المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر /// البردوني


نــجــم
18-04-2011, 07:59 PM
http://www.adab.com/photos/402.jpg
شاعر ثوري عنيف في ثورته، جريء في مواجهته، يمثل الخصائص التي امتاز بها شعر اليمن المعاصر ،، والمحافظ في الوقت نفسه على كيان القصيدة العربية كما أبدعتها عبقرية السلف، وكانت تجربته الإبداعية أكبر من كل الصيغ والأشكال ...
ولد عام 1348هـ 1929 م في قرية البردون (اليمن)
أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب الجدري ، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م.
ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها ... وعمل مسؤولاً عن البرامج في الإذاعة اليمنية.
أدخل السجن في عهد الإمام أحمد حميد الدين وصور ذلك في قصائده فكانوا أربعة في واحد حسب تعبيره ، العمى والقيد والجرح ,,
شاعر اليمن وشاعر .. منتم الى كوكبة من الشعراء الذين مثلت رؤاهم الجمالية حبل خلاص لا لشعوبهم فقط بل لأمتهم أيضا‚ عاش حياته مناضلا ضد الرجعية والدكتاتورية وكافة اشكال القهر ببصيرة الثوري الذي يريد وطنه والعالم كما ينبغي ان يكونا‚ وبدأب المثقف الجذري الذي ربط مصيره الشخصي بمستقبل الوطن‚ فأحب وطنه بطريقته الخاصة‚ رافضا أن يعلمه أحد كيف يحب‚ لم يكن يرى الوجوه فلا يعرف إذا غضب منه الغاضبون‚ لذلك كانوا يتميزون في حضرته غيظا وهو يرشقهم بعباراته الساخرة‚ لسان حاله يقول: كيف لأحد أن يفهم حبا من نوع خاص حب من لم ير لمن لا يرى ..
هو شاعر حديث سرعان ما تخلص من أصوات الآخرين وصفا صوته عذبا‚ شعره فيه تجديد وتجاوز للتقليد في لغته وبنيته وموضوعاته حتى قيل‚ هناك شعر تقليدي وشعر حديث وهناك شعر البردوني‚ أحب الناس وخص بحبه أهل اليمن‚ وهو صاحب نظرة صوفية في حبهم ومعاشرتهم إذ يحرص على لقائهم بشوشا طاويا ما في قلبه من ألم ومعاناة ويذهب الى عزلته ذاهلا مذعورا قلقا من كل شيء .
تناسى الشاعر نفسه وهمومه وحمل هموم الناس دخل البردوني بفكره المستقل الى الساحة السياسية اليمنية‚ وهو المسجون في بداياته بسبب شعره والمُبعد عن منصب مدير إذاعة صنعاء‚ والمجاهر بآرائه عارفا ما ستسبب له من متاعب ...في عام 1982 أصدرت الأمم المتحدة عملة فضية عليها صورته كمعاق تجاوز العجز‚ ترك البردوني دراسات كثيرة‚ وأعمالا لم تنشر بعد أهمها السيرة الذاتية..‚
له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات. . صدرت دراسته الأولى عام 1972م "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" .
أما دواوينه فهي على التوالي:
من أرض بلقيس 1961 -
في طريق الفجر 1967 -
مدينة الغد 1970
لعيني أم بلقيس 1973
السفر إلى الأيام الخضر 1974
وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 -
زمان بلا نوعية 1979
ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983
كائنات الشوق الاخر 1986 -
رواغ المصابيح 1989
في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين 30 أغسطس 1999م وفي آخر سفرات الشاعر الى الأردن للعلاج توقف قلبه عن الخفقان بعد ان خلد اسمه كواحد من شعراء العربية في القرن العشرين ..

نــجــم
18-04-2011, 07:59 PM
احمل الذكرى من الماضي كما يحمل القلب أمانيه الجساما
هات ردّد ذكريات النور في فنّك الأسمى و لقّنها الدّواما
ذكريات تبعث المجد كما يبعث الحسن إلى القلب الغراما
فارتعش يا وتر الشعر وذب في كئوس العبقريّات مداما
و تنقّل حول مهد المصطفى وانشد المجد أغانيك الرّخاما
زفّت البشرى معانيه كما زفّت الأنسام أنفاس الخزاما
و تجلّى يوم ميلاد الهدى يملأ التاريخ آيات عظاما
واستفاضت يقظة الصحرا على هجعة الأكوان بعثا وقياما
و جلا للأرض أسرار السما و تراءى في فم الكون ابتساما
جلّ يوم بعث الله به أحمدا يمحو عن الأرض الظلاما
و رأى الدنيا خصاما فاصطفى أحمدا يفني من الدنيا الخصاما
" مرسل " قد صاغه خالقه من معاني الرسل بدءا و ختاما
قد سعى – و الطرق نار و دم – يعبر السهل و يجتاز الأكاما
و تحدّى بالهدى جهد العدا و انتضى للصارم الباغي حساما
نزل الأرض فأضحت جنّة و سماء تحمل البدر التماما
و أتى الدنيا فقيرا فأتت نحوه الدنيا و أعطته الزّماما
و يتيما فتبنّته السّما و تبنّى عطفه كلّ اليتامى
و رعى الأغنام بالعدل إلى أن رعى في مرتع الحق الأناما
بدويّ مدّن الصحرا كما علّم الناس إلى الحشر النظاما
و قضى عدلا و أعلى ملّة ترشد الأعمى و تعمي من تعامى
نشرت عدل التساوي في الورى فعلا الإنسان فيها و تسامى
يا رسول الحقّ خلّدت الهدى و تركت الظلم و البغي حطاما
قم تجد الكون ظلما محدثا قتل العدل و باسم العدل قاما
و قوى تختطف العزل كما يخطف الصقر من الجوّ الحماما
أمطر الغرب على الشرق الشّقا و بدعوى السلم أسقاه الحماما
فمعاني السلم في ألفاظه حيل تبتكر الموت الزؤاما
يا رسول الوحدة الكبرى و يا ثورة وسّدت الظلم الرغاما
خذ من الأعماق ذكرى شاعر و تقبّلها صلاة و سلاما

نــجــم
18-04-2011, 08:00 PM
مـن أرض بلقيس هذا اللحن والوتر مـن جـوها هـذه الأنسام والسحر
مـن صدرها هذه الآهات، من فمها هـذي الـلحون. ومن تاريخها الذكر
مـن «السعيدة» هذي الأغنيات ومن ظـلالها هـذه الأطـياف والـصور
أطـيافها حول مسرى خاطري زمر مـن الـترانيم تـشدو حـولها زمر
من خاطر «اليمن» الخضرا ومهجتها هـذي الأغاريد والأصداء والفكر
هــذا الـقصيد أغـانيها ودمـعتها وسـحرها وصـباها الأغيد النضر
يـكاد مـن طـول ما غنى خمائلها يـفوح مـن كل حرف جوها العطر
يـكاد مـن كـثر ما ضمته أغصنها يـرف مـن وجنتيها الورد والزهر
كـأنه مـن تـشكي جـرحها مـقل يـلح مـنها الـبكا الـدامي وينحدر
يـا أمـي الـيمن الخضرا وفاتنتي مـنك الـفتون ومني العشق والسهر
هـا أنـت في كل ذراتي وملء دمي شـعر «تـعنقده» الذكرى وتعتصر
وأنـت فـي حضن هذا الشعر فاتنة تـطل مـنه، وحـيناً فـيه تـستتر
وحسب شاعرها منها - إذا احتجبت عـن الـلقا - أنـه يـهوى ويدكر
وأنـهـا فـي مـآقي شـعره حـلم وأنـها فـي دجـاه اللهو والـسمر
فـلا تـلم كـبرياها فـهي غـانية حـسنا، وطبع الحسان الكبر والخفر
من هذه الأرض هذي الأغنيات، ومن ريـاضـها هــذه الأنـغام تـنتثر
من هذه الأرض حيث الضوء يلثمها وحـيث تـعتنق الأنـسام والـشجر
مـا ذلـك الـشدو؟ من شاديه؟ إنهما مـن أرض بلقيس هذا اللحن والوتر

نــجــم
18-04-2011, 08:00 PM
لا تقل ما دمع فنّي لا تسل ما شجو لحني
منك أبكي و أغنّيك فما يؤذيك منّي
سمّني إن شئت نوّحا و إن شئت مغنّي
فأنا حينا أعزّيك و أحيانا أهنّي
لك من حزني الأغاريد و من قلبي التمنّي
أنا أرضي الفنّ لكن كيف ترضي أنت عنّي
كلّ ما يشجيك يبكيني و يضني و يعنّي
فاستمع ما شئت و اتركني كما شئت أغنّي
***

لا تلمني إن بكى قلبي و غنّاك بكايا
لا تسلني ما طواني عنك في أقصى الزوايا
ها أنا وحدي و ألقا ك هنا بين الحنايا
ها هنا حيث ألاقيك طباعا و سجايا
حيث تهوي قطع الظلما كأشلاء الضحايا
و تطلّ الوحشة الخر سا كأجفان المنايا
و الدجى ينساب في الصمت كأطياف الخطايا
و السكون الأسود الغا في كأعراض البغايا
و أنا أدعوك في سرّي و أحلامي العرايا
***

يا رفيقي في طريق العمر في ركب الحياة
أنت في روحيّتي رو ح و ذات ملء ذاتي
جمعتنا وحدة العيش و توحيد الممات
عمرنا يمضي و عمر من وراء الموت آتي
نحن فكران تلاقينا على رغم الشتات
نحن في فلسفة الفنّ كنجوى في صلاة
أنا كأس من غنى الشو ق و دمع الذكريات
فاشرب اللّحن ودع في ال كأس دمع الموجعات
هكذا تصبو كما شا ءت و تبكي أغنياتي
***

يا رفيقي هات أذنيك و خذ أشهى رنيني
من شفاه الفجر أسقيـ ك و خمر الياسمين
من معين الفنّ أرويـ ك و لم ينضب معيني
لك من أنّاتي اللّحن و لي وحدي أنيني
و لك التغريد من فنّي و لي جوع حنيني
هل أنا في عزلة الشعر كأشواق السجين
حيث ألقاك هنا في خا طر الصمت الحزين
في أغاني الشوق في الذكرى و في الحبذ الدفين
في الخيالات و في شكوى الحنين المستكين

نــجــم
18-04-2011, 08:01 PM
قلبه المستهام ظمآن عاني يحتسي الوهم من كئوس الأماني
قلبه ظاميء إليك فصبّي فيه عطر الهوى و ظلّ التداني
واذكري قلبه الحبيس المعنّى وامتلئي الكأس من رحيق الحنان
إنّه عاشق و أنت هواه إنّه فيك ذائب الروح فاني
أنت في همسة مناجاة أوتا ر و في صمته أرقّ الأغاني
إنّه في هواك يحرق بالحبّ و يدعوك من وراء الدخان
سابح في هواك يهفو كفكر شاعر يرتمي وراء المعاني
أين يلقاك أين ماتت شكاوا ه و جفّت أصداؤه في اللّسان
إنّه ظاميء إلى ريّك الحا ني مشوق إلى الظلال الحواني
تائه في الحنين يهوى كروح ضائع يسأل الدجا عن كيان
ظاميء يشرب الحريق المدمّى و يعاني من الظمأ ما يعاني
أنت في قلبه الحياة و كلّ الحـ ب كلّ الهوى و كلّ الغواني
فيك كلّ الجمال فيك التقى الحسـ ن و فيك التقت جميع الحسان
لم يهب قلبه سواك و لكن لم يذق منك غير طعم الهوان
فامنحيه يا واحة الحبّ ظلّا و انفضي حوله ندى الأقحوان
و اسكبي الفجر في دجاه وزفّي في شقا حبّه رفيف الجنان
إنّه هائم يعيش و يفنى بين جور الهوى و ظلم الزمان
ميّت لم يمت كما يعرف النا س و لكن يموت في كلّ آن

نــجــم
18-04-2011, 08:01 PM
رصّع الدنيا أغاريد و شعرا و تفجر يا ربيع الحبّ سكرا
وافرش الأرض شعاع و ندى و ترقرق في الفضا سحرا و إغرا
يا ربيع الحبّ لاقتك المنى تحتسي من جوّك سحرا
يا عروس الشعر صفّق للغنا ترقص في ضفاف الشعر كبرا
أسفرت دنياك للشعر كما أسفرت للعاشق المحروم عذرا
فهنا الطير تغنّي و هنا جدول يذري الغنا ريذا و طهرا
و صبايا الفجر في حضن السنا تنثر الأفراح و الإلهام نثرا
و السهول الخضر تشدو و الربّا جوقة تجلو صبايا اللّحن خضرا
فكأنّ الجو عزف مسكر و الحياة الغضّة الممراح سكرى
و الرياحين شذيّات الغنا تبعث اللّحن مع الأنسام عطرا
و كأنّ الرّوض في بهجته شاعر يبتكر الأنغام زهرا
و كأنّ الورد في أشواكه مهج أذكى عليها الحبّ جمرا
و كأنّ الفجر في زهر الربا قبلة عطريّة الأنفاس حرّا
***

يا ربيع الحبّ يا فجر الهوى ما أحيلاك و ما أشذاك نشرا
طلعة فوجا و جوّ شاعر عاطفيّ كلّه شوق و ذكرى
تبعث الدنيا حسنها مثلما تجلو ليالي العرس بكرا
و تبثّ الحبّ في الأحجار لو أنّ للأحجار أكبادا و صدرا
أنت فجر كلّما ذرّ الندى أنبتت من نوره الأغصان فجرا
أنت ما أنت جمال سائل لم يدع فوق بساط الأرض شبرا
و فتون ملهم يضفي على صبوات الفن إلهاما و فكرا
ترانيما وفنّا كلّه عبقريّات توشّي الأرض تبرا
ما ربيع الحبّ يا شعر و ما سحره أنت بسحر الكون أدرى
كلّما أورقت الأعشاب في حضنه أورقت الأرواح بشرى
هو سرّ الأرض غذّته السما و جلته فتنا بيضا و سمرا
ورواها الفنّ لحنا للهوى وأدارته كئوس الزهر خمرا
منظر أودعه فنّ السما من فنون الخلد و الآيات سرّا

نــجــم
18-04-2011, 08:02 PM
لمن الجموع تموج موج الأبحر و تضجّ بين مهلّل و مكبّر
لمن الهتاف يشقّ أجواز الفضا و يهزّ أعطاف النهار المسفر
و لمن تجاوبت المدافع و انبرت صيحاتها كضجيج يوم المحشر
لمن الطبول تثرثر الخفقات في ترنيمها المتهدّج المتكسّر
و لمن زغاريد الحسان كأنّها خفقات أوتار ورعشة مزهر
و لمن تفيض حماجر الأبواق من أعماقها بترنّم المستبشر
للقائد الأعلى الموشّح بالسنا علم الفتوح و قاهر المستعمر
لوليّ " عهد الملك " بنّاء الحمى حلم البطولة و الطموح العبقري
أهلا " وليّ العهد " فانزل مثلما نزل الشعاع مباسم الزهر الطريّ
أشرقت في مقل الجزيرة كالضّحا كالصبح كالسحر النديّ المقمر
و على جبينك غار أكرم فاتح و على محيّاك ابتسام نظفّر
لمّا طلعت أفاقت " الخضرا على فجر بأنفاس الخلود معطّر
و تعانقت فتن الجمال و تمتمت بالعطر أعراس الربيع الأخضر
و تسابق الإنشاد فيك و هازجت نغم المعرّي أغنيات البحتري
و هفت إليك من القوافي جوقة سكرى متيّمة الغناء المسكر
***

يا من تشخّصت المنى في شخصه و أهلّ فجر عدالة و تحرّر
حقّق طموح الشعب و اجعل حلمه فوق الحقيقة فوق كلّ تصوّر
وافيت فانتفضت أماني أمّة شمّا وشقّ البعث مرقد " حمير "
و يكاد " دويزن " يبعثر قبره و يطلّ حمير من وراء الأعصر
بلقيس يا أمّ الحضارة أشرقي من شرفة الأمس البعيد و كبّري
و استعرضي زمر الأشعّة و اسبحي فيها بناظرك الكحيل الأحور
مولاتي الحسنا أطلّي وانظري من زهوة الأجيال ما لم تنظري
و تغطرسي ملء الفتون و عنوني فمك الجميل ببسمة المستفسر
ها نحن نبني فوق هامة مأرب و طنا و نبني ألف صرح مرمري
و نشيد في وطن العروبة وحدة فوق الثريا خلف أفق " المشتري "
هي وحدة العرب الأباه تسنّمت في ربوه التاريخ أرفع منبر
و تعانقت صنعا و مصر و جلّق فيها عناق الشوق و الحبّ البرّي
و جرى على النيل المصفّق صنوة بردى فصفّق كوثر في كوثر
و ارتادت " الخضرا " الكنانة فانتشت نسمات مأرب في أصيل الأقصر
لولاك يا بطل الخلافة ما احتوى صنعا و جلّق حضن أم الأزهر
صافحت مصر فزدت في بنيانها " هرما " إلى الهرم الأشم الأكبر
أرض الجنوب – و أنت نخزة ثأرها – ظمأ تحنّ إلى الصراع الأحمر
أرضي و دار أبي وجدّي لم تزل في قبضة المتوحّش المتنمّر
تطوي على حلم الجهاد عيونها و تئنّ تحت الغاصب المستهتر
لا حرمة الإنسان تزجره و لا شرف و لا نهى المتحضّر
متجبّر و أصمّ لم يسمع سوى رهج الحديد المارد المتجبّر
فازحف إليه يابن بجدتها على لجج السلاح الفاتح المتهوّر
يا خير من لبّى و من نودي و من يغشى الوغى كالهول كاللّيث الجري
هذي وعامتك الفتيّة قصّة بفم الفتوح و في شفاه الأدهر
***

يا بدر هذا الشعب أنت زعيمة و هواك سحر غرامة المتعسّر
حملتك روح الشعب إيمانا فلم تخفق بحبّ سواك بل لم تشعر
فاسلم لتاريخ الزعامة آية بيضا كبهجة عصرك المتبلور

نــجــم
18-04-2011, 08:02 PM
منزلها الكبير بجوار الصغير ، و قد لفني و إياها عاطف الحنان و الحنين فتلاقينا على بعد . تظل تغني ، و أظل أصغي إلى أغانيها ، و صوتها يتعثر في دمعها ، و دمعها يتحشرج في صوتها ، و في نغماتها تتحاضن الدموع و الترنم ، كأن صوتها عود ذو وتر واحد ، بعضه يبكي ، و ب

صوتها دمع و أنغام صبايا و ابتسامات و أنّات عرايا
كلّما غنّت جرى من فمها جدول من أغنيات و شكايا
أهي تبكي أم تغنّي أم لها نغم الطير و آهات البرايا ؟
صوتها يبكي و يشدو آه ما ذا وراء الصوت ما خلف الطوايا ؟
هل لها قلب سعيد و لها غيره قلب شقيّ في الرزايا ؟
أم لها روحان : روح سابح في الفضا الأعلى وروح في الدنايا ؟
أم تلاقت في حنايا صدرها صلوات و شياطين خطايا ؟
أن تناجت في طوايا نفسها لحن عرس و جراحات ضحايا ؟
لست أدري . صوتها يحرقني بشجوني إنّه يدمي بكايا
كلّما طاف بسمعي صوتها هزّ في الأعماق أوتار شجايا
و سرى في خاطري مرتعشا رعشة الطيف بأجغان العشا
أترى الحزن الذي في شجوها رقّة الحرمان أم لطف السحابا
أم تراها هدّجت في صوتها قطع القلب و أشلاء الحنايا
كلّما غنّت .. بكت نغمتها و تهاوى القلب في الآه شظايا
هكذا غنّت ، و أصغيت لها و تحمّلت شقاها و شقايا
***

يا عروس الحزن ما شكواك من أيّ أحزان و من أيّ البلايا
ما الذي أشقاك يا حسنا ؟ و هل للشقا كالناس عمر و منايا ؟
هل يموت الشر ؟ هل للخير في زحمة الشر سمات و مزايا ؟
كيف تعطي أمّنا الدنيا المنى و هي تطوي عن أمانينا العطايا
و لقوم تحمل البذل كما يحمل إلى الحسنا الهدايا
هل هي الدنيا التي تحرمني أم تراخت عن عطاياها يدايا ؟
أنا حرماني و شكوى فاقتي أنا آلامي و دمعي و أسايا
لم يرع قلبي سوى قلبي أنا لا ولا غذّبني شيء سوايا !
جارتي ، ما أضيق الدنيا إذا لم تشقّ النفس في النفس زوايا

نــجــم
18-04-2011, 08:02 PM
جريح الإبا صامت لا يعي و في صمته ضجّة الأضلع
و في صدره ندم جائع يلوك الحنايا و لم يشبع
تهدّده صيحة الذكريا ت كما هدّد الشيخ صوت النعي
و يقذفه شبح مفزع إلى شبح موحش مفزع
و يصغي و يصغي فلم يستمع سوى هاتف اللإثم في المسمع
و لم يستمع غير صوت الضمير يناديه من سرّه الموجع
فيشكو إلى من ؟ و ما حوله سوى اللّيل أو وحشة المخدع
كئيب يخوّفه ظلمه فيرتاع من ظلّه الأروع
و في كلّ طيف يرى ذنبه فماذا يقول و ما يدّعي
فيملي على سرّه قائلا أنا مجرم النفس و المطمع
أنا سارق الحبّ وحدي ! أنا خبيث السقا قذر المرتع
هوت إصبعي زهرة حلوة فلوّثت من عطرها إصبعي
توهّمتها حلوة كالحيا ة فكانت أمرّ من المصرع
أنا مجرم الحبّ يا صاحبي فلا تعتذر لي فلم تقنع
و لا ، لا تقل معك الحبّ بل جريمته و الخطايا معي
و مال إلى اللّيل و اللّيل في نهايته و هو لم يهجع
و قد آن للفجر أن يستفيق و ينسلّ من مبسم المطلع
و كيف ينام " أثيم الهوى " و عيناه و السهد في موضع
هنا ضاق بالسهد و الذكريات وحنّ إلى الحلم الممتع
فألقى بجثّته في الفرا ش كسير القوى ذابل المدمع
ترى هل ينام وطيف الفجو ر ورائحة الإثم في المضجع ؟
و في قلبه ندم يستقي دماه و في حزنه يرتعي
و في مقلتيه دموع و في حشاه نجيب بلا أدمع
فماذا يلاقي و ماذا يحسّ و قد دفن الحبّ في البلقع
و عاد و قد أودع السرّ من حناياه في شرّ مستودع
فماذا يعاني ؟ ألا إنّه جريح الإبا صامت لا يعي

نــجــم
18-04-2011, 08:03 PM
أشقيتني من حيث إمتاعي فليتعني من ظلمك الناعي
آلفتني حتّى ألفت اللّقا تركتني وحدي لأوجاعي ؟
أطمعتني فيك فخلّفتني لجوع آمالي و أطماعي
ورحت – لا عدت – و ألقيتني وديعة في كفّ مضياع
إن لم يكن لديك قلب ، فهل رحمت قلبا بين أضلاعي
رعيتني حتّى ملكت الغنى عنّي فكنت الذئب في الراعي
يا ظالمي و الظلم طبع الحنى قطفت عمري قبل إيناعي
قد ضاع ما أرجو فما خيفتي إذا دعاني للفنا داعي
لا ، لم أعاتبك فقد أقلعت عنك شجوني أيّ إقلاع
إن كنت خدّاعا فإن الورى ما بين مخدوع و خدّاع
ما بين غلّاب و مستسلم ما بين محروم و إقطاعي
أوّاه كم أشقى و أسعى إلى قبري وويح السعي و الساعي
و هكذا قالت ، و في صوتها دموع قلب جدّ ملتاع

نــجــم
18-04-2011, 08:03 PM
هذي البيوت الجاثمات إزائي ليل من الحرمان و الإدجاء
من للبيوت الهادمات كأنّها فوق الحياة مقابر الأحياء
تغفو على حلم الرغيف و لم تجد إلاّ خيالا منه في الإغفاء
و تضمّ أشباح الجياع كأنّها سجن يضمّ جوانح السّجناء
و تغيب في الصمت الكئيب كأنّها كهف وراء الكون و الأضواء
خلف الطبيعة و الحياة كأنّها شيء وراء طبائع الأشياء
ترنو إلى الأمل المولّي مثلما يرنو الغريق إلى المغيث النائي
و تلملم الأحلام من صدر الدّجا سردا كأشباح الدجا السوداء
***

هذي البيوت النائمات على الطوى توم العليل على انتفاض الداء
نامت و نام اللّيل فوق سكونها و تغلّفت بالصمت و الظلماء
و غفت بأحضان السكون و فوقها جثث الدجا منثورة الأشلاء
و تلملمت تحت الظلام كأنّها شيخ ينوء بأثقل الأعباء
أصغى إليها اللّيل لم يسمع بها إلاّ أنين الجوع في الأحشاء
و بكا البنين الجائعين مردّدا في الأمّهات و مسمع الآباء
ودجت ليالي الجائعين و تحتها مهج الجياع قتيلة الأهواء
****

يا ليل ، من جيران كوخي ؟ من هم مرعى الشقا و فريسة الأرزاء
الجائعون الصابرون على الطوى صبر الربا للريح و الأنواء
الآكلون قلوبهم حقدا على ترف القصور و ثروة البخلاء
الصامتون و في معاني صمتهم دنيا من الضجّات و الضوضاء
و يلي على جيران كوخي إنّهم ألعوبة الإفلاس و الإعياء
ويلي لهم من بؤس محياهم و يا و يلي من الإشفاق بالبؤساء
أنوح للمستضعفين و إنّني أشقى من الأيتام و الضعفاء
و أحسّهم في سدّ روحي في دمي في نبض أعصابي و في أعضائي
فكأنّ جيراني جراح تحتسي ريّ الأسى من أدمعي و دمائي
ناموا على البلوى و أغفي عنهمو عطف القريب ورحمة الرحماء
ما كان أشقاهم و أشقاني بهم و أحسّني بشقائهم و شقائي

نــجــم
18-04-2011, 08:03 PM
أنت ترثي كلّ محزون و لم تلق من يرثيك في الخطب الألدّ
و أنا يا قلب أبكي إن بكت مقلة كانت بقربي أو ببعدي
و أنا أكدى الورى عيشا على أنّني أبكي لبلوى كلّ مكد
حين يشقى الناس أشقى معهم و أنا أشقى كما يشقون وحدي !
و أنا أخلو بنفسي و الورى كلّهم عندي و مالي أيّ عندي
لا و لا لي في الدّنا مثوى و لا مسعد إلاّ دجا اللّيل و سهدي
لم أسر من غربة إلاّ إلى غربة أنّكى و تعذيب أشدّ
متعب وركبي قدمي و الأسى زادي و حمّى البرد بردي
و الدجا الشاتي فراشي وردا جسمي المحموم أعصابي و جلدي .

نــجــم
18-04-2011, 08:03 PM
طائر عشّه الوجود و قلب ملهم عاشق وروح نبيلة
ركّب الله في طبيعته الفنّ و في فكره طموح الفضيلة
ينشر اللّحن في الوجود و يطوي بين أضلاعه الجراح الدّخيلة
يفعم الكون من معانيه شهدا ورحيقا حلوا و يطفي غليله
و يوشّي الحياة سحرا كما و شّـ ت خيوط الصباح زهر الخميلة
و فنونا ألذّ من بسمة الطفل و من نسمة الصباح العليلة
و حوارا أرقّ من قبل الحبّ على وجنه الفتاة الجميلة
أنت – يا شاعر الحياة – حياة و " كمنج " حيّ و دنيا ظليلة
تعشق النور و الندى و سموّ الـ روح في النشّ و العقول الجليلة
و تحبّ الطموح في الأنفس العظمى و تحنو على النفوس الضئيلة
تستشفّ الجمال من ظلم اللّيل و من زهرة الربيع البليله
من سكون الدّجا و من هجهة الصحـ را وحشة القفار المهيلة
و ترى الورد في الغصون خدودا قانيات و اللّيل عينا كحيلة
قد عرفت الجمال في كلّ شيء و تغنّيت همسة وهديله
و توحّدت للجمال تناجيه وللفنّ تستقي سلسبيله
ورفضت النفاق و الزور و الزلـ فى و خلّيت للورى كلّ حيله
و نبذت الرواغ و الملق المخـ زي و أعباءه الجسام الثقيلة
لم تحاول وظيفة المنصب العا لي و لا تبتغي إليه وسيلة
لا و لا تعشق النقود اللّواتي نقشتها يد الحياة الذليلة
قد تخلّيت للجمال تناجي هالة الوحي و السماء الصقيلة
فرأيت الفضائل البيض في الدنـ يا و لم تلمح الحنّى و الرذيلة
عشت في الطهر للخيال توف يه كما وافت الخليل الخليله
طائرا عن عوالم الشر لما أودع الله فيك روحا غسيله .

نــجــم
18-04-2011, 08:04 PM
مررت بشيخ أصفر العقل و اليد يدبّ على ظهر الطريق و يجتدي
ثقيل الخطى يمشي الهوينى بجوعه واحزانه مشي الضرير المقيّد
و يمضي و لا يدري إلى أين ينتهي و لم يدر قبل السير من أين يبتدي
و يزجي إلى الأسماع صوتا مجرّحا كئيبا كأحلام الغريب المشرّد
يمدّ اليد الصفرا إلى كلّ عابر و لم يجن إلاّ اليأس من مدّة اليد
فيلقي على الكفّ النحيل جبينه و يسأل هل في الأرض ظلّ لمسعد
هو الشرّ ملء الأرض و الشر طبعها هو اشر ملء الأمس و اليوم و الغد
وهذا غبار الأرض آهات خيّب و هذا الحصى حبذات دمع مجمّد
رمى الشيخ فيما حوله نظرة الأسى ومرّ كطيف المستكين المهدّد
فيا للفقير الشيخ يمشي على الطّوى و في مأتم الشكوى يروح و يغتدي
يظنّ أكفّ الناس تهوي بجودها إليه و لم يبصر سوى وهمه الردي
و جوع يلوّي نفسه في ضلوعة فينساق لا يدري إلى أين يهتدي .

نــجــم
18-04-2011, 08:04 PM
أطلّت من الأفق بنت السماء مغلّفة بالشعاع الندي
ووشّت بساط الفضا بالسنا و باللّهب البارد العسجدي
و بالوهج الدافيء المشتهي وبالمنظر السحري الأجود
فجنّت بها نشوات الصبا و فاضت بصدر الضحا الأمرد
و أهدت سناها السماوي إلى رءوس الربا و اثرى الأوهد
إلى الطود و السهل و المنحنى إلى الماء و الطين و الجلمد
إلى الكوخ و القصر مهد الغنى إلى السوق و السجن و المعبد
ووزّعت النور في العالمـ ين و جادت على العبد و السيّد
على المترفين على البائـ سين على المجتدى و على المجتدي
و أدّت رسالتها حرّة إلى أقرب الكون و الأبعد
جرى عدل بنت السما في الوجو د حفيا بجيّده و الردي
و أنفقت النور أمّ الضحا فزادت ثراء إلى سؤدد
و أربت جمالا وزادت سنا ونورا إلى نورها السرمدي
و طالت حياة فما تنتهي من العمر إلاّ لكي تبتدي
و أعطت فدام سنا ملكها جديد الصبى دائم المولد
و ما زادها كثر إنفاقها سوى الترف الأكثر الأخلد
***

لقد ضرب الله أمثاله و من يضلّل الله لا يهتدي

نــجــم
18-04-2011, 08:04 PM
هاتي التآويه يا قيثارتي هاتي وردّدي من وراء اللّيل آهاتي
و ترجمي صوت حبّي للجمال ففي نجواك – يا حلوة النجوى – صبابتي
قيثارتي صوت أعماقي عصرت بها روحي و أفرغت في أوتارها ذاتي
***

قيثارتي أنت أمّ اشعر لم تلدي إلاّ غنا الخلد أو لحن البطولات
أودعت نجواك آيات النبوغ فيا قثارتي لقّني التاريخ آياتي
و غرّدي بخيالاتي العذاب فما حقيقة السحر إلاّ من خيالاتي
و شاعر الطبع موسيقى الغيوب إذا غنّى أرى الأرض أسرار السموات
قيثارتي إنّي ابن الشعر أنجبني للخلد ، للعبقريّات الفتيّات
و للحياة و للدنيا و نضرتها للحبّ للنور للزهر الصبيّات
***

وحدي مع الشعر هزّتني عواطفه فرقّصت عطفه النشوان رنّاتي
و شفّ لي خافي الدنيا و ألهمني سحر الجمال و أسرار الجلالات
وهبّت للشعر إحساسي و عاطفتي و ذكرياتي و ترنيمي و أنّتي
فهو ابتسامي ودمعي و هو تسليتي و فرحتي و هو آلامي و لذّاتي
يفنى الفنا ! و أنا و الشعر أغنية على فم الخلد يا رغم الفنا العاتي
أحيا مع الشعر يشدو بي و أنشده و الخلد غاياته القصوى و غاياتي

نــجــم
18-04-2011, 08:04 PM
لا تسل كيف ابتدينا لا ، و لا كيف انتهينا
لا تقل كيف انطوى الحبّ و لا كيف انطوينا
ملعب دار بعمرينا فولّى من لدينا
وانقضى الدور فعدنا عنه من حيث أتينا
لا تسل كيف تنائيـ نا و لا كيف التقينا
لا تقل كنّا و كان الشوق منّا و إلينا

هل شربنا خمرة الحب و هل نحن ارتوينا

آه لا خمر و لا حبّ متى كان و أينا
لاحت الكأس لثغريـ نا وجفّت في يدينا
***

عندما لاح بريق الكأس ولّت بالبريق

وارتشفنا من رحيق الحبّ أطياف الرحيق

و تلاشي حلم الصّفو كأنفاس الغريق
هكذا كان تلاقينا على الدور الأنيق
***

وانتهى الدور و ها نحن انتهينا من صبانا

حيث طاف الحبّ كالوهم و كالوهم تفانى
وانطوى عنّا كما تطوي الدياجير الدخانا
و تركنا في الرمال الحبّ آثار خطانا
غير أنا قد نسينا أو تناسينا لقانا
و سألنا الوهم بعد الحبّ هل كنّا و كانا

أين منّا الملعب الطفل تناغيه منانا

***

ملعب درنا به حينا فأصابانا و ملّا
ملعب ما كان أصفا ه و ما أشهى و أحلى
غاب في الأمس فولّينا عن الأمس وولّى
و تسلّينا و من لم يلق ما يهوى تسلّى

نــجــم
18-04-2011, 08:04 PM
صافحتك القلوب قبل النواظر و استطارت إلى لقاك الخواطر
و تلقّاك عالم اليمن الحرّ كما لاقت النفوس البشائر
وارتمى يسكب التراحيب ألوا نا كما تسكب اللّحون القياثر
و تملّت نزولك اليمن الخضرا قاضت بالأغنيات الحناجر
و تنزّلت في معاني حماها مثلما ينزل الشعاع المحاجر
و هفا الموطن الكريم يحيّي مشعل العلم في سناك الباهر
و تغلغلت في حناياه كالإيمان كالطهر في عفاف الضمائر
كالمنى في القلوب كالدم في الأبدان كالسكر في دماغ المعاقر
قد تلقاك موطني ينثر الترا حيب في راحتك نثر الجواهر
و انتشى من شعاعك العلم لمّا زرت " دار العلم " يا خير زائر
وازدهى الشعر ينثر النغم الحلـ و كما ينثر الربيع الأزاهر
قد رأى "موطني " بمرآك " مصرا " منبت الفنّ و الإبا و العباقر
مصر أم الحجار و اليمن الـ سامي و أمّ الشآم أم الجزائر
وحدة العرب راية في رباها و منى العرب في يديها وزاجر
شادها الله العروبة دارا وابتناها بنيّرات الزواهر
بلدة تنبت العلوم و أرض تلد المجد و العلا و المفاخر
نيلها المستفيض أنشودة الله على مسمع اللّيالي العوابر
وحماها كنانه الله تر مي في وجوه العدا السهام الثوائر
***

يابن مصر التي تلاقت عليها شيم العرب و النفوس الحرائر
علمك العلم ينشر الدين في الدنيا كما تنشر الشعاع المنائر
و تجوب الشعوب في خدمة الإسلام و الحق و ارتباط الأواصر
إيه عزّام أنت وعي من النيل إلى العرب تستثير المشاعر
و سفير تشيّد الوحدة الشما و تستنهض السنا في البصائر
و تنادي البلاد للإتّحاد الحر و الاتحاد أقوى مناصر
إن في وحدة العروبة مجدا خالدا ثائرا على كل ثائر
إنّما العرب أمّة وحّدتها لغة الضاد و الدما و العناصر
إنّما العرب أمّة هزّت الدنيا و شقّت سود الخطوب العواكر
إنّ للعرب غابرا داس " كسرى " و تمشّى على رءوس القياصر
فاستمدّي يا أمّتي من سنا الما ضي معاليك واعمري خير حاضر
يأنف المجد أن يلاقي بنيه في يدي غاصب و في كفّ آسر
فاطمحي أمّتي إلى كلّ مجد وانهضي نهضة الصباح الباكر
يا سفير التضامن الحر غنّت سعيك الحر أمنياتي الشواعر
و تلاشت على هوى العرب روحي نغما ملهم الغنا و المزاهر
و نشيدا أفرغت فيه أحاسيسي و ذاتي و خافقي و السرائر
فتلقّى يا شاعر النيل شعري فهو شعر عنوانه " روح شاعر "

نــجــم
18-04-2011, 08:05 PM
تركتني ها هنا بين العذاب و مضت ، يا طول حزني و اكتئابي
تركتني للشقا وحدي هنا و استراحت وحدها بين التراب
حيث لا جور و لا بغي و لا ذرّة تنبي و تنبي بالخراب
حيث لا سيف و لا قنبلة حيث لا حرب و لا لمع حراب
حيث لا قيد و لا سوط و لا ظالم يطغى و مظلوم يحابي
***

خلّفتني أذكر الصفو كما يذكر الشيخ خيالات الشباب
و نأت عنّي و شوقي حولها ينشد الماضي و بي – أوّاه – ما بي
و دعاها حاصد العمر إلى حيث أدعوها فتعيا عن جوابي
حيث أدعوها فلا يسمعني غير صمت القبر و القفر اليباب
موتها كان مصابي كلّه و حياتي بعدها فوق مصابي
***

أين منّي ظلّها الحاني و قد ذهبت عنّي إلى غير إياب
سحبت أيّامها الجرحى على لفحة البيد و أشواك الهضاب
ومضت في طرق العمر فمن مسلك صعب إلى دنيا صعاب
وانتهت حيث انتهى الشوط بها فاطمأنّت تحت أستار الغياب
***

آه " يا أمّي " و أشواك الأسى تلهب الأوجاع في قلبي المذاب
فيك ودّعت شبابي و الصبا وانطوت خلفي حلاوات التصابي
كيف أنساك و ذ**** على سفر أيّامي كتاب في كتاب
إنّ ذ**** ورائي و على وجهتي حيث مجيئي و ذهابي
كم تذكّرت يديك وهما في يدي أو في طعامي و شرابي
كان يضنيك نحولي و إذا مسّني البرد فزنداك ثيابي
و إذا أبكاني الجوع و لم تملكي شيئا سوى الوعد الكذّاب
هدهدت كفاك رأسي مثلما هدهد الفجر رياحين الرّوابي
***

كم هدتني يدم السمرا إلى حقلنا في ( الغول ) في ( قاع الرحاب )
و إلى الوادي إلى الظلّ إلى حيث يلقي الروض أنفاس الملاب
و سواقي النهر تلقي لحنها ذائبا كاللطف في حلو العتاب
كم تمنّينا و كم دلّلتني تحت صمت اللّيل و الشهب الخوابي
***

كم بكت عيناك لمّا رأتا بصري يطفا و يطوي في الحجاب
و تذكّرت مصيري و الجوى بين جنبيك جراح في التهاب
***

ها أنا يا أمّي اليوم فتى طائر الصيت بعيد الشهاب
أملأ التاريخ لحنا وصدى و تغني في ربا الخلد ربابي
فاسمعي يا أمّ صوتي وارقصي من وراء القبر كالحورا الكعاب
ها أنا يا أمّ أرثيك و في شجو هذا الشعر شجوي و انتحابي .

نــجــم
18-04-2011, 08:05 PM
متألّم . ممّا أنا متألّم ؟ حار السؤال . و أطرق المستفهم
ماذا أحسّ . و آه حزني بعضة يشكو فأعرفه و بعض مبهم
بي ما علمت من الأسى الدامي و بي من حرقة الأعماق ما لا أعلم
بي من جراح الروح ما أدري و بي أضعاف ما أدري و ما أتوهّم
و كأنّ روحي شعلة مجنونة تطغى فتضرمني بما تتضرّم
و كأنّ قلبي في الضلوع جنازة أمشي بها وحدي و كلّي مأتم
أبكي فتبتسم الجراح من البكا فكأنّها في كلّ جارحة فم
***

يا لابتسام الجرح كم أبكي و كم ينساب فوق شفاهه الحمرا دم
أبدا أسير على الجراح و أنتهي حيث ابتدأت فأين منّي المختم
و أعارك الدنيا و أهوى صفوها لكن كما يهوى الكلام الأبكم
و أبارك الأمّ الحياة لأنّها أمّي و حظّي من جناها العلقم
حرماني الحرمان إلاّ أنّني أهذي بعاطفة الحياة و أحلم
و المرء إن أشقاه واقع شؤمه بالغبن أسعده الخيال المنعم
***

وحدي أعيش على الهموم ووحدتي باليأس مفعمة وجوّي مفعم
لكنّني أهوى الهموم لأنّها فكر أفسّر صمتها و أترجم
أهوى الحياة بخيرها و بشّرها و أحبّ أبناء الحياة و أرحم
و أصوغ " فلسفة الجراح " نشائدا يشدو بها اللّاهي و يشجي المؤلم

نــجــم
18-04-2011, 08:05 PM
منك الجمال و منّي اللّحن و الشادي يا خمرة الحبّ في أكواب إنشادي
وحدي أغنّيك تحت اللّيل محتملا جوع الغرام ، و أشواق الهوى زادي
هنا أناجيك و الأطياف تدفعني في عالم الحبّ من واد إلى وادي
و القلب في زحمة الأشواق مضطرب كزورق بين إرغاء و إزباد
ووحشة الظلمة الخرسا تهدّدني كأنّها حول نفسي طيف جلّاد
و الصمت يجثو على صدر الوجود و في صمتي ضجيج الغرام الجائع الصادي
و اللّيل يسري كأعمى ضلّ وجهته و غاب عن كفّه العكّاز و الهادي
كأنّه فوق صمت الكون قافلة ضلّت و ضلّ الطريق السفر و الحادي
و لم أزل أشتهي منك بارقة من عاطف الحب ، أو إشراق إسعاد
و حبّك الحبّ أخفيه فأنفثه شعرا فينصبّ خافية إلى البادي
وحدي أناديك من خلف الشجون فيا نجيّة الحبّ نادي لوعتي نادي
فطالما تهت في دنيا هواك و ما هوّمت خلف الخيال الرائح الغادي
أهفو إليك و حولي كلّ أمنية تفنى و لليأس حولي ألف ميلاد
و اليأس يطغى وجوع الحبّ في كبدي يضجّ ما بين إبراق و إرعاد

نــجــم
18-04-2011, 08:05 PM
وحدة المجد و الفخار التليد زعزعت مرقد الصباح الجديد
واستطارت تحثّ قافلة الفتح و تطوي الحدود بعد الحدود
و تناجي العدا بألسنة النا ر و بالموت من شفاه الحديد
وحدة يعربيّة و انطلاق عربيّ يهزّ صمت اللّحود
إنّما العرب ثورة وحّدتها يقظة البعث وانتفاض الوجود
فابن " يحيى " مؤزّر " بجمال " " و جمال " مؤزّر " ط بسعود "
وحّدت شملهم كبار الأماني و الدم الحرّ واعتزاز الجدود
قد تلاقى الحجار و اليمن الميـ مون و النيل في اتّحاد الجهود
و استفاقت مواطن العرب الشـ مّ فعودي يا راية العرب عودي
واذكري في المعارك الحمر " سعدا " و " عليا " و " خالد بن الوليد "
تأنف العرب أن تدوس حماها الحرّ شرّ العبيد أدنى العبيد
آن آن الفدى و ثار الدم الحرّ يذيب القيود إثر القيود
يا نفوس اليهود ذوبي ، و ذوبوا من لظى الغيظ يا عبيد اليهود
فجيوش الجهاد تزحف للثأ ر و تهفو إلى الحمى المنشود
يا فلسطين حقّقت وحدة العر ب أمانيك فاطمحي و استزيدي
وانفضي عن رباك سود اللّيالي واستفيقي على زئير الأسود
هذه " غزّة " تفيض التهاما و الجنود الأباة تلو الجنود
و على " جدّة " تجدّد عهد الـ عرب و اهتاج للوثوب المجيد
***

يا بريطانيا و قد هيّىء الميـ دان هيّا إلى العراك العنيد
إنّما نحن أمّة تبذل الأر واح في ذمّة العلا و الخلود
تفتدي المجد بالنفوس و تشفى غلّه التأر من جراح الشهيد
فتخلّي عن الجنوب و خلّي " كمران " المصون حرّ البنود
دون ما تبتغين صاعقة المو ت و برق القنا و قصف الرعود
ويل من يعمر القصور على النـ ار و لا يتّقي حماس الوقود
أمّة العرب ضمّها الجر ح المدمي و كبرياء الحقود
كلّها أقسمت بأن تثير الأر واح دون الحقوق نثر الورود
و تروّي صدر الجهاد و تمحو عن جباه الأباة ذلّ السجود
و ترى مجدها البعيد بعيدا و لواها يرفّ خلف البعيد
جدّدت بالي العهود و أحيت ميّت المجد و الإبا من جديد
و تسامت تشيد مستقبل العر ب علّ زهوة الصباح الوليد .

نــجــم
18-04-2011, 08:05 PM
ها هنا لاح الحبّ و غابا و تشظّى في يد الأمس و ذابا
نبت الحبّ هنا كيف غدا في تراب المنبت الزاكي ترابا
هذه البقعة ناغت حبّنا فصبا الحبّ عليها و تصابى
و سقتنا الحبّ صفوا و هنا ثمّ أسقتناه ذكرى و انتحابا
كان حبّ ثمّ أضحى قصّة تنقل الأمس خيالات كذابا
قصّة تائهة نقرؤها من فم الذكرى فصولا و كتابا
***

هذه البقعة كم تعرفنا كم سقيناها ترانيما عذابا
وزرعناها وداعا ولقا و فرشناها حوارا و عتابا
ليتها تنطق كي تنشدنا قصّة القلبين خفقا واضطرابا
ليتها لنا نسألها عن هوانا ليتها تعطي جوابا
***

نحن ذقنا الحبّ فيها خمرة وصحونا فوجدناه سرابا
نحن غنّينا شبابينا هنا و تلفتنا فلم نلق الشبابا
***

منبت الحبّ دعانا للهنا فمضينا ننهب الصفو انتهابا
منبت الحبّ حوانا ظلّه لحظة وانقلب الظلّ التهابا
فسكبنا حوله المنى و ملأنا الكأس دمعا و عذابا
ورجعنا عنه نستجدي البكا و نباكي أملا في الحبّ خابا .

نــجــم
18-04-2011, 08:06 PM
أنا من غازل الجمال و غنّى للمعالي لحنا و للحبّ لحنا
عاش بين الهوى و بين منى الـ مجد و لم يلق عمره ما تمنّى
و استخفّ الحياة بالشدو حتّى زادها فوق حسنها البكر حسنا
***

قلبي القلب يحمل الأمس و اليو م و يلقي لمقبل العمر ظنّا
قلبي القلب لم يفارقه آت لا ، و لا الأمس في حناياه يفنى
قلبي القلب إن بكى رقّص الـ دنيا بكاه و حوّل الدمع فنّا
***

دمعة الفنّ بسمة في شفاه الـ خلد أصفى من الصباح و أسنى
في ظلال الربيع قطّرت أنفا سي نشيدا أرقّ منه و أحتى
و عصرت الشجون في الروضة الـ غنّا لحونا أندى وفنّا أغنّا
***

من جمال الحياة سلسلت أنغا مي و غنّيت عطفها فتثنّى
من هموم الجياع غنّيت للجو ع وصغت الهموم بحرا ووزنا
و تخيّرت للغنيّ غناء مترفا راقصا كاعطاف حسنا
أنا أشدو لكلّ قلب طروب أنا أبكي لكلّ قلب معنّى
***

" محنة الفن " محنة تتعب الـ فنّان و الخلد من معانيه يهنا
كلّ ما بي أودعته الشعر لكن في ضميري شعر أنا منه مضنى
***

لا تسلني يا صاحبي أيّ شعري كان أعلى أو أيّه كان أدنى
أجمل الشهر نغمة لم أوفّعها و صمتي يطوي لها ألف معنى
فتنفّس يا صمت شعري بما فـ يك لعلّي يا شعر أن أطمئنّا
و تأوّه لعلّ آهاتك الجر حى تلاقي في ضجّة الكون أذنا
آه يا شعر آه قد قيّد الصمت أغانيك فاتّخذ منه سجنا

نــجــم
18-04-2011, 08:06 PM
أنا وحدي هنا و كلّي لديها أسكب القلب قبلة في يديها
فهي خلف البعاد و الوهم يدنيـ ها و يدني إلى فمي شفتيها
من صباها جنيت أزهار شعري ولقتطفت اللّحون من وجنتيها
من هواها أذوب منها ، و فيها من هواها بكيت منها عليها
كلّما شئت أن أفرّ بقلبي من هواها فررت منها إليها
***

أين عنها أحيد أو أين بالقلب أنفر
و هي جوّي و مهبطي و هواي المسعّر
و هي في القلب عالم بالصبابات يزخر
***

و هي في الصدر ألف قلب يغنّي بهواها و موجة من لهيب
إنّها وحدها نصيبي من الـ حبّ و يا حبّ أين منّي نصيبي ؟
هي دنيا تموج بالسحر و الدّلّ و ترفض بالسنا و الطيوب
حلوة كالأشعّة الزهر كالأشـ واق كالشعر كالخيال العجيب
فهي فنّ مجسّد يلهم الفنّ حوار السما و نجوى الغيوب
***

و هي سحر مركّب و فتون مجسّم
كلّ صوت يمرّ في شفتيها ترنّم
و كأنّ الحروف من ثغرها الحلو تبسم
***

كلّما حدّثت تلألأت الألـ فاظ من ثغرها كفجر الربيع
و مشت في حديثها نشوة الـ حسن و ترنيمة الدلال الطبيعي
إنّها و الهوى بأعطاف لحني رقصة السحر و الجمال الرفيع
حبّها في فمي نشيد أغنيـ ه و لحن مذوّب في دموعي
لا فراق و إن تناهى بها البعـ د و قلبي و حبّها في ضلوعي
***

لا انقطاع فحبّنا أبدي و ملهم
حبّنا شاعر على ربوة الخلد يحلم
لا انفصال فإنّنا في عروق الهوى دم .

نــجــم
18-04-2011, 08:06 PM
ساهر الجرح لم ينم كيف يغفو على الضرم
مؤلم كلّما بكى سخر الجرح و ابتسم
لا تسل عنه إنّه ضاع في زحمة الظلم
شاعر يعزف الشقا و يغنّ الدجا الأصم
حار في الحب قلبه حيرة الصمت في القمم
راهب الفنّ صدره للصبابات مزدحم
كلّما كتّم الهوى فضح الفنّ ما كتم
كلّما صان سرّه ضجّ في الصدر و احتدم
لم يطق حشمة الجوى من رأى الشاعر احتشم ؟
لا تسل ما شدا و لا كيف غنّى الهوى ؟ و كم ؟
شاعر ذاب صمته في كؤوس الهوى نغم
و سقاه الحنين من كأسه خمرة العدم
إنّ تاريخ عمره قصّة الحبّ و الألم
كلّما ارتاد مرتعا للهوى عاد بالندم

نــجــم
18-04-2011, 08:06 PM
أنت يا كلّ من أحبّ و أهوى في حنيني شعر و في الصمت نجوى
أنت في كلّ دقّة من فؤادي نغمات من خمرة الحبّ نشوى
و غناء مدلّة ينشر الحبّ صداه و في فم الصمت يطوى
في ضلوعي إليك شوق و قلب شاعر يعزف الصبابات شدوا
و عتاب يفضي إليك فإنّ لا قاك أغضى و ذاب في القلب شكوى
و بقلبي إليك شهر سأرويـ ه و شعر في خاطري ليس يروي
أيّ فنّ أشدو و ماذا أغنّيـ ك و فنّ الجمال أسمى و أقوى
أيّ لحن أهدي إليك و معنا ك لحون تسمو على الفنّ زهوا
آه جفّ النشيد إلاّ نشيدا أنا فيه أذوب عضوا فعضوا
آه يا قلب إنّها صبوة الحسـ ن المغنّي و أنت أصبى و أغوى
حسنها شاعر الفنون و حبّي عبقري يطارح الحسن شجوا
كلّ شعر غنيته فهو منها و إليها و الفنّ يحسوه صفوا .

نــجــم
18-04-2011, 08:06 PM
نشوة النور و أحلام الجنان و شذا الأنسام و الجوّ الجماني
رقصت في الروضة الغنّا كما ترقص الحور على شدو المثاني
و صبت معجزة الحسن بها صبوة السكر بأعطاف الغواني
بلدة الفن و " أمّ الكرم " في حضنها الحاني صبت أمّ الدنّان
نسّق الفن حواشي كرمها فتعانقن على بعد المكان
و طلى بهجتها صفو الندى و الصباح الطفل وردي البنان
و العناقيد على أغصانها كالنهود العاطفيّات الحواني
و تدلّت كالقروط البيض من أذن الغيد المليحات الحسان
***

روضة فوحاء فردوسيّة تلد اللّذّات آنا بعد آن
كلّها راح وروح عبق و ظلال و تثنّي غصن بان
وزهور تبعث العطر كما تبعث السكر العناقيد الدواني
تفرش الجوّ جمالا و شذا و الثرى ظلا نديّ العطف هاني
***

الهوى الممراح فيها و الصبا و حوار الوصل فيها و التداني
و فنون الحسن فيها و الغنا مهرجان يرتمي في مهرجان
و العصافير على أدواحها كالقياثير على أيدي القيان
تسكب اللّحن على مرقصها فتشّي الجو رقصا و أغاني
و كأنّ النهر في أحضانها شاعر ذوّبه فرّط الحنان
و محبّ كلّما ناجى الهوى طلمست نجواه " فوضاء " الزمان
فتحال النهر محموم الغنا مطربا هيمان معقود اللّسان
و كأنّ الروضة الغنّا على مائه فجر الهوى طفل الأماني
***

بلد توحي مجاليه إلى مزهر الفنان أبكار المعاني
قلت للشعر و قد ساجله نغم الفنّ و سحر الإفتنان
أتراه سرق الفردوس أم هو فردوس بحضن الأرض ثاني

نــجــم
18-04-2011, 08:07 PM
أناجيك يا أخت روحي كما يناجي الغريب خيال الحمى
و أهفو إليك مع الأمنيات كما يرتمي الفكر نحو السما
و أظما إليك فتروي المنى خيالي و يزداد روحي ظما
و أبكي و يبكي خيالي معي نشيدا يباكي الدجا الأبكما
***

أيا قلب كم ذبت في حبّها لحونا مضرّجه بالدما
و كم هزّني طيفها في الدجا و كم هزّ قيثاري الملهما
و كم ساجلتني خيالاتها كما ساجل المغرم المغرما
فما عطفت قلبها رحمة و لا فكّرت آه أن ترحما

نــجــم
18-04-2011, 08:07 PM
وحده يحمل الشقا و السنينا لا معين و أين يلقى المعينا
وحده في الطريق يسحب رجليه و يطوي خلف الجراح الأنينا
متعب يعبر الطريق و يمضي وحده يتبع الخيال الحزيناِ

نــجــم
18-04-2011, 08:07 PM
كئيب بطيء الخطا مؤلم يسير إلى حيث لا يعلم
و يسري و يسري فلا ينتهي سراه و لا نهجه المظلم
و تنساب أشباحه في السكون حيارى بخيبتها تحلم
هو اللّيل في صمته ضجّة و في سرّه عالم أبكم
كأنّ الصبابات في أفقه تئنّ فترتعش الأنجم
حزين غريق بأحزانه كئيب بآلامه مفعم
كأنّ النجوم على صدره جراح يلوح عليها الدم
***

هو اللّيل يطوي بأعطافه قلوبا بأشواقها تضرم
تساهر أعين الساهرين و تقتات أحلامه النوم
و يشكو إلى جوّه عاشق و يشدو على صمته ملهم
يناجي المعنّى المعنّي به و يهفو إلى المغرم المغرم
و يبتهج القصر في ظلّه و ينتحب الكوخ و المعدم
ففيه التآويه و الأغنيات و في طيّه العرس و المأتم
و في صدره سرّ هذا الوجود فماذا يذيع و ما يكتم ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:07 PM
ما بين ألوان العنا ء و بين حشرجة المنى
ما بين معترك الجرا ح و بين أشداق الفنا
ما بين مزدحم الشرور أعيش وحدي هاهنا
لم أدر ما السلوى ؟ و لم أطعم خيالات الهنا
الحبّ و الحرمان زا دي و الغذاء المقتني
***

وحدي هنا خلف الوجود و خلف أطياف السنا
و هنا تبنّتني الحياة و ما الحياة و ما هنا
أنا من أنا ؟ الأشوا ق و الحرمان و الشكوى أنا
أنا فكرة و لهى معانيـ ها التضنّي و الضنى
أنا زفرة فيها بكاء الـ فقر آثام الغنى
***

أهوى و ألقى غير ما أهوى ، فماذا أشتهي ؟
لا أسعد المهوى و لا جوع الهواية ينتهي
أنا حيرة المحروم تنـ تحر المنى في صمته
***

و أنا حنين تائه بين المحبّة و الشقا
أظمأ و أظمأ للجما ل و أين منّي المستقى
***

يا قلب هل تلقى المرا د و ما المراد و ما اللّقا
عمري تمرّغ في اللّهيـ ب و لذّة أن يحرقا
لا فارق اللّهب الرما د و لا الرماد تفرقا
***

فمتى متى يطفي الفنا الـ موعود عمري الأحمقا
كيف الخلاص و لم يزل روحي بجسمي موثقا
لا الموت يختصر الحيا ة و لا انتهى طول البقا
لا القيد مزّقه السجـ ين و لا السجين تمزّقا
حيران لم يطق الحيا ة و لم يطق أن يزهقا
***

يا آسر العصفور رفـ قا بالجناح المكسور
سئم الركود و لم يزل في قبضة الشوك الغرام
درن التراب مجسّد في الشيخ ، في ثوب الصبي

نــجــم
18-04-2011, 08:08 PM
يا حياتي و يا حياتي إلى كم أحتسي من يديك صابا و علقم
و إلى كم أموت فيك و أحيا أين منّي القضا الأخير المحتّم
أسلميني إلى الممات فإنّي أجد الموت منك أحنى و أرحم
و إذا العيش كان ذلّا و تعذيـ با فإنّ الممات أنجى و أعصم
***

ما حياتي إلاّ طريق من الأشـ واك أمشي بها على الجرح و الدم
و كأنّي أدوس قلبي على النا ر و أمضي على الأنين المضرّم
لم أفت مأتما من العمر إلاّ و ألاقي من بعده ألف مأتم
و حياة الشّقا على الشاعر الحسّـ اس أدهى من الجحيم و أدهم
***

و أنا شاعر و ما الشعر إلاّ خفقاتي تذوب شجوا منغّم
شاعر صان دمعه فتغنّى بلغات الدموع شعرا متيّم
علّمته الطيور أحزانها البكـ ما فغنّى مع الطيور و رنّم
***

إيه يا شاعر الحياة و ماذا نلت منها إلاّ الرجاء المعشّم
أنت باك تحنو على كلّ باك أنت قلب على القلوب مقسّم
قد قرأت الحياة درسا فدرسا و تجّليت كلّ سرّ مكتّم
فرأيت الحياة لم تصف إلاّ لعبيد الحطام و الذلّ و الدم
طيبها للئام لا الملهم الشا دي و هيهات أن تطيب لملهم
***

أيّهاذي الحياة ما أنت إلاّ أمل في جوانح اليأس مبهم
غرّة تضحك العبوس و تبكي فرحا هانئا و تشقي منعّم
***

يا حياتي و ما حياتي و ما معـ نى وجودي فيها لأشقى و أظلم
ربّ رحماك فالمتاه طويل و الدجا في الطريق حيران أبكم
قد أتيت الحياة بالرغم منّي و سأمضي عنها إلى القبر مرغم
أنا فيها مسافر زادي الأحـ لام و الشعر و الخيال المجسّم
و شرابي و همّي , و آهي أغاريـ دي نوري عمى الظلام المطلسم
ليس لي من غضارة النور لحظ لا و لا فقي يدي سوى الظفر درهم
ليت شعري مالي إذا رمت شيئا حال بيني و بينه القفر و اليم
لم أجد ما أريد حتّى الخطايا أحرام عليّ حتّى جهنّم
كلّ شيء أرومه لم أنله ليتني لم أرد و لا كنت أفهم
أنا أحيا مع الحياة و لكن عمري ميّت الأماني محطّم
ليتني – و الحياة غرم و غنم – نلت من صفوها على العمر مغنم .

نــجــم
18-04-2011, 08:08 PM
ها هنا في المنزل العاري الجديب أحتسي الدمع و أقتات النحيب
ها هنا أشكو إلى اللّيل و كم أشتكي و اللّيل في الصمت الرهيب
و أبثّ الشعر آلام الهوى و أنادي اللّيل و الصمت يجيب
فإلى من أنفث الشكوى ؟ إلى أيّ سمع أبعث اللّحن الكئيب ؟
و إلى من أشتكي الحبّ إلى من إلى من ؟ إنّني وحدي غريب ؟
ها هنا يا ليل وحدي و الجوي بين أضلاعي لهيب في لهيب
***

و لمن أشدو ؟ و من أشدو ؟ فيا لجنوبي من أغنّي بالنسيب
ما لقلبي يبعث الحبّ به عبث الإعصار بالغصن الرطيب
من أغنّي ؟ لا حبيبا ؟ لا ؟ و لا لي من الدنيا على الدنيا نصيب
آه إنّي شاعر و الشعر من محنّي ! أوّاه ما أشقى الأديب !
شاعر و الشعر عمري في غد أين عمري أين .. في اليوم القريب

نــجــم
18-04-2011, 08:08 PM
لا مشفق حولي و لا إشفاق إلاّ المنى و الكوخ و الإخفاق
البرد و الكوخ المسجّى و الهوا حولي و قلبي و الجراح رفاق
و هنا الدجا يسطو على كوخي كما يسطو على المستضعف العملاق
فلمن هنا أصغي ؟ و كيف ؟ و ما هنا إلاّ أنا ، و الصمت ، و الإطراق
أغفى الوجود و نام سمّار الدجا إلاّ أنا و الشعر و الأشواق
وحدي هنا في اللّيل ترتجف المنى حولي و يرتعش الجوى الخفّاق
و هنا وراء الكوخ بستان ذوت أغصانه و تهاوت الأوراق
فكأنّه نعش يموج بصمته حلم القبور و يعصف الإزهاق
نسي الربيع مكانه و تشاغلت عنه الحياة و أجفل الإشراق
عريان يلتحف السكينه و الدجا و تئنّ تحت جذوعه الأعراق
***

و اللّيل يرتجل الهموم فتشتكي فيه الجراح و تصرخ الأعماق
و الذكريات تكرّ فيه و تنثني و يتيه فيه الحبّ و العشاق
تتغازل الأشواق فيه و تلتقي و يضمّ أعطاف الغرام عناق
***

و الناس تحت اللّيل : هذا ليله وصل و هذا لوعة و فراق
و الحبّ مثل العيش : هذا عيشه ترف و هذا الجوع و الإملاق
في الناس من أرزاقه الآلاف أو أعلى وقوم ما لهم أرزاق
هذا أخي يروي و أظما ليس لي في النهر لا حقّ و لا استحقاق

نــجــم
18-04-2011, 08:08 PM
لست أهواك قد خلعت الهواء و احتقرت الفتون و الإغراء
لست أهواك قد صحوت من الحب و مزّقت صبوتي و الصبا
و نفخت الغرام من حبّة القلـ ب كما تنفخ الرياح الهباء
و ترفّعت عن ‘رادتك البلـ ها ورضت الجناح أغزو السما
فاخدعي من أردت غيري من النا س فإنّي وهبت قلبي العلاء
واخجلي أنت و الهوى واستكيني واخلعي عن كيانك الكبرياء
إنّني قد فرغت منك و بعثر ت بقايا صبابتي أشلاء
***

آه كم عشت في هواك و كم مرّغت فيه فتوّتي و الإباء
كم تغنّيت في هواك و سلسلـ ت دمي في فم الغرام غناء
و أرقت الدموع منك و لكن غسل الدمع حرقتي و العناء
واستدرّ البكا هواك من القلـ ب فأفنّى الهوى و أبقى العزاء
و بكاء المحبّ يستنزف الشو ق نشيجا و الذكريات بكاء
لست أهواك قد نحرت صبابا تي كما ينحر النوط الرجاء
و نسيت اللّقا و عفت التلاقي و التصابي و الحسن و الحسناء
***

فامض يا حبّ قد رجعت إلى العقـ ل المصفّى يديرني كيف شاء
ويل ويل الغرام من يقظة اللّـ بّ إذا اللّب بالفؤاد تناءى
و إذا صارعت قوى العقل قلبا عبقريا زادت قواه قواء

نــجــم
18-04-2011, 08:08 PM
غرّد فأنت الحبّ و الأحلام إنشد يصفّق حولك الإعظام
يا كافرا بالصمت و الإحجام طر واهتف فداك الصمت و الإحجام
و اسبح بآفاق الجمال وطف كما تهوى و يهوى جوّه البسّام
***

يا شعري الفوّاح غرّد تحتفل فيك العطور و تعبق الأنسام
لك من شفاه الفجر منتزه و في صدر المروج مراقص و هيام
في كلّ رابية لقلبك خفقة و بكلّ واد حرقه و ضرام
و لصوتك الحاني بأجفان الربا غزل و في قلب الربيع غرام
بستانك الغبرا و مسرحك الفضا فلك الوجود مسارح و مقام
***

شعري و أنت الفنّ أنت رحيقه شفتاك كأس و اللّحون مدام
حلّقت فوق مسابح الأوهام لم تلمح خيال جناحك الأوهام
و المارد العملاق يكتسح العلا فتظلّ تهذي خلفه الأقزام
***

شعري تبنّاك الخلود فأنت في ربواته الأنغام و النغّام
جسّمت أنفاس الشّذا فترنّحت فيك الطيوب كأنّها أجسام
وغمست قلبك في الحياة وصغتها لحنا صداه و صوته الإلهام
و جلوت ألوان الطبيعة مثلما يجلو الفتاة بفنّه الرسّام
***

شعري تناجى الحسن فيه و الهوى و تناغت الآمال و الآلام
و تحاضرت فيه المنى و تعانقت في صدره القبلات و التهيام
فإذا بكى أبكى القلوب و إن شدا رقصت ليالي الدهر و الأيّام
***

ظمآن يرتشف الجمال و كلّما أروي أواما صاح فيه أوام
فله وراء المجد أمجاد و من خلف المرام مطامح و مرام
سيظلّ يشدو كالجداول لا و لم ينضب غناه و لم يجفّ الجام
***

لا ! لم ينم شعري ! و لم يصمت و لم تصمت على أوتاره الأنغام
لم يستكن و تري و لم يسكت فمي فلتخرس الأفواه و الأقلام

نــجــم
18-04-2011, 08:09 PM
صور الجلال وزهوة الأمجاد سكبت نمير الوحي في إنشادي
صور من الأمس البعيد حوافل بالذكريات روائح و غوادي
خطرت تعيد مشاهد الماضي إلى الـ يوم الجديد إلى الغد المتهادي
حملت من الميلاد أروع آيه غمرت متاه الكون بالإرشاد
زمر من الذكرى تروح و تغتدي و تشقّ أبعادا إلى أبعاد
و تزفّ وحي المولد الزاهي كما زفّ النسيم شذا الربيع الشادي
***

يا فجر ميلاد النبوّة هذه ذ**** فجرا دائم الميلاد
و تهلّل الكون البهيج كأنّه حفل من الأعراس و الأعياد
و أفاقت الوثنيّة الحيرى على فجر الهدى و على الرسول الهادي
فمواكب البشرى هناك و ها هنا تنبي الوجود بأكرم الأولاد
و المجد ينتظر الوليد كأنّه و المجد و العليا على ميعاد
و ترعرع الطفل الرسول فهبّ في دنيا الفساد يبيد كلّ فساد
و سرى كما تسري الكواكب ساخرا بالشوك بالعقبات و الأنجاد
بالغدر يسعى خلفه و أمامه بالهول بالإبراق بالإرعاد
لا ... لم يزل يمشي إلى غاياته و طريقه لهب من الأحقاد
فدعى قريشا للهدى و سيوفها تهفو إلى دمه من الأغماد
فمضى يشقّ طريقه و يطير في أفق العلا و الموت بالمرصاد
و يدوس أخطار العداوة ماضيا في السير لا واه و لا متمادي
لا يركب الأخطار إلاّ مثلها خطر يعادي في العلا و يعادي
نادى الرسول إلى السعادة و الهنا فصغت إليه حواضر و بوادي
و تصاممت فئة الضلالة و اعتدت فأتى إليها كالأتيّ العادي
واهتاجت الهيجا فأصبحت العدا خبرا من الماضي و طيف رقاد
لا تسكب الأوغاد إلاّ وثبة ناريّة غضبى على الأوغاد
و من القتال دناءة وحشيّة حمقى و منه عقيدة و مباديء
***

خاض الرّسول إلى العلا هول الدجا و لظى الهجير اللّافح الوقّاد
واقتاد قافلة الفتوح إلى الفدى و المكرمات دليلها و الحادي
و هفا إلى شرف الجهاد و حوله قوم تفور صبابة استشهاد
قوم إذا صرخ العراك توثّبوا نحو الوغى في أهبة استعداد
و تماسكوا جنبا وارتموا كالموج في الإغراء و الإزباد
و تدافعوا مثل السيول تصبّها قمم الجبال إلى بطون الوادي
و إذا تساجلت السيوف رأيتهم خرسا و ألسنة السيوف تنادي
هم في السلام ملائك ولدى الوغى جنّ تطير على ظهور جياد
و هم الألى الشمّ الذين تفتّحت لجيوشهم أبواب كلّ بلاد
الناشرون النور و التوحيد في دنيا الضلال و عالم الإلحاد
الطائرون على السيوف إلى العلا و الهابطون على القنا الميّاد
***

بعث الرسول من التفرّق وحدة و من العدا القاسي أرقّ وداد
فتعاقدت قوم الحروب على الصّفا و توحّدت في غاية و مراد
و تحرّكت فيها الأخوة مثلما تتحرّك الأرواح في الأجساد
و محا ختام المرسلين عن الورى صلف الطّغاة و شرعة الأنكاد
فهناك تيجان تخرّ و هاهنا بين السكون مصارع استبداد
و هناك آلهة تئنّ و تنطوي في خزيها و تلوذ بالعبّاد
و المرسل الأسمى يوزع جهده في الحقّ بين هداية و جهاد
حتّى بنى للحقّ أرفع ملّة ترعى حقوق الجمع و الأفراد
و شريعة يمضي بها جيل إلى جيل و آزال إلى آباد
***

يا خير من شرع الحقوق و خير من آوى اليتيم بأشفق الإسعاد
يا من أتى بالسلم و الحسنى و من حقن الدّما في العالم الجلّاد
أهدي إليك و منك فكرة شاعر درس الرجال فهام بالأمجاد

نــجــم
18-04-2011, 08:09 PM
ها هنا كان يناجينا الغرام و يناجي المستهام المستهام
ها هنا رفّ بقلبينا الصبا و تبنّانا التصافي و الوئام
عقد الحبّ فؤادينا كما يعقد الهدب إلى الهدب المنام
فتلاقينا بأحضان الصّفا و الصّبا خمر و ثغر الحبّ جام
و تجاذبنا أحاديث الهوى و سهرنا و ليالينا نيام
و تمنّينا الأغاني و اللّقا في شفاه الكأس لحن و مدام
و الصبابات الظوامي حولنا تشرب اللّحن فيهتاج الأورام
ها هنا غنّى الهوى الطفل لنا و طواه ها هنا عنّا الفطام
و انقضى صفو التلاقي و ذوت في صبا الحبّ أمانيه الجسام
و انتهى العهد كأنّ لم يبتديء أو تلاقى البدء فيه و الختام
وانطفا فجر أمانينا و لم ينطف الشوق و لم يخب الضرام
بدت اللّقيا وولّت ها هنا فعلينا و على اللّقيا السلام
ضمّنا هذا المقام المشتهي ثمّ أقصاني و أقصاك المقام
فهنا يا أخت ناغينا الهوى و هنا ولّى و غطّاه القتام
واختفى الأنس و ذكراه على مسرح العمر شعاع و ظلام
و من الحبّ ابتهاج و أسى و من الذكرى دموع ة ابتسام
كلّنا يهوى الهنا لكنّنا كلّما رمنا الهنا غاب المرام
ها أنا حيث التقينا و على خاطري من صور الأمس ازدحام
أسأل الذكرى عن الحبّ و هل للهنا في شرعة الحبّ دوام
ها أنا في منزل اللّقيا و في جوّه من عهدنا الفاني حطام
أسأل الصمت على الجدران هل للهوى عهد لديه أو ذمام
و يكاد الصمت يروي حبّنا قصّة لو طاوع الصمت الكلام

نــجــم
18-04-2011, 08:09 PM
غبت في الصمت و الهموم الضّواري والأماني و الذكريات السواري
و تغلّفت بالوجوم وواريـ ت همومي في صمتي المتواري
و خنقت اللّحون في حلق مزما ري و أغفى على فمي مزماري
و انطوت في فمي الأغاني و ماتت نغمي في حناجر الأوتار
و تلاشى شعري و نام شعوري نومة اللّيل فوق صمت القفار
و تفانى فنّي و لم يبق إلاّ ذكريات الصدى بشجو ادّكار
و خيال النحيب في عودي البا كي و طيف النشيج في أسراري
***

و كأنّي تحت الدياجير قبر جائع في جوانح الصمت عاري
و أنا وحدي الغريب و أهلي عن يميني و إخوتي عن يساري
و أنا في دمي أسير ، و في أر ضي شريد مقيّد الأفكار
و جريح الإبا قتيل الأماني و غريب في أمّتي ودياري
كلّ شيء حولي عليّ غضوب ناقم من دمي على غير ثار

نــجــم
18-04-2011, 08:09 PM
نزلت ليالي السجن بين جوانحي فحملت صدري للهموم ضريحا
و جثت على قلبي كأنّي صخرة لا تفهم التنويه و التلميحا
فدفنت في خفق الجراح تألّمي حيّا و ألحدت الأنين صحيحا
و حملت دائي في دمي وكأنّني في كلّ جارحة حملت جريحا

نــجــم
18-04-2011, 08:10 PM
كيف أنسى منك الحوار البديعا و اللّقا الغضّ و الجمال الرفيعا
كيف أنسى و لا نسيت و عندي ذكريات حرّى تذيب الضلوعا
كيف أنسى و لست أنسى لقاء ضمّ قلبا صبّا و قلبا صديعا
ووصالا كانت تفيض معاني علينا سكينة و خشوعا
عندما ضمّنا اللّقا في ذراعيـ ه نسينا ما في الوجود جميعا
و صبونا و عانق الحبّ حبّا مثلما عانق الصباح الربيعا
وامتزجنا و الحبّ يضفي علينا صبوات مرحى و جوّا وديعا
و بنان الهوى تغازل قلبيـ نا كما غازل النسيم الشموعا
فأدرنا من الغرام حوارا عاطفيّا يصبي الهوى و الولعا
و عتابا يكاد من رقّة الألـ فاظ يجري على الشفاه دموعا
***

كم تساءلت عن لقانا و كم سا ءلت عن صفوة الظلام المريعا
و ذكرت الوصال ذكرى غريب يتشهّى أوطانه و الرّبوعا

نــجــم
18-04-2011, 08:10 PM
وحدي هنا يا ليل وحدي ما بين آلامي و سهدي
وحدي و أموات المنى و الذكريات السود عندي
كأنّ أشباح الدجا حولي أماني مستبدّ
وي أحاسيسي و تنـ شرها و تخفيها و تبدي
لمّيل يلهو بي كما يهوى التجنّي و التعدّي
كأنّني في كفّه عرض الكريم بكفّ وغد
ليل لي قلب يحنّ إلى العلا بأحرّ وجد
ى العلا و يردّني عجزي و إن العجز مردّي
اليأس يسلبني عن الـ عليا و لا الآمال تجدي
و بين مآربي أقصى النوى و أشقّ بعد
فات مجدي إنّما في ذمّة الأيّام مجدي
غدا – و ما أدنى غدا منّي – سأوفي المجد وعدي
لقّن التاريخ آيا تي و يروي الخلد خلدي
نشيد منّي أمّة تهدي إلى العليا و تهدي
على عهد العلا فلتذكر العليا عهدي

نــجــم
18-04-2011, 08:10 PM
يا حيرتي أين حبّي أين ماضية و أين أين صباه أو تصابيه
قتلت حبّي و لكنّي قتلت به قلبي و مزّقت في صدري أمانيه
و كيف أحيا بلا حبّ و لي نفس في الصدر أنشره حيّا و أطويه
قتلت حبّي و لكن ! كيف مقتله ؟ بكيت حتّى جرى في الدمع جارية
أفرغت من حدق الأجفان أكثره دمعا و ألقيت في النسيان باقية
ما كنت أدري بأنّي سوف أقتله أو أنّني بالبكا الدامي سأفنيه
و كم بكيت من الحبّ العميق إلى أن ذاب دمعا فصرت اليوم أبكيه
و كم شدوت بواديه الوريف و كم أفعمت كأس القوافي من معانيه
و كم أهاب بأوتاري و ألهمني و كم شربت الأغاني البيض من فيه
***

و اليوم واريت حبّي و التفتّ إلى ضريحة أسأل الذكرى و أنعيه
قد حطّم اليأس مزمار الهوى بفمي و قيّد الصمت في صوتي أغانيه
إنّ الغرام الذي قد كنت أنشده أغاني الروح قد أصبحت أرثيه
ويلي وويلي على الحبّ القتيل و يا لهفي على عهده الماضي و آتيه
ما ضرّني لو حملت الحبّ ملتهبا يميت قلبي كما يهوى و يحييه

نــجــم
18-04-2011, 08:10 PM
هيهات أن أنسى هواك و كلّما حاولت أن أنسى ذكرتك مغرما
يا للشجون و كيف أنسى و الأسى يقتات أوصالي و ينتزف الدما
يا أخت روحي و ابتسام طفولتي و بكا شبابي – آه . ما ألقى و ما
خلّفتني وحدي ألوك حشاشتي أسفا و أفنى حرقة و تضرّما
وحدي مع الأمل الذبيح تطوف بي ذكر متيّمة يشقن متيّما
و اليوم إنّي حول قبرك صامت أقتات من جوعي و أستسقي الظما
و أقبّل القبر الحبيب و منيتي لو أنّ لي في كلّ جارحة فما
و أسائل الصمت الرهيب كأنّني جوعان محتضر يسائل معدما
***

يا من أناديها و يخنقني البكا و يكاد صمت الدمع أن يتكلّما
فارقت في مثواك رفق أبوّتي و فقدت عطف الأم فيك مجسّما
يا قلبي الدامي و آه و أين من فاضت عليّ عواطفا و ترحّما
غابت و غبت و كلّما فارقتها لاقيتها في الذكريات توهّما
مالي أناجيها و كيف و كلّما ناجيتها ناجيت قبرا أبكما
***

وافيت قبرك و السكون يلفّه و سكينة الأجداث تحيي المأتما
فسألت وارتجف السؤال متى اللّقا فعصى الجواب لسانه و تلعثما
فذكرت أنّ الموت خاتمة اللّقا فقلت آمالي و ليت و ربّما
و تألّمت روحي ووجداني إلى أن كادت الآلام أن تتألّما
***

يا روع قلبي كيف أنسى روضة حضنت صبا عمري فرفّ منعّما
كم دلّلتني بالحنان و لم تكن أمّي و قد كانت أرقّ و أرحما
حتّى عميت فكاد يعميها البكا و حنانها الباكي يشاركني العمى
***

كم صارعت عنت الخطوب و ما مضت من ظالم إلاّ تلقّت أظلما
و مشت على شوك الحياة و هولها و كأنّها كانت تدوس جهنّما
فرمت إلى حضن الممات كيانها و تبدّلت بالكدّ عيشا أنعما
و تبرّمت بحياتها الضنكى و من برمت به متع الحياة تبرّما
و حييت بعد مماتها ميت الهنا حيّا أموت تأوّها و تألّما

نــجــم
18-04-2011, 08:10 PM
أين منّي حنانها أين منّي ملتقاها لم يبق إلاّ التمنّي
و شجون تهفو بقلبي إليها و ظنون تقصي مرادي و تدني
هي أدنى إليّ من سر قلبي و هي في القرب أبعد الناس عنّي
و هي في خاطري و أشكو نواها و أقاسي ظلم الهوى و التجنّي
فاسمعي يا حبيبة الروح نجوى خاطري وارقصي على شجو لحني
إنّني يا حبيبتي شاعر الـ حب و للحبّ أغنياتي و فنّي
يجرح الحبّ أغنياتي فيصبيـ ها و يبكيني الهوى فأغنّي
حين يضنيني الغرام أغنيـ ه و أسمى الغرام ما كان مضنى
ساجليني يا ربّة الحسن أشوا قي و عاني معي الغرام المعنّي
إنّني يا إلهة الحسن أهوا ك و إن الهوى من الحسن يغنّي
إنّني ظاميء إليك و كم أظمأ و أظما و فيك خمري و دني
في معانيك سكرة الحبّ و الفن و فيها رقص الخيال المغنّي
و فتون حيّ يموج على أعـ طاف حسنا يجلّ عن كلّ حسن
إنّها كلّ ما أريد من الدنـ يا و ما يشتهي يقيني و ظنّي

نــجــم
18-04-2011, 08:11 PM
ولد الربيع معطّر الأنوار غرّد الهوى و مجنّح الأشعار
و مضت مواكبه على الدنيا كما تمضي يد الشادي على الأوتار
جذلان أحلى من محاورة المنى و أحبّ من نجوى الخيال السّاري
و ألذّ من سحر الصبا و أرقّ من صمت الدموع ورعشة القيثار
هبط الربيع على الحياة كأنّه بعث يعيد طفوله الأعمار
فصبت به الأرض الوقور و غرّدت و تراقصت فتن الجمال العاري
و كأنّه في كلّ واد مرقص مرح اللّحون معربد المزمار
و بكلّ سفح عاشق مترنّم و بكلّ رابية لسان قاري
و بكلّ منعطف هدير حمامة و بكلّ حانية نشيد هزار
و بكلّ روض شاعر يذرو الغنا فوق الرّبا و عرائس الأزهار
و كأنّ أزهار الغصون عرائس بيض معندمة الشفاه عواري
و خرائد زهر الصبا يسفرن عن ثغر لؤاليّ و خدّ ناري
من كلّ ساحرة الجمال تهزّها قبل الندي و بكا الغدير الجاري
و شفاه أنفاس النسيم تدبّ في بسماتها في الأفكار
فتن و آيات تشعّ و تنتشي كالحور بين تبسّم و حوار
ناريّة الألوان فردوسيّة ذهبيّة الآصال و الأسحار
آذار يا فصل الصبابة و الصبا و مراقص الأحلام و الأوطار
يا حانه اللّحن الفريد و ملتقى نجوى الطروب و لوعة المحتار
أجواؤك الفضّيّة الزرقا جلت صور الهنا و عواطف الأقدار
و محا هواك الشتا القاسي كما يمحو المتاب صحفيّة الأوزار
في جوّك الشعري نشيد حالم و عباقر شمّ الخيال عذاري
***

ما أنت إلاّ بسمة قدسيّة ريّا الشفاه عميقة الأسرار
و بشائر مخصّلة و ترنّم عبق أنيق السحر و السحار

نــجــم
18-04-2011, 08:11 PM
لمن الهيام ؟ لمن تذوب هياما ؟ و لمن تصوغ من البكا أنغاما
و لمن تسلسل من ضلوعك نغمة حيرى تناجي اللّيل و الأحلاما
و نشائدا جرحى اللّحون كأنّها من رقّة الشكوى قلوب يتامى
***

يا شاعر الآلام كم تدمى و كم تبكي و تحتمل الهموم جساما
خفّف عليك و عش بقلبك وحده و اسأل نهاك لم البكا و علاما ؟
واربأ بنفسك فهي أسمى غاية من أن تذوب صبابة و غراما
كم همت بلآلام تشدو باسمها و على الأنين تدلّل الآلاما
بلواك يابن الشعر فجر شاعر يهدي إليك الوحي و الإلهاما
و بكاك ترنيم الخلود إذا اشتكى غنّى الحياة ورقّص الأيّاما
في قلبك المهموم ألف خميله تلد الهموم أزاهرا و خزامى
جلّت هموم الشعر . إنّ دموعها فنّ يدير من الدموع مداما

نــجــم
18-04-2011, 08:11 PM
يقولون لي مالي صمت عن الرثا فقلت لهم إنّ العويل قبيح
و ما الشعر إلاّ للحياة و إنّني شعرت ما شعرت أنوح
و كيف أنادي ميّتا حال بينه و بيني تراب صامت و ضريح
و ما النوح إلاّ للثّكالى و لم أكن كثكلى على صمت النعوش تصيح

نــجــم
18-04-2011, 08:11 PM
لا قيتها و هي تهواني و أهواها فما أحيلى تلاقينا و أحلاها
و ما ألذّ تدانيها و أجملها و ما أخفّ تصابيها و أصباها
فهي الربيع المغنّي و هي بهجته و هي الحياة و معنى الحبّ معناها
و إنّها في ابتسامات الصبا قبل سكرى تفيض بأشهى السكر ريّاها
و فتنة من شباب الحسن رقّمها فنّ الصّبا و حوار الحبّ غناها
لاقيتها و أغاريد الهوى بفمي تشدو و تشدو و تستوحي محيّاها
غازلتها فتغاضت لحظة ودنت و عنونت بابتسامات الرضا فاها

نــجــم
18-04-2011, 08:11 PM
طال الطريق ، و قلّ الزاد ، و همّ الركب بالرحيل ، و أين ؟ و كيف ؟ كانت اللّيلة عاقرا لم تلد فجرا ، و سياط المطر تضرب العابرين و أجنحة العفاريت تتشابك و تحوم ، و الطريق الوحل يتخبّط بالمتعبين .

و نادى الشيخ : قد أظلمت فقف ، أعتم الوادي وضلّ الدليل ! و نادى الشيخ :

صاحبي غامت حوالينا النواحي أيّ مغدى تبتغي أيّ مراح
قف بنا حتّى يمرّ السيل من دربنا المحفوف بالشّر الصراح
أين تمضي ؟ و القضا مرتقب و متاح و الرجا غير متاح
و الدجا الأعمى يغطّي دربنا برؤى الموتى و أشلاء الأضاحي
أين تمضي ؟ و إلى أين بنا جدّت الظلما فدع حمق المزاح
أظلم الدرب حوالينا فقف ريثما تبدو تباشير الصباح
***

و هنا نادى على الدرب فتى صديقه بين اقتراب و انتزاح
يحمل المصباح في قبضته و ينادي الركب من خلف الجراح
فتلفّتنا إليه فانطوى صوته بين الروابي و البطاح
واحتوى الصمت الندا واضطربت حول مصباح الفتى هوج الرياح
***

يا رفيقي هذه ليلتنا عاقر سكرى بآثام السفاح
و العفاريت عليها موكب يرتمي في موكب شاكي السلاح
و الأعاصير تدوّي في الربا و تميت العطر في صدر الأقاح
و غصون الروض عرّاها الهوا ورمى عن جيدها كلّ وشاح
و الرياض الجرد لهفي لم تجد لطف أنسام و لا نجوى صداح
نام عنها الفجر و الطير فلا همس منقار و لا خفق جناح
***

يا رفيقي في السرى هل للسرى آخر ؟ هل لظلام الدرب ماحي ؟
تلك كأس العمر جفّت و هوت و هوانا في شفاه الكأس صاحي
هل وراء العمر عمر شائق ؟ هل وراء اليأس ظلّ من نجاح ؟
أيّ ركب من هنا يسري و ما باله يسري إلى غير فلاح
و طريق السفر شوك و دم يصرح الهول به ساحا بساح
تعب الركب و كلّ الدرب من ضجّة السفر و ضوضاء التلاحي
" حيرة الساري " متى يغفي ؟ متى يستريح الدرب من ركب الكفاح ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:11 PM
ماذا يريد المرء ما يشفيه يحسو روا الدنيا و لا يرويه
و يسير في نور الحياة و قلبه ينساب بين ضلالة و التيه
و المرء لا تشقيه إلاّ نفسه حاشى الحياة بأنّها تشقيه
ما أجهل الإنسان يضني بعضه بعضا و يشكو كلّ ما يضنيه
و يظنّ أن عدوّه في غيره و عدوّه يمسي و يضحي فيه
غرّ و يدمي قلبه من قلبه و يقول : إن غرامه يدميه
غرّ و كم يسعى ليروي قلبه بهنا الحياة و سعيه يظميه
يرمي به الحزن المرير إلى الهنا حتّى يعود هناؤه يرزيه
و لكم يسيء المرء ما قد سرّه قبلا و يضحكه الذي يبكيه
ما أبلغ الدنيا و أبلغ درسها و أجلّها و أجلّ ما تلقيه
و من الحياة مدارس و ملاعب أيّ الفنون يريد أن تحويه
بعض النفوس من الأنام بهائم لبست جلود الناس للتمويه
كم آدمي لا يعدّ من الورى إلاّ بشكل الجسم و التشبيه
يصبو فيحتسب الحياة صبيّة و شعوره الطفل الذي يصبيه
***

قم يا صريع الوهم واسأل بالنهى ما قيمة الإنسان ما يعليه
واسمع تحدّثك الحياة فإنّها أستاذة التأديب و التّفقيه
وانصب فمدرسة الحياة بليغة تملي الدروس و جلّ ما تمليه
سلها و إن صمتت فصمت جلالها أجلى من التصريح و التنويه

نــجــم
18-04-2011, 08:12 PM
دعيني أنم لحظة يا هموم فقد أوشك الفجر أن يطلعا
و كاد الصباح يشقّ الدجا و لم يأذن القلب أن أهجعا
دعيني أنم غفوة عسى أجد الحلم الممتعا
دعيني أطلّ عليّ الصباح و ما زلت في أرقي موجعا
و ما زال يتعبني مضجعي و يضني تقلّبي المضجعا
لك الله يا ليلة الذكريات و لي ، ما أمرّ و ما أفزعا

نــجــم
18-04-2011, 08:12 PM
كم أغنّيك آه كم أسفح الروح في النغم
و أناجيك و الدجا بيننا تائه أصم
و الوجود الكبير في سكرة الصمت و الظلم
و أنادي كأنّني معدم يسأل العدم
***

و أناجي يا ربّة الحسن و الأشـ واق حولي مدلّهات صوادي
و خيالي يسمو بأجنحة الحبّ بعيدا إلى وراء البعاد
و معانيك نغمة ردّدتها نغماتي على فم الآباد
و صلاة تفجّر الطهر في محـ راب حبّي و السحر في إنشادي
و الهوى في فمي نشيد نديّ و صلاة قدسيّة في فؤادي
و أنا في هواك أمضي بجوع الـ حبّ و الأغنيات مائي وزادي
فاستثيري شجون حبّي وزيدي في جنوني ، و حرقتي واتّقادي
فجنون الغرام عقل جديد طائر في مسابح الوحي شادي
أنا أهواك للمعاني فزيديـ ني غراما يذيب قلب الجماد
***

وافعمي مهجتي هوى ملهبا ثائر الضرم
واشعليني صبابة و املئي خاطري حمم
و اجهدي في تألّمي لذّة الحبّ في الألم
عذّبيني و عذّبي فعذاب الهوى حكم
***

أضرمي لوعتي تفه بالأغاني و الحوار الأنيق زاهي البيان
فأجلّ الغرام وجد بلا وصـ ل و شوق تموت فيه الأماني
و صبيني أو فاهجريني فحسبي منك فنّ الهوى و حلم التداني
أنا حسبي من الهوى أن يحسّ الـ قلب فيه قلبا من الحبّ ثاني
إنّما شرعه القلب و الطبـ ع فزيدي صبابتي و افتتاني
و انتفاض الغرام في الروح معنى الر وح معني الحياة في الإنسان
ما أمرّ الهوى و أحلى معانيـ ه و أسمى صبابة الفنان
أنا لولاك ما انتزفت شبابي نغما خالدا خلود المعاني
لا و لا ذبت في فم الحبّ شدوا قدسيّ الصدى نديّ الحنان
***

و نشيدا متيّما مغرم الصوت و الصدى
يحتسبه الهوى كما تحتسي الزهرة الندى
كلّما استنطق الجوى صمت أوتاره شدا
و تندى عواطفا عاشقات و غرّدا
***

و تغنّى كأنّه الفجر يبثّ الصباح شكوى اللّيالي
فاسمعي لوعتي بأنفاس أوتا ري فإنّي سكبت فيها انفعالي
و احتسي من كئوس حبّي لحونا وارقصي رقصة الصبا و الدلال
و اسكريني يا هالة الحبّ بالحـ ب و بالسحر من كئوس الجمال
سكرة القلب بالهوى سكره الأز هار بالعطر و النّدى و الظلال
سكرة الحبّ سكرة الفجر بالأنـ وار سكر القلوب بالآمال
أنا من عشت في هواك أغنيّـ ك و أروي الغرام للأجيال
و معاني هواك في ثغر لحني بسمات بيض كأزهى اللآلي
كالشّذا في فم الربيع المندّى كالمنى في خواطر الأطفال

نــجــم
18-04-2011, 08:12 PM
لا تسل عنّي و لا عن ألمي فلقد جلّ الأسى عن كلمي
و تعايا صوتي المجروح في عنفوان الألم المضطرم
ضقت بالصمت وضاق الصمت بي بعد ما ضاقت عروقي بدمي
فدع التسآل عمّا بي فقد ألجمت هيمنة الصمت فمي
و تهاديت كأنّي أمل يرتمي فوق بساط العدم
و دمي يصرخ في جسمي كما تصرخ الثكلى ببيت المأتم
و أراني آه مهزوم المنى و أنا أحنو على المنهزم
أرحم المحروم إحساسا و لم تدر كفّي كيف شكل الدرهم
و أنا أحنو على العاني و بي حسرة العاني وجوع المعدم
و أنا في عزلتي السودا و في قلبي الدامي قلوب الأمم
و تآويه الحيارى تلتقي في أحاسيسي و في روحي الظمي
آه كم وقّعت آلامي على عودي الباكي جريح النغم
و عبرت العمر مخنوق الإبا مطلق الحسّ حبيس القدم
قلق اليقظة مذعور الكرى ذاهل الفكر شريد الحلم
حائر الخطو كأنّي مذنب ميّت الغفران حيّ الندم
و كأنّي قصّة مبهمة في حنايا كبرياء الظلم
و ضجيج صامت تكنفه لجة الآلام و اللّيل العمي
و على صدري توابيت الشقا كالعفاريت الحيارى ترتمي
كلّما ساءلت نفسي من أنا صمتت عنّي صموت الصنم
لا تسل عنّي فآلام الورى بضلوعي كاللّهيب النهم
و غنا شعري بكا عاطفتي و تباكي جرحى المبتسم

نــجــم
18-04-2011, 08:12 PM
كان عملاقا شاخ في فجر ميلاده ، و كاد أن يحتضر في ربيع العمر ، فتراه على بقيّة الأنفاس ، يتراءى كالظّل الحزين على صفحة الماء الراكد ، نصف عمره حلم آت ، و نصف ذكريات ، يدور في محوره كطيف الأمس في أهداب الذكريات ، فهو متاهة الظنون حلم تقلبه أجفان الظلم تائه

تائه كالرّجا في زوايا السجون
كخيال اللّقا حول وهم الجفون
كرياح الضحا في صخور الحزون
كانين الشّتا فوق صمت الغصون
كطيوف المسا في متاه العيون
وحدة يرتمي خلف طيف الفتون
بين خفق الرؤى و ضجيج السكون
آه يا قلبه حرّقتك الشجون
جفّ خمر الهوى في كئوس اللّحون
ظاميء يرتوي بسراب الظنون
ماله هان أو ماله لا يهون
كفّنت صوته و صداه السنون
و اختفى ظلّه في غبار القرون
كوعود المنى في الزمان الخؤون .

نــجــم
18-04-2011, 08:12 PM
أفق وانطلق كالشعاع النديّ و فجّر من اللّيل فجر الغد
وثب يابن أمّي وثوب القضا على كلّ طاغ و مستعبد
و حطّم ألوهيّة الظالمـ ين و سيطرة الغاصب المفسد
و قل للمضلّين باسم الهدى تواروا فقد آن أن نهتدي
و هيهات يبقى الشباب جريح الإبا أو حبيس اليد
سيحيا الشباب و يحيى الحمى و يفني عداة الغد الأسعد
و يبني بكفّيه عهدا جديدا سنّيا و مستقبلا عسجدي
و عصرا من النور عدل اللّوا طهور المنى أنف المقصد
***

فسر يابن أمّي إلى غاية سماويّة العهد و المعهد
إلى غدك المشتهى حيث لا تروح الطغاة و لا تغتدي
فشقّ الدجا يا أخي واندفع إلى ملتقى النور و السؤدد
و غامر و لا تحذرنّ الممات فغري بك الحذر المعتدي
ولاق الردى ساخرا بالردى ومت في العلا موت مستشهد
فمن لم يمت في الجهاد النبيل يمت راغم الأنف في المرقد
و إن الفنا في سبيل العلا خلود . شباب البقا . سرمدي
و ما الحرّ إلا المضحي الذي إذا آن يوم الفدى يفتدي
وحسب الفتى شرفا أنّه يعادي على المجد أو يعتدي
أخي يا شباب الفدى طال ما خضعنا لكيد الشقا الأسود
و مرّت علينا سياط العذاب مرور الذباب على الجلمد
فلن نخضع اليوم للغاصبين و لم نستكن للعنا الأنكد
سنمشي سنمشي برغم القيود ورغم وعود الخداع الردي
فقد آن للجور أن يبتهي وقد آن للعدل أن يبتدي
وعدنا الجنوب بيوم الجلاء و يوم الفدى غاية الموعد
سنمشي على جثث الغاصبين إلى غدنا الخالد الأمجد
و ننصبّ كالموت من مشهد و ننقضّ كالأسد من مشهد
و نرمي بقافلة الغاصبين إلى العالم الآخر الأبعد
فتمسي غبارا كأنّ لم تعش بأرض الجنوب و لم توجد
أخي يا شباب الفدى في الجنوب أفق وانطلق كالشعاع الندي

نــجــم
18-04-2011, 08:13 PM
وافاك مجتمع البلاد فرنّما وصبا إليك مسبّحا و متيّما
و تدافعت ( صنعا ) إليك كأنّها حسناء مغرمة تغازل مغرما
وهفت إليك كأنّها مسحورة ملتاعة الأعصاب ملهبة الدما
ورأت ولي العهد فازدانت به فكأنّها قبس يسيل تضرّما
و ترقّصت ربواتها الفرحى كما رقصت على الأفلاك أقمار السما
لقيت وليّ العهد دنياها كما لقي العطاش الجدول المترنّما
وصبت نواحيها وجنّ جنونها فرحا و كاد الصمت أن يتكلّما
و تجاذبتك هضابها و سهولها شغفا كما جذب الفقير الدرهما
نظرت بنور البدر فجر حياتها ورأت به الأمل الحبيب مجسّما
بدر مطالعه القلوب و نوره يوحي إلى الأوطان أن تتقدّما
فكأنّه فجر يفيض أشعة جذلا و فردوس يفيض تبسّما
و كأنّه وهج إلاهيّ السنا و منابر تمحو دياجير العمى !
و كأنّه بفم الربيع نشيده خضراء نقّشها الصباح و نمنما
وروى فم التاريخ سحر جمالها فكرا مجنّحة ووحيا محكما
و كأنّه قلب يذوب تأوّها للبائسين و يستفيض ترحّما
فإذا رأى متألّما شاهدته متوجّعا ممّا به متألّما
حتّى تراه لكلّ عين ماسحا عبراتها و لكلّ جرح بلسما
و أحقّ أبناء البسيطة بالعلا من شارك العاني و آسى المعدما
و أذلّ أهل الأرض قلبا من رأى عبث الظلوم و ذلّ عنه و أحجما
و إذا تسامى طأطأ رأسه متهيّبا و كفاه أن يتظلّما
أمحمد من أنت ؟ أنت عدالة و صبابة حرّى باحشاء الحمى
و عواطف تندى و إنسانية عصما توشّجت السمو الأعصما
ولدتك آفاق المعالي و العلا شعلا كما تلد السماء الأنجما
غنّاك شعري و الربيع و صفوة أهدي إليك زهوره و العندما
حيّاك ميلاد الربيع بطيّه و شدتك أشعاري نشيدا ملهما
فاسلم تقبّلك القلوب و ترتوي من فيض بهجتك الأماني و الظّما .

نــجــم
18-04-2011, 08:13 PM
من ساحة الأصنام و الأوثان من مسرح الطاغوت و الطّغيان
من غابة الوحشية الرعنا و من دنيا القتال و موطن الأضغان
من عالم الشر المسلّح حيث لا حكم لغير مهنّد و سنان
بزغت تباشير السعادة و الهدى بيضا كطهر الحبّ في الوجدان
و أهلّ من أفق الغيوب على الدنى فجران فجر هدى و فجر حنان
يا فرحة العليا أهلّ محمد و عليه سيما المجد كالعنوان
و أطلّ من مهد البراءة . و السما و الأرض في كفّيه تعتنقان
***

ماذا ترى الصحرا ؟ أنوارا سائلا أم أنّه حلم على الأجفان
فتحت نواظرها فضجّ سكونها مالي أرى ما لا ترى عينان
و تلفّتت ربوات مكّة في السنا حيرى تكابد صمتها و تعاني
و تكاد لولا الصّمت تسأل جوّها ماذا ترى و متى التقى فجران ؟
و تيقّظ الغافي يرى مالا ترى في الوهم روح الملهم الفنّان
نزل البسيطة بالسلام محمد كالنصر عند مخافة الخذلان
يا صرعة الطاغوت أشرق بالهدى رجل الهداية و الرسول الباني
فإذا الجزيرة فرحة و صبابة و الجو عرس و الحياة أغاني
و إذا العداوة وحدة و أخوّة و البغض حبّ و النفور تداني
هتفت شفاه البعث فانتفض الثرى و تدافع الموتى من الأكفان
زخرت و ضجّت بالحياة قبورها واهتاجت الأرواح في الأبدان
و تلاقت الدنيا يهنّيء بعضها بعضا فكل الكائنات تهاني
***

ولد الرسول من الرسول و من رأى طفلا له عليا الخلود مغاني
يسعى إلى العليا و تسعى نحوه فكأنّ بينهما هوى و أماني
من ذلك الطفل الذي عصم الدما و حمى الضعيف من القويّ الجاني
و تناجت الأكباد حوله جلاله بالحبّ الحور و الولدان
***

من ذلك الطفل الفقير يشعّ من عينيه تاريخ و سفر معاني
ما شأن هذا الطفل ما آماله ؟ فوق المنى و الشأن و السلطان
هذا اليتيم و سوف يغدو وحده رجل الخلود وواحد الأزمان
و تحقّق الأمل الجميل و أينعت روح النبوّة في أجلّ كيان
حمل الرسالة وحده و مضى على حدّ السيوف و ألسن النيران
عبر المهالك و السلام سلاحة يدعو إلى الحسنى ، إلى الإحسان
و إلى الأمانه و البراءة و التقى و محبّة الإنسان للإنسان
و إلى التآخي و التصافي و الوفا و البرّ و العيش الظليل الهاني
فتجاوبت حوليه أحقاد العدا و تفجّرت في الدرب كالبركان
فمشى على نار الحقود كأنّه يمشي على الأزهار و الغدران
و عدا الحقيقة حوله تجتاحهم همجيّة دمويّة الألوان
و غواية تصبي الغويّ كأنّها شيطانه توحي إلى شيطان
و محمد يلقي الأشعة ها هنا و هنا و يفتح الوسنان
فطغت أعاديه عليه فردّهم بالآيتين : الصبر و الإيمان
واقتاد معركة الفدى متفانيا إن الجهاد عقيدة و تفاني
و الحقّ لا تحميه إلاّ قوّة غضبى كألسنة اللّهيب القاني
و الأرض أم الناس ميدان الوغى و العاجزون فريسة الميدان
و المجد حظّ مدرّب و مسلّح و الموت حظّ الأعزل المتواني
رفع الرسول لوا النبوّة بالهدى و حمى الهدى بالرمح و الفرسان
و غزا البلاد سهولها ووعورها بالقوّتين : السيف و القرآن
و تراه إن لمست يداه بقعة نشأت على الإصلاح منه يدان
و إذا أتت قدماه أرضا أطلعت خطواته فجرا بكل مكان
إن الزعامة قوّة و عداله و شجاعة سمحا و قلب حالي
***

يا خير من حمل الرسالة و التقى في عزم روح في أرقّ جنان
ذ**** آيات الزمان كأنّها أنشودة العليا بكل زمان
***

أمحمّد خذ بنت فنّي إنّها أخت الزهور بريئة الألحان
و عليك ألف تحيّة من شاعر في كلّ عضو منه قلب عاني

نــجــم
18-04-2011, 08:13 PM
من القبر من حشرجات التراب على الجمر من مهرجان الذباب
و من حيث كان يدقّ القطيع طبول الصلاة أمام الذئاب
و يهوي كما يرتمي في الصخور قتيل على كتفيه ... مصاب
و من حيث كانت كؤوس الجراح تزغرد بين شفاه الحراب
و من حيث يحسو حنين الربى غبار المنى و نجيع السراب
و من حيث يتلو السؤال السؤال و يبتلع الذعر وهم الجواب
عزفت اصفرار الرماد العجوز ليحمرّ فيه طفور الشباب
و حرّقت أنفاسي المطفئات و أطفأتها بالحريق المذاب
***

أتشتمّ يا قارئي في غناي دخان المغنّي و شهق الرباب ؟
و تسمع فيه أنين الضياع تبعثره عاصفات الضباب
فإنّ حروفي اختلاج السهول و شوق السواقي ، و خفق الهضاب
و شوق الرحيق بصدر الكروم إلى الكأس و الثلج في كلّ باب
و خوف المودّع غيب النوى و سهد المنى في انتظار الإياب
أنا من غزلت انتحار الحياة هنا شفقا من زفير العذاب
و لحّنته سحرا يحتسي رؤى الفجر بين ذراعي كتاب
و تنبض فيه عروق السكون و يمتدّ في ثلجة الالتهاب
و يتّقد الشوق في مقلتيه و يظمأ في شفتيه العتاب

نــجــم
18-04-2011, 08:13 PM
أسفر الفجر فانهضي يا صديقه نقتطف سحره و نحضن بريقه
كم حنّنا إليه و هو شجون في حنايا الظلام حيرى غريقه
و تباشيره خيالات كأس في شفاه الرؤى ، و نجوى عميقه
و ظمئنا إليه و هو حنين ظاميء يرعش الخفوق شهيقه
واشتياق يقتات أنفاسه الحمر و يحسو جراحه ... و حريقه
وذهول كأنّه فيلسوف غاب في صمته يناجي الحقيقة
و طيوف كأنّها ذكريات تتهادى من العهود السحيقه
واحتضنّا أطيافه في مآقينا كما يحضن العشيق العشيقه
و هو حبّ يجول في خاطرينا جولة الفكر في المعاني الدقيقة
و التقينا نريق دمع المآقي فأبت كبرياؤنا أن نريقه
واحترقنا شوقا إليه و ذبنا في كؤوس الهوى لحونا رقيقة
وانتظرناه و الدجى يرعش الحلم على هجعة القبور العتيقة
و السري وحشة و قافلة السّـ فر يخاف الرفيق فيها رفيقه
و ظلام لا ينظر المرء كفّيـ ه و لا يسعد الشقيق شقيقة
هكذا كان ليلنا فتهادى فجرنا الطلق فلحياة طليقه
***

فانظري " يا صديقتي " رقصة الفجر على خضرة الحقول الوريقة
مهرجان الشروق يشدو و يندى قبلات على شفاه الحديقة
فانهضي نلثم الشروق المغنّي و نقبّل كؤوسه ورحيقه
و اخطري يا صديقتي في طريق الـ فجر كالفجر ، كالعروس الأنيقه
واذكري أنّنا نعشنا صباه وحدنا ؛ على خطاه الرشيقه
و سكبنا في مهده دفء قلبيـ نا و أحلامنا العذارى المشوّقه
نحن صغنا أضواءه من هوانا و فرشنا بالأغنيات طريقه
و شدونا في دربه كالعصافـ ير … و شدو الغرام فيض السليقه
لن نطيق السكوت فالصمت للمسيـ ت و تأبى حياتنا أن نطيقه
***

نحن من نحن ؟ نحن تاريخ فكر و بلاد في المكرّمات عريقه
سبقت وهمّها إلى كلّ مجد و انتهت منه قبل بدء الخليقه
فابتسمي : عاد فجرنا و هو يتلو للعصافير من دمانا وثيقه .

نــجــم
18-04-2011, 08:13 PM
وحدي و مقبرة جواري و الوهم و الأشباح داري
و الأفق بشرق بالدجى و يلوك حشرجة الدراري
و الريح تزحف كالجنائز في حشود من غبار
و النجم محمرّ الشعا ع كأنّه أحلام ثار
و كأنّ عينيه تشهّي جاره و حنين جار
و أنا أتيه ... كنجمة حيرى ، تفتّش عن مدار
و كأنّني طيف " الفرزدق " يجتدي ذكرى " نوار "
و أرود منزل غادة كالصيف عاطرة المزار
و كأنّني أمشي على حرقي ؛ و أشلاء اصطباري
و دنوت منها فانتشت شفتاي ؛ واخضرّ افتراري
ورنت إليّ فتمتمت ودنت ؛ و غابت : في التّواري
و أردت عذرا فانطوى في خاطري الخجل اعتذاري
وهمست : أين فمي ؟ و ناري في دمي تقتات ناري

ورجعت أحمل في الحشا حرقا ... كحيّات القفار
و أحاور الحسناء في صمتي فيدنيها حواري
فأظنّها حولي رحيقا في كؤوس من نضار
تبدو و تخفى كالطيوف ؛ و تستقرّ بلا قرار

و تكاد تقلع ثوبها حينا و ترمي بالخمار
و أكاد أحضن ظلّلها جسدا من الرّغبات عاري
و طفقت أزرع من رما ل الوهم كرما في الصحاري
فدوت حيالي ضجّة غضبى كدمدمة انفجار
و سعت إليّ غابة تومي بأشداق الضواري
و عصابة برّاقة الألوان ، دامية الشّفار

تمشي فيحترق الحصا و الريح تقذف بالشرار
و أحاطها ومض البروق ؛ فسجّلت أخزى اندحار

***

و اللّيل يبتلع السّنى و الخوف يرتجل الطواري
فتصارع الأشباح أشباحا على شرّ انتصار
و هنا استجرت بساحر بادي التقى نتن الإزار
يهذي و يقتاد النزيل إلى لصيقات العثار
و يبيع ساعات الفجور لكلّ بائعة و شاري
لصّ يتاجر بالخنا و يزينه كذب الوقار
و يكاد ينفر بعضه من بعضه أشقى نفار
و يثور إن ناوأته في الإثم كالنمر المثار
و بلا انتظار كشّرت في وجهه ( ذات السوار )
فاهتاج و ابتدر العصا ودوت كعاصفة الدمار
فانقضّ كالثور الذّبيح ؛ يخور ، يخنق بالخوار

و رمت به للموت يكنسه إلى دار البوار

و تهافت الجيران فاتّقد الشّجار على الشجار

فشردت عنه كطائر ظمآن طار من الإسار
و الريح تبصقي و تروي للشّياطين احتقاري

***

و كأنّ أنهار تناديني و تنصب في المجاري
مأعبّ من عفن الرؤى و حلا ووهما من عقار
و أفرّ من نفسي إلى نفسي و أهرب من فراري
أهوى على ظلّي كما يهوى الجدار على الجدار
و أسائل الأحلام عن دنيا ترقّ على انكساري
***

لا تسكتي : لم أنتحر إنّي أقلّ من انتحاري
أنا من بحثت عن الردى في كلّ رابية و غار
و نسيت مأتم زوجتي و أبي وحشرجة احتضاري
***

هل خلف آفاق المنى دنيا أجلّ من انتظاري ؟ !
خضراء طاهرة الجنى و الرّي ، دانيه الثمار
و مواسم تندى و تولم للغراب ، و للهزار .

للقبّرات و للصقور ؛ و للعصافير الصغار

إنّي كبرت عن الهوى و الزيف و الحبّ التجاري
و بصقت دنيا جيفه تؤذي و تغري بالشّعار
و تصوغ من قذر الخطا يا السود رايات الفخار
و مللت تيها ميّت الألوان ؛ مكروه الإطار

و سئمت أشباحا أدا ريها ، و أشتمّ من أداري
و لعنت وجهي المستعا ر و كلّ وجه مستعار
و هفت إليّ نسيمة جذلى كآمال العذاري
كتبسمّ الأفراح في مقل الصبيّات الغرار
***

و تثاءب الفجر الجريح كمن يفيق من الخمار

وانشقّ أفق الغيب عن عهد المروءات الكبار
و كأنّ دنيا أشرقت كالحور من خلف السّتار
تلقي المحبّة عن يميني و البراءة عن يساري

و سرت حكايات المدينة كالخيالات السواري

ووجدتني أنهار وحدي و استفقت على انهياري

و نهضت و الدنيا كما كانت تفاخر بالصغار
و تهاوت الدنيا خلق افتناني و ابتكاري
فوددت لو ألقى كذاب اللّيل ؛ صدقا في النهار .

نــجــم
18-04-2011, 08:14 PM
لماذا لي الجوع و القصف لك ؟ يناشدني الجوع أن أسألك
و أغرس حقلي فتجنيه أنـ ت ؛ و تسكر من عرقي منجلك
لماذا ؟ و في قبضتيك الكنوز ؛ تمدّ إلى لقمتي أنملك
و تقتات جوعي و تدعى النزيه ؛ و هل أصبح اللّصّ يوما ملك ؟
لماذا تسود على شقوتي ؟ أجب عن سؤالي و إن أخجلك
و لو لم تجب فسكوت الجوا ب ضجيج ... يردّد ما أنذلك !
لماذا تدوس حشاي الجريح ؛ و فيه الحنان الذي دلّلك
و دمعي ؛ و دمعي سقاك الرحيق أتذكر " يا نذل " كم أثملك !
فما كان أجهلني بالمصير و أنت لك الويل ما أجهلك !
غدا سوف تعرفني من أنا و يسلبك النبل من نبّلك
***

ففي أضلعي . في دمي غضّبة إذا عصفت أطفأت مشعلك
غدا سوف تلعنك الذكريات و يلعن ماضيك مستقبلك
و يرتدّ آخرك المستكين بآثامه يزدري أوّلك
و يستفسر الإثم : أين الأثيم ؟ و كيف انتهى ؟ أيّ درب سلك ؟
***

غدا لا تقل تبت : لا تعتذر تحسّر هنا مأملك
و لا : لا تقل : أين منّي غد ؟ فلا لم تسمّر يداك الفلك
غدا لن أصفّق لركب الظلام سأهتف : يا فجر : ما أجملك !

نــجــم
18-04-2011, 08:14 PM
خطرة وانبى النذير وصاحا الحريق الحريسق يطوي الجناحا
و تعالى صوت النذير و ألوى آمل العمر وجهه و أشاحا
و دنا من هنا الحريق و أومى بارق الموت من هناك و لاحا
ورنا السفر حوله ليس يدري هل يرى الجدّ أم يحسّ المزاحا ؟
تارة يرقب الخلاص و أخرى يرقب اليأس و الهلاك المتاحا
و تعايا حينا يقلّب كفّيـ ه و حينا يشدّ بالرّاح راحا
و إذا النار تحتوي مارد الجوّ ويجتاحه الحريق اجتياحا
خطوة في الرحيل و اختصر الموت مسافاته الطوال الفساحا
و أطاح الجناح بالركب في الجوّ و أودي الجناح فيه و طاحا
من رآه في الهوّة الحيرى ؛ و يستجدّ الربى و البطاحا
من رآه على الصخور رفاتا و شظايا تعطي الرّماد الريّاحا
من رأى الصقر حين مدّ إلى النا ر جناحا و للفرار جناحا
و هوى الطائر الكسير ودوّى موكب الرعب ملأه و تلاحى
وارتمى يطرح الجناح المدمّى مثلما يطرح القتيل السلاحا
***

وانطوى الركب في السكون و أطفت هجعة الرمل عزمه و الطّماحا
و انتهى عمره و هل كان إلاّ في مدى النفس غدوة أو رواحا
خلع العمر فاطمأنّ و أغفى واستراحت جراحة و استراحا
مات ، و الشعب بين جنبيه قلب خافق يطعم الحنين الجراحا
و يضمّ البلاد خلف الحنايا أمنيات و ذكريات ملاحا
لم يكد شعبه يذوق هناء منه حتّى بكى و أبكى و ناحا
***

أيّها الركب ! يا شهيد المعالي ! هل رأيت الحياة شرّا صراحا !
أم فقدت النجاح في العمر حتّى رحت تبغي عند الممات النجاحا
عندما قبّل الثرى منك جرحا أوراق الترب من دماه و فاحا
هكذا المجد تضحيات ؛ و غبن عمر من لم يخض إلى المجد ساحا
إنّما الموت و الحياة كفاح يكسب النصر من أجاد الكفاحا
لا استراح الجبان لا نام جفناه و لا أدركت خطاه الفلاحا
إنّما الموت مرّة و الدم المهدور يبقى على الزمان وشاحا
كم جبان خاف الردى فأتاه و تخطّى ستاره واستباحا
و نفوس شحّت على الموت لكن أيّ موت صان النفوس الشحاحا ؟
كم مليك يأوي إلى القصر ليلا ثمّ يأوي إلى التراب صباحا
***

شرعه المجد أن تصارع في المجـ د ؛ و تستلّ للصفاح صفاحا
أيّها الركب ! نم هنيئا ودعنا نعتسف بعدك الخطوب الجماحا
ووداعا يا فتية اليمن الخضـ را وداعا بحرقة الصدر باحا .

نــجــم
18-04-2011, 08:14 PM
لا تسألي يا أخت أين مجالي ؟ أنا في التراب و في السماء خيالي
لا تسأليني أين أغلالي سلي صمتي و إطراقي عن الأغلال ؟
أشواق روحي في السماء و إنّما قدماي في الأصفاد و الأوحال
و توهمي في كلّ أفق سلبح و أنا هنا في الصمت كالتمثال
أشكو جراحاتي إلى ظلّي كما يشكو الحزين إلى الخلّي السّالي
***

و اللّيل من حولي يضجّ و ينطوي في صمته كالظالم المتعالي
يسري و في طفراته ووقاره كسل الشيوخ و خفّة الأطفال
و تخاله ينساق و هو مقيّد فتحسّه في الدرب كالزلزال
و أنا هنا أصغي و أسمع من هنا خفقات أشباح من الأهوال
ورؤى كألسنة الأفاعي حوّما ومخاوفا كعداوة الأنذال
و أحسّ قدّامي ضجيج مراقد و تثائب الآباد و الآزال
و تنهّدا قاقا كأنّ وراءه صخب الحياة و ضجّة الأجيال
و الطيف يصغي للفراغ كأنّه لصّ يصيخ إلى المكان الخالي
و كأنّه " الأعشى " يناجي " ميّة " و يلملم الذكرى من الأطلال
و الشهب أغنية يرقرقها الدجى في أفقه كالجدول السلسال
و الوهم يحدو الذكريات كمدلج يحدو القوافل في بساط رمال
و الرعب يهوي مثلما تهوي على ساح القتال جماجم الأبطال
***

و هنا ترقبت انهياري مثلما يترقّب الهدم الجدار البالي
و سألت جرحي هل ينام ضجيجه ؟ و أمرّ من ردّ الجواب سؤالي !
و أشدّ مما خفت منه تخوّفي و أشقّ من وعر الطريق كلالي !
و أخسّ من ضعفي غروري بالمنى و اليأس يضحك كالعجوز حيالي !
و أمضّ من يأسي شعوري أنّني حيّ الشهيّة ؛ ميّت الآمال
أسري كقافلة الظنون و أجتدي شبح الظلام و أهتدي بضلالي
و أسير في الدرب الملفّح بالدجى و كأنّني أجتاز ساح قتال
و أتيه و الحمّى تولول في دمي و ترتّل الرعشات في أوصالي
***

لا تسأليني عن مجالي : في الثرى جسدي وروحي في الفضاء العالي
و سألتها : ما الأرض ؟ قالت إنّها فلوات أوحاش وروض صلال
إن كنت محتالا قطفت ثمارها أولا : فانّك فرصة المحتال
و أنا هنا أشقى و أجهل شقوتي و أبيع في سوق الفجور جمالي
***

و العمر مشكلة و نحن نزيدها بالحلّ إشكالا إلى إشكال
لا حرّ في الدنيا فذو السلطان في دنياه عبد المجد و الأشغال
و الكادح المحروم عبد حنينه فيها : وربّ المال عبد المال
و الفارغ المكسال عبد فراغه و السفر عبد الحلّ و الترحال
و اللّصّ عبد اللّيل و الدجّال في دنياه عبد نفاقه الدجّال
لا حرّ في الدنيا و لا حريّة إنّ التحرّر خدعة الأقوال
الناس في الدنيا عبيد حياتهم أبدا عبيد الموت و الآجال
***

و سألتها ما الموت ؟ قالت : إنّه شطّ الخضمّ الهائج الصوّال
و سكونه الحاني مصير مصائر و هدوؤه دعة و عمق جلال
مالي أحاذره و أخشى قوله و أنا أجرّ وراءه أذيالي ؟ !
أنساق في عمري إليه مثلما تنساق أيّامي إلى الآصال
***

و سألتها : فرنت و قالت : لا تسل ، دعني عن المفصول و المفضال !
أسكت ! فليس الموت سوقا عنده عمر بلا ثمن ، و عمر غالي !!

نــجــم
18-04-2011, 08:15 PM
لمن أرعش الوتر المجهدا و أشدو و ليس لشدوي مدى ؟
و أنهي الغناء الجميل البديع لكي أبدا الأحسن الأجودا
و أستنشد الصمت وحدي هنا و أخيلتي تعبّر السرمدا
فأسترجع الأمس من قبره و أهوى غدا قبل أن يولدا
و أستنبت الرمل بالأمنيات ؛ زهورا ، و أستنطق الجلمدا
و حينا أنادي و ما من مجيب و حينا أجيب و ما من ندا
و أبكي و لكن بكاء الطيور فيدعوني الشاعر المنشدا
***

لمن أعزف الدمع لحنا رقيقا كسحر الصبا كابتسام الهدى ؟
لعينيك نغّمت قيثارتي و أنطقتها النغم الأخلدا
أغنّيك وحدي و ظلّ القنوط ؛ أمامي و خلفي كطيف الردى
و أشدو بذ**** لم تسألي لمن ذلك الشدو أو من شدا ؟
كأن نكن نلتقي و الهوى يدلّل تاريخنا الأمردا
و حبّي يغنّيك أصبى اللّحون ؛ فيحمرّ في وجنتيك الصدى
و نمشي كطفلين لم نكترث بما أصلح الدهر الدهر أو أفسدا
و نزهو كأنا ملكنا الوجود ؛ و كان لنا قبل أن يوجدا
و ملعبنا جدول من عبير إذا مسّه خطونا ... غرّدا
و أفراحنا كشفاه الزهور ؛ تهامسها قبلات الندى
أكاد أضمّ عهود اللّقاء ؛ و ألثمها مشهدا مشهدا
و أجترّ ميلاد تاريخنا و أنتشق المهد و المولدا
و أذكر كيف التقينا هناك ؛ و كيف سبقنا هنا الموعدا ؟
و كيف افترقنا على رغمنا ؟ و ضعنا : و ضاع هوانا سدى
حطّمنا الكؤوس و لم نرتوي و عدت أمدّ إليها اليدا
و أخدع بالوهم جوع الحنين ؛ كما يخدع الحلم الهجّدا
أحنّ فأقتات ذكرى اللّقا لعلّي بذكراه أن أسهدا
و أقتطف الصفو من وهمه كما يقطف الواهم الفرقدا
أتدرين أين غرسنا المنى ؟ و كيف ذوت قبل أن نحصدا ؟
تذكّرت فاحترت في الذكريا ت و حيّرت أطيافها الشرّدا
إذا قلت : كيف انتهى حبّنا ؟ أجاب السؤال : و كيف ابتدا ؟
فأطرقت أحسو بقايا البكا ء و قد أوشك الدمع أن ينفدا
و أبكى مواسمك العاطرا ت و أيّامها الغضّة الخرّدا
و من فاته الرغد في يومه مضى يندب الماضي الأرغدا
***

أصيخي إلى قصّتي إنّني أقصّ هنا الجانب الأنكدا
أمضّ الأسى أن تجوز الخطوب و أشكو فلا أجد المسعدا
و أشقى و يشقى بي الحاسدون و ما نلت ما يخلق الحسّدا
علام يعادونني ! لم أجد سوى ما يسرّ ألدّ العدا !
حياتي عذاب و لحن حزين فهل لعذابي و لحني مدى ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:15 PM
خذها فديتك يا شقيقي ذكرى أرقّ من الرحيق
و ألذّ من نجوى الهوى بين العشيقة و العشيق
خذها أرقّ من السنى في خضرة الروض الوريق
واذكر تهادينا على كوخ الطفوله و الطريق
و أنا و أنت كموثقين ؛ نحنّ في القيد الوثيق
نمشي كحيرة زورق في غضّبة اللّج العميق
و نساجل الغربان في الوديان أصوات النعيق

و إذا ذكرت لي الطعام ؛ أكلت أنفاسي وريقي
***

أيّام كنّا نسرق الرمان في الوادي السحيق
و نعود من خلف الطريق و ليلنا أحنى رفيق !
و نخاف وسوسة الرياح ؛ و خضرة الطّيف الرشيق
حتّى نوافي بيتنا ... و الأهل في أشقى مضيق
فيصيح عمّي والشراسة ؛ في محيّاه الصفيق

و هناك جدّتنا تناغينا مناغاة الشفيق
تهوي الحياة و عمرها أوهى من الخيط الدقيق
و أبي و أمّي حولنا بين التنهّد و الشهيق
يتشاكيان من الطوى شكوى الغريق إلى الغريق
شكواهما صمت كما يشكو الذّبال من الحريق
و يحدّقان إلى السكون ؛ ورعشة الكوخ العتيق

و اللّيل ينصت للضفادع ؛ و هي تهذي بالنقيق

و الشهب تلمع كالكؤوس ؛ على شفاه من عميق

***

وجوارنا قوم لهم إشراقة العيش الطليق
من كلّ غرّ يمز بين الأغاني و النهيق
و تظنّه رجلا و خلف ثيابه وحش حقيقي

و تراه يزعم شخصـ ين جوهر المسك الفتيق
يتحادثون عن النقود ؛ حديث تجار الرقيق
يتخيّرون ملابسا تصبي و تغري بالبريق
حتّى تراهم صورة للزور و الجهل الأنيق
و نماذجا برّاقه لأناقة الخزي العريق
***

يمشون في نسيج الحرير ؛ فهم رجال من حرير

و كأنّهم مهن خلق نسّاج ؛ و خيّاط قدير

لولا خدّاع ثيابهم كسدوا بأسواق الحمير
فقراء من خلق الرجال ؛ و يسخرون من الفقير
و يسائلون مع الرجال ؛ عن المشاكل و المصير
و مصيرهم بيت البغيذ ؛ و بيت خمّار شهير
و هناك بنت غضّيه أحلى من الورد المطير
ترنو و في نظراتها لغة الدعارة و الفجور
و حدجيثها كالجدول السلسال فضّي الخرير
حسناء تطرح حسنها للمترفين ؛ و للأجير
فجمالها مثل الطبيعة ؛ للنبيل .... و للحقير
في مشيها رقص الحسان ؛ و خفّة الطفل الغرير
و يكاد يعشق بعضها بعضا من الحسن المثير
أودى أبوها و هو في إشراقه العمر القصير
كان امرءا يجد الضعيف ؛ يمينه أقوى نصير

يحنو و ينثر ... ماله للطفل و الشيخ الكبير
يرعى الجميع فكلّـ لب سماويّ الضمير
جادت يداه بما لديه ؛ و جاد بالنفس الأخير

فذوت صبيّته الجميلة ؛ كالزنابق في الفهجير

و بكت إلى أختي كما يبكي الأسير إلى الأسير
و مشت على شوك المآسي الحمر و اليتم المرير
و مضت تدوس الشوك ؛ و الرمضا على القلب الكسير

و الحزن في قسماتها كالشك في قلب الغيور
تعرى فتكسوها الطبيعة حلّة الحسن النظير
صبغت ملامحها الطبيعة من سنا البدر المنير
من وقدة الصيف البهيج و هدأة اللّيل الضرير
من خفّة الشجر الصبور ؛ على رياح الزمهرير

و من الأشعّة و الشذى و صراحة الماء النمير
فتعانقت فيها المباهج ؛ كالأشعّة ... و العبير
فجمالها قبل الحنين ؛ و صدرها أحنى سرير !

***

قل لي . أتذكر يا أخي من تلك جارتنا الشهيّة ؟
هي فوق فلسفة التراب و غلظة الأرض الدنيّة
رحمت مجانين الغواية فهي مشفقة غويّة
بنت الطبيعة فهي ظلّ الحبّ ؛ و الدنيا الشّذيّة

كانت ربيع الأمنيات ؛ و أغنيات الشاعريّة
فانصت إليّ فلم تزل من قصّة الماضي بقيّة
جاءت بها الذكرى ؛ و ما الذكرى ؟ خلود الآدميّة

حدّق ترى ماضيك فيها ، فهي صورته الجليّة
أوّاه ! ما أشقى ذكيّ القلب ؛ في الأرض الغبيّه !

***

ما كان أذكى " مرشدا " و أبرّ طلعته الزكيّه !
كان ابتسامات الحزين ؛ و فرحة النفس الشجيّة
عيناه من شعل الرشاد ، و كلّه من عبقريّة
إن لم يكن في الأنبياء فروحه المثلى نبيّة
قتلته في الوادي اللّصوص ؛ فغاب كالشمس البهيّة

كان ابن عمّي يزدريه ؛ فلا يضيق من الزريّه
و من ابن عمّي ؟ جاهل فظّ كليل الجاهليّة
يرنو إلينا ... مثلما يرنو العقور إلى الضحيّة
نعرى ؛ و يسبح في النقود ؛ و في الثياب القيصريّة
و نذوب من حرق الظماء و عنده الكأس الرويّه
و الكأس تبسم في يديه ؛ كابتسامات الصبيّة

و الكرم في بستانه يلد العناقيد الجنيّه
حتّى تزوّج أربعا أشقته واحدة شقيّة
فكأنّ ثروته دخان ضاع في غسق العشيّة
فهوى إلينا و التقينا ؛ كالأسارى في البليّة
***

و أتى الخريف و كفّه تومي بأشداق المنيّة
و توقع الحيّ الفنا فتغيّرت صور القضيّة
و تحرّك الفلك الدؤوب فأقبلت دنيا رخيّة
و تضوّع الوادي بانسام الفراديس النديّة

قل لي : شقيقي هل ذكر ت عهود ماضينا القصيّة
خذها فديتك قصّة دفاته النجوى سخيّة
و إلى التلاقي يا أخي في قصّة أخرى طريّة
و الآن أختم الكتا ب ختامه أزكى تحيّة !

نــجــم
18-04-2011, 08:15 PM
أخي ؛ صحونا كلّه مآتم و إغفاؤنا ألم أبكم
فهل تلد النور أحلامنا كما تلد النور الزهرة البرعم ؟
و هل تنبت الكرم وديانا و يخضرّ في كرمنا الموسم ؟
و هل يلتقي الريّ و الظامئو ن ؛ و يعتنق الكأس و المبسم ؟
لنا موعد نحن نسعى إليه و يعاتاقنا جرحنا المؤلم
فنمشي على دمنا و الطريق ؛ يضيّعنا و الدجى معتم
فمنّا على كلّ شبر نجيع ؛ تقبله الشمس و الأنجم
***

سل الدرب كيف التقت حولنا ذئاب من الناس لا ترحم
و تهنا و حكّمنا في المتاه سباع على خطونا حوّم
يعيثون فينا كجيش المغول و أدنى إذا لوّح المغنم
فهم يقتنون ألوف الألوف و يعطيهم الرشوة المعدم
و يبنون دورا بأنقاض ما أبادوا من الشعب أو هدّموا
أقاموا قصورا مداميكها لحوم الجماهير و الأعظم
قصورا من الظلم جدرانها جراحاتنا أبيض فيها الدم
***

أخي إن أضاءت قصور الأمير فقل : تلك أكبادنا تضرم
وسل ؛ كيف لنّا لعنف الطغاة فعاثوا هنا و هنا أجرموا ؟
فلا نحن نقوى على كفّهم و لا هم كرام فمن ألوم ؟
إذا نحن كنّا كرام القلوب ؛ فمن شرف الحكم أن يكرموا
و إن ظلمونا ازدراء بنا فأدنى الدناءات أن يظلموا
و إن أدمنوا دمنا فالوحوش تعب النجيع و لا تسأم
و إن فخروا بانتصار اللئام فخذلاننا شرف مرغم
و سائلنا فوق غاياتهم و أسمى ، و غاياتنا أعظم
فنحن نعفّ و هل إن رأوا لأدناسهم فرصة أقدموا
و إن صعدوا سلّما للعروش فأخزى المخازي هو السّلّم
***

و ما حكمهم جاهليّ الهوى ؟ تقهقه من سخفه الأيّم
و أسطورة من ليالي " جديس " رواها إلى " تغلب " " جرهم "
و مطمعهم رشوة و الذباب أكول إذا خبث المطعم
رأوا هدأة الشعب فاستذأبوا على ساحة البغي و استضغموا
و كلّ جبان شجاع الفؤاد ؛ عليك ؛ إذا أنت مستسلم
و إذعاننا جرّأ المفسدين علينا و أغراهم المأثم
***

أخي نحن شعب أفاقت مناه و أفكاره في الكرى تحلم
و دولتنا كلّ ما عندها يد تجتني وحشى يهضم
و غيد بغايا لبسن النضار كما يشتهي الجيد و المعصم
و سيف أثيم يحزّ الرؤوس و قيد و معتقل مظلم
و طغيانها يلتوى في الخداع كما يلتوي في الدجى الأرقم
و كم تدّعي عفّة و الوجود بأصناف خسّتها مفعم !
و آثامها لم تسعها اللّغات و لم يحو تصويرها ملهم
أنا لم أقل كلّ أوزارها تنزّه قولي و عفّ الفم
تراها تصول على ضعفنا و فوق مآتمنا تبسم
و تشعرنا بهدير الطبول على أنّها لم تزل تحكم
و تظلم شعبا على علمه و يغضبها أنّه يعلم
و هل تختفي عنه و هي التي بأكباد أمّته تولم ؟
و أشرف أشرافها سارق و أفضلهم قاتل مجرم
***

عبيد الهوى يحكمون البلاد و يحكمهم كلّهم درهم
و تقتادهم شهوة لا تنام و هم في جهالتهم نوّم
ففي كلّ ناحية ظالم غبيّ يسلّطه أظلم
أيا من شعبتم على جوعنا و جوع بنينا . ألم تتخموا ؟
ألم تفهموا غضبة الكادحين على الظلم ؟ لا بدّ أن تفهموا ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:16 PM
يا رفاق السرى إلى أين نسري و إلى أين نحن نجري و نجري ؟
دربنا غائم يغطّيه ليل فكأنّا نسير في جوف قبر
دربنا وحشة و شوك ووحل و سباع حيرى ؛ و حيّات قفر
و متاه تحيّر الصمت فيه حيرة الشكّ في ظنون " المعرّي "
و الرؤى تنبري كظمآن تهوي حول أشواقه خيالات نهر
و الدجى حولنا كمشنقة العمر كوادي الشقا : كخيمات شرّ
راقد في الطريق يتّسد الصمـ ت ؛ و يومي بألف ناب ، و ظفر
ذابل و النجوم في قبضتيه ذابلات كالغيد في كفّ أسر
***

يا رفاق السرى إلى كم نوالي خطونا في الدجى إلى لا مقرّ ؟
أقلق اللّيل و السكون خطانا و خضبنا بجرحنا كلّ صخر
و غرسنا هذا الطريق جراحا واجتنينا الثمار حبّات جمر
فإلى كم نسير فوق دمانا ؟ أين أين القرار هل نحن ندري ؟
كلّنا في السرى حيارى و لكن كلّنا في انتظار ميلاد فجر
كلّنا في انتظار فجر حبيب و انتظار الحبيب بصبى و يغري
يا رفاقي لنا مع الفجر وعد ليت شعري متى يفي ؟ ليت شعري !
***

و هنا أدرك الفتور قوانا و انتهى الزاد و انتهى كلّ ذخر
و مضينا كالطّيف نصغي فهزّت سمعنا نغمة كرنّات تبر
فجرحنا السكون حتّى بلغنا بيت حسنا يدعونها أخت عمرو
فقرتنا لحما و حسنا شهيّا و حديثا كأنّه ذوب سحر
و ذهبنا و في دمانا حنين جائع ينخر الضلوع و يفري
و طغى حولنا من السفح موج من ضجيج كأنّه هول حشر
فإذا قرية تدير ضرابا و تريش السهام حينا و تبري
فاقتربنا نستكشف الأمر لكن أيّ كشف نحسبه أيّ أمر
أعين تقذف اللّظى و نفوس مثخنات تنسلّ من كلّ صدر
و جسوم حمر تنوش جسوما في ثياب من الجراحات حمر
و تهزّ الخناجر الحمر ... أيد ترتمي كالنسور في كلّ نحر
وانطفت حومة الوغى فاندفعنا في سرانا نلفّ ذعرا بذعر
ورحلنا و اللّيل في قبضة الأفـ ق كتاب يروي أساطير دهر
و شددنا جراحنا وانطلقنا و كأنّا نشقّ تيّار ... بحر
***

هوّم الطيف حولنا فالتقينا نحوه كالتفات سفر لسفر
و سمعنا همسا من الأمس يروي قصّة الفاتحين من أهل " بدر "
فنصتنا للطّيف إنصات صبّ لمحت يقصّ قصّة هجر
و سرى في السكون صوت ينادي يا رفاق السرى و أحباب عمري
يا رفاقي تثاءب الشرق و انسلّت عذاري الصباح من كلّ خدر
و العصافير تنفض الريش في الوكر و تنفي النعاس من كلّ وكر
و كأنّ الشعاع أيد من الورد المندّى . تهزّ أهداب زهر
و كأنّ الغصون أيدي الندامى و شفاه الزهور أكواب خمر
و مضى سيرنا و قافلة الفجـ ر تصبّ الهدى على كلّ شبر
فإذا دربنا رياض تغنّي في السنا و الهوى زجاجات عطر
نحن في جدول من النور يجري و خطانا تدري إلى أين تجري .

نــجــم
18-04-2011, 08:16 PM
هذا الصباح الراقص المتأود فتن مهفهفه و سحر أغيد
و مباهج ما إن يروقك مشهد من حسنه حتّى يشوقك مشهد
الفجر يصبو في السفوح و في الربى و الروض يرشف النّدى و يغرّد
و الزهر يحتضن الشعاع كأنّه أمّ تقبّل طفلها و تهدهد
في مهرجان النور لاح على الملا عيد يبلوره السنا ... و يورّد
فهنا المفاتن و المباهج تلتقي زمرا تكاد من الجمال تزغرد
***

عيد الجلوس أعر بلادك مسمعا تسألك أين هناؤها ؟ هل يوجد ؟
تمضي و تأتي و البلاد و أهلها في ناظريك كما عهدت و تعهد
يا عيد حدّث شعبك متى يروي ؟ و هل يروي و أين المورد ؟
حدّث ففي فمك الضحوك بشارة وطنيّة ؛ و على جبينك موعد
فيم السكوت و نصف شعبك ها هنا يشقى .. و نصف في اشعوب مشرّد
يا عيد هذا الشعب ، ذلّ نبوغه و طوى نوابغه السكون الأسود
ضاعت رجال فيه كأنّها حلم يبعثره الدجى و يبدّد
***

للشعب يوم تستثير جراحه فيه و يقذف بالرقود المرقد
و لقد تراه في السكينة .. إنّما خلف السكينة غضبة و تمرّد
تحت الرماد شرارة مشبوبة و من الشرارة شعلة و توقد
لا ، ألم يلم ثأر الجنوب و جرحه كالنار يبرق في القلوب و يرعد
لا ، لو يلم شعب ... يحرّق صدره جرح على لهب العذاب مسّهد
شعب يريد و لا ينال كأنّه ممّا يكابد في الجحيم .. مقيّد
***

أهلا بعاصفة الحوادث ، أنّها في الحيّ أنفاس الحياة تردّد
لو هزّت الأحداث صخرا جلمدا لدوى و أرعد باللذهيب الجلمد
بين الجنوب و بين سارق أرضه يوم نؤرّخه الدما و تخلّد !
الشعب أقوى من مدافع ظالم و أشدّ من بأس الحديد و أجلد
و الحقّ يثني الجبش و هو عرمرم و يفلّ حدّ السيف و هو مهنّد
لا أمهل الموت الجبان و لا نجا منه ؛ و عاش الثائر المستشهد
يا ويح شرذمة المظالم عندما تطوي ستائرها و يفضحها الغد !
و غدا سيدري المجد أنّا أمّة يمنيّة شمّا ؛ و شعب أمجد
و ستعرف الدنيا و تعرف أنّه شعب على سحق الطغاة معوّد
فليكتب المستعمرون بغيظهم و ليخجلوا ، و ليخسأ المستعبد
***

عيد الجلوس و هل نصّت لشاعر هنّاك و هو عن المسرّة مبعد ؟
فاقبل رعاك الله تهنئتي و إن صرخ النشيد و ضجّ فيه المنشد
واعذر إذا صبغ التنهّد نغمتي بالجرح فالمصدور قد يتنهّد

نــجــم
18-04-2011, 08:16 PM
أين عشّي وجودلي و جناني ؟ أين جوّي ؟ و أين برّ أماني ؟
أين منّي بقيّة من جناحي ! فرّ منّي الجواب ، ضاع لساني !
غير أنّي أسائل الصمت عنّي و انكسار الجواب يدمي حناني
هل أنا من هنا ؟ و هل لي مكان ؟ أنا من لا هنا ، و من لا مكان
كم إلى كم أمشي ، و دربي ظنون و مداه قاص عن الوهم دان ؟
و سأبقى أسير في غير درب من تراب ، دربي ظنون الأماني
و أعاني مرّ السؤال ، و يتلو ه سؤال أمرّ ممّا أعاني
هل هنا موطني ؟ و أضغي : و هل لي موطن غيره على الأرض ثاني ؟
***

وطني رحلة النجوم فأهلي و أحبّائي النجوم الرواني
و دياري تيه الخيال وزادي ذكرياتي و الأغنيات دناني
فليخنّي الزمان و الشعب إنّي شعب شعبي ، أنا زمان الزمان
يتلاقى الزمان و الشعب في روحي شجيّين يعرفان كياني
من أنا ؟ شاعر ، حريق يغنّي و غنائي دمي ، دخان دخاني
فحياتي سرّ الحياة و شدوي لحن ألحانها ، معاني المعاني
و ضياعي سياحة العطر في الريـ ح ، و تيهي مزارع من أغاني .

نــجــم
18-04-2011, 08:16 PM
لبّيك وازدحمت على الأبواب صبوات أعياد و عرس تصابي
لبّيك يابن العرب أبدع دربنا فتن الجمال المسكر الخلّاب
فتبرّجت فيه المباهج مثلما تتبرّج الغادات للعزّاب
واخضرّت الأشواق فيه و المنى كالزهر حول الجدول المنساب
و مضى به زحف العروبة و الدنى ترنو ، و تهتف عاد فجر شبابي
إنّا زرعناه منى و جماجما فنما و أخصب أجود الإخصاب
و يحدّق التاريخ فيه كأنّه يتلو البطولة من سطور كتاب
***

عاد التقاء العرب فاهتف يا أخي للفجر ، وارقص حول شدو ربابي
و اشرب كؤوسك واسقني نخب اللّقا واسكب بقايا الدنّ في أكوابي
هذي الهتافات السكارى و المنى حولي تناديني إلى الأنخاب
خلفي و قدّامي هتاف مواكب و هوى يزغرد في شفاه كعاب
و الزهر يهمس في الرياض كأنّه أشعار حبّ في أرقّ عتاب
و الجوّ من حولي يرنحه الصدى فيهيم كالمسحورة المطراب
و الريح ألحان تهازج سيرنا و الشهب أكواب من الأطياف
إنّا توحّدنا هوى و مصائرا و تلاقت الأحباب بالأحباب
أترى ديار العرب كيف تضافرت فكأنّ " صنعا " في " دمشق " روابي
و كأنّ " مصر " و " سوريّا " في مأرب " علم و في " صنعا " أعزّ قباب
لاقى الشقيق شقيقه ، فاسألهما كيف التلاقي بعد طول غياب ؟
***

اليوم ألقى في " دمشق " بني أبي و أبثّ أهلي في الكنانة ما بي
و أبثّ أجدادي بني غسّان في ربوات " جلّق " محنتي و عذابي
و أهيم و الأنسام تنشر ذكرهم حولي فتنضح بالعطور ثيابي
و أهزّ في ترب " المعرّة " شاعرا مثلي : توحّد خطبة و مصابي
و أعود أسأل " جلّقا " عن عهدها " بأميّة " و بفتحتها الغلّاب
صور من الماضي تهامس خاطري كتهامس العشّاق بالأهداب
***

دعني أغرّد فالعروبة روضتي ورحاب موطنها الكبير رحابي
" فدمشق " بستاني " و مصر " جداولي و شعاب " مكّة " مسرحي و شعابي
و سماء " لبنان " سماي وموردي " بردى " و دجلة و الفرات شرابي
رديار " عمّان " دياري ... أهلها أهلي و أصحاب العراق صحابي
بل إخوتي و دم " الرشيد " يفور في أعصابهم و يضجّ في أعصابي
***

شعب العراق و إن أطال سكوته فسكوته الإنذار للإرهاب
سل عنه سل عبد الإله و فيصلا يبلغك صرعهما أتمّ جواب
لن يخفض الهامات للطاغي و لم تخضع رؤوس القوم للأذناب
وطن العروبة موطني أعياده عيدي ، و شكوى إخوتي أوصابي
فاترك جناحي حيث يهوى يحتضن جوّ العروبة جيئتي و ذهابي
يا ابن العروبة شدّ في كفّي يدا ننفض غبار الذلّ و الأتعاب
فهنا هنا اليمن الخصيب مقابر ودم مباح واحتشاد ذئاب
ذكّره بالماضي عسى يبني على أضوائه مجدا أعزّ جناب
ذكّره بالتاريخ واذكر أنّه شعب الحضارة مشرق الأحساب
صنع الحضارة و العوالم نوّم و الدهر طفل في مهود تراب
و مشى على قمم الدهور إلى العلا و بني الصروح على ربى الأحقاب
و هدى السبيل إلى الحضارة و الدنى في التيه لم تحلم بلمح شهاب
فمتى يفيق على الشروق و يومه يبدو و يخفي كالشعاع الخابي
***

يا شعب مزّق كلّ طاغ وانتزع عن ساقيك مهابة الأرباب
واحذر رجالا كالوحوش كسوتهم خلعا من " الأجواخ " و الألقاب
خنقوا البلاد وجورهم و عتوّهم كلّ الصواب و فصل كلّ خطاب
لم يحسبوا للشعب لكن عنده للعابثين به أشدّ حساب
صمت الشعوب على الطغاة و عنفهم صمت الصواعق في بطون سحاب
فاحذر رجالا كالوحوش همومهم سلب الحمى والفخر بالأسلاب
شهدوا تقدّمك السريع فأسرعوا يتراجعون به على الأعقاب
لم يحسنوا صدقا و لا كذبا سوى حيل الغبيّ و خدعة المتغابي
***

قل للإمام : و إن تحفّز سيفه أعوانك الأخيار شرّ ذئاب
يومون عندك بالسجود و عندنا يومون بالأظفار و الأنياب
هم في كراسيهم قياصرة وهم عند الأمير عجائز المحراب
يتملّقون و يبلغون إلى العلا بخداعهم و بأخبث الأسباب
من كلّ معسول النفاق كأنّه حسنا تتاجر في الهوى و ترابي
و غدا سيحترقون في وهج السنى و كأنّهم كانوا خداع سراب
و تفيق "صنعاء " الجديد على الهدى و الوحدة الكبرى على الأبواب

نــجــم
18-04-2011, 08:16 PM
كيف أنساه هل تناسيه يجدي ؟ و هو و الذكريات و الشوق عندي
و هو أدنى من الأماني إلى القلب ؛ و بيني و بينه … ألف بعد
واشتهاء العناق يحلم في جيدي بانفاسه فيمرح عقدي
عندما يهبط الظلام أراه : ماثلا في تصوّراتي و سهدي
آه إنّي أخال زنديه في قدّي تشدّنني فيختال ... قدّي
فكأنّي أضمّه في فراشي و هو يجني فمي و يقطف خدّي
ثمّ أصغي إلى الفراش فلا أسمع إلاّ حديث نهد لنهد
حلم كاليقين يدنيه منّي ؛ و خيال يخفيه عنّي و يبدي
فأرى طيفه أوانا حنونا و أوانا في مقلتيه تعدّي
ليت أنّي أراه في صحوة الصبح فما ضارعا يغنّي بحمدي
كلّما ذاب في الخشوع تأبّيت وردّيت رغبتي شرّ ردّ
و تحدّيت ناظريه بإعراضي وأشعلت حبّه بالتحدّي
و تجاهلته و قلبي يناديه و جسمي يكاد يحرق بردي
ثمّ يجترّني و يجذب جسمي حضنه جذب قاهر مستبدّ
و هنا : أحتويه بين ذراعيّ ، و أطويه بين لحمي و جلدي
ليت لي ما رجوت أو ليتني أمـ حوه ؛ منّي من ذكرياتي ووجدي
ليتني يا جهنّم الهجر أدري من هواه و من تبدّل بعدي ؟ !
ليته في الشجون مثلي مهجور فيشتاقني و يذكر عهدي
و يعاني الجوى و يشقى كما أشـ قى ، بأطيافه و ذكراه وحدي
***

هكذا ترجمت مناها و اللّيـ ـل عبوس ، كأنّه موج حقد
و الظلام الظلام في كلّ مرأى قدر جاثم يخيف و يردي
صامت و العتوّ في مقلتيه ظاميء كالسلاح في كفّ وغد
و الخيالات موكب من حيارى تائه يهتدي و حيران يهدي
و حنين الصباح في خاطر الأنسام كالعطر في براعم ورد .

نــجــم
18-04-2011, 08:17 PM
سهدت و أوصاني جميل سهادي فأهرقت في النسيان كأس رقادي
و سامرت في جفن السهاد سرائرا لطافا كذكرى من عهود وداد
و نادمت وحي الفنّ أحسو رحيقه و أحسّو و قلبي في الجوانح صادي
إذا رمت نوما قلقل الشوق مرقدي و هزّت بنات الذكريات و سادي
و هازجني من أعين اللّيل هاتف من السحر في عينيه موج سواد
له شوق مهجور ، و فتنه هاجر و أسرار حيّ في سكون جماد
له تارة طبع البخيل ... و تارة له خلق مطواع و طبع جواد
تدور عليه الشهب و سنى كأنّها بقيّة جمر في غصون رماد
***

لك الله يا بن الشعر كم تعصر الدجى أغاريد عرس أو نحيب حداد
تنوح على الأوتار حينا و تارة تغنّي وحينا تشتكي و تنادي
كأنّك في ظلّ السكينه جدول يغنّي لواد أو ينوح لوادي
هو الشعر .. لي في الشعر دنيا حدودها وراء التمنّي خلف كلّ بعاد
ألا فلتضق عنّي البلاد فلم يضق طموحي و إن ضاقت رحاب بلادي
و لا ضاق صدري بالهموم لأنّها بنات فؤاد فيه ألف فؤدا
ولا قهرت نفسي الخطوب و كم غدت تراوحني أهوالها و تغادي
***

قطعت طريق المجد و الصبر وحده رفيقي ، و مائي في الطريق وزادي
و ما زلت أمشي الدرب و الدرب كلّه مسارب حيّات و كيد أعادي
و لي في ضميري ألف دنيا من المنى و فجر من الذكرى وروضة شادي
و لي من لهيب الشوق في حيرة السرى دليل إلى الشأو البعيد و حادي
هو الصبر زادي في المسير لغايتي و إن عدت عنها فهو زاد معادي
و لا : لم أعد عن غايتي ؛ لم أعد و لم يكفكف عناد العاصفات عنادي
فجوري عليّ يا حياة أو ارفقي فلن أنثني عن وجهتي و مرادي
فإنّ الرزايا نضج روحي و إنّها غذاء لتاريخي ووري زنادي
***

سأمضي و لو لاقيت في كلّ خطوة حسام " يزيد " أو وعيد " زياد "
ألا عكذا أمضي و أمضي و مسلكي رؤوس شياطين و شوك قتاد
ولو أخّرت رجلي خطاها قطعتها و ألقيت في كفّ الرياح قيادي
فلا مهجتي منّي إذا راعها الشقا و لا الرأس منّي إن حنته عوادي
و لا الروح منّي إن تباكت و إن شكا فؤادي أساه فهو ليس فؤادي
هو العمر ميدان الصراع و هل ترى فتى شقّ ميدانا بغير جهاد ؟
*************************************************

حين يصحو الشعب

جمادى الآخر 1379 ه ، قيلت هذه القصيدة قبل الثورة بثلاث سنوات .

أعذر الظلم و حمّلنا الملاما نحن أرضعناه في المهد احتراما
نحن دلّلناه طفلا في الصبا و حملناه إلى العرش غلاما
و بنينا بدمانا عرشه فانثنى يهدمنا حين تسامى
و غرسنا عمره في دمنا فجنيناه سجونا و حماما
***

لا تلم قادتنا إن ظلموا و لم الشعب الذي أعطى الزماما
كيف يرعى الغنم الذئب الذي ينهش اللّحم و يمتصّ العظاما
قد يخاف الذئب لو لم يلق من نلبه كلّ قطيع يتحامى
و يعفّ الظالم الجلّاد لو لم تقلّده ضحاياه الحساما
لا تلم دولتنا إن أشبعت شرّه المخمور من جوع اليتامى
نحن نسقيها دمانا خمرة و نغنّيها فتزداد أواما
و نهنّي مستبدا ، زاده جثث القتلى و أكباد الأيامى
كيف تصحو دولة خمرتها من دماء الشعب و الشعب الندامى ؟
***

آه منّا آه ! ما أجهلنا ؟ ! بعضنا يعمى و بعض يتعامى
نأكل الجوع و نستسقي الظما و ننادي " يحفظ الله الإماما "
سل ضحايا الظلم تخبر أنّنا وطن هدهده الجهل فناما
دولة " الأجواخ " لا تحنو و لا تعرف العدل و لا ترعى الذماما
تأكل الشعب و لا يسري إلى مقلتيها طيفه العاني لماما
و هو يسقيها و يظمى حولها و يغذّيها و لم يملك طعاما
تشرب الدمع فيظميها فهل ترتوي ؟ كلّا : و لم تشبع أثاما
عقلها حول يديها فاتح فمه يلتقم الشعب التقاما
***

يا زفير الشعب : حرّق دولة تحتسي من جرحك القاني مداما
لا تقل : قد سئمت إجرامها من رأى الحيّات قد صارت حماما ؟
أنت بانيها فجرّب هدمها هدم ما شيّدته أدنى مراما
لا تقل فيها قوى الموت و قل : ضعفنا صوّرها موتا زؤاما
***

سوف تدري دولة الظلم غدا حين يصحو الشعب من أقوى انتقاما
سوف تدري لمن النصر إذا أيقظ البعث العفاريت النياما
إنّ خلف اللّيل فجرا نائما وغدا يصحو فيجتاح الظلاما
و غدا تخضرّ أرضي ، و ترى في مكان الشوك وردا و خزامى

نــجــم
18-04-2011, 08:18 PM
لا تقل لي : سبقتني و لماذا لا أوالي وراءك الإنطلاقا ؟
لم أسلبقك في مجال التدنّي و التلوّي : فكيف أرضي اللّحاقا ؟
أنا إن لم يكن قريني كريما في مجال السباق عفت السباقا
لا تقل : ضاع في الوحول رفاقي و أضاعوا الضمير و الأخلاقا
لم أضيّع أنا ضميري و خلقي و كفاني أنّي خسرت الرفاقا
لا تقل كنت صاحبي فادن منّي لست أشري و لا أبيع نفاقا
لا تقل لي أين التقينا ؟ و لا أين افترقنا ، فنحن لم نتلاقى ؟
قد نسيت اللّقاء يوما و إنّي لست أدري متى نسيت الفراقا ؟
لا تذوّق صراحتي فهي مرّ إنّما من تذوق المرّ ذاقا

نــجــم
18-04-2011, 08:18 PM
هتاف هتاف و ماج الصدى و أرغى هنا و هنا أزبدا
وزحف مريد يقود السنا و يهدي العمالقة المرّدا
تلاقت مواكبه موكبا يمدّ إلى كلّ نجم يدا
عمائمة من لهيب البروق و أعينه من بريق الفدا
أفاق فناغت صبايا مناه على كلّ أفق صبا أغيدا
و هبّ ودوّى فضجّ السكون ورجّعت الريح ما ردّدا
و غنّى على خطوه شارع ودرب على خطوه زغردا
و منعطف لحّنت صمته خطاه و منعطف غرّدا
مضى منشدا و ضلوع الطريق صنوع توقّع ما أنشدا
و أقبل يسترجع المعجزات و يستنهض الميت و المقعدا
و يبدو مداه فيمضي العنيد يحاول أن يسبق الأعندا
فتطغى مشاهده كالحريق و يقتحم المشهد المشهدا
و يرمي هنا و هناك الدخان و يوحي إلى الجوّ أن يرعدا
***

هو الشعب طاف بإنذاره على من تحدّاه و استعبدا
وشقّ لحودا تعبّ الفساد و تنجرّ تبتلع المفسدا
و أوما بحبّات أحشائه إلى فجره الخصب أن يولدا
أشار بأكباده فالتقت حشودا مداها وراء المدى
وزحفا يجنّح درب الصباح و يستنفر الترب و الجلمدا
و ينتزع الشعب من ذابحيه و يعطي الخلود الحمى الأخلدا
و يهتف : يا شعب شيّد على جماجمنا مجدك الأمجدا
وعش موسما أبديّ الجنى و عسجد بإبداعك السرمدا
و كحّل جفونك بالنيّرات وصغ من سنى فجرك المرودا
لك الحكم أنت المفدى العزيز علينا و نحن ضحايا الفدا
***

ودوّى الهتاف : " اسقطوا يا ذئاب " و يا راية الغاب ضيعي سدى
وكرّ شباب الحمى فالطريق ربيع تهادى و فجر بدا
ومرّ يضيء الحمى كالشموع يضيء توهجها معبدا
ويزجي عذارى بطولاته فيشحّ الجرح و السؤددا
و يغشى على الظلم أبراجه فيزري به و بما شيذدا
و يكسر في مفّ طاغي لبحمى حساما بأكباده مغمدا
و تندى خطاه دما فائرا يذيب دما كاد أن يجمدا
و يلقي على كلّ درب فتى دعته المروءات فاستشهدا
يدني إلى الموت حكما يخوض من العار مستنقعا أسودا
و يجترّ أذيال " جنكيزخان " و يقتات أحلامه الشردا
و يحدو ركاب الظلام الأثيم فيبلغ الصمت رجع الحدا
و يحسو النّجيع و لا يرتوي فيطغى ؛ و يستعذب الموردا
رأى الشعب صيدا فأنحى عليه وراض مخالبه واعتدى
فهل ترتجيه ؟ و من يرتجي من الوحش إصلاح ما أفسدا ؟
و هل تجتدي ملكا شرّه سخيّ اليدين ... عميم الجدا ؟
و حكما عجوزا حناه المشيب و ما زال طغيانه أمردا
تربّى على الوحل من بدئه و شاخ على الوحل حيث ابتدا
فماذا يرى اليوم ؟ جيلا يمور و يهتف " لا عاش حكم العدا "
***

زحفنا إلى النصر زحف اللّهيب و عربد إصرارنا عربدا
و دسنا إليه عيون الخطوب و أهدابها كشفار المدى
طلعنا على موجات الظلام كأعمدة الفجر نهدي الهدى
و نرمي الضحايا و نسقي الحقول دما يبعث الموسم الأرغدا
لنا موعهد من وراء الجراح و ها نحن نستنجز الموعدا
وهل يورق النصر إلاّ إذا سقى دمنا روضه الأجردا
أفقنا فشبت جراحاتنا سعيرا على الذلّ لن يخمدا
رفعنا الرؤوس كأنّ النجوم تخرّ لأهدابنا سجّدا
و سرنا نشقّ جفون الصباح و ننضج في مقلتيه الندى
فضجّ الذئاب ، من الطافرون ؟ و كيف ؟ و من أيقظ الهجذدا
و كيف استثار علينا القطيع ؟ و من ذا هداه ؟ و كيف اهتدى ؟
هنا موكب أبرقت سحبه علينا وحشد هنا أرعدا
وهزّ القصور فمادت بنا و أشغل من تحتنا المرقدا
و كادت جوانحنا الواجفات من الذعر أن تلفظ الأكبدا
***

فماذا رأت دولة المخجلات ؟ قوى أنذرت عهدها الأنكدا
بمن تحتمي ؛ واحتمت بالرصاص و عسكرت اللّهب الموقدا
و لحّنت الغدر أنشودة من النار تحتقر المنشدا
و نادت بنادقها في الجموع فأخزى المنادي جواب الندا
و هل ينفد الشعب إن مزّقته قوى الشر ؟ هيهات أن ينفدا
فردّت بنادقها و الحسيس إذا ملك القوّة استأسدا
و جبن القوى أن تعدّ القوى لتستهدف الأعزل المجهدا
و أردى السلاح لأردى الأنام و أجوده ينصر الأجودا
و يوم البطولات يبلو السلاح إا كان وغدا حمى الأوغدا
فأيّ سلاح حمى دولة تغطّي المخازي بأخزى ردا ؟
و تأتي بما ليس تدري الشرور و لا ظنّ " إبليس " أن يعهدا
لمن وجدت ؟ من أشذّ الشذو ذ و من أغبن أن الغبن أن توجدا
بنت من دم الشعب عرشا خضيبا ورضّت جماجمه مقعدا
و أطفت شبابا أضاءت مناه فأدمى السنا حكمها الأرمدا
وسل كيف مدّت حلوق الردى إليه فأعيا حلوق الردى ؟
و كم فرشت دربه بالحراب فراح على دمه ... واغتدى
وروّى التراب المفدّى دما مضيئا يصوغ الحصى عسجدا
و عاد إلى السجن يذكي النجوم على ليلة فرقدا فرقدا
و يرنو فينظر خضر لالرؤى كما ينظر الأعزب الخرّدا
فتختال في صدره موجة من الفجر تهوى المدى الأبعدا
و يهمس في صمته موعد إلى الشعب لا بدّ أن تسعدا
سينصبّ فجر و يشدو ربيع و يخضوضر الجدب أنّى شدا
فهذي الروابي و تلك السهول حبالى و تستعجل المولدا

نــجــم
18-04-2011, 08:18 PM
سلوى و يهمس في ندائي أمل كأغنية الضياء
سلوى و يرتدّ الصدى بجوابها : يا لانتشائي
أيّ المنى تخضرّ في جدبي و تزهر بالهناء
و تعيد " تموزا " و تغزل من أشعّته ردائي
من ذا إزائي ؟ هل هنا سلوى ؟ " فنيسان " إزائي
يشدو أمامي بالشذى و يزنبق الذكرى ورائي
سلوى ؛ و أصغي ؛ واسمها بفمي ربيع من غناء
و ذا صداها في هواي مواسم بيض العطاء
و أعود أصغي و الصدى يدنو و يوغل في التنائي
***

فأفيق أبني في مهبّ الريح عشا من هباء
و عواصف المأساة تطفئني فيحترق انطفائي

و أنا أغنّيه لأنّ تحرّقي عطر ... البقاء
و الصمت حولي كالضغائن في عيون الأدنياء

و السهد أفكار معلّقة بأهداب الفضاء
و اللّيل بحر من دخان شاطئاه من الدماء
جوعان يبتلع الرؤى و يمجّ دمع الأشقياء
يهذي كما يروي المشعوذ معجزات الأنبياء

و يعبّ من دم الذكرى جحيميّ الإناء
و أنا هناك رواية للحزن تبحث عن " روائي "
أبكي على سلوى أناجيها أغنّيها ... بكائي
و أعيد فيها مأتمي أو أبتدي فيها عزائي
وحدي أناديها ؛ و عفوا نلتقي : في لا لقاء
تبدو و تغرب فجأة كالحلم يدنو و هو نائي
أو تنثني جذلى كفجرى الصيف في صحو الهواء
و تسيل في وهمي رحيقا من عناقيد السماء
و هناك أبتديء الرحيق فينتهي قبل ابتدائي

فأعود أحتضن الشّقاء لأنّني أمّ الشقاء

و مواكب الأشباح في جوّي كحيّات العراء

كتثاؤب الأحزان في مقل اليتامى الأبرياء
و الظلمة الخرساء تفنى قريتي قبل الفناء
و تشدّ أعينها و توصيها بصبر الأغبياء
فيتاجر الحرمان فيها بالصلاة و بالدعاء
بالحوقلات ، و بالأنين و حشرجات الكبرياء
و يبيع أخلاق الرجال و يشتري عرض النساء
***

و أنا كأهلي : ميّت أحيا كأهلي بادّعائي
و أعيش في أوهام سلوى و الأسى زادي و مائي

أشدو لتعذيبي تشدو البلابل للشتاء
و الموعد المسلول يبسم كابتسامات المرائي
و يعيد لحنا نائحا كسعال أمّي في المساء
فتلمّ بي أطياف سلوى كالصبيّات الوضاء
و ترفّ حولي موسما أسخى و أوسع من رجائي

نــجــم
18-04-2011, 08:19 PM
يا ابن أمّي أنا و أنت سواء و كلانا غباوة و فسوله
أنت مثلي مغفّل نتلقّى كلّ أكذوبة بكلّ سهولة
و نسمّي بخل الرجال اقتصادا و البراءات غفلة و طفوله
و نسمّي شراسة الوحش طغيا نا ووحشيّة الأناس بطوله
و نقول الجبان في الشرّ أنثى ووفير الشرور وافى الرجوله
و نرى أصل " عامر " تربة الأر ض و " سعدا " نرى النجوم أصوله
فننادي هذا هجين و هذا فرقديّ الجدود الخؤولة
نزعم الإنتقام حزما و عزما و شروب النجيع الفحولة
***

يا ابن أمّي شعورنا لم يزل طفلا و ها نحن في خريف الكهولة
كم شغلنا سوق النفاق فبعنا واشترينا بضاعة مرذوله
لا تلمني و لم ألمك لماذا ؟ يحسّ الجهل في البلاد الجهوله

نــجــم
18-04-2011, 08:19 PM
حلم الآتي و ذكرى الغابر مسرح الشعر و دنيا الشاعر
ذكريات الأمس تغريه كما يفتن المهجور طيف الهاجر
و الغد المأمول في أشواقه صورة من كلّ حسن باهر
صورة كالوعد من أحلى فم كابتسامات اللّقاء العاصر
و كعيني طفلة ترنو إلى مقلتي طفل كسول الناظر
***

عالم الشاعر ذكرى و منى و حنين كالجحيم الهادر
يقطف الأحلام و الذكرى كما يقطف العنقود كفّ العاصر
أيّ ذكر ؟ أيّ شوق عادني فإذا قلبي جناحا طائر
و إذا الدنيا بكفّي معزف ساحر في كفّ شاد ماهر
تارة أشدو و أصغي تارة لروايات الزمان الساخر
فيقصّ الدهر من دنيا أبي ذكرا تخجل وجه الذاكر
و أنا أحمل ذكراه ... كما يحمل المظلوم سوط الجائر
و أغنّي عزّ أجدادي الأولى فخروا بالعجز فخر لاقادر
و من الأجداد ؟ ما شرعتهم ؟ شرعة الوحش الغبيّ الكاسر
و مخازيهم تراث خالد ورثوه كابرا عن كابر
كيف أنسى الأمس و اليوم ابنه و الغد الآتي وليد الحاضر !
و أنا ابن الشعر قلبي عالم من حنين و حنان غامر
ترتمي الأدهار حولي مثلما يرتمي موج العباب المآثر
والدنا في عزلتي هائمة كهوى " ليلى " و طيف " العامري "
وحدتي صمت يغني ورؤى من عصا " موسى " و عجل " السامري "
من شذوذ الطفل من زهو الفتى من أسى الشيخ الفقير العاثر
من خيالات الشياطين و من حكمة الرسل ودجل الساحر
من ضراعات المساكين و من خيلاء المستبد القاهر
من هوى التاجر في الربح و من شبح الإفلاس حول التاجر
من شكاوى عاشق يمشي على قلبه نحو الحبيب ... نافر
وحدتي وحي و دنيا من هدى و ضلال ويقين حائر
و حنان وانتظار خائف ورجاء كابتسام الغادر
وهوى يضحك للطيف كما يضحك الروض لعين الزائر
وحدتي أرجوحة من فكر دائرات كالشروق الدائر
و بنات الفنّ حولي زمر كرياحين الربيع الزاهر
و أنا كالراغب المحروم في موكب الغيد المثير السافر
أشتهي تلك فتدنو أختها من يديّ كالأبيّ الصاغر
حلوة تدنو و تخفى حلوة كالسنى خلف الظلام العاكر
هذه تعطي و لا أسألها و أناجي تلك نجوى الخاسر
و لعوب أجتدي نفحتها و هي تأبى خاطري
و عدها يبعث ذكرى " حاتم " ووفاها صورة من " مادر "
كم تناديني فتغري لوعتي و تولّى كالحبيب ... الماكر
و الدجى مقبرة تغفو على حلم النعش و نوح القابر
قلق الصمت كرؤيا مومس هجعت بين ذراعي فاجر
كأماني ظالم يرنو إلى مقلتيه شبح من ثائر
خائف يسري و في أعطافه صلف الطاغي وتيه الكافر
و تضيع الشهب في موكبه كخيالات المريض الساهر
ودخان الحقد في أهدابه كالخطايا فوق عرض عاهر
يخطر الشيطان فيه و على شفتيه قهقهات الظافر
و خفوق الصمت ينبي أنّ في سرّه ضوضاء زحف طافر
و الرؤى تشتفّ من خلف الربى مطلع اليوم الهتوف الزاخر
و تبثّ الغيب شكوى توبة تتشهّى بسمة من غافر
و أنا وحدي أناغي هاتفا من فم الوحي الشذيّ الطاهر
و هدوء الكوخ يستفسرني هل أغنّي للفراغ السادر ؟
قلت إنّي شاعر ، في وحدتي ألف دنيا من طيوف الشاعر

نــجــم
18-04-2011, 08:19 PM
لا تسل عن أنينه و سهاده إنّ في جرحه جراح بلاده
إنّ في جرحه جراحات شعب راكد الحسّ حيّه كجماده
ثائر يحمل البلاد قلوبا في حشاه و شعلة في اعتقاده
وهب الشعب قلبه ودماه و أحاسيسه و صفو وداده
فهو أصواته إذا ضجّ في النّـ اس و نجوى ضميره في انفراده
إنّه ثائر يريد و يسمو فوق طاقاته ... سموّ مراده
أوقد الحقد في حناياه ثارا عاصفا يستفزّ نار زناده
فمضى و العناد في مقليته صارخ ، و الجحيم في أحقاده
و تلقى الرصاص من كلّ فجّ و هو ما زال في جنون عناده
كلّما أومأ الفرار إليه أمسكت قبضة الوغى بقياده
و تحدّى الحتوف حتّى تلظّت حوله و انتهت بقايا عتاده
***

عاد كالسيف حاملا من دماه شفقا يخبر الدنا عن جلّاده
و الجراح التي تراها عليه كالعناوين في سجلّ جهاده
وارتمى في الفراش و التأر فيه ساهر ينذر الوغى بمعاده
لم ينم لحظة و إن نام هزّت ذكريات الوغى سكون وساده
و تلظّت فيه الجراح فأوهت جسمه وانطفى حماس اعتداده
يسأل الصمت و المنى كيف يشفي كبرياء الجراح من جلّاده
فهو بين الطموح و العجز و الأشـ واق كالصقر في يدي صيّاده
***

لا تلمه إذا شكا إنّ شكواه و أنّاته دخان اتّقاده
إنّ أنفاسه غبار و جمر من شظايا فؤاده ورماده
كلّما قابل آه ! أو صعّد الأنفـ اس شاهدت قطعة من فؤاده
و إذا صاح جوعه في الحنايا فرقات المنى بقيّة زاده
عمره المدلهمّ سجن وينكي جرحه أنّ عمره في ازدياده
فهو يشقى في يقظة العين با لعشب و يشقى بحلمه في رقاده
ملّ طول الحياة لا نال منها ما يرجّي و لا دنا من حصاده
و الشقيّ الشقيّ من ملّ طول العمر و العمر لم يزل في امتداد ه

نــجــم
18-04-2011, 08:19 PM
في هجعة اللّيل المخيف الشاتي و اجوذ يحلم بالصباح الآتي
و الريح كالمحموم تهذي و الدجى في الأفق أشباح من الإنصات
و الشهب أحلام معلّقة على أهداب تمثال من الظلمات
و الطيف يخبط في السكينة مثلما تتخبّط الأوهام في الشبهات
والظلمة الخرسا تلعثم بالرؤى كتلعثم المخنوق بالكلمات
***

في ذلك اللّيل المخيف مضى فتى قلق الثياب مروّع الخطوات
يمشي و ينظر خلفه و أمامه نظر الجبان إلى المغير العاتي
و يرى الحتوف إذا تلفّت أو رنا و يحسّ أصداء بلا أصوات
و يعود بسأل نفسه ما خيفتي ؟ ماذا أحسّ ؟ و أين أين ثباتي ؟
ماذا يخوّفني أنا رجل السرى ؟ و أنا رفيق اللّيل و الفلوات
هل ليلتي غير اللّيالي ؟ أم أنا غيري … أكاد الآن أنكر ذاتي
أين الصباح و أين منّي قريتي ؟ و الرعب قدّماي و في لفتاتي
***

و هنا تراءت للمروّع عصبة كالذعر شيطانيّة اللّمحات
شعث كأهل إلاّ أنّ في نظراتهم همجيّة الشهوات
و تقلّبت مقل العصابة في الفتى و كأنّها تشويه بالنظرات
و تخيّلت " كيس النقود " فأبرقت رغباتها في الأعين الشرهات
و تململت فيها الشراسة مثلما يتململ الزلزال في الهضاب
و التاع فيها الشرّ فاهالت على ذاك الفتى بالضرب و الطّعنات
فاستلّ خنجره و كسّر وحده و حشيّة الوثبات بالوثبات
و تلفّتت تلك العصابة حولها فرأت بعين الوهم ظلّ سراه
***

و هناك لاذت بالفرار و أدبرت ملعونه الروحات و الغدوات
و عدت يصادم بعضها بعضا كما تتصادم الآلات بالآلات
و جثا الفتى بين الجراح كمدنف يستنجد العوّاد بالزفرات
و تلكأت عند التوجّع روحه بين الممات و بين نصف حياة
وامتدّ في حضن الطريق وداؤه حيّ وصفرته من الأموات
و تداعت الأوجاع فيه و التظت فيه الجراح الحمر كالجمرات
و إذا تهيّأ للنهوض تثاءبت فيه الجراح تثاؤب الحيّات
و على يمين الدرب كوخ تلتقي في صدره النكبات بالنكبات
بين القصور و بينه ميل و ما أدنى المكان و أبعد الرحمات !
يشكو إلى جيرانه فيصمّهم عنه ضجيج القصف و اللّذّات
كوخ إذا خطرت به ريح الدجى أومى إلى السكان بالرعشات
" سنوات يوسف " عمره وجداره أبدا تنوء بأعجف السنوات
فيه العجوز و بنتها و غلامها يتذكّرون موارد الأقوات
فالحقل جدب ظاميء و سماؤه صحو تلوح كصفحة المرآة
و الأغنياء ، و هل ترقّ قلوبهم ؟ لا ، إنّها أقسى من الصخرات
و تغلغلوا في الصمت فانتبهوا على شبح ينادي الصمت بالأنّات
فإذا فتى قلق الملامح يختفي تحت الجراح الحمر و الخفقات
فمشى ثلاثتهم إليه وانثنوا بالضّيف بين الدمع و الآهات
وروى لهم خبر العصابة أنّها سدّت عليه الدرب بالهجمات
و تهيّجت فيه الجراح فصدّها و تستّرت باللّيل كالحشرات
فدنت فتاة الكوخ تمسح وجهه و تبلسم الأجراح بالدعوات
و تبلّ من دمه يديها إنّها تشمّ فيه أعبق النفحات
و ترى به ما ليس تدري هل ترة سرّ القضا ؟ أم آية الآيات
فإذا الجراح تنام فيه و يشتفي و يردّ عمرا كان وشك فوات
وإزاءه ابنت الجميلة كلّها روح سماويّ و طهر صلاة
يتجاوب الإغراء في كلماتها كتجاوب الأوتار بالنغمات
أغفى الجريح على السكون و أغمضت أجفان من حوليه كفّ سبات
و الكوخ في حرق الأسى مترقّب بشرى ترفّ عليه كالزهرات
***

و اللّيل تمثال سجين يرتجي فكّ القيود على يد النحّات
فبدا احمرار في الظلام كأنّه لعنات حقد في وجوه طغاة
و تسلّل السحر البليل على الربى كالحلم بين الصحو و الغفوات
يندى و ينثر في البقاع أريجه و يرشّ درب الفجر بالنّسمات
وصيت على الجبل الشموخ أشعّة مسحورة كطفولة القبلات
فكأنّما الجبل المعمّم بالسنى ملك يهزّ الفجر كالرايات
رفع الجبين إلى العلا فتقبّلت في رأسه الأضواء كالموجات
و تسلّق الأفق البعيد شموخه فترى عمامته من الهالات
و تلألأت فوق السفوح مباسم ورديّة الأنفاس و البسمات
وانصبّ تيّار الشروق كأنّه شعل النبوّة في أكفّ هداه
و غزا الدروب فأجفلت قطّاعها ووجوههم تحمرّ بالصفعات
و تصايحت تلك العصابة ما أرى ؟ هذي الجهات المشرقات عداتي
أين المفرّ ؟ و أين أطلب مهربا ؟ و النور يسطع من جميع جهاتي
كيف القرار ؟ و ليس لي كهف و لا درب فيا لي ! ! يا لسوء مماتي !
و أفاق أهل الكوخ حين ثقوبه تومي إلى الأبصار بالومضات
فدنا ثلاثتهم يرون جريحهم فإذا الفتى في سكرة الفرحات
نفض النعاس وشدّ فيه جراحه و استقبل الدنيا بعزم أباه
ورمى إلى كفّ الغلام و أمّه بعض النقود و دعوة البركات
و صبا إلى كفّ الفتاة و قال : يا " نجوى " خذي نخب الزفاف و هاتي
و طوى الجراح وهبّ يقتاد السنى و يبشر الأكواخ بالخيرات
و يقود تاريخا و ينبت خطوة فجرا ينير مسالك القادات
***

فضح الصباح المجرمين فأصبحوا أخبار جرم في فم اللّعنات
و تعالت الأكواخ تنظر أهلها يضعون " غار النصر " في الهامات "
لمس الربيع قلوبهم و حقولهم فاخضوضرت بالبشر و الثمرات
و الجوّ يلقي النور في الدنيا : كما تلقي السيول مناكب الربوات
و الزهر في وهن الشباب مفتّح فوق الغصون كأعين الفتيات
و الأفق يورق بالأشعّة و الندى و الأرض تمرح في حليّ نبات
***

و هنا انتهى دور الجرائم و ابتدى دور وريف الظلّ كالجنّات
فتجمّع الإخوان بعد تفرّق وانضمّ شمل الأهل بعد شتات
صرعت أباطيل الدجنّة يقظة أقوى من الإرهاب و القوّات
و الدجل يذهب كالجفاء و لم تدم إلاّ الحقيقة فوق كلّ عتاة
***

إنّ الحياة مآتم تفضي إلى عرس و أفراح إلى حسرات
لكنّها بخريفها و شتائها و بصيفها .. حكم ودرس عظات
فاختر لسير العمر أيّة غاية إنّ الحقيقة غاية الغايات .

نــجــم
18-04-2011, 08:20 PM
قال لي : هل تحسّ حولك رعبا و عجاجا كالنار طار وهبّا ؟
فكأنّ النجوم شهقات جرحي جمدت في محاجر الأفق تعبى
***

قلت : إنّ الطريق شبّ عراكا آدميّا في أجيف الغنم ... شبّا
فكأنّي أشتمّ في كلّ شبر ميته تستثير كلبا ... و كلبا
أقوياء تفنى الضّعاف و تدعو خسّة الغالبين نصرا و كسبا
***

قال : إنّا نبكي الضعيف صريعا و نهني القويّ رغبا ورهبا
زعم المرء أنّه علّة الدنيا فأشقى ما هبّ فيها و دبّا
واستباح ابنه و أردى أخاه و تولّى تراث قتلاه غصبا
فكأنّ الثرى رفات ضحايا زوّرتها السنون طينا و عشبا
***

قلت : لا توقظ " المعرّي " فيلقى " أمّ دفر " أغوى خداعا و أصبى
ويرانا أخسّ من أن يثير الهجو أو نستحقّ نقدا و سبّا
لا تذكّر " أبا العلا " إنّ جيل اليو م أضرى من جيل أمس و أغبى
***

و هنا قال صاحبي : لا تعانى فترى ألمع المحاسن ذنبا
يا أخي : و الهوى يصمّ و يعمى كيف ترضى الهوى دليلا وركبا ؟
فتأمّل تجد صراعا … كريما و صراعا جمّ النذالات خبّا
و قتيلا يغفو و يسهر ثارا و شهيدا يندى سلاما و حبّا
و دما في الثرى تجمّد جمرا و دما في السماء أرقّ شهبا
و نفاحا أخزى هجوما و تربا سمّدته الدماء فاخضرّ خصبا
***

و ذكرنا أنّا نسير و أغفى جهدنا و الطريق ما زال صعبا
دربنا كلّه عجاج و ريح كفّنت جوّه رمادا و حصبا
و ظلام تألّه الشرّ فيه و تمطّى شيطانه فتنبّى
و صراع إن أطفأ الضعف حربا شبّ حقد الرماد حربا فحربا
***

كيف نسري ؟ وراءنا عاصف يطـ غى ؛ وقدّامنا أعاصير نكبا
يتلهّى بخطونا عبث الريحين ، دفعا إلى الأمام وجذبا
قلت : ليت الممات ينهي خطانا قال : ما كلّ من دعى الموت لبّى
يا رفيقي : ألموت شرّ ... و أدهى منه ... و أنّا نريده و هو يأبى
***

قال لي : لا تقف : تقوّ بزندي فمضينا نشدّ بالجنب جنبا
واتحدنا جنبا كأنّا اختلطنا و جمعنا القلبين في الجنب قلبا
فاهتدى سيرنا كأنّا فرشنا لخطانا مباسم الفجر دربا
وانتشى جوّنا انتشاء النّدامى و أدار النجوم أكواب صهبا
يشعل الحبّ من دجى الأفق فجرا يسفح العطر في طريق الأحبّا
***

و نظرنا في الأفق وهو بقايا من ظلام محمرّة الوجه غضبى
و خيال السّنى يجرّب عينيه فيطوي هدبا و يفتح هدبا
و سألنا : فيم التعادي ؟ و فيما نخضب اللّيل بالجراحات خضبا ؟
و لماذا نجني المنايا ... بأيدينا ؛ و نرمي الحياة في الترب تربا ؟
و الروى أخوة ففيم التعادي ؟ و هو أخزى بدءا و أشأم عقبى ؟
أمّنا الأرض " يسعد الأمّ " أن تلقى بنيها صبّا يعانق صبّا

نــجــم
18-04-2011, 08:20 PM
يخوّفني بالنهب و القتل ناقم عليّ و هل لي ما أخاف عليه ؟
إذا رام نهبي لم يجد ما يرومه و إن رام موتي فالمصير إليه
إذا سلّ روحي سلّني من يد الشقا و خلّصني من شرّه بيديه
و أطلقني من سجن عمري فقاتلي عدوّ ، مروءات الصديق لديه

نــجــم
18-04-2011, 08:20 PM
كيف انتهى من قبل أن يبتدي هل تنطفي الروح و لم توقد ؟
و كيف أنهى السير من لم يرح في دربه المجهول أو يغتدي ؟
وافى من الديجور يحبو إلى كهف السكون النازح الأسود
ألقى به المهد إلى قبره لم يقترب منه و لم يبعد
***

ما باله خفّ إلى موته ؟ هل كان و الموت على موعد ؟
ما أقصر الشوط و أدنى المدى ما بين عهد اللّحد و المولد !
يا من رأى الطفل يعاني الردى و يرفع الكفّ كمن يجتدي !
كأنّه في خوفه ... يحتمي بكفّه من صوله المعتدي !
و كلّما انهال عليه انطوى يلوذ بالثوب ... و بالمرقد
و تارة يرنو إلى أمّه و تارة يلقي يدا في يد
و مرّة يرجو أبا مشفقا و مرّة يرنو إلى العوّد
***

يهوى أبوه لو يذود القضا عنه و تهوى الأمّ لو تفتدي
يا من شهدت الطفل في موته ألم تمت من روعة المشهد ؟ !
***

ياصائد العصفور رفقا به فلم يخض جوا و لم يصعد
أتى يغنّي الروض لكنّه لم ينشق الروض و لم ينشد
طفل كعصفور الروابي طوى ردا الصبا من قبل أن يرتدي
أهلّ في بدء الصبا فانطفى لم يهد حيران و لم يهتد
و نام في حضن الهنا مبعدا عن الأعادي و عن الحسّد
عن ضجّة الدنيا و أشرارها و عن غبار العالم المفسد
تدافع الطفل إلى قبره فنام تحت الصمت كالجلند
ما أسعد الطفل و أهنى الكرى على سكون المرقد المفرد !
***

هنا ثوى الطفل و أبقى أبا يبكي و أمّا في البكا السرمدي
تقول في أسرارها أمّه : لو عاش سلوى اليوم ، ذخر الغد !
لو عاش لي يا ربّ ، لو لم يمت أو ليته يا ربّ ، لم يوجد
***

هل خاف هذا الطفل جهد السرى فاختزل الدرب و لم يجهد ؟
ما باله جفّ وريّ الصبا حوليه و العيش الظليل الندي ؟ !
مضى كطيف الفجر لم يقتطف من عمره غير الصبا الأرغد
لم يطعم الدنيا و لم يدر ما في سوقها من جيّد أو ردي
حبّا من المهد إلى لحده لم يشقّ في الدنيا و لم يسعد
فهاك يا " عبد العزيز " الرثا شعرا حزين الشدو و المنشد
يبكي كما تبكي و في شجوه تعزيه عن طفلك الأوحد .

نــجــم
18-04-2011, 08:20 PM
إلى من أسير ؟ أهاض المسير قواي و أدمى جناحي الكسير
ةو كيف المسير و دربي طويل طويل وجهدي قصير قصير ؟ !
فكنت كفرخ أضاع الجناح و تدعوه أشواقه أن يطير
و لي أمنيات كزهر القبور يموت و يرعشه الزمهرير
أجرّ خطاي فأخشى العثار و تجتاحني رغبة كالسعير
فحينا أهبّ كطفل لعوب و حينا أدبّ كشيخ حسير
و آونة أرتمي في الجراح كما يرتمي في القيود الأسير
و تدفعني وحشة الذكريات و تثني خطاي طيوف المصير
***

أمامي غيوب و سرّ رهيب و خلفي عذاب و ماض مرير
إلى أين أمضي و هل أنثني ؟ أمامي خطير و خلفي خطير
هنا هزّني من وراء المنى نداء كضحك الصبيّ الغرير
كخفق الأماني كنجوى غدير شذى الصدى زنبقيّ الخرير
فجئت إليك كمن يلتجي إلى واجه من جحيم الهجير
ورفّ عليّ هواك الحنون رفيف الربيع الشذيّ الخضير
فلا تسألي من هداني إليك ؟ هداني إليك صباك النضير
أتخفين عنّي و حولي شذاك يوشّي الدروب و يغشى الأثير
فأقبلت في الطيب أمشي إليك على ألف أغنية من عبير
و لمّا التقينا احتضنّا الهوى كما يحضن الفجر صدر الغدير
و غنّاك حبّي فلاقى لديك صدى ناعما مترفا كالحرير
و ناديت فيك هوى أوّلا و ناديت فيّ الحبيب الأخير
***

و سرنا جميعا يدا في يد نغنّي كثيرا و نبكي كثير
و طاب لنا منزل واحد صغير كعشّ الهزار الصغير
و لم تسأليني : أعندي سرير ؟ لأنّ المحبّة أحنى سرير
و هل لي سرير أنا شاعر شعوري غنيّ وجيبي فقير ؟
و حسبي أنا من عطايا الوجود شعور غنيّ و فكر منير
إذا كان همّي شراب وقوت فما الفرق بيني و بين الحمير
خلقت حنونا لكلّ الأنام بأرجاء قلبي قرار قرير
أعزّي الفقير و أرثي الغنيّ على عجزه و أهنّي القدير
أعزّي الجميع و أهوى الجميع و محتقر الناس أدنى حقير
و أستلهم الدمع و الأغنيات و نوح النعيّ و صوت البشير
***

أنا شاعر يا " ابن العمّ " لي من الحبّ نبع شهيّ غزير
و شعر رقيق كحلم الصباح على مقل الياسمين المطير
فحسبي و حسبك ديوان شعر و بيت صغير و حبّ كبير
وكأس من الشوق و الذكريات و أغنية من شذاك المثير
إذا قرّت النفس لذّ المقام و ساوى التراب الفراش الوثير
فقد يتعس الجدب كوخ المقل و تشقي الرفاهة قصر الأمير
يضيق الفقير و يشقى الغنيّ فلا ذاك بدع و لا ذا نكير
فذا يشتهي لم يجد بلغة و هذا يعاف الغذاء الوفير
و يخفي وراء الطلاء الأنيق صدوع الحنايا و خزي الضمير
فومض السعادة من حوله كومض الأشعّة حول الضرير
فكم مترف مبتلى بالألوف و كم كادح هانيء باليسير
***

لنا يا " ابنه العمّ " من حبّنا حنان يغنّي و عيش غضير
و فنّ يضمّ هوانا ... كما يضمّ السميرة أشهى سمير
و يحتضن الحبّ و الأمنيات كما تحضن الكأس كفّ المدير
إليك انتهت رحلتي في الضيا ع فأنسيتني هولها المستطير
فلقياك كالظلّ بعد الهجير و كالنصر بعد الجهاد العسير

نــجــم
18-04-2011, 08:20 PM
يا أخي يا ابن الفدى فيما التمادي و فلسطين تنادي و تنادي ؟
ضجّت المعركة الحمرا … فقم: نلتهب ..ز فالنور من نار الجهاد
و دعا داعي الفدى فلنحترق في الوغى ، أو يحترق فيها الأعادي
***

يا أخي يا ابن فلسطين التي لم تزل تدعوك من خلف الحداد
عد إليها , لا تقل : لم تقترب يوم عودي قل : أنا " يوم المعاد "
عد و نصر العرب يحدوك و قل : هذه قافلتي و النصر حادي
عد إليها رافع الرأس و قل : هذه داري ، هنا مائي وزادي
و هنا كرمي ، هنا مزرعتي و هنا آثار زرعي و حصادي
و هنا ناغيت أمّي و أبي و هنا أشعلت بالنور اعتقادي
هذه مدفأتي أعرفها لم تزل فيها بقايا من رماد
و هنا مهدي ، هنا قبر أبي وهنا حقلي و ميدان جيادي
هذه أرضي لها تضحيتي و غرامي و لها وهج اتّقادي
ها هنا كنت أماشي إخوتي و أحيّي ها هن أهل ودادي
هذه الأرض درجنا فوقها و تحدّينا بها أعدى العوادي
و غرسناها سلاحا و فدى و نصبنا عزمنا في كلّ وادي
و كتبنا بالدّما تاريخنا ودما قوم الهدى أسنى مداد
هكذا قل : يا ابن " عكّا " ثمّ قل : ها هنا ميدان ثاري و جلادي
يا أخي يا ابن فلسطين انطلق عاصفا وارم العدى خلف البعاد
سر بنا نسحق بأرضي عصبة فرّقت بين بلادي و بلادي
قل : " لحيفا " استقبلي عودتنا وابشري ها نحن في درب المعاد
و اخبري كيف تشهّتنا الربى أفصحي كم سألت عنّا النوادي !
قل : لإسرائيل يا حلم الكرى زعزعت عودتنا حلم الرقاد
خاب " بلفور " و خابت يده خيبة التجّار في سوق الكساد
لم يسع ، لا لم يسع شعب أنا قلبه و هو فؤاد في فؤادي
قل : " بلفور " تلاقت في الفدى أمّة العرب و هبّت للتفادي
***

وحّد الدرب خطانا و التقت أمّتي في وحدة أو في اتّحاد
عندما قلنا : اتّحدنا في الهوى قالت الدنيا لنا : هاكم قيادي
و مضينا أمّة تزجي الهدى أينما سارت و تهدجي كلّ عادي .

نــجــم
18-04-2011, 08:21 PM
لفظ الروح فاطمأنّت ضلوعه وانطفى شوقه و نام ولوعه
وقع المتعب الكئيب على الموت فماذا جرى وكيف وقوعه ؟
جفّت الكأس في يديه و أشتى فيه وادي المنى و مات ربيعه
حار في الموت و الحياة ... كراع ضاع تحت الدجى و ضاع قطيعه
كلّما ساءل الدجى أين يمضي لجّ في الصمت واستفاض خشوعه
وانحنى كالعجوز وانساق كالمخـ مور و امتدّ في السكون هزيعه
***

لا تسل ذلك الفتى : كيف صاح الجرح فيه ؟ و كيف صمّ سميعه
كيف أسرار قلبه أيّ سرّ كان يطوي و أيّ سرّ يذيعه ؟
همّ بالموت و الظنون توارى حوله الخوف تارة و تشيعه
و تلكّا فدار في ذهنه " سقراط " هذا اسمه و هذا لموعه
ذلك الفيلسوف لم يدر هل أحأ سن صنعا أم كيف ساء صنيعه ؟ !
جرعة الكأس أنهت العمر فيه فانتهى أصل شرّه و فروعه
و تلكّا الفتى و حار ، أيشري من يد الموت عمره أم يبيعه ؟
أومأت كفّه إلى خنجر الموت و أومى إلى الحياة نزوعه
***

ليس يدري أيّ الأمرّين أحلى سعيه نحو حتفه أم رجوعه ؟
طاوع الخنجر الأصمّ يديه حين كادت يمينه لا تطيعه
و توارى في صدره خنجر الموت فضجّ الحشا وفارت صدوعه
و التوى حوله الردى كالأفاعي وتلوّى كالأفعوان صريعه
و تراخت على الفراش يداه ثمّ أغفى و في يديه نجيعه
***

متعب طال عمره و شقاه و تمادت جراحة و دموعه
طالما شبّ من دماه شموعا للهوى فانطفى الهوى و شموعه
حين لم يستطع بلوغ مناه مات : و الموت كلّ ما يستطيعه
وانطوى عمره الطويل فألقى قيده و انتهى شقاه و جوعه
وانزوى حيث لا يحسّ صديقا يجتبيه و لا عدوّا يروعه
***

نول المضجع الأخير فلانت قسوة الشرب و استراح ضجيعه
أسكت القبر فيه كلّ ضجيج واحتواه سكونه و هجوعه
إنّما القبر مضجع يستوي العالم فيه رفيعه ووضيعه
نافقت بيننا الحياة فهذا حلّ كوخا و ذاك طالت ربوعه
يا ظالم الحياة ما أعدل القبر تساوى فيه الوجود جميعه !
***

لا تلم ذلك الفتى حين أردى نفسه فالشقا الطويل شفيعه
و انتحار المضيم أخصر للضيّم و أجدى من أن يطول خضوعه
مزّق العمر ضيّعه العمر و حمق حفظ الفتى ما يضيعه
كم شوت روحه الضلوع ويوما لفظ الروح فاطمأنّت ضلوعه

نــجــم
18-04-2011, 08:21 PM
تلفّتت كالسارق الخائف إلى العشيق اللّاهث الراجف
مذعورة ترتاع من خطوها من الخيال الكاذب الطائف
شرشفها المذعور كالغصن في جوّ الخريف الأصفر العاصف
تمشي و يمشي إثرها و الدجى حوليهما كالراهب العاكف
وانطلقت وانقضّ في إثرها كالبرق في إيماضه الخاطف
***

حتّى احتوى شخصيهما مخدع غضّ كأفراح الصبا الوارف
فاللّيل رقص عابث كالصبا و معزف يشدو بلا عازف
ولاح وهمان لعينيهما كواقف ريصغي إلى واقف
فقنّعت وجهيهما صفرة كذكريات المذنب الآسف
و أعتم الجوّ فلم يخشيا على ستار الحبّ من كاشف
و أنصت اللّيل ولم يستمع إلاّ شكاوى عمره التالف
كأنّه شيخ على وجهه مقبرة من عهده السالف
شيخ له وجه كدجل الرؤى ولحية تدعو يد الناتف
أصغى فلم يسمع سوى غيمة و ثرثرات المطر الواكف
و خطو فلّاح هناك انحنى يمحو بقايا العرق النازف
***

هنا اطمأنّت واطمأنّ الفتى إلى اللّقاء الصاخب القاصف
و حدّقت في مجه محبوبها تحديقة الظامي إلى الغارف
ووسوست ما سرّ إطراقه و ما ورا إطراقه العارف ؟ !
هل أذهلته فتنتي أم أنا أسعى وراء الموعد الآزف ؟
هل أجتديه ؟ آه أم ألتجي إلى سلاحي المدمع الذارف ؟ !
أم لا ينمّ الوجه عن قلبه ؟ أم حبّه كالدرهم الزائف ؟
لا : لم يكن : إنّي أرى قلبه في عينه كالشّره الواجف
عيناه في عينيّ لكن متى يدني فمي من فمه الراشف ؟
و أومأت في ثغرها بسمة إيماءة الزهر إلى القاطف
فضجّ في أحشاءه موكب من الحنين الدافق الجارف
فضمّها حتّى ارتمت و ارتمى على السرير الناعم العاطفي
فضمّ سكّيرا و سكّيره و شدّ مشغوفا إلى شاغف
***

و عاد و الفجر وراء الدجى لمح كهجس الخاطر الكاسف
و فجأة أومت بنان السنى أيماءة الحسن ؟إلى الواصف
و أقبل الفجر و في جيده قلادة من جرحه الراعف
فالدرب في إشراقه جدول مزغرد في جدول هاتف
و كبرياء البعث أهزوجة على شفاه الموكب الزاحف

نــجــم
18-04-2011, 08:22 PM
بشرى من الغيب ألقت في فم الغار وحيا و أفضت إلى الدنيا بأسرار
بشرى النبوّة طافت كالشذى سحرا و أعلنت في الربى ميلاد أنوار
و شقّت الصمت و الأنسام تحملها تحت السكينه من دار إلى دار
و هدهدت " مكّة " الوسنى أناملها و هزّت الفجر إيذانا بإسفار
***

فأقبل الفجر من خلف التلال و في عينيه أسرار عشاق و سمار
كأنّ فيض السنى في كلّ رابية موج و في كلّ سفح جدول جاري
تدافع الفجر في الدنيا يزفّ إلى تاريخها فجر أجيال و أدهار
واستقبلت طفلا في تبسّمه آيات بشرى و إيماءات إنذار
و شبّ طفل الهدى المنشود متّزرا بالحقّ متّشحا بالنور و النار
في كفّه شعلة تهدي و في فمه بشرى و في عينه إصرار أقدار
و في ملامحه وعد و في دمه بطولة تتحدّى كلّ جبّار
***

و فاض بالنور فاغتم الطغاة به و اللّصّ يخشى سطوع الكوكب الساري
و الوعي كالنور يخزي الظالمين كما يخزي لصوص الدجى إشراق أقمار
نادى الرسول نداء العدل فاحتشدت كتائب الجور تنضي كلّ بتّار
كأنّها خلفه نار مجنّحة تعدو قدّامه أفواج إعصار
فضجّ بالحقّ و الدنيا بما رحبت تهوي عليه بأشداق و أظفار
و سار و الدرب أحقاد مسلّخة كأنّ في كلّ شبر ضيغما ضاري
وهبّ في دربه المرسوم مندفعا كالدهر يقذف أخطار بأخطار
***

فأدبر الظلم يلقي ها هنا أجلا و ها هنا يتلقّى كفّ ... حفّار
و الظلم مهما احتمت بالبطش عصبته فلم تطق وقفة في وجه تيّار
رأى اليتيم أبو الأيتام غايته قصوى فشقّ إليها كلّ مضمار
وامتدّت الملّة السمحا يرفّ على جبينها تاج إعظام و إكبار
***

مضى إلى الفتح لا بغيا و لا طمعا لكنّ حنانا و تطهيرا لأوزار
فأنزل الجور قبرا وابتنى زمنا عدلا ... تدبّره أفكار أحرار
***

يا قاتل الظلم صالت هاهنا و هنا فظايع أين منها زندك الواري
أرض الجنوب دياري و هي مهد أبي تئنّ ما بين سفّاح و سمسار
يشدّها قيد سجّان و ينهشها سوط ... ويحدو خطاها صوت خمّار
تعطي القياد وزيرا و هو متّجر بجوعها فهو فيها البايع الشاري
فكيف لانت لجلّاد الحمى " عدن " و كيف ساس حماها غدر فجّار ؟
وقادها وعماء لا يبرّهم فعل و أقوالهم أقوال أبرار
أشباه ناس و خيرات البلاد لهم يا للرجال و شعب جائع عاري
أشباه ناس دنانير البلاد لهم ووزنهم لا يساوي ربع دينار
و لا يصونون عند الغدر أنفسهم فهل يصونون عهد الصحب و الجار
ترى شخوصهم رسميّة و ترى أطماعهم في الحمى أطماع تجّار
***

أكاد أسخر منهم ثمّ تضحكني دعواهم أنّهم أصحاب أفكار
يبنون بالظلم دورا كي نمجّدهم و مجدهم رجس أخشاب و أحجار
لا تخبر الشعب عنهم إنّ أعينه ترى فظائعهم من خلف أستار
الآكلون جراح الشعب تخبرنا ثيابهم أنّهم آلات أشرار
ثيابهم رشوة تنبي مظاهرها بأنّها دمع أكباد و أـبصار
يشرون بالذلّ ألقابا تستّرهم لكنّهم يسترون العار بالعار
تحسّهم في يد المستعمرين كما تحسّ مسبحة في كفّ سحّار
***

ويل وويل لأعداء البلاد إذا ضجّ السكون وهبّت غضبة الثار !
فليغنم الجور إقبال الزمان له فإنّ إقباله إنذار إدبار
***

و الناس شرّ و أخيار و شرّهم منافق يتزيّا زيّ أخيار
و أضيع الناس شعب بات يحرسه لصّ تستره أثواب أحبار
في ثغره لغة الحاني بأمّته و في يديه لها سكّين جزّار !
حقد الشعوب براكين مسمّمة وقودها كلّ خوّان و غدّار
من كلّ محتقر للشعب صورته رسم الخيانات أو تمثال أقذار
و جثّة شوّش التعطير جيفتها كأنّها ميته في ثوب عطّار
***

بين الجنوب و بين العابثين به يوم يحنّ إليه يوم " ذي قار "
***

يا خاتم الرسل هذا يومك انبعثت ذكراه كالفجر في أحضان أنهار
يا صاحب المبدأ الأعلى ، و هل حملت رسالة الحقّ إلاّ روح مختار ؟
أعلى المباديء ما صاغت لحاملها من الهدى و الضحايا نصب تذكار
فكيف نذكر أشخاصا مبادئهم مباديء الذئب في إقدامه الضاري ؟ !
يبدون للشعب أحبابا و بينهم و الشعب ما بين طبع الهرّ و الفار
مالي أغنّيك يا " طه " و في نغمي دمع و في خاطري أحقاد ثوّار ؟
تململت كبرياء الجرح فانتزفت حقدي على الجور من أغوار أغواري
***

يا " أحمد النور " عفوا إن ثأرت ففي صدري جحيم تشظّت بين أشعاري
" طه " إذا ثار إنشادي فإنّ أبي " حسّان " أخباره في الشعر أخباري
أنا ابن أنصارك الغرّ الألى قذفوا جيش الطغاة بجيش منك جرّار
تظافرت في الفدى حوليك أنفسهم كأنّهنّ قلاع خلف أسوار
نحن اليمانين يا " طه " تطير بنا إلى روابي العلا أرواح أنصار
إذا تذكّرت " عمّارا " و مبدأه فافخر بنا : إنّنا أحفاد " عمّار "
" طه " إليك صلاة الشعر ترفعها روحي و تعزفها أوتار قيثار

نــجــم
18-04-2011, 08:22 PM
لا تسخري يا أخت بالشاعر تكفيه بلوى دهره الساخر
رفقا بغرّيد الهوى إنّه ينوح نوح الطائر .. الحائر
يبكي بترديد الأغاني و ما للحنه و الحبّ ... من آخر
فلا تضيقي بمغنّي الهوى و هل يضيق الروض بالطائر ؟
تذكّري خلف النوى عاشقا يلقاك في وجدانه الذاكر
أومى إلى كفّ الهوى قلبه إيماءه العنقود للعاصر
محرّق الأنفاس تسري به ظنونه حول الدجى اعابر
***

و اللّيل وادي الحبّ تنثال من سكونه الذكرى على الساهر
و تلتقي الأشجان في جوّه مواكبا في موكب سادر
تمرّ بالأشواق أطيافه كما تمرّ الغيد ... بالعاهر
و تستثير النائمين الرؤى و تضحك الأوهام للسامر
كم شاق هذا اللّيل خلّا إلى خلّ و مطواعا إلى نافر
و جالت الأحلام فيه كما يجول سرّ الحبّ في الخاطر
و ضمّ مشتاق مشوقا به و حنّ ملهوف إلى زائر
***

سل الدجى عن طيف " ليلى " و كم حيّاه " مجنون بني عامر "
و سله عن أخبار أهل الهوى من أبعد الماضي إلى الحاضر
فإنّه رحّالة الدهر ... كم سرى الهوى في ركبه السائر
مسافر بسري و يطوي السرى على جناح الفلك الدائر
رحّالة الأزمان يزجي إلى مستقبل الدهر صدى الغابر
***

كم في حنايا اللّيل سرّ و ما أكتمه للسرّ ... و الظاهر !
ينساق في الصمت و في صمته حنين مهجور إلى هاجر
وشوق مفتون إلى فتنه ووجد مسحور إلى ساحر
وحقد مظلوم على ظالم وضغن مأسور على آسر
***

يا أخت : هل ألقى إليك الدجى أشواق قلب بالشّقا زاخر ؟
يستولد الأمال لكن كما يستولد العنّين من عاقر
***

يا ربّة الحسن هنا نغرم يصغي لنجوى طيفك العاطر
معذّب تاريخه قصّة حيرى كقلب التاجر الخاسر
رقّي عليه إنّه كلّه قلب شجيّ الشعر و الشاعر

نــجــم
18-04-2011, 08:22 PM
لو تسامت عقولنا عن هوانا لهدينا و قدنا الزمانا
و لسرنا و خطونا يلد الفجر المغنّي ... و ينبت الريحانا
لو تلظّت قلوبنا بسنى الحبّ لما عانت العيون الدخانا
لو كبحنا غرورنا لملأنا من عطايا الوجود وسع منانا
فعطايا الحياة أوسع من آمال أبنائها و أسخى حنانا
لو ملكنا الهدى لمل سلّ كفّ خنجرا راعفا و أدمى سنانا
كيف يستلّ روح بعض ألنحيى مآتما واضطغانا ؟
و نسمّي لصّ الحياة شجاعا و نسمّي عفّ اليدين جبانا
***

نحن غرس الإله يحصده الله لماذا تعيث فيه ... يدانا ؟
ما لنا نسبق الحمام إلينا و هو أمضى يدا و أحنى بنانا ؟
و نخاف العدى وحين نعادي هل درينا أنّا خلقنا عدانا ؟
لو نفضنا شرورنا لرأينا أوجه الخير في الضّياء عيانا
نحن نبدي عيوبنا حين نرمي بالخطايا فلانة أو فلانا
نحن لو لم نكن أصول الخطايا ما رأينا ظلالها في سوانا
كم سألنا التفتيش عن جبفة الأثـ م و سرنا و الإثم يحدو خطانا !
و هتكنا مخابيء الإثم في الحيّ و عدنا نفتّش الأكفانا
***

لا تنم : يا " أبا نواس " أما كنت أثيما في لهوة ... يتفانى ؟
أوما كنت أظرف الناس في القصـ ف و أعلى . الغواة فنّا و شانا ؟
فهتكنا عنك الستار كأنّ لم يخطر الإثم بيننا عريانا
هل تخوّفت غضبة السوط في الدنـ يا و هل ذقت في القبور الأمانا ؟
لست أدري . ماذا لقيت ، لماذا غبت في الصمت لم تحرّك لسانا ؟
إن تمت هيكلا فقد عشت أفـ كارا و أورقت في الشفاه بيانا
أين منك الردى ؟ و أقوى من الأحـ ياء ميت يسهد .. الأذهانا
عشت عصرا و لم يزل كلّ عصر يتساقى فجورك الفنّانا
تلك ألحانك الظوامي كؤوس تتغنّى فتكسر الندمانا
لكأنّي ألقاك في لحنك الظمآن روحا ملحّنا ... و كيانا
و ذهول الإلهام يرعش عينيك كما ترعش الصبا الأقحوانا
و أحسّ " الرشيد " ينزل دنياه كما ينزل الصباح الجنانا
و تغنّيه و هو ينتزف الكأس و يسقي المدلّلات الحسانا
و الندامى الصباح بين يديه و كؤوس تنأى و أخرى تدانى
و المليحات مهرجان من الحسن يغنّي من الهوى مهرجان
و هو يلهو لهو الشجيّ و يمضي في جنون الهوى يعرّي القيانا
فترى في النديّ ألف ربيع ينثر العطر و السنى ألوانا
و صباحا من الحسان العرايا مغرما يعزف الهوى ألحانا
و خصورا تميد بين زنود بضّة الخصورر اللّدانا
و صدورا نهدى تضمّ صدورا واحتضانا غضّا يلفّ احتضانا
و الجمال العريان يطغي المحبّين و يهوى الجنون و الطغيانا
***

ما ترى يا " أبا نوّاس " ؟ ترى الأكواب ملأى و تحتسي الحرمانا
تتشهّى مدامة … لم تجدها فتغنّي خيالها الفتّانا
لو وجدت الرحيق ما ذبت شجوا و تحرّقت في المنى أشجانا
شاعر الحبّ يهجره المحـ بوب يفتنّ في الحنين افتنانا
عشت تبكي على المدام وتذرو في هوى الكأس دمعك الهتّنا
و تنادي الهناء في كلّ وهم و تهنّي البساط و الصولجانا
***

بدعة الذلّ أن تحنّ و تبكي و تغنّي " الرشيد " و " و الخيزرانا "
ملك يرضع الدنان كما يهوى و أنت الذي تغنّي الدنانا
و " الأمين " النديم يمنعك الخمر و يحسو و تنحني ظمآنا
و هو في القصر يحتسي عرق الشعب و يروي القيان و الغلمانا
يملأ من دموع اليتامى و يغنّي على نشيج الحزانى
و يرى أنّه أمين على الدين و إن ضيّع الرشاد و خانا
كيف دين الإله ظلوم يتحدّى الإله و الإنسانا ؟
يدّعي عصمة الملائكة الطهر و يأتي ما يخجل الشّيطانا
***

هكذا يا " أبا نواس " تلوّى حولك الشعب في الجراح وهانا
كيف مرّغت وجهك الحرّ في الذّلّ و أسلست للطغاة العنانا ؟
و تغنّيت " للأمين " فأصغى و تراخى في غيّه و توانى
و تخيّرت " للرشيد " بحورا قلّدت جيده الغلظ جمانا
و هززت " الخصيب " فاهتزّ جنـ باه و ذوّبت مقلتيك فلانا
و تباكيت بين كفّيه كالطفل فيا للشموخ كيف استكانا ؟ !
***

كيف ألقاك يا أخا الكأس في المدح ذليلا و مطرقا خجلانا ؟
تسأل الصمت كيف حلّت قوا فيك من الذلّ و لانفاق مكانا ؟
أفترضى للفنّ أخزى مكان ؟ إنّ للفنّ حرمة وصيانا
و ألاقيك في ترنّمك الخمري ربيعا مرنّما ... جذلانا
تعزف العطر و الفتون المندّى و تهزّ الشباب و العنفوانا
***

لا تقل لي : كيف القينا ؟ و قل لي : بارك الفنّ و الخيال لقانا !
شاعر الكأس قرّب الطيف عهدينا فكيف اتّفاقنا ؟ كيف كانا ؟
بعد العهد بيننا فادّكرنا واختصرنا بالذكريات الزمانا
واعتنقنا على النوى و التقينا نتشاكى من الأسى ما عنانا
أنا أشقى كما شقيت و لكن : لا تتمتم ... و أيّنا أشقانا ؟
لا تسلني : فمحنتي أن لي في الـ يأس أهلا و في الأسى إخوانا
نحن من نحن ؟ مزهران من الشوق كلانا العذاب كلانا
" شاعر الكأس و الرشيد " وداعا وسلاما يشذيك آنا فآنا

نــجــم
18-04-2011, 08:22 PM
رنت و الدجى في خاطر الصمت هاديء يطاوعه حلم و حلم يناوىء
و بين حنايا اللّيل دهر مكفّن قديم ودهر في حناياه ناشيء
رنت و السنى في مقلة اللّيل متعب يئنّ و في دور المدينة طافيء
***

فلاحت لعينيها خيالات عابر يحثّ الخطى حينا و حينا يباطيء
و جالت بعينيها هناك و ها هنا فطالعها وجه على العشق طاريء
و قالت : من الآتي ؟ فأرعد قلبه و أخجل عينيه الغرام المفاجيء
رفّت له من كلّ مرأى صبابة وضجّ حنين بين جنبيه ظاميء
و قال : فتى تاهت سفينة عمره و غابت وراء اليأس عنه المرافيء
يفتّش عن سلواه في التّيه مثلما يفتّش عن أهليه في الطيف لاجيء
فحلارت به واحتار في الحبّ مثلها فهل تبدأ الشكوى ؟ و هل هو باديء ؟
***

و لفّهما ظلّ السكينه و الهوى يعاند أحيانا و حينا يمالي
فحدّق يستقصي مفاتن جسمها كما يتقصّى أحرف السطر قاريء
***

وقال : فتاتي فيك تورق فتنة و يختال فجر كالطفوله هانيء
و يهتزّ في نهديك موج مضرّم عميق و في عينيك يحلم شاطيء
و ألفاظك النعسا تشعّ كأنّها على شفتيك الحلوتين لآليء
و ضمّتهما في زحمة الحبّ نشوة و هوّم في حضن الخطيئة خاطيء
فتاة يموج الحسن فيها ة ترتمي عليها الصبابات الجياع الظواميء
جمال و إغراء وروح نديّة و جسم بأحضان الغواية دافيء

نــجــم
18-04-2011, 08:23 PM
ماذا يقول الشعر ؟ كيف يرنّم ؟ هتف الجمال : فكيف يشدو الملهم
ماذا يغنّي الشعر ؟ كيف يهيم في هذا الجمال ؟ و أين أين يهوّم ؟
في كلّ متّجه ربيع راقص و بكلّ جو ألف فجر يبسم
يا سكرة ابن الشعر هذا يومه نغم يبعثره السنى و يلملم
يوم تلاقيه المدارس و المنى سكرى كما لاقى الحبيبة مغرم
يوم يكاد الصمت يهدر بالغنا فيه و يرتجل النشيد الأبكم
يوم يرنّحه الهنا و له ... غد أهنا و أحفل بالجمال و أنغم
***

يا وثبة " اليمن السعيد " تيقّظت شبّابة و سمت كما يتوسّم
ماذا يرى " اليمن " الحبيب تحقّقت أسمى مناه و جلّ ما يتوهّم
فتحت تباشير الصباح جفونه فانشقّ مرقده وهبّ النوم
و أفاق و الإصرار ملء عيونه غضبان يكسر قيده و يدمدم
و مضى على ومض الحياة شبابه يقظان يسبح في الشعاع و يحلم
***

و أطلّ " يوم العلم " يرفل في السنى و كأنّه بفم الحياة ... ترنّم
يوم تلقّنه المدارس نشأها درسا يعلّمه الحياة و يلهم
و يردّد التاريخ ذكراه و في : شفتيه منه تساؤل و تبسّم
يوم أغنّيه و يسكر جوّه نغمي فيسكر من حلاوته الفم
***

وقف الشباب إلى الشباب و كلّهم ثقة وفخر بالبطولة مفعم
في مهرجان العلم رفّ شبابه كالزهر يهمس بالشذى و يتمتم
و تألّق المتعلّمون ... كأنّهم فيه الأشعّة و السما و الأنجم
***

يا فتية اليمن الأشمّ و حلمه ثمر النبوغ أمامكم فتقدّموا
و تقحّموا خطر الطريق إلى العلا فخطورة الشبّان أن يتقحّموا
وابنوا بكفّ العلم علياكم فما تبنيه كفّ العلم لا يتهدّم
و تساءلوا من نحن ؟ ما تاريخنا ؟ و تعلّموا منه الطموح و علّموا
***

هذي البلاد و أنتم من قلبها فلذ و أنتم ساعداها أنتم
فثبوا كما تثب الحياة قويّة إنّ الشباب توثّب و تقدّم
لا يهتدي بالعلم إلاّ نيّر بهج البصيرة بالعلوم متيّم
و فتى يحسّ الشعب فيه لأنّه من جسمه في كلّ جارحة دم
يشقى ليسعد أمّه أو عالما عطر الرسالة حرقة و تألّم
فتفهّموا ما خلف كلّ تستّر إنّ الحقيقة دربه و تفهّم
قد يلبس اللّصّ اعفاف و يكتسي ثوب النبيّ منافق أو مجرم
ميت يكفّن بالطلاء ضميره و يفوح رغم طلائه ما يكتم
***

ما أعجب الإنسان هذا ملؤه خير و هذا الشرّ فيه مجسّم !
لا يستوي الإنسان هذا قلبه حجر و هذا شمعه تتضرّم
هذا فلان في حشاه بلبل يشدو و هذا فيه يزأر ضيغم
ما أغرب الدنيا على أحضانها عرس يغنّيها و يبكي مأتم !
بيت يموت الفأر خلف جداره جوعا و بيت بالموائد متخم
ويد منعّمة تنوء ... بمالها و يظلّ يلثمها و يعطي المعدم
***

فمتى يرى الإنسان دنيا غضّة سمحا فلا ظلم و لا متظلّم ؟
يا إخوتي نشء المدارس يومكم بكر البلاد فكرّموه تكرّموا
و تفهّموا سفر الحياة فكلّها سفر ودرس و الزمان معلذم
ماذا أقول لكم و تحت عيونكم ما يعقل الوعي الكريم و يفهم ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:23 PM
وحدي وراء اليأس و الحزن تجترّني محن إلى محن
و طفوله الفنّان .. تذهلني عن ثقل آلامي و عن وهني
فأنا هنا طفل بدون صبا و اليأس مرضعتي و محتضني
و عداوة الأنذال تتبعني و تغسّل الأدران بالدرن
و تفوح جيفتها هنا و هنا كالريح في المستنقع النتن
و تغيب عن دربي .... و أعينها في الدرب غابات من الإحن
و عداي أقزام ... يخوّفهم صحوي و يرتاعون من وسنى
ما خوفهم منّي ؟ و ما اقترنت بالحقد أسراري و لا علّني
خافوا لأنّ الشرّ معنتهم و أنا بلا شرّ بلا مهن
و لأنّني أدري نقائصهم و لأنّهم خانوا و لم أخن
و لأنّهم باعوا عروبتهم و علوت فوق البيع و الثمن
و رضيت أن أشقى و أسعدهم وهج الوحول وزخرف العفن
***

أحيا كعصفور الخريف بلا ريش ؛ بلا عشّ ، بلا فنن
أقتات أوجاعي و أعزفها و أشيد من أصدائها سكني
و أتيه كالطيف الشريد بلا ماض ؛ بلا آت ، بلا زمن
و بلا بلاد : من يصدّقني ؟ إنّي هنا روح بلا بدن
من ذا يصدّق أنّ لي بلدا عيناه من حرقي و لم يرني ؟
و أنا هنا أرضعت أنجمه سهدي ووسّد ليلة شجني
أأعيش فيه و فوق تربته كالميّت الملقى بلا كفن ؟
وولائدي بسفوحه نهر و مشاعل خضر على القنن
ماذا؟ أيدري إخوتي و أبي أنّي يمانيّ بلا يمن ؟
هل لي هنا أو هاهنا وطن ؟ لا ، لا : جراحي وحدها وطني

نــجــم
18-04-2011, 08:23 PM
هدّدزنا بالقيد أو بالسلاح واهدروا بالزئير أو بالنّباح
و كلوا جوعنا و سيروا على أشـ لائنا الحمر ؛ كالخيول ... الجماح
واقرعوا فوقنا الطبول و غطّوا خزيكم بالتصنّع الفضّاح
هدّدونا لن ينثني الزحف حتّى يزحف الفجر من جميع النواحي
***

قسما لن نعود حتّى ترانا راية النصر في النهار الضاحي
خوّفونا بالموت : إنّا استهنّا في الصراع الكريم بالأرواح
قد ألفنا الردى كما تألف الغا بات عصف الخريف بالأدواح
و احتقرنا قطع الرؤوس و أدمـ نّا المنايا في حانه السفاح
فاحفروا دربنا قبورا فإنّا سوف نمضي للدّفن أو للنّجاح
***

نحن شعب أعيا خيال المنايا و تحدّى يد الزمان الماحي
كلّما أدمت الطّغاة جناحا منه أدمى نحورها بجناح
أتعب السجن و القيود و لم يتعب و أغفى سجّانه و هو صاحي
ساهر كالنجوم يستولد الفجر و يومي إليه بالأجراح
***

أيّها العابثون بالشعب زيدوا ليلنا واملأوه بالأشباح
لغّموا دربنا : و مدّوا دجانا واطفئوا الشهب وانتظار الصباح
سوف نمشي على الجراحات حتّى نشعل الفجر من لهيب الجراح
فاستبيحوا دماءنا تتورّد وجنة الصبح بالدم المستباح
إنّما تنبت الكرامات أرض " سمّدت تربها " عظام الأضاحي
ودماء الشهيد أنضر غار في جبين البطولة اللّمّاح
وجراحنا على الأفق أبهى شفق لامع و أزهى وشاح
قد أجبنا صوت المروءات لمّا عربد الظالم العنيد الإباحي
وابتنى القصر من ضلوع الملا يين ؛ و جوع الأجير و الفلّاح
فخلعنا عن صدره قلب " شمـ شون " و عن وجهه قناع " سجاح "
نحن سرنا على ادماء إليه و على النار و القنا و الصفاح
وانطلقنا على المنايا كأنّا نتمنّى الحتوف في كلّ ساح
لم ترنّح مصباحنا أيّ ريح دمنا الزيت في فم المصباح
نحن شعب خضنا إلى الفجر هولا فاغرا في الطريق كالتمساح
و عبرنا ليلا كألسنة الحيّات و الدرب عاصف بالتلاحي
و تفشّت دماؤنا في الروابي السمر ؛ كالعطر في مهبّ الرياح
بيننا و المرام خطوة عزم واثب كالضحى شباب الطماح
قسما لم نقف عن السير حتّى نضفر الغار في جبين الكفاح

نــجــم
18-04-2011, 08:24 PM
هدّني السجن و أدمى القيد ساقي فتعاييت بجرحي ووثاقي
و أضعت الخطو في شوك الدجى و العمى و القيد و الجرح رفاقي
و مللت الجرح حتّى … ملّني جرحي الدامي و مكثي وانطلاقي
و تلاشيت فلم يبق سوى ذكريات الدمع في وهم المآقي
***

في سبيل الفجر ما لاقيت في رحلة التيه و ما سوف ألاقي
سوف يفنى كلّ قيد و قوى كلّ سفاح ، و عطر الجرح باقي
سوف تهدي نار جرحي إخوتي و أعير الأنجم الوسنى احتراقي
فلنا شعب فمن ينكرني و هو في دمعي و سهدي و اشتياقي ؟
أنا ألقاه شجونا و منى فألاقيه هنا قبل التلاقي

نــجــم
18-04-2011, 08:24 PM
لن يستكين و لن يستسلم الوطن توثب الروح فيه و انتحى البدن
أما ترى كيف أعلا رأسه و مضى يدوس أصنامه
و هبّ كالمارد الغضبان متحشا بالنار يجتذب العليا و يحتضن
فزعزعت معقل الطغيان ضربته حتّى هوى و تساوى التاج و الكفن
و أذّن الفجر من نيران مدفعه و المعجزات شفاه و الدنا أذن
تيقّظت كبرياء المجد في دمه واحمرّ في مقلتيه الحقد و الإحن
***

يا صرعة الظلم شقّ الشعب مرقده و أشعلت دمه الثارات و الضغن
ها نحن ثرنا على إذعاننا و على نفوسنا واستثارت أمنا " اليمن "
لا لا " البدر " لا " الحسن " السجّان يحكمنا الحكم للشعب لا " بدر " و لا " حسن "
نحن البلاد و سكّان البلاد و ما فيها لنا ، إنّنا السكان و السكن
اليوم للشعب و الأمس المجيد له له غد و لهع التاريخ … و الزمن
فليخسأ الظلم و لتذهب حكومته ملعونة و ليوليّ عهدها النتن
***

كم كابد الشعب في أشواطه محنا ماذا ترى ؟ أنضجته هذه المحن !
كم خادعته بزيف الوعد قادته هيهات أن يخدع الفهّمة الفطن
لن ينثني الشعب هزّ الفجر غضبته فانقضّ كالسيل لا جبن و لا وهن
حنّ الشمال إلى لقيا الجنوب و كم هزّت فؤاديهما الأشواق و الشحن
و ما الشمال ؟ و ما هذا الجنوب ؟ هما قلبان ضمّتهما الأفراح و الحزن
ووحّد الله و التاريخ بينهما و الحقد و الجرح و الأحداث و الفتن
***

" شمسان " سوف يلاقي صنوة " نقما " و ترتمي نحو " صنعا " أختها " عدن "
المجد للشعب و الحكم المطاع له و الفعل و القول و هو القائل التسنن

نــجــم
18-04-2011, 08:24 PM
من أنادي ؟ و أنت صمّا سميعه بين صوتي و بين أمّي قطيعه
من أنادي ؟ من ذا هنا ؟ لم يجبني آه ، إلاّ صمت القبور الصديعه
يا بلادي : و أنثني أشغل التفتيش عنّي ، و عن بلادي الصريعة
كيف ماتت ؟ كما يموت شباب العطر في صفرة الغصون الخليعة
من درى كيف أطبقت مقلتيها ورمى اللّيل حلمها في مضيعه ؟
أوكلت أمرها الطغاه … كراع نام واستودع الذئاب قطيعة
و تعامت فاستبعدتها عبيد اللّهو باسم الهدى و باسم الشريعة
وانزوت وحدها تئنّ و تستلقي وراء الحياة ، خلف الطبيعة

نــجــم
18-04-2011, 08:25 PM
أين أضعنا يا رفاق السماح فجرا أفقنا قبل أن يستفيق
نسقيه من خلف اللّيالي الشحاح دما و يسقينا خيال الرحيق
و فجأة من شاطئ اللّيل لاح و غاب فيه كالوليد … الغريق
لا تغضبوا ضاع كرجع الصداح في ضجّة الفوضى و سخف النعيق
***

"لنعترف " أنا أضعنا الصباح فلنحترق حتّى يضيء … الطريق
ألم نؤجّج نحن بدء الكفاح ؟ فلنتّقد حتّى مداه … السحيق
لن ننطفي ما دام فينا جراح مسهّدات في انتظار الحريق
لن ننطفي رغم احتشاد الرياح فبيننا و النصر وعد وثيق
و فجرنا الآتي يمدّ الجناح لنا و يومي باختلاج البريق

نــجــم
18-04-2011, 08:25 PM
من جمال و من أسمّي جمالا ؟ معجزات من الهدى تتوالى
و شموخا يسمو على كلّ فكر و على كلّ قمّة … يتعالى
من " جمال " ؟ حقيقة تنثني عنها الخيالات يحترقن انفعالا
و عناد أعيا البطولات حتّى رجع الموت عنه يشكو الكلالا
***

موكب من مشاعل إنطفى الحسّاد من نفخه وزاد اشتعالا
و تدلّت أضواؤه كالعناقيد فأذكت في كلّ عين ذبالا
وتملأ ثوّار " صنعا "هداه فاستطاروا يحرّقون الضلالا
و التقوا يغسلون بالنار دنيانا و يمحون بالدم الأوحالا
وأضاءوا و اللّيل يبتلع الشهب و أمّ الهلال تطوي الهلالا
فتناغى و مض المآذن : ماذا ؟ أيّ فجر أشتمّ فيه " بلالا " ؟
***

ووراء الحنين شعب مسجّى ملّ موت الحياة ؛ ملّ الملالا
و الرؤى تسأل الرؤى كيف ضجّ الصمت ؛ و استفسر الخيال الخيالا
من أطلقوا كصحو نيسان يكسون الربى الجرد خضرة و اخضلالا
و مضى الثائرون يفدون شعبا يتدّون باسمه الآحالا
كالقلاع الجهنّميات ينقضّون يرمون بالجبال الجبالا
و يشبّون ثورة رمت التاج و هبّت تتوّج … الأجيالا
و مشت و الشروق في خطوها الجـ بّار ، ينثال في الدّروب انثيالا
و مددنا المنى فكانت عطاء سرمديا تجاوز الآمالا
فطفرنا إلى الحياة كموتي فعتهم قبورهم … أطفالا
***

و بدأنا الشوط الكبير و أعددنا لأحداثه الكبار … جمالا "
و اهتدينا به فكان دليلا و أبا يحمل الجهود … الثقالا
و بلونا فيه أخا لم تزده لهب الحادثات إلاّ صقالا
ودروب الكفاح تنبيك عنه كم طواها و أتعب الأهوالا
و ثنى الموت في " القناة " و ألقى في أساطيله الحريق … ارتجالا
ورمى الغزو و الغزاةى رمادا تخبر العاصفات عنه الرمالا
و فلولا تكابت الروح فيها مثلما تكبت العجوز السعالا
***

لا تسل " بور سعيد " و اسأل عداه كيف أدمى اللّظى وجال وصالا
و تحدّى الردى الغضوب و "مصر " خلفه تسحب الذيول اختيالا
و انتظار الفرار و النصر وعد يحتمي يدني … المحالا
و الضحى يرتدي رداء من النار و يرخى من الدخان … ظلالا
و منايا تمضي و تأتي منايا و قتال دام يثير … قتالا
و سؤال يمضي و ما من جواب و جواب يأتي يعيد السؤالا
فإذا " ناصر " يقود تلالا من شباب القوى تدك تلالا
و جحيما تحتلّ أجساد من جاءوا يرمون عنده … الإحتلالا
و أباه لا يعتدون و يهدون إلى المعتدي الأثيم الزوالا
و يطيرون يضفرون النجوم الخضر " غارا " يكلّلون النضالا
و إذا النصر بين كفّي " جمال " ينحني خاشعا و يندى ابتهالا
***

من " جمال " ؟ سل البطولات عنه كيف أغرب به العدى الأنذالا ؟
فتبارت أذناب " لندن " تزري باسمة فازدهى اسمه و تلالا
و أجادوا فيه السبابا و لكن يحسن الشمّ من يسيء الفعالا
كيف يخشى أذيال لندن من صبّ على لندن المنايا العجالا … ؟
إنّ من تضرب الرؤوس يداه لا يبالي أن يركل الأذيالا
***

يا لصوص العروش عيبوا " جمالا " واخجلوا أنّكم قصرتم و طالا
فسقطّتم على الوحول ذبابا و سما يعبر الشموس مجالا
و اكتلمتم نقصا وزاد كمالا و مدى النقص أن يعيب الكمالا
فبنى أمّة وشدتم عروشا خائنات تبارك القتالا
و قصورا من الحنا مثقلات بالخطايا كالعاهرات الحبالى
فسلوا عنكم اللّيالي السكارى و الحسان المدلّلات الكسالى
و ضياع الحمى و ما لست أدري و دنايا شتّى عراضا طوالا
لا تضيقوا فإنّ للشرف العالي رجالا و للدنايا رجالا
لا تضيفوا "إنّ العروبه تدري من " جمال " و تعرف " السلالا "
بطل الثائرين وافى أخاه و البطولات تجمع الأبطالا
أخوان تلاقيا فاشرأبّت " وحده "ك العرب تنحر الإنفصالا
فاهتفي يا حياة إنّا اتّحدنا في طريق المنى وزدنا اتّصالا
و التقى " النيل " و السعيدة جسما صافحت كفّه اليمين الشمالا

نــجــم
18-04-2011, 08:25 PM
وطني أنت ملهمي هزج المغرم الظميّ
أنت نجوى خواطري و الغنا الحلو في فمي
و معانيك ، شعلة في عروقي و في دمي
أنت في صدر مزهري موجة من ترنّم
و صدى مسكر إلى عالم الخلد ينتمي
و نشيد … معطّر كالربيع … المرنّم
و هتاف مسلسل كالرحيق … المختّم
***

إيه يا موطني أفق من **** … المخيّم
طالما تهت في الدجى و الظلام المطلسم
و قطعت المتاه في مأتم بعد مأتم
و تمشّيت في اللّظى و العذاب المنظّم
أنت تجثو على اللّظى و على الشوك … ترتمي
ساسك الجوع و الشقا و النظام الجهنّمي
إنّ بلواك منك هل أنت من أنت تحتمي ؟
فتوثب إلى العلا وثبة الفارس الكمي
و خضّ النار و احتمل كبرياء … التألّم
واصرع الظلم تكتفي ذلّ شكوى التظلّم

نــجــم
18-04-2011, 08:26 PM
أطلّت هنا و هناك الوقوف تلبّي طيوفا و تدعو طيوف
و في كلّ جارحة منك … فكر مضيء و قلب شجي شغوف
تغنّي هنا و تناجي هناك و تغزل في شفتيك الحروف
و تهمس حتّى تعير الصخور فما شاديا و فؤادا عطوف
و تعطي السهول ذهول النبيّ و تعطي الربى حيرة الفيلسوف
تلحّن حتّى تراب القبور و تعزف حتّى فراغ الكهوف
و تفنى وجودا عتيقا حقيرا و تبني وجودا سخيّا رؤوف
و تغرس في مقلتيك الرؤى كروما تمدّ إليك القطوف
و ترنو ؛ و ترنو و عيناك شوق هتوف يناجيه شوق هتوف
و أنت حنين ينادي حنينا و ألف سؤال يلبّي ألوف
و دنياك عشّ يغنّي ثراه فتخضرّ أصداؤه في السقوف
***

و حين تفيق و تفنى رؤاك و ينأى الخيال المريد العزوف
ترى ها هنا و تلاقي هناك صفوفا من الوحل تتلو صفوف
عليها أراق النفاق ملامحها ؛ و أضاع الأنوف
و قتلى دعوها ضحايا الظروف و كانوا الضحايا و كانوا الظروف
أكانوا ملاهي صروف ؟ و أولى و أخرى ملاهي الصروف
و تشتمّ فوق احمرار التراب صدى غائما من أغاني السيوف
و تلمح فوق امتداد الدروب سياط الخطايا تسوق الزحوف
و مقبرة يظمأ الميّتون عليها و يحسّون وعدا خلوف
و مجتمعنا حشريّا خلوف على غير شيء حنين الألوف
و يعد على دمه كالذئاب و يلقى الذئاب لقاء الحروف
***

فماذا هنا من صنوف السقوط ؟ أحطّ الصنوف و أخرى الصنوف
هنا الأرض مستنقع من ذباب هنا الجوّ أرجوحة من كسوف
يطيّل للخائنين الطريق كأنّ حصاه استحالت دفوف

نــجــم
18-04-2011, 08:26 PM
كيف كنّا يا ذكريات الجرائم مأتما في الضياع يتلو يتلو مآتم
كيف كنّا قوافلا من أنين تتعايا هنا كشهقات نادم
و قطيعا من البراءات يهوى من يديّ ذابح إلى شدق لاقم
و مضينا يسوقنا سيف جلّاد و تجترّنا سكاكين ظالم
***

ضاع في حطونا الطريق فسرنا ألما واجما على إثر واجم
و السكون المديد يبتلع الحلم و يسري في وهمنا و هن جاثم
و الدجى حاقد يبيع الشياطين فنشري من التبور التمائم
و خطانا دم تجمّد في الأشواك جمرا و في الصخور مياسم
ورياح الثلوج تشتمّ مسرانا فتشوي وجوهنا بالشتائم
***

كيف كنّا نقتات جوعا و نعطي أرذل المتخمين أشهى المطاعم ؟
و جراحاتنا على باب "مولانا " تقيم " الذباب " منها ولائم
و هو في القصر يحتسي الشعب خمرا و دما و الكؤوس غضبى لوائم
و يرئي و في حناياه دنيا من ضحايا و عالم من مآثم
فنفدّيه و هو يغمد فينا صارما مدمنا و يستلّ صارم
و يشيد القصور من جثث الشعب المسجّى و من رفات المحارم
و يغطّي بالتاج رأسا خلايباه و أفكاره ذئاب حوائم
و تلال من الحراب و كهف من ضوار و غابة من أراقم
***

كف كنّا ندعوه مولى مطاعا و هو " للإنجليز " أطوع خادم
هدّنا الضعف فادعى قوّة " افلجنّ " و بأس الردى و فتك الضياغم
فتحاماه ضعفنا و اتّخذناه إلها من " شعوذات " المزاعم
عملق الدجل شخصه وهو قزم تتظنّاه قاعدا و هو قائم
و صبيّ الشذوذ و هو عجوز نصفه ميّت … و باقيه .. نائم !
و أثيم أيّامه … للدنايا و لياليه للبغايا … الهوائم
و يداه يد تجرح شعبا ويد تقطف الجراح " دراهم "
***

و يولّى على الوزارات و الحكم رجالا كالعانسات النواقم
و لصوصا كأنّهم قوم " يا جوج " صغار النهى كبار العمائم
و طوال الذقون شعثا " كأهل الكهف " بل كالكهوف صمّ أعاجم
يحكمون الجموع و العدل يبكي و المآسي تدمي سقوف المحاكم
تارة يرقصون فوق الضحايا و أوانا بشرّعون المظالم
فيسمّون شرعه الغاب حزما إن أصابوا فالذئب أحزم حازم
و يصلّون و المحاريب تستفتي متى تصبح الأفاعي … حمائم ؟
و يعودون يلفظون الحكايا مثلما تنثر النثيل البهائم
و يميلون يعبرون الرؤى خيرا وشرّا من خاطر الغيب ناجم
كلّهم متحف الغباء …. و كلّ يدّعي أنّه محيط المعاجم
فيلوكون من " مريض " التواريخ حروفا من فهرسات … التراجم
و ينيلون " باقلا " ثغر " قسّ " و يعبرون " مادرا " جود " حاتم "
كيف هنّا فقادنا أغبياء و لصوص متوّجون أكارم ؟
و صغار مؤنثون و غيد غاليات الحلى رخاص المباسم
***

هكذا كان حاكمونا و كنّا فنحرنا فينا خضوع السوائم
و انتظرنا الصباح حتّى أفقنا ليلة و هو ضجّة من طلاسم
أترى قامت القيامة أم هبّ العفاريت يطحنون القماقم ؟
و أصخنا تفسّر الوهم بالأوهام و الظنّ بالظنون الرواجم
ووراء الضجيج إيماء رعد يزرع الشهب في يديه خواتم
و الدجى يعلك السكون و يعدو مثلما تعلك الخيول الشكائم
و سألنا ماذا ؟ فأومت طيوف زاهرات البنان خضر المعاصم
و تحدّى صمت القبور دويّ شفقيّ الصدى عنيد الغماغم
و العيان الكبير ميعاد رؤيا أنكرت صدقه العيون الحوالم
و إذا فاجأ اليقين على الشك حسبت اليقين تهويل واهم
***

و هنا حرّق الغيوم انفجار و الصدى يعزف اللّهيب ملاحم
فتراخى " قصر البشائر " كالشيخ و لاذت جدرانه بالدعائم
و احتمى بالقوى فضجّ عليه لهب عارم يلبّيه عارم
و حريق يدمي قواه و يمضي و حريق جهنّميّ …. يهاجم
فارتمى في اللّظى الأفيال حمر الرؤوس جرحى القوائم
و تعالى الدخان و النار فاللّيل نهار صحو الأسارير غائم
و تنادى الشروق من كلّ أفق ثورة فانبثي الربىلا يا نائم
فإذا مأتم أعراس نشاوى مزغردات نواعم
***

أشرق الثائرون فالموت عرس و أنين الحمى لحون بواسم
وارتعاش الخريف دفء ربيعـ يّ؛ وصيف داني العناقيد دائم
و الجراح التي على كلّ شبر أثمرت فجأة و كانت براعم
***

من رأى الثائرين زحفا من الخصب وزحفا من شامخات العزائم ؟
و صباحا ضافي الشروق مطلا و صباحا في شاطيء اللّيل عائم
و شبابا توهجوا فانطفى " نيرون " وانهار أغبر الوجه فاحم
و استثاروا دفء الحياة فمات المـ وت ؛ و انقضّ عرشه و هو راغم
و أطلّت وجوههم من وراء اللّيل ؛ كالصحو من وراء الغمائم
و مشوا تزرع الدروب خطاهم موسما طيّبا يجرّ مواسم
و شموسا هواتفا و انتصارا حاسما يهتدي على إثر حاسم
و الضحى في الدروب يمرح كالأ فراح ؛ في أعين الصبايا النواعم
***

فتهادت مواكب الشعب ألوانا كنسيان مائج الحسن فاغم
و توالت حشوده الكثر تشدو فالربى و السهول شاد و باغم
و نسينا في غمره البشر … عهدا أسود القلب أحمر السيف قاتم
كلّما عب جيفه مدّ للأخرى كؤوسا كحنجرات … الضراغم
كان حكّامه ذبابا عليها من صديد الجراح أخزى المعالم
و ذئابا بلها قطيعا قسّمونا و استجمعونا غنائم
***

فانقسمنا برغمنا و سألنا أين أين القربى ؟ و أين المراحم ؟
أوما نحن إخوة أمّنا الخضراء ؟ فيم اختصامنا ؟ من تخاصم ؟
أنجيتنا هذي البلاد فأنهت بدع الفنّ قبل بدء العوالم
و غذتنا تآخينا كان أبقى من ربى ريفها ووهج العواصم
***

فمضوا يطعمونا الحقد حتّى جهل المرء قصده و هو عالم
و تمادوا في الهدم حتّى كسرنا معول الحقد في يدي كلّ هادم
و دفّنا حكم الشذوذ رفاتا واحتشدنا نتوّج الشعب حاكم
و التقينا نمدّ للفجر أفقا من دم التوأمين " عاد " و " هاشم "
و مراحا من تضحيات " البلاقيس " و مغدى من تضحيات " الفواطم "
فانطلق حيث شئت يا فجر إنّا قد فرشنا لك الدروب جماجم
وزحفنا نهدي الهدى ةو مددنا من قوانا إلى الأعالي سلالم
و سمونا صفّا مبادئه الحبّ و غاياته سماء المكارم
***

و أضأنا حتّى انثنى سارق الإسلام عريان يحتمي بالهزائم
و اشرأبّت أرض النبيّ تدوّي من " سعود " ؟ أطغى و أغشم غاشم !
و غبيّ سلم لكلّ عدوّ و هو حرب على أخيه المسالم
من رآه يرجو " حسينا " و يهذي ؟ من يقينا هولا من النار داهم ؟
فيعود الجواب عنه سؤالا هل لطاغ من غضبه الشعب عاصم ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:27 PM
حرّق " الجنوب " قذائف في مهجتي تغزو الحدود و تحرق الأسدادا
و حدي و في أرض الجنوب عشيرتي تتطلّب السقيا و ترجو الزادا
و تسير في الأصفاد تائهة الخطى تستنجد الأغوار و الأنجادا
فمتى تحرّق بالدما أصفادها و تبيد من صنعوا لها الأصفادا
دعني ألمّها في القيود … لعلّها تتذكّر الآباء … و الأجدادا
و لعلّها ترنو إلى تاريخنا فترى الفتوح و تعرف القوّادا
فعلى ربى التاريخ مجد جدودنا يهدي البنين و يرشد الأحفادا
أدنى المواطن موطن إن هزّه جرح الكرامة للصراع تمادى
و أذلّ ما في شعب يجتدي مستعمرا و يؤلّه استبدادا
و يئنّ من جلّاده و هو الذي صنع الطّغاه و سلّح الجلّادا
في الناس أنذال و أوغد أمّه من ولّت الأنذال و الأوغادا
" صرواح " يا شممم البطولة لم يزل " شمسان " يسطع باسمك الأطوادا
***

" شمسان " زمجر بالأباء وارعدت هضباته تتحرّق استشهادا
أنف الدخيل فسر إليه وشدّ في زنديك منه سواعد وزنادا
واذر العداة على السفوح و في الربى مزقا كما تذرو الرياح رمادا

نــجــم
18-04-2011, 08:27 PM
كيف كنتم أيّام كنت مثيره ؟ حشرات حولي و كنت أميرة
كنت أمشي فتفرشون طريقي نظرات مستجديات كسيرة
و شجونا حمرا و شوقا رخيصا و نداء و ثرثرات كثيره
تتناجون بينكم : أتراها بنت " كسرى " أم " شهرزاد " الصغيرة ؟
لو رأى " شهريار " طيف صباها باع فيها سلطانه و سريره
و تحرمون تزرعون رمال الجوع نجوى و أمنيات و فيره
ليتها لي أو ليت أنّي طريق لخطاها تمدّ فيه المسيره
ليتني مشطها فأشتمّ منها شعرها أو أكون فيه ضفيره
ليتني ثوبها ؛ و يهمس ثان يدّعي أنّه مناها … الكبيرة
آخر العهد بيننا سمر الأمس شكوت الهوى و بثّت سعيره
لا تقولوا : سامرت وهما فما زال على ساعديّ دفء السميره
فليلبّيه ثالث : ليت أنّي نقطة فوق خدّها مستديره
و يجاريه رابع : فيغنّي ليتني البحر و هي فيّ ... جزيرة
و يعيد المنى أديب شجيّ ليتها جدول أناغي ... خريره
عكذا كنتم أمامي و خلفي غزلا مغريا و كنت ... غريره
و لأنّي و أمّي عجوز مات عنها أبي ، سقطت أجيره
***

كيف أروي حكايتي ؟ و إلى من ؟ كيف تشكو إلى العقور العقيره
نشأت قصّتي و كان أبي كهلا ؟ وقور السمات نذل السريره
بشتري كلّ حظّه من عجوز بالأساطير و الغيوب خبيره !
كان زور المديح يحلب كفّيه و يعطيه وسوسات خطيره
فيرى أنّ قومة أهملوه فأضاعوا لاأنقى و أغلا ذخيره
فتمنّى قتل الألوف و لكن مغيه صعبه القياد عسيره
فالتوى يذبح الصغار من الأطفال أو يخطف الصبايا النظيره
و يرابي بالبائسات وراء الحيّ و الهينمات تخفي ... نكيره
واحتمى بالصلاة لم يدن منه بصر الحيذ أو ظنون البصيرة
فانثنى ليله كما يخبط المخمور في الوحل ، و السماء مطيره
قلقا تجرح الفراغ خطاه و هو يصغي إلى خطاه الحسيره
و صفير السكون ينفخ أذنيه فيرتاب ، يستعيد صفيره
وتمادى تنهّد الجوّ حوليه ووالى شهيقه ... و زفيره
ورمى خلفه و بين يديه عاصفا أدمت البروق هديره
و على المنحنى حفيرة صخر جاءها فانطوت عليه الحفيره
و هناك انتهى أو انقضّت الجنّ عليه كما تقول : العشيره
زعموه كأن يصيح من الصخر و يرجو أصداءه أن تجيره
لست أدري كيف انتهى ؟ مات يو ما ورمى عبئه علينا ... و نيره
***

فتبنّى الصياع طفلا كسيحا و أنا ، و الأسى و أمّا فقيره
فسهرنا نشقى و نسترجع الأمس و نبكي أبي و نرويه سيره
كان يشري الحظوظ من أمّ يحيى كلّ يوم كانت له كالمشيره
كان يمتدّ ها هنا كلّ ليل و هنا يرتمي ... قبيل الظهيره
***

كنت في محنتي كزنبقة الرمل أعاني جفافه ... و هجيره
فأشرتم إليّ بالمغريات الخضر و البيض ، و الوعود الغزيرة
و ملأتم يدي و أشعلتموني شمهة في دجى الخطايا الضريره
و على رغم عفّتي ؛ رغم أمّي و أبي عدت مومسا سكّيره
و لهونا حينا و أشتى ربيعي فتعرّيت أرتدي ومهريره
وانصرفتم عنّي أما كنت يوما عندكم منية الحياة الأثيره ؟
وزعمتم بأنّني كنت وحلا آدميّا أما شريتم عصيره ؟
و أشعتم في الحيّ أنّي شرّ يتفادى دنوّه ... و نذيره
فتوقّى حتّى خيال وجودي و هو حيّ على الحياة جزيرة
***

كيف أبقى هنا و أنصاف ناس جيرتي ، ليس لي رفاق و جيره
و غدي رهبة و يومي انتحار واحتقار ؛ و الأمس ذكرى مريره
و هنا حيّنا خطاه إلى الأمس و أمجاده عظام نثيره
دفن الأمس جثّة من دنايا وانثنى يستعير منها مصيره
فهو حيّ من الجليد المدمّى يجتبي لصّه و يجفو خفيره
يدّعي المجد و هو مقبرة تهتزّ خلف التراب و هي قريره
يزدريني وحدي و إنّي و إيّاه ضحايا شروره المستطيره
يزدريني و توبتي و حناني فوق أهدابه صلاة منيره
هل أنادي الضمير و الخلق فيه ؟ لم أجد فيه خلفه أو ضميره
***

أيّها الآكلون عرضي لأنّي كنت ألعوبة لديكم أسيره
حقّروني يا دود لو لم تكونوا حقراء ما كنت يوما حقيره
لا تقولوا : كانت بغيّا ، أما الفجّار كثر و الفاجرات كثيره ؟
لست وحدي ، كم البغايا و لكن تلك مغمورة و هذي شهيره
صدّقوني إن قلت في دوركم مثلي قلست الأولى و لست الأخيرة
كلّ حسناء زهرة : هل يردّ الزهـ ر عنه حتّى الذباب المغيره ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:27 PM
الدرب شياطين فرحي زمر تهذي مرحي مرحي
و تخوض الدرب فتسلبه رؤيا أعينه القرحى
و تحوّل هجعه ... تربته تسهيدا ، و لياليه ... جرحى
و تعبّ دما و تمجّ دما و مداها ترتجل ... الذبحا
و الشهب حنين مصلوب ظمآن يجترع " الملحا "
فتئن الريح ... تمازحه و تلوّن أذناه المزحا
و الآفاق الوسنى ورق محيت ، أو أوراق ... تمحي
و الحيّ سكون مصفرّ كخطايا تستجدي الصفحا
و تموت الشكوى في فمه فيكلّف رعشته البوحا
إصغاء لم يسمع شدوا غنّاه و لم يذكر ... نبحا
صمت ؛ إغفاء ؛ ثلجي لم يلمح في الحلم الصبحا
***

فتثاءب حوليه جبل و تنهّد غاجترّ السفحا
و تلظّى دمه فامتدّت كالجذوة قامته السمّحا
و تسلّقت الأطياف إلى عينيه تقتبس اللّمحا
***

فرنا و الظلمة مشنقة بجراح الأنجم مبتلّة
و دخان عملاق يرخى فوق التيه العاني ظلّه
و يروع الحلم فباغته تيّار الصحو على غلفه
و تلوّى حينا في دمه و هوى أشلاء منحلّه
و تعالت أحلام الوادي تومي كعناقيد النخلة
و أفاق ثراه كموعود بالموت : أبلّ من العلّة
وتمطّى يبدأ ميلادا خصبا نيسانيّ الحلّه
واهتزّ كأسخى مزرعة حبلى تتمخّض بالغلّة
وافترّ و باحت شفتاه للبيدر بشرى مخصّلة
و منى كتبسّم زنبقه فتحت شفتيها للنحلة
و أعاد الجوّ حكايته كحديث الطفل إلى الطفله
و كغنج الوعد على ثغر خمريّ يستهوي القبلة
و أسال الجوّ مبهجه كالشلالات المنهلّة
و غلا في الثلج دم حيّ فأحال برودته شعله
***

وامتدّ عمودا جمريّا واحمرّ بعينيه الأرق
ماذا ؟ من أذكى الرمل هنا ؟ فهفا يخضر و ينطلق
و تنادى الترب فمقبرة تدوي ورماد يحترق
و هنا احتشد العدم الغافي كالصيف يفوح و يأتلق
يلد الميعاد بجبهته تاريخا يبدعه العرق
و يوشّحه أفق صحو بالدّفء ، و يحضنه أفق
و توالى موكبه الشادي فتغنّت وازدهت الطرق
و تعنقدت الشهب السكرى بيديه واخضرّ الشفق
يمضي يجترّ مواسمه و يزغرد حوليه العبق
و يجنّح فجرا معطاء ينصبّ و فجرا ... ينبثق
فتغيم هنالك أسئلة " تلغو " هل يرتدّ الغسق ؟
و تهزّ بقيّة أشباح تطفو فيرسّبها الغرق
و تزوّر بوحا مسلولا بسعال الدعوى يختنق
فتضجّ الربوات الجذلى لم يخفق في الموتى الرمق

نــجــم
18-04-2011, 08:28 PM
أخي أدعوك من خلف اتقادي و أبحث عن لقائك في رمادي
و ينطبق الحريق عليّ ... قبرا فيمضغني و يعيى بازدرادي
و أحيا في انتظارك نصف ميت ورائحة الردى مائي وزادي
و أرقب " فارس الآمال " حتّى أخال إزاي حمحمة الجياد
و ترفعني إليك رؤى ذهولي فتتكيء النجوم على وسادي
و أهوى عنك أصفع وجه حظّي و أعطي كلّ " جنكيز " قيادي
و عاصفة الوعيد تهزّ حولي يد " الحجاج " أو شدقي " زياد "
***

فتخفق منك في جدران كوخي طيوف كالمصابيح الهوادي
فتشدو كلّ زاويه وركن و يبدع عازف و يجيد شادي
و يلمع و هم خطوك في الروابي فترقص كالجميلات الخرد
و يجمع جيرتي فرح التلاقي و يختلط احتشاد باحتشاد
و يظما الشوق في عيني " سعيد " فيندى الوعد من شفتي " سعاد "
***

و تعوي الريح تنثر وسوساتي وريقات تحنّ إلى المد
و تخنق حلم جيراني و حلمي و تسلب حيّنا صمت
و يحترق الطريق إليك شوقا فتطفئه أعاصير العوادي
و تقبر فيه قافلة الأماني و تردي الصوت في فم كلّ حادي
و يسأل هل تعود إلى حمانا ؟ فتسعد سمّر و يضيء نادي
مزارعنا إلى لقياك لهفى و بيدرنا إلى الحصاد
أترحل تستفزّ الفجر حتّى شققت دجاه – تبت عن المعاد
أتأبى أن تعود ألا تلبّي ندائي هل دريت من المنادي ؟
سؤال عنك يحفر كلّ تلّ و يسبر عنك أغوار الوهاد
أفتّش عنك أطياف العشايا و أهداب النسيمات الغوادي
و تنأى عن مدى ظني فأمضي إليك على جناح من سهاد
و أهمس أين أنت ؟ و أيّ ترب نما و اخضرّ من دمك الجواد
أيسألك النضال دما شهيدا فتسقيه و أنت تموت صادي ؟
أجب حدّث فلم يخمدك قتل فأنت الحيّ و القتلى الأعادي
أحسّك في براءه كلّ حيّ صبيّ و أحسّ نبضك في الجماد
و أشتمّ اختلاج صداك حولي يمنّيني و يعبق في فؤادي
فأدنو من نجيعك أصطليه و أشعل من تلظّيه اعتقادي
***

أتسأل كيف جئت إليك إنّي أفتّش في دمائك عن بلادي ؟
و أنضح من شذاها ذكرياتي و أقبس من تحدّيها عنادي
أتأبى أن تجيب ؟ و من يحلّي بغار النصر هامات الجلاد ؟
و هل أرتدّ عنك بلا رجاء ؟ يعاتبني و يخجلني ارتدادي ؟
أتدري أنّ خلف الطين شعبا من الغربان يفخر بالسواد ؟
يموت توانيا و يعيش وهما بلا سبب بلا أدنى مراد
يسير و لا يسير : يبيد عهدا و يأكل جيفه العهد ... المباد
يبيع و يشتري بالغبن غبنا و يجترّ الكساد إلى الكساد
و تهدي خطوة جثث كسالى تفيق من الرقاد إلى الرقاد
تعيد تثاؤبا أو تبتديه كأسمار العجائز في البوادي
***

" أعبد الله " كم يشقيك أنّا ضحايا العجز أو صرعى التمادي ؟
أينبض في ثراك اشعب يوما فتروق ربوة و يرفّ وادي
و تعتنق الأخوة و لتصافي و يبتسم الوداد إلى الوداد
رحلت إليك أستجدي جوابا و أستوحيك ملحمة الجهاد

نــجــم
18-04-2011, 08:28 PM
جمال ! أيأتي ؟ أجل ! ربّما و تستفسر الأمنيات السما
أيأتي ؟ و يرنو السؤال الكبير يزغرد في مقلتيه الظما
فيخبره الحلم إخبار طفل يروض على اسم أبيه الفما
***

و في أيّ حين ؟ و صاح البشير فجاءت إليه الذرى عوّما
و أرخى عليه الضحى صحوة و دلّى سواعده سلّما
و حيّاه شعب رأى في الشروق جني الحلم من قبل أن يحلما
فأيّ مفاجأة باغتته ... كما تفجأ الفرحة الأيّما ؟
فماد ربيع على ساعديه و فجر على مقلتيه ارتمى
و لبّى الهتاف المدوّي هناك هتافا هنا . و هنا مفعما
يلبّي و يدعو فيطغى الضجيج و يعلو الصدى يعزف الأنجما
تثير الجماهير في جوّه من الشوق أجنحة حوّما
و تسأل في وجهه موعدا خصيبا و تستعجل الموسما
و تحدو غدا فوق ظنّ لاالظنون و أوسع من أمنيات الحمى
***

جمال ! فكلّ طريق فم يحيّي و أيد تبث الزهر
ترامت إليه القرى و الكهوف تولّي جموع و تأتي زمر
و هزّت إليه حشود الحسان مناديل من ضحكات القمر
ولاقته "صنعاء " لقيا الصغار أبا عاد تحت لواء الظفر
تلامسه ببنان اليقين و تغمس فيه ارتياب البصر
و تهمس في ضخب البشريّات أهذا هو القائد المنتظر ؟
أرى خلف بسمته " خالدا " و ألمح في وجنتيه " عمر "
و تدنو إليه تناغي المنى و تشتمّ في ناظريه الفكر
***

أهذا الذي وسعت نفسه هوى قومه و هموم البشر ؟
أطلّ فأومى انتظار الحقول و ماج الحصى و ارأبّ الحجر
و هنأت الربوة المنحنى و بشرت النسمة المنحدر
و أخبر " صرواح " عنه الجبال فأورق في كلّ نجم خبر
و أشرق في كلّ صخر مصيف يعنقد في كلّ جوّ ثمر
***

و أعلنت زنود الربى وحده سماويّة الأمّ طهر الأب
نمتها المروءات في " مأرب " و أرضعها الوحي في " يثرب "
و غنى على صدرها شاعر و صلّى على منكبيها نبي
وردّدها الشرق أغرودة فعبّ صداها فم المغرب
***

و دارت بها الشمس من موسم سخيّ إلى موسم أطيب
إلى أن غرتها سيول التتار ورنّحها العاصف الأجنبي
تهاوت وراء ضجيج الفراغ تفتّش عن أهلها الغيّب
و تبحث عن دارها في الطيوف و تستنبيء اللّيل عن كوكب
و تحلم أجفانها بالكرى فتخفق كالطائر المتعب
هناك جثث في اشتياق المعاد تحدّق كالموثق المغضب
فتلحظ خلف امتداد السنين على زرقة " النيل " وعدا صبي
تمرّ عليه خيالات " مصر " مرور الغواني على الأعزب
رأت فمه برعما لا يبوح و نسيان في قلبه مختبي
و كان انتظارا فحنّت إليه حنين الوليد إلى المرضعة
و دارت نجوم و عادت نجوم و أهدابها ترتجي مطلعة
و كانت تواعدها الأمسيات كما تعد البيدر المزرعة
و لاقته يوما و كان اسمه " جمالا " فلاقت صباها معه
***

هنا لاقت الوحدة ابنا يسير فتمشي الدنا خلفه طيّعه
و مهدا صبورا سقاها النضال فأهدت إلى المعتدي مصرعة
غذاها دم " النيل " خصب البقاء و لقّنها الفكرة المبدعة
و علّمها من عطايا حشاه و كفّيه أن تبذل المنفعة
و من جوّه رفرفات الحمام و من رمله طفرة الزّوبعه
و قطّرها في خدود النجوم صلاة و أغنية ممتعو
و أطلع للعرب أقباسها شموسا بصحو المنى مشبعة
هناك أفقنا على وحدة يمدّ الخلود لها أذرعة
فصارت مبادئنا في السلام و ألوية النصر في المعمعه

نــجــم
18-04-2011, 08:28 PM
جمال ! أيأتي ؟ أجل ! ربّما و تستفسر الأمنيات السما
أيأتي ؟ و يرنو السؤال الكبير يزغرد في مقلتيه الظما
فيخبره الحلم إخبار طفل يروض على اسم أبيه الفما
يا صمت ما أحناك لو تستطيع تلفنّي ، أو أنني أستطيع
لكن شيئا داخلي يلتظي فيخفق الثلج ، ويظمى الربيع
يبكي ، يغنّي ، يحتذي سامعا وهو المغنّي والصدى والسميع
يهذي فيجثو الليل في أضلعي يشوي هزيعا ، أو يدمّي هزيع
وتطبخ الشهب رماد الضحى وتطحن الريح عشايا الصّقيع
ويلهث الصبح كمهجورة يحتاج نهديها خيال الضجيع
***

شيء يناغي ، داخلي يشتهي يزقو ، يدوّي ، كالزحام الفضيع
يدعو ، كما يدعو نبيّ ، بلا وعي ، وينجرّ انجرار الخليع
فيغتلي خلف ذبولي فتى ويجتدي شيخ ، ويبكي رضيع
يجوع حتى الصيف ينسى الندى ميعاده ، بهمي شهيق النجيع
ويركض الوادي ، وتحبو الربى ويهرب المرعى ، ويعيى القطيع
ما ذلك الحمل الذي يحتسي خفقي ، ويعصي ذا هلا أو يطيع
يشدو فترتدّ ليالي الصبا فجرا عنيدا ، أو أصيلا وديع
وتحبل الأطياف تجني الرؤى ويولد الآتي ويحيا الصريع
فتبتدى الأشتات في أحرفي ولادة فرحى ، وحملا وجيع
***

هذه الحروف الضائعات المدى ضيّعت فيها العمر ، كي لا تضيع
ولست فيما جثته تاجرا أحسّ ما أشري وماذا أبيع
اليكها يا قارتي إنها ، على مآسيها : عذاب بديع

نــجــم
18-04-2011, 08:29 PM
من دهور … وأنت سحر العباره وانتظار المنى وحلم الإشارة
كنت بنت الغيوب داهرا فنمّت عن تجليّك حشرجات الحضاره
وتداعي عصر يموت ليحيا أو ليفنى ، ولا يحس انتحاره
جانحاه في منتهى كل نجم وهواه ، في كل سوق : تجاره
باع فيه تألّه الأرض دعواه وباعت فيه الصلاة الطهاره
أو ما تلمحينه كيف يعدو يطحن الريح والشظايا المثاره
نمّ عن فجرك الحنون ضجيج ذا هل يلتظي ويمتصّ ناره
عالم كالدّجاج ، يعلو ويهوي يلقط الحب ، من بطون القذاره
ضيّع القلب ، واستحال جذوعا وترتدي آدمية … مستعاره
***

كل شيء وشى بميلادك الموعود واشتمّ دفئه واخضراره
بشّرت قرية بلقياك أخرى وحكت عنك نجمة لمناره
وهذت باسمك الرؤى فتنادت صيحات الديوك من كل قاره
المدى يستحمّ في وعد عينيك وينسى في شاطئيه انتظاره
وجباه الذّرى مرايا تجلّت من ثريّات مقلتيك شراره
***

ذات يوم ، ستشرقين بلا وعد تعيدين للهيثم النّضاره
تزرعين الحنان في كل واد وطريق ، في كل سوق وحاره
في مدى كل شرفة ، في تمنّي كلّ جار ، وفي هوى كل جاره
في الروابي حتى يعي كلّ تلّ ضجر الكهف واصطبار المغاره
سوف تأتين كالنبؤات ، كالأمطار كالصيّف ، كانثيال الغضاره
تملئين الوجود عدلا رخيّا بعد جور مدجّج بالحقاره
تحشدين الصفاء في كل لمس وعلى كل نظرة ، وافتراره
تلمسين المجندلين فيعيدون تعيدين للبغايا البكاره
وتصوغين عالما الماتثمر الكثبان فيه، ترف حتى الحجاره
وتعفّ الذئاب فيه ، وينسى جبروت السلاح ، فيه المهاره
العشايا فيه ، عيون كسالى واعدات ، والشمس أشهى حراره
لخطاه عبير ((نيسان)) أو أشذى لتحديقه ، أجدّ إناره
ولألحانه ، شفاه صبايا وعيون ، تخضّر فيها الإثاره
أي دنيا ستبدعين جناها وصباها فوق احتمال العياره ؟!

نــجــم
18-04-2011, 08:29 PM
من أنت ، واستبقت جوابي لهب ، يحنّ إلي التهاب
من أنت ، عزّاف الأسى والنار قيثار العذاب
وعلى جبينك ، قصّة حيرى ، كديجور اليباب
وخواطر ، كهواجس الإفلاس ، في قلق المرابي
وأنا أتدري : من أنا ؟ قل لي ، وأسكرها اضطرابي
سل تمتمات العطر : هل ((نيسان)) يمرح في ثيابي؟
من هذه ؟ أسطورة الأحلام ، أخيلة الشهاب
همساتها ، الخضر الرّقاق أشفّ من ومض السراب
إني عرفتك كيف أفرح ؟ كيف أذهل عن رغابي؟
من أين أبتدىء الحديث …؟ وغبت في صمت ارتيابي
ماذا أقول ، وهل أفتّش عن فمي ، أو عن صوابي ؟
من أنت ، أشواق الضحى قبل الأصيل ، على الهضاب
حلم المواسم ، والبلابل والنسّيمات الرطاب
اغرودة الوادي ، نبوع العندليب … شذى الروابي
وذهول فنّان الهوى ورؤى الصّبا وهوى التصابي
وهج الأغاني ، والصدى حرق المعازف ، والرّباب
لا تبعدي : أرست على شطآنك النعسى ، ركابي
فدنت تسائل من رفاقي في الضياع ؟ ومن صحابي ..؟
هل سآءلتك مدينة عنّي ؟ وسهّدها واكتئابي
فتقول لي : من أنت ؟ وتزدريني ، بالتغابي
أنا من مغاني شهرزاد إلى ربى ، الصحو انتسابي
بي من ذوائب (حدّة) عبق السماحة والغلاب
وهنا أصخت ووشوشات ( القات) تنبي باقترابي

وأظلّنا جبل ذراه كالعمالقة الغضاب
عيناه متكأ النجوم ودبله ، طرق الذئاب
فهفت إليّ مزارع كمباسم الغيد الكعاب
وحنت نهود الكرم فاسترخت للمسي واحتلابي
وسألت (ريّا) والسكون ينثّ وهوهة الكلاب
ماذا ؟ أينكر حيّنا خفقات خطوي وانسيابي؟
إنّا تلاقينا … هنا ، قبل انتظارك… واغترابي
هل تلمحين الذكريات تهزّ اضلاع التراب؟
وطيوف مأساة الفرا، ق تعيد نوحك وانتحابي
والأمس يرمقنا وفي ، نظراته خجل المناب
كيف اعتنقنا للوداع وبي من اللهفات ما بي ؟!
وهفت لا تتوجعي : سأعود ، فارتقبي … إيابي !
ورحلت وحدي ، والطريق دم ، وغاب ، من حراب
فنزلت حيث دم الهوى يجترّ ، أجنحة الذّباب
حيث البهارج والحلى سلوى القشور عن اللّباب
فلمين ألوان الطّلاء على الصّدوع ، على الحرب
التسليات ، بلا حساب والملال ، بلا حساب
والجوّ محموم ، يئن وراء جدران الضباب
كم كنت أبحث عن طلابي حيث ضيّعني طلابي
واليوم عدت ، وعاد لي مرح الحكاياتالعذاب
ما زلت أذكر كيف كنّا لا ننافق ، أو نحابي
نفضي بأسرار الغرام إلى المهبّات الرّحاب
والريح تغزل من زهور (البن ) ، أغنية العتاب

فتهزّنا أرجوحة من خمرة الشفق المذاب
وكما تنآئينا التقينا نبتدي صفو الشباب
ونعيد تأريخ الصّبا والحبّ ، من بدء الكتاب
أترين : كيف اخضوضرت للقائنا مقل الشعاب ؟
وتلفّت الوادي إليك وهشّ ، يسأل عن غيابي
ما دمت لي فكسو يخنا قصر ، يعوم على السحاب
والشهب بعض نوافذي والشمس ، شبّاكي وبابي

نــجــم
18-04-2011, 08:30 PM
على الدرب والمرتع يجود ، ولا يدّعي
يوشّي غناء الحقول وأنشودة المصنع
ويعطي حياة .. بلا نيوب ولا مصرع
يشد أبضّ الخصور إلى أعطش الأذرع
ويسخو سخاء المصيف على الطير والضّفدع
على السفح والمنحنى على السهل والأرفع
أتشتمّ أنفاسه طيوف الربى الهجّع
هناك رؤى مهده نبيذيّه المنبع
حمام من الأغنيات على جدول ممرغ
مرايا هوائية سرابية المخدع
وغيب وراء القناع ووعد بلا برقع
هناك انتظار يحسّ خطاه وحلم يعي
ودفء صريع يحن إلى لمسه المبدع
وواد يصيخ إلى تباشيره اللّمع
فأحلم أن الجنين وليد بلا مرضع
فألوي زنود الحنان على خصره الطيّع
ويحبو على ساعديّ فأرضعه أدمعي
وينأى ، فترنوا الكوى يفتّشن عنه معي
ويرتد ، حلم مضى ويمضي ، بلا مرجع
وتحتشد الأمسيات على العامر البلقع
فأرجوه أن يشرئب إلى شرفة المطلع
أمدّ له سلمّا إلى النور من أضلعي
وأشدو لميلاده ويصغي بلا مسمع
فأبكيه في مقطع وألقاه في مقطع

نــجــم
18-04-2011, 08:31 PM
من صدى البيد ، والشعاب الحواشد بالمهاوي والضاربات السواهد
من مدى الموت حين تحمرّ فيها شهوة الدود والقبور الزوارد
من لياليه حين مس( عليا) ليلة العرس أنه شرّ وافد
أو أتى مرشدا فأومى إليه صاحباه أن الضحيّة راشد
من صخور جلودهن حراب وكهوف عيونهن مواقد
حيث للريح والتلال عروق من أفاع من سواعد
وعلى المنحنى تمدّ ((صياد)) للأذلاء حائطا من أساود
ولها حافرا حمار وتبدو مرأة ، قد تزوجت ألف مارد
من ركوب السّرى على كل قفر لم ترده حتى خيالات رائد
والليالي على اكف العفاريت نعوش ، ذوا هب وعوائد
من قوى البأس قصة تلو أخرى تصرع الوحش قبل نهضة قاعد
من سؤال عن الحجاز وردّ عن غلاء الكساء و((التبن)) كاسد
من خصام بين الأقارب في الوادي، وحرب في التلّ بين الأباعد
من تثني المراتع الخضر تومي بالأغاني للراعيات النواهد
من متاه الظنون تستجمع الأسمار، شعث الرؤى وفوضى المشاهد
بين جدرانها ركام الحكايا من جديد القرى وأكفان تالد
وتجاعيد الشعوذات عليها كرفاة تقيأتها الوراقد
وعلى كل بوحها وصداها تتنادى زواحف ورواكد
تجمع القرية الشتات فتحوي أمسيات من عاصفات الفدافد
وسيولا من الفراغ المدوّي أسهلت فوقها بطون الروافد
وغناء كخفق بيت من القش تعاوت فيه الريّاح الشدائد
وبخورا وشاديا من جليد ونداء : كم في الصلاة فوائد
يحشر السّمّر الضجيع عليها من شظايا نعش السنين البوائد
***

يتلاقيان كلّما حشرج الطبل وأعلى الدخان ريح الموائد
فيقصّون كيف طار ( بن علوان) وماذا حكى ( علي بن زائد) ؟
عن مدار النجوم وهي وعيد عن فم الغيب أو بريق المواعد
عندما تسبل الثريّا عشاء عقدها تحبل السحاب الخرائد
وإذا الغرب واجه الصيف بالأرياح باعت عيالها ( أمّ قائد)
ويعودون يغزلون من الرمل ، ودود البلى ، علاوق المحامد
فيلوكون معجزات (فقيه) يحشد الجنّ والظلام يشاهد
ومزايا قوم يصلّون في الظهر وفي الليّل بسرقون المساجد
وحكايا تطول عن بائعات الخبز كم في حديثهن مكايد
عن بنات القصور يقطرن طيبا كرواب من الورود الفرايد
أو كصيف أجاد نضج العطايا أو ربيع في البرعم الطفل واعد
شعرهن انثيال فجر خجول ظلّه في عيونهن مراود
كلّهن استمحنهم فتأبّت حكمة الطين فيهم أن تساعد
ويتوبون يستعذبون بالله لأن الإناث نبع المفاسد
ويودّون لو يعود زمان كان ثرّ الجنى عميم الموارد
ويسبّون حجة طوت الزاد فلاك الفراغ جوع المزاود
وتناءت أسمارهم وتدانت مثلما تختفي الرؤى وتعاود
والتقو ليلة عجوزا توارت في أخاديدها النجوم الخوامد
فابتدوا ثرثراتهم وأعادوا ما ابتدوا من رواسب وزوائد
وعلى صمتهم تهيأ شيخ مثلما تخفق الطيوف الشوارد
فحكى قصة تململ فيها كل حرف ، كأنه قلب حاقد
وتعالى فيها النجح بالثأر فهاجت مستنقعات العوائد
وتنادوا .. لبّيك يا عم هيّا كلنا سائرون لا عاد واحد
انها ساعة اليهم فكرّوا عميت عنكمو العيون الحواسد
واشرابت بيوتهم تلمح الشهب دما في ملامح الأفق جامد
وتعايا فيها النعاس تعابي طائر موثق الجناحين بارد
ومع الفجر ساءل السفح عنهم جدولا ، في ترقب الفجر ساهد
فرآه يهفو ، يمد ذراعيه ويومي لها بأهداب عابد
وارتمى يحتسي عبير خطاها ويعاني وخز الحصى ويكابد
ودنت فالتوى على صبح ساقيها يناغي ويجتدي ويراود
من أتته ؟ فلاحة مشطها الشّمس عليها من الشروق قلائد
وقميص من النّدى ماج فيه موسم ، نابض الأفانين مائد
وانثنت مثلما يميس عمود زنبقي تشتمّ أخبار (قائد)
وعلى فجأة تلقت خطاها من غبار الصدى ، غيوم رواعد
أي شيء جرى ؟ وتصغي وتعدو وتداري ، نشيجها فيعاند
وترامت مناحة القرية الثكلى كما يزخر انفجار الجلامد
ودنت من ترى ؟ أبا طفلتيها وهو جذع من الجراحات هامد
وعجوزا تبكي وحيدا وأطفالا كزغب الحمام يبكون والد
وجريحا يصيح أين يدايا ؟ أين رجلايا ؟ هنّ ما كنت واجد
وشقيقاته يمتن النياعا ويهن له القلوب ضمائد
يرتمي يرتمين يجثو فينصبن له من صدورهن وسائد
وعواء النجيع في السّاح يدوي يذهب الحاقدون والحقد خالد
أحمق الحمق أن تصير الكرهات تراثا ، أو يستحلن عقائد
وعلى إثر من مضواعات الأسمار تحيا على أصول القواعد
وتباهي : أردوا صغيرين منّا وقتلنا منهم ثلاثين ماجد
وتعيد الذي اعادت دهورا من صدى البيد الشعاب الحواشد

نــجــم
18-04-2011, 08:31 PM
كهودج من الضباب من الطيوف ، والسراب
تزفّه سفينة من الضياع والتراب
ومن تخيّل الغنى ومن تلهّف الرغاب
ومن حكايا العائدين بالحقائب العجاب
المتخمات بالحلى وبالعطور والثياب
وبالجيوب تحتوي دراهما ، بلا حساب
لمّا أتوا تلفّتت حتى القصور والقباب
حتى السهوب والقرى حتى الكهوف والشعاب
وكل صخر عندنا وكل شارع وباب
ورغم خوفه مضى من غربة إلى اغتراب
حشاه ملجأ الطوى عيناه مرفأ الذّباب
على الفراغ يبتدي وينتهي دجى العذاب
و(مأرب) تساؤل متى يعود ؟ وارتقاب
و(وحدة) مخاوف وموعد على ارتياب
أينثني ؟ فينثني الى المزارع الشباب
ومقلنا (سمارة) جوى ( وميتم) عتاب
يعي لهاث ربوة إلى محاجر الشهاب
تهز نهدها إلى مسافر بلا إياب
تحطّه جزيرة ويرتمي به عباب
مسافر أضنى السّرى وراع غيهب الذئاب
وأفلق الحصى ، بلا مدى ، وأجهد الهضاب
من قارة لقارة يجوب أرحب الرحاب
وهو على عيونها تساؤل ، بلا جواب
فينحني ويبتني لها نواطح السحاب
يضيئها ولا يرى يشيدها، وهو الحراب

يعيش عمره على أرجوحة ، من الحراب

أيامه سفينة جنائزية الذهاب

تزفّه الى النوى كهودج من الضباب

نــجــم
18-04-2011, 08:31 PM
كرجوع السنى لعيني كفيف بغتة كاخضرار نعش جفيف
وكما مدّت الحياة يديها لغريق ، على المنيّة موفي
وكما ينثني إلى خفق شيخ عنفوان الصّبا الطليق الخفيف
رجعت فجأة رجوع وحيد بد شك إلى أبيه اللهيف
كابدت دربها الى العودة الجذلى وأدمت شوط الصراع الشريف
حدّقت من ترى ومن ذا تنادي ؟ أين تمضي : إلى الفراغ المخيف؟
وأرتها خوالج الذعر وجها بربريّا ، كباب سجن كثيف
وجذوعا ، لها وجوه ، وأذقان وإطراقة الحمار العليف
فتنادت فيها الظنون وأصغت لحفيف الصّدى ووهم الحفيف
وكما يرتمي على قلق السّمع هدوء بعد الضجيج العنيف
سرّحت لمحة ، فطالعها شيء كأيماءة السراج الضعيف
كان بعطي حياته للحيارى وعلى وجهه اعتذار الأسيف
فأحسّت هناك حيّا مهيضا يتلوّى تحت الشتاء الشفيف
قرى ، بعن عمرهن على أدنى الخصومات والهراء السخيف
واشرأبت ثقوبهن الى الريح يسائلن : عن شميم الرغيف
فدنت تنظر الحياة عليهنّ بقايا من الغثاء الطفيف
والدوالي هناك أشلاء قتلى جمدت حولها ، بقايا النزيف
وتجلّت أما تجعّد فيها عرق الصيف وارتعاش الخريف
سألتها عن اسمها فتبدّى من أخاديدها حنان الأليف
واستدارت تقص : إن أباها من (زبيد) وامهّا من (ثقيف)
فأعادت لها الربيع فماست في شبابين تالد وطريف
نزلت ضيفة الحنان فكانت لديار الضياع ، أسخى مضيف
نزلت في مواكب من شروق وحشود من اخضرار الرّفيف
في إطار من انتظار العصافير ومن لهفة الصباح الكفيف
وتهادت على الرّبى فتلظّى في عروق الثلوج ،دفء الصيف
وأجادت من الفراغ وجودها وجبالها ، من الشموخ المنيف
رجعت فانثنى اصفرار التوابيت الى خضرة الشباب الوريف

نــجــم
18-04-2011, 08:32 PM
سار والدرب ركام من غباء كل شبر فيه شيطان بدائي
كان يرتد ويمضي مثلما تخبط الريح ، مضيقا من عناء
بين جنبيه ، جريح هارب من يد الموت ، ومسلول فدائي
يصلب الخطو على ذعر الحصى وعلى جذع مديد من شقاء
وعلى منعطف أو شارع من دم الذكرى وأنقاض الرجاء
من يعي يسأله : أين أنا؟ ضاع قدامي ، كما ضاع ورائي
والى لا منتهى هذا السرى في المتاهات ، ومن غير ابتداء
انني أخطو على شلوى وفي وهوهات الريح ، أشتم دمائي
من يؤاويني ؟ ايصغي منزل لو أنادي ، أو يعي أي خباء ؟
الممرات مغارات لها وثبة الجن، وإجفال الظباء
وهناك الشهب غربان ، بلا أعين ، تجتاز غيما لا نهائي
وهنا الشمس عجوز ، تحتسي ظلّها ، تصبو إلى تحديق رائي
من دنا منسّي ؟ وكالطيف النوى ونأى ، خلف خيالات التنائى
من وراء التلّ عنّت غابة من أفاع ، وكهوف من عواء
وعيون ، كالمرايا ، لمعت في وجوه ، من رماد وانحناء
انه حشد ، بلا اسم وجهه خلفه مرآه تزوير الطلاء
من يرى ؟ أي زحام ودرى انه يرنو إلى زيف الخواء ؟
***

وبلا زاد ولا درب مضى كالخيالات الكسيحات الظماء
تخفق الأحزان ، في أهدابه وتناغي ، كعصافير الشتاء
ينحني، يستفسر الاطراق من وجهه الذاوي ، وعن باب مضاء
عن يد ، صيفية اللّمس وعر شرفة جذلى ، وعن نبض غناء
وتأنت نجمة أرسى على جفنها طيف ، خريفيّ الرّداء
فتملاها مليّا وارتدى جوّ عينيه ، أصيلا من صفاء
والتظى برق ، تضنّى خلفه ألف دنيا ، من ينابيع السخاء
وبلا وعي دنا ، من كوخه كغريق ، عاد من حلق الفناء
فأحسّ الباب يلوي حوله ساعدي شوق ، وحضنا من بكاء
اين من يسأله ، يخبره عن مآسيه فيحنو أو يرائي؟
وجثا ، يحنو عليه منزل سقفه الثلج ، وجدران المساء
وكما تنجرّ أمّ ضيّعت طفلها ، يبحث عن أدنى غذاء
يجتدي الصمت نداء أو يدا أو فما يفترّ ، أو رجع نداء
ويداري السّهد أو يرنو الى ظلّه ، يختال في ثوب نسائي
فتعاطيه مناه أكؤسا من دخان ، واحتضانا من هباء
تحتسي أنفاسه أمسية عاقر ، تمتص ألوان الهواء
هل هنا لابن سبيل الريح من موعد ؟ أو ها هنا دفء لقاء ؟
عاد من قفر دخاني ، الى عامر ، أقفر من ليل العراء
وغدا يبتديء الأشواط من حيث أنهاها ، إلى غير انتهاء
يقطع التيّه ، إلى التيه ، بلا شوق أسفار ، ولا وعد انثناء
وبلا ذكرى ، ولا سلوى رؤى وبلا أرض ، ولا ظل سماء
عمره دوّامة من زئبق وسهاد ، وطريق من غباء

نــجــم
18-04-2011, 08:32 PM
على اسم الجنيهات ، والأسلحة يتاجر بالموت ، كي يربحه
ويشتم كفّي مرابي الحروب فيزرع في رمله مطمحه
ذوائبه الحاضنات النّجوم بأيدي المرابين ، كالمسحه
يمنّيه طاغ ، حساه الفجور وجلمد في حلقه النحنحه
فيدمى وتغدو جراحاته مناديل .. في كفّ من جرحه
وتومى له حربة الهرمزان بقرآن (عثمان) والمسبحه
فيهوى ، له جبة من رماد ومن داميات الحصى أوشحه
على وجهه ، ترسب الحشرجات وتطفو ، قبور ، بلا أضرحه
ويجتره من وراء السراب أسىّ ، يرتدي صبغة مفرحه
فيجتاح تلاّ شواه الحريق وتلاّ ، دخان اللّظى لوّحه
ويغتال رابية ممسيا وتأكله ربوة ، مصبحه
وكالسّل يمتصّ زيت (الرياض) ويرضع من دمه المذبحه
ويسقط حيث تلوح النقود هنا أو هنا لا يعي مطرحه
طيوف الحياة على مقلتيه عصافير دامية الأجنحه
تغب أساريره الأمسيات وتنسى الصبحات أن تلمحه
وغاباته أن يدير الحروب ويبتز أسواقها المريحه
وما دام فيه بقايا دم فمن صالح الجيب أن يسفحه
يجود بأشلاته ولتكن (لابليس) أو (آدم) المصلحه
***

وتلك عوائده الخالدات يجوع ، ومن لحمه ، يأكل
بلا درهم كان يدمى فكيف ؟ وكنز ( المعزّ) له يبذل
أينسى عرافته أنه : أبو الحرب أو طفلها الأول
وما زال تنجبه كل يوم (بسوس) وأخرى به تحبل
إلى أين يسري ؟ ورد الصدى : إلى حيث لا ينثني الرّحل

وكان هناك سراج حزين يئنّ ، ونافذة تسعلى
فاصغى الطريق إلى مسمر كنعش ينوء بما يحمل
وقال عجوز سهى الموت عنه على من تنوح ومن نثكل؟
رمى أمس (يحيى) أخاه (سعيدا) وأردى ابن أختي أخي (مقبل)
فرد له جاره : لو رأيت متارينا كيف تستقل
تمور فتغشى الجبال الجبال ويبتلع الجندل الجندل
ويهوي الجدار على ظلّه ويجتر أسواره المعقل
وقالت عروس صباح الزفاف سعى قبل أن يبرد (المخمل)
ويوما حكموا أنه في (حريب) ويوما أتى الخبر المذهل
وصاح فتى : أخبروا عن أبي وأجهش ، حتى بكى المنزل
وولّى ربيع مرير ، وعاد ربيع ، بمأساته مثقل
وضاع المدى وصديق الرياح يحوم … وعن وجهه يسأل
ويمضي به عاصف قلّب ويأتي به عاصف حوّل
***

أما آن يا ريح أن تهدئي ويا راكب الريح أن تتعبا
وأين ترى شاطىء الموج با (براش) ويا نسمات الصّبا
ويا آخر الشوط : أين اللقاء ؟ ويا جدب أرجوك إن تخصبا
ويا حلم ، هل تجتلي معجزا تحيل خطاه الحصى كهربا
يبيد بكف ، نيوب الرياح ويمحو بكف ، حلوق الربى
ويغرس في الذئب رفق النّعاج ويمنح بعض القوى الأرنبا
أيأتي ؟، ويحتشد الانتظار يمد له المهد والملعبا
ويبحث عن قدميه الشروق ويحفر عن ثغره المغربا
وعادت كما بدأت غيمة توشّي بوارقها الخلّبا
وتفرغ أثداءها في الرمال وتهوي تحاول إن تشربا
و(صنعاء) ترتقب المعجزات وتحلم بالمعجز المجتبى
وكالصيف ، شعّ انتظار جديد على الأفق ، وامتد واعشوشب
وحدّق من كل بيت هوى يراقب عملاقه الأغلبا
ويختار أحلى الاسامي له وينتخب اللّقب الأعجبا
ويخلقه فارسا يمتطي هلالا ويتشح الكوكبا
سيدنو فقد آن للسّهد أن ينام وللنّوح أن يطربا
فعمر الرّصاص كعمر سواه وان طال جاء لكي يذهبا
وقد يقمر الجوّ بعد اعتكار وقد ينجل الأحمق الانجبا

نــجــم
18-04-2011, 08:32 PM
كانت له ، حيث لا ظلّ ولا سعف من النخيل الحوالي ، ناهد نصف
وكان أرغد نصفيها الذي ابتدأت أو انمحى من صباها الياء والألف
أغرى ، وافتن ما في بعض فتنتها طفولة ، وامتلاء مثمر هيف
كانت له بعض عام ، لا يمت إلى ماض ولا امتدّ من اخصابه خلف
ولى ، ولا خبر يهدى اليه وفي حقائب الريح ، من أخباره تحف
وقصة لملم التأريخ أحرفها فاستضحك الحبر في كفيه والصحف
وغاب أول يوم عن تذكره وفي تظنيّه من إيمانه نتف
كان الخميس أو الاثنين واحتشدت مواقف ، تدفع الذكرى وتلتقف
في بدء تشرين ، نادته نوافذها فحام كالطيف ، يستأني وينجرف
هل ذاك مخدعها ؟ تومى النجوم على جبينه ، وعلى عينيه تعتكف
بل تلك غرفتها أو تلك أيهما ؟ أو هذه ، وارتدت أزياءها الغرف
وبعد يوم وليل ، جاء يسألها عن عمها أخبروه أنه دنف
من ذا تريد ؟ وتسترخي عبارتها فيأكل الأحرف الكسلى ويرتشف
ويدّعي أنهم قالوا : أن ليس لها عمّ ويعتصر الدعوى وينتزف
ويستزيد جوابا هل هنا سكن ؟ أظن بيت فلان أهله انصرفوا
وخانه الريق ، فاستحلت تلعثمه واخضرّ في شفتيها العذر والأسف
ونصف (كانون) زارت بنت جارته فأفشت الخبر الأبواب والشرف
وقالت امرأة : من تلك ؟ والتفتت أخرى ، تكذب عينيها وتعترف
وعرفتها عجوز ، كل حرفتها صنع الخطايا ، لوجه الله تحترف
وقصّت امرأة عنها ، لجدّتها فصلا ، كما ذاب فوق الخضرة الصّدف
فعوّذتها وقالت: كنت أشبهها لكن لكل طويل يا ابنتي طرف
وغمغم الشارع المهجور : من خطرت كما تخطر تلّ مائج ترف
وحين عادت وحياها على خجل ردّت ، وما كان يرجو ، ليتها تقف
وخلفها أقتاده وعد السّراب إلى بيت نضيج الصّبا جدرانه الشّغف
حتى احتستسها شفاه الباب ، ولا أحد يومي اليه ، ولا قلب له ، يجف
وظن وارتاب حتى اشتّم قصته كلب هناك وثور كان يعتلف
وعاد من حيث لا يدري على طرق من الذهول إلى المجهول ينقذف
فاعتاد ذكراه بيت مسّه فمها في دربها ، وبظلّ الدار يلتحف
وقرّبت دارها من ظل ملجئه يد تعلّم من إغداقها السّرف
وكان يصغي فتدعو غيرها ابنتها وجارة غيرها تخفي وتنكشف
متى تبوح وهل يفضي بخطرتها درب ، ويخبر عنها الريح منعطف ؟
وحلّ شهر رماديّ الخطى هرم ضاعت ملامحه ، واسترخت الكتف
وفي نهايته ، جاءت تسائله عن هرّها … لم يزرنا ، فاتنا الشرف
فنغّمت ضحكة كسلى ، طفولتها جذلى ، على الرقة المغتاج تنقصف
فمدّ كفا خجولا ، وانحنى فرنا من وجهها الموعد المجهول والصلّف
وكان يرنو ، وجوع الأربعين على ذبول خدّيّه يستجدي ويرتجف
وقال ما ليس يدري فادعت غضبا : من خلتني ؟ قل لغيري : انني كلف
وأعرضت واستدرات : كيف شارعنا ؟ حلو .. أما ساكنوه السوء والحشف؟
(فلانه) لم تدع عرضا و(ذاك) فتى يغوي ويكذب في ميعاده الحلف
من ذلك اليوم يوم (الهرّ) كان له عمر ومتّجه غضّ ومنصرف
واخضر قدّامه عش تدلله على رفيف الدوالي روضة أنف
أجنت له أيها يدعو مجاعته ؟ وأي افنانها يحسو ويقتطف ؟
ومرّ عهد كعمر الحلم يرقبه متى يعود يمنيه ويختلف ؟
وكان فيه كمولود على رغد أنهى رضاعته التشريد والشطف
كانت له ويقصّ الذكريات على طيف ، يقابل عينيه وينحرف
واليوم في القرية الجوعى يضيّعه درب ، ودرب من الأشواك يختطف
يسيح كالرّيح في الأحياء يلفظه تيه ، ويسخر من تصويبه الهدف

نــجــم
18-04-2011, 08:32 PM
كما تذبل الدّاليات الصّبايا ذرت في سخاء المنى والعطايا
وكالثّلج فوق احتضار الطيّور تراخت على مقلتها العشايا
وكابن سبيل جثت وحدها تهدّج خلف الضيّاع الشكايا
وتسعل في صدرها أمسيات من الطين ، تبصق ذوب الحنايا
ويوما أشار أخوها القتيل : تعالى تشهّت يديك يدايا
فناحت كبنت مليك غدت بأيدي ( التّتار ) أذلّ السّبايا
أهاذي أنا ؟ وتعيد السؤال وتبحث عن وجهها في المرايا
اما كان ملء قميصي الربيع ؟ فأين أنا ؟في قميصي سوايا
وفرّ سؤال خجول تلاه سؤال ، على شفتيها تعايا
وأين الفراش الذي امتّصني أيرئي هشيم الغصون العرايا
وذات مساء تمطىّ السكون كباغ يهمّ بأدهى القضايا
وأقعى يهزّ الجدار أكفّا من الشوك خرس النوايا
وفي الصبح أهدت لها جارتان غبيا رضيّ الرّقى والسّجايا
يفضّ الكتاب ويشوي البخور ويستلّ ما في قرار الحفايا
فتشتمّ أمس المسجّى ، يعود وتجترّه من رماد المنايا
وتنتظر الزائرين كأم تراقب عود بنيها الضحايا
فلا طيف حبّ يشقّ اليها سعال الكوى أو فحيح الزّوايا
وكان يمدّ المساء النجوم اليها معبّأة بالهدايا
وتنّئد الشمس قبل الغروب توشي رؤاها ، بأزهى الخبايا
ويجثو الصباح مليا يرش شبابيكها ، بأرقّ التحايا
وتحمل عن هج أسمارها رياح الدجى هودجا من حكايا
وكانت كما يخبر الذاكرون أبضّ الغواني ، وأطرى مزايا
وأنظر من صاحبات (السّمو) ولكنها بنت أشقى الرعايا
تهادت من الريف عام الجراد تعاطي المقاصير أحلى الخطايا
وفي بدء (نيسان) حثّ الخريف اليها من الريح أمضى المطايا
فشظّى كؤوس الهوى في يديها وخبأ في رئتيها الشظايا
وخلّف منها بقايا الأنين وعاد ، فأنهى بقايا البقايا

نــجــم
18-04-2011, 08:33 PM
روّية ، أو حطمّي في كفه القدحا فلم يعد ينتشي ، أو يطعم الترحا
لا ، لم يحسّ ارتواء ، أو يجد ظمأ أو يبتهج ، إن غدت أحلامه منحا
سدى ، تمنيّن من ماتت رغائبه من طول ما أغتبق (القطران) واصطبحا
فعاد ، لا يرتجي ظلا ولا شجرا ولا يراقب وعدا ، جدّ أو مزحا
إذا اشتهى اقتات شلوا من تذكره وامتصّ ما خطّ في رمل الهوى ومحا
كالطيّف يحيا بلا شوق ، ولا حلم ولا انتظار رجاء ، ضنّ أو سمحا
ينقّر السهد عن ميعاد أغنية كطائر جائع ، عن سربه نزحا
وينزوي ، كضريح يستعيد صدىّ يبكي ويهزج (لا حزنا ولا فرحا)
لا تسألي : لم يعد من تعرفين هنا ولّى وخلّف من أنقاضه شبحا
آسي بقايا ، أو شظّي بقيتّه للريح ، لم يدر من آسى ومن جرحا

نــجــم
18-04-2011, 08:33 PM
طاو ، يريد بلا اراده ظمآن ، يجترع اتّقاده
هيمان ، تركض فيه أشواق الجنين ، إلى الولاده
فيفتّش الأطياف ، عن ايماء قرط أو قلاده
عن وعد باذلة تجود فيستزيد ألي الزّياده
لفتاتها لحنّ، تتوق اليه أخيلة الأجاده
ويسائل الأشباح من أعصي، ومن أدنى قياده؟

من أملأ الجارات، من أشهى، يحوم بكل غاده

ويغيب في حمّى السّهاد، يعيد كارثة سعاده

وكما يقدّر يرتمي في دفء(تقوى) أو(سعاده)
ويمد زنديه، ويهصر من يظنّ بلا هواده
ويمور حتى يشتكي قلق الفراش ألي الوساده
ويعود يغفو ، أو يحرّق في ندامته ، سهاده
***

حتى أطلّت ليلة معطأة الأيدي، جواده
منحّته من رعد المواسم فوق أحلام الرّغاده
وعلى صبيحتها دهته صيحة ، وأدت رقاده
ضاعف كراء البيت ، أودعته … أتحرمني الإفاده ؟
ماذا يقول (لمدفن) ورث الغبارة والسّياده
ذهبت ملامح وجهه وتجلمدت فيه البلاده
من أين يعطي من قطعت سبيله ، وحكرت زاده
حسنا ، سأتركه ، أضفه إلى مبانيك المشاده
وانجز يرتاد الفراغ ويطعم الشوك ارتياده
والريح تبصقه ، وتصفع في ملامحه بلاده

نــجــم
18-04-2011, 08:33 PM
من أين تهمسين لي ؟ فتستعيد الأهويه
من أين ؟ إنني على أيدي الظّنون ، ألهيه
من حيث لا أعي ولا تدرين ، أيّ أحجيه؟!
وتهمسين لي كما يندى اخضرار الأوديه
كما يبوح جنّه حبلى بأسخى الأعطيه
فيشرئب منزلي من الثّقوب المصغيه
عريان يغزل الصدى أسرّة وأغطيه
يمد كلّه إليك حضنه وأيديّه
أتشعرين أنني ألقاك ، كلّ أمسيه؟
على جفون خاطر أو احتمال أمّنيه
يطير بي اليك من هنا ، جناح أغنّيه

نــجــم
18-04-2011, 08:33 PM
كان اسمه ((يحيى)) وكان يوافي بيتا ، من الميعاد والأحلاف
وأفاء أول مرة كمحدّف أعطى الضيّاع ، قيادة المجداف
وغداة حيّى الباب قطّب لحظة وصفا كوجه الوارث المتلاف
وهفا إلى لقياه ، انظر مدخل تومى روائحه ، إلى الأضياف
وأناه ثانيه ، فماس أمامه ثوب ، كوشي الموسم الهفهاف
فكأن كل خميلة ألقت على كتفيه أردية ، من الأفواف
ماذا وراء الثوب ؟ فجر راسب يهوى ويستحي وفجر طاف
ورنا إلى الشباك ، يرجو فاختفت وارتد بالوعد الجلي الخافي
وغدا إليه ، فرفّ شيء ، ظنّه حسناء ، ترفل في ثياب زفاف
ودعى ((حسناء)) مرة فأجابه صوت ، كساقيه من الاصداف
فاشتم اترف ربوة أجنت له ودنا ، فغابت عن يد القطّاف
فهنا مزار من طفولات الضّحى ومن الشذر ، وأصايل الأصياف
يمضي إليه ، على الحنين وينثني منه على فرس من الأطياف
هي تعده ، ويرتجي ميعادها وسدىّ يعنقد خضرة الصفصاف
فيرود كالسمسار ، متجر عمّها ويشيد ، بالبيّاع والأصناف
ويعود قبل العصر ، يقصد جدّها في البيت ، يطري حمقه ويصافي
ومضى يصادق عند مدخل بابها مقهى ، وبابا كالخفير الجافي
وبلا محاولة رآها مرّة جذلى كحقل الزنبق الرفّاف
كان المساء الغضّ عند رجوعه حقلا ربيعيّا ، ونهر سلاف
حقا رآها كالضحى ، والبوح في نظراته ، كالطائر الخواف
خلف الزّجاج تبرجت وأظلها شعر ، كأهداب الغروب الصافي
كانت تغني حنذاك وتنتقي ثوبا وترمي بالقميص الضافي
وأمام مرآة ، تعرّي نصفها وتموج تحت المئزر الشفاف
لم لا يناديها ؟ وكيف ؟ ويختفي عنه اسمها ، ويضيع في الاوصاف
شفقية الشفتين ، كحلى ناهد صيفية ، ثلجية الاعطاف
وخلى الطريق ، فلم يصخ إلا إلى أصدائها ، وعبيرها الهتاف
ومشى يحدّق والذهول الحلو في عينيه يبسم كالصبي الغافي
ويعيد رؤيتها ويحضن ظلها ويمد آمالا ، بلا أطراف
ويعي ، فيتهم المنى ، ويعوده حلم سخي الهمس والارجاف
فيشيد مملكة ، ويستولي على أسمى الرؤوس ، وأعرض الأكتاف
ويرن مذياع فيمسي مطربا في زحمة التصفيق والأرهاف
يشدو ، فتحتشد المسامر حوله موّاجة الأثداء ، والأرداف
وبمدّ خطوته قيركض ((عنتر)) في صدره ويكرّ ، ((عبد مناف))
فيغير ، يطعن ، أو يجوز فلانة وفلانة بشريعة الأسياف
فإذا اسمه ، أخباركلّ مدينة واذا صداه مسامر الأرياف
وتلين خطوته ، فيصبح تاجرا تكسوه ، أبهّة من الآلاف
إن النقود مفتاح كل مقاتل ما كان اصدق حكمة الاسلاف!
من كان أوضع من (( مثنّى)) فاحتوى مالا ، وأصبح أشرف الأشراف
سأفوق من أثروا ، وتخبر جدّتي أن الزّمان يرقّ بعد جفاف
وتقص أمي كيف كان دعاؤها حولي قناديلا ، تضيء مطافي
وانجر يهمس ، للطيوف ويجتلي وعدا، من الأغداق والإسراف
ويحول الدنيا ، بلمعة خاطر قيثارة ، موهبة العزّاف
فيعد مشروعا ، وينجز ثانيا كالبرق ، يحمله إلى الأهداف
وغدا ، ستخبر كلّ بنت أمّها عنه ، وتحسد أختها وتجافي
وتنافس الحلوات بنت مزاره فيه ، وتكمنح بلا استعطاف
وإلى مدى التحليق يرفعه هوى وهوى يخوض به مدى الاسفاف
ورنا ، بلا قصد ، فخال تحركا يدنو كقطّاع من الاجلاف
من ذا هناك ؟ وكان يسعل حارس ويقص ثان فرقة الألاف
وأجاب هر هرة فأجال في وجه السكون توسم العرّاف
فاعتاده شبح عليه عباءة شعثا ووجه كالضريح العافي
واحتج منعطف أطارت صمته ونعاسه نقالة الإسعاف
ماذا دنا منه ؛ توثب غابة من اذرع صخرية الاخفاف؟
ومشى كمتهم تكشرّ حوله وحشية المنفى ووجه النافي
وأشار مصباح فانكر وجه ويديه في ايمائه الخطاف
ورأى هواجسه على ظلّ الدجى كدم الشهيد على يد السّياف
وأحس عمته تقول لأمه : رجع ابن قلبك : فأمني أو خافي
وهناك أخبره التعثر أنه يمضي ويرجع وهو طاو حاف

نــجــم
18-04-2011, 08:33 PM
تقولين لي : أين بيتي : مزاح ؟ من النار زاد رمادي جراح ؟
تقولين أين ؟ وبيتي صدى من القبر ، جدرانه من نواح
وتيه وراء ضياع الضياع وخلف الدجى ، ووراء الرياح
هناك قراري ، على اللاقرار وفي لا غدوّ وفي لا رواح
وراء النوى ، حيث لا برعم جنين ، ولا موعد ، من جناح
أموت ، واستولد الأغنيات وأبذلها ، للبلى في سماح
وأحلم ، حيث الرؤى ترتمي على غابة ، من لهاث النباح
وحيث الأفاعي ، تبيع الفحيح وتمتص جوع الحصى في ارتياح
لماذا اجيب ؟ وتستنبتين سؤالا ، يبرعم حلم الصباح
فأصغي ، وأسمع من لا مكان صدى واعدا ، زنبقيّ الصدّاح
وأشتمّ صيفا خجول القطاف تلعتم في وجنتيك وفاح
وناغى على شاطئي مقلتيك منى رضعا ، ووعودا شحاح
أحلن رمادي حريقا صموتا وأورقن في شفتيه فباح
لأّنا التقينا ، ولدنا الشروق وأهدى لنا كل نجم وشاح
فماج بنا منزل من شذا ومن أغنيات الصّبا والمداح

نــجــم
18-04-2011, 08:34 PM
لفتة ! يا نجوم إني أنادي: من رآني ، أو من تجلّى المنادى؟
إنني يا نجوم كل مساء ها هنا ، أبلع الشفار الحدادا
وبلا موعد ، أمدّ بنانا من حنين ، لكل طيف تهادى
لكنوز ، من شعوذات التمني تتبدّى ثنى ، وتخفى فرادى
أزرع السّقف والزوايا فتوحا فتسوق الكوى إليها الجرادا
وأنادي والريح تمضي وتأتي كالمناشير ، جيئة وارتدادا
وتقص الذي حكته مرارا للروابي ، ولقنّته الوهادا
أتعيد الذي اعادت وتروّي من سعال البيوت فصلا معادا
من أنادي يا ريح ؟ : من لست أدري هل سيدنو ، أم يستزيد ابتعادا
من يراني ؟ اني هنا يا عشايا أنفخ السقف ، أو أدراي الرقادا
ورؤى ، تستفزني وتولّى ورؤى تزرع المساء سهادا
وهوى يعزف احتراقي ويشدو فاعيد الصدى ، وأحسو الرمادا

نــجــم
18-04-2011, 08:34 PM
حيث الغبار الأهوج على الرياح ينشج
وحيث تشمخ الدمى ويستطيل العوسج
هناك ، حيث يدّعى على القشور البهرج
جزيرة ، تطفو على صحو الربى ، وتدلج
مطلة ، كأنها نعش أشمّ أبلج
تمضي به ، حنية جرحى ، وتلّ أعرج
سمراء ، حلمها على أيدي الرياح ، خودج
ومرود ، من الهوى ومرتع ، مضرج
نجثو كذاهل إلى ما لا يرى يحدج
كجائع يشتم من حوليه لحما ينضج
تسهوى ، وظل نفسها يخفيها ، ويزعج
فتحبل الرّؤى على أهدابها، وتخدج
على الفراغ ، تنطفي وللفراغ تسرج
على اصفرار وجهها تعملق التشنج
فبعضها ، لبعضها توحش ، مهيج
يومي إلى ركامها ركامها المدجّج
فترجع (البسوس) في أحشائها تهملج
ويعصر التحامها دماءها ، ويمزج
وتنثني يهزها تبجح ، محشرج
تقص عن جدودها كم أخمدوا ، وأججوا
وأبدعوا ، مقابرا وأسقطوا ، وتوّجوا
وأتخموا سوق الرّدى وأكسدوا ، وروّجوا
وأين صال ((جرهم)) وأين جال ((جزرج))
فيشرئب ((هاشم)) من رملها ((ومذحج))
فتغزل الحياة من ثلج البلى ، وتنسج
سل الرياح : هل لها خلف الرؤى ، توهج
هل يستفز وجهها إلى الضحى ، التبرج
هناك ذرّ برعم فأوما التأرج
إلى تثير موعدا ، على عينيه ، طيف ادعج
هناك : نبض مولد فافصح التلجلج
وكرمة ، عيونها أحلام انثى ، تزوج
ومنحنى ، يخضر في حروفه ، التهدج
وواحة ، حلبى تعي : متى ؟ وكيف تنتج ؟
فتبتدي جزيرة أخرى أجدّ أبهج
لها طفولة ، على ركض البزوغ ، تدرج
على امتداد حضنها تندى الحصى ، وتهزج
وينتشي ((عرارها)) ويفرح البنفسج
فللكوى ، تلفت وللربى تموج

نــجــم
18-04-2011, 08:34 PM
مولاتي ، يا أحلى الأحلى عندي لك ، أخبار عجلى
قالوا عن ؟((حورية)) أمتلئت فتنا ، أغلى ما في الأغلى
نهداها : كبر شموخهما خدّاها ، نظرتها ، النجلا
أنّى خطرت ، لبست حقلا من غزل ، وانتعلت حقلا !
فهنا وهناك ، لمشيتها تأريخ ، يستهوي النحلا
أملاه يوما منطعف والريح ، اعادت ما أملى
((وثريا)) اجنت ، وحواها عشّ ، فاخضوضر واخضلا
وحكى عن ((مريم)جيرتها ميعادا ، ولقاء نذلا
حتى عرّاها إخوتها من اكفان الحسب الأعلى
وانحلت عن ((يحى)) قمر واستهوت مطلاقا كهلا
***

لكن ، أأقصّ لغاليتي من آخر أخباري فصلا
إني وحدي ، والبرد على أنقاضي ، يسقط كالقتلى
أجتر الطين ، وأعزفه وأغنّي ، للريح الشكلى
***

بالأمس ، شدا المذياع ، هنا فشممتك ، اغنية جذلى
وكزهر الرمّان اختلجت شفتاك ، وخفّتك الخجلى
وتناغى الطيب ، كعزّاف ولدت قيثارته الحبلى
وكأن لقاء يحضننا أرجو ، فتجيدين البذلا
***

واليوم ، تقمّصني قلق مجنون، لم يعرف منهلا
فتقاذفني التّجوال كما تستاق العاصفة الرملا
فعبرت زقاقا مأهولا وزقاقا ، هرما منحلا
وترابا ينسج أقنعة لوجوه لم تحمل شكلا
وطريقا سمحا أسلمني لمضيق يلتحف الوحلا
وإلى سوق في آخره منعطف ينشدني أهلا
وسـألت هنالك ((فلفلة)) عن دارك فادّعت الجهلا
أولا تدرين ، تلقاني عبق ، من شرفتك انهلا
وهناك جثوت ، أعبّ صدى حيّا ، واعيد صدى ولى
وإخال الممشى يسترخي ويلحن خطرتك الكسلى
فأصيخ ، إلى ما لا أدري وأضم ، الهرة والطفلا
ورآني الباب ، فمد على كتفيّ ، الخضرة والظّلاّ
وحكى لي ، كيف تلاقنا في تلك الأمسية الكحلى
ومتى تأتين ؟ أيخبرني ؟ وتلعثم ، بالخبر الأجلى
***

والآن ، رجعت ، كما تسري في الغاب ، القافلة العزلا
هذا ما جدّ ، ولا أدري ماذا سيجدّ ، وما يبلى

نــجــم
18-04-2011, 08:34 PM
من تمنحين ، الضحكة الواعده والهزة المعطاءه ، الناشده
سدى ، تمدين اليه اللظى لن تستحرّ الكومة الخامده
قد أصبح الجوعان ، يا روحه شبعان ، تزدان له المائده
الجمرات ، الخضر ، في لمسه تثلجت ، واحدة ، واحده
تساءلي : أين اختفى وجهه ؟ كيف انطقت أعرافه الواقده ؟
وفتّشي عينيه ، هل فيهما حتى رماد الجذوة البائده
من ذا تثيرين ، كما تقتفي صبيّة ، عصفورة شارده
يداه ، في مجناك ، لكنه ريّان ، يحسو ، قهوة بارده
وكان لا يصحو ، ولا يرتوي من دفء هذي الثروة الحاشده
عودي إلى ، الأمس يريه ، كما كان اجتداء أو منى ساهده
أو حاولي أن تصبحي ، لعبة أخرى ، ومدّي نظرة كائده
فالحلوة الأولى على نضجها وخصبها ، كالسلعة الكاسده
فكيف ، والأخرى غدا عنده أولى ، فيا للخدعة الخالده !
ماذا تقولين ، أكل الذي يبني ، وتبنين ، بلا قاعده

نــجــم
18-04-2011, 08:34 PM
من ذا يناديني ؟ احسّ نداء يعتادني ، فيحيلني اصداء
خلفي ، وقداّامي ، يزنبق دفئه وينرجس اللفتات والإغراء
فأشدّ أنفاسي وأعراقي إلى فمه ، وأغزل من شذاه رداء
من ذا ؟ ويلثمه التساؤل والمنى يحفرن عنه الحيرة الشقراء
والباب يلثغ ، باللقاء وينطوي في صمته ، يتحرّق استجداء
والسهد يلهث ، في الرفوف ، ويحتسي أنفاسه ، ويجرجر الأعياء
فأقول للجدران : من ظ وتقول لي : من ؟ والكزى تتساجل الأيماء
وتمد اذرعها اليه ، وتنحني تصغي ، وتجمع ظلّها ، أشلاء
والليلة الكحلى ، تصيخ إلى الصدى فتحيلها معزوفة سمراء
وتميس ، من خلف الثقوب ، كناهد خجلى ، تريد وتحذر الإفشاء
من ذا يناديني ؟ ويدنو من يدي حتى أهمّ بلمسه ، يتناءى
كيف استسرّ ؟ وأستحيل ترقبا شرها ، يداري السّهد والإغفاء
حتى يعود .. أكاد أهتف باسمه ويريبني ، فأضيّع الأسماء
من أين يدعوني ؟ وأنبش لهفتي عن نبعه ، وأفتش الأصغاء
وأمدّ أسئلة ، يمنّي بعضها بعضا ، ويضحك بعضها استهزاء
من أين باح ؟ أمن هناك ؟ ربما : أم أنّه من ها هنا ، يتراءى
من حيث لا أدري ، وأدري انه يعتادني ، فيحيلني اصداء

نــجــم
18-04-2011, 08:35 PM
تدلّى كمزرعة من شرر معلقة ، بذيول القمر
وحسام ، كغاب من الياسمين ، تندّى على ظلّه واستعر
فمالت تودّعه ، ربوة وتهتز ، كاللهب المحتضر
كحسناء عرّى العتاب الخجول ، هواها وبالبسمات استتر
تعابثه ، وتباكى الطيور وتستعبر الرابيات الأخر
ومدّت له القرية الهينمات كلغو الرؤى كاصطخاب (التّتر)
وأعلت له ، جوفة من دخان ومعزوفة ، من خوار البقر
فرفّ ، كأجنحة ، من نضّار كأردية ، من دموع النهر
وعرّاء ، صحو المدى ، فارتدى لهيب ذوائبه ، واتّزر
***

تهادي ، يجمع من كلّ أفق صدى عمره ، ولهاث البشر
ويحبو كموج يمد … يديه إلى شاطىء من مزاح القدر
وأرسى على كتفيّ شاهق كأرجوحة ، من ذهول الفكر
يلملم من جمرتي مقلتيه حبالا ، يخيط شراع السّفر
ويجبل آثار أقدامه أباريق حب ، ونجوى سهر
واغضى ، فمنادى الرواح الرعاة ، فعادوا اثنى ، وتوالو ا زمر
وناشت خطاهم هدوء التراب ورعش الكلا ، وسكون الحجر
ونقّر خطو القطيع الحصى كما ينقر السقف وقع المطر
وشدّ الرعاة ، إلى الراعيات شباب المنى ، وملاهي الصغر
وكانت (غزال) غناء الرعاة وصيف الربى ، وشذا المنحدر
مآرزها ، من رنوّ الحقول إليها ، ومن قبلات النّهر
وقامتها ، من عمود الصبّاح ذوائبها ، من خيوط السّحر
***

وكانت تماشي (مثنّى صلاح) وتقرأ في وجه (تقوى) الأثر
ولمّا دنا الحيّ ضجّت (سعاد) أضاع (حسين) الخروف الأغر
فمن من رآه ؟ تعالوا نعد مواشينا ، قبل تيه النظر
ولما أتمّوا ، حكت (وردة) و(فرحان) عن كل واد خبر
فأخبر : أين ذوى مرتع ؟ وأين زكا مرتع وازدهر؟
وفي أي شعب ، تمدّ الذئاب حلاقمها ، من وراء الحذر
***

ومرّوا كحقل ، تلم الريّاح وريقاته ، وتميل الثّمر
كقيثار هاو ، دؤوب ، يلحّ على وتر ، ويدمّي وتر
وأدمى الوداع ، نداء العيون ولوّن ظلّ الغروب الخفر
***

وحيّا فم القرية العائدين ونادى ممرّ ، ولبّى ممر
وأخفى (عليا) مضيق طويل ووراى (ثقى) شارع مختصر
ودارت ثوان ، فران السكون ينوع ، بالذكريات السّمر
ففي مسمر ، ذكريات (مريم) أباها ، وناحت كيوم انتحر
وفيمسمر بث ( سعد) أباه شجون الزواج ، وأغضى البصر
وثرثر في كل بيت حديث وأحزن كلّ حديث وسر
(فأم ثريا) تفوق الرجال وتوجى أمرّ … وأحلى الذكر
فكيف تجلّت مساء الزفاف وفي الصبح ، مات أبوها الأبر
(وأم علي) تربّي الدّجاج تكدح خلف ارتعاش الكبر
ترقع أسمال أطفالها وتحسو عروق يديها … الإبر
(وحسّان) خان غرور البنات به ، وانتقى : أمّ إحدى عشر
وباع (رجا) اخته في ((الرياض)) بألفين ، للتاجر المعتبر
ومات (ابن سرحان) يوما وعاد يخبر جيرانه ، عن سقر
وأصغى السكون ، إلى كل بيت كحيران ، ينوى وينسى الوطر
وأغفى رفاق الهوى والقطيع على موعد الملتقى ، المنتظر
وليلتهم ذكريات وحلم … كلمع الندى ، في اخضرار الشجر
طيوف ، كما حثّ سرب الحمام قوادمه ، خلف سرب عبر
وكلّت رياح ،وجنّت رياح ونجم تأنّى ، ونجم طفر
وفتّش عن قدميه الدّجى ودبّ ، كأعمى يجوس الحفر
فأذكى هنا جمرات السهاد وأعطى هناك الرؤى والخدر
وأفنى هزيعا وأدهى هزيعا فعاد الأصيل المولّي سحر

نــجــم
18-04-2011, 08:35 PM
شكرا ، دخلت بلا إثاره وبلا طفور ،، أو غراره
لما أغرت خنقت في رجليك ضوضاء الإغاره
لم تسلب الطين السكون ، ولم ترع نوم الحجاره
كالطيف ، جئت بلا خطى وبلا صدى ، وبلا إشاره
أرأيت هذا البيت قزما، لا يكلفك المهاره ؟
فأتيته ، ترجو الغنائم ، وهو أعرى من مغاره
***

ماذا وجدت سوى الفراغ هرّة تثتم فاره
ولهاث صعلوك الحروف يصوغ ، من دمه العباره
يطفي التوقد باللظى ينسى المرارة ، بالمراره
لم يبق في كوب الأسى شيئا حساه إلى القراره
***

ماذا ؟ أتلقى عند صعلوك البيوت ، غنى الإماره
يا لصّ ، عفوا إن رجعت بدون ريح ، أو خساره
لم تلق إلا خيبة ونسيت صندوق السجاره
شكرا ، أتنوى ان تشرفنا ، بتكرار الزياره! ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:35 PM
لديه ، من أحلى الحكايا شكول تثير فيها عنفوان الفضول
يخبرها .. يسألها .. ينتقي .. من قصة الأشواق أشهى الفصول
وكيف ظ ينسل اليها إذا تثاءب الباب ، وأرمى الدخول
وغاب في التفكير ، واعتاده ظلّ دخاني ، كوجه العذول
ماذا ؟ إذا لاحت له فجأة وأنكرته ، واحتمت بالأقول
لا ، لم يغب عن بالها ،إنه كان لها جارا عطوفا وصول
لكن أتدري أن أشواقه كما تكب العاصفات السيول ؟
ألا ترى ، أن اختلاجاته أمامها شهق الحريق الأكول؟
وكان يخشى بين جيرانها جارا ترابيّ الأماني ختول
يحمحم الشيطان في صدره وبين فكيّه يصلّي بتول
واستنطق الباب ومدّ المنى وهو احتراق وانتظار سئول
واستنزلتها قبضتا وهمه فضمّها ، قبل احتمال النزول
***

من ذا ؟.. وإذ لاحت رماه الى شموخ نديها ، الخيال العجول
وأقبلت في موكب من شذى ملحن الخطو طروب الذبول
مفاصل الممشى على هطوها عادت صنوجا ، واستحالت طبول
ومقلتاها ، تغزلان الرؤى حمائما زرقا ، وصحوا كسول
كيف يناجها : ألا تنطوي أحرفه ، تحت اصفرار الذبول؟
فينحني خجلان ، لكنّها حسناء يرضيها اللهف الخجول
ماذا يلاقي ؟ شعلة بضّة من الصبا ، والكبرياء الملول!
دفئا ، واشراقا ، كما يرتمي فجر الرّبى ، فوق اخضرار السهول
يحبو على أهدابها ، موعد طفل ، ويسترخي عليه الخمول
في أي زاه من تهاويلها ؟ يرسو ، وفي أي اخضرار يجول ؟
يذهله عن بعضها بعضها فما الذي يغوي ظ وماذا يهول ؟
***

وعاد يحكيها لناي الهوى ويسأل الأشباح ماذا يقول؟
هل يخبر الأشواق عنها كما يخبر عن (جنات ) عدن رسول
وجهه ، أسئله حوّم ظوامىء ، يمتصهنّ النحول
يخقن كالأوراق ، يسألن عن روائح الأنثى ، رياح القبول
***

وكان يطوى شارعا جوّه غاب ، كثيف ، من زنود (المغول)
كالنعش ، يستلقي عليه الدّجى وتعجن السحب عليه الوحول
وساءل الدرب الثقات الحصى من ذلك الآتي ؟ كطيف الطّلول !
يمدّ رؤياه الى لا مدىّ ويذرع الأوهام عرضا وطول
عهدته مرّ عشاء وفي عينيه ، من أطياف (قيس ) فلول
وزار دارا بين جدرانها صيف ، نبيذيّ الجنى والحقول
مضى إليها ذاهلا وانثنى عن بابها ، وهو ذهول الذهول

نــجــم
18-04-2011, 08:35 PM
كان يا (عمرو) هنا بيت المرّح زنبقيّ الوعد ، صيفي المنح
الطيوف الحمر ، والخضر على مقلتيه ، كنعاقيد البلح
أشمست فيه الليالى .. والمدى يثريات دواليه اتّثح
كان مضيافا ، إذا ما جئته شعّ كالفجر ، وكالورد نفح
فانمحى : يا للتلاقي بعدما نزح الروّاد عنه ونزح!
***

يا ترى ، من أين نمشي ؟ ها هنا قام حي ، وهنا أرسى مصع
وعهدنا منزلا قزما هنا من ترى عملقة ، حتى طمح ؟
واستراحت ها هنا مقبرة قرب العمران منها فاكتسح
ووراء السور ، أرسى مصنع وهناك ، امتد سوق وانفسح
أين نحن الآن ؟ وارى عهدنا وجههه ، وانطفأت فيه الملّح
أنكر (النهرين) وجهينا من قبله ، أنكرنا (باب السّبح)
من يقوّينا ، وكنا زمنا كبغال (الروم) أوخيل (جمع)
***

ها هنا نجلس ، يا (عمرو) ترى ما اقتنى التأريخ منا واطّرح ؟
خط آثار خطانا ، زمن بيديه وبرجليه ، مسح
فانحنى (عمرو) وقال : اذكر لنا يا (علي) الأمس واترك ما اجترح
أمسنا ، كان كريما معدما وزمان اليوم ، أغنى وأشح
كيف كنّا ننطوي ، خلف اللّحى ونواري من هوانا ، ما افتضح
يوم أعلنت (روضة) برقعها واستجدنا ما اختفى مما اتضح
أطمتنا .. وألحّت في النوى عن يدينا ، وتشهّينا ألح
فترددنا على جار لها نشتري التبغ ، ونطري ما امتدح
وأطلّت ذات صبح مثلما يرتدي صحو الربى (قوس قزح)
فارتعشنا ، وانجلت دهشتنا ثم أومأنا اليها ، بالسّبح
فاقتفتنا ، وتركمنا للهوى كل أمر ، وأطعنا ما اقترح
ومضى عامان ، لا ندري متى جدّ حادي العمر ، أو أين مزح؟
كيف كنا ، قبل عشرين نعي همسة الطيّف ، وإيماء الشبح
ونغني كالسكارى ، قبل ان يعد العنقود اشواق القدح
ثم اصبحنا نشازا ، صوتنا في ضجيج اليوم ،كالهمس الأبح
كلّ شيء صار ذا وجهين ، لا شيء يدري ، أين وجهه أصح ؟
***

يا (علّي) : انظر ، ألاح المنتهى لا انتهى المسعى ، ولا الساعي نجح !
لم تعد نهنأ ، ولا نأسى ، ذوت خضرة الانس ، خبت نار الترح
أو خبا الحسّ الذي كنّا به نطعم الحزن ، ونشتمّ المرح
لم يعد شيء كما نألفه فعلام الحزن أو فيا الفرح؟!
*

دخلت (صنعاء) بابا ثانيا ليتها تدري ، إلى اين أفتتح

نــجــم
18-04-2011, 08:36 PM
يريد ، ويمضي ، الى لا مراد يخوض إلى الوعد ، موج الرماد
ويرمي سفينته للحريق ةتنشد أهدابه : لا ارتداد
فيقذفه سفر حالم إلى سفر ، من رؤى (شهرزاد)
وتجترّه من غيوم الصّديد بلاد من الطيب ، في لا بلاد
يتم عليها اختلاج البروق فتمتد عيناه ، في .. لا امتداد
فتبصقه الريح ، من كل فج وتمضغ في مقلتيه .. العتاد
وتسأله : هل يعود الى مصيف رباه ، ودفىء الوهاد ؟
فيسألها : هل له منزل على شرفتيه ، انتظار المعاد
فتخبره : أن دنياه ريح ودرّامة ، من طيوف السهاد
ضجيج فراغ ، يلوك صداه ويوهم شدقيه ، بالازدراد
ووديانه ، في ضياع الضيّاع وموعده ، رحلة (السّندباد)
يغازل خلف امتداد الخيال مدى للفنون ، عليه احتشاد
سواعده ، سلّم للشموس وأهدابه للثريّا وساد
ذوائبه ، لجج من رحيق وأحضانه الخضر ، صيف جواد
لوافته ، من أغاني الطيوب وأبوابه ، أذرع ، من وداد
حنون الممرّات ، جدرانه نجوم كسالى ، تدير الرّقاد

نــجــم
18-04-2011, 08:36 PM
كيف اشرأب (ظفار) وانتخى (صبر) يوم التقى الشعب ، والآمال ، والقدر
وكيف عاد (لصنعاء) العجوز ، صبا أطرى ، وأشمس ، في ارجائها السمر
وكيف يا (نقم) المولود ، كيف همت؟ أصداؤه الخضر ، حتى أورق الحجر
وكيف أنكرت يا (صرواح) كل صدى حتى تورّد في أهدابك الخبر
وكان يوم نشور الشعب منتظرا وافى ، كما انهلّ في ميعاده المطر
أطلّ ، فاحتضنته كلّ رابية وبشّر الوادي الممتد ،منحدر
وسار ، والفجر في كفيّه ألوية ومن جراح الضحايا ، خلفه ، سحر
فهنّأت جارة أخرى ، وهنأها جار ، وزغردت الشرفات والجدار
وها هنا غمغم التأريخ : أين أنا ؟ من قائد الزحف ، سيف الله أو عمر ؟
ماذا هنا اليوم ، يا دنيا ؟ هنا يمن طفل ، على شفتيه يبسم الظفر
هذا النشور ، أو الميلاد ، مدّ فما الى الأعالي ، فدلّى نهده القمر
مضى ، وكلّ طريق تحت موكبه شدو ، وكل حصاه حوله ، وتر
***

وذات يوم ، ربيعي الضحى ، نبحت (صنوان) عاصفة تعوي وتنفجر
من ذا أهاج رماد الأمس ، فاشتعلت في أعين الريح ، من ذرّاته ، شرر
أهذه الحرب ، يا تأريخ ، كيف ترى من خلف (جنات عدن) أومأت (سقر)
ومرّ عام ، جحيمي ، روائحه دم ، بحشرجة البترول ، متّزر
ودب ثان ، خريفي المدى ، قلق يفني ، ويفنى ، ويحيا ، وهو ينتحر
وطال كالسّهد ، حتى انهدّ في دمه تثأبت من بقايا وجهه ، الحفر
وغاب خلف الشظايا ، فابتدت سنة تعبّىء النار ، ثدييها وتعتصر
فأجهد الموت شدقيه وقبضته فى تجلمد في أنيابه الضّجر
وقال كل نهار : لن تنال بد من ثورة ، مات في ميلادها ، الخطر

نــجــم
18-04-2011, 08:36 PM
كانت قناديل المدينة كالشرايين ، النوازف
والجو يلهث ، كالداخن فوق أكتاف العواصف
وهناك مذعور ، بلا حان على الأشواك عاكف
كالطائر المجروح ، في عش ، بأيدي الريح واجف
السّقف ينذره ، ويصمت أو يوسوس ، كالزّواحف
والظلّ ، يلمحه ، وفي .. عينيه ، تحترق الهواتف
والباب ، يلغظ ، بالوعيد وينتفي ، أعمق الرّواجف
ماذا هناك ؟ وراعه شيء ، كلعلعة القذائف !
فأحسّ أفواج (التتار) طوائفا ، تتلو طوائف
ورأى النوافذ أعينا كالجمر ، مطفأة العواطف
أين المفرّ ؟ وهمّ ، واستأنى وأحجم ، نصف تالف
فيفرّ ، وهو مسمّر والبيت ، يهرب وهو واقف
ومضت نجوم مطفأت وانثنت ، أخرى كواسف
فروت اليه الريح ، خفقة معزف ونحيب عازف
وعلى اختناق لهائه ضحّى ، بصوت غير آسف
وهنا ، تحدّى الرعب ، أو داراه ، أو ألف المخاوف
فهمى على عينيه إغفاء ، كأسحار المصائف
وتبنّت الأحلام ، هجمته ، وبدّلت المواقف
فانهار قطّاع الطريق ، وأسكت الجوّ ، العواصف
ورأى فراديسا تدلّله ، تمدّ له ، المقاطف
وبرغمه ، عصف التيقظ ، بالعلالات الخواطف
فأفاق ، ربع مخدّر ثلثي صريع ، نصف خائف

نــجــم
18-04-2011, 08:37 PM
هل هذا طفلك ؟ واقتربت كالطفل ، تناغي ، وتنادي :
طفلي ، هل أعجب سيدتي ؟ حلو ، كهديا الأعياد
وكأوّل إحساس الأنثى برنوّ المعجب والصّادي
ما اسم المحروس ؟ : اجب يا إبني : (نعمان) كجد الأجداد

أهلا (نعمان ) فيستحيي ويرفرف، كالورد النادي
فتحاكي لثغته الخجلى وتغم كالنبع الشادي
ما أروعه ؟ يا عم وما أسخى عينيه ، بإسعادي
أولادي الأربعة ، اختلطوا فيه ، ما أحلى أولادي
عيناه ، كعيني (عائشة) خدّاه ، كخدّي (عبّاد)
فمه ، يفتر ، كثغر (لمى) زنداه ، كزنده (حمّاد)
***

شكل حلو ، ما أجمله كالطيف ، كأطيار الوادي
كالحب كدغدغة الذكرى كالحلم ، كهمس الميعاد
أشتمّ حليبي .. في فمه قبلاتي أنفاس بلادي
وتمدّ إلّي ملامحه فرحي ، وعذاب الميلاد
زهوي بالحمل ، كجاراتي صرخات المهد ، وإجهادي
وتعيد إلّي طفولته صغري ، وطفولة أندادي
فكأني ولداتي نشدو أو نركض ، كالسّيل العادي
***

(نعمان ) أعاد صبا عمري يا عمّ ، وايقظ ، إيقادي
كهوى ، كلّت أنشودته وتلظّى ، رجع الإنشاد
خلفي ، يا عم ، نداءات وأمامي ، سحر الأبعاد
أمضي ، وأعود ، وأطفالي أسفاري ، أشواق معادي
لا تأسي ، يا بنتي ، إني سافرت العمر ، بلا زاد
خضت الخمسين ، بلا ولد يرجى ، وبلا أمل حادي
وأتى الأولاد ، بلا رزق وبلا طرق ، وبلا هادي
فصبرنا صبر الدّرب على أقدام الرائح ، والغادي
واستنجدنا المولى حتى لبّانا ، أسخى انجاد
***

أتحبين ابني ؟ : كلّ ابن في الأرض ، وكلّ الأحفاد
***

عفوا ، يا عم ، أنا أم أولاد ، الغير كأولادي

نــجــم
18-04-2011, 08:37 PM
يا قاتل العمران .. أخجلت المعاول .. والمكينة
ألأنّ فمك النفوذ وفي يديك دم الخزينة ؟
جرّحت مجتمع الأسى وخنقت في فمه .. أنينه
وأحلت مزدحم الحياة خرائبا ، ثكلى ، طعينه
ومضيت من هدم الى هدم ، كعاصفة هجينه
وتنهّد الأنقاض في كفيك ، أوراق ثمينه
وبشاعّة التّجميل في شفتيك ، كأس أو دخينه
سل ألف بيت عطّلت كفّاك مهنتها الضّنينه
كانت لأهليها متاجر مثلهم ، صغرى ، أمينه
كانوا أحقّ بها ، كما كانت يمثلهم ، قمينه
فطحنتها .. ونقيتهم من الضّحايا المستكينه ؟
أخرجتهم كاللاجئين بلا معين ، أو معينه
وكنستهم تحت النّهار كطينة ، تجترّ طينه
فمشوا بلا هدف ، بلا زاد ، سوى الذكرى المهينه
يستصرخون الله والإنسان والشمس الحزينه
وعيون أم النور خجلى والضحى يدمي جبينه
والريح تنسج من عصير الوحل قصتك المشينه
من أنت ؟ : شيء ، عن بني الانسان مقطوع القرينه !

ذئب على الحمل الهزيل تروعك الشّاة السّمينه
عيناك ، مذبحة مصوّبة ، ومقبرة كمينه
ويداك ، زوبعتان ، تنبح في لهاثهما الضغينه

يا وار لما عن ((فأر مأرب)) خطّة الهدم اللّعينه

حتى المساجد ، رعت فيها الطّهر ، أقلقت السّكينه

يا سارق اللّقمات من أفواه أطفال المدينه
يا ناهب الغفوات ، من أجفان ((صنعاء)) السّجينه
من ذا يكفّ يديك ، عن عصر الجراحات الثخينه

من ذا يلبّي ، لو دعت هذي المناحات الدّفينه

من ذا يلقّن طفرة الإعصار ، أخلاقا رزينه

نأت الشواطىء ، يا رياح فأين من ينجي السّفينه ؟!

نــجــم
18-04-2011, 08:37 PM
أفقنا على فجر يوم صبي فيا ضحوات المنى إطربي
***

أتدرين ، يا شمس ماذا جرى ؟ سلبنا الدجى فجرنا المختبي !
وكان النعاس على مقلتيك يوسوس ، كالطائر الأزغب
أتدرين ، ؟أنا سبقنا الربيع نبشّر بالموسم الطيب ؟
وماذا ؟ : سؤال على حاجيك تزنبق في همسك المذهب !
وسرنا حشودا تطير الدروب بأفواج ميلادنا الأنجب
وشعبا يدوّي ك هي المعجزات مهودي ، وسيف ((المثنّى)) أبي
غربت زمانا غروب النهار وعدت ، يقود الضحى موكبي
***

أضأنا المدى ، قبل أن تستشف رؤى الفجر ، أخيلة الكوكب
فولّى زمان ، كعرض البغي وأشرق عهد ، كقلب النبّي
طلعنا ندلّي الضحى ذات يوم ونهتف : يا شمس لا تغربي

نــجــم
18-04-2011, 08:37 PM
ربمّا لا تطيق مثلي قرار فلنسافر .. تساؤلا وادّكارا
يا صديقي الحنين .. من أين تدري ؟ كيف عاد الضحى ؟ وأين توارى؟
أتراه نهار أمس .. المولّي عاد أشهى صبا ، واسخى انهمارا
هل رماد الضحى ، يحول رداء للعشايا ، لكي يعود نهارا
العشايا صبح كفيف يدلّي شوقه من رماد عينيه نارا
يسحب الظل ، والطيوف الحزانى ويعاني شوق الطيور الأسارى
ثم يأتي .. كما مضى .. في ذهول شفقي ، يدمى ، ويندى افترار
يا صديقي .. وهل يعي كيف أغفى جمر أجفانه وكيف أنارا
وهل الشمس طفلة ، أو عجوز تستعير الصبا ، وتغوي المدارا
أتراها عصرية ، أم تراها متحفا دايرا ، يوشّي الجدارا
ما الذي تدّعى ؟ لها كلّ يوم مولد ، كيف ((يا فقيه بخارا)) ؟
أو ما أزوجت (وروما) جنين و(أبو الهول) في حنايا الصحارى
أو ما أدفأت (ثبيرا) ولّما بلد الغيب (يعربا) أو (نزارا) ؟
فليكن .. إنما الاصالات أبقى جدّة ، والنّضار يبقى نضارا
يا صديقي .. فكيف يدعون هذا مستعادا ، وذاك يدعى ابتكارا
ربّما لم يجدّ شيء ، ولكن نحن نرنو ، بناظرات السكارى !
والرّبيع ، الذي نرى اليوم ، هل كان الربيع ، الذي رأينا مرارا ؟

وسنلقاه ، بعد (كانون) أملى بالرؤى من عيون أحلى العذارى
والمصيف الذي نراه كبارا كان ذاك الذي شهدنا صغارا
ولماذا صمتّ ، ترنو يمينا في شرود ، وتستدير يسارا
كيف نغضي ، وللسؤالات ركض تحت أهدابنا ، يخوض الغمارا ؟
هل تحسّ الحقول ما سر (نيسان) ؟ ومن أين عاد يهمي اخضرارا؟
كيف أصغت إليه ؟ هل ضج يا أشواك موتي … وبارك (الجلنّارا)
أيّ فصل من الفصول التوالي أسكت (اليوم) واستعاد (الهزارا) ؟
أين يمضي الزمان ((هل سوف يطوي سفره ، أو يعي ، فيشكو العثارا ؟
ربمّا … إنما … لماذا ننادي ؟ ويضيع الصّدى ، فنرجو القفارا
أتظن الرياح ، تدري إلى أين ؟ ومن أين ، تستهل المسارا ؟
أتراها ، تعطي الرّبى جانحيها ذات يوم ، وتستعير الوقارا ؟
***

يا صديقي … أنا وأنت إشتهاء نحتسي الملح ، أو نلوك الشفارا
طال فينا جوع السؤال ، فأطعمناه (كانون) واعتصرنا الغبارا

واجتدانا ولائما عاجلات فطحنا على النجوم الحيارى
كل ما عندنا نداء بلا ردّ سؤال ، يتلو سؤالا ، مثارا
من دعانا ؟ ومن ننادي ؟ أصخنا وانتظرنا ، حتى حرقنا انتظارا ؟
فلننم .. والنعاس يروي حكايانا ، ويرخي قبل الشروع الستارا

نــجــم
18-04-2011, 08:38 PM
هذه الأمسية الكسلى الغربية مرح خاب ولذّات كثيبه
السقوف الخرس أبد لا ترى ووراء الباب أنفاس مريبه
والزوايا أذرع مجهولة والكوى عينا رقيب أو رقيبه
ربما أخطأت لكن قلق يعتريني واحتمالات قريبه
اللقاء الحلو مرّ ها هنا وتناجى الحب دقّات رتيبه
هذه الساعات أنس خائف ومنىّ خمرية جذلى رهيبه
أين طعم الخمر والحب هنا ولدي الكأس ملأى والحبيبه
***

يا حنان الحلوة الفنجا إلى اين تمضي بي لياليك العجيبه
ها هنا يا شهرزاد انطفأت نار جدبي وابتدت نار خصيبه
***

انما من انت قولي اما خلف برق الأنس امطار المصيبه
بالهوى من أنت يا مجهولة دون أن ادعوها كانت مجيبه
فلتكوني من تريدين لقد كنت مصدورا فأصبحت الطبيبه

نــجــم
18-04-2011, 08:38 PM
سوف أبكي ولن يغير دمعي أي شيء من وضع غيري ووضعي
هل هنا أو هناك غير جذوع غير طين يضجّ ، يعدو وبقعي
لو عبرت الطريق عربان أبكي وأنادي ، من ذا يعي ، او يرعّي ؟
يا فتى ! يا رجال ! يا يا ، وانسى في دويّ الفراغ صوتي وسمعي
ربما قال كاهن ، ما دهاني ؟ ومضى يستفيذ من شر صنعي
ربما استفسرت عجوز صبيا ما شجاني ، وأين أمي وربعي
أو رمى عابر إلّي التفاتا واختفى في لحاق بجمع
***

انما لو لمست جيب غني في قوي قبضتيه قوتي ، ومنعي
لتلاقى الزحام حولي يدويّ مجرم ، واحتفى بركلي وصفعي
ولصاح القضاه ما اسمي وعمري ؟ من ورائي ؟ ما أصل أصلي وفرعي ؟
ما الذي يا فلان يا بن فلان ؟ ولهو ساعة يخفضي ورفعي
وهذا المدّعي بقتلي لأني خنت ، حاولت مكسبأ غير شرعي
وزرعت اللصوص في كل درب وعلّي ابتلاع أشواك زرعي
فيقص القضاه أخطار أمسي وغدي وانحراف وجهي وطبعي
عندهم من سوابقي نصف سفر وفصول أشدّ ، عن خبث نبعي
وسأدعى تقدميا خطيرا أو أسمى تآمريا ، ورجعي
وهنا سوف يحكمون بسجني الف شهر ، أو يستجيدون قطعي
وسأبكي ولن يغير دمعي أي شيء من وضع غيري ووضعي

نــجــم
18-04-2011, 08:39 PM
أيقول الي ربما ملخته من دعوى الشهامه
لو يجتديها هل تجود ولو أبت يا للنّدامه
كانت مطلقّة فهل تأبى الذلول المستهامه
لكن لماذا يشتهيها كم يلح بلا سآمه

أو ما تلوح كأختها أو أنها أجلى قسامه
وأبضّ افنانا وأعرض مئزرا وامدّ قامه

في عنقوان السبع العشرين أمرح من غلامه

لو لم تكن أخت التي في داره لرمى احتشامه
ايطيق لو سخرت به حمل القطيعة والملامه
او لو حكته لأختها لاستعجلت يوم القيامه
لكن رفيف ثمارها يدعوه ينتظر اقتحامه
***

اترده لن تستحيل ليؤة هذي الحمامه
أو لم تعده دلائل منها ملونة الوسامه
***

ضحكت له يوم الخميس وضحكة الأنثى علامه
واحسها لمحت هواه يعين زرقاء اليمامه
أيام وعكة اختها جاءت وطولت الإقامه
وبدت أرق من الندى وتكلفت كذب الصرامه
وغداة زار شقيقها كانت ارق من المدامه
حيته حين أتى وقالت حين عاد مع السلامه
سلم على تقوى وزادت دفء نبرتها رخامه
فنوى تصيدها غدا او بعد ولتقم القيامه
واختار حلّته ونمّق فوق جبهته العمامه
وأتى يغني ((يا عروس الروض )) أو يا ريم رامه

أو يشرئب كظامىء بيديه يعتصر الغمامه
حتى دنى من دارها حيّته آيات الفخامه
من هنا ؟ خرجوا أتدري عاد خالي من تهامه
كيف العيال ؟ وأين أختي ؟ عند عمتها كرامه

ودعته ضحكتها فهم وعاده خور ((النعامه))
ودنت كأجنى كرمة تلهو بنهديها أمامه
واراد فاستحيا على شفتيه مشروع ابتسامه

نــجــم
18-04-2011, 08:39 PM
ذات يوم ستذكرين ارتجافي بين كفسك وانهيال اعترافي
وسؤالي من ذا هنا وارتياعي من سؤالي وخشيتي ان تخافي
واقترابي حتى شمعت وعودي بأسى جبئتي وهزء انصرافي
وورائي ذكرى تعض يديها وامامي طيف كوحش خرافي
من رآني من أين جئت وأمضى كالصدا كاغتراب ريح الفيافي
أي جذلى رجعت عنها ومنها واليها جنازتي وزفافي
والذي كان منزلي قبل حين جثته فاستحال منفى المنافي
***

انما سوف تذكرين وقوفي بين كفيك أجتدي أو أصافي
ذات يوم سترحمين احترافي بعدما ذبت واعتصرت جفافي
وتقولين كان عصفور حب ظامئا كيف عز عنه ارتشافي
كان يأتي والجوع يشوي يديه وعلى وجهه اصفرار القوافي
واختلاجاته تسلّي غروري وانكساراته تحت انعطافي
كان يقتاده عبيري فيدنو ثم يثنيه ضعفه عن قطافي
***

وتعودين تذكرين التماسي ورجوعي وكيف كنت أوافي
وتودين لو بذلت ولكن عند ان تجدبي وارضى عفافي

نــجــم
18-04-2011, 08:39 PM
لأنا رضعنا حليب الخنوع تقمصنا من صبانا الخضوع
فجعنا ليكتظ جلادنا ويطفى ، وننسى بأنا نجوع
وحين شعرنا بنهش الذئاب شددنا على الجرح نار الدموع
ورحنا نجيد سباب الدجى ولم ندر كيف نضيء الشموع
نفور وتطفئنا تفلة فتمتص إطفاءنا في خشوع
ولما سمعنا انفجار الشعوب أفقنا نرى الفجر قبل طلوع
ويوما ذكرنا بأنا أناس فثرنا ومتنا لتحيا الجموع
ولن لبسنا رداء الأباياه وفي دمنا المتظام الهلوع
فحين انتوينا شروع المسير حذرنا المغبات قبل الشروع
وقلنا أتى من وراء الحدود جراد غريب فأشقى الربوع
وليس عدانا وراء الحدود ولكن عدانا وراء الضلوع
فقد جلت الريح ذاك الجراد فكنا جرادا وكنا الزروع
***

ومن ذا اتى بعد ؟ غاز تصول يداه ويرنو بعيني ((يسوع))
عرفناك يا أروع الفاتحين إلى أين ؟ ليس هنا من تروع
انلقاك يا ((عنتر )) ابن السيوف يغير الواضي وأقوى الدروع
وكانت بروق الدم المفتدي وعودا تعي وغيوبا تضوع
هناك انتصرنا بذرنا الربيع ولكن جنينا شتاء القنوع
وقفنا نحوك لأبلى القبور وجوها ، نعصر طلاء الصدوع
وليس عدانا وراء الحدود ولكن عدانا وراء الضلوع
ترى كيف نمضي وهل خلفنا ؟ منوع وبين يدينا منوع
وأين وصلنا ؟ هنا لم تزل نبيع المحيا ونشري الهجوع
***

فهل خلفنا شاطىء يا رياح ! أقدامنا مرفأ يا قلوع؟
وصلنا هنا لا تطيق المضي أماما ولا تسنطيع الرجوع
فلم يبق فينا لماض هوى ولم يبق فينا لآت نزوع

نــجــم
18-04-2011, 08:39 PM
ماذا ترى ؟ وهنا يريد ، وطاقة تمتص طاقه

وإفاقة كالسكر .. أو سكرا أمر من الأفاقه

جيلا بوثق بين مصرعه ، ومحياه.. العلاقه

ويريق الآلاف الكؤوس ، اسىّ على الكأس المراقه

تشتد فيه قوى الفتى ، وتميع في دمه الرشاقه

***

جيل التحرر والهوى ، عبد التفاهة والأناقه
جيل التفتح والتمزق ، والحداثة والعتاقه
حيران يغمره الشروق ، ولا يرى أيّ ائتلاقه
ومرفّه ، للجوع في ذرات طينته … عراقه

غضبان يبلع بعضه بعضا ، ويفخر بالصّفاقه

وسينتهي .. وجد السلاح ، وليس تنفصه الحماقه

ليت الذي دفع السلاح اليع ، علّمه اللياقه

حتى يعي من يستفز ، ومن يلاقي في طلاقه

حتى يوالي عن هدىّ يقظ ، ويكره عن لياقه

من لا تعلمه المداوة ، فهو أجهل بالصداقه

نــجــم
18-04-2011, 08:39 PM
بنات عيسى وابنه المغرب لبسن ألوان الربيع الصبيّ
رجعنا بعد ((النقش)) من بابنا يركض ، يضحكن ، بلا موجب
وموكبت ((بلقيس)) من صنفها عشرا ، وقادت رحلة الموكب
ورحن من سوق إلى شارع على شظايا أعين العزّب
يسخرن حينا من هوى وناره يبحثن عن معجب
يبدين أطراف الحلى عنّوة وغفلة يسفرن ، للأجني
و((أم نشوان)) احتلت فانثنت حسناء ، بين البكر والثيب
***

فكيف القى العيد يا والدي ؟ أقوى من النسيان ذكرى أبي
جاءت قبيل الأمس أمّي ((تقى)) في لهفة الأم ، وعنف الغبي
فاحمر من تقبيلها مدمعي وانهد من تربيتها ، منكي
وهدّ أتني أمس ، (( وهامه)) يا بنتي ارتاحي غدا واطربي
لا تحرمي طفليك ، عبديها لاقيمها فرّحى ، ولو ، جرّبي
نا أنت أولى مرأة فارقت أبا ، جرى هذا ، لبنت النبي
***

ولفنّي ليل كسول ، بلا قلب ، بلا حلم ، بلا كوكب
وأصبح العيد فماج الصبا من ملعب دار ، الى ملعب
وثرثر النذياع ملء المدى يا عيد ، يا عيد ، ولم يتعب
واستنطق ((الحيمي)) فنغرافه وصاح وابناه مع ((القعطي))
زمر وحشد ها هنا أو هنا مدافع كالأحمق المغضب
لا ، لن أطيق اليوم أمواجه من صخب عال الى أصخب
أغلقت باب البيت في وجهه فانسلّ من شباكه الأشيب
هربت من تلويح كفّيه ، من عينيه ، فانثال على سهربي
كيف يرى ((ثكلى بلا زائر )) ؟ وأين من أضوائه أختي
اليوم ((عبد الله )) يا والمدى فأين أنت اليوم ؟ تهتم بي

تجيئني قبل الضحى كي أرى أثمار حلمي في الستى المذهب
تلتد باسمي تستجيد ابنتي يتمتم ابني باسمك الأعذب
تقول (( كعكي)) لم تذق مثله ((كقهوتي)) في العمر لم تشرب
يعيدني تدليلك المشتهى صبية كالطائر الازغب
زوّار جاراتي أتوا وانلنوا وأنت لم تقبل ولم تذهب
فرحت أضني البحث فيمن مضى أو من أتى عن وجهك الطيب
لكل بنت والد أو أخ الا أنا ، يا ليت يدري أبي
حتى أبو ((سعدى)) أتى بعدما غاب ثلاثين ، ولم يكتب
وعاد من ((غانا)) أخو ((زهرة)) وعم ((أروى)) عاد من ((يثرب))
أبي ، أتدري من ينادي ؟ أنا تشتم ريح الدار كالغيّب
عمي الذي أوصيته لا تسل عن فرخة ، في ذمة الثعلب
لو شمّ كفّي لاحتس خاتمي لو مسّ رجلي ، لاحتوى جوربي
في آخر السبعين ، لكنه أصبى الى اللدغ من العقرب
ومتّ أنت العضّ ، وابن البلى كالبغل ، يا للموقف الاغرب
كيف نجا اللص ومات الذي يستغفر الله ولم يذنب
عفوا ، فلا تدري ، ولا علم لي كيف يعادي الموت أو يجتبي

نــجــم
18-04-2011, 08:40 PM
أي شوق إليك أي اندفاعه فلماذا جوعي قناعه
لم تكوني شهية الدفء لو لم ترتعش في دمي اليك المحاعه
كنت يا حلوتي أظن اشتهائي يعد ان تبذلي يزيد فظاعه
غير أني طين يثج وتطفي ناره تقله تسمّى اضطجاعه
***

قد تقولين سوف أنأى ويظمى ثم يأتي وتجتدي في ضراعه
ربما أشتهيك عاما وأتهي شوق عامين في مدى ربع ساعة
((حلوةالأمس)) ما نزالين أحلى إنما في تصوراتي الشناعه
ما اختتمنا تمثيل دور بدأنا منه فصلا لكن فقدنا البراعه
***

هل تخيفينني بإسعاد غيري صدقيني اذا ادعيت المناعه
فلتخصي بما لديك فلانا أو فلانا أو فلتكوني مشاعه

نــجــم
18-04-2011, 08:40 PM
من الفجر حتى الفجر ننجرّ كالرّحى الي أين يا مسرى ومن أين يا ضحى
أضعنا بلا قصد طريقا أضاعنا ولاح لنا درب بدأناه فانمحى
وشوشنا تلويح برق أهاجنا وولّى ولا ندري الى أين لوّحا
وقلنا ، كما قال المجدّون ، من غفى عن الفوز لم يظفر ومن جدّ أفلحا
إذا لم نجد في أول الشوط راحة فسوف نلاقي آخر الشوط أروحا
ورحنا نسقّي الرمل أمواه عمرنا فيظمى ، ويرويه إلى أن ترنّحا
***

سرينا وسرنا نطحن الشوك والحصى ونحسو ونقتات الغبار المجرّحا
ومن حولنا الأطلال تستنفر الدجى وترخي على الأشباح غابا من اللحى
هنا أو هنا ، يا زحف نرتاح ساعة تعبنا وأتعبنا المدار المسلّحا
كطاحونة نمضي ونأتي كمنحنى يشد إلى رجليه تلاّ مجنّحا
***

فيا ذكريات التيه من جرّ قبلنا خطاه وأمسى مثلنا حيث أصبحا
ركضنا إلى الميلاد قرنا وليلة ولدنا فكان المهد قبرا تفتّحا
ومتنا كما يبدو ، رجعنا أجنّة لنختار ميلادا أشقّ وأنجحا

نــجــم
18-04-2011, 08:40 PM
من تغنّي هنا ؟ وتبكي على ما ؟ كل شيء لا يستحق اهتماما
القضايا التي أهاجتك أقوى من أغانيك من نواح الأيامى
خلف هذا الجدار تشدو وتبكي والزوايا تندى أسى وجثاما
هذه ساعة الجدار كسول ترجع القهقرى وتنوي الأماما
والثواني تهمي صديدا وشوكا وستهمي وليس تدري إلى ما ؟
والحكايا رؤى سجين أقرّوا شنقه بعد سجن عشرين عاما
والمحبّات والتلاقي رماد والأغاني برد القبور القدامى
والصبيحات كاليتامى الحزانى والليالي كأمهات اليتامى
عبثا تنشد الكؤوس لتسلى مات سحر الكؤوس ، ملّ الندامى
كل حين وكل شبر زحام من ركام الوحول يتلو زحاما
من تغنى يا ((كاهن الحرف)) ماذا ؟ هل سعال الحروف يشجي الركاما

نــجــم
18-04-2011, 08:41 PM
من أين أبتدىء الحكاية ؟ وأضيع في مد النهاية
وأعي نهاية دورها فتعود من بدء البدايه
تصل الخطيئة بالخطيئة والجناية بالجنايه
من عهد من ولدوا بلا سبب وماتوا دون غايه
المسبلين على الذئاب البيض اجنحة الرعايه
الناسجين عروقهم لمواكب الطاعون رايه
من حوّلوا المستنقعات الجائعات الى النفايه
أنصاف آلهة مطوقة بأسلحة العنايه
ووجوههم كاللافتات على مواخير الغوايه
كانوا ملوكا ظلّهم حرم ورقيتهم حمايه
فلحومنا لخيولهم مرعى وأعظمنا سقايه
وبيادر تعطيهم حبّات أعيننا جبايه
والله والإسلام في أبواقهم بعض الدعايه
أيام كانت للذباب على الجراحات الوصايه
أيام كان السل يأكلنا وليس لنا درايه
وأبي يعلمنا الضلال ويسأل الله الهدايه
ويعيذنا ب((المصطفى)) والصالحين وكل آيه
ويقول : اعتادوا الطوى كم عادة بدأت هوايه
ويعود يشكو والسعال يرضّ في فمه الشكايه
من ها هنا ابتدت الروايه ، أين أين مدى الروايه ؟

***

أأقصّها ؟ بعضي يهيأني وبعضي بزدريني
وبرغم إرهاقي أخوض مجاهل السر الكمين

وظلالها خلفي وقدّامي كأمسية الطعّين
فأتيه فيها كالتفات الطيّف للطيّف الحزين

وأعافها فيشدّني أرقي ويعزفني حنيني
وتزقزق الخلجات في رأسي كعصفور سجين
ماذا يعاودني ؟ كشعوذة الرؤى ، كصدى اليقين ؟!

ويدير كأسا من دم الذكرى وحشرجة الأنين

فتهيحني ، ومناي يحفر في حريقي عن معيني
والحرف يمزح في فمي والسهد يلهث في جبيني
ومدى السّرى يطفو ويرسب

في فم الوهم الضّنين

ويمد أغنية تحن الى الصدى ، ومن الرنين
ولمن ألحن هجعة الأشباح والرعب الدفين ؟

لمواكب التاريخ يرويها الأمين عن الأمين

ولأمي اليمن العجوز ولابني اليمن الجنين
كانت مواقع خطوه طينا توحّل فوق طين
***

أتقول لي ، ومتى ابتدت سخرية القدر البليد؟
والى بدايتها أعود على هدى الحلم الشريد
منذ انحنى مغنى ((عليّة)) واستكان حمى ((الوليد))
واستولد السحب الحبالى الف ((هارون الرشيد))
حتى امتطى ((جنكيز)) عاصفة الصواهل والحديد
وهنالك انتعل ((التتار)) معاطس الشمم العنيد
وتموكبت زمر الذّئاب على دم الغنم البديد
فاستعجم ((الضّاد)) المبين وراية الفتح المجيد
أين العروبة ؟ هل هنا أنفاس ((قيس )) أو ((لبيد))
أين التماعات السيوف ودفء رنّات القصيد ؟
لا ها هنا نار القرى تهدى ، ولا عبق الثريد
لا مستعيد ، ولا اختيال الشدو في شفتي ((وحيد))

فتلامعت أيدي علوج ((الترك)) تومىء من بعيد

وتقول : يا ريح ابدئي صخبي ، ويا دنيا : أعيدي

ونمد تلمس من هناك ذوائب اليمن السعيد
حيث اختلاجات الغروب على الربى ، لفتات غيد
حيث المزارع ، وانتظار الجوع حبّات الحصيد
حيث الصراع على السفاسف ، والزّحام على الزهيد

ومضى العبلوج اليه كالأعصار ، كالسّيل الشديد

وبرغمه أدموا إلى ((صنعاء)) بيدا بعد بيد
فتثآبت أبوابها لزحوف ((أبرهة)) الجديد
***

وهنا انحنى ((نقم)) الصبور

وأذعنت كثبان (0ميدي))

وتهافت الأجداد ، فاتكل المطيق على القعيد
وتخدّ روا بروائح الموتى وعهدهم الرغيد
وكما تقلّد أمّ أمّي لثغة الطفل الوليد
راحوا يعيدون المعاد عن ((الحسين)) وعن ((يزيد))
عن مهر ((عنترة)) وعن صمصامة الشيخ الزّبيدي
عن((شهرزاد)) و((باب خيبر)) و((ابن علوان)) لنجيد

وغذاؤهم زجل (( الخفنجي)) واللحوم بكل عيد

ومصيرهم حلم على أهداب شيطان مريد
وتململوا يوما وفي نظراتهم كل الوعيد
فمحوا دخان ((الترك)) وارتدّوا إلي الغسق الحميدي
فتخيروا للحكم أوثانا من الدم والجليد
أهواءهم كمسارب الحيات في الغار المديد
أو كالمقابر ، يبتلعن ويستزدن الى المزيد
كانوا عبيد خمولهم والشعب عبدان العبيد
كانوا يعيرون المدى شرعية الذبح المبيد
أو يقتلون ويخرجون يرحمّون على الفقيد
خلف الدخان يمثلون رواية (( اليمن)) الشهيد
***

اتقول لي ؟ وهل انطقت في ذلك العهد النجوم ؟
دفن الغبار هواءه فتجلمدت فيه الغيوم
وتهدج الراوي كما يستعطف الام الفطيم
واجتّر نبرته ، وقال وكفن الزمن السّهوم
تمشي الفصول كما يخشخش في يد الريح الهشيم
أنّى أصخت فلا صدى ينبي ، ولا يوحي نسيم
الاّ رفات البائدين تقيّأتهن الجحيم
وعلى امتداد التيه يزعق وهدهد )) ويصيح ((بوم))
وهناك كانت قرية تجثو كما ارتكم الرميم
جوعى ويطبخها الهجير وتحتسي دمها السّموم
نسيت مواسمها فأشتت قبل أن تلد الكروم
تروي حكايا الثقوب فيسعل الجوّ الكليم
ووراء تلويح الطلاء مدينة جرحى تؤوم
تبيض من بعد كما يتكلف الضحك اللئيم
وعلى الشوارع تنعس الذكرى ، ويصفّر الوجوم

وعلى تجاعيد الرماد يهينم الثلج البهيم
وتغوّر السّنة العجوز وتبدأ السنة العقيم
حتى تفجر ليلة حدث كما قالوا : عظيم
فهوى كما زعموا ((الحرام)) وناح ((زمزم)) و((الحطيم))
***

ماذا جرى ؟ من يخلف المرحوم ؟ من أتقى وأخشى ؟

أو تحسب الجو الكفيف

محى الدجى ، أو صار أعشى ؟

ألقته غاشية الى أخرى الى أدجى وأغشى
فجنازة ((المنصور)) أمس غدت ((ليحي)) اليوم عرشا
فأجال سبحته وزاد على امتداد الغش غشا
واذا بعجل ((الترك)) عاد على الضحايا العزل وحشا
يردي ويجهر أو يحوك مكايدا حمرا ورقشا
وعلاه (جوخ) فاختفت أظفاره وأجاد بطشا
وعمامة كبرى تنوج رأس طاعون موشّى
وتزينه ، للعاثرين كما يزين الدفن نعشا
فيشق للشعب القبور ويستحيل الشعب رفشا
وضحية تروي هوى جلادها وتموت عطشا
ويجود للكف الذي يعطيه تمزيقا ونهشا
ويعود يستجدي الرغيف ويرهق التفتيش نبشا
ماذا يقول ؟ ايرتجي ؟ مولاه ، هل يعطيه قرشا ؟
لا الجوع أنطقه وان نم الذبول به وأفشا
أتراه لم يحنل فما فيبوح إطراقا ورعشا
ويحس أذرعه وأرجله أمام الريح قشا
يهوى وتبلع ما يريد ضراعة مسخته كبشا
وجه كأقدم درهم لم يبق فيه المسح نقشا
سنوات ((يحي)) تستقي دمه ، ويرجوه ويخشى
***

ويدير أسئلة ، ويحذر همسه ويعي انكساره
ويهم حقد هوانه فتفر من دمه الجساره
ويمد عينيه كما ترنوا الى النسور ((فاره))
فتشد نفقته الطبول اليه أبّهة الحقاره
وغداة يوم أو مضت من حيث لا يدري إشاره
فأطل نجم من هناك ومن هنا لمعت شراره
حتى تنهّد ((حزيز)) وتناشد الصمت انفجاره
نبض الهدوء الميت واحمرّت على الثلج الحراره

ماذا ؟ أقمرت النوافذ والسطوح بكل حاره

وتناغمت ((صنعاء)) تسأل جارة ، وتجيب جاره

حرّية ((دستور)) صغناه وأعلينا شعاره
((سجل مكانك )) وانبرى التاريخ يحتضن العباره
ةاطل جوّ لم تلد أمّ الخيالات انتظاره
وهناك أدرك ((شهرزاد)) الصبح ، فارتقبت نهاره
وانثال أسبوع ، تزف عرائس الفجر اخضراره
وتلاه ثان لحنّت بشراه أعراق الحجاره
حتى تبدّى ثالث لمحت ولادته انتحاره
حشد الخريف إزاءه همجية الريح المثاره
وتلاقت الغلوات حوليه ، وأشعلت الأغاره
ماذا جرى يا ((شهرزاد)) ؟ تضاحكي ، يا للمراره !
عشرون يوما ، وانثنى الماضي ، فردينا الأغاره
***

من ذا أطلّ ؟ وأجهش الميدان : ((أحمد)) و (الوشاح)

أسطورة الأشباح دق ، طبوله ساح ، وساح

يسطو ، فتعتصر الربى يده ، ويسبقه الصّباح
ويزف أعراس الفتوح الى مقاصره السفاح
((عوج ابن عنق )) شق أنف الشمس منكبه الوقاح

الجنّ بعض جنوده والدّهر في يده سلاح
أو هكذا نبح الدعاة وعمّم الفزع النباح
فاحمرّ من وهج المذابح في ملامحه ارتياح
واغبّر بالذبح المسير وماد بالجثث الرّواح
وسرى ، وعاد ((السندباد)) ودربه الدم ، والنّواح
خمس من السنوات لا ليل لهن ولا صباح
يبست على السهد العيون وأقعد الزمن الكساح
((ناشدتك الإحساس يا أقلام )) واختنق الصّداح
لم ينبض الوادي ولم ينست لعصفور جناح
فتنام التاريخ والتأمت على الجمر الجراح

لكن وراء السّطح أسئلة ، يجدّ بها المزاح

أو ينطوي صوت النبي وتدّعى فمه ((سجاح))
فدوى ((الزبيري)) الشريد وأفشت الوعد الرياح
وتناقل الجوّ الصّدى فزقى التهامس والطماح
ماذا تقول الريح ؟ فالغابات تومىء والبطاح

ويحدق الراعي فتخبره مراتعه الفساح
ستكل يوما ((شهرزاد)) ويسكت السّمر المباح
***

فاذا ((الثلايا)) والبطولة يركلان شموخ ((صاله))
فتضاءل ((الفيل)) المخدر وارتدى جلد ((الثعاله))
وكموعد الرؤيا أراح الجنّ ، واطرّح الجلالة
وانحط تاج ، وارتقى تاج ، عمودا من عماله
ماذا يرى ((صبر)) ؟ وغاصت ، خلف جفنيه الدلاله

وكما تميد على شحوب السجن أروقة الملاله

مضت الليالي الخمس ، أجهل بالمصير من الجهاله

فتحسس الفيل المهيض ، قواه ، وابتدر العجاله
وعلا الجواد ، وموّج الصمصام ، واكتسح الضّحاله

والشارع المشلول يزمر ، للبطولة والسّفاله
وكما انتهى الشوط ايتدى يذكى الدّم الغالي مجاله
فيمد عفريت الدخان على أشعته ، ظلاله
ويخاف أن يلد ((الثلايا)) قبره ، ويرى احتماله
فتعسكر الاشباح في أهداب عينيه خياله
من ذا ؟ ويتهم الصدى وتدين يمناه شماله
فانهار ((شمشون)) وناه برأسه ، ووعى انحلاله

واستنزف الفلك المعطل عن جناحيه البطاله
وانساق يغزل كل حين كوكبا ، ويديرها له
ويشب نجما ، لم يعد من نبضه الا ثماله
وهنا تلفّت موعد في أعين القمم المشاله
وتدافع الزمن الكسيح على جناح من علاله
وانثال كالريح العجول يلوّن الفلك اشتعاله
وتساءلت عيناه ، من ذا ها هنا ؟ فرأى حياله
إشراقة (( العلفى)) إطراق ((اللقية)) وانفعاله
فرمى على زنديهما الجلّى واعباه الرساله
***

والى العشي تعاقدا واستبطأا سير الثواني
ألسّاعة المكسال مثل الشعب ، تجهل ما تعاني

أيكون مستشفى ((الحديدة)) مولد الفجر اليماني
وعلى امتداد اليوم ضمهما التفرق والتداني
يتفرقان من الشكوك وللمنى ، يتلاقيان
يتخوفان فيحجمان ويذكران فيهزأن
هل بحت بالسّر المخيف الى فلان أو فلان ؟
اني أحاذر من رأيت على الطريق ومن يراني
كم طال عمر اليوم ، لم لا يختفي قبل الأوان ؟
حتى ارتمى الشفق الغريب على سرير الدخان
وكأن هدبي مقلتيه شاطئان معلّقان
نظرا إليه ، يفتشان عن الصباح ويسألان
وكما أشار ((الهندوانه)) أبديا بعض التواني
ومشى الثلاثة شارعين من المشانق والأماني
ودعى النّفير ، فسار ((أحمد))

سير متهّم مدان

يرنو ، أيلمح حمرة ؟ كلا ، وتلمع نجمتان
فيمور داخل شخصه شخص غريب الوجه ثاني
ويعي ضمان منجّميه فيستريح الى الضّمان
ودنا فماج الباب وانهال السّكون على المكان
من أين نبغته ؟ ويمّم فجأة ، قسم الغواني
فتنادت الطّلقات فيه كالزغاريد القوافي
وانهدّ قهّار البنادق كالجدار الأرجواني
أترى حصاد القبر يرجع كالرّضيع بلا لبان
وعلى يقين الدفن رد بنبضتين من البنان
فتطلعت من كل أفق تسأل الشهب الرواني
كيف انطفا الشهب (الثلاثة) في ربيع العنفوان
وتراجع ((الباهوت) يحرق بالمواجع وهو فاني
يحيى ولا يحيى يموت ولا يموت بكل آن
فتبرجت مأساة ((واق الواق)) تغدق كالجنان
وتجول تظفر من ذوائبها غروبا من أغاني
وتهز نهديها اعتلاجات المحبة والحنان
فاخضر عام بالمواعد واحتمالات العيان
وأهل عام عسجدي اللمح صخريّ اللسان
فرمى الى حلق التراب بقية البطل الجبان
وهنا ابتدى فصل تروّى فيه ابداع الزمان
ماذا هنا ؟ ((سبتمبر)) اشواق آلاف الليالي
حرق العصافير الجياع الى البيادر والغلال
بثّ المسامر والرؤى العطشى وأخيلة الخيال

خفق النوافذ وارتجافات الرياح على التلال
وتطلّع الوادي وأسئلة النجوم إلى الجبال
وتلهّف الكأس الطريح الى انهدالات الدوالي
كان احتراقات الإجابة وابتهالات السؤال
وتلفّت الآتي ، الى آثار أقدام الأوالي
عشرين عاما قلبّا حلبت به أمّ النضال
نسجته من شفق المقاصل والجراحات الغوالي

حتى أطل على عقاب من أساطير المحال

في كل ريشة جانح منه ((أبو زيد الهلالي))
في النفخة الأولى رمى بالعرش أغوار الزوال
وأمال زوبعة الرمال الى سراديب الرمال
يعطي المواسم والمحبة باليمين وبالشمال
أنى مشى ، أجنى ((الوليد)) من المنى وأجدّ بالي
موج سماوي النضارة شاطئاه من اللآلي
ماذا هنا ! ((سبتمبر)) أتقول لي ، أجلى المجالي
شيء وراء تصور الدنيا وأبعاد الجمال

فوق احتمالات الرجاء وفوق اخصاب النوال
أتقول لي ؟ وهل انتهى في جثة الأمس النزوع ؟
شاء الرجوع وسلّحته البيد ،فانتحر الرجوع

وزوته حفرته وأطبق فوق مرقده الهجوع

وعلا الدخان أزقة البترول ، فانتبه الصريع

واهتاج ثانية فمد زنوده (( النيل)) الضليع
وأحاطت الخضراء من أقوى سواعده دروع
وارتد ظل الأمس والتحم التوقع والوقوع

فتنادت النيران والتفت المصارع والجموع

وانجرّ عامان نجومهما وشمسهما النجيع

فبكل رابية إلى لحم ابنها ظمأ وجوع
وبكل منعرج إلى تمزيق اخوته ولوع
فهنالك انقصفت يدان وثمة انتثرت ضلوع
وهناك خرّت فمه وهنا هوى تلّ منبع
فلكل شبر من دم الشهداء ، تاريخ يضوع

أرأيت حيث تساقطوا كيف ازدهى النصر المريع
حيث اغتلى الوادي ولف ((عليا)) الصمت الجزوع
رضع الدجى دمه فأشمس قبل أن يعد الطلوع
حيث التي (( الخمري)) ذا بالغيم واحترق الصقيع
حيث انطفى ((سند)) تدلت أنجم ، وعلت شموع

حيث ارتمى (( الكبسي )) أ و رق منجم ، وشدى ربيع
وأعادت الأحداث سيرتها فأرعدت الربوع
وتعطش الميدان فانفجر الضحى ودوى الهزيع

ومشت على دمها الذئاب وغاض في دمه القطيع

حتى توارى الأمس زغردت المآتم والدموع
وهفت أغانيها ، تضجّ ((ليسلم الشرف الرفيع))
وتبوح للنصر انطلق فمجالك الأبد اللموع
ولمرضعي ((سبتمبر)) دمهم ، لقد شب الرضيع
***

اتظن رابية تنوق الى دم أغلى يسيل ؟
أو ما ارتوي عطش الرمال واتخم العدم الأكول ؟

يا للأسى ، كيف استطب مماته ((اليمن )) العيل
ورنى السؤال الى السؤال وبغتة وجم السؤول

ماذا استجد فباحت الأصداه ، وارتجف الذهول
لبّى الدّم الغالي دم أغلى الى الداعي عجول
من مات ؟ واستحيا السؤال وأطرق الرد الخجول

أهنا ((الزبيري)) المضرّج ؟ بل هنا شعب قتيل
وأعادت القمم الحكاية واستعادتها السهول
من ذا انطوى ؟ علم خيوط نسيجه الألم البتول
في كل خفق منه ((جبريل)) وفي فمه رسول
بدأ الرعيل به السرى فكبا وسار به رعيل
وخبا وراء حنينه جيل ، واشرق فيه جيل
وعلى الحراب أتم أشواطا ، مداها المستحيل

وعلى منى ميلاده الثاني تكاتفت الفلول

لفظ البلى غربان ((واق الواق)) وانثنت (( المغول))

فاحتز رحلته الرصاص النذل والطين العميل

فغفى وصدق الفجر في نظراته سحر بليل
أتقول عاجله الافول ؟ فكيف أشعله الافول ؟
فعلى الجبال من اسمه شعل مجنّحة تجول
وصدى تعنقده الربى وهوى تسنبله الحقول
وبكل مرمى ناظر من لمحة صحو غسيل
كيف انتهى ولخطوه في كل ثانيه هديل
هو في النهار الذكريات وفي الدجى الحلم الكحيل
وهنا ضحى من جرحه وهناك من دمه أصيل
غرب الشهيد وبينه والمنتهى الموعود ((ميل))
من ذا يكر الى مداه ؟ وقد خلا منه السبيل
فليبتهج دمه الى أبعاد غايته وصول
أو ما رأى الشهداء كيف ؟ اخضوضرت بهم الفصول
فرشوا ((السعيدة )) بالربيع ليهنأ الصيف البذول
ومضوا لوجهتهم ويبقى الخصب ان مضت السيول

نــجــم
18-04-2011, 08:41 PM
تمتصّني أمواج هذا الليل في شّره صموت

وتعيد ما بدأت … وتنوي أن تفوت ولا تفوت

فتثير أوجاعي وترّغمني على وجع السّكوت

وتقول لي : متّ أيها الذواي … فأنسى أن أموت

***

لكنّ في صّدري دجى الموتى وأحزان البيوت

ونشيجّ أيتام … بلا مأوى … بلا ماء وقوت

وكآبة الغيم الشّتائي وارتجاف العنكبوت

وأسى بلا اسم … واختناقات بلا اسم أو نعوت

***

من ذا هنا ؟ غير ازدحام الطين يهمس أو يصوت

غير الفراغ المنحي … يذوي … لايصرّ على الثّبوت

وتعبّه الآحاد والأعين الملآى بأشلاء الكبوت

***

من ذا هنا ؟ غير الأسامي الصفر تصرخ في جفوت

غير انهيار الآدمية وارتفاع (البنكنوت)

وحدي ألوك صدى الرياح وأرتدي عرّي الحبوت

نــجــم
18-04-2011, 08:41 PM
ولدت صنعاء بسبتمبر

كي تلقى الموت بنوفمبر

لكن كي تولد ثانية

في مايو … أو في أكتوبر

في أوّل كانون الثاني أو في الثاني من ديسمبر
ما دامت هجعتها حبلى فولادتها لن تنأخّر
رغم الغثيان تحنّ إلى : أوجاع الطلّق ولا تضجر
***

ينبي عن مولدها الآتي شفق دام فجر أشقر
ميعاد كالثّلج الغافي وطيوف كالمطر الأحمر
أشلاء تخفق كالذكرى وتنام لتحلم بالمحشر
ورماد نهار صيفي ودخان كالحلم الأسمر
ونداء خلف نداءات لا تنسى (عبلة) يا (عنتر)
أسماء لا أخطار لها تنبي عن أسماء أخطر
***

هل تدري صنعاء الصّرعى كيف انطفأت ؟ ومتى تنشر؟
كالمشمش ماتت واقفة لتعدّ الميلاد الأخضر
تندى وتجف لكي تندى وترفّ ترفّ لكي تصفر
وتموت بيوم مشهور كي تولد في يوم أشهر
ترمي أوراقا ميتة وتلّوح بالورق الأنضر
وتظلّ تموت لكي تحيا وتموت لكي تحيا أكثر

نــجــم
18-04-2011, 08:41 PM
بلادي من يدي طاغ إلى أطغى إلى أجفى
ومن سجن إلى سجن ومن منفى إلى منفى
ومن مستعمر باد إلى مستعمر أخفى
ومن وحش إلى وحشين وهي النّاقة العجفا
بلادي في كهوف الموت لا تفى ولا تشفى
تنقّر في القبور الحرس عن ميلادها الأصفى
وعن وعد ربيعي وراء عيونها أغفى
عن الحلم الذي يأتي عن الطيف الذي استخفى
فتمضي من دجى ضاف إلى أدجى … إلى أضفى
بلادي في ديار الغير أو في دارها لهفى
وحتى في أراضيها تقاسي غربة المنفى

نــجــم
18-04-2011, 08:41 PM
تسلياتي كموجعاتي ، وزادي مثل جوعي ، وهجعتي كسهادي
وكؤوسي مريرة مثل صحوي واجتماعي بإخوتي كانفرادي
والصداقات كالعداوت تؤذي فسواء من تصطفي أو تعادي
إن داري كغربتي في المنافي احتراقي كذكريات رمادي
يا بلادي ! إلّي يقولون عنها : منك ناري ولي دخان اتّقادي
ذاك حظّي لأن أمي (سعود) وأبي (مرشد) وخالي (قمادي)
أو لأنّي أطعت أولاد جاري ورفاقي دفاتري زمدادي
أو لأنّي دفعت عن طهر أختي وبناتي مكر الذئاب العوادي
أو لأنّي زعمت أن لديهم لي حقوقا من قبل حق (ابن هادي)
***

يا بلادي هذي الرّبى والسواقي في ضلوعي تنهّدات شوادي
إنما من أنا وليس بكفي مدفع والتراب بعض امتدادي !
ربما كنت فارسا لست أدري قبل بدء المجال مات جوادي
العصافير في عروقي جياع والدّوالي والقمح في كلّ وادي
في حقولي ما في سواها ولكن باعت الأرض في شراء السماد
***

يا ندى … يا حنان أم الدوالي وبرغمي يجيب من لا أنادي !!
هذه كلّها بلادي … وفيها كل شيء … إلاّ أنا وبلادي !!

نــجــم
18-04-2011, 08:42 PM
صنعاء يا أخت القبور ثوري فأنك لم تثوري
حاولت أن تتقئي في ليلة عّفن العصور
وأردت قبل وسائل البنيان تشييد القصور
ونويت في تشرين أن تلدي أعاجيب الزهور
***

فذهاك غزو مثلما يحكون عن يوم النّشور
أيد كأيدي الأخطبوط وأوجه مثل الصخور
فتساقطت شرفاتك النّعسا كأعشاش الطّيور
وانصب إرهاب المغول من البكور إلى البكور
وامتدّ من باب إلى باب كغابات النّمور
حتى رآى ((نقم)) ذراك تخرّ دامية الظّهور
ورأى قلوبك في الضّحى الأعمى تفرّ من الصدور
ورأى خماءلك الظّليلة يرتحلنّ من الجذور
هرب الجدار من الجدار هوى النّفور على النّفور
صنعاء من أين الطّريق إلى الرجوع أو العبور
ماذا ترين أتسبحين ؟ أتعبرين بلا جسور ؟
هل تسفرين على الشروق ؟ أتخجلين من السّفور ؟
أتزاحمين العالم المجنون ؟ يا بنت الحدور
شهر ، وعدت كما أتيت بلا مكان أو شهور
تتنهّدين بلا أسى أو تضحكين بلا سرور
***

صنعاء ماذا تشتهين ؟ أتهدئين لكي تموري
تتوهجين ولا تعين وتنطفين بلا شعور
كم تحملين ولا ترين وتعتبين على الدّهور
ما زال يخذلك الزمان فتبزغين لكي تغوري
يا شمس صنعاء الكسول أما بدّا لك أن تدوري

نــجــم
18-04-2011, 08:42 PM
لأنّ بلادي الحبيبة في مرتباها غريبه
لأنها وهي ملأى بالخصب … غير خصيبه
لأنها وهي حبلى بالري عطشى جديبه
***

جاعت ومدت يديها إلى الأكفّ المريبه
ثمّ ارتمت كعجوز هن قبل بدء الشبيبه
تنسى المصير ويأتي مصيرها في حقيبه
لأنّ دار أبيها لها مناف رهيبه

نــجــم
18-04-2011, 08:42 PM
أتسائلين من التي آثرت … أو أين اشتياقي ؟
وتردّدين ألست من أبدعت صحوي وائتلاقي ؟
شطآن عينيّ … اخضرار مواسمي … دفئي … مذاقي
بستان وجهي … أمسيات جدائلي … ضحوات ساقي
***

سميتني وهج الضّحى قمرا يجلّ على المحاق
بوح الزنابق والورود إلى النّسيمات الرفاق
أنسيتني بشريّتي ونسيت بالأرض التصافي … !
وذهبت يا أغلى مرايا الحسن … أو أحلى نفاق
أتعود لي … تبكي غروبي ؟ أو تغني لانبئاقي ؟
***

لن تعدمي غيري ولن تلقي كصدقي واختلاقي
قد كنت موثوقا إليك … من التي قطعت وثاقي ؟
لمّا وجدت القرب منك أمرّ من سهر الفراق
آثرت حزن البعد عنك على مرارات التّلاقي
***

وبدون توديع ذهبت كما أتيت بلا اتفاق
ونسيت بيتك والطريق … نسيت رائحة الزقاق
لم أدر من أين انطلقت … ومن لقيت لدى انطلاقي
انسقت … لا أدري الطريق ولا الطريق يعي انسياقي
حتى المصابيح التي حولي تعاني كاختناقي
كان اللّقاء بلا وجوه والفراق بلا مآقي
***

فلتركيتي للنّوى أظما وأمتص احتراقي
وبرغم هذا الجدب لن أأنسى على الحلّ المراق
***

لكنّ لماذا تسألين ؟ بمن أهيم … ومن ألاقي ؟
فلتستريحي إنّني وحدي ، وأحزاني رفاقي
كالسندباد بلا بحار كالغدير بلا سواقي
ورجايّ ألاّ تسألي هل مت … أو ما زلت باقي ؟

نــجــم
18-04-2011, 08:43 PM
مثلما تعصر نهديها السحابه تمطر الجدران صمتا وكآبه
يسقط الظلّ على الظلّ كما ترتمي فوق السآمات الذبابه
يمضغ السّقف وأحداق الكوى لغطا ميتا وأصداء مصابه
مزقا من ذكريات وهوى وكؤوسا من جراحات مذابه
***

تبحث الأحزان في الأحزان عن وتر باك وعن حلق ربابه
عن نعاس يملك الأحلام عن شجن أعمق من تيه الضبابه
تسعل الأشجار ، تحسو ظلّها تجمد الساعات من برد الرتابه
ها هنا الحزن على عادته فلماذا اليوم للحزن غرابه ؟
ينزوي كالبوم يهمي كالدّبى يرتخي . يمتدّ . يزداد رحابه
يلبس الأجفان . يمتصّ الرّؤى يمتطي للعنف أسراب الدعابه
يلتوي مثل الأفاعي ، يغتلي كالمدى العطشى ويسطو كالعصابه
يرتدي زي المرائي … ينكفي عاريا كالصّخر شوكي الصلابه
***

وبلا حس يغنّي وبلا سبب يبكي ويستبكي الحطابه
يكتب الأقدار في ثانيه ثمّ في ثانيه يمحو الكتابه
للثواني اليوم أيد وفم مثلما تعدو على المذعور غابه
وعيون تغزل اللّمح كما تغزل الأشباح أنقاض الحرابه
***

من ينسيّنا مرارات العدى ؟ من يقوّينا على حمل الصحابه ؟
من يعيد الشجر للأحزان ؟ من يمنح التسهيد أوجاع الصبابه ؟
من يردّ اللّون للألوان ؟ من يهب الأكفان شسئا من خلابه
***

كان للمألوف لون وشذى كان للمجهول شوق ومهابه !
من هنا ..؟ أسئلة من قبل أن تبتدى تدري . غرابات الإجابه

نــجــم
18-04-2011, 08:43 PM
من ؟ .. قلت : أنا يا غزوله … أهلا ! بحروف مثلوله
أهلا .. ! في لهجة قائلة تخشى أن تمسي مقتوله
ماذا تخشين ؟ .. أليت لي بالدار صلات موصوله ؟!
أولت صديقا تعرفني هذي الحجرات المملوله ! ؟
***

هذا الدهليز المستلقى هذي الجدران المصقوله …
***

إصعد … لكن هل في فمها أخرى ؟.. أو أذني مخلوله ؟
وصعدت كمجهول قلق يختاز شعابا مجهوله !
ومعي صعدت … كانت تبدو جذل بالحسرة مكحوله !
كمؤمّرة … من تحكمهم … ماتوا ، أو باتت معزولبه
في نصف العمر بعينيها أجيال وعود ممطوله
وشظايا معركة بدأت نصرا وارتدّت مخذوله
***

شرّفت ، وزادت ترحيبا كزواق عروس معلوله
عندي ضيف ، ومددت يدي لبنان كسلى مقفوله
أهلا ، فأجاب كمن يلقي أعذارا ليست مقبوله
***

إجلس ، قالتها واقربت تروي أخبارا معقوله
عندي الجارات … وزوج (هدى) وطبيب … إني منزوله
وهنا انتزعتني قهقهة وصدى نحنحة مغلوله
فسمعت من الغرف الأخرى أنفاس حنايا متبوله
بوحا كالحبل المسترخي تحت الأثواب المبلوله
نبرات نداء وجواب كلهاث عجوز مسعوله
ضحكات ذئاب جائعة همسات نعاج مأكوله
هل هذا البيت بعزته أمسى أحضانا مبذوله ؟
بيت خدّاع . ربته من زيف الدعوى مجبوله
أيكون الحل سوى خل … حتى في الكأس المعسوله
لكن … ما بال الضيف يرى وجهي بلحاظ مذهوله
***

ما جئت أفتش عن عبث أو عن لحظات مسلوله
ما جئت لأتزل منطقة بنعوش سكارى مأهوله
قولي لي أنت . بلا ذوق فلتذهب … إنّي مشغوله
***

ما جئت إليك على أمل أسفاري ليست مأموله
لكي جئت بلا سبب ردّيني . لست المسؤوله
ورجعت كما أقبلت بلا هذف كالريح المخبوله

نــجــم
18-04-2011, 08:44 PM
أتدرين يا صنعاء ماذا الذي يجري تموتين في شعب يموت ولا يدري ..
تموتين … لكن كلّ يوم وبعدما تموتين تستحين من موتك المزري
ويمتصّك الطاعون لا تسألينه إلى كم .. ؟ فيستحلي المقام ويشتري
تموتين … لكن في ترقب مولد فتنسين أو ينساك ميعاده المغري
***

فهل تبحثين اليوم عن وجهك الذي فثقدتيه أو عن وجهك الآخر العصري
إلى أين هل تدرين من أين ..؟ ربما طلعت بلا وجه وغبت بلا ظهر ؟
تسيرين من قبر لقبر لتبحثي وراء سكون الدفن عن ضحية الحشر
أتستنشقين الفجر في ظلمة بلا هدوء .. بلا نجم .. يدل على الفجر ؟
خبا كلّ شيء فيك لا تسألينه لماذا ..؟ ألا يعينك شيء من الأمر
وحتى الروابي فيك باعت جباهها وما عرفت ماذا تبيع وما تشري ..!
وحتى عشايا الصيف فيك بلا رؤى وحتى أزاهير الربيع بلا عطر
وحتى الدوالي فيك ضاع مصيفها وحتى السواقي ضيعت منبع النهر
وحتى أغاني الحبّ مات حنينها وحتى عيون الشعر فيك بلا شعر
أتدرين أن الشمس فوقك لا ترى وأنّ لياليك المريضات لا تسري
سدى تنشدين الفجر في أيّ مطلع وفي ناظريك الفجر أو ليلة القدر

نــجــم
18-04-2011, 08:44 PM
لها أغلى حبيباتي بداياتي … وغاياتي
لها غزوي وإرهاقي لها أزهى فتوحاتي
وأسفاري إلى الماضي وإبحاري إلى الآتي
لعيني (أم بلقيس) فتوحاتي وراياتي
وأنقاضي وأجنحتي وأقماري وغيماتي
لها تلويح توديعي لها أشواق أو باتي
أشرّق وهي قدّامي أغرّب وهي مرآتي
إليها ينتهي روحي ومنها تبتدي ذاتي
***

أغنّي … وهي أنفاسي وأسكت وهي إنصاتي
وأظمأ … وهي إحراقي وأحسو … وهي كاساتي
أموت وحبّها موتي وأحيا وهي مأساتي
***

تروّيني لظّى وهوى وأشدو ظامئا : هاتي
فتقّصيي كعادتها وأتبعها كعاداتي
وأغزل من روايحها مجاديفي ومرساتي
هنا وهناك مولاتي وأسأل : أين مولاتي ؟
***

أنا فيها وأحملها على أكتاف آهاتي
على أشواق أشواقي على ذرّات ذرّاتي
وأذوي … وهي تحملني فتنمو في جراحاتي
وأسأل : أين ألقاها ؟ فتغلي في صباباتي
وترنو من أسى همسي ومن أحزان أوقاتي
ومن صمتي كتمثال أشكّل وجه نحّاتي
وتبدو من شدا غزلي ومن ضحكات حلواتي
ومن نظرات جيراني ومن لفتات جاراتي
ومن أسمار أجدادي ومن هذيان جدتي
ومن أحلام أطفالي ومن أطياف أمواتي
***

هنا ميلاد غاليّي هنا تاريخها العاتي
هنا تمتدّ عارية وراء الغيهب الشّاتي
حنّ إلى الغد الأهى فيمضي قبل أن ياتي

نــجــم
18-04-2011, 08:44 PM
دكتورة الأطفال إني هنا من يوم ميلادي بلا مرضعه
عندي عصافير الهوى تجتدي حنان هذي الكرمة الطيّعه
وربما استكذبتي إنما من أين لي … أن أحرق الأقنعه
نريني كهلا وفي داخلي : من التصابي صبية أربعه
مجاعة الحمسين في أضلعي طفولة أعىّ من الزوبعه
خلف اتزاني مائج صاخب سفينة ناريّة الأشرعه
***

دكتورة الأطفال لا تبعدي عنّي وعن مأساتي الموجعه
لقد زرعت الحب … لكني ما ذقت إلاّ حنظل المزرعه
عمري بلا ماض … ومستقبلي كأمسيات الغابة المفزعه

نــجــم
18-04-2011, 08:44 PM
من أين أنا ؟ من يدري أو ليست لي جنسيه؟
نسبي رايات حمر وفتوحات ذهبيه
فلماذا تستغربني هذي الزمر الخشبيه
يا أخوتي أصلي من صنعاء أمّي : (دبعيه)
صنعاويّ … حجريّ ! ما صنعاء … ما الحجريه ؟
***

من أين أنا ؟ تشريني بتغابيها السخريّه
عربيّ لا تعرفني … حتى الدّنيا العربيه
وابي ـ قالوا ـ يمنيّ أمّي ـ قالوا ـ يمنيّه
لكن أنستي لوني وفمي … أيدي الهمجيه
سنوات جوعي عطشى وقيادات تبعيّه
وغرابات لا تروى وغرابات مرويّه
***

يا ريح … بلادي خلفي ومعي مثلي منسيه
حتى أرضي يا أرضي كأهاليها منفيّه !!
وطني أسفار تمضي وتعود بلا أمنيه
تشريد لا بدء له ومسافات وحشيه
حرّاس حدود يقظى وتقانين وثنيّه
مدن لا أسماع لها وزحامات عدميّه
أسواق كبرى أدنى ما فيهن البشريه
وبدائيات غرقى في الأقنعة العصريه
وعلى رغمي أستجدي كلّ الحجريه
***

وبلاد بلادي منفى ومتاهات أبديه
من أين أنا ؟.. مجهول جوال دون هويّه
وبلا وطن لكني موهوم بالوطنيه

نــجــم
18-04-2011, 08:44 PM
حان لي أن أطيق عنك ابتعادا والتهابي سيستحيل رمادا
وتجيئين تسألين كلهفى عن غيابي ، وتدّعين السّهادا
وتقولين : أين أنت ؟ أتنسى ؟ وتعيدين لي زمانا مبادا
***

أو ما كنت أغتلي وأرجي قطرات ، فتبذلين اتّق
نزرعين الوعود في جدب عمري وتدسيّن في البذور الجرادا
***

كان لا بدّ أن أقول : وداعا وبرغمي لا أستطيع ارتدادا
غير أنّي أودّ أن لا تظنّي إني خنت أو أسأت اعتقادا
ربما تزعمين أن ابتعادي عنك أدنى (رضية) أو (سعادا)
أو تقولين : إن جوع احتراقي عند أخرى لاقى جنى وابترادا
اطمئي … لديّ غير التسلّي ما أعادي من أجله وأعادى
***

قد أنادي نداء (قيس) ولكن كل (قيس) وكل (لبنى) المنادى
لي نصيبي من التفاهات ، لكن لن تريبي … أريد منها ازديادا
لم أكن (شهريار) لكن تمادت عشرة صوّرتك لي (شهرزاد)
كان حبّي لك اعتيادا وإلفا وسأنساك إلفة واعتيادا

نــجــم
18-04-2011, 08:45 PM
هذي العمارات العوالي ضيّعن تجوالي … مجاني

حولي كاضرحة مزوّرة بألوان اللآلي

يلمحني بنواظر الإسمنت من خلف التعالي

هذي العمارات الكبار الحرس ملأى كالحوابي

أدنو ولا حرفتي أبكي ولا يسألن : مالي

وأقول : من أين الطريق ؟ وهنّ أغبى من سؤالي

كانت لعمّي ها هنا دار تحيط بها الدوالي

فغدت عمارة تاجر (هندي) أبوه (برتغالي)

وهناك حصن تامر كان اسمه (دار الشلالي)

وهناك دار عمالة كان اسمها (بيت العبالي)

وهنا قصور أجانب غلف كتجّار الموالي

***

هل هذه صنعا …؟ مضت صنعا سوى كسر بوالي

خمس من السنوات أجلت وجهها الحرّ (الأزالي)

من أين يا إسمنت أمشي ؟ ضاعت الدنيا حيالي

بيت ابن أختي في (معمّر) في (الفليحي) بيت خالي

أين الطّريق إلى (معمر ) ؟ يا بناتي يا عيالي

وإلى (الفليحي) يا زحام … ولا يعي أو لا يبالي

بالله يا أمّاه دليّني ورقّت لابتهالي

قالت : إلى (النهرين) … قدّامي وأمضي عن شمالي

وإلى (القزالي) ثمّ أستهدي ب(صومعه) قبالي

من يعرف … (النهرين) ؟ .. من أين الطريق إلى (القزالي)

***

من ذا هناك ؟ مسافر مثلي يعاني مثل حالي

حشد من العجلات يلهث في السياق وفي التوالي

وهناك (نصرانية) كحصان (مسعود الهلالي)

وهناك مرتزق بلا وجه … على كتفيه (آلي)

***

اليوم (صنعا) وهي متخمة الديار بلا أهالي

يحتلّها السمسار ، والغازي ، ونصف الرأسمالي

والسّائح المشبوه ، والدّاعي ، وأصناف الجوالي

من ذا هنا ؟ (صنعا) مضت واحتلها كلّ انحلالي

***

أمّي ! أتلقين الغزاة بوجه مضياف مثالي ؟

لم لا تعادين العدى .. ؟ من لا يعادي لا يوالي

من لا يصارع … لا نسائيّ الفؤاد … ولا رجالي

إنّي أغالي في محبة موطني … لم لا أغالي ؟

***

من أين أرجع … أو أمرّ ..؟ هنا سأبحث عن مجالي

ستجدّ أيام بلا منفى وتشمس يا نضالي !

وأحبّ فجر ما يهلّ عليك من أدجى اللّيالي

نــجــم
18-04-2011, 08:45 PM
غابت هذه القصيدة عن الدواوين

السابقة إجابة لرغبة أستاذنا الذي وجهت

إليه … ولمّا أصبح بلا رغبة لدخوله

عالم الصمت رغبت القصيدة أن تخرج من

مخبأيها كصورة لتحدي الصبا …

وكصورة لأفكار بعض أساتذة الجبل

الماضي:

أن يدّع العلم فلا فرية فالصّدق كلّ الصدق فيما ادّعى
لكنّ سرّ العلم في نفسه كالعسل الصافي خبيث الوعا
***

يقول : شيطان وشيطانة دعت .. قلبّى … أو هفت إذ دعا
ولم يقل : إلف ومألوفة تجمعا … سبحان من جمّعا
***

لأنّني استحليت أمسية يردّني عن درسه موجعا
إن كنت ألقى نادرا حلوة فهو يلاقي … دائما أربعا
أريد أنسا مثله … أشتهى كالناس أن أروى … وأن أشبعا
***

يا سيدي المفضال : قالوا : ترى تعليم مثلي قطّ لن ينفعا
أغلقت باب البيت والدرس في وجهي … سألقى الدرس والموضعا
يا (لطف) … مهما لمتي لم أدع هذا السلوك الشائن الممتعا
ولتمنع التعليم عني كما تهوى … فخير منك لن يمنعا
***

أبصرتي من بيتها خارجا كالكلب … أمشي واجفا مسرعا ؟
نعم … جرى هذا وإن تبتغي شهادة أقوى سل المضحعى
تقول : انّي منكسر بعدما ألقت لديك التهمة البرقعا
فالاعترف … لا ناويا توبة إني ومن سميت بتنا معا

نــجــم
18-04-2011, 08:45 PM
حيث كنّا كما أراد الإمام كل دعوى .. منّا .. علينا .. اتهام
إنما سوف ندّعي ولتصدق يا ((وصابان)) ولتثق يا (رجام)
غير أنّا وبعد تسع طوال حيث كنّا مرّ عام
***

كلّما جدّ ، أنّنا قد كشفنا أوجها دلنّا عليها اللّثام
وعرفنا من العمالات صنفا كان أطرى ما أحدث ((العم سام))
يرتدي كلّ ساعة ألف لون وله كلّ ساعتين نظام
***

حيث كنّا ، لكن لماذا أضعنا في التعادي سبعا ، وفيم الحصام ؟
جرّحتنا الحروب في غير شيء وبلا غاية دّهانا السّلام
****

الغزاة الذين يوما تلاشوا بقوانا ، لهم علينا اقتحام
إنهم يوغلون فينا ونغضي فلماذا … رعناهموا حين حاموا
***

الرّكام الذي نفضناه عنّا ذات يوم له علينا ازدحام
ونعال الغزاة وهي كثير فوق أعناقنا جباه وهام
***

والأباة الذين بالأمس ثاروا أيقظوا حولنّا الذئاب وناموا
حين قلنا قاموا بثورة شعب قعدوا قبل أن يروا كيف قاموا
ربّما أحسنوا البدايات لكن … هل يحسّون كيف ساء الحتام ؟
مات (سبتمبر ) البشير ولكن أمّه ناهد هواها غبلم

نــجــم
18-04-2011, 08:46 PM
مواطن بلا وطن لأنّه من اليمن
تباع أرض شعبه وتشترى بلا ثمن
يبكي إذا سألته من أين أنت ؟.. أنت من ؟
لأنّه من لا هنا أو من مزائد العلن
***

مواطن كان حماه من (قبا) إلى (عدن)
واليوم لم تعد له مزارع ولا سكن
ولا ظلال حائط ولا بقايا من فنن
***

بلاده سطر على كتاب : (عبرة الزّمن)
رواية عن (أسعد) أسطورة عن (ذي يزن)
حكاية عن هدهد كان عميلا مؤتمن
وعن ملوك إستبوا أو سبأوا مليون دن
الملك كان ملكهم سواه (قعب من لبن)
***

واليوم طفل حمير بلا أب بلا صبا
بلا مدينة … بلا مخابىء … بلا ربى
يغزوه ألف هدهد وتنثي بلا نبا
***

يكفيه أن أمه (ريّا) وجده (سبا)
وأنّ عمّ خاله كان يزين (يحصبا)
وأنّ خال عمه كان يقود (أرحبا)
كانوا يضيئون الدّجى ويعيدون الكوكبا
يدرون ما شادوا … ولا يدرون ماذا خرّبا
يبنون للفار العلى ويزرعون للدنيا
يا ناسج (الإكليل) قل : تلك الجباه من غبا
أو سمّها كواكبا تمنعت أن تغربا
فهل لها ذرية من الشموخ والإبا ؟
***

اليوم أرض (مأرب) كأمها موجهه
يقودها كأمها فار … وسوط (أبرهو)
فما أمرّ أمسها ويومها ما أشبهه
تبيع لون وجهها للأوجه المموّهه
***

(تموز) في عيونها كالعانس المولّهه
والشمس في جبينها كاللّوحة المشوّهه
***

فيا (سهيل ) هل ترى أسئلة مدلّهه ؟
متى يفيق ها هنا شعب يعي تنبّهه ؟
وقبل أن يرنو إلى شيء يرى ما أتفهه …
فينتفي تحت الضّحى وجوهه المنزذهه
يمضي وينسى خلفه عاداته المسفّهه
يفى بكلّ ذرّة من أرضه المؤلّهه
هنا يحسّ أنه مواطن له وطن

نــجــم
18-04-2011, 08:46 PM
مـا أصدق السيف! إن لم ينضه الكذب وأكـذب السيف إن لم يصدق الغضب
بـيض الـصفائح أهـدى حين تحملها أيـد إذا غـلبت يـعلو بـها الـغلب
وأقـبح الـنصر... نصر الأقوياء بلا فهم.. سوى فهم كم باعوا... وكم كسبوا
أدهـى مـن الـجهل علم يطمئن إلى أنـصاف ناس طغوا بالعلم واغتصبوا
قـالوا: هـم الـبشر الأرقى وما أكلوا شـيئاً.. كـما أكلوا الإنسان أو شربوا
مـاذا جـرى... يـا أبا تمام تسألني؟ عفواً سأروي.. ولا تسأل.. وما السبب
يـدمي الـسؤال حـياءً حـين نـسأله كـيف احتفت بالعدى (حيفا) أو النقب)
مـن ذا يـلبي؟ أمـا إصـرار معتصم؟ كلا وأخزى من (الأفشين) مـا صلبوا
الـيوم عـادت عـلوج (الروم) فاتحة ومـوطنُ الـعَرَبِ الـمسلوب والسلب
مـاذا فـعلنا؟ غـضبنا كـالرجال ولم نـصدُق.. وقـد صدق التنجيم والكتب
فـأطفأت شـهب (الـميراج) أنـجمنا وشـمسنا... وتـحدى نـارها الحطب
وقـاتـلت دونـنا الأبـواق صـامدة أمـا الـرجال فـماتوا... ثَمّ أو هربوا
حـكامنا إن تـصدوا لـلحمى اقتحموا وإن تـصدى لـه الـمستعمر انسحبوا
هـم يـفرشون لـجيش الغزو أعينهم ويـدعـون وثـوبـاً قـبل أن يـثبوا
الـحاكمون و»واشـنطن« حـكومتهم والـلامعون.. ومـا شـعّوا ولا غربوا
الـقـاتلون نـبوغ الـشعب تـرضيةً لـلـمعتدين ومــا أجـدتهم الـقُرَب
لـهم شموخ (المثنى) ظـاهراً ولهم هـوىً إلـى »بـابك الخرمي« ينتسب
مـاذا تـرى يـا (أبا تمام) هل كذبت أحـسابنا؟ أو تـناسى عـرقه الذهب؟
عـروبة الـيوم أخـرى لا يـنم على وجـودها اسـم ولا لـون.ولا لـقب
تـسـعون ألـفاً (لـعمورية) اتـقدوا ولـلـمنجم قـالـوا: إنـنـا الـشهب
قـبل: انتظار قطاف الكرم ما انتظروا نـضج الـعناقيد لـكن قـبلها التهبوا
والـيوم تـسعون مـليوناً ومـا بلغوا نـضجاً وقـد عصر الزيتون والعنب
تـنسى الـرؤوس العوالي نار نخوتها إذا امـتـطاها إلـى أسـياده الـذئب
(حـبيب) وافـيت من صنعاء يحملني نـسر وخـلف ضلوعي يلهث العرب
مـاذا أحـدث عـن صـنعاء يا أبتي؟ مـليحة عـاشقاها: الـسل والـجرب
مـاتت بصندوق »وضـاح«بلا ثمن ولـم يمت في حشاها العشق والطرب
كـانت تـراقب صبح البعث فانبعثت فـي الـحلم ثـم ارتمت تغفو وترتقب
لـكنها رغـم بـخل الغيث ما برحت حبلى وفي بطنها (قحطان) أو(كرب)
وفـي أسـى مـقلتيها يـغتلي (يمن) ثـان كـحلم الـصبا... ينأى ويقترب
»حـبيب« تسأل عن حالي وكيف أنا؟ شـبابة فـي شـفاه الـريح تـنتحب
كـانت بـلادك (رحلاً)، ظهر (ناجية) أمـا بـلادي فـلا ظـهر ولا غـبب
أرعـيت كـل جـديب لـحم راحـلة كـانت رعـته ومـاء الروض ينسكب
ورحـت مـن سـفر مضن إلى سفر أضـنى لأن طـريق الـراحة التعب
لـكن أنـا راحـل فـي غـير ما سفر رحلي دمي... وطريقي الجمر والحطب
إذا امـتـطيت ركـاباً لـلنوى فـأنا فـي داخـلي... أمتطي ناري واغترب
قـبري ومـأساة مـيلادي عـلى كتفي وحـولي الـعدم الـمنفوخ والـصخب
»حـبيب« هـذا صـداك اليوم أنشده لـكن لـماذا تـرى وجـهي وتكتئب؟
مـاذا؟ أتعجب من شيبي على صغري؟ إنـي ولـدت عجوزاً.. كيف تعتجب؟
والـيوم أذوي وطـيش الـفن يعزفني والأربـعـون عـلى خـدّي تـلتهب
كـذا إذا ابـيض إيـناع الـحياة على وجـه الأديـب أضـاء الفكر والأدب
وأنـت مـن شبت قبل الأربعين على نـار (الـحماسة) تـجلوها وتـنتخب
وتـجتدي كـل لـص مـترف هـبة وأنـت تـعطيه شـعراً فـوق ما يهب
شـرّقت غـرّبت من (والٍ) إلى (ملك) يـحثك الـفقر... أو يـقتادك الـطلب
طوفت حتى وصلت (الموصل) انطفأت فـيك الأمـاني ولـم يـشبع لها أرب
لـكـن مـوت الـمجيد الـفذ يـبدأه ولادة مـن صـباها تـرضع الـحقب
»حـبيب« مـازال فـي عينيك أسئلة تـبدو... وتـنسى حـكاياها فـتنتقب
ومـاتـزال بـحـلقي ألـف مـبكيةٍ مـن رهبة البوح تستحيي وتضطرب
يـكـفيك أن عـدانـا أهـدروا دمـنا ونـحن مـن دمـنا نـحسو ونـحتلب
سـحائب الـغزو تـشوينا وتـحجبنا يـوماً سـتحبل مـن إرعادنا السحب؟
ألا تـرى يـا »أبـا تـمام« بـارقنا (إن الـسماء تـرجى حـين تحتجب)

نــجــم
18-04-2011, 08:46 PM
أن تريدي سيارة واداره فلتكوني قوّادة عن جداره
ولتعدي لكل سلطان مال كلّ يوم زواجة مستعاره
ولتكوني عميلة ذات مكر تشربين القلوب حتى القراره
ولتبيتي سرير كل وزير ولتمني من انتظار الوزاره
وبهذا النشاط تمسين أعلى من وزير … وربما مستشاره
فسراويل الحاكمين تعاني رغم تبريدها وثوب الحراره
***

أنت أدرى بهم فليس لديهم غير ما تعرفين أدنى مهاره
إنما … هل ترين هذا امتيازا ؟ مثل هذا يجربه فار وفاره
***

ليس للحاكمين أي طموح غير تحقيق أمسيات العهاره
والتماس المساعدات لتفى جبهة الشعب تحت نعل التجاره
واجتلاب المخطّطين صنوفا كي تضيع البلاد في كل قاره
***

أنت أدرى بهم وليس غريبا فالبغايا عيون حكم الدّعاره
أنت تشرينهم بدفء اللّيالي فيبيعون في هواك الأماره
وتقودين المنتنات إليهم فتقودينهم بأخفى إشاره
***

لا تضيقي فلم يعد ذاك سرا إن أقوى الرياح ريح القذراه
فلتزيدي من النشاط لتبني كالسلاطين كل شهر عماره
تلك أخزى نصيحة فاقبليها ـ كي تفوزي ـ ولا تكوني حماره
لست إلاّ عبارة ذات وجه لوجوه دلّت عليها العباره

نــجــم
18-04-2011, 08:46 PM
أيها الآتي بلا وجه إلينا لمتعد منا ولا ضيفا لدينا
غير أنّا … يا لتزييف الهوى نلتقي اليوم برغمي رغبتينا
سّرانا غير من كنّا كما سوف تبدو غير من كنا رأينا
أسفا ضيعتنا … أو ضعت من قبضتنا يوم ضيعنا يدينا
***

قبل عشر كنت منّا ولنا يا ترى كيف تلاقينا .. وأينا ؟
أنت لا تدري ولا ندري متى فرّقتنا الريح .. أو أين التقينا ؟
وإلى أين مضى السير بنا دون أن ندري .. ومن أين انثنينا
***

يوم جئنا الملتقى لم ندر من أين جئنا وإلى أين أتينا ؟
ربما جئنا إليه مثلما يطفر الإعصار أو سرنا الهوينا
ربما جئنا بلا وجهين أو ضاع وجهانا ومرأى وجهتينا
***

عبثا نسأل أطلال النى بعد يؤس المنتهى كيف ابتدينا ؟
كيف ذقنا وجع الميلاد كم ضحك المهد لنا أو كم بكينا
كيف ناغينا الصبا .. ماذا انتوى ؟ منهدنا المشؤوم .. أو ماذا انتوينا ؟
***

لا نعي كيف ابتدينا … أو متى كل ما نذكره أنّا انتهينا ؟
أنّى مهما نرتدي أسماءنا من أعادينا ومحسوب علينا
غير أنّا كل عام نلتقي عادة والزيف يخزي موقفينا

نــجــم
18-04-2011, 08:46 PM
ساه … في مقعده المهمل كسؤال ينسى أن يسأل
كحريق يبحث عن نار فيه عن وقدته يذهل
كجنين في نهدي أم لهفى تتمنى أن تحبل
***

يطفو ويقرّ كعصفور توّاق في قفص مقفل
يستسقي كالحلم الظامي ويحدّق كالطيف الأحول
فيشمّ خطى الفجر الآتي في منتصف اللّيل الأليل
ويصوغ الصمت ضحى غزل وأصيلا ورديا أكحل
ويضيع جمالا مبذولا في الكشف عن العدم الأجمل
يشدو للزاوية الكسلى ويصيخ إلى الركن الأكسل
ويفتش عن فمه الثاني ويحنّ إلى فمه الأوّل
***

والأربعة الجدران إلى عينيه تصغي … تتأمل
ترنو كفتاة تستجدي غزلا … وإذا ابتسمت تخجل
***

يغلي ويمور كما يعدو في كفّ العاصفة المشعل
مرمّي كالقبر المنسي وإلى كلّ الدّنيا يرحل
يغزو الأقمار ولا يعيى ويخوض البحر ولا يبتل
***

في كل راوية فنّان من قصته الفصل الأطوّل
في كل تثبي أغنية أنّى لهواه تتجمل
في كل كتاب عن بطل أخبار عنه لم تنقل
***

يحيا في التاريخ الفاني في الكثبان العطشى يخضل
يقتاد الحيل (كعنترة) يجترّ الزق مع (الأخطل)
ويناضل (قيصر) في (روما) (كسبرتاكوس) ولا يفشل
يطوي (الاسكندر) في يده ويجول على كتفي (أخيل)
ويرد اليوم إلى الماضي ويعيد الماضي مستقبل
ويلمّ الأزمنة الشتى لحظات تعرف ما تجهل
تنشهّى (( تنوي)) تتحدّى تستأني((تعدو)) تتخيّل
فيعفّر (ابرهة) .. يذكي عيني (سينا) بدم المحتل
يهمي فوق (الجولان) لظى يرمي (بالشمر) عن المنهل
يمحو (سابجون) بإصبعه ويمزّق (خيبر) بالمنجل
يلقي عن صهوته (كسرى) ويقاتل في (حيفا) أعزل
يدميه القصف ولا يدمى يرديه القتل ولا يقتل
يهفو من حلق الموت إلى اعتاب الميلاد الأحفل
***

يجتثّ الكون ليبدأه أسخى ويشكله أفضل
ويصوغ العالم ثانية أو يأمره أن يتحوّل
***

مرمي يرحل من بعد كالهول إلى البعد الأهول
في كلّ متاه يستهدي في كلّ حريق يتغسّل
يغزو المجهول بلا وعي ويعي لا يدري ما يفعل
فيعود يشكل ما ألغى أو يمضي يمحو ما شكّل

يارا العامرية
18-04-2011, 11:47 PM
صح لسسسآنه ..
ولآهنت نجم ع اختيـــرك ..

نــجــم
18-04-2011, 11:52 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

هوى روحي
19-04-2011, 03:29 AM
سسلمت يمناك ع روعة طرحك ..

الله يعطيك العـــــآفية ..
تقديري ,,


:m-64:

نــجــم
19-04-2011, 03:32 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

الثريـــا
19-04-2011, 03:39 AM
رحم الله البردوني
الشاعر الاعمى نظر والمبصر قلبا ..
،
ديوان لي عوده للأستمتاع بباقي قصائده ..
شكرا لك على مجهودك ..

نــجــم
19-04-2011, 04:05 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

دانــه
19-04-2011, 07:27 AM
صح لسان الشاعر ولاهنت يانجم ع الديووان الرااائع
يعطيك العافيه ...

نــجــم
19-04-2011, 11:05 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

صعبة المنال
25-04-2011, 03:10 PM
نجم
أج ــمل وأرق باقات ورودى
لموضوعك الجميل وطرحك الرائع
صح لسان الشاعر وتسلم يمينك
كل الود والتقدير
دمت برضى من الرح ــمن
لك خالص احترامي وتقديري

نــجــم
25-04-2011, 09:06 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

العنيــــدهـ
01-05-2011, 09:49 AM
لاهنت ع الاختيار الرائع
يعطيك العافيه
!..❥

نــجــم
01-05-2011, 10:23 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

سلطانة
04-05-2011, 09:49 PM
http://www.halauae.com/uploads/images/alsaher-3814931317.gif

نــجــم
05-05-2011, 01:38 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ