا جدوى ,

وهذي الريح تلعن خطونا

نــجــم
19-04-2011, 12:56 AM
الحصاد


ها نحن نحصد ما زرعنا ,

والحصاد العام أحزن ما يكون

فمواسم الأيام ما أعطت

وجفّت كلّ أزهار الفصول

وسماؤنا يا ليل موصدة , ملبدّة

سحائب من تراب

والريح تركض خلفنا , وتصبّ لعنتها

ويمضي الركب , يوغل في مفاوز غربة الحزن العميق

يا حادي الأحزان نحن بلا دليل

ضاع الطريق

ضاع الطريق

وحداؤك النوّاح أعماق معذّبة جريحة

ينثال في غور الجوانح أنّة حيرى ,

تردّدها الصحارى ,

تسكب الأحزان في الكلمات ,

تغرق في بحار التيه والصمت المخاطيّ الجدار

نــجــم
19-04-2011, 12:56 AM
الغنوة الأولى


غنّيت يا وطني ,

وكانت غنوتي الأولى مبلّلة بأحزان الرحيل

وعشقت يا وطني ,

وكانت من عشقت صبيّة حسناء من يافا ,

فلسطينية القسمات تبسم للشعاع ,

يطلّ , يحمل رعشة الأنسام ,

تجزع إذ تلوح خطى الغروب

كانت تغنّي للصباح

ينداح موج الذكريات على الجفون

ويروح يصفعني العذاب ,

ولسعة الأشواق والليل الغريب

الصمت إذ يمتدّ , يحبل بيننا في الليل أحزانا رمادية

تسّاقط الزهرات يا وطني

ونسمع كلّ يوم ألف أغنية .

فلترسل الأنّات , غنّ عذابنا ,

يا حادي الآلام يا مبكي الجراح

فلعل يغفو الجرح أو يتفجّر البركان

قد طال هذا الليل في بلدي ,

وقافلة الضياع تلجّ عبر غياهب المجهول تحملنا ,

وفي الأحداق زاد من رؤى الأحباب خلف السور ,

منسيّون نحن هنا ومنفيّون تلعننا الرياح .

نــجــم
19-04-2011, 12:57 AM
نهر بلا روافد


رفيقة هدبي المكسور

أعود إليك حين تزورني الأحزان

أعود إليك كلّ مساء

شريدا دونما بيت

أعود إليك مثل يتيم

يودّع بالدموع لحود أحبابه

تغلّفني كآبة عمري المنشور فوق جدائل الحرمان

ويصلبني حنين الآن

إليك إليك يا شمسا ربيعيّة

تذيب صقيع أحزاني وتحضن قلبي المقرور

تهدهده بعذب الوهم , تلثم جرحه لمسات تحنانك

وأعرف أنّني نهر بلا روافد

يعود إليك يغرق أرضك السمحاء بالأشجان

وأنّك وهمة الوافد

ظلمتك حين شدّتني الخيوط إليك ,

وحين تجمّعت كلماتنا نجما على بابك

وحين وضعت زادي فوق مائدتك

غريبا كنت أمضغ غربتي السوداء في الطرقات

تطاردني وحوش الأرض كنت مقيّد الخطوات

وكنت مطيّة للصمت والأنواء

تقاذفني إليك وكنت أنت منارة ,

في الشاطىء الآخر

عبرت إليك جسر الحزن بعد عناء

وكان الوعد منذ وجودنا أن نلتقي غرباء

وتصافحنا بلا أيد ولا نظرات

تكلّمنا بلا حرف بلا بسمات

جمعنا الحزن والصمت العميق فعزّت الكلمات

وأذكر أنّني مذ كنت لم أحلم كما الأطفال

بثوب العيد والحلوى

ولا منّيت أيّامي بعودة غائب ,

يجتاز عتبة حزني الفيّاض , ينشر بهجة الدنيا

فماذا , لم يكن في الدار نجم الحبّ يحضنني

يبرعم في غدي الآمال

ويمسح عن جبيني حرقة الشجن

فأبصرت العذب يحوط سور حديقتي ويشوّه الأزهار

لمحتك حينما عيناي يا عمري تفتحتا ,

وكانت حفتني أسرار

دنوت إليهما ,

صلّيت للآلام لحظة أن دنوت ,

وما ابتسمت ,

قرأت تاريخ الضياع على جبينك , كنت مثلي ,

مقودي في قبضة الغيب

على كتفيّ أحمل بؤس أقداري

وألوانا من الغربة

فعانقني حنينك يا معذّبتي ,

ونوّح في فؤادي بوحك الصامت

تلاقينا على الحرمان في ظلمات هذا العصر

ولم نعرف كلانا كيف نشدو غنوة الحبّ

لأنّا ما ابتسمنا قبل , لم نحلم بفرحته ,

وما هي خفقة القلب

كنّا نخنق الآهات , نطفىء في مواقد حزننا أوهامنا ,

ونذيب شوق العمر

مشينا دربنا يمتدّ , ترصدنا عيون الموت

وغنيّنا فضاع نشيدنا في وشوشات الصمت

نــجــم
19-04-2011, 12:57 AM
اللغو بالكلمات


صمتنا كلّ هذا العمر لم نرفض ولم نحتج

ولا يوما تمردنا وعفنا ليلنا المقرور

نسامر نجمة الأحزان لا زاد أسوى الحسرة

نلوك سنين ماضينا البعيد ونخنق الغصّة

بقلب واهن مقهور

وسائدنا من الأحلام , نزرعها بأرض الغد

ونغفو في انتظار الغد

وينفض غيرنا عنهم غبار الذلّ ,

نرسف نحن في قيد رضيناه

نظلّ نعيش هذا الرعب تنفثه أفاعي الليل

تنزّ دماؤنا والصمت يخرسنا وهذا الرعب

إلام نظلّ نحرث في حقول الجدب ؟

تروّعنا رؤى الأشباح , يرعبنا قدوم الموت

إلام يطول هذا الصمت ؟

إلام نظلّ ننسج في الخفاء قصائد الأحزان ,

نذرف دمعنا تحت اللحاف إلام هذا الخوف ؟

***

- جبان أنت

جبان أنت حين تصلّبت شفتاك , حين صمت

وحين رميت رأسك بين كفّيك الملوّثتين ,

تلتمس الرجاء المرّ نسيانا

وتلغو الآن بالكلمات

ترى ماضيك , تخجل ,

تغمض العينين , تقصي ذكريات الأمس

وتنكرك الدروع وعنتر العبسيّ مات

ووحلا قد غدت في ناظريك الشمس

فلا دفء يسلّ الرعب من عينيك ,

يدحو عن دروب التيه ليل اليأس

تظلّ تعيد في حزن ,

حكايتك القديمة عن سنابل حقلك المهجور

بيادرك الدفينة في عيون الحزن ,

كيف حرمت من خيرات ذاك الصيف ‍‍‍

وكيف غزتك أسراب من الغربان

أبادت كلّ ما جمّعت من غلّة ‍

فأقفرت السهول أسى , نعيق البوم عمّ مقابر القرية

وكان زقاق قريتك الحزين مقّطع الأنفاس

سنابك خيلهم داست بطون الناس

***

وراء الباب كنت مطّية الخوف

فلم ترفع بوجه الغول مقبض سيف

وتلغو الآن بالكلمات ؟‍

نــجــم
19-04-2011, 12:57 AM
المصلوب


لأني حينما أبحرت في عينيك كان الحزن موّالي

وكان الجرح في أعماق أعماقي ,

ينزّ دما ويروي ذلّ مأساتي

لأن الخيبة السوداء كانت كلّ ما جمعّت ,

قبض الريح كان الحصاد ماضينا

تكوّمنا على قش الحصير نلوب بالحسرة

وفوق الموقد الناريّ قدر للحصى والماء

وقاسية نيوب الجوع خالية روابينا

لأنّ سواعد الإخوان ما اتّحدت

ولا وقفت

تصدّ عن الحقول جراد ذاك العام

فبات الحزن فوق شفاهنا نغما نغنّيه

نجوس العمر يا ويلاه من تيه إلى تيه

لأني حينما أبحرت في عينيك كان الحزن موّالي

تريّن الحبّ في عينيّ غير الحب

رهيبا يرفض البسمات , قلبي غارقا في الجبّ

***

وكنت على جدار الليل مصلوبا

وكان الصمت جلاّدي

لأن الحرف مثلي كان مغلولا بلا شفتين

وكان السوط مرفوعا ولم أهتف

خرست وكان في الأعماق توق الروح للكلمة

يعذّبني ولكن لم أقل حرفين

لأني كنت في الزحمة

غريبا ضائع الخطوات منسيّا

وكنت أعيش في منفاي كلّ جروح إخواني

وظلّ العار يتبعني

ولم أعرف سوى حزني

رفيقا يحمل المأساة يرويها لخلاّني

ترى هل تدركين الآن ما حزني ؟

كبير قدر قريتنا الكئيبة وهي تغفو ضمن أطلال الأماني

غريب يا معذّبتي

لأن جذوره تمتدّ في عينيّ مذ قالت ,

لي الريح السموم بأنّنا أغراب

وأنّ حصادنا ما كان غير سراب

فلا نجم المجوس يطلّ , يفضح عتمة الدرب

ولا إشراقة في ليلنا المملوء بالرعب

تلّم شعاثنا وتفجّر البركان في شعبي

فكيف تنوّر الأحلام وهي قتيلة ,

مذ عانقتني نظرة العينين ؟!

ألا تدرين أني مثقل ومقرّح الجفنين

وما في جعبتي غير الأسى وحكاية للجرح ؟

فخلّيني

تعشّش في شراييني

عناكب حزننا المشبوب , خلّيني

أغني للرياح الحاملات أنين إخواني

لغربتنا ونحن نكابد الآلام , نطعم ذاتنا للحرف والفكرة

..................

.................

أموت , وهل تموت الشمس لو طالت خيوط الليل ؟

سيزهر حزننا , إمّا يعانق شعبنا فجر الخلاص ,

ويكسر الجرّة .

نــجــم
19-04-2011, 12:57 AM
السنابل القتيلة


لو أنّها الرياح في مدينتي

تكنّس الغبار عن رفوفها

وتغسل اليباب بالمطر

وتبعث الحياة من خريفها

لو أنّها الرياح أو سواعد الرجال

تمرّ بالحقول في المساء

لتسمع النساء

ينعين موسم الحصاد , والجفاف

أذبل في العيون زهرة الفرح

فهنّ في ابتهال

لئن تعود نخوة الرجال

فالشوق والحنين والعذاب

سحابة من الأسى تنوح

على السنابل القتيلة

على مدينتي اليباب

على رجالها الذين يبحرون

في زورق المنون

عن قلبها , عن جرحها الحزين

ويصمتون ,

ويصمتون

ويصمتون

نــجــم
19-04-2011, 12:58 AM
يوسف في الجبّ



كلماتك يا حادي الركب حزينة

كلماتك ريح والليل ذئاب مجنونة

والقادم غبّر بالوحل جبيني

وأنا مطعون

عذّبني الأعداء لآني

لم تعشق عيناي سوى وطني

صلبوني في الغربة يا حادي الركب

قيدّني إخواني

ورموني في الجبّ

قتلوني بجواب الصمت

قتلوني يا حادي الركب لأني أحببت .

نــجــم
19-04-2011, 12:58 AM
ماساة الصبي الأعرج


سيّدتي حين أطلت عليك المشوار

في إحضار الخضرة والفاكهة من السوق

لم تسألني عيناك الأسباب

بل صفعتني نظرتك الشزراء

لم يخطر في بالك أنّ الأولاد الأشرار

لاقوني في الدرب

هزؤا من قدمي العرجاء

فتعثّرت

واعتصر الحزن القلب

سيّدتي ما كنت لأملك دفعا

سيّدتي يكفيني صفعا .

***

سيّدتي هذا الصبح المغبّر الطالع

قمّطني في ثوب الأحزان

صادفت أبي يتسوّل في الشارع

أخبرني أنّ شقيقتي الكبرى تضع الآن

و شقيقتي الكبرى أرملة من أيام

فتذّكرت البيت الخاوي من أيّ طعام

ما عادت تغسل أمي للجيران

ما عادت تحضر معها بعض الفضلات

حين صرخت أبي فرّت من عينيه الدمعات

وأسودّ العالم في نظري

ماتت كلّ الكلمات

وبكينا فوق رصيف الشارع

سيّدتي لست بكذّاب

لكّني منحوس الطالع

توصد في وجهي الأبواب

حتى بابك يا سيّدتي

***

سيّدتي عفوك إني جائع

ما كنت لأقصد بابك هذي الأمسية

كنت وحيدا في الشارع

قالت أمي ما أفطرنا بعد ,

والوقت مساء

عزّ على نفسي أن تسأل عطف الناس عطاء

فوجدت يدي تطرق بابك

سيّدتي أنا فقراء

سيّدتي باع أبي فرشته الصوف

وربابته المحفوظة من عهد صباه

ثمنا لحليب حفيده

فلقد ماتت يا سيّدتي الأم

إثر نزيف

دام طويلا , عذّبها , عذّبها

ما استطعنا أن نحضر أيّ طبيب يبعد عنها الداء

سيّدتي نحن أناس فقراء

ماتت يا سيّدتي وأبي صامت

كان يفكّر في حزن , يتساءل , ولماذا ماتت ؟

قالت أمي : تلك مشيئته العليا

ردّ أبي في ثورة

صكتا , صمتا

أيّة عليا يا مخلوقة

بنتك ماتت جوعا

ماذا قدّمت لها حين ولادتها غير الخبز الناشف ؟

والمرق الساخن والعدس المجروش ؟

ماذا قدّمت لها غير الأحزان ؟!

وبكت أمي في صمت مجنون أخرس

سيّدتي جئت إليك الآن

أسألك الرحمة سيّدتي باسم الإنسان

***

سيّدتي هذا اليوم السابع

ووعودك لم تزهر يا سيّدتي

ما زالت تسّاقط أمطارا , وتمّنيني بالصبر

وأنا ما زلت ألفّ دروب التيه , أنا ما زلت الضائع

لم ترو الأمطار غليل الظامىء

فيلوذ بظلّ الخيبة سيّدتي , لا يدرك ما هو صانع .

سيّدتي درت كثيرا في الطرقات

وبحثت عن اللقمة سيّدتي فعملت بإحدى الحانات

أجلي الكاسات

وأنظّف أرض الصالة بعد خروج السادات

سيّدتي لكنّ الأيام السوداء

تأبى إلاّ أن تستكمل أبعاد المأساة

ذات مساء

وأنا أعمل والصالة رقص وغناء

إنشقّ الماء

عن شبح لصبيّ يتسوّل بين الناس

أحسست بأني وحدي المقرور

في قبضة هذا الليل المسعور

فارتجفت أوصالي

وتذكّرت أبي ,

أمي ,

أختي ,

فاضت عيناي بأحزاني

غامت كلّ الأشياء

وتهاوت من بين يديّ الكأس

كسرت ,

وصفعت , طردت , وعادت تحضنني الطرقات

لم أحزن يا سيّدتي لكن ,

ما زال يرنّ بأسماعي صوت حاقد

أخرج , أخرج

سيّدتي ما ذنبي في أنّي أعرج ؟

من حقّي سيّدتي أن أحيا .

نــجــم
19-04-2011, 12:58 AM
أمام المدينة المقصورة


سيّدتي منذ أعوام مرّت

لم يعرف قلبي طعم البسمة

لم تسكب كلماتي فوق الورق الأصفر غير عذاب الجرح

والدلو , يظلّ الدلو ثقيلا

لا يطفح ماء , لا يعطي غير الملح

والبئر عميق , أعمق من أحزان الغربة

ما زالت تصفع وجهي من أعوام جدران الخيبة

توصد نافذة الأمل المشرق

تقتل أشواق الكلمة

حين يعانقها النور من الداخل

سيّدتي لا تسعفني الكلمات

ويجردني بعدك عني من ثوب الحكمة

أهذي في عرض الشارع بالأشياء

وأذيب حرارة حبّي بالبوح

أفقد وجهي بين نعال الغرباء

***

بيدي سوّرت سياجي

أطفأت سراجي

أجهشت بكاء

ومضيت ألفّ , أدور الأرض

أبحث عمّا ضاع هباء في سنوات الأخطاء

حين تعرّت ضحكتنا من نفحات الحب

حين تعاشينا عند الإشراق

معذرة يا سيّدتي إن جئت

أغسل قلبي الأسيان على أعتابك

سيّدتي ما زلت على فيض شبابك

وأنا ما زلت هنا أسترحم نظرة أهدابك

هل يمضي سيّدتي عمري ,

ويداي تدقّان على بابك ؟

نــجــم
19-04-2011, 12:58 AM
الموت والخيبة


أحنّ إليك ما يجدي الحنين وبيننا ,

ليل طويل ما له آخر

أحنّ إليك لكن في زمان الجدب ,

ماذا يملك الشاعر ؟

سوى أنّ الرياح تظلّ تجحده ,

يهمّ يعود , تصفعه أياد غير منظورة

تردّ خطاه , يجرح علقم الأحزان ,

أجنحة المنى في النفي مكسورة

خلاء يديه والحلم الذي ماتت أزاهره ,

على عتبات أيامه

يذوب تشوّقا للعيش , دبّ الجوع في بيداء أحلامه

يموت هنا , تراه يموت ؟!

وأنت بعيدة والليل ما أقساه

متى تدنو مراكبنا ,

ألا قولي , متى , أوّاه ؟

نــجــم
19-04-2011, 12:59 AM
راية في الريح


بحثت بأدمعي عنكم

وناشدت الرياح السود عن أحوالكم خبرا

صدى ذ****م ينداح في غور الجوانح ,

كاحتراق مشاعل الذكرى

ولا من بارق منكم

يمنّيني وينعش قلبي المحرور بالأفياء

ترى ما زلتم أحياء ؟!

يعذّبني الغياب فكيف يا اهلي تغربتم ؟

عن الليمون والتين

وعن عشّ الحساسين

على الزيتونة التي حفرت على أغصانها أسمى محبتّكم

عن البلد الذي روّت ثراه دماؤكم ,

في ساعة الهول التي كانت سنابكها .

تدوس زهورنا الخضراء , تفرش أرضنا حزنا ؟

تشرّدتم

ولكن ما تخاذلتم

ولا بنتم

عن الأرض التي في قلبها يوما توحّدتم

وها أنتم بلا أرض ولا دار

***

وعدت إليكم عبر الليالي السود من منفاي

أقاسي خيبة الآمال ,

أبحث عن أحبتي الذين طواهم الغدر

على جسر الدموع وجدتكم , لا ظلّ , لا مأوى

ولا زاد , ولا سلوى

تمدّدتم على وجع ,

على جوع ,

على عري ,

رفضتم ذلة الشكوى

وكان الحزن يرفدكم , يمدّ وجودكم معنى

يشدّ خطاكمو للأرض ,

يزرعكم بعين الشمس وهج تمرّد , قمما .

***

قدمت إليكم وقد افترشتم حلّة الغبراء

وكان ندائي المكموم

يعانق جرحكم والأرض تصرخ ,

- غاص نبع الصفو , غشّى

جبهة الأفق الكئيب وشاح أرملة ,

حنت ريح المنايا غصن واحدها

فأحلكت الدروب أسى ,

ومات الصبح مخنوقا على بوّابة الأحزان-

" يا تعبي , يا شقاي .

يا شماتة عداي "

نواحك أيقظ الأوجاع في صدري

وأطفأ في عيوني شعلة الفجر

رأيت تحّجر الآلام في الأحداق

سؤالا حائرا مجروح

إلى أينا ؟

تظلّ قوافل الأحباب تغرب عن بيادر ارضنا , تنأى

يرافقها حنين النورس الباكي إلى مرفأ

ارقب يا أحبائي خطاكم وهي تعبر ضفّة النهر

وفي عينيّ أحمل ما بأعينكم من الأحزان والقهر

فمي سدّ أمام تفجّر الكلمات

تعذّبني من الأعماق

وتغرس شوكها في قلبي الدامي

لأن الصمت والكلمات ما أقساهما مأساة

فيا عاري إذا ما زالت الكلمات

سلاحي , والطريق علامة حمراء

فكيف أصمّ آذاني وأقعد عن نداء الأرض والشهداء ؟

وفي عينيّ إصراري

وشاهدة كتبت حروفها من جرحي الناري

لترفع فوق قبري راية في الريح

" فلسطينية أرضي

فلسطينية أرضي "

نــجــم
19-04-2011, 12:59 AM
جراح فلسطينية


ولو أنّ الطريق إليك ميسور

لما وهنت خطاي , وسمّرت نظراتي اللهفى وراء الباب

ولا سهدت عيونك في انتظار زيارة الأحباب

ولا ما بيننا حال العدى والموت والسور

ولكنّ الثعالب في ربوعك تزرع الأهوال

وتغتال ابتسام الصبح فوق مباسم الأطفال

" يا دار , يا دار ,لو عدنا كما كنّا

لاطليلك يا دار , بعد الشيد بالحنّا "

معتّقة جرار الحزن من عشرين في قلبي

اشيل عذابها الموروث في روحي وفي هدبي

ولا أسطيع إفلاتا ونسيانا

وتصفعني عيون الغير في المنفى تعرّيني

تشير إليّ ,

- أين تروح , أيّ هوية تحمل ؟

.....؟

- فلسطيني , أجل إنّي فلسطيني

هويتي العذاب يظلّ مصلوبا على وجهي ويدنيني

من الينبوع في وطني , هناك " بكفر عانة " وجهي

المفقود وجهي الأصل

وأعبر دربي المزروع بالنظرات والعتمة

وأعبر دونما كلمة

ألوذ بصمتي المشحون بالمأساة

وأحضن حزني الموّار , أركن للأسى الخلاّق يبعثني

ويزهر في غد حقلا من البسمات

أذيب به عذاباتي

وترحل عن فمي مرّ الحكايات

وتحملني الرياح على متون الشوق للأحباب

أعانق طفلة الفجر الجديد وأطبع القبلات فوق جبينها القمحي

وأشدو غنوة الفرح

ولكن آه .. موصدة هي الأبواب

ويأتي صوت والدتي العجوز مبلّلا بالحزن والأمل

" بالله يا طير الحي إن جيت دارنا

ريّض إلا يا طيرنا وارتاح

قل لها بحال الجهل يا طول عزّنا

ياما قعدنا ع الفراش صحاح

يا من درى يصفى زماني وأعاتبه

وأعاتبه باللي مضى لي وراح "

ويزداد الحنين ويقطر الموّال أشجانا

متى يصفو الزمان يعود كلّ مشرّد لتراب أوطانه ؟

يقبلّه , ويجثو في اخضرار الجرح فوق قبور من ماتوا ,

يقول لهم ,

لقد عدنا فلا تبكوا على الأحياء

ونرقب رزقة الفقراء

متى يصفو … ؟

متى يصفو … ؟

أهاجر في العيون أطالع الحرمان

" يا دار.. يا دار..لو عدنا …"

لئن نامت على شرفاتك الأحزان , غنّى طائر الألم

يظلّ هواك نبض دمي

وإن هدموا الجسور إليك , أبحرت المراكب عنك للمنفى

فأنت معي

فأنت معي

وإن سيق البنون , مواكبا للسبي يا وطني

وإن هاموا بصحراء الدجى والتيه والشجن

وإن طعنوا بسكين الطوى في عتمة الليل

وإن نهبت مواسمنا بلا عدل

وإن طالت حبال النفي والبين

فلن ننساك , لن ننساك , يا وطني

فما زال الوميض يشعّ في الأحداق

وميض الرفض , والإصرار والثورة

وما زال المشرّد في الطريق إليك يا حلمي ولن يثنيه

عذاب الغربة المرّة

لأنك فيه أنت الروح , أنت الوهج والفكرة

نــجــم
19-04-2011, 12:59 AM
النسيان , لا


ربطت حول إصبعي الخيطان

وقلت لا , لا يقدر النسيان

أن يسرق الهموم من قصائدي والذاكرة

لأنني مذ كنت لا أجيد حرفة النسيان

لأن قلبي شقّ ذات يوم

وضاع نصفه ,

وذاب في قرار حوض دم

لذا أسير عاريا في وضح الظهيرة

بنصف قلب

أمضي لموعدي هناك مع حبيبتي الأميرة

عمواس يا أميرة

يا حرّة في قبضة العدى أسيرة

عمواس يا قصيدتي الأخيرة

نــجــم
19-04-2011, 12:59 AM
ريم وانسكاب الجرح



تسألني الصغيرة

تجرحني أصابع البراءة الصغيرة

تقول لي :

" عمو..

وين بيتكو ؟"

الله يا عصفورة ‍

من بدّل الألعاب للصغار بالعذاب

ليسألوا بحيرة ؟

إن كان لي أن أنطق الجواب

فكيف تفهمين يا صغيرتي سطوره ؟

بيتي على المدى هناك داميا ,

في أرضنا المقهورة

تبكي على شبّاكه شحرورة

تبكي لنا ,

لكلّ شعبنا لكي نزوره

نــجــم
19-04-2011, 01:00 AM
العروس



من الرماد يولد الرجال يا عمواس

من السقائف المهدّمة

ترابك المجبول بالدماء ما يزال مزهرا

يظلّ يحمل الشذى

عبيرهم يظلّ عالقا , على بقية الجدران يا حبيبتي والمصطبة

عمواس يا معذّبة

أتعلمين يا عروس

أتعلمين عن طيورنا المغرّبة

تجيء مثل الريح والرعود والمطر

تشيل في منقارها لجرحك الدواء

فلترقبنّ في الليالي المعتمة

أسرابها إليك قادمة

عمواس يا مهدّمة

عمواس يا مهدّمة

الرمح بعد ما انكسر

الرمح بعد ما انكسر

نــجــم
19-04-2011, 01:00 AM
عابر الليل


إنني أحمل آلامي وأمضي

عبر آلاف الدروب الشائكه

ليس ينئيني ابتعاد

عنك يا ذات العيون المالكة

فأمديني بشوق لا يموت

إنّه حبّي باق في قرار الأرض يا عمواس ,

منقوش على كلّ البيوت

آه عيناك تحيطاني , تطلاّن عليّ

كيف لي أن أملك الآن مفاتيح الحوار

وحقول الصمت تمتدّ أمامي ,

وأنا أخشى من الأعتاب أن ترفض خطوي ,

قبل أن يأتي النهار ؟

ويراني الغاصبون

كلّموني أيها الأحباب من تحت الركام

جئت مشتاقا إليكم

جئت وا لهفي عليكم

بعد عام

كلّموني ,

كلّموني

نــجــم
19-04-2011, 01:00 AM
السجين

أحكموا الباب عليّ

أغلقوا كلّ الشبابيك وجاؤوا بالستائر

حجبوا عني ضياء الشمس والوجه الذي أهوى ,

وأطفالي الصغار

فتتّوا ما كنت أحوي من سجائر

كسروا ظهري بعقب البندقية

ثم قالوا : أتهاجر ؟

قلت : يا ليت فقلبي صار طائر

وأنا لا أملك الآن زمامه

قيل تبقى ها هنا حتى القيامه

قلت : أحلى في بلادي

تستحيل النار بردا وسلاما

وانثنوا ضربا على رأسي بأكعاب البنادق

قلت : ما همّ فقلبي صار عصفورا ,

وأغصاني حدائق

قلت قلبي صار زرعا وسنابل

أشعلوا فيه الحرائق

واعلموا أنّ جذوري سوف تبقى وتناضل

أحرقوني

يخصب الأرض رمادي

نــجــم
19-04-2011, 01:01 AM
العاصفة


أخفضوا الأصوات , خلّوا السلاح خلوا ,

لتمرّ العاصفة

حان أن تذرع هذا المسرح المخدوع بالأوهام ,

فالطفل الذي طوّف في المنفى يعود

باحثا عن أمه المسبيّة الأحلام من عشرين عام

بعدما أنبت هذا المسرح الكاذب في العينين صبّارا وشوكا

فالهتافات وأزهار الوعود

لم تكن إلاّ ظلالا زائفه

حان دور العاصفه

****

مثلما يطلع صبح

مثلما يعبر رمح

في صميم الليل ماتت كلّ غيلان الأساطير ,

ترامينا على الأبواب , كسّرنا مرايانا القديمة

فاحضنينا

وأعيدينا من المنفى إليك

أنت يا ضوء ليالينا , ويا خبز اليتامى

يا اشتياق الظامىء الملهوف أن يروي غليله

منك يا روح القبيلة

أنت يا رفض المزامير التي بحّت أسى مرّا ,

ولم تخرسك أجراس الهزيمة

نــجــم
19-04-2011, 01:01 AM
إشراقة الصعود


برغم هذا الليل يا رفيقتي الحزينة

برغم جرحنا الذي ينام واهنا على مشارف المدينة

كقطّة تموت في سكينة

ترود عيناها على وليدها يلهو به الصغار

برغم هذا كلّه

نغذّ خطونا لرحلة انتصار

كما يغيب الليل مدبرا ,

سيقبل النهار

***

لمحتها على جرائد الصباح والمساء

كنّا معا ,

عيناك كانتا بحيرتيّ شقاء

وكنت حانيا عليهما ومشفقا

مهدهدا أساهما للحظة اللقاء

***

وقفت كالصليب يا رفيقتي على مداخل " الكرامة "

باركتها وشارعا فشارعا

صلّيت خاشعا

على غبار بابها

حلمت أن أموت واقفا على ترابها

لا باكيا على الأطلال

لا نادبا , لا راثيا من سقطوا ,

في حلبة القتال

فكلّ ما يقال

أصغر من أن يطال

ردما من البيوت

أو زهرة تموت

أو حبة من التراب

مجبولة بأشرف الدماء

لمحتها على جرائد الصباح والمساء

البلدة الصبورة الجلود

لمحتها واغرورقت عيناي

تألقّت إشراقة الصعود

نــجــم
19-04-2011, 01:01 AM
العاشق والأرض


ذلك الشيء الذي أطفأ دفء الكلمات

كان عنوان حياة

حينما سيف المنايا وقعا

باسما كان رفيق الأمنيات

فايز العاشق والمحبوب والأرض معا

أمس ودّعناه في عرس من النار وعزم الأغنيات

ثم عدنا ,

نشعل الكبريت في الليل , نضىء

ألف قنديل على الدرب لتمضي القافلة

فهو سوما سيجيء

من فؤاد العائلة

ما شققنا الثوب آن

لوّحت كلّ المناديل لتابوت المسافر

ملحوظة صغيرة :

حينما لم نبك فايز

ليس معناه بأنا لم نعد نملك حسّا

والذي بين حنايانا حجر

إنّما نحن بشر

لم تكن تخلو خوابينا من الجوع وأكواب البكاء

وتلفّتنا ولكن ,

ليس من قلب على أحزاننا يوما شعر

فعزمنا بيننا ,

أن يظلّ الحزن في الداخل وعدا كالبذار

ورفضنا الإنتظار

وتسربّنا إلى الأرض , انزعنا كبرياء

مهرها ليس بكاء

مهرها ليس بكاء

***

" طلّت البارودة والسبع ما طلّ

يا بوز البارودة من الصدا مختلّ

بارودة يا مجوهرة شكّالك وين

شكّالي ع عاداتو سرى في الليل

بارودة يا مجوهرة شكّالك راح

شكّالي ع عاداتو سرى مصباح "

***

مثلما يأتي المطر

مثلما ينبت في الأرض الزهر

مثلما المشتاق يأتي من سفر

فهو يوما سيجيء

لم يمت فايز , من قال يموت

ذلك الحبّ الصموت

فهو كالنبع , ولّما هزّه التحنان للنور انفجر ..

نــجــم
19-04-2011, 01:01 AM
تورّق الأشجار


زنبقات الحزن في قلبي ,

يعانقن الظهيرة

يتساقطن على طاولة المقهى ..

ووجهي لوحة ,

ينقصها اللون الأخير

قهوتي تبرد في ظلّ الشبابيك الحزينة

وأنا أرقب أن تأتي ,

ولكن ..

خاننا التوقيت في هذي المدينة

أعرضت عن وجع اثنين مضاعين :

أسير وأسيرة

زنبقات الحزن في قلبي

يعانقن الظهيرة

***

" إمبارح جينا حارتكم

يا دار ما بيّنتو

يا علّة في الصدر

ما يداويها إلاّ انتو .."

والذي أحضرني اليوم هنا

كانت رصاصة

أخطأتني أمس أثناء العبور

حين تابعنا المسيرة

زنبقات الحزن في قلبي ,

يعانقن الظهيرة

***

عذّبتني وأنا أمضي إليها

عفّرتني برمال الأرض , آه

آه , كم كان جميلا

ذلك الرمل الذي ,

يمسح عن وجهي التعب

وهو يستنبت في قلبي ,

أشجار الغضب

***

أنا أحببت زهور الياسمين

منذ أشرعنا الكوى ذات مساء

صار حبّي شجرا ,

ينبت في كلّ الحدائق

فأنا أعرف أن الموت ,

قد يأتي وقلبي

بعد لم يفرح بزهرة

قطفتها لي يداك

فوق أرض الشام مرّة

فلذا أنزف محموما ,

لذا حبّي صادق

***

أستبيح الأرض عذرا

أمس في الطابور والخندق ,

عانقت ظلالك

كانت الغابة موسيقى ,

من الصمت وكانت

تورق الأشجار ,

مع صوت البنادق

فاستحال العرق المخلوط بالرمل ,

على جلدي رياحين وعطرا

وحضنت الظلّ كالطفل ,

وأسندت جبيني

مستريحا ..

وتنسّمت على مهلي

شذي أرض الوطن

***

تحت حدّ السيف يا حبّي ,

وفي ظلّ السلاسل

وعلى الدرب الذي يفضي ,

لساح الجلجلة

تطلع الآن من الجرح ,

أناشيد وعود , وسنابل

وشظايا فوق أرض المعركة

يا حبيبي ,

***

إنّني أفهم أن يبكي نورس

حينما يقضي سحاب اليوم جائع

وأنا أفهم أن تعبس ,

في وجهي الشوارع

حينما تبعد عن عيني الحبيبة

وأنا أفهم أنّ الانتظار

خطوة نحو مرايا الضوء ,

ميلاد خصوبة

وتباشير نهار

فلماذا صوتي الآن تيّبس ؟

***

إغرسي السكين في صدري ,

وخلّيني أموت

شهقة تتبع شهقة

في حنايا الزرع ,

في ظلّ البيوت

واسدلي آه على وجهي خرقة

ودعيني لندى الأعشاب ,

أبتلّ

نــجــم
19-04-2011, 01:02 AM
أم صابر



مثل عمّال بلادي البسطاء

راح صابر

ودّع البيت صباحا مع جموع الثائرين

ومضى يهتف في الشارع مرفوع الجبين

وأعادوه مساء

***

كانت " الوحدات " عرسا من دماء

كلّ أم في انتظار

ابنها الغائب , كانت أمّ صابر

بعد أن أدّت صلاة المغرب الدامي تدعو ,

أن يجيء

ابنها صابر , لكن لم تعد ,

ضحكة الوجه البريء

سألت عنه الرفاق

أين صابر ؟

سألت حتى حجار الطرقات

ومشت في كلّ حاره

أين صابر ؟

أين صابر ؟


واحتواها الصمت , غابت في تلافيف المخيم

وصدى " يا كلّ أولاد الحلال

من رأى صابر من ؟

آه يا ابني تعال ..."

ظلّ مصلوبا على كلّ جدار

نــجــم
19-04-2011, 01:02 AM
آثار جرح


من يمنح الحنان في بيروت ‍

فاطمة التي شممت في حروفها ,

تنفّس الأعشاب في الحقول

فاطمة التي تمزّقت على أسلاكها ..

آهات قلبي الذبيح

راحت وخلّتني أموت

مخّيما

على ضفاف اليأس والسكوت

ماذا أخطّ أو أقول ؟‍

في دفتر الأوجاع والجروح

فالحزن في بيروت

يحاور الأشجار , يسكن البيوت

أبو فراس ها هنا يموت

من دون قيد الروم ,

ها هنا يموت

فلتفزعي إليه ..

***

وقفت خلف بابكم , ناديت

لكنّني أواه , ما افتديت

أنا الغريب

في أرضكم تدّعني ..

عيونكم , شفاهكم , قلوبكم

ويستمر , يستمر ..

مدّ شوقي المشرّع الكوى

لأن أضمّكم

في جانحي يا أحبتي

برغم أنّكم

قوّستمو أخي وصاحبي

ولم تزل في ظهري المحنّي صلية .

وفوق حاجبي

آثار جرح

نــجــم
19-04-2011, 01:02 AM
الكوكب

مشرع صدرك للريح ,

وطلقات البنادق

والتي كنت تحبّ

ذات يوم حينما رفرف في جنبيّك قلب

يترامى جيدها الموجوع ,

في كلّ الشوارع

تسأل العابر ضوءا وجوابا

عن فتى أسمر , يبدو

فارع الطول , نحيف الجسم غائب

ويشيل الهمّ في جنبيه ,

سهما

كوكبا

يطلع من بوّابة المغرب شاحب

لم تزل تفترش الأرض اغترابا

وهي لا تعرف بعد

أنّه صار محارب

ربما يبحث في الوديان ,

عن كسرة خبز

ربما يعبر نهر الموت ظمآنا وجائع

ربما يرقب إطلالة نجم

وهو في ليل الخنادق

مشرع صدرك للريح ,

وطلقات البنادق ..

نــجــم
19-04-2011, 01:02 AM
قمر الجوع


أمطري في القلب ,

زخّات عذابات وجوع

أمطري ..

أرضي ظمأى ,

وأنا تجتاحني حمّى الرجوع

أمطري أيتها الذكرى ,

ورشّي العين حبّات دموع

فالمغنّي كمّموا فاه ,

وسدّوا ..

بحجار القهر بابه

خطفوا منه الربابة ..

***

مرّة أخرى يعود الآن ,

يستجديك رشفة ..

آه من بخل الزمان

إذ يغلّ الفقر أيامك ,

لا تمنح رجفة

رجفة الصعلوك

إذ يحظى بخبز وأمان ..

أعطني من صمتك الطافح ,

حزنا ومرارة

أعطني من شجر الأيام ,

من لحم التواريخ القديمة

أعطني منها العصارة

علّه يطلع من حقل الرماد

قمر الجوع رغيفا وثمارا

علّني أبعث من هذي التعاسات ,

نبيّا ..

بين عينيه البشارة ..

نــجــم
19-04-2011, 01:03 AM
السقوط في المنفى


صار للريح طعم الدم

والأغاني بكاء

لا تجيئي لمأتمي

وتقولي لي العزاء

***

وجهك الأمس كان لي

كان خبزي ومطرحي

والحكايات بيننا

تمّحى , آه تمّحى

لحظة الحب والعناق

كبر الآن جرحنا

راعفا خارج الوطن

كيف لا تخجل المحن ‍

تحت شبّاكنا بكاء

يتلوّى على ,

جمرة الهجر والفراق

فاغفري لي وقوفي

على شرفة القنوط

وأسعفيني من السقوط ..

صار للريح طعم الدم

ليته خانني فمي

ليت دمعي انهمر

قبل أن قلت للتي

قلبها الطيب انكسر

هات مفتاح غرفتي

هات إنّي على سفر

ليت أن ..

نــجــم
19-04-2011, 01:03 AM
عزف منفرد


الأغاني انطفأت هذا الصباح

والمدينة

غادة ترفض ودّي

وأنا أبحث في كلّ الوجوه

عن يد تسند ظهري

ها أنا أسقط وحدي

وسط هذا الشارع المملوء ..

بالأقدام ملتفّا بصمتي

ليس لي قدرة أن أصرخ ,

من يسمع صوتي ؟‍

هذه الصحراء رحب لا يحدّ

الحوانيت بوجهي مقفلة

وعيون السابلة

أسهم تعبر جسمي ..

لا تراني

والأغاني ,

الأغاني انطفأت هذا الصباح

فتحسست الجراح

والسكاكين التي ,

تغرس في القلب على ..

إيقاع أنغام حزينة

ليتني أستطيع أن أبعث ,

من هذا الرماد

نبضة الفرحة والميلاد ..

أهديها لطفلي

وجه طفلي ,

لم يزل يسأل عن موت المدينة ..

نــجــم
19-04-2011, 01:03 AM
الدفوف


عشية الحب ماتا

فما فاد الوقوف

ولا مللت التفاتا

***

قد عزّ طيفك حتى

ذابت جموع الأغاني

صلبت جبنا وصمتا

بكيت مما أعاني

***

كبرت عندي حضورا

على حدود المكان

وظلّ قلبي أسيرا

مسافرا في الزمان

نــجــم
19-04-2011, 01:03 AM
القهر


لو اليدان يا حبيبتي طليقتان

ما نّوحت في أفقنا حمامتان

غداة قوّست يد الردى

وحيدنا

نــجــم
19-04-2011, 01:03 AM
الفراق


حين كتبنا إسمينا المرتاعين ,

على جذع شجرة

سقطت ثمرة

وبكت حزنا

أينع فينا الوجع الحارق

والعالم جنّا

نــجــم
19-04-2011, 01:04 AM
الوداع



أقف الآن وحيدا

تحت شبّاك أماسيك ولا أحكي ,

عن السهد وعن جرح المواويل ,

وعن موتي الطويل

هذه المرّة لا أحمل قيثارا ,

ولا أتلو نشيدا

وجيوب السترة السوداء خلو من قصيدة

فاعذريني من نفاذ الصبر ؟

ها أنا آخذ شارات الرحيل

عابرا ليل المسافات , لآفاق بعيدة..

نــجــم
19-04-2011, 01:04 AM
الموت والعناق


حينما تسقط في ساحاتنا حتى الحجارة

حينما يهدم بيت تلو بيت

يصبح الموت إشارة

وبدايات لصوت

***

عانق الموت بوجه الريح عانق

كلّ لون فوق وجه الأرض , في

نسغ البدن

أنت إن أصبحت عاشق

يسقط المحتلّ في الطين , ويبقى

وحده مجد الوطن

نــجــم
19-04-2011, 01:04 AM
مكابدة الشوق والغصة


-1-

أشتاق أن أراك في شوارعي المغبّرة

أشتاق , أشتاق يا قبّرة

موّال حب

ينقذني من الجفاف في حياتي المسوّرة

بالشوك والأسلاك

أواه يا مدينتي المنوّرة

متى يحين موعدي , متى أراك ؟

متى تذيب غربتي يداك ؟‍

-2-

يصدف أن ألقاك ,

في دروبي المنتحبة

سحابة مغتربة

فنعبر الدائق العجاف ,

مثل طائرين ظامئين

لا نملك الإنسداد

الله يا عيني على الحنين والبعاد ‍

الله .. يا فراقنا المجتاح ما استطعت

أن تزرع النسيان في قلوبنا المعذّبة ‍

نــجــم
19-04-2011, 01:05 AM
تعالي نبوس التراب


تعالي ,

لنمحو أسماءنا من جواز السفر

تعالي لنكتب أسمائنا من جديد

تعالي لنرسم خارطة للبلاد ,

ونغتال فينا انتظار البريد

تعالي ,

فبعد فوات الأوان

وموت القصيدة

سنشقى , ونرضخ قسرا ,

لتقويم هذا الزمان

تعالي نبوس التراب

تعالي نعانق كلّ الشجر

تعالي نسطّر تاريخنا ,

وسط هذا الحريق

ونصغي لصوت ينادي : تعالي

تعالي , تقول الرياح : إذا ما أتيت ,

سنفقد حتى الكفن

ويبرأ منا تراب الوطن ..

***

غدا ,

آه لو عيّروني

بماذا أجيب ؟

وأين أخبىء وجهي

وهم يسألون ؟

عن الحب والياسمين

وكيف انتهى كلّ هذا ؟

تعالي نقيم لنا منزلا ,

أو كمين

نواصل منه لظى المعركة

لقد خاننا الأصدقاء

علانية ,

فاحذري من ستار النهاية

وألمحهم يستبيحونك الآن ,

ويصلب وجهك في كلّ ساحة

وتمحى تضاريس جسمك ,

تبنى عليه الهياكل

وإسمك ينفى من الخارطة

تعالي

تعالي

تعالي نقاتل

نــجــم
19-04-2011, 01:06 AM
إيقاع 1


وشوشني الريح , قال عنك : سافرت

وقال هاجرت

ضربت رأسي في الجدار

حضنت بندقية عتيقة

وكان صوت النار

يجيء ناضجا , محمّلا ,

بأطيب الثمار

يقول لي : حبيبتك

لمّا تمت ببد ..

ولم تهاجر ..

نــجــم
19-04-2011, 01:07 AM
إيقاع 2


أراك على امتداد سواحل الغربة

معفّرة الجبين , تعيسة , تعبة

أراك هنا , هناك ..

تلملمين القش والأوراق

وتهيّئين طعامك العشبيّ للغياب

تمرّ عليك قافلة الظلام , حداؤها

الليليّ يبعث فيك رنّة كامن التذكار

ويعلو في فناء الدار

نداء بنيك جوعانين ما أكلوا

ووحدك أنت , وحدك ترقبين ..

إياب من رحلوا

نــجــم
19-04-2011, 01:07 AM
عودة المغني



أبيع المدينة

أبيع المواعيد والأغنيات

أبيع دفاتر شعري ,

وكلّ حكايا الأماسي الحزينة

وآتي لأشرب من حدقتيك ,

شعاع الحياة

وأزهو بأني

أعيش بأرض بلادي

وأحضن رمل بلادي

وأنّي أسير هواك

وأنّي حظيت كعشب البراري

بخصب التراب ,

وسرّ حنان المطر

لأن المغنّي

تعذّب فوق الصليب

وطاف أقاصي الدروب

وظلّ يلوب

سنينا ليأتيك طفلا جديدا ..

تعّرى ,

وألقى ثياب السفر

نــجــم
19-04-2011, 01:07 AM
الصورة والتذكار



-1-

وأذكر لم يكن أحد ,

عشيّة أن رحلت فعادني حزني

تلفّت قلبي الموجوع بالأشواق

وألقى نظرة مكسورة الأهداب ,

فوق رفوف مكتبتي ..

وكان فراس

جميلا يرسم البسمات خلف إطار

وكان فراق

يجلّل وجه أمّي بالأسى ,

فتهمّ أن تبكي ..

فأضحك كي تشاركني

وفي جنبات قلبي يطلع الصبّار

فيا تعبي :

أشيل حقائبي , أمشي ..

ولا ألقاكمو قربي ‍

وأحمل ما تضيق به الجوانح ,

-2-

يا شوارع أينهم صحبي ؟1

ويا مقهى " رقيق الحال " كانوا ..

أمس في ركنك

ترى غابوا ؟‍

فهات إذن " طويل العنق " , أشربه ,

وآخذه معي تذكار

ونمشي والطريق أمامنا تمتدّ للصحراء

فتورق في القرار قصائد التحنان ,

أدرك أنّني في التيه ..

أنقل يا أحبّائي الخطى

وأكابد الإعياء

وأقرأ فوق صفحة هذه الكثبان

رسائلكم

تقول سطورها ويجاهر العنوان

بأنّ طريقنا تفضي إلى البحر

فعد يا أيّها الربّان ,

عد لعروسة الفقر ..

وأومن أن في كلماتكم ..

يا أيّها الأحباب منجاتي

من التجوال والغربة

وأومن أنّ نارا في العروق تعانق الآتي

وتبدع من أحاسيس العذاب خيوط رايتنا

-3-

وماذا بعد ؟

وماذا ينبيء العرّاف , ماذا تضمر الأيام ؟

يقول الكفّ أنّي ..

سوف أرحل باتجاه جزيرة الأحلام

وسوف أخوض نهرا من دم ,

ويصير لون قميصي الكاكيّ ..

أحمر مثل حطّة والدي ,

- الله يرحمه – أبيّا كان

فعاجله رصاص الإنجليز ,

- وكان عمري يومها سنتين –

فهاهت ساعة أمي ,

وكان البين

عميق الحزن ,

فيا أحباب

بعيد ذلك الجرح الذي ,

يمتدّ من عمري

إلى قبري

فذاكرة الطفولة لا تموت ,

ولم تزل في دفتري صورة

لأمي وهي جاثية أمام أبي

وكان جبينه ينزف

وكانت ساقه تنزف

ولهوي يومها بعقاله ,

فلبسته وركضت في الحارة

فأشرق وجهه بالبشر ..

أذكر أنّه قد قال :

" يا ولدي "

وأحنى رأسه وغفا

ولم ~أعرف

لماذا كان يبتسم لي ..

لماذا كان يبتسم لي ‍

نــجــم
19-04-2011, 01:07 AM
بطاقة إلى فراس


يا لغتي , يا رعشتي المنسابة

في جانحيّ , يا تدفّق الكآبة

يا كلّ هذه المكابدات ,

والتأوهات ,

والرؤى الأسيانة

يا جوع هذا القلب , يا عذابه

يا قمرا على بوّابة

إذا أتتك هذه الكتابة

من يحمل الربابة ‍

من يبعث الحياة في الأوصال

من ينشد الموّال ؟

ومن ..

ومن ..

ومن

تعبت من مرارة السؤال

هل تهطل السحابة ؟

ويهدل الحمام في الوطن ؟

نــجــم
19-04-2011, 01:07 AM
أيتها الغربة وداعا

-1-

كان صديقي خالد

ممتلئا بالحب

كان رقيقا وعنيفا كالنسمة والإعصار

كان معي في هذا البلد يكابد ..

غربته ,

مرتقبا سيل النار

مسكونا بالفعل الحيّ الصامت

وكان يعانق في الصحراء

واحته المنفيّة خلف جدار باهت

ويحدّثني إذ ألقاه

عن فقدان المعنى والتيه

عن تلك الأيام الصفراء

عن موت الإنسان الضائع ,

خلف قناع التمويه

عن غضب سوف يجيء

يكنس فينا هذا الفقر المعتم ويضيء

غرفا في النفس رماديّة

كان يواجهني بالبسمة

محتجّا ..

إذ أسمعه بعض الشعر الأسيان

- يا قيسيّ

دعنا من هذي السوداويّة

- الحزن خميرتنا يا خالد

والحزن سلاح لا يغمد

نغسل أعماق الروح به ,

نسمو , نتجدّد

حين يرافقنا في اليقظة والنوم

يتنفّس معنا , ويشاركنا الخبز

لا نقدر أن نتجاهل هذي النعمة

يا خالد

-2-

كان جريئا في زمن الصمت

لا يخفض هام الكلمة

لا يرسلها زلفى لأمير أو حاكم

كان يجلّ الصدق

يحلم بمدائن تحتضن الإنسان

لا تورده الموت

لكنّ صديقي خالد

طولب أن يصمت

طولب أن يكسر قلمه

طولب أن يخنق ألمه

طولب أن يرضى بالأمر الواقع

-3-

أسألكم ..

من يرضى أن يسقط طوعا ؟

من يقدر أن يمنع أمّا ,

معدمة , جوعى

من أن تحمل سيفا ؟

وإذا لزم الأمر

أن تسرق ثمن حليب الطفل الجائع ؟

طوبى لأبي ذر

-4-

لم يسرق خالد , لم يحمل سيفا

لم يقتل يوما نملة

كان صديقا للناس , محبّا للفقراء

لكنّ الخوف على أمن الدولة

يلزمهم أن لا تبقى الكلمة مسموعة

أن لا يبقى خالد حرّا

-5-

فوجىء خالد ذات صباح

بدخول الشرطيّ عليه

يحمل بين يديه

كومة أصفاد

في اليوم التالي

نشرت بعض الصحف اليوميّة

أمر الإبعاد

-6-

" ملاحظة ..

في ذلك اليوم , بكت طفلتان صغيرتان , لأن

أباهما تأخر عن موعده , ولم يعد للبيت ,

كانت تنتظران أن يحمل لهم حبّا , وأمنا ,

وحلوى ..

ربما كانت جائعتين .."

-7-

لم أر خالد ذاك اليوم

لكّني كنت أرى جبهته ,

سارية في الريح , منارة

لم يوهنها الإبحار

كان الإصرار

مرسوما في عينيه علامة

كان يردّد أنّ الصبح ,

- وإن طال سيأتي

واحتضن وسامه

ومضى ..

يبحث عن أرض ,

تطعمه خبزا وكرامة ..

-8-

لا أذكر كم مرّ من الأعوام

حين تقابلنا أول مرّة

في باحة فندق

وسط دمشق

أذكر كان عناقا ,

عبر الصمت مليئا بالصدق

حيث أعاد إلى سمعي الكلمات الحرّة

كان كلانا ,

يبحث في رحلته عن شاطىء

عن قطعة أرض غالية ,

يسند جبهته المتعبة عليها ..

تطفىء ظمأ الأيام

عن شجر يمنحه الظلّ

عن بيت دافيء

يؤويه إذا جاء الليل

-9-

وفتحنا كلّ شبابيك الجرح

-10-

كان تراب الوطن العربي

ما زال طريّا أخضر

والجثث المقتولة في سيناء

وغزة والجزلان

ينهشها الطير ولم تدفن

وتحدّثنا في ذاك اليوم ,

عن الآمال البرّاقة

وعن السفر الثاني ,

وزنود الفتيان الغلاّبة

إذ تلج بجنح الليل

أبواب فلسطين بلا تصريح

مثل الريح

تحمل شارات الصبح ..

-11-

كنّا نعبر في الطرقات معا

أحزنني وجه دمشق

بردى كان بلا صوت

لاحظت لأول مرّة

أنّ ملابس خالد كانت كاكيّة

لكن فيما بعد عرفت

أنّ صديقي من زمن ,

يلتزم بتدريبات يوميّة

فسرحت ببصري في الصمت

وتحدّث خالد , فاجأني بسؤاله

- ما حال الغربة والأصحاب ؟

جالت في أعماقي الكلمات المرّة

.. .. .... ............

....................

لكنّي أطرقت

-12-

يا أيام الغربة أعطيني إسمي

أعطيني أوراقي ويدي

أعطيني قلمي

آن لنا أن نفترق الآن

آن لهذا القلب المحكوم عليه

أن يرتاد الأبعاد

ركضا خلف خلاص موهوم

آن له أن يستقبل ,

فعل المرتقب المحتوم

بعد سنّي التجوال

أزهر يا غربة في أرضي الليمون

وامتلأ " المارس " بسنابل معطاءة

وابتهج الفلاحون

أمّا الفقراء فقد مدّوا أيديهم ,

واحتضنوا قمر الثورة

يا غربة هاتي كفيّك

أودعك بها كلماتي المرّة

ورنين الزمن الجاحد

إني أرتحل الآن

فيّاضا بالفرح إلى خالد ..

نــجــم
19-04-2011, 01:08 AM
الخيط


عيناها دوريّان طعينان

والأرض كما تبدو ضيّقة ,

يأخذها الرجفان

كانت تلمس قلبي

وأنا أرفو أيامي كجوارب بالية ,

وأحاول أوّل خيط يوصلني بالموّال ,

أغني هذا الريحان

كيف يسبّح في بستان يديها ,

ويسيل

إذ تهدل أو تسكن أوتارا وأناجيل !

كانت تلمس قلبي وتقوم

فتشيع الموسيقى صامتة من خجل ,

وينّور لوز ,

ويحوم

رفّ نورس في أفق ,

من قمح وغيوم

كانت تلمس قلبي وأغنّي

عيناها دوريّان طعينان

والأرض كما تبدو ضيّقة ,

لا تسع اثنين معا ..

لا تسع اثنين فهل

يأتي الطوفان !

نــجــم
19-04-2011, 01:08 AM
لها ولي


التراب لها والحجارة لي

الأغاني لها والهوامش لي

النهار الشفيف لها ,

والزوايا البعيدة لي

والهديل الذي ينتهي عند شرفتها فرحا

والضحى

والأريكة والبيلسان

ورنين الكمان

وقطوف الكروم لها

كلّها

ولها المرجان

ثمّ لا شيء لي

غير هذي الحجارة تسقط من منزلي

نــجــم
19-04-2011, 01:08 AM
الحصار


آه يا وجهي المحنّى

بتراب الوطن

لم يزل يعصرك البعد ..

على أرض المنافي

ويغطّيك بعشب الشجن ..

وأغانيك انتظار

ورحيل من مدار لمدار

بعدت عنك التي تهوى ,

وقد شطّ المزار

بعدت وجهك ودار

وحدك الآن وقد مرّ القطار

وحدك الآن ومن حولك ,

يلهون بزهر الطاولة ‍

وحدك الآن وصمت البحر ,

ناء عن حصير العائلة

والتي ترقب لم تأت ,

وفيروز تغنّي

بوحها المقهور ,

عن جيل احتراف الحزن ,

والصمت وليل الانتظار

فمتى نخرج من هذا الحصار ؟‍

فمتى نخرج من هذا الحصار ؟

نــجــم
19-04-2011, 01:08 AM
الوطن في الأسر


أ

التي رحلت في صمت على أرض المطار

حمّلتني فوق ما أحمل ,

من باقات زهر الانكسار

والتي ترحل لا تعرف عني

غير حزني

ب

وطني في الأسر يا سيدتي

وأنا أعرف أنّي

ليس لي أن أسأل الآن ,

متى اللقيا ..

فقد حان الرحيل

وبريدي دون عنوان

ويومي سفر ..

وحياتي تذكرة

وارتحال دائم عبر الفصول

فاسألي لي المغفرة

نــجــم
19-04-2011, 01:08 AM
احتجاج شخصي


-1-

وأينع وجهك هذا المساء

جميلا على صفحة الذاكرة

فغنّيت موت السنابل , جوع العصافير ,

أيقنت أنّك في لحم وقتي

وأنّك أكبر من خاطرة

-2-

تساءلت يا حبّة القلب ,

كيف تمرّ الثواني ,

ويهدر نهر الدقائق ؟

ونحن بعيدان , تعبر تيه المنافي

ولمّا تهبّ الحرائق ؟

-3-

لماذا يمرّ سحاب النهار

ةتبعد عن ناظريّ المراكب ؟

ويزحف في داخلي الليل ,

أشعل كلّ الشموع ولا

ألتقي بك .. أمضي

وأحضن بين يديّ الحقائب ؟

-4-

لئن كان هذا زمان تحت سياط الظهيرة

فكيف لمن شاخ أن يشتهي

عناق الألى غيّبوا , في طوايا الحريق

وكيف تكون الطريق

وما بيننا يا أسيرة

ركام من اللحم , نهر دم من ضحايا ؟

وأخفيت وجهي , هو البعد يدنو

لعينيك هذي الصلاة , وهذي الأغاني الكسيرة

-5-

ألا إنّني أوجز الآن كلّ فصول الرواية

فلم يسدلوا بعد ستر الختام

ولكن أحسّ بأنّ البطل

سيخدع قبل حلول الظلام

وها أنذا يا نيام

أصيح : حذار , حذار

نــجــم
19-04-2011, 01:08 AM
شارة المذبحة




أقول وبي همّ جيل

وقدّام عينيّ رفّ سنونو قتيل

ألا إنّها شارة المذبحة

وأنّ الأغاني ديباجة زائفة

وسيل الوعود كمائن للموجة الزاحفة

قرأت الكتاب من الافتتاح إلى الخاتمة

وفاجأت كلّ الشخوص بلا أقنعة

قرأت تواقيعهم في سجلّ التهاني

أنا كنت حامل أوراقهم ,

وكنت أصوغ الأغاني

وحين تجاسرت ألفيتني

خارج القوقعة

أقول وقد أيقظتني رؤى الفاجعة

يجيء زمان السقوط الأخير

ويقضى على الشوكة الجارحة

فقادتنا يجهلون علينا ,

ويريدون أن نترك الأسلحة

ألا إنّها شارة المذبحة

نــجــم
19-04-2011, 01:09 AM
واستطلعي وجهي


أ – الطيف

بكاء عن شبّاكي وعصف رياح

وأيّ نواح

ويعبر طيفك المبلول بالمطر المدمّى ,

والحطام من السلاح

قفي .. من أين جئت ,

وكيف خلفّت الجراح ؟

يدي يبست , ندائي بحّ ,

واختنق الصباح

وأجزع إذ تجيء الريح بالخبر


ترى صلبت أغانينا على بوّابة السفر ؟

قفي ,

واستطلعي وجهي المحنّى بالتراب

وما كتبت عن الذي يأتي

فما سمعوا

وها أنذا تضجّ بي البلاد ويكبر الوجع

ب- أسفي على إبراهيم

إنّي لأبكي الآن أياما ,

مضين مطرزّات الحلم , لا أبكي على عمري

أبكي على خسران ما كنّا ,

تصوّرناه يوما داني الثمر

أبكي لأنّ أصابعي ,

جمدت على الأغصان لم تقطف ,

وكنت حسبت أنّ مواسما , معطاءة الأمطار ,

تمنح جيلنا خبزا وأورادا

وترقب فوج من يأتون من سفر

أواه لكّني , شهقت , شهقت من جزعي ,

على الميناء

وخجلت إذ تتراجع الأنهار ,

يا أسفي على إبراهيم , لو ألقاه بعد الموت ,

سوف يشيح عنّي الوجه , ينكرني

ويرفضني ..

إنّي أعود لطفلة الأمس التي

قضت الليالي

وهي ترسم بيتها في دفتر الإنشاء ..

ج – ما يحكيه الموتى

ولست يعاتب يوما ,

إذا راحت أناشيدي

تولول في بكاء خافت خائب

وإن ظلّ الغسيل على سطوح الدار مبلولا

وعقد زواجنا ملقى على الغارب

وإن عبرت طيور الحزن من

شبّاكي المفتوح , حطّت فوق أوراقي ,

بنت أعشاشها في وجهي الشاحب

ولكّني سأذكر أنّ وجه حبيبتي ,

قد كان آخر مرّة غاضب ..

نــجــم
19-04-2011, 01:09 AM
حين قال سامر : لا في المواجهة الأولى



( أرض واسعة كخلاء

أشبه بالمسرح

يتجمّهر خلق , وإضاءة

فوضى أصوات متداخلة , خطوات المرأة

تملأ أرجاء المطرح

تتوّسط دائرة الضوء

شيء كالصمت

تتحرك , وتحدّق مذعورة ) :

امرأة – من ذا يفتح دفتر أيامي

ويواجه سفر المأساة

إني أرهب سيف التاريخ

حين يسطّر ما كنت كتبت

يا رمل الذكرى , كن طينا وتماسك

( تنفر أعناق الناس

تتلّفت في غضب نحو المرأة

إذ تلمس زيف الكلمات

والحركات المفتعلة

فتواجهها بالأيدي المرفوعة

والنظرات المحتّجة والصيحات

يخرج من بين الجمهور

سامر كالرمح نحيلا , ومضيئا بالحب

يتوّقف في دائرة النور )

سامر- إني أنشل نفسي من بئر الأخطاء

وأحاكمها وأدينك باسم سنابلنا الظمآنه

والشجر المقصوف

( أصوات تخرج من عمق الأشياء

لا يظهر من ينشد

بينا سامر يتمترس خلف الكلمات

والمرأة تخفي عينيها

بيديها )

الأغنية

الجوقة – الحب الماضي ماذا أثمر في دنيانا

ماذا أعطى ؟

هل ثمّة شيء بعد الحب ؟

كلّ الأوراق امتلأت بالكلمات

لم يبق لدينا ما نحكيه

والآن علينا أن نفعل , أن نفعل

نحن عشقنا حتى العشق

وفتحنا الأيدي

لكن لا شيء

نفس الإحساس

نفس الحب ونفس اللحظات

إنّا ننشد أكثر من هذا

نحلم أن يتحقّق في الحب

كلّ رموز العالم

لكن ما زلنا ننتظر , فماذا بعد ؟

ماذا بعد ؟

( تخفت كلمات الأغنية

ويهزّ الغضب المتسائل أبدان الناس

أما المرأة

فتحاول أن لا تستسلم

تتمالك منها الأنفاس

تتحرك في حذر ملحوظ )

المرأة – كنت قديما أبحث عن هذا المطلق

لكن حين رأيتك

صرت لديّ المجهول ,

وصرت عروق الأشياء المفقودة

وعشقتك ,

ليس كما يعشق كلّ الناس

وحلمت بأطفال يأتون

وبفرح لم يشرق ..

سامر- معذرة يا سيدتي

لا يرحل إلاّ من يأتي

لا يكفي الحلم

الجوقة – خيمتنا تحت الدلف

جحظت عيناها

فخجلنا أن لا نبحث عن سقف

سامر- حين تغوص السكين عميقا ,

في القلب

ويصير رغيف الحب

أبعد من قمر في الصحراء

حينئذ لا يتسّع الميناء

لأنين صواري البحر ,

وأشرعة السفن الغرقى

المرأة – سامر يرسم فوق الماء

أجنحة لعصافير الأمس

ويكتب فوق الرمل

ما يرويه الليل

سامر – لا تجرحني كلماتك

أكثر مما فعلت بي

رؤية طفل كان يصيح

وبقايا جدران وسطوح

( يظهر في الظلمة

طيف لامرأة بثياب العرس

تتوسط دائرة الضوء

تبدو مكتئبة

فيباركها سامر بالحب الصامت )

سامر- إنّي أحفر فوق جذوع الأشجار

وجها محزونا

وعصافير تموت

وعيونا

تحمل كلّ ملامح ذاك الطفل

( يتلّمس بيديه ,

جديلتها المبلولة بالدم )

وسأكتب أن الأسفار

أخذتني منك ,

وأنّ الغزلان البريّة والأعشاب

وعبور الليل

أشهى من كلّ الأضواء ,

ومن مدن الغربة

( ينسحب الطيف

يتلاشى تدريجيا في الظلّ

تكبر بقع الدم

في عينيّ سامر

يهذي بكلام لا يفهم )

المرأة – ماذا حلّ بعقله ؟

سامر – من سنوات حين تلاقينا

بعد هبوب الريح الأولى

أخذتني نظرتك ,

أحاطتني كلماتك بالحب

منحتني أجمل وعد

كنت عرفتك من قبل ولكّني ,

صدّقت ..

عدت فغّنيت على أبوابك

كان غنائي يرتّد

مخنوقا داخل حنجرتي

ويموت صداه على أعتابك

وظللت أحدّق في المرآة

منتظرا فعل جوابك

المرأة – ماذا يمكن أن تلقى ,

مرسوما في المرآة

إلاّ وجهك ,

وشحوب النظرات ؟

سامر – إنّي أعبر في تقطيب القسمات

سردابا مجهولا

وأرى باب

أتهيّأ حتى أحمل زادي

لأجوس طريق النار

المرأة – لا تفضي بشبابك للتهلكة , فتندم ..

سامر – لا يا سيدتي

لم يحدث يوما أنّ سماء

مدّت للجائع طبق غذاء

ما لم يصفع جوعه

الصدى - لم يحدث يوما أنّ سماء

مدّت للجائع طبق غذاء

ما لم يصفع جوعه

المرأة – أتشكّ بأخوتك ,

وأبناء العم ؟

سامر – لا يا سيدتي

فأنا أعرفهم جدا

فهمو من هدموا بيتي

من أكلوا لحمي

من باعوا أرضي

أعرف أنّك أنت وعشّاقك ,

أعددتم هذا الحفل

أعرف أكثر من هذا

نعرف كلّ سطور التاريخ السريّة ,

وتواقيع التجّار

الصدى - نعرف كلّ سطور التاريخ السريّة ,

وتواقيع التجّار

( المرأة تأخذ شكلا آخر

فالفستان عليها يعتم ,

بأهلّته ونجومه

تتميّع ألوانه

الأحمر والأخضر والأبيض ,

والأصفر والأسود ..

تغدو شرطيّا وهراوة )

المرأة – الشرطيّ – حاذر , حاذر

واضبط أعصابك يا سامر

الجوقة – قل كلماتك يا سامر , قلها

وليرتفع السيف

قلها ,

حتى يكتمل الصف

سامر- وجهك يا سيدتي

يتلوّن ,

يكلح ,

يصفّر ,

ويطالبني بالصمت

لكّني أختار الموت

( إعتام

فوضى , ودوي كلام )

الجوقة – سامر يصنع من ورق الذاكرة ,

رسوما للأطفال

ويشدّ خيوط الأمس

يتماسك في وجه الريح

سامر يختار الموت

صوت سامر – إنّي أؤمن أنّ المطر الخيّر

سيجيء

ويكسونا بالأعشاب

وستطلع ثانية أزهار الحنّون

ويعمّ غناء الأطفال

ويكون على الأرض

فرح غامر ..

الصدى - ويعمّ غناء الأطفال

ويكون على الأرض

فرح غامر ..

( يظهر سامر

متّجها نحو الظلّ )

سامر- فلتفتح يا سيدتي أبواب السجن

طفح الحزن

طفح الحزن

( الظلمة تفرد في بطء

أطراف ستارتها

فترة صمت )

الجوقة – الليلة لا يحلم سامر أو يتسكّع

بين رفوف الكتب الصفراء

الليلة لا يستجي لقمته ,

لا يكتب أشعار بكاء

الليلة يرسم أقمارا خضراء

فوق الجدران

ويغّني للإنسان

الليلة يحتفل وحيدا في عرسه

يبدع موّالا ,

وأناشيد جديدة

تحمل رائحة القمح الأسمر

والأرض الظمأى

والعشب اليابس

الليلة يمنحنا سرّ الخصب ,

وبدء التكوين

( صمت

موسيقى غضب أسيان )

الجوقة متوّزعة-

أما وقد اختار

في آخر هذا الفصل

أن يرفع كلمتنا ,

ويشيل صليب النار

فلنتذكّر أنّ الليل

سيكون ثقيل الخطو عليه

فلكي لا تمتلىء كؤوس مرارتنا ,

أو تطفح

فلنهدم هذا المسرح

فلنهدم هذا المسرح

( يهدر فجأة

نهر الأصوات الغضبى

وتدّق الأجراس

في حين

تسمع في الظلمة , أصوات مقاعد

تتحّطم

إذ ينفضّ الناس )

نــجــم
19-04-2011, 01:09 AM
بضع كلمات للحديث عن فراس


ينهلّ صوتك والأغاني مطفأة

والعابرون تأخروا

فالدرب ملغوم , وخلف الباب موتك

قالت لهم ريح البلاد :

ألا احذروا

فتعثّروا

والصمت شارك في سيول الدّم

أعرف أنّ تحت الظلّ , كان الآخرون ,

يدخّنون ,

ويرقبون ..

في نشرة الأخبار – مع زوجاتهم – موتي

وهم يتسامرون

ينهلّ صوتك والنساء لبسن أثواب الحداد

وأنا خبرت من الزمان المرّ هذا أسوأه

هلكت جمال قبيلتي,

لم يسأل الوالي ,

ومزّق جنده كتبي , وأنت تسألين

عن لون هذا الحزن في عينيّ , عن

شعري المشعّث عن مشاوير المساء

والحارس الليليّ أيضا , لا يكفّ عن السؤال

صمت يرافقني

شوارع ذلك البلد البعيد معي ,

وليس بهذه الطرقات من أحد

وأنا أضمّ فراس :

( آه فراس يأكل قلبنا هذا البعاد

ويعود لي حزني الجميل ,

وزهرة الحلم المهاجر والبكاء )

وتعاتبين وأنت لا تدرين ما يفري القلب

هذا شتاء آخر قد فاجأه

ينهلّ صوتك , والأغاني مطفأة

نــجــم
19-04-2011, 01:09 AM
الموت خلف الباب


الموت خلف الباب هل تتسمعّين خطاه

أم تتزيّنين لطلعتي ,

ورضى الوصول .

بحّت ربابات المغّني ,

ما انتهى مدّ النشيد ,

ولا استحال إلى ذهول

عيني على أطفال قريتنا ,

وكيف عراهموا همّ الذبول

كبروا مع الأيام , آه , أكاد ألمحهم ,

كأنّي ما نأيت

ولا عرفت ,

مكابدات النار والدم والرحيل

عيني على صوت يجيء مبلّلا ,

بندى الحقول

مطر الحنين يسحّ دفّاقا ,

على صحراء قلبي ,

غاسلا وجعي ,

يجيء إليّ ذاك الصوت ,

وجها ناضرا وحديقة ,

يغفو على أسوارها طير المساء

ويرق هدهدة ,

فيصغي كلّ عرق فيّ مرتجفا

أعيدي آه ذاك الصوت ثانية ,

وقولي :

( يا ابن العم يا ثوبي علّيي

إن اجاك الموت لاردّه بيدي

ابن العم يا ثوبي الحريري

لاحطّك فوق جنحاني وأطيري

واهدّي فيك ع برج الخليلي )

أواه لا أدري ,

فصوتك موجع هذا المساء

لأشم عطر الجرح ,

نزف طراوة الأعشاب في نبراته ,

وصدى الأفول

" ويلي عليك "

تكسّرت أغصان حزني فيك ,

صوني الثوب ,

يا أم الذين تضّوروا

جوعا وشالوا في الضلوع ,

بنادق الحب العظيم وسافروا

في الريح فانتظري ,

قدومهمو على باب الفصول

نــجــم
19-04-2011, 01:10 AM
ثبت العويل في سعف النخيل


أيها الأصدقاء القدامى

سلاما

في المساء يطيب لي الخمر ,

أركض عبر حقول البكاء

أنزوي هامد القلب , مشتعلا بالغناء

شاكرا للزمان جزيل العطاء

راسما شارة للعبور الأليم ,

أزامل برد العراء

وأجمع وردي من الطرقات ,

وما كنت أهديته للمساء

وألملم نفسي علي حرقة ,

إذ يهبّ الهواء

لاهجا باسم من غازلتني

وجاسدتها ألفة ,

وبكينا أسى وانتشاء

ها أنا في عيون التذكّر أهمي وحيدا ,

وأذبل شيئا فشيئا بلا أصدقاء

وأهزّ جذوع النخيل

فيدوّي العويل

آه , آه

يا عيون التي أمطرتني شجى

ليس من مرتجى

***

أذكر الآن أغنية

عن زمان بلون الفجيعة والانكسار

يوم أفردت أفراد طرفه

حين فقدت جوادي

وأطفأت الريح قنديل ذاك النهار

لا يد لوّحت في المطار

لا عيون التي أشعلتني حوارا ,

دون حوار

فلبست الظلال

عابثا بالحقيبة حينا ,

وحينا أعود فأفرد بين يديّ الجريدة ,

كان الحصار

نافذا مثل سهم ,

وتحتلني وحشة في القرار

لحظة ,

ورأيت المناديل للآخرين انتظار

وأنا كنت وحدي الزحام , وكنت الغبار

أستطيب التذكّر والخمر عند المساء

أيها الأصدقاء

نــجــم
19-04-2011, 01:10 AM
أقول لشمس الظهيرة : شكرا


وحين عزفت على جرح قلبي ,

ورحت أغنّي

أشحت بوجهك عنّي

وخبأت رأسك بين الرمال

ولم يك لي حيلة ,

أن أعيد الطيور التي من يديّ تفرّ

رأيت الشوارع والأرصفة

تغادر أعلامها إذ أمرّ

كأن لم يكن بيننا معرفة

***

أقول لشمس الظهيرة شكرا

***

( مضيت وكان لي البحر والأرض ,

كان المساء

يداعب وجهي ,

ويطلب أن لا أموت بلا ثمن ,

أو إباء ) ..

نــجــم
19-04-2011, 01:11 AM
جزء من حديث ذات ليلة باردة


وأنا مثل مغنّ يحمل قيثارا

يمشي في الحلم ويبكي , ويغنّي

يهبط سقف الليل

أفتتح كتاب الوحشة , أرسم فوق الجدران

أقمارا , أحرقها

وتمرّ فلول الأيام المنهزمة

مثل قطار واهن

يعبر بي مدن الذكرى

أرتعش وتسقط فوق سريري نجمة

أبحث في قاموس الأسرار

عن معنى المطر ,

وحزن الآنية المكسورة

لكنّ الكلمة

تزرعني ثانية في منطقة اللغز

ما بين الواقع والأسطورة

قال أبو حسن اللدّاوي :

( و أبو حسن اللدّاوي هذا , يعمل حمّذذالا ,

أحيانا ماسح أحذية , عامل مقهى

أحيانا يتجوّل بين الأحياء

يبيع الترمس للأولاد , ويملك صندوق عجب )

- في العاشر من أيلول الماضي

أعولت الدنيا ,

وانشقّ جدار البيت

عن شيخ كان جريحا

ووقور الحزن , مهيب الصمت

بادرني مثل الدهشة , قال :

* أنا عزّ الدين القسّام

هل تأذن لي ,

أن أقضي الليلة في بيتك ؟

- عزّ الدين القسّام !

لا أعرف أحدا يحمل هذا الإسم

* رجل من أرض الشام

لا يملك عائلة ,

لا يملك بيتا

يتجوّل في أحياء الفقراء

وكثيرا ما شاهده بعض الفلاحين

يعبر بين الأشجار

يبحث عن حبّة تين يابسة ,

عن جرعة ماء

كان يرى بعض النسوة ,

يحملن جرارا ,

ويطفن على الآبار

فيمرّ سريعا ,

ويحاذر لقيا الأطفال

والنظر إليهم

كي لا يبكي

( وتوقف مهموما مثل حصان مجهد

ليتابع )

أعرف أنّي مجهول منسي

مجهول المولد , مجهول الموت

( ولمحت بعينيه بريقا ,

قلت ) :

- أتبكي يا شيخ ؟

* لا أملك عينين لأبكي

فأنا جئت أزور الوطن لأنظر أحبائي

وأعانقهم

لا أرثيهم

(قال أبو حسن اللدّاوي :

واحترت كثيرا في هيئته المأساوية ,

في بقع الدم المتجّمدة على الكتفين ,

وفوق الصدر

في هذي الأعشاب النامية ,

على جبهته ,

والطين العالق في قدميه

قلت له ) :

- ما الأمر؟

( أمعن بعض الوقت ,

وعدّل فوق الرأس عمامته البيضاء

فانتحبت في كفّذذيه عصافير كثيره

خيّل لي أنّ العزلة

تسكنه منذ قرون

أنّ الوحشة بيته

وكما لو أنّ بلادا واسعة ,

تحتلّ مساحة قلبه

راح يغنّي موّالا شعبيّا

عن شمس تغرب

عن وجه يشحب

عن سفن تشرع نحو المنفى

عن عشق لم أسمع مثله

يا الله

يا الله !!

بعد قليل ردّد بأسى مفجوع :

* " دار جفتنا يحقّ لنا نعاتبها

ونجيب فووس النيا ونهدم عواتبها "

( أسلم عنق الموّال لمقصلة الصمت ,

ولملم نفسه )

- هل تعمل شيئا يا شيخ ؟

* كنت قديما

- أين ؟

* في الشارع والمسجد والبريّة

عملي كان

محصورا ما بين الفقراء

يأتون إليّ صباح مساء

فأؤجّج فيهم نار الحكمة ,

والموعظة وحب الأرض

أطعمهم زاد القلب

وأقرّبهم من ملكوت الرب

أنت حزين يا شيخ

ما تحمل في قلبك ؟

منشورات سرية

ماذا ؟

أحمل تذكارات الأمس ,

مواويل الجبل وصورا للأطفال الباكين

أحمل وطنا يتوّجع

فأنا منذ قتلت

هاجرت إلى مملكة الأعشاب ,

سكنت قلوب الشجر ,

وأعراق الزعتر , قلت :

يأتي من يكسر هذا القيد

يأتي من يشعل أعراس الأرض ,

ويحترم الإنسان

لكن لم يأتوا حتى الآن

فمتى يأتون ,

متى يأتون !

- يا شيخي الطيب

أحيانا يفلت منّي المعنى

لكّني أوخذ بالصوت

والحزن الأخضر في كلماتك

كيف تقول قتلت , وها أنت أمامي ؟

* الموت رفيقي

فلذا يسمح لي أحيانا ,

أن أتجوّل في مملكتي

وأطوف على الأحياء

- وجروحك ؟

* يجمل أن تبقى

حتى يعرفني الناس

حتى يستيقظ فيهم شيء ما

حتى لا يقعوا ثانية ,

في هاوية الأخطاء

ما تفعل لو صادفت الحرّاس ؟

الشرطة والعسكر والحرّاس

هم بعض الأعداء ,

ومن مصلحة الدولة

أن تبقى أوراقي مطوّيه

( أطفأت الوابور

وأنا لا أفهم شيئا

وسكبت له كباية شاي ساخن

قلت : تفضّل

في الخارح كان الليل وحيدا ,

إلا من صرصرة الريح ,

ورجع خطى مجهولة )

" جسمي تقّطع وجرحي طال يا مولاي

وأقلام صبري براها الهمّ يا مولاي

نهر الفرات من دمعتي فار

ودّور طاحون وخشب

ولا بارك الله في قوم يعبدون الخشب

أنت تنين ياللي من حديد وخشب

اشحال أنا من لحم ودما صابر على بلواي """"

( التمعت عينا الشيخ

وارتفعت يده تمسح عن وجهه

شيئا ما

قلت ) :

- هذا حمدان الناطور

وضعت مصلحة البلدية يدها ,

فوق مساحات من أرض القرية

واشتقّت من بيّارته اسفلتا ,

جعلت منها منتزها للسيّاح

قاوم حمدان المشروع بكل قواه ,

ولكنّ المقدور وقع

حمدان جثا فوق الأرض وقبّلها ,

رفض التعويض .. بكى

بين يديّ بيّارته ,

وهي تغادر أشجارا

وترابا

وسياجا

وحزنّا معه لكن حمدان

لم ينس , فمن ذاك اليوم

وهو يدور على الأرصفة بلا وعي ,

يذرع طرق القرية ,

يزرع قلب الليل موّاويلا حارقة ,

ويقول بأنّ له عاشقة ,

بين الصبّار ,

يطارحها الدمع إذا التقيا

والضحكة أحيانا ,

ويراها في الموّال كما يزعم ..

* أعرف حمدان الناطور ووقع الموّال

فكثيرا ما صادفني في الليل ,

ورافقني التجوال

وشربنا الشاي معا بالنّعناع

ووقفنا فوق الكرمل ,

ننتظر القادم بسلال الأفراح

وأنا أعرف حزن الشجر المقهور ,

وأنّته الصامتة , وصفرة أوراقه

إذ تهوى في وجه الريح ,

وأعرف زهو الموت وكاميرات السيّاح

أعرف حمدان الطفل ,

الولد اليافع , والشاب

الطعنة والبئر , وما فعل الأخوان

أعرف هذا الزمن الخوّان

والمدن الطالعة من الصحراء بأزياء عصريّة

والبدو وحرّاس القصر ,

وقاتل حمدان الناطور ,

ومن شربوا الرّاح

عصر اشتعل الحرش ,

وصارت خاصرة الجبل وسادة

والريح كفن

( حين نهضت لإحضار فراش ,

كي يرتاح ..

أوقفني عند العتبة صاح :

* دهرا نمت , وحين استيقظت ,

وجدت موانيء , ومسالك تنتظر ,

وقال المذياع : انتظروا ..

وتعثّرت بخوذة جنديّ هارب ,

وبآخر ملقى ..

قلت : الطوفان , السبيّ ,

وقال المذياع :

لا تهنو ..

لكنّ القلب الملتاع

أسقمه ما أسقمه

للحزن طقوس , والأوجاع

لا ترفق بالقلب وترحمه

عاوده النوم ..

و ( يا دار ما دخلك شرّ )

- لكأنك تعنيني يا شيخ , وتحكي

عمّا كان بنفسي ,

حين الأقدار أقلّتني من بيتي ,

في اللدّ إلى قبية حتى الجلزون

والله عليم ما قاسيت من الجوع ,

ومن ذلّ السير ..

** لا أعني أحدا

غرناطة , يافا , اربد , مكّة

وارميا العربيّ والبكاء

لا في الغزو ولا في التهليل

يا مال الشام أضاعوك

كمال الأيتام أضاعوني

طال مطال البين ,

وما أحد قال

تعال

وشال الحمل ,

ولا تركوني

ناديت محبّي , همو خدعوني حزني كالبحر عظيم

لا حنطة للأطفال المغشّي عليهم

عطشان ,

صبايا الحيّ ملأن جرار الماء وغادرن ,

فمن يرويني

ناديت محبّي , همو خدعوني

- هوّن يا شيخ عليك

الدنيا ذاهبة والباقي وجه الله

والعمل الصالح

..................

* ....................

( وانسلّ خفيفا كالطيف ,

توقّف عند الباب

وتهدّل تعبا , كالغصن الملآن

فانخلع القلب من الرهبة والحزن

واستودعني اليقظة ,

والحيرة والليل وغاب )

...................

* جسمي تقطّع وجرحي طال يا مولاي

وأقلام صبري براها الهمّ يا مولاي

نهر الفرا............................

نــجــم
19-04-2011, 01:11 AM
عن الصبر وحنين الأعشاب


من أين يجيء الصبر

من أشجار القهر

الممتدّة ما بين

أسوار فلسطين إلى صدر البحرين

من سجن سميح القاسم ,

أم من زنزانة قاسم حداد ؟

لو أعرف من أين

لتجمّلت قليلا

وابتعت لواحدتي منديلا

وحملت لها باقة زهر

من أين يجيء الصبر

وأنا أطعن في السرّ وفي الجهر

يا صور الأحباب المنفيّين عن العين

لا يرحم هذا البين

فأنا مزدحما بالمدن المفجوعة ,

والقامات المقصوفة ,

طوّفت بلاد الله , خبرت الأصوات المتجمهرة ,

على كلّ الساحات , تعدّدت الأسماء ,

الرايات , المؤتمرات , تعبت

عرفت الوجه الآخر للأشياء

وحزنت على الوطن الغائب

فأتيت أكابد ريح الهجرة فيك إليك

أنهل من بين يديك

يا قمري الشاحب

يا ضوء عذاباتي الليلية

ما يملأني بحنين الأعشاب , ونار عذاب الفقر

وأتوّج حزني بورود اللهفة ,

وألاعب طير البحر

لكّني يا منديل حبيبي

يا صور الأحباب المنفيّين عن العين

ضيّعت حروف السروأنا أسأل من أين

عفوك يا وطني

عفوك يا وطني

نــجــم
19-04-2011, 01:11 AM
الخداع


حدّثني عن ترجمان الصمت والهلاك

وقال : لا أنساك

حدّثني عن جنّة للمتّقين في غد ,

وعن مراح

وحينما طلبته ,

وصحت : يا ملاك

أسلمني للموت واستراح

نــجــم
19-04-2011, 01:12 AM
أفكر فيك وأصحو


-1-

أفكر فيك فتعول ريح الشمال

وما بيننا النهر والشرفة الباكية

ومنديل أمي ينادي تعال

ويحلم بالليلة التالية ..

-2-

أفكر فيك وأنت صرصي

وأنت إذا استرسل القلب في الحلم ,

سرّ عياطي

فماذا لو أنّي ذرعت إليك السجون

وصيّرت هذا الحنين

بريدا

وأفصحت بالحبّ , قايضت موتي بالياسمين ..

-3-

ولكنّني كلّما منك أدنو

وأبعث للشمس برقيّة عن أوان الوصول

أخال بأنّي هدمت الجسور ,

ونلت الذي كنت أرجو

فواخجلي منك , ماذا أقول ؟

حسبت حبال النوى بيننا لا تطول ..

-4-

وأصحو من النوم , أشرع نافذتي للهواء

أنامل النهار جارحه

هو اليوم يلبس قبعّة البارحه

ويأخذ شكل البكاء

وأنت هناك

تظلّين وعدا جميلا ,

وصفصافة عاليه ..

نــجــم
19-04-2011, 01:12 AM
طيور خضراء كثيرة


( أنا الطير الأخضر

بمشي وبتمخطر

مرّة أبوي ذبحتني

وأبوي أكل من لحمي

وأختي لملمت عظمي

ولمّا طلع القمر

صرت طير أخضر )

كلّ مساحات فلسطين عظام مطمورة

حين يجيء الليل , ويطلع قمر الناس ,

تصي طيورا خضراء

وتحط مغنيّة ,

عند شبابيك الأهل , ولا يصحو الوالد

( هل يعرف ما فعلته الزوجة بالإبن ,

وما كان عشاء الأمس ؟)

كل الأطفال الأحياء ,

والأموات ,

طيور خضراء

فاستيقظ يا سالم ,

يا حامد ,

يا راشد

هذا القمر من الفضّة

لكنّ الهالة من خيش

والأشياء بلا أبعاد

هل تطعمكم اربد ما ادّخرته من الجوع

هل يسمع صوتي ؟

أنا لا أتحدّث عن أسطورة

فمساحات فلسطين عظام مطمورة

نــجــم
19-04-2011, 01:12 AM
تقاسيم
إلى كمال ناصر



لا تطلق العنان

لحزنك الجموح

فهذه الصحراء

لا ظلّ , لا أنداء

لا عشب في السطوح

فهل تطيق شرب قهوة النسيان !

يا أيهذا الورق الساقط من رزنامة النزوح

حمامة في الصدر ماتني تنوح

في سرّها لا تبوح

***

يا زهر الرمّان

لا ترتد النشيج

وخلّ في الكتمان

الوجع المكبوح , لا الخليج

يسمع مرّة ولا المحيط

يردّ هذا السوط

قرنفل المساء ذابل , وشجر الدّراق

يجفّ في الفراق

فمن ترى يعيد خضرة الأوراق !

***

يا شجر الصفصاف

قالت حبيبتي : أخاف

أن تبعد الطريق , أن نضلّ

فأومأت لحزنها الضفاف

وارتعش الليل

على قميصها الهفهاف

أيتّها الحمامة البحريّة

والزهرة البريّة

ماذا يقول النهر والأغنية !

***

في الأسبوع الواحد

أفقد سبعة أيام كاملة وأدور

ما بين العتمة والنور

ما بين الحرّ اللافح والبرد القارس

يا سعف النخل اليابس

لا أعرف ما أنا واجد

ناديت يا كمال , ياكمال

يا وجه أمي الفقيد بين الموت والإهمال

لمن تغني " بئر زيت " حزنها يا أيّها الرجال !

***

طاردني " المطوّعون " في شوارع الدّمام

متّهما – كما يقال – بالكلام

واليقظة التي تشعّ مثل شمس الظهر

لأنّني كتبت في الجريدة

شيئا عن الصيّاد والطريدة

وعمّموا قرار وقف النشر

أيّتها الجريدة الصفراء

والحكم البليغة العرجاء

متى تهبّ النار فيك والسما تضاء

***

يا صباح التساؤلات الجريح

هل صحيح

أنّ رمل الجزيرة

قابل للحريق ؟

أنّ بيني وبين الزمان الصديق

خطوة , أنّ وهج الظهيرة

ليس إلاّ ضريح ؟

ماذا يقول في الغياب

الوطن المضّرج القباب

والأهل والزيتون والتراب

***

هرولت المينة

الشجر المقصوف في الطريق

وهذه الزينة

تشعّ بالأسى العميق

ويهرج الأقواس والأعلام

يرسم في الدمام

أيقونة حزينة

شيّعت وحدي قامتي للبحر

( وقلت للنوارس التي تهيم في نسيم بعد العصر

من أين يأتي كلّ هذا القهر !)

***

كالنجّم القطبيّ وحيد وبعيد

تشرّ بك رمال البيد

تنزف في عمّان ,

وتسقط عند مشارف صيدا

وضواحي بيروت

والعمر يفوت

يتّسع فضاء الربع الخالي

وطيور البحر تموت

وتطارد في الأرض العربيّة ! ,

ترسف في أغلال الروم

أفقك مغموم

دربك ملغوم

موتك معلوم

فليرفع الستار عن رواية العروبة

ولتكشف الأكذوبة

ولتكشف الأكذوبة

نــجــم
19-04-2011, 01:12 AM
الحداد يليق بحيفا
إلى سميح القاسم



مراسيم قهرك جارية ,

وأنا أحتفي بجواد التفّتح والنار ..

في ليلك المأتميّ

وأحمل راياتي السود ,

أولد في شهقة الموت ,

أعبر في حزنك الساحليّ

أغنّي فيمنعني الشرطيّ

تيّممت باسمك آن طويت الصحارى ..

إليك وكان الطريق

خنادق فارغة ,

أو

بنادق عاطلة ,

والرياح تصفّر في " الغور " ما من بريق

ولا من دخان اشتباك هناك ..

ولا طفلة في الفضاء الرماديّ ,

هذا زمان السكون المدوّي ..

زمان الحريق

وكان الجنود الكسالى

يفلّون في الشمس قمصانهم ..

مفرعين من الحلم والفعل ,

كان شرار الظهيرة يمتدّ نارا

وموتا مثارا

إلى الجسر ..

والنهر كان يجفّ ,

يجفّ ,

ولتفّ ..

في بردة من حداد

ويحضن صفصافة وهي تبكي ,

تغنّي للبعاد

وتسقط أوراقها

وطروادة القلب غارقة في الحصار ,

ونهب لسيل الجراد

فماذا تقول الجبال وأحراشها والوهاد ؟

وماذا يقولون , ماذا يقولون ..

ماذا ..؟

- يمدّون عمر احتضارك هذا النبيل ,

بما وهبوا من فنون الخطب

وينسون ,

ينسون حتى الغضب ..

***

مراسيم قهرك جارية ,

إنّهم يتركونك وحدك ..

في ساعة الطلق ,

يلقون باللوم – زورا – على القابلة

سمعت الرياح تغنّي :

يليق الحداد بحيفا

يليق بها كلّ سجن ومنفى

يليق الحداء بأفراسها الحمر والقافلة

بلى ..

ويليق بك الحزن والموت ,

والحالة النازفة

يليق بك الصمت والليل والعاصفة

يليق بك الفرح الياسمينيّ

في عرسك الدمويّ

يليق بك البحر والبرتقال الحييّ

فماذا تقولين لي

وماذا يحاورني النبويّ

أجيبي ..

لمتك وقع النصال عليّ

فلا تقتليني بأسلوبك العاطفيّ

ولكن بصاعقة كي أضيء

هنا دركيّ

هنا شرطيّ

هنا عسكريّ

ألا إنّهم يبتغون دمي

والقبائل تطبق حزلي ,

وتبحر في فلك الأجنبيّ

وهم يغلقون الحدود ,

يسنّون قانون طردي , وقتلي

يصادر خطوي ,

وخبزي ,

وقولي

ولكنّ ..

ما بين مركبة الرعد والريح ,

يأتيك برقي الخفيّ

وأحلم بالفقراء جيوشا ,

وكلّ الصعاليك والخارجين على الموت حزبا ,

يقاتل باسم الزهور التي تذبل

وباسم السنابل والقبّرات التي تقتل

وباسمك حتى يعود الزمان البهيّ

- لماذا أتيت ؟

* لأعرف وجهك أكثر

وأعرف نفسي

- وماذا رأيت ؟

* طيورا محلّقة في الفضاء ,

وبيتا قديما

وبيدر

وقابلت أمّي

- وماذا ؟

* رأيت ..

- تكّلم

* أصابع كانت تطوّق خصرك ,

في رقصة الدّم

رأيتك مكسورة البال ..

في زيّك البلديّ

- وماذا فعلت ؟

* تلّويت قهرا

وقدّمت صكّ انتمائي إليك

يعاودني صوتك الآن بعد الغياب

ويدخل من كلّ أفق إليّ ..

ومن كلّ باب

يطاردني في الصحارى

يحلّ معي في الفنادق

يشاركني مقعدي ,

وسريري ,

ووجبة خبزي ,

وحزني

ويرقبني عند كلّ المفارق

نــجــم
19-04-2011, 01:13 AM
نقوش داكنة من رأس الناقورة
إلى رشاد أبو شاور

منعزلا ووحيدا أحلم بالأمطار ,

وشعر حبيبي المبلول على الكتفين ,

سنابل جائعة ..

في فوضى الأشياء ,

وهدأة خطوتنا فوق الأسفلت وحيدين ,

ونق المطر الموسيقيّ على ..

شبّاك الشارع ذات خريف ..

أحلم بالموّال البلديّ , بأمّي

بامرأة لا تعرفني

إمرأة أبعد من هذا الليل ,

وأقرب من هدب العين ..

إذا انتحبت ينفطر القلب ,

امرأة مملكة للعطش الموّار وللرغبات المشتعلة

مملكة للأسئلة – الدوّامة ,

والأسئلة – الفاكهة ,

امرأة لا نزلا للغرباء

امرأة لا مرآة سوداء

***

منعزلا ووحيدا أحلم ..

وطن يستيقظ من عمق الصدر ,

جراح تأخذ في نزهتها

فلماذا من شقّ في الباب تجيئين إليّ ؟

لماذا يستيقظ وطن ,

تأخذ في النزهة والتجوال جراح ,

ولماذا يخطر في البال ..

فراس القيسيّ طريدا

يذرع أرصفة وموتنىء منعزلا ووحيدا

يبحث عن مأوى , أو حب يدفئه ..؟

ولماذا من شقّ في الباب تجيئين ,

وتحتفلين معي , في هذا العرس ,

تميلين بخصرك هذا الناحل ,

هذا الجسد الضوئي , المرويّ جراحا...

وكآبات لا حصر لها ..

ثم تشيحين ولا تعترفين ؟

فأدخل في الصور السوداء حليفا للنهر ,

تتّوجني الأشجار أنيسا للبيداء ,

أنادم أصوات الآتين ,

وتلك رياح تأتيني ..

عبر نوافذ غارقة تحت الماء ,

نقوش داكنة من رأس الناقورة ,

حتى أبعد غصن في المهجر , تهجع ..

فوق سرير القلب , خريطة هذا

القمر الراجف تحتلّ دقائقي الهاربة من

الموت وتفترش الصدر..

خريطة هذا القمر الراجف ..

جارحة كالدمعة ,

ناعمة كالسيف ,

وما بين الدمعة والسيف تناثرت ,

تكاثرت ,

فأيّ رؤى تشتعل زنابق حمراء ,

وأيّ مواسم أستقبل مثقلة بالخضرة ,

أيّ يد تمتدّ الآن ,

وتمنحني رعشتها

أحضن هذا الغبش المتدّفق من عينيك ,

الغبش الفجريّ

الألق اللونيّ

رذاذ ندى القلب ..

أشيل القلب قرنفلة للموت ..

أنادي باسمك .. أصرخ في ردهات البيت ,

أراك فتقتربين ,

أراك فتبتعدين ,

فمن صادر لون الحلم , وطعم العزلة ؟

جرس لا يقرع في الصحراء

سرير لا يحمل اثنين ,

وأفق أضيق من هذي الزاوية المعتمة هنا

في القلب

مبعثرة أكواب الشاي , الكتب ..

القمصان الغامقة الزرقة , زوج حذاء

أسود , وزجاجة ماء فارغة ,

والمنفضة امتلأت بالأعقاب ,

وكابية غرف الأغراب ,

لماذا من شقّ في الباب ,

تبخّر حلمي ؟

يطلع من خلل غيوم الوحشة ,

وجه صديق ..

ينزع للدمع على صدر اليرموك ,

ويلقي بحنان ريفيّ أوجاع الأرض على

صدر الغائبة – الحاضرة , ويحلم ينهار

أبيض , يحلم , يحلم

لكنّ الحجر القاتل لا يأتي ,

هذي المرّة من مقلاع داودي ,

( بيت أخضر ذو سقف قرميديّ ,

فوق الطاولة ينزّ دما ولظى )

هذا وجه صديقي ,

أكثر من شارة حزن يحمل ,

أكثر من دمعة فرح ينقل ,

هذا وجهك يتوهّج بارؤيا والحزن

يتناسل أطفالا موعودين بأنهار من لبن وآرائك ,

يتناسل أزهارا وثمارا ,

وأراك فتقتربين

أراك فتبتعدين ,

سهام لا تأبه بي

تنطلق من الذاكرة إلى الذاكرة ,

فينشقّ البحر ..

يضيء كنهد ,

يتلّون كالشفق الورديّ ,

يصير غزالا

يركض فيّ ..

أصافح في سفر الأمواج :

الأعشاب ,

الأسماك الجائعة ,

الأصداف الفارغة ,

السفن المبحرة ,

الطحلب ,

والحيوات الأخرى

سارا

أيتها الموجة والعزلة ,

والوطن المستيقظ والجرح ..

خذي نزهتك الآن ..

نــجــم
19-04-2011, 01:13 AM
أم صلاح

في مملكة التجوال تحاورت مع الأشياء ،

أبنت المكنون

جسد الأرض اهتزَّ ، تجرَّد أوراقا

وتقصَّف في منفاي غصون

أما الزيتون

فأسرَّ إليَّ بأسباب أخرى للموت الأفضل ،

فاض جدالا وشجون

عن طفل

يتلفَّت مذعورا في البريَّة ،

ممهورا بالخضرة والظلَّ المدفون

يحمل في عينيه بروقا ووعودا بيضاء

يفرد تحت علالي الغسق المتداعي

أطراف عباءته الخضراء

ويجوس معي الساحات طويلا

يزرع صدري بالحنون

فعديني بالأسرار الأرضيَّة يا أرصفة التجوال ،

عديني بالماء

فأنا المطعون

وعديني في مملكة التجوال بأعشاب ومزامير ،

فعندي من ظمإ الأيام ،

سواحل لا تبلغها الأبصار

هموم تتسلل عبر خيوط قميص الأضلاع ،

وحيدا كالكرمل في منفاه ،

أفتش عن سنبلة تكبر في يتم طفولتها

وأفتش عن جرح يتوهَّج تحت رماد الكانون .

فلماذا لا تأتي النسبلة الوعد ؟

النسبلة امرأة لا تأتي ،

وأميرة بيتي لا تأتي إلا في آخرة الليل

سرابا أو حلما يغرق في غبش النوم

أمدُّ يدي مبتهلا نحو جديلتها

أستوعب هذا الإهمال المتعمَّد في نقلتها

يعبق جوُّ الغرفة إذ تستيقظ بالنعناع

ينبثق غناء ما في وطن الأعماق ،

وتكتمل الأغنية

والرغبة في الرقص

رقص الأيام الجافة والساعات الحجريَّة

وأميل فيسقط ما بين الوهمين ستار ..

يلمع قرطاها الفضيَّان بعيدا

في ذاكرة الملتاع .

في مملكة التجوال أراني أسترجع مفقوداتي

وألملم كلماتي

واحدة واحدة

عن أسطح عمَّان ، وعن حيطان الوحدات

أنحدر من القاع إلى الدوّار الأول والثاني والثالث

متّحدا بكشوفاتي

أعزف شكل الآتي

في أرغول فلسطين المتوزَّع تحت سقوف الغرف السفليه

في مملكة التجوال رأيت هنا أمَّ صلاح

تكنز طيَّ ملامحها الأثمار السريَّة

فأم صلاح

امرأة كانت في عرس الأمواج تغني للبحَّارة

كانت تقرأ أسرار الريح الدوّاره

أما الآن الآن الآن

فأم صلاح

تعرف أنَّ لها قدمين مطوَّقتين

لا تملك أن تتنقَّل من مصطبة البيت ،

إلى رأس العين

لكن تعرف أيضا أن لها قلبا

لا يعترف بأسباب البين

فإذا جنَّ الليل

هبطت تتجوَّل من كل الأنحاء

لا أسأل من يعرف منكم أم صلاح

من تتصبَّب أوجاعا وحطام سلاح

من تتصبَّب أشجارا وجبالا ورياحين

من تحلم بالآتين

فأم صلاح

امرأة كانت في عرس الأمواج تغني للبحَّارة

كانت تقرأ أسرار الريح الدوّاره

وتعُّد شباك الصيد ،

تعدّ لأسماك بحيرتها أشهى الوجبات

لكن يا أم صلاح فرى كبدي ...

في هذا الجو غبار الفوسفات

الطقسّ رديء في مملكة التجوال،

رديء جدا يا أم صلاح

فأعيني جسدي المسجى – فوق حصى الاسفلت الرسميَّ-

وقيني

من نشرات الأخبار ،

ومن نظرات السيَّاح

يا أم صلاح

يا سيّدة الأيام الصعبة ،

يا سيّدة الليلك والحزن الفوّاح

يثقلني أن أتحوَّل فأرى

أنّ الناس هنا غير الناس

أنَّ أغانينا ذبلت

أنَّ أمانينا رحلت

أن ليلينا لا يسكنها الإيناس .

نــجــم
19-04-2011, 01:13 AM
وكأني نحلة لا عاصفة

- أو تحلم ؟

أحلم أن أكتب شيئا ما،

عن عينين مهاجرتين إليّ أصقاع الأرض

أسافر في عمقهما

نحو بساتين بلاد أثقلها الأبناء بأوزار الغربة ،

أقرأ أسماء نباتات

وأرى في البحر عذاب البحر ،

ولكنَّي أحمل مرساة وأقول :

أراك غدا ذات نهار جبليًّ يتوزّع بالعدل ،

ولا تعلن أطيار البحر المتغرَّب عن موعد ،

أسفاري

فأروح إلى زاوية معتمة يسترها الضوء ،

يزيَّنها الأسف الغلاَّب ،

وأسأل عن كلمات للبدء ،

ولا أبدأ إلا بيدين ملوَّحتين ،

على شرفات البين ،

كطيرين وحيدين ،

تفرُّ الكلمات تفرُّ تفرُّ إلى الداخل ،

أرسم نافذة للبحر .

أطالب بالألعاب المنفيَّة عن مدن الأطفال ،

أحاول أن أملك شيئا ما ،

قبَّعة ،

أو عصفورا ،

أو تذكرة ،

في أول طائرة نحو براري الموت ،

عرفت كثيرا ولذا أصمت ،

آن لقلبي أن يبدأ بالأهداب ،

ويحمل زوَّادة أمّي السريَّة ،

في هذا الدرب الوحشيَّ ويمشي ،

يمشي ، عشَّاق الأرصفة انتشروا ..

خاصرة الوقت تميل إلى جبل من وجع الشارع ،

هل أقرأ في هذا الوجه دما وطريقا .

أين أرى وجهي الأول ،

أين سأعقد ساريتي .

قدّامي الصحراء ،

وقدّامي زهر الصحراء ،

وقدّامي الهمُّ الصحراويُّ ،

فما هذا الشارع ..

تاريخ للوحشة والسفر التائه والكلمات المرّة

هذا الشارع يتفرّع من شجر الأجساد الجوَّالة ،

يرجف وينزُّ مواجد في مملكة الأسئلة الأولى

عندي الوجد ، وعندي الوعد ،

ولكنّي بعد قليل سأجرَّع نفسي الفاقة ،

أو أقتل ،

في أوج الفرح الناريَّ المتوهَّج في صحن الشارع ،

أو في زاوية في المقهى

لا تغرف شجر الكلمات ،

ولا حزن الصبَّار الطالع في عينيَّ،

وصوتي يصرخ في بريَّة عمّان المتلألأة بفنون

الأزياء،

وجوع الفقراء،

فيا عمَّان ،

أقلَّي من هذي الزخرفة،

صراخ البريَّة ينفذ عبر شريين العتمة ،

ويلفعني الغيم الأسود ،

صوتي والمأذنة المهدومة والطرقات وما لا أذكر ،

يسكب في آنية اللحظة هذا الحزن الفوَّار ،

أقول سلاما يا طرقات الأرض ،

سلاما يا أوراقي البيضاء السوداء ،

سلاما يا مطرا لم يسقط من سنوات في هذا المنفى

وسلاما ليديَّ المتعبتين ،

لأكواب الشاي الصفراء ،

سلاما لجلال السيدَّة الصامتة الآن أمامي

وسلاما للأشياء المجهولة ،

والأرواح المشتعلة في هذا النعش .

النعش فضاء حجري

وسنابك خيل ،

ومناجيق ،

وأبواب موصدة ،

تحبل هذه الساعات الرمليّة بحليب التين ،

وتطلع بأعاجيب مطرَّزة بالوهم الليليَّ ، فهل نتجول في هذا

القفر معا ؟

نتجوَّل في الساحات المطعونة ،

سهمين من الدهشة والرعب،

نوسَّوس في صدر الأرض ،

لتنهض أزهار وينابيع من الردم العربيَّ ،

سأهتف :

عيناك السابحتان ببحر الألوان طريق،

قبّرتان مهاجرتان بلا خارطة ،

أو مأوى

خدّاك شموس وعناقيد أجاص،

شعرك شلال من ضوء وسنابل،

عنقك قارورة شهد،

نهداك بلاد شاسعة ،

أحتاط من الرجفة إذ أحلم بالرمَّان الساطع ..

خصرك هذا الضامر بستان من صبوات طريد اللهفة ،

اقتربي حتى لا تشتعل يداي،

اقتربي حتى أتزوَّد بالنار ،

ويأخدني الرقص إلى الغابة ..

يا سنبلة تتأرجح في الريح ،

فيسندها الصدر المسكون بأزهار اللوتس والنرجس ،

ينزلها الضلع ،

يظلَّلها بالآلهة والقبلات ،

فهل نتجوَّل في هذا القفر معا،

نتواصل خارج دائرة الخوف العصريَّ

ونلجأ داليتين وراء السور ،

هنالك أعشاب ،

وحساسين ،

وموسيقى،

وهناك بكارة كلَّ الأشياء تفيق ،

فتستيقظ .. نبدأ في النقش .

ننقش فوق سرير الماء ، وأعراف الأفراس البريَّة

وجه غزالتنا القزحية ،

نقرأ في كرَّاس الأفق غموض اللون ،

فنركض ، نركض ، نركض،

مثل وعول أفزعها المطر السريُّ،

ونلقي جسدينا في ماء النهر ،

فيكشفنا القمر المتلصَّص عبر شقوق الغيم ،

سندعو القمر إلى بوَّابتنا كي يسهر معنا

يا قمر تعال تعال لتلعب معنا

يا قمر الأعشاب الصيفيّة لا تنفعك العزلة ،

فتعال إلينا ،

سنبلَّل خدّك بالقبل الريَّانة ،

نرشق وجهك بالأزهار ،

ونلعب حول البئر ،

ثلاثة أطفال يتعرَّون أمام جلال المعبود ،

ثلاثة أطفال

وثلاث فراشات حول البئر ،

توقّع موسيقى تكوين البدء المتألق ،

في أحداق تويجات الفجر المائيَّ ،

ولكن يا قمر الأعشاب الصيفيَّة ،

لا تخطف من عينيَّ حبيبي .

هذا الإنشاد المتهدَّج بالزفرة لحبيبي

هذا الزهر المتفتَّح والتجوال الفاتن مهر لحبيبي

سأجمَّع باقات الورد لأنثرها قدَّام حبيبي

سيمرُّ حبيبي الآن ..

سألت موظفة الهاتف : أين حبيبي

غاب إذن ؟

أيَّتها الشارات الضوئيَّة هل مرَّ حبيبي !

وامتدَّ سؤالي ...

عرَّش في كلَّ الطرفات ،

امتدَّ ، دخلت زحام الناس ،

واشتعلت الوقت وحيدا في دائرة الصمت الكبريتيَّ

سأجهر هذي اللحظة ،

بهموم القصب المتوحَّد ، في الوديان ،

سأجهر بأغاني النهر ، وهمهمة الجريان ،

سأجهر برياح البقعة ناشبة ،

في شبَّابات الرعيان ،

أدور هنا وهناك أوزَّع أرغفتي

من هذا المدَّثر بغبار الصحراء على طرف العاصمة

دعوني أتوقف بالباب لديه ،

فهذا السيَّد في الغرف التنكيّة أعرفه ،

هذا السيَّد في الغرف الإسمنتيَّة أعرفه ،

أعرف هذا الجوع ، الطين ،

الأطفال المسلولين ،

فهذا المدّثر أعطاني الشارة

قبل سنين،

وأودّعني سرَّ الدعوة للماء ،

سأجهر بحديث الماء ،

سأجهر بمزاميري الخاصة حتى تسَّاقط أوراق الورد ،

فهذا عزف حرَّاق ،

يرتعش عمودي الفقريُّ له ..

تشتعل عصافير الدوح وتنقر تفاحة قلبي

أيتها الفارعة كصفصاف النهر ،

الوضاءة بعذاب الفجر ،

حضورك يسطع في أنحاء المقهى العربيَّ اليابس ،

ليس الأفق رماديا ،

الأفق دم وأوز يتقافز

وغبار من قاموس القلب ،

الأفق كتاب ، رؤيا

ليس الأفق رماديّا

ليس الأفق رماديا

ها هي عمَّان البدويّة ، عمّان المتحضَّرة ،

وعمَّان السلوان ،

سيقتلني الكتمان ،

سيقتلني هذا اللغز الواضح ،

فتعالي من صحراء الزرقاء إليّ،

تعالي من أية ناحية في الوحدات ،

سأعزف بعض الوقت ، تعالي واستمعي لي .

من أول غابة ليمون في الكرمل ، حتى أخر منديل .

هذا منديلك ، أتيمَّم بالمنديل ،

ويحضرني وجهك ،

في زحمة هذا المقهى العابق بحرير ملابسك الوضَّاحة ،

هذا المقهى العربيَّ توزَّع لحمي فيه ،

فقاسمني الرواد تهاليل الجوع اليوميَّ،

لهذي الريح الجوَّالة غنَّيت :

لنا يوم بالفرح الريفيَّ يجيء

ولي وجهك هذا الشجريُّ يضيء ..

على قارعة الشارع ينبت زعترنا البلديُّ ،

سأفرش سجَّادة أمي تحت شبابيك خريفك ،

أتسلَّح بجراد وزروع

أهتف :

هذا ليل لا يلبث أن يذهب ،

هذا ليل لا يلبث أن يذهب ،

فليتألق اسمك تحت رماد القتلى المنسيين على

مدَّ الأعراس ،

سأرسم تحت الأقواس ،

هلالين وحيدين ،

هلالا لدموعك ، وهلالا لرجوعك ،

وأناديك ،

فآن هززت المنديل ،

رأيت سرورا وحشيّا في عينيك ،

حضنت أصابعك المشتعلات لهيبا بين ضلوع الآه

وزيتا لقناديلي

برعمت الأرض ونوَّر لوز المنفى فاستمعي لي

من أول غابة ليمون في الكرمل حتى آخر منديل

-أي الألوان تحبُّ ...؟

* الحنطيّ..

-وأيُّ

*جراح الشفق الحمراء ،

جلال الزرقة في أشجار قميص بحريًّ،

-اتفكر ...؟

*أحلم ..

-بالرقص؟

*بأسافر النورس والرقص ..

-و...

*أحلم باللبلاب على درج في الذاكرة يموج ،

سأختصر الوقت على قدح ،

وأحاور في الخمر الشفَّاف ،

تضاريس الزعتر والصفصاف ،

أقول :

مغنيك مريض بالشفقيات إلى حدَّ الروعة ،

والآنية تضيق ،

وها هو ذا

يبحث في عمان عن الأيام .

يبحث عن سيدة كان يسمَّيها أنثى النهر ،

فيا سيَّدة النهر وأنثاه ،

رأيتك في طابور الأيتام

وقرأت على تطريز ثيابك ،

تنويعا للريح الغربية أبلغ من أيَّ كلام

وقرأت على الأكمام

أشكالا تتحفّز للوثب ،

فقلت وجدتك يا أمي

ووجدت مغنيك المتوغل في الرمل ..

توضأ بالحزن العربيّ وقام .

وتزوَّد بالماء،

بأطيار وحوريان البحر،

بغزلان الوعر،

بحنّون الساحل وقرنفله البريَّ،

وجاء

فانتظريه يشقُّ البحر إليك صباحا

وانتظريه مساء.

نــجــم
19-04-2011, 01:14 AM
سهام النوارس والبحر

ولا تكتب الآن شيئا

فمدّ الحنين المسائي ..

يوغل في الشفق البرتقاليّ ,

هذا هو البحر , والعربات الأنيقة تعبر ,

إنّ رياحك ساكنة ..

والنوارس لا تتتقن الآن فنّ العناق

ولا تكتب الآن شيئا ..

فأنت على سفر دائم

والبلاد تهاجر خلف الحدود ,

وقامات أشجارها لا تبين ,

وهذي السكاكين ..

مشرعة لرقاب الأحبّة ..

هذا هو العمر , قاطرة وحقائب ,

خاصرة ورماح

وكلّ الناس محكومة ..

بالحنين إلى البحر والعشب مهمومة ,

بالفراق

لأيّ التواريخ تنسب أوجاعها الكوكبيّة ..

أعراسها الدموية ,

ها إنّ أمطارك الداخليّة ..تهطل ..

أقمارك الموسمية .. تأفل ,

شيئا فشيئا ..

ولا تنزل الآن , لا ترحل الآن ,

تحمل أوراقها وقلائدها

والسيوف التي لم تجدها

ووحدك تشقى

لأيّ التواريخ تنسب أوجاع هذي النوارس

تجيء المراكب والجوع يبقى

تهبّ الرياح بما ..

يشتهيه الزمان المعاكس

ولا تكتب الآن شيئا ,

فأنت هنا

في موات الصحارى الوسيعة ترقى

دما سائلا فوق وجه الجدار ,

ووجها على جوعه لا يراق

تقول :

لقد لفحتنا الشموس ,

وهذي الدروب امتداد إلى الحزن والحزن ,

هذا رماد الطفولة يلبس أثوابنا ..

إنّ أهدابنا ..

بالغصون القديمة مثقلة ,

والحسّاسين تهجر أعشاشها وتجيء

تقول :

( وكانت تنقر أوراقها القبّرات الأليفة ,

عبر الحوار ) ,

لماذا تضيق الجهات ,

وتلتجيء الأغنيات ,

ولا نهتدي لمدار ؟

***

تحدّث عنها الرياح العصّية ,

ترسم وجها ..

يليق بصفصافها الفارع المستحيل

تميل على ذكرها الأمهات الغيورات ..

في ساحة الدمع ,

والعائدات من النبع ,

يروين عنها

فيخضّر عشب بعيد بعيد

ويشرع أفق ..

وتحتلّني ,

عنقا ناضجا أو هديل

أغنّي لها تارة ,

أو أنام على صدرها

طاعنا في الهموم ,

محاطا بصفّ الخصوم ,

أفتّش في ليلها عن دليل

سهام التي عربشت في حزام النبيّ المهاجر ,

ذات أصيل

لماذا يعزّ إليها الوصول ؟

سهام الرضا والمدى والسهول

سهام النتوءات والبحر والموج

والشاطىء المستحمّ بوهج الظهيرة ,

يقرأ في سفر أيامه الذاهبة

سهام السنابل والمدن الغائبة

سهام التي لا تجيء ,

التي لا تغيب ,

التي أوغلت في دمي ..

رعشة , رعشة ,

واستوت في الحنايا

ولكنّ هذي الزوايا

تجاهر عتمتها بالزهور البعيدة ..

سائلت عنها السعاة ,

وجبت الفلاة ,

طرقت المدائن بابا فبابا

وعادت مساءلتي شجرا

وهمومي رؤى ..

وانكساري مرايا

لماذا أضيّعها في المساء ؟

وأترك نافذتي لرياح الخليج ..

تسفّ ترابا ترابا

لماذا أضيّعها في المساء ؟

وأرسم دائرة ضيقّة

لماذا أضيّعها في المساء ؟

ونكهة قهوتها في فمي

عذبة حارقة

وتأسرني بين قوسين اثنين ,

سنبلة لا تموت ..

ولا أبلغ المشنقة

لماذا أضيّعها في المساء ؟

وأمضي إلى موعد لا يكون ,

إلى وحشة لا تهون ,

إلى أفق واسع ..

موجع

ساطع

كالبكاء

لماذا أضيّعها في المساء ؟

سهام العصافير والضحكات

سهام المشاوير والأغنيات

سهام الكلام , الحمام الذي ..

رفّ سربا فسربا

وحرّك فيّ اشتهاء الندى ,

والحجارة

والمعجزات

لماذا أضيّعها في المساء ؟

***

ولا تكتب الآن شيئا

فأنت على سفر دائم ,

والبلاد تهاجر خلف الحدود ,

وقامات أشجارها لا تبين ,

وهذي السكاكين ,

مشرّعة لرقاب الأحبّة

من أين تبدأ ..

هذا هو الحبّ , إنّ الرياح تهبّ ..

الحريق يشبّ ,

وهذا أوان العناق

نــجــم
19-04-2011, 01:14 AM
رسالة النبيّ في حاشية البحر

-1-

إنَّها تمطر الآن ، تمطر ، تمطر ...

والعاديات يمشّطن تلا من الزعتر ،

العاديات يجرَّدن برقوق نيسان من زهره ،

كان يمشي إلى السوق والبحر ،

كانت خطاه المدعى والصدى

كان يحكي ويحكي مع الصمت ،

كان ينزُّ على شرفة الموت ،

كان يلوَّح بالأحمر الفاقع ،

الأصفر الجازع ،

الأبيض الساطع ،

الأسود الفاجع

الليل والأشرعة

(يخرج البحر من ثوبه الأزرق هائجا : كيف نلتقي!)

-2-

لا يجيب النبيُّ المحاصر بالموج ،

لكن ينادي ، اخرجي يا عصافير جرحي ،

اخرجي يا دمائي ،

اخرجي يا سنين التشرُّد والفاقة ، اليوم يومي ،

وقاتلتي مخلب شاهر سمَّه ،

واخرجي من مسام المعمَّد بالنار والانتظار ،

اخرجي من حدودي الجديدة ،

من خيمة الانكسار ،

اخرجي نرجسا ، زعترا

اخرجي مهرة اللّه راكضة ،

من جحيم المهازل والأقنعة

(يخرج البحر من ثوبه جلجلة وذهول هائجا : سيّدي ما تقول)

-3-

والنبيُّ الطريد يواصل تغريبة اللّه في الأرض ،

تغريبة الأمهات المحاطات بالكره والبغض ،

ينثر أحزانه في البلاد زهورا ،

يمدّ جسورا ،

ويدعو إلى الماء والماء

يدعو إلى الوقت والموت ،

يدعو إلى البيت ،

يدعو إلى جبل نافر،

ويشدُّ الحزام ...

يواصل تغريبة اللّه ،

شارة بدء إلى الزوبعه

(يخرج البحر من ثوبه والسؤال صارخ في دمي : تعال)

-4-

يعقد الموج مؤتمرا داميا ،

حيث يدعو إلى السنابل والعشب والقبّرات ،

لبحث مصير النبيَّ الطريد ،

فتحتجُّ أشجاره الداميات ،

وتكتب برقية للغيوم ،

مطعَّمة بالهموم

اهطلي واغسلي كلَّ هذي البقاع ،

ولا تتركينا لريح الوداع

ولا ترحلي ،

قبل أن تشعلي ،

النار في القوقعة .

(يخرج البحر من ثوبه ويجيء سائحا في دمي المضيء)

-5-

لم يعد مستطاع الخروج متاحا ،

يشعُّ النبيُّ رؤى وجراحا

عصافيره قيّدت .

سمك البحر مرتعش لا يحوس ،

يموَّج في القاع ، من ذا يجوس ،

يجلّله الزعتر البلديًّ

تجلَّله خرقة النار والطلقات ،

يشقُّ إلى اللّه دربا

يفيض المخيَّم ، من غيره البرق ..

برق النبيَّ الطريد ، النبيَّ الوحيد ،

النبيَّ المحاصر يجرع في أوج دعوته كأسه المترّعة

(يخرج البحر من ثوبه عاتبا مرة هادئا ، مرة غاضبا)

-6-

لم يعد للغموض مذاق ،

هي الشمس واضحة والصراط ..

هو الأفق يمتدُّ من جرحه ،

القمح من صبحه ، والعياط،

يعرّش فوق جفون الصغار ،

يرشُّ المدى بالغبار ،

يضجُّ المسا بالوضوح فيحتجُّ ،

ترتجُّ من تحته الأرض ،

من في حناياه ضلع ،

وتأتي النباتات

تأتي الزواحف

والبحر يقبل عبر فضاء النبيَّ المحاصر في الصومعة .

(يخرج الآن ، تخرج أسماكه العارية خلفه تتجوَّل في نزهة دامية)

-7-

هكذا ابتدأ الاشتعال الخرافيُّ ،

زلزلت الأرض زلزالها

يسأل البحر مالها

المدى لاسع

الردى جامع

فجأة يطلق البحر بركانه الهادر العاصف –

الآن يشهد أسماكه .. الذعر يسكنها ..

وهي ترسل أنفاسها في اللهيب الترابيَّ ،

يكتمل الحفل في حدقة البحر

حفل الجنازة والموقعة .

(صارخا ، صارخا ، ويموج

الخروج ، الخروج ، الخروج)

-8-

زعتر ودم باقة للعشاء الأخير ،

البنفسج في عروة البحر نافذة للزفاف الدراميَّ ،

واشتعل القلب شيّبا ، وعزَّ التواصل ،

إنّ الطبيعة تهمد تحت قباب الحداد ،

تسجّل صرخة أبنائها في جهاز الضلوع ،

وشهقة أسماكها في الهجير السعيريَّ ،

ينثال مدّ الغناء الجماعيّ ،

حزن النبيَّ ،

الصبايا المضيئات ،

والأمهات ،

وحزن المخيَّم والسروة الدامعة .

(هاهنا هاهنا ابتدأ المهرجان

النبيُّ الطريد وحاشية البحر يلتقيان )

-9-

اسمعي يا جراحي وعي

من قديم لدغنا ، لدغنا ، لدغنا ،

ومثَّل كلُّ الغزاة ، وكلُّ الطغاة بنا ،

لا تقولي – فتغضب فيَّ الدما – لم تكن مؤمنا

كنت أومن أنك شمسي

وأنك يومي وأمسي ،

وأنَّ صباحي الذي سوف يشرق منك سيأتي ،

اسمعي يا جراحي وعي

ليس مؤتمرا أو بيانا ،

وليس خطاب النهاية ..

بعض الضلوع ، وبعض السواعد تعزف ،

ثمّة وقت لنا فاسمعي

يا جراحي وعي

قبل أن ينصبوا في الفضاء الصليب ،

وتعلن كلُّ الاذاعات عن مصرعي

اسمعي

اسمعي

اسمعي

قالت الريح لي والشجر

لن يجيء المخلَّص إن لم تكن وحدك السيَّد المنتظر

وحدك السيف غائصا في حنايا النهر

وحدك النخل ، والأغنيات الثمر .

نــجــم
19-04-2011, 01:14 AM
القراءة في النهر


ممتلئا بالرهبة والرغبة كنت , وكان البحر قميصا أزرق ,

لا رونق للأشياء , وفي الصحراء ركضت ركضت ,

وكان الأفق بعيد

كان سريري الأرض ,

وورق النعناع يغطّيني ..

كنت أرى الأشجار جيادا ..

تتحرك , تدعوني

قلت مباركة يا سيّدة الريح السريّة ,

ماذا في البريّة ؟

إنّ الشاطىء والشارع مشتعلان ,

وإنّ القلب وحيد

قلت رسائل سارا لا تأتي في أيّ بريد

سارا صفصاف أقرأه في النهر ,

وسارا في الأسر ,

وسارا زيت سيضيء ..

لا أروي حدثا عاديا

عن شجر يذبل ,

أو وطن يرحل ,

إنّ ظلالا تمتدّ

وأمواجا ترتدّ

ووجها ليس يحدّ

يصير إلى باب ,

والباب مضاء بشهاب ,

يفضي لعشاب ,

يتفرّع منها شجر أخضر , وينابيع ,

وأطفال من فرخ ..وأجيء

سيّدتي ,

كيف انبلج هلالك من ..

فلك العتمة والصلب دليل

قدمي يتّحد بظلّك , إنّ دمي منديل

قدمي يتّحد بظلّك ,

إنّ جراحك تزفر أسيافا ونخيل

قدمي يتّحد بظلّك , سيّدتي أشهد :

هذا الموت الغامض قنديل

هذا الدفق الصحراويّ كتاب مواويل

***

لا أروي حدثا عاديا

كاشفت البحر فبان على الرمل رسوما ,

لملامح ناطقة ,

أو خارطة , لا فرق ..

عرفت الشوق ,

وهذا العرس اليوميّ ,

وأشهد :

أنّ نهارك آت ,

أنّ غدي إكليل

لا أروي حدثا عاديا

عن نرجسة الأوجاع

عن فاكهة لا اسم لها

أو وجه ضاع

ولذا أنتظر الفجر على باب يدي ..

لا تبتعدي ..

أو فابتعدي ,

حتى يتألق قربك في كلّ الأضلاع ,

ومن دون وداع ..

انتزعي قمصانك ,

آثار طعانك عن جسدي

كوني كرة لاهبة ,

وابتعدي

ابتعدي

ابتعدي

ابتعدي في الماء الطينيّ مراكب مشرعة وجدائل

وابتعدي فيّ منازل ..

وسلاسل

شفقا , أفقا , وجدول

وابتعدي رايات ومزامير ,

قماشا ونواعير ..

ابتعدي نهرا لا يقرأ ,

وجنادب لا تهدأ ,

أغنية

قافلة

عشبا في نافذة نائية ,

وابتعدي ضلعا ضلعا ..

في شجر يشتعل فتكتمل الآية

ونكون الريح ,

نكون الراية ..

نــجــم
19-04-2011, 01:14 AM
محاولة لرسمها


في المقهى

كان يخربش أو يرسم وجها

قال لها أمس : أراك ؟

وقالت للأيام شواغلها

- لو لم يكن الهاتف ما نفعل ؟

* لا حيلة لي

- أو نصمت ؟

* بعد قليل يصل الزوّار ,

- إذن ..

* لا حيلة لي

***

في المقهى ظلّ وحيدا

كان المذياع يردّد أغنية عن شجر ,

وعصافير تغيب , وكان يفيض شجن

يجرع قهوته ,

ويحدّث عن شجر وعصافير ويرسمها

وجها وبنفسجة وسكن ..

نــجــم
19-04-2011, 01:14 AM
الحكيم

لم أكن لأعزّي أحد

أنّما أنت ,

لا أدّعي متّ ,

أو هدّت العاتيات يديك ولكن

فقدت البلد

فاجترح لمحبيك نهرا ,

يليق بما نزفوا من نشيد ,

وما فقدوا من عدد

واجترح يا حكيمي

طريقا جديدا يعيد الولد

لم أكن لأعزّي أحد

فأنا من فقد

نــجــم
19-04-2011, 01:15 AM
الأباريق

وتكسّرت كلّ الأباريق
ما بيننا يا عذبة الريق
لم يبق من ماء الحديث لنا
ما يسعف الصادي من ضيق
هل تعلم الريح التي عصفت
كم طال تأويلي وتحديقي
حتى إذا هدأت مجرّحة
وهبطت من أوجاع تحليقي
زفرت طيور الأفق خافقة
وتبعثرت كلّ المواثيق

نــجــم
19-04-2011, 01:15 AM
تحوّلات الأميرة


تأتين في الصباح جدولا ,

وفي المساء سنبلة

ونخلة في أول الكلام ,

جملة محّملة

بالعاصف الجميل مرّة ,

ومرّة بحزن أرملة

ومثل غيمة ,

أو شرفة مكلّلة

بياسمين الدمع ,

والعبارة المؤجلّة

يمتدّ بيننا الحديث نقلة فنقلة ,

وتصمتين مثقلة

هل كان ورد الله هينّا ,

عليّ يا أميرتي ,

لأذبله !

نــجــم
19-04-2011, 01:15 AM
رومية



على خطأ رأيتك أو صواب
أغنّي ما اعتراك من الخراب
فلا روحي بمنجاة ولكن
سقيت السمّ من أدنى القراب
ولست ألوم من أعطيت نفسي
وكان يسنّ لي أمضى حراب
سأسأل أيّ واش كان يسعى
ليهدم ما بنيت من القباب
أعوذ بما وهبتك من نشيد
وما خطّت يداك على التراب
لئن بعدت قوارب أرتجيها
ونهر كنت أسكنه كتابي
يظلّ صدى رنينك في انتشار
كما امتدّ السحاب إلى السحاب
ويبقى أنّ ضوء في الحنايا
يشيع الدفء في هذا الغياب
وأنّك في الضلوع لظى ووشم
وأنّي لا أميل إلى العتاب

نــجــم
19-04-2011, 01:16 AM
أصطحبك لأبحث عنك


كيف آخذك إلى كرمي

كيف أصطحبك لأبحث عنك

وأريك كم أنا وحدي

وكم يداي بلا عزف

كيف آخذك إلى كرمي

وأريك ما يرمي من ثمار

وأريك أعواد الذرة ,

تلك التي كسياج يحيط ممتلكاتي

وأريك العصافير , أريك الفراغ

كيف أصطحبك والظلمة قائمة ,

وأنا لا أمطر ,

والأهم من ذلك ,

أنّي بلا كرم ..

نــجــم
19-04-2011, 01:16 AM
إلى عبلة


منزل 1

هي أول الكلمات

هي أجمل الطعنات

ضمّت إلى ألبومها روحي

وأهدتني الغزاة

هي ما تجّمع في قرار البحر من أصداف

هي أول السارين نحو البئر ,

أول من سعى بين الضلوع وطاف

هي دمعة الأسلاف

قفزت إلى صدري

فأينع حزنها الليليّ ,

جللّني ,

فكيف أخاف ‍

هي أول الأنهار , أعرف ..

أول الأطياف

هي يومي المائي ,

أول من أسبّح باسمها الشفّاف

هي نجمة العرّاف

هي أول الكلمات , من حجر الخليل ,

وغابة الصفصاف

هي ما أحاول أن أقول..

فلتهرب الأوصاف

منزل 2

في الصباح الذي كنت أعبر فيه المدينة ,

كانت معي

كنت أطلق رفّ الحجل

وأثير الفراشات في أفقها

جملة , جملة , وأرى ما تراه

كنت أقرأ أهدابها في أناة ,

وأهدي أصابعها برتقال الإله

وأحاول أغنية ,

أو حديثا , يوازي الضلوع , تراني

أحدّد زنزانة عرفتها هناك

أم تراني أهيّء روحي لهذا العراك ‍

كنت أسمع صمتا غريبا على شفتيها

فهل يهطل العشب فوق يديها

وتبني لها منزلا ,

وأكون صديق الخزامى

هل أكفّ عن الأسئلة

حينما تحضر السنبلة

هل يكون دمي كافيا

ونشيدي حماما

والمدى مقعد لليتامى

يا إلاهي , أعطنا مطعما هادئا ,

وانسنا

منزل 3

أيتها الدالية

أيتها الدمعة العالية

إهدأي ساعة ,

بعد حين يكون لنا زاوية

ويكون لنا

منزل في الأفق

وتكون الفاكهة

أيتها الوالهة ,

منزل 4

في الصباح المبكّر ,

أين ترى يذهب العاشقان

كيف يمكن جمع أغانيهما في مكان

يطلبان إذن مقعدا

يطلبان يدا

يطلبان الطريق التي يحلمان

يطلبان ولا يجدان ,

منزل 5

- من تراك ؟

* نجمة في ثياب الهلاك

- والمدى ,

* مستراح يديها

مستراح الأغاني

مستراح عذوبتها وإناء الفرح

- ويداك ؟

* تسرحان على ساحل لا يحدّ ولا تقطفان

غير موعدها المغربي

ترسمان النبات الطري

ترسمان

لظلال اليدين

غيمة الياسمين

- والحنين ؟

* أن أظلّ هنا باحثا عن يدي

منزل 6

طائر ونوافذ لا تستريح ,

ويوم بلا ضفّة ,

وغبار الطريق

كيف نسلك هذا المضيق

كيف نسلك حتى نصل

بهجة ,

كيف نملك هذا المدى

ويكون لنا أفق ,

وتكون رموشك مرسى ,

وننسى ,

أصابعنا عند ظلّ حجر

كيف نمشي إلى صمتنا

ونقول الشجر

منزل 7

إختاري أيّ نهار ليكون لنا .

إختاري أيّ جبل

إختاري الضاحية ,

إختاري أيّ مكان

إختاري الأفق ليبدعه اثنان

إختاري العشب وأغنية المذياع

إختاري الليمون ,

إختاري النعناع

إختاري شاي الصبح ,

وإفطار اليوم

وإختاري منزلنا عند حدود الغيم

إختاري المقعد

لتكون يدي المسند

ونكون المشهد

منزل 8

وانتظرت القرنفل أن يستحمّ بماء يديك ,

انتظرت الرياح

وانتظرتك أطول مما انتظرت الصباح

انتظرت يدي أن تقول

جملة ,

أو تلّوح ,

أو تستكين إلى جانبي

وانتظرتك حتى إذا الفجر لاح

وارتوت نجمة العاتب

من إناء الجراح

كان ليلا طويلا

وطيرا ثقيلا

على راحتيّ استراح

منزل 9

أيّها المركب

أيّها المركب

أخيرا ليس أمامك إلاّ هذا البحر

وأخيرا أخيرا ,

ليس أمامي إلاّ أنت

أيّها المركب

يا حطامي الأبهى

وأيامي ,

أيامي التي انصرفت

أيامي الغريقة

أيامي التي بلا ثوب أو أغنية

ولم تعد لي

فبأيّ الأصابع

بأيّ الحبال

بأيّ المواويل أشدّك إلى بقايا الضلوع

إلى هذا المرسى

الذي لا بحر سواه

والذي أيّها المركب

ليس لي فيه علامة

منزل 10

وأسند ظهري إلى الباب ,

ماذا أرى

مناديل من فضة وصدى ‍

غزال يفرّ من الوقت ,

أم شرفة في غيوم بعيدة ‍

أرى في تمام الوضوح

طيورا ,

وأشرعة ,

وقلاع

أرى ما يلوح

أرى موجة ,

ويدين ,

وبحرا , غريقا , أرى في فضاء الأصابع

فسبحان هذا الصباح ,

وسبحان هذي الشوارع

وسبحان ما عزفته العيون ,

وما يتفّتح في برعم الأسئلة

إذ المرأة السنبلة

تواصل كشفي

وتخلع هذا القناع

منزل 11

لم آت على كلمات القاموس

لم آت إلى زهرة تشكيلك

لم أرسم قوس قزح

منديلا لبراريك , ولم أعزف بعد قرنفلة ,

لائقة بعذابي

أو قمرا في البال يليق بإكليلك

طوّحني الموج فكيف أجوس

هذا الأوقيانوس

لم آت على كلمات القاموس

كرمك أوسع من لغتي

وثمارك دون حدود , كيف أواصل أغنيتي

وأواصل إنجيل يديك ,

أدّق الناقوس

لم آت على كلمات القاموس

نفرت قطعاني نحو الجبل وحيدة

وأنا نائم

وسرى الرعيان فما أيقظني أحد ,

وأنا نائم

أغلقت سقيفة روحي وبكيت

ووصلت إليك أخيرا

كيف أحيط كرومك , وأجمّع أغنامي

كيف أواجه وحشة أيامي

وحسابي القادم

يا مولاي النائم !

منزل 12

لكم أحسّ يا مولاي

أنّ العمر قصير !

إذ كيف تكفي برهة عشرين سنة

هي ما تبقّى لي

في حقيبة يدها

لقول ما يختلج به كتابي

وما تضمّه الحنايا

منذ تشكّلت الأرض ,

وسوّى الله الأشياء

وأعدّ ناسها

وقال لهم : تعارفوا

إنّ أقربكم إليّ العشاق

فآه يا مولاي

لكم أحسّ أيامي قصيرة

وكم يفوتني من المباهج

وكم الأرض خضراء ,

خضراء , خضراء , خضراء ,

وموحشة !!

منزل 13

في زاوية الغرفة

أتفقّد فضّتك المتجمّعة هنا

وأضمّ إلى صدري هذا العقد

هذي الأسورة , القرط

وأرى كيف يوزّع أسفه

إذ يتمدّد مثل جناحين كسيرين ,

بلا أذنيك ,

وهذا الخاتم

كيف يداري خوفه

في زاوية الغرفة

أتفقّد كنزي

أتفقّد دفتر أضلاعي ,

وملابسك الملقاة على القعد ,

في تشكيل عفويّ

علب التبغ على الأرض ,

وصحن العنب الجرشيّ

أتفقّد هذي الفوضى الحلوة

أتفقّد فضّتك المتجمّعة , وأنت تعدّين القهوة

يصل إليّ غناؤك

يصل من الصالة إيقاع خطاك ,

بصندلك الفضي

تصل إليّ

رعشة خصرك ,

تصل الغرفة

موسيقى الآنية ,

وأنت تعديّن صباحا ,

ونهارا من نشوة

وتهلّ القهوة

منزل 14

مرتويا بالجدول

مرتويا بقطوف أغانيك ,

وطائر أضلاعي الأعزل

مرتويا برنين الفّضة , وحديث أصابعك الأجمل

مرتويا ,

وأظلّ إلى نبعك أرحل

فإذا أنت بعدت لبعض الوقت ,

فماذا أفعل !

منزل 15

اليدان زائدتان

الأصابع زائدة

كذلك العينان

وباختصار وجودي

إن لم تكن اليدان لضمّك

والأصابع لتسريح شعرك

والعينان لتكتشفا تضاريس هذه القارّة

إذ لماذا أصابعي

إن لم تعزف الأغنية التي تليق

بصفصافة أو غدير !

وتلك مساحاتك

ولماذا عيناي

إن لم تريا هذه السهوب

سهوب يديك

سهوب الأسلاف

السهوب التي تعوزني حسرة يوسف

وجنون جلجامش

لأحيط بها

وأعزف نشيدي

نشيدي الذي من غيم وتراب

والذي ما كان وجودي

إلاّ لأقوله

وإلاّ ليكون عرس الكائنات

على هامش واحدة ,

من أغنياتي إليك

منزل 16

ألمدينة دونك فارغة

الشوارع صمّاء , ولا أسماء لها

والضجيج أخرس

الوقت مسدّس وبحر ميت

ولا سمك ينمو

لا شجر أو أزهار

ولا شرفات مضاءة

سعاة البريد هجروا داباتهم

وأحذيتهم الجبلية

واقتعدوا عتبات الدور

في انتظار بريد ما

بعد أن نفّق العمر

والنساء بلا زينة

الأبنية تحّدث عن صمتها

فأين تفاحة الفوضى

أين عزف الحركة

وموسيقى السّلام العاطفي

ايّ نهر لا يتكّلم أو يغنّي

أيّ سوق عاطبة هذه ,

مثل باذنجانه ذابلة

مثل روحي

وأيّ مخطوطة أيهّا الكتبي

تقتني في دكانك

أيّ مخطوطة تفسّر هذا الغياب

وتفسّر المدينة ,

التي دونها فارغة

منزل 17

لتسقط الأزهار في كوبي

لتسقط الأوراق

خضراء أو صفراء

ليسقط القشّ الذي قد طيّرته الريح في جفنيّ

في كوبي

وليعتكر نبعي

وليكتمل شحوبي

لا بدّ أن أحتسي وقتي

وأن أضمّ كوبي

وجرعة فجرعة ,

مواصلا حروبي

وأن يظلّ النهر

مسدّسي وخطوتي إلى حبيبي

وليسقط الغبار

على ملابسي وصدري

وليملأ الحصى طريقي

والشّوك شرفتي ,

إمّا نسيت كوبي

وعاف قلبي الماء

أو صاح من ذنوبي

عليك يا يدي..

عليك يا قصائدي ..

عليك يا دروبي

دمي , دمي عليكمو فلتحرسوا حبيبي ..

منزل 18

في فمي قهوة مرّة

فبايّ نشيد سأبدأ

وبأيّ جمل

انتهي ليديك فأهدأ

موقدي خامد , وسراجي بعيد ,

وصوتي مطفأ

والشوارع ليست مهيأة الخطى

والقطا

أطبقت حولها المصيدة

والمطاعم سيّان مشرعة موصدة

كيف أجلس وحدي ,

ولا تتحسّس روحي يدك

وإذا ما دخلت

كيف لي أن أرى مقعدك

كيف أضمن أن لا يشقّ صراخي

فضاء المكان

أو أحدّث نفسي أمام الملأ

كيف أجرع هذا القدح

فارغا .. وفقير الفرح

من ترى جردّك

من غصوني ,

وأعطى ثمارك هذا الذبول , ومن أوردك

هذه المساحة الدائريّة , من أفردك

وأقال يدك

عن إمارة قلبي

وماذا من الأسئلة

بيننا تكبر السنبلة

بيننا الأرض , نعرف هذا..

يعرف القلب ما قلدّك

يعرف الصدر من جدّدك

فالوشاة الذين سعوا بيننا

والظلام الذي أبعدك

كلّهم قدّموا لورودي المياه ,

وأعطوا وجودي السبب

أن أرى الأرض تفاحة في يديّ ,

وأن أعبدك

***

ويهاتف يومي غدك

يمدّ له من دمي سلّما

يرسم الأفق نافذة ,

والمدى دالية

إنّما

حين آوي إلى زاوية

أو أفكر في الأمر ,

يسكنني قلقي ثانية

في فمي قهوة مرّة

في فمي حرقة كاوية

هل يدي للفراغ إذن

هل إلى الصمت نأوي أخيرا بلا مملكة

أم هي اللحظة المهلكة

لنعدّ الكفن

ونواري معا

هذه الليلكة ؟!

منزل 19

ما الذي يجعل الأرض تبكي

ويجعلني عرضة لرياح القنوط

الحبيبة تبكي ,

الشعوب الفقيرة تبكي ,

الجداول تبكي

وتبكي مدائن لوط

نــجــم
19-04-2011, 01:16 AM
قصيدة الأزرق


أيّها الأزرق المبتعد

إتئد

حيث تعوي هنا الأرض ,

حيث يشقّ المساء له جدولا

وتنام القرى منزلا منزلا

حيث أولم روحي

أهيء مائدتي كلّ يوم

لم أجدك هنا

أيّها الأزرق المبتعد

لم أجد

لهواي سريرا

يفلت الموج منّي أخيرا

لم أجد آنية

لدمي

لم أجد قافية

في فمي

لم أجد في الصحف

ما يوازي ضلوعي ,

فأبعث أغنيتي الغافية

أيّها الأزرق المبتعد

إعتمدني رسولا إلى الهاوية

أيّها الأزرق المبتعد

كيف لي أن أعد

ببلابل أو فاكهة

كيف لي عبر هذا السدى

أن أمدّ اليدا

وتطال الكرز

من فروع الرمال , وأعناقها الذاوية

فأعدني إلى شجر في جهات يديها ,

أعد

أيّها الأزرق المبتعد

وابتعد

كي أرى كم أراك

أيّها السيد المنفرد

بأساك

خذ غناء يدي كاملا

خذ قميصي السواد

وانتشر ساحلا ساحلا

وأبدأ اليوم منّي ,

وأرّخ لهذا الطواف

خذ قوارب روحي إلى الصحراء وخذ

ما تبقّى من الخلجات

أي برّ إذن يستعدّ لتغريبتي ,

في البلاد

يا بريد الحداد

خذ شكاةي الحجارة والأمهات

خذ بكاء الصبايا وخذ

من ضلوع الشظايا ورود الزفاف

خذ مواعيدنا

وأودع الموج ما كان يوما وفات

نظّف اليابسة

من بقايا قبائلنا الدارسة

وانسنا

وانس هذي الضفاف

وآنس يوما أقمنا هنا

وتجّول فينا الشجر

كيف هشّ التراب ,

ومال إلى الشدو وصمت الحجر

وآنس ما خطّ أحبابنا من صور

إنس هذا الطريق

وانس وجه الغريق

وانس حتى الأبد

أيّها الأزرق المتجمّع واللاأحد

المدجّج بالرمل والريح , قل ما يريح

قل لنا باختصار

بعدكم سنة من غبار

بعدكم طعنة في الجبين

يزهر الياسمين !

بعدكم طلقة واشتباك

يستعيد النزيل هواك

وأجب

أيّها الأزرق الملتهب

بعدكم عثرة ,

بعدكم هجرة ,

بعدكم ... تصل القبرّة

ويقوم القتيل

وأراك

يا فقيه المنافي دليل !

نــجــم
19-04-2011, 01:16 AM
لماذا ؟


في الشوارع , تلك التي لا

أرى

لحصاني بها منفذا

دائما تعبرين سريعا

تعبرين إلى وجهة غامضة

تعبرين وحيدة

بخطاك الوئيدة

تعبرين إلى غيمة وأفق

وتضيع الطرق

نــجــم
19-04-2011, 01:17 AM
الفاتحة


إقترح مقعدا ,

ومكانا قصيّا

واقترح حانة صالحة

جرّدوا الروح من سورة الفاتحة

واقترح أن ننام وحيدين ,

في حجرة ,

في ثياب الرياح

ويتيمين من عشبة ساحليّة

أو طعام بلا غصّة ,

واقترح للجراح

أسرة ,

ويدا ,

واقترح

كفّة الطعنة الراجحة

***

واقترح أيّ نخب لأحزاننا

وفضاء نجمع فيه الغصون

واقترح أنت ألوان قمصاننا

يا جميل العيون

واقترح

أن نغنّي معا ونقول

في كتاب الذبول

جملة جارحة

***

واقترح أن نرى مسلكا

في مناخ العداوة هذا ..

اقترح سببا موجبا للبكاء

واقترح أن نرى ما نرى

في الخراب الذي حولنا

والسكوت الذي يحمل الفادحة

اقترح

واقترح ..

نــجــم
19-04-2011, 01:17 AM
كان يرى طريق المدرسة


في أوّل النهار يرتدي قميصه ,

في أوّل النهار

ويشرع النوافذ

يرى إلى الأصابع النحيلة

يرى سحابة الغبار

يرى إلى الطفولة

يرى إلى يديه

ترفرفان ثم تهويان

يرى إلى عينيه في المرآة

يتمنين في المدى

صفصافتين تذبلان

أو طائرين يشربان من قرارة الأشياء

ويشردان في ملالة

يرى إلى جبينه

أفقا من الندى

قرصا من الدخان

ويطلب الغزالة

***

يعدّ شايه وحيدا

يعدّ خبزه وحيدا

ويشعل السراج , لا يرى الذبالة

يرى إلى المفكرة

أيامه المبعثرة

والشارع الرمليّ والقطا

وبيته الطينيّ والصبيان والبنات

يرى طريق المدرسة

كأنّما يرى دمه

يرى دمه

هل كان ناضجا , وقابلا للحب والهواء

ولاحتمال الورد والمفاجأة !

أم كان يحتمي بالحاجز الأخير

والطلقة الأخيرة !

هل كانت الظهيرة

أم شرفة خضراء وامرأة

طريقه إلى دمه ؟!

أم كانت الكتابة

كمينه السريّ , والرصاصة

معدّة للحنجرة !

حتى إذا انتهت أيام المبعثرة

وقلّب الأوراق في المفكّرة

وجال في فراغ صوته ومال

هنيهة وقال

حنينه بلا كلام

هوت رصاصتان .. أو هوى

وغطّ في المنام

هوى روحي
19-04-2011, 03:26 AM
سسلمت يمناك ع روعة طرحك ..

الله يعطيك العـــــآفية ..
تقديري ,,


:m-64:

نــجــم
19-04-2011, 03:32 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

دانــه
19-04-2011, 07:31 AM
صح لسان الشاعر ولاهنت يانجم ع الديووان الرااائع
يعطيك العافيه ...

نــجــم
19-04-2011, 11:04 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

يارا العامرية
19-04-2011, 05:08 PM
صح لسسسآنه .. ولآهنت نجم ع ايرادك ..
تقديري ,,

نــجــم
19-04-2011, 07:13 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

صعبة المنال
25-04-2011, 03:11 PM
نجم
أج ــمل وأرق باقات ورودى
لموضوعك الجميل وطرحك الرائع
صح لسان الشاعر وتسلم يمينك
كل الود والتقدير
دمت برضى من الرح ــمن
لك خالص احترامي وتقديري

نــجــم
25-04-2011, 09:04 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

العنيــــدهـ
01-05-2011, 09:45 AM
لاهنت ع الاختيار الرائع
يعطيك العافيه
!..❥

نــجــم
01-05-2011, 10:24 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

سلطانة
04-05-2011, 11:22 PM
http://www.halauae.com/uploads/images/alsaher-3814931317.gif

نــجــم
05-05-2011, 01:32 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ