المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ


الصفحات : [1] 2

نــجــم
17-04-2011, 01:32 PM
http://www.adab.com/photos/61149661.jpg

البلد الاصلي: العراق
مكان الاقامة: السويد
ولد في مدينة الكوفة - العراق عام 1955.
عمل في بعض الصحف والمجلات العراقية والعربية.
عضو اتحاد الادباء العراقيين.
عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب.
عضو نقابة الصحفيين العراقيين.
عضو اتحاد الصحفيين العرب.
عضو منظمة الصحفيين العالمية.
عضو اتحاد الأدباء السويديين.
عضو نادي القلم الدولي في السويد.

صدرت له المجاميع الشعرية التالية :
1) انتظريني تحت نصب الحرية 1984 بغداد
2) أغنيات على جسر الكوفة 1986 بغداد
3) العصافير لا تحب الرصاص 1986 بغداد
4) سماء في خوذة (طبعة أولى) 1988 بغداد
(طبعة ثانية) 1991 القاهرة
(طبعة ثالثة) 1996 القاهرة
5) مرايا لشعرها الطويل (طبعة أولى) 1992 بغداد
(طبعة ثانية) 2002 عمان
6) غيمة الصمغ (طبعة أولى) 1993 بغداد
(طبعة ثانية) 1994 دمشق
7) تحت سماء غريبة (طبعة أولى) 1994 لندن
(طبعة ثانية) 2002 بيروت
8) خرجتٌ من الحرب سهواً (مختارات شعرية) 1994القاهرة
9) تكوينات 1996 بيروت
10) نشيد أوروك (قصيدة طويلة) طبعة أولى 1996 بيروت
طبعة ثانية 2004 القاهرة
11) صراخ بحجم وطن (مختارات شعرية) 1998 السويد
12) تأبط منفى (طبعة أولى) 2001 السويد (طبعة ثانية) 2004 القاهرة

· غادر العراق صيف 1993 اثناء مشاركته في مهرجان جرش في عمان، وأقام فيها، ثم أنتقل إلى بيروت عام 1996، حتى استقراره في السويد، حيث يقيم حالياً.

· شارك في العديد من المهرجانات الشعرية في السويد ولندن وهولندا وألمانيا والنرويج والدنمارك وبغداد وعمان وبيروت ودمشق والقاهرة وصنعاء وعدن والخرطوم والدوحة.

· تُرجمت بعض قصائده إلى: السويدية والإنجليزية والهولندية والإيرانية والكردية والأسبانية والالمانية والرومانية والفرنسية والنرويجية والدنماركية. وصدرت له بعض الترجمات في كتب منها:

مختارات شعرية (بالهولندية) ترجمة ياكو شونهوفن Jaco Schoonhoven 1997 ضمن اصدارات مهرجان الشعر العالمي في روتردام.

تحت سماء غريبة (بالاسبانية) ترجمة دار الواح 1997 مدريد.
الكتابة بالاظافر (بالسويدية) ترجمة ستافان ويسلاندر Staffan Wieslander ومراجعة الشاعرة بوديل جريك Bodil Greek - طبعة خاصة ضمن مهرجان أيام الشعر العالمية في مالمو 1998، طبعة أولى– 2000 مطبعة روزنغورد Bokf?rlaget Roseng?rd

· حصل على جائزة هيلمان هاميت العالمية للإبداع وحرية التعبير/ في نيويورك ! - عام 1996 HELLMAN HAMMETT

· حصل على جائزة مهرجان الشعر العالمي / في روتردام - عام 1997 INTERNATIONAL AWARD POETRY

نــجــم
17-04-2011, 01:32 PM
أوراق من سيرة تأبط منفي



(1)
أتسكعُ تحتَ أضواءِ المصابيحِ
وفي جيوبي عناوين مبللةٌ
حانةٌ تطردني إلى حانةٍ
وامرأةٌ تشهيني بأخرى
أعضُّ النهودَ الطازجةَ
أعضُّ الكتبَ
أعضُّ الشوارعَ
هذا الفمُ لا بدَّ أن يلتهمَ شيئاً
هذه الشفاه لا بدَّ أن تنطبقَ على كأسٍ
أو ثغرٍ
أو حجر
لمْ يجوعني الله ولا الحقولُ
بل جوعتني الشعاراتُ
والمناجلُ التي سبقتني إلى السنابلِ
أخرجُ من ضوضائي إلى ضوضاءِ الأرصفةِ
أنا ضجرٌ بما يكفي لأن أرمي حياتي
لأيةِ عابرةِ سبيلٍ
وأمضي طليقاً
ضجراً من الذكرياتِ والأصدقاءِ والكآبةِ
ضجراً أو يائساً
كباخرةٍ مثقوبةٍ على الجرفِ
لا تستطيعُ الإقلاعَ أو الغرق
تشرين ثاني 1993 عدن
*
(2)
كتبي تحتَ رأسي
ويدي على مقبضِ الحقيبةِ
السهول التي حلمنا بها لمْ تمنحنا سوى الوحولِ
والكتب التي سطرناها لمْ تمنحنا سوى الفاقةِ والسياطِ
أقدامي امحتْ من التسكعِ على أرصفةِ الورقِ
وأغنياتي تكسّرتْ مع أقداحِ الباراتِ
ودموعي معلّقةٌ كالفوانيسِ على نوافذِ السجونِ الضيقةِ
أفردُ خيوطَ الحبرِ المتشابكةَ من كرةِ صوفِ رأسي
وأنثرها في الشوارعِ
سطراً سطراً،
حتى تنتهي أوراقي
وأنام
آذار 1996 دمشق
*
(3)
سأحزمُ حقائبي
ودموعي
وقصائدي
وأرحلُ عن هذه البلادِ
ولو زحفتُ بأسناني
لا تطلقوا الدموعَ ورائي ولا الزغاريدَ
أريد أن أذهبَ
دون أن أرى من نوافذِ السفنِ والقطاراتِ
مناديلكم الملوحةَ.
أستروحُ الهواءَ في الأنفاقِ
منكسراً أمامَ مرايا المحلاتِ
كبطاقاتِ البريدِ التي لا تذهبُ لأحدٍ
لنحمل قبورنَا وأطفالنَا
لنحمل تأوهاتِنا وأحلامنَا ونمضي
قبل أن يسرقَوها
ويبيعوها لنا في الوطنِ: حقولاً من لافتاتٍ
وفي المنافي: وطناً بالتقسيط
هذه الأرضُ
لمْ تعدْ تصلحُ لشيءٍ
هذه الأرضُ
كلما طفحتْ فيها مجاري الدمِ والنفطِ
طفحَ الانتهازيون
أرضنا التي نتقيَّأُها في الحانات
ونتركها كاللذاتِ الخاسرةِ
على أسرةِ القحابِ
أرضنا التي ينتزعونها منا
كالجلودِ والاعترافاتِ
في غرفِ التحقيقِ
ويلصقونها على اكفنا، لتصفّقَ
أمامَ نوافذِ الحكامِ
أيةُ بلادٍ هذه
ومع ذلك
ما أن نرحلَ عنها بضعَ خطواتٍ
حتى نتكسرَ من الحنين
على أولِ رصيفِ منفى يصادفنا
ونهرعُ إلى صناديقِ البريدِ
نحضنها ونبكي
كانون ثاني 1996 الخرطوم
*
(4)
حياتنا التي تشبه الضراط المتقطع في مرحاض عام
حياتنا التي لمْ يؤرخها أحد
حياتنا ناياتنا المبحوحةُ في الريحِ
أو نشيجنا في العلبِ
حياتنا المستهلكةُ في الأضابير
والمشرورةُ فوق حبالِ غسيلِ الحروبِ
ترى أين أوَّلي بها الآن
حين تستيقظُ فجأةً
في آخرةِ الليلِ
وتظلُّ تعوي في شوارعِ العالم
15/7/1999 ليلاً - قناة دوفر Dover بحر المانش
*
(5)
أضعُ يدي على خريطةِ العالمِ
وأحلمُ بالشوارعِ التي سأجوبها بقدمي الحافيتين
والخصورِ التي سأطوقها بذراعي في الحدائقِ العامةِ
والمكتباتِ التي سأستعيرُ منها الكتبَ ولن أعيدها
والمخبرين الذين سأراوغهم من شارعٍ إلى شارعٍ
منتشياً بالمطرِ والكركراتِ
حتى أراهم فجأةً أمامي
فأرفع إصبعي عن الخارطة خائفاً
وأنامُ ممتلئاً بالقهر
16/7/1999 حديقة الهايدبارك – لندن
*
(6)
سأقذفُ جواربي إلى السماءِ
تضامناً مع مَنْ لا يملكون الأحذيةَ
وأمشي حافياً
ألامسُ وحولَ الشوارعِ بباطنِ قدمي
محدقاً في وجوهِ المتخمين وراءَ زجاجِ مكاتبهم
آه..
لو كانتِ الأمعاءُ البشريةُ من زجاجٍ
لرأينا كمْ سرقوا من رغيفنا
أيها الربُّ
إذا لمْ تستطعْ أن تملأَ هذه المعدةَ الجرباءَ
التي تصفرُ فيها الريحُ والديدانُ
فلماذا خلقتَ لي هذه الأضراسَ النهمة
وإذا لمْ تبرعمْ على سريري جسداً املوداً
فلماذا خلقتَ لي ذراعين من كبريت
وإذا لمْ تمنحني وطناً آمناً
فلماذا خلقتَ لي هذه الأقدامَ الجوّابةَ
وإذا كنتَ ضجراً من شكواي
فلماذا خلقتَ لي هذا الفمَ المندلقَ بالصراخِ
ليلَ نهار
آب 1999 براغ
*
(7)
أين يداكَ؟
نسيتهما يلوحان للقطاراتِ الراحلةِ
أين امرأتكَ؟
اختلفنا في أولِ متجرٍ دخلناهُ
أين وطنكَ؟
ابتلعتهُ المجنـزرات
أين سماؤكَ؟
لا أراها لكثرةِ الدخانِ واللافتاتِ
أين حريتكَ؟
أنني لا أستطيعُ النطقَ بها من كثرةِ الارتجاف
1996 مقهى الفينيق - عمان
*
(8)
دموعي سوداء
من فرطِ ما شربتْ عيوني
من المحابرِ والزنازين
خطواتي قصيرة
من طولِ ما تعثرتْ بين السطورِ بأسلاكِ الرقيب
أمدُّ برأسي من الكتاب
وأتطلعُ إلى ما خلفتُ ورائي
من شوارع مزدحمةٍ
ونهودٍ متأوهةٍ
ورغباتٍ مورقةٍ في الأسرّةِ
وأعجبُ كيف مرّتِ السنواتُ
وأنا مشدودٌ بخيوطِ الكلماتِ إلى ورقة
تموز 1993 مهرجان جرش- عمان
*
(9)
لا شمعة في يدي ولا حنين
فكيف أرسمُ قلبي
لا سنبلة أمامَ فمي فكيفَ أصفُ رائحةَ الشبعِ
لا عطور في سريري فكيف أستدلُّ على جسد المرأة
لنستمع إلى غناءِ الملاحين
قبل أن يقلعوا بأحلامهم إلى عرضِ البحرِ وينسونا
لنستمع إلى حوارِ الأجسادِ
قبل أن ينطفئَ لهاثها على الأرائك
أنا القيثارةُ مَنْ يعزفني
أنا الدموعُ مَنْ يبكيني
أنا الكلماتُ مَنْ .. يرددني
أنا الثورةُ مَنْ يشعلني
تشرين ثاني1993 صنعاء
*
(10)
أكتبُ ويدي على النافذة
تمسحُ الدموعَ عن وجنةِ السماء
أكتبُ وقلبي في الحقيبةِ يصغي لصفيرِ القطارات
أكتبُ وأصابعي مشتتة على مناضدِ المقاهي ورفوفِ المكتبات
أكتبُ وعنقي مشدودٌ منذ بدءِ التاريخِ
إلى حبلِ مشنقةٍ
أكتبُ وأنا أحملُ ممحاتي دائماً
لأقلِّ طرقةِ بابٍ
وأضحكُ على نفسي بمرارةٍ
حين لا أجد أحداً
سوى الريح
1991 بغداد
*
(11)
كيف لي
أن أتخلّصَ من مخاوفي
رباه
وعيوني مسمرةٌ إلى بساطيلِ الشرطةِ
لا إلى السماءِ
وبطاقتي الشخصية معي
وأنا في سريرِ النومِ
خشيةَ أنْ يوقفني مخبرٌ في الأحلام
24/7/1999 امستردام
*
(12)
تحتَ سلالمِ أيامي المتآكلةِ
أجلسُ أمام دواتي اليابسةِ
أخططُ لمجرى قصيدتي أو حياتي
ثم أديرُ وجهي باتجاهِ الشوارع
ناسياً كلَّ شيءٍ
أريدُ أن أهرعَ لأولِ عمودٍ أعانقهُ وأبكي
أريدُ أن أتسكعَ تحتَ السحب العابرة
حتى تغسل آثارَ دموعي
أريد أن أغفو على أيِّ حجرٍ أو مصطبةٍ أو كتاب
دونَ أن يدققَ في وجهي مخبرٌ
أو متطفلةٌ عابرةٌ
أعطوني شيئاً من الحريةِ
لأغمس أصابعي فيها
وألحسها كطفلٍ جائعٍ
أنا شاعرٌ جوّاب
يدي في جيوبي
ووسادتي الأرصفة
وطني القصيدة
ودموعي تفهرسُ التأريخَ
أشبخُ السنواتِ والطرقاتِ
بعجالة مَنْ أضاعَ نصفَ عمرِهِ
في خنادقِ الحروبِ الخاسرةِ والزنازين
مَنْ يغطيني من البردِ واللهاثِ ولسعاتِ العيون
وحيداً، أبتلعُ الضجرَ والوشلَ من الكؤوسِ المنسيّةِ على الطاولاتِ
وأحتكُّ بأردافِ الفتياتِ الممتلئةِ في مواقفِ الباصاتِ
لي المقاعدُ الفارغةُ
والسفنُ التي لا ينتظرها أحد
لا خبز لي ولا وطن ولا مزاج
وفي الليل
أخلعُ أصابعي
وأدفنها تحتَ وسادتي
خشيةَ أن أقطعها بأسناني
واحدةً بعدَ واحدة
من الجوعِ
أو الندمِ
تشرين أول1996 بيروت
*
(13)
أيها القلبُ الضال
يا مَنْ خرجتَ حافياً ذاتَ يومٍ
مع المطرِ والسياطِ وأوراقِ الخريفِ
ولمْ تعدْ لي
سأبحثُ عنكَ
في حقائبِ الفتياتِ اللامعةِ والمواخيرِ ومحطاتِ القطاراتِ
حافياً أمرُّ في طرقاتِ طفولتي
وعلى فمي تتراكمُ دموعُ الكتب والغبار
أجمعُ بقايا الصحفِ والغيوم الحزينة وصور الممثلات العارية
وأدلقُ وشلَ القناني الفارغةِ في جوفي
أجمعُ أعقابَ السجائر المطلية بالأحمر
وأظلُّ أحلمُ بما تركتهُ الشفاهُ الأنيقةُ من زفراتٍ
القصائدُ تتعفنُ في جيوبي
ولا أجد مَنْ ينشرها
الدموعُ تتيبسُ على شفتي
ولا أجد مَنْ يمسحها
راكلاً حياتي بقدمي من شارعٍ إلى شارعٍ
مثلما يركلُ الطفلُ كرتَهُ الصغيرةَ ضجراً منها
وأنا...
أتأملُ وجهي في المرايا المتعاكسة
وأعجبُ
كيف هرمتُ
بهذه العجالة
7/1/2000 أوسلو
*
(14)
سأجلسُ على بابِ الوطنِ محدودبَ الظهرِ
كأغنيةٍ حزينةٍ تنبعثُ من حقلٍ فارغٍ
يغطيني الثلجُ وأوراقُ الشجرِ اليابسة
أنظرُ إلى أسرابِ العائدين من منافيهم كالطيورِ المتعبةِ
أمسحُ عن أجفانهم الثلوجَ والغربةَ
إنهم يعودون...
لكن مَنْ يعيد لهم ما ضيعوهُ
من رملٍ وأحلامٍ وسنوات
أقلعتُ في أولِ قطارٍ إلى المنفى
وأنا أفكرُ بالعودة
شاختْ سكةُ الحديدِ
وتهرأتِ العجلاتُ
وامحتْ ثيابي من الغسيلِ
وأنا ما زلتُ مسافراً في الريحِ
أتطايرُ بحنيني في قاراتِ العالم
مثل أوراقِ الرسائلِ الممزقةِ
دموعي مكسّرةٌ في الباراتِ
وأصابعي ضائعةٌ على مناضدِ المقاهي
تكتبُ رسائلَ الحنينِ
لأصدقائي الذين لا أملكُ عناوينهم
أنامُ على سطوحِ الشاحناتِ
وعيوني المغرورقةُ باتجاهِ الوطنِ البعيد
كطائرٍ لا يدري على أيِّ غصنٍ يحطُّ
لكنني دون أن أتطلعَ من نافذةِ القطارِ العابرِ سهوب وطني
أعرفُ ما يمرُّ بي
من أنهارٍ
وزنازين
ونخيلٍ
وقرى. أحفظها عن ظهرِ قلب
سأرتمي، في أحضانِ أولِ كومةِ عشبٍ تلوحُ لي من حقولِ بلادي
وأمرّغُ فمي بأوحالها وتوتها وشعاراتها الكاذبةِ
لكنني
لن أطرقَ البابَ يا أمي
إنهم وراء الجدران ينـتظرونني بنصالهم اللامعة
لا تنتظري رسائلي
إنهم يفتشون بين الفوارز والنقاطِ عن كلِّ كلمةٍ أو نأمةٍ
فاجلسي أمامَ النافذة
واصغي في الليلِ إلى الريح
ستسمعين نجوى روحي
1998 مالمو
*
(15)
خطوطُ يدي امحت من التشبّثِ بالريحِ والأسلاك
ومن العاداتِ السرّيةِ
مع نساء لا أعرفهن
التقطتهنَّ بسنّارةِ أحلامي من الشارع
وهذه الشروخ، التي ترينها ليستْ سطوراً
بل آثار المساطر التي انهالتْ على كفي
وهذه الندوب، عضات أصابعي
من الندم والغضب والارتجاف
فلا تبحثي عن طالعي في راحتي
- ياسيدتي العرافة -
ما دمتُ مرهوناً بهذا الشرقِ
فمستقبلي في راحات الحكام
20/3/1990 كورنيش النيل- القاهرة
*
(16)
لا أعرفُ متى سأسقطُ على رصيفِ قصائدي
مكوّماً بطلقةٍ
أو مثقوباً من الجوعِ
أو بطعنة صديق
يمرُّ الحكامُ والأحزابُ والعاهراتُ
ولا يد تعتُّ بياقتي وتنهضني من الركامِ
لا عنق يستديرُ نحوي
ليرى كيفَ يشخبُ دمي كساقيةٍ على الرصيفِ
لا مشيعين يحملونني متأففين إلى المقبرة
الأقدامُ تدوسني أو تعبرني
وتمضي
الفتياتُ يشحنَ بأنظارهن
وهن يمضغن سندويشاتهن ونكاتهن المدرسية البذيئة
ومئذنةُ الجامعِ الكبير
تصاعدُ تسابيحها - ليلَ نهار -
دون أن تلتفت لجعيري
…….
لا أعرفُ على أيِّ رصيفِ منفى
ستسّاقطُ أقدامي ورموشي من الانتظار
لا أعرفُ أيَّ أظافرٍ نتنةٍ ستمتدُ إلى جيوبي
وتسلبني قصائدي
ومحبرتي وأحلامي
في وضحِ النهار
لا أعرفُ على أيِّ سريرِ فندقٍ أو مستشفى
سأستيقظ
لأجد وسادتي خاليةً...
ودموعي باردةً
ووطني بعيد
لا أعرفُ في أيِّ منعطفِ جملةٍ أو وردةٍ
سيسدد أحدهم طعنتَهُ المرتبكةَ العميقةَ
إلى ظهري
من أجلِ قصيدةٍ كتبتها ذاتَ يومٍ
أشتمُ فيها الطغاة والطراطير
ومع ذلك سأواصلُ طوافي وقهقهاتي وشتائمي
عابراً وليس لي غير الأرصفةِ والسعالِ الطويلِ
ليس لي غير الحبرِ والسلالمِ والأمطارِ
سائراً مثلَ جندي وحيدٍ
يجرُّ بين الأنقاضِ حياتَهُ الجريحةَ
لا أريدُ أوسمةً ولا طبولاً ولا جرائدَ
أريدُ أن أضعَ جبيني الساخنَ
على طينِ أنهارِ بلادي
وأموت حالماً كالأشجار

نــجــم
17-04-2011, 01:33 PM
لوليو



أسرّحُ طرفي
السماءُ التي أثلجتْ
لوّحتْ لي، وغامتْ وراءَ الصنوبرِ
مالي وهذا الصنوبرُ مُدّثرٌ بالعصافيرِ والقبلاتِ السريعةِ
مالي وتلك البناتُ يدخّن أسرارَهن وراءَ النوافذِ
مالي وهذي البلادُ التي لمْ يعكرْ فضاءاتها مدفعٌ منذ قرنين
مالي
وهذي السماءُ التي أثلجتْ
أو ستصحو …
…………….
………..
مالي
ولا أرض لي
غير هذي الخطى
لكأنَّ الحنين يقصّرها أو يسارعها
وأنا أتشاغلُ بالواجهاتِ المضيئةِ
عما يشاغلني
………
أقول لقلبي إلى أين؟
هم خربوا وطني
وتباكوا علي
المفارز عند الحدودِ البعيدةِ
ترنو لوجهي المشطّبِ بالسرفاتِ
تدققُ منذ الصباحِ باسمي وتقذفني
لكأن بلادي ممهورة بالدموع التي تتساقط سهواً
لكأن المخافر تفترُّ بي
لكأني وحيد بزنزانتي آخرَ البار
أكرعُ ما ظلَّ لي جرعةً واحدة
وأغيبُ…
رويداً، رويداً
………..
…..
ليس لي غير هذي الثلوج تظلّلُ نافذتي والشجرْ
كلما سألتني الفتاةُ اللصيقةُ عن وجهتي
اشتبكَ الغيمُ فوق مدامعنا وأنهمرْ

نــجــم
17-04-2011, 01:33 PM
يوليسيس



على جسرِ مالمو
رأيتُ الفراتَ يمدُّ يديهِ
ويأخذني
قلتُ أينَ
ولمْ أكملِ الحلمَ
حتى رأيتُ جيوشَ أمية
من كلِ صوبٍ تطوقني
وداعاً لنافذةٍ في بلادِ الخراب
وداعاً لسعفٍ تجردُهُ الطائراتُ من الخضرةِ الداكنةْ
وداعاً لتنورِ أمي
وداعاً لتاريخنا المتآكلِ فوق الروازين
وداعاً لما سوفَ نتركهُ في اليدين
وداعاً
نغادرهُ الوطنَ المرَّ،
لكنْ إلى أين؟
كلُّ المنافي أمرّ …
...........
النخيلُ الذي ظلّلتني طوالعُهُ
لمْ يعدْ منه غير بقايا تصاوير شاحبةٍ
ومصاطب فارغةٍ
وجذوع مشانق ترنو لأعناقنا الحالمةْ
والفراتُ الذي عمدتني مواجعُهُ
لمْ يزلْ سادراً بأنينِ القرى الهائمةْ
آه.. عوليس
ليتكَ لمْ تصلِ الآنَ
ليتَ الطريق إلى Malmo كانَ أبعدَ
أبعدَ
أبعدَ
أبعد
……………
………
أيهذا الغريبُ الذي لمْ يجدْ لحظةً مبهجهْ
كيف تغدو المنافي سجوناً بلا أسيجةْ

نــجــم
17-04-2011, 01:33 PM
العبور الي المنفي




أنينُ القطارِ يثيرُ شجنَ الأنفاقْ
هادراً على سكةِ الذكرياتِ الطويلة
وأنا مسمّرٌ إلى النافذةِ
بنصفِ قلب
تاركاً نصفَهَ الآخرَ على الطاولة
يلعبُ البوكرَ مع فتاةٍ حسيرةِ الفخذين
تسألني بألمٍ وذهول
لماذا أصابعي متهرئة
كخشب التوابيت المستهلكة
وعجولة كأنها تخشى ألاّ تمسك شيئاً
فأحدّثها عن الوطن
واللافتات
والاستعمار
وأمجاد الأمة
والمضاجعاتِ الأولى في المراحيض
فتميلُ بشعرها النثيث على دموعي ولا تفهم
وفي الركنِ الآخرِ
ينثرُ موزارت توقيعاتِهِ على السهوبِ
المغطاة بالثلج...
وطني حزينٌ أكثر مما يجب
وأغنياتي جامحةٌ وشرسة وخجولة
سأتمددُ على أولِ رصيفٍ أراه في أوربا
رافعاً ساقيَّ أمام المارة
لأريهم فلقات المدارس والمعتقلات
التي أوصلتني إلى هنا
ليس ما أحمله في جيوبي جواز سفر
وإنما تأريخ قهر
حيث خمسون عاماً ونحن نجترُّ العلفَ
والخطابات....
.. وسجائر اللفِّ
حيث نقف أمام المشانق
نتطلعُ إلى جثثنا الملولحة
ونصفقُ للحكّام
.. خوفاً على ملفات أهلنا المحفوظةِ في أقبية الأمن
حيث الوطن
يبدأ من خطاب الرئيس
.. وينتهي بخطاب الرئيس
مروراً بشوارع الرئيس، وأغاني الرئيس، ومتاحف الرئيس، ومكارم الرئيس ، وأشجار الرئيس ، ومعامل الرئيس، وصحف الرئيس، وإسطبل الرئيس، وغيوم الرئيس، ومعسكرات الرئيس، وتماثيل الرئيس، وأفران الرئيس، وأنواط الرئيس، ومحظيات الرئيس، ومدارس الرئيس، ومزارع الرئيس، وطقس
ستحدّق طويلاً
في عينيّ المبتلتين بالمطر والبصاق
وتسألني من أي بلادٍ أنا...

نــجــم
17-04-2011, 01:34 PM
أنا وهولاكو



قادني الحراسُ إلى هولاكو
كان متربعاً على عرشِهِ الضخمِ
وبين يديهِ حشدٌ من الوزراءِ والشعراءِ والجواري
سألني لماذا لمْ تمدحني
ارتجفتُ مرتبكاً هلعاً: يا سيدي أنا شاعرُ قصيدةِ نثر
أبتسمَ واثقاً مهيباً:
لا يهمكَ ذلك..
ثم أشارَ لسيافِهِ الأسودِ ضاحكاً:
علمْهُ إذاً كيف يكتبُ شعراً عمودياً بشطرِ رأسِهِ
إلى شطرٍ وعجزٍ
وإياكَ أن تخلَّ بالوزنِ
وإياكَ من الزحافِ والعللِ
امسكني السيافُ من ياقتي المرتجفةِ،
وهوى بسيفِهِ الضخمِ
على عنقي
فتدحرجَ رأسي،
واصطدم بالنافذةِ التي انفتحتْ من هولِ الصدمةِ.
فاستيقظتُ هلعاً يابس الحلق، لأرى عنقي مبللاً بالعرق، وكتابَ الطبري ما زالَ جاثماً على صدري، وقد اندعكت أوراقه تحت سنابكِ خيولِ هولاكو التي كانت تنهب الممالك والقلاع، وأمامي وشيشُ التلفزيونِ الذي انتهى بَثُّهُ بنهايةِ خطابِ الرئيسِ الطويلِ
قفزتُ مرعوباً
رأيت فراشي ملطخاً بدمِ الكتبِ التي جرفها نهرُ دجلة، ممتزجاً بالطمي والجهشات
حاولتُ أن أجمعَ شطري رأسي اللذَين التصقا بجانبي التلفزيون
وأصبحا أشبه بسماعتين يبثُّانِ الوشيشَ نفسَهَ.
في الصباحِ…….
على غيرِ العادةِ ،لم اقرأ نعيي في الجريدةِ ،
ولمْ تقفْ سيارةُ الحرسِ أمامَ البيتِ وعليها جنازتي
ولمْ أعرفْ تفاصيلَ ما حدثَ
ذلك لأنَّ هولاكو ضجرَ من الوشيشِ
فقامَ بنفسِهِ وأطفأَ التلفزيونَ
وعادَ إلى كتابِ الطبريِّ ثانيةً،
مبتسماً واثقاً مهيباً ،
بعد أن رفسني بخصيتي
لأنني نمتُ
قبل أن أكملَ بقيةَ سيرتِهِ

نــجــم
17-04-2011, 01:34 PM
الظل الثاني


وقفتُ أمام البنايةِ
مرتبكاً
يتعقبني ظلُّه من وراء الجريدةِ
لفَّ معي الطرقاتِ
وقاسمني مطعماً في ضواحي المدينةِ
والباصَ
والمكتباتِ اللصيقةَ
حتى انتهينا إلى دورةٍ للمياهِ
وقاسمتهُ هلعي في القصيدةِ، منكمشاً
أتحسسُّ طياتها من خلالِ التصاقِ القميصِ بنبضي الذي يتسارعُ
والعجلات التي تتسارعُ
والقبلات التي تتسارعُ خلف الغصون
تحسسَ - حين استدارَ - انتفاخَ مؤخرةِ البنطلونِ
فأبصرتُ فوهةً تترصدني……
………
ولم نفترقْ
قاطعتنا الشوارعُ
لم نفترقْ
قاطعتنا أغاني المقاهي التي سيحطُّ الذبابُ على لحنها ويطيرُ إلى الشاي، سيدةٌ بالثيابِ القصيرةِ تهبطُ من سلّمِ الباصِ تقرصها النظراتُ المريبةُ من فخذيها.. فتجفلُ، موجُ الزحامِ الذي يتلاطمُ فوق ضفافِ المحلاتِ منحسراً أخرَ الشهرِ نحو البيوتِ التي ستجففُ أيامَ
النوافيرُ…
ساحةُ بيروت…
لمْ نفترقْ…
………
دلفتُ إلى البارِ
كان ورائي
يمد مخالبَهَ في ظلالي وكانَ الوطنْ
على بعدِ منفى وكوبٍ من الشاي
يقرأُ في صحفِ اليوم آخرَ أخبارِهِ
نافثاً في الزجاجِ المضبّبِ دخانَ سيجارةِ اللفِّ
يبصقُ..
[ .. حين أصافحهُ، سيمدُّ يداً بترتها الشظايا، يشيرُ... (لصورةِ جلادهِ ساخراً تتربعُ أعلى الجريدةِ مزدانةً بالنياشينِ ـ كمْ نفختهُ الجرائدُ ـ يتبعهُ الدبقُ، الحشدُ والكامراتُ) .. أشيرُ إلى المطرِ المتساقطِ من غيمِ أجفانِهِ وهو يرنو لجوعِ شوارعهِ والعماراتِ
تمصُّ دماه وتعلو…]
.. يرى الحافلاتِ التي تتدافعُ
والخطوات التي تـتـ....
.. إلى أين يلهثُ هذا القطيعُ ؟
احتسيتُ ـ على قلقٍ ـ نصفَ كوبي
فبادلني النظراتِ
التفتُّ
رأيت الذي كان يرقبني
قابعاً خلف نظارتيهِ وظهري
يقرّبُ أذنيهِ من طرفِ الطاولةْ
نحنُ لمْ نتبادلْ سوى جملٍ نصف مبتورةٍ
فماذا يسجّلُ فأرُ الحكومةِ في أذنِ صاحبِهِ
ويُهيّيءُ- خلفَ التقاريرِ والمعطفِ الجلدِ - طلقتَهَ القاتلةْ

نــجــم
17-04-2011, 01:34 PM
نصوص رأس السنه


(1)
يسقطُ الثلجُ
على قلبي
في شوارعِ رأسِ السنةِ
وأنا وحدي
محاط بكلِّ الذين غابوا
*
(2)
كلَّ عامٍ
الأذرعُ تتعانقُ
وأنا أحدّقُ
عبرَ نافذةِ المنفى
إلى وطني
كعصفورٍ يرمي نظرتَهُ الشريدةَ
إلى الربيعِ
من وراءِ قضبانِ قفصِهِ
*
(3)
كلَّ عامٍ
يقفُ بابا نوئيل
على بابِ الوطنِ
ويدقُّ
يدقُّ
لا أحد
الآباءُ بكّروا إلى مساطرِ الحرب
الأمهاتُ هرمنَ في القدورِ الفارغةِ
الجنرالاتُ ذهبوا إلى الإذاعةِ
يلقون الخطبَ والتهنئات
والأطفالُ يئسوا
فناموا قرب براميلِ القمامةِ
يحلمون بهدايا
تليقُ بطفولاتهم المؤجلة

نــجــم
17-04-2011, 01:34 PM
بيادق



بيدقني السلطانْ
جندياً في حربٍ لا أفقهها
لأدافعَ عن رقعةِ شطرنجٍ - لا أدري -
أم وطنٍ أمْ حلبةْ
ولهذا أعلنتُ العصيانْ
لكنَّ الجندَ الخصيانْ
قادوني معصوبَ العينين إلى الخشبةْ
وأداروا نحوي فوْهاتِ بنادقهم
فصرختُ: قفوا
ستُجرّونَ على هذي الرقعة،
كبشاً كبشاً
كي تعلو - فوق سلالمِ أشلائِكمُ – التيجانْ

نــجــم
17-04-2011, 01:34 PM
الي ....



الذي كان لي صاحباً قبل أن نفترقْ
في شجون القصيدةْ
والذي ظلَّ في الظلِّ منكمشاً
خوف ضوء النهارِ ونأي الطرقْ
ومضيتُ إلى الشمسِ
ما همّني أحترقْ
أو أهيم بسْحبِ الأماني البعيدةْ
الذي كان لي صاحباً..
لم يعدْ همُّهُ
غير أن يتعقبني في الدروب كظلِّي
ويشتمني في الجريدةْ

نــجــم
17-04-2011, 01:35 PM
سيره ذاتيه لكاتم صوت


(1)
لماذا يلمعني هذا السيد الأنيق
كل صباح
وهو يمضي إلى مهمته الغامضة
*
(2)
وراءَ زجاجِ احدى المكتبات
ظلَّ صاحبي يختلسُ النظراتِ إلى وجهِ رجلٍ
كان يقلّبُ كتاباً
حين وقعتْ عيناهُ - على مؤخرةِ بنطلونِ صاحبي - ارتبكَ
هل خافني الرجلُ؟
سألتُ صاحبي، فلكزني بحذرٍ
أن أسكتَ
لكن الرجلَ الذي التفتَ فجأةً إلي ورآني
اصفّرَ وجهُهُ
تركَ الكتابَ
وانسلَّ مسرعاً بين الزحامِ
تاركاً صاحبي
يبحثُ عنه بغضبٍ
*
(3)
كيف يعرف - سيدي - يا تُرى
ضحيته
وسط هذا الحشد من الأعناق
*
(4)
ذات مساء
وبينما كان المطرُ ينهمرُ
في شوارعِ المدينةِ
أخرجني من دفءِ جيبهِ
حركني ببرودِ أعصابٍ
ووجهني إلى ظهرِ رجلٍ
كان منحنياً لالتقاطِ شيءٍ لمْ أرْهُ
إذ تكوّمَ الرجلُ فوقه فجأةً
بينما اتسعتْ خطواتُ صاحبي
*
(5)
بعد سنواتٍ من عملي
أصبتُ بمرضٍ عضال
فأخذني صاحبي إلى دكانِ رجلٍ ملطخٍ بالزيتِ
نظرَ لي طويلاً
ثم قطّبَ شفتيه بأسفٍ
متمتماً بأنني لم أعدْ أصلحُ لشيءٍ
تركني صاحبي بلا رفةِ قلبٍ أو مبالاةٍ
دون أن يدري أنهم سيرمونه مثلي ذاتَ يومٍ
*
(6)
بين كومةٍ من عظام وأشلاء حديدية
التفتُ بحذرٍ
رأيتُ حولي عشراتٍ من زملاء المهنة
بهيئاتٍ وحشرجات مختلفة
تبادلنا أطرافَ الأحاديثِ قبلَ أنْ ننامَ
عن جولاتِنا الليليةِ
عن العيونِ التي أطفأنا فيها البصيصَ
عن الأعناقِ التي كنا نراها مزهوةً
ونعجبُ
كيف ترتجفُ أمامنا فجأةً
وتتلوى كسنابل في الريحِ،
بينما كنا نضحكُ
عن تلك الحياة الشاسعة التي.....
لم تكن تعني لنا سوى ضغطةِ زناد

نــجــم
17-04-2011, 01:35 PM
الإله المهيب



هالتهُ كثرةُ الشكاوى التي ضَجرَ الملائكةُ من إيصالها
والدموع التي لا تصلُ صندوقَ بريدِهِ إلا ذابلةً أو متسخةً
والشتائم التي تُكال له يومياً بسببٍ أو دونه
أرادَ أن يعرفَ ما يجري في بلادِنا
فتنكَّرَ بملابسِ قرويٍّ
ونزلَ من سمائِهِ البهيةِ
متجولاً في شوارعِ المدينةِ
وبينما هو ينظرُ مشدوهاً
إلى صورِ السيد الرئيسِ تملأُ الحيطانَ والهواءَ وشاشاتِ التلفزيونِ.
مرقَ موكبُهُ المهيبُ، مجلجلاً
- بين جوقةِ المصفقين واللافتاتِ والحرس-
فتعالى الهتافُ من فمِ الرصيفِ المندلقِ
ورقصتِ البناياتُ والشجرُ والناسُ والغيومُ
فلكزَهُ أحدهم هامساً بذعر:
صفّقْ أيها المغفّل،
وإلا جرجركَ حراسُهُ الغلاظ

نــجــم
17-04-2011, 01:35 PM
ألفة



منكباً في ورشتِهِ
يصنعُ هذا النجّارُ الكهلُ
توابيتاً للناسْ
ينسى التفكيرَ بموته
الألفةُ تفقدهُ الإحساسْ

نــجــم
17-04-2011, 01:35 PM
عربات


بعد قليلٍ ....
أمرُّ
أدفعُ الحياةَ أمامي كعربةٍ فارغةٍ
وأهتفُ: أيها العابرون
احذروا
أن تصطدموا بأحلامي

نــجــم
17-04-2011, 01:35 PM
سيرة


من امرأةٍ إلى امرأةٍ
ومن رصيفٍ إلى آخر
أمشي
قاطعاً حياتي
سيراً على الأحلام

نــجــم
17-04-2011, 01:36 PM
حنو


أنحني كالقوسِ على نفسي
ولا أنطلقُ
أشياءٌ مريرةٌ تشدني إلى الأرض

نــجــم
17-04-2011, 01:36 PM
نواعير


وإلامَ
تظلُّ تدورْ
وتدورْ
يا عبدَ اللهِ المغمورْ
كحصانِ الناعورْ
تسقي أرضاً
لمْ تنبتْ لكَ غيرَ البورْ

نــجــم
17-04-2011, 01:36 PM
قنينه



جالساً قبالتي يعبُّ الكؤوس..
واحدةً تلو الأخرى
حتى طفحتْ أعماقُهُ وسالَ
فهرعَ الندلُ يمسحونهُ بتذمرٍ
عن الطاولةِ والممراتِ والجالسين…
هل كان رجلاً
أم قنينة خمر؟

نــجــم
17-04-2011, 01:36 PM
بوصلة


الربانُ المترددْ
بين السطحِ وبين القاعْ
يحسبُ كلَّ رياحِ العالمِ
غيرَ مواتيةٍ للإقلاعْ

نــجــم
17-04-2011, 01:36 PM
غبار


بلا أجنحةٍ
يطيرُ الغبارُ ساخراً
من آلافِ الأشياءِ التي تركها على الأرض
*
مهما أثاروكَ أيها الغبارُ
ستهبطُ إلى القاعِ،
حتماً....
بأسرعِ مما علوتَ
*
ما انشدادهُ للأرضِ
هل للغبارِ وطن !!؟

نــجــم
17-04-2011, 01:37 PM
تكوينات



(1)
لا تقطفِ الوردةَ
انظرْ...
كمْ هي مزهوة بحياتها القصيرة
*
(2)
في بالِ النمرِ
فرائس كثيرة
خارجَ قضبانِ قفصهِ
يقتنصها بلعابِهِ
*
(3)
في الروحِ المذبوحِ
رقصٌ كثيرٌ
غيرَ أنَّ مدارَ الجسدِ لا يتسع
*
(4)
ما الذي يعنيني الآن
أيها الرماد
انكَ كنت جمراً
*
(5)
كمْ نلعنكِ
أيتها الأخطاء
عندما لمْ تَعُدْ لكِ من ضرورةٍ
*
(6)
كلما ارتفعتْ منائرهم
خَفَتَ صوتُ الجائع
*
(7)
الجزرُ
عثراتُ البحرِ
راكضاً باتجاهِ الشواطيء
هكذا تلمعُ خساراته من بعيد
*
(8)
باستثناءِ شفتيكِ
لا أعرفُ
كيفَ أقطفُ الوردةَ
*
(9)
أصلُ أو لا أصلُ
ما الفرق
حين لا أجدكِ
*
(10)
تمارسُ المضاجعةَ
كما لو أنها تحفظها عن ظهرِ قلبٍ
*
(11)
لمْ تعدْ في يدي
أصابع للتلويحِ
لكثرةِ ما عضضتها من الندم
*
(12)
هل تتذكرنا المرايا
حين نغيبُ عنها
*
(13)
سأقطفُ الوردةَ
سأقطفها
لكنْ لمنْ سأهديها
في هذا الغسقِ
من وحدتي
*
(14)
لا أحد ينظرُ إلى أحدٍ
الكلُّ ينظرون إلى بعضهم
*
(15)
لولمْ يكنْ لجمالكِ مشجب
أينَ
نعلّقُ أخطاءَنا..؟
*
(16)
جمالها الذي عاشتهُ بإفراط
انفرطَ من بين أناملها
دون أن تتمكن
من الانحناء
لالتقاطِ ما تبقّى من حياتها
*
(17)
إنها لعنة الجسدْ
أنَّ ينامَ وحيداً على الجمرِ
مكتفياً بأصابعِهِ
عن نساءٍ يراودن أحلامَهُ
لا يخلّفنَ غيرَ الزبدْ
*
(18)
وأنتِ تمرينَ بخدكِ المشمشي
كمْ من الشفاهِ تلمظتْ بكِ
في الطريقِ إلي
*
(19)
بإبرتهِ المائيةِ
يخيطُ المطرُ
قميصَ الحقول
*
(20)
ماذا تفعلُ ظلالنا
في حضرةِ الضوء
*
(21)
هكذا نجلسُ
متقابلين
أصابعنا متشابكة
وقلوبنا تهيئ حقائبها للسفر

نــجــم
17-04-2011, 01:37 PM
خيبات


انتظرتُ الأغصانَ الجرداءَ حتى أزهرتْ
والراياتِ المنكّسةَ حتى انتصبتْ
لكنْ ما أن تكوّرَ الوردُ حتى قطفَهُ غيري
وما أن سارتْ الراياتُ حتى تركتني على الرصيفِ
ومضتْ تشقُ طريقَها وسطَ الهدير .. إلى باحة القصر
وانتظرتُ السفنَ المبحرةَ حتى عادتْ
لكن ما أن نزلَ البحارةُ والمسافرون
لم أجدْ من يعرفني
وقرعتُ الزنازينَ حتى فُتحتْ
لكن ما أن خرجَ السجناءُ
فاتحين أذرعَهم ورئاتهم للحريةِ
حتى جروني من ذراعي ورموني فيها

نــجــم
17-04-2011, 01:37 PM
لو

لو مرةً
تعودُ الهراواتُ
والسياطُ
إلى الحقولِ
وتروي تأوهاتِ الأجسادِ التي تمزقتْ
تحت لسعها
لوأدتِ الأشجارُ أطرافَها
وأضربتِ الغاباتُ عن الطعامِ
فلمْ تعدْ هناكَ بلابل
أو غصون

نــجــم
17-04-2011, 01:37 PM
حصار


نلوبُ بزعانفنا في طياتِ الماء
الهواءُ يختنقُ بنا
والجالسون أمامَ زجاجِ حوضِنا الأنيقِ
ينظرون بلذةٍ لشهقاتِنا الملونةِ وهي تخبطُ السديمَ
بحثاً عن بقايا الهواء
نحن الأسماك المحاصرة في حوضِ الوطن

نــجــم
17-04-2011, 01:37 PM
بياض


الرقيبُ الذي في الكتابْ
ظلَّ يلتهمُ الكلماتِ
السطورَ
الحروفَ
الفوارزَ
حتى تكرّشَ من كثرة الصفحات
وغابْ
إلهي……
ما الذي سوف أفعلهُ
ببياضٍ كهذا
البياضُ حجابْ

نــجــم
17-04-2011, 01:37 PM
وجبة


الجوعُ يمدُّ مخالبَهَ في بطني
فألتهمُ أوراقي
وأمشي..
واضعاً يدي على بطني
خشيةَ أن يسمعَ أحدٌ طحينَ الكلمات

نــجــم
17-04-2011, 01:38 PM
معادله


نزلْ أو فاصعدْ
- لا فرق -
أيان تجوبْ..؟
القمة..
بئرٌ مقلوبْ

نــجــم
17-04-2011, 01:38 PM
الاسكافي


جالساً
على الرصيفِ
أمامَ صندوقهِ
يرنو
لأيامِهِ التي
ينتعلها الناس

نــجــم
17-04-2011, 01:38 PM
هندسة


تربّعَ المربعُ
متنهداً
على أريكةِ الصفحةِ:
كان يمكنني أن أمضي معكَ إلى الأبدِ
أيها المستقيمُ
لولا انهم أغلقوا عليّ أضلاعي

نــجــم
17-04-2011, 01:38 PM
هبوب


صافناً أمامَ رحيلكِ
كنسرٍ يخفقُ في مواجهةِ العاصفةِ
بينما ريشُهُ يتناثرُ في السهوبِ

نــجــم
17-04-2011, 01:38 PM
رجاء


عمرٌ..
أو عشرةُ أعمارْ
لا تكفي
يا ربي
كي أشبعَ من صحنِ أنوثتها
فامنحني اياها
بدلاً من حورك
والأنهارْ
أو ليستْ لي حرية أن أختارْ

نــجــم
17-04-2011, 01:38 PM
النهاراتُ التي ترحلُ
هل تلتفتُ
لترانا ماذا نفعلُ
في غيابها

نــجــم
17-04-2011, 01:38 PM
الحبل الذي مدوهُ حولَ عنقِهِ
استطالَ بالصراخِ
ثم
انقطعَ
مَنْ سقطَ قبل الآخر

نــجــم
17-04-2011, 01:39 PM
إلى الشاعر الشهيد علي الرماحي
في عصر الطغيانْ
كان الشعراءُ الخصيانْ
- كالفئرانْ -
ينكمشون بـجحرِ السلطانْ
ويغنون
بأمجادِ جلالتهِ
وبنعمتهِ
وتظلُّ حروفك
- في كلِّ زمانٍ ومكانْ -
تمشي ....
وعلى كتفيها الصلبانْ

نــجــم
17-04-2011, 01:39 PM
كمْ أضاعوا من وقتٍ وورقٍ وأرصفةٍ
أولئك الذين شتموني في المهرجاناتِ
والمراحيضِ
والصحفِ
أولئك الذين لاحقوني بتقاريرهم السريةِ
من حانةٍ إلى قصيدةٍ
ومن وطنٍ إلى منفى
أولئك
كمْ أرثي لهم الآن
حياتَهم الخاويةَ
إلى حدِّ أنهم لمْ يتركوا منها شيئاً
سواي

نــجــم
17-04-2011, 01:39 PM
الفاشيون
والشعراء المخصيون
يقفون..
على طرفي حبلٍ،
معقودٍ
في عنقي
و…
يشدون

نــجــم
17-04-2011, 01:39 PM
لمْ يفتحْ نافذةً في بيتْ
أو يزرع ورداً في راحةِ ليتْ
أو يطربه نايٌ أو بيتْ
مرَّ بهذي الدنيا ظلاً
لا تعرفه حياً أو ميْتْ

نــجــم
17-04-2011, 01:39 PM
أدخلُ دورةَ المياهِ
مفكراً بدورةِ الحياةِ
أسحبُ سيفونها
فتنجرفُ الأفكارُ الفاسدةُ
وأخرجُ طليقاً
كأنَّ رؤوسنا هي أيضاً
بحاجةٍ إلى دورةِ مياهْ

نــجــم
17-04-2011, 01:39 PM
لنْ يطرقَ بابَكَ ثانيةً
فإلامَ ستجلسُ منتظراً
في الدارْ
توهمكَ
الصدفةُ
بالتكرارْ

نــجــم
17-04-2011, 01:40 PM
إلى القاص حميد المختار
فمه الذي اعتادَ أن يقولَ لا
مرغوهُ بالترابِ
فنمتْ أشجارٌ كثيرةٌ على امتدادِ البلادِ
يسمعُ الإمبراطورُ حفيفَها وهي تعبرُ نوافذَ قصرهِ

نــجــم
17-04-2011, 01:40 PM
دائماً كنتُ أسمعُ أصواتهم الغريبة
وهي ترطنُ باسمي
ثم أقدامهم الحديدية وهي تصعدُ السلالمَ
ثم قبضاتهم على الباب
ثم فوهاتهم في صدغي
ثم جثتي وهي تتدحرجُ
خلف هدير محركات سياراتهم
ثم صخب المتحلقين حولي وهم يتساءلون:
- من أين أتوا؟
لكنهم لم يأتوا
تركوا لي المشهدَ مفتوحاً
على اتساعِ الطلقةِ المؤجلة

نــجــم
17-04-2011, 01:40 PM
لافتاتٌ تتقدمُ
بغابةٍ من الشعاراتِ
اختلفوا
مَنْ يتقدمُ الأولَ؟
ثم تشابكوا بالأيدي
ثم بالهراوات
ثم..
سقطتِ اللافتات
ولم نرَ نحن المحتشدين على جانبي الطريق
سوى غابةٍ من البنادق
تتقدمُ مشتبكةً
باتجاهنا...

نــجــم
17-04-2011, 01:40 PM
أراهم..
يدفعونني ويدخلون
يدفعونني ويخرجون
وأنا أصطفقُ بأضلاعي
وراءهم
لا أحد يلتفتُ
ليرى
كم هي مضنية
وصفيقة،
مهنة الباب

نــجــم
17-04-2011, 01:40 PM
على رصيفِ شارعِ الحمراء
يعبرُ رجلُ الدين بمسبحتِهِ الطويلةِ
يعبرُ الصعلوكُ بأحلامِهِ الحافيةِ
يعبرُ السياسي مفخّخاً برأسِ المال
يعبرُ المثقف ضائعاً
بين ساهو وحي السلّم
الكلُ يمرُّ مسرعاً ولا يلتفتُ
للمتسولِ الأعمى
وحدهُ المطرُ ينقّطُ على راحتِهِ الممدودةِ
باتجاهِ الله

نــجــم
17-04-2011, 01:40 PM
لحظةَ الانعتاقِ الخاطفةِ
بماذا يفكرُ السهمُ
بالفريسةِ
أمْ...
بالحرية

نــجــم
17-04-2011, 01:41 PM
أنتَ تمضي أيها المستقيم
دون أن تلتفتَ
لجمالِ التعرجاتِ على الورقِ
أنتَ تملكُ الوصولَ
وأنا أملكُ السعة

نــجــم
17-04-2011, 01:41 PM
نَظَرَ الأعرجُ إلى السماء
وهتفَ بغضبٍ:
أيها الربُّ
إذا لمْ يكنْ لديكَ طينٌ كافٍ
فعلامَ تعجّلتَ في تكويني

نــجــم
17-04-2011, 01:41 PM
كلما نبحَ الكلبُ
خلفَ سحابةْ
عبرتهُ
ولمْ تنتبهْ
للدعابةْ

نــجــم
17-04-2011, 01:41 PM
وحيدة تجلسُ أمامَ النافذةِ
تحوكُ الصوفَ
رجلٌ عابرٌ وحيدٌ
يسحبُ الخيطَ
يسحبُ النافذةَ
يسحبُ المرأةَ
يدخلُ سنارتَهُ فيها
ويظلُّ يحوكُ
هكذا ينسجان أحلامهما
كلَّ يومٍ
وبينهما خيطٌ مهموسٌ...
لا يصل

نــجــم
17-04-2011, 01:41 PM
جالساً بين دفتي دمعتي
أفكرُ بالمصائرِ المجهولةِ
لملايين العيونِ المتحجرةِ
التي نسيها المؤرخون
بين الفوارز والنقاطِ
على هوامشِ الفتوحاتِ

نــجــم
17-04-2011, 01:42 PM
نحن المنحنين إلى الأبدِ
كجسورِ الأريافِ الخشبيةِ
تمرُّ علينا الجواميسُ
والأحزابُ
والجنرالاتُ
والمركباتُ السريعةُ
والأحلامُ المتثائبةُ
ونحن نتأملُ خريرَ مياهِ التاريخِ
ونبتسمُ بعمقٍ
لأمواجِهِ التي ستتكسرُ عما قليلٍ
أمامَ صخورنِا

نــجــم
17-04-2011, 01:42 PM
هؤلاء الطغاة
أصحيحٌ يا ربي
انهم مروا من بين أناملِكَ الشفيفةِ
وتحملتهم!؟

نــجــم
17-04-2011, 01:42 PM
شَعَرَ تمثالُ السيد الرئيس بالضجر
فنـزل من قاعدته الذهبية
تاركاً الوفودَ والزهورَ وأناشيدَ الأطفال،
وراح يتمشى بين الناس الذين اندفعوا يصفقون له:
"بالروح بالدم.. نفديك يا.….."
انتعشَ التمثالُ.
وحين علمتْ تماثيلُهُ الأخرى بالأمر
نزلتْ إلى الساحاتِ
وراحتْ تتقاتلُ فيما بينها.
والناس يتفرجون
لا يدرون
أيهم السيدُ الرئيس....؟!!

نــجــم
17-04-2011, 01:42 PM
ستعرفينهم من الأحذيةِ التي تركوها
.. قبل أن ينهزموا
ستعرفينهم بالتأكيد
هؤلاء الذين ملأوا منابرَ المدينة
بطبولِ بطولاتهم
ترى أين نجدهم الآن
لنعرف كيفَ سمعوا قبلنا
بأولى الاطلاقاتِ
نحن الذين كنّا مجرَّدَ آذان

نــجــم
17-04-2011, 01:42 PM
الذين صُفّوا
في ساحةِ الإعدام
حملقوا بعيونٍ مرتجفةٍ
إلى الفوهاتِ السودِ
المصوبةِ إلى رؤوسهم الحليقةِ
لكنهم لمْ يروا عيونَ القتلةِ
كانتْ محجوبةً خلفَ صفِ البنادقِ الطويلِ
لهذا ظلّتْ نظراتهم
مسمّرةً نحونا
.. إلى الأبد

نــجــم
17-04-2011, 01:43 PM
أطرقَ مدرسُ التاريخِ العجوزُ ماسحاً غبارَ المعاركِ والطباشير عن نظارتيه
ثم أبتسمَ لتلاميذهِ الصغارِ بمرارةٍ:
ما أجحدَ قلبَ التاريخِ
أكلّ هذا العمر الجميل الذي سفحتُهُ على أوراقِهِ المصفرةِ
وسوف لا يذكرني بسطرٍ واحدٍ

نــجــم
17-04-2011, 01:43 PM
نسيتُ نفسي على طاولةِ مكتبتي
ومضيتُ
وحين فتحتُ خطوتي في الطريق
اكتشفتُ أنني لا شيء غير ظلٍّ لنصٍ
أراهُ يمشي أمامي بمشقةٍ
ويصافحُ الناسَ كأنه أنا

نــجــم
17-04-2011, 01:43 PM
يـملونني سطوراً
ويبوبونني فصولاً
ثم يفهرسونني
ويطبعونني كاملاً
ويوزعونني على المكتباتِ
ويشتمونني في الجرائدِ
وأنا
لمْ
أفتحْ
فمي
بعد

نــجــم
17-04-2011, 01:43 PM
أقلّ قرعة بابٍ
أخفي قصائدي - مرتبكاً - في الأدراج
لكن كثيراً ما يكون القرع
صدىً لدورياتِ الشرطةِ التي تدورُ في شوارعِ رأسي
ورغم هذا فأنا أعرفُ بالتأكيد
انهم سيقرعون البابَ ذات يوم
وستمتدُ أصابعهم المدربةُ كالكلابِ البوليسيةِ إلى جواريرِ قلبي
لينتزعوا أوراقي
و…..
حياتي
ثم يرحلون بهدوء

نــجــم
17-04-2011, 01:43 PM
أطرقُ باباً
أفتحهُ
لا أبصر إلا نفسي باباً
أفتحهُ
أدخلُ
لا شيء سوى بابٍ آخر
يا ربي
كمْ باباً يفصلني عني

نــجــم
17-04-2011, 01:43 PM
لي بظلِّ النخيلِ بلادٌ مسوّرةٌ بالبنادق
كيف الوصولُ إليها
وقد بعد الدربُ ما بيننا والعتابْ
وكيف أرى الصحبَ
مَنْ غُيّبوا في الزنازين
أو كرّشوا في الموازين
أو سُلّموا للترابْ
انها محنةٌ - بعد عشرين -
أنْ تبصرَ الجسرَ غيرَ الذي قد عبرتَ
السماواتِ غيرَ السماواتِ
والناسَ مسكونةً بالغيابْ

نــجــم
17-04-2011, 01:44 PM
(1)
قال أبي:
لا تقصصْ رؤياكَ على أحدٍ
فالشارعُ ملغومٌ بالآذانْ
كلُّ أذنٍ
يربطها سلكٌ سرّيٌ بالأخرى
حتى تصلَ السلطانْ

*
(2)
بعد أن يسقطَ الجنرالُ من المشنقة
بعد أن يرسمَ الطيرُ دورتَهُ
في الهواء الطليقْ
بعد أن تتخضّبَ راياتُنا بالدماءِ....
ما الذي نفعلُ؟

*
(3)
جالساً بظلِّ التماثيلِ
أقلّمُ أظافري الوسخةَ
وأفكّرُ بأمجادهم الباذخةِ
هؤلاء المنتصبون في الساحات
يطلقون قهقهاتهم العاليةَ
على شعبٍ يطحنُ أسنانَهُ من الجوعِ
ويبني لهم أنصاباً من الذهبِ والأدعية

نــجــم
17-04-2011, 01:44 PM
ارتبكَ الملكُ
وهو يرى جنودَهُ محاصرين
من كلِّ الجهاتِ
والمدافعَ الثقيلةَ تدّكُ قلاعَ القصرِ
صرخ:
أين أفراسي؟
- فطستْ يا مولاي
- أين وزيرُ الدولة
- فرَّ مع زوجتكَ يا سيدي في أولِ المعركةِ
تنحنحَ الملكُ مُعدّلاً تاجهُ الذهبي
وعلى شفتيه ابتسامةٌ دبقةٌ:
ولكن أين شعبي الطيب؟
لمْ أعدْ اسمعه منذ سنينٍ
فأنفجرَ الواقفون على جانبي الرقعةِ بالضحكِ
- لقد تأخرتَ يا سيدي في تذكّرنِا
ولم يبقَ لنا سوى أن نصفّقَ للمنتصرِ الجديد

نــجــم
17-04-2011, 01:44 PM
هؤلاء الذين
تساقطوا أكداساً
أمامَ دباباتِ الحرسِ
هؤلاء الذين حلموا كثيراً بالأرضِ
قبل أن يحلّقوا بأجنحتهم البيضاء
هؤلاء الذين نما على شواهدِ قبورهم صبّيرُ النسيان
هؤلاء الذين تآكلتْ أخبارُهم
شيئاً ، فشيئاً..
في زحمة المدينة
إنّهم يتطلعون بعيونٍ مشدوهةٍ
إلى قدرتنا على نسيانهم بهذهِ السرعة

نــجــم
17-04-2011, 01:44 PM
صرخَ في المشيعين
وهم ينثرون أكداسَ الوردِ على ضريحهِ
- شكراً لكم على أيِّ حالٍ
فقد انقضتْ حياتي، بأسرعِ مما ستذبلُ به أزهاركم النديّة

نــجــم
17-04-2011, 01:44 PM
ذاتَ يومٍ
اكتشفتْ في مرآتها
امرأةً ثانيةً
تتمرى معها
غضبتْ كثيراً
وهشّمتها – في عنفٍ –
فتطايرتْ شظايا الزجاجِ
في أرجاءِ الغرفةِ
وتكاثرتِ المرأة

نــجــم
17-04-2011, 01:45 PM
حين بحثَ في أدراجِ الليلِ
ولمْ يجدْ سيجاراً
أشعلَ عودَ الثقابِ
وبدأ يدخنُ نفسَهُ - بهدوءٍ -
ملتذاً،
وهو يتلاشى رويداً، رويداً
في سحبِ الدخان

نــجــم
17-04-2011, 01:45 PM
قبل أن يكملَّ رسمَ القفصِ
فرَّ العصفورُ
من اللوحة

نــجــم
17-04-2011, 01:46 PM
أماه…
مالي أراه
يحدّقُ بي كثيراً
يلحسُ شفتي الرقيقتين
بعينه الظامئتين
إلى حدِّ أنّهُ…
يجعلني أرتعشُ
من بللِ قبلاتهِ غير المرئية

نــجــم
17-04-2011, 01:46 PM
من كثرِ اختلافِ مواعيدكِ معي
اضطرُ دائماً
أن أضبطَ ساعتي
على عقاربِ أعذاركِ

نــجــم
17-04-2011, 01:46 PM
أزهارُ الشبّو
تتسلّلُ – كلَّ مساءٍ
إلى غرفتكِ
تسرقُ رائحةَ جسدكِ
وتعودُ إلى الحديقة
بخطى متوجسةٍ
لئلا تشي بها الأزهارُ النمّامة

نــجــم
17-04-2011, 01:46 PM
وأنتِ تتحدثين مع الآخرين
في الحفلِ
كانتْ شفتاكِ
تغزلان مواعيدهما
خارجَ جدرانِ القاعةِ
مع المطر
والأشجار
والأرصفة

نــجــم
17-04-2011, 01:47 PM
رفقاً أيها المطرُ
قميصي تبلّل..
وها أنا أرتعشُ من الحبِّ
لماذا ينظرُ لي العابرون – بدهشةٍ –
هل أبدو عارية

نــجــم
17-04-2011, 01:48 PM
حين لا ينحني الجسرُ
لن يمرَّ النهرُ
18/9/1993 عمان
*
منطرحاً
على السفحِ
يسألُ:
هل من شاغرٍ
في القمة؟
28/9/1993 عمان
*
كلما كتبَ رسالةً
إلى الوطنِ
أعادها إليه ساعي البريد
لخطأٍ في العنوان
30/9/1993 عمان
*
للفارسِ في الحفلِ وسامُ النصر
وللقتلى في الميدانِ
غبارُ التصفيقِ
وللفرسِ في الإسطبلِ
سطلٌ من شعير
21/9/1993 عمان
*
كمْ من الهواء
لمْ يستنشقْهُ بعدُ
هكذا فكَّرَ بعمقٍ
داخلَ زنزانتهِ
فاختنقَ بالسعال
9/10/1993 عمان
*
خلف الخطى الصاعدة
إلى العرشِ
ثمةَ دمٌ منحدرٌ
على السلالم
24/9/1993 عمان
*
نقرُ أصابعكِ
على الطاولةِ
موسيقى طازجة
30/9/1993 عمان
*
وجدَ ظله نائماً
في الظلِّ
أيقظهُ..
واصطحبهُ معه إلى الضوء
30/9/1993 عمان
*
تجلسُ في المكتبة
فاتحةً ساقيها
وأنا أقرأُ..
ما بين السطور
28/9/1993 عمان
*
يدها قطعةُ شكولاتا
وأنا جائعٌ
جائعٌ
جائعٌ
منذ آلافِ العصور
لا يكفيني سوى الخبز
29/6/1992 بغداد
*
مقعدهُ في الحافلةِ
تابوتٌ مؤقتٌ
هكذا أسبلَ جفنيهِ
إلى آخرِ المحطةِ
دون أن يوقظَهُ صخبُ العالم
28/9/1993 عمان
*
كلّ عامٍ، في مخزنِ الشتاءِ
الطبيعةُ تجردُ موجوداتها
لاستقبال الربيع
وتنسى شجرةَ الحزنِ اليابسة
أمام نافذتي
28/9/1993 عمان
*
قالتْ له بغضبٍ:
- أيها المسمارُ المعوجُّ
مَنْ دقّكَ على حائطي؟
وعلّقَ مزيداً من المعاطفِ والأطفال
28/9/1993 عمان
*
رسائل البرقِ
مَنْ يمزقها
قبلَ أنْ تصلََ الأرض؟
29/11/1993 عمان
*
بين أصابعنا المتشابكةِ
على الطاولةِ
كثيراً ما ينسجُ العنكبوتُ
خيوطَ وحدتي
1993 عمان
*
الأشجارُ كلامُ الأرضِ
في أذنِ الريحِ
غيرَ أن الحطابَ
كثيراً ما يقاطعهما
بفأسِهِ
7/12/1993 عمان
*
كمْ علي أن أخسرَ
في هذا العالم
كي أربحكِ
1993 عمان
*
ينظرُ الشوكُ
بشماتةٍ
إلى أعناقِ الورودِ المقطّعةِ
14/12/1993 عمان
*
لمْ تتعلمْ السباحةَ
لكنكَ علّمتها أيها البحرُ
أن تتموجَ على ذراعِ مَنْ تحبُّ
دون أن تغرق
14/12/1993 عمان
*
طافَ أصقاعَ العالم
لكنه لمْ يصل
.. إلى نفسهِ
14/12/1993 عمان
*
في المرّةِ الوحيدةِ
التي فكّرتُ بتقبيلكِ
قالتْ لي شفتاكِ:
وداعاً
1993 عمان
*
كلما تعانقتْ كلمتان
صرخَ الشاعرُ
– على الورقةِ –
آه…
كم أنتَ وحيدٌ أيها القلب
14/12/1993 عمان
*
أحياناً تنسى الطيورُ أعشاشَها
وتحطُّ على بياضِ يديكِ
لذلك عندما تصافحينني
كثيراً ما أرى الزغبَ
يغطي أصابعي
فأحلّقُ بعيداً في سماءِ الورقة
4/6/1991 بغداد
*
من أين أستدينُ أياماً صالحةً!؟
أيها الشعرُ
لقد أفسدتَ عليَّ حياتي تماماً
12/10/1993 عمان
*
أقفُ أمامَ المرآةِ
لكي أرى وحدتي
1993 عمان
*
الربّانُ المتردّدُ
يجدُ كلَّ الرياح
غيرَ مؤاتيةٍ ..
للإقلاع
11/1/1993 عمان
*
بسمِّهِ يموتُ
العقربُ الذي لا يلدغُ أحداً
15/11/1993 عمان
*
لا تولدُ الفكرةُ
إلا عاريةً
فمَنْ يلبسها كلَّ هذه المعاطفِ
والـ…
1993 عمان
*
أيها المخرجُ العجولُ
سرعان ما أنهيتَ حياةَ الجنودِ
على شاشةِ الحربِ العريضةِ
دون أن تتركَ للمتفرجين
فرصةَ تكريزِ أسمائهم
4/6/1991 بغداد
*
قالوا لها دموعكِ كاللؤلؤ
حين حملتها إلى الصيرفيِّ
فركها بأصابعهِ مندهشاً
لشدةِ بريقها
لكنّهُ لمْ يدفعْ لها فلساً
إذْ سرعان ما جفّتْ بين يديه
4/10/1993 عمان
*
كلما حلَّ عقدةً
طال حبلُ المسافةِ بينهما
12/10/1993 عمان
*
أعلّمُ أصابعي أبجديةَ الفرحِ
كي اقرأَ جَسَدَكِ
29/11/1993 عمان
*
الليالي…
التي بلا أرقٍ
أنساها
على سريري
في الصباح
1991 بغداد
*
أفكّرُ في شفتيكِ
فيسيلُُ العسلُ
على زجاجِ ذاكرتي
ألعقهُ…
دون أن تعلمين
قطرةً..
قطرةً
ترى أتؤلمكِ شفتاكِ؟
1991 بغداد
*
وأنا أقدّمُ للناشرِ مخطوطةَ ديواني
أحصيتُ مسبقاً عددَ الأعذارِ المطبعيةِ
التي سيعلقها على شماعتي
وأحصى مسبقاً عددَ القراء الذين سيضيفهم
إلى رصيدهِ في البنكِ..
لذلك لمْ نتفقْ..
لملمتُ انكساري…
ولملمَ أعذارَهُ…
وافترقنا
4/6/1991 بغداد
*
هدّئي من رنينِ أجراسكِ النحاسيةِ،
في صالةِ رأسي
- أيتها الكلمات .. -
كي لا يفسدَ هذا الضجيجُ هدوءَ القصيدةِ
فعما قليلٍ ستخرجُ إلى الغاباتِ
متأبطةً قلبي
21/10/1991 بغداد
*
لأنني لا أستطيعُ أن أميّزَ
بين الوردِ وشفتيكِ
كثيراً ما توخزني الأشواكُ
في مروجِ الأحلام
1991 بغداد
*
لا تتركي نهديكِ
يثرثران كثيراً على سريرِ اللغةِ
بلاغةُ جسدكِ في الإيجاز
17/3/1993 بغداد
*
مالي أراهم
ينثرون باقاتِ الزهورِ الندية
على سريري – شاهدتي البيضاء
دون أن أعترضَ
أو أصرخَ
أو أبكي ..
هل متُّ حقاً..
ولا أدري
4/6/1991 بغداد
*
الأرقُ
نسي مفاتيحَ غرفتهِ
على طاولتي
ترى أين يبيتُ الليلة؟
1991 بغداد
*
تنطفيءُ الشمعةُ
وأشتعلُ بجسدكِ
ما من أحدٍ
يحتفلُ بالظلام
13/9/1993 عمان
*
كل زفيرٍ
يذكّرني..
كمْ من الأشياءِ عليّ أن أطردها
من حياتي
15/11/1993 عمان
*
النصلُ الذي يلمعُ
في العتمةِ
أضاءَ لي وجهَ قاتلي
4/3/1994 عمان
*
مَنْ قالَ أن الفرحَ طائرٌ قلقٌ
لا يستقرُّ على غصنٍ
ها هو غصنُ حياتي
ممتليءٌ بالعصافيرِ الميتة
6/12/1993 عمان
*
على جلدِ الجوادِ الرابحِ
ينحدرُ..
عرقُ الأيامِ الخاسرة
6/11/1993 عمان
*
الشعراءُ الأقصرُ قامةً
كثيراً ما يضعون لقصائدهم
كعوباً عالية
1993 عمان
*
كثرةُ الطعناتِ
وراءَ ظهري
دفعتني كثيراً
.. إلى الأمام
5/11/1993 عمان
*
أيتها الوردةُ
في الذبولِ الأخيرِ
لمن تلوحين الآن....!؟

نــجــم
17-04-2011, 01:48 PM
شمعةً..
شمعةً
ستنطفيءُ السنواتُ
ويلفّني السعالُ والخريفُ
فلا أرى سوى بقعِ الشمعِ المتجمدةِ
… على سريري
ياه…
أيها القلبُ
ما أسرعَ ما تتشمعُ أصابعُ النساء

نــجــم
17-04-2011, 01:49 PM
لأنها تخافُ الموجَ
أطلقتْ على رمالِ النثرِ مراكبها الورقيةَ
وجلستْ أمامَ البحرِ
تحلمُ…
بخفقِ الأشرعةِ البعيدة

نــجــم
17-04-2011, 01:49 PM
ذئابٌ سودٌ
تتسلّقُ ذاكرتي
تنهشُ جثثَ الأيامِ المنسية
في الأرضِ الحرامِ
وتتركني
– كلَّ مساءٍ –
أعوي ..
وحيداً
على ثلوجِ أوراقي
في منافي العالم
*
أتطلعُ إلى صورِ الأصدقاءِ
في ألبومِ الحربِ
وأحصي: كمْ قنينةً
سكبتُ – هنا، على طاولتي –
فوق حفرِ مقابرهم
التي سُوّيتْ على عجل
*
يا لحنيني
كلما فكّرتُ في السفر
قفزَ من عينيَّ
طفلان مخضَّلان، بالقرنفل والأسئلة
ووطنٌ، مدجّجٌ بالحراسِ
وامرأةٌ، لا تدري
كيف تدبّرُ مسواقَ البيتِ
………
…………
كلما فكّرتُ في الغربة
سبقتني دموعي إلى الوطن
*
نصفكَ: وطنٌ ضائعٌ في البارات
ونصفكَ الآخر: يهيّءُ حقائبَهُ للسفر
يلتقي نصفاكَ، كعقربينِ في ساعةٍ عاطلةٍ
ويفترقان، كغريبين على أرصفةِ المنافي الحامضة
وأنتَ مسمّرٌ إلى النافذة
لا تملك غيرَ جوازِ سفرك المركون
… على الرفِّ
تبيّضُ فيه إناثُ العناكب

نــجــم
17-04-2011, 01:49 PM
أصغي لرنينِ معاولهم
تحفرُ التأريخَ
بأصابع من حجرٍ
وجلودٍ ملّحتها السياطُ
أصغي...
ثمةَ أنينٌ طويلٌ
يوصلني بسرّةِ الأرض
1993 عمان - البتراء
*
البحر الميت
وجدَ نفسَهُ طافياً
على زرقةِ البحرِ الميت
كقذيفةٍ فاسدةٍ
وأحزانه تذوبُ
في القاعِ اللزجِ
رويداً، رويداً
بينما كانتْ عيناه
معلقتين… هناك
كطائرين ينـزفان…
على الأسلاكِ الشائكة

نــجــم
17-04-2011, 01:49 PM
أكلُّ هذه الثورات
التي قامَ بها البحرُ
ولمْ يعتقلْهُ أحد
*

نــجــم
17-04-2011, 01:49 PM
ترى كمْ من الينابيعِ
والسواقي
والأنهارِ
والبحيراتِ
امتزجتْ في مياهكَ
وضاعتْ بين أمواجكَ
دون أن تتذكّرَها
أيها البحر

نــجــم
17-04-2011, 01:50 PM
كلما تقدمتْ خرافُ الأمواجِ الغاربة
بأعناقها البضّةِ الناصعةِ
إلى سكين الصخور
قهقه البحرُ عالياً
وأصطبغَ الأفقُ بنجيعِ الشفق

نــجــم
17-04-2011, 01:50 PM
أكلُّ هذه الهيجانات
التي تمورُ في أعماقكَ
والصخور والمراكب التي تتحطمُ عند قدميكَ
وأنتَ تحنو…
بخضوعٍ ولذةٍ
أمام المرايا..
تمشطُ للحورياتِ المضطجعاتِ
على رمالِ سريركَ
خصلاتهنَّ الناعمة

نــجــم
17-04-2011, 01:50 PM
يتراكضُ الشجرُ
في عينيها …
صاعداً نحو جبلِ روحي الأجردِ
أمدُّ أصابعي
لبرعمٍ – في روحي – يتفتّحُ للتوِّ
فتغزني أشواكُ البعاد

نــجــم
17-04-2011, 01:50 PM
مالي أبحثُ عن البحرِ
وهو بين أصابعي
أقصدُ : شعركِ
2/10/1991 بغداد
*
عندما لمْ يرني البحرُ
تركَ لي عنوانَهُ:
زرقةَ عينيكِ
.. وغادرني
2/10/1991 بغداد
*
هرعتْ إلى غرفتها
لتردَّ على رنينِ الهاتف الذي
كانتْ أمواجهُ ترتطمُ بالصخورِ
والجدرانِ
والمرايا
وتتشظى في الأثير
عندما رفعتِ السماعةَ
سَكَنَ البحر
1991 بغداد
*
من أجلِ أن لا يصاب البحرُ
بالإحباطِ
حين تهجرهُ المراكبُ
تعلّمَ – مثلي – أن يغطي جراحاتهِ
بزبدِ النسيانْ
25/10/1991
*
أيتها الفكرةُ اللابطةُ
كسمكةٍ عنيدةٍ
في حوضِ اللغة
أحاولُ أن أتتبعَ مساركِ في خطوطِ الماء
فتبتلُّ أصابعُ ذهني
وتزلقين
ماذا أفعل؟
إذا كانتْ أوراقي لا تسعُ البحر

نــجــم
17-04-2011, 01:50 PM
يلعقُ المطرُ
جسدكِ..
ياه..
كيف لا يغارُ العاشق
4/6/1991 بغداد
*
أمامَ المرآةِ
كان المطرُ
يتساقطُ على النافذةِ
وأنا كنتُ ألملمُ نهاياتِ الضفيرةِ
.. عن دموعِ المشط
1991 بغداد
*
الفتياتُ
يحملنَ المظلات
خشيةَ البلل
لذا…
يزعلُ المطرُ..
ويرحل
13/9/1991 بغداد
*
قطراتُ المطرُ
تتسلّلُ تحتَ قميصكِ
تلحسُ عسلَ حلمتيك
وأنا أمام زجاجِ النافذةِ
ألحسُ دموعَ المطر
4/6/1991 بغداد
*
مَنْ يغسلُ للمطرِ ثيابَهُ اللازورديةَ؟
إذا اتسختْ بغبارِ المدينةِ
وأين ينامُ إذا رحلتِ السحبُ؟
وتركتهُ وحيداً، ملتصقاً
على زجاجِ النوافذ المغلقة
وحين يفكّرُ بمصاحبةِ امرأةٍ…
مَنْ ستتسكّعُ معه في الشوارعِ؟
وتتحملُ بروقَهُ ورعودَهُ؟
……
………
واضعاً يدَهُ على خدهِ
ويفكّرُ في غربةِ المطر
3/10/1993 عمان
*
أيها المطرُ..
إبقَ في الشوارعِ نزقاً
كالقططِ والأطفالِ
ابقَ على الزجاجِ لامعاً
منساباً كقطراتِ الضوءِ
ولا تدخلْ في معاطفِ الأثرياء
إلى المحلاتِ
خشيةَ أن تتلوّثَ يداكَ البيضاوان
بالنقود
4/6/1991 بغداد
*
المطرُ أبيض
وكذلك أحلامي.
ترى هل تفرّقُ الشوارعُ بينهما؟
المطرُ حزين
وكذلك قلبي
ترى أيهما أكثر ألماً..؟
حين تسحقهما أقدام العابرين
4/6/1991 بغداد
*
أيها المطرُ
يا رسائلَ السماءِ إلى المروجِ
علمني كيف تتفتقُ زهرةُ القصيدةِ
من حجرِ الكلام
1991 بغداد
*
حين يموتُ المطرُ
ستشّيعُ جنازتَهُ الحقولُ
وحدها شجيرةُ الصبير
ستضحكُ في البراري
شامتةً من بكاءِ الأشجار
4/6/1991 بغداد
*
المطرُ يعبرُ الجسر
المواشي تعبرُ الجسر
الغيومُ تعبرُ الجسر
الحافلاتُ تعبرُ الجسر
أيها الجسرُ – يا قلبي –
إلى مَ تبقى منشطراً على النهر
ولا تعبر الضفةَ الثانية
4/6/1991 بغداد
*
أيها المطرُ
– يا صديقي المغفّل –
حذارِ من التسكّعِ على أرصفةِ المدنِ المعلّبةِ
ستتبدّدُ – مثلي – لا محالةً
قطرةً، قطرةً
وتجفُّ على الإسفلتِ
لا أحد يتذكركَ هنا
وحدها الحقولُ البعيدةُ
ستبكي عليك

نــجــم
17-04-2011, 01:51 PM
عائداً...
من غبارِ الحربِ
بقلبٍ مجرّحٍ
وذراعين من طبولٍ وذهب
حالماً بشفتي كليتمنسترا، العسليتين
اللتين كانتا في تلك اللحظة
تذوبان على شفتي عشيقها ايجستوس
ليلةً، ليلة
عندما فتحَ البابَ
رأى في دبقِ شفتيها
الآفَ الجثثِ التي تركها في العراء
فتذكر
أنه نسي أن يتركَ جثتَهُ هناك .

نــجــم
17-04-2011, 01:51 PM
ما أسرع ما غادرتُ حدائقَ اللعبِ لأبيعَ السجائر
ما أسرع ما ضاقَ علي قميصُ المدرسة، ليعلّقني مسمارُ الوظيفة،
من ياقتي
ما أسرع ما كلّلتْ ثلوجُ السنواتِ الحامضة، مروجَ شعري،
فتأبطني موظفُ التقاعدِ، إلى الغروبِ
وأضابيرِ الأطباءِ
ومقاهي الندمِ
ما أسرعَ ما دقَّ جرسُ رحيلها
وأنا لمْ أكملْ بعدُ، أبجديةَ أنوثتها
فدرّسوني شخيرَ اللغة
ما أسرعَ ما أنفضَّ الحفلُ
لأبقى وحيداً.. في حانةِ القصيدة
طافياً على رغوةِ التصفيق
ما أسرعَ ذلك
ما أسرعَ ما مرَّ ذلك
إلى حدِّ أنني أخشى
أن أفتحَ قبضتي، لأصافحكِ
فتفلتُ السنواتُ الباقية

نــجــم
17-04-2011, 01:51 PM
بينما كان يلقي محاضرتَهُ..
في القاعةِ المحتشدةِ
كانوا هناك
يفصّلون جثتَهُ على مقاسِ التقاريرِ الواردةِ
ويتركون ما تبقى من دمهِ
في ثلاجةِ العائلة
حين ترجّلَ من المنصّةِ
وسطَ موسيقى التصفيق
تحسّسَ عنقه
لمْ يجدْ غيرَ فراغٍ مهولٍ
وثمةَ حزٌّ طويلٌ، ما زال ندياً فوق ياقتهِ
ركضَ هلعاً إلى الجمهور…
مستنجداً بالكراسي… الفارغة
متعثّراً بقهقهات الصدى
………
…………
لا أحدَ،
غير حارسٍ عجوزٍ
كان يهذي
عن رجلٍ مخبولٍ
شاهده – قبل قليل –
يبحثُ…
بين المقاعدِ
عن رأسهِ المقطوع

نــجــم
17-04-2011, 01:51 PM
الجندي، الذي نسي أن يحلقَ ذقنَهُ
ذلكَ الصباح
فعاقبهُ العريف
الجندي القتيلُ، الذي نسوه في غبارِ الميدان
الجندي الحالمُ، بلحيتهِ الكثّة
التي أخذتْ تنمو
شيئاً، فشيئاً
حتى أصبحتْ ـ بعد عشرِ سنوات ـ
غابةً متشابكةَ الأغصانْ
تصدحُ فيها البلابلْ
ويلهو في أراجيحها الصبيانْ
ويتعانقُ تحت أفيائها العشاقْ
..........
................
الجندي..
الذي غدا متنـزهاً للمدينة
ماذا لو كان قد حلقَ ذقنَهُ، ذلك الصباح

نــجــم
17-04-2011, 01:51 PM
النجومُ، التي يتوهمها المطبعيُّ، حروفاً متناثرةً على أديمِ الليل.
النجومُ، التي يراها المدفعيُّ، دموعَ الأراملِ التي سيخلّفها بعد كلِّ قذيفة
النجومُ، التي يحسوها السكّيرُ، حبيباتٍ طافيةً من الذكرياتِ المرّة
النجومُ، التي يتلمّسها السجينُ، سجائرَ مطفأةً في جلدهِ
النجومُ، التي تمسحها العاهرةُ، بقايا الفحولاتِ المنطفئةِ بين فخذيها
النجومُ، التي يتأمّلها العابدُ، رذاذَ ماءِ الوضوءِ
على سجادةِ الكون
النجومُ...
دموعنا المعلّقةُ - بالدبابيسِ - في ياقةِ السماء
ترى أين تختفي
عندما تفتحين نافذتكِ.. في الصباح

نــجــم
17-04-2011, 01:52 PM
على قوسِ الصباحْ
تنشرُ المرأةُ
غسيلَ أيامها
تتلمسُ ثيابَهُ المبقّعةَ بغبارِ الحربِ
ونعاسَ شرشفها الفاضح
فجأةً.......
تختلسُ النظرات
لسطحِ جارتها
وهي تشرُّ ثيابها السود
فتمسكُ قلبها، بيديها
- كليمونةٍ معصورةٍ -
وتهبطُ مسرعةً
الى غرفةِ النومِ
متشبّثةً بعنقِ زوجها
وهو يفركُ عينيه
مذهولاً
لمرآى زوجته....
........ بالثيابِ السود

نــجــم
17-04-2011, 01:52 PM
أفتحُ ثلاجةَ أحزاني
أخرجُ قنينةَ عرق
وأشربها كلها
نخبَ أصدقائي المهاجرين
عبرَ الأنفاقِ
بلا وطنٍ
ولا سجائر
ولا جوازات سفر
أرفعُ أنخابَهم كأساً، كأساً
أو جثةً، جثةً
وحين أسقطُ على الرصيفِ
من الثمالة
سيحملونني – في توابيتهم –
إلى البيت

نــجــم
17-04-2011, 01:52 PM
مرتْ مفرزةُ الإعدامْ
أمامَ نافذتها
فاختلجَ قلبها، كعصفورٍ مبللٍ بالزئبقْ
- إلى أين يسرعون بخطاهم الحديدية!؟
تناهى إلى سمعها
الإيقاعُ الأسودُ
يرتقي السلالمَ
درجةً، درجةً
- لقد أخذوه قبل عام!...
…………
………
توقفتْ جزماتهم – فجأةً –
أمامَ بابِ شقتها
فتوقفَ نبضُها المتسارعُ
وتساقطتْ عقاربُ الساعةِ، من معصمها،
كطيورٍ ميّتةٍ، على السجادةِ
- ما الذي جاؤوا يفعلونه الآن!؟
………………………
………………………
طَرَقوا البابَ
مدّتْ أصابعها المرتعشةْ
وحين أدارتْ المقبضَ صارخةً
انفتحتْ عيونُ الجيرانِ، تحملقُ مذهولةً
لوجهها الشاحبِ
وهي تسألهم بفزعِ
ترى أين ذهبوا....؟!!

نــجــم
17-04-2011, 01:52 PM
كلما سقطَ دكتاتور
من عرشِ التاريخِ، المرصّعِ بدموعنا
التهبتْ كفاي بالتصفيق
لكنني حالما أعود الى البيتِ
وأضغطُ على زرِ التلفزيون
يندلقُ دكتاتورٌ آخر
من أفواهِ الجماهيرِ الملتهبةِ بالصفيرِ والهتافات
.. غارقاً في الضحكِ
من سذاجتي
التهبتْ عيناي بالدموع

نــجــم
17-04-2011, 01:53 PM
لأنَّ الشمسَ
ظلتْ نائمةً إلى الضحى
في سريرِ الإمبراطورْ
لمْ تستيقظ المدينةُ – هذا الصباح –
غير أن السجينَ المشاكسَ
مدَّ أظافرَهُ الطويلةَ الحادةَ
– عبرَ القضبانِ –
ووخزَ جسدَها الأرجوانيَّ
فاندلقَ دمُها،
ساخناً
فوقَ كوّةِ زنزانتهِ
وأضاءَ العالم

نــجــم
17-04-2011, 01:53 PM
أمامَ النافذةِ
طفلٌ يلحسُ البوظا
ملتذاً،
بلسانهِ الأبلق
خلفَ النافذةِ
رجلٌ يلحسُ فخذَ السكرتيرةِ الشقراء
بنظراتِهِ الشرهةِ
داخلَ النافذةِ
مخبرٌ قميءٌ يلحسني
مختبئاً، خلف ثقوبِ جريدتهِ
…………
……………
تسقطُ البوظا
على الرصيفِ
فيبكي الطفلُ
تسوّي الفتاةُ تنورتها
– خلف الآلةِ الكاتبةِ –
فيرتبكُ الرجلُ
تعصفُ الريحُ بالجريدةِ
فيطيرُ الحمامُ
لكنَّ النافذةَ
تبقى مفتوحة

نــجــم
17-04-2011, 01:53 PM
معادلةٌ صعبةٌ
أن توزّعَ نفسكَ بين فتاتين
بين بلادين
من حرسٍ وأناناس
بينهما، أنتَ ملتصقٌ بالزجاجةِ
في حانةٍ، تتقافزُ فيها الصراصيرُ
كانتْ لكَ الكلماتُ، الطريقَ إلى النخلِ..
من أين جاؤوا بأسوارهم
فانتحيتَ، تراقبُ
ضوءَ الصواري البعيدةِ
يخبو ، ويصعدُ
بين الشهيقِ، وبين الزفير
............
.............
معادلةٌ مرّةٌ
أن تظلَّ كما أنتَ
ملقىً على الرملِ
ترسمُ أفقاً، وتمحوهُ
برقاً، وتجلوهُ
إنَّ السماءَ القريبةَ، أشهى
السماءَ البعيدةَ.. أبهى
لكن أحذيةَ الحرسِ الملكيِّ
ستحجبُ عنك فضاءَ الحنينِ المعرّش
ما بين أزهارِ قلبكَ، والنافذة
............
.............
معادلةٌ صعبةٌ
أن أبدّلَ حلماً، بوهمٍ
وأنثى،.. بأخرى
ومنفى، بمنفى
وأسألُ:
أين الطريق!؟

نــجــم
17-04-2011, 01:53 PM
على شرفةٍ
من شذاً ونوارس..
ينحدرُ البحرُ
هل قلتُ: ينحدرُ البحرُ نحو رمالكِ
ما بيننا وطنٌ لا يؤوبْ
سفنٌ كالندوبْ
... على صفحةِ الماءِ
كفي وكفُّكِ تَرتعشانِ من البردِ
هل قلتُ: إنّا غريبان، في المدنِ الطحلبيةِ
نبحثُ عن نخلةٍ
لتظلّلَ أحلامنَا، في اليباسِ الأخيرِ
ما لهمْ واجمون إذن؟
.................
............
..............
المقاعدُ خاليةٌ
في الصباحِ
يلاصقنا البحرُ
نرسمُ فوقَ الرمالِ بلاداً
فيمسحها الموجُ
هل قلتُ: أحذيةَ العابرين
وأحلمُ..
فيروز ناعسةُ كالرذاذِ
على شفتيكِ
تذوبان
في شفتي
وأسكرُ...
هل قلتُ : إنكِ أكثر صدقاً من البحر

نــجــم
17-04-2011, 01:53 PM
السماءُ التي ظلّلتْ أرضَنَا
والمنافي التي أرّختْ جرحَنَا
سأقولُ لها
كلما طردتني بلادٌ
وساومني صاحبٌ
اتكأتُ على صمتي المرَّ...
أبكي الذي فاتَنَا

نــجــم
17-04-2011, 01:54 PM
منـزوياً، وحزينْ
بين مئاتِ الكتبِ المرصوفةِ
مَنْ يتلفّتُ نحوكَ يا ابن الصائغ..!؟
والناسُ أمامَ زجاجِ المكتبةِ اللمّاعِ
يمرّونَ بحزنِكَ ـ دونَ مبالاةٍ ـ
قدْ تتصفحُ إحداهنَّ أغانيكَ على عجلٍ
يتقافزُ قلبُكَ بين أناملها...
هاهي ـ كالحظِّ ـ تقطّبُ في وجهكَ..
تبتاعُ "دليلَ الطبخِ"
.... وتمضي
ويضيقُ أبو المكتبةِ الكهلُ، بديوانكَ...
يرميكَ بقاعِ المخزنِ
تبقى بين الأكداسِ الصفراء، المنسيةِ،
منذ سنين...
تحلمُ....
بالواجهةِ اللمّاعةِ،
بالنظراتِ،
وبالمارين
فتبكي أيامكَ....
ثم تموتُ..
بصمتْ !
21/2/ 1985 السليمانية
********

نــجــم
17-04-2011, 01:54 PM
في ضجيجِ الطبولْ
لكَ أنْ تنتحي
جانباً
وتؤجّلَ ما.... ستقولْ
28/6/1985 السليمانية
************

نــجــم
17-04-2011, 01:54 PM
تتمطى المدينةُ, في الفجرِ
ناعسةً،
بثيابِ الضبابِ الشفيفةِ,
والكسلِ العذبِ....
تفتحُ شبّاكَها
لرذاذِ الصباحِ اللذيذ
وإذا انشغلتْ بتأملِ لغطِ العصافيرِ فوق الغصون
وأحسّتْ دبيبَ الشوارعِ بالعابرين
سوف تحملُ مسرعةً،
.. يومها
.. وحقيبتها
وتضيعُ بموجِ الزحامْ
………
………
في المساءِ الأخيرِ,
ستجلسُ متعبةً
قربَ مصباحها
وتشيّعُ فوق رصيفِ انكساراتها، آخرَ الراحلين
وتمسحُ عن فخذيها بقايا المساء
ستحصي مرارتها, والنقودَ
ورجْعَ غناءِ السكارى على بابها
لذلك كانتْ تغطي تجاعيدها بالمساحيقِ,
والدمعةِ الذابلةْ
وتذوبُ أمام المرايا..... بطءْ
27/1/1986 بغداد
*********

نــجــم
17-04-2011, 01:54 PM
تومضُ
في سطحِ الفندقِ، نجمةُ روحي...
أو تخبو
في صحنِ رمادِ الغربةِ، والكلماتْ
وعلى حبلِ غسيلِ الأحلامِ، نشرتُ قميصي المبتلَّ وقلبي
تخفقُ في أحزانهما الريحْ...
قلتُ: سأهبطُ للشارعِ
أذبحُ نصفَ الليلِ بقنينةِ خمرٍ مغشوشٍ,
أو حبٍّ مغشوشٍ – لا فرق –
أو أبحثُ عن أيِّ كتابٍ ينسيني قملَ الفندقِ
والضحكاتِ الفجّةَ عبرَ الحائطِ
فالنومُ صديقٌ لا يأتي في أوقاتِ الشدّةِ والحزنِ
وآخرُ امرأةٍ في الشارع
فتحتْ بابَ التكسي,...
تعلكُ ضحكتها
وتوارتْ
بين الرغباتِ
وبين الأضواء
وسكارى الباراتِ انسلوا
لا شيء سوى الريحِ، ووجهي...
في مرآةِ الفندقِ أبصرتُ شحوبَ الأشجارِ بغابةِ وجهي المنسيِّ,
تلمّستُ تجاعيدَ النهرِ، فنقّتْ ضفدعةٌ
لمْ أبصرْها في البدءِ...
نسيتُ على طاولةِ الفندقِ، آخرَ أشعاري
وترددتُ بفتحِ الباب...
فمَنْ يمكن أنْ يأتي
- في آخرِ صمتِ الليلِ -
سوى الذكرى
والريح...
... الطَرَقاتُ على البابِ
الطَرَقاتُ...
الطَرَقاتُ...
ورائحةُ القدّاحِ المتوهجِ، تفضحُ خطوَ امرأةٍ
تتقدمُ ساهمةً بقميصٍ شفافٍ
قلتُ: لعلّكِ – سيدتي – ... أخطأتِ الرقمَ...
ابتسمتْ...
لا أحدٌ يخطيءُ في الحبِّ...
سيدتي
لا أحدٌ...
………
………
لا أحدُ…
………
………
(.......
مَنْ تلك المجنونةُ،
تطرقُ بابَكَ
في هذي الساعةِ،
من منتصفِ الكأسْ!؟…)
قد يحدثُ أنْ تتوهمَ حتى في وهمكَ……
………
………
لكني أبقى – من فرجةِ نافذةِ الفندقِ –
ألتصُّ النظراتِ, وحيداً
ألهثُ,
مصلوبَ الأنفاسْ
يقفزُ قلبي بين عيوني في الظلمةِ
أرهفُ سمعي, والقلبَ
لعلَّ امرأةً قادمةً...
... في الممشى
19/2/1985 السليمانية
************

نــجــم
17-04-2011, 01:54 PM
(1)
ورقة ساقطة من الطلاسم
كيف يا ربُّ... خرجنا من تبوكْ
ووقفنا – كالمساكين – بأبوابِ الملوكْ
كيف بدّلنا الرماحَ السمهرياتِ بأوراقِ الصكوكْ
إنْ تكن
تدري...
فأني
لستُ
أدري...!
26/6/1985 السليمانية
*
(2)
حادثة مبكرة جداً
في زمانٍ قديمْ
بينما كنتُ أبحثُ عن دفترٍ أبيضٍ
للكتابةْ
عثرتُ على جثةٍ للقصيدةِ
مرميةٍ
في الطريقْ...!
29/6/1985 جوارتا – السليمانية
*
(3)
أفق
قلْ:
ما أوسعَ أفْقَ العالمْ
بلْ
قلْ:
ما أضيقَ صدرَ الإنسانْ
26/3/1986 بغداد
*
(4)
"....."
غابةٌ يابسةْ
وصبيٌّ عنيدْ
يجمّعُ ألواحَها،
ويفرّقُها
يبتني منـزلاً،
ويهدّمهُ
جسراً، ويهشّمهُ
........
.......
......
غابةٌ مورقةْ
وصبٌّي قتيلْ
10/5/1986
*
(5)
أحتمالات
هكذا تنتهي
زقزقاتُ المطرْ..
زَغَبٌ أخضرٌ..
أو حجرْ
10/8/1985 في الطريق إلى بغداد
**********

نــجــم
17-04-2011, 01:55 PM
بين الكرسيِّ المكسورِ، وطاولةِ القلب
فكّرتُ بحالِ الشعرِ، وحالي
ما جدوى أنْ تَسَعَ العالمَ
في بيتٍ شعريٍّ
وتعيشُ بلا بيتٍ
ما جدوى أنْ تحتضنَ الفتياتُ دواوينَكَ
لكنكَ لنْ تحضنَ، في آخرةِ الليلِ…
سوى الأحلامْ
ما جدوى أنْ يتصدرَ أسمُكَ أعمدةَ الصفحاتِ..
ويعرفكَ القرّاءْ
لكنكَ حينَ تمرُّ أمامَ المطعمِ
لنْ يعرفَ منك سوى بنطالٍ رثٍّ
يجلسُ – كلَّ مساءٍ – منعزلاً، قلقاً
لا يجرؤ، أنْ يطلبَ…
أكثرَ من صحنِ حساءْ
الثانية بعد منتصف الليل 28/6/1985 جوارتا – السليمانية
***********

نــجــم
17-04-2011, 01:55 PM
هدأتْ
زوبعةُ العطرِ،
على المقعدِ
عشرُ أنامل،
من بلورٍ، حائرةٌ
حطّتْ فوق حقيبتها
وابتدأ العالمُ يلهثُ..
……………
………………!
تتململُ
إذْ تضبطني، أتلصّصُ مرتبكاً
تسحبُ للأسفلِ،
تنورتها الضيقةَ المحسورةَ، عن ساقيها
في خجلٍ,
أو ضيقٍ
…………
……………!
(– هل تسمحُ، سيدتي،
لو…….)
كانتْ عيناها – عبرَ زجاجِ الباصِ –
تجوبان، الأوجهَ،
والأضواءَ،
الأسواقَ،
محلاتِ التجميلِ
وقد تتوقفُ – دون مبالاةٍ –
في وجهي…
…………
……………!
(– … كأساً أخرى.. سيدتي؟
ندلفُ للمشتلِ
ملتصقين، ومحترقين، من الوجد
– احترقي يا أيامَ الوحشةِ والبرد –
نختارُ – بعيداً عن صخبِ الناسِ،
بعيداً تحت ظلالِ الشجرِ المتشابكِ –
مصطبةً فارغةً..)
…………
……………
…………
– …… سيد… تي…!!
كانَ الباصُ، يحشرجُ،
في الموقفِ،
مرتجفاً
وأنا كنتُ، لوحدي…
23/11/1984 السليمانية
*********

نــجــم
17-04-2011, 01:55 PM
إلى ص. ن...!
هاكَ عمري،
وفلّهِ..
يا صديقي
لن ترى فيه غيرَ الشجونِ،
وهذا البياضِ الوقورِ
الذي يقفُ – الآنَ – بين المكاتبِ، والحلمِ..
بين اشتهاءاتِ روحكَ،… والنظرةِ المطفأةْ
لن ترى – بعد هذا العناءِ الطويلِ –
سوى قلمٍ ناحلٍ
يتآكلُ
شيئاً،
فشيئاً
كنتُ أبصرهُ
– في زحامِ المدينةِ –
مندفعاً في شرودٍ..
إلى بابِ إحدى الجرائدِ
أو حاملاً كيسَ صمونهِ، والكتابَ..
إلى بيتهِ
ما الذي ترتجيهِ من الركضِ
ها أنتَ قطّعتَ عمرَكَ
بين الوظيفةِ، والشعرِ
ها أنت وزّعتَ عمرَكَ..
لا…!
أنتَ وزّعكَ العصرُ
بين الدوائرِ، والشغلِ،
بين القصائدِ، والجوعِ…
بين الصحابِ، النساءِ، المقاهي، المخافرِ، أبنائِكَ الخمسةِ، طاولةِ البارِ، قائمةِ الكهرباءِ، الغسيلِ على شرفاتِ الفنادقِ، منتصفِ الفيلمِ، لغطِ الإذاعاتِ، طعمِ الفلافلِ، باصِ الحكومةِ، سبورةِ الدرسِ، صفّارةِ الشرطيِّ، الجرائدِ، لائحةِ اليانصيبِ، الأغاني الع
الوردةِ الاصطناعيةِ،
الهاتفِ المتقطّعِ،
بابِ البنوكِ،
المعارضِ,...
………………
……………
قلْ لي متى تستريحُ إذنْ..؟
هي أعصابُكَ – الآنَ – مشدودةٌ
بين أعمدةِ العصرِ
مكتظةٌ بعواءِ المشاغلِ واللغطِ...
مَنْ يمنحُ العصبَ المتآكلَ، بعضَ الهدوءِ الجميلِ،
على مقعدِ البحرِ
مَنْ سوف يتركُ طيراً طليقاً
يتأرجحُ منفرداً,
فوق أسلاكِ أعمدةِ الكهرباء
مَنْ يُبدلُ - الآنَ –
هذا الموظفَ ذا الربطةِ الأرجوانيةِ اللونِ
بالحلمِ...!
بالأرجلِ الحافياتِ على ضفّةِ النهرِ...
بالدفترِ المدرسيِّ الممزّقِ...
بالـ……
حلمٌ أنْ تعودَ العصافيرُ, ثانيةً
بعد موتِ الحدائقِ في الروحِ
أنْ تفتحَ المدنُ الكونكريتيةُ القلبِ شبّاكَها للقصائدِ
أنْ تستقيلَ من الحزنِ, يا صاحبي!
حلمٌ أنْ تغني كما تشتهي
وتسيرَ كما تشتهي
وتموتَ كما تشتهي…!
6/6/1985 السليمانية – جوارتا

نــجــم
17-04-2011, 01:55 PM
الأَسِرّةُ غربةْ
والمنافيَ جوعْ
وزّعتني الأَسِرّةُ – لا فرقَ –
أو شتَّتَتْني القصائدُ
بين المحطاتِ، والكتبِ المستعارةِ
بين ثيابِ النساءِ القصيرةِ، والضحكةِ المستعارةْ
الأَسِرّةُ شبهُ وطنْ
الأَسِرّةُ نصفُ وطنْ
الأَسِرّةُ نصفُ عواءْ
الأَسِرّةُ..، عمري الموزّعُ
بين الفنادقِ، والقريةِ – الحلمِ
… بين الخنادقِ، والوطنِ – الحلمِ
(لا حلمَ..! في زمنِ اللوعةِ المستعارة)
والقصائدُ نزفْ
………
…………
(على الطاولةْ
ورقٌ، ودمي..
تجلسُ امرأةٌ،..
تتسلى بصبغِ أظافرها..
أتسلى بصبغِ القصيدةِ..
… أو
بالنـزيفْ)
………
…………
البكاءُ أسِرّةْ
الجنونُ أَسِرّةْ
النساءُ أَسِرّةْ
والرجالُ.. مطرْ
(قميصكِ، هذا اللئيمُ الذي لا يبوحُ
قميصكِ، هذا اشتعالُ المرايا
فكيفَ سأتركهُ
في السريرِ وحيداً
وأمضي وحيداً…)
*
هامش (1)
مَنْ ذا يعيدُ إليَّ سريرَ الطفولةِ
والأنجمَ الحالماتِ…،
وهدهدةَ الأمِ…،
مَنْ ذا…!؟

غرّبتني الأسِرّةُ.. أو
غرّبتنا الليالي معاً…
أفي كلِّ يومٍ، سريرٌ جديدٌ
ومنفى…
وجوعْ
أفي كلِّ يومٍ،.. سأوقدُ نفسَ الشموعْ
وأطفئها بالدموعْ
شمعةً..
شمعةً
.... وأنامْ
*
هامش (2)
إذا ما تعبتَ من الوهمِ..
أو أتعبتكَ دروبُ الزمانْ
إذا شتَّتكَ النساءُ..
إذا رفضتكَ الجرائدُ والأصدقاءُ..
إذا ما تذكّرتَ أنّكَ...
لا تملكُ – الآن – بيتاً، ولا شرشفاً
فنمْ .. في عراءِ الرصيفْ
التحفْ حلمَكَ الشاعريَّ
ولا تستدنْ حلماً أو سريراً ذليلاً..
من الآخرينْ
6/5/1986 بغداد
***********

نــجــم
17-04-2011, 01:56 PM
رغبةٌ عارمةْ
لذةٌ من جنونْ
.. وانكسارُ مرايا
رغبةٌ كاللهاثِ على جسدٍ أو حجرْ
لذةٌ كالنصالْ
..........
هكذا، والدقائقُ جمرْ
هكذا، والشوارعُ خاليةٌ من خطى امرأةٍ
.. أو ظلالْ
هكذا، أطفأََ الرغبةَ المستريبةَ، بالحلمِ
ثم انطفا
لاهثاً
منهكاً
فوق صمتِ الأريكةْ
.....
.....
بعد عشرِ ثوانٍ
على موتهِِ
جرسُ البابِ يُقرعُ...
... ها أنّها قادمة...!
11/10/1986 بغداد
************

نــجــم
17-04-2011, 01:56 PM
تتمايسين كسنبلةْ
وأنا سكونُ الصخرِ – في المنفى –
وموتُ الأسئلةْ
الريحُ مرّتْ، لا مباليةً
وقلبي لمْ يعدْ تشجيهِ أوراقُ الخريفِ الذابلةْ
ما عاد يشعلهُ انحسارُ قميصكِ الشفّافِ..
.. عن تلك التلالِ المذهلةْ
أنا يا صديقةُ..، لمْ أزلْ
متغرّباً، تحت النوافذِ
في المدائنِ ضيّعتني،
في أزقّةِ ذكرياتكِ…
تحت أحلامِ الرموشِ المسبلةْ
قيثارتي روحي..
شددتُ بها
أعصابي المتآكلةْ
لاشيء عندي غير موّالٍ حزينٍ
.. ضيّعتهُ الجلجلهْ
فلمنْ أغني..!؟
والستائرُ مُسدلهْ
والشارعُ الملغومُ بالخطواتِ
نامَ على رصيفِ المقصلةْ
وصديقتي قد فضّلتْ فيْلمَ المساءِ..
على جنونِ قصائدي
وخطى اشتهائي المثملةْ
فلمَنْ أغني..؟!
مَنْ أغني..!؟
.. تلك روحُ المشكلةْ
30/5/1985 جوارتا – السليمانية
**********

نــجــم
17-04-2011, 01:56 PM
كنتَ تمتدُ…
بين المدينةِ، والحلمِ
بين القرى، والبساتين
جذعاً نحيلاً من العمرِ
كمْ عبرتكَ خطى العابرين
وتفرحُ إذْ تبصرُ الناسَ، تمضي إلى شغلها
تتحدّثُ…
أو تتلصّصُ للفتياتِ الجميلاتِ
أو تتدافعُ في زحمةِ الآهِ
أو تشتكي
أنتَ لمْ تشتكِ مرةً…
وقْعَ أقدامهم،
فوق أضلاعِكَ الناحلةْ
*
أنتَ شقَّقكَ العطشُ- القيظُ
ترنو إلى النهرِ يسقي البساتينَ والناسَ…
كمْ هي أظمتكَ هذي المياهُ التي
تترقرقُ تحتكَ..
منسابةً، في برودٍ لذيذْ
فإذا ما هممتَ بأنْ تحتسي قطرةً
انكسرتَ..
على الجرفِ،
منقطعاً، ووحيداً
وعافتكَ..
– آهٍ – ..
خطى العابرين، إلى آخرٍ…..
سوف تبنيهِ…
.... جسراً جديداً
*
………
…………
بلا ضجةٍ..
ستموت
ويجرفكَ الموجُ،….
نحو النهاياتِ..
.. يا صاحبي..
7/6/1985 السليمانية - جوارتا
*********

نــجــم
17-04-2011, 01:56 PM
دائماً…
عند كشكِ المحطاتِ
أبتاعُ تذكرتين
دائماً، كنتُ أرنو لمقعدها الفارغِ
للحكايا التي كنتُ أعددتُها للطريقِ الطويلْ
دائماً، كنتُ أجلسُ ملتصقاً، قربَ نافذةٍ
في القطارِ المسافرِ، وحدي
وأتركُ
فوقَ
رصيفِ المحطةِ…
… تذكرةً ذابلةْ!
28/6/1985 جوارتا – السليمانية
*********

نــجــم
17-04-2011, 01:57 PM
كنتُ أحدّقُ
من خللِ الأسطرِ –
في عينيها الزرقاوين
فيغرقني هذا اليمُّ الممتدُّ، إلى مرفأِ روحي الفارغِ إلاّ
من سفنٍ راسيةٍ للأحزانِ وأشرعةٍ مضغتها الريحُ…
وأبحرُ حيناً
من خللِ الجوعِ وخصلتها –
في أوراقي المنثورةِ
مجنوناً، بالضوءِ المرتعشِ الهابطِ من أبعدِ نجمٍ بسماواتِ بلادي..
حتى نافذة القاعةِ، حيثُ يعرّشُ حزني
- فوق القضبانِ -
وريقاتٍ بيضٍ،
من زهرِ القدّاحِ،
تنفّضُ عنها الطلَّ،
فترعشُ روحي……
(كانتْ تقرأُ أشعارَ نزار قباني..
وأنا اقرأُ ناظمَ حكمتْ
تتركُ خصلَتها، تتدلى، بدلالٍ
فوق الأوراقِ
وإذْ أنسى نظراتي، ساهمةً
تتأملُ ربطتها الورديةَ،
والعِقدَ الذهبيَّ المتأرجحَ
.. ما بين الزرِّ المفتوحِ…
.. وبين جنوني
تحدجني – دون مبالاةٍ – ثمَّ تتابعُ...
أتركُ روحي، تنـزفُ فوق الأوراقِ
وأحلمُ………)
ها أني مرتعشٌ،
ووحيدٌ،
كغريقٍ أتشبّثُ بالأهدابِ
فرفقاً - يا أمواجَ العينين الزرقاوين - بعدنان الصائغ،
هذا المثقوب الروح، كقاربِ صيّادٍ منسيٍّ
لمْ يصطدْ - منذُ سنينٍ –
غيرَ مواويلٍ، ودخانِ سجائر لفٍّ، ومجاعاتٍ…
ها أني، بين جنونِكِ والأسطرِ، منفيٌّ وحزينٌ…
(أتأملُ وجهي البائسَ، في مرآةِ القاعةِ
حين أراها تبسمُ لي……
فأقلّبُ جيبي المثقوبَ…
وأبسمُ…)
كيف سأدعوها للنـزهةِ في مشتلِ قلبي
وسمائي ممطرةٌ بالحزنْ
كيف سندلفُ للمقهى
لتناول كأسينِ
وأحشائي تصفرُ فيها الريحْ…
7/2/1985 السليمانية
********

نــجــم
17-04-2011, 01:57 PM
هدأتْ قاعةُ المكتبةْ
والضجيجُ المهذّبُ، والهمهماتْ
الفتاةُ التي ابتسمتْ
إذ دخلتُ
وكانتْ تبادلني النظراتْ
غادرتْ..
ها هو كرسيُّها فارغٌ مثلَ روحي..
وما عادَ ذو النظّارتينِ، المكبُّ على الأسطرِ الصفرِ
يسعلُ..
أو يرقبُ البابَ، منتظراً حلماً لا يجيء
والمقاعدُ
ما عادَ يربكها الازدحامُ الجميلُ..
وهمسُ التلاميذِ من خللِ الصفحاتْ
...........
........
تلفّتُّ..
كنتُ وحيداً، أمامَ الكتابِ الذي بعدُ لمْ ينتهِ
وكانتْ "موظفةُ الاستعارةِ"، ترمقُ ساعتَها
ثم ترمقني بارتباكٍ لذيذْ
…..
………..
……………

نــجــم
17-04-2011, 01:57 PM
إلى 1985 .. و"وارد بدر السالم"
"ستكون حياتُكِ خاويةً.. إذا لمْ تجربي يومياتنا.."
- وارد... -
……
وكمْ نتحسّرُ – في آخرِ العامِ..!؟
نبكي على السنواتِ التي ارتحلتْ
مثلما سوفَ نبكي على السنواتِ التي سوف تأتي
وكمْ نستعيدُ عذاباتها في المقاهي الكسولةِ...
حلماً بعيداً
تجرجرنا حسرةٌ نحو ساقِ فتاةٍ تمرُّ...
وأخرى،… إلى حانةٍ...
نتذكّرُ – من خللِ الكأسِ –
نزْواتنا, والحدائقَ...
يا ما لهوتَ وراءَ الجسورِ البعيدةِ
يا ما نصبتَ فخاخَ الهوى للبناتِ الغريراتِ..
يا ما ركضتَ...
ويا ما عبثتَ بلحيةِ جدِّكَ..
(... كمْ كانَ يعبثُ في شَعرِكَ الذهبيِّ
ويرنو إليكَ بحسرتِهِ, والمشيبِ...)
ويا ما...
وتذكرُ – بين الوظيفةِ (يا لرتابةِ ساعاتها المبطئاتِ!)..
وبين ضجيجِ صغارِكَ في البيتِ –
"قاطَكَ"
والشيبةَ البكرَ
والاندفاعَ اللذيذَ وراءَ الأغاني الرديئةِ والأصدقاء
وراءَ سرابِ الوظيفةِ والفتياتِ
وراءَ القصيدةِ والحلمِ..
يا للحماقاتِ...
يالي...
………
………
ستبصرُ...
إذ تدخلُ – الآنَ – "مقهى الزهاويِّ"
أيامَكَ القادماتِ:
انحناءَةَ ظهرِكَ,
تقطيبةَ النسوةِ العابراتِ,
دخانَ (النراجيلِ),
موتَ المروجِ الخصيبةِ,
وقتَ الدواءِ...,
………
………
فتبكي على عمرِكَ المتسارعِ
تبكي لوحدكَ...
في آخرِ العامِ...
ثمَّ……!
……..

نــجــم
17-04-2011, 01:58 PM
ما بين الطلقةِ, والطلقةِ
ثمةَ متسعٌ للحلمِ
ألا تجلسُ، سيدتي, فوقَ الهدبِ المتكسّرِ
- بعضَ الوقتِ -
أقاسمها أرقي
وأحدّثها عن نجمٍ مغتربٍ… يدعى قلبي
سافرَ بين جدائلها…
منذُ سنين…
وما زال وحيداً, يبحثُ في غاباتِ المدنِ المقهورةِ
عن عصفورتِهِ المجنونةِ
هل تكفي ما في جعبةِ هذا العالم من كلماتٍ
كي أكتبَ عن عينيكِ… وحزني؟
أمْ أشتلَ روحي زهرةَ قدّاحٍ في شَعرِكِ
هذا المنسابِ رخيماً،
متئداً،
مجنونَ العطرِ,
كنهرِ الكوفةِ…
ثم أموتْ!؟
هل تجلسُ فاتنتي…!؟
ـ خمسَ دقائق أخرى…
فالليلُ طويلٌ…
أطول من ليلِ العاشقِ, منتظراً
وجهَ الفارعةِ القامةِ،
يشرقُ مشتعلاً بالخجلِ القرويِّ…
- كعادتها –
حين تمرّ على دكّانِ أبيهِ
………
………
هل تفزعُ سيدتي…!؟
حين تمرُّ الطلقةُ من فوق الجفنِ
فتلملمُ أذيالَ الفستانِ الورديِّ
وتهرعُ راكضةً…
كغزالٍ مذعورٍ نحو الريحْ
فأصيحْ:
- اللعنة…أنْ تغتالَ الطلقةُ…
… حتى الحلمْ!
7/8/1983 بغداد

نــجــم
17-04-2011, 01:58 PM
في الليلِ،
كانتْ نجمةُ القلقِ الشريدةُ
تقتفي خطوي إلى بيتِ التي
منحتْ دمي هذا التوهجَ والجنونْ
كانتْ تقاسمني التسكعَ في الطريقْ
حتى إذا تعبتْ,…
ستتركني وحيداً…
بين نافذةٍ تضيءُ,
وزهرةٍ حمراء تذبلُ…
بين قلبي,
والقصيدةْ…
في الليلِ…,
أسترقُ الخطى
وأمرُّ كالقمرِ المغني
كالغريبْ
بين النوافذِ
والأزقّةِ
والسطوحِ النائمةْ
مالي، ونافذة تضيءُ… وتنطفي
مالي، وسيدة لها شَعرٌ من الأبنوسِ
توعدني
وتتركني ببابِ حديقةِ الأملِ المواربِ,
ذابلاً
وحدي، وزهر الياسمينْ
وحدي، ونجمة روحي البيضاء في ليلِ القصيدةْ
وحدي، أضيء!
23 آب 1984 كركوك
***********

نــجــم
17-04-2011, 01:58 PM
(1)
هل تبحثُ مثلي… في خارطةِ
الكلماتِ المنسيّةِ عن وجهكَ
هذا المغبرّ…
من التجوالِ…
وأتربةِ الغربةِ
أمْ تبقى تحت رذاذِ الحزنِ… وحيداً
- كشجيرةِ صفصافٍ يابسةٍ -
تتسكّعُ بحثاً عن امرأةٍ… تؤويكَ
بمنتصفِ العمرِ
تقاسمُكَ الرغبةَ في تهذيبِ العالمِ
بالكلماتِ
أو الموت، وحيدَين،…
على أرصفةِ الأشعارْ
أيّ بلادٍ تعرفُ حجمَ حنينكَ في هذا القبوِ المظلمِ
تعرفُ أنَّ الشرطي.....
في ساحاتِ العالمِ
يبقى أكثرَ ظلاً من كلِّ الأشجارْ
*
(2)
كلُّ همومِكَ... تغرقْ
كلُّ حروفِكَ... تغرقْ
كلُّ خرائطِ قلبِكَ... تغرقْ
حين تكون أمامَ عيونِ امرأةٍ زرقاء
فلا يطفو فوق الساحلِ غير جنونِكَ ...
والزبدِ الأزرقْ
*
(3)
أعرفُ أني سأموتُ, بدون رثاءٍ،
مجهولاً في أحدِ المنعطفاتْ
لكنَّ قصائدَ قلبي ستظلُّ
كجرحِ مسيحٍ –
تنـزفُ،
… فوق صليبِ عذاباتِ الفقراء
وتنمو،
كظلالِ اليوكالبتوز
بساحاتِ بلادي
هل أملكُ غيرَ الشعرِ...
فيا صافيةَ العينينِ…
دعيني أمطرُ أشعاري فوق رصيفكِ
قبلَ رحيلِ غيومي، نحو بلادٍ لا تعشقُ رائحةَ الأمطار
ولمْ تفتحْ – يوماً – دفترَ أشعار
ولمْ...!
آهٍ.. يا صافيةَ العينين
لماذا لا تفتحُ بعضُ المدنِ الحجريةِ...
غاباتٍ للعشاق!؟
وتفتحُ – كلَّ صباحٍ – زنزاناتٍ أخرى
*
(4)
هل يكفي – ما في العالمِ –
من أنهارٍ؟
كي أغسلَ أحزانَ يتيم
هل يكفي ما في هذا العصرِ من القهرِ
لأرثي
موتَ الإنسانِ
بعصرِ حقوق الإنسان!!؟
*
(5)
أتركُ متسعاً في صدري، لشجونٍ أخرى
سوف تجيءُ
فهذا الزمنُ الآتي ... لا يأتي
- قلْ عني المتشائمَ -
إلاّ بشجونٍ أخرى
أتركُ متسعاً في آخرِ أوراقي..
لقصيدةِ حبٍ.. قد تأتي
فالكلماتُ – ككلِّ امرأةٍ تركتْ موعدَها وارتحلتْ –
قد تأتي...
أو.......
لا تأتي
*
(6)
من أينَ يجيءُ الحزنُ
وقلبي، أوصدتُ جميعَ نوافذِهِ
لكنَّ الحزنَ... "لعينٌ"
يتسلّلُ أحياناً بثيابِ امرأةٍ لا أعرفها
أو بكتابٍ ممنوعٍ
أو بمواويلِ الغربةِ في ليلةِ صيفٍ قمراء
مَنْ ذا سأقاسمُهُ حزني... في هذي الساعةِ من آخرةِ الليلِ
ولا شيء سوى مصباحي الواني,
والبقِّ...
وأحزانِ الدنيا تتكاثرُ كالطحلبِ,
فوق ضفافِ دمي...
هذا الآسنِ.. في الزمنِ الآسنِ
لكني، لو أملكُ شيئاً غيرَ الشعرِ
لأطفأتُ المصباحَ..
ونمتْ!
9/8/1983 بغداد
*********

نــجــم
17-04-2011, 01:58 PM
إلى الشهيد كريم يوسف الذبحاوي
على نخلةٍ..
في "المحاجير"(*)
حطّتْ ثلاثُ حمامات
كان الصباحُ ينفّضُ أغصانَهُ من بقايا الندى
فيرتعشُ العشبُ…
كان أبوهُ بزهوِ عباءتهِ, والعقالْ
يسرّحُ عينيهِ نحو الفضاءاتِ
نحو الدروبِ التي نبتَ الدغلُ فيها
لعلَّ غريباً ببابِ "المضيفِ" يؤجّجُ جمرَ الدِلالْ
لعلَّ كريماً يجيءُ
بنجماتِهِ اللامعاتِ على الكتفين, وضحكتهِ الآسرةْ
ينفّضُ عنه شجونَ المشيبِ, وصمتَ الليالْ
لعلَّ……
*
إلى نخلةٍ في "المحاجير"
طارَ الحمامْ
يرفُّ على موكبٍ عابرٍ في الأثيرِ
اشرأبّتْ له
كلُّ أعناقنا
والنخيلُ المكابرُ
كلُّ المدى,
وعيونُ الرجالْ
*
يا عذارى "أبي صخير"(*)
إنْ جاءَكنَّ الفتى القرويُّ
على كفِّهِ قمرٌ وعراقْ
محنىً بدمِّ شهادتِهِ
فاحملنَّ صواني الشموعِ إلى عرسِهِ
ثم حنّينَ من دمِهِ المستطابِ جدائلَكنَّ
فما كان يعشقُ إلاّ الأقاحي
ونخلَ "المحاجير"
والخصلاتِ المحنّاةَ في ليلةِ العرسِ
ما كان يحملُ في روحِهِ
غيرَ وهْجِ العراقْ
*
يا رجالَ العشيرةِ، لا تكسفوا "يوسفاً"
انحروا لمجيء كريم الذبائحَ
لا تقلقوا شيبَهُ والعقالَ الوقور
فالمضيفُ امتلأ بالرجالْ
وما زالَ دربُ "المحاجير"
يقطرُ بالناسِ من كلِّ فجٍّ
إلى بيتِهِ
ويا "أم كريم"، أما قلتِ: إنْ جاءَ – دينٌ عليَّ –
أزفُّ لعينيهِ أحلى صبايا "المحاجير"
ها هو جاءَ
فما تنظرين
والعذارى,
جميع العذارى, تقاطرنَ من كلِّ بيتٍ، إليكِ
على خفرٍ
كنَّ يرفعنَ ألحاظهنَّ،
لصورتِهِ
*
.........
........
إلى نخلةٍ…
في "المحاجير"
طارَ حمامُ العراقْ
2/4/1985 الكوفة
* المحاجير: قرية هادئة تقع على ضفاف نهر الفرات، في قضاء المناذرة (أبي صخير) جنوب مدينة النجف، نشأ فيها الشهيد كريم يوسف الذبحاوي.
************

نــجــم
17-04-2011, 01:58 PM
إلى حميد الزيدي
ولوجهِ صديقي…
لونُ النهرِ
وأكواخُ الفقراءِ
وحزنُ مواويلِ الريف
........
لوجهِ صديقي…
كتبٌ…
وملابس..
للعيدِ الآتي
خبّأها في صندوقٍ صدئٍ
وطيورٌ يعشقُها…
وجسورٌ من ألواحٍ ناتئةٍ
عبرتها قدماهُ الحافيتان…
إلى غاباتِ الحلم
لوجه صديقي
إذْ ألقاهُ يحدّقُ في الفتياتِ
عذوبةُ نهرِ الكوفةِ – في الليلِ الصيفيِّ –
ورائحةُ الآسْ
يسألُ عذّالَ الطرقاتِ المجنونةِ…
عن تلك الفارعةِ الطولِ
يقولُ لها:
إنَّ قصائدَ كلِّ العالمِ…
لا تكفي ضحكة عينيكِ
لوجهِ صديقي.. إذْ يحتدُّ
سماءٌ ممطرةٌ..
وزوابعُ لا ترحم
مَنْ قالَ بأنَّ حديقتَهُ الملأى بالأزهارِ
- إذا زحفَ الغرباءُ إليها -
لا تتحولُ أشواكاً وحرابْ؟
مَنْ قالْ……!
………
*
هذي النجمةُ،…
- يا جدي… -
ليستْ كالنجمات!؟
- ………!
- هذي النجمةُ،… تمشي…، يا جدي
تمشي، تمشي........!!
تعبرُ فوق سطوحِ القريةِ،…
بيتاً… بيتاً!؟
- بل هي – يا ولدي – طائرةٌ
تتجسّسُ – في الليلِ – على أحوالِ مدينتنا
- …… ولماذا لا نسقطها يا جدي..!؟
………!
*
الدوشكةُ...
تعرفُ أحزانَ صديقي
ولوجهِ صديقي – خلفَ الناظورِ –
عيونٌ تثقبُ قلبَ العتمةْ!
……
- آه …
لو تعبرُ – ليلَ مدينتنا – تلك النجمةْ!
29/4/1983 بغداد
************

نــجــم
17-04-2011, 01:59 PM
لدمي…
هذا الوجدُ,
الضوءُ الراعشُ في كلِّ مصابيحِ الطرقاتِ الليليةِ
كنتُ أطاردُ ظلي
وأسابقُ صحبي حتى آخر مصباحٍ في المشتلِ
ثم أعودُ – مساءً –
تعباً،
أتمدّدُ فوق السطحِ… وأحلمُ
أحصي النجماتِ…
… وأغفو!
لدمي… آهٍ
أنْ يسقي أعشابَ الكلماتِ
ويزهرُ – كلَّ صباحٍ –
وردةَ قدّاحٍ
فوق قميصِ التلميذاتِ…
وفي راحاتِ العمالِ الخشنةِ…
… يمضون إلى الشغلِ
وفي الثكناتْ
لدمي…
حلمٌ فضيٌّ…
ونوافذُ بيضاء…
… وكراسةُ رسمٍ…
… وصبيٌّ كان يشاكسُ حتى الريحْ
امتلأتْ كرّاساتُ الرسم…
كبرتْ نافذةُ الحلمِ…
ولمْ يكبرْ هذا الولدُ اللاهي في الطرقاتْ!
1984 بغداد
************

نــجــم
17-04-2011, 01:59 PM
ثلاثين أطفأتَ… يا صاحبي
وها أنتَ منكفيءٌ فوقَ طاولةٍ، آخرَ البارِ
بين القصيدة,ِ والحزنِ
ها أنتَ من دونِ بيتٍ
تكدّسُ كتبَكَ تحتَ السريرِ
وتحلمُ في بنطلونٍ جديدٍ
وفجرٍ جديدٍ، بوسعِ مجاعاتِ عمرِكَ
تحلمُ أنْ يتصدّرَ أسمُكَ بعضَ الجرائدِ
أنْ تتسكّعَ تحتَ رذاذِ الصباحِ اللذيذِ معَ امرأةٍ
أنْ تنامَ بدون ديونْ
وها أنتَ بين الفنادقِ, والبردِ
بين الليالي, ونافذةٍ
كنتَ تحلمُ من خلف قضبانها,
والزجاجِ المكسّرِ
- كالأمنياتِ –
ببيتٍ صغيرٍ، يسيّجهُ الشِعرُ والبرتقالُ
ومكتبةٍ،…
وصغارٍ، يضجّون في باحةِ البيتِ باللعبِ والزقزقاتِ
ثلاثون مرّتْ
فما ترتجي بعد هذا العناءِ الطويلِ
أَلمْ تقتنعْ بعدُ
أنَّ الأماني سرابٌ
وأنَّ حياتَكَ… محضُ احتراقْ
شمعةٌ تنطفي…
إثرَ أخرى
………
…………
…………
…………
وأعرفُ أنَّ ثلاثين عاماً،... يمرُّ
هو العمرُ…
لكنني لا أبوحُ
وما بعدهُ؟
غير أنْ تتوكّأَ عكّازةَ الشيبِ
متجهاً…
نحو قبرِكَ
قبلَ الأوانْ
14 كانون الثاني 1985 - السليمانية
*************

نــجــم
17-04-2011, 01:59 PM
يكفيني
- في هذا العالمِ -
يكفيني
بيتٌ من طين:ِ
بنوافذَ من بحرٍ
وشجيراتٍ وارفةٍ
لا يقفُ الدائنُ في عتبةِ بابي – آخرةَ الشهرِ –
ولا…
تكفيني كسرةُ خبزٍ بمساحةِ قلبي
وكتابْ…!
فلماذا يحتجُّ الناسُ على حلمي؟
ويكيدُ لي الأصحابْ
أنا لا أطمحُ في كرشٍ منفوخٍ
وعماراتٍ
لا أطمعُ أنْ أتسلّقَ أعناقَ الخلاّنِ
… إلى طاولةٍ فخمة
ورباطٍ للعنقْ
فلماذا تتسلّقُ عنقي المهزول؟
يا خلي…!
وتفكّرُ، من أيّةِ منطقةٍ،
يصلحُ للشنقْ
*
لكَ كلّ الأشياءِ
ولي هذا الحلمْ
لكَ – يا خلي – صخب العالم,
هذا المجنون على إيقاعِ الديسكو,
… والأضواءِ
ولي صمتُ الليل
فلماذا حاولتَ بأنْ تسرقَ من بيتي
ضوءَ الشمعة؟
لكَ كلّ الصالاتِ،
الحفلاتِ،
النسوةِ،
والندلِ الليليين…
ولي مصطبةٌ باردةٌ في آخرةِ المشتل
لكَ أموال الدنيا…
- آهِ -
ولي فقرُ الشعر
فلماذا حاولتَ بأنْ….....
............
....!؟
4/6/1985 السليمانية – جوارتا
*************

نــجــم
17-04-2011, 01:59 PM
في وميضِ الرصاصةِ، كانتْ عيونُ الجنودِ، وراءَ السواترِ
تثقبُ جنحَ المساءِ المخيّمِ، تزدادُ وهجاً…
كجمرِ السجائرِ، في هبّةِ الريحِ…
مَنْ أوقدَ النارَ..!؟......
إنَّ الأوامرَ تمنعُ - في حلكِ الليلِ -
أيَّ وميضٍ…
سوى جمرةِ القلبِ،
تلك التي تتوهجُ
مثل المواقدِ "تشجرها" الذكرياتُ…
إذا حلّقَ الصحبُ،
كان "صباح"، العريفُ، يغني بصوتٍ رخيمٍ
- كبوحِ السواقي الحزينةِ -
يقطرُ وجداً:
"اللي مضيّع ذهبْ……
بسوق الذهب يلقاه…
واللي مضيّع محبْ
يمكن سنه وينساه …"
تقاطعُهُ رشقاتُ المدافع
"بس المضيّع وطن
وين الوطن يلقاه…!؟"
ثم يجلسُ فوق سريري
يحدّثني عن هواهُ…
فيأتلقُ الليلُ: نجماتهُ والرصاص

……
قِيلَ كان صباحُ العريفُ إذا أطبقَ الموتُ فكّيهِ, غنى...
وقيلَ صباحُ المشاكسُ في الحبِّ والحربِ
طلقتهُ لا تخيبُ
يشمُّ النخيلَ, فيعرفُ أنَّ الحبيبةَ
مرّتْ – قبيلَ الغروبِ – بفستانها البرتقاليِّ
يعرفُ ماذا يخبّيءُ – خلفَ السواترِ – هذا المساءُ الثقيل
فيحملُ رشاشَهُ – صامتاً – ويغيبُ
بجوفِ الظلامْ
18/6/1983 بغداد
************

نــجــم
17-04-2011, 01:59 PM
أعرفُ أنَّ الطلقةَ
قاسيةٌ حدَّ اللعنةِ
ـ حين تمرُّ أمامَ الموضعِ.. ـ
لا ترحمُ…
لكني…!
سأغني – رغماً عنها –
موالاً لـ"حسين نعمة"
وأمدُّ برأسي
كي أبصرَ أيَّ زهورٍ
نبتتْ هذا الصبحَ…
على سفحِ "خليفان"
وأنثرُ بعضَ فتاتِ الخبزِ…
لسربِ عصافيرٍ
حطَّ على "خزّان الماء"
وأصلي لله…
*
أعرفُ أنَّ الطلقةَ…
رعناءٌ حدَّ الموتِ
وميتةُ القلب
لا ترحمُ – في الحربِ – أباها
لكني…!
أسخرُ منها
وأمدُّ لساني – حين تمرُّ – بهزءٍ
أتحداها…
أنْ تغتالَ من القلبِ…
قصيدةَ حبٍّ…
ولدتْ – هذا الصبحَ –
ببابِ الموضع
أتحداها…
أنْ تمنعَ طيفَ امرأةٍ…
ينسلُّ إلى جفني المتعبِ
كلَّ مساءٍ
أتحداها…
أنْ تسكتَ في غابةِ روحي
تغريدَ عصافيرِ الفجر
1984 بغداد
***********

نــجــم
17-04-2011, 02:01 PM
توهمتُ أنَّ النساءَ سيحفظنَ ودي
وأنَّ المدينةَ - تلكَ الضياعُ الكبيرُ -
ستذكرُ وجهي,
إذا ما تغرّبتُ عن ليلِ حاناتها - ذاتَ يومٍ -
وأن المقاهي ستسألُ صحبي
لماذا تأخّرَ
عن شايهِ والجرائدِ؟
في أيِّ بارٍ تشظّى…؟
بأيِّ الزحامِ أضاعَ أمانيهِ والخطواتِ؟
على أيِّ مصطبةٍ داهمتهُ طيورُ النعاسِ المفاجيءِ
فأنسلَّ من بين أحلامهِ والجنونِ…
ونامْ
توهمتُ أنَّ الجرائدَ – يا للحماقةْ -
سترثي رحيلي المبكّرَ…
إنَّ عيونَ التي قايضتني الندى، باللظى
والقصيدةَ، بالبنطلونِ القصيرِ
ستغسلُ أخطاءَها بالدموعِ، ورائي..
توهمتُ أنَّ الحمامَ الذي كان ينقرُ نافذتي، في الصباحِ
سيهجرُ أعشاشَهُ، في الحديقةْ
إذا ما رأى مقعدي فارغاً..
والكتابَ الذي فوق طاولتي
مطبقاً, صامتاً
والأزاهيرَ كالحةً لا ترفُّ
………
………
توهمتُ…
يا ليتني ما صحوتُ من الوهمِ, يوماً
فأبصرُ كلَّ المرايا مكسّرةً
والمساءاتِ فارغةً، في المدينةِ، حدَّ التوحشِ
لكنني…
- بعد عشرين عاماً مضينَ (.. وماذا تبقى؟) -
سأمضي مع الوهمِ…
حتى النهايةْ
آب 1985 بغداد
**********

نــجــم
17-04-2011, 02:02 PM
إلى صديقي الشاعر عبد الرزاق الربيعي
في زحمةِ الطرقاتِ، آهْ
في زحمةِ الكلماتِ، آهْ
في زحمةِ الآهاتِ، آهْ
في ضجةِ المتدافعين إلى القصيدةِ، في المرايا، في التفاصيلِ الصغيرةِ، في عواءِ الروحِ، في الصفعاتِ، في الغرفِ الرخيصةِ، في مقاهي العاطلين، وفي انكفائي آخرَ الليلِ المعتّقِ، في شظايا الروحِ تحت موائدِ الباراتِ، في حزنِ المحطاتِ الأخيرةِ، في الندى المذبوحِ، ف
………
………
(- يا صاحبي ماذا جنيتَ من القصيدةِ؟
غير هذا الفقرِ والسفرِ المبكّرِ والجنونْ
ماذا جنيتَ من النساءِ؟
أوَ كلما أحببتَ أخرى...
... صادفتكَ على الرصيفِ
نسيتَ أنكَ جائعٌ ومشتّتٌ
ونسيتَ أنكَ دون بيتْ…!)
………
………
………
في زحمةِ الوجهِ الجميل
وناهديها، والجنون
وأنتَ منكسرٌ أمام قميصها المفتوح
……
……
(- أقرأتِ ديواني النحيلْ؟
- ………………
………………
………………!)
في الليلِ، أحصيتُ التأوّهَ، ألفَ آهْ
في الليلِ، أحصيتِ النقودَ
وكنتِ مدهشةً بفستانِ التوهّجِ والتغنّجِ
تبسمين لوجهي المصفرِّ،
للأضواءِ
للكهلِ الثريِّ…
وترقصيْن
……
……
(- وأنا وأنتَ…
على الطريقِ:
ظلاّنِ
منكسرانِ
في
الزمنِ
الصفيقِ…
إنْ جارَ بي زمني
اتكأتُ على صديقي…)
………
………
في زحمةِ الحرسِ المدجّجِ بالشتائمِ، في الليالي الكالحاتِ بلا بصيصٍ، في أغانيكَ الحزينةِ خلفَ نافذةِ القطارِ، وفي بقايا الزادِ والسفرِ الموحّدِ نحو حاميةِ المدينةِ، في الرشاوى، في المكاتبِ، في الدفاعِ المستميتِ عن القصيدةِ…, في التحمّلِ، في التجمّلِ، في ال
في زحمةِ المتدافعين، أضعتُ أولَ خطوتي
في زحمةِ المتراكضين، أضعتُ آخرَ خطوتي
وبقيتُ وحدي في الطريقِ…
مشتّتَ الخطواتِ
أبحثُ عن خطاي المستحيلةْ
3-10/10/1985 بغداد
*************

نــجــم
17-04-2011, 02:02 PM
- فصل ثانٍ -
قلتُ لها:
الصقي طوابعَ البريد على مظروفِ الغيمِ
وابعثيهِ على عنوانِ أيّةِ دمعةٍ أو محطةٍ أو شجرةٍ
لا بدَّ وأن يعودَ إلي
لمْ تصدقني..
وجلستْ على حافةِ البحرِ
تترقبُ أسرابَ الطيورِ والمراكب
وخطى ساعي البريدِ الكهلِ..
قلتُ لها:
انتظريني، سأعود من قطارِ الحربِ {المجنون}
لاحدثكِ يا فرحي المخبولَ عن كلِّ ما جرى
بالتفاصيلِ والقنابلِ والملاجيءِ الطويلة وسريري الوحيدِ والذكرياتِ والنسيانِ.
ستمرُّ عليكِ أسرابُ النجومِ والذكرياتُ وظلالُ المدنِ
ستمرُّ عليكِ الطائراتُ وقنابلُ التنويرِ المحنّطةُ..
سيمرُّ عليكِ نخيلُ البصرة والقصيدةُ الأخيرةُ والجنودُ العائدون من الإجازاتِ القصيرةِ
قلتُ لها انتظريني
وجلستُ على حافة قلقي
أترقّب خطى اشتياقكِ وهي تجوسُ أدغالَ قلبي
وتقتربُ.. تقتربُ.. تقتـ..
احذري أن تدوسي لغمَ أحزاني
فلا طاقةَ لكِ على التشظّي…
قلتُ لها:
حضوركِ أقسى من الفرح
كمْ هو قاسٍ فرحي بكِ
يا واسعةَ العينين، يا واسعةَ القلبِ، يا ضيقةَ الصبرِ
قلتُ لها:
سأرهن نصفَ عمري لو تفهمين هذه المعادلةَ التي لا أفهمها
أدمنتُ غيابَكِ حتى وأنتِ قربي
ففيهِ أتأملكِ عن قربٍ
وأكتشفُ أبعادَكِ.. وأبعادَ قلبي..
لمْ تقلْ شيئاً..
ولمْ أقلْ شيئاً..
وافترقنا..
**********

نــجــم
17-04-2011, 02:02 PM
- فصل أول -
"لا تتعجبوا يا أصدقائي اللطفاء
من أن جبهتي مقطّبةٌ، مجعّدةٌ
فأنا أعيشُ في سلامٍ معَ الناسِ
وفي حربٍ معَ أحشائي.."
- انطونيو ماتشادو -
في آخرِ المطرِ
في آخرِ الحربِ
في آخرِ ذكرياتكِ..
مرتِ الحافلاتُ والجنودُ والبناياتُ الطويلةُ وأرقامُ هواتفِ الحبِّ
نظرتُ طويلاً إلى عينيكِ الواسعتين كسماءِ بلادي
وتذكّرتُ نعاسَ قلبكِ... الذي لمْ ينمْ منذ أولِ خفقةٍ أو قذيفةٍ
ونعاسِ ذاكرتي... التي اتعبتها الشوارعُ وغصونُ المواعيدِ المنكسرة وصريرُ السرفاتِ والطيورُ المهاجرةُ عن أعشاشِ روحي، إلى سماواتِ النسيانِ
تذكّرتُ - يا لحماقةِ قلبي -
أنني لمْ أقلْ لكِ حتى الآن
كلمةَ غزلٍ واحدة
لمْ أقلْ لكِ أيَّ شيءٍ...
واعتذرتُ...
فقد كنتُ محتشداً ومهووساً حدَّ الحنجرةِ
بصراخِ ذكرياتي على شارعِ الحربِ الطويلِ
حدَّ أنني نسيتُ
أن أقولَ لكِ حتى وداعاً
عندما أخذوني في قطارِ الحربِ
إلى جنوبِ السواترِ البعيدة
ولكنني عندما عدتُ إليكِ
يا واسعةَ العينين...
تعثرتْ خطى حنجرتي بأغصانِ العشبِ
الذي نبتَ - في غيابي -
على ممشى الكلامِ
المؤدي إلى كلمةِ: أحبكِ
************

نــجــم
17-04-2011, 02:02 PM
غرفةٌ من ورقْ
أو صريرُ سريرٍ على سطحِ ليلِ الفنادقْ
رغبةٌ في قطارٍ طويل
جمرةٌ…
عبثٌ…
أو قلقْ
في مساءِ الشظايا الأخيرِ,…
سأجمعُ - مثلَ القصائدِ – عمري
أبوّبُهُ…
ربما سوفَ أشطبُ - في لحظةٍ - نصفَهُ
ربما سوفَ تشطبهُ طلقةٌ عابرةْ
اتصلتُ بكَ اليومَ في......
في الجريدةِ..؟
لا
منتدى الأدباء....؟
لا…
في الجنون…!؟

موضعٌ ثقّبتهُ الشظايا..
وفأرانِ يختصمان على لحمِ يومي الطريِّ..
وقطُّ أرقْ
يتلمظُ منشغلاً بمراقبتي
أتشاغلُ والصحبَ (كلُّ الأحاديثِ مكرورةٌ)
بالقصائدِ (... مكرورةً)
بالنساءِ.... [أجرّدُهنَّ..
قطعةً قطعةً،
وأجفُّ
- ككلِّ مساءٍ –
على بركةٍ من لهاثْ]
……
……
مرتْ ثلاثُ قذائف…
عشرون…
هل سوف تحصي - كما اعتدتَ - موتَكَ…
أم ستنامُ على حجرٍ
ربَّما في الثلاثين…
أو…
فالمدافعُ لا تحسنُ العدَّ…
……
هل تحسنُ الحبَّ…؟
وأنتِ…؟
سأنتظرُ الباصَ…
لا شيء في أفقكَ - الآنَ -
غير المطرْ……
……
الشظايا موزّعةٌ في دمي كالرغيفْ
وعطركِ… يمضي بدون اتجاهٍ… كقلبي
(كلما عدتُ من سفرٍ أو رصيفْ
رأيتُ المسافاتِ تنأى
(كلما عدتُ من امرأةْ
رأيتُ النساءَ فماً واحداً…
وخريفْ)
…..
سأجلسُ عند المحطةِ، منتظراً
طلقةً
عسساً
أو نساءْ
قطارُ التوهجِ يرحلُ في الأربعينْ
نظرتُ إلى ساعةٍ في الجدارْ
ما الذي ظلَّ لي…
غير عشرِ دقائق…
أو سنواتْ…
الثالثة بعد منتصف الليل 29/6/1986 بغداد
*************

نــجــم
17-04-2011, 02:02 PM
على قلقٍ…
أو على موعدٍ من رمادْ
يعبرُ الباصُ…
(هل تذكرين حماقاتِ قلبي…؟)
على مقعدين نديين، مرتْ بنا الطرقاتُ…
........ سماءُ المدينةِ
........والأثلُ
ما كنتُ أذكرُ غيرَ الرذاذِ اللذيذِ لشَعرِكِ
هل أوصدُ النافذةْ…؟
لا……
(نوافذُ قلبي بدون رتاجٍ
وأنتِ بلا قلب
والحافلاتُ بلا ذاكرة…)
يبطيءُ الباصُ حيَن يمرُّ على ميسلون
يتلفّتُ للواجهات,ِ
لمبنى الحكومةِ,
للشجرِ المتشابكِ،
… للمنتهى…,
للغريبِ ببنطالهِ الرثِّ (ماذا جنيتَ من الشعرِ…؟
قال المفوضُ لي,…
والفتاةُ الأنيقةُ…)
يلتفتُ الراكبون…
إلى زهرةٍ من دمي
ذابلةْ
تتناثرُ أوراقُها…
تحتَ وقعِ خطى الوقتِ، والعابرينْ
إلى رجلٍ من ضبابٍ،.. وحيدْ
يشيرُ لعابرةٍ
(تشيرُ الفتاةُ…
إلى واجهاتِ المخازنِ
أو …)
اتفقنا إذنْ…!؟
في الخميس…!؟
الخميسُ التصاقُ دمي في المرايا
الخميسُ له نكهةُ الذكرياتِ القديمة,ِ والطرقِ الهائمةْ
الخميسُ انكساري الجميلُ على قمرٍ…
أو على نافذةْ
………
………
تتقاطعُ كلُّ الشوارعِ، في ميسلون
وقدْ تتقاطعُ في راحتي، ميسلون: مخازنُها، والبيوتُ الأليفةُ
قد ننتحي جانباً…
أرقاً، في انتظارِ القصيدةِ
أو قلقاً، في انتظارِ النساءِ الجميلاتِ
أو ننتشي بالأغاني الأخيرةْ
………
………
قلتُ يمضي بي الباصُ، حيثُ النهاياتُ........
يمضي إلى أيّما حانةٍ
أو إلى طرقٍ لا تؤدي لشيء
……
(النهاياتُ موحشةٌ كالعدمْ
النهاياتُ مثل المحطاتِ
مثل النساءِ الجميلاتِ
مصطبةٌ،
أو فمٌ،
أو سأمْ)
قلتُ يمضي بي الباصُ، أو...
لا.......
.............
(إلى أين تمضي بروحِكَ حافلةُ العصرِ…
والعجلات)
تتشابهُ كلُّ المدائنِ والطرقات
في عيونِ الغريب
وقد تتشابهُ - في راحتيه - الدقائقُ، كلُّ الفنادقِ
والأوجهُ العابرةْ
غير أنَّ لكلِّ شريدٍ، هواهُ وغربتهُ
……
……
ووحدي، تغربلني الطرقاتُ
تغربلني نظراتُ النساءِ
فيسّاقطُ القلبُ مثل الندى (ألا تذكرين الندى
ومصاطبَ قلبي..؟)
على عشبِ الذكرياتِ…
فترتعشُ النجمةُ النائمةْ…
..........
غيّرتكَ المدينةُ، حاناتها،
وجرائدها،
والنساءْ
أترى حين تأوي إلى كأسِكَ المرِّ في آخرِ الليلِ
تذكرُ نخلَ القرى
وتحنُّ إلى قمرٍ في الجنوبْ
25/5/1986 بغداد الجديدة

نــجــم
17-04-2011, 02:02 PM
- فصل ثالث -
".. يكفينا من الجملِ الرنّانةِ
فعند الانطلاقةِ ستصبحُ الساحاتُ
لوحاتِنا، والحدائقُ ريشتَنا…"
- مايكوفسكي -
"سأرعى جسدَكِ، مثلما يرعى الجندي الذي
فَقَدَ في الحربِ، ساقَهُ الوحيدة.."
- مايكوفسكي - أيضاً
..............
(1)
أصداءُ المدافعِ تحاصرُ نعاسي المرتبكَ
وكذلك ذكرياتكِ
أخرجُ رأسَ أحلامي من النافذةِ فتحاصرهُ سماءٌ مليئةٌ بالثقوبِ
ماذا أفعلُ؟
وأنا مجنونٌ برغبةِ التسكّعِ - هذا المساء البليد -
على رصيفِ اشتياقي لكِ
حتى آخرِ نهاياتِ العالمِ
*
(2)
أتصلتُ بكِ
كانت الخطوطُ متشابكةً إلى حدِّ كدتُ أضيّع صوتكِ البعيد
في زحمةِ الاطلاقاتِ والبياناتِ والزعيقِ والأصدقاءِ
ماذا أفعلُ..؟
أيتها الرائعةُ
وأنا أحتاجُ شفتيكِ، هذه الليلة، بشكلٍ غريبٍ
أقفلتُ السماعةَ..
ونمتُ مبكراً
احتجاجاً على غيابكِ
*
(3)
من حدود الشلامجة
حتى حدود آخر القذائف
من ضفاف شط العرب....
حتى أطراف شعركِ المجنون الطويل
بهاتين الكفينِ الناحلتينِ، اللتينِ تنامان الآن تحت رأسي المتعبِ
جستُ غاباتِ شَعركِ، خصلةً.. خصلةً
ومساماتِ بلدي، شارعاً، شارعاً
وسواترَ الحربِ، جثةً، جثةً
وقلّبتُ كتبَ العالمِ، قصيدةً، قصيدةً
فلمْ أجدْ ما أقولهُ
لكِ…
يا واسعة العينين
سوى
أن لا أقولَ شيئاً
************

نــجــم
17-04-2011, 02:03 PM
- فصل خامس -
غسقُ القنابلِ يتسربُ من شقوقِ الغيومِ، لا مطرَ هذه الليلة، فصيفُ الحربِ يقفُ على مسافةِ زهرةٍ من ربيعِ السلامِ القادمِ. أقلّبُ أوراقَ يومياتي السرية التي كتبتها في بطونِ السواترِ والأقبيةِ الممتدةِ على مساحةِ نصفِ عمري أو على مسافةِ عشراتِ الثكناتِ، فأجدك
"أترين هاتين اليدين
لقد جابتا الأرضَ
واستخرجتا المعادنَ والحبوبَ، وصنعتا الحربَ والسلمَ
وجمعتا بين البحارِ والأنهارِ
ومع هذا، عندما تجوبانِ جسدكِ
يا صغيرة، يا حبةَ قمحٍ، يا يمامةً
لا تكفيان لاحتوائكِ
تعجزانِ عن أن تطالا اليمامتين التوأمين
اللتين ترقدانِ أو ترفرفان في صدركِ
أنهما تجوبان ما بين ساقيكِ
وتلتفان حول هالةِ خصركِ
أنتِ عندي كنـزٌ أكثر امتلاءً من رحابةِ البحرِ وعناقيدهِ
وأنتِ بيضاء وزرقاء ورحبة
كالأرضِ في موسمِ القطافِ
من أخمصِ قدميكِ.. حتى جبينكِ
سأقضي حياتي..
أمشي..
وأمشي.. وأمشي".
- بابلو نيرودا -
غداً، ستكبرُ زهرةُ عبادِ الشمسِ
وتدير رأسها الأصفرَ الصغيرَ في كلِّ الاتجاهاتِ
ذاهلةً، مرتبكةً،
فثمة أكثر من شمس..
وعندما لا تجد خياراً أو ملاذاً
ستلقي بنفسها بين يديكِ
لتغفو..
تغفو.. تغفو..
مثل قلبي الذي أتعبتهُ - ذات ليلٍ - قنابلُ التنويرِ المشرّشة في كلِّ الاتجاهات
فألقى بأحزانهِ وأحلامهِ
بين يدي ذكرياتكِ..
ونامَ هادئاً، مطمئناً
كأنهُ لمْ ينمْ منذُ دهورٍ
*********

نــجــم
17-04-2011, 02:03 PM
- فصل رابع -
"… وإنّي وتهيامي بعزةَ بعدما
تخليتُ عما بيننا وتخلتِ
لكالمرتجي ظلَّ السحابةِ كلما
تبوّأَ منها للمقيلِ اضمحلتِ"
- كثير عزة -
..........
ظهيرة البصرة، ولا ملاذَ غير ظلِّ القنابلِ وأكياسِ الرملِ
ظهيرة صمتكِ، ولا ملاذَ غير ظلِ الكلامِ
ظهيرة قلبي، وأنتِ على الشرفةِ
تنشرين أيامنَا على حبلِ غسيلِ النسيانِ
لتجفَّ..
*
قالتْ:
أرادوا أن يصادروا أحلامنَا كلَّ يومٍ
ويفردوا كفَّينا المتشابكتين، إصبعاً، إصبعاً
قلتُ لها:
ستظلُّ الشوارعُ ملكنا،
وهذا الشجرُ المتطاولُ، والمصطباتُ، وهذا الأفقُ المفتوحُ
على اتساعِ عينيكِ الواسعتين ..
سيظلُّ لنا كلُّ شيءٍ..
اطمئني..
ما دمنا نملكُ ورقةً، وحنيناً بحجمِ العالم
.......
ظهيرة البصرة..
القنابلُ تأخذُ قيلولتها ..
فقدْ تعبتْ طيلةَ ثمانية أعوامٍ من الركضِ في أزقةِ الحربِ..
بحثاً عن عنواني..
شكراً للصدفةِ، فهي وحدها التي أبقتني - في الحربِ - بلا عنوانٍ..
شكراً لكافافي فهو وحدهُ الذي قالَ لي، وأنا أعدُّ حقائبي:
(ما دمت قد خرّبت حياتكَ في هذا الركنِ الصغيرِ من العالمِ فهي خرابٌ أينما حللتْ..)
شكراً للتلمساني، شمس الدين بن عفيف، فهو وحدهُ الذي اختصرني هكذا:
رأى، فحبَّ، فرامَ الوصلَ، فامتنعتْ،
فسامَ صبراً، فأعيا نَيلَهُ، فقضى
...............
ظهيرة البصرة..
كلُّ شيءٍ هاديءٌ تماماً
وحدها ذكرياتكِ وعزلتي يحاصرانني من كل الجهات..
*********

نــجــم
17-04-2011, 02:03 PM
- فصل سابع -
في ليالي الحربِ الطويلةِ
تبدو السماءُ أحياناً، بلا نجومٍ ولا ذكرياتٍ
نلقي شِباكَ الأرقِ
في بحيرةِ الأحلامِ الإصطناعيةِ
نترقبُ ما يعلقُ فيها…
تتقافزُ الأسماك أمامكَ
تتقافزُ الدقائقُ والمدنُ والنساءُ والأصدقاءُ والثكناتُ {والأسلاكُ} والقصائدُ والأشجارُ والطرقاتُ {والألغام}
ما من شيءٍ في شِباككَ الفارغةِ…
لا البحرُ يكفُّ عن لا مبالاتهِ
ولا الشِباكُ ترحمُ جوعَكَ..
ولا الليلُ أيضاً، ولا الشايُ، ولا الشجارُ المفتعلُ، ولا مقهى الخضراء، ولا جبالُ حمرين، ولا نوباتُ الحراسةِ، ولا مواويلُ مطربِ السَرِيةِ، ولا قصائدُ طرفة بن العبد، ولا الطهي، ولا ترقبُ أيام أجازتكَ، ولا أغاني لوركا، ولا حكمةُ اتونابشتم، ولا المذياعُ، ولا ك
ما الذي تفعله إذن…
كي تنامَ..؟
*
ما من مرفأ
يا مركبَ روحي الهائم
أخذتها إلى عري البحر
وزرقةِ الأمواجِ العاتيةِ…
فسحبتني إلى السواحل الضيقة
آه.. يا روحي، ما أضيقَ السواحل
*
أشرتُ إلى الشجر
فأشارت إلى شَعرها الطويل
أشرتُ إلى قلبي…
فأشارتْ إلى واجهةِ المخزنِ المضيءِ
آه… يا قلبي…
ما أزيف واجهات المخازن
*
ذات ظهيرة ندم
افترقنا…
- بلا كلمةٍ، أو زعلٍ، أو وداعٍ -
أنا إلى فوضى قصائدي
وهي إلى غرفتها المرتّبة…
…………
"ومع ذلك ..
فذراعاي على امتداد الكون
بانتظارها.." (*)
(*) الشاعر محمد الماغوط
*********

نــجــم
17-04-2011, 02:03 PM
- فصل سادس -
على حافةِ "مجنون" أو على حافةِ الحربِ، كانتْ سرفاتُ أيامنا تمضي ثقيلةً، مثيرةً وراءها غبارَ الذكرياتِ والأصدقاءِ والمواضعِ.. تزحفُ خلفها أحلامنا أيضاً - متوجسةً -.. فوق دغلِ الألغامِ والزهورِ البريةِ المنتشرةِ على طولِ جسدِ الجبهةِ المتغضّنِ الذي لوّحتهُ
شمسٌ.. شمسٌ..، تمضي معك أينما تتجهُ، وعندما تتعب من الركضِ أمام نافذةِ السيارةِ.. تودعكَ تاركةً إياكَ لليلِ القنابلِ الطويل
(في الطريق إلى..)
قرصُ الشمس يخرجُ من تنورِ الأفقِ المحمرِ كرغيفٍ ساخنٍ مثقوبٍ بالشظايا.. وأنتَ جائعٌ منذ ليلةٍ أو أكثر، لا يهمُ.. فالتنقلاتُ السريعةُ لمْ تتركْ لكَ فرصة لتناول أيِّ شيءٍ أو كتابة أيِّ شيءٍ.. عدا قدح الشاي البارد من حانوتِ "السَرِية".. الذي كان آخر الذكريات
(مجنون قبل الفجر بـ…)
ظلامٌ كثيفٌ.. وبقايا جثثٍ ومعلباتٍ طافيةٍ..
الاتصالاتُ مقطوعةٌ
يا للعزلةِ الخرافيةِ، ثمة أصدقاءٌ رحلوا بين أعواد القصبِ الطويلة.. وتركوا لك مهمة البقاء المريرة مع ذكرياتهم
(رسالة.. إلى شعرها الطويل)
أعرف أنكِ زعلانة.. لأنني لمْ أتصلْ بكِ منذ أسبوعين
ما الذي أفعلهُ؟..
يا أوسعَ قلبٍ في الدنيا
وأنا محتشـ د… (قطع…) ...
قصفٌ شديدٌ،
قصفٌ،
قطعت الرسالة، تركتها مبتورةَ الأحلامِ على يطغي المبعثرِ.. القصفُ شديدٌ جداً، لا مجال لغلقِ المظروف.. أو اكمال الرسالة.. قلتُ لنفسي سأبعثها هكذا.. وهي تفهمُ فوضانا.... نحن الذين علمتنا الحربُ أن نتركَ أشياءنا كما هي.. ونمضي..
*********

نــجــم
17-04-2011, 02:03 PM
"إلى أين تسعى يا كلكامش
ان الحياةَ التي تبغي لن تجدَ.."
- من خطاب صاحبة الحانة لكلكامش -
"إذا كان المستحيل يجبُ أن لا يُرتاد
فلماذا أيقظتِ في قلبي الرغبةَ
التوّاقةَ إليهِ…"
- كلكامش -
.......
لا شيءَ يهدّيءُ هذه الروحَ الملتاعةَ
لا الشوارعُ
ولا أنتِ
ولا الكتبُ
ولا ظلالُ اليوكالبتوز
ما للمدينةِ، تنسلُّ من بين أصابعي
تنفرطُ شوارعها كحباتِ الرمانِ الحامضِ
تاركةً دبقها
ما لروحي، لا تستقرُّ على حجرٍ أو كلمةٍ
ما لأشجارِ اليوكالبتوز، لا تفرّقُ بين ظلالِ قامتها، وظلالِ حزني
ما للدقائقِ، تكيلُ رمادي بملاعقها، وتذروهُ في الريحِ
مالكِ… بل مالي - لمْ نتقاسمْ فجيعةَ كلِّ هذا، بالتساوي
فتأخذين حصتكِ
من جنونِ التشرّدِ في شوارعِ روحي
وآخذُ حصتي
من جنونِ الحرب
في لافتاتِ العالمِ السوداء
*
أصفَرُ…
أصفَرُ…
كلُّ شيءٍ أصفَرُ…
من زهوركِ المكتظّةِ بالبوحِ.. حتى قميصكِ الأخيرِ
من بحيرةِ البجعِ... وحتى ورقِ رسائلكِ
يجتاحني حصارُكِ الأصفرُ
فألوذُ بغرفتي الصغيرةِ
تطالعني الجدرانُ
غابة يابسة من الخريفِ اللانهائي
وروحي أقدامٌ تائهةٌ تجوسُ الأوراقَ الصفراءَ المتساقطةَ
ما أجملَ خريفَكِ
ما أجملَكِ حتى في خريفكِ
*
يتمددُ الليلُ على سريري - هذه الليلة
تتبعهُ أيائلُ النجومِ
وعندما يطبقُ جفنيهِ أو يكادُ
تقفُ على مقربةٍ من النافذةِ المفتوحةِ
تحرسهُ بهدوءٍ ورهبةٍ
بانتظارِ يقظته
لتعودَ أدراجها إلى مراعيها البعيدة
أذرعُ الغرفةَ، جيئةً وذهاباً
وأنا أتفرسُ في جسدِ الليلِ الهائلِ
وهو يغوصُ في سريري
أسحبُ اللحافَ عن وجههِ، فجأةً…
أتطلعُ إلى تقاطيعهِ جيداً
ياه…!!
أنهُ ميت!
*********

نــجــم
17-04-2011, 02:04 PM
"وتلفّتتْ عيني فمذْ خفيتْ
عني الطلولُ تلفّتَ القلبُ"
- الشريف الرضي -
"يا ريحُ يا ابراً تخيطُ لي الشراعَ - متى أعودُ
إلى العراقِ...؟"
- السياب -
........
انتظرتكِ…
كان مطرُ الرصاصِ يهمي قليلاً، على الشبابيكِ والسواترِ والأشجارِ والقصائدِ.
فقد انقشعتْ غيومُ المعاركِ الأخيرة، وبلعتِ الحربُ "فاليومها" واسترختْ على الأريكةِ بين اليقظةِ والنومِ.
وحملنا حقائبَ ذكرياتنا المثقّبة
ومضينا في قطارات الجنوب، نحو مدننا المترقّبةِ
قلتُ ريثما تصحو ثانيةً من نعاسها المؤقّتِ
عليّ أن أهيّيءَ كلَّ شيءٍ:
خطاي للحدائقِ
وشعركِ للمرايا...
وذاكرتي للنسيانِ...
{وحقائبي للسفرِ..}
انتظرتكِ...
نظرتُ إلى عقاربِ عمري، تشيرُ إلى منتصفِ الحبِّ
وأنتِ... يا واسعةَ العينينِ...
يا أجملَ عينين على الإطلاق
يا انثيالَ أحلامي الخبيئة على نافذةِ اليوم
يا لقلبي
ما الذي تنظرين في غبار ِعيني
غبار الحربِ، والذكريات المنسية، ونثيث الشوارعِ، وآثار خطاكِ القلقةِ على عشبِ القلب، والندى الشحيح
ما الذي تنتظرين في بريدِ الحربِ
كلّ الرسائلِ لمْ تصل، وقلبي أيضاً
ما الذي تنتظرين في قطارِ الجنوبِ
عاد الجنودُ {الممصوصون} من الفاو، محمّلين بأخبار المعارك الضارية، وحناءِ {الدمِ} والتراب.
وعدتُ إليكِ...
غيمةً لزجةً...
محمّلاً بكِ والحربِ
يا أجملَ كلّ ذكرياتي وأقساها
*************

نــجــم
17-04-2011, 02:04 PM
نظرَ إلى الأفقِ.. طويلاً
ياه.. منذ متى لمْ يتملَّ هذه الزرقةَ الصافيةَ
منذُ كمْ وهو منسيٌ في هذا الشقِّ الأرضيِّ.. كقطرةِ مطرٍ
من أجلِ أن يورقَ - ذاتَ ربيع -
عشبُ الانتظارِ
في الدربِ المؤدي إلى كلمةِ: سلام
*
أصغى إلى زقزقةِ النسغِ
وهو يتصاعدُ من أعماقِ الأرضِ إلى حنجرةِ شجرةِ
ياه.. منذُ متى سرقتِ الشوارعُ من جيبِ قميصِ طفولتهِ.. الغابات
فنسي نبضَ الغصونِ في دمهِ
وانشغلَ بالضجيجِ المتصاعدِ، من كلِّ شيءٍ:
من ملعقةِ الطعامِ.. حتى مكيّفةِ الهواء ..
آه…
مَنْ يعيدُ للعالمِ غاباتهِ التي… ابتلعتها معاملُ المدينةِ..
نظرتُ إلى شعرها الطويلِ.. طويلاً
وتذكرتُ شلالاتِ بلادي
تتساقطُ على دفاتري قصائدَ حبٍ
ورأيتُ الأنهارَ تفيضُ على يدي
بساتينَ فرحٍ، وسوابيطَ ضوءٍ
ياهٍ.. منذ متى لمْ أقفْ على جسرِ الكوفة
لأرى ظلالَ شعرها الطويلِ
تتماوجُ على صفحةِ النهرِ
وظلالَ بيتنا القديمِ
تتماوجُ على مرايا ذكرياتي
*
نظرتُ إلى الأفقِ… ثانيةً
ما زالَ فضاؤه اللامتناهي
يفيضُ زرقةً هادرةً
رغم سحابةِ دخانٍ أبيض
كانتْ تشقُّ السماءَ نصفين:
أوشكَ نصفها الأولُ أن يميلَ إلى الغروبِ
تجرهُ سلاسلُ ظلامٍ خفيّة
وتراءى من بعيدٍ قرصُ الشمس، معلّقاً بسنّارةِ الغسقِ
فاصطبغَ الأفقُ بدمهِ المطلولِ...
أما النصفُ الثاني فما زالَ ينبسطُ........
بكلِّ عذوبةِ صيفِ الساعةِ السابعةِ عصراً
بعد دقائق
اختفى خيطُ الدخانِ الأبيضِ
وعادتْ صفحتا السماءِ المشقوقة... للإلتئام
ولكن الظلامَ بدأ يتسرّبُ رويداً ، رويداً
بعد قليلٍ ستتصاعدُ قنابلُ التنويرِ...
بعد قليلٍ ستتكاثفُ نظراتنا {الوجلة} إلى الأفقِ
لننظر معاً عما سينجابُ ظلامُ المساء الطويل
**********

نــجــم
17-04-2011, 02:04 PM
"أزيحي الحجابَ عن قلبكِ
يتجلَّ لكِ قلبي.."
- جلال الدين الرومي -
......
تأخرَ البريدُ هذا الصباح
وظلَّ قلبي معلقاً بين القنابلِ، وغبارِ العجلةِ - الأملِ - ذاتِ المحركِ القديم
ما الذي سيأتي؟
غبارُ شعركِ يتناثرُ عبرَ هذهِ المفازاتِ الشاسعةِ
مستصحباً معه أسرابَ الحمامِ الزاجلِ وقطعانَ النجومِ
ورسائل الأصدقاءِ تأتي متقطّعةً..
وروحي يحاصرها الحنينُ والشظايا..
كمْ قنبلةً عليكَ أن تحصي
لتقولَ: انتهتِ الحربُ
وكمْ زهرةً عليكَ أن تقطفَ
لتقول: يا للربيع
يا قلبي،
يا مدينة بلا عصافير
كمْ تحتاجُ من الكلماتِ لتقول لها: كمْ أحبكِ
كمْ من الأحزانِ عليك أن تعتصرَ
من أجلِ خلقِ قصيدة فرح..
*
أيتها الحربُ
{يا رحمَ الحياة المتورمَ}
زرعنا في أحشائك كلَّ شيءٍ:
طفولاتنا، وأمنياتنا، وقصائدنا، ومخاوفنا، وأعمارنا القلقة.
من أجل أن تنجبي - ذات صباح مندّى -
طفلَ السلام القادم
*
أنتِ، على بُعْدِ ساعي بريد كهلٍ، من فرحي
ياه.. كمْ أنتِ بعيدة إذن؟
ما الذي أخَّرَ حنينكِ عني
قلتُ: ربما ساعي البريد
وجاء
ربما أزيزُ الرصاصِ
وهدأ الآن كلُّ شيء..
ربما...
……………
مضيتُ أبحثُ عن شموعٍ وحنينٍ يليقُ بكِ
حجزتُ القطاراتِ والمحطاتِ وظلالَ الشجرِ
قلّبتُ كلَّ بطاقاتِ العالمِ بحثاً عن أسمكِ
آهٍ...
ما أطولَ صبري
وما أضيقَ القلب
وما أبعدكِ عني هذه الليلة…
**********

نــجــم
17-04-2011, 02:04 PM
أريدُ لغةً أكبرَ من هذا، أكبرَ من هذا الصراخِ الذي يشقُّ حنجرتي، أكبرَ من هذا الفرحِ المجنونِ الذي.. أريدُ يا ربُّ لغةً أكبرَ وأشرسَ وأدقَّ وأعذبَ وأكثرَ قدرةً على التعبيرِ {والتمويهِ} تماماً بعيداً عن قوانينِ الإعرابِ {الصارمةِ وزخارفِ البلاغةِ التي أمات
شوارع للفرحِ، شوارع لشَعركِ الطويلِ المجنونِ، شوارع لعينيكِ الواسعتين، لأجملِ عينين على الإطلاقِ، شوارع لنشر الرصاص عالياً بريئاً لأولِ مرة، شوارع للحمامِ، شوارع للساعةِ الخامسةِ فجراً، شوارع لا تعرف الزعلَ، شوارع بلا نومٍ ومذيعينٍ، شوارع للسيرِ حتى ساحةِ
وأتذكر يفتوشنكو: "لا يمكن أن يتضحَ معنى محدد لكلمة سلام إلا لهؤلاء الذي عرفوا ما هي الحرب.."..
وأتذكر ريتسوس: "السلام هو رائحةُ الطعامِ عند العشيةِ، عندما تعني الطَرَقَةُ على البابِ صديقاً. السلام هو كأسٌ من الحليبِ الدافيءِ، وكتابٌ أمام الطفلِ الذي سيستيقظُ.. يا أمهاتُ. إنَّ أفرانَ الخبزِ تنتظركنَّ لتعجنَّ فيها أرغفةَ السلام.."
مَنْ عرفَ معنى الحربِ غيرنا؟
مَنْ دخلَ مساماتها؟ مَنْ لاكته بين أسنانها ثمانيةَ أعوام؟
مَنْ تركَ أحلامَهُ معلقةً على مشجبِ الانتظارِ، وحملَ حقيبةَ الحربِ وأمشاطَ الرصاصِ وغابَ طويلاً في الأفواجِ المتقدّمةِ..
وها نحنُ نعود الآنَ ننفّضُ بقايا غبارَ المعاركِ عن أجسادنا وأرواحنا، ونجلسُ قليلاً في انتظارِ صوت المذيعِ المتهدّجِ وهو يعلن البيانَ الأخيرَ للحربِ، لنخرجَ أو قُلْ لنتدفقَ إلى الشوارعِ بكلِّ جنونِ الفرحِ المخبوءِ طيلةَ ثمانية أعوام، بكلِّ هذا السيل الذي أ
يا ربُّ.. أريدُ لغةً غير هذهِ.. أريدُ كلمات.. كلمات فقط.. كلمات غير هذه التي تخثرتْ على فمي طيلةَ الأعوام الماضية كبقعةِ دمٍ يابسةِ..
ماذا أفعلُُ الآن بكلِ نزيف ذاكرتي..؟
ماذا أفعلُ بكلِّ أحزانِ التاريخِ التي شربتها مساماتي منذ نعومةِ أحلامي، وأنا على مقاعدِ الدراسةِ..؟
ماذا أفعلُ بكلِّ تأريخ قصائدِ البكاءِ والرثاءِ والهجرانِ.. يا ربُّ
ماذا افعلُ بكلِّ فرحِ الشوارعِ وهي تتدفقُ فجأةً كنافورةٍ سوى أن أفتحَ صدري العاري المجرّحَ للقطراتِ الباردةِ، وأتركها تنسابُ على جروحي
ماذا أفعلُ سوى أن أعلنَ انتمائي لهذا الفرح
ولا تقولوا أن الشعراءَ أميل للحزنِ، حاشا،... فلمْ تعدْ مثل هذه الكذبةِ الملفّقةِ، طيلةَ قرون البكاء، لتنطلي الآن.. لا عليَّ ولا عليكِ
هاتوا لي فرحاً بحجمِ فمي، واتركوا لي حريةَ أن أحوّلَهُ - هذا الفمَ المتيبّسَ - إلى حقولِ مطرٍ، ونوافذِ ياسمين
هاتوا لي شوارعَ غاصةً بكلِّ هذا الكرنفالِ الراقصِ حتى الصباح، وسأريكم كيفَ أغني..
هاتوا لي، كلَّ هذا..
وسأريكم كيف تكركرُ لغةَ الشعراءِ، كأطفالٍ عراةٍ، يركضون وراء المطرِ
وإذا كنا صبرنا على كلِّ هذا.. فذلك من أجلِّ وطن.. ليس إلاّ..، وها نحن نراه الآن عائداً من طين الجبهات ورصاص السواتر البعيدة، يخلعُ خوذتَهُ متعباً، فرحاً. ويستريحُ من عناءِ الحربِ إلى الأبد
الخامسة فجراً..
بل السادسة..
والشوارع لمْ تنمْ بعدُ
لا تريد أن تنام
***********

نــجــم
17-04-2011, 02:04 PM
صباح العيدِ ممتزجٌ ببهجةِ الشوارع، حيثُ تتكدّسُ كركراتكِ
على الأرصفةِ وأراجيحِ الطفولةِ والورقِ
صباح شفتيكِ تقطرُ بوحاً وحمرةً وقرنفلاً
تلحسها نهاراتي الظامئة
حدَّ أن تترنحَ من فرطِ الثمالةِ
صباح العشبِ وهو يتسلّقُ أصابعي
ليصافحَ ربيعَ يديكِ
صباح الفرحِ الذي باغتَ أحزاني فجأةً
وأقنعها بقصرِ العمرِ والفساتينِ
وراحا يتسكّعان معاً غير عابئين لشيءٍ..
صباح قميصكِ المنقّطِ وهو ينفتحُ على الغاباتِ
حيثُ يختبيءُ الحمامُ الزاجلُ خائفاً من عيونِ الصيادين
حيثُ رائحةُ الأزهارِ البريةِ تعبقُ تحت ابطيكِ فتثملني…
صباح الينابيعِ وهي تتدفقُ
باتجاه أيائلِ شعركِ
صباح القصائدِ التي تسلّلتْ من تحت وسادتي
إلى مرآتكِ..
ففضحتني
*
في العيدِ الثاني
في كلِّ عيدٍ
أصفُّ شموعَ عمري على الطاولةِ
وأشعلها بالشوقِ إليك، واحدةً واحدةً
محتفلاً بعيدكِ، أتأمل القطرات البيضاء
وهي تنسالُ بهدوءٍ كالأيامِ
أو كالأحلامِ
أو كالدموعِ
وبعد أن تذوبَ آخرُ شمعةٍ
سأجلسُ أمامَ ركامها - صفّ ذكرياتي -
متأملاً خيوطَ دخانها المتلاشي
وأقولُ لعينيكِ
ياهٍ.. إنها أجملُ أيامي معكِ
كيف ذابتْ سريعاً..
*
سأقولُ لساعي البريد
لا تستغربْ مني
إنك لا تحملُ بطاقةَ حبٍ
بل قلباً مغلّفاً
عليه عنوانها
في أقاصي الحنين
فلا تخطيء هذه المرة
أرجوكَ
*********

نــجــم
17-04-2011, 02:05 PM
أنتَ تملكُ الصكوكَ..
وأنا أملكُ القصائدَ..
ورغم ذلك فأنا أكثرُ سعادةً منكَ
حياتُكَ: بنوكٌ، ومسابحٌ من الفسيفساءِ، وسكرتيراتٌ أنيقاتٌ، وكونياك، وملاعقٌ من ذهبٍ، وصفقاتٌ، ودم...
وحياتي: شوارعٌ من الريحِ، وكمبيالاتٌ مستحقةٌ، وأصدقاءٌ، ومطرٌ، وخبزٌ منقوعٌ بالباقلاء...
ورغمَ ذلك..
فأنا استطيعُ أن أضعَ رأسي على الوسادةِ وأحلمُ
أما أنتَ فلا تستطيع أن ترى غيرَ الكوابيسِ
*
أنا الشاعرُ عدنان الصائغ
رأيتُ من الخنادقِ والمساطرِ والأكواخِ والمعسكراتِ
أضعافَ ما رأيتهُ أنتَ.. من الصالوناتِ والسهراتِ والمطاعمِ الفخمةِ..
وبيدي هاتين،.. اللتين كثيراً ما خدشتا أصابعَكَ الناعمةَ
وهما تصافحانكَ...
بيدي هاتين،..
حملتُ عشراتِ الجثثِ من ساحاتِ المعاركِ
وبعتُ السجائرَ والصحفَ على أرصفةِ المدنِ..
ونقلتُ الصناديقَ، في مخازنِ الشالجيةِ،.. والطابوقَ والجصَّ، لبيوتِ الأثرياءِ..
وغسلتُ الصحونَ في المطاعمِ الرخيصةِ
وعملتُ في المجاري والمقاهي والمكتباتِ
من أجلِّ لفّةِ همبركر...
أستطيعُ أن أمضغها ملتذاً
وأنا أجوبُ الشوارعَ عائداً إلى البيتِ
أما أنتَ...
فما أكثر ما كنتَ تشكو المللَ والتخمةَ
وأنتَ تنبشُ أسنانَكَ المنخورةَ
بعيدانِ الثقابِ
لتستخرجَ... لحمَ الآخرين
*
أعرفُ أن في شرايينكَ يجري ماءُ الكولونيا
وفي شراييني شوارعٌ من الوحلِ
وأن ثمنَ حذائِكَ
يعادلُ أضعافَ راتبي من المجلة
ورغمَ ذلك..
فأنا أكثر سعادةً منكَ..
أستطيعُ أن أغمضَ عيني
لأرى حشداً من النجوم تحطُّ على سطحِ بيتنا الطيني
وأن بين أصابعي تترقرقُ الآف الينابيع
وهي تنحدرُ إلى القرى
ما الذي نفعلُ
نحن الفقراءَ المنتشرين على أرصفةِ المدن
الفقراء الذين لا نملك سوى التسكّعِ والطيبةِ والحبِّ
ما أكثر ما نظرتَ إلينا بازدراء
وأنتَ تمرقُ أمامنا بسيارتكَ الفارهة
لقد قاتلنا بضراوةٍ..
من أجلِّ أن يكون لنا وطنٌ،
وشوارع، وشمسٌ، وأشجارٌ، وكرامةٌ، وخبزٌ، وقصائد
وتاجرتَ بشراهةٍ
من أجل أن يكون لك رصيدٌ
وصكوكٌ وعمارات
ماذا نفعل؟
إذا كنا قد انشغلنا بهموم الوطن
وانشغلتَ بهموم الصفقاتِ
إذا كنا قد غصنا في طين الجبهاتِ.. حدَّ الركبِ
وبقيتَ تتفرج على ثيابنا المبقّعةِ بدمِ المعاركِ وغبارِ القنابلِ
- من خللِ زجاجِ مكتبك الأنيقِ –
دون أن تجرؤَ حتى على لمسها
ورغمَ ذلكَ،
فأنتَ تستطيع أن تشتري القلاعَ والذممَ والشققَ المكيّفةَ
ولكنك لن تستطيعَ أن تشتري حلمَ شاعرٍ
وذلك ما يؤرّقكَ طويلاً..
طويلاً جداً..
******

نــجــم
17-04-2011, 02:05 PM
كركوك..
شوارع تؤدي إلى القلعة
وقلعة تنفرطُ - كعنقودٍ مدهشٍ - إلى شوارع، وظلالِ بيوتٍ، ونساء، ومآذن، و"حَبِّ الشمسِ"، وجنودٍ مستجدين، ومقاهٍ مكتظةٍ، وشراويل براقةٍ، وفنادق باردةٍ..
أعود إلى كركوك بعد خمسة أعوام
ياه.. كمْ تتغير المدنُ..
أزقةٌ تتناسلُ كالقططِ،
وأخرى تنقرضُ كأحلامٍ قديمةٍ
ومحلاتٌ تغيّرُ عناوينها بتغيّرِ المواسم
ووجوهٌ تشيخُ
وجوهٌ تحييكَ ولكنك لا تعرفها
وجوهٌ تحدّقُ فيكَ ولا تعرفكَ..
كمْ شختَ إذن ولا تدري
أم أنّهُ قلبكَ المثقوب الذي تبرر به نسيانَكَ دائماً
أهي المدينة التي تغيّرتْ أم الذاكرة
ذهبتُ أفتشُ عن المكتبة التي تعوّدتُ في أيام النـزول (كلّ اثنين وخميس) أن أتزودَ منها بالكتبِ والمجلاتِ، وأحياناً الصحف التي لا تصل…
عندما وصلتُ، وجدتُ مكانها مطعماً..
تحسّرتُ من كلِّ قلبي.. وقلتُ: لأدخل أيضاً..أتعشى إكراماً لذكرياتي
تأملتُ الحيطانَ المزيّنةَ بالصورِ، والمرايا التي تعكسُ الأفواهَ الماضغةَ..
وتذكرتُ مكانها:
الجدران التي كانتْ تنوءُ برفوفِ الكتبِ
هنا كان دانتي يحتسي قهوته مع أبي العلاء المعري
هنا مر جبران خليل جبران، وسعدي يوسف
هنا، على هذا الرفِّ المائل قليلاً
كان مايكوفسكي يصغي باهتمامٍ لصديقه أراغون
وهو يقرأ قصائده عن عيون إلزا
في هذه الزاوية سقط الجاحظ على رأسي
فتناثرتْ أوراقه وأفكاري
في هذا الركن رأيت زوربا فهربتّهُ معي إلى المعسكر..
علّقتُ ساخراً وأنا أغادرُ صاحبَ المطعم ذا الكرش المربع:
- إنها فئرانُ المطاعمِ التي تقرضُ المكتباتِ، والمقاهي أحياناً....
أين أمضي؟
لا أتذكّر عناوينَ أصدقائي القدامى
ولا عناوينَ أفلام السينمات تغريني بالتدافعِ مع الآخرين..
والهاتفُ الوحيدُ في المدينةِ يكتظُ على اسلاكهِ حنينُ الجنودِ إلى أهاليهم،
أغلقَ إذنيه عن ندائي المبحوحِ...
مضتْ ساعتان
وأنا أجوبُ الطرقاتِ وحدي..
ما أوحشَ المدن بلا أصدقاء
قلتُ: لأتصل بجليل القيسي
كان مسافراً إلى أربيل
قلتُ: لأتصل بمحمود جنداري
كان مسافراً إلى الموصل
قلت لأتصل بمرشد الزبيدي
كان مسافراً إلى بغداد ..
يا لحماقة المصادفات المجنونة
ما هذا؟ كأنهم اتفقوا على أن يتركوني وحيداً مع خطاي وذكرياتي…
جرّبتُ الكتابةَ..
في السطرِ الثالثِ توقفتْ أفكاري تماماً
بدأ أخطبوطُ الكآبةِ يزحفُ على أوراقي
أوقفني جنديٌ على الرصيفِ:
- أين مقرُّ "السَرِيةِ الثانيةِ"؟
تأملتهُ صامتاً:
عينينِ وحيدتين مثلي،
و(يطغاً) صغيراً يختصرُ تأريخَ معاركٍ طويلةٍ ومدنٍ وشهداء وأفواجٍ، مثل (يطغي) الذي كنتُ أحملهُ في تنقلاتي، بين الأفواجِ والمعاركِ
وحقيبةً جلديةً سوداء ..، كتلك التي أضعتها في القطارِ
قلتُ له:
– هيا بنا…
أنا ماضٍ إلى هناك
لنقطع الطريقَ بالثرثرات
1988 معسكر كركوك
**********

نــجــم
17-04-2011, 02:05 PM
أيها الناي
لي سلطانُ الكلام، وحاشيةٌ من الأحلامِ والريحِ
وجندٌ من المعاني والأشجارِ
مملكتي تمتدُ إلى ما لا نهايةِ الحلمِ..
يرسمونها على الخريطةِ أحياناً على شكلِ لافتةٍ..
أو مكتبٍ صغيرٍ في إحدى الصحفٍ..
أو رصيفٍ
وأرسمها على شكلِ قلبٍ أو ناي
وترسمينها على شكلِ مصطبةٍ لشاعرٍ مجنونٍ
لي هذا البحرُ بتعرجاتِ أغانيهِ على رملِ الموجةِ
البحرُ وشعرُكِ الطويلُ وديوني آخر الشهرِ..
ثمة ما يوصلني إلى الخراب
وثمة ما يوصلكَ - أيها النايُّ، يا صديقي - إلى قرى القصيدةِ
وهي تنأى من خلالِ النافذةِ..
نافذة بكائي..
آه.. كيفَ لمْ ألتفتْ إلى النافذةِ، حيث تجلسُ هي ساهمةَ النظرات والأحلام
تفكرُ بالشاعرِ وقرصِ الأسبرين
قلتُ لها: غيابكِ نافورةُ حرقة..
ولكنها لمْ تعد
قلتُ لقلبي: سأذهبُ إلى البصرة، أفلّيها شارعاً شارعاً، بحثاً عنكِ..
سأقفُ أمامَ تمثالِ السيابِ - بلا زهورٍ ولا عنوان -
هكذا بكلِّ انكساري وغربتي
أسائل المارين عنكِ
وأبعثُ بطاقاتي في بريد البحرِ
يا لحماقاتي.. التي أورثتني كلَّ هذا التشرّد..
تشرّدي في شوارع حبكِ..
أيها النايُّ..
ساعةُ الحائطِ تتكتكُ..
كمْ مضى من الوقتِ على عطلي
نظرتُ إلى فوضى مكتبتي، وعرفتُ لماذا مضى نصفَ حياتي
بلا ترتيبٍ..
أيها النايُّ..
كم بأسمكَ من التأوهاتِ والقرى
وكم بأسمي من الفقرِ والغيومِ
لنا أن نأخذَ القطارَ، نفسَهُ، النازلَ إلى الجنوبِ
غريبينِ على مقعدين متقابلين
أنت تحدّقُ من النافذة لنباحِ أعمدةِ الهاتفِ وفوانيسِ القرى النائيةِ
وأنا أكتبُ..
وعندما نصلُ المحطةَ..
لن نجدَ أحداً في استقبالنا
سنذهبُ إلى أقربِ حانةٍ في المدينة
هنالك - وقبل الكأسِ الأخيرِ - سأبوحُ لكَ بشيءٍ خطيرٍ
أيها النايُّ.. يا صديقي الوحيد
سأبوحُ لك بأسمها..
فهل ستكتمُ السر!؟
ملتقى السياب - 1989 البصرة
*******

نــجــم
17-04-2011, 02:05 PM
أحتفلُ بذكرى غيابكِ، لوحدي
أشعلُ - في صفٍّ واحدٍ - شموعَ حنيني إليكِ
وأرقبُ قطراتِ أيامي وهي تنحدرُ ببطءٍ على الطاولةِ
بعد قليلٍ، سينطفيءُ آخرُ خيوطِ اللهبِ الحزين
وأبقى مع ركامِ الشمعِ المتجمّدِ، ركامِ سنواتي المنطفئة
محاطاً بالبردِ والتشتّتِ
أين أنتِ الآن؟
في هذه الساعةِ من ضياعي
في شوارعِ ذكرياتكِ..
أين أنتِ الآن؟
غرفتي بكاء ٌ،
جدرانها من جصٍّ ودموعٍ
ونوافذها من أحلامٍ ذابلةٍ وياسمين
أين أنتِ الآن؟
يا من تركتني أذرُّ رمادَ قصائدي في حاناتِ الأرقِ
فيشربُ نخبها الأصدقاءُ الثملون
وهم يودعونني إلى بيوتهم
وأودعهم إلى بردِ المصاطبِ
أين أنت الآن؟
لا شوارع اليوكالبتوز تدلّني عليك، ولا نوافير نصب الحرية، ولا حدائق إتحاد الأدباء، ولا مصابيح الجسر الحديدي المطفأة، ولا الهاتف القلق، ولا ساحة الأحتفالات، ولا لوحات ليلى العطار، ولا نميمة الأصدقاء، ولا صوت ناظم الغزالي، ولا دير العاقول، ولا قطار المربد، و
مالي استنجدُ بكلِّ ذكرياتكِ
فلا أزدادُ إلاّ ضياعاً...
ولا أعرفُ أين أنت؟
مالي أراكِ في كلِّ الشوارعِ… ولا أراكِ
مالي أراكِ في كلِّ الملامحِ... ولا أراكِ
مالي أراكِ في كلِّ المرايا... ولا أراكِ
مالي أراكِ في كلِّ الكلماتِ... ولا أراكِ
[ رأيتكِ...
توهمتُ أني رأيتكِ - ذات صباحٍ مندّى برائحتكِ -
تدلفين إلى القاعةِ بشعرك الأسودِ الطويلِ
بينما كنتُ أقفُ خلفَ المنصةِ، محتشداً بالجمهور والقصائد
اختضَّ تاريخي كلَّهُ، فجأةً
وأحسستُ بأصغرِ خليةٍ في كياني ترتجفُ
أحسستُ بقلبي يدقُّ
يدقُّ بعنفٍ
يدقُّ كمئةِ طبلٍ في قاعةٍ مغلقةٍ
أحسستُ أنكِ تسمعين الدقاتِ
تسمعين المارش الاحتفالي الكبير
فتمشين على دقةِ الطبولِ بغنج الملكاتِ...
عندما أفقتُ:
كانتْ طبولي ممزقةً
والشوارعُ مزدحمةً بالخطى...
ولا أثرَ للعشبِ ورائحتكِ..]
قولي:
أين أنتِ الآن؟
****

نــجــم
17-04-2011, 02:05 PM
غيابُكِ نافورةُ حرقة
وأنا الضاميءُ (لمْ تروني شفتاكِ) أجلسُ على حافةِ حوضِ السيراميك
أمام مبنى دار الفنون
أتابعُ قطراتِ الماءِ.. وهي تتصاعدُ بقوةٍ، كأسلاكٍ ذهبيةٍ لا متناهيةٍ، سرعانَ ما تنحني...
وتعاودُ السقوط ثانيةً:
غيماً من الرذاذِ المتناثر - كشعركِ الطويل –
على المارةِ
وقميصي..
وغيرةِ الفتياتِ
أو تنحدرُ دوائر، دوائر - كسنواتِ عمري -
تتفرقُ.. تتسعُ.. تتسعُ، وتضيعُ، في الزحمةِ
لا شيءَ على السطحِ
غير فقاقيعِ الذكرياتِ تلوّنها أضواءُ الطرقِ الشاحبةِ
يا سيدتي.. يا ذاتَ العينين الواسعتين
تعرفين كمْ من الكلماتِ ضاعتْ
وأعرفُ كمْ من السنواتِ ستضيعُ
لا أحدَ، يوقف هذا الضياعَ المستمرَّ.. الذي يسمونهُ - خطأً - أيامنا
لا أحدَ، يوقف هذين العقربين المتراكضين على ميناءِ عمري
وهما يقضمان في طريقهما كلَّ شيءٍ:
الشوارعَ، والكتبَ، وأمنياتي..
المطرَ، والرسائلَ..
الأصدقاءَ وإجازاتي القصيرةَ،
والمشاريعَ المؤجلةَ، والمطاعمَ..
إلاّ أنتِ..
يا أنتِ، يا غيابكِ نافورةُ ندمٍ وحرقة واشتهاء..
أينما تذهبين..
ستطاردكِ الذكرياتُ..
أقولُ لك:
ما الذي ستفعلين غداً؟
حينما تنبشين شوارعَ بغداد، حنيناً وغربةً وبكاءً
ولا تجدينني..
أقولُ لكِ:
ما الذي سأفعلهُ غداً
بأيامي..
حين لا أجدكِ..
*******

نــجــم
17-04-2011, 02:06 PM
ما الذي تريدُ أن تراه بَعْدُ
أكثرَ من كلِّ هذا الذي... رأيتهُ
ها قد انتصفَ الليلُ وأقفرتِ المحطة
واختفى آخرُ بائع سجائر
وآخر بائعة حب
وآخرُ شرطيٍّ
(بائع السجائر، قلتَ له: إنَّكَ لا تدخن غيرَ أحزانكَ
وبائعةُ الحبِّ أدركتْ - يا لخيبتها - أن آخرَ ما تفكرُ به هو جسدها
وآخرُ شرطيٍّ ألقى عليكَ نظرةَ ارتيابٍ
وعندما لمْ يجدْ في عينيكَ غيرَ الدموعِ والأحلامِ
وفي حقائبكَ غيرَ الأرصفةِ..
أطلق صافرتَهُ واختفى في الظلامِ...)
ما الذي تريدُ أن ترى..
أكثر مما رأيتهُ
رغم أنكَ، لمْ تسافرْ
أو تدخن
أو تضيع في سوهو مثل كولن ولسن
حياتُكَ سفرٌ في الأحلام
وضياعٌ على الورقِ
وتسكّعٌ طويلٌ..
تحتَ أمطارِ القصائدِ والضفائرِ الطويلةِ
ما الذي تريدُ أن ترى..
أكثرَ من هذا؟
كتبكَ تباعُ على الرصيف
ورغم ذلك لا تجد في جيوبكَ المملوءةِ بالريحِ، ما تشتري به:
كتاباً جديداً،
أو قميصاً رخيصاً لطفلكَ
أحزانك تتناسلُ كالقطط
وأنتَ من نافذةِ غرفتك
ترقبُ الفتياتِ الجميلاتِ
متأففاً على نصفِ حياتكَ
مشاريعكَ الكتابيةُ كالمصعدِ الكهربائي
دائماً تعطل في الطابق الرابعِ
قريباً من غرفةِ رئيسِ التحريرِ
{حيثُ مقصاته بانتظاركَ}...
ما الذي تريدُ أن تراه إذن!؟ أكثرَ من هذا الذي رأيتهُ
ها قد انتظرتَ طويلاً…
طويلاً جداً
ولم يأتِ القطارُ (الذي وعدوك به في طفولتك،
محملاً بالحلوى وبالوناتِ السعادةِ والجواري والنقود)
مرت عشراتُ القطارات المملوءة بالجنودِ والبضائعِ والعرسانِ والنفطِ والأشجارِ والأجانبِ والمسافرين
مرّتْ آلافُ الوجوه... وآلاف الأقنعة
مرّتْ آلافُ الأنهارِ والطيور والمدن والكتب والهموم والشوارع
وما زلتَ تنتظرُ قطارَ فرحك
حتى أعشبتْ قدماك من الوقوفِ
(.. بائعُ السجائرِ هزَّ كتفيهِ ساخراً.. ومضى
الشرطي اكتفى بشتيمةٍ عابرة
بائعةُ الحبِّ التفتتْ مرتين... ثم بصقتْ
مفتشُ المحطةِ... قال:
لقد رأيتُ في حياتي كثيراً... من أمثاله:
هؤلاء المجانين.. ماذا ينتظرون!؟)
**********

نــجــم
17-04-2011, 02:06 PM
وقفتْ أمام مرايا قصائدي
تمشّطُ أحلامَ شَعرها الطويلِ الأسودِ
وتتمايلُ بغنجٍ لذيذٍ
وتتذكّرُ - وهي تتأملُ من على شرفةِ الورقةِ -
شريطَ يومياتها الذي مرَّ سريعاً
تذكّرتْ جنوني الذي تركتهُ على شفتيها
تذكّرتْ كلَّ حرفٍ وفوضى وقرنفلٍ فاضحٍ
تذكّرتْ غرفتنا التي لا يملُّ المؤجرُ من طرقِ أبوابها، حتى منتصفِ الشهرِ التالي
تذكّرتْ رمالَ يدي اللتين كانتا
تحتضنان تلاطم أمواج خصرها
تذكّرتْ سنوات الحبِّ الثماني، وسنوات الحربِ الثماني،
التي أخذت من عمرنا الكثيرَ
تذكّرتْ بريدَ القنابل الذي كان يحملُ رسائلي إليها من السواترِ البعيدة
تذكّرتْ كلَّ التفاصيل التي عشناها معاً:
الشوارع الوجلة، الشوارع اللامبالية،
الشوارع الضاجة، الشوارع السعيدة،
الشوارع المقفرة،
الشوارع التي تشبهُ أيامنا،
وأحلامنا المتشّعبة التي تشبهُ الشوارع:
تتفرعُ، وتلتقي، وتنتهي، ولا تنتهي، وتضيقُ، وتتسعُ، وتسكرُ، وتشيخُ، وتتناسلُ، وتكذبُ، وتنامُ، وتبولُ، وتحلمُ وتموتُ...
الشوارع التي تحفظُ عن ظهرِ قلبٍ يومياتنا السرّيةَ، وخطى العشبِ، ومواعيدَ زعلكِ..
تذكّرتْ:
قيلولةَ الشاي، وأزهارَ الشقّة رقم (1)، وكذبَ الأصدقاء، وقصائدَ سان جون بيرس، وقائمةَ الديونِ، وأمطارَ الندمِ، والصباحاتِ المشاغبةَ، والباصَ المتأخرَ دائماً، والقلقَ النامي على سياجِ أحلامنا، وأغاني قطارِ البصرة تحت رذاذِ المطرِ والشظايا، والحماقاتِ التي ك
تذكّرتْ:
تسكعنا الطويلَ على الجسرِ الحديديِّ، البكاء َالطويلَ أمامَ يتيمٍ عابرٍ، *****يةَ أحلامنا، بياناتِ الحربِ {السوداء}، معارضَ الفنِ التشكيلي، الكتبَ المستعارةَ، فتيات المدارس المشاكسات، المصاعدَ العاطلةَ، أزقةَ الهذيانِ، الندى الليلي، خرائطَ الجوعِ، أسرّةَ ا
تذكّرتْ كلَّ هذا
كلَّ ما يمكنها أن تتذكّرَهُ
فبكتْ...
بكتْ طويلاً...
بكتْ طويلاً جداً
بكتْ عمراً كاملاً كما بكيتُ أنا
*******

نــجــم
17-04-2011, 02:06 PM
من هنا
يبدأ القمرُ الغجريُّ.. حكاياته
– في المساءاتِ –
يهبطُ سلّمَ بيتي
حجراً..
حجراً
يُقرعُ البابُ.. في وجلٍ
– ذي غرفتي:
كتبٌ..
مقعدان قديمان
نافذةٌ، للعصافيرِ، والرازقي
وعلى الطاولة:
ديوانُ بودلير
فنجانُ قهوتها، ساخنٌ بعدُ
وردتها..
وحقيبتها المدرسية
يُقرعُ البابُ… ثانيةً – في هدوءٍ –
– ادخلْ!!
*
البراعمُ..
تبدأُ موسمها
بالتفتحِ قبل الأوانْ
والشجيراتُ..
حالمةً في الطريقِ الطويلْ
من هنا.. عبرتْ
كان في خطوها.. وجلٌ
شَعرها الفوضويُّ.. على موعدٍ
استدار الرصيفُ.. للفتتها العابرةْ
لمْ تقلْ أيَّ شيء
– أيها الموجُ……
خذني
إلى موعدِ الجمرِ.. والأقحوانْ

نــجــم
17-04-2011, 02:07 PM
ألمْ تبصري…
في الحديقةِ.. قلبي!؟
يبلُّ وريقاته.. الطلُّ
مشتعلَ النبضِ.. يا حلوتي
قربَ مصطبةٍ فارغة
تركَ العاشقانِ عليها…
بقايا ندى
.. بقايا أحاديثَ..
أو ربما موعدا
سيطويه.. صمتُ الحديقةْ
ومرّا..!
على غصنيَ المشرئبِّ.. بدونِ اكتراثْ
انتظرتكِ أنتِ
حجزتُ المقاعدَ..
كلَّ المقاعدِ.. منذُ الصباحْ
فرشتُ الممراتِ.. يا حلوتي
بالسنا والأقاحْ
لوقعِ خطاكِ الرشيقةْ
تمرُّ الثواني
تمرُّ الدقائقُ.. حتى
لأحسبَ عمري… دقيقةْ
وما زلتُ منتظراً..
يا صديقةْ
أناملَكِ المشتهاةَ الأنيقةْ
تلفُّ – بكلِّ البراءةِ – غصني النحيلْ
فأفتحُ أوراقَ قلبي
بلحظةِ نشوةْ..!!
وأسألُ:
هلا شممتِ رحيقهْ!؟

نــجــم
17-04-2011, 02:07 PM
لعينيكِ.. يا ميمُ
كانت بساتين روحي..
تفتّحُ أزهارها
للقاءِ فراشاتِ كفيك
وإذْ تجلسين على مقعدٍ ساهمٍ
تعبى من الوجدِ
تعبى من العشبِ
تعبى من الركضِ فوق جفونِ القمرْ
وكانَ الندى
يبلّلُ شَعرَكِ..
يالارتعاشةِ قلبي
اذا مسّهُ طرفٌ من جديلتِكِ العابقةْ
ومدّتْ زهوري..
سويقاتها العاشقةْ
للندى
ليديكِ
إنها النشوةُ الرائقةْ
*
فاقطفي أيّما زهرة.. تشتهينْ
هي قلبي أنا.. لو ترينْ
تضجُّ بشوقي إليكِ
فاملئي.. من زهوري سلالكِ..
وأمضي
وباهي الحسانَ.. بما في يديكِ
فيكفي غرور الزهورِ
انثيال الرحيقِ... على وجنتيكِ
ويكفي غرور الحديقةِ
إنَّ خطاكِ الأنيقةَ.. مرّتْ هنا
وبوحكِ.. في كلِّ أيكِ
ويكفي غروري..
بأنكِ لي
وكلّ قصائدِ شعري..
إليكِ

نــجــم
17-04-2011, 02:07 PM
إلى ولدي.. مهند!
سوف تجيءُ.. كما الحب
من رحمِ الظلمةِ
تصرخُ في وجهِ العالمِ
مذهولاً.. مأخوذاً.. بالأشياءِ الأولى
وجهِ القابلةِ المأذونةِ
أحلامِ أبيكِ
الكتبِ المرصوفةِ.. كاللعنة!
وأغاني أمِّكَ – في الليلِ – على إيقاعِ المهدْ
نافذةِ الغرفةِ.. حيثُ القدّاحُ يعرّشُ فوق القضبانْ
وحيثُ عصافيرُ القريةِ.. تأتي أسراباً
تنقرُ شباكَكَ قبل مجيءِ الشمسِ
وتدعوكَ… إلى اللعبِ
وأنا……
في مكتبتي
أرقبُ خطوتك الأولى… مسروراً
تسقطُ..
تزحفُ فوق الأرضِ
وتبكي..
وتمزّقُ أوراقي..
وتبعثرُ حولكَ كلَّ الأشياءْ
*
وستكبرُ..
تكبرُ أحزانُكَ
تكبرُ أفراحُكَ
يكبرُ.. هذا العالمُ في عينيكَ
فتسألني.. عن أشياءٍ
لمْ تخطرْ في بالي.. من قبل
عن صورٍ.. لمْ أبصرْها
عن مدنٍ.. ما وطئتها أقدامُ أبيك
وتروحُ تحدثني..
عما قالتهُ معلمةُ الروضةِ
حيث رفعتَ العلمَ {السامقَ}
– في الساحةِ –
قدّامَ الطلابِ
وحين قرأتَ أناشيدَكَ
مزهواً.. فرحاً.. – في الصفِّ
وحين رسمتَ على السبورةِ
بالطبشورِ الأبيضِ.. والقلب
خارطةَ الوطنِ.. الغافي بين العينين
النابضِ بين الأضلاعِ
.. الصاعدِ نحو الشمس
*
سوف تجيء
ويشيخُ أبوك الشاعرُ عدنان الصائغ
لكني……!
حين أرى أشعاري
تتوهجُ – كالقنديلِ – بعينيك الواعدتين
… وتكبرُ كالأشجارِ
أولدُ ثانية……

نــجــم
17-04-2011, 02:07 PM
يا وطناً.. أحملهُ بين ضلوعي
وأسافرُ كالريحِ وراءَ الكلمات
بحثاً..
عن بيتٍ من شِعرٍ..
أسكنهُ
بحثاً..
عن مفردةٍ.. لمْ تُهتكْ
بدواوين الشعراء
بحثاً
عن بحرٍ منسيٍّ
لمْ تَجْدِفْ فيه مراكبُ صيادي الكلمات
بحثاً..
عن غاباتِ عيونِ امرأةٍ
لمْ يسرقْ من أشجارِ مفاتنها..
عصفورٌ
أو شاعرْ
بحثاً..
عن شبرٍ من وطني
لمْ تنبتْ فيه زهرةُ قداحٍ..
أو ثائرْ
بحثاً..
عن ساقيةٍ
ما مرَّ بها عابرْ
بحثاً..
عن جذعِ شجيرةِ تفاحٍ
لمْ ينقشْ فيها العشاقُ مواعيدَهم الأولى
بحثاً..
عن مقهى
لمْ يجلسْ فيها البياتي.. وحسين مردان
بحثاً..
عن أرصفةٍ..
لمْ تعرضْ زينتَها للمارين
بحثاً..
عن جسرٍ
ما مرتْ منه نسائمُ أنفاسِ السياب
بحثاً عن………
…………
يا وطني
أتعبني التجوالُ
فنمتُ على صدرِكَ.. أياماً
.. من دون قصيدة!

نــجــم
17-04-2011, 02:07 PM
كان يحبُّ نوارسَ دجلة
والسمكَ "المسكوفَ".. على الشطِّ
وأورادَ الجوري.. تتفتحُ – في الليلِ –
كأوراقِ القلبِ
على شرفةِ محبوبتهِ الفارعةِ الطول
كان يحبُّ أغاني "حسين نعمة"
والمشي على أرصفةِ السعدونِ.. وحيداً
تبهرهُ أضواءُ الصالوناتِ.. وسربُ السياراتِ المجنونةِ..
.. والسيقانُ.. ورائحةُ "الهمبركر"
كان يحبُّ نثيثَ الأمطارِ
يبلّلُ أثوابَ الفتياتِ
فيركضنَ.. كغزلانٍ شاردةٍ
نحو مظلتهِ
ويكركرنَ.. اذا راحَ يغني:
"يا بو زبون الحمر… ومطرز بأبرة
كل الشرايع زلك… من يمنه العبرة"
آه… يا مطرَ الله
تساقطْ
حتى يمتليء العالمُ..
بالأزهارْ
*
وإذا جنَّ الليلُ..
أحتضن "الكسريةَ"
ثم استقبلَ ليلَ الطرقاتِ.. نحيلاً
كمصابيحِ الحارةِ
أطلقَ صفّارته..
يجرحُ صمتَ مدينتهِ الغافيةِ العينين.. {على} وجلٍ
– نامي – بأمانٍ – يا أجفانَ الأطفالِ
فعمكمُ علوانُ الحارس.. يشعلُ عينيهِ بقلبِ الظلمةِ
ويمرُّ على حارتنا..
بيتاً.. بيتاً
– .. ها.. مصباحُ الصائغ…… لمْ يُطفأْ
ما زالَ كعادتهِ.. حتى منتصف الليلِ..
يقلّبُ أوراقَ قصائدهِ
- لِمَ تعوي خلف خطاي كلابُ الدربِ
وتنسى أحلامي النجمةْ
اللعنةْ!
مَنْ لا يعرفُ علوان الحارس في منتصفِ الليلْ
*
أبصرهُ.. يدلفُ للمقهى
مشتعلاً بعذاباتِ طفولتهِ
مدرسةٌ طردتهُ…
وكوخٌ.. من قصبِ البردي والطين
وفانوسٌ يسعلُ في البردِ
وأشياء أخرى..
يتّخذُ الآنَ.. بركنٍ منعزلٍ
مقعدَهُ
مرتشفاً كوبَ الشاي – على مهلٍ –
يتأملُ من خلفِ زجاجِ المقهى
موجَ الناسِ المتدافعَ نحو الفجرِ
ينهضُ مبتسماً
يغرقُ وسطَ زحامِ الشارعِ
مفتوناً.. بصباحات الوطنِ المشمسِ
………… والأزهارْ

ولد الحموله
17-04-2011, 02:09 PM
يعطيك الف الف عافيه استاذي نجم


ع النقل الرائع لاهنت ياالذيب

نــجــم
17-04-2011, 04:22 PM
في انتظارِ القصيدة
أوقدتُ صبري.. على بابها
شمعةً.. للترقّبِ
ثم انحنيتُ..
على أضلعي
خشيةً
أنْ تفرَّ طيورُ الحنينِ الحبيسةُ.. نحوكِ
أنْ يفلتَ القلبُ..
هذا المبلّلُ بالوجدِ
.. من قفصي
ويضيعُ بغاباتِ حبكِ
مستوحداً
متعبَ الجفنِ
منطفئاً بالغصونْ
*
هو القلقُ الحلو…
يفترشُ الدربَ
ياليتها.. لا تجيءُ
فأنَّ الزوابعَ.. لا ترحمُ الغابةَ اليابسةْ
وأمضي..
بكلِّ الشوارعِ.. أمضي
بكلِّ الأزقّةِ.. حيثُ افترقنا
وحيث تلفّتُ – مثلَ المضيّعِ –
أبحثُ عن خطوكِ المتواربِ
بين الزحامْ
*
لماذا تركتكِ تمضين..
أيتها…؟
وكيف تركتُ شرائطَكِ البيضَ..
تنسلُّ – مثلَ الأماني الجميلةِ – من بين كفي
– لو أني شغلتكِ – خمسَ دقائق أخرى –
ببعضِ الحديثِ………!
– لو أنكِ.. كنتِ تركتِ على الرفِّ.. عنوانَ بيتكِ
حتى……!
– لو إنّا اتفقنا.. على موعدٍ
– لو…
ولكنني…!
كنتُ مضطرباً.. ساهماً
فلما استفقتُ.. بمنعطفِ الدربِ
كنتُ وحيداً…
تلفّتُ…
كان رداءُ المساءِ، يلفُّ المدينةْ
*
قدْ تجيءُ القصيدةُ..
.. أو لا تجيء
قدْ تمرُّ الأميرةُ.. تحت نوافذِ قلبي
وقد لا تمرُّ
ولكنني رغم بردِ الطريقِ.. وصمتِ الظلالْ
وما قيلَ عني... وما قدْ يُقالْ
سأشتلُ قلبي..
على الغيمِ –
صفصافةً ظامئة
وأبقى على الدربِ..
مرتقباً خطوَكِ الحلوَ…
… حتى أموتْ!

نــجــم
17-04-2011, 04:22 PM
وأحتارُ..
كيفَ تجيءُ القصيدةْ؟
وتضربُ – كالموجِ – شطآنَ قلبي
… بلا موعدٍ
تتكسّرُ.. فوق رمالِ الورقْ
ثم ترحلُ.. نحو الضفافِ البعيدةْ
وتتركني… والقلقْ
*
…… ومن أين تأتي القصيدةُ؟
ما اسمها..؟
وأسألُ كلَّ الدروبِ:
أمرّتْ عليكنَّ..
سيدتي العابثة؟
وأسألُ كلَّ الصحابْ:
من رأى حلوتي في القميصِ الموشّى بحلمِ النجيماتِ؟
………… راكضةً
في بساتين قلبي
وكنتُ أطاردُ – منذ الطفولةِ –
خلف أريجِ ضفائرها..
متعباً
فتراوغني…
ثم تفلتُ مني،… مشاكسةً
فاللعينةُ.. تعرف أني أموتُ… إذا خاصمتني
لذا سوفَ تتركني.. هائماً
– طولَ عمري –
كسيرَ الخطى.. خلفها
وتذوبُ بموجِ الزحامْ
*
أنا أعرفها..
بشرائطِها البيضِ.. والنظرةِ الناعسةْ
تتسكّعُ فوق الرصيفِ المقابلِ حزني
وتغمزُ لي..
- من وراءِ الزجاجِ الشفيفِ -
فأتركُ كأسي
وثرثرةَ الصحبِ حولي
.. وأغنيةَ البارِ
أتبعها ثملاً..
في الحدائقِ
في المكتباتِ المليئةِ
في الطرقاتِ التي أقفرتْ بعد منتصفِ الليلِ
في المصطباتِ الوحيدةِ.. مثلي
فلا شيءَ..
غير حفيفِ الغصونِ..
وخطوي
وحين أعودُ..
إلى شقّتي..
متعباً.. خائراً
سوف تنقرُ نافذتي
– هكذا بهدوءٍ –
وتجلسُ… فوق سريري…
وتتركني… والأرقْ

نــجــم
17-04-2011, 04:22 PM
إلى بيروت.. وخليل حاوي
وأنتِ
اشتهاء المحارب
يا قبّرات الفصولِ
.. هلمي
فأنَّ الأزاهيرَ.. تنفضُ أحزانها
والطريق.. إلى القلبِ
يبدأ من نظرةٍ عابرةْ
لماذا التوجّسُ
خوفَ المراراتِ
إن الحدائقَ غادرها العاشقون
ومازالَ بعضُ نداكِ اللذيذِ
يبلّلُ شعري
وعيناكِ.. تتركني حائراً
في الطريق
أُسائلُ عن دكّةٍ..
للقصيدةْ!
*
أكنتِ اشتهائي
وكانَ الطريقُ.. إلى قاسيون
يحاصرهُ الدركي
كلُّ المخافرِ.. تعرفُ وجهي
فكيفَ التقائي.. بسيدةِ البحرِ
في شفتيها..
امتزاجُ القصائدِ.. بالدمِ
والعشقِ.. بالموتِ
والنهرِ.. بالشهداءْْ
وكيف التقائي..
بنرجسةٍ..
في الجنوبِ
وما بيننا..
البحرُ.. والقتلةْ

نــجــم
17-04-2011, 04:22 PM
(1)
"قاسم مشعان"
في بابِ الخيمةِ
كنتُ....
أغني مولاً ريفياً
يحملُ رائحةَ الصفصافِ.. وشط الكوفة
يدنو مني "قاسم مشعل"
يقسمُ تفاحته نصفين
ويدخلُ للخيمة.. ملتاعاً
يحلمُ..
بالمحبوبةِ..
والأمطارْ
*
(2)
"كوخ"
أنسجُ..
من أهدابي
كوخاً.. للشعرِ
وأجلسُ.. فوق الدكّةِ
منتظراً
أن تأتي.. سيدتي
– ذاتَ مساءٍ –
وتشاركني.. القهوةَ
.. والكلماتْ
*
(3)
"نخلة"
تبقى النخلةُ..
عطشى
وتموتُ..
ولا تحني قامتها.. للريحْ
*
(4)
"امرأة"
كان طويلاً
نهرُ ضفائرها
وأنا……
أسبحُ
ضدَّ التيارِ..
إلى
الشفتينْ
*
(5)
"حالة"
في موجِ الناسِ المتلاطمِ
أنسى نفسي.. أحياناً
وأدندنُ أبيات قصيدةْ..!
لمْ تُكملْ بعدْ..!!
*
(6)
"إلى الفنان جسام محمد"
كان صديقي..
كانْ
ممتلئاً.. بالألوانْ
حين أحبَّ امرأةً
صارتْ نهراً
وصديقي.. أصبحَ بستانْ
*
(7)
"تحت نصب الحرية"
من تحتَ النصبْ..
مرَّ {الشاعر
مرَّ الثائر}
مرًّ العاملُ
مرًّ الجندي
مرًّ الطفلُ
ومرَّ.. "جوادُ سليم"
مبتسماً، مزهواً
حيّانا..
ومضى!!
{يسألُ عن آخرةِ الدربْ}
*
(8)
"جواد سليم"
في ساحاتٍ أخرى..
من بغداد
وأربيل..
وميسانْ
شاهدناه..
ببدلتهِ {المطلية بالأحلامِ وبالألوانْ}
مشغولاً..
في نحت تماثيل أخرى..
للأمِ
وللجنديِّ
وللحريةِ
والزمن العربي {القادم
من وجع الإنسانْ}

نــجــم
17-04-2011, 04:22 PM
(1)
أنتِ أحلى.. وكلُّ نبضي اشتياقُ
أنتِ أحلى.. وفي دمائي العراقُ
أنتِ.. هذا الصباحُ.. يأتي بهياً
في بلادي.. فللعذابِ انعتاقُ
شَعركِ الحلو.. غابةٌ من أمانٍ
كمْ تغنّى بفيئها.. العشاقُ
روعةُ النخلِ.. أم قوامُكِ هذا
والمساءُ الشفيفُ.. أم أحداقُ
أنا هذا الفراتُ.. نبضٌ.. وشعرٌ
ونخيلٌ.. وزورقٌ.. .. و{أتلاقُ}
لكِ قلبي.. لكلِّ نخلِ بلادي
لكِ عمري.. وكلُّ عمري عناقُ
*
(2)
ماذا يحدثُ
في شكلِ العالمِ!؟
ماذا يحدثُ لو....!
بدلاً من أنْ تزرعَ في صدري طلقةْ
تزرع..
في قلبي..
وردةْ...!؟
*
(3)
أحبُّ الشوارعَ... يا ميمُ
كلَّ الشوارعِ.. تلك التي مشّطتها مع الليلِ.. أقدامنُا الضائعةْ
بلا غايةٍ..
غير أنْ نتقاسمَ بوحَ المصابيحِ..
والشعرَ..
والذكرياتِ الجميلةْ
وتلكَ التي بعدُ لمْ نتسكعْ بها..!
أحبُّ المقاهي.. جميعَ المقاهي
وحيثُ جلسنا نثرثرُ في كلِّ شيءٍ
نحدّقُ في الواجهاتِ المضيئةِ..
في الطرقاتِ البليلةِ..
في العابرين
ونشربُ.. قهوتنا.. في انتشاءْ
أحبُّ الحدائقَ.. كلَّ الحدائقِ
حيثُ ركضنا... وراء الفراشاتِ
حيثُ استرحنا، على العشبِ، من تعبٍ ربما
أو لأقرأَ شعري..
إليكِ
أحبُّ الشجيراتِ.. كلَّ الغصونِ التي ظللتنا
بأفيائها
وحيثُ كتبنا على ضفةِ النهرِ.. موعدنا
وحيثُ اختبأنا.. من المطرِ المتساقطِ – ذاتَ مساءٍ
وكان الرذاذُ اللذيذُ.. يبلّلُ شَعرَكِ
ينسابُ كالخَدَرِ الحلوِ.. فوق جبينك
فنغرقُ في بللِ القبلاتِ
وحيدين في الظلمةِ الرائعةْ
أحبُّ..
أحبُّ..
لأني أحبكِ

نــجــم
17-04-2011, 04:23 PM
كان الضوءُ المتسرّبُ – من بابِ الخيمةِ – يغمرني
فأحدّقُ…
حيثُ سفوحُ خليفان
شلالٌ من خضرةْ
يتماوجُ – مثل ضفائرها الحلوةِ – تحت الشمس
خذني.. يا شلالَ ضفائرها
مرّرني… بحقول المشمشِ والرمانْ
اغسلْ أحزاني بينابيعِ المرجانْ
وأملأْ بالعشقِ سلالي
يا للهِ، إذا امتلأتْ بالعشقِ سلالي
ستجيءُ صبياتُ القريةِ
في غنجٍ…
ودلالِ
يحملنَ ثمارَ الحبِّ…
لمن يهوينَ!
وينثرنَ الدربَ، زهوراً…
ولآلي
فتعالي…!
يا زهرةَ روحي
وتغني… بدموعي ووصالي
ولتحملْ- ريحُ الشمألِ - روحي
تزرعني…
نخلةَ حبٍّ
فوق ضفافِ الكوفة
*
كان الضوءُ المتسرّبُ من بابِ الخيمةِ…
يغمرني
أتخيلها…
تتكيءُ الآن… على الشرفةِ
والضوءُ المتسرّبُ… من بين غصونِ النارنج
يتساقطُ كاللؤلؤِ
فوق ضفائرها
فتلملمهُ – يا للهِ – أناملُ روحي
كانتْ تقرأُ في ديواني
عن سفحِ خليفان
ونهرِ الزابِ..
… وعينيها الماطرتين
وتركضُ فوق مروجِ مصائفِ شقلاوة
تنسى وردتها… وحقيبتها
في بيخال
وتهرعُ… كي تلقاني
وأنا…
من بابِ الخيمةِ
أكتبُ… أحلى أشعاري
عن عينيها الناعستين
أسألُ نهرَ الزاب:
يا نهرَ الزابِ… تمهّلْ
كي أنشقَ عطرَ ضفائرها
يا نهرَ الزابِ… تعجّلْ
وأحملْ للمحبوبةِ – في الكوفةِ – أشواقي
… وسلامي

نــجــم
17-04-2011, 04:23 PM
هي الأرضُ..
إذْ تتفتحُ بالعشبِ والأقحوانْ
وتلبسُ لونَ المدى
وفي الفجرِِ.. تأتي طيورُ النوارسِ
قبلَ انثيالِ الضياءْ
تموجُ بلونِ الندى
يباركُ أنهارَها.. الشهداءْ
هو الجرحُ..
ذا يتفتحُ بالوردِ.. والوعدِ
يصبحُ لافتةً
طلقةً ثائرةْ
وطناً.. للعصافيرِ والفقراءْ
{يقاسمُ} آلامَهُ.. الشعراءْ
*
على غصنِ ميم
تكونُ النوارسُ..
مبتلةً
بالندى والرحيلْ
وتغفو النجومُ..
وتصحو
على شرفتي
– كلَّ ليلٍ –
ويصبغُ جرحي…
.. ضفافَ الأصيلْ
على كلِّ جنحٍ..
يرفرفُ قلبي
أنا عاشقُ المستحيلْ
فيا أنتِ..
إنَّ المراكبَ.. تنأى
وينأى – بعينيكِ – حزني الطويلْ
*
لعينيكِ يا ميمُ..
تصدحُ كلُّ العصافيرِ.. في الغابةِ المورقةْ
إنَّ قلبي.. على غصنِ ميم.. يغني
يكونُ دمي.. نسغَهُ..
زهرةً عابقةْ
نبضةً، نبضةً..
ويطلعُ.. من جذوةِ الأرضِ
غصناً.. من الحلمِ
غصناً.. من الضوءِ
غصناً.. من اللهفةِ الصادقةْ
والندى…
يا ندى.. يا ندى
تساقط على شعرها
قطرةً..
قطرةً رائقةْ
ولوّنْ جدارَ الحديقةِ
"بلّلْ" دفاترَها
"بلّلْ" ضفائرَها
أنا حارسُ الغابةِ العاشقةْ

نــجــم
17-04-2011, 04:23 PM
- من حياة الفنان.. حسين حيدر الفحام -
كنتُ أبصرهُ..
هائماً.. في الحدائقِ
يبحثُ عن زهرةٍ.. أو كتابْ
يشاطرهُ الليلَ.. والنجمةَ الساهرةْ
وفي الشرفةِ المستحمّةِ تحت ضياءِ القمرْ
كان يرسمُ لوحاتهِ..
عن طفولتهِ
وعيونِ التي……!!
وطيورِ الحباري.. تحلّقُ زاهيةً
في سماواتِ قريتهِ الوادعةْ
يشربُ الشايَ.. في عجلٍ
ويغادرنا…
نحو "بابِ المعظّمِ"
حيثُ الشوارعُ.. مفروشةٌ بالندى
والوجوه الأليفة..
والذكرياتْ
يفتّشُ بين الزحامِ الطويل
عن عيونِ التي……!!
يتطلعُ في "النصبِ"
في دهشةٍ
… كلما مرَّ.. من تحتهِ
ثم يمضي.. إلى شغلهِ..
نحيلاً..
سريعَ الخطى..
.. مفعماً بالصباحْ
*
كنت أبصرهُ..
خلفَ واجهةِ المكتبةْ
ساهماً..
غارقاً.. في تصفّحِ بعض العناوين
.. ملتصقاً بالرفوفْ
وحين يراني..
يبادلني الإبتسامةَ
نخرجُ من شارعِ "المتنبي"
ونمضي معاً..
نتحدثُ عن ذكرياتِ الطفولةِ
والجسرِ
.. عن آخرِ الكتبِ الصادرةْ
نحيّي "الرصافي"
ونمضي..
نمشطُ – في الأمسياتِ –
شوارعَ بغداد…!
تحت رذاذِ المطرْ
......
.....

نــجــم
17-04-2011, 04:23 PM
فتحتُ قميصي..
لكلِّ العصافيرِ
قلتُ: استريحي
على غصنِ قلبي
وغنّي – كما شئتِ –
فالغابةُ الآنَ.. مُطفأةٌ
والبنادقُ محشوةٌ
.. في انتظاركِ
هذا زمانُ التوجّسِ
والموتِ.. في الطرقاتِ الحزينة
والدمِ……!
في الأرغفة!
*
إنّها الغابةُ الوادعهْ
هجرَ النهرُ.. أعشابَها
والعصافيرُ.. ودعتِ الأرزَ
والحارسُ الكهلُ..
نامَ على دكّةِ البابِ…
دون عشاءٍْ
باعَ – بالأمسِ – خنجرَهُ..
ثمناً للدواءْ
واللصوصُ على البابِ..
ينتظرونْ
دخلوا…!!
واحداً..
واحداً
ثم في لحظةٍ ..
أضرموا النارَ.. في الغابةِ الرائعةْ
(*) العنوان مستوحى من عنوان ديوان الشاعر الفلسطيني محمود درويش "العصافير تموت في الجليل"

نــجــم
17-04-2011, 04:24 PM
كان النهرُ.. صديقي
منذ نعومةِ أحلامي
وأنا أتسكّعُ في ضفتهِ..
.. الممتدةِ حتى آخر أطرافِ القلب
بحثاً عن أعشابِ السحرِ
وأزهارِ الشعرِ
أداوي فيها أحزاني الأولى
وصباباتي الأولى
فتشكُّ الأشواكُ نعومةَ كفي
وتسيلُ دمائي في النهرْ
كنتُ كثيرَ اللهوِ..
أشاكسُ جارتنا
وأمرُّ على جسرِ الكوفةِ – في الليلِ –
وحيداً
محترقاً
أقرأُ أشعارَ المتنبي والسياب
وبعضاً من أشعاري
وأنامُ……
مع الريح
فأرى.. امرأةً
تنثرُ أشواقَ ضفائرها.. في النهرِ
وتدعوني
أن أهبطَ..
أجلسُ فوق الدكّةِ.. أرقبها
………
*
مَنْ يمنحني الليلةَ..
أقلاماً
أشواقاً
أوراقاً
كي أصبحَ شاعر؟
- الشعرُ.. سلاحُ الفقراءِ..
وأنتَ…!؟
- بيروتُ، احترقتْ… يا هذا…!!
لمْ يبقَ من الغاباتِ الحلوةِ..
والأطفالِ..
ودور النشر..
سوى………!؟
- العالمُ أرصفةٌ للاعلاناتِ
فماذا تقرأُ هذي الليلة؟
- وخليل حاوي!
وجدوهُ بغرفتهِ.. منتحراً
برصاصةِ شِعر
- ………!!
مَنْ يمنحني الليلةَ…
{فانوساً
أوقدُ} أشعاري.. منه
…… وأمضي!

نــجــم
17-04-2011, 04:24 PM
الفجرُ يفترشُ الحقولَ المستحمّةَ.. بالندى
والنخلُ.. يلبسُ حلّةَ الأمراء
يبسطُ ساعديه.. على المدى
الشمسُ بين يديه
والنهرُ المرقرقُ.. والحمائم
تشدو له… ودمي الصدى
وأنا المتيّمُ بالطفولةِ.. والقصائدِ
أمنحُ الكلماتِ.. وهجَ الشمسِ
أنثرها.. على كلِّ البساتينِ الجميلةِ.. في بلادي
يا مهرجانَ القمحِ.. خذْ قلبي
مع الريحِ الخجولةِ..
يلمس الأغصانَ.. في ولهٍ
يغني للنخيلْ
وأظلُّ أحلمُ بالأصيلْ
حتى الطريق إلى المدينةِ.. ضيّعتهُ خطى الفتى
فاذا الطريقُ إلى المدينةِ.. لمْ يعدْ ذاك الطريقْ
كوخي هنا..
ومعي القصيدةُ.. والقمرْ
النهرُ.. أول ما يجيءُ.. يجيءُ لي
حتى الفصولْ
والريحُ..
حتى الريحْ
عذراء
صافيةٌ…
تصلّي في الحقولْ
والشمسُ.. آهِ.. الشمسُ
في غبشِ الصباحِ.. تجيءُ لي
طَرَقاتها الخجلى.. على شبّاكي الموصودِ.. أعرفها
وأعرفُ كيف توقظني..
فنركضُ في المروجْ
ومعاً.. سنقتسمُ السنابلََ والرغيفْ
ومعاً.. نغني
هذي المدينة.. ضيّعتني
*
سأعودُ للغاباتِ..
أسألها عن الأعشاشِ
هل رحلتْ معي… حين ارتحلتُ إلى المدينةْ
وأُسائلُ الأنهارَ.. عن جسرٍ من الجذعِ القديمْ
أما يزالْ
يمتدُّ من قلبي… إلى بيتِ الحبيبةْ
وأروحُ أبحثُ في غصونِ البرتقالْ
عن موعدٍ
تركتهُ لي… ذاتُ الضفائر
سأعودُ.. يا قلبي
وداعاً…
يا مدينة

نــجــم
17-04-2011, 04:24 PM
تستفيقُ البنادقُ..
قبل العصافير
نركضُ…
فوق الندى والبطاحْ
نفلُّ ضفائرَ حلوتنا – الشمسِ -
ننثرها..
خصلةً.. خصلةً
للرياحْ
وحين يصبُّ العريفُ… حليبَ الصباحْ
ونقسمُ الخبزَ..
والضحكةَ الدافئةْ
نراها…
تمشطُ في صفحةِ الماءِ…
خصلتها الذهبيةْ
هنا نجمةٌ… سقطتْ من غدائرها
هنا زهرةٌ… نبتتْ
بين وقعِ الخطى.. والصباحْ
وكان الندى
يقبّلُ فوق شفاهِ الزهورِ.. افترارَ الندى
فألمسُ.. في رعشةِ الفجرِ
أوراقها العاشقةْ
هي اللحظةُ العابقةْ
ويرفلُ بالعطرِ...
ثوبُ المدى
*
و "مكي"..!؟
أيدخلُ خيمتنا..
ـ في المساءِ ـ كعادتِهِ
يحدّثنا عن {عذاباتِهِ}
و "قاسم"
مازالَ يقرأُ أشعارَهُ
كلما عشّشَ الوجدُ… في مقلتيهِ
يذكّرنا… بالطفولةِ…
والرازقيِّ..
وضحكةِ جارتنا
وطيورِ الحباري
لماذا يحبُّ العريفُ فؤاد..
الجرائدَ.. والرازقيَّ
.. ونخلَ السماوة
يصبُّ لنا – كلَّ يومٍ – حليبَ الصباحْ
ويسألنا.. واحداً.. واحداً
من رأى زهرةً حلوةً
نبتتْ..
بين وقعِ الخطى والصباحْ

نــجــم
17-04-2011, 04:24 PM
هائماً..
في فضاءِ العراقْ
باسطاً ظلَّ جنحيهِ.. حيثُ المدى
جسرُ ضوءٍ..
يمرُّ عليه البراقْ
كان يأتي لحارتنا..
يطرقُ البابَ
في كفهِ.. مطرُ الله
.. والعشبُ
.. والزمنُ المشتهى
.. والخيول العتاقْ
هو والفجرُ.. في موعدٍ
ولهُ قبل أن تضفرَ الشمسُ.. خصلاتها
موعدٌ.. للعناقْ
*
لَوّنَ الأرضَ
مــن دمهِ..
والثرى مَسّـهُ
فاستفاقْ
زهرةً..
زهـرةً
فكان..
العراقْ

نــجــم
17-04-2011, 04:24 PM
يا جسرَ الكوفةِ.. اذكرني
إنْ مرّتْ محبوبةُ قلبي
تسألُ عني النهرَ.. وأشجارَ النارنجِ
وكلَّ عصافيرِ حديقتنا
في عينيها الضاحكتين.. قرأتُ قصائدَ حبي الأولى
ورأيتُ مروجَ بلادي.. تضحكُ تحت الشمس
وكتبنا – يالله – معاً..
فوق جذوعِ نخيلِ الكوفة..
اسمينا المرتعشين
هل تذكرُ – يا نخلَ الكوفة – موعدَنا الأولَ
هل تذكرُ أشعارَ السيابِ.. وعينيها الماطرتين..
.. وقلبي
هل تذكرني..!
كنتُ صبياً
أجلسُ تحت ظلالِ التوت
منتظراً.. خطوتها الخجلى
في وجلٍ عذبٍ
أكتبُ فوق سياجِ حديقتهم..
.. بعضاً من أبياتي
علَّ معذبتي.. تقرأُها
.. حين تمرّ..!
فترقُّ.. لحالي
*
يا جسرَ الكوفةِ..
لوتدري..
يا جسرَ الأشواقْ
…… كمْ أشتاقْ
قسماً… لو أبصرها
سأعانقُ.. كلَّ عمودٍ
وأبوسُ.. نخيلَ الكوفةِ
جذعاً.. جذعاً
وأذوبُ عناقْ!
*
يا جسرَ الكوفةِ
خبّرني.. عن محبوبةِ قلبي
أحملْ – كالريحِ – سلامي
املأْ عيني.. بظلالِ ضفائرها
دعني – ياجسرُ – أعبُّ أريجَ المشمشِ والرمانْ
خبرّني.. إنْ مرّتْ فوق الجسرِ
تحيي.. المارين
وتسألهمْ عني
وأنا في الخيمةِ……!
كنتُ أحدّثُ "جسّامَ" الجالسَ قربي
.. عن ذاتِ الثوبِ الأزرقِ
.. والكوفةِ
.. والنارنجِ
*
كان ضياءُ القمرِ المتسرّبُ – يا جسرَ الكوفةِ –
من بين شقوقِ الغيمِ…
يذكّرني.. بأغانيها
تسهرُ في الليلِ معي
أحلامُ مدينتنا..
وأزقتُها..
وحدائقُها..
ومصابيحُ شوارعها
فأرى عينيها الشاعرتين
- من بين شقوقِ القلبِ العاشقِ -
تنهمرانِ سنىً…
من فرطِ الوجدْ
فلماذا – يا جسرَ الكوفة ِ– لا ترحمني عيناها في البعدْ
ولماذا حين تمرُّ الريحُ بليلِ ضفائرها
يرتعشُ العطرُ الجوريُّ، بسندانةِ قلبي
.. ويشبُّ الوردْ!
ولماذا حين أغني.. بأسمكِ
تصدحُ كلُّ عصافير العالم في غاباتِ فمي
ولماذا حين أحدّقُ في عينيكِ الضاحكتين
أبصرُ كلَّ مروجِ بلادي، تتماوجُ تحت الشمسِ
…… بلا حدْ!

نــجــم
17-04-2011, 04:25 PM
هو الوطنُ المستفيقُ..
على جمرةِ الوصلِ..
يمتدُّ..
من قاعِ عينيكِ..
حتى مرافيءِ قلبي
شهيّاً
بهيّاً
مضيئاً
ككلِّ الصباحاتِ.. حين أراكِ
تميسين في ثوبكِ المدرسيِّ المطرّزِ بالأقحوانْ
.. زهرةً.. من حنانْ
تهشُّ فراشاتُ قلبي.. إليكِ
وأمضي..
وراءَ ضفائرِ شَعرِكِ..
حتى انطفاء الزمانْ
أفتّشُ عن دكّةٍ للقصيدة
تستريحُ عليها شجوني
وأحتارُ يا شاعرةْ؟
لماذا أحبكِ أنتِ
وأسألُ عنكِ..
عصافيرَ قريتنا..
والحدائقَ..
والنجمةَ الساهرةْ
وأوقدُ كلَّ شموعي..
على النهرِ
نذراً لعينيكِ
علّكِ تأتين.. يا حلوتي
فأبصرُ – في القاعِ – أيامي المُطْفَأةْ
وأحملُ قلبي على راحتيّ... وأمضي
أقلّبُ بين يديّ الشوارعَ…
والكلمات
لعلي أراكِ
تجيئين.. في ثوبكِ المدرسيِّ، المطرّزِ بالأقحوانْ
نسمةً من حنانْ
فأفتحُ كلَّ نوافذِ قلبي.. إليكِ
وأهمسُ في أذنيكِ
- أدخلي، بأمانْ!

نــجــم
17-04-2011, 04:25 PM
تجذّرتُ – منذُ الطفولةِ –
بالوطنِ المستحمِّ على شرفتي
كنتُ… والشمسُ
نلهو معاً
.. في الأزقةِ
نبتاعُ حلوى
ونكتبُ شعرا
ونركضُ خلفَ العصافيرِ
أسألها:
لِمَ تهربُ من قفصي…؟
وتحنُّ إلى عشها..
في أعالي الشجرْ
وتتركُ دفءَ يدي…
و "حبوبي"
وتصبو لهُ…
رغمَ عصفِ الرياحِ…
وزخِّ المطرْ
*
تجذّرتُ – منذُ الطفولةِ –
أعرفُ أنَّ هواه
يفيضُ بقلبي… حنيناً
ونسغاً.. تصاعدَ
من لهفتي
رائعاً.. عاشقاً.. كالنهرْ
وكان المطرْ
يبلّلُ ثوبي
وأفرحُ..
أركضُ..
أركضُ..
أركضُ..
أفتحُ.. كلَّ ذراعيّ
علّي أمسكُ شَعرَ المطرْ
*
وكان المعلمُ…
حين يعلّمني…
كيفَ أرسمُ.. فوقَ الكراريسِ
شكلَ الوطنْ
أغافلهُ....!!
ثمَّ ألصقهُ فوق قلبي
وأبكي...
لأني كسرتُ الزجاجةَ..
- في الصفِ -
يا لبراءةِ هذا {الشجنْ}
وأعرفُ…
إمّا نسيتُ نشيديَ - يومَ الخميسِ -
سيزعلُ مني الوطنْ
*
وكنتُ أطاردُ.. خلفَ الفراشاتِ
في كلِّ حقلٍ
أجففها…
ثم أندمُ……!!
… يا لهشاشةِ ألوانها الميّتةْ
أأرضى – أنا -..
أن يجففني أحدٌ في كتابْ
*
وكلَّ صباحْ
نمرُّ ببستان "عبود"
للآن....
أذكرُ ثقلَ "السوابيط"..
والرازقي
وحين تسلقتُ يوماً…
لأسرقَ رمانةً... راودتني
تَرَدَّدْتُ ساعتها
ورجعتُ لمدرستي... راكضاً
خوفَ أن يغضبَ اللهُ مني..
وَيَزْعل مني... الوطنْ

نــجــم
17-04-2011, 04:25 PM
صباحاً لعينيكِ
إنَّ القصائدَ تغسلُ في نهرِ دجلة، أحزانها..
تتمدّدُ فوق الحشائشِ، مبهورةً
بضياءِ الصباحِ.. ووجهكِ
مَنْ أيقظَ الوردَ من نومهِ..؟
الندى..؟
أم يدي..؟
وهي تقطفُ من غصنِ الوجدِ، نرجسةً
لتحيةِ هذا الصباحِ
فتبتسمين بدلٍّ لذيذٍ
ويمتليءُ الدربُ – ياحلوتي – بالأقاحْ
صباحاً لعينيكِ..
مازالَ بين دمي، والبلادِ
يموجُ هواكِ
لماذا إذا انسابَ خطوكِ، هذا القصيرُ، الأنيقُ، المهذّبُ...
فوق شوارعِ روحي
أحسُّ بأنَّ البراعمَ تفتحُ أكمامَها
وتشبُّ إليكِ
أحسُّ بأنَّ حدائقَ قلبي
تفتّحُ للناسِ أبوابها
وأنَّ صباحاتِ عينيكِ... لا تنتهي!

نــجــم
17-04-2011, 04:25 PM
.. وبين الندى
والحديقةِ...
يكبرُ برعمُ قلبي
يفتّحُ للشمسِ أوراقَهُ
فأرى طفلةً،
بثيابِ الفراشِ الشفيفةِ
وهي تجرُّ الخطى والضفيرةِ..
للمدرسةْ
تشتهي زهرتي
وتخافُ عصا الحارسِ الجهمِ..
آهٍ...
سأنثرُ أوراقَ عمري
على راحتيها
إذا ما تجرّأتِ الآنَ
وأقتربتْ خطوةً..
خطوةً
من شذى زهرتي المشرئبّةْ
ولكنها...
اذ ترى الحارسَ الجهمَ، متجهاً نحوها
سوف ترمي على العشبِ.. دفترها المدرسيَّ
وتهربُ مذعورةً – كالقطا –
وأبقى أنا واجماً لا أقولُ
وقلبي.. على غصنهِ
زهرةً ذابلة

نــجــم
17-04-2011, 04:25 PM
أحملُ منفاي إليكِ...
ولا أدري
انّكِ أنتِِ... المنفى

نــجــم
17-04-2011, 04:26 PM
أكانتْ تغارُ القصيدة
اذا ما تغزّلتُ باسمكِ... ياميمُ
تحمرُّ وجنتها
وأحسُّ اضطرابَ خطاها الوئيدة
على أضلعي..
هي ما بالها لا تطاوعني....
كلما حدستْ لوعتي
أهذي إذنْ..
غيرةُ الحبِّ.. - ياحلوتي-
أم دلالُ القصيدة!؟

نــجــم
17-04-2011, 04:26 PM
كان قلبي على العشبِ، يسقطُ مثلَ الندى
يقبّلُ كلَّ الزهورِ التي...
تركتها خطاكِ على الدربِ
حين تمرين في حيّنا
حلوةً.. حلوةً
مثل شمسِ الصباحْ
سلاماً... لعينيكِ...
إنَّ النوافذَ طرَّزها البرتقالْ
فاتركي لي يديكِ
فللعشبِ رائحةُ الوجدِ.. والثرثراتِ
إذا ما مررتِ على القلبِ
هامسةَ الخطو..
فوق الرصيفِ المطرّزِ بالآهِ
كلُّ الصباحاتِ.. مشمسةٌ
ومع الريحِ.. نمضي
نمشّطُ شَعرَ الشوارعِ
نغسلُ بالمطرِ العذبِ
نافذةَ الكلماتْ
لماذا تمرينَ مسرعةً
هل تأخرتِ – بضعَ دقائق – عن موعدٍ...؟
أم تخافين ياحلوتي
أن يبلّلَ فستانَكِ المدرسيَّ نثيثُ المطرْ!؟
أنا قلبي مع المطرْ
يبلّلُ كلَّ الفساتين
كلَّ الضفائرِ
كلَّ الدفاترِ
كلَّ الشوارعِ
كلَّ الشجرْ
فأتركي لي يديكِ
أتركي لي يديكِ
فكلُّ الحدائقِ مملوءةٌ بالزهرْ

نــجــم
17-04-2011, 04:26 PM
كانت ميم..
تركضُ..
تركضُ..
- حافيةً -
فوق مروجِ قصائدِ شِعري
زاهيةً.. بقميصِ الشيفونِ الأزرقْ
هل تعبتْ سيدتي..؟
هل نسيتْ ذاك الشالَ الغجريَّ...
على المصطبةِ الخلفيةِ، يبكي غربتَهُ..؟
هل بلّلَ دفترَها..
مطرُ الأشواقِ المتساقطُ، من أحداقِ العشاقْ..؟
كانتْ تجري – كالطفلةِ - .... يا قلبي
لاهيةً بشرائطِها البيضاء المجنونةِ
تركضُ خلفَ القمرِ الصيفيِّ، وراء التلّةِ
وأنا.. والريحُ.. وأحلامي
مذْ سبع سنينٍ.. نجري خلفَ شرائطها
تعبتْ أحلامي..
وتعبتُ أنا..
تعبتْ كلُّ الريحِ
وما تعبتْ سيدتي ميمْ!!
......
كنتُ أراها...
بصباحاتِ الغاباتِ المنسيةِ، في روحي
تصطادُ فراشاتِ الوجدِ
وتقطفُ في سلّتها...
قدّاحَ اللوعةِ.. والليمونَ...
.. وأزهارَ الجوري
تنثرها.. – دون مبالاةٍ –
.. في الدربِ
... وتمضي!
تتباهى بين الفتياتِ...
بأنَّ مفاتيحَ الغابةِ ..
ملكُ يديها

نــجــم
17-04-2011, 04:26 PM
تمرين أنتِ
فكلُّ الدروبِ.. مرايا اشتياقي
تمرين.. مختالةَ الخطوِ..
فوق رصيفِ احتراقي
وشَعرُكِ، هذا المشاكسُ
يسرقُ مني قصائدَ شِعري
ويبتاعُ فيها الشرائطَ.. والياسمين
وواثقةٌ...!
إنَّ كلَّ القصائدِ..
سوف أسطّرها لكِ وحدكِ أنتِ
تفيضُ حنينْ
فتبتسمينْ..!
إذا ما تلألأ أسمكِ بين السطورِ
وهامتْ به مقلُ العاشقينْ
لذا...
كنتِ تمضينَ مزهوةً
بين كلِّ الجميلاتِ
- إنّكِ لوعةُ شاعرْ

نــجــم
17-04-2011, 04:26 PM
تشيخُ الورودُ
وتذبلُ
لكنها...
سوف تتركُ فوق يدي
عطرها
وتموتْ

نــجــم
17-04-2011, 04:26 PM
حطَّ العصفورُ
على شباكي المفتوحِ
وراحَ يغني...
حين رآني، ما زلتُ أغطُّ بنومي
صفّقَ جنحيهِ...
... وشتّمني...
ومضى نحو الغابةْ

نــجــم
17-04-2011, 04:27 PM
احطبْ من روحي - يا فأسَ الشعرِ -
ففي غاباتي البكرِ،
.. المتشابكةِ الأغصانْ
أشجارٌ من كلماتٍ
لمْ تتشذبْ بعدْ!

نــجــم
17-04-2011, 04:27 PM
يستنجدُ بالسيكارة أحياناً
يستنجدُ بالقهوةْ
أو بالكتبِ المنثورةِ
... أو بالخمرةْ
يستنجدُ بالهَوَسِ المجنونِ
بتقطيعِ الشَعرِ المتبقي في الرأسِ – من الغيظِ –
بفكِّ الأزرارِ...
بذرعِ الغرفةِ آلافَ المراتِ
ولكنْ...!
لن تأتي الفكرةْ

نــجــم
17-04-2011, 04:27 PM
كتبٌ متناثرةٌ…
في أرضِ الغرفةِ،
فوق سريرِ النومِ،
على طاولةِ الأكل
معجونُ حلاقة...!
أزهارٌ ميّتةٌ في السندانة...
قنينةُ خمرٍ للنصف..
وقلبٌ كالمنفضةِ المملوءةِ بالأعقابِ، يغطّيه دخانُ الكلماتْ
في قعرِ الكوبِ بقايا شاي متيبسْ
وبقعرِ الروحِ بقايا حزنٍ متيبسْ
صورةُ مارلين مونرو لُصقتْ بالصمغِ على الباب
سريرٌ في فوضى دائمةٍ
قمرٌ في الشباك
حذاءٌ
كبسولٌ للقرحة،
أقلامٌ سيئةُ الصنعِ
قصاصاتُ جرائد
ذقنٌ كثٌّ لمْ يُحلقْ
مذياعٌ مازالَ يثرثر...
حلمٌ مكسورٌ
كرسيٌّ مكسورٌ...
و..... و.... و.....
و….. و…..
و.......
و…
لو تدخلُ سيدتي الآنَ
فمن أينَ ستبدأُ....
بالترتيبْ!؟

نــجــم
17-04-2011, 04:27 PM
للحديقةِ،
بابان...
أو أكثر...
يدخلها الناسُ، والعاشقون
وكلُّ الكلابِ، التي لمْ تجدْ في المدينةِ مأوى
ثم يمضون...
لا شيءَ غير بقايا السجائرِ، والكرزاتِ
وبوحِ المحبين تحتَ ظلالِ الغصونِ الخفيضةِ
والورد – ينظرُ ذبلانَ –
تسحقهُ الخطواتُ التي غادرتهُ...
بدون اكتراثٍ
ومثل الحديقةِ... قلبكِ
أدخلهُ...
مثلما يدخلُ الناسُ، والعاشقون
وأختارُ مصطبةً فارغةً
أقولُ:
لعلّي الوحيد، هنا
سوف يمضي الجميعُ... وأبقى
إذا انسدلَ الليلُ..
وأنهمرَ الرازقيُّ، بليلاً
... كحزني
أقولُ:
سأتركُ خصلتها
تستحمُ على نهرِ أنفاسي العاشقة
سأحكي لها عن ضياعي، ويتمي
وموتِ العصافيرِ في غابتي
وسنختارُ، ركناً قصياً
ثمَّ أتركُ كفي تنامُ على خصرها...
ثمَّ........
و.........
*
.......
.......
للحديقةِ بابان
أو أكثر...
يدخلها الناسُ، والعابرون
وإذْ يقبلُ الليلُ
تنسى العصافيرُ كلَّ وجوهِ المحبين
تنسى الغصونُ،.. المواعيدَ، والملتقى
- لقد غادرَ الناسُ... ياسيدي!
- .. والحدائقُ تغلقُ - في آخرِ الليلِ - أبوابها!
- .....
ووحدي أنا،
فوق مصطبةٍ للضياعِ
ولا شيء غير خطى الحارسِ الكهلِ،
مشتعلاً بالسعالْ
يتقدمُ مني...
- أقولُ له.. انها واعدتني هنا...؟!
أقولُ بأني....................!
ولكنهُ سوفَ يرمقني، صامتاً
ثمَّ يغلقُ بابَ الحديقة
ويتركني، والطريقْ...

نــجــم
17-04-2011, 04:27 PM
في الموعدِ تأتي..؟ ضاحكةً تغسلُ كالمطرِ العذبِ، حديقةَ روحي، تلك المتربةَ العشب، اليابسةَ الأغصان، المغبرّةَ من طولِ الجدبِ،...
سأنسى أنَّ زهوري ذبلتْ بين يديكِ،
وكلَّ عصافيرِ قصائدِ شعري هربتْ من قضبانِ نوافذِ غرفتكِ الموصدةِ الأبوابِ... إلى الغاباتِ..
وأنسى أنّكِ كنتِ بدون مبالاةٍ
تطلين أظافركِ الحلوةَ من نزفِ دمي،... أنسى .. أنسى!
في الموعدِ تأتي..؟ مَنْ أبصرَ حزني يورقُ وردةَ جوري، في الركنِ المنسي.. إذا مرّتْ سيدتي..؟
مَنْ أبصرَ روحي تتسلّلُ في الليلِ إلى شبّاكِ الفاتنةِ الزعلانةِ، كالقمرِ الشاردِ،
حين تؤرّقني في الغربةِ أطيافُ هواها...
وأغني....
في الموعدِ.. تأت!.. فلماذا يحسدني الشارعُ حين تجيء..
وأزهارُ المشتلِ – آهٍ – تتلفّتُ ذاهلةً..
وتديرُ الريحُ العنقَ..!
أما كان الشارعُ يعرفُ هذا المتشرّدَ في أرصفةِ الوجعِ الليليِّ..
أطاردُ ظلّي في الحاناتِ، وفي الأقبيةِ الرطبةِ..
يتبعني البقُّ.. وصفاراتُ العسسِ الليليين... (سأنسى الكدماتِ
على وجهي المصفرِّ..
وأطلبُ كأساً...
لكنَّ النادلَّ، يرمقني ببرودٍ...
يطفيءُ آخرَ ضوءٍ في حانتهِ، ويغادرني...)
في الموعدِ تأتي..؟ .. كانتْ بقميصِ الحبِّ الشفّافِ.. سحابةَ شِعرٍ رائعة.. تعبرني.. (.. آهٍ.. لو تمطرُ.. لو نمشي تحت رذاذِ الليلِ المجنونِ... تبلّلُ كلَّ أغانينا وملابسنا، القطراتُ... ونمشي..! ما أجملَ أن تتسكّعَ تحت نثيثِ الأمطارِ مع امرأةٍ تهواها...
... وتغني ملءَ هواك...! ..)
في الموعدِ تأتي؟ .. أعرفُ أنَّ النسوةَ قد يتأخّرنَ عن الموعدِ... بضعَ دقائق...!
... أو ساعاتٍ.. لا شيء سوى الغنجِ الحلوِّ.. وتلويعِ الروحِ.. وأعرفُ كيف يباهين بأن العاشقَ ظلَّ أمام النافذةِ الموصودةِ، منتظراً حتى الفجر.. وحتى يبستْ أعشابُ الصبرِ برجليهِ.. وحتى..! .. وأنا أعرف أن الدلَّ لذيذٌ.. ودمي قلقٌ حدَّ النـزفِ.. وحدَّ اللعنةِ،
(.. كانتْ تتعذرُ دوماً بصديقتها..
أو بطءِ الباصِ.. وكانتْ..! ..)…
وأنا تحتَ مصابيحِ الطرقاتِ الخابيةِ الضوءِ.. أضيءُ..
وأنزفُ أشعاري...
هل تأتي في الموعدِ... سيدتي؟
أأصدّقُ أن امرأةً رائعةَ الفتنةِ مثلكِ...
يمكن أن تأتي...؟

نــجــم
17-04-2011, 04:28 PM
ربما أقبلتْ..
من يمينِ الطريقْ
ربما...
من يسارِ الطريقْ
ربما...
دلفتْ – دون أنْ ألحظَ الآن – بابَ الحديقةْ
إنما حدسي لا يخيبْ
لحظةً.. ثم يستنفرُ الدربُ.. أشواقَهُ
في انتظامِ خطاها الأنيقةْ
وتقبلُ ضاحكةً.. من شكوكي،
ولون اصطباري، على جمرةِ الدربِ
رائعةً.. في القميصِ المطرّزِ بالوجدِ
والقبّرات
شَعرُها الفوضويُّ.. المسافرُ دوماً مع الريحِ
- مثل القصيدةِ - يفلتُ مني
ويتركني
دونما كلْمةٍ...!
هاهي الآن تقبلُ..
مسرعةً
ثم تبطيءُ، حين تراني
تتطلعُ - في خجلٍ - .... نحو ساعتها
وكعادتها...
في جميعِ المواعيدِ
تسبقُ أعذارها،.. ضحكةٌ
كرذاذِ النوافيرِ.. مجنونةٌ
تطفيءُ الجمرَ.. واللحظاتِ العصيبةَ.. والـ...
- أنتَ تعرفُ.. أنَّ أزدحامَ الطريقِ...
- إنّهُ الباصُ.. معذرةً.. فاللعينُ الثقيلُ الخطى
كان دوماً يشاكسني...
ويؤخّرني عنكَ... يا سيدي!
..........
..........
أتأبطُ – في لهفةٍ – خصرَها
ثمَّ ندلفُ من مدخلٍ آخرٍ...
للحديقةْ!!
........
..........
ربما.........
من يسارِ الطريقْ
ربما أقبلتْ من يمينِ الطريقْ
ربما عبرتْ – دون أن الحظَ الآنَ – بابَ الحديقةْ
وأبقى على جمرةِ الدربِ، منتظراً
ساعةً...
ثم أخرى.. وأخرى..
ولا شيء غير انتظاري...
وشكّي، وناري
وصمتِ الطريقْ

نــجــم
17-04-2011, 04:28 PM
تدخلُ...
مقهى القلب
تتخذُ – دون مبالاةٍ –
.. مقعدها
في زاويةٍ منسيةْ
تشعلُ سيجارتها
وتدخّنُ في صمتٍ
ثمَّ تقلّبُ بين يديها... ديواني
يدنو النادلُ منها.. مرتبكاً
- ماذا تأمرُ... سيدتي..؟!
- ... لا شيء....!
- ......
بعد قليلٍ
تطفيءُ سيجارتها.. في صحنِ رمادي
وتغادرُ.. مسرعةً!
تاركةً...
في جو المقهى....
... خيطَ دخانْ !

نــجــم
17-04-2011, 04:28 PM
المحطاتُ فارغةٌ
والقطاراتُ قد رحلتْ، هكذا
- بعد منتصفِ الليلِ -
مثقلةً بالحنينِ المبلّلِ..
وأنطفأتْ قبلاتُ المحبين،
والعرباتُ الثقيلةُ...،
والكلمات
ولمْ يبقَ في البارِ إلايّ!
إلاكِ...! في حببِ الكأسِ، طافيةً
كدخانِ القطاراتِ بعد الرحيل
ووحدي مع الحارسِ المتلفّعِ بالبردِ... دون قصيدة
ووحدكِ كنتِ بلا موعدٍ
تلوّحُ كفاكِ للوهمِ،
للطرقاتِ البخيلةِ،
للعابرينْ
ما الذي – ياوحيدةُ – تنتظرينْ
والقطاراتُ مرّتْ تعربدُ...
لا شيءَ غير الضبابِ، ووجهي
ومرَّ المحبون – تحتَ نوافذِ غرفتكِ الموصودةْ -
وما تركوا غيرَ أزهارِهمْ، ذابلةْ
... وقصاصاتِ شِعرٍ بها تحلمينْ
وها أنتِ – وحدكِ – فوق رصيفِ الحنينْ
تقهقهُ خلفَ خطاكِ...
رياحُ السنينْ
زرعتِ على كلِّ دربٍ.. هواكِ
انتظاراً حزينْ
ولمْ يأتِ فارسكِ الحلو...
لمْ يلتفتْ أحدٌ للرموشِ البليلةِ
ما لوّحتْ – من خلالِ الزجاجِ المضبّبِ – كفٌّ إليكِ
فلمَنْ كنتِ واقفةً...
في الرصيفِ المقابلِ حزني..؟
ووجهكِ هذا الوحيدُ، الحزينُ، يطاردني
في المقاهي القديمةِ،
... والطرقاتْ
ويتركني حائراً كالقصيدةِ
أبحثُ عن أيِّ بارٍ بحجم حنيني
*
المحطاتُ قد أقفرتْ
... ربما لا يعودُ القطار
وتبقين والريحَ...
والساعةَ الواحدةْ
وماذا بليلِ المدينةِ..
غير نباحِ الكلابِ..
وصافرةِ الحارسِ الكهلِ..
والريحِ..
والعائدين من البارِ مثلي
بلا شقةٍ أو صديقةْ

نــجــم
17-04-2011, 04:28 PM
لقطة رقم... (1)
كلَّ مساءٍ
يتوكّأُ – في الستين – على عكازتهِ
منطفئاً، ووحيداً، يتنـزهُ في أرجاءِ الغابة
أحياناً، يجلسُ تحت شجيرةِ يوكالبتوس
يتذكّرُ...
آهٍ...
.....
*
لقطة رقم... (2)
يتأبّطُ شابٌ خصرَ فتاةٍ فاتنةٍ في العشرين
تطلقُ ضحكتَها النشوى – في عبثٍ مرتبكٍ –
ويمران معا..
معتنقين
أمام الرجلِ الكهلِ..
........... إلى أعماقِ الغابةْ
...........
*
لقطة رقم... (3)
إمرأةٌ في الخمسين
تجلسُ تحت شجيرةِ يوكالبتوس
ترنو – عن كثبٍ –
من خللِ الأغصان،
... لظلّين
معتنقين
تتذكّرُ...
.. ضحكتها النشوى بين ذراعي عاشقها
- ذاتَ مساءٍ غابرْ -
حين اختفيا بين الأحراشِ
تلهثُ خلفهما،
نظراتُ عجوزٍ محترقة!
وصدى آهٍ...

نــجــم
17-04-2011, 04:28 PM
أقولُ لقلبي: تمهلْ
اذا ما مررتَ بشباكها
متعباً، كالشوارعِ في الليلِ
مرتعشاً، كالقناديلِ في حانةِ الساعةِ الواحدةْ
أقولُ:
لعلَّ الستائرَ، تلك الموشاةَ بالياسمينْ
تبوحُ ببعضِ الحديثِ
لعلَّ النوافذَ، تحكي لسيدتي عن هواي الدفينْ
فما زالَ قلبي بكلِّ المواقدِ - حيث الأحاديثُ - مشتعلاً بالعذاباتِ
مازالَ دمعُ النجومِ.. وراء الزجاجِ الشفيفِ
يطرّزُ جفني، وعشبَ الحديقةْ
وما زالَ خلفَ الستائرِ شيءٌ يُقالْ
أقولُ:
أتذكرُ – خطوي المضيّعَ – تلكَ الشوارعُ
إمّا انتهيتُ إلى حانةٍ – بعد منتصفِ الليلِ – موصدةٍ
أو إلى بابِ سيدتي
فلقد أتعبتني الشوارعُ.. حتى أنتهيتُ لقلبي
ولقد أتعبتني القصائدُ.. حتى مضيتُ
أفتّشُ عن حانةٍ لا تملُّ جنوني
أقولُ: لعلّي..
سأبصرها – ذاتَ يومٍ -
بضحكتها العابثة...
- صدفةً - ...
في طريقِ القصيدة
..........
..........
ولكنني إذْ أمرُّ – بكلِّ مساءٍ –
سأبصرُ، مصباحها مطفأً
والزهورَ – على البابِ – ذابلةً
سحقتها خطى العابرين
وأبصرُ قلبي...
وحيداً.. كما كان
محترقاً، قربَ شباكها الموصدِ..

نــجــم
17-04-2011, 04:29 PM
طاسلوجةُ والغربةُ والريحُ… وآخر مصباحٍ يُطفأُ في الليلِ دمي…
هل أغفتْ سيدتي الآنَ؟ … (على الرفِّ مسوّدةُ الديوانِ تئنُّ من البردِ)
وقلبي مازال كأوراقِ الصفصافِ يئنُّ من الريحِ
وهل أسدلتِ الأستارَ الورديةَ؟ (ألتحفُ البطانياتِ الخمسَ،
ولكنَّ البردَ لعينٌ ينسلُّ إليّ، ويحرمني النومَ)
وغيركَ – يا ابن الصائغ – يلتحفُ الـ... !!
يتقلّبُ من ثقلِ التخمةِ..
(ما لكَ والناس
تقلّبْ ماشئتَ من الحرمانِ!...)
وهل تعرفُ سيدتي – اذ تغفو –
لِمَ يبقى المصباحُ الأحمرُ، في ركنِ الغرفةِ
مرتعشاً،
ووحيداً،
يرنو – عن كثبٍ – للثوبِ المحسورِ عن الغاباتِ العذراءِ وينـزفُ...!
(كان النجمُ يلامسُ روحي، يرعى في أعشابِ الجبلِ المتدثّرِ بالثلجِ، ويشربُ – هلْ يظمأُ مثلي؟ - من نبعٍ صافٍ في أقصى القريةِ
تغتسلُ القروياتُ على ضفّتهِ المحفوفةِ بالأشجارِ
ويصغي – من مخبئهِ – لأغانيهنَّ العابثةِ المجنونةِ
أحياناً يتسلّلُ بين الأحجارِ، وئيداً، محترقاً، يلتصُّ النظراتِ إليهنَّ.. ويحلم...!!)...
القرويةُ تخرجُ للمرعى كلَّ صباحٍ
نخرجُ من موضعنا نتدفّأُ بالشمسِ، وننشرُ فوق جذوعِ البلوطِ ملابسنا المبتلّةَ والبطانياتِ...
- صباحَ البهجةِ، فاضل يونس...
ما أحلى شمسَ بلادي
ما أحلى العشبَ ينفّضُ عنه ندى الليلِ
وفي كسلٍ يتمطى، اذْ توقظهُ أقدامُ الجندِ
وما أحلى كركرةَ القروياتِ يطاردنَ الغنمَ السارحَ
أو يحملنَ جرارَ الماءِ الى البيتِ
وما أعذبَ هذا النبعَ المترقرقَ من روحي...
حين يفيضُ قصائدَ حبٍّ تسعُ العالمَ
(كنتُ أحدّثُ هذا الجبلَ العالي عن حالِ الدنيا
فأراه..
في اليومِ التالي، مشتعلاً بالشيبِ كرأسي
قلتُ أما تشجيكَ الدبكاتُ الكرديةُ والزفّةُ والموّالُ المنسلُّ وحيداً، مرتعشاً، من بيتٍ ناءٍ يتغنى لحبيبته في الزفّةِ, باعتْ أحلى خفقاتِ أغانيه بسيارةِ شوفرليت وقصرٍ عالٍ.. آه..)
هَلُمْنَ صبيّاتِ القريةِ
واحملنَ جرارَ الوجدِ إلى بيتِ الشاعرِ، هذا المنفي وحيداً – في طاسلوجةِ – مغترباً
يتغنى بضفائرِ محبوبتهِ "ميم".. وجسرِ الكوفة..
فسينشدكنَّ أغانٍ
لمْ يتغزلْ فيها شيركو بيكه س أو أحمدي خاني!

نــجــم
17-04-2011, 04:29 PM
.... وأحصيتُ كلَّ المسرّاتِ في عمري المتناثرِ، واحدةً، واحدةْ:
الليالي الجميلاتِ، والنهرَ، والصحبَ، والنسوةَ العابراتِ – كما الريح – فوق رصيفِ احتراقي، اللواتي زرعنَ بذورَ القصائدِ في مشتلِ القلبِ، ثم توارين بين زحامِ المدينةِ والحزنِ... مَنْ يقطفُ الزهرَ – يا عابراتُ – إذا أورقَ القلبُ قدّامَ فاتنةٍ..؟.. وذوى – آهٍ
ثم تكسّرَ في الريحِ
كانتْ مسرّاتُ عمري بحجمِ الأماني التي لا تجيءُ...! بقبضةِ كفين بينهما يرجفُ القلبُ من بللِ الطرقاتِ، وبردِ التسكّعِ في أمسياتِ الحدائقِ...
ثم انتبهتُ إلى وجهها – فجأةً – يسرقُ العمرَ...
يرسمُ في دفترِ الحلمِ أرجوحةً للطفولةِ، منسيةً...
وركضتُ – كحلمٍ يتيمٍ – وراءَ شرائطها البيضِ...
قلتُ: سأسرقُ بعضَ النجومِ التي عُلّقتْ بجدائلها... وسأصطادُ بعضَ الفراشاتِ، ثمَّ اخبّئها.. بين كرّاسةِ الرسمِ، والقلبِ...!
لكنها...! غافلتني...
......
......
وأحصيتُ كلَّ المرارات:
بيتاً قديماً، تناسلتِ الكدماتُ على وجههِ، وزقاقاً تلوّى كأفعى، تعرفتُ فيه على القملِ، والأصدقاء
كان يفضي إلى النهرِ أو للمدينةِ..
أو كان يفضي الى مخفرٍ فاغرِ الفاهِ.. أو للسماء
وما بيننا والزقاق، براءةُ كلِّ الطفولةِ، والبوحُ، مستنقعٌ للسباحةِ، شَعرُ البناتِ،.. ونافذةٌ للتسلّقِ والحلمِ...
أحصيتُ كلَّ السنين الحزينةِ، يوماً، فيوماً. وكنتُ أقطّرُ عمري – على دفترٍ مدرسيٍّ – دواةً، ودمعاً، ونهراً صغيراً تغني الصبايا على جرفهِ
وأشربُ وحدي عصارةَ حزنِ النساءِ اللواتي، تركنَ أمامَ الحدائقِ قلبي حزيناً، شريداً، يطاردُ خيطاً رفيعاً من العطرِ، أو موعداً لا يجيءُ...!
وأحصيتُ كلَّ ليالي التشّردِ في الطرقاتِ الخليّاتِ، والشعر والجوع...
كلَّ المخاوفِ إذ يطرقُ البابَ.. وجهُ المفوّض..
كلَّ المدارسِ تلك التي قابلتني بكلِّ برودٍ، وتلك التي طردتني
لأني بدون حذاءٍ
وكلَّ الدوائرِ إذْ يدخلُ الخوفُ قبلي،
يقابلُ وجهَ المديرِ...
ويتركني والعريضةَ لصقَ انفراجةِ بابِ المديرِ...
وكلَّ المطاعمِ، والمكتبات، التي تعرفُ الآن وجهَ الفضوليِّ من بين كلِّ الزبائنِ..،
كلَّ الصديقاتِ، كلَّ المقاهي، وكلَّ القصائدِ، تلك التي قاسمتني التسكّعَ والحزنَ والخبزَ...،كلَّ الوظائفِ، كلَّ الجرائدِ، كلَّ الشوارعِ، كلَّ التفاهاتِ، كلَّ المصاطبِ، كلَّ المخافرِ، كلَّ الشواطيءِ، كلَّ المواجعِ، كلَّ الحماقاتِ، كلَّ الكراريسِ، كلَّ رفوفِ
..........
.........
........
وأحصيتُ!.. أحصيتُ!.. أحصيتُ..
حتى انتهيتُ إلى آخر الورقةْ
.... دون أن أنتهي....
فبكيتْ!

نــجــم
17-04-2011, 04:29 PM
.. كلَّ صباحٍ
كان يشقُّ خطاه التعبى
وسطَ ضجيجِ الكلماتْ
مندفعاً – دون حماسٍ – في موجِ الناسِ المندفعين،
وسربِ السياراتْ
يتأبطُ محفظةَ الأوراقِ
الى مكتبهِ المتواضعِ...
في إحدى الصحفِ اليومية
قبل الفنجانِ الأولِ...
قبل صباحِ الخيرِ..
تطالعهُ فوق الطاولةِ المملؤةِ، أكداسُ الكلماتْ:
(قصةُ حبٍ بائسةٌ...
نقدٌ لكتابٍ في النقدِ..
خمسُ قصائد شعرٍ... لمْ يفهمْ حتى اللحظة، ماذا تعني...
وحشودُ مقالاتْ...)
فَتَحَ النافذةَ الموصودةَ – من سأمٍ –
وتأمّلَ – في شغفٍ أخّاذٍ –
ضوءَ الشمسِ المتسلّلَ
... بين الأشجارِ، وفستانِ فتاةٍ فاتنةٍ تعبرُ مسرعةً
... بين عماراتٍ تعلو...، وخطى غربتهِ
وتذكّرَ سهرتَهُ المعتادةَ حتى منتصف الليلِ
مع البقِّ..،
وضوءِ المصباحِ الواني..،
وتلالِ الصفحاتْ..
- ماذا لو يركلُ هذي الطاولةَ الملعونةَ؟ ماذا...؟
ويفرُّ إلى الساحاتِ المفروشةِ
بالناسِ، وبالأزهارِ
وبالضحكاتْ
يقرأُ للأشجارِ قصائدَهُ المخبوءةَ
ماذا لو يوقفُ في ساعتهِ السأمى
موتَ الساعاتْ؟
أرخى عينيه الخائرتين..
حزيناً،
منطفئاً
وتذكّرَ أنَّ دراهمَهُ
لا تكفي... لشراء دواء أبنتهِ
لا تكفي... لعشاءٍ في أرخصِ مطعمْ
لا تكفي...!
شمّرَ ساعدَهُ..
ومضى يكتبُ.. يكتبُ.. يكتبُ.. يكتبُ.. يكتبُ
يكتبُ، يكتبُ
يكتبُ
يـ...
حتى ماتْ

نــجــم
17-04-2011, 04:29 PM
لأنَّ المدينةَ قد أقفرتْ
والمصابيحَ أنعسها البردُ
فالتحفتْ ظلمةَ الطرقاتْ
قلتُ أرجعُ للبيتِ
(لا بيتَ لي…
غير بردِ المصاطبِ في آخرِ الليلِ..،
حزنِ الفنادقِ،..
وهي تنفّضُ – في الصبحِ –
أغطيةَ الغرباءْ
لا بيتَ لي
غير رفٍّ بمكتبةٍ…
عتبةٍ في الطريقِ المشتّتِ كالروحِ
نافذةٍ شبهِ مهجورةٍ
مقعدٍ ساهمٍ يتأرجحُ في الباصِ..)
من أين للعشبِ، هذا الندى؟
للنساءِ، التوهجُ..؟
والقلبُ أظمأُ من حجرٍ في الطريقْ
قلتُ أرجعُ للبيتِ.. إذْ يرجعُ الناسُ
أغفو على نجمةٍ..
أو حصيرٍ..
لعلَّ الصباحَ الجميلَ، الذي سوفَ يأتي
سيمنحني وردةً..
أو كتاباً
قلتُ أغفو…
وتوقظني حسرةٌ
لا تزالُ تنثُّ دمي
حلمٌ ضاحكٌ كعيونِ الصبياتِ
إذْ يعبثنَّ بأحجارِ قلبي
ويبنينَ بيتاً من الحبِّ…
(.. لا بيتَ لي…!)
أقولُ لقلبي
وإذْ يطردُ البارُ خلاّنَهُ
وتخرجُ منكفئاً، ثملاً
سوفَ تحصي الدراهمَ، والأصدقاءَ
فتدركُ أنكَ،
وحدكَ في آخرِ الليلِ
وحدكَ، لا حانةٌ تتذكّرُ وجهكَ
لا امرأةٌ سوف تؤويكَ
لا شقةٌ…
غير بيتٍ صغيرٍ… بإحدى القصائدِ
تسكنهُ…
والجنونْ…

نــجــم
17-04-2011, 04:29 PM
أقولُ: غداً
سوفَ أشرعُ نافذتي للعصافيرِ
أرنو إلى شجرِ البرتقالِ،
يطاولُ جدرانَ بيتي العتيق
وأدهشُ:
(.. آهٍ..
متى كبرَ البرتقالُ
وأزهرَ رأسي بقدّاحهِ، والهمومِ)
وأبصرُ وجهي المجعّدَ،
… يكسرُ حلمَ المرايا…
التي خدعتني
(… وكيفَ تسلّقَ جدرانَ قلبي، وشاخَ
وأغصانُهُ، بعدُ، مثقلةٌ بالندى الحلوِّ
والزقزقات)
أقولُ: غداً..،
سأرتّبُ آثاثَ عمري كما أشتهي
أنفّضُ عنها غبارَ الشجونْ
وأمسحُ عنها القلقْ
وأصنعُ لي فسحةً للهدوءِ،
وطاولةً للكتابةْ
(… إلى مَ تظلُّ القصائدُ مثلي مشرّدةً؟
في المقاهي…
وأرصفةِ الذكرياتِ
تقاسمني حزنها
وأقاسمها البردَ، والجوعَ، والأمنياتِ
أما آنَ أن نستريحَ معاً…!؟ …)
أقولُ: غداً…
سوفَ أجمعُ كلَّ نثاري
الملمُ ما قد تبعثرَ من كتبي، وعناوينِ صحبي، المواعيدِ،
أحلامِ عمري (كومضِ النجومِ البعيدةِ…
أرقبها، تتوهجُ في عتمةِ الليلِ، أو تنطفي في الصباحْ…!)..،
رمادِ الرسائلِ،
بوحِ النساءِ،
الندى…
أقولُ غدا…
غدا…
دا …
……
ويأتي الغدُ
مثقلاً بالمشاغلِ…
يتركُ في عتبةِ البابِ، أحزانَهُ والحقائبَ
(…. كمْ أتعبتني الحقائبُ مثقلةً)
وكعادتهِ، سوفَ يرنو لخيباتنا، هازئاً، ساخراً
ثم يمضي…
بدون اكتراث!

نــجــم
17-04-2011, 04:30 PM
… بمحاذاةِ الجدرانِ المتآكلةِ الألوانِ
أسيرُ وحيداً..
أتفيّأُ هذا الظلَّ المتعرّجَ، منعرجاً
لشوارعَ دون ظلالٍ
وشوارع مغلقةٍ
وشوارع لا تؤوي الغرباءْ
وظهيرةُ تموز تصهرني كالقيرِ المائعِ..
ياما كنا نركضُ فوق لهيبِ الإسفلتِ، حفاةً
نحو النهرِ…
وياما..
لكنَّ النهرَ… بعيدٌ
– كطفولتنا –
مَنْ يعرفُ في كركوك، الرجلَ الرثَّ، المتسكّعَ
في هذا القيظِ، وحيداً…
دون صديقٍ
وكتابٍ
تلفظهُ الطرقاتُ
وتشويه الغربةُ، والقيظُ، وآهِ الكلماتِ، وآه…
أحياناً يجلسُ في المقهى
وسطَ ضجيجِ الدومينو، يكتبُ شعراً
يصفنُ ساعاتٍ دون حراكٍ
ويعلّقُ عينيه الشاحبتين على مسمارٍ..
أو نجمٍ مصلوبٍ
.. أو امرأةٍ عابرةٍ
ثم – بلا تخطيطٍ – يدفعُ بابَ المقهى…
مندفعاً نحو الشارعِ، ثانيةً
لا يعرفُ – كالضائعِ، كالسائرِ في الحلمِ…
إلى أين تسيرُ خطاه التعبى..
وشوارعُ كركوك، تأخذُ - في هذي الساعاتِ المحروقةِ -
قيلولتَها…
حتى زهرة عباد الشمس…!
انكمشتْ في الظلّ
لكنّكَ – يا أبن الصائغ – تمشي محترقاً
تأتيكَ من النافذةِ المفتوحةِ، أحياناً،
رائحةُ امرأةٍ بثيابِ النومِ…
وأحياناً، تهرشُ أمعاءَكَ رائحةُ الأكلِ
وأحياناً، تتلصصُ في وجهكَ – هذا المحفور بخارطةِ العرقِ، المغبرّ من التجوالِ المضني –
نظراتُ عجوزٍ، باردةٌ
أحياناً تتمهلُ – في العتبةِ – محترساً، ملتصقاً
فيرشُّ ظهيرةَ وجهكَ بعضُ رذاذِ هواءٍ بارد،
يتسرّبُ من فتحةِ بابٍ ما……
أتركُ وجهي يتبرّدُ، ملتذاً – بعضَ الوقتِ –
وأحلمُ…
– من خللِ البابِ المفتوحةِ للنصفِ –
بأشياءٍ زرقاء
آه…….
- يا ابن الصائغ - ……
لو……

نــجــم
17-04-2011, 04:30 PM
بين أمنيةٍ،
تتوهجُ – بين الحقائبِ والقلبِ –
… كلَّ صباحْ
أو شمعةٍ،
تنطفي قرب نافذتي
بين عمرٍ يذوبُ…
وحلمٍ، يسافرُ نحو البلادِ القصيّةِ
نحو السماواتِ…
يومضُ بين الحشا،
نجمةً مستحيلةْ
أغادرُ..
نحو الشوارعِ..
أحصي الأماني البخيلةْ
تمرُّ فتاةٌ (… بعمرِ البنفسجِ
ميّاسةَ الخطو…
لا تلتفتْ للمشرّدِ مثلي…)
يمرُّ بي الباصُ، (مزدحماً
هل ترى أستريحُ على مقعدٍ فارغٍ
بعد هذا العناءِ الصباحي؟..)
يمرُّ بي الأصدقاءُ
(نثرثرُ – بعضاً من الوقتِ –
أو نتخاصمُ..
أو ننتشي بالخمورِ الرديئةِ،
أو بالنساء)
تمرُّ بي المكتباتُ
(ووقتي قصيرٌ – كما تعلمين –
فهل يسعُ العمرُ
.. هذي الرفوفَ المليئةَ بالهمِ، والكلماتِ..؟)
تمرُّ المقاهي… (الضياعُ الكسولُ..)
المحلاتُ… (تفتحُ سيقانها للزبائنِ)…
أيامنا الضائعاتُ
القصائدُ… (ياللحماقاتِ)…،
لعبُ الأزقةِ…، (لا وقتَ للحلمِ..!)
ضحكُ الصبياتِ…
حلمُ الوظيفةِ…
طعمُ الطفولة
…………
ولكنني…
– عند كلِّ مساءٍ –
سأرجعُ للبيتِ، منكسراً
ثملاً
خائباً
وأمسكُ قلبي بكفي
ألملمُ عن دكةِ البابِ
كلَّ الأماني القتيلةْ!

نــجــم
17-04-2011, 04:30 PM
كان مثنى كالمصعدْ
يهبطُ…
يصعدْ…!
لكنَّ مثنى قرّرَ أنْ يتوقفَ عن هذا التعبِ اليوميِّ،
المللِ المتكّررِ..
أنْ يفتحَ نافذةَ القلبِ على البحرِ المزبدْ
أنْ يركضَ، يركضَ، حافي القدمين، على العشبِ الناعمِ
أنْ يتمددْ
أن ينسى كلَّ عواءِ السياراتِ…
ضجيج المدنِ الملغومةِ بالآلاتِ، وبالأضواءِ
موسيقى الديسكو، الإعلاناتِ
اللهث وراءَ اللقمةِ
صافرة الشرطيِّ،
أنين المصعدْ..!
ومثنى…
لمْ يسكرْ في بارٍ
لمْ يختلسِ النظراتِ لساقِ فتاةٍ في سلّمِ باصٍ
لمْ يسرقْ تيناً من بستانِ أحدْ
ومثنى لمْ يدخلْ مدرسةً
ويصدّق أنَّ الأرضَ تدورُ
وأصلَ الإنسانِ "من القردِ"..
وما خبّأ تحت وسادتهِ قمراً مجنوناً
أو أغنيةً لـ"أم كلثوم"
أو ديناراً من شغلِ الأمسِ
ولمْ يبكِ على ما فاتَ
ولمْ يحقدْ…
ومثنى… آهٍ
أضبط من رقّاصِ الساعة
في الثامنةِ المعتادةِ يذهبُ للشغلِ
وفي الثانيةِ المعتادةِ يرجعُ للبيتِ
وبين الشغلِ، وبين البيتِ
أضاعَ مثنى عنوانَ النهرِ، الصحب،
الأشجار،
وضيّعهُ الأصحابُ
ومقهى يرتادون
وشقراء.. لمْ تجنِ منه سوى الخجلِ القرويِّ
وسلّةِ تمرٍ، وحكاياتٍ بيضاء…
فعافتهُ وحيداً
محترقَ الأجفانِ أمام الشباكِ الموصدْ
ماذا لو يسترخي الآنَ أمامَ النافذةِ المفتوحةِ..
طولَ الصبحِ..
ويتركُ هذا الجرسَ الأحمقَ.. يقرعُ حتى…
ماذا لو يذهبُ للبستانِ – كما كان مع الأصحابِ –
ويجمعُ بعضَ السعفِ اليابسِ
يشوي ما اصطادَ من الأسماكِ.. على الجرفِ
ويأكلُ حتى التخمة…
ماذا لو…
يركضُ خلفَ فراشاتِ طفولتهِ الغافيةِ الآنَ
على أكمامِ الوردْ…
ماذا لو ينسى – لدقائق – أنَّ العالمَ
مشحونٌ بالأتعابِ..
وبالدخانِ الأسودْ
ماذا لو.......
........
لكنَّ مثنى، وهو يفكّرُ أن يوقفَ سيرَ المصعدْ
يسرعُ نحو الشغلِ – كعادتهِ –
يجلسُ خلفَ الطاولةِ المتآكلةِ الأطرافِ
يفكّرُ بالترفيعِ..،
وخمسةِ أفواهٍ زغبٍ
وحياةٍ كالريحْ..!

نــجــم
17-04-2011, 04:30 PM
معتادٌ، حين أعودُ وحيداً، ثملاً
في منتصفِ الليلِ
أنْ أشعلَ مصباحَ ممرِّ البيتِ
وأدلف…
وكعادتها،
تستيقظُ زهرةُ عباد الشمس
تتمطّى – في كسلٍ –
فوق بساطِ العشبِ المعتم
تلوي العنقَ بعكسِ الريح
تتلفّتُ، ظامئةً،
حائرةً
مندهشةْ..
تبحثُ عن ضوءِ الشمس
حتى تيأسَ
أو تنعس
تتذكّرُ أنَّ الساعةَ منتصف الليلِ
فتغمضُ جفنيها…
وتنامْ..!

نــجــم
17-04-2011, 04:30 PM
إلى الفنان كريم العامري
أكملَ لوحتَهُ الأولى
واسترخى – بضعَ دقائق –
فوق الكرسي،
يتأملها..
لمْ تقنعْهُ..!
خلطَ الألوانَ الزيتيةَ، ثانيةً
ومضى يرسمُ لوحتَهُ الثانيةَ..
الثالثةَ..
الرابعةَ..
العا…!
لمْ تقنعْهُ
مزّقَ كلَّ اللوحاتِ
وراحَ بركنِ المرسمِ…
يبكي!!

نــجــم
17-04-2011, 04:31 PM
إلى الشاعر سامي مهدي (*)
أبصرهم..
بالضحكاتِ الرنّانة
تتزاحمُ أكتافهمُ نحو القاعةْ
العرقُ الممزوجُ برائحةِ العطرِ النسويِّ،
الياقاتُ البيضاءُ،
التعليقاتُ العابرةُ،
الأيدي تتصافحُ..
أصغي بشحوبٍ قلقٍ
(ماذا سيقولُ الروّادُ،
النقّادُ،
الصحفيون،
الـ"……"..
عن معرضهِ الأول؟)
لاذَ بركنِ المعرضِ، مرتبكاً
قلقاً
تتبعُ عيناه الحائرتان خطى النظراتِ
تجوبُ أزقتَهُ..،
والقلبَ
وأروقةَ الأحزانْ
(هذي الألوانُ… دمي)
(هذي اللوحاتُ الملصوقةُ في القاعةِ،…
أيامي المنثورةُ في الطرقاتِ
وفي الريحِ)
علّقَ أحدهم ببرودٍ:
- هذي اللوحةُ تشبهُ لوحةَ سيزانْ
التفتَ الرجلُ المتأبطُ زندَ امرأةٍ، وكتاباً ضخماً
- بل تشبهُ لوحاتِ جواد سليم
صرخَ الرسامُ الكهلُ المتأنّقُ – في وجهِ الصحفيِّ العابرِ –
منفعلاً:
- بلْ… هي تشبهُ لوحاتي
……………
………………
…………
……………
………………
لمْ يكترثِ الرسامُ الشاب
أغلقَ بابَ المعرضِ،
حين أنفضَّ الجمهورُ
ومضى يتسكّعُ ثانيةً،
في الطرقاتِ، وحيداً
يبحثُ عن لوحاتٍ أخرى…

نــجــم
17-04-2011, 04:31 PM
(1)
لمخيّمِ "نهر البارد" شكلُ الجرحِ العربيِّ الراعفِ في الخطبِ الرسميةِ, والأروقةِ الصفراء، تقاسمهُ أبناءُ العمِّ, ولمْ يبقَ لبيروت المفجوعةِ بالحبِّ وبالموتِ سوى نهرِ رمادِ الحزنِ العربيِّ، وأقراصٍ "ضد الثأر"، وأشلاءِ الأهلِ، ونشرةِ أخبارٍ "ناعسةِ الطرفِ"،…
*
(2)
لمخيم "نهرِ الباردِ" أن يرثي الزمنَ العربيَّ المتعثّرَ، بين خيامِ بني ذبيان وحاناتِ نيويورك،.. المتخثّرَ في أضباراتِ المجدِ المنسيّةِ فوق رفوفِ التاريخِ،.. اللاهثَ بين خطوطِ الطولِ, وبين...
خطوطِ الملصقْ!
*
(3)
- خمسون قذيفة!..
في صدرِ مخيم "نهر البارد" و "البدّاوي"!!
... هل تكفي...؟
- خمسون قذيفة!..
هل تصلحُ مانشيتاً لجرائدكم؟
- خمسون قذيفة!..
هل تكفي لفطوركَ يا مولاي!!؟
- .....؟
*
(4)
لمخيمِ "نهرِ البارد".. حين يجنُّ الليلْ
أن يخرجَ من باراتِ النصرِ, وحيداً
يترنحُ في الطرقاتِ، وفي الساحاتِ العربيةِ.. وهو يغني:
".. ونشربُ إنْ ورِدنا الماءَ صفواً
ويشربُ غيرنا……"
آهِ.. يا ليل!
آهِ.. يا عين!..
.......
لمخيمِ "نهرِ الباردِ"
أن يبلعَ "خمسين قذيفة"
منتحراً
قبل سقوطِ الزمنِ العربيِّ
تحت سنابكِ خيلِ الأخوةِ والأعداءْ!
*
(5)
- مَنْ يمنحُ "نهرَ البارد"،.. قرصاً للنوم؟
- مَنْ يشتلُ في "نهرِ البارد"، زهرةَ حبٍّ لا تسحقها أقدامُ القتلة؟
- مَنْ يكتبُ في "نهرِ البارد"، مرثيّةَ هذا العصرِ؟
- مَنْ يبنِ لمخيمِ "نهرِ الباردِ"، جسراً يمتدُ إلى ضفةِ الشمسِ العربيةِ
لا تنسفهُ دباباتُ بني العم..؟
- مَنْ يعرفُ أنَّ لـ "نهرِ البارد" طعم مياهِ الأنهارِ العربيةِ، ممزوجاً بالدم؟
- مَنْ يرسمُ عن "نهر البارد" ملصقْ!؟..
*
(6)
لمخيم "نهر البارد".. نشرةُ أخبار
لا تنشرها صحفُ العالم
فالتقطوا – ما شئتمْ – صوراً نادرةً، للذكرى
مع أحجارِ خرائبها
مع أشلاءِ بنيها
مع أمطارِ فواجعها
هذا زمنٌ.. صارَ به الجرحُ العربيُّ، منابرَ للشعرِ
وسوقَ مزادْ
صارَ به الموتُ العربيُّ مواسمَ للذكرى
- مَنْ يتذكّرُ كفرَ قاسم؟
- مَنْ يتذكّرُ ديرَ ياسين!؟
- مَنْ يتذكّرُ تلَّ الزعتر!؟
- مَنْ يتذكّرُ شاتيلا!؟
- مَنْ يتذكّرُ خمسينَ قذيفة...
في صدرِ مخيمِ "نهر البارد" و"البدّاوي"!؟
- مَنْ يتذكّرُ……!؟
- مَنْ………؟
*
(7)
خمسون قذيفة!
خمسون قذيفة!
هل تكفي لفطورِكَ…؟
يا مولاي!

نــجــم
17-04-2011, 04:31 PM
(1)
"الشهيد محمد عبد الزهرة ياسين"
في آخرةِ الليلِ
طَرَقاتٌ ناحلةٌ
فوق البابِ
ـ مَنْ..!؟
ـ محمد عبد الزهرة..!
يدلفُ للبيتِ.. كعادتهِ
ضحكتهُ المعهودةُ، والخطو الملكيُّ..
ورائحةُ الآسْ
ـ اليومَ قرأتُ قصيدتَكَ الحلوةَ في "الجمهورية"
عن وطنِ الوردةِ
والنورسِ...
والشهداءِ
و{ليل الدمعةْ}
فأتيتُ..
لكي أشعلَ – قربَ سريركَ –
شمعة!
15/12/1983
*
(2)
"الفنان محمد لقمان"
ماذا تقرأُ.. في الموضعِ!؟
ماذا ترسمْ..؟
قلْ لي.. وبماذا تحلمْ!!؟
الأرضُ – أمامكَ – لوحةْ
واللونُ هو الدمْ!
1983
*
(3)
"حسن صكبان"
أبصرهُ..
في حانوتِ "الحربية"
وجهاً يحملُ كلَّ عذوبةِ نهرِ الديوانية
وأريجِ حدائقها..
ومواويلِ أهاليها..
كانَ يلّوحُ لي، بصحيفتهِ، منتشياً
يسألني:
- أقرأتَ - اليومَ - قصيدةَ هذا الديوانيّ الناحلِ
حدّ الحبِّ "كزار حنتوش"
1983
*
(4)
"الصديق الذي.."
تلفّتُ، أبحثُ عن مقعدٍ هاديءٍ
في انتظارِ صديقي..!
كان مقهى "أم كلثوم" مزدحماً
و"الزهاويّ" مستغرقاً في دخانِ النراجيلِ
و"البرلمان" الذي ابتلعتهُ المحلاتُ...
قلتُ لنفسي..
وكانتْ ظهيرةُ تموز تصهرُ قيرَ الدقائقِ
تصهرُ حتى الشوارعَ.. والأصدقاءْ
- ألمْ يأتِ بعدُ صديقي..؟
وقلتُ:
لأمضي إلى شارعِ "المتنبي"
أضيّعُ بعضاً من الوقتِ.. في المكتباتِ
أمشّطها – مثلما اعتدتُ – مكتبةً، مكتبةْ
ولكنني..!
بين كدْسِ الحروفِ
وبين الرفوفِ
نسيتُ صديقي..!
2/11/1983 بغداد
*
(5)
"عز الدين سلمان"
يا عِزي..
غنِّ.. يا عزي
فالدنيا لا تستأهلُ أن تحزنَ.. يا عزي
أعرفُ أنَّ الحانةَ
تطردُ في آخرةِ الليلِ.. زبائنها
وتظلُ خطاك الملعونةُ..
- وهي تمزّقُ صمتَ الطرقاتْ -
تبحثُ عن مصطبةٍ فارغةٍ
تتمددُ فيها..
رغمَ البقِّ وصفاراتِ الشرطةِ, والبردِ,
وحزنِ الكلماتْ
لكنكَ, حين يطلُّ الصبحُ ندياً
يمتليءُ الشارعُ بالناسِ.. وبالدفءِ..
وعطرِ الفتياتْ
عبثاً تبحثُ عمّا أفلتهُ النادلُ من بين أصابعهِ
لا بأسَ..!
ستمضي للشغلِ.. بدون فطور..
وعيناكَ الناحلتان.. تقلّبُ في أعمدةِ الصحفِ اليوميةِ
.. بحثاً عن كلماتٍ...
لمْ تكتبها!
1983
*
(6)
"كاظم عبد حسن"
قلقاً..
حتى العظمْ
وكأن على كتفيكَ المهزولين, همومَ العالمْ
لكنَّ العالمَ ينسى "كاظمَ عبد الحسن"...!
حين تموتُ غداً.. يا كاظمْ

نــجــم
17-04-2011, 04:31 PM
زاحفاً فوق عشبِ الحديقةِ
ممتلئاً بالندى, والغصونِ الخفيضةِ, والكركراتْ
أراهُ يحدّقُ – مرتبكاً – في وجوهِ الضيوفِ الغريبةِ
منحشراً قربَ "شيماء" تلك اللعينة في اللعبِ
أو جالساً فوق حضني..
وكعادتهِ.. سيمصُّ بإبهامهِ.. عبثاً ما تحذّرهُ أمهُ
ولكنه! حين يضجرُ من عالمِ الجالسين الأنيقين,
والغرفةِ الجامدةْ
سوفَ يصحبُ "شيماء" للعبِ.. في أيّما لعبةٍ
أو سيزحفُ ثانيةً للحديقةِ..
يقطعُ بعضَ الزهورِ..
وينثرها عابثاً.. في الطريقْ!
*
وحين يراني.. بمكتبتي
غير ملتفتٍ نحوه
غارقاً بالقراءةِ،
أو بالتأملِ في عالمٍ من ضبابْ
سيسحبُ – ياللمشاكس – مني الكتابْ
ويدعونني للعبْ!
*
كركراتُ الطفولةِ ملءُ فمي.. إذْ أراهُ يكركرُ
يرنو إلى قطةِ البيتِ..
والقطةُ المستفزّةُ ترنو إليه
وبينهما عالمٌ من تحدٍّ لذيذٍ, وخوفٍ قديمْ
وبعضُ المسافةِ، للاشتباكْ
يراقبها حذراً..!
وتراقبهُ خشيةً للوثوبْ
يهمهمُ..! ماذا يقولُ "مهند" في هذه اللحظةِ الحاسمةْ!؟
يهشُّ إليها.. فتلمعُ – في لحظةِ الخوفِ – أحداقُها..
وتموءُ...
فيبكي من الخوفِ!
ـ ماذا أيهربُ من قطةٍ!؟
ولكنّهُ يتشجّعُ حين يرانا نراقبهُ…
يتقدمُ, محتدماً نحوها –
صارخاً...
فتفرُّ من البيتِ مذعورةً
وهو يمضي يلاحقها.. فرحاً, واثقاً
ويكركرُ منتصراً...

نــجــم
17-04-2011, 04:32 PM
إلى الشاعر يوسف الصائغ
قلتُ لنفسي…
وأنا أحملُ صلبانَ الكلماتِ على ظهري المحنيِّ، وأمشي مهموماً، محترقاً بعذاباتِ العالمِ، طولَ العمر:
– لِمَ تتعبُ نفسَكَ يا ع. الصائغ.. في البحثِ عن الشعرِ. وبين ضفائرِ تلك الفتياتِ الحلواتِ، قصائدُ حبٍ.. لمْ يكتبها أحدٌ بعدُ!
قلتُ:
– لماذا تفني أيامَكَ بين رفوفِ الكتبِ المصفرّةِ، من قرضِ العثِّ… وهذا المطرُ التشرينيُّ… ينثُّ قصائدَهُ… والوردَ، على أوراقِ الأرصفةِ المبتلّةِ.. والناسِ
على غاباتِ القلبِ… على أغصانِ الشجرِ المتسلّقِ شباكَ الفارعةِ الطولِ.. على الشَعرِ المتبقي من فروةِ رأسِكَ، هذا المكتظ بأحزانِ الدنيا
قلتُ لنفسي:
– ولماذا لا تشري "قاطاً" و"رباطاً"، تمرقُ في الطرقاتِ، أنيقاً، منتفخَ البطنِ من الشبعِ، تشاركُ صحبَكَ لعبَ "الدومينو"... ومعاكسةَ النسوةِ..., والثرثرةَ الفجةَ – في المقهى – وتبادلَ أشرطةِ الفديو.. بدلَ الكتبِ الحمقاء... وهذا الجوعِ المضني والسهرِ المعتادِ
قلتُ لنفسي:
ـ العمرُ قصيرٌ.. لا يكفي للنـزهةِ
.. لا يكفي لعناءاتِ العالمِ
أو عشقِ امرأةٍ
فلماذا تذبحهُ في شرحِ البرقوقي..
وعذاباتِ الحلاج..
وأزهارِ الشرِّ لبودلير..
وكتبِ أبي حيان التوحيدي
………
………
قلتُ لنفسي هذا
ودلفتُ لمكتبةٍ أخرى... في "سوق السراي"!

نــجــم
17-04-2011, 04:32 PM
من حياة الشهيد فاضل النجفي
(1)
زعل..
أما زلتَ زعلانَ... يا صاحبي؟
ومن قبل عشرين.. مرّتْ
كومضِ السجائرِ
لمْ تنطفىءْ حسرةٌ خلّفتها ضفيرتها العابثةْ
أما زلتَ زعلانَ من صدفةٍ؟
فلتتْ من يديكَ – كبعضِ مواعيدها –
وبين الحشا والرصاصةِ
هذي البلادُ التي تسعُ الحلمَ
هذي المسافاتُ حيثُ يلمُّ البنفسجُ أحزانَهُ
قربَ شباكِ فاتنتي
أما زلتَ طولَ الطريقِ لبستانِ عبد الحميد
تلملمُ بعضَ الحصى
وتراهنُ صحبَكَ..
أيُّ الطيورِ ستفلتُ من "كزوةٍ" صنعتها يداكَ..
أيُّ البناتِ ستفلتُ من نظرةٍ كسّرتها الهمومُ البليلةُ
أيُّ القصائدِ تفلتُ من شَرَكِ القلبِ... يا صاحبي
وبين التي سكنتْ أضلعي
والقصيدةِ
هذي البلادُ
فهل عذّبتكَ مواعيدُها؟
وهل لوّعتكَ البلادُ الحبيبةُ... قلْ لي؟
ولمْ تكُ تملكُ غيرَ الكراريسِ, بيتاً ظليلاً على ضفةِ النهرِ
يسكنهُ الحلمُ والشمعةُ العاشقةْ
وخلفَ النوافذِ تسرحُ عيناكَ
حيثُ المروجُ النديّةُ, والصبيةُ العابثون
ووحدكَ كنتَ بمنعطفِ الدربِ
مرتقباً خطوَها
يستفزُّ سنينَكَ
يشعلُ في غابةِ الروحِ أحطابها اليابسةْ
أتذكرُ...؟ كنتَ المشاكسَ
ترمي الصبياتِ بالوردِ
ثم تغني على الجسرِ منتشياً:
"عمي يا بياع الورد"
كلي الوردْ.. بيش؟.."
فمَنْ يشتري الوردَ.. يا صاحبي
في الزمانِ الرديء!؟؟
*
أتذكرُ..؟
كنتَ تموتُ إذا خاصمتكَ الحبيبةُ يوماً
تقطّعُ رجليكَ مشياً بحارتهم..
أم ترى سوف تجلسُ في البارِ وحدكَ
تحسو همومَ الزمانِ
وتحلمُ في شَعرِها المتناثرِ عبر المحطاتِ
عبرَ السواترِ
عبرَ العذاباتِ
عبرَ الفيافي
وتدري بأنَّ الحبيبةَ يحلو لها الزعلُ المرُّ
لكنكَ الآنَ في الساترِ {المترمّلِ، ملقىً وحيداً،
بدون حراك}
زعلانَ من طلقةٍ
خيّبتْ ظنَكَ..
حين تلاشتْ دون وميضْ!
22/8/1983 بغداد
*
(2)
مواويل..
ناحلاً..
كان ينسابُ بين الأزقةِ
متشحاً بالصباباتِ
وقْعُ خطاهُ – تقولُ الفتاةُ الخجولةُ –
قد أسّرتْ قلبَها
واستباحتْ مواويلها
لمْ يكنْ يلتفتْ
حينَ يعبرُ شباكَها
ساهماً..
هائماً..
غير أنَّ على بابها
اكتشفتْ – ذات صبحٍ بهيٍّ –
زهوراً من الياسمين..
وبعضَ طيورٍ... تغني!
*
قِيلَ إنَّ الرصاصةَ مرّتْ كومضٍ
وكانَ يغني على الساترِ المتقدّمِ.. موالَهُ
"آه.. ياليل..
آه.. ياعين..
"الضعن سار بليل
دوب أسمع الويدْ
هاك أخذ روحي وياك
يالرايح بعيدْ…!"
ليتَ أنَّ المواويلََ.. يا فاضل النجفي
لا يقاطعها – في هدوءِ المساءِ المخيّمِ –
زخُّ الرصاصِ
وليتَ المواويلَ... تطرقُ في الليلِ
شباكَ فاتنتي
وتحدّثها عن هواي..
وما يشتهي القلبُ، هذا المحاصرُ بالموتِ والشوقِ
ليتَ الرصاصةَ...
مرّتْ كومضٍ
ولمْ تنطفِ... بين أضلاعهِ
والبلادِ الحبيبةِ...
والمشتهى...
حيثُ موالُهُ..
بعدُ.. لمْ ينطفِ!

نــجــم
17-04-2011, 04:32 PM
إلى مدني صالح
تحدّثني النفسُ.. أني سأتلفُ عمري الطويلَ العريضَ.. على كتبٍ، ونساءٍ، وحاناتِ حزنٍ، وصحبٍ يمرّون مثلَ السحاب..
تحدّثني النفسُ – يا ويلتي – من حديثِ اللعينةِ، تلك التي
تقودُ خطاي الضليلةَ..
نحو الغوايةِ والمشتهى..
فإنْ مرَّ عشرونَ عاماً من النثرِ، والجمرِ، والسفرِ البكْرِ، هذا الضياع المهذّب خلف خطى الفتياتِ.. وخلف دخانِ المكاتبِ، والشعرِ… أوقفني ندمٌ نازفٌ في الضلوعِ:
أهذا إذن كلّ ما قدْ حصدتَ من العمرِ… يا صاحبي
وأسمعُ تقريعها قاسياً، شاحباً
وهي تحصي أمام المرايا.. تجاعيدَ وجهي،
وأسناني الساقطة!
*
تحدثني النفسُ – في بوحِها – عكسَ ما قدْ يطيبُ لصحبي الحديثُ المثرّثرُ عن أيِّ شيءٍ سوى جمرةِ النفسِ، تلك الخبيئة، خلفَ رمادِ التذكّرِ، واللغةِ المنتقاةِ…
ولكنني حين أنبشُ في موقدِ القلبِ.. عن خصلةٍ تركتها امرأة…
وعن دفترٍ مدرسيٍّ نزفتُ به أولَ الكلماتْ
وعن نخلتين،… وأرجوحةٍ لاصطيادِ القمرْ
سأبصرها في ليالي العذابْ
تقاسمني غرفتي، والكتابْ
وكعادتها، في الحديثِ الطويلِ أمام وجومي…
ستجلسُ فوق سريري
وتسألني في اضطرابْ
عن مواعيدَ خائبةٍ…
ووجوهِ نساءٍ نسيتُ – بوسطِ الزحامِ – ملامحَها
وعناوينَ في صحفٍ قذفتها المطابعُ
عن آخرِ الأصدقاءِ
وعن………
… بوحِ نفسي
وللنفسِ، هذا الحديثُ الفضوليُّ…
لائحةُ اللومِ حين تقدّمها…
– مثلما عوّدتني بكلِّ مساءٍ – كفاتورةٍ للحسابْ
ثم تسبقني في الهواجسِ
تسبقني في التخيّلِ، والمفرداتِ، الغواياتِ،
هذا الطريق الطويل إلى آخرِ العمرِ…، والذكرياتِ
وماذا تبقّى من العمرِ… يا صاحبي؟!
حفنةٌ من سنينٍ، وكدسٌ من الكتبِ المنتقاةِ، ستحشو بها رأسَكَ الفوضويَّ… وتمضي تثرثرُ… في الجلساتِ، وفي الندواتِ: عن الشعرِ، والموضةِ الألسنيةِ والنقدِ في حلباتِ الجرائدِ…
حتى إذا مرَّ عشرون عاماً… وعشرون أخرى
وقلّبتَ بين يديك دواوينَكَ الخمسةَ، النائماتِ على الرفِّ…
تلك التي استنـزفتكَ السنينَ الجميلاتِ، والحلمَ…
يا صاحبي
سيوقفني ندمٌ قاتلٌ في الحنايا…
وأسمعُ تقريعَها هادئاً، هازئاً
وهي تحصي أمام المرايا، حرائقَ رأسي المشوبِ بأحلامهِ البيضِ، والصلعةِ الناصعة
- أهذا الذي… كلّ ما قدْ جنيتَ من العمر…
يا صاحبي!؟

نــجــم
17-04-2011, 04:33 PM
لأمي ـ إذا انسدلَ الليلُ ـ حزنٌ شفيفٌ، كحزنِ الحدائقِ.. وهي تلملمُ في آخرِ الليلِ، أوراقَها الذابلةْ
لأميَ، سجادةٌ للصلاةِ
وخوفٌ قديمٌ من الدركيِّ
تخبّئنا ـ كلما مرَّ في الحيِّ ـ تحت عباءتها
وتخافُ علينا عيونََ النساءِ،
وغولَ المساءِ،
وغدرَ الزمانْ
لأميَ، عاداتها.. لا تفارقها
فعندَ الغروبِ، ستشعلُ "حرملَها"، عاطراً بالتمائمِ،
يطردُ عن بيتنا الشرَّ -كانتْ تقولُ- وعينَ الحسودْ
وكلّ ثلاثاء..
تمضي إلى مسجدِ السهلةِ
توزّعُ خبزاً وتمراً
وتنذرُ "للخضرِ" صينيةً من شموعٍ،
اذا جاءها بالمراد
ستوقدها - في المساء -
على شاطيءِ الكوفةِ
فأبصرُ دمعتها تتلألأ تحت الرموشِ البليلةِ
منسابةً...
كارتعاشِ ضياءِ الشموعْ
ألا أيها النهرُ...
رفقاً بشمْعاتِ أمي
فنيرانها... بعدُ لمْ تنطفِ
وياسيدي "الخضر"...
رفقاً بدمْعاتِ أمي
ففي قلبها...
كلُّ حزنِ الفراتْ
*
لأميَ، مِغزلُها
يغزلُ العمرَ...
خيطاً رفيعاً، من الآهِ
كانتْ تبلُّ أصابعَها ـ اذا انقطعَ الخيطُ من حسرةٍ ـ
ثم تفتلهُ...
فمَنْ ذا الذي، سوف يفتلُ خيطَ الزمانِ...
إذا ما تقطّعَ بالآهِ ـ ياقرةَ العينِ ـ
مَنْ ذا...؟
فما زلتُ في حضنها...
الناحلَ القرويَ المشاكسَ
أبكي إذا دارَ مغزلها بالشجونِ..
وأسمعها في الليالي الوحيداتِ تشدو
بصوتٍ رخيمٍ:
"لبسْ خصر العجيج وخصر ماروجْ
أنا روّجني زماني قبل ما اروجْ
ولكْ لا تخبط الماي... ياروجْ
بعد بالروح عتْبه ويه الأحبابْ..
.........
لبس بالراس هندية وشيلهْ
ودموع العين ما بطلنْ وشيلهْ
تمنيت الترف..........
.................
..........."
........
وأبصرها خلسةً...
ثم أرنو لقلبي..!
أما زال يشجيكَ موّالُها
كلما دارَ فيكَ الزمانُ... ودارَ
ومرتْ على دربك الآنساتُ الأنيقاتُ.. يا صاحبي
وهي ترنو لمرآتها!!
جدول الشيبِ ـ ياللشماتةِ ـ
ينسابُ متئدأ في المروجِ
فمَنْ يرجعُ العمرَ - هذا السرابَ الجميلَ -
ولو مرةً..؟!

نــجــم
17-04-2011, 04:33 PM
الدربُ طويلٌ، يا بنتَ حميدِ المرعب، يبدأُ من نقطةِ حبرٍ سقطتْ فوق قميصكِ - هذا المترفِ، كالثلجِ، كزهرةِ قدّاحٍ لمْ تتفتّحْ – ذاتَ صباحٍ تشرينيٍّ, في الصفِّ.. ويبدأُ من سحبٍ ماطرةٍ، رحلتْ من بين أصابعِ كفي، وهي تمدُّ إليكِ بأُولى أشعاري، المسكونةِ باللوع
كانتْ أشجارُ الرمّانِ ببستانِ أبيكِ، توشوشُ للحارسِ عمّا نفعلهُ تحتَ الأغصانِ! وتحفظُ أشعاري
وأنا أذكرُ – ما زلتُ – خطانا الحيرى في "حي الأنصار"، وخفقَ نوارسِ قلبي حين تحطُّ على جسرِ الكوفةِ قبل ذبولِ الشفقِ الورديِّ، وهمسَ الجاراتِ أمامَ بيوتِ الحارة، حين أمرُّ غريباً متشحاً بالوجدِ
أرقبُ شباكَكِ - من بُعدٍ - وأحدّثُ قلبي:
يا هذا المتشرّدُ تحتَ نثيثِ الأمطارِ.. تمهلْ
هل مازالَ بصدرِ العالمِ متسعٌ للحبْ..؟
*
الدربُ طويلٌ..
يا نفسي الصاعدَ والنازلَ..
والعمرُ قصيرٌ.. أقصرُ من فستانِ مراهقةٍ، عبرتْ واجهةَ المقهى، تتبعها النظراتُ الولهى..
وأنا أتبعُ خيطَ دمي... ينسابُ على الأوراقِ البيضاء ببطءٍ أخّاذٍ
وأنا مالي، ومراهقةٍ عبرتْ ـ قبلَ قليلٍ ـ واجهةَ المقهى
أوشكَ أن يفرغَ كيسُ العمرِ
ولمْ أكتبْ للآنَ قصيدةَ شعرٍ تسعُ الحزنَ البشريَّ، وجوعَ العالمِ..
لكنَّ العالمَ
ينسى في زحمتهِ المنكودةِ, أحزانَ الإنسانِ المنكودِ
وينساني...
وأنا أعرفُ أنَّ الوردةَ حين تموتُ
ستسحقها الأقدامْ!!
لكنَّ العطرَ سيبقى يملأُ قارورةَ قلبي...
*
الدربُ طويلٌ، يا بنتَ المرعبِ، يا شجرَ الحزنِ المورقَ في روحي
فضعي كفَّكِ في كفي.. نمضِ تحت الأمطارِ المجنونةِ، مرتعشين من الوجدِ, وبوحِ اللمساتِ الأولى...
ندخلُ سوقَ "السراي"
نفتّشُ بين رفوفِ الكتبِ المصفرّةِ..
عن حزنِ العالمْ..
عن أشعارٍ لمْ تُنشرْ للسيابْ
وعن موتِ الكلماتِ بهذا العصر..
فتغيمُ الأمطارُ المنسيةُ في عينيها،.. وهي تقلّبُ بؤسَ العالمِ في الأوراقِ المصفرّةِ
هل تعبتْ سيدتي..؟
هل تعرفُ أنَّ حضارةَ هذا العالم يحكمها السكين..؟!
لكنّا نختارُ ـ قريباً من جسرِ الصرّافية ـ مصطبةً فارغةً، نجلسُ - تحت رذاذِ الحبِّ الناعمِ – ملتصقين
تتماوجُ دجلة... خيطاً أزرقَ
يمتدُّ - وديعاً - من عينيها الصافيتين
..... حتى قلبي

نــجــم
17-04-2011, 04:33 PM
بعيداً…
عن الشعراءِ..
اتخذتُ لحزني ركناً قصيّاً..
بمقهى القصيدةْ
بعيداً عن الندواتِ, وثرثرةِ الصحبِ..
حاورتُ قلبي:
ألا أيها المتسكّعُ في المكتباتِ
وفي الطرقاتِ..
وحيداً
كثيرَ التلفّتِ والاشتهاءِ..
كثيرَ القراءةِ،
تحتَ ضياءِ المصابيحِ، والبقِّ...
في حارةٍ، لمْ تصافحْ جريدةْ
وتجمعُ في "دَخْلك" الخشبيِّ،
النقودَ...
لكي تشتري "البؤساء"،
و"شرح الحماسة"،
و"المتنبي"...
وغيرُكَ يلهو بـ "خرجية" العيدِ،
منتفخَ الجيبِ حلوى
وها أنتَ منتفخُ القلبِ،
شكوى…
تراقبُ طفلاً كسيحاً..
وتعطي لشحاذةٍ كلَّ ما في يديكَ..
وحين تمرُّ أمامَ الأراجيحِ..
يغريكَ صاحبُها بالصعودِ مع الصبيةِ العابثين،
ستبني لوحدكَ.. أرجوحةً من خيالٍ..
وترحلُ نحو ضفافِ النجومِ البعيدةْ
وها أنتَ تكبرُ بين السطورِ..
وبين الطفولة،ِ والكتبِ المدرسيةِ..
بين الأزقةِ، والحلمِ..
تكثرُ كتبكَ..
يكثرُ صحبكَ..
تطرقُ بابَكَ
– ذاتَ صباحٍ بهيٍّ –
فتاةٌ، بعمرِ المحبةِ..
كي تستعيرَ كتاباً..
فتمنحها قلبكَ القرويَّ، كتاباً..
يضجُّ بشعرِ المروجِ
وصدحِ البلابلِ
والأغنياتِ الشريدةْ
ـ أأعجبَ آنستي.. يا ترى؟!
فتضحكُ في خجلٍ انثويٍّ لذيذٍ..
ـ أنا……!؟
وتدري بأنكَ كنتَ تجوعُ الليالي..
لكي تشتري في الصباحِ.. كتاباً
وأنكَ كنتَ تراسلُ كلَّ الجرائدِ..
علّكَ تبصرُ أسمَكَ هذا المشتّتَ..
يحتلُّ يوماً مكاناً صغيراً بإحدى الجرائدْ
وتبقى تعاندْ
حروفَ المطابعِ.. والحظَّ..
تبقى ولا شيءَ غير شماتةِ هذي اللعينة، هذي القصيدةِ، وهي تمدُّ اللسانَ بسخريةٍ…
فتمزقها – حنقاً – ثمَّ تلعنُ كلَّ حروفِ المطابعِ..
تلعنُ حظّكَ..
تلعنُ أنّكَ – ياللضياعِ – قد اخترتَ هذا الطريقَ المشاكسَ، هذا الطريقَ الطويلَ المريرَ إلى غابةِ الكلماتِ.. وحين يمرُّ بك الصحبُ، منطلقين.. إلى اللعبِ، سوف يرونكَ – من فتحةِ البابِ – منشغلاً بالقراءةِ، حدَّ الجنون
فيصرخُ أحّدهم هازئاً:
ما الذي سوفَ تجنيه
غيرَ المجاعاتِ..
يا فيلسوفَ الزمان..؟
*
بعيداً..
عن الشعراءِ..
اتخذتُ لقلبي ركناً نديّاً..
بمقهى القصيدة
وكنتُ وراءَ الزجاجِ المضبّبِ أبصرهم، واحداً، واحداً: بالرباطِ الأنيقِ، ومحفظةِ الجلدِ، واللغةِ المنتقاةِ..
وما كنتُ أملكُ غيرَ قميصي الوحيدِ، ويتمي.. وما كنتُ أملكُ غيرَ ترابِ البلادِ، سافرُ بين الضلوعِ، وبين القصيدةِ.. بين الجفونِ، وبين حنينِ الطفولةِ للجسرِ والأمسياتِ.. وما كنتُ أفتحُ نافذتي لسوى الرازقيِّ، وسربِ النوارسِ… ما كنتُ غيرَ المتيّمِ بالشعرِ حتى ا
أصافحهم، واحداً، واحداً.. الأناملُ ناعمةٌ، ربما خدشتهم خشونةُ كفي..
وأبصرُ أشعارهم ترتدي بنطلوناً من الجنـز، طُرّزَ بالبنيويةِ.. ترطنُ بالمفرداتِ الغريبةِ، وهي تمرُّ بحارتنا… فأسألُ: هل يشتري البسطاءُ القواميسَ.. كي يفهموا ما تقولُ القصيدةُ؟ يا وطني..
وإذ يصعدُ الشعراءُ لأبراجهم، متخمين يلوكون عصرَ الحضارةِ.. و"اليوت".. أنسلُّ للنهرِ وحدي
أذيبُ همومَ القصيدةِ في الموجِ..
تطفو على السطحِ رغوةُ قلبي وأشربها..
أيها المتعبون..
اشربوا نخبَ قلبي..
ثم أمضي مع الريحِ…
حيث الشوارعُ مغسولةٌ برذاذِ الصباحِ، ورائحةِ الناسِ والياسمينِ، وسربِ الجميلاتِ
حيث المصانعُ، والشجرُ المتطاولُ
حيث البلادُ تفتّحُ في كلِّ قلبٍ:
سماءً من اللازوردِ..
ونهرَ أمانٍ..
ومرجَ قصائد!.

نــجــم
17-04-2011, 04:34 PM
محترقاً بالشعرِ.. وبالنظراتِ الأولى..، أتسكّعُ في مدنِ الكلماتِ.. وحيداً... أفتحُ قلبي للريحِ.. تمرُّ طيورُ النورسِ زاهيةً بسماوات بلادي, أسألها: لِمَ يرتعشُ القلبُ, إذا مرَّ على دكّةِ محبوبتهِ، وتفوحُ الأزهارُ.. ولا يرتعشُ العاذلُ حين يمرُّ، ولا...!!
يا جسرَ الكوفةِ حدّثني عن بستانِ اللوعةِ هلْ أزهرَ؟
عن آخرِ أشعارِ "كزار حنتوش"
أقول لجسرِ الكوفةِ: محترقٌ قلبي بالشعرِ... ومحترقٌ دمعي بالعشقِ... ومحترقٌ هذا العمرُ على أرصفةِ العينين الماطرتين... أفتّشُ في أروقةِ الروحِ المهجورةِ عن خصلةِ شَعرٍ تركتها امرأةٌ وارتحلتْ... عن قمرٍ منسيٍّ... عن أبياتٍ لمْ تُكملْ بعدُ... سأمنحُ هذا العش
أقولُ: صباحاً.. للعينين السوداوين الغافيتين على شطآن القلبِ...
صباحاً يا "ميم" الحلوة.. يا أحلى من ورقِ الحزنِ الشفّافِ على طاولةِ الشاعرِ.. يا ضوءَ فوانيسِ الغربةِ في روحي.. يا مطري.. يا كلماتي..
مازلتُ – كعهدي الأولِ – أرقبُ خلف زجاجِ المقهى.. خطوتَكِ المسكونةَ بالدهشةِ.. أنسى قدحَ الشاي الساخن.. أنسى وجعي.. وقصاصاتِ الورقِ البيضاء على طاولتي... وأظلُّ أطاردُ خلفَ شرائطكِ الحمراء, غريباً.. كالريح..
أقولُ لقلبي: يا قلبي الضائعَ بين ضفافِ الكوفةِ حيث الفاتنة العينين، وسوقِ السراي.. أضعتُ سنيني.. ألهثُ خلف عناوين الكتبِ البرّاقةِ, بحثاً عن نجمٍ منفيٍّ لمْ يمسكْهُ أحدٌ.. يُدعى الشعر.. ويُدعى……!
قلتُ لعلَّ الفاتنةَ العينين تجيءُ بفستانِ الدفلى... قبل مغيبِ الشمسِ.. لتتركَ فوق العشبِ ندى الخطواتِ الخجلى... أو تنسى فوق المصطبةِ الخلفيةِ بعضَ الحبِّ... وتتركني محترقاً بالأحلامِ ككلِّ العشاقِ المجنونين، بهذا العالم...
أو قدْ تنسى – أعرفُ عادتها – موعدَنا.. وتمرُّ على بيتِ صديقتها.. لا شيء سوى تزجيةِ الوقتِ... ووحدي أبقى مشتولاً كالصفصافِ، أحدّقُ في ساعةِ عودتها... وككلِّ قصائدِ هذا العالمِ...
قد تأتي...
أو...
لا تأتي!!

نــجــم
17-04-2011, 04:34 PM
قالتْ سيدتي...
وبعينيها فرحُ الكلماتِ يضيءُ سماواتِ عذاباتي الزرقاء
كقوسِ قزحْ:
- أكتبْ شِعراً عن عينيّ السوداوين
تملَّ مفاتنَ روحي الحلوة.. نرجسةً
.. نرجسةً
وارسمني – في دفترِ عمرِكَ, هذا المصفرِّ من الجدبِ,
وأحزانِ الدفلى,.. –
... نهرَ فرحْ
كانتْ أشجارُ الليمونِ تفوحُ شذىً
وجداولُ روحي تنسابُ – كشَعرِكِ –
في ظلمةِ هذا الليلِ...
تفيضُ مواويلاً...
تتصاعدُ من أكواخِ البردي, كالنجماتْ
تومضُ بين الخصلاتِ المضفورةِ – يا لله - بأحلامي
فأهيمُ مع الريحِ..
مع الدبكاتِ الريفيةِ في الأعراسِ
مع القمرِ السكرانِ
مع الكلماتِ الأولى لقصيدةِ حبٍّ لمْ تُكملْ بعدُ..
مع الخصلاتِ تظلّلني...
تحت رذاذِ الأمطار
ما أروعَ أنْ تضفرَ شعرَ امرأةٍ... تهواها
خيمةَ حبٍ...
... تسكنها حتى الموت!
*
آهٍ.. سيدتي!
الوردةُ تكبرُ في سندانةِ روحي
تغدو وطناً..
يضحك للناسْ
والضحكةُ تزهر في شفتيكِ
تغدو وطناً..
مشتعلاً بالجوري
والآسْ
وأنا بين الوطنِ الزاهرِ...
والشفتين
أزرعُ – تحت الشمسِ –
... بذورَ الكلماتْ

نــجــم
17-04-2011, 04:34 PM
يقلقني..
إنَّ العالمَ
منقسمٌ
نصفين:
نصفٌ أنتِ
ونصفٌ قلقي
*******

نــجــم
17-04-2011, 04:34 PM
مدخل...
مشكلتي، أني لا أعرفُ حداً للعالمْ
حين أحبُّ...
وحين أجوعْ...

نــجــم
17-04-2011, 04:34 PM
مدخل ثانٍ...
كالوردةِ...
يذبلُ قلبي...
.. ويموتْ
لو تقطعهُ..
من غصنِ الشعرْ

نــجــم
17-04-2011, 04:35 PM
قلمٌ
مرَّ على ورقةْ
مرّ وما سلّمَ،
ما أحنى لمفاتنها عنقهْ
لمْ يعرفْ ما بين حناياها القلقةْ
من شوقٍ أخّاذٍ
للحبِّ،
ولمْ تفهمْ نزقهْ
كغريبين، معاً،
مرّا...
وافترقا...
رجلاً يتسكّعُ
وامرأةً محترقةْ

نــجــم
17-04-2011, 04:35 PM
يبدأ الوطنُ - الآنَ - من جملةٍ
نصفها مضغتها المطابعُ
فالتمسي في دمي كلمةً، لا يشوهها أحدٌ
أغني بها وطني، من شقوقِ المواضعِ والقلبِ
حيث ينامُ الجنودُ على يطغاتِ الحنينِ المبلّلِ
ملءُ جفوني، انكسارُ الندى، والبلادُ
وملءَ البلادِ، افترشنا أغاني الخنادقِ والعلبَ الاجنبيةَ
تحطبنا الحربُ:
مرَّ عريفُ الاعاشةِ، والطائراتُ الوطيئةُ
مرَّ شتاءُ الطفولةِ، والقملُ
مرَّ الصباحُ الحديديُّ فوق زجاجِ النعاسِ
فشظّى ترقبنا لنهارٍ جديد
لمْ يغتسلْ بعدُ من طمثِ القصفِ
مرَّ ثلاثون موتاً على موتنا،
وقنبلةٌ واحدةْ
فاقتسمنا على طاولاتِ التوابيتِ،
خبزَ البقاءِ المثقّبَ،
والشاي
مرَّ الندمْ
إصبعاً، إصبعاً،
ستقطّعُ كفَّ طفولتنا، الحربُ
تمضي بنا - في غرورِ المقاولِ - نحو مساطرها
وتبيعُ الذي لن نبيعَ
تجوّعنا، ونكابرها بالوطن
وتشتّتُ أيامنا، فنشاغلُ أيامها بالتمني
وإذْ تستجيرُ طيورُ الحنينِ
بأعشاشِ أحزاننا
سوف نبكي على {وطنٍ}
ضيّعوه…
فضعنا
************

نــجــم
17-04-2011, 04:35 PM
يترنّحُ من جوعهِ
ويدورْ
ربما مطعمٌ في رصيفِ المروءةِ
لا يطردُ الغرباءْ
كسرةٌ أغفلتها كلابُ المدينةِ
أو ربما
آهِ، لو يُؤكلُ الشجرُ المتباهي بخضرتهِ
والخدودُ بحمرتها
والكروشُ التي……
والعماراتُ……
لو يستسيغُ رغيفَ المذلةِ..
لو..
لقمةَ الدم… لو
…………
……………
………………
في البعيدِ، رأى قطعةً من نيونٍ تشعُّ
فحثَّ الخطى مسرعاً
يتعثّرُ في جوعهِ
...... ويدورْ
لمْ يجدْ في الرصيفِ
سوى معرضٍ للزهورْ
فبكى عند عتبتهِ، شاتماً
ثم بالْ
**********

نــجــم
17-04-2011, 04:35 PM
في كفيها، ايمانٌ أبيض
وبعينيهِ، كفرٌ مفضوحْ
في آخرةِ الليلِ
ينحشران،
كقطين شريدين
لصقَ جدارِ الجامعِ
يدنو…
تتردّدُ……
يدنو…
تتـ……
فيشوبُ
آذانَ الفجرِ
خيطٌ من آهٍ مبحوحْ
********

نــجــم
17-04-2011, 04:35 PM
(1)
طَرَقاتٌ ناعمةٌ
- مَنْ..!؟
- ……
ينهضُ من كرسي تأملهِ
هاهو يسمعُ..
قربَ البابِ
هسيسَ خطاها
في أدغالِ الروح
تتقدمُ…
يصغي
تتقدمُ…
يصغي…
تتـ…
يصغي …
……
يصغي…
يصغي
يصغي
لا شيء،.....
.........
غير هسيسِ تنفّسهِ
*
(2)
امرأتان..
تنسلان،
إلى قلبِ الشاعرِ
واحدةٌ…
تسرقُ من خزانتهِ
الأضواءَ، وربطةَ عنقه
والأخرى…
يكفيها أن تحظى بمسوّدةٍ لقصيدة
لمْ تُكملْ
*
(3)
خمسُ نساءٍ يدخلنَ إلى بيتِ الشاعر
خمسُ نساءٍ يخرجنَ
ويظلُّ الشاعرُ في منفاه
وحيداً
*
(4)
ثياب...
أنا أكثرُ حزناً منكِ
لكني لا أرتدي قميصاً أسود
حين تصادفين على رصيفِ دمعكِ الطويلِ
قلباً وحيداً يتسكّعُ
بقميصٍ أبيض
وربطةِ عنقٍ سوداء
فهذا أنا…
……………
………………
أنا أكثر حزناً منكِ
لكني لا أرتدي ثوباً أسودَ
بل قصائدَ سوداء
************

نــجــم
17-04-2011, 04:35 PM
ريثما…
تنتهي من عناقْ
زهرةٌ وفراشة
دعينا, نمرُّ على العشبِ
محترسَينْ
خوفَ
أن
نوقظَ
العاشقَينْ
من ندى الاشتياقْ
***********

نــجــم
17-04-2011, 04:36 PM
دخلَ
الشعراءُ الـ"......."
إلى القاعةِ
واكتظَّ الحفلُ
لكنَّ الشعرَ،
... غريباً
ظلَّ أمامَ البابْ
بملابسهِ الرثَّةِ
يمنعهُ البوابْ
***********

نــجــم
17-04-2011, 04:36 PM
ما الذي سيقولُ صحابي
إذا ما رأونيَ في ساحةِ الموعدِ
أهشُّ ذبابَ الدقائقِ عن صحنِ وجهي الدَبِقْ
الشوارعُ تنفثُ سمَّ عماراتها في الوجوهِ الغريبةْ
وبغداد لا مصطبةْ
(ها أنني أتحسّسُ همسَ الأصابعِ,
- خلفَ النوافذِ -
حمراء
تشعلني رغبةٌ مبهمةْ..)
وأرقبُ في زحمةِ الوهمِ
وجهكِ
يبسمُ لي،
أو يقدّمُ أعذارَهُ
أو يهمهمُ…
(أنتِ تسيلين فوقَ المرايا
فيشربكِ العابرون
ووحدي،
ضللتُ الطريقَ
إلى شفتيكِ)
دمي يتفصّدُ فوق الزجاجِ
وأنتِ.. (- أعدتَ إلى السكرِ…؟)
(- إنَّ الرجالَ بذيئون جداً أمام الجميلاتِ)
.. قلتُ لها:
- أين يمكنُ…
فارتبكتْ
وأشارتْ إلى الشجرِ الملتصقْ
قربَ نبضي..
رأيتُ النوافذَ مفتوحةً..
والسماءَ تنفّضُ أوراقها من بقايا الغسقْ
قلتُ: نشربُ بعضَ العصيرِ المثلجِ
أو نتحاورُ…
مالكِ واجمةً هكذا……!؟
……………………
……………
…………
……
كان..
خلفَ
الشجيراتِ..
ظلٌّ قميءْ!!
**********

نــجــم
17-04-2011, 04:36 PM
الفتى اللاهي الذي قد تذكرينْ
صارَ أبْ
وله طفلانِ أو ذنبانِ، آهٍ
وديونٌ..
ووظيفةْ
سرقتْ منه أراجيحَ الحنينْ
وأغاني الدربِ
والأمطارَ
والوجدَ الدفينْ
الفتى.. آهِ، الفتى
لو تعلمينْ
ما الذي قد صنعتْ فيه، مداراتُ الليالي
واحتراقاتكِ
والحلمُ الضنينْ
الفتى شاخَ
قُبيل الشيبةِ البكرِ
فهلا تبصرينْ
كيفَ عافتهُ المرايا, والصبايا
كيفَ لمْ يجنِ من العمرِ سوى هذا الأنينْ
فوقَ أوراقٍ..
ستطويها السنينْ
*********

نــجــم
17-04-2011, 04:37 PM
مرَّ من قربنا
واستدارَ بغليونهِ
لمْ يحيِّ أحدْ
نهضَ الحاضرون له…
ما نهضتُ
صفّقوا لمقالاتهِ,
والرباطِ الأنيقِ
فلملمتُ سخريتي…
… وانصرفتُ..
………………
………………
في الجريدةِ...
- في أولِ الصبحِ -
أبصرتُ ناقدنا
يتربعُ منتفخاً، فوق إحدى المقالاتِ..
يشتمني..!
*********

نــجــم
17-04-2011, 04:37 PM
أوصلتني القصيدةُ للفقرِ
- هل أوصلتكَ القصيدةُ... للفقرِ؟
هل أسلمتكَ إلى حارسِ السجنِ
أو للتشردِ
أو للجنونْ؟
...........
.............
كنا معاً نستفزُّ الأزقةَ
دشداشتين مشاكستين
وقلبين دون حذاء
وحلماً صغيراً
بديوانِ حبٍّ،
وكِسرةِ بيتْ
فكيفَ افترقنا إذنْ..
في دروبِ القصيدة..؟
ها أنني.. بعد عشرين عاماً من الشِعرِ
لا أملكُ الآنَ
غيرَ نظافةِ قلبي
وجيبي
وحلمي القتيلْْ
فكيف حصلتَ على
شقةٍ فارهة
وكرشٍ ثقيلْ
***********

نــجــم
17-04-2011, 04:37 PM
صحبٌ كالكراسي..
وطاولةٌ من نعاسٍ رخيص
نتكاثفُ..،
أو نتقطّرُ، فوقَ الزجاجِ اللصيقِ
لساقي فتاةٍ تضجان
قربَ العمارة - حيثُ المداخلُ واحدةٌ،
تتشابهُ كالغرباءِ -
رأيتكَ تسألُ بوابها عن سماءِ المدينةِ
زرقتها،
والنجومِ الخفيضةِ..
يلتفتُ الطفلُ منذهلاً
ويشيرُ:
سماءٌ من الكونكريتِ……
على الشرفةِ الجانبيةِ،
حيثُ انكسارُ الغروبِ على حبلِ أحلامنا والغسيلِ..
فتاةٌ ترشُّ دمانا على الأصصِ النائمةْ
فيثّاءبُ العطرُ بين انحسارِ القميصِ..،
وجوعي
إذن، أنتَ لا تشبهُ الآخرين
قميصٌ يتيمٌ..
وقلبٌ يتيمٌ..
وذاكرةٌ شاردةْ
كلهم غادروا الشقةَ الباردةْ:
"علي" المهذّبُ في زيّهِ الجامعيِّ (المعري الذي
يرتدي في الصباحِ رباطاً
وفي الليلِ مشنقةً)
و"مهدي" المعذّبُ في جرحهِ العربي…
وأبقى, وأنتِ…
وحيدين فوق رصيفِ المساءاتِ
ننتظر الباصَ, والراتبَ المتقطّعَ والـ……
(شققٌ أو أشعارْ
للبيعِ, وللإيجارْ
فلماذا أنتَ بلا مأوى…!؟)
……………………
……………………
كلهم غادروني..
الصنابيرُ ثلج
وعلى الطاولة
قطةٌ تتلصصُ - لا شيءَ غير الجرائدِ -
تقفزُ مستاءةًً نحو شقةِ جارتنا
وانطفى في الزوايا الحوارْ..
وظلتْ ملابسُ صحبي معلقةً في المساميرِ
كالذكرياتْ
* علي ومهدي: الشاعر العراقي علي الشلاه، والشاعر المصري مهدي مصطفى. وقد جمعهما سكن مشترك مع الشاعر الصائغ في غرقة صغيرة في حي الطالبية ببغداد قبل نهاية الثمانينات.
***********

نــجــم
17-04-2011, 04:37 PM
في الغرفة
الوقتُ..
يسيلُ ضجرْ
يتشكّلُ نافذةً من أرقٍ
أو جوراباً مثقوباً بالأحلامْ
أو ورقاً لكتابةِ آخرِ أخطائي في الحبِّ
أفتحُ دولابي الخشبي..
أعلّقُ - في المشجبِ -
… قلبي
… وأنام
*******

نــجــم
17-04-2011, 04:37 PM
… نفترقُ الآنَ
……………
سيشيخُ الوردُ..
وتسّاقطُ أوراقُ الوقتِ على نافذةِ الموعد
أتأملُ فستانَكِ - في المشجبِ -
متكئاً فوق ذراعي
أسحبُ حزني بهدوءٍ
كي لا أوقظَ طيفَكِ
العشاقُ يمرون على مصطبةِ القلبِ..
وأنتَ وحيدٌ..
لاشيءٌ..
وخريفْ
تتوزعكَ الطرقاتُ، ويومياتُ الحربِ، وضحكتها
يا قلبي..
نفترقُ الآنَ, إذن
كفين غريبين على طاولةِ الحبِّ
وفنجاني زعلٍ باردْ
……………
……………
في البدءِ،
سيفترقُ الكرسيان، قليلاً
ويجفُّ العشبُ النامي فوق أصابعنا المتشابكةِ الأحلام
في البدءِ، ستذبلُ أزهارُ الأشياء
في البدءِ،
سنبكي في صمت
**********

نــجــم
17-04-2011, 04:38 PM
غابةٌ من أكفٍّ
وهي من فتحةِ الكشكِ
من أفقٍ ضيّقٍ
تقطّعُ ساعاتها سأماً وتذاكرْ:
(أكفٌّ بلونِ الترابِ،
المواعيدِ،
والتبغِ،
أو كاللهاثْ
أكفٌّ مرابيةٌ،
أو منمّقةٌ،
خشنةٌ،
لا مباليةٌ،
أو مشاكسةٌ
نصفُ مفتوحةٍ،
نصفُ جائعةٍ،
نصفُ آه…)
………………………
………………………
يمرُّ على الكشكِ - كلَّ صباحٍ -
أصابعَ ناحلةً
تتوهجُ حين تلامسُ شباكَها
ثمَّ في عجلٍ، تنطفي عند نافذةِ الباصِ
تبصرُ في كفِّها وردةً…
أو رمادْ
………………………
………………………
تمرُّ الدقائقُ..
والطرقاتُ..
سرابُ الأكفِّ..
وحافلةُ الحرب..
[ قربَ باب الإعاشة
سينادي العريفُ (أصابعُهُ خشنةٌ كالشظايا)
سيمدُّ له اصبعين يتيمين..
- … في أولِ الحربِ، واختصروا من اجازتهِ موعدَ الياسمينِ
ومن كفِّهِ ثلاثَ أصابع.. -
لا بأسَ…]
……………
………………
… سوفَ يمرُّ على الكشكِ مرتبكاً
ـ ربما سوفَ تشهقُ حين تراني
غصوناً مقطّعةً
- ربما علمتها القذائفُ
إنَّ الأصابعَ - في الحربِ -
....… مثل التذاكر
********

نــجــم
17-04-2011, 04:38 PM
إلى الشاعرة أ...
ربما بلا مناسبة
أنتِ لا تفهمين إذنْ
رجلٌ في كتابْ
سوف يعبرُ مبنى الجريدةِ، شَعرُكِ هذا الصباح
فيشغلني عن دوارِ القصيدةْ
أتأملُ فوضاكِ من فتحةٍ في القميصِ
وفوضاي في الورقةْ
سيمرُّ بي العطرُ
يأخذني لتفاصيلِ جسمكِ
أو لتفاصيلِ حزني
مَنْ سيرتّبُ هذا الصباحَ القَلِقْ!؟
الفناجينُ باردةٌ كالصداقاتِ
والحربُ تعلكُ أيامنا
وأنا في انتظارِ الندمْ
اقلبي الصفحةَ الآنَ
برجُكِ تشغلهُ الوفياتُ
وبرجيَ تملؤهُ الطائراتُ
.....................
.......................
...................
أنتِ لو تفهمين إذنْ
كيف يربكني خجلي
حين تفضحُ وجهي مرايا النساء
كيف يكسرني زعلُ الأصدقاءِ
فأجمعُ كلَّ نثاري
وأختارُ زاويةً للحنينِ
هي: الوطنُ - الكأسُ - والمرأةُ الواحدةْ
(في بريدِ القذائفْ
أوزّعُ قلبي على الأرصفةْ
وأنتظرُ العائدين من الموتِ في عرباتِ الصِدَفْ)
..........................
........................
أنتِ لو تفهمين إذن
كيف تجمعني الحربُ في طلقةٍ
ثم تنثرني في شظايا المدنْ
اقلبي الصفحةَ الآنَ
لا وقتَ..
إنَّ القنابلَ
تقتسمُ
الأصدقاءْ
**********

نــجــم
17-04-2011, 04:38 PM
أرتبكتُ أمام الرصاصةِ
كنّا معاً
في العراءِ المسجّى على وجههِ,
خائفين من الموتِ
جمّعتُ عمري في جعبتي,..
ثم قسّمتهُ:
بين طفلي..
ومكتبتي..
والخنادق
(للطفولة، يتمي..
ولامرأتي، الشعرُ
والفقرُ..
للحربِ, هذا النـزيفُ الطويلُ…
وللذكرياتِ.. الرمادْ)
وماذا تبقى لكَ الآن من عمرٍ
كنتَ تحملهُ - قلقاً - وتهرولُ بين الملاجيءِ والأمنياتِ
تخافُ عليه شظايا الزمان
قالَ العريفُ:
هو الموتُ
لا يقبلُ الطرحَ والجمعَ
فاخترْ لرأسكَ ثقباً بحجمِ أمانيكَ
هذا زمانُ الثقوبْ…
أو…
فأهربِ
الآنَ..
من موتكَ المستحيلْ
(- لا مهربٌ…
هي الأرضُ أضيقُ مما تصورتُ
… أضيقُ من كفِّ كهلٍ بخيلٍ…
فمَنْ ذا يدلُّ اليتيمَ على موضعٍ آمنٍ
وقد أظلمَ الأفقُ..
وأسّودَ وجهُ الصباحْ)
…………………
ولا بأسَ..
كوّمتُ ما قد تبقى من السنواتِ البخيلةِ
ثم اندفعتُ…
- إلى أينَ…؟!
بينكَ والموتِ, فوهةٌ لا تُرى
وتساؤلُ طفلين:
- "بابا، متى ستعودُ..؟"
انكفأتُ,…
فصاحَ عريفي: هو الوطنُ الآنَ……
فأرتجفَ القلبُ من وهنٍ أبيضٍ
واختنقتُ بدمعةِ ذلي:
- يا سماءَ العراقِ..
أما من هواءٍ
تلفّتُ..
كانتْ سماءُ العراقِ مثقّبةً بالشظايا
وكانتْ…………
........
تعثّرتُ في صخرةٍ
فرأيتُ حذائي الممزقَ يسخرُ مني…
(- لا بأسَ…
فليكتبِ المتخمون وراءَ مكاتبهم
… عن لحومِ الوطن)
…………………
في غرفةٍ، قبل عشرين
كانتْ ترتّقُ - في وجلٍ – بنطلوني العتيقَ
وتمسحُ ذلتها بالدموع
…………………
- أبي، أين يوميتي…؟!
الصحابُ مضوا لمدارسهم…
……………………
(الصحابُ مضوا للرصاص
والزمانُ أصمْ…)
الصحابُ…
الصحابُ…
الصـ...
سقطتُ…
فلملمني وطني…
وركضنا إلى الساتر الأول
نتحدى معا موتنا
- أيّنا سيخبّيءُ
يا وطني -
رأسَهُ…؟
ولنا خوذةٌ…
واحدة
*********

نــجــم
17-04-2011, 04:38 PM
- هي..؟
- لا....
في الطريقِ المؤدي لموتي الأخيرِ
انكسرتُ على حافةِ النافذةْ
فتشظّيتُ فوقَ المقاعدِ
لملمني نادلُ البارِ – وهو يلوكُ أغانيهِ – والفضلاتِ
تلوكُ المدينةُ بعضي
وبعضي توزّعَ في الثكناتِ
(السنينُ شظايا..
ولحمي عراءْ..)
ما الذي صنعتْ فيكَ هذي المدينةُ
أين ستمضي بهذا الخرابِ الذي هو أنتَ..
(تتكيءُ الآن فوق الأريكةِ
.. ساهمةً
ربما هي تصغي لنبضِ العصافيرِ فوق الغصونِ
ربما ستقلّبني كالمجلاتِ..
أو ربما…)
- سأقنعُ نفسي بأنكِ لستِ التي..
- ………
ها أنتَ منكسرٌ كالمرايا
ومنتثرٌ كالشظايا
تحاولُ أن تنتقي وطناً للجنونِ
فيفاجئكَ الحرسُ الصلفون
ينامون
بين قميصِكَ، والنبضِ
(- ماذا تحاولُ..؟
أو تحلمُ الآن..؟
- ……
لا شيءَ………)
أنتَ، يا أيها الولدُ الصعبُ، مالكَ محتدماً هكذا
تفتشُ في المصعدِ الكهربائيِّ عن وطنٍ
وتنامُ على حجرٍ في الرصيف
كأنَّ الذي
بين جنبيكَ ...ز...(ئـ(بـ(ـقـ[لا]ـقـ)ـلـ)....ـب…
.............
............…………
- هي…؟
- لا…
- شَعرها..!
.. انكسارُ الندى في الجفونِ!
وهذا الطريقُ اللذيذُ إلى الشفتين..!
- قد تتوهمُ.. أنتَ تراها بكلِّ النساءِ
- ولكنها...
- ربما يخطيءُ القلبُ - يا سيدي - مرةً
إذْ يزاحمهُ الهمُّ..
- لا
.. الرمادُ يغطي المدينةَ والقلبَ..
(ها أنني في شظايا المرايا، ألملمُ نفسي
مقعدٌ فارغٌ
وزمانٌ بخيلْ..)
- .. إنما حدسي لا يخيّبني
سأقولُ لكلِّ الشوارعِ: إنّي أحبكِ
أهمسُ للعابراتِ الجميلاتِ فوق مرايا دمي المتكسّرِ:
إنّي أحبكِ
للياسمينِ المشاغبِ،
للذكرياتِ على شرفةِ القلبِ:
......... إني أحبكِ
للمطرِ المتكاثفِ،
للواجهاتِ المضيئةِ،
للأرقِ المرِّ في قدحِ الليلِ،
للعشبِ،
للشجرِ المتلفّعِ بالخوفِ،
للقمرِ المتسكّعِ تحت جفونكِ:
إني أحبكِ…
…………
……………
………………
الصبيُّ المشاكسُ شاخَ…
وأنتِ…!؟
أما زلتِ مجنونةً برذاذِ النوافيرِ
أذكرُ كنّا نجوبُ الشوارعَ
نحلمُ في وطنٍ بمساحةِ كفي وكفكِ
لكنهم صادروا حلمَنا..
ها أنا الآنَ، أنظرُ من شقِ نافذةٍ
للشوارعِ
وهي تضيقُ..
تضيقُ
تضيقُ
فأبكي…
(غرفةٌ موحشة
ورقٌ وذبابْ
وبذلةُ حربٍ.. علاها الترابْ)
…………
…………
اجلسي، ريثما تستردُّ القصائدُ أنفاسَها
فأحكي لعينيكِ
حتى يحطَّ على شرفةِ الرمشِ
طيرُ النعاسِ
سأبدأُ من أولِ الحربِ
أو آخرِ الحبِّ
هل نبتدي هكذا:
غيمةً في كتابٍ يقصُّ الرقيبُ عناوينَ أحزانها
زهرتين تضجان من فرحٍ أبيضٍ..
وغماماً بخيلْ
أم ترى ننتهي بالزمان القتيلْ
سأبدأُ:
مرَّ المحبون
- تحت غصونِ المواعيدِ، ذابلة -
وانتظرتكِ..
مرَّ الجنودُ المستجدّون للحربِ
مرّتْ خطى الفتياتِ، فساتينُهنَّ القصيرةُ كالأمنياتِ
نيونُ الشوارعِ, والحافلاتُ…
فما التفتَ القلبُ..
إلاّ لهمسِ خطاكِ
على شارعِ الذكرياتِ الطويلْ
اجلسي، ريثما تستردُّ دموعيَ أنفاسَها
والزمانُ فواتيرَهُ
(كأنَّ الذي مرَّ
سبعُ دقائق
لا سنواتٌ مثقّبةٌ
بجنونِ انتظاري)
لا الذكرياتُ
ولا الشعرُ
لا الندمُ المرُّ…
يرجعُ ما قد تساقطَ من ورقِ الحب
اجلسي ريثما…………
......
عيوني دوارٌ كثيفٌ
وأرصفةٌ
ونثيثُ مطرْ
(سأحكي لها عن بصاقِ المدينةِ
عن صحفِ اليومِ، والحربِ،
والمصطباتِ الوحيدةِ، مثلي…)
وأقولُ لكلِّ المحطاتِ: إنكِ باقيةٌ
وأقولُ لقلبي: بانكِ لنْ تتركيني كما الأخريات
فيوهمني الصيفُ أنكِ محضُ سحابٍ
وأنكِ أبعدُ مما توهمتُ
إنَّ القصيدةَ أبعدُ مما تصوّرتُ
**********

نــجــم
17-04-2011, 04:38 PM
.. وما طاوعتني القصيدةُ
كان الوطنْ
على الساترِ المتقدّمِ...
.. يحصي شظاياهُ والشهداءَ
وصحبي يعدّون للمدفعيةِ بعضَ الفطارِ المقيتِ
وينتظرون لمائدةِ الحربِ، أن تنتهي..
سقطتْ خوذةٌ..
فتلمّستُ في رئتي موضعَ الثقبِ منها
امتلأتْ راحتي بالرمادْ
سقطتْ خوذةٌ
فتلمّستُ في وطني موضعَ الثقبِ منه
شرِقنا معاً بالدمِ المتدفّقِ
مَنْ يوقفُ الدمَ..
مَنْ..؟
سقطتْ خوذةٌ..
ثم أخرى
وأخرى..
وأخرى
نظرتُ لموتي المؤجّلِ.. يرمقني ببرودٍ
ويخلعُ خوذتَهُ..
وينامْ
*********

نــجــم
17-04-2011, 04:38 PM
أصيحُ: بلادي
فأجفلُ
هل تتذكّرُ أختامهم في الجواز
الصبي الذي نامَ في السجنِ حتى استفاقَ
على الصافراتِ تجرُّ المدينةَ من إبطها للملاجيء
كان بين وميضِ سجائرهم، وتنمّلِ جلدِكَ فوق البلاطِ
مسافةُ ظلِّ الجدارِ الذي يفصلُ البحرَ عن شفتيكَ
الخطى تتباعدُ....
هل يتباعدُ ما بين مقصلتي، والقصيدةِ
هذا المدى....
شهوةٌ في التقدمِ
أم طعنةٌ في التقادمِ
أفتحُ نافذتي
فأرى الأفقَ أكثرَ من وطنٍ
يتشكّلُ غيماً، أعلّق حزني فيه... وأرحلُ
كان الفراتُ على بُعدِ كاسٍ بمقهاك
كانتْ منائرُ بغداد تمشي قبيلَ الغروبِ إلى الجسرِ
كي تتوضأَ في ماءِ دجلة
مَنْ سوّرَ النهرَ؟
مَنْ أبعدَ النخلَ عن ليلِ نافذتي؟
.........................
........................
أحملُ القلبَ خبزاً يتيماً
أوزّعهُ بين أهلي وبين المنافي
على قدِّ ما شردّتنا الدروبُ
الدموع التي سوف تتركها النادباتُ
على قبرنا....
ثم يعبرنَ في الحلكِ المرِّ
خشيةَ أن يستدلَّ نباحُ الرصاصِ على جرحنا
أقولُ لصحبي: ألا تبصرون دمي يابساً في الغصون؟
كلما نصبوا حاكماً
نصبوا ألفَ مشنقةٍ
وانقسمنا على الموتِ
بين الحروبِ
وبين السجون
أصيحُ: بلادي
واشهقُ...
أحتاج حبراً بمقدارِ ما يشهقُ الدمعُ في فمنا
لأكتبَ أحزانَ تاريخنا
وأنسلُّ من مدنٍ كالصفيحِ إلى صدرِ أمي
ألملمُ هذا الحنينَ الموزّعَ بين الحقائبِ
.... والوطنِ المتباعدِ
خلف زجاجِ المطاراتِ
يأخذني للشتاتِ
ويتركني للفُتاتِ
كلما عبرتْ غيمةٌ
اتكأتُ على صخرةٍ
قابضاً جمرتي
وألوّحُ: تلك بلادي
.......................
.......................
.......................
أرسمُ درباً وأمحوهُ
أرسمُ خطواً ويمحوهُ غيري
فمن أين ابدأ....؟

نــجــم
17-04-2011, 04:39 PM
العصفورُ يصدحُ
داخل قفصه
أنا أرنو إليه
وكذلك قطةُ البيت
كلانا يفترسُ أيامه
*
حصانُ الناعور
الذي ظلَّ يدور
ظنَّ أنه قطعَ عشراتِ الأميال
حين فتحوا عينيه
رأى أنه لمْ يبرحْ مكانَهُ
مَنْ سرقَ المسافاتِ من قدميهِ!؟
*
الطبالُ
الذي أرادَ
أن يحتفلَ بعرسهِ
وجدَّ طبلَهُ مثقوباً
*
كرشُهُ المتدلي
عربة يدفعها أمامه
مثقلةً بأطعمةِ الآخرين
*
هذه النوارسُ
أمواجٌ هاربةٌ من البحرِ
سرقتْ من الزبدِ ريشَها
وحلّقتْ بعيداً.......
*
الريحُ التي سمعتني أهمسُ: أحبكِ
ركضتْ إلى الأشجار وعانقتها
فتضرجتْ خدودُ الثمار
*
أجلسُ أمام النافذة
أخيطُ شارعاً بشارعٍ
وأقولُ متى أصلكِ؟
*
كم عيناً فقأتَ
أيها المدفعيُّ؟
لتضيءَ على كتفيكَ كلُّ هذه النجوم

نــجــم
17-04-2011, 04:39 PM
كمْ صخرة
تحتاجُ الأرضُ
لتكتمَ صراخَ شهدائها
حين يمرُّ على أديمها القتلة
*
تحلّق الطيورُ في أقفاصها
لكن أين أحلّق؟
هكذا قفزتْ أحلامهُ داخل زنزانتهِ
فارتطمَ رأسُهُ ببسطالِ الشرطي
*
حينَ طردوهُ من الحانة
بعد منتصفِ الليل
عادَ إلى بيتهِ
أغلقَ البابَ
لكنه نسي نفسَهَ في الخارج
*
النصلُ الذي يلمعُ
في العتمةِ
أضاءَ لي وجهَ قاتلي
4/3/1994 عمان
*
أقودُ الكلامَ من يديهِ كضريرٍ
وأعبرُ به زحامَ المعنى
خشيةَ أن يدهسَهُ أحدٌ
في طريقهِ إلى النص
*
العزلة كتابٌ
لا نقرأهُ إلا تحت مصابيح الآخرين
*
أرادَ الحبُّ
أن يتسلّلَ إلى قلبها
فوجدهُ مكتظاً بالشيكات
لذا ظلَّ يعملُ
في مطبخها
غسّالَ صحونِ اللذة
*
أعرفُ الحياةَ
من قفاها
لكثرة ما أدارتْ لي وجهها

نــجــم
17-04-2011, 04:39 PM
أراد أن يقلّدَ هديرَ البحرِ
فغرقَ في ضحضاحِ المحاكاة
*
كلُّ نصٍّ فضيحةٌ
فكيف أقولكِ
*
ظلُّكِ
غيرةٌ
نائمة
*
لكثرةِ ما جابَ منافي العالم
كان يمرُّ منحنياً
كمَنْ يتأبطُ وطناً
*
أمطارهُ على سريرها
لا تكفي
لهذا تخونهُ مع البحر
*
كلما كتبَ أسمَ الجنرالِ
صرختِ الورقةُ
أنت توجعني أيها الشاعر
*
السحبُ
جسدُ امرأةٍ
يتمطى على سريرِ الريح
*
كلما اشتكى المنجلُ
من طولِ عنقِ السنبلة
تحسستُ عنقي
*
الشجرةُ
لن تسألَ العصفورَ المتأرجحَ على غصنها
كمْ ستمكثُ هنا، مستمتعاً بالغناء
وحده القناصُ..
يحصي الوقت
*
من يخيطُ للإبرةِ
ثوبَها المفتوق
*
الشمعةُ التي تركوها مشتعلةً
قامتْ وأسدلتِ الظلامَ
- على نفسها -
ونامتْ
*
كلما وضعتُ النساءَ في كيسِ أحلامي
وسحبتُ ورقةً
طلعتِ أنتِ

نــجــم
17-04-2011, 04:39 PM
ما أسرع ما غادرتُ حدائقَ اللعبِ لأبيعَ السجائر
ما أسرع ما ضاقَ علي قميصُ المدرسة، ليعلّقني مسمارُ الوظيفة،
من ياقتي
ما أسرع ما كلّلتْ ثلوجُ السنواتِ الحامضة، مروجَ شعري،
فتأبطني موظفُ التقاعدِ، إلى الغروبِ
وأضابيرِ الأطباءِ
ومقاهي الندمِ
ما أسرعَ ما دقَّ جرسُ رحيلها
وأنا لمْ أكملْ بعدُ، أبجديةَ أنوثتها
فدرّسوني شخيرَ اللغة
ما أسرعَ ما أنفضَّ الحفلُ
لأبقى وحيداً.. في حانةِ القصيدة
طافياً على رغوةِ التصفيق
ما أسرعَ ذلك
ما أسرعَ ما مرَّ ذلك
إلى حدِّ أنني أخشى
أن أفتحَ قبضتي، لأصافحكِ
فتفلتُ السنواتُ الباقية

نــجــم
17-04-2011, 04:39 PM
مالي أراهم
ينثرون باقاتِ الزهورِ الندية
على سريري – شاهدتي البيضاء
دون أن أعترضَ
أو أصرخَ
أو أبكي..
هل متُّ حقاً..
ولا أدري؟

نــجــم
17-04-2011, 04:40 PM
أكلُّ هذه الهيجانات
التي تمورُ في أعماقكَ
والصخور والمراكب التي تتحطمُ عند قدميكَ
وأنتَ تحنو…
بخضوعٍ ولذةٍ
أمام المرايا..
تمشطُ للحورياتِ المضطجعاتِ
على رمالِ سريركَ
خصلاتهنَّ الناعمة
*
ماذا بوسعِ الرمالِ أن تفعلَ
إذا هاجَ البحرُ
ماذا بوسعِ الغيمةِ أن تفعلَ
إذا اشتعلَ الشاعرُ
ماذا بوسعِ أزرارِ قميصكِ أن تفعلَ
إذا فرَّ بجعُ صدركِ...
إلى ينابيعي
*
يدها قطعةُ شكولاتا
وأنا جائعٌ
جائعٌ
جائعٌ
منذ آلافِ العصور
لا يكفيني سوى الخبز

نــجــم
17-04-2011, 04:40 PM
قبل أن يكملَّ رسمَ القفصِ
فرَّ العصفورُ
من اللوحة
29/11/1993 عمان
*
حين لا ينحني الجسرُ
لن يمرَّ النهرُ
18/9/1993 عمان
*
منطرحاً
على السفحِ
يسألُ:
هل من شاغرٍ
في القمة؟
28/9/1993 عمان
*
كلما كتبَ رسالةً
إلى الوطنِ
أعادها إليه ساعي البريد
لخطأٍ في العنوان
30/9/1993 عمان
*
للفارسِ في الحفلِ وسامُ النصر
وللقتلى في الميدانِ
غبارُ التصفيقِ
وللفرسِ في الإسطبلِ
سطلٌ من شعير
21/9/1993 عمان
*
كمْ من الهواء
لمْ يستنشقْهُ بعدُ
هكذا فكّرَ بعمقٍ
داخلَ زنزانتهِ
فاختنقَ بالسعال
9/10/1993 عمان
*
خلف الخطى الصاعدة
إلى العرشِ
ثمةَ دمٌ منحدرٌ
على السلالم
24/9/1993 عمان
*
نقرُ أصابعكِ
على الطاولةِ
موسيقى طازجة
30/9/1993 عمان
*
وجدَ ظلَّه نائماً
في الظلِّ
أيقظهُ..
واصطحبهُ معه إلى الضوء
30/9/1993 عمان
*
تجلسُ في المكتبة
فاتحةً ساقيها
وأنا أقرأُ..
ما بين السطور
28/9/1993 عمان
*
مقعدهُ في الحافلةِ
تابوتٌ مؤقّتٌ
هكذا أسبلَ جفنيهِ
إلى آخرِ المحطةِ
دون أن يوقظَهُ صخبُ العالم
28/9/1993 عمان
*
كلّ عامٍ، في مخزنِ الشتاءِ
الطبيعةُ تجردُ موجوداتها
لاستقبالِ الربيع
وتنسى شجرةَ الحزنِ اليابسة
أمام نافذتي
28/9/1993 عمان
*
قالتْ له بغضبٍ:
- أيها المسمارُ المعوجُّ
مَنْ دقّكَ على حائطي؟
وعلّقَ مزيداً من المعاطفِ والأطفال
28/9/1993 عمان
*
رسائل البرقِ
مَنْ يمزقُها
قبلَ أنْ تصلََ الأرض؟
29/11/1993 عمان
*
بين أصابعنا المتشابكةِ
على الطاولةِ
كثيراً ما ينسجُ العنكبوتُ
خيوطَ وحدتي
1993 عمان
*
الأشجارُ كلامُ الأرضِ
في أذنِ الريحِ
غيرَ أن الحطّابَ
كثيراً ما يقاطعهما
بفأسِهِ
7/12/1993 عمان
*
كمْ علي أن أخسرَ
في هذا العالم
كي أربحَكِ
1993 عمان
*
ينظرُ الشوكُ
بشماتةٍ
إلى أعناقِ الورودِ المقطّعة
14/12/1993 عمان
*
لمْ تتعلمْ السباحةَ
لكنكَ علّمتها أيها البحرُ
أن تتموّجَ على ذراعِ مَنْ تحبُّ
دون أن تغرق
14/12/1993 عمان
*
طافَ أصقاعَ العالم
لكنه لمْ يصل
.. إلى نفسهِ
14/12/1993 عمان
*
في المرّةِ الوحيدةِ
التي فكّرتُ بتقبيلكِ
قالتْ لي شفتاكِ :
وداعاً
1993 عمان
*
كلما تعانقتْ كلمتان
صرخَ الشاعرُ
– على الورقةِ –
آه…
كم أنتَ وحيدٌ أيها القلب
14/12/1993 عمان
*
من أين أستدينُ أياماً صالحةً!؟
أيها الشعرُ
لقد أفسدتَ عليَّ حياتي تماماً
12/10/1993 عمان
*
أقفُ أمامَ المرآةِ
لكي أرى وحدتي
1993 عمان
*
الربّانُ المتردّدُ
يجدُ كلَّ الرياح
غيرَ مؤاتيةٍ ..
للإقلاع
11/1/1993 عمان
*
بسمِّهِ يموتُ
العقربُ الذي لا يلدغُ أحداً
15/11/1993 عمان
*
لا تولدُ الفكرةُ
إلا عاريةً
فمَنْ يلبسها كلَّ هذه المعاطفِ
والـ…
1993 عمان
*
قالوا لها دموعكِ كاللؤلؤ
حين حملتها إلى الصيرفيِّ
فركها بأصابعهِ مندهشاً
لشدةِ بريقها
لكنّهُ لمْ يدفعْ لها فلساً
إذْ سرعانَ ما جفّتْ بين يديه
4/10/1993 عمان
*
كلما حلَّ عقدةً
طالَ حبلُ المسافةِ بينهما
12/10/1993 عمان
*
أعلّمُ أصابعي أبجديةَ الفرحِ
كي أقرأَ جَسَدَكِ
29/11/1993 عمان
*
لا تتركي نهديكِ
يثرثران كثيراً على سريرِ اللغةِ
بلاغةُ جسدكِ في الإيجاز
17/3/1993 بغداد
*
تنطفيءُ الشمعةُ
وأشتعلُ بجسدكِ
ما من أحدٍ
يحتفلُ بالظلام
13/9/1993 عمان
*
كلّ زفيرٍ
يذكّرني..
كمْ من الأشياءِ عليّ أن أطردها
من حياتي
15/11/1993 عمان
*
مَنْ قالَ أن الفرحَ طائرٌ قلقٌ
لا يستقرُّ على غصنٍ
ها هو غصنُ حياتي
ممتليءٌ بالعصافيرِ الميتة
6/12/1993 عمان
*
على جلدِ الجوادِ الرابحِ
ينحدرُ..
عرقُ الأيامِ الخاسرة
6/11/1993 عمان
*
الشعراءُ الأقصرُ قامةً
كثيراً ما يضعون لقصائدهم
كعوباً عالية
1993 عمان
*
الإمبراطور
الذي بنى عرشَهُ على رؤوسِ الحرابِ
ماجتْ بثقلهِ الأكفُّ
فسقطَ
على نصالها المدبّبة
*
لا أحتاجُ إلى حبرٍ
لكتابةِ تاريخي
بل إلى دموع
*
يتدفّأ قلبُه بالذكريات
بينما أطرافُهُ...
ترتجفُ من البرد
*
بماذا
تفكّرُ
الأفكارُ
التي
لا
نفكّرها
*
ذاتَ يومٍ
اكتشفتْ في مرآتها
امرأةً ثانيةً
تتمرى معها
غضبتْ كثيراً
وهشّمتها – في عنفٍ –
فتطايرتْ شظايا الزجاجِ
في أرجاءِ الغرفةِ
وتكاثرتِ المرأة
7/3/1993 بغداد
*
يتراكضُ الشجرُ
في عينيها…
صاعداً نحو جبلِ روحي الأجردِ
أمدُّ أصابعي
لبرعمٍ – في روحي – يتفتّحُ للتو
فتغزني أشواكُ البعاد
1993 عمان
*
كلما تقدمتْ خرافُ الأمواجِ الغاربة
بأعناقها البضّةِ الناصعةِ
إلى سكين الصخور
قهقه البحرُ عالياً
وأصطبغَ الأفقُ بنجيعِ الشفق
1993 عمان
*
أصغي لرنينِ معاولهم
تحفرُ التأريخَ
بأصابع من حجرٍ
وجلودٍ ملّحتها السياطُ
أصغي...
ثمةَ أنينٌ طويلٌ
يوصلني بسرّةِ الأرض
1993 عمان - البتراء
*
وجدَ نفسَهُ طافياً
على زرقةِ البحرِ الميت
كقذيفةٍ فاسدةٍ
وأحزانه تذوبُ
في القاعِ اللزجِ
رويداً، رويداً
بينما كانتْ عيناه
معلقتين… هناك
كطائرين ينـزفان…
على الأسلاكِ الشائكة
13/7/1993 عمان
*
اصهلْ
اصهلْ
في براري القلبِ الشاسعة
وعلى الأرصفةِ المكتظّة
وسطوحِ البناياتِ
وضفائرِ الفتياتِ
أيها الحصانُ الأبيضُ
الراكضُ بلا سرجٍ أو لجامٍ
على حافةِ الغيم
*
أنام وحيداً
لا بأسَ
لكن مَنْ يمنعُ أحلامي
أن تنامَ لوحدها
*
بتعالٍ
ترنو إلى الساقية
السحابةُ التي مرّتْ منتفخةً بغرورها
لكنها سرعانَ ما سقطتْ إلى الأرضِ
فانفجرتِ المروجُ بالضحكات
*
أكلُّ هذه الثورات
التي قامَ بها البحرُ
ولمْ يعتقلْهُ أحد
*
كثرةُ الطعناتِ
وراءَ ظهري
دفعتني كثيراً
.. إلى الأمام
5/11/1993 عمان
*
أيتها الوردةُ
في الذبولِ الأخيرِ
لمن تلوحين الآن....؟
29/11/1993 عمان
*
حين بحثَ في أدراجِ الليلِ
ولمْ يجدْ سيجاراً
أشعلَ عودَ الثقابِ
وبدأ يدخّنُ نفسَهُ - بهدوءٍ -
ملتذّاً،
وهو يتلاشى رويداً، رويداً
في سحبِ الدخان
19/10/1993 عمان
*
شمعةً..
شمعةً
ستنطفيءُ السنواتُ
ويلفّني السعالُ والخريفُ
فلا أرى سوى بقعِ الشمعِ المتجمدةِ
… على سريري
ياه…
أيها القلبُ
ما أسرعَ ما تتشمعُ أصابعُ النساء

نــجــم
17-04-2011, 04:40 PM
أنا خارجٌ من زمانِ الخياناتِ
نحوَ البكاءِ النبيلِ على {وطنٍ} أخضرٍ
حرثتهُ الخنازيرُ والسرفاتُ
أنا داخلٌ في مدارِ القصيدةِ
نصفَ طليقٍ
ونصفَ مصفّدْ
فعليكمْ رثائي بما تملكون من النادباتِ
وليسَ عليّ سوى أن أشيرَ لكمْ
بأصابع "نائلةٍ"
لقميصِ البلادِ المعلّقِ فوق رماحِ العشيرةِ
تنخبُهُ الطلقاتُ
فينسالُ نهرُ الفراتِ المضرّجُ بين أصابعكم
حينما تكتبونْ
- عبثٌ كلُّ ما يكتبُ الشعراءُ
..............
فهذا الزمانُ يعلّمنا
أن نصفّقَ للقاتلين
حينما يعبرون الرصيفَ إلى دمنا
وهذا الزمانُ يعلّمنا
أن نقصّرَ قاماتنا
.... كي تمرَّ الرياحُ على رسلها
أن نماشي القطيعَ إلى الكلأ الموسميِّ
ولكنني..........
من خلال الحطامِ الذي خلّفتهُ المدافعُ
أرفعُ كفي معفّرةً بالترابِ المدمّى.....
أمامَ عيونِ الزمانِ
أعلّمهُ كيفَ نحفرُ أسماءَنا بالأظافرِ
كي تتوهجَ: لا
نحنُ الذين خرجنا من الثكناتِ
نكشُّ ذبابَ العواصمِ عن جرحنا
أنخطيءُ - حين تمرُّ بنا الشاحناتُ الطويلةُ -
في عددِ الشهداءِ الذين مضوا في رحابِ القنابلْ
وفي عددِ الأصدقاءِ
الذين مضوا في الطوابيرِ
لكنني - والقصيدةُ {لمْ ترها بعدُ عينُ الرقابةِ} -
لا أخطيءُ الوجعَ المرَّ
حين نمرُّ على وجلِ الأمهاتِ
تسمّرنَ فوقَ رصيفِ المحطاتِ
يسألنَ مَنْ يعبرون إلى الحربِ
أن يأخذوا ليلهنَّ الطويلَ
مناديلَ دمعٍ تضمّدُ جرحَ المسافةِ
بين الرصاصةِ، والدعواتِ
يكابرنَ صبرَ السنينِ
أمامَ الأسرّةِ، فارغةٍ
في مستشفياتِ الحروبِ.. [... يشرّونَ فوقَ حبالِ الرياحِ
شراشفَ مَنْ رحلوا,
كي تجفّفَها للذين سيأتون عما قليلٍ...]
..................
إلى أين نمضي بأعمارنا - غضةً -
أيها الربُّ.........
سأكتمُ هذا الصراخَ بحنجرتي
ريثما تفطرونَ على صحفِ اليومِ، والشاي
أكتبُ عن قمرٍ سيجيءُ
وعن غيمةٍ عبرتْ قمحَنا
لتحطَّ على جرحِنا
أربّتُ فوق مواجعكمْ
كي أمرَّ كخيطِ القصيدةِ
يلظمُ قلبي بالطرقات
أخيطُ قميصَ المنافي على قَدِّ أحزانكمْ
وأتركُ دمَّ قميصي الذي قُدَّ من قُبلٍ
شاهدي ودليلي
لدى كاتبِ العدلِ
لمْ أنهزمْ....
أو أفرَّ - كخيلِ بني العمِّ -
من ساحةِ الحربِ
بيني وبين الرصاصِ مسافةُ صدقي
وهذي القصيدةُ, مبحوحةُ الصوتِ
من فرطِ ما هرولتْ في الخنادقِ
تصرخُ من فزعٍ وذهولْ:
ـ أوقفوا قرعَ هذي الطبولْ
مَنْ يمسحُ الآنَ عن قبوِ ذاكرتي
صورَ الأصدقاءِ الذين مضوا في بريدِ المعارك
بلا زهرةٍ أو نعاسٍ
ولمْ يتركوا غيرَ عنوانِ قلبي
أصدقائي الذين أضاعوا الطريقَ
إلى دمعِهمْ والمنازلْ
أصدقاءَ القنابلْ
أنا شختُ قبلَ أواني
ألمْ تبصروا رئتي سوّدتها الشعاراتُ لا التبغُ
ألمْ تبصروا قامتي حدّبتها خطى العابرين إلى الأوسمةْ
آهِ... مما يكتّمُ قلبي...
وما تعلنُ الصحفُ والفتياتُ
[ يراوغنَ نبضَ المحبِّ إلى مصعدِ الشقّةِ الفارهةْ ]
سلاماً بلادَ السنابلْ
سلاماً بلادَ الجداولْ
سلاماً بلادي، التي كلما حاصرتها القنابلْ
حملتْ جرحَها رايةً لتقاتلْ
ومالتْ على جهةِ الرومِ،
لا روم غير الذي تركَ الأهلُ في ظهرنا
من طعانِ السنانِ المخاتلْ
...................................
......................
على شفتي شجرٌ ذابلٌ، والفراتُ الذي مرَّ لمْ يروني. ورائي نباحُ الحروبِ العقيمةِ يطلقها الجنرالُ على لحمنا، فنراوغُ أسنانها والشظايا التي مشّطتْ شَعْرَ أطفالنا قبلَ أنْ يذهبوا للمدارسِ والوردِ. أركضُ، أركضُ، في غابةِ الموتِ، أجمعُ أحطابَ مَنْ رحلوا في خريف
هلْ
خطأٌ
أنْ
نحبَّ
الحياةْ!؟…

نــجــم
17-04-2011, 04:41 PM
-1-
أصعدُ إلى ذقني
لأحلقَهُ
تسقطُ شظيّةٌ
في رغوةِ الصابون
وتنطفيءُ....
ألهذا لم أمتْ بعدُ
ولمْ احلقْ ذقني هذا الصباحْ
*
-2-
أتطلع إلى وجهي
في المرآة
شائخاً محني الظهر
أتركهُ في غرفتي، يصبُّ لي كوباً من القهوةِ المرّةِ
وأتجهُ إلى الشوارعِ راكضاً
بلحيةٍ كثّةٍ لمْ تشذبْها الطائرات
ألهذا كان الأطفالُ يختبئون في أدغالها من الذعرِ
والشوارعُ تهربُ إلى الملاجيءِ
تاركةً الجثثَ معلّقةً في الفراغ
*
-3-
عندما بدأتْ صافراتُ الإنذار
تطلقُ طيورَها الميّتة
في فضاءِ المدينةِ
هربَ الجميعُ إلى العلب
لحظةَ أن وجدتُ نفسي
ملتصقاً في مرآةِ الحلاقةِ
أتلاشى في قعرها رويداً، رويداً
حين مرّتِ الطائراتُ
سالَ الزئبقُ
فتشظّيتُ....

نــجــم
17-04-2011, 04:41 PM
منذُ الصباح
وهو يجلسُ أمامَ طاولتهِ
فكّرَ أنْ يكتبَ عن ياسمين الحدائق
فتذكّرَ أعوادَ المشانق
فكّرَ أنْ يكتبَ عن موسيقى النهر
فتذكّرَ أشجارَ الفقراء التي أيبسها الحرمان
فكّرَ أنْ يكتبَ عن قرنفلِ المرأةِ العابقِ في دمه
فتذكّرَ صفيرَ القطاراتِ التي رحلتْ بأصدقائِهِ إلى المنافي
فكّرَ أنْ يكتبَ عن ذكرياته المتسكّعةِ تحت نثيثِ المطر
فتذكّرَ صريرَ المجنـزراتِ التي كانتْ تمشطُ شوارعَ طفولته
فكّرَ أنْ يكتبَ عن الهزائم
فتذكّرَ نياشينَ العقداءِ اللامعةَ على شاشاتِ الوطن
فكّرَ أنْ يكتبَ عن الانتصارات
فتصاعدَ في رأسهِ نحيبُ الأرامل
ممتزجاً برفاتِ الجنودِ المنسيين هناك
................
.........
في آخرةِ الليل
وَجَدَ سلةَ مهملاتِهِ مملوءةً
وورقتَهُ فارغةً بيضاء

نــجــم
17-04-2011, 04:41 PM
-1-
بينما كانتْ بلادهُ تحترق...
كانت شفتاه تحترقان
على جسدِ الأرملةِ الفاتنة
التي كان زوجها يحترق...
على سواتر الحربِ
.... دفاعاً عن شرفِ الأرض
*
-2-
بينما كانتْ بلادهُ
تنفّضُ رمادها
كان ينفضُ سيجارهَ الأجنبيَّ في صحنِ أحلامه
ويدخّنُ بتلذذٍ
راسماً في دوائرِ الدخانِ المعطّر
- قبل أن يتبدّدَ –
عناقيدَ الكريستالِ في صالة قصرِه
والشعاراتِ التي سيعلّقها
على جدرانِ بيوتِ الطين

نــجــم
17-04-2011, 04:41 PM
دائماً…
عند كشكِ المحطاتِ
أبتاعُ تذكرتين
دائماً، كنتُ أرنو لمقعدها الفارغِ
للحكايا التي كنتُ أعددتُها للطريقِ الطويلْ
دائماً، كنتُ أجلسُ ملتصقاً، قربَ نافذةٍ
في القطارِ المسافرِ، وحدي
وأتركُ
فوقَ
رصيفِ المحطةِ…
… تذكرةً ذابلةْ!

نــجــم
17-04-2011, 04:41 PM
بين الكرسيِّ المكسورِ، وطاولةِ القلب
فكّرتُ بحالِ الشعرِ، وحالي
ما جدوى أنْ تَسَعَ العالمَ
في بيتٍ شعريٍّ
وتعيشُ بلا بيتٍ
ما جدوى أنْ تحتضنَ الفتياتُ دواوينَكَ
لكنكَ لنْ تحضنَ، في آخرةِ الليلِ…
سوى الأحلامْ
ما جدوى أنْ يتصدرَ أسمُكَ أعمدةَ الصفحاتِ..
ويعرفكَ القرّاءْ
لكنكَ حينَ تمرُّ أمامَ المطعمِ
لنْ يعرفَ منك سوى بنطالٍ رثٍّ
يجلسُ – كلَّ مساءٍ – منعزلاً، قلقاً
لا يجرؤُ، أنْ يطلبَ…
أكثرَ من صحنِ حساءْ

نــجــم
17-04-2011, 04:41 PM
رغبةٌ عارمةْ
لذةٌ من جنونْ
.. وانكسارُ مرايا
رغبةٌ كاللهاثِ على جسدٍ أو حجرْ
لذةٌ كالنصالْ
..........
هكذا، والدقائقُ جمرْ
هكذا، والشوارعُ خاليةٌ من خطى امرأةٍ
.. أو ظلالْ
هكذا، أطفأََ الرغبةَ المستريبةَ، بالحلمِ
ثم انطفا
لاهثاً
منهكاً
فوق صمتِ الأريكةْ
.....
.....
بعد عشرِ ثوانٍ
على موتهِِ
جرسُ البابِ يُقرعُ...
... ها أنّها قادمة...!