المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر ... أبو القاسم الشابي


نــجــم
17-04-2011, 12:47 PM
ولد أبو القاسم الشابي في يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من شباط عام 1909م الموافق الثالث من شهر صفر سنة 1327هـ وذلك في مدينة توزر في تونس .

قضى الشيخ محمد الشابي حياته المسلكية في القضاء بمختلف المدن التونسية حيث تمتع السابي بجمالها الطبيعي الخلاب، ففي سنة 1328هـ 1910 م عين قاضيا في سليانة ثم في قفصة في العام التالي ثم في قابس 1332هـ 1914م ثم في جبال تالة 1335هـ 1917م ثم في مجاز الباب 1337هـ 1918م ثم في رأس الجبل 1343هـ 1924م ثم انه نقل إلى بلدة زغوان 1345هـ 1927م ومن المنتظر أن يكون الشيخ محمد نقل أسرته معه وفيها ابنه البكر أبو القاسم وهو يتنقل بين هذه البلدان ، ويبدو أن الشابي الكبير قد بقي في زغوان إلى صفر من سنة 1348هـ – أو آخر تموز 1929 حينما مرض مرضه الأخير ورغب في العودة إلى توزر ، ولم يعش الشيخ محمد الشابي طويلاً بعد رجوعه إلى توزر فقد توفي في الثامن من أيلول –سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348هـ.

كان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمحكمة والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي ومن المعروف أن للشابي أخوان هما محمد الأمين وعبد الحميد أما محمد الأمين فقد ولد في عام 1917 في قابس ثم مات عنه أبوه وهو في الحادية عشر من عمره ولكنه أتم تعليمه في المدرسة الصادقية أقدم المدارس في القطر التونسي لتعليم العلوم العصرية واللغات الأجنبية وقد أصبح الأمين مدير فرع خزنة دار المدرسة الصادقية نفسها وكان الأمين الشابي أول وزير للتعليم في الوزارة الدستورية الأولى في عهد الاستقلال فتولى المنصب من عام 1956 إلى عام 1958م.

وعرف عن الأمين أنه كان مثقفاً واسع الأفق سريع البديهة حاضر النكتة وذا اتجاه واقعي كثير التفاؤل مختلفاً في هذا عن أخيه أبي القاسم الشابي. والأخ الآخر عبد الحميد وهو لم تتوفر لدي معلومات عن حياته.

يبدو بوضوح أن الشابي كان يعلم على أثر تخرجه في الزيتونة اعرق الجامعات العربية أو قبلها بقليل أن قلبه مريض ولكن أعراض الداء لم تظهر عليه واضحة إلا في عام 1929 وكان والده يريده أن يتزوج فلم يجد أبو القاسم الشابي للتوفيق بين رغبة والده وبين مقتضيات حالته الصحية بداً من أن يستشير طبيباً في ذلك وذهب الشابي برفقة صديقة زين العابدين السنوسي لاستشارة الدكتور محمود الماطري وهو من نطس الأطباء ، ولم يكن قد مضى على ممارسته الطب يومذاك سوى عامين وبسط الدكتور الماطري للشابي حالة مرضه وحقيقة أمر ذلك المرض غير أن الدكتور الماطري حذر الشابي على أية حال من عواقب الإجهاد الفكري والبدني وبناء على رأي الدكتور الماطري وامتثالاً لرغبة والده عزم الشاي على الزواج وعقد قرانه.

يبدو أن الشابي كان مصاباً بالقلاب منذ نشأته وأنه كان يشكو انتفاخاً وتفتحاً في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكنى التابعة للزيتونة. ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبتة الصغيرة ومنها فوق ذلك إهماله لنصيحة الأطباء في الاعتدال في حياته البدنية والفكرية ومنها أيضاً زواجه فيما بعد.لم يأتمر الشابي من نصيحة الأطباء إلا بترك الجري والقفز وتسلق الجبال والسياحة ولعل الألم النفساني الذي كان يدخل عليه من الإضراب عن ذلك كان أشد عليه مما لو مارس بعض أنواع الرياضة باعتدال. يقول بإحدى يومياته الخميس 16-1-1930 وقد مر ببعض الضواحي : " ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ".

وقد وصف الدكتور محمد فريد غازي مرض الشابي فقال: " إن صدقنا أطباؤه وخاصة الحكيم الماطري قلنا إن الشابي كان يألم من ضيق الأذنية القلبية أي أن دوران دمه الرئوي لم يكن كافياً وضيق الأذنية القلبية هو ضيق أو تعب يصيب مدخل الأذنية فيجعل سيلان الدم من الشرايين من الأذنية اليسرى نحو البطينة اليسرى سيلاناً صعباً أو أمراً معترضاً ( سبيله ) وضيق القلب هذا كثيرا ما يكون وراثياً وكثيراً ما ينشأ عن برد ويصيب الأعصاب والمفاصل وهو يظهر في الأغلب عند الأطفال والشباب مابين العاشرة والثلاثين وخاصة عند الأحداث على وشك البلوغ ". وقد عالج الشابي الكثير من الأطباء منهم الطبيب التونسي الدكتور محمود الماطري ومنهم الطبيب الفرنسي الدكتور كالو والظاهر من حياة الشابي أن الأطباء كانوا يصفون له الإقامة في الأماكن المعتدلة المناخ. قضى الشابي صيف عام 1932 في عين دراهم مستشفياً وكان يصحبه أخوه محمد الأمين ويظهر أنه زار في ذلك الحين بلدة طبرقة برغم ما كان يعانيه من الألم ، ثم أنه عاد بعد ذلك إلى توزر وفي العام التالي اصطاف في المشروحة إحدى ضواحي قسنطينة من أرض القطر الجزائري وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر تشرف على مساحات مترامية وفيها من المناظر الخلابة ومن البساتين ما يجعلها متعة الحياة الدنيا وقد شهد الشابي بنفسه بذلك ومع مجيء الخريف عاد الشابي إلى تونس الحاضرة ليأخذ طريقة منها إلى توزر لقضاء الشتاء فيها. غير أن هذا التنقل بين المصايف والمشاتي لم يجد الشابي نفعاً فقد ساءت حاله في آخر عام 1933 واشتدت عليه الآلام فاضطر إلى ملازمة الفراش مدة. حتى إذا مر الشتاء ببرده وجاء الربيع ذهب الشابي إلى الحمّة أو الحامه (حامة توزر) طالباً الراحة والشفاء من مرضه المجهول وحجز الأطباء الاشتغال بالكتابة والمطالعة. وأخيراً أعيا الداء على التمريض المنزلي في الآفاق فغادر الشابي توزر إلى العاصمة في 26-8-1934 وبعد أن مكث بضعة أيام في أحد فنادقها وزار حمام الأنف ، أحد أماكن الاستجمام شرق مدينة تونس نصح له الأطباء بأن يذهب إلى أريانة وكان ذلك في أيلول واريانة ضاحية تقع على نحو خمس كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة تونس وهي موصوفة بجفاف الهواء. ولكن حال الشابي ظلت تسوء وظل مرضه عند سواد الناس مجهولاً أو كالمجهول وكان الناس لا يزالون يتساءلون عن مرضه هذا : أداء السل هو أم مرض القلب؟.

ثم أعيا مرض الشابي على عناية وتدبير فرديين فدخل مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام ويظهر من سجل المستشفى أن أبا القاسم الشابي كان مصاباً بمرض القلب.

توفي أبو القاسم الشابي في المستشفى في التاسع من أكتوبر من عام 1934 فجراً في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين الموافق لليوم الأول من رجب سنة 1353هـ.

نقل جثمان الشابي في أصيل اليوم الذي توفي فيه إلى توزر ودفن فيها ، وقد نال الشابي بعد موته عناية كبيرة ففي عام 1946 تألفت في تونس لجنة لإقامة ضريح له نقل إليه باحتفال جرى يوم الجمعة في السادس عشر من جماد الثانية عام 1365هـ. و يعبر الشابي أجمل تعبير عن انوار تونس و المغرب العربي التي إستفادت منها بلاد المشرق كما هي الحال مع ابن خلدون و الحصري القيرواني و ابن رشيق و غيرهم المعبرين أنصع تعبير عن خصوصية المدرسة المغاربية او مدرسة الغرب الإسلامي الذي تؤهله جغرافيته أن يكون الجسر بين الغرب و الشرق و الذي ظل مدافعا عن الثغور و لم يمح رغم الداء والأعداء كما يقول الشابي.

نــجــم
17-04-2011, 12:48 PM
ألا أيها الظَّالمُ المستبدُ


ألا أيها الظَّالمُ المستبدُ
حَبيبُ الظَّلامِ، عَدوُّ الحياهْ
سَخَرْتَ بأنّاتِ شَعْبٍ ضَعيفٍ
وكفُّكَ مخضوبة ُ من دِماهُ
وَسِرْتَ تُشَوِّه سِحْرَ الوجودِ
وتبدرُ شوكَ الأسى في رُباهُ
رُوَيدَكَ! لا يخدعنْك الربيعُ
وصحوُ الفَضاءِ، وضوءُ الصباحْ
ففي الأفُق الرحب هولُ الظلام
وقصفُ الرُّعودِ، وعَصْفُ الرِّياحْ
حذارِ! فتحت الرّمادِ اللهيبُ
ومَن يَبْذُرِ الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ
تأملْ! هنالِكَ.. أنّى حَصَدْتَ
رؤوسَ الورى ، وزهورَ الأمَلْ
ورَوَيَّت بالدَّم قَلْبَ التُّرابِ
وأشْربتَه الدَّمعَ، حتَّى ثَمِلْ
سيجرفُكَ السيلُ، سيلُ الدماء
ويأكلُك العاصفُ المشتعِلْ

نــجــم
17-04-2011, 12:48 PM
أدركتَ فَجْرَ الحَياة ِ أعمْى


أدركتَ فَجْرَ الحَياة ِ أعمْى
وَكُنْتَ لاَ تَعْرِفُ الظَّلامْ
فَأَطْبَقَتْ حَوْلَكَ الدَّيَاجِي
وغامَ من فوقِك الغمامْ
وَعِشْتَ في وَحْشَة ٍ، تقاسي
خواطراً، كلّها ضرامْ
وغربة ٍ، ما بها رفيقٌ
وظلمة ٍ، ما لها ختام
تشقُّ تِيهَ الوجودِ فرداً
قد عضّك الفَقْرُ والسُّقَامْ
وطاردتْ نفسَك المآسي
وفرَّ من قلبِك السّلامْ
هوِّنْ عَلى قلبك المعنَّى
إنْ كُنْتَ لاَ تُبْصِرُ النُّجُومْ
ولا ترى الغابَ، وهْو يلغو
وفوقه تَخْطُرُ الغُيومْ
ولا ترى الجَدْوَلَ المغنِّي
وَحَوْلَهُ يَرْقُصُ الغيم
فكلُّنا بائسٌ، جَديرٌ
برأفة ِ الخالقِ العَظيمْ
وكلُّنا في الحياة أعمى
يَسُوقه زَعْزَعٌ عَقِيمْ
وحوله تَزْعَقُ المَنَايا
كأنَّها جِنَّة ُ الجَحِيمْ:
يا صاح! إن الحياة قفرٌ
مروِّعٌ، ماؤهُ سرابْ
لا يجتني الطَّرْفُ منه إلاّ
عَواطفَ الشَّوكِ والتُّرابْ
وأسعدُ النّاس فيه أعمى
لا يبصرُ الهولَ والمُصابْ
ولا يرى أنفس البرايا
تَذُوب في وقْدَة ِ العَذَابْ
فاحمدْ إله الحياة ، وافنعْ
فيها بألْحَانِكَ العِذابْ
وعِشْ، كما شاءَتِ الليالي
من آهَة ِ النَّاي والرَّبَابْ

نــجــم
17-04-2011, 12:48 PM
أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً


أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً
فأهوي على الجذوعِ بفأسي!
ليتَني كنتُ كالسيّولِ، إذا يالَتْ
تهدُّ القبورَ: رمْساً برمٍسِ!
ليتَني كنتُ كالريّاح، فأطوي
ورودُ الرَّبيع مِنْ كلِّ قنْس
ليتني كنتُ كالسّتاء، أُغَشِّي
كل ما أَذْبَلَ الخريفُ بقرسي!
ليتَ لي قوَّة َ العواصفِ، يا شعبي
فأُلقي إليكَ ثَوْرة َ نفسي!
ليت لي قوة َ الأعاصيرِ! إن ضجَّتْ
فأدعوكَ للحياة ِ بنبسي!
ليت لي قوة َ الأعاصيرِ..! لكْ
أنتَ حيٌّ، يقضي الحياة برمسِ..!
أنتَ روحٌ غَبِيَّة ٌ، تكره النّور،
وتقضي الدهور في ليل مَلْس...
أنتَ لا تدركُ الحقائقَ إن طافتْ
حواليكَ دون مسّ وجسِ...
في صباح الحياة ِ صَمَّخْتُ أكوابي
وأترعتُها بخمرة ِ نفسي...
ثُمَّ قدَمْتُها إليكَ، فأهرقْتَ
رحيقي، ودُستَ يا شعبُ كأسي!
فتألَّمت..، ثًمَّ أسكتُّ آلامي،
وكفكفتُ من شعوري وحسّي
ثُم نَضَّدْتُ من أزاهيرِ قلبي
باقة ً، لمْ يَمَسَّها أيُّ إِنْسِي...
ثم قدّمْتُها إليكَ، فَمزَّقْتَ
ورودي، ودُستَها أيَّ دوسِ
ثم ألبَسْتَني مِنَ الحُزْنِ ثوباً
وبشوْك الجِبال توَّجتَ رأسي
إنني ذاهبٌ إلى الغابِ، ياشَعْبي
لأقضي الحياة َ، وحدي، بيأسي
إنني ذاهبٌ إلى الغابِ، علَّي
في صميم الغابات أدفنُ بؤسي
ثُمَّ أنْسَاكَ ما استطعتُ، فما أنت
بأهْلِ لخمرتي ولكَأسي
سوف أتلو على الطُّيور أناشيدي،
وأُفضي لها بأشواق نَفْسي
فَهْي تدري معنى الحياة ، وتدري
أنّ مجدَ النُّفوسِ يَقْظَة ُ حِسِّ
ثم أقْضي هناك، في ظلمة الليل،
وأُلقي إلى الوجود بيأسي
ثم تَحْتَ الصَّنَوْبَر، النَّاضر، الحلو،
تَخُطُّ السُّيولُ حُفرة َ رمسي
وتظَلُّ الطيورُ تلغو على قبْرِي
ويشدو النَّسيمُ فوقي بهمس
وتظَلُّ الفصولُ تمْشي حواليَّ،
كما كُنَّ في غَضارَة أمْسي
أيّها الشّعبُ! أنتَ طفلٌ صغيرٌ،
لاعبٌ بالتُّرابِ والليلُ مُغْسِ..!
أنتَ في الكَوْنِ قوَّة ٌ، لم تَنسْسها
فكرة ٌ، عبقريَّة ٌ، ذاتُ بأسِ
أنتَ في الكَوْنِ قوة ٌ،كبَّلتْها
ظُلُمَاتُ العُصور، مِنْ أمس أمسِ..
والشقيُّ الشقيُّ من كان مثلي
في حَسَاسِيَّتي، ورقَّة ِ نفسي
هكذا قال شاعرٌ، ناولَ النَّاسَ
رحيقَ الحياة ِ في خير كأسِ
فأشاحُوا عنْها، ومرُّوا غِضابا
واستخفُّوا به، وقالوا بيأس:
"قد أضاعَ الرشّادُ في ملعب الجِنّ
فيا بؤسهُ، أصيب بمسّ
طالما خاطبَ العواصفَ في الليلِ
ويَمْشي في نشوة ِ المُتَحَسِّي
طالما رافقَ الظلامَ إلى الغابِ
ونادى الأرواحَ مِن كلِّ جِنْس»
طالما حدَّثَ الشياطينَ في الوادي،
وغنّى مع الرِّياح بجَرسِ»
إنه ساحرٌ، تعلِّمُه السحرَ
الشياطينُ، كلَّ مطلع شمسْ
فکبعِدوا الكافرَ الخبيثَ عن الهيكلِ
إنّ الخَبيثَ منبعُ رِجْسِ»
«أطردوه، ولا تُصيخوا إليه
فهو روحٌ شريِّرة ٌ، ذات نحْسِ
هَكَذا قَال شاعرٌ، فيلسوفٌ،
عاشَ في شعبه الغبيِّ بتَعْسِ
جَهِلَ الناسُ روحَه، وأغانيها
فساموُا شعورَه سومَ بخْسِ
فَهْوَ في مَذهبِ الحياة ِ نبيٌّ
وَهْوَ في شعبهِ مُصَابٌ بمسِّ
هكذا قال، ثمّ سَار إلى الغابِ،
ليَحْيا حياة شعرٍ وقُدْسِ
وبعيداً، هناك..، في معبد الغاب
الذي لا يُظِلُّه أيُّ بُؤْسِ
في ظلال الصَّنوبرِ الحلوِ، والزّيتونِ
يقْضي الحياة َ: حرْساً بحرْسِ
في الصَّباح الجميل، يشدو مع الطّير،
ويمْشي في نشوة ِ المنحسِّي
نافخاً نايَه، حوالْيه تهتزُّ
ورودُ الرّبيع منْ كلِّ فنسِ
شَعْرُه مُرْسَلٌ- تداعُبه الرّيحُ
على منكبْيه مثلَ الدُّمُقْسِ
والطُّيورُ الطِّرابُ تشدو حواليه
وتلغو في الدَّوحِ، مِنْ كُلِّ جنسِ
وترا عند الأصيل، لدى الجدول،
يرنو للطَّائرِ المتحسِّي
أو يغنِّي بين الصَّنوبرِ، أو يرنو
إلى سُدْفَة الظَّلامِ الممسّي
فإذا أقْبَلَ الظلامُ، وأمستْ
ظلماتُ الوجودِ في الأرض تُغسي
كان في كوخه الجميل، مقيماً
يَسْألُ الكونَ في خشوعٍ وَهَمْسِ
عن مصبِّ الحياة ِ، أينَ مَدَاهُ؟
وصميمِ الوجودِ، أيَّان يُرسي؟
وأريجِ الوُرودِ في كلِّ وادٍ
ونَشيدِ الطُّيورِ، حين تمسِّي
وهزيمِ الرِّياح، في كلِّ فَجٍّ
وَرُسُومِ الحياة ِ من أمس أمسِ
وأغاني الرعاة ِ أين يُواريها
سُكونُ الفَضا، وأيَّان تُمْسي؟؟
هكذا يَصْرِفُ الحياة َ، ويُفْني
حَلَقات السنين: حَرسْاً بحرْسِ
يا لها من معيشة ٍ في صميم الغابِ
تُضْحي بين الطيور وُتْمْسي!
يا لها مِنْ معيشة ٍ، لم تُدَنّسْهَا
نفوسُ الورى بخُبْثٍ ورِجْسِ!
يا لها من معيشة ٍ، هيَ في الكون
حياة ٌ غريبة ٌ، ذاتُ قُدسِ

نــجــم
17-04-2011, 12:48 PM
أيُّها الليلُ! يا أَبَا البؤسِ والهَوْ


أيُّها الليلُ! يا أَبَا البؤسِ والهَوْ
لِ،! ياهيكلَ الحَياة ِ الرَّهيبِ!
فِيكَ تَجْثُو عرائسُ الأَمَلِ العذْ
بِ، تُصلَّي بصَوتِها المحبوبَ
فَيُثيرُ النَّشِيدُ ذكرى حياة ٍ
حَجَبَتها غيومُ دَهر كَئيبِ
وَتَرُفُّ الشُّجونُ مِنْ حول قلبي
بسُكُونٍ، وَهَيْبَة ٍ، وَقُطُوبِ
أنتَ ياليلُ! ذرَّة ٌ، صعدت للكونِ،
من موطئ الجحيمِ الغَضوبِ
أيُّها الليلُ! أنت نَغْمٌ شَجِيُّ
في شفاهِ الدُّهورِ، بين النَّحيبِ
إنَّ أُنشودة السُّكُونِ، التي ترتجّ
في صدرك الرّكود، الرحيب
تُسْمِعُ النَّفْسَ، في هدوء الأماني
رنة َ الحقَّ، والجمال الخلوبِ
فَتَصوغُ القلوبُ، منها أَغَارِيداً،
تَهُزُّ الحياة َ هَزَّ الخُطُوبِ
تتلوّى الحياة ُ، مِنْ أَلَم البؤْ
فتبكي، بلوعوٍ ونحيبِ
وَعَلى مَسْمَعيكَ، تَنْهلُّ نوحاً
وعويلاً مُراً، شجون القلوبِ
فأرى بُرقعاً شفيفاً، من الأو
جاع، يُلقي عليك شجوَ الكئيبِ
وأرى في السُّكون أجنحة الجبَّـ
ـارِ، مخلصة ً بدمعِ القُلوبِ
فَلَكَ اللَّهُ! مِنْ فؤادٍ رَحيمٍ
ولكَ الله! من فؤادٍ كئيب
يهجع الكونُ، في مابيبة ِ العصفور
طفلاً، بصدركَ الغربيب
وبأحضانك الرحيمة ِ يستيقظُ، في
نضرة الضَّحُوكِ، الطَّرُوبِ
شَادياً، كالطُّيوبِ بالأَملِ العَذْ
بِ، جميلاً، كَبَهْجَة ِ الشُّؤْبُوبِ
ياظلام الحياة !يا روعة الحزنِ!
وَيَا مِعْزَفَ التَّعِيس الغَرِيبِ
فَيكَ تنمُو زَنَابِقُ الحُلُمِ العذْ
بِ، وتذوِي لدَى لهيبِ الخُطوبِ
أَمْ قُلُوبٌ مُحِطَّاتٌ عَلَى سَا
بُ ظِلالُ الدُّهورِ، ذَاتَ قُطوبِ
صَاحِ! إنَّ الحياة َ أنشودة ُ الحُزْ
نِ، فرتِّلْ عَلَى الحياة ِ نَحِيبي
إنَّ كأسَ الحياة ِ مُتْرَعَة ٌ بالذَّمْـ
ـعِ، فاسْكُبْ على الصَّبَاحِ حَبيبي
إنّ وادِي الظَّلامِ يَطْفَحُ بالهَوْ
لِ، فما أبعد ابتسام القلوبِ!
لا يُغرّنَّك ابتسامُ بني الأر
ضِ فَخَلْفَ الشُّعاعِ لَذْعُ اللَّهِيبِ
أنتَ تدري أنَّ الحياة َ قطو
بٌ وَخُطُوبٌ، فَما حَيَاة ُ القُطُوبِ؟
إنّ في غيبة ِ الليالي، تِباعاً
لخَطيبٌ يمرُّ إثر خطوبِ
سَدَّدَتْ في سكينة ِ الكونِ، للأعما
قِ، نفْسي لخطأ بعيدَ الرُّسوبِ
نَظْرة ٌ مَزَّقَتْ شِغَافَ اللَّيا
لي فرأتْ مهجة َ الظْلام الهيوبِ
ورأتْ في صميمِها، لوعة َ الحزْ
نِ، وأَصْغَتْ إلى صُراخِ القُلُوبِ
لا تُحاوِلْ أنْ تنكرَ الشَّجْوَ، إنّي
قد خبرتُ الحياة َ خُبرَ لبيبِ
فتبرمتُ بالسّكينة والضجّـ
ـة ، بل فد كرهتُ فيها نصيبي...
كنْ كما شاءَت السماءُ كئيباً
أيُّ شيءٍ يَسُرُّ نفسَ الأَريبِ؟
أنفوسٌ تموتُ، شاخِصَة ً بالهو
لِ، في ظلمة ِ القُنوطِ العَصيبِ؟
حلِ لُجِّ الأَسَى
بموْجِ الخُطوبِ؟
إنما النّاسُ في الحياة طيورٌ
قد رَمَاهَا القَضَا بِوادٍ رَهِيبِ
يَعْصُفُ الهولُ في جَوَانبه السو
دِ فيقْضي على صَدَى العندليبِ
قَدْ سَألتُ الحياة َ عَنْ نغمة ِ الفَجْـ
ـرِ، وَعَنْ وَجْمة المساءِ القَطُوبِ
فسمعتُ الحياة َ، في هيكلِ الأحزا
نِ، تشدو بِلَحْنِها المحبوبِ:
مَا سُكوتُ السَّماءِ إلا وُجُومٌ
مَا نشيدُ الصَّبَاحِ غيرُ نحيبِ
لَيْسَ في الدَّهْرِ طَائرٌ يتغنّى
في ضِفَافِ الحياة ِ غَيْرَ كَئيبِ
خضَّبَ الإكتئابُ أجنحة َ الأيّا
مِ، بِالدَّمْعِ، والدَّم المَسْكُوب
وَعَجيبٌ أنْ يفرحَ النّاسُ في كَهْـ
ـفِ اللَّيالي، بِحُزْنِهَا المَشْبُوبِ!»
كنتُ أَرْنو إلى الحياة ِ بِلَحْظٍ
باسمٍ، والرّجاءُ دونَ لغوبِ
ذَاكَ عَهْدٌ حَسِبْتُهُ بَسْمَة َ الـ
ـفَجْر، ولكنَّه شُعاع الغُروبِ
ذَاكَ عَهْدٌ، كَأَنَّه رَنَّة ُ الأفرا
ح، تَنْسَابُ منْ فَمِ العَنْدَليبِ
خُفِّفَتْ ـ رَيْثَما أَصَخْتُ لَهَا بالقَلْـ
ـبِ، حيناً ـ وَبُدِّلَتْ بَنَحيبِ
إن خمر الحياة وردية ُ اللونِ
ولكنَّها سِمامُ القُلوبِ
جرفتْ من قرارة ِ القلبِ أحْلا
مي، إلى اللَّحْدَ، جَائِراتُ الخُطُوبِ
فَتَلاشَتْ عَلَى تُخُومِ الليالي
وتهاوَت إلى الجحيم الغضوبِ
وسوى في دُجنّة النّفس، ومضٌ
لم يزل بين جيئَة ٍ، وذُهوبِ
ذكرياتٌ تميسُ في ظلمة ُ النَّفـ
ـسِ، ضئالاً كرائعاتِ المشيبِ
يَا لِقَلْبٍ تَجَرّعَ اللَّوعة َ المُرَّ
ة َ منْ جدولِ الزَّمانِ الرَّهيبِ!
وَمَضَتْ في صَمِيمِهِ شُعْلَة ُ الحُزْ
ن، فَعَشَّتْهُ مِنْ شُعَاعِ اللَّهيبِ..

نــجــم
17-04-2011, 12:49 PM
أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي


أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي
وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائي
وَنُحُولِي، وَأَدْمُعِي، وَعَذَابي
وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائي
أيها الحب أنت سرُّ وُجودي
وحياته ، وعِزَّتي، وإبائي
وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري
وأَليفي، وقُرّتي، وَرَجائي
يَا سُلافَ الفُؤَادِ! يا سُمَّ نَفْسي
في حَيَاتي يَا شِدَّتي! يَا رَخَائي!
ألهيبٌ يثورٌ في روْضَة ِ النَّفَسِ، فيـ
ـ‍‍‍‍طغى ، أم أنتَ نورُ السَّماءِ؟
أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ
نَ كُؤُوساً، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي
فَبِحَقِّ الجَمَال، يَا أَيُّها الحُـ
ـبُّ حنانَيْكَ بي! وهوِّن بَلائي
لَيْتَ شِعْري! يَا أَيُّها الحُبُّ، قُلْ لي:
مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ؟

نــجــم
17-04-2011, 12:49 PM
أراكِ، فَتَحْلُو لَدَيّ الحياة


أراكِ، فَتَحْلُو لَدَيّ الحياة ُ
ويملأُ نَفسي صَبَاحُ الأملْ
وتنمو بصدرِي ورُودٌ، عِذابٌ
وتحنو على قلبيَ المشتعِلْ
ويفْتِنُني فيكِ فيضُ الحياة ِ
وذاك الشّبابُ، الوديعُ، الثَّمِلْ
ويفتنُني سِحْرُ تلك الشِّفاهِ
ترفرفُ منْ حولعنّ القُبَلْ
فأعبُدُ فيكِ جمالَ السّماء،
ورقَة َ وَرْدِ الرَّبيعِ، الخضِلْ
وطُهْرَ الثلوج، وسِحْرَ المروج
مُوَشَّحَة ً بشعاعِ الطَّفَلْ
أراكِ، فأُخْلَقُ خلْقاً جديداً
كأنّيَ لم أَبْلُ حربَ الوجودْ
ولم أحتمِلْ فيه عِبثاً، ثقيلاً
من الذِّكْريَاتِ التي لا تَبيدْ
وأضغاثِ أيّاميَ، الغابراتِ
وفيها الشَّقيُّ، وفيها السَّعيدْ
ويْغْمُرُ روحِي ضياءٌ، رفيقٌ
تُكَلّلهُ رَائعاتُ الورودْ
وتُسْمُعُني هَاتِهِ الكَائِنَاتُ
رقيقَ الأغاني، وحُلْوَ النشيدْ
وترقصُ حولِي أمانٍ، طِرابٌ
وأفراحُ عُمْرِ خَلِيٍّ، سَعيدْ
كأنِّيَ أصبَحْتُ فوقَ البَشَرْ
وتهتزُّ مثْلَ اهتزازِ الوتَرْ
فتخطو أناشيدُ قلبيَ، سكْرَى
تغرِّدُ، تَحْتَ ظِلالِ القَمَرْ
أوَدُّ بروحي عناقَ الوجودِ
بما فيه من أنفسٍ، أو شجرْ
وليلٍ يفرُّ، وفجرٍ يكرُّ
وغَيْمٍ، يُوَشِّي رداءَ السحرْ

نــجــم
17-04-2011, 12:49 PM
أرى هيكلَ الأيامُ، مشيَّداً


أرى هيكلَ الأيامُ، مشيَّداً
ولا بدَّ أنْ يأتي على أُسِّهِ الهَدْمُ
فيصبحَ ما قد شيدَّ الله، والورى
خراباً، كأنَّ الكلُّ في أمسهِ وهمُ!
فقل لي: ما جّدوى َ الحياة ِ وكربِها،
وتلك التي تزوي، وتلك التي تنمو؟
«وفوْجٍ، تغذِّيه الحياة ُ لِبَانَها،
وفوجٍ، يُرى تَحْتَ التُّرابِ لَهُ رَدْمُ؟
وعقلٍ من الأضواء، في رأس نابغ
وعقلٍ من الظّلماء، يحملهُ فدمُ؟
وأفئدة حسرَ، تذوب كآبة
وأفئدة ٍ، سكرى ، يِرفُّ لها النّجمُ؟
لِتعْسِ الوَرى ، شاءَ الإلهُ وجودَهم
فكانَ لَهُمْ جهلٌ، وكانَ لَهُمْ فهمُ!!

نــجــم
17-04-2011, 12:49 PM
أَلا إنَّ أَحْلاَمَ الشَّبَابِ ضَئِيلَة ٌ


أَلا إنَّ أَحْلاَمَ الشَّبَابِ ضَئِيلَة ٌ
تُحَطِّمُهَا مِثْلَ الغُصُونِ المَصَائِبُ
سألتُ الدَّياجي عن أماني شبيبَتي
فَقَالَتْ: «تَرَامَتْهَا الرِّياحُ الجَوَائِبُ»
وَلَمَّا سَأَلْتُ الرِّيحَ عَنْها أَجَابَنِي:
"تلقَّفها سَيْلُ القَضا، والنَّوائبُ
فصارَت عغفاءً، واضمحلَّت كذرَّة ٍ
عَلى الشَّاطِىء المَحْمُومِ، وَالمَوْجُ صَاخِبُ»

نــجــم
17-04-2011, 12:50 PM
أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ؟


أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ؟
ويخبو توهُّجُ تلكَ الخدودْ
وتذوي وُرَيْداتُ تلك الشِّفاهِ؟
وتهوِي إلى التُّرْبِ تلكَ النُّهودْ؟
وينهدُّ ذاك القوامُ الرَّشيقُ
وينحلُّ صَدْرٌ، بديعٌ، وَجِيدْ
وتربدُّ تلكَ الوحوهُ الصًّباحُ
وكلٌّ ـ إذا ما سألنا الحياة ـ
ويغبرُّ فرعٌ كجنْحِ الظَّلامِ
أنيقُ الغدائر، جعدٌ، مديدْ
ويُصبحُ في ظُلُماتِ القبورِ
هباءً، حقيراً، وتُرْباً، زهيدْ
وينجابُ سِحْرُ الغَرامِ القويِّ
وسُكرُ الشَّبابِ، الغريرِ، السّعيدْ
أتُطوَى سماواتُ هذا الوجودِ؟
ويذهبُ هذا الفَضاءُ البعيدْ؟
وتَهلِكُ تلكَ النُّجومُ القُدامى؟
ويهرمُ هذا الزّمانُ العَهيدْ؟
ويقضِي صَباحُ الحياة ِ البديعُ؟
وليلُ الوجودِ، الرّهيبُ، العَتيدْ؟
وشمسٌ توشِّي رداءَ الغمامِ؟
وبدرٌ يضيءُ، وغَيمٌ يجودْ؟
وضوءٌ، يُرَصِّع موجَ الغديرِ؟
وسِحْرٌ، يطرِّزُ تلكَ البُرودْ؟
جليلاً، رهيباً، غريباً، وَحيدْ
يضجُّ، ويدوي دويَّ الرّعودْ؟
وريحٌ، تمرُّ مرورَ المَلاكِ،
وتخطو إلى الغاب خَطَوَ الوليدْ؟
وعاصفة ٌ من بناتِ الجحيم،
كأنَّ صداها زئير الأسودْ
تَعجُّ، فَتَدْوِي حنايا الجبال
وتمشي، فتهوي صُخورُ النُّجودْ؟
وطيرٌ، تغنِّي خِلالَ الغُصونِ،
وتهتف ُللفجر بين الورود؟
وزهرٌ، ينمِّقُ تلك التلال
وَيَنْهَل من كلِّ ضَوءٍ جَدِيدْ؟
ويعبَقُ منه أريجُ الغَرامِ
ونفحُ الشباب، الحَييّ، السعيد
أيسطو على الكُلِّ ليلُ الفَناءِ
ليلهُو بها الموتُ خَلْفَ الوجودْ..
وَيَنْثُرَهَا في الفراغِ المُخِيفِ
كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شَرود
فينضبُ يمُّ الحياة ِ، الخضيمُّ
ويَخمدُ روحُ الربيع، الولود
فلا يلثمُ النُّورُ سِحْرَ الخُدودِ
ولا تُنبِتُ الأرضُ غضَّ الورود
كبيرٌ على النَّفسِ هذا العَفَاءُ!
وصعبٌ على القلب هذا الهموذ!
وماذا على الَقدَر المستمرِّ
لو استمرَأَ الّناسُ طعمَ الخلود
ولم يُخْفَروا بالخرابِ المحيط
ولم يفُجعَوا في الحبيبِ الودود
ولم يَسلكوا للخلمودِ المرجَّى
سبيلَ الرّدى ، وظَلامَ اللّحودْ
فَدَامَ الشَّبابُ، وَسِحْرُ الغرامِ،
وفنُّ الربيعِ، ولطفُ الورُودْ
وعاش الورى في سَلامٍ، أمينٍ
وعيشٍ، غضيرٍ، رخيٍّ، رَغيد؟
ولكنْ هو القَدَرُ المستبدُّ
يَلَذُّ له نوْحُنا، كالنّشيد

نــجــم
17-04-2011, 12:50 PM
أَزَنْبَقَة َ السفْح! مالي أراكِ


أَزَنْبَقَة َ السفْح! مالي أراكِ
تَعَانِقُكِ اللَّوْعة ُ القَاسِيه؟
أفي قَلْبكِ الغضِّ صوتُ اللهيب،
يرتِّل أُنْشُودَة َ الهاويهْ؟
أَأَسْمَعَكِ اللَّيلُ نَدْبَ القُلوبِ
أأرشفكِ الفجرُ كأسَ الأسى ؟
أَصَبَّ عليكِ شُعَاعُ الغروبِ
نجيعَ الحياة ، ودمعَ المسا؟
أأوقفكَ الدهرُ حيث يُفجِّـ
ـرُ نوحُ الحياة صُدوعَ الصدور؟
وَيَنبَثِقُ الليل طيفاً، كئيباً
رهيباً، ويخفقُ حُزْنُ الدهورْ؟
إذا أضرتكِ أغاني الظلامِ
فقد عذَّبَتْني أغاني الوجومْ
وإن هجرتكِ بناتُ الغيوم
فقد عانَقَتْني بناتُ الجَحيمْ
وإنْ سَكَبَ الدَّهْرُ في مِسمِعيْكِ
نَحِيبَ الدُّجَى ، وأنينَ الأملْ
فقد أجّجَ الدهرُ في مُهْجتي
شُواظاً من الحَزَن المشتعل
وإن أرشفتْكِ شفاهُ الحياة
رُضابَ الأسى ، ورحيقَ الألم
فإنِّي تجرّعتُ من كفِّها
كُؤوساً، مؤجَّجة ً، تَضْطَرِمْ
أصيخي! فما بين أعشار قلبي
يرِفّ صدى نوحِكِ الخافت
معيداً على مهجتي بحفيف
جَنَاحَيْهِ صَوْتَ الأسى المائتِ
وقد أترع الليلُ بالحب كأسى
وشعشعها بلهيب الحياة
وجرّعني من ثُمالاتِه
مرارة َ حُزْنٍ، تُذيبُ الصَّفاة ْ
إليَّ! فقد وحّدت بيننا
قَسَاوة ُ هذا الزّمان الظَّلُومْ
فقد فَجَّرتْ فيَّ هذي الكُلومَ
كما فجّرت فيكِ تلك الكلوم
وإنْ جَرَفَتْنِي أكفُّ المنونِ
اللحْد، أو سحقتكِ الخُطوبْ
فَحُزْني وَحُزْنُكِ لا يَبْرَحَانِ
ألِيفيْنِ رغمَ الزّمان العَصيبْ
وتحت رواقِ الظَّلامِ الكَئيبِ
إذا شملَ الكونَ روحُ السحَرْ
سيُسمَع صوتٌ، كلحن شجيٍّ
تطايَرَ من خَفَقات الوترْ
يردِّدُه حُزنُنا في سكون
على قبرنا، الصّامتِ المطمئن
فَنَرقُد تَحْتَ التُّرابِ الأصمِّ
جميعاً على نَغَمَاتِ الحَزَنْ

نــجــم
17-04-2011, 12:51 PM
أُسْكُني يا جرَاحْ


أُسْكُني يا جرَاحْ
وأسكني يا شجونْ
ماتَ عهد النُّواحْ
وَزَمانُ الجُنُونْ
وَأَطَلَّ الصَّبَاحْ
مِنْ وراءِ القُرُونْ
في فِجاجِ الرّدى
قد دفنتُ الألَمْ
ونثرتُ الدُّموعْ
لرياحِ العَدَمْ
واتّخذتُ الحياة
مِعزفاً للنّغمْ
أتغنَّى عليه
في رحابِ الزّمانْ
وأذبتُ الأسَى
في جمال الوجودْ
ودحوتُ الفؤادْ
واحة ً للنّشيدْ
والضِّيا والظِّلالْ
والشَّذَى والورودْ
والهوى والشَّبابَّ
والمنى والحَنانْ
اسكُني يا جراحْ
وأسكُتي يا شجونْ
ماتَ عهدُ النّواحْ
وزَمانُ الجنونْ
وَأَطَلَ الصَّباحْ
مِنْ وراءِ القُرونْ
في فؤادي الرحيبْ
مَعْبِدٌ للجَمَالْ
شيَّدتْه الحياة ْ
بالرّؤى ، والخيال
فَتَلَوتُ الصَّلاة
في خشوع الظّلالْ...
وَحَرقْتُ البخور...
وأضأتُ الشُّموع
إن سِحْرَ الحياة ْ
خالدٌ لا يزولْ
فَعَلامَ الشَّكَاة ْ
مِنْ ظَلامٍ يَحُولْ
ثمَ يأتي الصبَّاح
وتمُرُّ الفصولْ..؟
سوف يأتي رَبِيعْ
إن تقضَّى رَبِيعْ
کسكُنِي يا جراحْ
وأسكتي يا شجونْ
ماتَ عهدُ النّواح
وَزَمانُ الجنونْ
وأطلَّ الصَّباحْ
مِن وراءِ القُروُنْ
من وراءِ الظَّلامْ
وهديرِ المياهْ
قد دعاني الصَّباحْ
وَرَبيعُ الحَيَاهْ
يا لهُ مِنْ دُعاءُ
هزّ قلبي صَداهْ
لَمْ يَعُد لي بَقاء
فوق هذي البقاعْ
الودَاعَ! الودَاعَ!
يا جبالَ الهمومْ
يا ضَبابَ الأسى !
يا فِجَاجَ الجحيمْ
قد جرى زوْرَقِي
في الخضمِّ العظيمْ...
ونشرتُ القلاعْ...
فالوَداعَ! الوَداعْ

نــجــم
17-04-2011, 12:51 PM
أنتَ يا شعرُ، فلذة ٌ من فؤادي


أنتَ يا شعرُ، فلذة ٌ من فؤادي
تتغنَّى ، وقطعة ُ من وجودي
فيكَ مَا في جوانحي مِنْ حَنينٍ
أبديِّ إلى صَميم الوجودِ
فيكَ مَا في خواطري من بكاءٍ
فيك ما في عواطفي مِنْ نَشيدِ
فيكَ ما في مَشَاعري مِنْ وُجومٍ
لا يغنِّي، ومن سرور عهيدِ
فيكَ ما في عَوَالمي مِنْ ظلامٍ
سرمديّ، ومن صباحٍ وليدِ
فيكَ ما في عَوَالمي من نجومٍ
ضاحكاتٍ خلف الغمام الشرودِ
فيكَ ما في عَوَالمي من ضَبَابِ
وسراب، ويقظة ، وهجودِ
فيكَ ما في طفولتي مِنْ سلامٍ،
وابتسامٍ، وغبطة ٍ، وَسُعودِ
فيكَ ما في شبيتي من حنينٍ،
وشجون، وبهجة ، وجمودِ
فيك- إن عانق الربيع فؤادي
تتثنَّى سَنَابلي وَوُرُودي
ويغنى الصّباحُ أنشودة َ الحب،
على مَسْمَعِ الشَّبابِ السَّعيدِ
ثم أجنى في صيْف أحلاميَ
الساحر ما لذَّ من ثمار الخلودِ
فيك يبدو خريفُ نفسي مَلُولاً،
شاحبَ اللون، عاريَ الأملود
حَلَّلْته الحَياة ُ بالحَزَنِ الدّا
هُتافُ السَّؤُوم والمُسْتَعيدِ
فيك يمشي شتاءُ أيَّاميَ البا
كي، وتُرغي صَوَاعقي وَرُعُودي
وتجفُّ الزهورُ في قلبيَ الدا
جي، وَتَهْوي إلى قرارٍ بعيدِ.
أنت يا شعرُ-قصة ٌ عن حَياتي
أنت يا شعرُ صورة ٌ من وجودي
أنت يا شعر-إن فرحتُ-أغاريدي
وإن غنَّت الكآبة -عودي
أنت ياشعرُ كأسُ خمرٍ عجيبٍ
أتلَّهى به خلال اللحودِ..
أتحسَّاهُ في الصَّباحِ، لأنسى
ما تقضَّى في أمسيَ المفقودِ
أنتَ ما نِلْتُ من كهوفِ الليالي
وتصفَّحتُ من كتاب الخلودِ
فيك ما في الوجودِ مِنْ حَلَكٍ، دا
جٍ، وما فيه من ضياءٍ، بَعيدِ
فيك ما في الوجودِ من نَغَمٍ،
حُلْوٍ، وما فيه مِن ضَجيجٍ، شَديدِ
فيك ما في الوجودِ مِنْ جَبَلٍ،
وعْرٍ، وما فيه من حَضِيضٍ، وَهِيدِ
فيك ما في الوجودِ من حَسَكٍ،
يُدْمِي، وما فيه من غَضيضِ الورودِ

نــجــم
17-04-2011, 12:51 PM
أنتِ كالزهرة ِ الجميلة ِ في الغاب،


أنتِ كالزهرة ِ الجميلة ِ في الغاب،
ولكنْ مَا بينَ شَوكٍ، ودودِ
والرياحينُ تَحْسَبُ الحسَكَ الشِّرِّيرَ
والدُّودَ من صُنوفِ الورودِ
فافهمي النَاسَ..، إنما النّاسُ خَلْقٌ
مُفْسِدٌ في الوجودِ، غيرُ رشيدِ
والسَّعيدُ السَّعيدُ من عاشَ كاللَّيل
غريباً في أهلِ هَذا الوجودِ
وَدَعِيهِمْ يَحْيَوْنَ في ظُلْمة ِ الإثْمِ
وعِيشيي في ظهرك المحمودِ
كالملاك البريءِ، كالوردة البيضاءَ،
كالموجِ، في الخضمَّ البعيدَ
كأغاني الطُّيور، كالشَّفَقِ السَّاحِرِ
كالكوكبِ البعيدِ السّعيدِ
كَثلوجِ الجبال، يغَمرها النورُ
وَتَسمو على غُبارِ الصّعيدِ
أنتِ تحتَ السماء رُوحٌ جميلٌ
صَاغَهُ اللَّهُ من عَبيرِ الوُرودِ
وبنو الأرض كالقرود،وما
أضْيَعَ عِطرَ الورودِ بين القرودِ!
أنتِ من ريشة الإله، فلا تُلْقِـ
ـي بفنِّ السّما لِجَهْلِ العبيدِ
أنت لم تُخْلَقي ليقْربَكِ النَّاسُ
ولكن لتُعبدي من بعيدِ...

نــجــم
17-04-2011, 12:51 PM
إذا لم يكنْ من لقاءِ المنايا


إذا لم يكنْ من لقاءِ المنايا
مناصٌ لمن حلَّ هذا الوجودْ
فأيُّ غَناءٍ لهذي الحياة
وهذا الصراعِ، العنيفِ، الّشديد
وذاك الجمال الذي لا يُملُّ
وتلك الأغاني،وذاكَ الّنشيد
وهذا الظلامِ، وذاك الضياءِ
وتلكَ النّجومِ، وهذا الصَّعيد
لماذا نمرّ بوادِي الزمان
سِراعاً، ولكنّنا لا نَعُود؟
فنشرب من كلّ نبع شراباً
ومنهُ الرفيعُ، ومنه الزَّهيد؟
ومنه اللذيذُ، ومنه الكريهُ،
ومنه المُشيدُ، ومنه الُمبيد
وَنَحْمِلُ عبْئاً من الذّكرياتِ
وتلكَ العهودَ التي لا تَعود
ونشهدُ أشكالَ هذي الوجوهِ
وفيها الشَّقيُّ، وفيها السَّعيدْ
وفيها البَديعُ، وفيها الشنيعُ،
وفيها الوديعُ، وفيها العنيدْ
فيصبحُ منها الوليُّ، الحميمُ،
ويصبحُ منها العدوُّ، الحقُودْ
أتيناه من عالمٍ، لا نراه
فُرادى ، فما شأنُ هذي الحقُودْ؟
وما شأنُ هذا العَدَاءِ العنيفِ؟
وما شأنُ هذا الإخاءِ الوَدودْ؟

نــجــم
17-04-2011, 12:52 PM
إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة


إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة
فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي
ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ
ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة
تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ
فــويل لمــن لــم تَشُــقهُ الحيـا
ة مــن صفْعــة العــدَم المنتصـرْ
كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ
وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ
*****
ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج
وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ:
إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ
ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ
ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب
ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ
ومــن لا يحــبُّ صعـودَ الجبـال
يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ
فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب
وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ...
وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ
وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ
*****
وقـالت لـي الأرضُ - لمـا سـألت:
أيــا أمُّ هــل تكــرهين البشــرْ?
أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح
ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ
وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ
ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ
هــو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة
ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ
فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ
ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ
ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم
لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ
فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا
ة, مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ!
*****
وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف
مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجـــرْ
ســكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم
وغنَّيْــتُ للحُــزْن حــتى ســكرْ
سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ,
لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــرْ?
فلـــم تتكـــلّم شــفاه الظــلام
ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ
وقــال لــيَ الغــابُ فــي رقَّـةٍ
مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ:
يجــئ الشــتاءُ, شــتاء الضبـاب
شــتاء الثلــوج, شــتاء المطــرْ
فينطفــئُ السِّـحرُ, سـحرُ الغصـونِ
وســحرُ الزهــورِ, وسـحرُ الثمـرْ
وســحرُ السـماءِ, الشـجيُّ, الـوديعُ
وســحرُ المـروجِ, الشـهيُّ, العطِـرْ
وتهـــوِي الغصــونُ, وأوراقُهــا
وأزهــارُ عهــدٍ حــبيبٍ نضِــرْ
وتلهــو بهـا الـريحُ فـي كـل وادٍ
ويدفنُهَــا الســيلُ, أنَّــى عــبرْ
ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ
تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ
وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ
ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ, غَــبَرْ
وذكــرى فصــولٍ, ورؤيـا حيـاةٍ
وأشــباحَ دنيــا, تلاشــتْ زُمَـرْ
معانقــةً - وهـي تحـت الضبـابِ
وتحــت الثلـوجِ, وتحـت المَـدَرْ -
لِطَيْــفِ الحيــاةِ الــذي لا يُمَــلُّ
وقلــبِ الــربيعِ الشــذيِّ الخـضِرْ
وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ
وعِطْــرِ الزهــورِ, وطَعـمِ الثمـرْ
*****
ويمشـي الزمـانُ, فتنمـو صـروفٌ
وتــذوِي صــروفٌ, وتحيـا أُخَـرْ
وتُصبِـــحُ أحلامُهـــا يقظَـــةً
مُوَشَّـــحةً بغمـــوضِ السَّــحَرْ
تُســائل: أيــن ضبـابُ الصبـاحِ
وسِــحْرُ المسـاء? وضـوء القمـرْ?
وأســرابُ ذاك الفَــراشِ الأنيــق?
ونحــلٌ يغنِّــي, وغيــمٌ يمــرْ?
وأيـــن الأشـــعَّةُ والكائنــاتُ?
وأيــن الحيــاةُ التــي أنتظــرْ?
ظمِئـتُ إلـى النـور, فـوق الغصونِ!
ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ!
ظمِئـتُ إلـى النَّبْـعِ, بيـن المـروجِ
يغنِّــي, ويــرقص فـوقَ الزّهَـرْ!
ظمِئــتُ إلــى نَغَمــاتِ الطيـورِ
وهَمْسِ النّســيمِ, ولحــنِ المطــرْ
ظمِئـتُ إلـى الكـونِ! أيـن الوجـودُ
وأنَّـــى أرى العــالَمَ المنتظــرْ?
هـو الكـونُ, خـلف سُـباتِ الجـمودِ
وفـــي أُفــقِ اليقظــاتِ الكُــبَرْ
*****
ومـــا هــو إلا كخــفقِ الجنــا
حِ حــتى نمــا شــوقُها وانتصـرْ
فصَـــدّعت الأرضَ مــن فوقهــا
وأبْصــرتِ الكـونَ عـذبَ الصُّـوَرْ
وجـــاء الـــربيعُ, بأنغامِـــه
وأحلامِـــه, وصِبـــاه العطِــرْ
وقبَّلهـــا قُبَـــلاً فــي الشــفاهِ
تعيــدُ الشــبابَ الــذي قـد غَـبَرْ
وقــال لهــا: قـد مُنِحْـتِ الحيـاةَ
وخُــلِّدْتِ فــي نســلكِ المُدّخَــرْ
وبـــاركَكِ النُّـــورُ, فاســتقبلي
شــبابَ الحيــاةِ وخِــصْبَ العُمـرْ
ومَــن تعبــدُ النــورَ أحلامُــه
يُبَارِكُـــهُ النّــورُ أنّــى ظهــرْ
إليــكِ الفضــاءَ, إليــكِ الضيـاءَ
إليــك الــثرى, الحـالمَ, المزدهـرْ!
إليــكِ الجمــالَ الــذي لا يَبيــدُ!
إليــكِ الوجـودَ, الرحـيبَ, النضِـرْ!
فميـدي - كمـا شئتِ - فوق الحقولِ
بحــلوِ الثمــارِ وغــضِّ الزّهَــرْ
ونــاجي النســيمَ, ونـاجي الغيـومَ
ونــاجي النجــومَ, ونـاجي القمـرْ
ونـــاجي الحيـــاةَ وأشــواقَها
وفتنــةَ هــذا الوجــود الأغــرْ
*****
وشـفَّ الدجـى عـن جمـالٍ عميـقٍ
يشُــبُّ الخيــالَ, ويُــذكي الفِكَـرْ
ومُــدّ عـلى الكـون سِـحرٌ غـريبٌ
يُصَرّفــــه ســـاحرٌ مقتـــدرْ
وضـاءت شـموعُ النجـومِ الوِضـاءِ
وضــاع البَخُــورُ, بخـورُ الزّهَـرْ
ورفــرف روحٌ, غــريبُ الجمـال
بأجنحــةٍ مــن ضيــاء القمــرْ
ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ
سُ فــي هيكـلٍ, حـالمٍ, قـد سُـحِرْ
وأعْلِــنَ فــي الكـون: أنّ الطمـوحَ
لهيـــبُ الحيــاةِ, ورُوحُ الظفَــرْ
إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ
فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر

نــجــم
17-04-2011, 12:52 PM
إذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كان شوقُهُ


إذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كان شوقُهُ
صغيراً، فلم يتعبْ، ولم يتجشَّم
ومَنْ كان جبَّارَ المطامِعِ لم يَزلْ
يلاقي من الدّنيا ضراوة َ قشعمِ

نــجــم
17-04-2011, 12:52 PM
إن هذه الحياة َ قيثارة ُ الله


إن هذه الحياة َ قيثارة ُ الله،
وَأَهْلُ الحَيَاة ِ مِثْلُ اللُّحُونِ
نَغَمٌ يَسْتَبي المشاعر كالسحرِ،
وصوتٌ يُخلُّ بالتَّلحينِ

نــجــم
17-04-2011, 12:52 PM
إني ارى َ..، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة


إني ارى َ..، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة ً
لكنّها تحيا بِلاَ ألْبابِ
يَدْوِي حوالَيْها الزَّمانُ، كأنَّما
يدوي حوالَي جندلٍ وترابِ
وإذا استجَابُوا للزمانِ تَنَاكروا
وَتَرَاشَقُوا بالشَّوكِ والأحْصَابِ
وقضَوا على رُوح الأخوَّة ِ بينهم
جَهلاً وعاشُوا عِشية َ الأَغرابِ
فرِحتْ بهم غولُ التّعاسة ِ والفَنَا
وَمَطَامِعُ السّلاَّب والغَلاّبِ
لُعَبٌ، تُحرِّكُها المَطامعُ، واللّهى
وصَغائِرُ الأحقادِ والآرابِ
وأرى نفوساً، مِنْ دُخانٍ، جامدٍ
مَيْتٍ، كأشباحٍ، وراءَ ضَبَابِ
مَوتى ، نَسُوا شَوقَ الحياة ِ وعزمَها
وتحرَّوا كتحرُّكِ الأنصابِ
وخبَا بهمْ لَهَبُ الوجودِ، فما بقُوا
إلاَّ كمحترِقٍ من الأخشابِ
لا قلبَ يقتحمُ الحياة َ، ولا حِجَى ً
يسمُو سُمُوَّ الطَّائر الجوَّابِ
بلْ في اليرابِ المَيتِ، في حَزن الثَّرى
تنمو مَشَاعِرُهُمْ مع الأَعشابِ
وتموتُ خاملة ً، كَزَهرٍ بائسٍ
ينمو ويذبُل في ظَلامِ الغَابِ
أبداً تُحدِّقُ في التراب..، ولا تَرَى
نورَ السماءِ..، فروحُها كتُرابِ..!
الشَّاعرُ الموهوبُ يَهْرِق فنَّه
هدراً على الأَقْدامِ والأَعْتابِ
ويعيشُ في كونٍ، عقيمٍ، ميِّتٍ
قَدْ شيَّدتْهُ غباوة ُ الأَحقَابِ
والعاِلِمُ النِّحريرُ يُنفقُ عُمره
في فهمِ ألفاظٍ، ودرسٍ كيابٍ
يَحيا على رِمَمِ القديم المُجتَوَى
كالدُّود في حِمَمِ الرَّماد الخابي
والشَّعبُ بينهما قطيعٌ، ضَائعٌ
دُنياه دنيا مأكلٍ وشرابِ
الوَيلُ للحسَّاسِ في دُنياهمُ
ماذا يُلاقي من أَسَى ّ وعَذِابِ!

نــجــم
17-04-2011, 12:53 PM
إنَّ الحياة َ صِراعٌ


إنَّ الحياة َ صِراعٌ
فيها الضّعيفُ يُداسْ
ما فَازَ في ماضِغيها
إلا شديدُ المراسْ
للخِبِّ فيها شجونٌ
فَكُنْ فتى الإحتراسْ
الكونُ كونُ شفاءٍ
الكونُ كونُ التباسْ
الكونُ كونُ اختلاقٍ
وضجّة ٌ واختلاسْ
السرور،
والابتئاسْ
بين النوائبِ بونٌ
للنّاس فيه مزايا
البعضُ لم يدرِ إلا
البِلى ينادي البلايا
والبعضُ مَا ذَاقَ منها
سوى حقيرِ الرزايا
إنَّ الحياة َ سُبَاتٌ
سينقضي بالمنايا
فإن تيقّظَ كانتْ
بين الجفون بقايا
كلُّ البلايا...جميعاً
تفْنى ويحْيا السلامْ!
والذلُّ سبُّهُ عارٍ
لا يرتضيهِ الكِرامْ!
الفجر يسطع بعد الدّ
جى ، ويأتي الضِّياءْ
ويرقُدُ اللَّيْلُ قَسْراً
على مِهَادِ العَفَاءْ
وللشّعوب حياة ٌ
حِينا وحِينا فَنَاءْ
واليأْسُ موتٌ ولكنْ
موتٌ يثيرُ الشّقاءْ
والجِدُّ للشَّعْبِ روحٌ
تُوحِي إليهِ الهَناءْ
فإن تولَّتْ تصدَّت
حَيَاتُهُ لِلبَلاءْ

نــجــم
17-04-2011, 12:53 PM
الأمُّ تلثُمُ طفلَها، وتضـمُّه


الأمُّ تلثُمُ طفلَها، وتضـمُّه
حرَمٌ، سماويُّ الجمالِ، مقدَّسُ
تتألّه الأفكارُ، وهْي جوارَه
وتعودُ طاهرة ً هناكَ الأنفُسُ
حَرَمُ الحياة ِ بِطُهْرِها وَحَنَانِها
هل فوقَهُ حرَمٌ أجلُّ وأقدسُ؟

نــجــم
17-04-2011, 12:53 PM
الحُبُّ شُعْلَة ُ نُورٍ ساحرٍ، هَبَطَتْ


الحُبُّ شُعْلَة ُ نُورٍ ساحرٍ، هَبَطَتْ
منَ السَّماءِ، فكانتْ ساطعَ الفَلَقِ
وَمَزّقتْ عَن جفونِ الدَّهْرِ أَغْشِيَة ً
وعن وجوه الليالي بُرقُعَ الغسقِ
الحبُّ رُوحُ إلهيٌّ، مجنّحة ٌ
أيامُه بضياء الفجر والشّفقِ
يطوفُ في هذهِ الدُّنيا، فَيَجْعَلُها
نجْماً، جميلاً، ضحوكاً، جِدَّ مؤتلقِ
لولاهُ ما سُمِعتْ في الكون أغنية ٌ
ولا تألف في الدنيا بَنْو أُفْقِ
الحبُّ جَدْولٌ خمرٍ، مَنْ تَذَوَّقَهُ
خاضَ الجحيمَ، ولم يُشْفِق من الحرقِ
الحبُّ غاية ُ آمالِ الحياة ِ، فما
خوْفِي إذا ضَمَّني قبرٌ؟ وما فَرَقِي؟

نــجــم
17-04-2011, 12:53 PM
بيْتٌ، بَنَتْه ليَ الحياة ُ من الشذَى


بيْتٌ، بَنَتْه ليَ الحياة ُ من الشذَى ،
والظلّ، والأَضْواءِ، والأنغامِ
بيتٌ، من السِّحرِ الجميلِ، مشَيَدٌ
للحبِّ، والأحلامِ، والالهامِ
في الغابِ سِحْرٌ، رائعٌ متجدِّدٌ
باقٍ على الأَيامِ والأعْوامِ
وشذًى كأجنحة الملائكِ، غامضٌ
سَاهٍ يُرفرف في سُكونٍ سَامِ
وجداولٌ، تشْدو بمعسول الغِنا
وتسيرُ حالمة ً، بغيرِ نِظَامِ
ومخارفٌ نَسَجَ الزمانُ بساطَها
من يابسِ الأوراقِ والأكمامِ
وَحَنَا عليها الدّوّحُ، في جَبَرُوتِهِ
بالظلِّ، والأغصان والنسام
في الغاب، في تلك المخارف، والرُّبى ،
وعلى التِّلاع الخُضرِ، والآجامِ
كم من مشاعرِ، حلْة ٍ، مجْهولة ٍ
سَكْرَى ، ومِنْ فِكَرٍ، ومن أوهامِ
غَنَّتْ كأسرابِ الطُّيورِ، ورفرفت
حولي، وذابتْ كالدّخان، أمامي
ولَكَمْ أَصَخْتُ إلى أناشيد الأسى
وتنهُّدِ الآلام والأسقامِ
وإلى الرياحِ النائحاتِ كأنّها
في الغاب تبكي ميِّت الأيَّامِ
وإلَى الشبابِ، مُغَنَّياً، مُتَرَنِّماً
حوْلي بألحان الغَرامِ الظَّامي
وسمعتُ للطير، المغرِّد في الفضا
والسِّنديانِ، الشامخ، المتَسامي
وإلى أناشيد الرّعاة ِ، مُرِفَّة ً
في الغاب، شَادية ً كسِرْبِ يَمامِ
وإلى الصّدى ، المِمراح، يهتفُ راقصاً
بين الفِجَاجِ الفيحِ والآكامِ
حتى غَدَا قلبي كنَايٍ، مُترَع
ثَمِلٍ من الألحان والنغامِ
فَشَدَوْتُ باللَّحنِ الغَريب مجنَّحاً
بكآبة ِ الأحلامِ والآلامِ
في الغاب، دنيا للخيال، وللرُّؤى ،
والشِّعرِ، والتفكيرِ، والأحلامِ
لله يومَ مضيتُ أوّلَ مرّة ٍ
للغابِ، أرزحُ تحت عبءِ سَقامي
ودخَلتُه وحدي، وحوْلي موكبٌ
هَزِجٌ، من الأحلامِ والأوهامِ
ومشيْتُ تحت ظِلاله مُتَهَيِّباً
كالطفل، في صضمتٍ، وفي استسلامِ
أرنو إلى الأّدْوَاحِ، في جبروتها
فإخَالُها عَمَدَ السَّماءِ، أمامي
قَد مسَّها سِحْرُ الحياة ، فأوْرَقَتْ
وتَمَايَلَتْ في جَنَّة ِ الأحلامِ
وأُصِيخُ للصّمتِ المفكّر، هاتِفاً
في مِسْمعي بغرائب الأنغامِ
فإذا أنا في نَشْوَة ٍ شعرّية ٍ
فَيَّاضة ٍ بالوحي والإلهامِ
وَسْنَى كيقظة ِ آدَمٍ لمَّا سَرَى
في جسمه، رُوحُ الحياة ِ النّامي
وشَجَتْه مْوسيقى الوجودِ، وعانـ
ـقتُ أحلامَهُ، في رِقّة ٍ وسلامِ
ورأى الفَراديسَ، الأَنيقة َ، تنثني
في مُتْرَفِ الأزهار والكمامِ
ورأى الملائكَ، كالأشعَّة في الفَضَا
تنسابُ سابحة ً، بغير نظامِ
وأحسّ رُوحَ الكون تخفقُ حوله
في الظِّلِّ، والأضواءِ، والأنسامِ
والكائناتِ، تحوطُهُ بِحَنَانها
وبحبِّها، الرَّحْبِ، العميقِ، الطَّامي
حتى تملأَ بالحياة كِانُه
وسَعى وراءَ مواكبِ الأيامِ
ولَرُبَّ صُبْحٍ غائمٍ، مُتَحجِّبٍ
في كِلَّة ٍ من زَعْزَعٍ وغَمامِ
تتنفَّسُ الدُّنيا ضَباباً، هائماً
مُتدفِّعاً في أفْقه المُترامي
والرِّيحُ تخفقُ في الفضاءِ، وفي الثَّرى
وعلى الجبال الشُّمِّ، والآكام
باكَرْتُ فيه الغابَ، مَوْهُونَ القُوى َ
متخاذِلَ الخُطُواتِ والأَقدامِ
وجلستُ تحتَ السّنديانة ِ، واجماً
أرنو إلى الأفُق الكئيب، أمامي
فأرى المبانيَ في الضباب، كأنها
فِكْرٌ، بأرضِ الشَّكِّ والإبهامِ
أو عَالَمٌ، ما زال يولَدُ في فضا
الكونِ، بين غياهبٍ وسِدامِ
وأرى الفجاجَ الدامساتِ، خلالَه
ومشاهدَ الوديان والآجامَ
فكأنها شُعَبُ الجحيم، رهيبة ُ
ملفوفَة في غُبشة ٍ وظَلامِ
صُوَرٌ، من الفنِّ المُرَوِّعِ، أعجزت
وَحْيَ القريضِ وريشة َ الرسّامِ
وَلَكَمْ مَسَاءٍ، حَالمٍ متوَشِّحٍ
بالظّلِ، والضّوءِ الحزين الدامي
قدْ سِرْتُ في غابي، كَفِكرٍ، هَائمٍ
في نشوة ِ الأحلام والإلهامِ
شَعَري، وأفكاري، وكُلُّ مشاعري
منشورة ٌ للنُّور والأنسام
والأفق يزخَرُ بالأشعَّة ِ والشَّذَى
والأرضُ بِالأعشابِ والأكمامِ
والغابُ ساجٍ، والحياة ُ مصيخة ٌ
والأفقُ، والشفقُ الجميلُ، أمامي
وعروسُ أحلامي تُداعبُ عُودَها
فيَرنُّ قلبي بالصَّدَى وعِظامي
روحٌ أنا، مَسْحُورة ٌ، في عَالمٍ
فوق الزمان الزّاخر الدَّوَّامِ
في الغابِ، في الغابِ الحبيبِ، وإنَّه
حَرَمُ الطَّبيعة ِ والجمالِ السَّامي
طَهَّرْتُ فينار الجمال مشاعِري
ولقِيتُ في دنيا الخيال سَلامي
ونسيتُ دنيا النّاس، فهي سخافة ٌ
سَكْرَى من الأَوهامِ والآثامِ
وَقَبسْتُ من عَطْفِ الوجود وحُبِّه
وجمالهِ قبساً، أضاءَ ظلامي
فرأيتُ ألوانَ الحياة ِ نضيرة ً
كنضارة ِ الزّهرِ الجميلِ النّامي
ووجدتُ سحْرَ الكون أسمى عنصراً
وأجلَّ من حزني ومن آلامي
فأهَبْتُ ـ مسحورَ المشاعر، حالماً
نشوانَ ـ بالقلب الكئيب الدّامي:
"المعبدُ الحيُّ المقدَّسُ هاهنا
يا كاهنَ الأحزان والآلامِ
«فاخلعْ مُسُوحَ الحزنِ تحت ظِلالِهِ
والبسْ رِدَاءَ الشِّعرِ والأَحلامِ»
«وارفعْ صَلاَتكَ للجمالِ، عَميقة ً
مشبوبة ً بحرارة الإلهامِ
واصدحْ بألحان الحياة ، جميلة ً
كجمال هذا العالم البسَّامِ
واخفقْ مع العِطْر المرفرفِ في الفضا
وارقصْ مع الأضواء والأنسامِ
وَذَرَوْتُ أفكاري الحزِينة َ للدّجى
ونَثَرْتُها لِعَواصِفِ الأَيَّامِ
ومَضَيْتُ أشدُو للأشعَّة ِ ساحراً
من صوت أحزاني، وبطش سقامي
وهتفتُ: "ياروحَ الجمالِ تدَفَّقِي
كالنَّهرِ في فِكرِي، وفي أحْلامي»
وتغلغلي كالنّور، في رُوحي التي
ذَبُلتْ من الأحزان والآلامِ
أنتِ الشعورُ الحيُّ يزخرُ دافقاً
كالنّار، في روح الوجودِ النَّامي»
ويصوغ أحلامَ الطبيعة ِ، فاجعـ
ـلي عُمري نشيداً، ساحِرَ الأتغامِ
«وشذًى يَضُوعُ مع الأشعَّة ِ والرُّؤى
في معبد الحق الجليل السامي"

نــجــم
17-04-2011, 12:53 PM
تَبَرَّمْتَ بالعيشِ خوفَ الفناءِ


تَبَرَّمْتَ بالعيشِ خوفَ الفناءِ
ولو دُمْتَ حيَّا سَئمتَ الخلودْ
وَعِشْتَ على الأرضِ مثل الجبال
جليلاً، غريباً، وَحيد
فَلَمْ تَرتشفْ من رُضابِ الحياة
ولم تصطبحْ منْ رحيقِ الوُجود
ولم تدرِ ما فتنة ُ الكائناتِ
وما سحْرُ ذاكَ الربيعِ الوَليد
وما نشوة ُ الحبّ عندَ المحبِّ
وما صرخة ُ القلبِ عندَ الصّدودْ
ولم تفتكرْ بالغدِ المسترابِ
ولم تحتفل بالمرامِ البعيدْ
وماذا يُرجِّي ربيبُ الخلودِ
من الكون-وهو المقيمُ العهيد-؟
وماذا يودُّ وماذا يخافُ
من الكونِ-وهو المقيمُ الأبيد-؟
تأمَّلْ..، فإنّ نِظامَ الحياة ِ
نظامُ، دقيقٌ، بديعٌ، فريد
فما حبَّبَ العيشَ إلاّ الفناءُ
ولا زانَهُ غيرُ خوْفِ اللحُود
ولولا شقاءُ الحياة ِ الأليمِ
لما أدركَ النَّاسُ معنى السُّعودْ
ومن لم يرُعْه قطوبُ الديَاجيرِ
لَمْ يغتبطْ بالصّباح الجديدْ

نــجــم
17-04-2011, 12:54 PM
تَرجُو السَّعادة َ يا قلبي ولو وُجِدَتْ


تَرجُو السَّعادة َ يا قلبي ولو وُجِدَتْ
في الكون لم يشتعلْ حُزنٌ ولا أَلَمُ
ولا استحالت حياة ُ الناس أجمعها
وزُلزلتْ هاتِهِ الأكوانُ والنُّظمُ
فما السَّعادة في الدُّنيا سوى حُلُمٍ
ناءٍ تُضَحِّي له أيَّامَهَا الأُمَمُ
ناجت به النّاسَ أوهامٌ معربدة ٌ
لمَّا تغَشَّتْهُمُ الأَحْلاَمُ والظُّلَمُ
فَهَبَّ كلٌ يُناديهِ وينْشُدُهُ
كأنّما النَّاسُ ما ناموا ولا حلُمُوا
خُذِ الحياة َ كما جاءتكَ مبتسماً
في كفِّها الغارُ، أو في كفِّها العدمُ
وارقصْ على الوَرِد والأشواكِ متَّئِداً
غنَّتْ لكَ الطَّيرُ، أو غنَّت لكَ الرُّجُمُ
وأعمى كما تأمرُ الدنيّا بلا مضضٍ
والجم شعورك فيها، إنها صنمُ
فمن تآلّم لن ترحم مضاضتهُ
وَمَنْ تجلّدَ لم تَهْزأ به القمَمُ
هذي سعادة ُ دنيانا، فكن رجلاً
ـ إن شئْتَها ـ أَبَدَ الآباد يَبْتَسِمُ!
وإن أردت قضاء العيشِ في دعَة ٍ
شعريّة ٍ لا يغشّي صفوها ندمُ
فاتركْ إلى النّاس دنياهمْ وضجَّتهُمْ
وما بنوا لِنِظامِ العيشِ أو رَسَموا
واجعلْ حياتكَ دوحاً مُزْهراً نَضِراً
في عُزْلَة ِ الغابِ ينمو ثُمّ ينعدمُ
واجعل لياليك أحلاماً مُغَرِّدة ً
إنَّ الحياة َ وما تدوي به حُلُمُ

نــجــم
17-04-2011, 12:54 PM
تُسائلني مالي سكتُّ، ولا أُهِبْ


تُسائلني: مالي سكتُّ، ولا أُهِبْ
بقومي، وديجورُ المصائبِ مُظْلِمُ»
«وَسَيْلُ الرَّزايا جَارفٌ، متدفّعٌ
عضوبٌ، وجه الدّهر أربدُ، أقتمُ؟
سَكَتُّ، وقد كانت قناتيَ غضَّة ً
تصيحُ إلى همس النسَّيم، وتحلمُ
وقلتُ، وقد أصغتْ إلى الرّيحِ مرّة ً
فجاش بها إعصارهُ المتهزِّمُ
وقلتُ وقد جاش القَريضُ بخاطري
كما جاش صخَّابُ الأواذيِّ، أسْحَمُ:
أرى المجدَ معصوب الجبين مُجدَّلاًً
على حَسَكِ الآلم، يغمرهُ الدَّمُ
وقد كان وضَّاحَ الأساريرَ، باسماً
يهبُّ إلى الجلَّى ، ولا يَتَبَرّمُ»
فيا إيها الظلمُ المصَّعرُ حدَّه
يرويدكَ! إن الدّهر يبني ويهدمُ
سيثارُ للعز المحطَّم تاجه
رجالٌ، إذا جاش الرِّدى فهمُ هُمُ
رجالٌ يرون الذَُلَّ عاراً وسبَّة ً
ولا يرهبون الموت، والموتُ مقدمُ
وهل تعتلي إلا نفوسٌ أبيِّة ٌ
تصدَّع أغلالَ الهوانِ، وتَحطِمُ»

نــجــم
17-04-2011, 12:54 PM
خلقنا لنبلغَ شَأوَ الكمالِ


خلقنا لنبلغَ شَأوَ الكمالِ
وَنُصبحَ أهلاً لمجدِ الخُلُودْ
وتطهرُ أرواحنا في الحياة
بنار الأسى ......
وَنَكْسَبَ من عَثَراتِ الطَّريقِ
قُوى ً، لا تُهُدُّ بدأبِ الصّعود
ومجداً، يكون لنا في الخلود
أكاليلَ من رائعاتِ الورود

نــجــم
17-04-2011, 12:54 PM
راعها منهُ صَمتُه ووجُومُه


راعها منهُ صَمتُه ووجُومُه
وشجاها شكوبهُ وسُهُومهُ
فأمَرَّتْ كفَّا على شَعْره العا
ري برفقٍ، كأنَّها ستُنِيمُهْ
وأطلّتْ بوجهها الباسمِ الحلْـ
ـوِ على خدِّه وقالتْ تَلُومُهْ:
"أيّها الطائرُ الكئيب تَغَرَّد
إنّ شَدْوَ الطُّيورِ حلوٌ رَخِيمُهْ»
وأجبني- فدتكَ نفسي- ماذا؟
أَمُصَابٌ؟ أَمْ ذاك أمرٌ ترومُهْ؟»
«بل هو الفنُّ واكتئابُه، والفنَّـ
ـجمٌّ أحزانهُ وهمومُهُ
«أبداً يحملُ الوجودَ بما فيـ
ـه كأنْ ليسَ للوجودِ زعيمُهْ:»
خلِّ عبءَ الحياة عنك، وهيَّا
بمحيّاً، كالصّبح، طلْقٍ أديمُه
«فَكثيرٌ عليكَ أن تحْمل الدّنـ
ـيا وتمشي بِوقْرِها لا تَريمُهْ»
«والوجودُ العظيم أُقْعِدَ في الما
ضي وما أنتَ رَبُّهُ فَتُقِيمُهْ»
وامشِ في روضة ِ الشباب طروباً
فحواليكَ وَرْدُهُ وَكُرومُهْ»
«واتلُ للحُبِّ والحياة ِ أغانيـ
ـكَ وَخلِّ الشَّقاءَ تدمَى كُلُومُهْ»
واحتضنَّي، فإنني لكَ، حتّى
يتوارى هذا الدُّجَى ونجومُهْ»
ودعِ الحُبّ يُنشدُ الشعر لِلّيل،
فكم يُسكر الظلامَ رنيمهُ...
واقطفِ الورد من خدودي، وَ
نُهودي..، وافْعَلْ بِهِ ما تَرُومُهْ»
إنِ للبيت لهوة َ، الناعمَ الحلوَ،
وللكونِ حربُه وهمومُهُ
والاتشفْ من فمي الأناشيدَ شكرى َ
فالهوى ساحرُ الدلالِ، وسَيمُه
وانسَ فَيَّ الحياة َ..، فالعمرُ قفرٌ
مرعبٌ، إنْ ذوى وجفَّ نعيمَه
وارمِ لِلّيل، والضّبابِ، بعيداً
فَنَّكَ العَابسَ، الكثيرَ وُجومهْ»
فالهوى ، والشبابُ، والمرحُ، المعـ
ـسولُ تشدو أفنانُهُ ونسيمهُ
«هي فنُّ الحياة ، يا شاعري الفنّا
بل لُبُّ فنّها وصميمهُ
«تلك يا فيلسوفُ، فلسفة ُ الكوْ
ن، ووَحيُ الوجودِ هذا قديمهُ
وهي إنجيليَ الجميلُ، فصدُّقـ
ـه وإلاّ..، فلِلغرامِ جَحِيمُهْ..»
فرماها بنظرة ٍ، غشيتُها
سَكْرة ُ الحبِّ، والأسى وغيومُهْ
وتلاهى ببسمة ٍ، رشفتها
منهُ سَكْرَانة ُ الشَّبابِ، رؤومُهْ
والتقتْ عندها الشفّاهُ..، وغنَّت
قُبلٌ أجفلت لديها همومه
مَا تريدُ الهُمومُ من عالَمٍ، ضَا
مسراتهُّ، وغنّت نجومه؟
ليلة ٌ أسبلَ الغرامُ عليها
سحرهُ، الناعمة الطريرَ نعيمَهُ
وتغنَّى في ظلها الفرحُ اللا
هي فَجَفَّ الأسى وَخَرّ هَشِيمُهْ
أَغْرَقَ الفيلسوفُ فلسفة َ الأحـ
ـزان في بحرها..، فَمَنْ ذا يلومُهْ
إنَّ في المرأة ِ الجميلة ِ سِحْراً
عبقريَّاً، يذكي الأسى ، وينيمهُ

نــجــم
17-04-2011, 12:55 PM
رَفْرَفَتْ فِي دُجْيَة ِ اللَّيْلِ الحَزِينْ


رَفْرَفَتْ فِي دُجْيَة ِ اللَّيْلِ الحَزِينْ
زُمرة ُ الأحلامْ
فَوْقَ سِرْبٍ مِنْ غَمَامَاتِ الشُّجُونْ
مِلْؤُهَاالآلامْ
شَخَصَتْ، لَمَّا رَأَتْ، عَيْنُ النُّجُومْ
بَعْثَة َ العُشَّاقْ
وَرَمَتْهَا مِنْ سَمَاها بِرُجُومْ
تسكبُ الأحراق
كنت إذْ ذَاك على ثَوْبِ السكون
أنثرُ الأَحزانْ
وَالهَوى يَسْكُبُ أَصْدَاءَ المَنُونْ
في فؤادٍ فانْ
سَاكِتاً مِثْلَ جَميعِ الكَائِناتْ
راكدَ الألحانْ
هائمٌ قلبي بأعماقِ الحياة
تائهٌ، حيرانْ
إنَّ للحبِّ عَلى النَّاسِ يَدا
تقصفُ الأعمارْ
وَلَهُ فَجْرٌ على طُولِ المدى
سَاطِعُ الأَنْوَارْ
ثورة ُ الشّر، وأحلامُ السّلام،
وجمالُ النّور
وابتسامُ الفَجْرِ في حُزْنِ الظَّلامْ،
في العيونِ الحُورْ

نــجــم
17-04-2011, 12:55 PM
سَئِمْتُ الحياة َ، وما في الحياة


سَئِمْتُ الحياة َ، وما في الحياة ِ
وما أن تجاوزتُ فجرَ الشَّبابْ
سَئِمتُ اللَّيالي، وَأَوجَاعَها
وما شَعْشَعتْ مَنْ رَحيقِ بصابْ
فَحَطّمتُ كَأسي، وَأَلقَيتُها
بِوَادي الأَسى وَجَحِيمِ العَذَابْ
فأنَّت، وقد غمرتها الدموعُ
وَقَرّتْ، وَقَدْ فَاضَ مِنْهَا الحَبَابْ
وَأَلقى عَلَيها الأَسَى ثَوْبَهُ
وَأقبرَها الصَّمْتُ والإكْتِئَابْ
فَأَينَ الأَمَانِي وَأَلْحَانُها؟
وأَينَ الكؤوسُ؟ وَأَينَ الشَّرابْ
لَقَدْ سَحَقَتْها أكفُّ الظَّلاَمِ
وَقَدْ رَشَفَتْها شِفَاهُ السَّرابْ
فَمَا العَيْشُ فِي حَوْمة ٍ بَأْسُهَا
شديدٌ، وصدَّاحُها لا يُجابْ
كئيبٌ، وحيدٌ بآلامِه
وأَحْلامِهِ، شَدْوُهُ الانْتحَابْ
ذَوَتْ في الرَّبيعِ أَزَاهِيرُهَا
فنِمْنَ، وقَد مصَّهُنَّ التّرابْ
لَوينَ النَّحورَ على ذِلَّة ٍ
ومُتنَ، وأَحلامَهنَّ العِذابْ
فَحَالَ الجَمَالُ، وَغَاضَ العبيرُ
وأذوى الرَّدى سِحرَهُنَّ العُجابْ

نــجــم
17-04-2011, 12:55 PM
شعري نُفَاثة صدري


شعري نُفَاثة صدري
إنْ جَاشَ فِيه شُعوري
لولاه ما أنجاب عنّي
غَيْمُ الحياة ِ الخطيرِ
ولا وجدتَ أكتئابي
ولا وجدت سروري
بِهِ تَراني حزيناً
أبكي بدمعٍ غزيرِ
به تراني طروباً
أجرّ ذيلَ خُبوري
لا أنظمُ الشعرَ أرجو
به رضاءَ الأمير
بِمِدْحَة ٍ أو رثاءٍ
تُهْدَى لربّ السريرِ
حسْبي إذا قلتُ شعراً
أن يرتضيهِ ضَميري
مالشعرُ إلا فضاءٌ
يَرفُّ فيه مَقالي
فيما يَسُرُّ بلادي
وما يسرُّ المعالي
وما يُثِيرُ شُعوري
من خافقاتِ خيالي
لا أقرضُ الشعرَ أبغي
به اقتناصَ نَوال
الشِّعرُ إنْ لمْ يكنْ في
جمالِهِ ذَا جَلالِ
فإنَّما هُوَ طيفٌ
يَسْعَى بوادي الظِّلال
يقضي الحياة َ طريداً
في ذِلّة ، واعتزال
يا شعرُ! أنت مِلاكي
وطارِفِي، وتِلادي
أنا إليكَ مُرادٌ
وأنتَ نِعْمَ مُرادي
قِف، لا تَدَعْني وحيداً
ولا أدعك تنادي
فَهَلْ وجدتَ حُساماً
يُناط دون نجادِ
كَمْ حَطَّمَ الدَّهْرُ
ذا هِمَّة ٍ كثيرَ الرّمادِ
ألقاه تَحْتَ نعالٍ
من ذِلَّة وحِدادِ
رِفقاً بأَهْلِ بلادي!
يا منجنون العَوادي!

نــجــم
17-04-2011, 12:56 PM
صلوات في هيكل الحب


عذْبة ٌ أنتِ كالطّفولة ِ، كالأحلامِ
كاللّحنِ، كالصباحِ الجديدِ
كالسَّماء الضَّحُوكِ كالليلة ِ القمراءِ
كالورد، كابتسام الوليدِ
يا لها من وَداعة ٍ وجمالٍ
وشبابٍ مُنَعَّم أمْلُودِ!
يا لها من طهارة ٍ، تبعثُ التقديـ
ـسَ في مهجة الشَّقيِّ العنيدِ!..
يالها رقَّة ً تكادُ يَرفُّ الوَرْ
دُ منها في الصخْرة ِ الجُلْمُودِ!
أيُّ شيء تُراكِ؟ هلى أنتِ "فينيسُ"
تَهادتْ بين الورى مِنْ جديدِ
لتُعيدَ الشَّبابَ والفرحَ المعسولَ
للْعالم التعيسِ العميدِ!
أم ملاكُ الفردوس جاء إلى الأر
ضِ ليُحييِ روحَ السَّلامِ العهيدِ!
أنتِ..، ما أنتِ؟ أنتِ رسمٌ جميلٌ
عبقريٌّ من فنِّ هذا الوجودِ
فيكِ ما فيه من غموضٍ وعُمقٍ
وجمالٍ مُقَدِّسٍ معبودِ
أنتِ.. ما أنتِ؟ أنتِ فَجْرٌ من السّحرِ
تجلّى لقلبيَ المعمودِ
فأراه الحياة َ في مونِق الحسن
وجلّى له خفايا الخلودِ
أنتِ روحُ الرَّبيعِ، تختالُ فـ
ـالدنيا فتهتزُّ رائعاتُ الورودِ
وتهبُّ الحياة سكرى من العِطْر
ويدْوي الوجودُ بالتَّغْريدِ
كلما أبْصَرَتْكِ عينايَ تمشين
بخطوٍ موقَّعٍ كالنشيدِ
خَفَقَ القلبُ للحياة ، ورفّ الزّهـ
ـرُ في حقل عمريَ المجرودِ
وأنتشتْ روحي الكئيبة ُ بالحبِّ
وغنتْ كالبلبل الغرِّيدِ
أنتِ تُحِيينَ في فؤادي ما قد
ماتَ في أمسي السعيدِ الفقيدِ
وَتُشِيدينَ في خرائبِ روحي
ما تلاشى في عهديَ المجدودِ
من طموحِ إلى الجمالِ إلى الفنِّ،
إلى ذلك الفضاءِ البعيدِ
وتَبُثِّين رقّة َ الشوق، والأحلامِ
والشّدوِ، والهوى ، في نشيدي
بعد أن عانقتُ كآبة ُ أيَّامي
فؤادي، وألجمتْ تغريدي
أنت أنشودة ُ الأناشيد، غناكِ
إله الغناءِ، ربُّ القصيدِ
فيكِ شبّ الشَّبابُ، وشَّحهُ السِّحْرُ
وشدوُ الهوى ، وَعِطْرُ الورودِ
وتراءى الجمالُ، يَرْقُصَ رقصاً
قُدُسيَّا، على أغاني الوجودِ
وتهادتْ في لإُفْقِ روحِكِ أوْزانُ
الأغَاني، وَرِقّة ُ التّغريدِ
فَتَمايلتِ في الوجود، كلحنٍ
عبقريِّ الخيالِ حلوِ النشيدِ:
خطواتٌ، سكرانة ُ بالأناشيد،
وصوتٌ، كرجْع ناي بعيدِ
وَقوامٌ، يَكَادُ يَنْطُقُ بالألحان
في كلِّ وقفة ٍ وقعودِ
كلُّ شيءٍ موقَعٌ فيكِ، حتّى
لَفْتَة ُ الجيد، واهتزازُ النهودِ
أنتِ..، أنتِ الحياة ُ، في قدْسها
السامى ، وفي سحرها الشجيِّ الفريدِ
أنتِ..، أنتِ الحياة ُ، في رقَّة ِ
الفجر في رونق الرَّبيعِ الوليدِ
أنتِ..، أنتِ الحياة ً كلَّ أوانٍ
في رُواءِ من الشباب جديدِ
أنتِ دنيا من الأناشيد والأحْلام
والسِّحْرِ والخيال المديدِ
أنتِ فوقَ الخيال، والشِّعرِ، والفنِّ
وفوْقَ النُّهَى وفوقَ الحُدودِ
أنتِ قُدْسي، ومَعبدي، وصباحي،
وربيعي، ونَشْوَتِي، وَخُلودي
يا ابنة َ النُّور، إنّني أنا وَحْدي
من رأى فيكِ رَوْعَة َ المَعْبُودِ
فدَعيني أعيشُ في ظِلّك العذْبِ
وفي قرْب حُسْنك المشهودِ
عيشة ً للجمال والفنّ والإلهام
والطُّهرْ، والسّنَى ، والسّجودِ
عيشة َ النَّاسِكِ البُتولِ يُنَاجي الرّ
بَّ في نشوَة ِ الذُّهول الشديدِ
وامنَحيني السّلامَ والفرحَ الرّو
حيَّ يا ضَوْءَ فجْريَ المنشودِ
وارحَميني، فقدْ تهدَّمتُ في كو
نٍ من اليأس والظلام مَشيدِ
أَنقذِيني من الأَسى ، فلقد
أَمْسَيتُ لا أستطيعُ حملَ وجودي
في شِعَابِ الزَّمان والموت أمشي
تحت عبءِ الحياة جَمَّ القيودِ
وأماشي الورَى ونفسيَ كالقبرِ
وقلبي كالعالم المهدودِ
ظُلْمَة ٌ، ما لها ختامٌ، وهولٌ
شائعٌ في شكونا الممدودِ
وإذا ما اسْتخفّني عَبَثُ النَّاس
تبسَّمتُ في أسَى ً وجُمُودِ
بسمة ً مُرَّة ً، كأنِّيَ أستلُّ
من الشَّوْك ذابلاتِ الورودِ
وانْفخي في مَشَاعِري مَرَحَ الدُّنيا
وشُدِّي مِنْ عزميَ المجهودِ
وابعثي في دمي الحَرارَة، عَلَّي
أتغنَّى مع المنى مِنْ جَديدِ
وأبثُّ الوُجودَ أنْغامَ قلبٍ
بُلْبُليٍّ، مُكَبَّلٍ بالحديدِ
فالصباحُ الجميلُ يُنعشُ بالدِّفءْ
حياة َ المحطَّمِ المكدودِ
أَنقذيني، فقد سئمتُ ظلامي!
أَنقذيني، فقد مللتُ ركودي
آهِ يا زَهرتي الجميلة ُ لو تَدْرِين
ما جَدَّ في فؤادي الوَحِيدِ
في فؤادي الغريبِ تُخْلَقُ أكوانٌ
من السحر ذات حسن فريد
وشموسٌ وضَّاءة ٌ ونجومٌ
تَنْثُرُ النُّورَ في فَضَاءٍ مديدِ
وربيعٌ كأنّه حُلُمُ الشّاعرِ
في سَكرة الشّباب السعيدِ
ورياضٌ لا تعرف الحَلَك الدَّاجي
ولا ثورة َ الخَريفِ العتيدِ
وَطُيورٌ سِحْرِيَّة ٌ تتناغَى
بأناشيدَ حلوة ِ التغريدِ
وقصورٌ كأَنَّها الشَّفَقُ المخضُوبُ
أو طلعة ُ الصباحِ الوليدِ
وغيومٌ رقيقة تَتَادَى
كأَباديدَ من نُثَارِ الورودِ
وحياة ٌ شعريَّة ٌ هي عندي
صورة ٌ من حياة ِ أهلِ الخلودِ
كلُّ هذا يشيدهُ سحرُ عينيكِ
وإلهامُ حسْنكِ المعبودِ
وحرامٌ عليكِ أن تَهْدمي ما
شَادهُ الحُسْنُ في الفؤاد العميدِ
وحرامٌ عليكِ أن تسْحَقي آمـ
ـالَ نفسٍ تصْبو لعيشٍ رغيدِ
منكِ ترجو سَعَادَة ً لم تجدْهَا
في حياة ِ الوَرَى وسحرِ الوجودِ
فالإلهُ العظيمُ لا يَرْجُمُ العَبْدَ
إذا كانَ في جَلالِ السّجودِ

نــجــم
17-04-2011, 12:56 PM
صَوْتُ المُسْتَذِلِّين خَافِت


يَقُولونَ: «صَوْتُ المُسْتَذِلِّين خَافِتٌ
وسمعَ طغاة الأرض "أطرشُ" أضخم
وفي صَيْحَة ِ الشَّعْبِ المُسَخَّر زَعْزَعٌ
تَخُرُّ لَهَا شُمُّ العُرُوشِ، وَتُهْدَمُ
ولعلة ُ الحقّ الغضوضِ لها صدى ً
وَدَمْدَمَة ُ الحَربِ الضَّروسِ لَهَا فمُ
إذَا التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قَوْمٌ فَإنّهُ
يُصَرِّمُ أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِمُ
لَكَ الوَيْلُ يَا صَرْحَ المَظَالمِ مِنْ غَدٍ
إذا نهضَ المستضعفونَ، وصمّموا!
إذا حَطَّمَ المُسْتَعبِدُونَ قيودَهُمْ
وصبُّوا حميمَ السُّخط أيَّان تعلمُ..!
أغَرّك أنَّ الشَّعْبَ مُغْضٍ عَلَى قَذًى
وأنّ الفضاءَ الرَّحبَ وسنانُ، مُظلمُ؟
ألاّ إنَّ أحلام البلادِ دفينة ٌ
تُجَمْجِمُ فِي أعْماقِهَا مَا تُجَمْجِمُ
ولكن سيأتي بعد لأي نشورها
وينبث اليومُ الذي يترنَّمُ
هُوَ الحقُّ يَغْفَى .. ثُمَّ يَنْهَضُ سَاخِطاً
فيهدمُ ما شادَ الظلاّمُ، ويحطمُ
غدا الرّوعِ، إن هبَّ الضعيف ببأسه،
ستعلم من منّا سيجرفه الدمُّ
إلى حيث تجنى كفَّهُ بذرَ أمسهِ
وَمُزْدَرعُ الأَوْجَاع لا بُدَّ يَنْدَمُ
ستجرعُ أوصابَ الحياة ، وتنتشي
فَتُصْغِي إلى الحَقِّ الذي يَتَكَلَّمُ
إذا ما سقاك الدهرُ من كأسِهِ التي
قُرَارَتُها صَابٌ مَرِيرٌ، وَعَلْقَمُ
إذا صعق الجبّارُ تحتَ قيوده
يُصِيخُ لأوجاعِ الحَياة ِ وَيَفْهَمُ!!

نــجــم
17-04-2011, 12:56 PM
ضحِكْنا على الماضي البعيدِ، وفي غدٍ


ضحِكْنا على الماضي البعيدِ، وفي غدٍ
ستجعلُنا الأيامُ أضحوكة َ الآتي
وتلكَ هِيَ الدُّنيا، رِوَايَة ُ ساحرٍ
عظيمٍ، غريب الفّن، مبدعِ آياتِ
يمثلها الأحياءُ في مسرح الأسى
ووسط ضبابِ الهّم، تمثيلَ أمواتِ
ليشهدَ مَنْ خَلْفَ الضَّبابِ فصولَها
وَيَضْحَكَ منها مَنْ يمثِّلُ ما ياتي
وكلٌّ يؤدِّي دَوْرَهُ..، وهو ضَاحكٌ
على الغيرِ، مُضْحُوكٌ على دوره العاتي

نــجــم
17-04-2011, 12:56 PM
ضعفُ العزيمة


ضعفُ العزيمة ِ لَحْدٌ، في سكينَتهِ
تقْضِي الحياة ُ، بَنَاهُ اليأسُ والوجَلُ
وفِي العَزِيمَة ِ قُوَّاتٌ، مُسَخَّرَة ٌ
يخِرّ دونَ مَداها اليأسُ والوجَلُ
والنّاسُ شَخْصان: ذا يسْعى به قَدَمٌ
من القُنوطِ، وذا يسعَى به الأملُ
هذا إلى الموتِ، والأجداثُ ساخرة ٌ،
وَذَا إلى المَجْدِ، والدُّنْيَا لَهُ خَوَلُ
ما كلُّ فعل يُجِلُّ النَّاسُ فَاعلَه
مجداً، فإنَّ الورى في رأَيِهم خطَلُ
ففي التماجد تمويهٌ، وشعْوذَة ٌ،
وَفِي الحَقِيقَة مَا لا يُدْرِكُ الدَّجِلُ
مَا المَجْدُ إلا ابتِسَامَاتٌ يَفِيضُ بها
فمُ الزمانْ، إذا ما انسدَّتِ الحِيَلُ
وليسَ بالمَجدْ ما تشْقى الحياة ُ به
فَيَحْسُدُ اليَوْمُ أمْساً، ضَمَّهُ الأَزَلُ
فما الحروبُ سوى وحْشيَّة ٍ، نهضَتْ
في أنفُسِ النّاسِ فانقادَتْ لها الدّولُ
وأيقظتْ في قلوبِ النّاسِ عاصفة ً
غامَ الوجودُ لها، واربْدَّت السُّبُلُ
فَالدَّهْرُ مُنْتَعِلٌ بالنَّارِ، مُلْتَحِفٌ
بالهوْلِ، والويْلِ، والأيامُ تَشْتَعِلُ
وَالأَرْضُ دَامية ٌ، بالإثْمِ طَامِيَة ٌ،
وَمَارِدُ الشَّرِّ في أَرْجَائِهَا ثَمِلُ
والموْتُ كالماردِ الجبَّارِ، منتصِبٌ
فِي الأرضِ، يَخْطُفُ مَنْ قَدْ خَانَهُ الأَجَلْ
وَفِي المَهَامِهِ أشلاءٌ، مُمَزَّقَة ٌ
تَتْلُو على القَفْرِ شِعْراً، لَيْسَ يُنْتَحَلُ

نــجــم
17-04-2011, 12:56 PM
عجباً لي!


عجباً لي! أودُّ أن أَفْهَمَ الكونَ،
ونفسي لَمْ تستطعْ فَهْمَ نفسِي!
لم أُفِدْ مِنْ حَقائِقِ الكونِ إلاّ
أنني في الوجُود مُرْتَادُ رمسِ
كلُّ دهر يمُرُّ يفجعُ قلبي
ليتَ شعري أينَ الزَّمان المؤسي
في ظلام الكُهوفِ أشباحُ شؤمٍ
وبهذا الفَضَاءِ أطيافُ نَحْسِ
وَخِلالَ القُصور أنّاتُ حُزْنٍ
وَبتلكَ الأكواخ أَنْضَاءُ بؤسِ!
والقَضَاءُ الأَصَمُّ يَعْتَسِفُ الـ
ـنّاس ويقضي ما بين سَيْفٍ وَقَوْسِ!
هذه صورة ُ الحـيـاة ِ؛ وهذا
لونُها في الوجود، من أمسِ أمسِ
صُورة ٌ للشَّقَاءِ دَامِعَة ُ الطَّرْفِ
ولونٌ يَسُودُ في كلِّ طَرْسِ

نــجــم
17-04-2011, 12:56 PM
عِشْ بالشُّعورِ


عِشْ بالشُّعورِ، وللشُّعورِ، فإنَّما
دنياكَ كونُ عواطفٍ وشعورِ
شِيدَتْ على العطْفِ العميقِ، وإنّها
لتجفُّ لو شِيدتْ على التفكيرِ
وَتَظَلُّ جَامِدَة الجمالِ، كئيبة ً
كالهيكلِ، المتهدِّم، المهجورِ
وَتَظَلُّ قاسية َ الملامحِ، جهْمة ً
كالموتِ..، مُقْفِرة ً، بغير يرورِ
لا الحبُّ يرقُصُ فوقها متغنِّياً
للنّاسِ، بين جَداولٍ وزهورِ
مُتَوَرِّدَ الوَجناتِ سكرانَ الخطا
يهتزُّ من مَرَح، وفرْط حبورِ
متكلِّلاً بالورْدِ، ينثرُ للورى
أوراقَ وردِ "اللَّذة ِ" المنضورِ
كلاَّ‍! ولا الفنُّ الجميلُ بظاهرٍ
في الكون تحتَ غمامة ٍ من نورِ
مَتَوشِّحاً بالسِّحر، ينفْخ نايَهُ
ـبوبَ بين خمائلٍ وغديرِ
أو يلمسُ العودَ المقدّسَ، واصفاً
للموت، للأيام، للديجورِ
ما في الحياة من المسرَّة ِ، والأسى
والسِّحْر، واللَّذاتِ، والتغريرِ
أبَداً ولا الأملُ المُجَنَّحُ مُنْشِداً
فيها بصوتِ الحالم، المَحْبُورِ
تلكَ الأناشيدُ التي تَهَبُ الورى
عزْمَ الشَّبابِ، وَغِبْطة العُصْفورِ
واجعلْ شُعورَكَ، في الطَّبيعة قَائداً
فهو الخبيرُ بتِيهما المسْحورِ
صَحِبَ الحياة َ صغيرة ً، ومشى بها
بين الجماجم، والدَّمِ المهدورِ
وعَدَا بهَا فوقَ الشَّواهِق، باسماً
متغنِّياً، مِنْ أعْصُرِ وَدُهورِ
والعقلُ، رغْمَ مشيبهِ ووقَاره،
ما زالَ في الأيّامِ جِدَّ صغيرِ
يمشي..، فتصرعه الرياحُ..، فَيَنْثَنِي
مُتوجِّعاً، كالطّائر المكسورِ
ويظلُّ يَسْألُ نفسه، متفلسفاً
متَنَطِّساً، في خفَّة ٍ وغُرورِ:
عمَّا تُحَجِّبُهُ الكواكبُ خلفَها
مِنْ سِرِّ هذا العالَم المستورِ
وهو المهشَّمُ بالعواصفِ.. يا لهُ
من ساذجٍ متفلسفٍ، مغرور!
وافتحْ فؤادكَ للوجود، وخلَّه
لليمِّ للأمواج، للدّيجورِ
للثَّلج تنثُرُهُ الزوابعُ، للأسى
للهَوْلِ، للآلامِ، للمقدورِ
واتركْه يقتحِمُ العواصفَ..، هائماً
في أفقِها، المتلبّدِ، المقرورِ
ويخوضُ أحشاءَ الوجود..، مُغامِراً
في ليْلِها، المتَهَّيبِ، المحذورِ
حتَّى تعانقَه الحياة ُ، ويرتوي
من ثغْرِها المتأجِّجِ، المسجورِ
فتعيشَ في الدنيا بقلبٍ زاجرٍ
يقظِ المشاعرِ، حالمٍ، مسحورِ
في نشوة ٍ، صُوفيَّة ٍ، قُدسية ٍ،
هيَ خيرُ ما في العالمِ المنظورِ

نــجــم
17-04-2011, 12:57 PM
غَنَّاهْ الأَمْسُ


غَنَّاهْ الأَمْسُ، وأَطْرَبَهُ
وشجاه اليومُ، فما غدُهُ؟
قَدْ كان له قلبٌ، كالطِّفْلِ،
يدُ الأحلامِ تُهَدْهِدُهُ
مُذْ كان له مَلَكُ في الكون
جميلُ الطَلعَة ، يعبدُه
في جَوْفِ اللَّيلِ، يُنَاجيهِ
وَأَمَامَ الفَجْرِ، يُمَجِّدُهُ
وعلى الهضباتِ، يغنِّيه
آيات الحبّ، ويُنشدُهُ
تَمْشي في الغابِ فَتَتْبعه
أَفَراحُ الحُبِّ، وَتَنْشُدُهُ
ويرى الافاقَ فيبصرها
زُمراً في النَّور، تُراصدهُ
ويرى الأطيارَ، فيحسبُها
أحلام الحُبِّ تغرِّدهُ
ويرى الأزهارَ، فيحسبها
بسَماتِ الحُبّ توادِدُهُ
فَيَخَالُ الكونَ يناجيهِ!
وجمالَ العاَلمِ يُسعدُه!
ونجومَ الليل تضاحكُهُ!
ونسيمَ الغابَ يطاردُهُ!
ويخال الوردَ يداعبهُ
فرِحاً، فتعابثه يدُهُ!..
ويرى الينبوعَ، ونَضرتَه،
ونسيمُ الصُّبح يجعِّدهُ
وخريرُ الماء له نغَمٌ
نسماتُ الغاب تردّدهُ
ويرى الأعشابَ وقد سمقَت
بينَ الأشجارِ تشاهدهُ
ونطافُ الطلِّ تُنَمِّقُها
فيجل الحبَّ ويحمدهُ
ياللأيام! فكم سَرَّت
قلْباً في النّاسِ لِتُكْمِدَهُ
هي مثل العاهر، عاشقها
تسقيه الخمر..، وتطردُهُ!
يعطيكَ اليومُ حلاوتَها
كالشَّهْدِ، لَيَسْلُبَهَا غَدُهُ!
بالأمسِ يعانقُها فرحاً
ويضاجعُها، فتُوسِّدُهُ
واليومَ، يُسايرُها شَبَحاً
أضناه الحُزنُ، ونكَّدُهُ
يتلو في الغَابِ مَرَاثِيَه
وجذوعُ السَّروِ تساندُهُ
ويماشي الّناسِ، وما أحدٌ
منهم يُشجيه تفرُّدُهُ
في ليل الوَحْشَة ِ مسْراهُ
وَبِكَهْفِ الوَحْدَة ِ مرقَدُهُ
أصواتُ الأمسِ تُعَذِّبه
وخيالُ الموتِ يُهَدِّدُهُ
بالأمسِ، له شفَقٌ في الكونِ
يضئُ الأفقَ تورُّدُهُ
غنَّاه الأمسُ وَأَطْرَبَهُ
وشجاه اليومُ، فما غدهُ؟

نــجــم
17-04-2011, 12:57 PM
في اللّيل نَادَيتُ الكَوَاكِبَ


في اللّيل نَادَيتُ الكَوَاكِبَ ساخطاً
متأجَّجَ الآلام والآراب
"الحقلُ يملكه جبابرة ُ الدّجى
والروضُ يسكنه بنو الأرباب
«والنَّهرُ، للغُول المقدّسة التي
لا ترتوي، والغابُ للحَطّابِ»
«وعرائسُ الغابِ الجميلِ، هزيلة ٌ
ظمأى لِكُلِّ جَنى ً، وَكُلِّ شَرابِ»
ما هذه الدنيا الكريهة ُ؟ ويلَها!
حَقّتْ عليها لَعْنَة ُ الأَحْقابِ!»
الكونُ مُصغٍ، ياكوكبُ، خاشعٌ
طال انتظاري، فانطقي بِجواب"!
فسمعتُ صوتاً ساحراً، متموجاً
فوق المروجِ الفيحِ، والأَعْشابِ
وَحَفيفَ أجنحة ٍ ترفرف في الفضا
وصدى ً يَرنُّ على سُكون الغابِ:
الفجرُ يولدُ باسماً، مُتَهَلِّلاً
في الكونِ، بين دُحنِّة ٍ وضباب

نــجــم
17-04-2011, 12:57 PM
في جِبال لهمومِ


في جِبال لهمومِ، أننبتَّ أغصاني،
فَرَقّتْ بينَ الصُّخُورِ بِجُهْدِ
وَتَغَشَّانيَ الضَّبَابُ..، فأورقتُ
وأزهرتُ للعواضف، وحْدي
وتمايلتُ في الظَّلام، وعطَّرتُ
فضاءَ الأَسى بأنفاس وردي
وبمجد الحياة ِ، والشوقِ غّنَّيْتُ..،
فلم تفهم الأعَاصيرُ قصدي
وَرَمَتْ للوهادِ أفنانيَ الخضْرَ،
وظلّتْ في الثَّلْجِ تحفر لَحْدِي
ومَضتْ بالشَّذى فَقُلْتُ: «ستبني
في مروجِ السّماءِ بالعِطْر مَجْدي»
وَتَغَزَلْتُ بالرَّبيعِ، وبالفجرِ
فماذا ستفعلّ الرّيحُ بَعدِي؟

نــجــم
17-04-2011, 12:57 PM
في سكونِ الليل


في سكونِ الليل لما
عانقَ الكونَ الخشُوع
وَاخْتَفَى صَوْتُ الأَمَانِي
خَلْفَ آفَاقِ الهُجُوعْ
رَتَّلَ الرَّعْدُ نَشِيداً
رَدَّدَتْهُ الكَائِنَاتْ
مِثْلَ صَوْتِ الحَقِّ إنْ صَا
حَ بأعماقِ الحيَاة
يتهَادى بضَجيجٍ
في خلاَيا الأودَيهْ
أَمْ هِيَ القُوَّة ُ تَسْعَى
بِاعْتِسَافٍ واصْطِخَابْ

نــجــم
17-04-2011, 12:58 PM
قد سكرنا


قد سكرنا بحبنا واكتفَيْنا
يا مديرَ الكؤوس فاصرفْ كؤوسَكْ
واسكبِ الخمرَ للعَصَافيرِ والنَّحْلِ
وَخَلِّ الثَّرى يَضُمُّ عروسَكْ
مالنا والكؤوس، نطلبُ منها
نشوة ً والغَرامُ سِحْرٌ وسُكْرُ!
خَلِّنا منكَ، فَالرّبيعُ لنا ساقٍ
وهذا الفضاءُ كاسٌ وخمرُ!
نحن نحيا كالطّيرِ، في الأفُق السَّاجي
وكالنَّحْلِ، فوق غضِّ الزُّهُورِ
لا ترى غيرَ فتنة ِ العالم الحيِّ
وأحلامِ قلبها المسحورِ...
نحن نلهو تحتَ الظلالِ، كطفلينِ
سعيدين، في غُرورِ الطُّفولة ْ
وعلى الصخرة ِ الجميلة ِ في الوادي
وبين المخاوفِ المجْهولَهْ
نحن نغدو بين المروج ونُمسى
ونغنِّي مع النسيم المعنِّي
ونناجي روحَ الطبيعة ِ في الكون
ونُصغي لِقَلْبها المتغنّي
نحنُ مثلُ الرَبيعِ: نمشي على أرضٍ
مِنَ الزَّهرِ، والرُّؤى ، والخَيالِ
فوقَها يرقصُ الغرامُ، ويلهو
ويغنّي، في نشوة ٍ ودلالِ
نحن نحيا في جَنَّة ٍ مِنْ جِنَانِ السِّحْرِ
في عالمٍ بعيدٍ...،بعيدِ...،
نحنُ في عُشِّنا الموَرَّدِ، نتلو
سُوِرِ الحُبِّ للشَّبابِ السّعيدِ
قد تركنا الوُجودَ للنَّاس،
عليه الحياة َ كيفَ أرادُوا
وذهبنا بِلبِّه، وَهْوَ رُوحٌ
وَتَركنا القُشُورَ، وَهْيَ جَمادُ
قد سِكْرنا بحبّنا، واكتَفْينا
طفَحَ الكأسُ، فاذهَبُوا يا سُقاة ُ
نحن نحيا فلا نريدُ مزيداً
حَسْبُنا ما مَنَحْتِنَا يا حَياة ُ
حَسْبُنا زهرُنَا الَّذي نَتَنَشَّى
حَسْبُنا كأسُنا التي نترشّفْ
إنَّ في ثغرِنا رحيقاً سماويَّا
وفي قلبنا ربيعاً مُفَوَّفْ
أيُّها الدَّهْرُ، أيُّها الزَّمَنُ الجاري
إلى غيرِ وُجهة ٍ وقرارِ!
أيُّها الكونُ! أيّها القَدَرُ الأَعمى !
قِفُوا حيثُ أنتُمُ! أو فسيرُوا
وَدَعُونا هنا: تُغنِّي لنا الأحْلامُ
والحبُّ، والوجودُ، الكبيرُ
وإذا ما أبَيْتُمُ، فاحْمِلُونا
ولهيبُ الغَرامِ في شَفَتْينا
وزهورُ الحياة ، تعبقُ بالعطرِ
وبالسِّحْرِ، والصِّبا في يديْنَا

نــجــم
17-04-2011, 12:58 PM
قَدَّس اللَّهُ


قَدَّس اللَّهُ ذِكْرَهُ مِن صَبَاحٍ
سَاحِرٍ، في ظِلال غابٍ جميلِ
كان فيه النّسيم، يرقصُ سكراناً
على الوردِ، والنّباتِ البَليلِ
وضَبابُ الجبالِ، يَنْسَابُ في رفقٍ
بديعٍ، على مُروج السُّهولِ
وأغاني الرعاة ِ، تخفقُ في الأغوارِ
والسّهلِ، والرّبا، والتّلولِ
ورحابُ الفضاءِ، تَعْبُقُ بالألحانِ
والعطرِ، والذّياءِ الجميلِ
والمَلاَكُ الجميلُ، ما بين ريحانٍ
وعُشْبٍ، وسِنديانٍ، ظَليلِ
يتغنَّى مع العَصَافيرِ، في الغاب
ويرنو إلى الضَّباب الكَسُولِ
وشعورُ الملاك ترقصُ بالأزهار
والضوءِ، والنَّسيمِ العَليل
حُلُمٌ ساحرٌ، به حَلُمَ الغابُ
فَوَاهاً لِحُلْمِهِ المَعْسُولِ!
مثلُ رؤيا تلوحُ للشّاعر الفنَّان
في نشوة ِ الخيال الجليلِ
قد تملَّيْتُ سِحرَهُ في أناة ٍ
وحنانٍ، وَلَذَّة ٍ، وَذُهولِ
ثُمَّ ناديتُ، حينما طفحَ السِّحرُ
بأرجاءِ قَلبي المبتولِ
يا شعورٌ تميد في الغَاب بالر
يحانِ، والنّور، والنّسيم البليلِ
كَبَّليني بهاتِهِ الخِصَلِ المرخَاة ِ
في فتنة ِ الدَّلال المَلُولِ
كبّلي يا سَلاسلَ الحبِّ أفكا
ري، وأحلامَ قلبيَ الضَّلِّيلِ
كبِّليني بكل ما فيكِ من عِطْرٍ
وسحرٍ مُقَدّسٍ، مَجْهولِ
كبِّليني، فإنَّما يُصْبِحُ الفنّان
حرّاً في مثل هذي الكبولِ
ليت شعري! كَمْ بينَ أمواجِكِ السّو
دِ، وطيّاتِ ليلِكِ المسدولِ
من غرامٍ، مُذَهَّبِ التاجِ، ميْتٍ
وفؤادٍ، مصفَّدٍ، مغلولِ
وزهورٍ من الأمانيِّ تَذوِي
في شُحُوبٍ، وخيبة ٍ، وخمولِ
أنتِ لا تعلمين..، واللَّيلُ لا يعلَمُ
كم في ظلامِه من قَتيلِ
أنتِ أُرْجُوحَة ُ النسيمِ فميلي
بالنسيمِ السعيدِ كِلَّ مَمِيلِ
ودَعي الشَّمسَ والسماءَ تُسَوِّي
لكِ تاجاً، من الضياء الجميلِ
ودِعي مُزْهِرَ الغُصُونِ يُغَشِّيـ
ـكِ بأوراقِ وَردِه المطلولِ
للشّعاع الجميلِ أنتِ، وللأنسا
مِ، والزَّهر، فالعبي، وأطيلي
ودعي للشقيِّ أشواقَه الظمْأى
وأَوهامَ ذِهْنه المعلولِ
يا عروسَ الجبالِ، يا وردة َ الآ
مالِ، يا فتنة َ الوجودِ الجليل
ليتني كنتُ زهرة ً، تتثنَّى
بين طيّات شَعْرِكِ المصقولِ!
أو فَراشاً، أحومُ حولكِ مسحوراً
غريقاً، في نشوتي، وَذُهُولي!
أو غصوناً، أحنو عليكِ بأوراقي
حُنُوَّ المُدَلَّهِ، المتْيولِ!
أو نسيماً، أضمُّ صدركِ في رِفقٍ،
إلى صَدْرِيَ الخفوقِ، النَّحيلِ

نــجــم
17-04-2011, 12:58 PM
قضَّيتُ أدْوارَ الحياة


قضَّيتُ أدْوارَ الحياة ِ، مُفَكِّراً
في الكَائِناتِ، مُعَذَّباً، مَهْمُوما
فَوَجَدْتُ أعراسَ الوُجود مآتماً
ووجدتُ فِرْدَوسَ الزَّمانِ جَحيمَا
تَدْوي مَخَارِمُهُ بِضَجَّة ِ صَرْصَرٍ،
مشبوبَة ٍ، تَذَرُ الجيالُ هشيمَا
وحضرتُ مائدة َ الحياة ، فلم أجدْ
إلاّ شراباً، آجناً، مسموماً
وَنَفضْتُ أعماقَ الفَضَاءِ، فَلَمْ أجِدْ
إلا سكوناً، مُتْعَباً محمومَا
تتبخَّرُ الأَعْمارُ في جَنَباتِهِ
وتموتُ أشواقُ النّفوس وَجومَا
ولمستُ أوتارَ الدهور، فلم تُفِضْ
إلا أنيناً، دامياً، مَكْلُوما
يَتْلُو أقاصيصَ التَّعاسة ِ والأسى
ويصيرُ أفراح الحياة همومَا
شُرِّدْتُ عنن وَطَنِي السَّماويِّ الذي
ما كانَ يوْماً واجمَا، مغمومَا
شُرِّدْتُ عَنْ وطني الجميل.. أنا الشَّقِـ
ـيّ، فعشت مشطورَ الفؤاد، يتيمَا..
في غُربة ٍ، رُوحيَّة ٍ، مَلْعُونة ٍ
أشواقُها تَقْضِي، عِطاشاً، هِيما...
يا غُربة َ الرُّوحِ المفكِّر‍ إنّه
في النَّاسِ يحيا، سَائماً، مَسْؤُوما
شُرِّدتُ لِلدنيا.. وَكُلٌّ تائهٌ
فيها يُرَوِّعُ رَاحلاً ومقيما
يدعو الحياة ، فلا يُجيبُ سوى الرَّدى
ليدُسَّهُ تَحْتَ التُّرابِ رَميما
وَتَظَلُّ سَائِرة ً، كأنّ فقيدها
ما كان يوماً صاحباً وحميمَا‍
يا أيُّها السّاري! لقد طال السُّرى
حَتَّام تَرْقُبُ في الظَّلامِ نُجُوما..؟
أتخالُ في الوادي البعيدِ المُرْتَجى ؟
هيهاتَ! لَنْ تَلْقى هناكَ مَرُوما
سرْ ما اسْتَطَعْتَ، فَسَوْفَ تُلقي ـ مثلما
خلَّفتَ ـ مَمشُوقَ الغُصونِ حَطِيما

نــجــم
17-04-2011, 12:58 PM
كلُّ ما هبَّ، وما دبَّ


كلُّ ما هبَّ، وما دبَّ، وما
نامَ، أو حامَ على هذا الوجود
مِنْ طيورٍ، وَزُهورٍ، وشذًى
وينابيعَ. وأغصانٍ تَميدْ
وبحارٍ، وكهوفٍ، وذُرًى
وبراكينَ، ووديانٍ، وبيدْ
وضياءٍ، وظِلالٍ ودجى،
وفصولٍ، وغيولٍ، ورعودْ
وثلوجٍ، وضباب عابرٍ،
وأعاصيرَ وأمطارٍ تجودْ
وتعاليمَ، وَدِينٍ، ورؤى
وأحاسيسَ، وَصَمْتٍ، ونشيدْ
كلُّها تحيْا، بقلبي حرَّة ً
غَضة َ السّحر، كأطفال الخلودْ
ههُنا، في قلبيَ الرحْبِ، العميقْ
يرقُصُ الموتُ وأطيافُ الوجودْ
ههُنا، تَعْصِفُ أهوالُ الدُّجى
ههنا، تخفُقُ أحلامُ الورودْ
ههنا، تهتُفُ أصداءُ الفَنا
ههنا، تُعزَفُ ألحانُ الخلودْ
ههنا، تَمْشي الأَماني والهوى
والأسى ، في موكبٍ فخمِ النشيد
ههنا الفجْرُ الذي لا ينتهي
ههنا اللَّيلُ الذي ليسَ يَبيدْ
ههنا، ألفُ خِضَمٍّ، ثَائرٍ
خالدِ الثَّورة ِ، مجهولِ الحُدودْ
ههنا، في كلِّ آنٍ تَمَّحي
صُوَرُ الدُّنيا، وتبدو من جَديدْ

نــجــم
17-04-2011, 12:58 PM
كلُّ قلبٍ حملَ الخسفَ


كلُّ قلبٍ حملَ الخسفَ، وما
ملَّ من ذلِّ الحياة ِ الأرْذلِ
كُلُّ شَعْبٍ قَدْ طَغَتْ فِيهِ الدِّمَا
دونَ أن يثْأَرَ للحقّ الجلي
خَلِّهِ لِلْمَوْتِ يَطْوِيهِ!.. فَمَا
حظُّه غيرُ الفَناء الأنكلِ

نــجــم
17-04-2011, 12:59 PM
كان قلبِيَ فجرٌ


كان قلبِيَ فجرٌ، ونجومْ،
وبحارٌ، لا تُغَشّيها الغيومْ
وأناشيدٌ، وأطيارٌ تَحُومْ
وَرَبيعٌ، مُشْرِقٌ، حُلْوٌ، جَميلْ
كانَ في قلبي صباحٌ، وإياهْ،
وابتِسَامَاتٌ ولكنْ... واأسَاهْ!
آه! ما أهولَ إعْصَارَ الحياة ْ!
آه! ما أشقى قُلُوبَ النّاسِ! آه!
كان في قلبيَ فجرٌ، ونجومْ،
فإذا الكلُّ ظلامٌ، وسديمْ..
يا بني أمِّي! تُرى أينَ الصّباحْ؟
قد تقضَّى العُمْرُ، والفجْرُ بعيدْ
وَطَغى الوادي بِمَشْبُوبِ النواحْ
وانقَضَتْ أنشودة ُ الفَصْل السَّعيدْ
أين نايي؟ هل ترامتْه الرياحْ؟
أين غابي؟ أين محرابُ السُّجُودْ..؟
خبِّروا قلبي. فما أقسى الجراحْ!
كيف طارتْ نشوة ُ العيشِ الحَميدْ!
يا بني أمِّي! تُرى أين الصَّباح؟
أوراءَ البحر؟ أم خلفَ الوُجود؟
ليت شعري! هل سَتُسَلِيني الغَداة ْ
وتعزِّيني عن الأمسِ الفَقِيدْ
وتُريني أن أفراحَ الحياة
زُمَرٌ تمضي، وأفواجٌ تعود
فإذا قلبي صياح، وإيّاه..
وإذا أحلاميَ الأولى وَرُودْ..،
وإذا الشُّحْرورُ حُلْوُ النَّغماتْ..
وإذا الغَابُ ضِيَاءٌ وَنَشِيدْ..؟
أم ستنساني، وتُبْقيني وحيد؟
ليتَ شِعْري! هل تُعَزِّيني الغَدَاة ْ؟

نــجــم
17-04-2011, 12:59 PM
كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً


كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً، حالماً
غضَّ الشَّبابِ، مُعَطَّرَ الجلبابِ
يمشي على الدنيا، بفكرة شاعرٍ
ويطوفها، في موكبٍ خلاَّبِ
والأُفقُ يملأه الحنانُ، كأنه
قلبُ الوجود المنتِجِ الوهابِ
والكون من مظهرِ الحياة كأنما
هُوَ معبدٌ، والغابُ كالمحرابِ
والشّاعرُ الشَّحْرورُ يَرْقُصُ، مُنشداً
للشمس، فوقَ الوردِ والأعشابِ
شعْرَ السَّعادة والسَّلامِ، ونفسهُ
سَكْرَى بسِحْر العالَم الخلاّبِ
ورآه ثعبانُ الجبالِ، فغمَّه
ما فيه من مَرَحٍ، وفيْضِ شبابِ
وانقضّ، مضْطَغِناً عليه، كأنَّه
سَوْطُ القضاءِ، ولعنة ُ الأربابِ
بُغتَ الشقيُّ، فصاح في هزل القضا
متلفِّتاً للصائل المُنتابِ
وتَدَفَّق المسكين يصرخُ ثائراً:
«ماذا جنيتُ أنا فَحُقَّ عِقابي؟»
لاشيءِ، وإلا أنني متعزلٌ
بالكائنات، مغرِّدٌ في غابي
«أَلْقَى من الدّنيا حناناً طاهراً
وأَبُثُّها نَجْوَى المحبِّ الصّابي»
«أَيُعَدُّ هذا في الوجود جريمة ً؟!
أينَ العدالة ُ يا رفاقَ شبابي؟»
«لا أين؟، فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا
رأيُ القويِّ، وفكرة ُ الغَلاّبِ!»
«وَسَعَادة ُ الضَّعفاءِ جُرْمُ..، ما لَهُ
عند القويِّ سوى أشدِّ عِقَاب!»
ولتشهد- الدنيا التي غَنَّيْتَها
حُلْمَ الشَّبابِ، وَرَوعة َ الإعجابِ
«أنَّ السَّلاَمَ حَقِيقة ٌ، مَكْذُوبة ٌ
والعَدْلَ فَلْسَفَة ُ اللّهيبِ الخابي»
«لا عَدْلَ، إلا إنْ تعَادَلَتِ القوَى
وتَصَادَمَ الإرهابُ بالإرهاب»
فتَبَسَّمّ الثعبانُ بسمة َ هازئٍ
وأجاب في سَمْتٍ، وفرطِ كِذَابِ:
«يا أيُّها الغِرُّ المثرثِرُ، إنَّني
أرثِي لثورة ِ جَهْلكَ التلاّبِ»
والغِرُّ بعذره الحكيمُ إذا طغى
جهلُ الصَّبا في قلبه الوثّابِ
فاكبح عواطفكَ الجوامحَ، إنها
شَرَدَتْ بلُبِّكَ، واستمعْ لخطابي»
أنِّي إلهٌ، طاَلَما عَبَدَ الورى
ظلِّي، وخافوا لعنَتي وعقابي»
وتقدَّوموا لِي بالضحايا منهمُ
فَرحينَ، شأنَ العَابدِ الأوّابِ»
«وَسَعَادة ُ النَّفسِ التَّقيَّة أنّها
يوماً تكونُ ضحيَّة َ الأَربابِ»
«فتصيرُ في رُوح الألوهة بضعة ً،
قُدُسية ٌ، خلصت من الأَوشابِ
أفلا يسرُّكَ أن تكون ضحيَّتي
فتحُلَّ في لحمي وفي أعصابي»
وتكون عزماً في دمي، وتوهَّجاً
في ناظريَّ، وحدَّة ً في نابي
«وتذوبَ في رُوحِي التي لا تنتهي
وتصيرَ بَعََض ألوهتي وشبابي..؟
إني أردتُ لك الخلودَ، مؤلَّهاً
في روحي الباقي على الأحقابِ..
فَكِّرْ، لتدركَ ما أريدُ، وإنّه
أسمى من العيش القَصيرِ النَّابي»
فأجابه الشحرورُ، في غُصًَِ الرَّدى
والموتُ يخنقه: «إليكَ جوابي»:
لا أرى للحقِّ الضعيف، ولا صدّى،
الرَّأيُ، رأيُ القاهر الغلاّبِ
«فافعلْ مشيئَتكَ التي قد شئتَها
وارحم جلالَكَ منت سماع خطابي"
وكذاك تتَّخَذُ المَظَالمُ منطقاً
عذباً لتخفي سَوءَة َ الآرابِ

نــجــم
17-04-2011, 12:59 PM
لا ينهضُ الشعبُ إلاَّ حينَ يدفعهُ


لا ينهضُ الشعبُ إلاَّ حينَ يدفعهُ
عَزْمُ الحياة ِ، إذا ما استيقظتْ فيهِ
والحَبُّ يخترقُ الغَبْراءَ، مُنْدفعاً
إلى السماء، إذا هبَّتْ تُناديهِ
والقيدُ يأَلَفُهُ الأمواتُ، ما لَبِثوا
أمَّا الحيَاة ُ فيُبْلها وتُبْليهِ

نــجــم
17-04-2011, 12:59 PM
ليتَ لي أن أعيشَ هذهِ الدنيّا


ليتَ لي أن أعيشَ هذهِ الدنيّا
سَعيداً بِوَحْدتي وانفرادي
أَصرِفُ العْمْرَ في الجبالِ، وفي الغاباتِ
بينَ الصنوبّر الميّادِ
ليس لي من شواغل العيش ما يصرفُ
نفسي عن استماعِ فؤادي
أرقبُ الموتَ، والحياة َ وأصغي
لحديثِ الآزال والآبادِ
وأغنيّ مع البلاد البلابل في الغابِ،
وأصغيِ إلى خرير الوادي
وَأُناجي النُّومَ والفجرَ، والأَطيارَ
والنّهرَ، والضّياءَ الهادي
عيشة ً للجمالِ، والفنِ، أبغيها
بعيداً عَنْ أمتَّي وبلادي
لا أغنِّي نفسي بأحزانيِ شعبي
فهو حيٌّ يعيشُ عيشَ الجمالِ!
وبحسبي مِنَ الأسى ما بنفسي
من طريفٍ مُسْتَحْدَثٍ وتِلادِ
وبعيداً عن المدينة ، والنّاس،
بعيداً عن لَغْوِ تلك النّوادي
فهو من معدنِ السّخافة والإفك
ومن ذلك الهُراء العادي
أين هوَ من خريرِ ساقية الوادي
وخفقِ الصدى ، وشدوِ الشادي
وَحَفيفِ الغصونِ، نمَّقها الطَّلُّ
وَهَمْسِ النّسيمِ للأوْراد؟
هذهِ عِيشة ٌ تقدِّسُها نفسي
وأدعُو لمجدها وأنادي

نــجــم
17-04-2011, 12:59 PM
لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ


لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ،
أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ
إنَّما عَبْرَتِي لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ،
قد عَرانا، ولم نجد من أزاحهُ
كلّما قامَ في البلادِ خطيبٌ،
مُوقِظٌ شَعْبَهُ يُرِيدُ صَلاَحَهْ
ألبسُ روحَهُ قميصَ اضطهادٍ
فاتكٍ شائكٍ يردُّ جِماحَهْ
وتوخَّوْاطرائقَ العَسف الإِرْ
هَاقِ تَوًّا، وَمَا تَوَخَّوا سَمَاحَهْ
هكذا المخلصون في كلِّ صوبٍ
رَشَقَاتُ الرَّدَى إليهم مُتَاحَهْ
غيرَ أنَّا تناوبتنا الرَّزايا
واستباحَتْ حَمانا أيَّ استباحَهْ
أَنَا يَا تُوْنُسَ الجَمِيلَة َ فِي لُجِّ
الهَوى قَدْ سَبَحْتُ أَيَّ سِبَاحَهْ
شِرْعَتي حُبُّكِ العَمِيقُ وإنِّي
قَدْ تَذَوَّقْتُ مُرَّهُ وَقَرَاحَهْ
لستُ أنصاعُ للوَّاحي ولو مـ
ـتُّ وقامتْ على شبابي المناحَة ْ
لا أبالي.., وإنْ أُريقتْ دِمائي
فَدِمَاءُ العُشَّاق دَوْماً مُبَاحَهْ
وبطولِ المَدى تُريكَ الليالي
صَادِقَ الحِبِّ وَالوَلاَ وَسَجاحَهْ
إنَّ ذا عَصْرُ ظُلْمَة ٍ غَيْرَ أنِّي
مِنْ وَرَاءِ الظَّلاَمِ شِمْتُ صَبَاحَهْ
ضَيَّعَ الدَّهْرُ مَجْدَ شَعْبِي وَلكِنْ
سَتَرُدُّ الحَيَاة ُ يَوماً وِشَاحَهْ

نــجــم
17-04-2011, 12:59 PM
لو كَانَتِ الأَيّامُ في قبضتي


لو كَانَتِ الأَيّامُ في قبضتي
أذريتها للريح، مثل الرمال
وقلتُ: «يا ريحُ، بها فاذهبي
وبدِّديها في سَحيقِ الجبالُ
"بل في فجاج الموت.. في عالَمٍ
لا يرقُصُ النُّورُ بِهِ والظِّلالْ..
لو كان هذا الكونُ في قبضتي
ألقيْتُه في النّار، نارِ الجحيمْ
ما هذا الدنيا، وهذا الورى
وذلكَ الأُفْقُ، وَتِلْكَ النُّجُومْ؟
النَّارُ أوْلى بعبيدِ الأسى ،
ومسرحِ الموتِ، وعشِّ الهمومْ
يا أيّها الماضِي الذي قد قَضَى
وضمَّهُ الموتُ، وليلُ الأَبَدْ
يا حاضِرَ النَّاس الذي لم يَزُل!
يا أيُّها الآتي الذي لم يَلِدْ
سَخَافة ٌ دنياكُمُ هذه
تائهة ٌ في ظلمة ِ لا تُحَدْ..

نــجــم
17-04-2011, 12:59 PM
ما قدَّسَ المَثلَ الأعلى


ما قدَّسَ المَثلَ الأعلى وجمَّلَه
في أعيُنِ النّاسِ إلاّ أنّه حُلُمُ!
ولو مشى فيهم حيّاً لحطَّمه
قومٌ، وقالوا بخبثٍ: «إنّهُ صنَمُ»!
لا يعبدُ النَّاسُ إلا كلَّ منعدمٍ
مُمنَّعٍ، ولمنْ حابَاهُمُ العَدَمُ!
حتَّى العَبَاقرة ُ الأفذاذُ، حُبُّهُمُ
يلقى الشقاءَ وتَلقَى مجدَها الرِّمَمُ!
النَّاسُ لا يُنْصِفُونَ الحيّ بينهمُ
حتّى إذا ما توارى عنهمُ نَدِموا!
الويْل للنَّاسِ من أَهْوائهمْ أبداً
يمشي الزَّمانُ وريحُ الشَّرِّ تحتدمُ..

نــجــم
17-04-2011, 01:00 PM
ما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك يا أبي


ما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك يا أبي
ومشاعري عمياء بأحزانِ-
أني سأظمأُ للحياة ِ، وأحتسي
مِنْ نهْرها المتوهِّجِ النّشوانِ
وأعودُ للدُّنيا بقلبٍ خَافقٍ
للحبِّ، والأفراحِ، والألحانِ
ولكلِّ ما في الكونِ من صُوَرِ المنى
وغرائبِ الأهُواء والأشجانِ
حتى تحرّكتِ السّنون، وأقبلتْ
فتنُ الحياة ِ بسِحرِها الفنَّانِ
فإذا أنا ما زلتُ طفِْلاً، مُولَعاً
بتعقُّبِ الأضواءِ والألوانِ
وإذا التشأوُمُ بالحياة ِ ورفضُها
ضرْبٌ من الُبهتانِ والهذيانِ
إنَّ ابنَ آدمَ في قرارة ِ نفسِهِ
عبدُ الحياة ِ الصَّادقُ الإيمانَ

نــجــم
17-04-2011, 01:00 PM
نشيد الجبار


سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ
كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ
أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة ِ..،هازِئاً
بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ
لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ..، ولا أَرى
ما في قرار الهَوّة ِ السوداءِ...
وأسيرُ في دُنيا المشاعِر، حَالماَ،
غرِداً- وتلكَ سعادة ُ الشعراءِ
أُصغِي لموسيقى الحياة ِ، وَوَحْيها
وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي
وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ، الَّذي
يُحيي بقلبي مَيِّتَ الأصْداءِ
وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني
عن حرب آمالي بكل بلاءِ:
"-لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي
موجُ الأسى ، وعواصفُ الأرْزاءِ
«فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ، فإنَّهُ
سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ»
لا يعرفُ الشكْوى الذَّليلة َ والبُكا،
وضَراعَة َ الأَطْفالِ والضُّعَفَاء
«ويعيشُ جبَّارا، يحدِّق دائماً
بالفَجْرِ..، بالفجرِ الجميلِ، النَّائي
واملأْ طريقي بالمخاوفِ، والدّجى ،
وزَوابعِ الاَشْواكِ، والحَصْباءِ
وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ، وانثُرْ فَوْقَهُ
رُجُمَ الرّدى ، وصواعِقَ البأساءِ»
«سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك، عازفاً
قيثارتي، مترنِّما بغنائي»
«أمشي بروحٍ حالمٍ، متَوَهِّجٍ
في ظُلمة ِ الآلامِ والأدواءِ»
النّور في قلبِي وبينَ جوانحي
فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ»
«إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي
أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ»
«وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ، ليس تزيدُهُ
إلا حياة ً سَطْوة ُ الأنواءِ»
أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي، وانْقَضَى
عُمُري، وأخرسَتِ المنيَّة ُ نائي»
«وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي
قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلة ِ الحمْراءِ
فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ
عَنْ عَالمِ الآثامِ، والبغضاءِ»
«لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ
وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ"
وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا
هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي
ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً
فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما
وجدوا..، ليشوُوا فوقَهُ أشلائي
ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ، ليأكُلوا
لحمي، ويرتشفوا عليه دِمائي
إنّي أقول ـ لَهُمْ ـ ووجهي مُشْرقٌ
وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ-:
"إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي
والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي
«فارموا إلى النَّار الحشائشَ..، والعبوا
يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي»
«وإذا تمرّدتِ العَواصفُ، وانتشى
بالهول قَلْبُ القبّة ِ الزَّرقاءِ»
«ورأيتموني طائراً، مترنِّماً
فوقَ الزّوابعِ، في الفَضاءِ النائي
«فارموا على ظلّي الحجارة َ، واختفوا
خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..»
وهُناك، في أمْنِ البُيوتِ،تَطارَحُوا
عثَّ الحديثِ، وميِّتَ الآراءِ»
«وترنَّموا ـ ما شئتمُ ـ بِشَتَائمي
وتجاهَرُوا ـ ما شئتمُ ـ بِعدائي»
أما أنا فأجيبكم من فوقِكم
والشمسُ والشفقُ الجميلُ إزائي:
مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المقدَّسِ قلبُه
لم يحتفِلْ بحجارَة ِ الفلتاء"

نــجــم
17-04-2011, 01:00 PM
هَهُنا في خمائل الغابِ


هَهُنا في خمائل الغابِ، تَحْت الزَّا
والسِّنديانِ، والزْيتونِ
أنتِ أْشهى منَ الحياة ِ وأبْهى
من جمالِ الطَّبيعة ِ الميمونِ
ما أرقَّ الشّبابَ، في جسمكِ الغضِّ
وفي جيدكِ البَديعِ، الثَّمينِ!
وأدقّ الجمالَ في طرفِك السَّاهي،
وفي ثغرِكِ الجميلِ، الحَزين!
وألذَّ الحياة َ حينَ تغنّيـ
ـن فَأُصْغِي لصوتِكِ المحزُونِ
وأرى رُوحَكِ الجميلة َ عِطْراً
ضايعاً في حلاوة التَّلحينِ!
قَدْ تَغَنَّيْتِ منذُ حينِ بصوتٍ
ناعمٍ، حالمٍ، شجيٍّ حنونِ
نَغَماً كالحَياة ِ عذباً عميقاً
في حنانٍ، ورقة ٍ وحنينِ
فإذا الكون قطعة ٌ من تشيد
علويِّ، منغّمٍ موزونِ
فَلِمَنْ كنتِ تُنشدين؟ فقالتْ:
«للضياءِ البَنفسجيِّ الحزينِ»
«للضّباب المورّد، المتلاشي
كخيالات حالمٍ، مفتونِ
«للمساءِ المطلِّ لشَّفَق السّا
لسحْرالأسى ، وسحْر السكونِ
للعبير الذي يرفرف في الأفـ
ـقِ ويفنى ، مثلَ المنى ، في سكونِ»
للأَغاني التي يُردِّدُها الرّا
بمزماره الصّغيرِ، الأمينِ
وبنى اللَّيلُ والرّبيعُ حوالـ
ـنيا حَيَاة َ الهوى ، وروحَ الحنينِ
ويوشِّي الوجودَ بالسحر، والحلام
والزهر، والشَّذى ، واللُّحونِ
للحياة ِ التي تغنّي حوالَيَّ،
على السَّهْلِ، والرُّبى والحُزُونِ
للينابيعِ، للعصافير، للظلّ
لهذا الثّرى ، لتلكَ الغصونِ
«للنَّسيمِ الذي يضمِّخُ أحلا
بعطر الأقاح والليمونِ
«للجَمال الذي يفيضُ على الدُّ
لأشواق قلبيَ المَشحونِ
للزّمان الذي يوشِّح أيّا
مي بِضَوءِ المنى وظلِّ الشُّجونِ
للشباب السكران، للأملِ المعبودِ،
لليأسِ، للأسى ، للمُنونِ
فَتَنهَّدْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: «وقلبي
مَنْ يغنّيه؟ مَنْ يُبيد شُجوني؟
قالت:الحُبُّ ثم غنّتْ لقلبي
قُبَلاً عبقرية َ التلحينِ
قبلاً، علَّمتْ فؤادي الأغاني،
وأنارتْ لهُ ظَلامَ السنينِ
قبلاً، تَرقصُ السعادة ُ والحبُّ
على لحنِها العَميقِ الرّصينِ
..وأفقنا، فقلتُ كالحالم المسـ
ـحورِ: قولي، تَكَلَّمي، خَبِّريني
أيُّ دنيا مسحورة ، أي رؤيا
طالَعَتْني في ضوء هذي العُيونِ:»
زمرٌ من ملائكِ املأِ الأعلى
يغنّون في حُنُوِّ حَنونِ
«وصبايا رواقصٌ، يتراشقْـ
بزهر التُّفاحِ واليَاسمينِ
في فضاءٍ، مُوَرَّدٍ، حالمٍ سا
هٍ أطافتْ به عذارى الفُنونِ»
«وجحيمٍ تَؤُجُّ تَحْتَ فرادِيـ
كأحلامِ شاعرٍ مَجنونِ؟
«أيُّ خمرٍ مؤجَّجٍ ولهيبٍ
مُسكرٍ؟ أيّ نشوة ، وجنونِ؟
أي خمرٍ رشفتُ، بل أيّ نارٍ
في شفاهٍ، بديعة ِ التَّكْوينِ»
أي إثمٍ مقدَّسٍ، قد لبسنا
بُرْدَهُ في مسائنا الميمونِ؟»
فبَدَا طيفُ بسمة ٍ، ساحرٌ عذبٌ،
على ثَغرِها، قويُّ الفتونِ
وأجابتْ- وكلّها فتنة ٌ تُغـ
ـوي، وتُغري بالحبِّ، بلْ بالجنونِ ـ:
كلُّ زهرِ يَضُوعُ منه أريجٌ
من بخُورِ الرّبيعِ، جَمُّ الفُتونِ
ونجومُ السماء فيه شموعٌ
أَوْقَدَتْها للحُبِّ رُوحُ القرونِ
طهَّري يا شقيقة َ الروحِ ثَغْري
بلهيبِ الحياة ِ، بَلْ قبِّليني»
«قبِّليني، وَأَسْكِري ثغريَ الصَّا
وقلبي، وفِتنتي، وجنوني
علَّني أستطيعُ أَنْ أتغنّى
لجمال الدّجى بوَحي العُيونِ
«آه ما أجملَ الظَّلامَ! وأقوى
وحيه في فُؤادي المَفْتونِ!
أنظري الليلَ فهو في حلّة
ـلام يمشي على الذُّرى والحُزُونِ»
واسمعي الغاب،فهو قيثارة ُ الكونِ
تغنّي لحبنا الميمونِ»
إن سِحْرَ الضَّباب، واللّيلِ، والغَا
بِ، بعيدُ المدى ، قويُّ الفُتونِ
وجمالُ الظّلام يعبقُ بالأحلامِ
والحبّ... فابسمي، والثميني...
آه: ما أعذَبَ الغرامَ! وأحلى
رَنَّة َ اللَثمِ في خشوع السَكونِ!
.. وَسَكِرْنا هناك.. في عالم الأحـ
تحتَ السَّماء، تحتَ الغُصونِ...
وتوارى الوجودُ عنّا بما فيـ
وغبْنا فيعالَم مَفْتونِ...
ونسينا الحياة ، والموتَ، والسُّكو
وما فيه مِنْ مُنّة ومَنونِ

نــجــم
17-04-2011, 01:00 PM
وأوَدُّ أن أحيا بفكرة ِ شاعرٍ


وأوَدُّ أن أحيا بفكرة ِ شاعرٍ
فأرى الوجودَ يضيقُ عن أحلامي
إلاّ إذا قَطَّعتُ أسْبابي مَعَ الدُّ
نيا وَعِشْتُ لِوَحْدتي وَظَلامي
في الغابِ، في الجبلِ البعيدِ عن الورى
حيثُ الطبيعة ُ، والجمالُ السامي
وأعيشُ عيشة َ زاهدٍ مُتَنَسِّكٍ
ما إنْ تُدَنِّسه الحَياة ُ بِذَامِ
هجرَ الجماعة َ للجبا، تورُّعاً
عنها وعن بَطْشِ الحياة الدَّامي
تمشي حواليه الحياة ُ كأَنَّها
الحلمُ الجميل، خفيفة َ الأقدامِ
وتَخَرُّ أمواجُ الزَّمانِ بهَيْبة ٍ
قدسيَّة ٍ، في يميِّها المُترامي
فأعيش في غابِ حياة ً، كلّها
للفنِّ للأَحلامِ، للإلهامِ
لكِنَّني لا أستطيعُ، فإنَّ لي
أمَّا، يصدُّ حنانُها أوهامي
وصغارَ إخوانٍ، يرون سلامهمَ
في الكَائناتِ مُعَلَّقاً بسَلامي
فقدوا الأب الحاني، فكنتُ لضعفهم كهفاً،
يَصدُّ غوائلَ الأيامِ
وَيَقِيهمُ وَهَجَ الحياة ، وَلَفْحَها
ويذودُ عنهم شرّة َ الآلامِ
فأنا المكبَّلُ في سَلاسِلَ، حيَّة ٍ،
ضَحَّيْتُ مِنْ رَأَفي بها أحلامي
وأنا الذي سكنَ المدينة َ، مكرهاً
ومشى إلى الآتي بِقَلْبٍ دامِ
يُصْغي إلى الدُّنيا السَّخيفة ِ راغماً
ويعيشُ مثلَ النَّاسِ بالأَوهامِ
وأنا الذي يحيا يأرض، قفرة ً
مدحوَّة ً للشكِّ والآلامِ
هَجَمَتْ بيَ الدُّنيا على أهوالها
وخِضمَّها الرَّحْبِ، العميقِ الطَّامي
من غير إنذَارٍ فَأحْمِلَ عُدَتي
وأخوضَهُ كالسَّابحِ العَوَّامِ
فتحطّمتْ نفسي على شُطْآنهِ
وتأجّجتْ في جَوِّه آلامي
الويلُ للدّنيا التي في شرعها
فأسُ الطَّعام كريشة ِ الرّسّامِ؟

نــجــم
17-04-2011, 01:00 PM
ولكن إذا ما لَبسنا الخلودَ


ولكن إذا ما لَبسنا الخلودَ
وَنِلنا كمالَ النُّفوسِ البعيدْ
فهل لا نَمَلُّ دوامَ البقاء؟
وهل لا نَوَدُّ كمالا جديد
وكيف يكوننَّ هذا "الكمالُ":
ماذا تراه؟ وكيف الحدود
وإنّ جمالَ «الكمال» «الطُّموحُ»
وما دامَ «فكراً» يُرَى من بعيدْ
فما سِحْرُهُ إنْ غدا «واقعاً»
يُحَسُّ، وأصبحَ شيئاً شهيدْ؟
وهل ينطفي في النفوس الحنينُ
وتصبحُ أشواقُنا في خُمودْ
إذا لم يَزُل شوْقُها في الخلودِ
فذاكَ لعمري شقاءُ الجدود
وحربٌ، ضروسٌ،_ كاقد عهدتُ_
وَنَصْرٌ، وكسرٌ وهمُّ مديدْ
وإن زال عنُها فذاك الفَناءُ
وإن كانَ في عَرَصات الخُلود

نــجــم
17-04-2011, 01:01 PM
يا ليلُ!


يا ليلُ! ما تصنعُ النفسُ التي سكنتْ
هذا الوجودَ، ومِنْ أعدائها القَدَرُ؟
ترضى وَتَسْكُتُ؟ هذا غيرُ محتَمَلٍ!
إذاً، فهل ترفضُ الدنيا، وتنتحرُ؟
وذا جنونٌ، لَعَمْري، كلُّه جَزَعٌ
باكٍ، ورأيٌ مريضٌ، كُلُّه خَوَرُ!
فإنما الموتُ ضَرْبٌ من حَبائِله
لا يُفلتُ الخلقُ ما عاشوا، فما النَّظرُ؟
هذا هو اللّغْزُ، عَمَّاهُ وعَقَّدَهُ
على الخليقة ِ، وحْشٌ، فاتكٌ حذِرُ
قد كَبَّلَ القدرُ الضّاري فرائسَه
فما استطاعُو له دفْعاً، ولا حَزَروا
وخاطَ أعينَهم، كي لا تُشَاهِدَهُ
عينٌ، فتعلمَ ما يأتي وما يذرُ
وَحَاطَهُمْ بفنونٍ من حَبَائِلِهِ
فما لَهُمْ أبداً مِنْ بطشِه وَزرُ
لا الموتُ يُنقذُهم من هَوْل صولَتهِ
ولا الحياة ُ، تَسَاوَى النّاسُ والحَجَرُ!
حَارَ المساكينُ، وارتاعُوا، وأَعْجَزَهم
أن يحذروهُ، وهَلْ يُجْديهمُ الحذرُ
وَهُمْ يعيشونَ في دنيا مشيَّدة ٍ
منَ الخطوب، وكونٍ كلَّه خَطرُ؟
وكيف يحذرُ أعمَى ، مُدْلِجٌ، تَعِبٌ
هولَ الظَّلامِ، ولا عَزمٌ ولا بَصَرُ؟
قد أيقنوا أنه لا شيءَ يُنقذهُم
فاستسلموا لِسُكُونِ الرُّعْبِ، وانتظروا..
ولو رأوه لسَارتْ كي تحارِبَه
مِنَ الورى زُمَرٌ، في إثرِهَا زُمَرُ
وثارت الجنّ، والأملاك ناقمة ً
والبحرُ، والبَرُّ، والأفلاكُ، والعُصُر
لكنه قوَّة ٌ تُملي إرادتها
سِرَّا، فَنَعْنو لها قهراً، ونأتمرُ
حقيقة مُرَّة ، يا ليلُ، مُبْغَضَة
كالموت، لكنْ إليها الوِرْدُ والصَّدَرُ
تَنَهَّدَ اللَّيْلُ، حتَّى قلتُ: «قد نُثِرَتْ
تلك النجومُ، ومات الجنُّ والبشرُ
وَعَاد للصّمتِ..، يُصغي في كآبته
كالفيلسوف-إلى الدنيا، ويفتكرُ..
وقَهْقَهَ القَدرُ الجبّارُ، سخرية ً
بالكائنات. تَضَاحَكْ أيّها القدرُ!
تمشي إلى العَدَمِ المحتومِ، باكية ً
طوائفُ الخلق، والأشكالُ والصورُ
وأنتَ فوقَ الأسى والموت، مبتسمٌ
ترنو إلى الكون، يُبْنَى ، ثمّ يندَثِرُ

نــجــم
17-04-2011, 01:01 PM
يا موتُ!


يا موتُ! قد مزَّقتَ صدري وقصمْتَ بالأرزاءِ ظَهْري
ورميْتَني من حَالقٍ وسخرتَ منِّي أيَّ سُخْرِ
فَلَبِثْتُ مرضوضَ الفؤادِ أَجُرُّ أجنحتي بِذُعْرِ...
وَقَسَوْتَ إذ أبقيتني في الكَوْن أذْرَعُ كُلَّ وَعْرِ
وفجعتني فيمَن أحبُّ ومنْ إليه أبُثُّ سرّي
وَأَعُدُّهُ، فَجْرِي الجميلَ، إذا کدْلَهَمَّ عليَّ دَهْرِي

نــجــم
17-04-2011, 01:01 PM
يا عذارى الجمال، والحبِّ، والأحلامِ،


يا عذارى الجمال، والحبِّ، والأحلامِ،
بَلْ يَا بَهَاءَ هذا الوُجُودِ
قد رأَيْنا الشُّعُورَ مُنْسَدِلاتٍ
كلّلَتْ حُسْنَها صباحُ الورودِ
ورَأينا الجفونَ تَبْسِمُ..، أو تَحْلُمُ
بالنُّورِ، بالهوى ، بِالنّشيدِ
وَرَأينا الخُدودَ، ضرّجَها السِّحْرُ،
فآهاً مِنْ سِحْرِ تلكَ الخُدود
ورأينا الشِّفاه تبسمُ عن دنيا
من الورد غضّة ٍ أملُود
ورأينا النُّهودَ تَهْتَزُّ، كالأزهارِ
في نشوة الشباب السعيدِ
فتنة ٌ، توقظ الغرام، وتذكيه
وَلكنْ مَاذا وراءَ النُّهُودِ
ما الذي خلف سحرها الحالي، السكران،
في ذلك القرارِ البعيدِ..؟
أنفوسٌ جميلة ٌ، كطيور الغابِ
تشدوُ بساحر التغريدِ
طاهراتٌ، كأَنَّها أَرَجُ الأَزَهارِ
في مَوْلِدِ الرّبيعِ الجَديد؟
وقلوبٌ مُضيئة ٌ، كنجوم الليل
ضَوَاعة ٌ، كغضِّ الورودِ؟
أم ظلامٌ، كأنهُ قِطَعُ الليل،
وهولٌ يُشيبُ قلبَ الوليدِ
وخِضَمُّ، يَمُوج بالإثْمِ والنُّكْـ
ـرِ، والشَّرِّ، والظِّلالِ المَديدِ؟
لستُ أدري، فرُبّ زهرٍ شذيِّ
قاتل رغمَ حسنه المشهودِ
صانَكنَّ الإلهُ من ظُلمة ِ الرّوحِ
وَمِنْ ضَلّة الضّميرِ المُرِيدِ
إن ليلَ النّفوسِ ليلٌ مُريِعٌ
سرمديُّ الأسى ، شنيع الخلودِ
يرزَحُ القَلْبُ فيه بالأَلَم المرّ،
ويشقي بعِيشة المنكودِ
وَربيعُ الشَّبابِ يُذبِلُهُ الدُّهْرُ،
ويمضي بِحُسْنِهِ المَعْبُودِ
غيرَ باقٍ في الكونِ إلا جمالُ
الرُّوح غضًّا على الزَّمانِ الأَبيدِ

نــجــم
17-04-2011, 01:01 PM
يا قلبُ!


يا قلبُ! كم فيكَ من دُنْيا محجَّبة ٍ
كأنَّها، حين يبدو فجرُها «إرَمُ»
يا قلبُ! كم فيكَ من كونٍ، قد اتقدَتْ
فيه الشُّموسُ وعاشتْ فَوقُه الأممُ
يا قلبُ! كمْ فيكَ من أفقٍ تُنَمِّقْهُ
كواكبٌ تتجلَّى ، ثُمَّ تَنعِدمُ
يا قلبُ! كمْ فيكَ من قبرٍ، قد انطفَأَتْ
فيهالحياة ُ، وضجَّت تحتُه الرِّمَمُ
يا قلبُ! كمْ فيكَ من كهفٍ قد انبَجَسَتْ
منه الجداولُ تجري مالها لُجُمُ
تمشي..، فتحملُ غُصناً مُزْهِراً نَضِراً
أو وَرْدَة ً لمْ تشَوِّهْ حُسنَها قَدَمُ
أو نَحْلة ً جرَّها التَّيارُ مُندَفِعاً
إلى البحارِ، تُغنّي فوقها الدِّيَمُ
أو طائراً ساحراً مَيتْاً قد انفجرتْ
في مُقْلَتَيْهِ جِراحٌ جَمَّة ٌ وَدَمُ
يا قلبُ! إنَّك كونٌ، مُدهِشٌ عَجَبٌ
إنْ يُسألِ الناسُ عن آفاقه يَجِمُوا
كأنَّكَ الأبدُ المجهولُ...، قد عَجَزَتْ
عنكَ النُّهَى ، واكْفَهَرَّتْ حَوْلَكَ الظُّلَمُ
يا قلبُ! كمْ من مسرَّاتٍ وأخْيِلة ِ
ولذَّة ٍ، يَتَحَامَى ظِلَّها الألمُ
غَنَّتْ لفجرِكَ صوتاً حالماً، فَرِحاً
نَشْوَانَ ثم توارتْ، وانقضَى النَّغمْ
وكم رأي لَيْلُك الأشباحَ هائمة ً
مذعورة ً تتهاوى حولها الرُّجُمُ
ورَفْرَفَ الألمُ الدَّامِي، بأجنحة ٍ
مِنَ اللَّهيبِ، وأنَّ الحُزْنُ والنَّدَمُ
وكمْ مُشَتْ فوقكَ الدُّنيا بأجمعها
حتَّى توارتْ، وسار الموتُ والعدمُ
وشيَّدتْ حولك الأيامُ أبنية ً
مِنَ الأناشيدِ تُبْنَى ، ثُمّ تَنْهدمُ
تمضي الحياة ُ بما ضيها،وحاضِرها
وتذْهَبُ الشمسُ والشُّطآنُ والقممُ
وأنتَ، أنتَ الخِضمُّ الرَّحْبُ، لا فَرَحٌ
يَبْقَى على سطحكَ الطَّاغي، ولا ألمُ
يا قلبُ كم قد تملَّيتَ الحياة َ، وككمْ
رقَّيتَها مَرَحاً، ما مَسَّك السَأمُ
وكمْ توشَّحتَ منليلٍ، ومن شَفَقٍ
ومن صباحٍ تُوَشِّي ذَيْلَهُ السُّدُمُ
وكم نسجْتَ من الأحلام أردية ً
قد مزَّقّتْها الليالي، وهيَ تَبْتَسِمُ
وكم ضَفَرتَ أكاليلاً مُوَرَّدة ً
طارتْ بها زَعْزَعٌ تدوي وتَحْتَدِمُ
وَكَمْ رسمتَ رسوماً، لا تُشابِهُهَا
هذي العَوَالمُ، والأحلامُ، والنُّظُمُ
كأنها ظُلَلُ الفِردَوْسِ، حافِلة ً
بالحورِ، ثم تلاشَتْ، واختفى الحُلُمُ
تبلُو الحياة َ فتبلِيها وتخلَعُها
وتستجدُّ حياة ً، ما لها قِدمُ
وأنت أنتَ: شبابٌ خالدٌ، نضِرٌ
مِثلُ الطَّبيعة ِ: لا شَيْبٌ ولا هرَمُ

نــجــم
17-04-2011, 01:02 PM
ياربَّة َ الشّعرِ والأحلامِ


ياربَّة َ الشّعرِ والأحلامِ، غنِّيتي
فقد سئمت وجومَ الكَوْنِن من حينِ
إن اللَّيالي اللَّواتي ضمَّختْ كَبِدي
بالسِّحْر أضْحتْ مع الأيَّامِ ترميني
ناخت بنفسي مآسيها، وما وجدتْ
قلباً عطوفاً يُسَلِّيها، فَعزِّيني
وَهَدّ مِنْ خَلَدِي نَوْحٌ، تُرَجِّعُه
بَلوى الحياة ِ، وأحزانُ المساكينِ
على الحياة أنا أبكي لشقوتِها
فَمَنْ إذا مُتُّ يبكيها ويبكيني؟
يا ربة السِّعرِ، غنِّني، فقد ضجرت
نفسي من النّاس أبناء الشياطين
تَبَرَّمَتْ بَيْنيَ الدُّنيا، وَأَعوزَهَا
في مِعزفِ الدَّهرِ غرِّيدُ الأَرانينِ
وَرَاحَة ُ اللَّيل ملأى مِنْ مَدَامِعِهِ
و غادة ُ الحُبّ ثكلى ، لا تغنِّنيني
فهل إذا لُذت بالظلماء منتحباً
أسلو؟ وما نفعُ محزونٍ لمَحزونِ؟
يا ربة َ الشعر! إن يائسٌ، تعسٌ
عَدِمْتُ ما أرتجي في العالَم الدُّونِ
وفي يديكِ مزاميرٌ يُخَالِجُها
وحي السَّما فهاتيها وغنّيني
ورتِّلي حولَ بيتِ الحُزْن أغْنِيَة ً
تجلُو عن النَّفسِ أحوانَ الأحايينِ
فإن قلبي قبرٌ، مظلمٌ،قُبرتْ
فيه الأمانِي، فما عادتْ تناغيني
لولاك في هذه الدنيا لما لمست
أوتارَ رُوحِيَ أَصْواتُ الأفَانينِ
ولا تغنَّيتُ مأخوذاً..، ولا عذُبتْ
لي الحياة ُ لدى غضِّ الرياحينِ
ولا ازدهى النَّفْسَ في أشْجَانَها شَفَقٌ
يُلوِّنُ الغيمَ لهواً أيَّ تلوينِ
ولا استخفَّ حياتي وهي هائمة ٌ
فجرُ الهوى في جفون الخُرَّدِ العِينِ

نــجــم
17-04-2011, 01:02 PM
يَا أيُّها الشَّادِي المغرِّدُ


يَا أيُّها الشَّادِي المغرِّدُ ههُنا
ثَمِلاً بِغِبْطة ِ قَلْبِهِ المَسْرُورِ
مُتَنَقِّلاً بينَ الخَمائلِ، تَالِياً
وحْيَ الربيعِ السّاحرِ المسحورِ
غرّدْ، ففي تلك السهول زنابقٌ
تَرْنُو إليكَ بِنَاظرٍ مَنْظُورِ
غرِّدْ، ففي قلبي إليْك مودَّة ٌ
لكن مودَّة طائر مأسورِ
هَجَرَتْهُ أَسْرابُ الحمائمِ، وانْبَرَتْ
لِعَذَابِهِ جنِّية ُ الدَّيْجُورِ...
غرِّد، ولا ترهَبْ يميني، إنّني
مِثْلُ الطُّيورِ بمُهْجَتي وضَمِيري
لكنْ لقد هاضَ الترابُ ملامعي
فَلَبِثْتُ مِثْلَ البُلبلِ المَكْسُورِ
أشدُو برنّاتِ النِّياحَة ِ والأسى
مشبوبة بعواطفي وشعوري
غرِّدْ، ولا تحفَلْ بقلبي، إنّهُ
كالمعزَفِ، المتحطِّمِ، المهجورِ
رتِّل عَلى سَمْع الرَّبيعِ نشيدَهُ
واصدحْ بفيضِ فؤادك المسجورِ
وکنْشِدْ أناشيدَ الجَمال، فإنَّها
روحُ الوجود، وسلوة المقهورِ
أنا طَائرٌ، مُتَغرِّدٌ، مُتَرنِّمٌ
لكِنْ بصوتِ كآبتي وَزَفيري
يهتاجُني صوتُ الطّيور، لأنَّه
مُتَدَفِّقٌ بحرارة وطَهورِ
ما في وجود النَّاس مِنْ شيءٍ به
يَرضَى فؤادي أو يُسَرُّ ضميري
فإذا استمعتُ حديثَهم أَلْفَيْتُهُ
غَثّاً، يَفِيض بِركَّة ٍ وَفُتُورِ
وإذا حَضَرْتُ جُمُوعَهُمْ ألْفَيتَنِي
ما بينهم كالبلبل المأسورِ
متوحِّداً بعواطفي، ومشاعري،
وَخَوَاطِري، وَكَآبتي، وَسُروري
يَنْتَابُنِي حَرَجُ الحياة كأنّني
مِنْهمْ بِوَهْدَة جَنْدلٍ وَصُخورِ
فإذا سَكَتُّ تضجَّروا، وإذا نَطَقْتُ
تذمَّروا مِنْ فكْرَتي وَشُعوري
آهٍ مِنَ النَّاسِ الذين بَلَوْتُهُمْ
فَقَلَوْتُهُمْ في وحشتي وَحُبُوري!
ما منهم إلا خبيثٌ غادرٌ
متربِّصٌ بالنّاس شَرَّ مصيرِ
وَيَودُّ لو مَلَكَ الوُجودَ بأسره
ورمى الوَرى في جاحِمٍ مسجورِ
لِيُبلَّ غُلَّتَهُ التي لا ترتوي
ويكظّ نهمة قلبه المغفورِ
وإذا دخلتُ إلى البلاد فإنَّ أفكا
ـكاري تُرَفْرِفُ في سُفوح الطُّورِ
حيثُ الطبيعة ُ حلوة ٌ فتَّانَة ٌ
تختال بين تَبَرُّجِ وَسُفُورِ
ماذا أودُّ من المدينة ، وهي غارقة ٌ
بموَّار الدَّم المهْدورِ
ماذا أودُّ من المدينة ، وهي لا
ترثي للصوتِ تَفجُّع المَوْتُورِ؟
ماذا أودُّ من المدينة ، وهي لا
تَعْنو لِغَير الظَّالمِ الشَّرِّيرِ؟
ماذا أودُّ من المدينة ، وهي مُرْتادٌ
لكل دعارة وفجورِ؟
يا أيُّها الشَّادي المغرِّدُ ههنا
ثَمِلاً بغبطة قَلْبهِ المسرورِ!
قبِّلْ أزاهيرَ الربيعِ، وغنِّها
رنَمَ الصّباحِ الضَاحكِ المحبورِ
واشربْ مِنَ النَّبع، الجميل، الملتوي
ما بين دَوْحِ صنوبر وغدير
وکتْرُكْ دموعَ الفَجْرِ في أوراقِها
حتَّى تُرشِّفَهَا عَرُوسُ النُّورِ
فَلَرُبَّما كانتْ أنيناً صاعداً
في اللَّيل مِنْ متوجِّعٍ، مَقْهورِ
ذرفته أجْفان الصباح مدامعاً
ألاّقة ، في دوحة وزهورِ... ‍‍

نــجــم
17-04-2011, 01:02 PM
يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ


يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ
والمُنَى بَيْنَ لَوْعة ٍ وَتَأَسِّ
هذه سُنَّة ُ الحياة ، ونفسي
لا تَوَدُّ الرَّحيقَ فِي كَأْسِ رِجْسِ
مُلِىء الدهر بالخداعِ، فكم قد
ضلَّلَ الناسَ من إمام وقَسِّ
كلَّما أَسْأَلُ الحياة َ عَنِ الحقِّ
تكُفُّ الحياة ُ عن كل هَمْسِ
لمْ أجِدْ في الحياة ِ لحناً بديعاً
يَسْتَبِيني سِوى سَكِينَة ِ نَفْسي
فَسَئِمْتُ الحياة َ، إلا غِرَاراً
تتلاشى بِهِ أَناشِيدُ يَأْسِي
ناولتني الحياة ُ كأساً دِهاقاً
بالأماني، فما تناولْتُ كأسِي
وسقتْني من التعاسَة أكواباً
تجرعْتُها، فيأشدّ تُعْسي
إنّ في روضة ِ الحياة ِ لأشواكاً
بها مُزِّقتْ زَنابِقُ نفسي
ضَاعَ أمسي! وأينَ مِنِّي أَمْسِي؟
وقضى الدهرُ أن أعيش بيأسي
وقضى الحبُّ في سكون مريعٍ
سَاعَة َ الموتِ بين سُخْط وَبُؤْسِ
لم تُخَلِّفْ ليَ الحياة من الأمس
سِوَى لَوْعَة ٍ، تَهُبُّ وَتُرسي
تتهادى ما بين غصّات قلبي
بِسُكونٍ وبين أوجاعِ نَفْسي
كخيال من عالم الموْت، ينْساب
بِصَمْتٍ ما بينَ رَمْسٍ وَرَمْسِ
تلك أوجاعُ مهجة ٍ، عذَّبتْها
في جحيم الحياة أطيافُ نحسِ

نــجــم
17-04-2011, 01:02 PM
يودُّ الفَتَى لو خاضَ عاصفة َ الرّدى


يودُّ الفَتَى لو خاضَ عاصفة َ الرّدى
وصدَّ الخميسَ المَجْرَ، والأسَدَ الوَرْدَا
لِيُدْرِكَ أمجادَ الحُروبِ، وَلَوْ دَرى
حَقِيقَتَها مَا رام مِنْ بيْنها مَجْدا
فَما المجدُ في أنْ تُسْكِرَ الأرضَ بالدِّما
وتركَبَ في هيجائها فرَساً نهْدَا
ولكنّه في أن تَصُدَّ بهمَّة ٍ
عن العالَمِ المرزوءِ، فيْضَ الأسى صدَّا

يارا العامرية
17-04-2011, 07:07 PM
صح لســآنه ..
واشكرك نجم ع جهودك ..
تقديري ~

نــجــم
17-04-2011, 08:36 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

صعبة المنال
25-04-2011, 02:58 PM
نجم
أج ــمل وأرق باقات ورودى
لموضوعك الجميل وطرحك الرائع
صح لسان الشاعر وتسلم يمينك
كل الود والتقدير
دمت برضى من الرح ــمن
لك خالص احترامي وتقديري

نــجــم
25-04-2011, 09:09 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

العنيــــدهـ
01-05-2011, 05:24 AM
ديوان رائع
لاهنت ع الإختيار الرائع
يعطيك العافيه

نــجــم
01-05-2011, 10:34 PM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ

سلطانة
04-05-2011, 09:55 PM
http://www.halauae.com/uploads/images/alsaher-3814931317.gif

نــجــم
05-05-2011, 01:37 AM
يسعدني ويشرفني مرورك العطر

تقديري لكـ